سُورَةُ الزُّخْرُفِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ تِسْعٌ وَثَمَانُونَ آيَةً

١

{ حم } اى القرءآن مسمى بحم او هذه السورة مسماة به

يقول الفقير امده اللّه القدير حم اشارة الى الاسمين الجليلين من اسمائه تعالى وهما الحنان والمنان فالحنان هو الذى يقبل على من اعرض عنه وفى القاموس الحنان كشداد اسم لله تعالى ومعناه الرحيم انتهى والمنان هو الذى يبدأ بالنوال قبل السؤال كما قال فى القاموس المنان من اسماء اللّه تعالى المعطى ابتدآء انتهى وقد جعل فى داخل الكعبة ثلاث اسطوانات الاولى اسطوانة الحنان والثانية اسطوانة المنان والثالثة اسطوانة الديان وانما اضيفت الى اللّه تعالى تعظيما كما قيل بيت اللّه وناقة اللّه فاشار بهذه الاسماء الثلاثة حيث جعلت فى داخل الكعبة المشار بها الى الذات الاحدية الى ان مقتضى الذات هو الرحمة والعطاء فى الدنيا والمجازاة والمكافاة فى الآخرة وبرحمته انزل القرءآن كما قال مقسما به

٢

{ والكتاب } بالجر على انه مقسم به اما ابتدآء او عطف على حم على تقدير كونه مجرورا باضمار باء القسم على ان مدار العطف المغايرة فى العنوان ومناط تكرير القسم المبالغة فى تأكيد مضمون الجملة القسمية

{ المبين } اى البين لمن أنزل عليهم لكونه بلغتهم وعلى اساليبهم فيكون من أبان بمعنى بان اى ظهر او المبين بمعنى اظهر وأوضح وقال سهل بين فيه الهدى من الضلالة والخير من الشر وبين سعادة السعدآء وشقاوة الاشقياء وقال بعضهم المراد بالكتاب الخط والكتابة يقال كتبه كتبا وكتابا خطه اقسم به تعظيما لنعمته فيه اذ فيه كثرة المنافع فان العلوم انما تكاملت بسبب الخط فالمتقدم اذا استنبط علما وأثبته فى كتاب وجاء المتأخر وزاد عليه تكاثرت به الفوائد

يقول الفقير لعل السبب فى حمل الآية على هذا المعنى الغير الظاهر لزوم اتحاد المقسم به والمقسم عليه على تقدير حملها على القرءآن وليس بذلك كما يأتى

٣

{ انا جعلناه قرءآنا عربيا } ان قلت هذا يدل على ان القرءآن مجعول والمجعول مخلوق وقد قال عليه السلام ( القرءآن كلام اللّه غير مخلوق ) قلت المراد بالجعل هنا تصيير الشئ على حالة دون حالة فالمعنى انا صيرنا ذلك الكتاب قرءآنا عربيا بانزاله بلغة العرب ولسانها ولم نصيره اعجميا بانزاله بلغة العجم مع كونه كلامنا وصفتنا قائمة بذاتنا عرية عن كسوة العربية منزهة عنها وعن توابعها

{ لعلكم تعقلون } كلمة لعل مستعارة لمعنى كى وهو التعليل وسببية ما قبلها لما بعدها لكون حقيقة الترجى والتوقع ممتنعة فى حقه تعالى لكونها مختصة بمن لا يعلم عواقب الامور وحاصل معناها الدلالة على ان الملابسة بالاول لاجل ارادة الثانى من شبه الارادة بالترجى فقوله لعلكم تعقلون فى موضع النصب على المفعول له وفعل اللّه تعالى وان كان لا يعلل بالغرض لكن فيه مصلحة جليلة وعاقبة حميدة فهى كلمة علة عقلا وكلمة مصلحة شرعا مع ان منع التعليل بالغرض العائد الى العباد بعيد عن الصواب جدا لمخالفته كثيرا من النصوص والمعنى لكى تفهموا القرءآن العربى وتحيطوا بما فيه من النظم الرائق والمعنى الفائق وتقفوا على ما تضمنه من الشواهد الناطقة بخروجه عن طوق البشر وتعرفوا حق النعمة فى ذلك وتنقطع اعذاركم بالكلية اذ لو أنزلناه بغير لغة العرب ما فهمتموه فقوله انا جعلناه قرءآنا عربيا جواب للقسم لكن لا على ان مرجع التأكيد جعله كذلك كما قيل بل ما هو غايته التى يعرب عنها قوله تعالى لعلكم تعقلون فانها المحتاجة للتأكيد لكونها منبئة عن الاعتناء بأمرهم واتمام النعمة عليهم وازاحة اعذارهم كذا فى الارشاد وقال بعضهم أقسم بالقرءان على انه جعله قرءآنا عربيا فالقسم والمقسم عليه من بدائع الاقسام لكونهما من واحد فالمقسم به ذات القرءان العظيم والمقسم عليه وصفه وهو جعله قرءآنا عربيا فتغايرا فكأنه قيل والقرآن المبين انه ليس بمجرد كلام مفترى على اللّه وأساطير بل هو الذى تولينا انزاله على لغة العرب فهذا هو المراد بكونه جوابا لا مجرد كونه عربيا اذ لا يشك فيه وانما جعله مقسما به اشارة الى انه ليس عنده شىء اعظم قدرا وأرفع منزلة منه حتى يقسم به فان المحب لا يؤثر على محبوبه شيأ فاقسم به ليكون قسمه فى غاية الوكادة وكذا لا اهم من وصفه فيقسم عليه

٤

{ وانه } اى ذلك الكتاب

{ فى ام الكتاب } اى فى اللوح المحفوظ فانه اصل الكتاب اى جنس الكتب السماوية فان جميعها مثبتة فيه على ما هى عليه عند الانبياء ومأخوذة مستنسخه منه قال الراغب قوله فى ام الكتاب اى فى اللوح المحفوظ وذلك لكون كل منسوبا اليه ومتولدا فيه والكتاب اسم للصحيفة مع المكتوب فيها

{ لدينا } اى عندنا

{ لعلى } رفيع القدر بين الكتب شريف

{ حكيم } ذو حكمة بالغة او محكم لا يتطرق اليه نسخ بكتاب آخر ولا تبديل وهما اى على وحكيم خبر ان لان وما بينهما بيان لمحل الحكم كانه قيل بعد بيان اتصافه بما ذكر من الوصفين الجليلين هذا فى ام الكتاب الذى هو اشرف مكان واعزه لدينا والجملة استئناف لا محل لها من الاعراب وهذا كما قال فى الجلالين يريد انه يثبت عند اللّه فى اللوح المحفوظ بهذه الصفة

واعلم ان اللوح المحفوظ خلقه اللّه تعالى من درة بيضاء دفتاه من ياقوتة حمرآء قلمه نور وكتابه نور عرضه كما بين السماء والارض ينظر اللّه تعالى فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة يخلق بكل نظرة ويحيى ويميت ويعز ويذل ويفعل ما يشاء وفى الخبر ( ان احرف القرءآن فى اللوح المحفوظ كل حرف منها بقدر جبل قاف وان تحت كل حرف معانى لا يحيط بها الا اللّه تعالى ) ولذا لم يقم لفظ مقام لفظه ولا حرف مقام حرفه فهو معجز من حيث اللفظ والمعنى ولما كان القلب الانسانى هو اللوح الحقيقى المعنوى نزل على قلبه عليه السلام القرءآن واستقر فيه الى الابد دنيا وآخرة وكذا نزل من حيث المعنى على قلوب ورثته عليه السلام كما اخبر عنه ابو يزيد قدس سره وكما ان اللّه تعالى ينظر كل يوم فى اللوح المحفوظ ثلاثمائة وستين نظرة كذلك ينظر فى لوح القلب ذلك العدد فيمحو ما يشاء ويثبت والمراد باليوم هو اليوم الآتى المنبسط عند اللّه الى الف سنة واشير اليها بعدد ايام السنة فافهم جدا فان كان القلب لوح اللّه تعالى فينبغى للعبد ان يمحو عنه آثار الغير ويزينه بما يليق به فانه لمنظر الالهى قال بعض الكبار اذا كان ميل المرء الى الشهوة والصورة والخلق يشتغل بتزيين ظاهره باللباس المعتبر عند الناس واذا كان ميله الى المحبة والحقيقة والحق يشتغل بتزيين باطنه بما يعتبر عند اللّه ولا يلتفت الى ظاهره بل يكتفى بما يحفظه من الحر والبرد اى شىء كان وقال بعض الكبار تتبع كتاب اللّه فى الليل والنهار يوصلك الى مقام لاحرار لان كل ما يؤدى الى ذكر اللّه تعالى فهو علاج القلوب المريضة لان اعظم الامراض القلبية هو نسيان اللّه تعالى كما قال

{ نسوا اللّه فنسيهم } ولا شك انه علاج امر بضده وهو ذكر اللّه كما قال

{ فاذكرونى اذكركم } دات آبينه خداى نماست روى آيينه توتيره جراست صيقلى دارى صيقلى ميزن تاكه آيينه ات شود روشن صيقل آن اكرنه آكاه نيست جزلا اله الا الله

٥

{ افنضرب عنكم الذكر } بعد ما بين علو شأن القرءآن العظيم وحقق ان انزاله على لغتهم ليعقلوه ويؤمنوا به ويعملوا بموجبه عقب ذلك بانكار ان يكون الامر بخلافه فقيل أفنضرب عنكم الذكر والفاء للعطف على محذوف يقتضيه المقام والمعنى أنهملكم فتحى القرءآن عنكم ونبعده ونترك الامر والنهى والوعد والوعيد مجاز من قولهم ضرب الغرائب عن الحوض استعارة تمثيلية شبه حال الذكر وتنحيته بحال غرآئب الابل وذودها ثم استعمل ما كان مستعملا فى تلك القصة ههنا والمراد بالغرآئب البعران الاجانب والابل اذا وردت الماء ودخلت بينها ناقة غريبة من غيرها ذيدت وطردت عن الحوض وفيه اشعار باقتضاء الحكمة توجه الذكر اليهم بملازمته لهم كأنه يتهافت عليهم

{ صفحا } الصفح الاعراض يقال صفح كمنع اعرض وترك وعنه عفا والسائل رده كأصفحه وسمى العفو صفحا لانه اعراض عن الانتقام من صفحة الوجه لان من اعرض عنك فقد اعطاك صفحة وجهه والمعنى اعراضا عنكم على انه مفعول له للمذكور او صافحين على انه حال او مصدر من غير لفظه فان تنحية الذكر عنهم اعراض

{ ان كنتم قوما مسرفين } السرف تجاوز الحد فى كل فعل يفعله الانسان اى لان كنتم منهمكين فى الاسراف فى المعاصى مصرين عليه على معنى ان حالكم وان اقتضى تخليتكم وشأنكم حتى تموتوا على الكفر والضلالة وتبقوا فى العذاب الخالد لكنا لسعة رحمتنا لا نفعل ذلك بل نهديكم الى الحق بارسال الرسول الامين وانزال الكتاب المبين

درتبيان كفته كه بسبب شرك شما قرآنرا بآسمان نخواهيم بردكه دانسته ايم كه زود بيايند قومى كه بدو بكروند وباحكام آن عمل كنند

وانما يرتفع القرءآن فى آخر الزمان قال قتادة واللّه لو كان هذا القرءآن رفع حين رده اوآئل هذه الامة لهلكوا ولكن عاد بعائدته ورحمته فكرره عليهم عشرين سنة او ما شاء اللّه كفتا واللّه كه اكردر صدر آن امت رب العزت قرآن از زمين برداشتى بكفر كافران ورد ايشان خلق همه هلاك كردندى ويك كسى نماندى لكن حق تعالى بانكار وكفر ايشان ننكريست بفضل ورحمت خودنكريست همجنان قرآن روز بروز مى فرستاد تمامى بيست سال يازياده تاكار دين تمام كشف واسلام قوى شد

وفيه اشارة الى ان من لم يقطع اليوم خطابه عمن تمادى فى عصيانه واسرف فى اكثر شانه كيف يمنع غدا لطائف غفرانه وكرائم احسانه عمن لم يقصر فى ايمانه ولم يدخل خلل فى عرفانه وان تلطخ بعصيانه

دارم ازلطف ازل جنت فردوس طمع كرجه دربانئ ميخانه فراوان كردم بير طريقت درمناجات خويش كفته الهى توانىكه از بنده ناسزامى بينى وبعقوبت نشتابى ازبنده كفر مىشنوى ونعمت ازوى بازنكيرى ثواب وعفو بروى عرضه ميكنى وبيغام وخطاب خود اوراباز خوانى واكر باز آيد وعده مغفرت ميدهىكه ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف جون بادشمن بدكردار جنينى جه كويم كه دوست نكوكار راجونى دوستا نراكجا كنى محروم توكه بادشمنان نظردارى

٦

{ وكم ارسلنا من نبى فى الاولين } كم خبرية فى موضع النصب على انه مفعول مقدم لارسلنا ومن نبى تمييز وفى الاولين متعلق بارسلنا او بمحذوف مجرور على انه صفة لنبى والمعنى كثيرا من الانبياء ارسلنا فى الامم الاولين والقرون الماضية

٧

{ وما يأتيهم من نبى الا كانوا به يستهزئون } ضمير يأتيهم الى الاولين وهو حكاية حال ماضية مستمرة لان ما انما تدخل على مضارع فى معنى الحال او على ماض قريب منها اى كانوا على ذلك والمعنى بالفارسية

ونيايد بايشان هيج بيغمبرى مكر افسوس كردند برو

يعنى ان عادة الامم مع الانبياء الذين يدعونهم الى الدين الحق هو التكذيب والاستهزاء فلا ينبغى لك ان تتأذى من قومك بسبب تكذيبهم واستهزائهم لان المصيبة اذا عمت خفت

٨

{ فأهلكنا اشد منهم } اى من هؤلاء القوم المسرفين وهم قريش

{ بطشا } تمييز وهو الظاهر أو حال من فاعل اهلكنا اى باطشين قال الراغب البطش تناول الشىء بصولة والاخذ بشدة

يعنى اقرباى ايشانرا اهلاك كرديم وشدت وشوكت ايشان مارا عاجز نداشت

فهو وعد له عليه السلام ووعيد لهم بمثل ما جرى على الاولين ووصفهم بأشدية البطش لاثبات حكمهم لهؤلاء بطريق الاولوية

{ ومضى مثل الاولين } اى سلف فى القرءآن غير مرة ذكر قصتهم التى حقها ان تسير مسير المثل وهم قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم وفى الآية اشارة الى كمال ظلومية نفس الانسان وجهوليته وكمال حلم اللّه وكرمه وفضل ربوبيته بانهم وان بالغوا فى اظهار اوصافهم الذميمة واخلاقهم اللئيمة بالاستهزاء مع الانبياء والمرسلين والاستخفاف بهم الى ان كذبوهم وسعوا فى قتلهم من اهل الاولين والآخرين وكذلك يفعلون اهل كل زمان مع ورثة الانبياء من العلماء المتقين والمشايخ السالكين الناصحين لهم والداعين الى اللّه والهادين لهم فاللّه تعالى لم يقطع عنهم مراحم فضله وكرمه وكان يبعث اليهم الانبياء وينزل عليهم الكتب ويدعوهم الى جنابه وينعم عليهم بعفوه وبغفرانه ومن غاية افضاله واحسانه تأديبا وترهيبا بعباده اهلك بعض المتمردين المتمادين فى الباطل ليعتبر المتأخرون من المتقدمين

جوبر كشته بختى در افتد به بند از ونيك بختان بكيرند بند

قال فى كشف الاسرار عجب كاريست هركجا كه حديث دوستان دركيرند آستان بيكانكان دران بيونددد وهركجاكه لطافتى وكرامتى نمايد قهرى وسياستى در برابرآن نهد هركجاكه حقيقى است مجازى آفريده تا برروى حقيقت تمرد افشاند وهرحجتى شبهتى آميخت تا رخساره حجت مى خراشد هركجاكه علمى است جهلى بيدا آورده تابر سلطان علم برمى آويزد هركجاكه توحيدست شركى بديد آورد تا باتوحيد طريق منازعت مى سيرد وبعدد هردوستى هزار دشمن آفريده بعدد هرصديقى هزار زنديق آورده هركجا مسجد است كليسايى در برابر او بنا كرده هركجا صومعه خراباتى هركجا طيلسانى زنارى هركجا اقرارى انكارى هركجا عابدى جاحدى هركجا دوستى دشمنى هركجا صادقى فاسقى جور دشمن جه كند كرنكشد طالب دوست كنج ومار وكل وخار وغم وشادى بهمند ازشرق تا غرب بر زينت ونعمت كرده ودرهر نعمتى تعبيه محنتى دربيش ساخته من نكد الدنيا مضرة الزرنيخ ومنفعة الهليلج بيرطريقت كفت آدمى رامه حالتست سربيان مشغولست يا طاعت است كه اورا ازان سودمندى است يا معصيت كه اورا ازان بشيمانى است يا غفلت است كه اورا ايانكارى است بند نيكوتر از قرآن جيست وناصح مهربان ترا زمولى كيست سرمايه فراح ترا زايمان حيست رابح ترا زتجارت باللّه حيست مكركه آدمىرا بزبان خرسندى ويقطيعت رضا دادنى واورا ازمولى بيزارى بيداران روز كرددكه بيود بوى هرجه بودنى است بندانكه بذيردكه باو رسد آنجه رسيدنى است اين صفت آن قوم كه رب العزة ميكويد

فاهلكنا اشد منهم بطشا ومضى مثل الاولين نسأل اللّه العصمة

٩

{ ولئن سألتهم } يعنى قومك وهم قريش

{ من } استفهام بمعنى كه بالفارسية

{ خلق السموات والارض } اى الاجرام العلوية والسفلية

{ ليقولن } اعترافا بالصانع

{ خلقهن العزيز } فى حكمه وملكه

{ العليم } باحوال خلقه جه اين نوع آفرينش كار جاهل وعاجز نتواند بود بس درين آيت اخبار ميكند ازغايت جهل انسانكه مقرند بآفريننده قوى ودانا وعبادت غير او ميكويد

قال فى الارشاد ليسندن خلقها الى من هذا شأنه فى الحقيقة وفى نفس الامر لا انهم يعبرون عنه بهذا العنوان وقد جوز ان يكون ذلك عين عبارتهم وفى فتح الرحمن ومقتضى جواب قريش ان يقولوا خلقهن اللّه فلما ذكر اللّه تعالى المعنى جاءت العبارة عن اللّه بالعزيز العليم ليكون ذلك توطئة لما عدده بعد من اوصافه التى ابتدأ الاخبار بها وقطعها عن الكلام الذى حكى معناه عن قريش وهو قوله الذى وفى الآية اشارة الى ان فى جبلة الانسان معرفة لله مركوزة وذلك لان اللّه تعالى ذرأ ذريات بنى آدم من ظهورهم وأشهدهم على انفسهم بخطاب ألست بربكم فأسمعهم خطابه وعرفهم ربوبيته وفقههم لاجابته حتى قالوا بلى فصار ذلك الاقرار بذر ثمرة اقرارهم بخالقية اللّه تعالى فى هذا العالم لكن اللّه تعالى لعزته لا يهتدى الى سرادقات عزته الا من أعزه اللّه تعالى بجذبات عنايته وهو العليم الذى يعلم حيث يجعل رسالاته

اسم أعظم بكند كار خود اى دل خوش باش كه بتلبيس وحيل ديو سليمان نشود

١٠

{ الذى جعل لكم الارض مهدا } استئناف من جهته تعالى والجعل بمعنى تصيير الشىء على حالة دون حالة والمهد والمهاد المكان الممهد الموطأ لقوله تعالى

{ جعل لكم الارض فراشا } اى بسطها لكم تستقرون فيها وبالفارسية ساخت براى شما زمين را بساطى كسترده تاقراركاه شما باشد

وفى بحر العلوم جعل الارض مسكنا لكم تقعدون عليها وتنامون وتنقلبون كما ينقلب أحدكم على فراشه ومهاده

{ وجعل لكم فيها سبلا } تسلكونها فى اسفاركم لامور الدين والدنيا جمع سبيل وهو من الطرق ما هو معتاد السلوك وقال الراغب السبيل الطريق الذى فيه سهولة

{ لعلكم تهتدون } اى لكى تهتدوا لسلوكها الى مقاصدكم

يعنى بسوى بلاد وديارى كه خواهيد

او بالتفكر فيها الى التوحيد الذى هو المقصد الاصلى

١١

{ والذى نزل من السماء ماء بقدر } بمقدار ووزن ينفع العباد والبلاد ولا يضرهم وبالفارسية آبى باندازه حاجت ومصلحت يعنى نه بسيار غرق شدن باشد جون طوفان ونه اندك كه مهمات زراعت وغير اورا كفايت نكند

وهذه عادة اللّه فى عامة الاوقات وقد ينزل بحسب الحكمة ما يحصل به السيول فيضرهم وذلك فى عشرين او ثلاثين سنة مرة ابتلاء منه لعباده واخذا لهم بما اقترفوا

{ فانشرنا به } اى احيينا بذلك الماء والانشار احياء الميت بالفارسية زنده كردن مرده را

{ بلدة ميتا } مخفف من الميت بالتشديد اى خالية عن النماء والنبات بالكلية شبه زوال النماء عنها بزوال الحياة عن البدن وتذكير ميتا لان البلدة فى معنى البلد والمكان والفضاء وقال سعدى المفتى لا يبعد واللّه تعالى اعلم ان يكون تأنيث البلد وتذكير الميت اشارة الى بلوغ ضعف حاله الغاية والالتفات الى نون العظمة لاظهار كمال العناية بأمر الاحياء والاشعار بعظم خطره

{ كذلك } اى مثل ذلك الاحياء الذى هو فى الحقيقة اخراج النبات من الارض

{ تخرجون } اى تبعثون من قبوركم احياء تشبيه احيائهم باحياء البلدة الميت كما يدل على قدرة اللّه تعالى وحكمته مطلقا فكذلك يدل على قدرته على القيامة والبعث وفى التعبير عن اخراج النبات بالانشار الذى هو احياء الموتى وعن احيائهم بالاخراج تفخيم لشان الانبات وتهوين لامر البعث لتقويم سند الاستدلال وتوضيح منهاج القياس وفى الآية اشارة الى ان اللّه تعالى نزل من سماء الروح ماء الهداية فأحيى به بلدة القلب الميت كذلك يخرج العبد من ظلمات ارض الوجود الى نور اللّه تعالى فانه ما دام لم يحى قلبه بماء الهداية لم يخرج من ظلمات ارض الوجود كما ان البذر ما لم يحيى فى داخل الارض بالمطر لم يظهر فى ظاهرها فكان الفيض سبب النور ( روى ) ان ام الحسن البصرى رضى اللّه عنه كانت مولاة ام سلمة رضى اللّه عنها زوجة النبى صلّى اللّه عليه وسلّم وربما غابت لحاجة فيبكى فتعطيه ام سلمة ثديها فيشربه فنال الحكمة والفصاحة من بركة ذلك وايضا حياة القلب باسباب منها الغذآء الحلال

نقلست كه او يس القرنى رضى اللّه عنه يكبارسه شبا نروز هيج نخورده بود بيرون آمد برراه يك دينار افتاده بود كفت ازكسى افتاده باشد روى كردانيد تاكياه اززمين برجيند وبخورد ناكاه ديدكه كوسفندى مى آيد وكرده كرم در دهان كرفته بيش وى بنهاد واو كفت مكر ازكسى ربوده باشد روى بكر دانيدكو سفند بسخن درآمد كفت من بنده آن كسم توبنده وى بستان روزى ازبنده خداى كفت دست دراز كردم تاكرده بر كيرم كرده دردست خويش ديدم وكوسفند نابديدشد

يقول الفقير لعله كان من الارواح العلوية وانما تمثل بصورة الغنم من حيث أن اويس كان الراعى ومن حيث ان الغنم كان صورة الانقياد والاستسلام وفى الآية اشارة الى ان اللّه تعالى جعل للناس طرقا مختلفة من الهداية والضلالة فاما طريق الهداية فبعدد انفاس الخلائق وكلها موصلة الى اللّه تعالى.

اما طريق الضلالة فليس شىء منها موصلا الى الرحمة بل الى الغضب فليسارع العبد الى قبول دعوة داعى الرحمة كما قيل خواص هذه الامة وأفضل الطرق طريق الذكر والتوحيد ولذا امر اللّه بالذكر الكثير

بيش روشن دلان بحرصفا ذكر حق كوهرست ودن دريا برورش ده بقعر آن كهرى كه نيايد بلب ازان اثرى تاخدا سازدش بنصرت وعون كوهرى قيمتش فزون زدوكون

١٢

{ والذى خلق الازواج كلها } اى اصناف المخلوقات بأسرها كما قال

{ مما تنبت الارض ومن انفسهم ومما لا يعلمون } لا يشذ شىء منها عن ايجاده واختراعه وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما الازواج الضروب والانواع كالحلو والحامض والابيض والاسود والذكر والانثى

وقيل كل ما سوى اللّه فهو زوج كفوق وتحت ويمين وشمال وقدام وخلف وماض ومستقبل وذات وصفات وأرض وسماء وبر وبحر وشمس وقمر وليل ونهار وصيف وشتاء وجنة ونار الى غير ذلك مما لا يحصى وكونها ازواجا يدل على انها ممكنة لوجود وان محدثها فرد منزه عن المقابل والمعارض

{ وجعل لكم من الفلك } اى السفن الجارية فى البحر

{ والانعام } اى الابل والدواب يعنى جهاربايان

{ ما تركبون } اى ما تركبونه فى البحر والبر على تغليب احد اعتبارى الفعل لقوته على الاخر فان ركب يعدى الى الانعام بنفسه يقال ركبت الدابة والى الفلك بواسطة حرف الجر يقال ركبت فى الفلك وتقديم البيان على المبين للمحافظة على الفاصلة النونية وتقديم الفلك على الانعام لان الفلك أدل دليل على القدرة الباهرة والحكمة البالغة

١٣

{ لتستووا على ظهوره } اى لتستعلوا على ظهور ما تركبونه من الفلك والانعام والظهور للانعام حقيقة لا للفلك فدل على تغليب الانعام على الفلك وايراد لفظ ظهور بصيغة الجمع مع ان ما اضيف مفرد اليه للمعنى لان مرجع الضمير جمع فى المعنى وان كان مفردا فى اللفظ

{ ثم تذكروا نعمة ربكم } عليكم

{ اذ استويتم عليه } المراد لذكر بالقلوب لانه هو الاصل وله الاعتبار فقد ورد ان اللّه لا ينظر الى صوركم واعمالكم بل الى قلوبكم ونياتكم وبه يظهر وجه ايثار تذكروا على تحمدوا والمعنى ثم تذكروا نعمة ربكم بقلوبكم اذا استعليتم عليه معترفين بها مستعظمين لها ثم تحمدو عليها بألسنتكم

{ وتقولوا } متعجبين من ذلك

{ سبحان الذى سخر لنا هذا } المركوب يعنى باكست آن خداى كه رام ونرم كردانيد وزيردست ساخت براى ماين كشتى واين حيوانرا تابمدد ركوب برايشان قطع بر وبحر ميكنيم

{ وما كنا له مقرنين } اى مطيقين بتذليلها يعنى ليس عندنا من القوة والطاقة ان نقرن هذه الدابة والفلك وان نضبطها فسبحان من سخر لنا هذا بقدرته وحكمته وهذا من تمام ذكر نعمته تعالى اذ بدون اعتراف المنعم عليه بالعجز عن تحصيل النعمة لا يعرف قدرها ولا حق المنعم بها قال فى القاموس اقرن للامر اطاقه وقوى عليه كاستقرن وعن لامر ضعف ضد انتهى والاقران بالفارسية طاقت جيزى داشتن

وفى كشف الاسرار تقول اقرنت الرجل اذا ضبطته وساويته فى القوة وصرت له قرنا وقال غيره اصله وجده قرينه لان الصعب لا يكون قرينا للضعيف يعنى ان من وجد شيأ قرينه لم يصعب عليه وهو معنى أطاقه

١٤

{ وانا الى ربنا لمنقلبون } اى راجعون بالموت وبالفارسية باز كردنده كايم در آخر برمركبى كه جنازه كويند وآخر مركبى از مراكب دنيا آنست هش دار وعنان كشيده رو آخر كار بر مركب جوبين زجهان خواهى رفت

وفيه ايذان بان حق الراكب ان يتأمل فيما يلابسه من المسير ويتذكر منه المسافرة العظمى التى هى الانقلاب الى اللّه تعالى فيبنى اموره فى مسيره ذلك على تلك الملاحظة ولا يخطر بباله فى شىء مما يأتى ويذر امراينا فيها ومن ضرورته ان يكون ركوبه لامر مشروع كالحج وصلة الرحم وطلب العلم ونحو ذلك وايضا ان الركوب موقع فى الخطر والخوف من حيث ان راكب الدابة لا يأمن من عثارها او شموسها مثلا والهلاك بذلك وكذا راكب السفينة لا يأمن انكسارها وانقلابها وغرقها فينبغى للراكب ان لا يغفل عن اللّه لحظة ويستعد للقائه ويعلم ان الموت اقرب اليه من شراك نعله وان كل نفس يتنفسه كأنه آخر الانفاس

قال بعضهم اجل نعمة اللّه على العباد ان يقويهم على نفوسهم الامارة وينصرهم عليها حتى يركبوا عليها ويميتوها بالمجاهدات حتى تستقيم فى طاعة اللّه واذا استقامت وجب عليهم شكر النعمة ومن لم يعرف نعم اللّه عليه الا فى مطعمه ومشربه ومركبه فقد صغر نعم اللّه عليه ثم ان تسخير النفوس بعد استوآئها فى اطاعة اللّه يكون بتسخير اللّه لا بالكسب والمجاهدة ولذا قال سبحان الذى الخ وانما ذكر الانقلاب فى الآخر لان رجوع النفس الى اللّه انما هو بعد تسخيرها المذكور وقال بعضهم وانا الى ربنا لمنقلبون كما جئنا اول مرة كما قال

{ كما بدأنا اول خلق نعيده } اى كما بدأ خلقنا باشارة امر كن واخرج ارواحنا من كتم العدم الى عالم الملكوت بنفخته الخاصة ردنا الى اسفل سافلين القالب وهو عالم الملك ثم بجذبة ارجعى الى ربك اعادنا على مركب النفوس من عالم الملك الى ساحل بحر الملكوت ثم سخر لنا فلك القلوب وسيرنا فى بحر الملكوت الى عالم الربوبية روى على بن ابى ربيعة انه شهد عليا رضى اللّه تعالى عنه حين ركب فلما وضع رجله فى الركاب قال بسم اللّه فلما استوى قال الحمد لله ثم قال سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وانا الى ربنا لمنقلبون ثم حمد ثلاثا وكبر ثلاثا ثم قال لا اله الا انت ظلمت نفسى فاغفر لى انه لا يغفر الذنوب الا انت ثم ضحك فقيل له ما يضحكك يا امير المؤمنين قال رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فعل مثل ما فعلت وقال مثل ما قلت ثم ضحك فقلنا مم ضحكت يا رسول اللّه قال

( يعجب ربنا عز وجل من عبده اذا قال لا اله الا انت ظلمت نفسى فاغفر لى انه لا يغفر الذنوب الا انت ويقول علم عبدى ان لا يغفر الذنوب غيرى ) وفى عين المعانى كان صلى اللّه تعالى عليه وسلم اذا ركب هلل وكبر ثلاثا ويقال قبل هذا الحمد لله الذى حملنا فى البر والبحر ورزقنا من الطيبات وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا ومن علينا الايمان والقرآن وبنبينا محمد صلّى اللّه عليه وسلّم سبحان لذى سخر لنا الاية وفى كشف الاسرار كان الحسن ابن على رضى اللّه عنهما يقولها ويروى عن الحسن رضى اللّه عنه انه كان اذا ركب دابة قال الحمد لله الذى هدانا للاسلام والحمد لله الذى اكرمنا بالقرءآن والحمد لله الذى من علينا بنبينا محمد صلّى اللّه عليه وسلّم والحمد لله لذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين قال صلى اللّه تعالى عليه وسلم ( ما من احد من امتى استوى على ظهر دابة فقال كما امره اللّه الا غفر له ) وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( اذا ركب العبد الدابة فلم يذكر اسم اللّه عليها ردفه الشيطان وقال له تغن فان قال لا احسن اى الغناء قال له تمن يعنى تكلم بالباطل فلا يزال فى امنيته حتى ينزل ) وروى ان قوما ركبوا فى سفر وقالوا سبحان الذى الآية وفيهم رجل على ناقة رازمة لا تتحرك هزالا فقال اما انا فمقرن مطيق لهذه فسقِط عنها بوثبتها واندقت عنقه وروى عن الحسن بن على رضى اللّه عنهما انه كان اذا عثرت دابته قال اللهم لا طير الا طيرك ولا خير الا خيرك ولا اله غيرك ولا ملجأ ولا منجى منك الا اليك ولا حول ولا قوة الا بك هذا اذا ركب الدابة

واما اذا ركب فى السفينة فيقول بسم اللّه مجراها ومرساها ان ربى لغفور رحيم وما قدروا اللّه حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون

١٥

{ وجعلوا له من عباده جزأ } الجاعلون هم قبائل من العرب قالوا ان اللّه صاهر الجن فولدت له الملائكة وقال بعضهم هو رد على بنى مليح حيث قالوا الملائكة بنات اللّه ومليح بالحاء المهملة كزبير حى من خزاعة والجعل هنا بمعنى الحكم بالشئ والاعتقاد به جعلت زيدا افضل الناس اى حكمت به ووصفته والمراد بالعباد الملائكة وهو حال من جزأ قال فى القاموس الجزء البعض واجزأت الام ولدت الاناث وجعلوا له من عباده جزا اى اناثا انتهى ولذا قال الزجاج والمبرد والمارودى الجزء عند اهل العربية البنات يقال اجزأت المرأة اذا ولدت البنات ولذا قال الراغب جزء الشئ ما تتفوم به جملته وجعلوا له من عباد . جزأ قيل ذلك عبارة عن الاناث من قولهم اجزأت المرأة اتت بأنثى وقال جار اللّه ومن بدع التفاسير تفسير الجزء بالاناث وادعاء ان الجزء فى لغة العرب اسم للاناث وما هو الا كذب على العرب ووضع مستحدث ولم يقنعهم ذلك حتى اشتقوا منه اجزأت المرأة ثم صنعوا بيتا وقالوا ان

اجزأت حمدة يوما فلا عجب ... زوجتها من بنات الاوس مجزنة

انتهى

يقول الفقير لم يكن الجزء فى الاصل بمعنى الاناث وانما ذكره اهل اللغة اخذا من الآية لانه فيها بمعنى الولد المفسر بالاناث فذكره فى اللغات لا ينافى حدوثه وانما عبر عن الولد بالجزء لانه بعض ابيه وجزء منه كما قال عليه السلام ( ان فاطمة منى ) اى قطعة منى وقال ( فاطمة بضعة منى ) والبضعة بالفتح القطعة من اللحم واثبات الولد له تعالى مستلزم للتركيب المستلزم للامكان المنافى للوجوب لذاتى فاللّه تعالى يستحيل ان يكون له ولد وهو جزء من والده لانه واحد وحدة حقيقية ومعنى الآية واعتقد المشركون وحكموا واثبتوا له تعالى ولدا حال كون ذلك الولد من الملائكة الذين هم عباده فقالوا الملائكة بنات اللّه بعد اعترافهم بألسنتهم واعتقادهم ان خالق السموات هو اللّه فكيف يكون له ولد والولادة من صفات الاجسام وهو خالق الاجسام كلها ففيه تعجيب من جهلهم وتنبيه على قلة عقولهم حيث وصفوه بصفات المخلوقين واشارة الى ان الولد لا يكون عبد أبيه والملائكة عباد اللّه فكيف تكون البنات عبادا

وقيل الجزء ههنا بمعنى النصيب كما فى قوله تعالى

{ لكل باب منهم جزء مقسوم } اى نصيب ومعنى الآية قوله

{ جعلوا لله مما ذرأ من الحرث والانعام نصيبا } وذلك انهم جعلوا البنات لله والبنين لانفسهم كما يجيئ

{ ان الانسان لكفور مبين } ظاهر الكفر مبالغ فيه او مظهر لكفره ولذلك يقولون ما يقولون سبحانه عما يصفون

بى زن وفرزندشدذات احد از ازل فردوصمد شدنا ابد

١٦

{ ام اتخذ مما يخلق بنات } مفعول اتخذوا البنات بالفارسية دختران

{ واصفاكم بالبنين } وشمارا خالص كرد وبر كزيدبه بسران ام منقطعة مقدرة ببل والهمزة على انها للانكار والتوبيخ والتعجيب من شأنهم وتنكير بنات لتربية الحقارة كما ان تعريف البنين لتربية الفخامة وقدم البنات لكون المنكر عليهم نسبتهن الى اللّه فكان ذكرهن اهم بالنظر الى مقصود المقام والالتفات الى خطابهم لتأكيد الالزام وتشديد التوبيخ والاصفاء والايثار وبالفارسية بركزيدن يقال اصفيت فلانا بكذا اى آثرته به والمعنى بل اتخذ من خلقه البنات التى هى اخس الصنفين واختار لكم البنين الذين هم افضلهما على معنى هبوا انكم اجترأتم على اضافة جنس الولد اليه سبحانه وتعالى مع ظهور استحالته وامتناعه اما كان لكم شئ من العقل ونبذة من الحياء حتى اجترأتم على ادعاء انه تعالى آثركم على نفسه بخير الصنفين واعلاهما وترك لنفسه شرهما وادناهما فان الاناث كانت ابغض الاولاد عندهم ولذا وأدوهن ولو اتخذ لنفسه البنات واعطى البنين لعباده لزم ان يكون حال العبد اكمل وأفضل من حال اللّه ويدفعه بديهة العقل

١٧

{ واذا بشر احدهم بما ضرب للرحمن مثلا } الالتفات للايذان باقتصاء ذكر قبائحهم ان يعرض عنهم ويحكى لغيرهم تعجبا منها وضرب هنا بمعنى جعل المتعدى الى مفعولين حذف الاول منهما لا بمعنى بين ومثلا بمعنى شبيه لا بمعنى القصة العجيبة كما فى قولهم ضرب له المثل بكذا والمعنى واذا اخبر أحد المشركين بولادة ما جعله مثلا له تعالى وشبيها اذ الولد لا بد ان يجانس الوالد ويماثله

{ ظل وجهه مسودا } الظلول هنا بمعنى الصيرورة اى صار أسود فى الغاية من سوء ما بشر به ولذا من رأى فى المنام ان وجهه اسود ولدت له بنت ويجوز أن يكون اسوداد الوجه عبارة عن الكراهة

{ وهو كظيم } اى والحال انه مملوء من الكرب والكأبة يقال رجل كظيم ومكظوم اى مكروب كما فى القاموس

يقول الفقير هذه صفة المشركين فانهم جاهلون باللّه غافلون عن خفى لطفه تحت جلى قهره

واما الموحدون فحالهم الاستبشار بما ورد عن اللّه ايا كان اذ لا يفرقون بين احد من رسله كما ان الكريم لا يغلق بابه على احد من الضيفان والفانى عما سوى اللّه تعالى ليس له مطلب وانما مطلبه ما أراد اللّه كذشتم ازسر مطلب تمام شد مطلب نقاب جهره مقصود بود مطلبها

١٨

{ او من ينشا فى الحلية } تكرير للانكار والهمزة لإنكار الواقع واستقباحه ومن منصوب بمضمر معطوف على جعلوا والتنشئة التربية وبالفارسية بروردن

والحلية ما يتحلى به الانسان ويتزين وبالفارسية آرايش

والجمع حلى بكسر الحاء وضمها وفتح اللام والمعنى او جعلوا من شانه ان يربى فى الزينة وهو عاجز عن ان يتولى لامره بنفسه يعنى البنات وقال سعدى المفتى لعل القدير اجترأوا على مثل هذه العظيمة وجعلوا ( وقال الكاشفى ) آياكسىكه برورده كردد در بيرايه يعنى بناز برورش يابد و اورا قوت حرب ميدان داى نباشد

{ وهو } مع ما ذكر من المقصود

{ فى الخصام } مع من يخاصمه ويجادله اى فى الجدال الذى لا يكاد يخلو الانسان منه فى العادة

{ غير مبين } غير قادر على تقرير دعواه واقامة حجته كما يقدر الرجل عليه لنقصان عقله وضعف رأيه وربما يتكلم عليه وهو يريد ان يتكلم له وهذا بحسب الغالب والا فمن الاناث من هو اهل الفصاحة والفاضلات على الرجال قال الاحنف سمعت كلام ابى بكر رضى اللّه عنه حتى مضى وكلام عمر رضى اللّه عنه حتى مضى وكلام عثمان رضى اللّه عنه حتى مضى وكلام على رضى اللّه عنه حتى مضى لا واللّه ما رأيت ابلغ من عائشة رضى اللّه عنها وقال معاوية رضى اللّه عنه ما رأيت ابلغ من عائشة ما اغلقت بابا فارادت فتحه الا فحته ولا فتحت بابا فارادت اغلاقه الا اغلقته ويدل عليه قوله عليه السلام فى حقها ( انها ابنة ابى بكر ) اشعارا بحسن فهمها وفصاحة منطقها كما سبق ( قال الكاشفى ) عرب راشجاعت وفصاحت فخربودى واغلب زنان ازين دوحليه عاطل مى باشد حق تعالى فرموده آياكسى انيجنين باشد خداى تعالى اورابفرزندى ميكيرد

قال اهل التفسير اضافة غير لا تمنع عمل ما بعده فى الجار المتقدم لانه بمعنى النفى كأنه قال وهو لا يبين فى الخصام ومثله مسألة الكتاب انا زيدا غير ضارب قال فى كشف اسرار فى الآية تحليل لبس الذهب والحرير للنساء وذم لتزين الرجال بزينة النساء وقال فى بحر العلوم وفى الاية دلالة بينة لكل ذى عقل سليم على ترك النشو فى الزينة والنعومة والحذر عنه لانه تعالى جعله من المعايب والمذام ومن صفات الاناث ويعضده قول النبى عليه السلام لمعاذ ( اياك والتنعم فان عباد اللّه ليسوا بمتنعمين ) والتنعم استعمال ما فيه النعومة واللين من المأكولات والملبوسات

غداكر لطيفست وكر سرسرى جو ديرت بدست اوفتد خوش خورى

ومن الكلمات الحكمية نم على اوطأ الفراش اى وقت غلبة النوم وكل ألذ الطعام اى وقت غلبة الجوع والعجب كل العجب من علماء عصرك ومتفقهة زمانك يتلون هذه الآية ونحوها والاحاديث المطابقة لها فى المعنى ثم لا يتأملونها تأملا صحيحا ولا يتبعون فيها نبيهم الكريم فى ترك الزينة والتنعم مهمجو طفلان منكر اندر شرخ وزرد جون زنان مغرور رنك وبومكرد ( وقال بعضهم ) خويشت آراى مشوجون بهار تانبود برتو طمع روز كار

وفيه اشارة الى ان المرء المتزين كالمرأة فالعاقل يكتفى بما يدفع الحر والبرد ويجتهد فى تزيين الباطل فانه المنظر الالهى ولو كانت للنساء عقول راجحة لما ملن الى التزين بالذهب والفضة والحلى والحلل اما يكفى للمرء والمرأة مضمون ما قيل

نشد عزيز تر از كعبه اين لباس برست بجامه كه بسالى رسد قناعت كن

١٩

{ وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن اناثا } بيان لتضمن كفرهم المذكور لكفر آخر وتقريع لهم بذلك وهو جعلهم اكمل العباد واكرمهم على اللّه انقصهم رأيا واخسهم صنفا

يعنى ملائكه كه مجاور ان صوامع عبادت وملازمان مجامع عبوديت اند دختران نام مى نهند

والبنات لا تكن عبادا والولد لا يكون عبد ابيه ففيه تكذيب لهم فى قولهم الملائكة بنات اللّه

{ أشهدوا خلقهم } من الشهود بمعنى الحضور لا من الشهادة اى أحضروا خلق اللّه تعالى اياهم فشاهدوهم اناثا حتى يحكموا بأنوثتهم فان ذلك انما يعلم بالمشاهدة وهو تجهيل لهم وتهكم بهم فانهم انما سمعوه من آبائهم وهم ايضا كذابون جاهلون وفيه تخطئة للمنجمين واهل الحكمة المموهة فى كثير من الامور فانهم بعقولهم القاصرة حكموا على الغيب

منجمى بخانه خود در آمد مرد بيكانه را ديد بازن خود بهم نشسته دشنام داد وسقط كفت وفتنه واشواب بر خاست صاحب دلى برين حال واقف شد وكفت تو براوج فلك جه دانى جيست جو ندانى كه درسراى توكيست

قال العماد الكاتب اجمع المنجمون فى سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة فى جميع البلاد على خراب العالم فى شعبان عند اجتماع الكواكب الستة فى الميزان بطوفان الريح وخوفوا بذلك ملوك الاعاجم والروم فشرعوا فى حفر مغارات ونقلوا اليها الازواد والماء وتهيئوا فلما كانت الليلة التى عينها المنجمون بمثل ريح عاد ونحن جلوس عند السلطان والشموع تتوقد فلا تتحرك ولم نر ليلة فى ركودها مثلها

{ ستكتب شهادتهم } هذه فى ديوان اعمالهم يعنى يكتب الملك ما شهدوا بها على الملائكة

{ ويسألون } عنها يوم القيامة وهو وعيد قال سعدى المفتى السين فى ستكتب للتأكيد ويحتمل ان يكون للاستعطاف الى التوبة قبل كتابة ما قالوه ولا علم لهم به وفى الحديث ( كاتب الحسنات على يمين الرجل وكاتب السيئات على يسار الرجل وكاتب الحسنات امين على كاتب السيئات فاذا عمل حسنة كتبها صاحب اليمين عشرا واذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال دعه سبع ساعات لعله يسبح اللّه او يستغفر ) قال ابن جربح هما ملكان أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره والذى عن يمينه يكتب الحسنات بغير شهادة صاحبه والذى عن يساره لا يكتب الا بشهادة صاحبه ان قعد فاحدهما عن يمينه والآخر عن شماله وان مشى فاحدهما امامه والآخر خلفه وان نام فاحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه والكفار لهم كتاب وحفظة كما للمؤمنين فان قيل فالذى يكتب عن يمينه اذا اى شىء يكتب ولم يكن لهم حسنة يقال له الذى عن شماله يكتب باذن صاحبه ويكون شاهدا على ذلك وان لم يكتب قال بعض المحدثين تجتنب الملائكة بنى آدم فى حالين عند الغائط وعند الجماع وفى شرح الطريقة يكره الكلام فى الخلاء وعند قضاء الحاجة اشد كراهة لان الحفظة تتأذى بالحضور فى ذلك الموضع الكريه لاجل كتابة الكلام فلا بد للمرء من الادب والمراقبة والمسارعة الى الخير دون الشر وفى الحديث

( عند اللّه خزآئن الخير والشر مفاتيحها الرجال فطوبى لمن جعله مفتاحا للخير ومغلاقا للشر وويل لمن جعله مفتاحا للشر ومغلاقا للخير ) ثم فى الآية اشارة الى ان اللّه تعالى امهل عباده ولم يأخذهم بغتة فى الدنيا ليرى العباد أن العفو والاحسان احب اليه من الاخذ والانتقام وليتوبوا من الكفر والمعاصى بياتا براريم دستى زدل كه نتوان برآورد فرد ازكل نريزد خدا آب روى كسى كه ريزد كناه آب جشمش بسى

ومن اللّه التوفيق لما يحبه ويرضاه

٢٠

{ وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم } بيان لفن آخر من كفرهم اى قال المشركون العابدون للملائكة لو شاء الرحمن عدم عبادتنا للملائكة مشيئة ارتضاء ما عبدناهم ارادوا بذلك ان ما فعلوه حق مرضى عنده تعالى وانهم انما يفعلونه بمشيئة اللّه تعالى لا الاعتذار من ارتكاب ما ارتكبوه بأنه بمشيئة اللّه اياه منهم مع اعترافهم بقبحه حتى ينتهض ذمهم به دليلا للمعتزلة ومبنى كلامهم الباطل على مقدمتين احداهما ان عبادتهم لهم بمشيئة اللّه تعالى والثانية ان ذلك مستلزم لكونها مرضية عنده تعالى ولقد أخطأوا فى الثانية حيث جهلوا ان المشيئة عبارة عن ترجيح بعض الممكناث على بعض كائنا ما كان من غير اعتبار الرضى والسخط فى شئ من الطرفين ولذلك جهلوا بقوله

{ ما لهم بذلك } اى بما ارادوا بقولهم ذلك من كون ما فعلوه بمشيئة الارتضاء لا بمطلق المشيئة فان ذلك محقق ينطق به مالا يحصى من الآيات الكريمة

{ من علم } يستند الى سند ما

{ ان هم } اى ما هم

{ الا يخرصون } يكذبون فان الخرص الكذب وكل قول بالظن والتخمين سوآء طابق الواقع ام لا قال الراغب كل قول مقول عن ظن وتخمين يقال له خرص سوآء كان ذلك مطابقا للشىء او مخالفا له من حيث ان صاحبه لم يقله عن علم ولا غلبة ظن ولا سماع بل اعتمد فيه على الظن والتخمين كفعل الخارص فى خرصه وكل من قال قولا على هذا النحو يسمى كاذبا وان كان مطابقا للقول المخبر به كما حكى عن قول المنافقين فى قوله تعالى

{ اذا جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول اللّه } الى قوله

{ ان المنافقين لكاذبون } يقول الفقير اسناد المشيئة الى اللّه ايمان وتوحيد ان صدر من المؤمن والا فكفر وشرك لانه من العناد والعصبية والجهل بحقيقة الامر فلا يعتبر ثم اضرب عنه الى ابطال ان يكون لهم سند من جهة النقل فقيل

٢١

{ ام آتيناهم } آيا داده ايم ايشانرا

{ كتابا من قبله } اى من قبل القرءآن او الرسول او من قبل ادعائهم ينطق بصحة ما يدعونه من عبادة غير اللّه وكون الملائكة بناته

{ فهم به } اى بذلك الكتاب

{ مستمسكون } وعليه معولون

ومقرر است كه ايشانرا كتابى نداده ايم بس ايشانرا حجتى نقلا وعقلانيست

يقال استمسك به اذا اعتصم به قال فى تاج المصادر الاستمساك جنك در زدن

ويعدى بالباء وفى المفردات امساك الشئ التعلق به وحفظه واستمسكت بالشئ اذا تحريت الامساك

٢٢

{ بل قالوا انا وجدنا آباءنا على امة } الامة الدين والطريقة التى تؤم اى تقصد قال الراغب الامة كل جماعة يجمعهم امر اما دين واحد او زمان واحد او مكان واحد سواء كان الامر الجامع تسخيرا او اختيارا وقوله انا وجدنا آباءنا على امة اى على دين مجتمع عليه انتهى

{ وانا على آثارهم مهتدون } مهتدون خبر ان والظرف صلة لمهتدون قدم عليه للاختصاص ويستعمل بعلى لضمنه معنى الثبوت والاثر بفتحتين بقية الشئ والآثار الاعلام وسنن النبى عليه السلام آثاره قال الراغب اثر الشئ حصول ما يدل على وجوده ومن هذا يقال للطريق المستدل به على من تقدم آثار والآثار بالفارسية ييها

والمعنى لم يأتوا بحجة عقلية او نقلية بل اعترفوا بان لا سند لهم سوى تقليد آبائهم الجهلة مثلهم

جه قدررا بتقليد توان بيمودن رشته كوتاه بود مرغ نوآموخته را

وفيه ذم للتقليد وهو قبول قول الغير بلا دليل وهو جائز فى الفروع والعمليات ولا يجوز فى اصول الدين والاعتقاديات بل لا بد من النظر والاستدلال لكن ايمان المقلد صحيح عند الحنفية والظاهرية وهو الذى اعتقد جميع ما وجب عليه من حدوث العالم ووجود الصانع وصفاته وارسال الرسل وما جاؤا به حقا من غير دليل لان النبى عليه السلام قبل ايمان الاعراب والصبيان والنسوان والعبيد والاماء من غير تعليم الدليل ولكن المقلد يأثم بترك النظر والاستدلال لوجوبه عليه والمقصود من الاستدلال هو الانتقال من الاثر الى المؤثر ومن المصنوع الى الصانع تعالى باى وجه كان لا ملاحظة الصغرى والكبرى وترتيب المقدمات للانتاج على قاعدة المعقول فمن نشأ فى بلاد المسلمين وسبح اللّه عند رؤية صنائعه فهو خارج عن حد التقليد كما فى فصل الخطاب والعلم الضرورى اعلى من النظرى اذ لا يزول بحال وهو مقدمة الكشف والعيان وعند الوصول الى الشهود لا يبقى الاحتياج الى الواسطة ( ع ) ساكنان حرم ازقبله نما آزادند ( وفى المثنوى ) جون شدى بربامهاى آسمان سردد باشد جست وجوى نردبان

٢٣

{ وكذلك } اى والامر كما ذكر من عجزهم عن الحجة وتشبثهم بذيل التقليد

{ ما ارسلنا من قبلك فى قرية } دردهى ومجمتعى

{ من نذير } نبى منذر قوم من عذاب اللّه

{ الا قال مترفوها } جبابرتها

{ انا وجدنا آباءنا على امة } طريقة ودين

{ وانا على آثارهم } سننهم واعمالهم

{ مقتدون } قوله ما أرسلنا الخ استئناف دال على ان التقليد فيما بينهم ضلال قديم ليس لاسلافهم ايضا سند غيره وتخص المترفين بتلك المقالة للايذان بان التنعم وحب البطالة هو الذى صرفهم عن النظر الى التقليد يقال أترفته النعمة اى أطغته والمراد بالمترفين الاغنياء والرؤساء الذين أبطرتهم النعمة وسعة العيش فى الدنيا وأشغلتهم عن نعيم الآخرة ويدخل فيهم كل من يتمادى فى الشهوات ويتبالغ فى النفرة من لوازم الدين من الشرآئع والاحكام وفى الحديث ( ما بال اقوام يشرفون المترفين ويستخفون بالعابدين ) يعملون بالقرآن ما وافق اهوآءهم وما خالف اهواءهم تركوه فعند ذلك يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض يسعون فيما يدرك بغير سعى من القدر المحتوم والرزق المقسوم والاجل المكتوب ولا يسعون فيما لا يدرك الا بالسعى من الاجر الموفور والسعى المشكور والتجارة التى لا تبور

قال بعضهم ان اللّه تعالى ضمن لنا الدنيا وطلب منا الآخرة فليته طلب منا الدنيا وضمن لنا الآخرة فعلى الاقل الاقتفاء على آثار المهتدين وعمارة لآخرة كما عليه ارباب اليقين ( قال الصائب ) برنمى آيى بنعمتهاى محكم ساختن عمر خودرا صرف در تعميراين زندان مكن

٢٤

{ قال } اى كل نذير من اولئك المنذرين لاممهم عند تعللهم بتقليد آبائهم

{ اولو جئتكم } اى أتقتدون بآبائكم ولو جئتكم

{ بأهدى } اى بدين اهدى وارشد

{ مما وجدتهم عليهم آباءكم } اى من الضلالة التى ليست من الهداية فى شئ وانما عبر عنها بذلك مجاراة معهم على مسلك الانصاف

{ قالوا انا بما ارسلتم به كافرون } اى قال كل امة لنذيرها انا بما ارسلت به كافرون وان كان اهدى مما كنا فيه اى ثابتون على دين آبائنا لا ننفك عنه وقد أجمل عند الحكاية للإيجاز كما فى قوله تعالى

{ يا ايها الرسل كلوا من الطيبات } وفيه اقرار منهم بتصميمهم على تقليد آبائهم فى الكفر والضلال واقناط للنذير من ان ينظروا ويتفكروا فيه

خلق را تقليدشان بربادداد كه دوصد لعنت برين تقليد باد كرجه عقلش سوى بالاميبرد مرغ تقليدش به بستى مى برد

٢٥

{ فانتقمنا منهم } بس ما انتقام كشيديم از مقلدان معاند باستئصال ايشان

اذ لم يبق لهم عذر اصلا

{ فانظر كيف كان عاقبة المكذبين } من الامم المذكورين فلا تكترث بتكذيب قومك فان اللّه ينتقم منهم باسمه المنتقم القاهر القابض قال على رضى اللّه عنه السعيد من وعظ بغيره

يعنى نيكبخت آن بودكه جون ديكريرا بند دهند واذكار ناشايسته وكفتار ن بسنديده بازدارند اوزان بند عبرت كيرد ( روى ) عن الشعبى انه قال خرج اسد وذئب وثعلب يتصيدون فاصطادوا حمار وحش وغزالا وارنبا فقا الاسد للذئب اقسم فقال حمار الوحش للملك والغزال لى والارنب للثعلب قال فرفع الاسد يده وضرب رأس الذئب ضربة فاذا هو منجدل بين يدى الاسد ثم قال للثعلب اقسم هذه بيننا فقال الحمار يتغدى به الملك والغزال يتعشى به والارنب بين ذلك فقال الاسد ويحك ما اقضاك من علمك هذا القضا فقال القضاء الذى نزل برأس الذئب فالانسان مع كونه اعقل الموجودات لا يعتبر

وفى بعض الكتب سأل بعض الملوك بنته البكر عن ألذ الاشياء فقالت الخمر والجماع والولاية فهم بقتلها فقالت واللّه ما ذقتها ولكنى ارى ما فيك من الخمار والصداع ثم اراك تعاودها وارى ما تلاقى امى من نصب الولادة والالم والاشراف على الموت ثم اراها فى فراشك اذا طهرت من نفاسها واسمع ما يجرى على عمالك عند انعزالهم من الضرب والحبس والمصادرة ثم اراهم يطلبون الاعمال بأتم حرص ولا يعتبرون بما جرى عليهم وعلى غيرهم فعرفت ان هذه الثلاث ألذ الاشياء فعفا الملك عنها ( قال الشيخ سعدى ) ندانستىكه بينى بند برياى جودر كوشت نيايد بند مردم دكرره كرندارى طاقت ييش مكن انكشت درسوراخ كزدم

وجاء فى الامثال المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين وفيه اشارة الى حال النفس الناسية القاسية فانها مع ما تذوق فى الدنيا من وبال سيئاتها تعود الى ما كانت عليه نسأل اللّه العصمة والتوفيق والعفو والعافية

٢٦

{ واذ قال ابراهيم } اى واذكر يا محمد لقومك قريش وقت قول ابراهيم عليه السلام بعد الخروج من النار

{ لابيه } تارخ الشهير بآزر وكان ينحت الاصنام

{ وقومه } المكبين على التقليد وعبادة الاصنام كيف تبرأ مما هم فيه بقوله

{ اننى برآء مما تعبدون } وتمسك بالبرهان ليسلكوا مسلك الاستدلال او ليقتدوا به ان لم يكن لهم بد من التقليد فانه اشرف آبائهم وبرآء بفتح الباء مصدر نعت به مبالغة ولذلك يستوى فيه المذكر والمؤنث والواحد والمتعدد يقال نحن البرآء

واما البريئ فهو يؤنث ويجمع يقال بريئ وبريئون وبريئة وبريئات والمعنى انى بريئ من عبادتكم لغير اللّه ان كانت ما مصدرية او من معبودكم ان كانت موصولة حذف عائدها

٢٧

{ الا الذى فطرنى } استثناء منقطع ان كانوا عبدة الاصنام اى لكن الذى خلقنى لا ابرأ منه والفطر ابتدآء خلق من غير مثال من قولهم فطرت البئر اذا انشأت حفرها من غير اصل سابق او متصل على ان ما نعم اولى العلم وغيرهم وانهم كانوا يعبدون اللّه والاصنام او صفة على ان ما موصوفة اى انى بريئ من آلهة تعبدونها غير الذى فطرنى فان الا بمعنى غير لا يوصف بها الا جمع منكور غير محصور وهو هنا آلهة كما هو مذهب ابن الحاجب

{ فانه سيهدين } اى سيثبتنى على الهداية او سيهدينى الى ما ورآء الذى هدانى اليه الى الآن ولذا اورد كلمة التسويف هنا بعد ما قال فى الشعرآء فهو يهدين بلا تسويف والاوجه ان السين للتأكيد دون التسويف وصيغة المضارع للدلالة على الاستمرار اى دوام الهداية حالا واستقبالا

٢٨

{ وجعلها } اى جعل ابراهيم كلمة التوحيد التى كان ما تكلم به من قوله اننى الى سيهدين عبارة عنها يعنى ان البرآءة من كل معبود سوى اللّه توحيد للمعبود بالحق وقول بلا اله الا اللّه

{ كلمة باقية فى عقبه } اى فى ذريته حيث وصاهم بها كما نطق به قوله تعالى

{ ووصى بها ابراهيم بنيه ويعقوب } الآية فالقول المذكور بعد الخروج من النار وهذا الجعل بعد حصول الاولاد الكبار فلا يزال فيهم نسلا بعد نسل من يوحد اللّه ويدعو الى توحيده وتفريده الى قيام الساعة قال الراغب العقب مؤخر الرجل واستعير للولد وولد الولد انتهى فعقب الرجل ولده الذكور والاناث واولادهم وما قيل من ان عقب الرجل اولاده لذكور كما وقع فى اجناس اللطفى او اولاده البنات كما نقل عن بعض الفقهاء فكلا القولين ضعيف جدا مخالف للغة لا يوثق به

{ لعلهم يرجعون } علة للجعل والضمير للعقب واسناد الرجوع اليهم من وصف الكل بحال الاكثر والترجى راجع الى ابراهيم عليه السلام اى جعلها باقية فى عقبه وخلفه رجاء ان يرجع اليها من اشرك منهم بدعاء الموحد

قال بعضهم فى سبب تكريم وجه على بن ابى طالب بان يقال كرم اللّه وجه انه نقل عن والدته فاطمة بنت اسد بن هاشم انها كانت اذا ارادت ان تسجد للصنم وهو فى بطنها يمنعها من ذلك ونظر فيه البعض بان قال عبادة قريش صنما وان كانت مشهورة عند الناس لكن الصواب خلافه لقول ابراهيم عليه السلام واجنبنى وبنى ان نعبد الاصنام وقول اللّه فى حقه وجعلها كلمة باقية فى عقبه وجوابه فى سورة ابراهيم فارجع وفى الآية اشارة الى ان كل من ادعى معرفة اللّه والوصول اليه بطريق العقل والرياضة والمجاهدة من غير متابعة الانبياء وارشاد اللّه من الفلاسفة والبراهمة والرهابنة فدعواه فاسد ومتمناه كاسد ( قال الشيخ سعدى ) درين بحر جز مرد راعى نرفت كم آن شدكه دمبال داعى نرفت كسانى كزين راه بركشته اند برفتند وبسيار سركشته اند خلاف بيمبر كسى ره كزيد كه هركز بمنزل نخواهد رسيد

واشارة اخرى ان بعد اهل العناية يهتدون الى معرفة اللّه بارشاد اللّه وان لم يبلغه دعوة نبى او ارشاد ولى او نصح ولا يتقيد بتقليد آبائه واهل بلده من اهل الضلالة والاهوآء والبدع ولا تؤثر فيه شبههم ودلائلهم المعقولة المشوبة بالوهم والخيال ولا يخاف فى اللّه لومة لائم كما كان حال ابراهيم عليه السلام كذلك فان اللّه تعالى ارشده من غير ان يبلغه دعوة نبى او ارشاد ولى او نصح ناصح فلما آتاه اللّه رشده دعا قومه الى التوحيد ووصى به بنيه لعلهم يرجعون عن الشرك وفيه اشارة الى ان الرجوع الى اللّه على قدمى اعتقاد اهل السنة والجماعة والاعمال الصالحة على قانون المتابعة بنور هذه الكلمة الباقية

٢٩

{ بل متعت هؤلاء } اضراب عن محذوف اى فلم يحصل ما رجاه بل متعت منهم هؤلاء المعاصرين للرسول من اهل مكة

{ وآباءهم } بالمد فى العمر والنعمة فاغتروا بالمهلة وانهمكوا فى الشهوات وشغلوا بها عن كلمة التوحيد

{ حتى جاءهم } اى هؤلاء

{ الحق } اى القرآن

{ ورسول } اى رسول

{ مبين } ظاهر الرسالة واضحها بالمعجزات الباهرة او مبين للتوحيد بالآيات البينات والحجج فحتى ليست غاية للتمتع بل لما تسبب عنه من الاغترار المذكور وما يليه

٣٠

{ ولما جاءهم الحق } لينبههم عما هم فيه من الغفلة ويرشدهم الى التوحيد ازدادوا كفرا وعتوا وضموا الى كفرهم السابق معاندة الحق والاستهانة به حيث

{ قالوا هذا } الحق والقرءآن

{ سحر } وهو ارآءة الباطل فى صورة الحق وبالفارسية جادويى

{ وانا به كافرون } بارر نداريم كه آن من عند اللّه است

فسموا القرءآن سحرا وكفروا به وفيه اشارة الى ارباب الدين واهل الحق فان اهل الاهوآء والبدع والضلالة ينظرون الى الحق واهله كمن ينظر الى السحر وساحره وينطقون بكلمة الكفر بلسان الحال وان كانوا يمسكون بلسان المقال

واعلم ان الكفر والتكذيب والانكار من اوصاف اهل الجحيم لانه كما ان الجحيم مظهر قهر اللّه تعالى فكذا الاوصاف المذكورة من امارات قهر اللّه تعالى فمن وجد فيه شئ من ذلك فقد اقتضت المناسبة ان يدخل النار وان الايمان والتصديق والاقرار من اوصاف اهل الجنة لانه كما ان الجنة مظهر لطف اللّه تعالى فكذا الاوصاف المذكورة من آثار لطف اللّه تعالى فمن وجد فيه شئ من ذلك فقد اقتضت المناسبة ان يدخل الجنة ولكن التصديق على اقسام فقسم باللسان وهو الذى يشترك فيه المطيع والعاصى والخواص والعوام وهو مفيد فى الآخرة اذ لا يخلد صاحبه فى النار وقسم بالاركان والطاعات والاذكار واسباب اليقين فذلك تصديق الانبياء والاولياء والصديقين والصالحين وبه يسلم صاحبه من الآفات مطلقا وفى الحديث ( كل امتى يدخلون الجنة الا من أبى ) قيل ومن أبى يا رسول اللّه قال ( من أطاعنى دخل الجنة ومن عصانى فقد أبى ) أراد عليه السلام من اطاعنى وصدقنى فيما جئت به من الاعتقاد والعلم والعمل ومن عصانى فى ذلك فيكون المراد بالامة امة الدعوة والاجابة جميعا استثنى منه امة الدعوة وذلك فان الامة تطلق تارة على كافة الناس وهم امة الدعوة واخرى على المؤمنين وهم امة الاجابة فامة الاجابة امة دعوة ولا ينعكس كليا فاحذر الاباء والزم البقاء تنعم فى جنة المأوى فان طريق النجاة هى الطاعات والاعمال الصالحات فمن غرته الامانى واعتاد أملا طويلا فقد خسر خسرانا مبينا نسأل اللّه سبحانه ان يجعلنا كما أمر فى كتابه المبين آمين

٣١

{ وقالوا } اهل مكة

{ لولا } حرف تحضيض

{ نزل هذا القرءآن على رجل من القريتين } من احدى القريتين مكة والطائف

{ عظيم } بالمال والجاه كالوليد بن المغيرة المخزومى بمكة وعروة ابن مسعود الثقفى بالطائف فهو على نهج قوله تعالى

{ يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان } اى من احدهما وذلك لان من للابتدآء وكون الرجل الواحد من القريتين بعيد فقدر المضاف ومنهم من لم يقدر مضافا وقال أراد على رجل كائن من القريتين كلتيهما والمراد به عروة المذكور لانه كان يسكن مكة والطائف جميعا وكان له فى مكة اموال يتجر بها وكان له فى الطائف بساتين وضياع فكان يتردد اليهما فصار كأنه من أهلهما

يقول الفقير هنا وجه خفى وهو ان النسبة الى القريتين قد تكون بالمهاجرة من احداهما الى الاخرى كما يقال المكى المدنى والمصرى الشامى وذلك بعد الاقامة فى احداهما اربع سنين صرح بذلك اهل اصول الحديث ثم انهم لم يتفوهوا بهذه الكلمة العظيمة حسدا على نزوله على الرسول عليه السلام دون من ذكر من عظمائهم من اعترافهم بقرءآنيته بل استدلالا على عدمها بمعنى انه لو كان قرءآنا لنزل على احد هذين الرجلين بناء عل ما زعموا من ان الرسالة منصب جليل لا يليق به الا من له جلالة من حيث المال والجاه ولم يدروا ان العظيم من عظمه اللّه واعلى قدره فى الدارين لا من عظمه الناس اذ رب عظيم عندهم حقير عند اللّه وبالعكس وان اللّه يختص برحمته من يشاء وهو أعلم حيث يجعل رسالته وفى قولهم عظيم تعظيم لرسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم وعظم شأنه وفخم

٣٢

{ أهم يقسمون رحمة ربك } انكار فيه تجهيل لهم وتعجيب من تحكمهم والمراد بالرحمة النبوة يعنى أبيدهم مفاتيح الرسالة والنبوة فيضعونها حيث شاؤا يعنى تابرهركه خواهند در نبوت بكشايند

{ نحن قسمنا بينهم معيشتهم } اى اسباب معيشتهم والمعيشة ما يعيش به الانسان ويتغذى به ويجعله سببا فى قوام بنيته اذا العيش الحياة المختصة بالحيوان وهو يعم الحلال والحرام عند اهل السنة والجماعة

{ فى الحياة الدنيا } قسمة تقتضيها مشيئتنا المبنية على الحكم والمصالح ولم نفوض امرنا اليهم علما منا بعجزهم عن تدبيرها بالكلية كما دل عليه تقديم المسند اليه وهو نحن اذ هو للاختصاص والحاصل نحن قسمنا ارزاقهم فيما بينهم وهو ادنى من الرسالة فلم نترك اختيارها اليهم والا لضاعوا وهلكوا فما ظنهم فى امر الدين اى فكيف نفوض اختيار ما هو افضل واعظم وهو الرسالة

{ ورفعنا بعضهم فوق بعض } فى الرزق وسائر مبادى المعاش

{ درجات } نصب بنزع الخافض اى الى درجات متفاوتة بحسب القرب والبعد حسبما تقتضيه الحكمة فمن ضعيف وقوى وفقير وغنى وخادم ومخدوم وحاكم ومحكوم

{ ليتخذ بعضهم بعضا سخريا } من التسخير والاستخدام ولكون المراد هنا الاستخدام دون الهزؤ لانه لا يليق التعليل به اجمع القرآء على ضم السين فى الرواية المشهورة عنهم فما كان من التسخير فهو مضموم وما كان من الهزؤ فهو مكسور والمعنى ليستعمل بعضهم بعضا فى مصالحهم ويسخر الاغنياء باموالهم الاجرآء الفقرآء بالعمل فيكون بعضهم لبعض سبب المعاش هذا بماله وهذا بعلمه فيتم قوام العالم لا لكمال فى الموسع ولا لنقض فى المقتر

{ ورحمة ربك } اى النبوة وما يتبعها من سعادة الدارين

{ خير } لاهلها

{ مما يجمعون } اى يجمع هؤلاء الكفار من حطام الدنيا الدنية الفانية والعظيم من رزق من تلك الرحمة العظيمة لا مما يجمعون من الدنيىء الحقير يظنون ان العظمة به وفيه اشارة الى ان اللّه تعالى يعطى لفقير من فقرآء البلد لا يؤبه به مالا يعطى لعلمائه وافاضله من حقائق القرءآن واسراره فان قسمة الولاية بيده كقسمة النبوة فما لا يحصل بالدرس قد يحصل بالوهب وكما ان فى صورة المال تسخير بعضهم لبعض لاجل الغنى فكذا فى صورة العلم والولاية تسخير بعضهم لبعض للتربية وكل من العلم والولاية والنبوة خير من الدنيا وما فيها من الاموال والارزاق

( قال بعضهم ) المعيشة انواع ايمان وصدق وارادة وعلم وخدمة وتوبة وانابة ومحبة وشوق وعشق ومعرفة وتوحيد وفراسة وكرامة ووارد وقناعة وتوكل ورضى وتسليم فتفاوت اصحاب هذه المقامات كما تتفاوت ارباب الرزق وكذلك يتفاوتون فى المعرفة مثلا فان بعضهم اعلى فى المعرفة من بعض وان اشتركوا فى نفس المعرفة وقس عليه صاحب المحبة ونحوها هذا للمقبلين اليه وللمدبرين كمن يأكل النعم اللذيذة والحشرات المضرة وقال بعضهم باين لله بينهم بمعرفة كيد النفس ووسوسة الشيطان فالاعرف أفضل من العارف وطريقه لذكر قال سهل الذكر لله خير من كثرة الاعمال اى اذا كان خالصا

ودر حقائق سلمى اورده كه تفاوت درجات باخلاق حسنه است خوى هركه نيكوتر درجه او بلندتر يكى خوب كردار وخوش خوى بود كه بد سيرتانرا نكو كوى بود بخوابش كسى ديدجون در كذشت كه بارى حكايت كن از سر كذشت دهانى بخنده جو كل باز كرد جو بلبل بصوت خوش آغار كرد كه برمن نكردند سختى بسى كه من سخت نكرفتمى بركسى

قال الفلاسفة ان الكمالات البشرية مشروطه بالاستعداد والمذهب الحق ان جميع المقامات كالنبوة والولاية وغيرهما وكذا السلطنة والوزارة ونحوهما اختصاصية عطائية غير كسبية ولا مشروطة بشئ من الاستعداد ونحوه فان الاستعداد ايضا عطاء من اللّه تعالى كما قيل

داد حق راقابليت شرط نيست بلكه شرط قابليت داد حق وظهوره بالتدريج بحصول شرائطه واسباب توهم المحجوب فيظن انه كسبى بالتعمل وحاصل بالاستعداد وليس كذلك فى الحقيقة فاللّه تعالى هو الولى يتولى امر عباده فيفعل ما تقتضيه حكمته ولا دخل لشئ من ذلك نسأل اللّه سبحانه وتعالى ان يجعلنا ممن رفعهم الى درجات الكمال بحرمة اكامل الرجال

٣٣

{ ولولا ان يكون الناس امة واحدة } بتقدير المضاف مثل كراهة ان يكون الناس فان لولا لانتفاء الثانى لوجود الاول ولا تحقق لمدلول لولا ظاهرا والمعنى ولولا كراهة ان يرغب الناس فى الكفر اذا رأوا الكفار فى سعة وتنعم لحبهم الدنيا وتوهم ان ذلك الفضيلة فى الكفار فيجمعوا ويكونوا فى الكفر امة واحدة

{ لجعلنا } لحقارة الدنيا وهوانها عندنا

{ لمن يكفر بالرحمن } اى لشر الخلائق وادناهم منزله كما قال تعالى

{ اولئك هم شر البرية } { لبيوتهم } بدل اشتمال من لمن او اللام بمعنى على وجمع الضمير باعتبار معنى من كما ان افراد المستكن فى يكفر باعتبار لفظها والبيوت والابيات جمع بيت وهو اسم لمبنى مسقف مدخله من جانب واحد بنى للبيتوتة قال الراغب أصل البيت مأوى الانسان بالليل ثم قد يقال من غير اعتبار الليل فيه والبيوت بالمسكن أخص والابيات بالشعر ويقع ذلك على المتخذ من حجر ومدر ومن صوف ووبر وبه شبه بيت الشعر

{ سقفا } متخذة

{ من فضة } جمع سقف وهو سماء البيت والفضة جسم ذائب صابر منطرق ابيض رزين بالقياس الى باقى الاجساد وبالفارسية نقره

سميت فضة لتفضضها وتفرقها فى وجوه المصالح

{ ومعارج } عطف على سقفا جمع معرج بفتح الميم وكسرها بمعنى السلم وبالفارسية نردبان قال الراغب العروج ذهاب فى صعود والمعارج المصاعد والمعنى وجعلنا لهم مصاعد ومراقى من فضة حذف لدلالة الاول عليه

{ عليها } اى على المعارج

{ يظهرون } يقال ظهر عليه اذا علاه وارتقى اليه واصل ظهر الشئ ان يحصل شئ على ظهر الارض فلا يخفى ثم صار مستعملا فى كل بارز للبصر والبصيرة والمعنى يعلون السطوح والعلالى وبالفارسية ونردبا نهاكه بدان بربام آن خانها برايند وخودرابنمايند

٣٤

{ ولبيوتهم } اى وجعلنا لبيوتهم ولعل تكرير ذكر بيوتهم لزيادة التقرير

{ ابوابا } درها

والباب يقال لمدخل الشئ واصل ذلك مداخل الامكنة كباب المدينة والدار والبيت

{ وسررا } تحتها

اى من فضة جمع سرير قال الراغب السرير الذى يجلس عليه من السرور اذا كان ذلك لاولى النعمة وسرير المبيت تشبيه به فى الصورة وللتفاؤل بالسرور الذى يلحق الميت برجوعه الى اللّه وخلاصه من السجن المشار اليه بقوله عليه السلام ( الدنيا سجن المؤمن )

{ عليها } اى على السرر

{ يتكئون } تكيه كنند

والاتكاء الاعتماد

٣٥

{ وزخرفا } هو فى الاصل بمعنى الذهب ويستعار لمعنى الزينة كما قال تعالى

{ حتى اذا اخذت الارض زخرفها } قال الراغب الزخرف الزينة المزوقة ومنه قيل للذهب زخرف كما قال تعالى

{ او يكون لك بيت من زخرف } اى ذهب مزوق قال فى تاج المصادر الزخرفة آراستن

وزوق البيت زينه وصور فيه من الزئيق ثم قيل لكل منقش ومزين مزوق وان لم يكن فيه الزئيق والمعنى وزينة عظيمة من كل شئ عطفا على سقفا او ذهبا عطفا على محل من فضة فيكون اصل الكلام سقفا من فضة وزخرف يعنى بعض السقف من فضة وبعضها من ذهب ثم نصب عطفا على محله وفى الحديث ( يقول اللّه تعالى لولا ان يجزع عبدى المؤمن لعصبت الكافر بعصابة من حديد ولصببت عليه الدنيا صبا ) وانما اراد بعصابة الحديد كناية عن صحة البدن يعنى لا يصدع رأسه وفى بعض الكتب الالهية عن اللّه تعالى لولا ان يحزن العبد المؤمن لكللت رأس الكافر بالاكاليل فلا يصدع ولا ينبض منه عرق بوجع

{ وان كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا } ان نافية ولما بالتشديد بمعنى الا اى وما كل ذلك المذكور من البيوت الموصوفة بالصفاة المفصلة الا شئ يتمتع به فى الحياة الدنيا لا دوام له ولا حاصل الا الندامة والغرامة وقرئ بتخفيف لما على ان ان هى المخففة واللام هى الفارقة بينها وبين الناصبة وما صلة والتقدير ان الشان كل ذلك لمتاع الحياة الدنيا

{ والآخرة } بما فيها من فنون النعم التى يقصر عنها البيان

{ عند ربك } يعنى در حكم او

{ للمتقين } اى عن الكفر والمعاصى هركس كه رخ از متاع فانى بر نافت واندر طلب دولت باقى بشتافت آنجا كه كمال همتش بود رسيد وآنجيزكه مقصود دلس بود بيافت

فان قيل قد بين اللّه تعالى انه لو فتح على الكافر ابواب النعم لصار ذلك سببا لاجتماع الناس على الكفر فلم لم يفعل ذلك بالمسلمين حتى يصير ذلك سببا لاجتماع الناس على الاسلام فالجواب لان الناس على هذا التقدير كانوا يجتمعون على الاسلام لطلب الدنيا وهذا الايمان ايمان المنافقين فكان من الحكمة ان يضيق الامر على المسلمين حتى ان كل من دخل فى الاسلام فانما يدخل لمتابعة الدليل ولطلب رضى اللّه فحينئذ يعظم ثوابه بهذا السبب لان ثواب المرء على حسب اخلاصه ونيته وان هجرته الى ما هاجر اليه

قال فى شرح الترغيب فان قيل ما الحكمة فى اختيار اللّه تعالى لنبيه الفقر واختياره اياه لنفسه اى مع قوله ( لو شئت لدعوت ربى عز وجل فأعطانى مثل ملك كسرى وقيصر ) فالجواب من وجوه أحدها انه لو كان غنيا لقصده قوم طمعا فى الدنيا فاختار لله له الفقر حتى ان كل من قصده علم لخلائق انه قصده طلبا للعقبى والثانى ما قيل ان اللّه اختار الفقر له نظرا لقلوب الفقراء حتى يتسلى الفقير بفقره كما يتسلى الغنى بماله والثالث ما قيل ان فقره دليل على هوان الدنيا على اللّه تعالى كما قال صلى اللّه عليه وسلم

( لو كانت الدنيا تزن عند اللّه تعالى جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء ) انتهى ومعنى هوان الدنيا على اللّه انه سبحانه لم يجعلها مقصودة لنفسها بل جعلها طريقا موصلا الى ما هو المقصود لنفسه وانه لم يجعلها دار اقامة ولا جزاء وانما جعلها دار رحلة وبلاء وانه ملكها فى الغالب الجهلة والكفرة وحماها الانبياء والاولياء والابدال وابغضها وابغض اهلها ولم يرض العاقل فيها الا بالتزود للارتحال عنها ( قال الصائب ) ار رباط تن جوبكذشتى دكر معموره نيست زادر هى رنمى دارى ازين منزل جرا

تداركنا اللّه واياكم بفضله

٣٦

{ ومن يعش عن ذكر الرحمن } من شرطية وبالفارسية بمعنى وهركه

ويعش بضم لشين من عشا يعشو عشا اذا تعاشى بلا آفة وتعامى اى نظر العشا ولا آفة فى بصره ويقال عشى يعشى كرضى اذا كان فى بصره آفة مخلة بالرؤية قال الراغب العشا بالفتح والقصر ظلمة تعرض فى العين يقال رجل آعشى وامرأة عشواء وفى القاموس العشا سوء البصر بالليل والنهار وخبطه خبط عشوآء ركبه على غير بصيرة من الناقة العشوآء التى لا تبصر امامها والمراد بالذكر القرءآن واضافته الى الرحمن اشارة الى كونه رحمة عامة من اللّه او هو مصدر مضاف الى المفعول والمعنى ومن يتعام ويعرض عن القرءآن او عن ان يذكر الرحمن وبالفارسية وهركه جشم بوشد از قرآن ويا ازياد كردن خداى

لفرط اشتغاله بزهرة الحياة الدنيا وانهماكه فى الحظوظ والشهوات الفانية

{ نقيض له شيطانا } نسلطه عليه ونضمه اليه ليستولى عليه استيلاء القيض على البيض وهو القشر الاعلى اليابس

{ فهو } اى ذلك الشيطان

{ له } اى لذلك العاشى والمعرض

{ قرين } بالفارسية همنشين ومساز

ومصاحب لا يفارقه ولا يزال يوسوسه ويغويه ويزين له العمى على الهدى والقبيح بدل الحسن قال عليه السلام ( اذا اراد اللّه بعبد شرا قيض له شيطانا قبل موته بسنة فلا يرى حسنا الا قبحه عنده حتى لا يعمل به ولا يرى قبيحا الا حسنه حتى يعمل به ) وينبغى ان يكون هذا الشيطان غير قرينه الجنى الكافر والا فكل احد له شيطان هو قرينه كما قال صلّى اللّه عليه وسلّم ( ما منكم من احد الا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملئكة ) قالوا واياك يا رسول اللّه قال ( واياى ولكن اللّه اعاننى عليه فأسلم فلا يأمرنى الا بخير ) ( درنفحات الانس ) آوردكه شيخ ابو القاسم مصرى قدس سره بايكى از مؤمنان جن دوستى داشت وقتى در مسجدى نشسته بود جنى كفت اى شيخ اين مردم راجه كونه مى بينى كفت بعضىرا در خواب وبعضى رابى خواب كفت آنجه برسرهاى ايشانست مىبينى كفتم نه جشمهاى مرا بماليد ديدم كه بر سر هركسى بعضى رابالها بجشم فرو كذاشته وبعضى راكاهى فرو كذاريد وكاهى بالامى برد كفتم اين حيست كفت نشنيده كه ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين اينها شياطين اند بر سرهاى ايشان نشسته وبر هريكى بقدر غفلت وى استيلا يافته دريغ ودردكه بانفس بد قرين شده ايم وزين معامله باد بو همنشين شده ايم بباركاه فلك بوده ايم رشك ملك زجور نفس جافييشه اينجنين شده ايم

وفيه اشارة الى ان من داوم على ذكر الرحمن لم يقربه الشيطان بحال

قال بضهم من نسى اللّه وترك مراقبته ولم يستحى منه او اقبل على شئ من حظوظ نفسه قيض اللّه له شيطانا يوسوس له فى جميع أنفاسه ويغرى نفسه الى طلب هواها حتى يتسلط على عقله وعلمه وبيانه وهذا كما قال أمير المؤمنين على كرم اللّه وجهه الشهوة والغضب يغلبان العقل والعلم والبيان وهذا جزآء من أعرض عن متابعة القرءآن ومتابعة السنة وقال بعضهم من اعرض عن اللّه بالاقبال على الدنيا يقيض له شيطانا وان اصعب الشياطين نفسك الامارة بالسوء فهو له ملازم لا يفارقه فى الدنيا والآخرة فهذا جزآء من ترك المجالسة مع اللّه بالاعراض عن الذكر فانه يقول انا جليس من ذكرنى فمن لم يذكر ولم يعرف قدر خلوته مع اللّه وحاد عن ذكره واختلف الى خواطر النفسانية الشيطانية سلط اللّه عليه من يشغله عن اللّه واذا اشتغل العبد فى خلوته بذكر ربه بنفى ما سوى اللّه واثبات الحق بلا اله الا اللّه فاذا تعرض له من يشغله عن ربه صرفته سطوات الالهية عنه ومن لم يعرف قدر فراغ قلبه واتبع شهوته وفتح بابها على نفسه بقى فى يد هواه أسيرا غالبا عليه اوصاف شيطنة النفس ( روى ) عن سفيان بن عيينة انه قال ليس مثل من امثال العرب الا وأصله فى كتاب اللّه قيل له من اين قول الناس أعط اخاك تمرة فان ابى فجمرة قال من قوله ومن يعش الآية

٣٧

{ وانهم } اى الشياطين الذين قيض كل واحد منهم لواحد ممن يعشو

{ ليصدونهم } اى يمنعون قرناءهم فمدار جمع الضميرين اعتبار معنى من كما ان مدار افراد الضمائر السابقة اعتبار لفظها

{ عن السبيل } عن الطريق المستبين الذى من حقه ان يسبل وهو الذى يدعو اليه القرءآن

{ ويحسبون } اى والحال ان العاشين يظنون

{ انهم } اى الشياطين

{ مهتدون } اى السبيل المستقيم والا لما اتبعوهم او يحسبون ان انفسهم مهتدون لان اعتقاد كون الشياطين مهتدين مستلزم لاعتقاد كونهم كذلك لاتحاد مسلكهما

٣٨

{ حتى اذا جاءنا } حتى ابتدآئيه داخلة على الجملة الشرطية ومع هذا غاية لما قبلها فان الابتدآئية لا تنافيها والمعنى يستمر العاشون على ما ذكر من مقارنة الشياطين والصدق والحسبان الباطل حتى اذا جاءنا كل واحد منهم مع قرينه يوم القيامة

{ قال } مخاطبا له

{ يا ليت بينى وبينك } فى الدنيا

{ بعد المشرقين } بعد المشرق والمغرب اى تباعد كل منهما عن الآخر فغلب المشرق وثنى واضيف البعد اليهما يعنى ان حق ان النسبة ان يضاف الى احد المنتسبين لان قيام معنى واحد بمحلين ممتنع بل يقوم بأحدهما ويتعلق بالآخر لكن لما ثنى المشرق بعد التغليب لم يبق مجال للاضافة الى احدهما فاضيف اليهما على تغليب القيام على التعلق والمعنى بالفارسية اى كاشكى ميان من وتو بودى روى ميان مشرق ومغرب يعنى كاش تو ازمن ومن ازتو دور بودى

{ فبئس القرين } اى انت وبالفارسية بس بدهمنشينئ تو يعنى بئس الصاحب كنت انت فى الدنيا وبئس الصاحب اليوم قال ابو سعيد الخدرى رضى اللّه عنه اذا بعث الكافر زوج بقرينه من الشيطان فلا يفارقه حتى يصير الى النار كما ان الملك لا يفارق المؤمن حتى يصير الى الجنة فالشيطان قرين للكافر فى الدنيا والاخرة والملك قرين المؤمن فيهما فبئس القرين الاول ونعم القرين الثانى

٣٩

{ ولن ينفعكم اليوم } حكاية لما سيقال لهم حينئذ من جهة اللّه تعالى توبيخا وتقريعا اى لن ينفعكم اليوم تمنيكم لمباعدتهم

{ اذ ظلمتم } اى لاجل ظلمكم انفسكم فى الدنيا باتباعكم اياهم فى الكفر والمعاصى واذ للتعليل متعلق بالنفى كما قال سيبويه انها بمعنى التعليل حرف بمنزلة لام العلة

{ انكم فى العذاب مشتركون } تعليل لنفى النفع اى لان حقكم ان تشتركوا انتم وشياطينكم القرناء فى العذاب كما كنتم مشتركين فى سببه فى الدنيا ويجوز أن يسند الفعل اليه بمعنى لن يحصل لكم التشفى بكون قرنائكم معذبين مثلكم حيث كنتم تدعون عليهم بقولكم ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا ونظائره لتشفوا بذلك وفى الآية اشارة الى حال التابع والمتبوع من اهل الاهوآء والبدع فان المتبوع منهم كان شيطان التابع فى الاضلال عن طريق السنه فلما فات الوقت وادرك المقت وقعوا فى التمنى الباطل قيل ( فضل اليوم على الغد ان للتأخير آفات ) فعلى العاقل تدارك حاله وتفكر ما له والهرب من الشيطان الاسود والابيض قبل ان يهرب هو منه ( حكى ) ان عابدا عبد اللّه تعالى فى صومعته دهرا طويلا فولدت لملكهم ابنة حلف لملك ان لا يمسها الرجال فأخرجها الى صومعته واسكنها معه لئلا يشعر احد مكانها ولا يستخطبها قال وكبرت الابنة فحضر ابليس على صورة شيخ وخدعه بها حتى واقعها الزاهد وأحبلها فلما ظهر بها الحبل رجع اليه وقال له انك زاهدنا وانها لو ولدت يظهر زناك فتصير فضيحة فاقتلها قبل الولادة واعلم والدها انها قد ماتت فيصدقك فتنجو من العذاب والشين فقتلها الزاهد فجاء الشيطان الى الملك فى زى العلماء فأخبره بصنع الزاهد بابنته من الاحبال والقتل وقال له ان أردت ان تعرف حقيقة ما أخبرتك فانتش قبرها وشق بطنها فان خرج منها ولد فهو صدق مقالتى وان لم يخرج فاقتلنى فعل ذلك الملك فاذا الامر كما قال فأخذ الزاهد فأركبه جملا وحمله الى بلده فصلبه فجاء الشيطان وهو مصلوب فقال له زينت بأمرى وقتلت بامرى فآمن بى انجك من عذاب الملك فأدركته الشقاوة فامن به فهرب الشيطان منه ووقف من بعيد فقال الزاهد نجنى قال انى اخاف اللّه رب العالمين فالنفس والشيطان قرينان للانسان يغويانه الى ان يهلك

دانسته ام كه دزد من اذخانه منست وزيستى وبلندى ديوار فارغم

٤٠

{ افأنت تسمع الصم } اى من فقد سمع القلوب

{ او تهدى العمى } من فقد البصائر جمع اصم وأعمى وبالفاسية آياتو اى محمد سخن حق توانى شنوانيد آنانراكه كوش دل كرانت يا كوردا لانرا طريق حق توانى نمود بشير الى ان من سددنا بصيرته ولبسنا عليه رشده ومن صبينا فى مسامع قلبه رصاص الشقاء والحرمان لا يمكنك يامحمد مع كمال نبوتك هدايته واسماعه من غير عنايتنا السابقة ورعايتنا اللاحقة كان عليه الصلاة والسلام يتعب نفسه فى دعاء قومه وهم لا يزيدون الاغيار وتعاميا عما يشاهدونه من شواهد النبوة وتصاما عما يسمعونه من بينات القرآن فنزلت وهو انكار تعجيب من ان يكون هو الذى يقدر على هدايتهم بعد تمرنهم على الكفر واستغراقهم فى الضلال بحيث صار عشاهم عمى مقرونا بالصمم فنزل منزلة من يدعى انه قادر على ذلك لاصراره على دعائهم قائلا انا اسمع واهدى على قصد تقوى الحكم لا التخصيص فعجب تعالى منه قال ابن الشيخ وما احسن هذا الترتيب فان الانسان لاشتغاله بطلب الدنيا والميل الى الحظوظ الجسمانية يكون كمن بعينه رمد ضعيف ثم انه كلما ازداد اشتداده بها واشتد اعراضه عن النعيم الروحانى ازداد رمده فينتقل من ان يكون اعشى الى ان يكون اعمى

{ ومن كان فى ضلال مبين } لا يخفى على احداى ومن كان فى علم اللّه انه يموت على الضلالة وبالفارسية وانراكه هست دركمراهى هويدا يعنى توقادر نيستى بر هدايت كمراهان بس بسيار تعب بر نفس خودمنه

وهو عطف على العمى باعتبار تغاير الوصفين ومدار الانكار هو التمكن والاستقرار فى الضلال المفرط بحيث لارعوامله عنه لا توهم القصور من قبل الهادى ففيه رمز الى انه لا يقدر على ذلك الا اللّه وحده بالقسر والالجاء يعنى لا يقدر على اسماع الصم وهداية العمى وجعل الكافر مؤمنا الا اللّه وحده لعظم قدرته واحاطة تعلقها بكل مقدور ( ع ) آن به كه كار خود بعنايت رها كنيم

٤١

{ فاما نذهبن بك } اصله ان ما على ان ان للشرط وما مزيدة للتأكيد بمنزلة لام القسم فى استجلاب النون المؤكدة اى فان قبضناك وأمتناك قبل ان نبصرك عذابهم ونشفى بذلك صدرك وصدر المؤمنين وبالفارسية بس اكر ما ببريم ترابا جوار رحمت خود بيش ازانكه عذاب ايشان بتو بنمايم دل خوش دار

{ فانا منهم منتقمون } لا محالة فى الدنيا والاخرة

مكن شادمانى بمرك كسى كه دهرت نماندبس ازوى بسى

قال ابن عطاء انت امان فيما بينهم فان قبضناك انتقمنا منهم فليغتنم العقلاء وجود الصلحاء وليجتنبوا من معاداتهم فان فى ذلك الهلاك قال يحيى بن معاذ رحمة اللّه عليه لله على عباده حجتان حجة ظاهرة هى الرسول وحجة باطنة هى العقول

٤٢

{ او نرينك الذى وعدناهم } او ان اردنا ان نريك العذاب الذى وعدناهم

{ فانا عليهم مقتدرون } لا يفوتوننا لانهم تحت قهرنا وقدرتنا وفى الآية تسلية النبى صلى اللّه تعالى عليه وسلم بانه تعالى ينتقم من اعدائه ومنكريه اما فى حال حياته

واما بعد وفاته وانه قادر على انتقامهم بواسطته كما كان يوم بدر او بغير واسطة كما كان فى زمن ابى بكر رضى اللّه عنه وغيره فبذلك اثبته على حد الخوف والرجا ووقفه على حد التجويز لاستبداده بعلم الغيب وكذلك المقصود فى الامر من كل احد ان يكون من جملة نظارة التقدير ويفعل اللّه ما يريد ( قال المولى الجامى ) اى دل تاكى فضولى وبو العجبى ازمن نشان عاقبت مى طلبى سركشته بودخواه ولى خواه نبى دروادئ ما ادرى ما يفعل بى

وفى الحديث ( اذا اراد اللّه بامة خيرا قبض اللّه نبيها قبلها فجعله لها فرطا وسلفا واذا اراد اللّه بامة عذابا عذبها ونبيها حى لتقر عينه ) لما كذبوه وعصوه قالوا كل نبى قد رأى النقمة فى امته غير نبينا عليه السلام فان اللّه اكرمه فلم ير فى امته الا الذى تقر به عينه وابقى النقمة بعده وهى البلايا الشديدة ( روى ) انه عليه السلام أرى ما يصيب امته بعده فما رؤى مشتبشرا ضاحكا حتى قبض وفى الحديث ( حياتى خير لكم ومماتى خير لكم ) قالوا هذا خيرنا فى حياتك فما خيرنا فى مماتك فقال ( تعرض على اعمالكم كل عشية الاثنين والخميس فما كان من خير حمدت اللّه تعالى وما كان من شر استغفر اللّه لكم ) ولذلك استحب صوم يوم الاثنين والخميس وقد قال عليه السلام ( تفتح أبواب الجنة كل اثنين وخميس ) يعنى مفتوح مىشود ابواب جنت درهر دوشنبه ونبجشنبه

يعنى لشرفهما لكون يوم الاثنين يوم ولادة النبى عليه السلام ويوم الخميس يوم عرض الاعمال على اللّه سبحانه وتعالى واعلم ان كل احد يشرب من كأس الموت يقال أوحى اللّه تعالى الى نبينا عليه السلام فقال ( يا محمد احبب من شئت فانك مفارقه واعمل ما شئت فانك ملاقيه غدا وعش ما شئت فانك ميت )

منه دل برين سال خورده مكان كه كنبد نيايد بروكردكان وكر بهلوانى وكر تيغ زن نخواهى بدر بردن الاكفن فرو رفت جم را يكى نازنين كفن كرد جون كرمش ابريشمين بدحمه در آمد بس از جند روز كه بروى بكريد بزارى وسوز جو بوسيده ديدش حرير كفن بفكرت جنين كفت باخويشتن من از كرم بركنده بودم بزور بكندند ازو باز كرمان كور

٤٣

{ فاستمسك بالذى أوحى اليك } اى امسك بالقرءآن الذى انزل عليك بمراعاة احكامه سواء عجلنا لك المعهود او اخرناه الى يوم الآخرة

{ انك على صراط مستقيم } اى طريق سوى لا عوج له وهو طريق التوحيد ودين الاسلام وفى التأويلات النجمية فاعتصم بالقرءآن فانه حبل اللّه المتين بان تتخلق بخلقه وتدور معه حيث يدور وقف حيث ما امرت وثق فانك على صراط مستقيم تصل به الى حضرة جلالنا_@_

٤٤

{ وانه } اى القرءآن الذى اوحى اليك

{ لذكر } لشرف عظيم

{ لك } خصوصا

{ ولقومك } وامتك عموما كما قال عليه السلام ان لكل شئ شرفا يباهى به وان بها امتى وشرفها القرءآن فالمراد بالقوم الامة كما قال مجاهد وقال بعضم ولقومك من قريش حيث يقال ان هذا الكتاب العظيم انزال اللّه على رجل من هؤلاء قال فى الكواشى اولاهم بذلك الشرف الاقرب فالاقرب منه عليه السلام كقريش ثم بنى هاشم وبنى المطلب قال ابن عطاء شرف لك بانتسابك الينا وشرف لقومك بانتسابهم اليك اى لان الانتساب الى العظيم الشريف عظيم شرف ثم جمع اللّه النبى مع قومه فقال

{ وسوف تسألون } يوم القيامة عنه وعن قيامكم بحقوقه وعن تعظيمكم وشكركم على ان رزقتموه وخصصتم به من بين العالمين وفى التأويلات النجمية وان القرءآن به شرف الوصول لك ولمتابعيك وسوف تسألون عن هذا الشرف والكرامة هل اديتم حقه وقمتم باداء شكره ساعين فى طلب الوصول والوصال ام ضيعتم حقه وجعلتموه وسيلة الاستنزال الى الدرك بصرفه فى تحصيل المنافع الدنيوية والمطالب النفسانية انتهى

قال بعضهم علوم العارفين مبنية على الكشف والعيان وعلوم غيرهم من الخواطر الفكرية والاذهان وبداية طريقهم التقوى والعمل الصالح وبداية طريق غيرهم مطالعة الكتب والاستمداد من المخلوقين فى حصول المصالح ونهاية علومهم الوصول الى شهود حضرة الحى القيوم ونهاية علوم غيرهم تحصيل الوظائف والمناصب وجمع الحطام الذى لا يدوم

زيان ميكند مرد تفيردان كه علم وادب مى فروشد بنان كجا عقل باشرع فتوى دهد كه اهل خرد دين بدنيا دهد

فكما ان العالم الغير العامل والجاهل الغير العامل سواء فى كونهما مطروحين عن باب اللّه تعالى لان مجرد العلم والمعرفة ليس سبب القبول والقدر ما لم يقارن العمل بالكتاب والسنة بل كون مجردهما سبب الفلاح مذهب الحكماء الغير الاسلامية فلا بد معهما من العمل حتى يكونا سببا للنجاة كما هو مذهب اهل السنة والحكماء الاسلامية والانسان اما حيوانى وهم الذين غلبت عليهم اوصاف الطبيعة واحوال الشهوة من الاكل والشرب والمنام ونحوها

واما شيطانى وهم الذين غلبت عليهم اوصاف النفس واحوال الشيطنة كالكبر والعجب والحسد وغيرها

واما ملكى وهم الذين غلبت عليهم اوصاف الروح واحوال الملكية من العلم والعمل والذكر والتسبيح ونحوها فمن تمسك بالقرءآن وعمل بما فيه علمه اللّه ما لم يعلم وجعله من اهل الكشف والعيان فيكون من الذين يتلون آيات اللّه فى الآفاق والانفس ويكاشفون عن حقائق القرآءن فهذا الشرف العظيم لهذه الامة لانه ليس لغيرهم هذا القرآءن وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما قال موسى يا رب هل فى الامم امة اكرم عليك ممن ظللت عليهم الغمام وانزلت عليهم المن والسلوى قال يا موسى ان فضل امة محمد على الامم كفضلى على خلقى فقال موسى الهى اجعلنى من امة محمد قال يا موسى لن تدركهم ولكن أتشتهى ان تسمع كلامهم قال نعم يا رب فنادى يا امة محمد فقالوا لبيك اللهم لبيك لا شريك لك والخير كله بيديك فجعل اللّه تلك الاجابة من شعائر الحج ثم قال يا امة محمد ان رحمتى سبقت غضبى قد غفرت لكم قبل ان تعصونى واعطيتكم قبل ان تسألونى فمن لقينى منكم بشهادة ان لا اله الا اللّه وان محمداً رسول اللّه اسكنته الجنة ولو كانت ذنوبه مثل زبد البحر وعدد القطر وعدد النجوم وعدد ايام الدنيا وفى التوراة فى حق هذه الامة اناجيلهم فى صدورهم اى يحفظون كتابهم ( وفى المثنوى ) تو زقرآن اى بسر ظاهر مبين ديو آدم را نه بيند جزكه طين ظاهر قرآن جو شخص آدميست كه نقوشش ظاهر وجانش خفيست

٤٥

{ وسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا } قوله من ارسلنا فى محل النصب على انه مفعول اسأل وهو على حذف المضاف لاستحالة السؤال من الرسل حقيقة والمعنى واسأل اممهم وعلماء دينهم كقوله تعالى

{ فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك } وفائدة هذا المجاز التنبيه على ان المسئول عنه عين ما نطقت به ألسنة الرسل لا ما يقوله اممهم وعلماؤهم من تلقاء انفسهم

{ أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون } اى هل حكمنا بعبادة الاوثان وهل جاءت فى ملة من مللهم والمراد به الاستشهاد باجماع الانبياء على التوحيد والتنبيه على انه ليس ببدع ابتدعه حتى يكذب ويعادى له فانه اقوى ما حملهم على التكذيب والمخالفة قال ابن الشيخ السؤال يكون لرفع الالتباس ولم يكن رسول اللّه يشك فى ذلك وانما الخطاب له والمراد غيره قالت عائشة رضى اللّه عنها لما نزلت هذه الآية قال عليه السلام ( ما انا بالذى اشك وما انا بالذى اسأل ) وجعل الزمخشرى السؤال فى الاية مجازا عن النظر فى اديانهم والفحص عن مللهم على انه نظير قولهم سل الارض من شق انهارك وغرس اشجارك وجنى ثمارك وللآية وجه آخر بحملها على ظاهرها من غير تقدير مضاف وهو ما روى انه عليه السلام لما اسرى به الى المسجد الاقصى حشر اليه الانبياء والمرسلون من قبورهم ومثلوا له فاذن جبرائيل ثم اقام وقال يا محمد تقدم فصل باخوانك الانبياء والمرسلين فلما فرغ من الصلاة قال له جبرائيل زعمت قريش ان لله شريكا وزعمت اليهود والنصارى ان لله ولدا سل يا محمد هؤلاء النبيين هل كان لله شريك ثم قرأ واسأل من ارسلنا الخ فقال عليه السلام ( لا اسأل وقد اكتفيت ولست بشاك فيه ) فلم يشك فيه ولم يسأل وكان اثبت يقينا من ذلك قال ابو القاسم المفسر فى كتاب التنزيل له ان هذه الآية انزلت على النبى عليه السلام ببيت المقدس ليلة المعراج فلما انزلت وسمعها الانبياء عليهم السلام اقروا لله تعالى بالوحدانية وقالوا بعثنا بالتوحيد ( صاحب عين المعانى ) آورده كه در آثار آمده كه ميكائيل از جبرائيل برسيدكه سيد عالم عليه السلام اين سؤال كرد از انبيا جبرائيل كفت كه يقين اوازان كاملتر وايمان او ازان محكمترست كه اين سؤال كند آنكه در كشف كرده استقلال كى توجه كند باستدلال ( وفى المثنوى ) آينه روشن كه صدصاف وجلى جهل باشد بر نهادر صيقلى بيش سلطان خوش نشسته دل قبول زشت باشد جستن نامه ورسول

وفى الاية اشارة الى ان بعثة جميع الرسل كانت على الهى غن عبادة غير اللّه من النفس والهوى والشيطان او شئ من الدنيا والآخرة كقوله تعالى

{ وما امروا الا ليعبدوا اللّه مخلصين له الدين } اى ليقصدوه فانه المقصود ويطلبوه فانه المطلوب والمحبوب والمعبود

قال بعض الكبار لا تطلب مولاك مع شئ من الدنيا والآخرة ولا من الظاهر والباطن ولا من العلم والعرفان ولا من الذوق والوجدان ولا من الشهود والعيان بل اطلبه بلا شئ حتى تكون طالبا خالصا مخلصا له الدين واذا كنت طالبا لمولاك بدون شئ تنجو من رق الغير وتكون حرا باقيا فى رق مولاك فحينئذ تكون عبدا محضا لمولى واحد فيصلح تسميتك عبد اللّه والعبد فقير اذ كل ما فى يده لمولاه غنى بغنى اللّه اذ كل خزآئنه له ومن اشارات هذا المقام ما قال عليه السلام ( يؤتى بالعبد الفقير يوم القيامة فيعتذر اللّه اليه كما يعتذر الرجل الى الرجل فى الدنيا ويقول وعزتى وجلالى ما زويت الدنيا عنك لهوانك على ولكن لما اعددت لك من الكرامة والفضيلة اخرج يا عبدى الى هذه الصفوف وانظر الى من اطعمك او كساك واراد بذلك وجهى فخذ بيده فهو لك والناس يومئذ قد ألجمهم العرق فيتخلل الصفوف وينظر من فعل به ذلك فى الدنيا فيأخذ بيده ويدخله الجنة ) كليد كلشن فردوس دست احسانست بهشت مى طلبى ازسر درم برخيز

٤٦

{ ولقد ارسلنا موسى } حال كونه ملتبسا

{ بآياتنا } التسع الدالة على صحة نبوته

{ الى فرعون وملئه } اى اشراف قومه والارسال الى الاشراف ارسال الى الارذال لانهم تابعون لهم

{ فقال } موسى لهم

{ انى رسول رب العالمين } لكم

٤٧

{ فلما جاءهم بآياتنا } ليسعدوا وينتهوا وينتفعوا بها

{ اذا } همان وقت

{ هم } ايشان

{ منها } اى من تلك الآيات

{ يضحكون } اذا اسم بمعنى الوقت نصب على المفعولية لفاجأوا المقدر ومحل لما نصب على انه ظرف له اى فاجأوا وقت ضحكهم منها اى استهزأوا بها وكذبوها اول ما رأوها ولم يتأملوا فيها وقالوا سحر وتخييل ظلما وعلوا

٤٨

{ وما نريهم من آية } من الآيات وبالفارسية ننموديم ايشانرا هيج معجزه

{ الا هى اكبر من اختها } الاخت تأنيث الاخ وجعلت التاء فيها كالعوض عن المحذوف منه اى اعظم عن الآية التى تقدمتها ليكون العذاب أعظم ولما كانت الآية مونثا عبر عنها بالاخت وسماها اختها فى اشتراكهما فى الصحة والصدق وكون كل منهما نظيرة الاخرى وقرينتها وصاحبتها فى ذلك وفى كونها آية ( وفى كشف الاسرار ) اين آنست كه بارسيان كوبندكه همه از يكديكر نيكوتر مهتر وبهتر

والمقصود وصف الكل بالكبر الذى لا مزيد عليه فهو من باب الكناية

يقول الفقير الظاهر ان الكلام من باب الترقى وعليه عادة اللّه تعالى الى وقت الاستئصال وقال بعضهم الا وهى مختصة بضرب من الاعجاز مفضلة بذلك الاعتبار على غيرها

يقول الفقير فالآيات متساوية فى انفسها متفاوتة بالاعتبار كالآيات القرءآنية فانها متساوية فى كونها كلام اللّه تعالى متفاوتة بالنسبة الى طبقاتها فى المعانى فالمراد على هذا بالافعل هى الزيادة من وجه وهى مجاز لان المصادر التى تتضمنها الافعال والاسماء موضوعة للماهية لا للفرد المنتشر قال بعض الكبار ان اللّه تعالى لم يأتهم بشئ من الآيات الا كان اوضح مما قبله ولم يقابلوه الا بجفاء اوحش مما قبله من ظلومية طبع الانسان وكفوريته

{ واخذناهم بالعذاب } اى عاقبناهم بالسنين والطوفان والجراد والدم والطمس ونحوها وكانت هذه الآيات دلالات ومعجزات لموسى وزجرا وعذابا للكافرين

{ لعلهم يرجعون } اى لكى يرجعوا عما هم عليه من الكفر فان من جهولية نفس الانسان ان لا يرجع الى اللّه على اقدام العبودية الا ان يجر بسلاسل البأساء والضرآء الى الحضرة فكلمة لعل مستعارة لمعنى كى وهو التعليل كما سبق فى اول هذه السورة وتفسيره بارادة ان يرجعوا عن الكفر الى الايمان كما فسره أهل الاعتزال خطأ محض لا ريب فيه لان الارادة تستلزم المراد بخلاف الامر التكليفى فانه قد يأمر بما لا يريد والذى يريده فهو واقع البتة

٤٩

{ وقالوا } اى فرعون وقومه فى كل مرة من العذاب لما ضاق نطاق بشريتهم

{ يا ايه الساحر } نادوا بذلك فى مثل تلك الحالة اى عند طلب كشف العذاب بدعائه لغاية عتوهم وغاية حماقتهم او سبق ذلك الى لسانهم على ما ألفوه من تسميتهم اياه بالساحر لفرط حيرتهم ( قال سعدى ) المفتى والاظهر ان الندآء كان باسمه العلم كما فى الاعراف لكن حكى اللّه تعالى هنا كلامهم لا بعبارتهم بل على وفق ما اضمرته قلوبهم من اعتقادهم انه ساحر لاقتضاء مقام التسلية ذلك فان قريشا ايضا سموه ساحرا وسموا ما أتى به سحرا وعن الحسن قالوه على الاستهزآء وقال ابن بحر اى الغالب بالسحر نحو خصمته وقال بعضهم قالوه تعظيما فان السحر كان عندهم علما عظيما وصفة ممدوحة والساحر فيهم عظيم الشان فكأنهم قالوا يا ايها العالم بالسحر الكامل الحاذق فيه

{ ادع لنا ربك } ليكشف عنا العذاب قال فى التأويلات النجمية ما قالوا مع هذا الاضطرار يا ايها الرسول وما قالوا ادع لنا ربنا لانهم ما رجعوا الى اللّه بصدق النية وخلوص القعيدة ليروه بنور الايمان رسولا ويروا اللّه ربهم وانما رجعوا بالاضطرار لخلاص انفسهم لا لخلاص قلوبهم

{ بما عهد عندك } ما مصدرية والباء للسببية وأصل العهد بمعنى التوصية ان يتعدى بالى الا انه اورد بدلها لفظ عندك اشعارا بأن تلك الوصية مرعية محفوظة عنده لا مضيعة ملغاة

قال الراغب العهد حفظ الشئ ومراعاته حالا بعد حال وعهد فلان الى فلان بعهد اى ألقى العهد اليه وأوصاه بحفظه والمعنى بسبب عهده عندك بالنبوة فان النبوة تسمى عهد اللّه وبالفارسية بسبب آن عهدى كه نزديك تونهاده است اومن استجابة دعوتك او من كشف العذاب عمن اهتدى

قال بعضهم الاظهر ان الباء فى الوجه الاول للقسم اى ادع اللّه بحق ما عندك من النبوة

{ اننا لمهتدون } اى لمؤمنون على تقدير كشف العذاب عنا بدعوتك وعد منهم معلق بشرط الدعاء ولذا تعرضوا للنبوة على تقدير صحتها وقالوا ربك لا ربنا فانه انما يكون ربهم بعد الايمان لانهم قائلون بربوية فرعون

٥٠

{ فلما } بس آن هنكام كه

{ كشفنا } ببرديم وازاله كرديم

{ عنهم العذاب } بدعاء موسى

{ اذا هم } همان زمان ايشان

{ ينكثون } النكث فى الاصل نقض الحبل والغزل ونحو ذلك وبالفارسية تابازدادن ريسمان

واستعير لنقض العهد والمعنى فاجأوا وقت نقض عهدهم بالاهتداء وهو الايمان اى بادروا النكث ولم يؤخروه وعادوا الى كفرهم وأصروا عليه ولما نقضوا عهودهم صاروا ملعونين ومن آثار لعنهم الغرق كما يأتى فعلى العاقل الوفاء بالعهد ( حكى ) ان النعمان بن المنذر من ملوك العرب جعل لنفسه فى كل سنة يومين فاذا خرج فاول من يطلع عليه فى يوم نعمه يعطيه مائة من الابل ويغنيه وفى يوم بؤسه يقتله فلقيه فى يوم بؤسه رجل طاقى فأيقن بقتله وقال حيى اللّه الملك ان الاحتياج والضرورة قد حملانى على الخروج فى هذا اليوم ولكن لا يتفاوت الامر فى قتلى بين اول النهار وآخره فان رأى الملك ان يأذن لى فى ان اوصل الى اهلى وأولادى القوت واودعهم ثم اعود فرق له النعمان وقال لا يكون ذلك الا بضمان رجل منا فان لم ترجع قتلناه قال شريك ابن على ضمانه على فذهب الطاقى ثم رجع قريبا من المساء فلما رآه النعمان اطرق رأسه ثم رفع وقال ما رأيت مثلكما اما انت ايها الطاقى فما تركت لاحد فى الوفاء مقاما يفتخر به

واما انت يا شريك فما تركت لكريم سماحة فلا اكون اخس الثلاثة ألا وانى قد رفعت يوم بؤسى عن الناس كرامة لكما ثم احسن الى الطاقى وقال ما حملك على ذلك قال دينى فمن لا وفاء له لا دين له فظهر أن الوفاء سبب النجاة ( وفى المثنوى ) جرعه برخاك وفا آنكس كه ريخت كى تواند صيد دولت زوكريخت

واول مراتب الوفاء منا هو الاتيان بكلمتى الشهادة ومن اللّه منع الدماء والمال وآخرها منا الاستغراق فى بحر التوحيد بحيث يغفل عن نفسه فضلا عن غيره ومن اللّه الفوز باللقاء الدائم وعن بعضهم انه سافر للحج على قدم التجريد وعاهد اللّه انه لا يسأل احدا شيأ فلما كان فى بعض الطريق مكث مدة لا يفتح عليه بشئ فعجز عن المشى ثم قال هذا حال ضرورة تؤدى الى تهلكة بسبب الضعف المؤدى الى الانقطاع وقد نهى اللّه عن القاء النفس الى التهلكة ثم عزم على السؤال فلما هم بذلك انبعث من باطنه خاطر رده عن ذلك العزم ثم قال أموت ولا انقض عهدا بينى وبين اللّه فمرت القافلة وانقطع ذلك البعض واستقبل القبلة مضطجعا ينتظر الموت فبينما هو كذلك اذ هو بفارس قائم على رأسه معه اداوة فسقاه وأزال ما به من الضرورة فقال له تريد القافلة فقال واين منى القافلة فقال قم وسار معه خطوات ثم قال قف ههنا والقافلة تأتيك فوقف واذا بالقافلة مقبلة من خلفه وهذا من قبيل طى المكان كرامة من اللّه تعالى لاهل الشهود والحضور

نتوان بقيل وقال زار باب حال شد منعم نميشود كسى از كفت وكوى كنج

٥١

{ ونادى فرعون } بنفسه او بمناد امره بالنداء

{ فى قومه } فى مجمعهم وفيما بينهم بعد أن كشف العذاب عنهم مخافة ان يؤمنو

{ قال } كفت از روى عظمت وافتخار

{ يا قوم } اى كروه من يعنى قبطيان

{ اليس لى ملك مصر } وهى اربعون فرسخا فى اربعين ( قال الكاشفى ) آيانيست مرا مملكت مصر از اسكندرية تاسر حد شام

وفى فتح الرحمن وهو من نحو الاسكندرية الى أسوال بطول النيل وأسوان بالضم بلد بصعيد مصر كما فى القاموس قال فى روضة الاخبار مصر بلدة معروفة بناها مصر بن حام بن نوح وبه سميت مصر مصرا وفى القاموس مصروا المكان تمصيرا جعلوه مصرا فتمصر ومصر للمدينة المعروفة سميت لتمصرها او لانه بناها مصر بن نوح وقال بعضهم مصر بلد معروف من مصر الشئ يمصره اذا قطعه سمى به لانقطاعه عن الفضاء بالعمارة انتهى

{ وهذه الانهار } اى انهار النيل فاللام عوض عن المضاف اليه ( قال فى كشف الاسرار ) آب نيل بسيصد وشصت جوى منقسم بوده

والمراد هنا الخلجان الكبار الخارجة من النيل ومعظمها اربعة انهر نهر الملك وهو نهر الاسكندرية ونهر طولون ونهر دمياط ونهر تنيس وهو كسكين بلد بجزيرة من جزائر بحر الروم قرب دمياط ينسب اليها الثياب الفاخرة كما فى القاموس

{ تجرى من تحتى } اى من تحت قصرى او امرى ( قال الكاشفى ) جهار حوى بزرك در باغ او ميرفت واز زير قصر هاى او ميكذست

والواو اما عاطفة لهذه الانهار على ملك فتجرى حال منها او للحال فهذه مبتدا والانهار صفتها وتجرى خبر للمبتدأ قال فى خريدة العجائب ليس فى الدنيا نهر اطول من النيل لان مسيرته شهران فى الاسلام وشهران فى لكفر وشهران فى البرية واربعة اشهر فى الخراب ومخرجه من بلاد جبل القمر خلف خط الاستوآء وسمى جبل القمر لان القمر لا يطلع عليه أصلا لخروجه عن خط الاستواء وميله عن نوره وضوئه يخرج من بحر الظلمة اى البحر الاسود ويدخل تحت جبل القمر وليس فى الدنيا نهر يشبه بالنيل الا نهر مهران وهو نهر السند

{ افلا تبصرون } ذلك يريد به استعظام ملكه وعن هرون الرشيد لما قرأها قال لاولينها اخس عبيدى فولاها الخصيب وكان على وضوئه وكان اسود أحمق

عقل وكفايت آن سياه بحدى بودكه طائفه حراث مصر شكايت آور دندش كه ينبه كاشته بوديم بركنار نيل وباران بى وقت آمد وتلف شد كفت بشم بايستى كاشتن تاتلف نشدى دانشمندى اين سخن بشنيد وبخنديه وكفت اكر روزى بدانش برفزودى زنادان تنك روزى تر نبودى بنادانان جنان روزى رساند كه دانايان از وحيران بماند

وعن عبد اللّه بن طاهر انه وليها فخرج اليها فلما شارفها ووقع عليها بصره قال أهى القرية التى افتخر فيها فرعون حتى قال أليس لى ملك مصر واللّه لهى اقل عندى من أن ادخلها فثنى عنانه

قال الحافظ ابن ابى الفرج بن الجوزى يوما فى قول فرعون وهذه الانهار تجرى من تحتى ويحه افتخر بنهر ما أجراه ما أجراه

افتخار از رنك وبو واز مكان هست شادى وفريب كودكان

٥٢

{ ام انا خير } مع هذا الملك والبسط وام منقطعة بمعنى بل انا خير والهمزة للتقرير اى لحملهم على الاقرار كأنه قال اثر ما عدد اسباب فضله ومبادى خيريته أثبت عندكم واستقر لديكم انى انا خير وهذه حال من هذا الخ وقال ابو الليث يعنى انا خير وام للصلة والمحققون على ان ام ههنا بمعنى بل التى تكون للانتقال من كلام الى كلام آخر من غير اعتبار استفهام كما فى قوله تعالى فى سورة النمل

{ ام ماذا كنتم تعملون } وقال سعدى المفتى ويجوز أن يكون النظم من الاحتباك ذكر الابصار اولا دلالة على حذف مثله ثانيا والخيرية ثانيا دلالة على حذف مثله اولا والمعنى اهو خير منى فلا تبصرون ما ذكرتكم به ام انا خير منه لانكم تبصرونه

{ من هذا الذى هو مهين } ضعيف حقير من المهانة وهى القلة

{ ولا يكاد يبين } الكلام ويوضحه لرته فى لسانه فكيف يصلح للنبوة والرسالة يريد انه ليس معه من آيات الملك والسياسة ما يعتضده ويتقوى به كما قال قريش لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم وهو فى نفسه حال عما يوصف به الرجال من الفصاحة والبلاغة وكان الانبياء كلهم فصحاء بلغاء قاله افتراء على موسى وتنقيصا له فى اعين الناس باعتبار ما كان فى لسانه من نوع رتة حدثت بسبب الجمرة وقد كانت ذهبت عنه لقوله تعالى

{ قال قد اوتيت سؤلك يا موسى } والرتة غير اللثغة وهى حبسة فى اللسان تمنعه من الجريان وسلاسة لتكلم

يقول الفقير الانبياء عليهم السلام سالمون من العيوب والعاهات المنفرة كما ثبت فى محله وقد كان للشيخ عبد المؤمن المدفون فى بروسة عقدة فى لسانه وعند ما ينقل الاحياء فى الجامع الكبير تنحل باذن اللّه تعالى فاذا كان حال الولى هكذا فكيف حال الموفر حظا من كل كمال كموسى وغيره من الانبياء عليهم السلام حين ادآء الوحى الالهى وقد جربنا عامة من كان ألثغ او نحوه فوجدناهم منطيقين عند تلاوة القرآن وهو من آثار رحمة اللّه وحكمه البديعة وفى التأويلات النجمية تشير الآية الى من تعزز بشئ من دون اللّه فحتفه وهلاكه فى ذلك فلما تعزز فرعون بملك مصر وجرى النيل بأمره فكان فيه هلاكه وكذلك من استصغر أحدا سلط عليه كما ان فرعون استصغر موسى عليه السلام وحديثه وعابه بالفقر واللكنة فقال ام انا خير فسلطه اللّه عليه وكان هلاكه على يديه وفيه اشارة اخرى وهى ان قوله ام انا خير هو من خصوصية صفة ابليس فكانت هذه الصفة توجد فى فرعون وكان من صفة فرعون قوله انا ربكم الاعلى ولم توجد هذه الصفة فى ابليس ليعلم ان اللّه تعالى اكرم الانسان باستعداد يختص به وهو قوله

{ لقد خلقنا الانسان فى احسن تقويم } فاذا فسد استعداده استنزل دركة لا يبلغه فيها ابليس وغيره وهى اسفل السافلين فيكون شر البرية ولو استكمل استعداده لنال رتبة فى القربة لا يسعه فيها ملك مقرب ولكان خير البرية ( قال الصائب ) سرورى از خلق بد خود را مصفى كردنست برنمى آيى بخود سر برنمى بايد شدن بادشاه از كشور بيكانه دارد صد خطر يك قدم از حد خود بر ترنمى بايد شدن

فاذا عرفت حال ابليس وحال فرعون فاجتهد فى اصلاح النفس وتزكيتها عن الاوصاف الرذيلة التى بها صار الشيطان شيطانا وفرعون فرعونا نسأل اللّه سبحانه ان يدركنا بعنايته ويتداركنا بهدايته قبل القدوم على حضرته

٥٣

{ فلولا ألقى عليه اسورة من ذهب } قالوه توبيخا ولو ما على ترك الفعل ما هو مقتضى حرف التخضيض الداخل على الماضى واسورة جمع سوار على تعويض التاء من ياء اسارير يعنى الياء المقابلة لالف اسوار ونظيره زنادقة وبطارقة فالهاء فيهما عوض عن ياء زنديق وبطاريق المقابلة لياء زنديق وبطريق قال فى القاموس السوار بالكسر والضم القلب كالأسوار بالضم والجمع اسورة واساور واساورة وفى المفردات سوار المرأة اصله دستواره فهو فارسى معرب عند البعض والذهب جسم ذآئب صاف منطرق اصفر رزين بالقياس الى سائر الاجسام والمعنى فهلا ألقى على موسى واعطى مقاليد الملك ان كان صادقا فى مقالته فى رسالته فيكون حاله خيرا من حالى والملقى هو رب موسى من السماء والقاء الاسورة كناية عن القاء مقاليد الملك اى اسبابه التى هى كالمفاتيح له وكانوا اذا سودوا رجلا سوروه وطوقوه بطوق من ذهب علما على رياسته ودلالة لسيادته

يعنى آن زمان جنان بودكه هركرا مهترى وبيشوايى ميدهند دستوانه طلا دردست وطوق زدر كردن اوميكننده فرعون كفت كه اكر موسى راست ميكويدكه بسيادت ورياست قوم نامزد شده جراخداى اورا دستوانه نداده

{ او جاء معه الملائكة مقترنين } اى حال كونهم مقرونين بموسى منضمين اليه يعينونه على امره وينصرونه ويصدقونه اى يشهدون له بصدقه قال الراغب الاقتران كالازدواج فى كونه اجتماع شيئين او اشياء فى معنى من المعانى

٥٤

{ فاستخف قومه } الاستخفاف سبك كردانيدن وسبك داشتن وطلب خفت كردن

اى فاستفزهم بالقول وطلب منهم الخفة فى اطاعته فالمطلوب بما ذكره من التلبيسات والتمويهات خفة عقولهم حتى يطيعوه فيما اراد منهم مما يأباه ارباب العقول السليمة لا خفة ابدانهم فى امتثال امره او فاستخف احلامهم اى وجدها خفيفة يغترون بالتلبيسات الباطلة وقال الراغب حملهم على ان يخفوا معه او وجدهم خفافا فى ابدانهم وعزائمهم وفى القاموس استخفه ضد استثقله وفلانا عن رأيه حمله على الجهل والخفة وازاله عما كان عليه من الصواب ( وقال الكاشفى ) بس سبك عقل يافت فرعون بدين مكر كروه خود را يعنى اين فريب در ايشان اثر كرد

{ فاطاعوه } فيما امرهم به لفرط جهلهم وضلالهم

وبكلى دل از متابعت موسى بر داشتند

{ انهم كانوا قوما فاسقين } فلذلك سارعوا الى طاعة ذلك الفاسق الغوى وبالفارسية بدرستى كه فرعونيان بودند كروهى بيرون رفته ازدائره بندكئ خداى وفرمان بردارئ وى بلكه خارج از طريقه عقل ك بمال وجاه فانى اعتماد كرده باشند موسى را عليه السلام بنظر حقارن ديدند وندانستندكه فرعون وعذاب ابدرويش مرصع موسى كليم اللّه وجوبى وشبانى وفى التأويلات النجمية يشير الى ان كل من استولى على قوم فاستخفهم فأطاعوه رهبة منه وان أمنوا من سطوته فخالفوه امنا منه فانه يزيد فى جهادهم ورياضتهم ومخالفة طباعهم وانه استولت النفس الامارة على قومها وهم القلب والروح وصفاتهما فاستخفتهم بمخالفة الشريعة وموافقة الهوى والطبيعة فأطاعوها رهبة الى ان تخلقوا بأخلاقها فأطاعوها رغبة انتهى وفيه اشارة الى ان العدو لا ينقاد بحال

واما انقياده كرها فلا يغتر به فانه لو وجد فرصة لقطع اليد بدل التقبيل

هركز ايمن ززمان ننشستم تابدانستم آنجه خصلت اوست

٥٥

{ فلما آسفونا } الايساف اندو هكين كردن وبحشم آوردن

منقول من أسف يأسف كعلم يعلم اذا اشتد غضبه وفى القاموس الاسف محركة اشد الحزن واسف عليه غضب وسئل صلّى اللّه عليه وسلّم عن موت الفجأة فقال ( راحة للمؤمن واخذة اسف ) اى سخط ( للكافر ) ويروى اسف ككتف اى اخذة ساخط يعنى موت الفجأة اثر غضب اللّه على العبد الا ان يكون مستعداً للموت وقال الراغب الاسف الحزن والغضب معا وقد يقال لكل منهما على الانفراد وحقيقته ثوران دم القلب ارادة الانتقام فمتى كان ذلك على من دونه انتشر فصار غضبا ومتى كان على من فوقه انقبض فصار حزنا والمعنى فلما اغضبونا اى فرعون وقومه اشد الغضب بالافراط فى العناد والعصيان وغضب اللّه نقيض الرضى او ارادة الانتقام او تحقيق الوعيد او الاخذ الاليم او البطش الشديد او هتك الاستار والتعذيب بالنارا وتغيير النعمه

{ انتقمنا منهم } اردنا ان نعجل لهم انتقامنا وعذابنا وان لا نحلم عنهم وفى كشف الاسرار احللنا بهم النقمة والعذاب

{ فأغرقناهم اجمعين } فأهلكناهم المطاع والمطيعين له اجمعين بالاغراق فى اليم لم نترك منهم احدا

٥٦

{ فجعلناهم سلفا } اما مصدر سلف يسلف كطلب يطلب بمعنى التقدم وصف به الاعيان للمبالغة فهو بمعنى متقدمين ماضين او جمع سالف كخدم جمع خادم ولما لم يكن التقدم متعديا باللام فسروه بالقدوة مجازا لان المتقدمين يلزمهم غالبا ان يكونوا قدوة لمن بعدهم فالمعنى فجعلناهم قدوة لمن بعدهم من الكفار يسلكون مسلكهم فى استيجاب مثل ما حل بهم من العذاب وفى عين المعانى فجعلناهم سلفا فى النار

{ ومثلا للآخرين } اللام متعلق بكل من سلفا ومثلا على النازع اى عظة للكفار المتأخرين عنهم والعظة ليس من لوازمها الاتعاظ او قصة عجيبة تسير مسير الامثال لهم فيقال مثلكم مثل قوم فرعون ( وقال الكاشفى ) كردانيديم ايشانرابندى وعبرتى براى بيشينيان كه درمقام اعتبارباشندح ملاحظه قصه عجيبه ايشان معتبررا در تقلب احوال كفايتيست واز جمله آنكه جون فرعون باب نازشى كرد اوراهم باب غرقه ساختند وبد آنجه نازيد بفرياد او نرسيد درسردارى كه باشدت سردارى هم درسران روى كه درسردارى

وفى الآية اشارة الى ان الغضب فى اللّه من الفضائل لا من الرذآئل وعن سماك ابن الفضل قال كنا عند عروة بن محمد وعنده وهب بن منبه فجاء قوم فشكوا عاملهم واثبتوا على ذلك فتناول وهب عصا كانت فى يد عروة فضرب بها رأس العامل حتى ادماه فاستهانها عروة وكان حليما وقال يعيب علينا ابو عبد اللّه الغضب وهو يغضب فقال وهب ومالى لا اغضب وقد غضب الذى خلق الاحلام ان اللّه يقول فلما آسفونا الخ وفيها اشارة ايضا الى ان اغضاب اوليائه اغضابه تعالى حتى قالوا فى آسفونا آسفوا رسلنا واولياءنا اضاف الايساف الى نفسه اكراما لهم قال ابو عبد اللّه الرضى ان اللّه لا يأسف كأسفنا ولكن له اولياء يأسفون ويرضون فجعل رضاهم رضاه وغضبهم غضبه فينتقم لأوليائه من اعدآئه كما اخبر فى حديث ربانى ( من عادى لى وليا فقد بارزنى بالحرب وانى لاغضب لأوليائى كما يغضب الليث الجريئ لجروه ) قال فى التأويلات النجمية هذا اصل فى باب الجمع اضاف ايساف اوليائه الى نفسه وفى الخبر ( انه يقول مرضت فلم تعدنى ) وقال فى صفة رسواللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم

{ من يطع الرسول فقد اطاع اللّه } وفى عرآئس البقلى فلما قاموا على دعاويهم الباطلة وكلماتهم المزخرفة وبدعهم الباردة واصروا على اذى اوليائنا واحبائنا غضبنا وسلطنا عليهم جنود قهرياتنا وأمتناهم فى اودية الجهالة واغرقناهم فى بحار الغفلة وجردنا قلوبهم عن انوار المعرفة وطمسنا اعين اسرارهم حتى لا يروا لطائف برنا على اوليائنا قال سهل لما اقاموا مصرين على المخالفة فى الاوامر واظهار البدع فى الدين وترك السنن اتباعا للآرآء والاهوآء والعقول نزعنا نور المعرفة من قلوبهم وسراج التوحيد من اسرارهم ووكلناهم الى ما اختاروه فضلوا واضلوا ومن اللّه الهداية لموافقة السنة ومنه المنة

٥٧

{ ولما ضرب ابن مريم } اى عيسى

{ مثلا } اى ضربه عبد اللّه بن الزبعرى السهمى كان من مردة قريش قبل ان يسلم قال فى القاموس الزبعرى بكسر الزاى وفتح الباء والرآء والد عبد اللّه الصحابى القرشى الشاعر انتهى ومعنى ضربه مثلا اى جعله مثالا ومقياسا فى بيان ابطال ما ذكره رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من كون معبودات الامم دون اللّه حصب جهنم الآية قرأه على قريش فامتعضوا من ذلك امتعاضا شديدا اى غضبوا وشق عليهم ذلك فقال ابن الزبعرى بطريق الجدال هذا لنا ولآلهتنا ام لجميع الامم فقال عليه السلام ( هو لكم ولآلهتكم ولجميع الامم ) فقال خصمتك ورب الكعبة أليست النصارى يعبدون المسيح واليهود عزيرا وبنوا مليح الملائكة فان كان هؤلاء فى النار فقد رضينا ان نكون نحن وآلهتنا معهم ففرح به قومه وضحكوا وارتفعت اصواتهم وذلك قوله تعالى

{ اذا قومك } آنكاه قوم تو

{ منه } اى من ذلك المثل اى لاجله وسببه

{ يصدون } اى يرتفع لهم جلبة وضجيج فرحا وجذلا لظنهم ان الرسول صار ملزما به قال فى القاموس صد يصد ويصد صديدا ضج كما قال فى تاج المصادر الصديد بانك كردن

والغابر يفعل ويفعل معا

واما الصدود فبمعنى الاعراض يقال صد عنه صدوداً اى اعرض وفلانا عن كذا صدا منعه وصرفه كأصده كما قال فى التاج الصد بكر دانيد والصد والصدود بكشتن

٥٨

{ وقالوا } اى قومك

{ ءآلهتنا خير } اى عندك فان آلهتهم خير عندهم من عيسى

{ ام هو } اى عيسى اى ظاهر أن عيسى خير من آلهتنا فحيث كان هو فى النار فلا بأس سكوننا مع آلهتنا فيها ( روى ) ان اللّه تعالى انزل قوله تعالى جوابا

{ ان الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون } يدل على ان قوله وما يعبدون من دون اللّه خاص بالاصنام وروى انه عليه السلام رد على بن الزبعرى بقوله ( ما اجهلك بلغة قومك اما فهمت ان ما لما لا يعقل ) فيكون ان الذين سبقت الخ لدفع احتمال المجاز لا لتخصيص العام المتأخر عن الخطاب وفى هذا الحديث تصريح بأن ما موضوع لغير العقلاء لا كما يقول جمهور العلماء انه موضوع على العموم للعقلاء وغيرهم كما فى بحر العلوم وقد بين عليه السلام ايضا بقوله ( بل هم عبدوا الشياطين التى امرتهم بذلك ) ان الملائكة والمسيح وعزيرا بمعزل عن ان يكونوا معبوديهم كما نطق به قوله تعالى

{ سبحانك انت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن } وانما اظهروا الفرح ورفع الاصوات من اول الامر لمحض وقاحتهم وتهالكهم على المكابرة والعناد كما ينطق به قوله تعالى

{ ما ضربوه لك الا جدلا } الجدل قتل الخصم عن قصده لطلب صحة قوله وابطال غيره وهو مأمور به على وجه الانصاف واظهار الحق بالاتفاق وانتصاب جدلا على انه مفعول له للضرب اى ما ضربوا لك ذلك المثل الا لاجل الجدال والخصام لا لطلب الحق حتى يذعنوا له عند ظهوره ببيانك

قال بعض الكبار ان قال عليه السلام آلهتكم خير من عيسى فقد اقر بأنها معبودة وان قال عيسى خير من آلهتكم فقد اقر بأن عيسى يصلح لان يعبد وان قال ليس واحد منهم خيرا فقد نفى عيسى فراموا بهذا السؤال ان يجادلوه ولم يسألوه للاستفادة فبين اللّه ان جدالهم ليس لفائدة انما هو لخصومة نفس الانسان فقال

{ بل هم قوم خصمون } اى لد شداد الخصومة بالباطل مجبولون على اللجاج والخلاف كما قال اللّه تعالى

{ وكان الانسان اكثر شئ جدلا } وذلك لانهم قد علموا ان المراد من قوله وما يعبدون من دون اللّه هؤلاء الاصنام بشهادة المقام لكن ابن الزبعرى لما رأى الكلام محتملا للعموم بحسب الظاهر وجد مجالا للخصومة وفى الحديث ( ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه الا اتوا الجدل ) ثم قرأ ما ضربوه لك الآية

٥٩

{ ان هو } اى ما هو اى ابن مريم وهو عيسى

{ الا عبد } مربوب

{ انعمنا عليه } بفضلنا عليه بالنبوة او بخلقه بلا اب او بقمع شهوته لا ابن اللّه والعبد لا يكون مولى وآلها كالاصنام وقال يحيى ابن معاذ رحمه اللّه انعمنا عليه بأن جعلنا ظاهره اماما للمريدين وباطنه نور القلوب العارفين

{ وجعلناه مثلا لبنى اسرائيل } اى امرا عجيبا حقيقا بأن يسير ذكره كالامثال السائرة

قال بعض الكبار عبرة يعتبرون به بأن يسارعوا فى عبوديتنا طمعا فى انعامنا عليهم وكل عبد منعم عليه اما نبى او ولى

٦٠

{ ولو نشاء } لو للمضى وان دخل على المضارع ولذا لا يجزمه ويتضمن لو معنى الشرط اى قدرنا بحيث لو نشاء

{ لجعلنا } اولدنا اى لخلقنا بطريق التوالد

{ منكم } وانتم رجال من الانس ليس من شأنكم الولادة كما ولد حواء من آدم وعيسى من غير أب وان لم تجر العادة

{ ملائكة } كما خلقناهم بطريق الابداع

{ فى الارض } مستقرين فيها كما جعلناهم مستقرين فى السماء

{ يخلفون } يقال خلف فلان فلانا اذا قام بالامر عنه اما معه

واما بعده اى يخلفونكم ويصيرون خلفاء بعدكم مثل اولادكم فيما تأتون وتذرون ويباشرون الافاعيل المنوطة بمباشرتكم مع ان شأنهم التسبيح والتقديس فى السماء فمن شأنهم بهذه المثابة بالنسبة الى القدرة الربانية كيف يتوهم استحقاقهم للمعبودية او انتسابهم اليه بالولادة يعنى ان الملائكة مثلكم فى الجسمية واحتمال خلقها توليدا لما ثبت انها اجسام وان الاجسام متماثلة فيجوز على كل منها ما يجوز على الآخر كما جاز خلقها ابداعا وذات القديم الخالق لكل شئ متعالية عن مثل ذلك فقوله ولو نشاء الخ لتحقيق ان مثل عيسى ليس ببدع من قدرة اللّه وانه تعالى قادر على ابدع من ذلك وهو توليد الملائكة من الرجال مع التنبيه على سقوط الملائكة ايضا من درجة المعبودية قال سعدى المفتى لجعلنا منكم اى ولدنا بعضكم فمن للبتعيض وملائكة نصب على الحال والظاهر ان من ابتدائية اى نبتدئ التوليد منكم من غير أم عكس حال عيسى عليه السلام والتشبيه به على الوجهين فى الكون على خلاف العادة وجعل بعضهم من للبدل

يعنى شمارا اهلاك كنيم وبدل شما ملائكة آريم كه ايشان در زمين ازبى در آنيد شمارا

يعمرون الارض ويعبدوننى كقوله تعالى

{ ان يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد } فتكون الآية للتوعد بالهلاك والاستئصال ولا يلائم المقام وفى الآية اشارة الى ان الانسان لو أطاع اللّه تعالى لأنعم اللّه عليه بأن جعله متخلقا بأخلاق الملائكة ليكون خليفة اللّه فى الارض بهذه الاخلاق ليستعد بها الى ان يتخلق باخلاق اللّه فانها حقيقة الخلافة ( حكى ) ان هاروت وماروت لما انكرا على ذرية آدم اتباع الهوى والظلم والقتل والفساد وقالا لو كنا بدلا منهم خلفاء الارض ما نفعل مثل ما يفعلون فاللّه تعالى أنزلهما الى الارض وخلع عليهما لباس البشرية وامرهما ان يحكما بين الناس بالحق ونهاهما عن المناهى فصدر عنهما ما صدر فثبت ان الانسان مخصوص بالخلافة وقبول فيضان نور اللّه فلو كان للملائكة هذه الخصوصية لم يفتتنا بالاوصاف المذمومة الحوانية السبعية كما ان الانبياء عليهم السلام معصومون من مثل هذه الآفات والاخلاق وان كانت لازمة صفاتهم البشرية ولكن بنور التجلى تنور مصباح قلوبهم واستنار بنور قلوبهم جميع مشكاة جسدهم ظاهرا وباطنا واشرقت الارض بنور ربها فلم يبق لظلمات هذه الصفات مجال الظهور مع استعلاء النور وبهذا التجلى المخصوص بالانسان يتخلق الانسان بالاخلاق الالهية فيكون فوق الملائكة ثم ان الانسان وان لم يتولد منه الملائكة ظاهرا لكنه قد تولدت منه باطنا على وجهين احدهما ان اللّه تعالى خلق من انفاسه الطيبة واذكاره الشريفة واعماله الصالحة ملائكة كما روى عن رفاعة بن رافع رضى اللّه عنه قال كنا نصلى مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فلما رفع رأسه من الركوع قال

( سمع اللّه لمن حمده ) فقال رجل ورآءه ربنا لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه فلما انصرف قال ( من المتكلم آنفا ) قال الرجل انا قال ( لقد رايت بضعا وثلاثين ملكا يبتدرونها ايهم يكتب اولا ) وسره هو أن مجموع حروف هذه الكلمات الذى ذكره الرجل وراء النبى عليه السلام ثلاثة وثلاثون حرفا لكل حرف روح هو المثبت له والمبقى لصورة ما وقع النطق به فبالارواح الصور تبقى وبنيات العمال وتوجهات نفوسهم ومتعلقات هممهم التابعة لعلومهم واعتقاداتهم ترتفع حيث منتهى همة العامل هركسى ازهمت وآلاى خويش سود برد درخور كالاى خويش

والثانى ان الانسان الكامل قد تتولد منه الاولاد المعنوية التى هى كالملائكة فى المشرب والاخلاق بل فوقهم فان استعداد الانسان أقوى من استعداد الملك وهؤلاء الاولاد يخلفونه متسلسلين الى اخر الزمان بأن يتصل النفس النفيس من بعضهم الى بعض الى آخر الزمان وهى السلسلة المعنوية كما يتصل به النطفة من بعض الناس الى بعض الى قيام الساعة وهى السلسلة الصورية وكما ان عالم الصورة باق ببقاء أهله وتسلسله فكذا عالم المعنى

٦١

{ وانه } اى وان عيسى عليه السلام بنزوله فى آخر الزمان

{ لعلم للساعة } شرط من أشراطها يعلم به قربها وتسميته علما لحصوله به فهى على المبالغة فى كونه مما يعلم به فكأنه نفس العلم بقربها او ان حدوثه بغير أب او احياءه الموتى دليل على صحة البعث الذى هو معظم ما ينكره الكفرة من الامور الواقعة فى الساعة وفى الحديث ( ان عيسى ينزل على ثنبة بالارض المقدسة يقال لها افيق وهو كأمير قرية بين حوران والغور وعليه ممصرتان ) يعنى ثوبين مصبوغين بالاحمر فان المصر الطين الاحمر والممصر المصبوغ به كما فى القاموس ( وشعر رأسه دهين وبيده حربة وبها يقتل الدجال فيأتى بيت المقدس والناس فى صلاة الصبح ) وفى رواية ( فى صلاة العصر فيتأخر الامام فيقدمه عيسى ويصلى خلفه على شريعة محمد عليه السلام ثم يقتل الخنازير ويكسر الصليب ويخرب البيع والكنائس ويقتل النصارى الا من آمن به ) وفى الحديث ( الانبياء اولاد علات وانا اولى الناس بعيسى بن مريم ليس بينى وبينه نبى وانه اول ما ينزل يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويقاتل على الاسلام ويخرب البيع والكنائس ) وفى الحديث ( ليوشكن ان ينزل فيكم ابن مريم حكما وعدلا يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية وتهلك فى زمانه الملل كلها الا الاسلام ) دل آخر الحديث على ان المراد بوضع الجزية تركها ورفعها عن الكفار بأن لا يقبل الا الاسلام صرح بذلك النووى ولعل المراد بالكسر والقتل المذكورين ليس حقيقتهما بل ازالة آثار الشرك عن الارض وفى صحيح مسلم فبينما هو يعنى المسيح الدجال اذ بعث اللّه المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء بشرقى دمشق بين مهرودتين يعنى ثوبين مصبوغين بالهرد بالضم وهو طين احمر واضعا كفيه على اجنحة ملكين اذ طأطأ رأسه قطر يعنى جون سردربيش افكند قطرات ازرويش ريزان كردد واذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ يعنى جون سربالا كند قطرهابر روى وى جون مرواريد روان شود فلا يحل بكافر يجدر بح نفسه الا مات يعنى نفس بهر كافركه رسد بميرد ونفسه حين ينتهى طرفه يعنى برهرجاكه جشم وى افتد نفس وى برسد

فيطلبه اى الدجال حتى يدركه بباب لد فيقتله قال فى القاموس لد بالضم قرية بفلسطين يقتل عيسى عليه السلام الدجال عند بابها انتهى

وآنكه يأجوج ومأجوج بيرور آيند وعيسى عليه السلام ومؤمنان بكو طور برود وآنجا متحصن كردد

ويجتمع عيسى والمهدى فيقوم عيسى بالشريعة والامامة والمهدى بالسيف والخلافة فعيسى خاتم الولاية المطلقة كما ان المهدى خاتم الخلافة المطلقة وفى شرح العقائد ثم الاصح ان عيسى يصلى بالناس ويؤمهم ويقتدى به المهدى لانه أفضل منه فامامته اولى من المهدى لان عيسى نبى والمهدى ولى ولا يبلغ الولى درجة النبى

يقول الفقير فيه كلام لان عيسى عليه السلام لا ينزل بالنبوة فان زمان نبوته قد انقضى وقد ثبت انه لا نبى بعد رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم لا مشرعا كأصحاب الكتب ولا متابعا كأنبيا بنى اسرائيل وانما ينزل على شريعتنا وعلى انه من هذه الامة لكن للغيرة الالهية يؤم المهدى ويقتدى به عيسى لان الاقتدآء به اقتداء بالنبى صلى اللّه تعالى عليه وسلم وقد صح ان عيسى اقتدى بنبينا ليلة المعراج فى المسجد الاقصى مع صائر الانبياء فيجب ان يقتدى بخليفته ايضا لانه ظاهر صورته الجمعية الكمالية

{ فلا تمترن بها } فلا تشكن فى وقوعها وبالفارسية بس شك مكنيد وجدل منماييد بآمدن قيامت والامتراء المحاجة فيما فيه مرية

{ واتبعون } اى واتبعوا هداى وشرعى او رسولى

{ هذا } الذى ادعوكم اليه وهو الاتباع

{ صراط مستقيم } موصل الى الحق وقال الحسن الضمير فى وانه لعلم للقرءآن لما فيه من الاعلام بالساعة والدلالة عليها فيكون هذا ايضا اشارة الى القرءآن

٦٢

{ ولا يصدنكم الشيطان } اى لا يمنعنكم الشيطان ولا يصرفنكم عن صراط اتباعى

{ انه لكم عدو مبين } بين العداوة حيث اخرج اباكم من الجنة ونزع عنه لباس النور وعرضكم للبلية ( وحكى ) انه لما خرج آدم عليه السلام من الجنة قال ابليس أخرجته من الجنة بالوسوسة فما أفعل به الآن فذهب الى السباع والوحوش فأخبرهم بخبر آدم وما يولد منه حتى قالت الوحوش والسباع ما التدبير فى ذلك قال ينبغى ان تقتلوه وقتل واحد اسهل من قتل ألف فأقبلوا الى آدم وابليس امامهم فلما رأى آدم ان السباع قد أقبلت اليه رفع يده الى السماء وتضرع الى اللّه فقال اللّه يا آدم امسح بيدك على رأس الكلب فمسح فكر الكلب على السباع والوحوش حتى هزمها ومن ذلك اليوم صار الكلب عدوا للسباع التى هى اعداء لآدم ولاولاده واصله ان ابليس بصق على آدم حين كان طيناً فوقع بصاقه على موضع سرته فأمر اللّه جبريل حتى قور ذلك الموضع فخلق من القوارة الكلب ولذا أنس بآدم وصار حاميا له ويقال المؤمن بين خمسة اعداء مؤمن يحسده ومنافق يبغضه وعدو يقتله ونفس تغويه وشيطان يضله

قال بعض الكبار لما كان تصرف النفس فى الصد عن صراط المتابعة أقوى من الشيطان كانت اعدى الاعداء وقال بعضهم هرآن دشمن كه باوى احسان كنى دوست كردد مكر نفس راكه جندان كه مدارا بيش كنى مخالفت زياده كند مراد هركه برآرى مطيع امرتوشد خلاف نفس كه كردن كشد جويافت مراد

٦٣

{ ولما جاء عيسى } وآن هتكام كه عيسى آمد

{ بالبينات } اى بالمعجزات الواضحة او بآيات الانجيل او بالشرائع

{ قال قد جئتكم } آمدم شمارا ويا آوردم شمارا

{ بالحكمة } اى الانجيل او الشريعة لأعملكم اياها

{ ولابين لكم بعض الذى تختلفون فيه } وهو ما يتعلق بامور الدين

واما ما يتعلق بامور الدنيا فليس بيانه من وظائف الانبياء كما قال عليه السلام ( انتم اعلم بامور دنياكم ) وفى الاسئلة المقحمة كيف قال بعض وانما بعث ليبين الكل والجواب قال ابن عباس رضى اللّه عنهما ان البعض ههنا بمعنى الكل وكذا قال فى عين المعانى الاصح ان البعض يراد به الكل كعكسه فى قوله

{ ثم اجعل على كل جبل جبل منهن جزأ } وقال بعض أهل المعانى كانوا يسألون عن اشياء لا فائدة فيها فقال ولأبين لكم الخ يعنى اجيبكم عن الاسئلة التى لكم فيها فوائد وفى الاية اشارة الى ان الانبياء كما يجيئون بالكتاب من عند اللّه يجيئون بالحكمة مما آتاهم كما قال

{ ويعلمهم الكتاب والحكمة } ولذا قال ولأبين لكم الخ لان البيان عما يختلفون فيه هو الحكمة

{ فاتقوا اللّه } فى مخالفتى

{ واطيعون } فيما ابلغه عنه تعالى فان طاعتى طاعة الحق كما قال { من يطع الرسول فقد أطاع اللّه }

٦٤

{ ان اللّه هو ربى وربكم فاعبدوه } فخصوه بالعبادة والتوحيد وهو بيان لما أمرهم بالطاعة فيه وهو اعتقاد التوحيد والتبعد بالشرايع

{ هذا } اى التوحيد والتعبد بالشرائع

{ صراط مستقيم } لا يضل سالكه وفى التأويلات النجمية فاعبدوه اى لا تعبدونى فانى فى العبودية شريك معكم وانه متفرد بربوبيته اياتا هذا صراط مستقيم ان تعبده جميعا

٦٥

{ فاختلف الاحزاب } جمع حزب بالكسر بمعنى جماعة الناس اى فاختلف الفرق المتحزبة والتحزب كروه كروه شدن

يقال حزب قومه فتحزبوا اى جعلهم فرقا وطوائف فكانوا كذلك والمراد اختلافهم بعد عيسى عليه السلام بثلاث مائة سنة لا فى حياته لانهم احدثوا بعد رفعه

{ من بينهم } اى من بين من بعث اليهم من اليهود والنصارى يعنى تحزب اليهود والنصارى فى امر عيسى عليه السلام فقالت اليهود لعنهم اللّه زنت امه فهو ولد الزنى وقال بعض النصار عيسى هو اللّه وبعضهم ابن اللّه وبعضهم اللّه وعيسى وامه آلهة وهو ثالث ثلاثة وفى التأويلات النجمية يعنى قومه تحزبوا عليه حزب آمنوا به انه عبد اللّه ورسوله وحزب آمنوا به انه ثالث ثلثة فعبدوه بالالوهية وحزب اتخذوه ولدا لله وابنا له تعال اللّه عما يقول الظالمون وحزب كفروا به وجحدوا نبوته وظلموا عليه وارادوا قتله فقال اللّه تعالى فى حق الظالمين المشركين

{ فويل للذين ظلموا } من المختلفين واقام المظهر مقام المضمر تسجيلا عليهم بالظلم

{ من عذاب يوم أليم } هو يوم القيمة والمراد يوم اليم العذاب كقوله فى يوم عاصف اى عاصف الريح

٦٦

{ هل ينظرون } اى ما ينتظر الناس

{ الا الساعة ان تأتيهم } اى الا اتيان الساعة فهو بدل من الساعة ولما كانت الساعة تأتيهم لا محالة كانوا كأنهم ينتظرونها

{ بغتة } انتصابها على المصدر أى اتيان بغتة وبالفارسية ناكاه والبغت مفاجاة الشئ من حيث لا يحتسب كما فى المفردات قال فى الارشاد فجاة لكن لا عند كونهم مترقبين لها بل غافلين عنها مشتغلين بامور الدنيا منكرين لها وذلك قوله تعالى

{ وهم لا يشعرون } باتيانها فيجازى كل الناس على حسب اعمالهم فلا تؤدى بغتة مؤدى قوله وهم لا يشعرون حتى لا يستغنى بها غنه لانه ربما يكون اتيان الشئ بغتة مع الشعور بوقوعه والاستعداد له لانه اذا لم يعرف وقت مجيئه ففى اى وقت جاء اتى بغتة وربما يجيئ والشخص غافل عنه منكر له والمراد هنا هو الثانى فلذا وجب تقييد اتيان الساعة بمضمون الجملة الحالية فعلى العاقل الحروح عن كل ذنب والتوبة لكل جريمة قبل أن يأتى يوم أليم عذابه وهو يوم الموت فان ملائكة العذاب ينزلون فيه على الظالمين ويشددون عليهم حتى تخرج ارواحهم الخبيثة باشد العذاب وفى الحديث ( ما من مؤمن الا وله كل يوم صحيفة جديدة فاذا طويت وليس فيها استغفار طويت وهى سوداء مظلمة واذا طويت وفيها استغفار طويت ولها نور يتلالا ) ومن كلمة الاستغفار يخلق اللّه تعالى ملائكة الرحمة فيسترحمون له ويستغفرون

واعلم ان القيامة ثلاث الكبرى وهو حشر الاجساد والسوق الى المحشر للجزاء والقيامة الصغرى وهى موت كل احد كما قال عليه السلام ( من مات فقد قامت قيامته ) ولذا جعل القبر روضة من رياض الجنان او حفرة من حفر النيران والقيامة الوسطى وهى موت جميع الخلائق وقيام هذه الوسطى لا يعلم وقته يقينا وانما يعلم بالعلامات المنقولة عن الرسول عليه السلام مثل ان يرفع العلم ويكثر الجهل والزنى وشرب الخمر ويقل الرجال ويكثر النساء حتى يكون لخمسين امراة القيم الواحد وعن على رضى اللّه عنه يأتى على الناس زمان لا يبقى من الاسلام الا اسمه ولا من الدين الا رسمه ولا من القرءآن الا درسه يعمرون مساجدهم وهى خراب عن ذكر اللّه شر أهل ذلك الزمان علمأؤهم منهم تخرج الفتنة واليهم تعود ( قال الشيخ سعدى ) كرهمه علم عالمت باشد بى عمل مدعى وكذابى

( وقال ) عالم نابرهيز كار كوريست مشعله دار يعنى يهدى به ولا يهتدى فنعوذ باللّه من علم بلا عمل

٦٧

{ الاخلاء } جمع خليل بالفارسية دوست

والخلة المودة لانها تتخلل النفس اى تتوسطها اى المتحابون فى الدنيا على الاطلاق او فى الامور الدنيوية

{ يومئذ } يوم اذ تأتيهم الساعة وهو ظرف لقوله عدو والفصل بالمبتدأ غير مانع والتنوين فيه عوض عن المضاف اليه

{ بعضهم لبعض عدو } لانقطاع ما بينهم من علائق الخلة والتحاب لظهور كونها اسبابا بالعذاب

{ الا المتقين } فان خلتهم فى الدنيا لما كانت فى اللّه تبقى على حالها بل تزداد بمشاهدة كل منهم آثار الخلة من الثواب ورفع الدرجات والاستثناء على الاول متصل وعلى الثانى منقطع ( قال الكاشفى ) كافران كه دوستئ ايشان براى معاونت بوده بر كفر معصيت باهمه دشمن شوندكه ويلعن بعضهم بعضا ومؤمنان كه محبت ايشان براى خداى تعالى بوده دوستئ ايشان مجانا باشد تا يكديكررا شفاعت كنند ودر تأويلات كاشفى مذكور است كه خلت جهار نوع مى باشد خلت تامة حقيقيه كه محبت روحانيه است وآن مستند بود به تناسب ارواح وتعارف آن جون محبت انبيا واوليا واصفيا وشهدا با يكديكر دوم محبت قلبيه واستناد اين به تناسب اوصاف كالمه واخلاق فاضله است جون محبت صلحا وابرار باهم ودوستئ امم با انبيا وارادت مريدان بمشايخ واين دو نوع ازمحبت خلل بذير نيست نه در دنيا نه در آخرت ومثمر فوائد نتائج صورى ومعنويست سوم محبت عقليه كه مستند است بتحصيل اسباب معاش وتيسير مصالح دنيويه جون محبت تجار وصناع ودوستى خدام بامخاديم وارباب حاجات باغنيا جهارم محبت نفسانيه واستناد آن بلذات حسيه ومشتهيات نفسيه بس در قيامت كه اسباب اين دو نوع از محبت قانى وزائل باشد آن محبت نيز زوال بذيرد بلكه جون متمنئ وجود نكيرد وغرض وغايت بحصول نه بيوندد آن دوستى به دشمنى مبدل شود دوستئ كان غرض آميزشد دوستئ دشمنى انكيز شد مهركه ازهر غرضى كشت باك راست جو خورشيد شود تابناك

وفى التأويلات النجمية يشير الى ان كل خلة وصداقة تكون فى الدنيا مبنية على الهوى والطبيعة الانسانية تكون فى الاخرة عداوة يتبرأ بعضهم من بعض والاخلاء فى اللّه خلتهم باقية الى الابد وينتفع بعضهم من بعض ويشفع بعضهم فى بعض ويتكلم بعضهم فى شأن بعض وهم المتقون الذين استثناهم وشرآئط الخلة فى اللّه ان يكونوا متحابين فى اللّه محبة خالصة لوجه اللّه من غير شوب بعلة دنيوية هوآئية متعاونين فى طلب اللّه ولا يجرى بينهم مداهنة فبقدر ما يرى بعضهم فى بعض من صدق الطلب والجد والاجتهاد يساعده ويوافقه ويعاونه فاذا علم منه شيأ لا يرضاه اللّه تعالى لا يرضاه من صاحبه ولا يداريه فقد قيل المداراة فى الطريقة كفر بل ينصحه بالرفق والموعظة الحسنة فاذا عاد الى ما كان عليه وترك ما تجدد لديه يعود الى صدق مودته وحسن صحبته كما قال اللّه تعالى

{ وان عدتم عدنا } هنوزت ازسر صلحست بازآى كزان محبوبترباشى كه بودى

وقال على بن ابى طالب رضى اللّه عنه فى هذه الآية كان خليلان مؤمنان وخليلان كافران فمات احد المؤمنين فقال يا رب ان فلانا كان يأمرنى بطاعتك وطاعة رسولك ويأمرنى بالخير وينهانى عن الشر ويخبرنى انى ملاقيك يا رب فلا تضله بعدى واهده كما هديتنى واكرمه كما اكرمتنى فاذا مات خليله المؤمن جمع بينهما اى بين ارواحهما فيقول كل واحد منهما لصاحبه نعم الاخ ونعم الصاحب فيثنى عليه خيرا قال ويموت احد الكافرين فيقول يا رب ان فلانا كان ينهانى عن طاعتك وطاعة رسولك ويأمرنى بالشر وينهانى عن الخير ويخبرنى انى غير ملاقيك فلا تهده بعدى واضلله كما اضللتنى وأهنه كما اهنتنى فاذا مات خليله الكافر جمع بينهما فيقول كل واحد منهما لصاحبه بئس الاخ وبئس الخليل فيثنى عليه شرا وفى الحديث ( ان اللّه يقول يوم القيامة اين المتحابون بجلالى اليوم اظلهم فى ظلى يوم لا ظل الا ظلى ) وفى رواية اخرى ( المتحابون فى ) اى فى اللّه ( لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهدآء ) وقال ابن عباس رضى اللّه عنهما أحب لله وابغض لله ووال لله وعاد لله فانه انما ينال ما عند اللّه بهذا ولن ينفع احدا كثرة صومه وصلاته وحجه حتى يكون هكذا وقد صار الناس اليوم يحبون ويبغضون للدنيا ولن ينفع ذلك اهله ثم قرأ الآية وقد ثبت ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم آخى بين المهاجرين والانصار بعد قدومه الى المدينة وقال ( كونوا فى اللّه اخوانا ) اى لا فى طريق الدنيا والنفس والشيطان وقال الصديق رضى اللّه عنه من ذاق خالص محبة اللّه منعه ذلك من طلب الدنيا واوحشه ذلك من جميع البشر اكر كسىرا دوست دارد از مخلوقات از آنست كه وى بحق تعالى تعلقى دارد يا ازروى دوستى باحق مناسبتى دارد

وما عمدى بحب تراب ارض ... ولكن ما يحل به الحبيب

قال عبيد بن عمر كان لرجل ثلاثة اخلاء بعضهم اخص به من بعض فنزلت به نازلة فلقى اخص الثلاثة فقال يا فلان انه قد نزل بى كذا وكذا وانى احب ان تعيننى قال له ما انا بالذى اعينك وانفعك فانطلق الى الذى يليه فقال له انا معك حتى اذا بلغت المكان الذى تريده رجعت وتركتك فانطلق الى الثالث فقاله انا معك حيث ما كنت ودخلت قال فالاول ماله والثانى أهله وعشيرته والثالث عمله

بشهر قيامت مروتنكدست كه وجهى ندارد بحسرت نشست كرت جشم وعقلست تدبيركور كنون كن كه جشمت نخور دست مور

٦٨

{ يا عباد } اى يا عبادى ولفظ العباد المضاف الى اللّه مخصوص بالمؤمنين المتقين اى يقال للمتقين يوم القيامة تشريفا وتطييبا لقلوبهم يا عبادى

{ لا خوف عليكم اليوم } من القاء المكاره

{ ولا انتم تحزنون } من فوت المقاصد كما يخاف ويحزن غير المتقين وقال ابن عطاء لا خوف عليكم اليوم اى فى الدنيا من مفارقة الايمان ولا أنتم تحزنون فى الآخرة بوحشة البعد وذلك لان خواص العباد يبشرهم ربهم بالسلامة فى الدنيا والآخرة كما دل عليه قوله تعالى

{ لهم البشرى فى الحياة الدنيا وفى الآخرة } ولكنهم مأمورون بالكتمان وعلمهم بسلامتهم يكفى لهم ولا حاجة بعلم غيرهم وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من اعتقه اللّه من رق المخلوقات واختصه بشرف عبوديته فى الدنيا لا خوف عليه يوم القيامة من شئ يحجبه عن اللّه ولا يحزن على ما فاته من نعيم الدنيا والآخرة مع استغراقه فى لجج بحر المعارف والعواطف

٦٩

{ الذين آمنوا بآياتنا } صفة للمنادى

{ وكانوا مسلمين } حال من الواو او عطف على الصلة او مخلصين وجوهم لنا جاعلين انفسهم سالمة لطاعتنا عن مقاتل اذا بعث اللّه الناس فزع كل احد فينادى مناد يا عبادى فترفع الخلائق رؤسهم على الرجاع ثم يتبعها الذين آمنوا الآية فينكس اهل الأديان الباطلة رؤسهم وفى التأويلات النجمية وكانوا مسلمين فى البداية لاوامره ونواهيه فى الظاهر وفى الوسط مسلمين لآداب الطريقة على وفق الشريعة بتأديب أرباب الحقيقة فى تبديل الاخلاق فى الباطن

وفى النهاية مسلمين للاحكام الازلية والتقديرات الالهية وجريان الحكم ظاهرا وباطنا فى الاخراج من ظلمة الوجود المجازى الى نور الوجود الحقيقى انتهى ثم فى الآية اشارة الى الايمان بالآيات التنزيلية والتكوينية ايمانا عيانيا وحقيقة الاسلام انما تظهر بعد العيان فى الايمان ثم اذا حصل الايمان الصفاتى وهو الايمان بالآيات يترقى السالك الى الايمان باللّه الذى هو الايمان الذاتى فاعرف جدا

٧٠

{ ادخلوا الجنة انتم وازواجكم } نساؤكم المؤمنات حال كونكم

{ تحبرون } تسرون سرورا يظهر حباره اى أثره على وجوهكم او تزينون من الحبرة وهو حسن الهيئة قال الراغب الحبر الاثر المستحسن ومنه ما روى يخرج من النار رجل قد ذهب حبره وسبره اى جماله وبهاؤه والحبر العالم لما يبقى من أثر علومه فى قلوب الناس من آثار افعاله الحسنة المقتدى بها قال فى القاموس الحبر بالكسر الاثر او أثر النعمة والحسن والوشى وبالفتح السرور وحبره سره والنعمة والحبرة بالفتح السماء فى الجنة وكل نغمة حسنة وقد مر فى سورة الروم ما يتعلق بالسماع عند قوله تعالى

{ فهم فى روضة يحبرون } وفى التأويلات النجمية ادخلوا جنة الوصال انتم وامثالكم فى الطلب تتنعمون فى رياض الانس

٧١

{ يطاف عليهم } اى على العباد المؤمنين بعد دخولهم الجنة وبالفارسية بكردانند برسر ايشان

يدار بأيدى الغلمان والولدان والطائف الخادم ومن يدور حول البيوت حافظا والاطافة كالطوف والطواف كرد جيزى در آمدن يعنى بكشتن

{ بصحاف من ذهب } كاساتهن جمع صحفة كجفان جمع جفنة وهى القصعة العريضة الواسعة قال مجاهد اى اوانى مدورة الافواه قال السدى اى ليست لها اذان والمراد قصاع فيها طعام

{ واكواب } من ذهب فيها شراب وبالفارسية وكوزهاى بىدست وبى كوشه براز اصناف شراب

جمع كوب وهو كوز لا كوة له ولا خرطوم ليشرب الشارب من حيث شاء قال سعدى المفتى قللت الاكواب وكثرت الصحاف اى كما دل عليهما الصيغة لان المعهود قلة اوانى الشرب بالنسبة الى اوانى الاكل وعن ابن عباس رضى اللّه عنه يطاف بسبعين الف صحفة من ذهب فى كل صحفة سبعون ألف لون كل لون له طعم وهذا لأسفل درجة

واما الاعلى فيؤتى بسبعمائة ألف صحفة كما فى عين المعانى

{ وفيها } اى فى الجنة

{ ما تشتهيه الانفس } من فنون الملاذ والمشتهيات النفسانية كالمطاعم والمشارب والمناكح والملابس والمراكب ونحو ذلك قال فى الاسئلة المقحمة اهل الجنة هل يعطيهم اللّه جميع ما يسألونه وتشتهى انفسهم ولو اشتهت نفوسهم شيأ من مناهى الشريعة كيف يكون حاله والجواب معنى الآية ان نعيم الجنة كله مما تشتهيه الانفس وليس فيها ما لا تشتهيه النفوس ولا تصل اليه وقد قيل يعصم اللّه اهل جنة من شهوة محال او منهى عنه

يقول الفقير دل هذا على انه ليس فى الجنة اللواطة المحرمة فى دبر امراته فليس فيها اشتهاء اللواطة لكونها مخالفة للحكمة الالهية وقد جوزها بعضهم فى شرح الاشباح وغلط فيه غلطا فاحشا وقد بيناه فى قصة لوط

واما الخمر فليست كاللواطة لكونها حلالا على بعض الامم والحاصل انه ليس فى الجنة ما يخالف الحكمة كائنا ما كان ولذا تستتر فيها الازواج عن غير محارمهن وان كان لا حل ولا حرمة هناك

{ وتلذ الاعين } يقال لذذت الشئ بالكسر لذاذا ولذاذة اى وجدته لذيذا والمعنى تستلذه الاعين وتقر بمشاهدته قال سعدى المفتى هذا من باب تنزل الملائكة والروح تعظيما لنعيمها فان منه النظر الى وجهه الكريم انتهى فهذا النظر هو اللذة الكبرى قال جعفر شتان بين ما تشتهى الانفس وبين ما تلذ الاعين لان ما فى الجنة من النعيم والشهوات واللذات فى جنب ما تلذ الاعين كأصبع يغمس فى بحر لأن شهوات الجنة لها حد ونهاية لانها مخلوقة ولا تلذ الاعين فى الدار الباقية الا بالنظر الى الوجه الباقى الذى لا حد ولا نهاية له

دروسيط آورده كه بدين دو كلمه اخبار كرد ازجمله نعيم اهل بهشت نعيم رياض جنان يا نصيب نفس است يا بهره عين

كذا قال فى كشف الاسرار هذا من جوامع القرآن لانه جمع بهاتين اللفظتين ما لو اجتمع الخلق كلهم على وصف ما فيهما على الفصيل لم يخرجوا عنه

درويشى فرموده كه اهل نظر ميدانندكه لذت عين درجه جيزاست ميتوانند بود جمعى راكه غشاؤه اعتزال بر نظر بصيرت ايشان طارى كشته يا لمعات انوار جمال انكم سترون ربكم برايشان بوشيده ماند با ايشان بكوى كه تلذ الاعين عبارت از جيست برهر صاحب بصيرتى روشن است كه اهل شوق رالذت عين جز بمشاهده جمال محبوب متصور نيست برده ازبيش براندازكه مشتاقانرا لذت ديه جز از ديدن ديدار تونيست امام قشيرى رحمه اللّه فرموده كه لذت ديدار فراخور اشتياق است عائق راهر جندكه شوق بيشتر بو دلذت ديدار افزو نترباشد واز ذو النون مصرى رحمه اللّه نقل كرده اندكه شوق نمره محبت است هركرا ذوستى بيشتر شوق بديدار دوست زياده تر ودرزبور آمده كه اى داود بهشت من براى مطيعانست وكفايت من جهت متوكلان وزيادت من براى شاكران وانس من بهره طالبان ورحمت من ازان محبان ومغفرت من براى تائبان ومن خاصة مشتاقائم الاطال شوق الابرار الى لقائى وانا لهم اشد شوقا دلم از شوق توخونست وندانم جونست دردرون شوق جمالت زبيان بيرونست دردلم شوق توهر روز فزون ميكردد دل شوريده من بين كه جه روز افزونست

قال بعض الكبار وفيها ما تشتهى انفس ارباب المجاهدات والرضايات لما قاسوا فى الدنيا من الجوع والعطش وتحملوا وجوه المشاق فيمتازون فى الجنة بوجوه من الثواب ويقال لهم كلوا من ألوان الاطعمة فى صحاف الذهب واشربوا من اصناف الاشربة من اكواب الذهب هنيئا بما اسلفتم فى الايام الخالية

واما ارباب القلوب واهل المعرفة والمحبة فلهم ما تلذ الاعين من النظر الى اللّه تعالى لطول ما قاسوه من فرط الاشتياق بقلوبهم وبذل الارواح فى الطلب

قومى خدايرا برستند بربيم وطمع آنان مردو رانند دربند باداش مانده وقومى اورا بمهر ومحبت برستند آنان عارفانند واوحى اللّه تعالى الى داود عليه السلام يا داودان اود الاودآء الى من عبدنى لغير نوال ولكن ليعطى الربوبية حقها يا داود من اظلم ممن عبدنى لجنة او نار لو لم اخلق جنة ونارا الم اكن أهلا لان اطاع ومر عيسى عليه السلام بطائفة من العباد قد نحلوا يعنى ازعبادت كداخته بودند وقالوا نخاف النار ونرجو الجنة فقال مخلوقا خفتم ومخلوقا رجوتم ومر بقوم آخرين كذلك فقالوا نعبده حبا له وتعظيما لجلاله فقال انتم اولياء اللّه حقا امرت ان اقيم معكم قال حسن البصرى رحمه اللّه لذاذة شهادة ان لا اله الا اللّه فى الآخرة كلذاذة الماء البارد فى الدنيا وفى الخبر ان اعرابيا قال يا رسول اللّه هل فى الجنة ابل فانى احب الابل فقال

( يا اعرابى ان ادخلك اللّه الجنة اصبت فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك ) وقال آخر يا رسول اللّه هل فى الجنة خيل فانى احب الخيل قال ( ان ادخلك اللّه الجنة اصبت فيها فرسا من ياقوتة حمرآء تطير بك حيث شئت ) وفى الحديث ( ان أدنى اهل الجنة منزلة من ان له سبع درجات وهو على السادسة وفوقه السابعة وان له ثلاثمائة خادم وانه يغدى عليه ويراح فى كل يوم بثلاثمائة صحفة فى كل صحفة لون من الطعام ليس فى الاخرى وانه ليلذ أوله كما يلذ آخره وان له من الاشربة ثلاثمائة اناء فى كل اناء شراب ليس فى الآخر وانه ليلذ أوله كما يلذ آخره وانه ليقول يا رب لو أذنت لى لأطعمت اهل الجنة وسقيتهم ولم ينقص ذلك مما عندى شيأ وان له من الحور العين ثنتين وسبعين زوجة سوى ازواجه من الدنيا ) وعن ابى ظبية السلمى قال ان اهل الجنة لتظلهم سحابة فتقول ما امطركم فما يدعو داع من القوم بشئ الا امطرته حتى ان القائل منهم ليقول امطرينا كواعب اترابا وعن ابى امامة قال ان الرجل من اهل الجنة يشتهى الطائر وهو يطير فيقع متفلقا نضيجا فى كفه فيأكل منه حتى تنتهى نفسه ثم يطير ويشتهى الشراب فيقع الابريق فى يده فيشرب منه ما يريد ثم يرجع الى مكانه

واما الرؤية فلها مراتب حسب تفاوت طبقات الرآئين واذا نظروا الى اللّه نسوا نعيم الجنان فانه اعظم اللذات وفى الخبر ( اسألك لذة النظر الى وجهك )

يقول الفقير فى الآية رد على من قال من الفقهاى لو قال ارى اللّه فى الجنة يكفر ولو قال من الجنة لا يكفر انتهى وذلك لان الحق سبحانه جعل ظرفا للرؤية وانما يلزم الكفر اذا اعتقد أن الجنة ظرف المرئى اى اللّه ولا يلزم من تقيد رؤية العبد الرآئى بالجنة تقييد المعبود المرئى بها ألا ترى ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رأى اللّه فى الدنيا مع ان اللّه ليس فى الدنيا فاعرف وفوقه مجال للكلام لكن لما كانت الرؤية نصيب اهل الشهود لا اهل القيود كان الاوجب طى المقال اذ لا يعرف هذا بالقيل والقال ( ع ) نداند لذت اين باده زاهد

{ وانتم فيها خالدون } الالتفات للتشريف اى باقون دآئمون لا تخرجون ولا تموتون اذ لولا البقاء والدوام لنغص العيش ونقص السرور والاشتهاء واللذة فلم يكن التنعم كاملا والخوف والحسرة زآئلا بخلاف الدنيا فانها لفنائها عيشها مشوب بالكدر ونفعها مخلوط بالضرر

جز حسرت وندامت وافسوس روزكار از زندكى اكر ثمرى يافتى بكو

٧٢

{ وتلك } مبتدأ اشارة الى الجنة المذكورة

{ الجنة } خبره

{ التى اروثتموها } اعطيتموها وجعلتم ورثتها والايراث ميراث دادن

{ بما } الباء للسببية

{ كنتم تعملون } فى الدنيا من الاعمال الصالحة والمقصود أن دخول الجنة بمحض فضل اللّه تعالى ورحمته واقتسام الدرجات بسبب الاعمال والخلود فيها بحسب عدم السيئات شبه جزآء العمل بالميراث لان العامل يكون خليفة العمل على جزآئه يعنى يذهب العمل ويبقى جزآؤه مع العامل فكان العمل كالمورث وجزآؤه كالميراث قال الكاشفى جزارا بلفظ ميراث ياد فرمودكه خالص است وباستحقاق بدست آيد

وقال ابن عباس رضى اللّه عنهما خلق اللّه لكل نفس جنة ونارا فالكافر يرت نار المسلم والمسلم يرث جنة الكافر

قال بعضهم قارن ثواب الجنة بالاعمال واخرج المعرفة واللقاء والمحبة والمشاهدة من العلل لانها اطصفائية خاصة ازلية يورثها من يشاء من العارفين الصديقين فالجنة مخلوقة وكذا الاعمال فاعطيت للمخلوق بسبب المخلوق وجعل الرؤية عطاء لا يوازيها شئ

٧٣

{ لكم فيها } اى فى الجنة سوى الطعام والشراب

{ فاكهة كثيرة } بحسب الانواع والاصناف لا بحسب الافراط فقط والفواكه من اشهى الاشياء للناس وألذها عندهم وأوفقها لطباعهم وابدانهم ولذلك افردها بالذكر

{ منها تأكلون } اى بعضها تأكلون فى نوبة لكثرتها

واما الباقى فعلى الاشجار على الدوام لا ترى فيها شجرة خلت عن ثمرها لحظة فهى مزينة بالثمار ابدا موفرة بها وفى الحديث ( لا ينزع رجل فى الجنة ثمرة من ثمرها الا نبت مثلاها مكانها ) فمن تبعيضية والتقديم للتخصيص ويجوز ان تكون ابتدآئية وتقدم الجار للفاصلة او للتخصيص كالاول فيكون فيه دلالة على ان كل ما يأكلون للتفكه ليس فيها تفوت اذ لا تحلل حتى يحتاج الى الغذاء ولعل تفصيل التنعم بالمطاعم والمشارب والملابس وتكريره فى القرءآن وهو حقير بالاضافة الى سائر نعم الجنة لما بالمطاعم والمشارب والملابس وتكريره فى القرءآن وهو حقير بالاضافة الى سائر نعم الجنة لما كان بهم من الشدة والفاقة ففيه تحريك لدواعيهم وتشويق لهم والفاسق من اهل الصلاة آمن باللّه وآياته واسلم فوجب ان يدخل تحت هذا الوعد والظاهر انه خارج فانه يخاف ويحزن يوم القيامة ولا محذور فى خروجه والحاصل ان الآية فى حق المؤمنين الكاملين فانهم الذين اسلموا وجوههم لله تعالى

واما الناقصون فانهم وان آمنوا لكن اسلامهم لم يكن على الكمال والا لما خصوا اللّه بترك التقوى فقام الامتنان يأبى عن دخولهم تحت حكم الآية اللهم الا بطريق الالحاق فان لهم نعيما بعد انقضاء مدة خوفهم وحزنهم وانتهاء زمان حبسهم وعذابهم فعلى العاقل ان يجتهد فى الظواهر والبواطن فان من اكتفى بالمطاعم والمشارب الصورية حرم من طعام المشاهدات وشراب المكاشفات ومن لم يطعم فى هذه الدار من اثمار اشجار المعارف لم يلتذ فى تلك الدار بالاذواق الحقيقية التى هى نصيب الخواص من اهل التقوى ( قال الحافظ ) عشق مى ورزم واميدكه اين فن شريف جون هنر هاى دكر موجب حرمان نشود

اللهم اجعلنا من المشتاقين الى جمالك والقابلين لوصالك بحرمة جلالك

٧٤

{ ان المجرمين } اى الراسخين فى الاجرام وهم الكفار حسبما ينبئ عند ايرادهم فى مقابلة المؤمنين بالآيات

{ فى عذاب جهنم } متعلق بقوله

{ خالدون } اى لا ينقطع عذابهم فى جهنم كما ينقطع عذاب عصاة المؤمنين على تقدير دخولهم فيها

٧٥

{ لا يفتر عنهم } اى لا يخفف العذاب عنهم ولا ينقص من قولهم فترت عنه الحمى اذا سكنت قليلا ونقص حرها والتركيب للضعف والوهن قال الراغب الفتر سكون بعد حدة ولين بعد شدة وضعف بعد قوة والتفتيرسست كردانيدن

{ وهم فيه } اى فى العذاب

{ مبلسون } آيسون من النجاة والراحة وخفة العقوبات قيل يجعل المجرم فى تابوت من النار ثم يردم عليه فيبقى فيه خالدا لا يرى ولا يرى قال فى تاج المصادر الابلاس نومبيد شدن وشكسته واندوهكين شدن وفى المفردات الابلاس الحزن المعترض من شدة اليأس ومنه اشتق ابليس ولما كان المبلس كثيرا ما يلزم السكوت وينسى ما يعنيه قيل ابلس فلان اذا سكت وانقطعت حجته قال فى التأويلات النجمية فى الآية اشارة الى ان اهل التوحيد وان كان بعضهم فى النار لكن لا يخلدون فيها ويفتر عنهم العذاب بدليل الخطاب وقد ورد فى الخبر ( انه يميتهم الحق اماتة الى ان يخرجهم من النار ) والميت لا يحس ولا يألم وذكر فى الآية وهم مبلسون اى خائبون وهذه صفة الكفار والمؤمنون وان كانوا فى بلائهم فهم على وصف رجائهم يعدون ايامهم الى ان تنتهى اشجانهم وقال بعض الشيوخ ان حال المؤمن فى النار من وجه اروح لقلوبهم من حالهم فى الدنيا لان اليوم خوف الهلاك وهذا يعين النجاة ولقد انشدوا

عيب السلامة ان صاحبها ... متوقع لقوا صم الظهر

وفضيلة البلوى ترقبه ... عقبى الرجاء ودورة الدهر

هست درقرب همه بيم زوال نيست دربعدجزاميد وصال

٧٦

{ وما ظلمناهم } بذلك

{ ولكن كانوا هم الظالمين } لتعريض انفسهم للعذاب الخالد بالكفر والمعاصى وهم ضمير فصل عند البصريين من حيث انه فصل به بين كون ما بعده خبرا ونعتا وتسمية الكوفيين له عمادا لكونه حافظا لما بعده حتى لا يسقط عن الخبرية كعماد البيت فانه يحفظ سقفه من السقوط

٧٧

{ ونادوا يا مالك } درخواه ازخداى تو

{ ليقض علينا ربك } اى ليمتنا حتى نستريح من قضى عليه اذا أماته والمعنى سل ربك ان يقضى علينا وهذا لا ينافى ما ذكر من ابلاسهم لانه جوءار اى صياح وتمن للموت لفرط الشدة

{ قال } مالك مجيبا بعد اربعين سنة يعنى ينادون مالكا اربعين سنة فيجيبهم بعدها او بعد مائة سنة او ألف

درتبيان آورده كه بعد ازجهل روز از روزهاى آن سراى

لان تراخى الجواب احزن لهم

{ انكم ماكثون } المكث ثبات مع انتظار اى مقيمون فى العذاب ابدا لا خلاص لكم منه بموت ولا بغيره فليس بعدها الا جؤار كصياح الحمير اوله زفير وآخره شهيق

٧٨

{ لقد جئناكم بالحق } فى الدنيا بارسال الرسل وانزال الكتب وهو خطاب توبيخ وتقريع من جهة اللّه تعالى مقرر لجواب مالك ومبين لسبب مكثهم وفى التأويلات النجمية لقد جئناكم بالدين القويم فلم تقبلوا لان اهل الطبيعة الانسانية اكثرهم يميلون الى الباطل كما قال

{ ولكن اكثركم للحق } اى حق كان

{ كارهون } اى لا يقبلون وينفرون منه لما فى طباعه من اتعاب النفس والجوارح

واما الحق المعهود الذى هو التوحيد او القرءآن فكلهم كارهون له مشمئزون منه هكذا قالوا والظاهر ما اشار اليه فى التأويلات فاعرف والكراهة مصدر كره الشئ بالكسر اى لم يرده فهو كاره وفى الآية اشارة الى ان النفرة عن الحق من صفات الكفار فلا بد من قبول الحق حلو او مر او الى ان اللّه تعالى ما ترك الناس سدى بل ارشدهم الى طريق الحق بدلالات الانبياء والاولياء لكن اكثرهم لم يقبلوا العلاج ثم ان أنفع العلاج هو التوحيد حكى عن الشبلى قدس سره انه اعتل فحمل الى البيمارستان وكتب على بن عيسى الوزير الى الخلفية فى ذلك فارسل الخليفة اليه مقدم الاطباء وكان نصرانيا ليداويه فما انجحت مداواته فقال الطبيب للشبلى واللّه لو علمت ان مداواتك من قطعة لحم فى جسدى ما عسر على ذلك فقال الشبلى دوآئى فى دون ذلك قال الطبيب وما هو قال فى قطعك الزنار فقال الطبيب أشهد ان لا اله الا اللّه واشهد ان محمدا عبده ورسوله فاخبر الخليفة بذلك فبكى وقال نفذنا طبيبا الى مريض وما علمنا انا نفذنا مريضا الى طبيب

ونظيره ما حكى ان الشيخ نجم الدين الاصفهانى قدس سره خرج مع جنازة بعض الصالحين بمكة فلما دفنوه وجلس الملقن يلقنه ضحك الشيخ نجم الدين وكان من عادته لا يضحك فسأله بعض اصحابه عن ضحكه فزجره فلما كان بعد ذلك قال ما ضحكت الا لانه لما جلس على القبر يلقن سمعت صاحب القبر يقول الا تعجبون من ميت يلقن حيا اشار الى ان الملقن وان كان من زمرة الاحياء صورة لكنه فى زمرة الاموات حقيقة لممات قلبه بالغفلة عن اللّه تعالى فهو ماكث فى جهنم النفس معذب بعذاب الفرقة لا ينفع نفسه فكيف ينفع غيره بخلاف الذى لقنه فانه بعكس ذلك يعنى انه وان كان فى زمرة الاموات صورة لكن فى زمرة الاحياء حقيقة لان المؤمنين الكاملين لا يموتون بل ينقلون من دار الى دار فهو ماكث فى جنة القلب منعم بنعيم الوصال منتفع باعماله واحواله وله تأثير فى نفع الغير ايضا بالشفاعة ونحوها على ما اشار اليه قوله تعالى

{ فالمدبرات امرا } مشوبمرك زامداد اهل دل نوميد كه خواب مردم آكاه عين بيداريست

فاذا عرفت حال ملقن القبر فقس عليه سائر ارباب التلقين من اهل النقصان واصحاب الدعوى والرياء فان الميت يحتاج فى احيائه الى نفخ روح حقيقى وأنى ذلك لمن فى حكم الاموات من النافخين فان نفخته عقيم اذ ليس من اهل الولادة الثانية نسأل اللّه سبحانه ان يجعلنا احياء بالعلم والمعرفة والشهود ويعصمنا من الجهل والغفلة والقيود

٧٩

{ ام ابرموا امرا } الابرام احكام الامر واصله من ابرام الحبل وهو ترديد فتله وهو كلام مبتدأ وام منقطعة وما فيها من معنى بل للانتقال من توبيخ اهل النار الى حكاية جناية هؤلاء والهمزة للانكار فان اريد بالابرام الاحكام حقيقة فهى لانكار الوقوع واستبعاده وان اريد الاحكام صورة فهى لانكار الواقع واستقباحه اى أبرم واحكم مشركوا مكة امر من كيدهم ومكرهم برسول اللّه

{ فانا مبرمون } كيدنا حقيقة لا هم او فانا مبرمون بهم حقيقة كما ابرموا كيدهم صورة كقوله تعالى

{ ام يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون } وكانوا يتناجون فى انديتهم ويتشاورون فى اموره عليه السلام قال فى فتح الرحمن كما فعلوا فى اجتماعهم على قتله عليه السلام فى دار الندوة الى غير ذلك وفى الآية اشارة الى ان امور الخلق منتقدة عليهم قلما يتم لهم ما دبروه وقلما يرتفع لهم من الامور شئ على ما قدروه وهذه الحال أوضح دليل على اثبات الصانع

٨٠

{ أم يحسبون } اى بل أيحسبون يعنى بابندارند ناكران كفار

{ انا لا نسمع سرهم } وهو ما حدثوا به انفسهم من الكيد لانهم كانوا مجاهرين بتكذيب الحق

{ ونجواهم } اى بما تكلموا به فيما بينهم بطريق التباهى والتشاور وبالفارسية وآنجه براز بايكديكر مشاورت ميكنند

يقال ناجيته اى ساررته واصله ان تخلو فى نجوة من الارض اى مكان مرتفع منفصل بارتفاعه عما حوله

{ بلى } نحن نسمعهما ونطلع عليهما

{ ورسلنا } الذين يحفظون عليهم اعمالهم ويلازمونهم اينما كانوا

{ لديهم } عندهم

{ يكتبون } اى يكتبونهما او يكتبون كل ما صدر عنهم من الافعال والاقوال التى من جملتها ما ذكر من سرهم ونجواهم ثم تعرض عليهم يوم القيامة فاذا كان خفاياهم غير خفية على الملائكة فكيف على عالم السر والنجوى والجملة عطف على ما يترجم عنه بلى وفى التأويلات النجمية خوفهم بسماعه احوالهم وكتابة الملك عليهم اعمالهم لغفلتهم عن اللّه ولو كان لهم خبر عن اللّه لما خوفهم بغير اللّه ومن علم ان أعماله تكتب عليه ويطالب بمقتضاها قل المامه بما يخاف ان يسأل عنه قال ابو بكر بن طاهر رحمه اللّه دل قوما من عباده الى الحياء منه ودل قوما الى الحياء من الكرام الكاتبين فمن استغنى بعلم نظر اللّه اليه والحياء منه اغناه ذلك عن الاشتغال بالكرام الكاتبين وعن يحيى بن معاذ الرازى رحمه اللّه من ستر من الناس ذنوبه وأبداها لمن لا يخفى عليه شئ فى السموات والارض فقد جعله أهون الناظرين اليه وهو من علامات النفاق قال الشيخ سعدى فى كلستانه بخشايش الهى كم شده را در مناهئ جراغ توفيق فرا راه داشت وبحلقه أهل تحقيق در آمد وبيمن قدم درويشان وصدق نفس ايشان ذمايم اخلاق او بمحامد مبدل شده دست ازهوا وهوس كوتاه كرده بودوزبان طاعنان در حقش در ازكه همجنانكه قاعده اولست وزهد وصلاحش نامعقول بعذرتوبه توان رستن از عذاب خداى وليك مى نتوان اززبان مردم رست جون طاقت جورز بانها نياورد شكايت اين حال بابير طريقت بردشيخ بكريست وكفت شكرآن نعمت كجا كزارى كه بهترازانى كه بندارندت نيك باشى وبدت كويند خلق به كه بد باشى ونيكت كويند ليكن مرابين كه حسن ظن همكنان درحق من بكمالست ومن درغايت نقصان

انى لمستتر من عين جيرانى ... واللّه يعلم اسرارى واعلانى

در بسته بروى خود زمردم تاعيب نكسترند مارا دربسته جه سود عالم الغيب داناى نهان وآشكارا

يقول الفقير دلت الآية على ان الحفظة يكتبون الاسرار والامور القلبية سئل سفيان ابن عيينة رحمه اللّه هل يعلم الملكان الغيب فقال لا فقيل له فكيف يكتبون ما لا يقع من عمل القلب فقال لكل عمل سيما يعرف بها كالمجرم يعرف بسيماه فاذا هم العبد بحسنة فاح من فيه رآئحة المسك فيعلمون ذلك فيكتبونها حسنة واذا هم بسيئة استفر قلبه لها فاح منه ريح النتن وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام الملك لا سبيل له الى معرفة باطن العبد فى قول اكثرهم وقال فى شرح الطريقة يكره الكلام فى الخلاء وعند قضاء الحاجة اشد كراهة لان الحفظة تتأذى بالحضور فى ذلك الموضع الكريه لاجل كتابة الكلام فان سلم عليه فى هذه الحالة قال الامام ابو حنيفة يرد السلام بقلبه لا بلسانه لئلا يلزم كتابة الملائكة فانهم لا يكتبون الامور القلبية وقال فى ريحان القلوب الذكر الخفى هو ما خفى عن الحفظة لا ما يخفض به الصوت وهو خاص به صلّى اللّه عليه وسلّم ومن له به اسوة حسنة انتهى واللّه اعلم بتوفيق الاخبار

٨١

{ قل } للكفرة

{ ان كان للرحمن ولد } فرضا كما تقولون الملائكة بنات اللّه

{ فأنا اول العابدين } لذلك الولد واسبقكم الى تعظيمه والانقياد له وذلك لانه عليه السلام اعلم الناس بشؤونه تعالى وبما يجوز عليه وبما لا يجوز وأولاهم بمراعاة حقوقه ومن مواجب تعظيم الوالد تعظيم ولده اى ان يثبت بحجة قطعية كون الولد له تعالى كما تزعمون فانا اولكم فى التعظيم واسبقكم الى الطاعة تعظيما لله تعالى وانقيادا لان الداعى الى طاعته وتعظمه اول واسبق فى ذلك وكون الولد له تعالى مما هو مقطوع بعدم وقوعه ولكن نزل منزلة ما لا جزم لوقوعه واللا وقوعه على المساهلة وارخاء العنان لقصد التبكيت والاسكات والالزام فجيئ بكلمة ان فلا يلزم من هذا الكلام صحة كينونة الولد وعبادته لانها محال فى نفسها يستلزم المحال

يعنى اين سخن بر سبيل تمثيل است ومبالغه در نفى ولد فليس هناك ولد ولا عبادة له وفى التأويلات النجمية يشير الى نوع من الاستهزاء بهم وبمقالتهم والاستخفاف بعقولهم يعنى قل ان كان للرحمن ولد كما تزعمون وتعبدون عيسى بانه ولده فانا كنت اول العابدين له قال جعفر الصادق رضى اللّه عنه اول ما خلق اللّه نور محمد صلّى اللّه عليه وسلّم قبل كل شئ واول من وحد اللّه تعالى ذرة محمد عليه السلام واول ما جرى به القلم لا اله الا اللّه محمد رسول اللّه قال فانا اول العابدين احق بتوحيد اللّه وذكر الله

٨٢

{ سبحان رب السموات والارض } فى اضافة اسم الرب الى اعظم الاجرام واقواها تنبيه على انها وما فيها من المخلوقات حيث كانت تحت ملكوته وربوبيته كيف يتوهم ان يكون شئ منها جزأ منه سبحانه

{ رب العرش } فى تكرير اسم الرب تفخيم لشان العرش

{ عما يصفون } اى يصفونه به وهو الولد قال فى بحر العلوم اى سبحوا رب هذه الاجسام العظام لان مثل هذه الربوبية توجب التسبيح على كل مربوب فيها ونزهوه عن كل ما يصفه الكافرون به من صفات الاجسام فانه لو كان جسما لم يقدر على خلق هذا العالم وتدبير امره

٨٣

{ فذرهم } اى اترك الكفرة حيث لم يذعنوا للحق بعد ما سمعوا هذا البرهان الجلى

{ يخوضوا } يشرعوا فى اباطيلهم واكاذيبهم والخوض هو الشروع فى الماء والمرور فيه ويستعار للامور واكثر ما ورد فى القرءآن ورد فيما يذم الشروع فيه كما فى المفردات

{ ويلعبوا } فى دنياهم فان ما هم فيه من الاقوال والافعال ليست الا من باب الجهل واللعب والجزم فى الفعل لجواب الامر يقال لعب فلان اذا كان فعله غير قاصد به مقصدا صحيحا قالوا كل لعب لا لذة فيه فهو عبث وما كان فيه لذة فهو لعب

{ حتى يلاقوا } يعاينوا

{ يومهم الذى يوعدون } على لسانك يعنى روزى راكه وعده داده شده اند بملاقات آن

وهو يوم القيامة فانهم يومئذ يعلمون ما فعلوا وما يفعل بهم قال سعدى المفتى والاظهر يوم الموت فان خوضهم ولعبهم انما ينتهى به

يقول الفقير وفيه ان الموعود هو يوم القيامة لانه الذى كانوا ينكرونه لا يوم الموت الذى لا يشكون فيه ولما كان يوم الموت متصلا بيوم القيامة على ما اشار اليه قوله عليه السلام ( من مات فقد قامت قيامته ) جعل الخوض واللعب منتهيين بيوم القيامه وفى الآية اعلام بأنهم من الذين طبع اللّه على قلوبهم فلا يرجعون عما هم عليه ابدا واشارة الى ان اللّه خلق الخلق اطوارا مختلفة فمنهم من خلقه للجنة فيستعده للجنة بالايمان والعمل الصالح وانقياد الشريعة ومتابعة النبى عليه السلام ومنهم من خلقه للنار فيستعده للنار برد الدعوة والانكار والجحود والخذلان ويكله الى الطبيعة النفسانية الحيوانية التى تميل الى اللهو واللعب والخوض فيما لا يعنيه ومنهم من خلقه للقربة والمعرفة فيستعده لهما بالمحبة والصدق والتوكل واليقين والمشاهدات والمكاشفات والمراقبات وبذل الوجود بترك الشهوات وانواع المجاهدات وتسليم تصرفات ارباب المؤلفات ( عن بهلول رحمه اللّه ) قال بينما انا ذات يوم فى بعض شوارع البصرة اذا الصبيان يلعبون بالجوز واللوز واذا انا بصبى ينظر اليهم ويبكى فقلت هذا الصبى يتحسر على ما فى ايدى الصبيان فرفع بصره الى وقال يا قليل العقل ما للعب خلقنا فقلت اى بنى فلماذا خلقنا فقال للعلم والعبادة فقلت من اين لك ذلك بارك اللّه فيك قال من قول اللّه تعالى

{ افحسبتم انما خلقناكم عبثا وانكم الينا لا ترجعون } ( وحكى ) انه كان سبب خروج ابراهيم بن ادهم رحمه اللّه عن اهله وماله وجاهه ورياسته وكان من ابناء الملوك انه خرج يوما يصطاد فأثار ثعلبا او ارنبا فبينما هو فى طلبه هتف به هاتف ألهذا خلقت ام بهذا امرت ثم هتف به من قربوس سرجه واللّه ما لهذا خلقت ولا بهذا امرت فنزل عن مركوبه وصادف راعيا لابيه فأخذ جبة للراعى من صوف فلبسها واعطاه فرسه وما معه ثم دخل البادية وكان من شأنه ما كان

واعلم ان الاشتغال بما سوى اللّه تعالى من قبيل اللهو واللعب اذ ليس فيه مقصد صحيح وانما المطلب الاعلى هو اللّه تعالى ولذا خرج السلف عن الكل ووصلوا الى مبدأ الكل

دلاترك هواكن قرب حق كر آرزو دارى كه دور افتد حباب از بحر در كسب هوا كردن

جعلنا اللّه واياكم من المشتغلين به

٨٤

{ وهو الذى فى السماء اله } اى مستحق لان يعبد فيها اى هو معبود أهل السماء من الملائكة وبه تقوم السماء وليس حالا فيها

{ وفى الارض اله } اى مستحق لان يعبد فيها اى فهو معبود اهل الارض من الانس والجن واله الآلهة ولا قاضى لحوائج اهل الارض الا هو وبه تقوم الارض وليس حالا فيها فالظرفان يتعلقان باله لانه بمعنى المعبود بالحق او متضمن معناه كقوله هو حاتم اى جواد لاشتهاره بالجود وكذا فيمن قرأ وهو الذى فى السماء اللّه وفى الارض اللّه ومنه قوله تعالى فى الانعام

{ وهو اللّه فى السموات وفى الارض } اى وهو الواجب الوجود المعبود المستحق للعبادة فيهما والراجع الى الموصول مبتدأ محذوف لطول الصلة بمتعلق الخبر وهو فى السماء والعطف عليه والتقدير وهو الذى هو فى السماء

{ وهو الحكيم العليم } كالدليل على ما قبله لانه المتصف بكمال الحكمة والعلم المستحق للالوهية لا غيره اى وهو الحكيم فى تدبير العالم واهله العليم بجميع الاحوال من الازل الى الابد

٨٥

{ وتبارك } تعالى عن الولد والشريك وجل عن الزوال والانتقال وعمت بركة ذكره وزياده شكره

{ الذى } الخ فاعل تبارك

{ له ملك السموات والارض } بادشاهئ آسمان وزمين

{ وما بينهما } اما على الدوام كالهوآء او فى بعض الاوقات كالطير والسحاب

ومن اخبار الرشيد انه خرج يوما للصيد فارسل بازيا اشب فلم يزل يعلو حتى غاب فى الهوآء ثم رجع بعد اليأس منه ومعه سمكة فأحضر الرشيد العلماء وسألهم عن ذلك فقال مقاتل يا امير المؤمنين روينا عن جدك ابن عباس رضى اللّه عنهما ان الهوآء معمور بامم مختلفة الخلق سكان فيه وفيه دواب تبيض وتفرخ وفيه شيأ على هيئة السمك لها اجنحة ليست بذات ريش فاجاز مقاتلا على ذلك كذا فى حيوة الحيوان

{ وعنده علم الساعة } اى الساعة التى فيها تقوم القيامة لا يعلمها الا هو

{ واليه ترجعون } الالتفات للتهديد أى تردون للجزآء فاهتموا بالاستعداد للقائه قال بعض الكبار واليه ترجعون بالاختيار والاضطرار فأهل السعادة يرجعون اليه بالاختيار على قدم الشوق والمحبة والعبودية وأهل الشقاوة يرجعون اليه بالاضطرار بالموت بالسلاسل والاغلال يسحبون على وجوههم الى النار

يقول الفقير الرجوع بالاضطرار قد يكون نافعا ممدوحا مقبولا وهو أن يؤخذ العبد بالجذبة الالهية ويجر الى اللّه جرا عنيفا ووقع ذلك لكثير من المنقطعين الى اللّه تعالى ( حكى ) عن الجنيد رحمه اللّه انه قال كنت فى المسجد مرة فاذا رجل قد دخل علينا وصلى ركعتين ثم انتبذ ناحية من المسجد واشار الى فلما جئته قال لى يا ابا القاسم قد حان لقاء اللّه تعالى ولقاء الاحباب فاذا فرغت من امرى فسيدخل عليك شاب مغن فادفع اليه مرقعتى وعصاى وركوتى فقلت الى مغن وكيف يكون ذلك قال انه قد بلغ رتبة القيام بخدمة اللّه فى مقامى قال الجنيد فلما قضى الرجل نحبه اى مات وفرغنا من مواراته اذا نحن بشاب مصرى قد دخل علينا وسلم وقال اين الوديعة يا ابا القاسم فقلت كيف ذاك اخبرنا بحالك قال كنت فى مشربة بنى فلان فهتف بى هاتف ان قم الى الجنيد وتسلم ما عنده وهو كيت وكيت فانك قد جعلت مكان فلان الفلانى من الابدال قال الجنيد فدفعت اليه ذلك فنزع ثيابه واغتسل ولبس المرقعة وخرج على وجهه نحو الشام ففى هذه الحكاية تبين ان ذلك المغنى انجذب الى اللّه تعالى بصوت الهاتف وخرج الى الشام مقام الابدال لان المهاجرة سنة قديمة وبها يحصل من الترقيات ما لا يحصل بغيرها فاذا جاءت الساعة يحصل اثر التوفيق ويظهر اللحوق بأهل التحقيق

زين جماعت اكر جدا افتى درنخستين قدم زبا افى

٨٦

{ ولا يملك } اى لا يقدر

{ الذين يدعون } اى يعبدهم الكفار

{ من دونه } تعالى

{ الشفاعة } عند اللّه كما يزعمون

{ الا من شهد بالحق } الذى هو التوحيد والاستثناء اما متصل والموصول عام لكل ما يعبد من دون اللّه كعيسى وعزير والملائكة وغيرهم او منفصل على انه خاص بالاصنام

{ وهم يعلمون } بما يشهدون به عن بصيرة وايقان واخلاص ( قال الكاشفى ) وايشان ميداند بدل خودكه برزبان خواهى داده اند وايشان شفاعت ثخواهند كرد الا مؤمنان كنهكار را

وجمع الضمير باعتبار معنى من كما ان الافراد اولا باعتبار لفظها

٨٧

{ ولئن سألتهم من خلقهم } اى سألت العابدين والمعبودين من اوجدهم واخرجهم من العدم الى الوجود

{ ليقولن اللّه } لتعذر الانكار لغاية ظهوره لان الانسان خلق للمعرفة وطبع عليها وبها اكرمه اللّه تعالى فاما الشان فى معرفة الاشياء فقبول دعوتهم والتوفيق لمتابعتهم والتدين باديانهم

{ فأنى يؤفكون } الافك بركردانيد

اى فكيف يصرفون عن عبادة اللّه تعالى الى عبادة غيره مع اعترافهم بأن الكل مخلوق له تعالى فهو تعجيب من جحودهم التوحيد مع ارتكازه فى فطرتهم قال فى الاسئلة المقحمة فان قلت هذا دليل على ان معرفة اللّه ضرورية ولا تجب بالسمع الضروريات لانه تعالى اخبر عن الكفار أنهم كانوا يقرون بوحدانية اللّه قبل ورود السمع قلت انهم يقولون ذلك تقليدا لا دليلا وضرورة ومعلوم ان فى الناس من اهل الالحاد من ينكر الصانع ولو كان ضروريا لما اختلف فيه اثنان

خانه بى صنع خانه سازكه ديد نقش بى دست خامه زن كه شنيد هركه شد زآدمى سوى تعطيل نيست دروى خرد جوقدر فتيل

٨٨

{ وقيله } القول والقيل والقال كلها مصادر قرأ عاصم وحمزة بالجر على انه عطف على الساعة اى عنده علم الساعة وعلم قوله عليه السلام شكاية وبالفارسية ونزد يك خداست دانستن قول رسول آنجاكه كفت

{ يا رب } اى بروردكار من

{ ان هؤلاء } بدرستىكه اين كروه يعنى معاند ان قريش

{ قوم } كروهى اندكه از روى عناد مكابره

{ لا يؤمنون } نمى كروند

ولم يضفهم الى نفسه بأن يقول ان قومى لما ساءه من حالهم او على ان الواو للقسم وقوله ان هؤلاء الخ جوابه فيكون اخبارا من اللّه عنهم لا من حالهم او على ان الواو للقسم وقوله ان هؤلاء الخ جوابه فيكون اخبارا من اللّه عنهم لا من كلام رسوله وفى الاقسام به من رفع شأنه عليه السلام وتفخيم دعائه والتجائه اليه تعالى ما لا يخفى وقرأ الباقون بالنصب عطفاً على محل الساعة اى وعنده ان يعلم الساعة وقيله او على سرهم ونجواهم او على يكتبون المحذوف اى يكتبون ذلك وقيله

قال بعضهم والاوجه ان يكون الجر والنصب على اضمار حرف القسم وحذفه يعنى ان الجر على اضمار حرف القسم كما فى قولك اللّه لافعلن والنصب على حذفه وايصال فعله اليه كقولك اللّه لافعلن كأنه قيل واقسم قيله او بقيله والفرق بين الحذف والاضمار انه فى الحذف لا يبقى للذاهب أثر نحو وأسال القرية وفى الاضمار يبقى له الاثر نحو انتهوا خيرا لكم والتقدير افعلوا ويجوز الرفع فى قيله على انه قسم مرفوع بالابتداء محذوف الخبر كقولهم ايمن اللّه ويكون ان هؤلاء الخ جواب القسم اى وقيله يا رب قسمى ان هؤلاء الخ وذلك لوقوع الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بما لا يحسن اعتراضا ان كان مرفوعا معطوفا على علم الساعة بتقدير مضاف مع تنافر النظم ورجح الزمشخرى احتمال القسم لسلامته عن وقوع الفصل وتنافر النظم ولكن فيه التزام حذف واضمار بلا قرينة ظاهرة فى اللفظ الذى لم يشتهر استعماله فى القسم كما فى حواشى سعدى المفتى

٨٩

{ فاصفح عنهم } اى فأعرض عن دعوتهم واقنط من ايمانهم

{ وقل سلام } اى امرى تسلم منكم ومن دينكم وتبرٍ ومتاركة فليس المأمور به السلام عليهم والتحية بل البراءة كقول ابراهيم عليه السلام سلام عليك سأستغفر لك

{ فسوف يعلمون } حالهم البتة وان تأخر ذلك وبالفارسية بس زود باشدكه بدانند عاقبت كفر خود را وقتى كه عذاب برايشان فرود آيددر دنيا بروز بدر ودر عقبى بدخول درنار سوزان

وهو وعيد من اللّه لهم وتسلية لرسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم فعلى العاقل ان يتدارك حاله قبل خروج الوقت بدخول الموت ونحوه ويقبل على قبول الدعوة ما دام الداعى مقبلا غير صافح والا فمن كان شفيعه خصما له لم يبق له رجاء النجاة قال ذو النون رحمه اللّه سمعت بعض المعتعبدين بساحل الشام يقول ان لله عبادا عرفوه بيقين من معرفته فشمروا قصدا اليه وتحملوا فيه المصائب لما يرجون عنده من الرغائب صحبوا الدنيا بالاشجان وتنعموا فيها بطول الاحزان فما نظروا اليها بعين راغب ولا تزودوا منها الا كزاد راكب خافوا البيات فأسرعوا ورجوا النجاة فأزمعوا بذلوا مهج انفسهم فى رضى سيدهم نصبوا الآخرة نصب اعينهم وأصغوا اليها بآذان قلوبهم فلو رأيتهم لرأيت قوما ذبلا شفاههم خمصا بطونهم خزينة قلوبهم ناحلة اجسادهم باكية اعينهم لم يصحبوا التعليل والتسويف وقنعوا من الدنيا بقوت خفيف ولبسوا من اللباس اطمار ابالية وسكنوا من البلاد قفراء خالية هربوا من الاوطان واستبدلوا الوحدة من الاخوان فلو رأيتهم لرأيت قوما قد ذبحهم الليل بسكاكين السهر والنصب وفصل اعضاءهم بخناجر التعب خمص بطول السرى شعث بفقد الكرى قد وصلوا الكلال بالكلال وتاهبوا للنقلة والارتحال

جواز جايكان در دويدن كرو بتيزى هم افتان وحيزان برو كران باد بايان برفتندتيز توبى دست وبا ازنشتن بخيز

﴿ ٠