سُورَةُ الدُّخَانِ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ تِسْعٌ وَخَمْسُونَ آيَةً ١ { حم } اى بحق حم وهى هذه السورة او مجموع القرءآن ٢ { والكتاب } عطف على حم اذ لو كان قسما آخر لزم اجتماع القسمين على مقسم عليه واحد ومدار العطف على تقدير كون حم اسما لمجموع القرءآن المغايرة فى العنوان { المبين } اى البين معانيه لمن انزل عليهم وهم العرب لكونه بلغتهم وعلى أساليبهم او المبين لطريق الهدى من طرق الضلالة الموضح لكل ما يحتاج اليه فى ابواب الديانة وقال بعضهم بحق الحى القيوم وبحق القرءآن الفاصل بين الحق والباطل فالحاء اشارة الى الاسم الحى والميم الى الاسم القيوم وهما اعظم الاسماء الالهية لاشتمالهما على ما يشتمل عليه كل منها من المعانى والاوصاف والحقائق كما سبق فى آية الكرسى وفى عرائس البقلى الحاء الوحى الخاص الى محمد والميم محمد عليه السلام وذلك ما كان بلا واسطة فهو سر بين المحب والمحبوب لا يطلع عليه احد غيرهما كما قال تعالى { فأوحى الى عبده ما أوحى } وقال بعضهم حميت المحبين يعنى حمايت كردم دوستان خودرا از توجه بما سوى يقول الفقير ويحتمل ان يكون اشارة الى حمد اللّه الى انزاله القرءآن الذى هو أجل النعم الالهية فحم مقصور من الحمد والمعنى وحق الحق الذى يستحق الحمد فى مقابلة انزال القرءآن ٣ { انا أنزلناه } اى الكتاب المبين الذى هو القرءآن وهو جواب القسم { فى ليلة مباركة } هى ليلة القدر فانه تعالى أنزل القرءآن فى ليلة القدر من شهر رمضان من اللوح المحفوظ الى بيت العزة فى السماء الدنيا دفعة واحدة واملاه جبريل على السفرة ثم كان ينزله على النبى عليه السلام نجوما اى متفرقا فى ثلاث وعشرين سنة والظاهر ان ابتداء تنزيله الى النبى عليه السلام ايضا كان فى ليلة القدر لان ليلة القدر فى الحقيقة ليلة افتتاح الوصلة ولا بد فى الوصلة من الكلام والحطاب والحكمة فى نزوله ليلا ان الليل زمان المناجاة ومهبط النفحات ومشهد التنزلات ومظهر التجليات ومورد الكرامات ومحل الاسرار الى حضرة الكبرياء وفى الليل فراغ القلوب بذكر حضرة المحبوب فهو أطيب من النهار عند المقربين والابرار ووصف الليلة بالبركة لما ان نزول القرءآن مستتبع للمنافع الدينية والدنيوية بأجمعها او لما فيها من تنزل الملائكة والرحمة واجابة الدعوة ونحوها والا فاجزاء الزمان متشابهة بحسب ذواتها وصفاتها فيمتنع ان يتميز بعض اجزائه عن بعض بمزيد القدر والشرف لنفس ذواتها وعلى هذا فقس شرف الامكنة فانه لعارض فى ذاتها قال حضرة الشيخ صدر الدين قدس سره فى شرح الاربعين حديثا وللازمنة والامكنة فى محو السيئات وتغليب طرف الحسنات وامدادها والتكفير والتضعيف مدخل عظيم وفى الحديث ان اللّه غفر لاهل عرفات وضمن عنهم التبعات وانه ينزل يوم عرفة الى السماء الدنيا وقد وردت أحاديث دالة على فضيلة شهر رمضان وعشر ذى الحجة وليلة النصف من شعبان وان الصلاة فى المسجد الحرام بمائة ألف وفى مسجد النبى عليه السلام بألف وفى المسجد الأقصى بخمسائة وكلها دالة على شرف الازمنة والامكنة انتهى كلامه قال الشيخ المغربى قدس سره أفضل الشهور عندنا شهر رمضان اى لانه انزل فيه القرءآن ثم شهر ربيع الاول اى لانه مولد حبيب الرحمن ثم رجب اى لانه فرد الاشهر الحرم وشهر اللّه ثم شعبان اى لانه شهر حبيب الرحمن ومقسم الاعمال والآجال بين شهرين عظيمين رجب ورمضان ففيه فضل الجوارين العظيمين كما ان ليوم الخميس وليوم السبت فضلا عظيما لكونها فى جوار الجمعة ولذا ورد بارك اللّه فى السبت والخميس ثم ذو الحجة اى لانه موطن الحج والعشر التى تعادل كل ليلة منها ليلة القدر والايام المعلومات ايام التشريق ثم شوال اى لكونه فى جوار شهر رمضان ثم ذو القعدة اى لكونه من الاشهر الحرم ثم المحرم شهر الانبياء عليهم السلام ورأس السنة وأحد الاشهر الحرم وقيل فضل اللّه الاشهر والايام والاوقات بعضها على بعض كما فضل الرسل والامم بعضها على بعض لتبادر النفوس وتسارع القلوب الى احترامها وتشوق الارواح الى احيائها بالتعبد فيها ويرغب الخلق فى فضائلها واما تضاعف الحسنات فى بعضها فمن المواهب اللدنية والاختصاصات الربانية ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء قال القاشانى فى شرح التائية كما ان شرف الازمنة وفضليتها بحسب شرف الاحوال الواقعة فيها من حضور المحبوب ومشاهدته فكذلك شرف الاعمال يكون بحسب شرف النيات والمقاصد الباعثة وشرف النية فى العمل ان يؤدى للمحبوب ويكون خالصا لوجهه غير مشوب بغرض آخر قال ابن الفارض وعندى عيدى كل يوم أرى به ... جمال محياها بعين قريرة وكل الليالى ليلة القدر ان دنت ... كما كل ايام اللقا يوم جمعة قال بعض الكبار واشد الليالى بركة وقدر اليلة يكون العبد فيها حاضرا بقلبه مشاهدا لربه يتنعم بأنوار الوصلة ويجد فيها نسيم القربة واحوال هذه الطائفة فى لياليهم مختلفة كما قالوا لا أظلم الليل ولا ادعى ... ان نجوم الليل ليست تزول ليلى كما شاءت قصير اذا ... جادت وان ضنت فليلى طويل وقال بعض المفسرين المراد من الليلة المباركة ليلة النصف من شعبان ولها أربعة اسماء الاول الليلة المباركة لكثرة خيرها وبركتها على العاملين فيها الخير وان بركات جماله تعالى تصل الى كل ذرة من العرش الى الثرى كما فى ليلة القدر وفى تلك الليلة اجتماع جميع الملائكة فى حظيرة القدس ودر كشف الاسرار فرموده كه آنرا مبارك خواند ازبهر آنكه برخير وبر بركت است همه شب دعيانرا اجابت است وسائلانرا عطيت ومجتهدانرا معونت ومطيعانرا مثوبت وغاصبانرا اقالت ومحبانرا كارمت همه شب درهاى آسمان كشاده جنات عدن وفراديس اعلا درهانهاده ساكنان جنة الخلد بركنكرها نشسته ارواح انبيا وشهدا درعليين فراطب آمده همه شب نسيم روح ازلى از جانب قربت بدل دوستان ميدمدوبادهواى فردانيث برجان عاشقان مىوزد وازدوست خطاب مى آيدكه هل من سائل فأعطيه هل من مستغفر فأغفر له اى درويش بيدار باش درين شب كه همه بساط نزول بيفكنده وكل وصال جانان درباغ را زدارى شكفته نسيم سحر مبارك بهارى از وميدمد وبيغام ملك برمزى باريك وبرازى عجب ميكويد الم يأن للذين آمنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله الم يأن للهجران أن يتصرما ... وللعود غصن اليان ان يتضرما وللعاشق الصب الذى ذاب وانحنى ... ألم يأن ان يبكى عليه ويرحما وفى بعض الآثار عجبا لمن آمن بى كيف يتكل على غيرى لو أنهم نظروا الى لطائف برى ما عبدوا غيرى اى عجب كسى كه مارا شناخت باغير ما آرام كى كيرد كسى كه مارايافت باديكرى جون بردازد كسى كه رنك وبوى وصال ويا دمادارد دل دررنك وبوى دنيا جون بندد ازتعجب هرزمان كوبد بنفشه كاى عجب هركه زلف يار دارد جنك درماجون زند والثانى ليلة الرحمة والثالث ليلة البرآءة كذلك اللّه يكتب لعباده المؤمنين البرآءت فى هذه الليلة ( كما حكى ) ان عمر بن عبد العزيز لما رفع رأسه من صلاته ليلة النصف من شعبان وجد رقعة خضرآء قد اتصل نورها بالسماء مكتوب فيها هذه برآءة من النار من الملك العزيز لعبده عمر بن عبد العزيز وكما ان فى هذه الليلة برآءة للسعدآء من الغضب فكذا فيها برآءة للاشقياء من الرحمة نعوذ باللّه تعالى ولهذه الليلة خصال الاولى تفريق كل امر حكيم كما سيأتى والثانية فضيلة العبادة فيها وفى الحديث ( من صلى فى هذه الليلة مائة ركعة ارسل اللّه تعالى اليه مائة ملك ثلاثون يبشرونه بالجنة وثلاثون يؤمنونه من عذاب النار وثلاثون يدفعون عنه آفات الدنيا وعشرة يدفعون عنه مكايد الشيطان ) قال فى الاحياء يصلى فى الليلة الحامسة عشرة من شعبان مائة ركعة كل ركعتين بتسليمة يقرأ فى كل ركعة بعد الفاتحة قل هو اللّه احد عشر مرات وان شاء صلى عشر ركعات يقرأ فى كل ركعة بعد الفاتحة مائة مرة قل هو اللّه احد فهذه ايصا اى كصلاة رجب مروية عن النبى عليه السلام فى جملة الصلوات كان السلف يصلون هذه الصلاة فى هذه الليلة ويسمونها صلاة الخير ويجتمعون فيها وربما صلوها جماعة ( روى ) عن الحسن البصرى انه قال حدثنى ثلاثون من اصحاب النبى عليه السلام ان من صلى هذه الصلاة فى هذه الليلة نظر اللّه اليه سبعين نظرة وقضى اللّه له بكل نظرة سبعين حاجة ادناها المغفرة انتهى كلام الاحياء قال الشيخ الشهير بافتاده قدس سره ان النبى عليه السلام لما تجلى له جميع الصفات فى ثمانية عشر ألف عالم وأكثر صلى تلك الصلاة بعد العشاء شكرا على النعمة المذكورة ( وروى ) مجاهد عن على رضى اللّه عنه انه عليه السلام قال ( يا على من صلى مائة ركعة فى ليلة النصف من شعبان فقرأ فى كل ركعة بفاتحة الكتاب مرة وقل هو اللّه احد عشر مرات ) قال عليه السلام ( يا على ما من عبد يصلى هذه الصلاة الا قضى اللّه له كل حاجة طلبها تلك الليلة ويبعث اللّه سبعين ألف ملك يكتبون له الحسنات ويمحون عنه السيئات ويرفعون له الدرجات الى رأس السنة ويبعث اللّه فى جنات عدن سبعين ألف ملك وسبعمائة ألف يبنون له المدآئن والقصور ويغرسون له من الاشجار ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب المخلوقين وان مات من ليلته قبل ان يحول الحول مات شهيدا ويعطيه اللّه بكل حرف من قل هو اللّه احد فى ليلته تلك سبعين حورآء ) كما فى كشف الاسرار قال بعضهم أقل صلاة البرآءة ركعتان واوسطها مائة واكثرها ألف يقول الفير الألف الذى هو اشارة الى ألف اسم له تعالى تفصيل للمائة التى هى اشارة الى مائة اسم له منتخبة من الالف لان التسعة والتسعين باعتبار احديتها مائة وهى تفصيل للواحد الذى هو الاسم الاعظم ولما لم تشرع ركعة منفردة ضم اليها اخرى اشارة الى الذات والصفات والليل والنهار والجسد والروح والملك والمكوت ولهذا السر استحب ان يقرأ فى الركعتين المذكورتين اربعمائة آية من القرءآن فان فرض القرآءه آية واحدة ومشتحبها اربع آيات والمائة اربع مرات اربعمائة فالركعتان باعتبار القرآءة المستحبة فى حكم المائة فاعرف جدا وفى الحديث ( من احيى الليالى الخمس وجبت له الجنة ليلة التروية وليلة عرفة وليلة النحر وليلة الفطر وليلة النصف من شعبان ) والثالثة نزول الرحمة قال عليه السلام ( ان اللّه ينزل ليلة النصف من شعبان الى السماء الدنيا ) اى تنزل رحمته والمراد فى الحقيقة تنزل عظيم من تنزلات عالم الحقيقة مخصوص بتلك الليلة وايضا المراد تنزل من اول الليلة اى وقت غروب الشمس الى آخرها اى الى طلوع الفجر أو طلوع الشمس والرابعة حصول المغفرة قال عليه السلام ( ان اللّه يغفر لجميع المسلمين فى تلك الليلة الا لكاهن او ساحر أو مشاحن أو مدمن خمر أو عاق للوالدين او مصر على الزنى ) قال فى كشف الاسرار فسر اهل العلم المشاحن فى هذا الموضع بأهل البدع والاهوآء والحقد على اهل الاسلام والخامسة انه اعطى فيها رسول اللّه عليه السلام تمام الشفاعة وذلك انه سأل ليلة الثالث عشر من شعبان الشفاعة فى امته فأعطى الثلث منها ثم سأل ليلة الرابع عشر فأعطى الثلثين ثم سأل ليلة الخامس عشر فأعطى الجميع الا من شرد على اللّه شراد بعير وفى رواية اخرى قالت عائشة رضى اللّه عنها رأيت النبى صلّى اللّه عليه وسلّم فى ليلة النصف من شعبان ساجدا يدعو فنزل جبريل فقال ان اللّه قد أعتق من النار الليلة بشفاعتك ثلث امتك فزاد عليه السلام فى الدعاء فنزل جبريل فقال ان اللّه يقرئك السلام ويقول أعتقت نصف امتك من النار فزاد عليه السلام فى الدعاء فنزل جبريل وقال ان اللّه اعتق جميع امتك من النار بشفاعتك الا من كان له خصم حتى يرضى خصمه فزاد عليه السلام فى الدعاء فنزل جبريل عند الصبح وقال ان اللّه قد ضمن لخصماء امتك ان يرضيهم بفضله ورحمته فرضى النبى عليه السلام والسادسة ان من عادة اللّه فى هذه الليلة ان يزيد ماء زمزم زيادة ظاهرة وفيه اشارة الى حصول مزيد العلوم الالهية لقلوب اهل الحقائق { انا كنا منذرين } استئناف مبين لما يقتضى الانزال كأنه قيل انا انزلناه لان من شأننا الانذار والتخويف من العقاب ٤ { فيها يفرق كل امر حكيم } اى يكتب ويفصل كل امر محكم ومتقن من ارزاق العباد وآجالهم وجميع امورهم الا السعادة والشقاوة من هذه الليلة الى الاخرى من السنة القابلة وقيل يبدأ فى انتساخ ذلك من اللوح فى ليلة البرآءة ويقع الفراغ فى ليلة القدر فتدفع نسخة الارزاق الى ميكائيل ونسخة الحروب والزلال والصواعق والخسف الى جبرائيل ونسخة الاعمال الى اسمعيل صاحب سماء الدنيا وهو ملك عظيم ونسخة المصائب الى ملك الموت حتى ان الرجل ليمشى فى الاسواق وان الرجل لينكح ويولد له ولقد أدرج اسمه فى الموتى كفته اند درميان فرشتكان فرشته حليم تر ورحيم تر ومهربان تر ازميكائيل نيست وفرشته مهيب ترو باسباست تراز جبرآئيل نيست درخبراست كه روزى هردو مناظره كردند جبرائيل كفت مرا عجب مى آيدكه يا اين همه بى حرمتى وجفا كارى بخلق رب العزة بهشت از بهرجه مى آفريد ميكائيل كفت مرا عجب مى آيدكه باآن همه فضل وكرم ورحمت كه اللّه را بربند كانست دوزخ را از بهرجه مى آفريداز حضرت عزت وجناب جبروت ندا آمدكه أحبكما الى احسنكما ظنا بى ازشما هر دوآنرا دوستتردارم كه بمن ظن نيكو ترمى برد يعنى ميكائيل كه رحمت بر غضب فضل مى نهد وقد قال اللّه تعالى ( ان رحمتى سبقت غضبى ) وكما ان فى هذه الليلة يفصل كل امر صادر بالحكمة من السماء فى السنة من اقسام الحوادث فى الخير والشر والمحن والمنن والمنصرة والهزيمة والخصب والقحط فكذا الحجب والجذب والوصل والفصل والوفاق والخلاف والتوفيق والخذلان والقبض والبسط والستر والنجلى فكم بين عبد نزل له الحكم والقضاء بالشقاء والبعد وآخر ينزل حكمه بالوفاء والرفد ٥ { امرا من عندنا } نصب على الاختصاص اى اعنى بهذا الامر امرا حاصلا من عندنا على مقتضى حكمتنا وهو بيان لفخامته الاضافية بعد بيان فخامته الذاتية { انا كنا مرسلين } بدل من انا كنا بدل الكل ٦ { رحمة من ربك } مفعول له للارسال اى انا انزلنا القرءآن لان عادتنا ارسال الرسل بالكتب الى العباد لاجل افاضة رحمتنا عليهم فيكون قوله رحمة غاية للارسال متأخرة عنه على ان المراد منها الرحمة الواصلة الى العباد او لاقتضاء رحمتنا السابقة ارسالهم فيكون باعثا متقدما للارسال على ان المراد مبدأها ووضع الرب موضع الضمير للايذان بان ذلك من احكام الربوبية ومقتضياتها واضافته الى ضميره عليه السلام للتشريف در دو عالم بخشش بخشايش است خلق را از بخششش اسايش است خواجه جون در مديح خويش سفت انما انا رحمة مهداة كفت كما قال فى التأويلات النجمية انا كنا مرسلين محمدا عليه السلام رحمة مهداة من ربك ليخرج المشتاقين من ظلمات المفارقة الى نور المواصلة وايضا انا كنا مرسلين رحمة لنفوس اوليائنا بالتوفيق ولقلوبهم بالتحقيق { انه هو السميع العليم } يسمع كل شئ من شأنه ان يسمع خصوصا انين المشتاقين ويعلم كل شئ من شانه ان يعلم خصوصا حنين المحبين فلا يخفى عليه شئ من اقوال العباد وافعالهم واحوالهم وهو تحقيق لربوبيته تعالى وانها لا تحق الا لمن هذه نعوته الجليلة ٧ { رب السموات والارض وما بينهما } بدل من ربك يقول الفقير الهمت بين النوم واليقظة ان معنى هذه الآية اى اشارة لا عبارة ان مربى ومبلغى الى كمالى هو رب السموات والارض وما بينهما يعنى جميع الموجودات العلوية والسفلية وذلك لانها مظاهر الاسماء والصفات الالهية ففى كل ذرة من ذرات العالم حقيقة مشهودة هى غذآء الروح العارف فيتربى بذلك الغذاء الشهودى بالغا الى اقصى استعداده كما يتربى البدن بالغذآء الحسى بالغا الى غاية نمائه ووقوفه والى هذا المعنى اشار صاحب المثنوى بقوله آن خيالاتى كه دام اولياست عكس مهرويان مستان خداست فافهم جدا وقل لا اعبد الا اللّه ولا اقصد سواه { ان كنتم موقنين } بشئ فهذا اولى ما توقنون به لفرط ظهوره او ان كنتم مريدين لليقين فاعلموا ذلك وبالفارسية اكر هستيد شمابى كمانان يعنى طلب كنند كان يقين ٨ { لا اله الا هو } اذ لا خالق سواه جملة مستأنفة مقررة لما قبلها { يحيى ويميت } يوجد الحياة فى الجماد ويوجد الموت فى الحيوان بقدرته كما يشاهذ ذلك اى يعلم علما جليا يشبه المشاهدة والظاهر ان المشاهدة تتعلق بالاثر فان المعلوم هو الاحياء والاماتة والمشهود هو أثر الحياة فى الحى وأثر الممات فى الميت وفى التأويلات النجمية يحيى قلوب اوليائه بنور محبته وتجلى صفات جماله ويميت نفوسهم بتجلى صفات جلاله { ربكم } اى هو ربكم وخالقكم ورازقكم { ورب آبائكم الاولين } وفى التأويلات رب آدم واولاده ورب الآباء العلوية وقال محمد بن على الباقر قد انقضى قبل آدم الذى هو ابونا ألف آدم واكثر وذكر الشيخ ابن العربى قدس سره فى الفتوحات المكية فى باب حدوث الدنيا حديثا ضعيفا انه انقضى قبل آدم مائة ألف آدم وجرى له كشف وشهود فى طواف الكعبة انه شاهد رجالا تمثلوا له من الارواح فسألهم من انتم فأجابوه انهم من اجداده الاول قبل آدم بأربعين ألف سنة قال الشيخ فسألت عن ذلك ادريس النبى عليه السلام فصدقنى فى الكشف والخبر وقال نحن معاشر الانبياء نؤمن بحدوث العالم كله ولم نعلم اوله والحق تعالى متفرد بأوائل الكائنات ٩ { بل هم فى شك } بلكه ايشان درشك اند اى مما ذكر من شؤونه تعالى غير موقنين فى اقرارهم بأنه تعالى رب السموات والارض وما بينهما { يلعبون } لا يقولون ما يقولون عن جد واذعان بل مخلوطا بهزؤ ولعب وهو خبر آخر وفى كشف الاسرار دركمان خويش بازى ميكنند فالظرف متلق بالفعل او بل هم حال كونهم فى شك مستقر فى قلوبهم يلعبون كما فى قوله { فهم فى ريبهم يترددون } وفيه اشارة الى ان من استولت عليه الغفلة اداه ذلك الى الشك ومن لزم الشك كان بعيدا من عين الصواب قال بعضهم وصف اهل الشك والنفاق باللعب وذلك لترددهم وتحيرهم فى امر الدين واشتغالهم بالدنيا واغترارهم بزينتها قال اويس القرنى رضى اللّه عنه اف لهذه القلوب قد خالطها الشك فما تنفعها العظة وعن الشيخ فتح الموصلى قدس سره قال رأيت فى البادية غلاما لم يبلغ الحنث يمشى ويحرك شفتيه فسلمت عليه فرد الجواب فقلت له الى اين يا غلام فقال الى بيت اللّه الحرام قلت فيماذا تحرك شفتيك قال بالقرءآن قلت فانه لم يجر عليك قلم التكليف قال رأيت الموت يأخذ من هو اصغر منى سنا فقلت خطوك قصير وطريقك بعيد فقال انما على نقل الخطى وعلى اللّه الابلاغ فقلت فأين الزاد والراحلة فقال زادى يقينى وراحلتى رجلاى سدره توفيق بود كرد علايق خواهىكه بمنزل برسى راحله بكذار قلت اسألك عن الخبز والماء قال يا عماه ارأيت لو أن مخلوقا دعاك الى منزله اكان يجمل بك ان تحمل معك زادك فقلت لا قال ان سيدى دعا عباده الى بيته وأذن لهم فى زيارته فحملهم ضعيف يقينهم على حمل زادهم وانى استقبحت ذلك فحفظت الادب معه أفتراه يضيعنى فقلت كلا وحاشى ثم غاب عن عينى فلم أره الا بمكة فلما رآنى قال يا شيخ انت بعد على ذلك الضعف فى اليقين سيراب كن زبحر بقين جان تشنه را زين بيش خشك لب منشين برسراب ريب ١٠ { فارتقب } الارتقاب جشم داشتن يعنى منتظر شدن والمعنى فانتظر يا محمد لكفار مكة على ان اللام للتعليل وبالفارسية بس تومنتظر باش براى ايشان { يوم تأتى السماء بدخان مبين } ظاهر لا شك فيه ويوم مفعول ارتقب والباء للتعدية يعنى آن روزكه آسمان دودى آرد آشكارا ويجوز أن يكون ظرفا له والمفعول محذوف اى ارتقب وعد اللّه فى ذلك اليوم أطلق الدخان على شدة القحط وغلبة الجوع على سبيل الكناية او المجاز المرسل والمعنى فانتظر لهم يوم شدة ومجاعة فان الجائع يرى بينه وبين السماء كهيئة الدخان اما لضعف بصره او لأن فى عام القحط يظلم الهوآء لقلة الامطار وكثرة الغبار ولذا يقال لسنة القحط السنة الغبرآء كما قالوا عام الرمادة والظاهر ان السنة الغبراء ما لا تنبت الارض فيها شيأ وكانت الريح اذا هبت ألقت ترابا كالرماد او لان العرب تسمى الشر الغالب دخانا واسناد الاتيان الى السماء لان ذلك يكفها عن الامطار فهو من قبيل اسناد الشئ الى سببه وذلك ان قريشا لما بالغوا فى الاذية له عليه السلام دعا عليهم فقال ( اللهم اشدد وطأتك على مضر ) أى عقابك الشديد يعنى خذهم اخذا شديدا ( واجعلها عليهم سنينا كسنى يوسف ) وهى السبع الشداد فاستجاب اللّه دعاءه فاصابتهم سنة اى قحط حتى اكلوا الجيف والجلود والعظام والعلهز وهو الوبر والدم اى يخلط الدم بأوبار الابل ويشوى على النار كان الرجل يرى بين السماء والارض الدخان من الجوع وكان يحدث الرجل ويسمع كلامه ولا يراه من الدخان وذلك قوله تعالى ١١ { يغشى الناس } اى يحيط ذلك الدخان بهم ويشملهم من جميع جوانبهم صفة للدخان { هذا عذاب اليم } اى قائلين هذا الجوع او الدخان عذاب أليم فمشى اليه عليه السلام ابو سفيان ونفر معه وناشدوه اللّه والرحم اى قالوا نسألك يا محمد بحق اللّه وبحرمة الرحم ان تستسقى لنا ووعدوه ان دعا لهم وكشف عنهم ان يؤمنوا وذلك قوله تعالى ١٢ { ربنا اكشف عنا العذاب } اى الجوع او عذاب الدخان وما لهما واحد فان الدخان انما ينشأ من الجوع { انا مؤمنون } بعد رفعه ١٣ { أنى لهم الذكرى } رد لكلامهم واستدعائهم الكشف وتكذيب لهم فى الوعد بالايمان المنبئ عن التذكر والاتعاظ بما اعتراهم من الداهية والمراد بالاستفهام الاستبعاد لا حقيقته وهو ظاهر اى كيف يتذكرون او من أين يتذكرون ويقولون بما وعدوه من الايمان عند كشف العذاب عنهم { وقد جاءهم رسول مبين } اى والحال انهم شاهدوا من دواعى التذكر وموجبات الاتعاظ ما هو أعظم منه فى ايجابهما حيث جاءهم رسول عظيم الشان وبين لهم مناهج الحق باظهار آيات ظاهرة ومعجزات قاهرة تحرك صم الجبال ١٤ { ثم } كلمة ثم هنا للاستبعاد { تولوا } أعرضوا { عنه } اى عن ذلك الرسول فيما شاهدوا منه من العظائم الموجبة للاقبال اليه ولم يقتنعوا بالتولى { وقالوا } فى حقه { معلم مجنون } اى قالوا تارة يعلمه غلام اعجمى لبعض ثقيف واسمه عداس او ابو فكهة او جبر او يسار واخرى مجنون او يقول بعضهم كذا وآخرون كذا فهل يتوقع من قوم هذه صفاتهم ان يتأثروا منه بالعظة والتذكير وما مثلهم الا كمثل الكلب اذا جاع ضغا واذا شبع طغا ١٥ { انا كاشفوا العذاب } جواب من جهته تعالى عن قولهم ربنا اكشف الخ اى انا نكشف العذاب المعهود عنكم بدعاء النبى عليه السلام وانزال المطر كشفا { قليلا } وهو دليل على كمال خبث سريرتهم فانهم اذا عادوا الى الكفر بكشف العذاب كشفا قليلا فهم بالكشف رأسا اعود أو زمانا قليلا وهو ما بقى من اعمارهم { انكم عائدون } تعودون اثر ذلك الى ما كنتم عليه من العتو والاصرار على الكفر وتنسون هذه الحالة وصيغة الفاعل فى الفعلين للدلالة على تحققها لا محالة ولقد وقع كلاهما حيث كشفه اللّه بدعاء النبى عليه السلام فما لبثوا ان عادوا الى ما كانوا فيه من العتو والعناد لان من مقتضى فساد طينتهم واعوجاج طبيعتهم المبادرة الى خلف الوعد ونقض العهد والعود الى الاشراك اذا زال المانع على ما بينه اللّه تعالى فيمن ركب الفلك اذ أنجاه الى البر ( وفى المثنوى ) آن ندامت از نتيجه رنج بود نى زعقل روشن جون كنج بود جونكه شدرنج آن ندامت شد عدم مى نيرزدخاك آن توبه ندم ميكند اوتوبه وبير خرد بانك لوردوا لعادوا ميزند ١٦ { يوم نبطش البطشة الكبرى } البطش تناول الشئ بعنف وصولة اى يوم القيامة ننتقم ونعاقب العقوبة العظمى { انا منتقمون } فيوم ظرف لما دل عليه قوله انا منتقمون لا لمنتقمون لان انا مانعة عن ذلك ( وقال الكاشفى ) يادكن روزى راكه بكيرم كافرا نرا كرفتن سخت وبزرك يعنى روزقيامت وذلك لانه تعالى أخذهم بالجوع والدخان ثم أذاقهم القتل والاسر يوم بدر وكل ذلك من العذاب الادنى دون العذاب الاكبر فاذا كان يوم القيامة يأخذهم اخذا شديدا لا يقاس على ما كان فى الدنيا نسأل اللّه العصمة من عذابه وجحيمه والتوفيق لما يوصل الى رضاه ونعيمه وقال بعض المفسرين المراد بالدخان ما هو من اشراط الساعة وهو دخان يأتى من السماء قبل يوم القيامة فيدخل فى اسماع الكفرة حتى يكون رأس الواحد كالرأس الحنيذ اى المشوى ويعترى المؤمن منه كهيئة الزكام وتكون الارض كلها كبيت او قد فيه ليس فيه خصاص اى فرجة يخرج منها الدخان وفى الحديث ( اول الآيات الدخان ونزول عيسى ابن مريم ونار تخرج من قعر عدن ابين ) وهو بفتح الهمزة على ما هو المشهور اسم رجل بنى هذه البلدة باليمن واقام بها ( تسوق الناس الى المحشر اى الى الشام والقدس ) قال حذيفة رضى اللّه عنه فما الدخان فتلا الآية فقال ( يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث اربعين يوما وليلة اما المؤمن فيصيبه كهيئة الزمكة واما الكافر فهو كالسكران يخرج من منخريه واذنيه ودبره ) وقال حذيفة بن اسيد الغفارى رضى اللّه عنه اطلع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم علينا ونحن نتذاكر فقال عليه السلام ( ما تذاكرون ) قالوا نذكر الساعة قال عليه السلام ( انها لن تقوم حتى تروا قبلها آيات ) اى علامات فذكر الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى بن مريم ويأجوج ومأجوج وثلاثة خسوف خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس الى محشرهم واوله بعض العلماء بفتنة الاتراك واول خروج الدجال بظهور الشر والفساد ونزول عيسى باندفاع ذلك وظهور الخير والصلاح يقول الفقير ان كان هذا التأويل من طريق الاشارة فمسلم لانه لا تخلو الدنيا عن المظاهر الجلالية والجمالية الى خروج الدجال ونزول عيسى واما ان كان من طريق الحقيقة فلا تصح له اذ لا بد من ظهور تلك الآيات على حقيقتها على ما اخبر به النبى عليه السلام فعلى هذا القول وهو تفسير الدخان بما هو من اشراط الساعة معنى قوله { ربنا اكشف عنا } الخ وقوله { انا كاشفوا العذاب } الخ انه اذا جاء الدخان تضور المعذبون به من الكفار والمنافقين وغوثوا وقالوا ربنا اكشف عنا العذاب انا مؤمنون فيكشف اللّه عنهم بعد أربعين يوما فريثما يكشف عنهم يرتدون ولا يتمهلون وظهور علامات القيامة لا يوجب انقطاع التكليف ولا يقدح فى صحة الايمان ولا يجب ايضا لزومها وعدم انكشافها وقال بعض اهل التفسير المراد بالدخان ما يكون فى القيامة اذا خرجو فى قبورهم فيحتمل ان يراد به معناه الحقيقى وما يستلزمه فانه لشدة اهوال يوم القيمة تظلم العين بحيث لا يرى الانسان فيه اينما توجه الا والظلمة مستولية عليه كانه مملوء دخانا فعلى هذا يبنى الكلام على الفرض والتقدير ومعناه انهم يقولون ربنا اكشف عنا العذاب اى ارددنا الى الدنيا نعمل صالحا فيقول اللّه انا كاشفوا العذاب يعنى ان كشفنا ورددناكم اليها تعودوا الى ما كنتم عليه من الكفر والتكذيب كما قال تعالى { ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه } والتفسير الاول من هذه التفاسير الثلاثة هو الذى يستدعيه مساق النظم الكريم قطعا وفى عرائس البقلى رحمه اللّه ظاهر الآية دخان الكفرة من الجوع فى الظاهر ودخان بواطنهم دخان النفس الامارة والاهواء المختلفة التى تغير سماء قلوبهم بغبار الشهوات وظلمة الغفلات وقال سهل قدس سره الدخان فى الدنيا قسوة القلب والغفلة عن الذكر وفى التأويلات النجمية فى الآية اشارة الى مراقبة سماء القلب عن تصاعد دخان اوصاف البشرية يغشى الناس عن شواهد الحق هذا عذاب أليم لارباب المشاهدة كما قال السرى قدس سره اللهم مهما عذبتنى فلا تعذبنى بذل الحجاب ربنا اكشف عنا عذاب الحجاب انا مؤمنون بانك قادر على رفع الحجاب وارخائه فاذا اخذوا فى الاستغاثة يقال لهم أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين بالهام تقواهم وفجورهم ثم خالفوه وقالوا خاطر شيطانى انا كاشفوا العذاب عن صورتهم فى الدنيا قليلا لان جميع الدنيا عندنا قليل ولكن يوم نبطش البطشة الكبرى نورثهم خزنا طويلا ولا يجدون فى ضلال انتقامنا مقيلا يقول الفقير ظهر من هذه التقريرات انه لا خير فى الدخان فى الظاهر والباطن ألا ترى ان من رآه فى المنام يعبر بالهول العظيم والقتال الشديد وبالظلمات والحجب والكدورات فعلى العاقل ان يجتهد فى الخروج من الظلمات الى النور والدخول فى دائرة الصفاء والحضور فانه ان بقى مع دخان الوجود يظلم عليه وجه المقصود ١٧ { ولقد فتنا قبلهم } بيش از كفارمكه { قوم فرعون } اى القبط والمعنى امتحناهم اى فعلنا بهم فعل الممتحن بارسال موسى عليه السلام اليه ليؤمنوا ويظهر منهم ما كان مستورا فاختاروا الكفر على الايمان فالفعل حقيقة او اوقعناهم فى الفتنة بالامهال وتوسيع الرزق عليهم فهو مجاز عقلى من اسناد الفعل الى سببه لان المراد بالفتنة حينئذ ارتكاب المعاصى وهو تعالى كان سببا لارتكابها بالامهال والتوسيع المذكورين { وجاءهم رسول كريم } على اللّه تعالى وهو موسى عليه السلام بمعنى انه استحق على ربه انواعا كثيرة من الاكرام او كريم على المؤمنين او فى نفسه لان اللّه تعالى لم يبعث نبيا الا من كان افضل نسبا وأشرف حسبا على ان الكريم بمعنى الخصلة المحمودة وقال بعضهم لمكالمته مع اللّه واستماع كلامه من غير واسطة وفى الآية اشارة الى انه تعالى جعل فرعون وقومه فيما فتنهم فدآء امة محمد عليه السلام لتعتبر هذه الامة بهم فلا يصرون على جحودهم كما اصروا ويرجعوا الى طريق الرشد ويقبلو دعوه نبيهم ويؤمنوا بما جاء به لئلا يصيبهم ما اصابهم بعد أن جاءهم رسول كريم ١٨ { ان ادوا الى عباد اللّه } ان مصدرية اى بأن ادوا الى بنى اسرآئيل وسلموهم وارسلوهم معى لأذهب بهم الى موطن آبائهم الشام ولا تستعبدوهم ولا تعذبوهم اى جئتكم من اللّه لطلب تأدية عباد اللّه الى ( قال فى كشف الاسرار ) فرعون قبطى بود وقوم وى قبط بودند وبنى اسرائيل درزمين ايشان غريب بودند از زمين كنعان بايشان افتادند نزاد يعقوب عليه السلام بودند بابدر خويش يعقوب بمصر شدند بر يوسف وآنروز هشتادو دوكس بودند وايشانرا درمصر توالد وتناسل بود بعد ازغرق فرعون جون ازمصر بيرون آمدند با موسى بقصد فلسطين هزار هزار وششصد هزار بودند فرعون ايشانرا فرمود تا رب العزة موسى رابه بيغمبرى بايشان فرستاد بدوكار يكى اوردن ايمان بوحدانيت حق تعالى وعبادت وى كردند ديكر بنى اسرآئيل را موسى دادن وايشانرا ازعذاب رها كردن اينست كه رب العالمين فرمود أن ادوا الى عباد الله يقول الفقير فتكون التأدية بعد الايمان كما قالوا فى آية اخرى { لنؤمنن لك ولنرسلن معك بنى اسرآئيل } ونظيره قول نوح عليه السلام لابنه { يا بنى اركب معنا ولا تكن مع الكافرين } اى آمن واركب فان الراكب انما هو المؤمنون والركوب متقرع على الايمان وقال بعضهم عباد اللّه منصوب بحرف الندآء المحذوف اى بان ادوا الى يا عباد اللّه حقه من الايمان وقبول الدعوة { انى لكم رسول أمين } على وحيه ورسالته صادق فى دعواه بالمعجزات وهو علة للامر بالتأدية وفيه اشارة الى ان بنى اسرآئيل كانوا امانة اللّه فى ايدى فرعون وقومه يلزم تأديتهم الى موسى لكونه امينا فخانوا تلك الامانة حتى آخذهم اللّه على ذلك ١٩ { وان لا تعلوا على اللّه } اى وبان لا تتكبروا عليه تعالى بالاستهانة بوحيه وبرسوله واستخفاف عباده واهانتهم { انى آتيكم } اى من جهته تعالى يحتمل ان يكون اسم فاعل وان يكون فعلا مضارعا { بسلطان مبين } تعليل للنهى اى آتيكم بحجة واضحة لا سبيل الى انكارها يعنى المعجزات وبالفارسية بدرستىكه من بشما آرنده ام حجتى روشن وبرهانى اشكارا بصدق مدعاى خود وفى ايراد الادآء مع الامين والسلطان مع العلاء من الجزالة ما لا يخفى ٢٠ { وانى عذب بربى وربكم } اى التجأت اليه وتوكلت عليه { ان ترجمون } من ان ترجمونى فهو العاصم من شركم والرجم سنكسار كردن يعنى الرمى بالرجام بالكسر وهى الحجارة او تؤذونى ضربا او شتما بان تقولوا هو ساحر ونحوه او تقتلونى قيل لما قال وان لا تعلوا على اللّه توعدوه بالقتل وفى التأويلات النجمية وانى عذت بربى من شر نفسى وربكم من شر نفوسكم ان ترجمونى بشئ من الفتن ٢١ { وان لم تؤمنوا لى فاعتزلون } الايمان يتعدى باللام باعتبار معنى الاذعان والقبول والباء باعتبار معنى الاعتراف وحقيقة آمن به امن المخبر من التكذيب والمخالفة وقال ابن الشيخ اللام للاجل بمعنى لاجل ما اتيت به من الحجة والمعنى وان كابرتم مقتضى العقل ولم تصدقونى فكونوا بمعزل منى لا على ولا لى ولا تتعرضوا لى بشر ولا اذى لا باليد ولا باللسان فليس ذلك من جزآء من يدعوكم الى ما فيه فلا حكم فالاعتزال كناية عن الترك ولا يراد به الاعتزال بالابدان قال القاضى عبد الجبار من متأخرى المعتزلة كل موضع جاء فيه لفظ الاعتزال فى القرءآن فالمراد منه الاعتزال عن الباطل وبهذا صار اسم الاعتزال اسم مدح وهو منقوض بقوله تعالى فان لم تؤمنوا لى فاعتزلون فان المراد بالاعتزال هنا العزلة عن الايمان التى هى الكفر لا العزلة عن الكفر والباطل كذا فى بعض كتب الكلام اخبر اللّه بهذه الآية ان المفارقة من الاضداد واجبة قيل ان بعض اصحاب الجنيد قدس سره وقع له عليه انكار فى مسألة جرت له معه فكتب اليه ليعارضه فيها فلما دخل على الجنيد نظر اليه وقال يا فلان وان لم تؤمنوا لى فاعتزلون نقلست كه اما احمد حنبل رحمه اللّه شبى نزد بشر حافى قدس سره رفتى ودر حق او ارادت تمام داشت تابحدى كه شا كردانش كفتند تو امام عالم باشى ودر فقه وأحاديث وجمله علوم واجتهاد نظير ندارى هردم ازبس شوريده بابر هنه مى دوى اين جه لايق بود احمد كفت آن همه علوم كه شمر ديد جنانست من همه به ازان دانم اما او خدارابه از من داند فينبغى للمرء ان يعتزل عن الباطل ايا كان لا عن الحق وربما رأينا بعض اهل الانكار فى الغالب يعتزل عن صحبة الرجال ثم لا يكتفى باعتزاله حتى يؤذيهم باللسان فيكون باهانة الاولياء عدو اللّه تعالى ومحروما من فوائد الصحبة وعوآئد المجلس فلزم على أهل الحق أن يتعوذوا باللّه من شرور الظلمة والجبابرة وأهل الانكار والمكابرة كما تعوذ الانبياء عليهم السلام اى خدا كمترين كداى توام جشم بر خوان كبرياى توام از بد ومنكران امانم ده هرجه آنم بهست آنم ده جونكه توكفتى فاستعذ باللّه بتو بردم زشر ديو بناه باخصوص ازبلاى ديو سفيد كه نباشد از وكريز مفيد ٢٢ { فدعا } موسى { ربه } بعدما كذبوه { ان هؤلاء } اى بان هؤلاء القبط { قوم مجرمون } مصرون على كفرهم ومتابعة هواهم وانت اعلم بهم فافعل بهم ما يستحقونه ٢٣ { فأسر بعبادى ليلا } الفاء عاطفة باضمار القول بعد الفاء لئلا يلزم عطف الانشاء على الخبر والاسرآء بشب رفتن يقال أسرى به ليلا اذا سار معه بالليل وكذا سرى والسرى وان كان لا يكون الا بالليل لكنه أتى بالليل للتأكيد والمعنى فاجاب اللّه دعاءه وقال له اسر يا موسى ببنى اسرائيل من مصر ليلا على غفلة من العدو وبالفارسية بس ببر بشب بندكان مرا { انكم متبعون } علة للامر بالسير اى يتبعكم فرعون وجنوده بعد أن علموا بخروجكم ليلا ليقتلكم جون بلب دريارسيده باشيد تو عصا بردريا زنى بشكافد ودروراهها بديد آيد تا بنى اسرآئيل بكذرند ٢٤ { واترك البحر } اى بحر القلزم وهو الاظهر الاشهر أو النيل حال كونه { رهوا } مصدر سمى به البحر للمبالغة وهو بمعنى الفرجة الواسعة اى ذا رهو أو راهيا مفتوحا على حاله منفرجا ولا تخف ان يتبعك فرعون وقومه او ساكنا على هيئته بعدما جاوزته ولا تضربه بعصاك لينطبق ولا تغيره عن حاله ليدخله القبط فاذا دخلوا فيه أطبقه اللّه عليهم يعنى ساكن وآراميده برآن وجه كه راهها بروظاهر بود فيكون معنى رهوا ساكنا غير مضطرب وذلك لان الماء وقف له كالطود العظيم حتى جاوز البحر { انهم جند مغرقون } علة للامر بترك البحر رهوا والجند جمع معد للحرب والاغراق غرقه كردن والغرق الرسوب فى الماء والتسفل فيه يقول الفقير لما كان فرعون يفتخر بالماء وجريان الانهار من تحت قصره وأشجار بساتينه جاء الجزاء من جنس العمل ولذا امر اللّه تعالى موسى عليه السلام بأن يسير الى جانب البحر دون البر والا فاللّه سبحانه قادر على اهلاك العدو فى البر ايضا بسبب من الاسباب كما فعل باكثر الكفار ممن كانوا قبل القبط ٢٥ { كم تركوا } اى كثيرا تركوا فى مصر فكم فى محل النصب على انه مفعول تركوا ومن فى قوله { من جنات } بيان لابهامه اى بساتين كثيرة الاشجار وكانت متصلة من رشيد الى أسوان وقدر المسافة بينهما اكثر من عشرين يوما وفى الآية اختصار والمعنى فعل ما امر به بأن ترك البحر رهوا فدخله فرعون وقومه فاغرقوا وتركوا بساتين كثيرة { وعيون } نابعة بالماء وبالفارسية جشمهاى آب روان ولعل المراد الانهار الجارية المتشعبة من النيل اذ ليس فى مصر آبار وعيون كما قال بعضهم فى ذمها هى بين بحر رطب عفن كثير البخارات الرديئة التى تولد الادواء وتفسد الغذاء وبين جبل وبر يابس صلد ولشدة يبسه لا تنبت فيه خضراء ولا تنفجر فيه عين ماء انتهى ٢٦ { وزروع } جمع زرع وهو ما استنبت بالبذر تسمية بالمصدر من زرع اللّه الحرث اذا أنبته وأنماه قال فى كشف الاسرار وفنون الاقوات وألوان الاطعمة اى كانوا اهل ريف وخصب خلاف حال العرب { ومقام كريم } محافل مزينة ومنازل محسنة ٢٧ { ونعمة } اى تنعم ونضارة عيش وبالفارسية واسباب تنعم وبرخوردارى يقال كم ذى نعمة لا نعمة له اى كم ذى مال لا تنعم له فالنعمة بالكسر ما انعم به عليك والنعمة بالفتح التنعم وهو استعمال ما فيه النعومة واللين من المأكولات والملبوسات وبالفارسية بناززيستن { كانوا فيها فاكهين } متنعمين متلذذين ومنه الفاكهة وهى ما يتفكه به اى يتنعم ويتلذذ بأكله ٢٨ { كذلك } الكاف فى حيز النصب وذلك اشارة الى مصدر فعل يدل عليه تركوا اى مثل ذلك السلب سلبناهم اياها { واورثناها قوما آخرين } فهو معطوف على الفعل المقدر وايراثها تمليكها مخلفة عليهم او تمكينهم من التصرف فيها تمكين الوارث فيما يرثه اى جعلنا اموال القبط لقوم ليسوا منهم فى شئ من قرابة ولا دين ولا ولاء وهم بنوا اسرائيل كانوا مسخرين لهم مستعبدين فى ايديهم فأهلكهم اللّه واورثهم ديارهم وملكهم واموالهم وقيل غيرهم لانهم لم يعودوا الى مصر قال قتادة لم يرو فى مشهور التواريخ انهم رجعوا الى مصر ولا ملكوها قط ورد بأنه لا اعتبار بالتواريخ فالكذب فيها كثير واللّه تعالى أصدق قيلا وقد جاء فى الشعراء التنصيص بايراثها بنى اسرائيل كذا فى حواشى سعدى المفتى قال المفسرون عند قوله تعالى { عسى ربكم ان يهلك عدوكم ويستخلفكم فى الارض } اى يجعلكم خلفاء فى ارض مصر أو فى الارض المقدسة وقالوا فى قوله تعالى { وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الارض ومغاربها } اى ارض الشام ومشارقها ومغاربها جهاتها الشرقية والغربية ملكها بنوا اسرآئيل بعد الفراعنة والعمالقة بعد انقضاء مدة التيه وتمكنوا فى نواحيها فاضطرب كلامهم فتارة حملوا الارض على ارض مصر واخرى على ارض الشام والظاهر الثانى لان المتبادر استخلاف انفس المستضعفين لا اولادهم ومصر انما ورثها اولادهم لانها فتحت فى زمان داود عليه السلام ويمكن ان يحمل على ارض الشام ومصر جميعا والمراد بالمستضعفين هم واولادهم فان الابناء ينسب اليهم ما ينسب الى الآباء واللّه اعلم وفى الآية اشارة الى ترك بحر الفضل رهوا اى مشقوقا بعصا الذكر لان فرعون النفس وصفاتها فانون فى بحر الوحدة تاركون لجنات الشهوات وعيون المستلذات الحيوانية وزروع الآمال الفاسدة والمقامات الروحانية بعبورهم عليها وسائر تنعمات الدنيا والآخرة بالسير والاعراض عنها وبقوله كذلك واورثناها الى الخ يشير ان الصفات النفسانية وان فنيت بتجلى الصفات الربانية فمهما يكن الفالب باقيا بالحياة يتولد منه الصفات النفسانية الى ان تفنى هذه الصفات بالتجلى ايضا ولو لم تكن هذه المتولدات ما كان للسائر الترقى فافهم جدا فانه بهذا الترقى يعبر السائر عن المقام الملكى لانه ليس للملك الترقى من مقامه كما قال تعالى { وما منا الا له مقام معلوم } فالكمال الملكى دفعى ثم لا ترقى بعده والكمال البشرى تدريجى ولا ينقطع سيره ابدا لا فى الدنيا ولا فى الآخرة واللّه مفيض الجود ٢٩ { فما بكت عليهم السماء والارض } مجاز مرسل عن عدم الاكتراث بهلاكهم والاعتداد بوجودهم لان سبب البكاء على شئ هو المبالاة بوجوده يعنى انه استعارة تمثيلية بعد الاستعارة المكنية فى السماء والارض بأن شبهتا بمن يصح منه الاكتراث على سبيل الكناية واسند البكاء اليهما على سبيل التخييل كانت العرب اذا مات فيهم من له خطر وقدر عظيم يقولون بكت عليه السماء والارض يعنى ان المصيبة بموته عمت الخلق فبكى له الكل حتى الارض والسماء فاذا قالوا ما بكت عليه السماء والارض يعنون به ما ظهر بعد ما يظهر بعده ذوى الاقدار والشرف ففيه تهكم بالكفار وبحالهم المنافية لحال من يعظم فقده فيقال له بكت عليه السماء والارض وقال بعضهم هو على حقيقته ويؤيده ما روى انه عليه السلام قال ( ما من مؤمن الا وله فى السماء بابان باب يخرج منه رزقه وباب يدخل منه عمله واذا مات فقداه وبكيا عليه ) وتلا فما بكت الخ يعنى جون بنده وفات كندواين دودر ازنزول رزق وخروج عمل محروم ماندبروبكريند وفى الحديث ( ان المؤمن يبكى عليه من الارض مصلاه وموضع عبادته ومن السماء مصعد عمله ) ( وروى ) اذا مات كافر استراح منه السماء والارض والبلاد والعباد فلا تبكى عليه أرض ولا سماء وفى الحديث ( تضرعوا وابكوا فان السموات والارض والشمس والقمر والنجوم يبكون من خشية اللّه ) در معالم آورده جون مؤمن بميرد جمله آسمان وزمين برويكريند وكفته اندكه كريه آسمان وزمين همجون كريه آدميانست يعنى بكاؤهما كبكاء الانسان والحيوان فانه ممكن قدرة كما فى الكواشى وقد ثبت ان كل شئ يسبح اللّه تعالى على الحقيقة كما هو عند محققى الصوفية فمن الجائز ان يبكى ويضحك بما يناسب لعالمه قال وهب بن منبه رضى اللّه عنه لما أراد اللّه ان يخلق آدم أوحى الى الارض اى أفهمها والهمها انى جاعل منك خليفة فمنهم من يطيعنى فأدخله الجنة ومنهم من يعصينى فأدخله النار فقالت الارض أمنى تخلق خلقا يكون للنار قال نعم فبكت الارض فانفجرت منها العيون الى يوم القيامة وعن انس رضى اللّه عنه رفعه لما عرج بى الى السماء بكت الارض من بعدى فنبت اللصف من نباتها فلما ان رجعت قطر عرقى على الارض فنبت ورد أحمر الا من اراد ان يشم رائحتى فليشم الورد الاحمر كما فى المقاصد الحسنة وبعضى برانندكه علامتى بريشان ظاهر شودكه دليل بود برحزن وتأسف همجون كريه كه درأغلب دالست برغم واندو قال عطاء والسدى بكاء السماء حمرة اطرافها وعن زيد ابن ابى زياد لما قتل الحسين بن على رضى اللّه عنهما احمر له آفاق السماء اشهرا واحمرارها بكاؤها وعن ابن سيرين رحمه اللّه اخبرونا ان الحمرة التى مع الشفق لم تكن حتى قتل الحسين رضى اللّه عنه اى انها زادت زيادة ظاهرة والا فانها قد كانت قبل قتله اين سرخى شفق كه برين جرخ بيوفاست هرشام عكس خون شهيد ان كربلاست كر جرخ خون ببارد ازين غصه در خورست ورخاك خون بكريد ازين ماجرا رواست والشفق الحمرة وقال بعضهم الشفق شفقان الحمرة والبياض فاذا غابت الحمرة حلت الصلاة وفى الحديث ( اذا غاب القمر فى الحمرة فهو اليلة واذا غاب فى البياض فهو لليلتين ) وكانت العرب يجعلون الخسوف والحمرة التى تحدث فى السماء بكاء على الميت ولما كسفت الشمس يوم موت ابنه عليه السلام ابراهيم قال الناس كسفت لموت ابراهيم فخطبهم فقال ( ان الشمس والقمر آيتان من آيات اللّه لا ينكسفان لموت احد ولا لحياته فاذا رأيتموها فادعوا اللّه وصلوا حتى تنجلى ) وهذا لا ينافى ما سبق فان مراده عليه السلام رفع اعتقاد اهل الجاهلية ولا شك ان كل حادث فهو دال على امر من الامور ولذا امر بالدعاء والصلاة وسر الدعاء ان النفوس عند مشاهدة ما هو خارق العادة تكون معرضة عن الدنيا ومتوجهة الى الحضرة العليا فيكون اقرب الى الاجابة هذا هو السر فى استجبابة الدعوات فى الاماكن الشريفة والمزارات قال بعضهم لا تبكى السموات والارض على العصاة واهل الدعوى والانانية فكيف تبكى السماء على من لم يصعد اليها منه طاعة وكيف تبكى الارض على من عصى اللّه عليها بل يبكيان على المطيعين خصوصا على العارفين اذا فارقوا الدنيا حين لا يصعد الى السماء انوار انفاسهم ولا يجرى على الارض بركات آثارهم وفى الحديث ( ان السماء والارض تبكيان لموت العلماء ) وفى الحديث ( ما مات مؤمن فى غربة غابت عنه بواكيه الا بكت عليه السماء والارض ) ثم قرأ الآية وقال ( انهما لا تبكيان على كافر ) وقال بعض المفسرين معنى الآية فما بكت عليهم اهل السماء والارض فاقام السماء والارض مقام اهلهما كما قال واسأل القرية وينصره قوله عليه السلام ( اذا ولد مولود من امتى تباشرت الملائكة بعضهم ببعض من الفرح واذا مات من امتى صغير او كبير بكت عليه الملائكة ) وكذا ورد فى الخبر ( ان الملائكة يبكون اذا خرج شهر رمضان وكذا يسبتشرون اذا ذهب الشتاء رحمة للمساكين ) { وما كانوا } لما جاء وقت هلاكهم { منظرين } ممهلين الى وقت آخرين او الى الآخرة بل عجل لهم فى الدنيا اما الاول فلأن العمر الانسانى عبارة عن الانفاس فاذا نفدت لم يبق للتأخير مجال واما الثانى فانهم مستحقون لنكال الدنيا والآخرة اما نكال الدنيا فلاشتغالهم بظواهرهم باذية الداعى مستعجلين فيها واما نكال الآخرة فلمحاربتهم مع اللّه ببواطنهم بالتكذيب والانكار والدنيا من عالم الظاهر كما ان الآخرة من عالم الباطن فجوزوا فى الظاهر والباطن بما يجرى على ظواهرهم وبواطنهم وهذا بخلاف عصاة المؤمنين فانهم اذا فعلوا ذنبا من الذنوب ينظرون الى سبع ساعات ليتوبوا فلا يكتب فى صحائف اعمالهم ولا يؤاخذون به عاجلا لان اللّه يعفو عن كثير ويجعل بعض المصائب كفارة الذنوب فلا يؤاخذ آجلا ايضا فلهم الرحمة الواسعة والحمد لله تعالى ولكن ينبغى للمؤمن ان يعتبر باحوال الامم فيطيع اللّه تعالى فى جميع الاحوال ويجتهد فى احياء الدين لا فى اصلاح الطين ونعم ما قال بعضهم خاك دردستش بودجون باد هنكام رحيل هركه اوقات كرامى صرف آب وكل كند ومن اللّه العون ٣٠ { ولقد نجينا بنى اسرآئيل } التنجية نجات دادن وبرهانيدن اى خلصنا اولاد يعقوب باغراق القبط فى اليم { من العذاب المهين } از عذابى خوار كننده يعنى استعباد فرعون اياهم وقتل ابنائهم واستخدام نسائهم وبناتهم وتكليفه اياهم الاعمال الشاقة فالهوان يكون من جهة مسلط مستخف به وهو مذموم ٣١ { من فرعون } بدل من العذاب اما على جعله نفس العذاب لافراطه فى التعذيب واما على حذف المضاف اى من عذاب فرعون او حال من المهين بمعنى واقعا من جهته واصلا من جانبه { انه كان عاليا } متكبرا { من المسرفين } خبر ثان لكان اى من الذين اسرفوا على انفسهم بالظلم والعدوان وتجاوزوا الحد فى الكفر والعصيان ( وقال الكاشفى ) از كافرانكه متجاوزاند از حدود ايمان ومن اسرافه انه على حقارته وخسة شأنه ادعى الالهية فكان أكفر الكفار واطغاهم وهو أبلغ من ان يقال مسرفا لدلالته على انه معدود فى زمرتهم مشهور بانه فى جملتهم وفيه ذم لفرعون ولمن كان مثله فى العلو والاسراف كنمرود وغيره وبيان ان من اهان المؤمن اهلكه اللّه واذله ومن يهن اللّه فماله من مكرم وان النجاة من ايدى الاعدآء من نعم اللّه الجليلة على الاحباب فان من نكد الدنيا ومصائبها على الحر ان يكون مغلوبا للاعدآء وان يرى عدوا له ما من صداقته بد وان اللّه اذا اراد للمرء ترقيا فى دينه ودنياه يقدم له البلايا ثم ينجيه تامرا كعبه مقصود ببالين آمد سالها بستر خودخار مغيلان كردم ٣٢ { ولقد اخترناهم } اى فضلنا بنى اسرآئيل { على علم } فى محل النصب على الحال اى عالمين بأنهم احقاء بالاختيار وبالفارسية بردانشى بى غلط يعنى نه بغلط بركزيديم بلكه بعلم باك كزيديم وبدانش تمام دانستيم كه ازهمه آفريد كان سزاى كزيدن ايشانند ازان كزيديم اختيار ما بعلم واردات ماست بى علت ونواخت ما بفضل وكرم بى سبب او عالمين بانهم يريغون فى بعض الاوقات وتكثر منهم الفرطات كما قال الواسطى رحمه اللّه اخترناهم على علم منا بجناياتهم وما يقترفون من انواع المخالفات فلم يؤثر ذلك فى سوابق علمنا بهم ليعلمو أن الجنايات لا تؤثر فى الرعايات ومن هذا القبيل اولاد يعقوب عليه السلام فانهم مع ما فعلوا بيوسف من القائه فى الجب ونحوه اختارهم اللّه للنبوة على قول كرد عصيال رحمت حق رانمى آرد بشور مشرب دريانكردد تيره ازسيلابها ويجوز ان يكون المعنى لعلمهم وفضلهم على ان كلمة على للتعليل { على العالمين } على عالمى زمانهم يعنى برجهانيان روزكار ايشان او على العالمين جميعا فى زمانهم وبعدهم فى كل عصر لكثرة الانبياء فيهم حيث بعث فيهم يوما ألف نبى ولم يكن هذا فى غيرهم ولا ينافيه قوله تعالى فى حق امة محمد عليه السلام { كنتم خير امة اخرجت للناس } الآية لتغاير جهة الخيرية يقول الفقير والحق ان هذه الامة المرحومة خير من جميع الامم من كل وجه فان خيرية الامم ان كانت باعتبار معجزات انبيائهم فاللّه تعالى قد اعطى لنبينا عليه السلام جميع ما اعطاه للاولين وان كانت باعتبار كثرة الانبياء فى وقت واحد فعلماؤنا الذين كأنبياء بنى اسرآئيل اكثر وأزيد وذلك لانه لا تخلو الدنيا كل يوم من ايام هذه الامة الى قيام الساعة من مائة ألف ولى واربعة وعشرين ألف ولى فانظر كم بينهم من الفرق هدانا اللّه واياكم اجمعين قال فى المفردات الاختيار طلب ما هو خير فعله وقوله تعالى ولقد اخترناهم الآية يصح ان يكون اشارة الى ايجاده تعالى اياهم خيرا وان يكون اشارة الى تقديمهم على غيرهم وفى بحر العلوم هذا الاختيار خاص بمن اختاره اللّه بالنبوة منهم او عام لهم ولمن كانوا مع موسى اختارهم بما خصصهم به ( كما قال الكاشفى ) ولقد اخترناهم وبدرستى كه بركزيديم موسى ومؤمنان بنى اسرائيل راه فجعلنا فيهم الكتاب والنبوة والملك ٣٣ { وآتيناهم من الايات } نشانهاى قدرت كفلق البحر وتظليل الغمام وانزال المن والسلوى وغيرها من عظائم الآيات التى لم يعهد مثلها فى غيرهم { ما فيه بلاء مبين } نعمة جليلة او اختيار ظاهر لينظر كيف يعملون وفى كشف الاسرار ابتلاهم بالرخاء والبلاء فطالبهم بالشكر عند الرخاء والصبر عند البلاء آدمى كهى خستة بتير بلاست كهى غرقه لطف وعطا وحق تعالى تقاضاى شكر مى كند بوقت راحت ونعمت وتقاضاى صبر مىكند درحال بلا وشدت مصطفى عليه السلام قومىرا ديداز انصار كفت شما مؤمنان آيد كفتند آرى كفت نشان ايمان جيست كفتند برنعمت شكر كنيم ودرمحنث صبر كنيم وبقضاء اللّه راضى كفت انتم مؤمنون ورب الكعبة قال ابن الشيخ هو حقيقة فى الاختيار وقد يطلق على النعمة وعلى المحنة مجازا من حيث ان كل واحد منهما يكون سببا وطريقا للاختيار فان قلت اذا كانت الآيات المذكورة نعمة فى انفسها فما معنى قوله ما فيه بلاء اى نعمة قلت كلمة فى تجريدية فقد يكون نعمة فى نعمة كما يكون نعمة فوق نعمة ومحنة فوق محنة كفته انددو برادر توأمان بودند بيك شكم آمده بودند وبشث ايشان يكديكر جسيبده بود جون بزرك شدند دآئم زبان بشكر الهى داشتند بكى از ايشان برسيدكه باوجود جنين بلاى كه شمارا واقعست جه جاى شكر كزار يسث ايشان كفتند ماميد انيم كه حق تعالى را بلاها ازين صعبتر بسيارست برين بلاشكر ميكويين مباداكه بيلايى ازين عظيمتر مبتلا شويم ناكاه يكى ازايشان بمردآن دكركفت اينك بلاى صعبتر بيداشد اكنون اكراين مرده را ازمن قطع ميكنند من نيزمى ميرم واكر قطع نمى كنندمرا مرده كشى بايد كردنا وقتىكه بدن وى فرسوده شود وبريزد وكفته اند خلاصه درويشى آنست كه ازهمه كس باركشد وبرهيجكس باننهد نه بحسب صورت ونه بحسب معنى فلا بد من الصبر على البلاء والتحمل على الشدة اكرزكوه فروغلطد آسياسنكى نه عارفسث كه ازراه سنك برخيزد واللّه الموفق لما يحب ويرضى من الاعمال ٣٤ { ان هؤلاء } اى كفار قريش لان الكلام فيهم وقصة فرعون وقومه للدلالة على تماثيلهم فى الاصرار على الضلالة والتحذير عن حلول ما حل بهم من العذاب { ليقولون } ٣٥ { ان هى الا موتتنا الاولى } لما اخبروا بأن عاقبة حياتهم ونهايتها امران الموت ثم البعث انكروا ذلك بحصر نهاية الامر فى الموتة الاولى اى ما العاقبة ونهاية الامر الا الموتة الاولى المزيلة للحياة الدنيوية ولا بعث بعدها وتوصيفها بالاولى لا يستدعى ان يثبت الخصم موتة ثانية فيقصدو بذلك انكارها لان كون الشئ اولا لا يستلزم وجود ما كان آخرا بالنسبة اليه كما لو قال اول عبد املكه حر فملك عبدا عتق سواء كان مالكا بعده عبدا آخر او لا قال سعدى المفتى وفيه بحث فان الاول مضايف الآخر او الثانى فيقضى المضايف الآخر بلا شبهة اذ المتضايفان متكافئان وجودا وعدما ثم قال ويجوز أن يقال مقصود المصنف الاشارة الى ان المراد بالاولية عدم المسبوقية باخرى مثلها على المجاز وقال فى الكشاف لما قيل لهم انكم تموتون موتة تعقبها حياة كما تقدمتكم موتة كذلك قالوا ما هى الا موتتنا الاولى اى ما الموتة التى تعقبها حياة الا الموتة الاولى فالحصر بهذا المعنى راجع الى معنى ان يقال ما هى الا حياتنا الاولى ولا تكلف فى اطلاق الموت على ما كان قبل الحياة الدنيا كما فى قوله تعالى { وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم } وقال بعضهم لمعنى ليس الموتة لا هذه الموتة دون الموتة التى تعقبها حياة القبر كما تزعمون يكون بعدها البعث والنشور ولا يبعد أن يحمل على حذف المضاف على ان يكون التقدير ان الحياة الا حياة موتتنا الاولى فالاولى صفة للمضاف والقرينة عليه قوله وما نحن بمنشرين فالآية مثل قوله { ان هى الا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين } كما فى حواشى سعدى المفتى { وما نحن بمنشرين } بمبعوثين بعد الموت يعنى زنده شد كان وبر انكيختكان بعد ازمرك من انشر اللّه الموتى اذا بعثهم وغرضهم من هذا القول المبالغة فى انكار حشر الموتى ونشرهم من القبور ٣٦ { فأتوا بآبائنا } الخطاب لمن وعدهم بالنشور من الرسول والمؤمنين والمعنى بالفارسية بس بياريد بدران مارا ازكور وزنده كنيد { ان كنتم صادقين } فيما تعدونه من قيام الساعة وبعث الموتى يعنى ان كان البعث والنشور ممكنا معقولا فعجلوا لنا احياء من مات من آبائنا ليظهر صدق وعدكم وقيل كانوا يطلبون اليهم ان يدعوا اللّه فينشر لهم قصى بن كلاب ليشاوروه ويسألوا منه عن احوال الموت وكان كبيرهم ومفزعهم فى المهمات والملمات ( قال الكاشفى ) اين سخن ازايشان جهل بودزيرا هركه جائز بود وقوع آن ازخداى تعالى بوقتى خاص لازم بود وجود وظهورآن نه بهر وقت كه ديكرى خواهدبس جون وعده بعث در آخرت اكر دردنيا واقع نشود كسى رابروا تحكم نرسد وقال فى كشف الاسرار وانما لم يجبهم لان البعث الموعود انما هو فى دار الجزآء يوم القيامة والذى كانوا يطلبونه البعث فى الدنيا فى حالة التكليف وبينهما تغاير يقول الفقير قد صح ان عيسى عليه السلام أحيى الموتى لا سيما سام بن نوح عليه السلام وكان بينه وبين موته اكثر من اربعة آلاف سنة ونبينا عليه السلام كان أولى بالاحياء لانه أفضل لكنهم لما طلبوه بالاقتراح لم يأذن اللّه له فيه لكون غايته الاستئصال على تقدير الاصرار وقد ثبت عند العلماء الاخيار ان نبينا عليه السلام احيى أبويه وعمه ابا طالب فآمنوا به كما سبق تفصيله فى محله وفى الآية اشارة الى ان من غلب عليه الحس ولم تكن له عين القلب مفتوحة ليطلع ببصره وبصيرته عالم الغيب وهو الآخرة لا يؤمن لا بما يريه بصر الحس ولهذا انكروا البعث والنشور اذ لم يكن يشاهده نظر حسهم وقالوا فائتوا بآبائنا اى احيوهم حتى نراهم بنظر الحس ونستخبر منهم احوالهم بعد الموت ان كنتم صادقين فيما تدعون من البعث ( حكى ) عن الشيخ ابى على الرودبادى قدس سره انه ورد عليه جماعة من الفقراء فاعتل واحد منهم وبقى فى علته اياما فمل اصحابه من خدمته وشكوا ذلك الى الشيخ ابى على ذات يوم فخالف الشيخ على نفسه وحلف ان يتولى خدمته بنفسه اياما ثم مات الفقير فغسله وكفنه وصلى عليه ودفنه فلما اراد ان يفتح رأس كفنه عند اصحابه فى القبر رآه وعيناه مفتوحتان اليه وقال له يا ابا على لانصرنك بجاهى يوم القيامة كما نصرتنى فى مخالفتك نفسك وقال ابو يعقوب السوسى قدس سره جاءنى مريد بمكة وقال يا استاذ انا غدا اموت وقت الظهر فخذ هذا الدينار فأحضر لى بنصفه حنوطا وكفنى بنصفه فلما كان الغد وقت الظهر جاء فطاف ثم تباعد ومات فغسلته وكفنته ووضعته فى اللحد ففتح عينيه فقلت له أحياة بعد الموت فقال انا حى فكل محب لله حى يقول الفقير ففى هاتين الحكايتين اشارات الاولى ان للفقراء الصابرين جاها عند اللّه يوم القيامة فكل من اطعمهم او كساهم او فعل بهم ما يسرهم فهم له شفعاء عند اللّه مشفعون فيدخلونه الجنة باذن اللّه والثانية ان حياة الانبياء والاولياء حياة دائمة فى الحقيقة ولا يقطعها الموت الصورى فانه انما يطرأ على الاجساد بمقارقة الارواح مع ان اجسادهم لا تأكلها الارض فهم بمنزلة الاحياء من حيث الاجساد ايضا والثالثة ان الاحياء اسهل شئ بالنسبة الى اللّه تعالى فمن تأمل فى تعلق الروح بالبدن اولا لم يتوقف فى تعلقه به ثانيا وثالثا والرابعة اثر الحياة مرئى ومشهود فى الميت بالنسبة الى أرباب البصائر فانهم ربما رأوا فى بعض الاموات اثر الحياة وتكلموا معه فمن حرم من البصيرة وقصر نظره على الحس وقع فى الانكار وعلى تقدير رؤيته حمله على امر آخر من السحر والتخييل ونحو ذلك كما وقع لبعض الكفار فى زمان عيسى عليه السلام وغيره ونعم ما قيل درجشم اين سياه دلان صبح كاذبست در روشنى اكريدبيضا شود كسى نسأل اللّه سبحانه ان يجعلنا من اهل الحياة الحقانية والنشأة العرفانية ٣٧ { أهم خير } رد لقولهم وتهديد لهم اى كفار قريش خير فى القوة والشوكة اللتين يدفع بهما اسباب الهلاك لا فى الدين حتى يرد انه لا خيرية فى واحد من الفريقين { ام قوم تبع } المراد بتبع هنا واحد من ملوك اليمن معروف عند قريش وخصه بالذكر لقرب الدار وسيأتى بقية الكلام فيه { والذين من قبلهم } اى قبل قوم تبع عطف على قوم تبع والمراد بهم عاد وثمود واضرابهم من كل جبار عنيد اولى بأس شديد والاستفهام لتقرير أن اولئك أقوى من هؤلاء { اهلكناهم } نيست كرديم ايشانرا استئناف لبيان عاقبة امرهم اى قوم تبع والذين من قبلهم { انهم كانوا مجرمين } كاملين فى الاجرام والآثام مستحقين للهلاك وهو تعليل لاهلاكهم ليعلم ان اولئك حيث اهلكوا بسبب اجرامهم مع ما كانوا فى غاية القوة والشدة فلأن يهلك هؤلاء وهم شركاء لهم فى الاجرام واضعف منهم فى الشدة والقوة اولى بعض كبار قرمود كه حق تعالى رانسبت بأولياى خود قهرى ظاهراست ولطفى دران مخفى لطف مخفى آنست كه ميخواهد كه بآن قهر ظاهر حقيقت انسانرا از قيود لوازم بشرى باك ومطهر كرداند وباز حق تعللى را نسبت باعدادى خود لطفى ظاهراست وقهرى دران مخفى قهر مخفى آنست كه ميخواهد كه بآن لطف ظاهر علاقه باطن ايشانرا بعالم اجسام استحكام دهدتا واسطه كرفتارى بقيود اين عالم از شهود عالم اطلاق ولذات روحانى ومعنوى محروم بمانند وجون قهر ومكردر زير لطف ظاهرى بوشيده است عاقل ببايدكه بر حذر باشد وبمال وجاه مغرور نباشد تاكه ازهلاك صورى ومعنوى خلاص يابد ( قال الحافظ ) كمين كهست وتوخوش تيز ميروى هش دار مكن كه كرد برآيد زهشره عذمت اعلم اولا ان تبعا كسكر واحد التبابعة ملوك اليمن ولا يسمى به الا اذا كانت له حمير وحضرموت وحمير كدرهم موضع غربى صنعا أليمن والحميرية لغة من اللغات الاثنتى عشرة وواحد من الاقلام الاثنى عشر وهو فى الاصل ابو قبيلة من اليمن وهو حمير بن سبأ ابن يشجب بن يعرب بن قحطان وحضرموت وهو بضم الميم بلد وقبيلة كما فى القاموس وتبع فى الجاهلية بمنزلة الخليفة فى الاسلام كما قال فى كشف الاسرار تبع بادشاهى بود از بادشاهان از قبيله قحطان جنانكه دار اسلام ملوك راخليفه كويند ودر روم قيصر ودر فرس كسرى ايشانرا تبع كويند فهم الاعاظم من ملوك العرب والقيل بالفتح والتخفيف ملك من ملوك حمير دون الملك الاعظم وأصله قيل بالتشديد كفيعل فخفف كميت وميت قال فى المفردات القيل الملك من ملوك حمير سموه بذلك لكونه معتمدا على قوله ومقتدى به ولكونه متقيلا لابيه يقال تقيل فلان أباه اذا تبعه وعلى هذا النحو سموا الملك بعد الملك تبعا فتبع كانوا رؤساء سموا بذلك لاتباع بعضهم بعضا فى الرياسة والسياسة وفى انسان العيون تبع بلغة اليمن الملك المتبوع واصل القيل من الواو لقولهم فى جمعه أقوال نحو ميت وأموات واذا قيل أقيال فذلك نحو أعياد فى جمع عيد أصله عود وقال بعضهم قيل الملوك اليمن التبابعة لانهم يتبعون اى يتبعهم اهل الدنيا كما يقال لهم الاقيال لانهم يتقيلون والتقيل بالفارسية اقتدا كردن او لان لهم قولا نافذا بين الناس يقول الفقير والظاهر ان تبع الاول سمى به لكثرة قومه وتبعه ثم صار لقبا لمن بعده من الملوك سوآء كانت لهم تلك الكثرة والاتباع ام لا فمن التبابعة الحارث الرائش وهو ابن همال ذى سدد وهو اول من غزا من ملوك حمير واصاب الغنائم وادخلها فراش الناس بالاموال والسبى والريش بالكسر الخصب والمعاش فلذلك سمى الرائش وبينه وبين حمير خمسة عشر أبا ودام ملك الحارث الرائش مائة وخمسا وعشرين سنة وله شعر يذكر فيه من يملك بعده ويبشر بنبينا صلّى اللّه عليه وسلّم فمنه. ويملك بعدهم رجل عظيم ... نبى لا يرخص فى الحرام يسمى احمدا يا ليت انى ... اعمر بعد مخرجه بعام ومنهم أبرهة ذو المنار وهو ابن الحارث المذكور وسمى ذا المنار لانه اول من ضرب المنار على طريقه فى مغازيه ليهتدى اذا رجع وكان ملكله مائة وثلاثا وثمانين سنة ومنهم عمرو ذو الاذعار وهو ابن أبرهة لم يملك بعد ابيه وانما ملك بعد اخيه افريقس وسمى ذا الاذعار لانه قتل مقتلة عظيمة حتى ذعر الناس منه وكان ملكه خمسا وعشرين سنة ومنهم شمر بن مالك الذى تنسب اليد سمرقند وحكى القتيبى انه شمر بن افريقس بن أبرهة بن الرآئش وسمى بمرعش لارتعاش كان به ونسبت اليه سمرقند لانها كانت مدينة للصغد فهدمها فنسبت اليه وقيل شمركند أى شمر خربها لان كند بلسانهم خرب ثم عرب فقيل سمرقند وقال ابن خلكان فى تاريخه ان سمر اسم لجارية اسكندر مرضت فوصف لها الاطباء ارضا ذات هوآء طيب واشاروا له بظاهر صفتها واسكنها اياها فلما طابت بنى لها مدينة وكند بالتركى هو المدينة فكأنه يقول بلد سمر انتهى ويؤيده تسميتهم القرية الجديدة فى تركستان بقولهم يكى كنت فان التاء والدال متقاربان وبه يعرف بطلان قول من قال ان تبعا الحميرى بناها الا ان يحمل على بناء ثان وفيه بعد وقال ابن السباهى فى اوضح المسالك سمرقند بالتركية شمركند أى بلد الشمس ومنهم افريقس بن أبرهة الذى ساق البربر الى افريقية من ارض كنعان وبه سميت افريقية وكان قد غزا حتى انتهى الى ارض طنجة وملك مائة ونيفا وستين ومنهم تبع بن الاقرن ويقال فيه تبع الاكبر ومنهم ابو كرب اسعد بن كليكر ابن تبع بن الاقرن واختلفوا فى المراد من الآية فقال بعضهم هو تبع الحميرى الذى سار بالجيوش وبنى الحيرة بالكسرة مدينة بالكوفة ( قال فى كشف الاسرار ) معروف ازايشان سه بودنديكى مهينه اول بودن يكى ميازيكى كهينه اخربود واوكه نام اودر قرآن است تبع آخر بودنام وىسعد الحميرى مردى مؤمن صالح بوده وبعيسى عليه السلام ايمان آورده وجون حديث ونعت وصفت رسول ما عليه السلام شنيد ازاهل كتاب بر سالت وى ايمان آورد وكفت شهدت على أحمد أنه رسول من اللّه بارى النسم فلو مد عمرى الى غمره لكنت وزيرا له وابن عم وفى اوآئل السيوطى اول من كسا الكعبة أسعد الحميرى وهو تبع الاكبر وذلك قبل الاسلام بتسعمائة سنة كساها الثياب الحبرة وهى مثل عنبة ضرب من برود اليمن وفى رواية كساها الوصائل وهى برود حمر فيها خطوط خضر تعمل باليمن وعن بعضهم اول من كسا الكعبة كسوة كاملة تبع كساها العصب وهى ضرب من البرود وجعل لها بابا يغلق وقال فى ذلك وكسونا البيت الذى حرم اللّه ملاء معصبا وبرودا ... واقمنا به من الشهر عشرا ... وجعلنا لبابه اقليدا وخرجنا منه نؤم سهيلا ... قد رفعنا لوآءنا معقودا وكان تبع مؤمنا بالاتفاق وقومه كافرين ولذلك ذمهم اللّه دونه واختلف فى نبوته وقال بعضهم كان تبع يعبد النار فأسلم ودعا قومه الى الاسلام وهم حمير وكذبوه وكان قومه كهانا واهل كتاب فامر الفريقين ان يقرب كل منهما قربانا ففعلوا فتقبل قربان اهل الكتاب فأسلم وذكر ابن اسحق فى كتاب المبدأ وقصص الانبياء عليهم السلام ان تبع بن حسان الحميرى وهو تبع الاول اى الذى ملك الارض كلها شرقها وغربها ويقال له الرآئش لانه راش الناس بما اوسعهم من العطاء وقسم فيهم من الغنائم وكان اول من غنم ولما عمد البيت يريد تخريبه رمى بداء تمخض منه رأسه قيحا وصديدا وانتن حتى لا يستطيع احد ان يدنو منه قدر رمح يعنى جون تبع بمكه رسيد واهل مكه اورا طاعت نداشتئد وخدمت نكردند تبع كفت وزير خودراكه اين جه شهراست وجه قوم اندكه درخدمت وطاعت ما تقصير كردند بعد ازانكه جهانيان سربر خط طاعت ما نهاهه اند وزير كفت ايشانرا خانه هست كه آنرا كعبه كويند مكر بآن خانه معجب شده اندتبع دردل خويش نيت كردكه آن خانه را خراب كند ومردان شهر رابكشد وزنان را اسير كند هنور هنوز اين انديشه تمام نكرده بودكه رب العزة بدرد سرمبتلا كرد جنانكه اورا طاقت نماندوآب كندبده ازجشم وكوش وبينى وى كشاده كشت كه هيج كس رابنزديك وى قرار نبود واطباهمه از معالجه وى عاجز كشتند كفتند اين بيمارى از جهار طبع بيرون افتاده كار اسمانيست وما معالجه آن راه ثمى بريم بس دانشمندى فراييش آمد وكفت ايها الملك اكر سرخود بامن بكويى من اين دردرا درمان سازم ملك كفت من دركار اين شهر وابن خانه كعبه جنين انديشه كرده ام دانشمند كفت زينهار اى ملك اين انديشه مكن وازين نيت باز كردكه اين خانه را خداوندىست قادركه آنرابحفظ خويش ميداردو هركه قضد ابن حانة كند دمارازوى بر آرد تبع ازان انديشه توبه كرد وتعظيم خانه واهل كعبه ايمان آورد ودردين ابراهيم عليه السلام سد بش كعبه را جامه بوشانيد وقوم خودرا فرمودتا آنرا بزرك دارند وبا اهل وى نيكويى كنند بس ازمكه بزمين يثرب شدآنجاكه مدينة مصطفاست صلّى اللّه عليه وسلّم ودران وقت شهروبنانبود جشمه آب بودتبع لشكر بسرآن جشمه فروآورد ودانشمندانكه باوى بودند قريب دوهزار مردعالم دركتاب خوانده بودندكه آن زمين يثرب مهاجر رسول آخر الزمانست ومهبط وحى قرآن جهار صد مرداز ايشانكه عالمتر وفاضلتر بودند بايكديكر بيعت كردندكه ازان بقعه مفارقت نكند وبر اميد ديدار رسول آنجا مقام كنند اكر اورا خود دريابند والافرزندان ونسل ايشان ناجار اورادريا بند وبركات ديدار او باعقاب وارواح ايشان بر سداين قصه باتبع كفتند وتبع راهمين رغبت افتاده يكسال آنجامقام كرد وبفرمود تاجهار صد قصر بناكردند انجايكه هر عالمى راقصرى وهريكى را كنيزكى بخريد وآزاد كرد وبزنى بوى داد با جهاز تمام وايشانرا وصيت كردكه شما اينجاباشيد تابيفمبر آخر زمان رادربابيد وخودنامه نبشت ومهرزرين يران نهاد وعالمى راسبر دوكفت اكر محمد رادريايى اين نامه بدورسان واكرنيابى بفرزندان وصيت كن تابد ورسانند ومضمون آن نامه اين بودكه اى بغمبر آخر الزمان اى كزيده خداوند جهان اى بروز شمار شفيع بندكان من كه تبعم بنو ايمان آوردم بآن حداوندكه توبنده وبيغمبر اويى كواه ياش كه برملت توأم وبر ملت بدرتو ابراهيم خليل عليه السلام اكرترابينم واكرنه بينم تامرا فراموش نكنى وروزقيامت مراشفيع باشى آنكه نامه را مهربرنهاد وبرال مهرنوشته بودلله الامر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر اللّه وعنوان نامه نوشته الى محمد بن عبد اللّه خاتم النبيين ورسول رب العالمين صلّى اللّه عليه وسلّم من تبع امانة اللّه فى يد من وقع الى ان يوصل الى صاحبه كفته اند مردمان مدينه ايشان كه انصار رسول خدا اند ازنزاد آن جهار صد مرد عالم بودند وابوايوب الانصارى كه رسول خدا بخانه اوفروآمد از فرزندان آن عالم بودكه تبع را نصيحت كرده بود تازان علت شفايافت و خانه ابوايوب الانصارى كه رسول خدا آنجا فروآمد ازجمله بناها بودكه تبع كرده بود جون رسول خدا هجرت كرد بمدينه نامه تبع بوى رسانيدند رسول خدا نامه بعلى داد تابرخواند رسول سخنان تبع بشنيد واورا دعا كرد وآنكس كه نامه رسانيد نام او ابو ليلى بود اورا بنواخت واكرامى كردوبروايتى تبع مردمى آتش برست بود برمذهب مجوس ازنواحى مشرق درآمد بالشكر عظيم ومدينه مصطفى عليه السلام بكذشت وبسرى ازان خويش آنجارها كرد اهل مدينة آن بسررا بفريب وحيله بكشتند تبع بازكشت بر عزم آنكه مدينه خراب كند واهل آنرا استئصال كند جماعتى كه انصار رسول اللّه ازنزاد ايشانند همه مجتمع شد وبفتال وى بيرون آمدند بروز باوى جنك ميكردند وبشب اورا مهمان دارى ميكردند تبع را سيرت ايشان عجب آمد كفت ان هؤلاء كرام اينان قومى اندكريمان وجوانمردان بس دوحبر از احبار بنى قريظه نام ايشان كعبه واسد هردو ابن عم يكديكربودند برخواستندوبيش تبع شدند واورا نصيحت كردند كفتند اين مدينه هجرت كاه بيغمبر آخر زمانست وما دركتاب خداى نعت وى خوانده ايم وبراميد ديداروى انيجانشسته ايم ودانيم كه ترا اهل اين شهر دستى نباشد ونصرتى نبود خويشتن را درمعرض بلا وعقوبت مكن نصيحت تابشنو ونيت خود بكردان بس آن وعظ برتبع اثرى عظيم كرد واز ايشان عذر خواست ايشان جو أثر قبول دروى ديدند اورا بردين خويش دعوت كردند تبع قبول كرد وبدين ايشان بازكشت وايشانرا اكرام كرد وازمدينه بسوى يمن باز كشت وآن دوحبرو نفرى ديكر ازيهود بنى قريظه باوى رفتند جمعى ازبنى هذيل ييش تبع آمدند كفتند ايها الملك انا ادلك على بيت فيه كنز من لؤلؤ وزبرجد اكر خواهى بردارى بردست توآسان بودكفت آن كدام خانه است كفتند خانه ايست درمكه ومقصود هذيل هلاك تبع بودكه ازنقمت وى مى ترسيدند دانستندكه هركه قصد خانه كعبه كاند هلاك شود تبع با احبار يهود مشورت كرد وآن سخن كه هذيل كفته بودند بايشان كفت اخبار كفتند زينهاركه انديشه بدنكنى دركارآن خانه كه درروى زمين خانه ازان عظيم ترنيست آنرا بيت اللّه كوبند آن قوم ترا اين دلالت كردن جز هلاك تونخواستند جون آنجا رسى تعظيم كن تاترا سعادت ابد حاصل شود تبع جون اين سخن بشنيد آن جمع هذيل بكرفت وساست كردجون بكعبه رسيد طواف كرد وكعبه را درنبود آنرا دربرنهاد وقفل برزد وآنرا جامه بوشيد وشش روز آنجا مقيم شد هرروز درمنحر هزار شترقربان كرد وازمكه سوى يمن شدقوم وى حمير بودندكاهنان وبت برستان تبع ايشانرا بر دين خويش وبر حكم نورات دعوت كرد ايشان نبذير فتندتا آنكه حكم خويش بر آتش بردند وآن آتشى بودكه فراديد آمدى در دامن كوه وهركرا خصمى بودى وحكمىكه دران مختلف بودى هردو خصم بنزديك آتش آمدندى آنكس كه برحق بودى اورا از آتش كزند نرسيدى واوكه نه بر قح بودى بسوختى جماعتى ازحميربتان خودرا برد اشتند وبدا من آن كوه آمدند وهمجنين اين دوحبركه باتبع بودند دفتر تورات بر داشته وبدا من آن كوه آمدند ودرراه آتش نشستند آتش از مخرج خود برآمد وآن قوم حميررا وآن بتانرا همه نيست كرد وبسوخت وآن دوحبر كه تورات داشتند وميخواند ندازآتش ايشانرا هيج رنج وكزند نرسيد مكر از بستانىيشان عرقى روان كشت وآتش از ايشان دركذشت وبمخرج خويش بازشد آنكه باقى حميركه بودند همه بدين اخبار باز كشتند فمن هناك أصل اليهودية باليمن كذا فى كشف الاسرار وقيل حفر بئر بناحية حمير فى الاسلام فوجد فيه امرأتان صحيحتان وعند رؤسهما لوح من فضة مكتوب فيه بالذهب حبا وتليس او حبا وتماضرا وهذا قبر تماضر وقبر حبا بنتى تبع على اختلاف الروايات وهما تشهدان ان لا اله الا اللّه ولا تشركان به شيأ وعلى ذلك مات الصالحون قبلهما ازهمه درصفات وذات خدا ليس شئ كمثله ابدا كرخدا بودى ازيكى افزون كىبماندى جهان بدين قانون داند آنكس زعقل باشد بهر كه دوشه راجوجا شود درشهر سلك جمعيت از نظام افتد رخنه دركار خاص وعام افتد جل من لا اله الا هو حسبنا اللّه لا اله سواه ٣٨ { وما خلقنا السموات والارض وما بينهما } اى ما بين الجنسين وقرئ ما بينهن نظرا الى مجموع السموات والارض { لاعبين } من غير ان يكون فى خلقهما غرض صحيح وغاية حميدة يقال لعب فلان اذا كان فعله غير قاصد به مقصدا صحيحا وفى التعريفات اللعب فعل الصبيان يعقبه التعب من غير فائدة ٣٩ { ما خلقناهما } وما بينهما ملتبسا بشئ من الاشياء { الا } مللتبسا { بالحق } فهو استثناء مفرغ من اعم الاحوال او ما خلقناهما بسبب من الاسباب الا بسبب الحق الذى هو الايمان والطاعة والبعث والجزآء فهو استثناء من اعم الاسباب { ولكن اكثرهم } اى كفار مكة بسبب الغفلة وعدم الفكرة { لا يعلمون } ان الامر كذلك فينكرون البعث والجزآء والآية دليل على ثبوت الحشر فانه لو لم يحصل البعث والجزآء لكان هذا الخلق عبثا لانه تعالى خلقهم وما ينتظم به اسباب معايشهم ثم كلفهم بالايمان والطاعة ليتميز المطيع من العاصى بأن يكون الاول متعلق فضله واحسانه والثانى متعلق عدله وعقابه وذلك لا يكون فى الدنيا لقصر زمانها وعدم الاعتداد بمنافعها لكونها مشوبة بانواع المضار والمحن فلا بد من البعث والجزآء لتوفى كل نفس ما عملت فالجزآء هو الذى سبقت اليه الحكمة فى خلق العالم من رأسها اذ لو لم يكن الجزآء كما يقول الكافرون لاستوت عند اللّه احوال المؤمن والكافر وهو محال اعلم ان التجليات الوجودية انما هى للتجليات الشهودية فكل من السموات والارض الصورية وما بينهما من الموجودات مظاهر صفات الحق فهى كالاصداف والصفات كالدرر والمقصود بالذات انما هو الدرر لا الاصداف كما ان المقصود من المرءآة انما هو الصورة المرئية فيها فكان كل موجود كاللباس على سر من الاسرار الالهية وكذا كل وضع من اوضاع الشريعة رمز الى حقيقة من الحقائق فلا بد من اقامته لتحصل حقيقته وهذا بالنسبة الى الآفاق واما بالنسبة الى الانفس فالارواح كالسموات والاشباح كالارض والقلوب والاسرار والنفوس كما بينهما وكلها مظاهر حق لا سيما القلوب اصداف درر المعارف الالهية التى لم يخلق الانس والجن الا لتحصيلها ولكن مرآة قلب اكثرهم مكدرة بصدأ صفات البشرية وهم لا يعلمون انهم مرءآة لظهور صفات الحق ولهذا قال صلّى اللّه عليه وسلّم ( من عرف نفسه ) يعنى بالمرءآتية عند صفائها ( فقد عرف ربه ) اى بتجلى صفاته فيها فقد عرفت انه ما فى الوجود الا الحق واما الباطل فاضافى لا يقدح فى ذلك الا ترى الى الشيطان فانه باطل من حيث وجوده الظلى ومن حيث دعوة الخلق الى الباطل والضلال لكنه حق فى نفسه لانه موجود وكل موجود فهو من التجليات الالهية ( حكى ) ان رجلا راًى خنفساء فقال ماذا يريد اللّه من خلق هذه أحسن شكلها ام طيب ريحها فابتلاه اللّه بقرحة عجز عنها الاطباء حتى ترك علاجها فسمع يوما صوت طبيب من الطرقيين ينادى فى الدرب فقال هاتوه حتى ينظر فى امرى فقالوا ما تصنع بطرقى وقد عجز عنك حذاق الاطباء فقال لا بد لى منه فلما حضروه ورأى القرحة استدعى بخنفساء فضحك الحاضرون فتذكر العليل القول الذى سبق منه فقال احضروا ما طلب فان الرجل على بصيرة فأحرقها ووضع رمادها على قرحته فبرئت باذن اللّه تعالى فقال للحاضرين ان اللّه تعالى اراد ان يعرفنى ان أخس المخلوقات اعز الادوية يكى ازخواجكان نقشبنديه ميفرمودكه شبى در زمان جوانى بداعيه فسادى ازخانه بيرون آمدم ودرده ما عسسى بغايت شرير وبد نفس كه بشرارت نفس اوكسى نمى دانستم وهمه اهل ده ازومى ترسيدنددر آن دل شب ديدم جاى دركمين استاده جون اورا بديدم از وبغايت ترسيدم وترك فساد كردم وازان محل دانستم كه بدنيز درين كارخانه دركار بوده است جون بعض ظهورات حق آمد باطل بس منكر باطل نشود جز جاهل دركل وجودهركه جزحق بيند باشدزحقيقة الحقايق غافل ٤٠ { ان يوم الفصل } اى يوم القيامة الذى يفصل فيه الحق عن الباطل ويميز المحق من المبطل ويقضى بين الخلائق بين الأب والابن والزوج والزجة ونحو ذلك قال بعضهم يوم الفصل يوم يفصل فيه بين كل عامل وعمله ويطلب باخلاص ذلك وبصحته فمن صح له مقامه واعماله قبل منه وجزى عليه ومن لم تصح له اعماله كانت اعماله عليه حسرة ( وفى المثنوى ) اى دريغا بود مارا بيروباد تا ابد ياحسرة شد للعباد بركذشته حسرت آوردن خطاست بازنايد رفته يادآن هباست { ميقاتهم } اى وقت موعد الخلائق { اجمعين } يعنى هنكام جمع شدن همه اولين وآخرين فيوم الفصل اسم ان وميقاتهم خبرها واجمعين تأكيد للضمير المجرور فى ميقاتهم والميقات اسم للوقت المضروب للفعل فيوم القيامة وقت لما وعدوا به من الاجتماع للحساب والجزاء قال فى بحر العلوم ميقاتهم اى حدهم الذى يوقتون به ولا ينتهون اليه ومنه مواقيت الاحرام على الحدود التى لا يتجاوزها من يريد دخول مكه الا محرما فان الميقات ما وقت به الشئ اى حد قال ابن الشيخ الفرق بين الوقت والميقات ان الميقات وقت يقدر لان يقع فيه عمل من الاعمال وان الوقت ما يقع فيه شئ سواء قدره مقدر لان يقع فيه ذلك الشئ ام لا ٤١ { يوم لا يغنى } بدل من يوم الفصل { مولى } ولى من قرابة وغيرها وبالفارسية دوستى وخويشاوندى { عن مولى } اى مولى كان وبالفارسية ازدوست وخويش خود { شيأ } اى شيأ من الاغناء والاجزآء على ان شيأ واقع موقع المصدر وتنكيره للتقليل ويجوز أن يكون منصوبا على المفعول به على ان يكون لا يغنى بمعنى لا يدفع بعضهم عن بعض شيأ من عذاب اللّه ولا يبعده فان الاغناء بمعنى الدفع وابعاد المكروه وبالفارسية جيزى را از عذاب ماياسود نرسد كس كسى راهيج جيز وتنكير مولى فى الموضعين للابهام فان المولى مشترك بين معان كثيرة يطلق على المالك والعبد والمعتق والصاحب والقريب كابن العم ونحوه والجار والحليف والابن والعم والنزيل والشريك وابن الاخت والولى والرب والناصر والمنعم والمنعم عليه والمحب والتابع والصهر كما فى القاموس وكل من ولى امر واحد فهو وليه ومولاه فواحد من هؤلاء اى واحد كان لا يغنى عن مولاه اى مولى كان شيأ من الاغناء اى اغناء قليلا واذا لم ينفع بعض الموالى بعضا ولم يغن عنه شيأ من العذاب بشفاعته كان عدم حصول ذلك ممن سواهم اولى وهذا فى حق الكفار يقال اغنى عنه كذا اذا كفاه والاغناء بالفارسية بى نياز كردانيدن و واداشتن كسى را از كسى { ولا هم ينصرون } الضمير لمولى الاول باعتبار المعنى لانه عام لوقوعه نكرة فى سياق النفى فكأنه جمع اى لا يمنعون مما نزل بهم من العذاب ولا يملكون ان يشفع لهم غيرهم ٤٢ { الا من رحم اللّه } بالعفو عنه وقبول الشفاعة فى حقه وهم المؤمنون ومحله الرفع على البدل من الواو كما هو لمختار او النصب على الاستثناء { انه هو العزيز } الذى لا ينصر من اراد تعذيبه كالكفار { الرحيم } لمن اراد أن يرحمه كالمؤمنين قال سهل من رحم اللّه عليه فى السوابق فأدركته فى العاقبة بركة تلك الرحمة حيث جعل المؤمنين بعضهم فى بعض شفيعا وفى الآية اشارة الى ان يوم القيامة يفصل بين أرباب الصفاء واصحاب الصدأ ولا يغنى مولى عن مولى ولا ناصر عن ناصر ولا حميم عن حميم ولا نسيب عن نسيب ولا شيخ عن مريد شيأ من الصفاء اذ لم يحصلوا ههنا فى دار العمل ولا ينصرون فى تحصيل الصفاء ودفع الصدأ الا من رحمم اللّه عليه بتوفيق تصفية القلب فى الدنيا كما قال تعالى { الا من أتى اللّه بقلب سليم } انه هو العزيز يعز من يشاء بصفاء القلب الرحيم يرحم من يشاء بالتجلى لمرءآة قلبه ( حكى ) انه كان اخوان فمات احدهما فرأه الآخر فى المنام وسأله عن حاله فقال يا أخى من كان فى الدنيا اعمى فهو فى الآخرة أعمى فكان هذا سبب توبته وانابته حتى كان من الصلحاء الكاملين واعلم ان المقصود من العلم والعمل تزكية النفس فاذا حصلت هذه التزكية كان ثواب العمل الصالح كاللباس الفاخر على البدن الحسن الناضر واذا لم تحصل كان كالزينة على الجسم القبيح فمن حسن ذاته فى الدنيا بازالة قبح نفسه جاء فى القيامة حسنا بالحسن الذاتى والعارضى والا فبالحسن العارضى فقط وهو ثواب العمل فاعرف هذا فلا بد من الاجتهاد والوقت باق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ابا هريره را رضى اللّه عنه فرمودكه بر طريق آنها باش كه جون مردم بترسند ايشانرا هيج ترسى نباشد وجون مردم از آتش امان خواهند ايشان خود آمن باشند أبو هريرة كفت يا رسول اللّه آنها كدام اند صفت وحليت ايشان بامن بيان فرماى تا ايشانرا بشناسم فرمودكه قومى از امت من در آخر الزمان ايشانرا روز قيامت درمحشر انبيا حشر كنند جون مردم بديشان نظر كنند ايشانرا بيغمبران بندارند از غايت علو مرتبت ومنزلت ايشان ناكاه من ايشانرا بشناسم وكويم امت من امت وخلايق بدانندكه ايشان بيغمبران نيستند بس مانند برق وباد بكذرند وجشمهاى مردم از انوار ايشان خيره شود ابو هريرة كفت يا رسول اللّه مرابعمل ايشان فرماى باشدكه بديشان ملحق شوم كفت صلّى اللّه عليه وسلّم اى ابا هريره اين قوم طريق دشوار اختيار كردند تابدرجه انبيا رسيدند حق تعالى ايشانرا بطعام وشراب سير كردانيد وايشان كرسنكى وتشنكى اختيار كردند ولباس براى بوشيدن داد ايشان برهنكى كزبدند همه باميد رحمت ترك حلال كردند ازخوف حساب بابدن خود دردنيا بودند ولكن بوى مشغول انكشتند ملائكه از اطاعت ايشان تعجب نمودند فطوبى لهم فطوبى لهم دوست ميدارم كه حق تعالى ميان من وايشان جمع كند ازان رسول اللّه عليه السلام كريه كرد در شوق ايشان وفرمودكه جون حق تعالى خواهدكه باهل زمين عقوبتى فرستد بديشان نظر كند عذاب را از اهل زمين بازكرداند اى اباهريرة برتوبادكه طريقه ايشانرا رعايت كنىهر كه طريقه انشانرا مخالفت كند درشدت حساب زحمت بيند روشن دلى كه لذت تجريد بافتست بيرون رود زخويش جو بيداشود كسى مىبايدش بخون جكر خورد غولها تا ازغبار جشم مصفا شود كسى ٤٣ { ان شجرة الزقوم } بدرستى كه درخت زقوم يعنى ميوه آن قال فى القاموس هى شجرة بجهنم وطعام اهل النار وفى عين المعانى شجرة فى اسفل النار مرتفعة الى اعلاها وما من دركة الا وفيها غصن منها انتهى فتكون هى فى الاسفل نظير طوبى فى الاعلى وفى كشف الاسرار شجرة الزقوم على صورة شجر الدنيا لكنها من النار والزقوم ثمرها وهو ما أكل بكره شديد وقيل طعام ثقيل فهو زقوم وفى المفردات شجرة الزقوم عبارة عن اطعمة كريهة فى النار ومنه استعير زقم فلان وتزقم اذا ابتلع شيئا كريها يقول الفقير وعلى تقدير ان يكون الزقوم بلسان البرير وهم جيل بالغرب وامة اخرى بين الحبش والزنج بمعنى الزبد والتمر فلعله وارد على سبيل التهكم كالتبشير فى قوله { فبشرهم بعذاب أليم } لانه تعالى وصف شجرة الزقوم بأنها تخرج فى اصل الجحيم كما مر فى الصافات فكيف يكون زبدا وفى انسان العيون لا تسلط لجهنم على شجرة الزقوم فان من قدر على خلق من يعيش فى الناو ويلتذ بها كالسمندل فهو اقدر على خلق الشجر فى النار وحفظه من الاحراق بها وقد قال ابن سلام رضى اللّه عنه انها تحيى باللهب كما تحيى شجرة الدنيا بالمطر وثمر تلك الشجرة مر له زفرة انتهى يقول الفقير لا حاجة الى هذا البيان فانه كما يشابه ثمر الجنة وشجرها ثمر الدنيا وشجرها وان وقع الاشتراك فى الاسم وكذا ثمر النار وشجرها فالشجرية لا تنافى النارية فكيف تحترق فما اصله النار فهو نارى والنارى لا يحترق بالنار ولذا قيل فى ابليس انه يعذب بالزمهرير وان امكن الاحتراق بحسب التركيب وقد رأيت فى جزيرة قبرس حجرا يقال له حجر القطن يدق ويطرق فينعم حتى يكون كالقطن فيتخذ منه المنديل فحجريته لا تنافى القطنية وقد مر فى يس ان اللّه أخرج من الشجر الاخضر نارا ٤٤ { طعام الاثيم } اى الكثير الاثم والمراد به الكافر لدلالة ما قبله وما بعده عليه يعنى انهم اجمعوا على ان المراد بقوله { لا يغنى مولى عن مولى شيأ } هم الكفار وبقوله { الا من رحم اللّه } المؤمنون وكذا دل عليه قوله فيما سيأتى { ان هذا ما كنتم به تمترون } وكان ابو الدردآء رضى اللّه عنه لا ينطلق لسانه فيقول طعام اليتيم فقال عليه السلام ( قل طعام الفاجر ) كما فى عين المعانى وقال فى الكواشى عن ابى الدردآء انه اقرأ انسانا طعام الاثيم فقال طعام اليتيم مرارا فقال له قل طعام الفاجر يا هذا وفى هذا دليل لمن يجوز ابدال كلمة بكلمة اذا ادت معناها ولابى حنيفة فى تجويز القرآة بالفارسية اذا ادت المعنى بكماله قالوا وهذه اجازة كلا اجازة لان فى كلام العرب خصوصا فى القرءآن المعجز بفصاحته وغرابة نظمه واساليبه من لطائف المعنى مالا يستقل بادآئه لغة ما قال الزمخشرى ابو حنيفة ما كان يحسن الفارسية فلم يكن ذلك منه عن تحقق وتبصر وعن ابى الجعد عن ابى يوسف عن ابى حنيفة مثل قول صاحبيه فى عدم جواز القرآءة بالفارسية الى هنا كلام الكواشى وقال فى فتح الرحمن يجوز عند ابى حنيفة ان يقرأ بالفارسية اذا ادت المعانى بكمالها من غير ان يخرم منها شيئاً وعنه لا تجوز القراءة بالفارسية الا لعاجز عن العربية وهو قول صاحبيه وعليه الاعتماد وعند الثلاثة لا يجوز بغير العربية انتهى ويروى رجوعه الى قولهما فى الاصح كما فى الفقه والفتوى على قولهما كما فى عيون الحقائق وجاء من أحسن ان يتكلم بالعربية فلا يتكلم بالفارسية فانه يورث الفاق كما فى انسان العيون يقول الفقير بطلان القرآءة بالفارسية ظاهر على تقدير ان يكون كل من النظم والمعنى ركنا للقرءآن كما عليه الجمهور ولعل الامام لم يجعل النظم ركنا لازما فى الصلاة عند العجز فأقام العبارة الفارسية مقام النظم كما أن بعضهم لم يجعل الاقرار باللسان ركنا من الايمان بل شرطا لازما لاجرآء احكام المسلمين عليه وان اعترض بان تحت كل حرف من القرءآن ما لا تفى به العبارة من الاشارات فلا تقوم لغة مقامه فيرد بأن علماء اصول الحديث جوزوا اختصار الحديث للعالم لا للجاهل مع انه عليه السلام اوتى جوامع الكلم وفى كل كلمة من كلامه اسرار ورموز فاعرف هذا ٤٥ { كالمهل } خبر بعد خبرأ وخبر مبتدأ محذوف اى هو كالمهل عن النبى عليه السلام فى تفسير المهل كعكر الزيت وهو درديه فاذا قرب الى وجهه سقطت فروة وجهه فيه وشبه بالمهل فى كونه غليظا اسود وقال بعضهم المهل ما يمهل فى النار حتى يذوب كالحديد والرصاص والصفر ونحوها وشبه الطعام بالنحاس او الصفر المذاب فى الذوب ونهاية الحرارة لا فى الغليان وانما يغلى ما شبه به { يغلى فى البطون } اى حال كون ذلك الطعام يغلى فى بطون الكفار ٤٦ { كغلى الحميم } غليانا كغليان الماء الحار الذى انتهى حره وغليانه لشدة حرارته وكراهية المعدة اياه قال بعضهم باره باره كند رودهاى ايشان وبكذارد امعا واحشارا وفى الحديث ( ايها الناس اتقوا اللّه حق تقاته فلو أن قطرة من الزقوم قطرت على الارض لامرت على اهل الدنيا معيشتهم ) فكيف بمن هو طعامه وليس له طعام غيره والغلى والغليان التحرك والارتفاع وبالفارسية جوشيدن قال فى المفردات الغلى والغليان يقال فى القدر اذا طفحت اى امتلأت وارتفعت ومنه استعير ما فى الآية وبه شبه غليان الغضب والحرب وفى الآية اشارة الى ان الاثيم وهو الذى عبد صنم الهوى وغرس شجرة الحرص فأثمرت الشهوات النفسانية اللذيذة على مذاق النفس فى الدنيا يكون طعامه فى الآخرة الزقوم الذى مر وصفه نفس رابدخوبناز ونعمت دنيا مكن آب ونان سيركاهل ميكند مذدوررا ٤٧ { خذوه } على ارادة القول والخطاب للزبانية اى يقال للزبانية يوم القيامة خذو الاثيم فلا يأخذونه الا بالنواصى والاقدام { فاعتلوه } اى جروه بالعنف والقهر فان العتل الاخذ بمجامع الثوب ونحوه وجره بقهر وعنف قال فى تاج المصادر العتل كشيدن بعنف وفى القاموس عتله يعتله ويعتله فانعتل جره عنيفا فحمله وهو معتل كمنبر قوى على ذلك { الى سوآء الجحيم } اى وسطها ومعظمها الذى تستوى المسافة اليه من جميع جوانبه وبالفارسية وبميانه دوزخ ٤٨ { ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم } صب الماء اراقته من اعلى والعذاب ليس بمصبوب لانه ليس من الاجسام المائعة فكان الاصل يصب من فوق رؤوسهم الحميم فقيل يصب من فوق رؤوسهم العذاب وهو الحميم للمبالغة ثم اضيف العذاب الى الحميم للتخفيف وزيد من الدلالة على ان المصبوب بعض هذا النوع وبالفارسية آنكاه بريزيد بر زبرسراو ازعذاب آب كرم تاتمام بيرون بدن او بريختن آب معذب شود جنانجه درون آو از زقوم معذبست يروى ان الكافر اذا دخل النار يطعم الزقوم ثم ان خازن النار يضربه على رأسه بمقمعة يسيل منها دماغه على جسده ثم يصب الحميم فوق رأسه فينفذ الى جوفه فيقطع الامعاء والاحشاء ويمرق من قدميه وفى الآية اشارة الى عذاب الحسرة والحرمان وحرقة الهجران فى قعر النيران ٤٩ { ذق } هذا العذاب المذل المهين { انك انت العزيز } فى نظرك { الكريم } عند قومك اى وقولوا له ذلك استهزآء به وتقريعا له على ما كان يزعمه من انه عزيز كريم فمعناه الذليل المهان ( روى ) ان ابا جهل قال لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما بين جبلى مكة أعز وأكرم منى فواللّه ما تستطيع أنت ولا ربك ان تفعل بى شيأ فوردت الآية وعيدا له ولأمثاله عجبا كيف اقسم باللّه تعظيما له ثم نفى الاستطاعة عنه مع ان الرسول عليه السلام كان لا يدعو ربا سواه فالكلام المذكور من حيرة الكفر وحكم الجهل وتعصب النفس كما قالوا امطر علينا حجارة من السماء وفى لفظ الذوق اشارة الى انه كان معذبا فى الدنيا ولكن لما كان فى نوم الغفلة وكثافة الحجاب لم يكن ليذوق ألم العذاب فلما مات انتبه وذاق ألم ما ظلم به نفسه ٥٠ { ان هذا } العذاب { ما كنتم به تمترون } تشكون فى الدنيا او تمارون فيه اى تجادلون بالباطل وبالفارسية شك مى آورديد تا اكنون معاينه بديديد والجمع باعتبار المعنى لان المراد جنس الاثيم ثم هذا الامترآء انما كان بوساوس الشيطان وهواجس النفس فلا بد من دفعهما والاتصاف بصفة القلب وهو اليقين ولذا قال عليه السلام ( ويل للشاكين فى اللّه ) وهم الذين لم يؤمنوا به تعالى يقينا ومن ذلك انكار بعض احكامه واوامره وكذا الاصرار على المعاصى بحيث لا يبالى بها فلو ترك الصلاة متعمدا ولم ينو القضاء ولم يخف عقاب اللّه فانه يكفر لان الامن كفر ( وفى المثنوى ) بود كبرى در زمان بايزيد كفت اورا يك مسلمان سعيد كه جه باشد كرتو اسلام آورى تابيابى صد نجات وسرورى كفت اين ايمان اكر هست اى مريد آنكه دارد شيخ عالم بايزيد من ندارم طاقت آن تاب آن كان فزون آمد زكو ششهاى جان كرجه درايمان ودين ناموقنم ليك در ايمان اوبس مؤمنم مؤمن ايمان اويم درنهان كرجه مهرم هست محكم دردهان باز ايمان كرخود ايمان شماست نى بدان ميلستم ونى مشتهاست آنكه صد ميلش سوى ايمان بود جون شمارا ديزان فاتر شود زانكه نامى بيند ومعنيش نى جون بيابانرا مفازه كفتنى وفيه اشارة الى ان المريد اذا كان قوى الايمان والعلم والمعرفة كان عمله واجتهاده فى الظاهر بقدر ذلك وقس عليه حال الضعيف والشاك والمتردد نسأل اللّه سبحانه ان يسقينا من كأس قوة اليقين انه هو المفيض المعين ٥١ { ان المتقين } اى عن الكفر والمعاصى وهم المؤمنون المطيعون { فى مقام } فى موضع قيام والمراد المكان على الاطلاق فانه من الخاص الذى شاع استعماله فى معنى العموم يعنى انه عام ومستعمل فى جميع الامكنة حتى قيل لموضع القعود مقام وان لم يقم فيه اصلا { امين } يأمن صاحبه الآفات والانتقال عنه على ان وصف المقام بالامن من المجاز فى الاسناد كما فى قولهم جرى النهر فالامن ضد الخوف والامين بمعنى ذى الامن واشار الزمخشرى الى وجه آخر وهو ان الامين من الامانة التى هى ضد الخيانة وهى فى الحقيقة صفة صاحب المكان لكن وصف به المكان بطريق الاستعاره التخيلية كأن المكان المخيف يحزن صاحبه ونازله بما يلقى فيه من المكاره او كناية لان الوصف اذا أثبت فى مكان الرجل فقد أثبت له لقولهم المجد بين ثوبيه والكرم بين برديه كما فى بحر العلوم وفى الآية اشارة الى ان من اتقى باللّه عما سواه يكون مقامه مقام الوحدة آمنا من خوف الاثنينية والى ان من كان فى الدنيا على خوف العذاب ووجل الفراق كان فى الآخرة على امن وامان وقال بعضهم المقام الامين مجالسة الانبياء والاولياء والصديقين والشهداء يقول الفقير اما مجالستهم يوم الحشر فظاهرة لان فيها الامن من الوقوع فى العذاب اذ هم شفعاء عند اللّه واما مجالستهم فى الدنيا فلان فيها الامن من الشقاوة اذ لا يشقى بهم جليسهم وفى الآية اشارة اخرى لائحة للبال وهى ان المقام الامين هو مقام القلب وهى جنة الوصلة ومن دخله كان آمنا من شر الوسواس الخناس لانه لا يدخل الكعبة التى هى اشارة الى مقام الذات كما لا يقدر على الوسوسة حال السجدة التى هى اشارة الى الفناء فى الذات الاحدية قال أهل السنة كل من اتقى الشرك صدق عليه انه متق فيدخل الفساق فى هذا الوعد يقول الفقير الظاهر ان المطلق مصروف على الكامل بقرينة ان المقام مقام الامتنان والكامل هو المؤمن المطيع كما اشرنا اليه فى عنوان الآية نعم يدخل العصاة فيه انتهاء وتبعية لا ابتداء واصالة كما يدل عليه الوعيد الوارد فى حقهم والا لاستوى المطيع والعاصى وقد قال تعالى { أم نجعل المتقين كالفجار } عفا اللّه عنا وعنكم اجمعين ( قال الشيخ السعدى ) كسى را كه باخواجه تست جنك بدستش جرا مى دهى جوب وسنك مع آخركه باشدكه خوانش نهند بفرماى تا استخوانش نهند ٥٢ { فى جنات وعيون } بدل من مقام جيئ به دلالة على نزاهته واشتماله على طيبات المآكل والمشارب والمراد بالعيون الانهار الجارية والتنكير فيهما للتعظيم ٥٣ { يلبسون من سندس واستبرق } خبر ثان واستبرق بقطع الهمزة وقرأ الخليل بوصلها قال فى كشف الاسرار السندس مارق من الحرير يجرى مجرى الشعار لهم وهو اللين من الدثار فى المعتاد والاستبرق ما غلظ منه وصفق نسجه يجرى مجرى الدثار وهو الرفع نوع من انواع الحرير والحرير نوعان نوع كلما كان ارق كان انفس ونوع كلما كان أرزن بكثرة الابريسم كان أنفس يقول الفقير يحتمل عندى ان يكون السندس لباس المقربين والاستبرق لباس الابرار يدل عليه ان شراب المقربين هو التسنيم الخالص وشراب الابرار هو الرحيق الممزوج به وذلك ان المقربين اهل الذات والابرار أهل الصفات فكما أن الذات ارق من الصفات فكذا لباس اهل الذات وشرابهم أرق وأصفى من لباس اهل الصفات وشرابهم ثم ان الاستبرق من كلام العجم عرب بالقاف قال فى القاموس الاستبرق الديباج الغليظ معرب استروه وتصغيره ابيرق وستبر بالتاء والطاء بمعنى الغليظ بالفارسية قال الجواليقى فى المعربات نقل الاستبرق من العجمية الى العربية فلو حقر او كسر لكان فى التحقير ابيرق وبالتكسير اباريق بحذف السين والتاء جميعا انتهى والتعريب جعل العجمى بحيث يوافق اللفظ العربى بتغييره عن منهاجه واجرائه على اوجه الاعراب وجاز وقوع اللفظ العجمى فى القرآن العربى لانه اذا عرب خرج من ان يكون عجميا اذا كان متصرفا تصرف اللفظ العربى من غير فرق فمن قال القرءآن أعجمى يكفر لانه معارضة لقوله تعالى { قرءآنا عربيا } واذا قال فيه كلمة اعجمية ففى أمره نظر لانه ان اراد وقوع الاعجمى فيه بتعريب فصحيح وان بلا تعريب فغلط { متقابلين } اى حال كونهم متقابلين فى المجالس ليستأنس بعضهم ببعض ومعنى متقابلين متواجهين لا ينظر بعضهم الى قفا بعض لدوران الاسرة بهم فهم أتم للانس ودر تفسير سور آبادى آورده كه اين مقابله روز مهمانى باشد در دار الجلال كه حق تعالى همه مؤمنا نرا برسريك خوان بنشاند وهمه رويهاى يكديكر بينند وقال بعضهم متقابلين بالمحبة غير متدابرين بالبغض والحسد لان اللّه ينزع من صدورهم الغل وقت دخولهم الجنة وهذا التقابل من أوصاف اهل اللّه فى الدارين فطوبى لهم حيث انهم فى الجنة وهم فى الدنيا ٥٤ { كذلك } اى الامر كذلك او اثبناهم اثابة مثل ذلك { وزوجناهم بحور عين } اى قرناهم بهن وبالفارسية وقرين مى سازيم متقيانرا بزنان سفيد روى كشاده جشم فيتمتعون تارة بمؤانسة الاخوان ومقابلتهم وتارة بملاعبة النسوان من الحور العين ومزاوجتهن فليس المعنى حصول عقد التزويج بينهم وبين الحور فان التزويج بمعنى العقد لا يتعدى بالباء كما جاء فى التنزيل فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها واذا لم يكن المراد عقد التزويج يقال زوجناك بها بمعنى كنت فردا فقرناك بها اى جعلناك شفعا بها واللّه تعالى جعلهم اثنين ذكرا وانثى وقال فى المفردات لم يجئ فى القرءآن زوجناهم حورا كما يقال زوجته بامرأة تنبيها على ان ذلك لم يكن على حساب التعارف فيما بيننا من المناكح قال سعدى المفتى ثم لا يكون العقد فى الجنة لان فائدته الحل والجنة ليس بدار كلفة من تحريم او تحليل انتهى يقول الفقير يرد عليه ان اللّه تعالى جعل مهر حواء فى الجنة عشر صلوات على نبينا عليه السلام وهو لا يتعين بدون العقد الا ان يقال ذلك العقد ان صح ليس كالعقد المعهود وانما المقصود منه تعظيم نبينا عليه السلام وتعريفه لا التحليل وجعل عنوان الامر ما هو فى صورة المهر ليسرى فى أنكحة أولادهما والظاهر أن المعاملة فيما بين آدم وحواء عليهما السلام فى الجنة كانت من قبيل المؤانسة ولم يكن بينهما مجامعة كما فى الدنيا وان ذهب البعض الى القربان فى الجنة مستدلا بقول قابيل انا من اولاد الجنة وذلك مطعون قال الشيخ الشهير بافتاده البرسوى الشريعة لا ترتفع ابدا حتى ان بعض الاحكام يجرى فى الآخرة ايضا مع انها ليس دار التكليف الا ترى أن كل واحد من اهل الجنة لا يتصرف الا فيما عين له من قبل لله ولذلك قال اللّه تعالى { حور مقصورات فى الخيام } ولاهل الجنة بيوت الضيافة يعملون فيها للضيافة للاحباب ويتنعمون ولكن اهليهم لا يظهرون لغير المحارم كما فى واقعات الهدائى قدس سره ثم الحور جمع الحوراء وهى البيضاء والعين جمع العيناء وهى العظيمة العينين فالحور هى النساء النقيات البياض يحار فيهن الطرف لبيضهن وصفاء لونهن واسعة الاعين حسانها او الشديدات بياض الاعين الشديدات سوادها قال فى القاموس الحور بالتحريك ان يشتد بياض بياض العين وسواد سوادها وتستدير حدقها وترق جفونها ويبيض ما حواليها او شدة بياضها وسوادها فى شدة بياض الجسد أو اسوداد العين كلها مثل الظباء ولا يكون فى بنى آدم بل يستعار لهم انتهى وفى المفردات قليل ظهور قليل من البياض فى العين من بين السواد وذلك نهاية الحسن من البين واختلف فى انهن نساء الدنيا او غيرهن فقال الحسن انهن من نساء الدنيا ينشئهن اللّه خلقا آخر وقال ابو هريرة رضى اللّه عنه انهن لسن من نساء الدنيا ٥٥ { يدعون فيها بكل فاكهة } اى يطلبون ويأمرون باحضار ما يشتهونه من الفواكه لا يتخصص شئ منها بمكان ولا زمان وذلك لا يجتمع فى الدنيا يعنى ان فواكه الدنيا لا توجد فى كل مكان ولها ازمنة مخصوصة لا تستقدمها ولا تستأخرها { آمنين } اى حال كونهم آمنين من كل ما يسؤوهم ايا كان خصوصا الزوال والانقطاع وتولد الضرر من الاكثار وحجاب القلب كما يكون فى الدنيا فيكونون فى الصورة مشغولين بالحور العين وبما يشتهون من النعيم وبالقلوب متوجهين الى الحضرة مشاهدين لها ٥٦ { لا يذوقون فيها } اى فى الجنات { الموت الا الموتة الاولى } الموت والموتة مصدران من فعل واحد كالنفخ والنفخة الا ان الموتة أخص من الموت لان الموتة للوحدة والموت للجنس فيكون بعضا من جنس الموت وهو فرد واحد ونفى الوحدة أبلغ من نفى الجنس فكانت أقوى وانفى فى نفى الموت عن انفسهم كأنه قال لا يذوقون فيها شيأ من الموت يعنى اقل ما ينطلق عليه اسم الموت كما بحر العلوم والاستثناء منقطع اى لا يذوقون الموت فى الجنة لكن الموتة الاولى قد ذاقوها قبل دخول الجنة يعنى مرك اول كه در دنيا جشيدند مؤمنا نرامرك آنست ثم اذا بعثوا ودخلوا الجنة يستمرون على الحياة جون معهود نزديك مردمان آنست كه هرزندكىرا مرك دربى است حق تعالى خبرادادكه حيات بهشت را مرك نيست بلكه حيات اوجاودانست فعيشتهم المرضية مقارنة للحياة الابدية بخلاف اهل النار فانه لا عيشة لهم وكذا لا يموتون فيها ولا يحيون ويقال ليس فى الجنة عشرة اشياء ليس فيها هرم ولا نوم ولا موت ولا خوف ولا ليل ولا نهار ولا ظلمة ولا حر ولا برد ولا خروج ويجوز أن يكون الاستثناء متصلا على ان المراد بيان استحالة ذوق الموت فيها على الاطلاق كأنه قيل لا يذوقون فيها الموتة الا اذا امكن ذوق الموتة الاولى فى المستقبل وذوق الماضى غير ممكن فى المستقبل لا سيما فى الجنة التى هى دار الحياة فهذا من باب التعليق بالمحال كقوله تعالى { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء الا ما قد سلف } والمقصود انهم لا يذوقون فيها الموت البتة وكذا لا ينكحون منكوحات آبائهم قطعا وقيل الا بمعنى بعد او بمعنى سوى فان قلت هذا دليل على نفى الحياة والموت فى القبر قلت اراد به جنس الموت المتعارف المعهود فيما بين الخلق فان الموت المعهود لا يعرى عن الغصص والموت بعد الاحياء فى القبر يكون اخف من الموت المعهود كما فى الاسئلة المقحمة يقول الفقير دلت الآية على ان الموت وجودى لانه تعلق به الذوق وهو الاحساس به احساس الذآئق المطعوم والاكثرون على انه عدمى اى معدوم فى الخارج غير قائم بالميت لان المعدوم لا يحتاج الى المحل وسيجيئ تحقيقه فى محله ان شاء اللّه تعالى وفى هذه الآية اشارة الى انهم لا يذوقون فيها موت النفس بسيف المجاهدة وقمع الهوى وترك الشهوات الا الموتة الاولى فى الدنيا بقتل النفس بسيف الصدق فى الجهاد الاكبر وكما ان السيف لا يجرى على المعدوم فكذا على النفس الفانية اذ لا يموت الانسان مرتين وايضا ان الموتة الاولى هى العدم قبل الوجود فبعد الوجود لا يذوق احد الموت والعدم المحض لان اللّه تعالى قد وهب له الوجود فلا يرجع عن هبته فانه غنى وما ورد من ان الحيوانات العجم تصير ترابا يوم القيمة حتى يتمنى الكافر ان يكون مثلها فذلك ليس باعدام محض بل الحاق بتراب ارض الآخرة ويجوز أن يقال ان وجودات الاشياء الحسيسة لا اعتبار لها واللّه سبحانه وتعالى أعلم { ووقاهم عذاب الجحيم } الوقاية حفظ الشئ مما يؤذيه ويضره اى حفظهم من النار وصرفها عنهم وبالفارسية ونكاه ميدارد حق تعالى بهشتيانرا واز ايشان دفع ميكند عذاب دوزخ وفيه اشارة الى عذاب البعد وجحيم الهجران ٥٧ { فضلا من ربك } منصوب بمقدر على المصدرية او الحالية اى اعطى المتقون ما ذكر من نعيم الجنة والنجاة من عذاب الجحيم عطاء وتفضلا منه تعالى لا جزآء للاعمال المعلولة واحتج اهل السنة بهذه الآية على ان كل ما وصل اليه العبد من الخلاص من النار والفوز بالجنة ونعيمها فانما يحصل بفضل اللّه واحسانه وانه لا يجب عليه شئ من ذلك ففى اثبات الفضل نفى الاستحقاق فجميع الكرامات فضل منه على المتقين حيث اختارهم بها فى الازل واخرجها من علل الاكتساب فان الاكتساب ايضا فضل اذ لو لم يخلق القدرة على كسب الكمالات وتحصيل الكرامات لما وجد العبد اليه سبيلا وفى الحديث ( لا يدخل احدا منكم عمله الجنة ولا يجيره من النار ولا أنا الا برحمة اللّه ) اى ولا انا أدخل الجنة بعمل الا برحمة اللّه وليس المراد به توهين امر العمل بل نفى الاغترار به وبيان انه انما يتم بفضل اللّه قال ابن الملك فى الحديث دلالة على مذهب اهل السنة وحجة على المعتزلة حيث اعتقدوا ان دخولها انما يحصل بالعمل واما قوله تعالى { ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون } ونظائره فلا ينافى الحديث لان الآية تدل على سببية العمل والمنفى فى الحديث عليته وايجابه انتهى قال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر فى مواقع النجوم الدخول برحمة اللّه وقسمة الدرجات بالاعمال والخلود بالنيات فهذه ثلاثة مقامات وكذلك فى دار الشقاوة دخول اهلها فيها بعدل اللّه وطبقات عذابها بالاعمال وخلودهم بالنيات وأصل ما استوجبوا به هذا العذاب المؤبد المخالفة كما كانت فى السعادة الموافقة وكذلك من دخل من العاصين النار لولا المخالفة لما عذبهم اللّه شرعاً نسئل اللّه لنا وللمسلمين ان يستعملنا بصالح الاعمال ويرزقنا الحياء منه تعالى { ذلك } آن صرف عذاب وحيات ابدى دربهشت { هو الفوز العظيم } الذى لا فوز ورآءه اذ هو خالص من جميع المكاره ونيل لكل المطالب والفوز والظفر مع حصول السلامة كما فى المفردات يقول الفقير لما كان الموت وسيلة لهذا الفوز وبابا له ورد الموت تحفة المؤمن والموت وان كان من وجه هلكا فمن وجه فوز ولذلك قيل ما احد الا والموت خير له اما المؤمن فانما كان الموت خيرا له لانه يتخلص به من السجن ويصل الى النعيم المقيم فى روضات الجنات واما العاصى فلان الامهال فى الدنيا سبب لازدياد المعاصى والاثم كما قال تعالى { انما نملى لهم ليزدادوا اثما } وهو سبب لازياد العذاب ( قال الشيخ سعدى ) نكو كفت لقمان كه نازيستن به ازسالها برخطا زيستن هم ازبا مدادان در كلبه بست به ازسود وسرمايه دادن زدست ٥٨ { فانما يسرناه بلسانك } فذلكة للسورة الكريمة ونتيجة لها وللسان آلة لتكلم فى الاصل واستعير هنا لمعنى اللغة كما فى قوله عليه السلام ( لسان أهل الجنة العربية ) والمعنى انما سهلنا الكتاب المبين حيث انزلناه بلغتك { لعلهم يتذكرون } كى يفهمه قومك ويتذكروا ويعملوا بموجبه واذا لم يفعلوا ذلك ٥٩ { فارتقب } فانتظر لما يحل بهم من المقادير فان فى رؤيتها عبرة للعارفين وموعظة للمتقين { انهم مرتقبون } منتظرون لما يحل بك من الدوائر ولم يضرك ذلك فعن قريب يتحقق املك وتخيب آمالهم يعنى ازان تو نصرت الهى خواهد بود وازان ايشان عذاب نامتناهى دوستان را هردم فتحى تازه وخصمان را هرزمان رنجى آبى اندازه تابعانرا وعده حسن المآب منكرانرا هيبت ذوقوا العذاب وفى عين المعانى او فارتقب الثواب فانهم كالمرتقبين العقاب لان المسيئ ينتظر عاقبة الاساءة وعلى كلا التقديرين فمفعول الارتقاب محذوف فى الموضعين وفى الآية فوائد منها انه تعالى بين تيسير القرءآن والتيسير ضد التعسير وقد قال فى آية اخرى { انا سنلقى عليك قولا ثقيلا } فبينهما تعارض والجواب هو ميسر باللسان وثقيل من حيث اشتماله على التكاليف الشاقة على المكلفين ولا شك ان التلاوة باللسان اخف من العمل ولهذا جاء فى بعض اللطائف انه مرض ابن لبعض العلماء فقيل له اذبح قربانا لعل اللّه يشفى ولدك فقال بل اقرأ قرءآنا فقال بعض العرفاء انما اختار القرءآن لانه فى لسانه وأغرض عن القربان لكون فى جنانه لان حب المال مركوز فى القلب ففى اخراجه منه صعوبة ومنها انه تعالى قال { بلسانك } فأشار الى انه لو أسمعهم كلامه بغير الواسطة لماتوا جميعا لعدم تحملهم قال جعفر الصادق رضى اللّه عنه لولا تيسيره لما قدر أحد من خلقه أن يتلفظ بحرف من القرءآن وأنى لهم ذلك وهو كلام من لم يزل ولا يزال وقال ابن عطاء يسر ذكره على لسان من شاء من عباده فلا يفتر عن ذكره بحال واغلق باب الذكر على من شاء من عباده فلا يستطيع بحال ان يذكره ومنها ان بعض المعتزلة استدل بقوله { لعلهم يتذكرون } على انه أراد من الكل الايمان ولم يرد من احد الكفر واجيب بأن الضمير فى لعلهم الى اقوام مخصوصين وهم المؤمنون فى علم اللّه تعالى يقول الفقير فى هذا الجواب نظر لان ما بعد الآية يخالفه فانهم لو كانوا مؤمنين فى علم اللّه لآمنوا ولما امر عليه السلام بانتظار الهلاك فى حقهم فالوجه ان يكون لعلهم يتذكرون علة بمعنى طلب ان يفهمه قومك فيتذكروا به او لكى يتذكروا ويتعظوا به فيفوا بما وعدوه من الايمان عند كشف العذاب عنهم وتفسيره بالارادة كما فعله اهل الاعتزال خطأ لان الارادة تستلزم المراد لا محالة ومنها ان انتظار الفرج عبادة على ما جاء فى الحديث لانه من الايمان وجاء فى فضيلة السورة الكريمة آثار صحيحة قال عليه السلام ( من قرأ حم الدخان ليلة الجمعة اصبح مغفورا له ) اى دخل فى الصباح حال كونه مغفورا له فاصبح فعل تام بمعنى دخل فى الصباح لانه لو جعل ناقصا يكون المعنى حصل غفرانه وقت الصباح وليس المراد ذلك نعم لا يظهر المنع عن جعله بمعنى صار وعنه عليه السلام ( من قرأ الدخان فى ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك ) وهذا الحديثان رواهما ابو هريرة رضى اللّه عنه والاول أخرجه الترمذى وقال ابو امامة سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول ( من قرأ حم الدخان ليلة الجمعة او يوم الجمعة بنى اللّه له بيتا فى الجنة ) كما فى كشف الاسرار وبحر العلوم واسناد البناء الى اللّه مجاز اى يأمر الملائكة بان يبنوا له فى الجنة بثواب القراءة بيتا عظيما عاليا من در وياقوت مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر يقول الفقير لما كان اصل البيت مأوى الانسان بالليل وكان احياء الليل الذى فيه ترك البيتوتة غالبا بمثل التلاوة جعل بناء البيت جزاء للقراءة الواقعة فى الليلة المبنية على ترك البيتوتة ليكون الجزاء من جنس العمل وحمل النهار عليه فافهم جدا واللّه الموفق لمرضاته وتلاوة آياته وللعمل بحقائق بيناته وهو المعين لاهل عناياته |
﴿ ٠ ﴾