سُورَةُ الْجَاثِيَةِ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ سَبْعٌ وَثَلاَثُونَ آيَةً ١ { حم } اى هذه السورة مسماة بحم وفى التأويلات النجمية يشير بالحاء الى حياته وبالميم الى مودته كائن قال بحياتى ومودتى لاوليائى لا شئ الى احب من لقاء احبابى ولا أعز ولا أحب غلى احابى من لقائى وفى عرآئس البقلى الحاء يدل على ان فى بحر حياته حارت الارواح والميم تدل على ان فى ميادين محبته هامت الاسرار يقول الفقير الحاء اشارة الى الحب الازلى المتقدم ولذا قدمه والميم اشارة الى المعرفة الابدية المتأخرة ولذا اخره كما دل عليه قوله تعالى لداود عليه السلام كنت كنزا مخفيا فاحبب أن أعرف فخلقت الخلق لأعرف فان المحبة فى هذا الحديث القدسى متقدمة على المعرفة وذلك نزولا وبالعكس عروجا كما لا يخفى على اهل الذوق ٢ { تنزيل الكتاب } اى القرءآن المشتمل على السور مطلقا خصوصا هذه السورة الجليلة وهو مبتدأ خبره قوله { من اللّه } فدل على انه اى القرءآن حق وصدق { العزيز } فدل على انه معجز غالب غير مغلوب { الحكيم } فدل على انه مشتمل على حكم بالغة وعلى انه يحكم فى نفسه بنسخ ولا ينسخ فليس كما يزعم المبطلون من انه شعر أو كهانة او تقول من عنده ممكن معارضته وانه كاساطير الاولين مثل حديث رستم واسفنديار وغيرهما فيجب ان يعرف قدره وان يكون الانسان مملوأ به صدره ابو بكر شبلى قدس سره ببازار بغداد بركذشت باره كاغد ديدكه نام دوست بروى رقم بود ودرزير اقدام خلق افتاده شبلى جون آنرا ديد اضطرابى بردل واعضاى وى افتاد آن رقعه برداشت وبيوسيد وآنرا معطر ومعنبر كرد وباخود داشت كاه برسينه نهادى ظلمت غفلت بزدودى وكاه برديده نهادى نور جشم بيفزوى تاآن روزكه بقصد بيت اللّه الحرام از بغداد بيرون آمد روى بباديه نهادآن رقعه دردست كرفته وآنرا بدرقه روزكار خود ساخته درباديه جوانى را ديد فريد وغريب بى زاد وراحله از خاك بستر كرده واز سنك بالين ساخته سرشك از جشم او روان شده وديده درهوا نهاده شبلى بر بالين وى نشست وآن كاغد بيش ديده او داشت كفت اى جوان برين عهد هستى جوان روى بكردانيد شبلى كفت انا اللّه مكر اندرين سكرات وغمرات حال اين جوانرا تبديل خواهد شد جوان باز نكريست وكفت اى شبلى دائما در غلطى آنجه تو دركاغد مىبينى وميخوانى مادر صحيفه دل مى بينيم ومى خوانيم يقول الفقير سر عشق يار من مخفى بود درجان من مكس نداند سرجانم رابجز جانان من ٣ { ان فى السموات والارض } اى فى خلقهما وخلق ما فيهما من آثار القدرة كالكواكب والجبال والبحار ونحوها { لآيات للمؤمنين } لشواهد الربوبية لاهل التصديق وادلة الآلهية لاهل التوفيق خص المؤمنين بالذكر لانتفاعهم بتلك الآيات والدلالات فانهم يستدلون بالمخلوق على الخالق وبالمصنوع على الصانع فيوحدونه وهو اول الباب ولذا قدم الايمان على الايقان ولعل الوجه فى طى ذكر المضاف هنا وهو الخلق واثباته فى الآية الآتية ان خلق السموات والارض ليس بمشهود للخلق وان كانتا مخلوقتين كما قال تعالى { ما اشهدتهم خلق السموات والارض } بخلاف خلق الانسان وما يلحق به من خلق سائر الدواب فانه كما أنه يستدل بخلقه على خالقه فكذا يشاهد خلقه وتوالده فتكون المخلوقية فيه أظهر من الاول هكذا لاح بالبال واللّه اعلم بحقيقة الحال وهنا كلام آخر سيأتى ٤ { وفى خلقكم } اى من نصفة ثم من علقة متقلبة فى اطوار مختلفة الى تمام الخلق { وما يبث من دابة } عطف على المضاف دون المضاف اليه والا يكون عطفا على بعض الكلمة اذ المضاف والمضاف اليه كشئ واحد كالجار والمجرور قال سعدى المفتى رحمه اللّه العطف على الضمير المجرور من غير اعادة الجار منعه سيبويه وجمهور البصريين وأجازه الكوفيون ويونس والاخفش قال ابو حيان واختاره الشلوبين وهو الصحيح وفصل بعض النحويين فأجاز العطف على المجرور بالاضافة دون الحرف انتهى والمعنى وفى خلق ما ينشره اللّه تعالى ويفرقه من دابة وهى كل ما يدب على وجه الارض من الحيوان مع اختلاف صورها واشكالها وكثرة انواعها واضمر ذكر اللّه لقرب العهد منه بخلافه فى وما انزل اللّه كما سيأتى { آيات } بالرفع على انه مبتدأ خبره الظرف المقدم والجملة معطوفة على ما قبلها من الجملة المصدرة بان { لقوم يوقنون } اى من شأنهم ان يوقنوا بالاشياء على ما هى عليه واليقين علم فوق المعرفة والدراية ونحوهما وبينه وبين الايمان فروق كثيرة وحقيقة الايمان هو اليقين حين باشر الاسرار بظهور الانوار الا ترى كيف سأل عليه السلام بقوله ( اللهم انى اسألك ايمانا يباشر قلبى ويقينا ليس بعده كفر ) يقول الفقير لم يقل للموقنين كمال قال للمؤمنين اشارة الى قلة هذا الفريق بالنسبة الى الاول وخص الايقان بخلق الانفس لان ما قبله من الايمان بالآفاق وهو ما خرج عنك وهذا من الايمان بالانفس وهو ما دخل فيك وهذا اخص درجات الايمان فانه اذا اكمل الايمان فى مرتبة الآفاق يترقى العبد الى المشاهدة فى مرتبة الانفس فكمال اليقين انما هو فى هذه المرتبة لا فى تلك المرتبة لان العلم بما دخل فيك اقوى منه بما خرج عنك اذ لا يكذبه شئ ولذا جاء العلم الضرورى اشد من العلم الاستدلالى وضم خلق الدواب الى خلق الانسان لاشتراك الكل فى معنى الجنس فافهم جدا واقنع وفى التأويلات النجمية ان العبد اذا امعن نظره فى حسن استعداده ظاهرا وباطنا وانه خلق فى احسن تقويم ورأى استوآء قده وقامته وحسن صورته وسيرته واستكمال عقله وتمام تمييزه وما هو مخصوص به فى جوارحه وجوانحه ثم تفكر فيما عداه من الدواب واجزآئها واعضائها واوصافها وطباعها وقف على اختصاص وامتياز بنى آدم بين البرية من الجن فى الفهم والعقل والتمييز ثم فى الايمان ومن الملائكة فى حمل الامانة وتعلم علم الاسماء ووجوه خصائص اهل الصفوة من المكاشفات والمشاهدات والمعاينات وانواع التجليات وما صار به الانسان خليفة ومسجود الملائكة المقربين وعرف تخصيصهم بمناقبهم وانفرادهم بفضائلهم فاستيقن ان اللّه كرمهم وعلى كثير من المخلوقات فضلهم وانهم محمولوا العناية فى بر الملك وبحر الملكوت ( قال الصائب ) اى رازنه فلك زوجودت عيان همه در دامن تو حاصل دريا وكان همه اسرار جار دفتر ومضمون نه كتاب درنقطه توساخته ايزد نهان همه قدوسيان بحكم خداوند امر نهى بيش توسر كذاشته برآستان همه روحانيان براى تماشاى جلوه ات جون كودكان برآمده برآسمان همه ٥ { واختلاف الليل والنهار } اى وفى اختلافهما بتعاقبهما او بتفاوتهما طولا وقصرا او بسواد الليل وبياض النهار { وما أنزل اللّه من السماء } عطف على اختلاف { من رزق } اى مطر وهو سبب الرزق عبر عنه بذلك تنبيها على كونه آية من جهتى القدرة والرحمة { فاحيا به الارض } بأن أخرج منها اصناف الزروع والثمرات والنباتات { بعد موتها } يبسها وعرائها عن آثار الحياة وانتفاء قوة التنمية عنها وخلو اشجارها عن الثمار ففيه تشبيه للرطوبة الارضية بالروح الحيوانى فى كونها مبدأ التوليد والتنمية وتشبيه زوالها بزوال الروح وموت الجسد وفيه اشارة الى أرض القلوب فانها عند استيلاء أوصاف البشرية عليها فى اوان الولادة الى حد البلوغ محرومة من غذاء تعيش به وهو اوامر الشريعة ونواهيها المودعة فيها نور الايمان الذى هو حياة القلوب فعند البلوغ ينزل غيث الرحمة رزقا لها فيحصل لها الحياة المعنوية { وتصريف الرياح } تحويلها من جهة الى اخرى وتبديلها من حال الى حال اذ منها مشرقية ومغربية وجنوبية وشمالية وحارة وباردة ونافعة وضارة وتأخيره عن انزال المطر مع تقدمه عليه فى الوجود اما للايذان بأنه آية مستقلة حيث لو روعى الترتيب الوجودى لربما توهم ان مجموع تصريف الرياح وانزال المطر آية واحدة واما لان كون التصريف آية ليس بمجرد كونه مبدأ لانشاء المطر بل له ولسائر المنافع التى من جملتها سوق السفن فى البحار { آيات لقوم يعقلون } بالرفع على أنه مبتدأ خبره ما تقدم من الجار والمجرور والجملة معطوفة على ما قبلها وتنكير آيات فى المواضع الثلاثة للتفخيم كما وكيفا والعقل يقال للقوة المتهيئة لقبول العلم ويقال للعلم الذى يستفيده الانسان بتلك القوة عقل ولهذا قال امير المؤمنين على كرم اللّه وجهه فان العقل عقلان فمطبوع ومسموع ولا ينفع مطبوع اذا لم يك مسموع كما لا ينفع الشمس وضوء العين ممنوع والى الاول اشار النبى عليه السلام بقوله ( ما خلق اللّه خلقا اكرم عليه من العقل ) والى الثانى اشار بقوله ( ما كسب احد شيأ افضل من عقل يهديه الى هدى او يرده عن ردى ) وهذا العقل هو المعنى بقوله تعالى { وما يعقلها الا العالمون } وكل موضع ذم الكفار بعدم العقل فاشارة الى الثانى دون الاول وكل موضع رفع التكليف عن العبد لعدم العقل فاشارة الى الاول كما فى المفردات والمعنى لقوم ينظرون بعيون عقولهم ويعتبرون لانها دلائل واضحة على الدلائل يقول الفقير لعل سر تخصيص العقل بهذا المقام وتأخيره عن الايمان والايقان ان هذه الآية دائرة بين علوى وسفلى وما بينهما وللعقل مدخل تعقل كل ذلك واشتراك بين الايمان والايقان فافهم جدا وفيه اشارة الى ان اللّه تعالى جعل العلوم الدينية كسبية مصححة بالدلائلى وموهبية محققة بالشواهد فمن لم يستبصر بهما زلت قدمه عن الصراط المستقيم ووقع فى عذاب الجحيم فاليوم فى الحيرة والتقليد وفى الآخرة فى الوعيد بالتخليد جعلنا اللّه واياكم من أهل الدلائل والشواهد وعصمنا من عمى كل منكر جاحد انه هو الفرد الواحد ٦ { تلك } الآيات القرءانية من اول السورة وهو مبتدأ خبره قوله { آيات اللّه } المنبهة على الآيات التكوينية { نتلوها عليك } بواسطة جبرائيل حال كوننا { بالحق } اى محقين او حال كون الآيات ملتبسة بالحق والصدق بعيدة من الباطل والكذب وقال فى بحر العلوم نتلوها عليك حال عاملها معنى الاشارة كأنه قيل نشير اليها متلوة عليك تلاوة متلبسة بالحق مقترنة به بعيدة من الباطل واللعب والهزل كما قال { وما هو بالهزل } انتهى ويجوز ان تكون تلك اشارة الى الدلائل المذكورة اى تلك دلائله الواضحة على وجوده ووحدته وقدرته وعلمه وحكمته نتلوها عليك اى بتلاوة النظم الدال عليها { فبأى حديث } من الاحاديث وخبر من الاخبار { بعد اللّه وآياته } اى بعد آيات اللّه وتقديم الاسم الجليل لتعظيمه كما فى قولهم اعجبنى زيد وكرمه يريدون اعجبنى كرم زيد ونظيره قوله تعالى { واعلموا انما غنمتم من شئ فان لله خمسه } فان اسم اللّه هنا ايضا مذكور بطريق التعظيم كما سبق فقول ابى حيان فيه اقحام الاسماء من غير ضرورة غير مفيد او بعد حديث اللّه الذى هو القرءآن حسبما نطق به قول تعالى { اللّه نزل احسن الحديث } وهو المراد بآياته ايضا ومناط العطف التغاير العنوانى { يؤمنون } يعنى ان القرءآن من بين الكتب السماوية معجزة باهرة فحيث لم يؤمنوا به فبأى كتاب بعده يؤمنون اى لا يؤمنون بكتاب سواه وقيل معناه القرءآن آخر كتب اللّه محمد آخر رسله فان لم يؤمنوا به فبأى كتاب يؤمنون ولا كتاب بعده ولا نبى وفى الآية اشارة الى ان الايمان لا يمكن حصوله فى القلب الا باللّه وكتابته فى القلوب وباراءته المؤمنين آياته والا فلا يحصل بالدلائل المنطقية ولا بالبراهين العقلية قال الامام الرازى لحضرة الشيخ نجم الدين قدس سره بم عرفت ربك قال بواردات ترد على القلوب فتعجز النفوس عن تكذيبها وروى ابن عباس رضى اللّه عنهما ان النبى عليه السلام قال ( من أعجب الخلق ايمانا ) قالوا الملائكة قال عليه السلام ( وكيف لا تؤمن الملائكة وهم يعاينون الامر ) قالوا فالنبيون قال عليه السلام ( وكيف لا يؤمن النبيون والروح ينزل عليهم بالامر من السماء ) قالوا فأصحابك قال عليه السلام ( وكيف لا يؤمن اصحابى وهم يرون ما يرون ولكن اعجب الناس ايمانا قوم يجيئون بعدى يؤمنون بى ولم يرونى ويصدقوننى ولم يرونى فاولئك اخوانى ) وفى الحديث اشارة الى ان الايمان المبنى على الشواهد القلبية اعلى من الايمان المبنى على الدلائل الخارجية وفى الكل فضل بحسب مقامه فأهل الايمان والتوحيد مطلقا مغفور لهم وعن ابى ذر رضى اللّه عنه عن النبى عليه السلام انه قال ( يا ابا ذر جدد ايمانك بكرة وعشيا فان سريعا يندرس الاسلام حتى لا يدرى احد ما الصلاة وما الصيام وان واحدا منهم يقول ان من كان قبلنا يقولون لا اله الا اللّه ويدخلون هذه البيوت ) اى المساجد قيل يا رسول اللّه اذا لم يصلوا ولم يصوموا فما يغنى عنهم قولهم لا اله الا اللّه قال عليه السلام ( بهذه الكلمة ينجون من نار جهنم ) وعن حذيفة رضى اللّه عنه سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول ( مات رجل من بنى اسرائيل من قوم موسى عليه السلام فاذا كان يوم القيامة يقول اللّه لملائكته انظروا هل تجدون لعبدى من حسنة يفوز بها اليوم فيقولون انا لا نجد سوى ان نقش خاتمه لا اله الا اللّه فيقول اللّه تعالى ادخلوا عبدى الجنة فقد غفرت له ) ٧ { ويل } كلمة عذاب بالفارسية سختئ عذاب { لكل افاك } كذاب والافك كل مصروف عن وجهه الذى يحق ان يكون عليه { اثيم } صيغة مبالغة بمعنى كثير الاثم كعليم بمعنى كثير العلم ٨ { يسمع آيات اللّه } صفة اخرى لأفاك والمراد آيات القرءآن لان السماع انما يتعلق بها وكذا التلاوة فى قوله { تتلى عليه } حال من آيات اللّه { ثم يصر } اى يقيم على كفره ويدوم عازما عليه عاقدا قال فى المفردات الاصرار التعقد فى الذنب والتشدد فيه والامتناع من الاقلاع عنه واصله من الصراى الشد والصرة ما يعقد فيها الدراهم { مستكبراً } عن الايمان بما سمعه من آيات اللّه والاذعان بما نطق به من الحق مزدريا لها معجبا بما عنده من الاباطيل وكان النضر بن الحارث بن عبد الدار وقد قتل صبرا يشترى من احاديث العجم مثل حديث رستم واسفنديار ويشغل بها الناس عن استماع القرءآن فوردت الآية ناعية عليه وعلى كل من يسير سيرته ما هم فيه من الشر والفساد وذلك التعميم لكلمة الاحاطة والشمول وكلمة ثم لاستبعاد الاصرار والاستكبار بعد سماع الآيات التى حقها ان تذعن لها القلوب وتخضع لها الرقاب فهى محمولة على المعنى المجازى لانه الاليق بمرام المقام وان كان يمكن الحمل على الحقيقة ايضا باعتبار منتهى الاصرار { كان لم يسمعها } اى يصير كأنه لم يسمعها اى مشابها حاله حال من لم يسمعها فخفف وحذف ضمير الشان والجملة من يصير تشبيها بغير السامع فى عدم القبول والانتفاع { فبشره بعذاب أليم } اى انذره على اصراره واستكباه بعذاب أليم فان ذكر العذاب قرينة على الاستعارة استعيرت البشارة التى هى الاخبار بما يظهر سرور فى المخبر به للانذار الذى هو صده بادخال الانذار فى جنس البشارة على سبيل التهكم والاستهزاء هذا اذا اريد المعنى المتعارف للبشارة وهو الخبر السار ويجوز أن يكون على الاصل فانها بحسب اصل اللغة عبارة عن الخبر الذى يؤثر فى بشرة الوجه بالتغيير وهو يعم خبر السرور والحزن ولذا قال فى كشف الاسرار أى اخبره خبرا يظهره اثر على بشرته من الترح ٩ { واذا علم من آياتنا شيأ } اى اذا بلغه من آياتنا شئ وعلم انه من آياتنا لا انه علمه كما هو عليه فانه بمعزل من ذلك الكلام { اتخذها } اى الآيات كلها { هزوا } اى مهزواً بها لا ما سمعه فقط او الضمير للشئ والتأنيث باعتبار الآية يعنى بآن افسوس كندوبصورنى باز نمايدكه از حق وصواب دور باشد كالنضر استهزأ بها وعارضها بحديث الفرس يرى العوام انه لا حقيقة لذلك وكأبى جهل حيث اطعمهم الزبد والتمر وقال تزقموا فهذا ما يتوعدكم به محمد فحمل الزقوم على الزبد والتمر { اولئك } اشارة الى كل أفاك من حيث الانصاف بما ذكر من القبائح والجمع باعتبار شمول كل كما ان الافراد فى الضمائر السابقة باعتبار كل واحد { لهم } بسب جناياتهم المذكورة { عذاب مهين } يذلهم ويذهب بعزهم وصف العذاب بالاهانة توفية لحق استكبارهم واستهزائهم بآيات الله ١٠ { من ورائهم جهنم } اى جهنم كائنة من قدامهم لانهم متوجهون الى ما اعد لهم او من خلفهم لانهم معرضون او قدام اى يسترها وقال بعضهم وراء فى الاصل مصدر جعل ظرفا ويضاف الى الفاعل فيراد به ما يتوارى به وهو خلفه والى المفعول فيردا به ما يواريه وهو قدامه ولذلك عد من الاضداد وفى القاموس الوراء يكون خلف وقدام ضد اولا لانه بمعنى وهو ما توارى عنك { ولا يغنى عنهم } ولا يدفع { ما كسبوا } من الاولاد والاموال { شيأ } من عذاب فيكون مفعولا به او لا يغنى عنهم فى دفع ذلك شيأ من الاغناء اى اغناء قليلا فيكون مصدرا يقال أغنى عنه اذا كفاه { ولا ما اتخذوا من دون اللّه أولياء } اى ولا ينفعهم ايضا ما عبدوه من دون اللّه من الاصنام وتوسيط حرف النفى بين المعطوفين مع ان عدم اغناء الاصنام اظهر وأجلى من عدم اغناء الاموال والاولاد قطعا مبنى على زعمهم الفاسد حيث كانوا يطمعون فى شفاعتهم وفيه تهكم { ولهم } فيما وراءهم من جهنم { عذاب عظيم } لا يعرف كنهه يعنى شدت آن ازحد متجاوزاست ١١ { هذا } اى القرءآن { هدى } اى فى غاية الكمال من الهداية كأنه نفسها كقولك زيد عدل { والذين كفروا بآيات ربهم } القرءآنية { لهم عذاب من رجز } اى من شدة العذاب { أليم } بالرفع صفة عذاب وبالفارسية ازسخت ترين عذابى ألم رسانيده وفى الآيات اشارات منها ان بعض الناس يسمع آيات اللّه فى الظاهر اذ تتلى عليه ولا يسمعها بسمع الباطن ويتصامم بحكم الخذلان والغفلة فله عذاب أليم لاستكباره عن قبول الحق وعدم العمل بموجب الآيات وكذا اذا سمعها وتلاها بغير حضور القلب تعتيست اين كه بر لهجه وصوت شوداز توحضور خاطر فوت فكر حسن غنا برد هوشت متكلم شودفراموشت نشودبردل توتابنده كين كلام خداست يابنده ومن استمع بسمع الحق والفهم واستبصر بنور التوحيد فاز بذخر الدارين وتصدى لعز المنزلين ومنها ان العالم الربانى اذا افاد شيأ من العلم ينبغى ان يكون فى حيز القبول ولا يقابل بالعناد والتأول على المراد من غير أن يكون هناك تصحيح باسناد وذلك فان العبد يكاشف امورا بتعريفات الغيب لا يتداخله فيها ريب ولا يتخالجه منها شك فمن استهان بها وقع فى ذلك الحجاب وجهنم البعد كما عليه أهل الانكار فى كل الاعصار حيث لا يقبلون اكثر ما ذكره مثل الامام الغزالى والامام المكى فيكونون كمن يؤمن ببعض ويكفر ببعض بموافقة الاهوآء والاغراض ومنها ان القرءآن هداية لكن للمقرين لا للنكرين فمن اقر بعباراته واشاراته نجا من الخذلان والوقوع فى النيران ومن انكرها وقع فى عذاب عظيم يذل فيه ويهان ١٢ { اللّه الذى سخر لكم البحر } بأن جعله املس السطح يعلو عليه ما شأنه الغوص كالاخشاب ولا يمنع الغوص والحزق لميعانه فانه لو جعل خشن السطح بان كان ذا ارتفاع وانخفاض لم يتيسر جرى الفلك عليه وكذا لو جعله بحيث لا تطفو عليه الاخشاب ونحوها بل تسفلت وغرقت فيه لم يتيسر ذلك ايضا ولو جعله صلبا مصمتا يمنع الغوص فيه لم يمكن تحصيل المنافع المترتبة على الغوص { لتجرى الفلك فيه بأمره } اى باذنه وتيسيره وانتم راكبوها { ولتبتغوا من فضله } بالتجارة والغوص على اللؤلؤ والمرجان ونحوها من منافع البحر { ولعلكم تشكرون } ولكى تشكروا النعم المترتبة على ذلك بالاقرار بوحدانية المنعم بها وفى الاية اشارة الى انه تعالى سخر بحر العدم لتجرى فيه فلك الوجود بامره وهو امركن والحكمة فى هذا التسخير مختصة بالانسان لا بالفلك سخر البحر والفلك له وسخره لنفسه ليكون خليفته ومظهرا لذاته وصفاته نعمة منه وفضلا لاظهار الكنز المخفى فبحسب كل مسخر من الجزئيات والكليات يجب على العبد شكره وشكره ان يستعمله فى طلب اللّه بامره ولا يستعمله فى هوى نفسه وله ان يعتبر من البحر الصورى والذين يركبون البحر فربما تسلم سفينتهم وربما تغرق كذلك العبد فى فلك الاعتصام فى بحار التقدير بمشى به فى رياح المشيئة مرفوع له شراع التوكل مرسى فى بحر اليقين فان هبت رياح العناية نجت السفينة الى ساحل السعادة وان هبت نكباه الفتنة لم يبق بيد الملاح شئ وغرقت فى لجة الشقاوة فعلى العبد ان يبتغى فضل اللّه ويسعى فى الطلب بادآء شكر النعم كما فى التأويلات النجمية ١٣ { وسخر لكم ما فى السموات وما فى الارض } من الموجودات بان جعلها مدارا لمنافعكم ودلت الآية على ان نسبة الحوادث الارضية الى الاتصالات الفلكية جائزة { جميعا } اما حال من ما فى السموات وما فى الارض او تأكيد له { منه } صفة لجميعا اى كائنا منه تعالى او حال من ما اى سخر لكم هذه الاشياء كائنة منه مخلوقة له وخبر لمحذوف اى هى جميعا منه تعالى وفى فتح الرحمن جميعا منه اى كل انعام فهو من فضله لانه لا يستحق عليه احد شيأ بل هو يوجب على نفسه تكرما { ان فى ذلك } اى فيما ذكر من الامور العظام { لآيات } عظيمة الشأن كبيرة القدر دالة على وجود الصانع وصفاته { لقوم يتفكرون } فى بدائع صنع اللّه فانهم يقفون بذلك على جلائل نعمه تعالى ودقائقها ويوفقون لشكرها ديرجمله جهان زمغز تابوست هر ذره كواه قدرت اوست روى انه عليه السلام مر على قوم يتفكرون فقال ( تفكروا فى الخلق ولا تتفكروا فى الخالق ) وفى الحديث ( ان الشيطان يأتى احدكم فيقول من خلق السموات فيقول اللّه ويقول من خلق الارض فيقول اللّه ويقول من خلق اللّه فاذا افتتن احدكم بذلك فليقل آمنت باللّه ورسوله ) واعلم ان التفكر على العبادات وافضلها لان عمل القلب اعلى واجل من عمل النفس ولذلك قال عليه السلام ( تفكر ساعة خير من عبادة سنة ) وفى رواية ( ستين سنة ) وفى رواية ( سبعين سنة ) وروى المقداد بن الاسود رضى اللّه عنه دخلت على ابى هريرة رضى اللّه عنه فسمعته يقول قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( تفكر ساعة خير من عبادة سنة ) ثم دخلت على ابن عباس رضى اللّه عنهما فسمعته يقول قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( تفكر ساعة خير من عبادة سبع سنين ) ثم دخلت على ابى بكر رضى اللّه عنه فسمعته يقول قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( تفكر ساعة خير من عبادة سبعين سنة ) فقال المقداد فدخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فاخبرته بما قالوا فقال ( صدقوا ) ثم قال ( ادعهم الى ) فدعوتهم فقال لابى هريرة ( كيف تفكرك وفيماذا ) قال فى قول اللّه تعالى { ويتفكرون فى خلق السموات والارض } الآية قال ( تفكرك خير من عبادة سنة ) ثم سأل ابن عباس رضى اللّه عنهما عن تفكره فقال تفكرى فى الموت وهول المطلع قال ( تفكرك خير من عبادة سبع سنين ) ثم قال لابى بكر ( كيف تفكرك ) قال تفكرى فى النار وفى اهوالها واقول يا رب اجعلنى يوم القيامة من العظم بحال يملأ النار منى حتى تصدق وعدك ولا تعذب امة محمد فى النار فقال عليه السلام ( تفكرك خير من عبادة سبعين سنة ) ثم قال ( أرأف امتى بامتى ابو بكر ) فالفضل راجع الى مراتب النيات يقول الفقير وجه التخصيص فى الاول ان اختلاف الليل والنهار المذكور فى آية التفكر يدور على السنة فبمقدار بعد التفكر جاء الثواب وفى الثانى ان خوف الموت وما بعده ينتهى الى الجنة او الى النار والجنة فوق سبع سموات كما ان النار تحت سبع ارضين وفى الثالث ان بعد قعر جهنم سبعون سنة على ما ورد فى الحديث فلما كان الصديق رضى اللّه عنه بعيد التفكر بالنسبة الى الاولين اثيب بما ذكر وجاء اجره مناسبا لتفكره وفى الآية اشارة الى ان السموات والارض وما فيهن خلفت للانسان فان وجودها تبع لوجوده وناهيك من هذا المعنى ان اللّه تعالى أسجد ملائكته لآدم عليه السلام وهذا غاية التسخير وهم اكرم مما فى السموات والارض ومثال هذا ان اللّه تعالى لما اراد ان يخلق ثمرة خلق شجرة وسخرها للثمرة لتحملها فالعالم بما فيه شجرة وثمرتها الانسأن ولعظم هذا المعنى قال ان فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون اى فى هذا المعنى دلالات على شرف الانسان وكماليته لقوم لهم قلوب منورة بنور الايمان والعرفان اذ يتفكرون بفكر سليم كما فى التأويلات النجمية ١٤ { قل للذين آمنوا } اغفروا يعنى در كذرانيدوعفو كنيد وهو مقول القول حذف لدلالة الجواب عليه وهو قوله { يغفروا للذين لا يرجون ايام اللّه } كما فى قوله تعالى { قل لعبادى الذين آمنوا يقيموا الصلاة } اى قل لهم اقيموا الصلاة يقيموا الصلوة قال صاحب الكشاف وجوزوا ان يكون يقيموا بمعنى ليقميوا ويكون هذا هو المقول قالوا وانما جاز حذف اللام لان الامر الذى هو قل عوض عنه ولو قيل يقيموا ابتدآء بحذف اللام لم يجز وحقيقة الرجاء تكون فى المحبوب فهو هنا محمول على المجاز وهو التوقع والخوف والمعنى يعفوا ويصفحوا عن الذين لا يتوقعون ولا يخافون وقائعه تعالى باعدآئه فى الامم الماضية لقولهم ايام العرب لوقائعها كيوم بعاث وهو كغراب موضع بقرب المدينة ويومه معروف كما فى القاموس وقيل لا يأملون الاوقات التى وقتها اللّه لثواب المؤمنين ووعدهم الفوز فيها واضافتها الى اللّه كبيت اللّه وهذه الآية نزلت قبل آية القتال ثم نسخت بها وذلك لان السورة مكية بالاتفاق الا ان المارودى استثنى هذه الاية وقال انها مدنية نزلت فى عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه وعزاه الى ابن عباس رضى اللّه عنهما وقتادة وذلك ان عمر رضى اللّه عنه شتمه غفارى فهم ان يبطش به فنزلت فى حقه قال فى القاموس وبنوا غفار ككتاب رهط ابى ذر الغفارى وقيل نزلت حين قال رئيس المنافقين عبد اللّه بن ابى ما قال وذلك انهم نزلوا فى غزوة بنى المصطلق على بئر يقال لها مريسيع مصغر مرسوع فارسل ابن ابى غلامه يستقى فابطأ عليه فلما اتاه قال له ما حبسك قال غلام عمر قعد على طرف البئر فما ترك احدا يستقى حتى ملأ قرب النبى عليه السلام وقرب ابى بكر وعمر فقال ابن ابى ما مثلنا ومثل هؤلاء الا كما قيل سمن كلبك يأكلك فبلغ ذلك عمر فاشتمل سيفه يريد التوجه اليه فأنزلها الله ودر تفسير اما ثعلبى مذكور است كه بعد از نزول آيت من ذا الذى يقرض اللّه قرضا حسنا فنحاص عاذور اليهودى بر سبيل طنز كفت خداى تعالى مكر محتاج است كه قرض ميطلبد ابن خبر يفاروق رضى اللّه عنه رسيده بر جست وشمشير كشيد ورى بجست وجوى اونهاد تاهر جابيند بقتلش رساند حضرت عليه السلام بطلب عمر فرستاد جون حاضر شد كفت اى عمر شمشير بنه كه حق سبحانه وتعالى بعفو فرموده وآيت بروى خواند عمر كفت يا رسول اللّه بدان خداىكه ترابحق بخلق فرستادكه ديكراثر غضب درروى من نه ييندودمقابله كناه جزصفت عفواز من مشاهده نكند جويد بينى خلق ودر كذابى ترازيبد طريق بردبارى اكرجه دامنت رامى دردخار توكل باش ودهان برخنده ميدار { ليجزى قوما بما كانوا يكسبون } تعليل للامر بالمغفرة والمراد بالقوم المؤمنون والتنكير لمدحهم والثناء عليهم اى امرو بذلك ليجزى اللّه يومه القيامة قوما اى قوم لا قوما مخصوصين بما كسبوا فى الدنيا من الاعمال الحسنة التى من جملتها الصبر على اذية الكفار والمنافقين والاغضاء عنهم بكظم الغيظ واحتمال المكروه وما يقصر عنه البيان من الثواب العظيم وقد جوز أن يراد بالقوم الكفرة وبما كانوا يكسبون سيئاتهم التى من جملتها ما حكى من الكلمة الخبيثة والتنكير للتحقير فان قلت مطلق الجزآء لا يصلح تعليلا للامر بالمغفرة لتحققه على تقديرى المغفرة وعدمها قلت لعل المعنى قل للمؤمنين يتجاوزوا عن اساءة المشركين والمنافقين ولا يباشروا بأنفسهم لمجازاتهم ليجزيهم اللّه يوم القيامة جزآء كاملا يكافى سيئاتهم ويدل على هذا المعنى الآية الآتية وايضا ان الكسب فى اكثر ما ورد فى القرءآن كسب الكفار ويجوز أن يكون المعنى ليجزيهم اللّه وقت الجزآء كيوم بدر ونحوه وفى الاية اشارة الى ان المؤمن اذا غفر لاهل الجرآئم وان لم يكونوا اهل المغفرة لاصرارهم على الكفر والاذى يصير متخلقا باخلاق الحق ثم اللّه تعالى يجزى كل قوم جزآء عملهم من الخير والشر اما فى الدنيا والآخرة او فى الاخرة ١٥ { من } هركه { عمل صالحا } وهو ما طلب به رضى اللّه عنه تعالى { فلنفسه } اى فنفع ذلك العمل الصالح وثوابه لنفسه عائد اليها { ومن اساء } وهركه كارى بدكند { فعليها } اى فضرر اساءته وعقابها على نفسه لا يكاد يسرى عمل الى غير عامله { ثم الى ربكم } مالك اموركم لا الى غيره { ترجعون } تردون بالموت فيجازيكم على اعمالكم خيرا كان او شرا فاستعدوا للقائه ففيه ترغيب على اكتساب العمل الصالح وترهيب عن ارتكاب العمل السيئ فمن الاول العفو والمغفرة للمجرم وصاحبه متصف بصفات اللّه تعالى ومن الثانى المعصية والظلم وصاحبه متصف بصفات الشيطان فمن كان من الابرار فان الابرار لفى نعيم ومن كان من الفجار فان الفجار لفى جحيم والفجور نوعان فجور صورى وهو ظاهر وفجور معنوى وهو انكار أهل اللّه والتعرض لهم بسوء بوجه من التأول ونحو ذلك مما ظاهره صلاح وباطنه فساد فرحم اللّه أهل التسليم والرضى والقبول ومن ترك الحرام والشيهة والفضول وعن بعضهم انه كان يمشى فى البرية فاذا هو بفقير يمشى حافى القدمين حاسر الرأس عليه خرقتان متزر باحداهما مرتدئ بالاخرى ليس معه زاد ولا ركوة قال فقلت فى نفسى لو كان مع هذا ركوة وحبل اذا اراد الماء توضأ وصلى كان خيرا له ثم لحقت به وقد اشتدت الهاجرة فقلت له يا فتى لو جعلت هذه الخرقة التى على كتفك على رأسك تتقى بها الشمس كان خيرا لك فسكت ومشى ولما كان بعد ساعة قلت له أنت حاف اى شئ ترى فى نعل تلبسها ساعة وانا ساعة فقال اراك كثير لفضول ألم تكتب الحديث فقلت بلى قال فلم تكتب عن النبى عليه السلام ( من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) فسكت ومشينا فعطشت ونحن على ساحل فالتفت الى وقال انت عطشان فقلت لا فمشينا ساعة وقد كظنى العطش اى جهدنى واوقعنى فى الشدة ثم التفت وقال أنت عطشان فقلت لا فمشينا ساعة وقد كظنى العطش اى جهدنى واوقعنى فى الشدة ثم التفت وقال أنت عطشان فقلت نعم وما تقدر تعمل معى فى مثل هذا الموضع فاخذ الركورة منى ودخل البحر وغرف من البحر وجاءنى به وقال اشرب فشربت ماء اعذب من النيل واصفى لونا وفيه حشيش فقلت فى نفسى هذا ولى اللّه ولكنى أدعه حتى اذا وافينا المنزل سألته الصحبة فوقف وقال ايما احب اليك ان تمشى او امشى فقلت فى نفسى ان تقدم فاتنى ولكن اتقدم انا واجلس فى بعض المواضع فاذا جاء سالته الصحبة فقال يا ابا بكر ان شئت تقدم واجلس وان شئت تأخر فانك لا تصحبنى ومضى وتركنى فدخلت المنزل وكان به صديق لى وعندهم عليل فقلت لهم رشوا عليه من هذا الماء فرشوا عليه فبرئ وسألتهم عن الشخص فقالوا ما رأيناه ففى هذه الحكاية فوآئد فتفطن لها واعلم انك لا تصل الى مثل هذه المرتبة الا بالايمان الكامل والعلم النافع والعمل الصالح فمن فقد شيأ منها حرم نعوذ باللّه ( قال الشيخ سعدى ) يى نيك مردان ببايد شتافت كه هركس كرفت اين سعادت بيافت ولكن تودنبال ديوخسى ندانم بى صالحا ركىرسى بيمبر كسىرا شفاعت كرست كه برجاده شرع بيغمبرست ١٦ { ولقد آتينا بنى اسرآئيل الكتاب } اى التوراة قال سعدى المفتى ولعل الاولى ان يحمل الكتاب على الجنس حتى يشمل الزبور والانجيل ايضا انتهى وذلك لان موسى وداود وعيسى عليهم السلام كانوا فى بنى اسرآئيل { والحكم } اى الحكمة النظرية والعملية والفقه فى الدين او فصل الخصومات بين الناس اذ كان الملك فيهم { والنبوة } حيث كثر فيهم الانبياء ما لم تكثر فى غيرهم فان ابراهيم عليه السلام كان شجرة الانبياء عليهم السلام { ورزقناهم من الطيبات } من اللذآئذ كالمن والسلوى { وفضلناهم على العالمين } حيث آتيناهم ما لم نؤت من عداهم من فلق البحر وتظليل الغمام ونظائرهما ولا يلزم منه تفضيلهم على غيرهم بحسب الدين والثواب او على تحقيق المقام فى السورة السابقة ١٧ { وآتيناهم بينات من الامر } دلائل ظاهرة فى امر الدين ومعجزات قاهرة فمن بمعنى فى كما فى قوله تعالى { اذا نودى للصلاة من يوم الجمعة } وقال ابن عباس رضى اللّه عنهما هو العلم بمبعث النبى عليه السلام وما بين لهم من امره وانه يهاجر من تهامة الى يثرب ويكون انصاره أهل يثرب { فما اختلفوا } فما وقع بينهم الخلاف فى ذلك الامر { الا من بعد ما جاءهم العلم } بحقيقته وحقيته فجعلوا ما يوجب زوال الخلاف موجبا لرسوخه { بغيا بينهم } تعليل اى عداوة وحسدا حدث بينهم لا شكا فيه { ان ربك يقضى بينهم يوم القيامة } بالمؤاخذة والجزآء { فيما كانوا فيه يختلفون } من امر الدين ١٨ { ثم جعلناك } بس بعد از بنى اسرآئيل ساختيم ترا يعنى مقرر كرديم سلوك تو { على شريعة } اى سنة وطريقة عظيمة الشأن { من الامر } اى امر الدين { فاتبعها } باجرآء احكامها فى نفسك وفى غيرك من غير اخلال بشئ منها وفى التأويلات النجمية انا أفردناك من جملة الانبياء بلطائف فاعرفها وخصصناك بحقائق فأدركها وسننالك طرآئق فاسلكها وأثبتنا لك الشرائع فاتبعها ولا تتجاوز عنها ولا تحتج الى متابعة غيرك ولو كان موسى وعيسى حيا لما وسعهما الا اتباعك قال جعفر الصادق رضى اللّه عنه الشريعة فى الامور محافظة الحدود فيها ومن اللّه الاعانة { ولا تتبع اهواء الذين لا يعلمون } اى آرآء الجهلة واعتقاداتهم الزائغة التابعة للشهوات وهم رؤساء قريش كانوا يقولون له عليه السلام ارجع الى دين ابائك فانهم كانوا افضل منك ١٩ { انهم لن يغنوا } لن يدفعوا { عنك من اللّه شيأ } مما أراد بك من العذاب ان اتبعتهم قال بعضهم يعنى ان أراد اللّه بك نعمة فلا يقدر احد على منعها وان أراد بك فتنة فلا يقدر احد ان يصرفها عنك فلا تعلق بمخلوق فكرك ولا تتوجه بضميرك الى غيرنا وثق بنا وتوكل علينا { وان الظالمين بعضهم اولياء بعض } لا يواليهم ولا يتبع اهوآءهم الا من كان ظالما مثلهم لان الجنسية علة الانضمام { واللّه ولى المتقين } الذين انت قدوتهم فدم على ما انت عليه من تولية خاصة بالتقوى والشريعة والاعراض عما سواه بالكلية وفى التأويلات النجمية سماهم الظالمين لانهم وضعوا الشئ فى غير موضعه وسمى المؤمنين المتقين لانهم اتقوا عن هذا المعنى واتخذوا اللّه الولى فى الامور كلها ٢٠ { هذا } القرءآن { بصائر للناس } فان ما فيه من معالم الدين والشرآئع بمنزلة البصائر فى القلوب كأنه بمنزلة الروح والحياة فمن عرى من القرءآن فقد عدم بصره وبصيرته وصار كالميت والجماد الذى لا حس له ولا حياة فحمل البصائر على القرءآن باعتبار اجزآئه ونظيره قوله تعالى ف { قد جاءكم بصائر من ربكم } اى القرءآن وآياته وقوله تعالى فى حق الآيات التسع لموسى عليه السلام { قال لقد علمت ما انزل هؤلاء الا رب السموات والارض بصائر } والبصائر جمع بصيرة وهو النور الذى به تبصر النفس المعقولات كما ان البصر نور به تبصر العين المحسوسات ويجوز أن يكون هذا اشارة الى اتباع الشريعة فحمل البصائر عليه لان المصدر المضاف من صيغ العموم فكأنه قيل جميع اتباعاتها { وهدى } من ورطة الضلالة { ورحمة } عظيمة ونعمة كاملة من اللّه فان الفوز بجميع السعادات الدنيوية والاخروية انما يحصل به { لقوم يوقنون } من شأنهم الايقان بالامور وبالفارسية مركروهى راكه بىكمان شوند يعنى از باديه كمان كذشته طالب سرمنزل يقين باشند وفى التأويلات النجمية المستعدين للوصول الى مقام اليقين بأنوار البصيرة فاذا تلألأت انكشف بها الحق والباطل فنظر الناس على مراتب من ناظر بنور العقل ومن ناظر بنور الفراسة ومن ناظر بنور الايمان ومن ناظر بنور الايقان ومن ناظر بنور الاحسان ومن ناظر بنور العرفان ومن ناظر بنور العيان ومن ناظر بنور العين فهو على بصيرة شمسها طالعة وسماؤها عن السحاب مصحية انتهى وعن النبى عليه السلام ( القرءآن يدلكم على دائكم ودوائكم اما داؤكم فالذنوب واما دواؤكم فالاستغفار ) وأعظم الذنوب الشرك وعلاجه التوحيد وهو على مراتب بحسب الافعال والصفات والذات وللاشارة الى المرتبة الاولى قال تعالى { وعلى اللّه فليتوكل المؤمنون } فان التوكل نتيجة توحيد الافعال والتوكل كلمة الامر كله الى مالكه والتعويل على وكالته وللاشارة الى المرتبة الثانية قال تعالى { يا ايتها النفس المطمئنة ارجعى الى ربك راضية مرضية } فان الرضى لارادته الازلية وترك الاعتراض وسرور القلب بمر القضاء ثمرة توحيد الصفات ومن هذا المقام قال ابو على الدقاق رحمه اللّه التوحيد هو أن يقرضك بمقاريض القدرة فى امضاء الاحكام قطعة قطعة وانت ساكت حامد وللاشارة الى المرتبة الثالثة قال تعالى { كل شئ هالك الا وجهه } ( حكى ) ان واحدا من اصحاب ابى تراب النخشبى توجه الى الحج فزار ابا يزيد البسطامى قدس سره فسأله عن شيخه فقال انه يقول لو صارت السماء والارض حديدا ما شككت فى رزقى فاستقبحه ابو يزيد لان فيه فناء الافعال دون الصفات والذات وقال كيف تقوم الارض التى هو عليها فرجع فأخبر القصة لابى تراب فقال قل له كيف انت فجاء وسال فكتب بسم اللّه الرحمن الرحيم بايزيد نيست فلما رآه ابو تراب وكان فى الاحتضار قال آمنت باللّه ثم توفى قال مولانا قدس سره هيج بغضى نيست در جانم زتو زانكه اين را من نمى دانم زتو آلت حقى توفاعل دست حق جون زنم بر آلت حق طعن ودق ( وقال ايضا ) آدمى راكى رسد اثبات تو اى بخود معروف وعارف ذات تو فعليك بتدبر الآيات القرءآنية والانتفاع بالبصائر النورانية لتكون من العلماء الربانية قال بعض الكبار العلماء اربعة عالم حظه من اللّه اللّه وهو مقام السر والحقيقة قال اللّه تعالى { شهد اللّه انه لا اله الا هو } وعالم حظه من اللّه العلم والمعرفة باللّه وهو مقام الروح والمعرفة وعالم حظه علم السير الى اللّه وهو مقام النفس والطريقة وعالم حظه علم السير الى الآخرة وهو مقام الطبيعة والشريعة لانه بالاعمال الصالحة يحصل السير الاخروى واعلى الكل هو الاول قال بعض الكبار رأيت ابا يزيد قعد فى مسجد بعد العشاء الى الصبح فقلت اخبرنى عما رأيت فقال ارانى اللّه ما فى السموات والارض ثم قال ما اعجبك فقلت ما اعجبنى غيرك فبعضهم طلب منك المشى على الماء وبعضهم كرامة اخرى وانا لا اريد غيرك قال فقلت له لم لم تطلب منه معرفته فقال مه لا اريد أن يعرفه غيره قال بعضهم مقام التوحيد فوق مقام المعرفة ( حكى ) ان اثنين من الفقرآء التقيا فتكلما على المعارف الآلهية كثيرا ثم قال احدهما للآخر رضى اللّه عنك اذ حصل لى ذوق عظيم من صحبتك من المعارف وقال الآخر ولا رضى عنك اذا استقطعتنى بصحبتك من مقام التوحيد الى مقام المعرفة فاذا كملت المعرفة حصل الشهود والفناء والسكون ( قال الشيخ سعدى ) اى مرغ سحر عشق زبروانه بياموز كان سوخته را جان شدو آوز نيامد اين مدعيان در طلبش بى خبرانند كانراكه خبرشدخبرى بازنيامد ( وقال ) كركسى وصف اوزمن برسد بى ذل ازبى نشان جه كويدباز عاشقان كشتكان معشوقند برنيايدز كشتكان آواز نسأل اللّه سبحانه وتعالى ان يجعلنا من الجامعين للمراتب والواصلين الى اعلى المطالب فان له ملك الوجود ومنه الكرم والفيض والوجود والارشاد الى حقيقة الفناء والسجود ٢١ { ام حسب الذين اجترحوا السيئات } ام منقطعة وما فيها من معنى بل للانتقال من البيان الاول الى الثانى والهمزة لانكار الحسبان بطريق انكار الواقع واستقباحه والتوبيخ عليه لا بطريق انكار الوقوع ونفيه والاجتراح الاكتساب ومنه الجوارح للاعضاء الكاسبة قال فى المفردات سمى الصائد من الكلاب والفهود والطير جارحة وجمعها جوارح اما لانها تجرح واما لانها تكسب وسميت الاعضاء الكاسبة جوارح تشبيها بها لاحد هذين انتهى والمراد بالسيئات الكفر والمعاصى { ان نجعلهم } ان نصيرهم فى الحكم والاعتبار مع مالهم من مساوى الاحوال وهو مع ما عمل فيه ساد مسد مفعولى الحسبان { كالذين آمنوا وعملوا الصالحات } مع مالهم من محاسن الاعمال ونعاملهم معاملتهم فى الكرامة ورفع الدرجة والكاف مفعول ثان للجعل { سوآء محياهم ومماتهم } اى محيى الفريقين جميعا ومماتهم حال من الضمير فى الظرف والموصول معا لاشتماله على ضميريهما على ان السوآء بمعنى المستوى ومحياهم ومماتهم مرتفان به على الفاعلية والمعنى ام حسبوا ان نجعلهم كائنين مثلهم حال كون الكل مستويا محياهم ومماتهم كلا لا يستوون فى شئ منهما فان هؤلاء فى عز الايمان والطاعة وشرفهما فى المحيى وفى رحمة اللّه ورضوانه فى الممات ولذا قال عليه السلام لما رأى اصحاب الصفة فى المسجد ( المحيى محياكم والممات مماتكم ) واولئك فى ذل الكفر والمعاصى وهوانهما فى المحيى وفى لعنة اللّه والعذاب الخالد فى الممات ( ع ) كل وخار وكل وكوهرنه برابر باشد وكان كفار قريش يقولون نحن احسن حالا من المؤمنين فى الآخرة اى على تقدير وقوع الساعة كما قالوا نحن اكثر اموالا واولادا وما نحن بمعذبين اى فان العزيز فى الدنيا عزيز فى الآخرة وقد قيل المراد انكار ان يستووا فى الممات كما استووا فى الحياة لان المسيئين والمحسنين مستوٍ محياهم فى الرزق والصحة وانما يفترقون فى الممات { ساء ما يحكمون } اى ساء حكمهم هذا على ان ما مصدرية والفعل للاخبار عن قبح حكمهم او بئس شيئا حكموا به ذلك على ان ساء بمعنى بئس وما نكرة موصوفة بمعنى شئ والفعل لانشاء الذم وبالفارسية بدحكميست كه ايشان ميكندد ونتيجه شرك وتوحيدرا برابر ميدارند ( ع ) نيست يكسان لاى زهر آميز باآب حيات وعن تميم الدارى رضى اللّه عنه انه كان يصلى ذات ليلة عند المقام فبلغ هذه الآية فجعل يبكى ويردد الى الصباح وعن الفضيل رحمه اللّه انه بلغها فجعل يرددها ويبكى ويقول يا فضيل ليت شعرى من اى الفريقين انت فلا يطمعن البطال فى ثواب العمال ولا الجباء فى مقام الابطال ولا الجاهل فى ثواب العالم ولا النائم فى ثواب القائم فعلى قدر اجتهاد المرء يزيد اجره وبقدر تقصيره ينحط قدره وفى بعض الكتب السابقة ان لله مناديا ينادى كل يوم ابناء الخمسين زرع دنا حصاده ابناء الستين هلموا الى الحساب ابناء السبعين ماذا قدمتم وماذا أخرتم ابناء الثمانين لا عذر لكم ليت الخلق لم يخلقوا وليتهم اذا خلقوا علموا لماذا خلقوا وتجالسوا بينهم فتذكروا ما عملوا الا أتتكم الساعة فخذوا حذركم وفى الخبر ( اذا اراد اللّه بعبد خيرا بعث اليه ملكا من عامه الذى يموت فيه فيسدده وييسره فاذا كان عند موته اتاه ملك الموت فقعد عند رأسه فقال يا أيتها النفس المطمئنة اخرجى الى مغفرة من اللّه ورضوان فذلك حين يحب لقاء اللّه ويحب اللّه لقاءه واذا اراد بعبد شرا بعث اليه شيطانا من عامه الذى يموت فيه فأغواه فاذا كان عند موته اتاه ملك الموت فقعد عند رأسه فيقول يا أيتها النفس الخبيثة اخرجى الى سخط من اللّه وغضب فتفرق فى جسده فذلك حين يبغض لقاء اللّه ويبغض اللّه لقاءه ) ويقال اذا اراد اللّه ان ينقل العبد من ذل المعصية الى عز الطاعة آنسه بالوحدة واغناه بالقناعة وبصره بعيوب نفسه فمن اعطى ذلك فقد أعطى خير الدنيا والآخرة كما انه فرق بين مطيع وفاسق فكذا فرق بين مطيع ومطيع وللتفاضل فى الاطاعة والنيات تتفاضل المقامات والدرجات ولذا يرى بعض اهل الجنة البعض كما يرى فى الدنيا الكوكب الدرى وعن عبيد بن خالد رضى اللّه عنه ان النبى آخى بين رجلين فقتل احدهما فى سبيل اللّه ثم مات الآخر بعده بجمعة او نحوها فصلوا عليه فقال عليه السلام ( ما قلتم ) قالوا دعونا اللّه ان يغفر له ويرحمه ويلحقه بصاحبه فقال النبى عليه السلام ( فأين صلاته بعد صلاته وعمله بعد عمله ) او قال ( صيامه بعد صيامه ) لما ان بينهما أبعد مما بين السماء والارض وقد ورد فى بعض الاخبار ان الموتى يتأسفون على انقطاع الاعمال عنهم حتى يتحسرون على رد السلام وثوابه فليحذر العاقل من حسرة السباق وفجيعة الفراق اما حسرة السباق فانهم اذا قاموا من قبورهم وركب الابرار نجائب الانوار وقدمت بين ايديهم نجائب المقربين بقى المسبوق فى جملة المحرومين واما فجيعة الفراق فانه اذا جمع اللّه الخلق فى مقام واحد امر ملكا ينادى ايها الناس امتازوا فان المتقين قد فازوا كما قال { وامتازوا اليوم ايها المجرمون } فيمتاز الولد من والديه والزوج من زوجته والحبيب من حبيبه فهذا يحمل مبجلا الى رياض النعيم وهذا يساق مسلسلا الى عذاب الجحيم قال بعض الاخيار رأيت الشيخ ابا اسحق ابراهيم بن على بن يوسف الشيرازى قدس سره فى النوم بعد وفاته وعليه ثياب بيض وعلى رأسه تاج فقلت له ما هذا البياض فقال شرف الطاعة قلت والتاج قال عز العلم وعن ابى بكر الوراق قدس سره طلبنا أربعة فوجدناها فى اربعة وجدنا رضى اللّه فى طاعة اللّه تعالى وسعة المعاش فى صلاة الضحى وسلامة الدين فى حفظ اللسان ونور القلب فى صلاة الليل فعليك بالتدارك قبل فوت الوقت فان الوقت سيف قاطع ( قال الشيخ سعدى ) سر ازحبيب غفلت برآوركنون كه فردانمانى بخجلت نكون قيامت كه نيكان باعلى رسند زقعر ثرى بر ثريا رسند تراخود كه در روى نيكان شوى سرمسار ٢٢ { وخلق اللّه السموات والارض بالحق } اى بسبب الحق ولاجل ظهوره وحقيقته بالامر الايجادى والتجلى الحيى الاحدى فما من ذرة من ذرات العالم الا واللّه سبحانه متجل فيها باسمائه وصفاته لكنه لا يشاهده الا أهل الشهود وبظهور هذا الحق والوجود زهق الباطل والعدم وعليه يدور سر قوله تعالى { ثم استوى على العرش } فان اللّه تعالى عن الاستواء بنفسه كما يقول الظالمون { ولتجزى كل نفس بما كسبت } من خير وشر عطف على بالحق لان فيه معنى التعليل لان الباء للسببية وبيانه ان الحكمة فى خلق العالم هو الجزاء اذ لو لم يكن الجزاء كما يقول الكافرون لاستوى المطيع والعاصى فالجزاء مترتب على الطاعة والعصيان وهما موقوفان على وجود العالم اذ التكليف لا يحصل الا فى هذه الدار وقد سبق فى سورة الدخان عند قوله تعالى { وما خلقنا السموات } الآية { وهم } اى النفوس المدلول عليها بكل نفس { لا يظلمون } بنقص ثواب المحسن وزيادة عقاب المسيئ بلكه هر كس را فراخور عمل اوجزادهد وتسمية ذلك ظلما مع انه ليس كذلك على ما عرف من قاعدة اهل السنة لبيان غاية تنزه ساحة لطفه تعالى عما ذكره بتنزيله منزلة الظلم الذى يستحيل صدوره عنه تعالى فهذه الآية اخبار بأن التسوية فى الجزاء سفه واللّه تعالى خلق العالم بالحق ليتميز المطيع من العاصى لا بالسفه فلا بد من المجازاة على وفق الاعمال بين شدل وفضل بلا ظلم وجهل فعليك بالمسارعة الى الاعمال الصالحة لا سيما التوحيد وذكر اللّه تعالى اذ به تحصل المعرفة المقصودة من خلق الثقلين ولفضل المعرفة قال عليه السلام فى جواب من قال اى الاعمال أفضل ( العلم باللّه ) وبين معرفة ومعرفة فرق عظيم لذلك قال حافظ قبر ابى يزيد البسطامى قدس سره للسلطان محمود الغزنوى ان ابا جهل لم يبصر النبى عليه السلام الا بانه يتيم عبد المطلب وابى طالب ولو نظر بأنه رسول اللّه وحبيب رب العالمين وعرف ذلك لآمن به ولا بد فى العبادة من الاخلاص فمن عبد اللّه حبا أعلى رتبة ممن عبده خوف العقوبة يحكى ان محمد يا عبد اللّه أربعين سنة يجزى بأكثر من اسرائيلى عبد اللّه تعالى اربعمائة سنة فيقول الاسرائيلى يا رب انت العادل فيقول اللّه تعالى انتم تخافون العقوبة العاجلة وتعبدوننى وامة محمد يعبدوننى مع الأمن ( قال المولى الجامى ) جيست اخلاص آنكه كسب وعمل باك سازى زشوب نفس ودغل نه در آن صاحب غرض باشى نه ازان طالب عوض باشى كيسه خود از وبير دازى سايه خود برونيندازى ٢٣ { افرأيت من اتخذ اللّه هواه } وهو ما تهواه نفسه الخبيثة وقال الشعبى انما سمى الهوى لانه يهوى بصاحبه فى النار وهو تعجيب لحال من ترك متابعة الهدى الى مطاوعة الهوا فكأنه عبده ففيه استعارة تمثيلية او حذف اداة التشبيه وكان الاصل كالهه اى انظرت فرأيته فان ذلك مما يقتضى التعجب وسبق تحقيق الآية فى سورة الفرقان وفيه اشارة الى ان من وقف بنفسه فى مرتبة من المراتب دون المشاهدة فقد صار من أهل الهوا وعبد ما سوى المولى وفى الحديث ( ما عبد تحت ظل السماء أبغض الى اللّه من هوى ) قال بعضهم نون الهوان من الهوى مسروقة ... فأسير كل هوى أسير هوان وقال بعضهم فاعص هوى النفس ولا ترضها ... انك ان استخطتها زانكا حتى متى تطلب مرضاتها ... وانما تطلب عدوا نكا ( قال الشيخ سعدى ) مراد هركه برارى مطيع امر توشد خلاف نفس كه كردن كشد جويافت مراد ( وقال المولى الجامى ) هيج اذاى براه خلق نيست بدتر زنفس بدفرما { واضله اللّه } وخذله عدلا منه يعنى كمراه ساخت وفرو كذاشت { على علم } حال من الفاعل اى حال كونه تعالى عالما بضلاله وتبديله للفطرة الاصلية ويمكن ان يجعل حالا من المفعول اى علم من الضال بطريق الهداية بأن ضل عنادا نحو { فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به } ونحو { فما اختلفوا الا من بعد ما جاءهم العلم } { وختم على سمعه } بحيث لا يتأثر من المواعظ ولا يسمع الحق { وقلبه } بحيث لا يتفكر فى الآيات والنذر ولا يفهم الحق { وجعل على بصره غشاوة } مانعة عن الاستبصار والاعتبار وهو ما يغشى العين ويغطيها عن الابصار والادراك وتنكيرها للتنويع او للتعظيم قال بعض الكبار ختم اللّه على سمعه فحرم من سماع خطابه وعلى قلبه فحرم من فهم خطابه وعلى عينيه فحرم من مشاهدة آثار القدرة فى صنعه فلم ير الحق { فمن يهديه } بس كيست كه راه نمايد اين كسر را { من بعد اللّه } اى من بعد اضلاله اياه بموجب تعاميه عن الهدى وتماديه فى الغى اى لا يقدر أحد ان يهديه { افلا تذكرون } ألا تلاحظون ايها الناس فلا تتذكرون ولا تتفكرون فتعلموا ان الهداية لا يملكها احد سواه او فلا تتعظون آيابند نمى كريد يعنى بند كيريد ومتنبه شويد وفى الآية اشارة الى الفلاسفة والدهرية والطبائعية ومن لم يسلك سبيل الاتباع ولم يستوف احكام الرياضة بتأديب أرباب الطريقة على قانون الشريعة ولم ينسلخ عن هواه بالكلية ولم يؤدبه ويسلكه امام مقتدى فى هذا الشان من أرباب الوصال والوصول بل اقتدى بائمة الكفر والضلالة واقتفى آثارهم بالشبهات العقلية وحسبان البراهين القطعية فوقع فى شبكة الشيطان فأخذه بزمام هواه وأضله فى تيه مهواه وربما دعاه الى الرياضة وترك الشهوات لتصفية العقل وسلامة الفكر فيمنيه ادراك الحقائق حتى يوبقه فى وهدات الشبهات فيهيم فى كل ضلالة ويضل فى كل فج عميق واصبح خسرانه اكثر من ربحه ونقصانه أوفر من رجحانه فهم فى ضلال بعيد يعملون القرب على ما يقع لهم من نشاط نفوسهم زمامهم بيد هواهم اولئك اهل المكر استدرجوا من حيث لا يشعرون ( وفى المثنوى ) جيست حبل اللّه رها كردن هوا كين هواشد صرصرى مرعادرا خلق درزندان نشسته ازهواست روح را درغيب خود اشكنجهاست ليك تانجهى شكنجه درخفاست جون رهيدى بينىشكنج ودمار زانكه ضد ازضد كرددآشكار جون رها كردى هوى ازبيم حق دررسدسغراق ازتسنيم حق ٢٤ { وقالوا } يعنى منكرى العبث من غاية غيهم وضلالهم وهم كفار قريش ومشركوا العرب وفى كشف الاسرار هذا من قول الزنادقة الذين قالوا الناس كالحشيش { ما هى } اى ما الحياة { الا حياتنا الدنيا } التى نحن فيها { نموت ونحيا } اى يصيبنا الموت والحياة فيها وليس وراء ذلك حياة وتأخير نحيا لان فيها شبه مراعاة الفاصلة ولان الواو لمطلق الجمع وقد جوز أن يريدوا به التناسخ فانه عقيدة اكثر عبدة الاوثان يعنى احتمال داردكه قائلان اين مذهب تناسخ داشته باشند ونزد ايشان آنست كه هركه مىميرد روح او بجسد ديكر تعلق ميكيرد وهم دردنيا ظهور ميكند تا ديكر بار بميرد وديكر باز آيد وازشاكمونى كه بزعم ايشان بيغمبرست نقل كردماندكه كفت من خودار هزار وهفتصد قالب ديدمام قال الراغب القائلون بالتناسخ قوم ينكرون البعث عل ما اثبتته الشريعة ويزعمون ان الارواح تنتقل من الاجساد على التأبيد أى الى اجساد أخر وفى التعريفات التناسخ عبارة عن تعلق الروح بالبدن بعد المفارقة من بدن آخر من غير تخلل زمان بين التعلقين للتعشق الذاتى بين الروح والجسد { وما يهلكنا الا الدهر } اى مرور الزمان وهو مدة بقاء العالم من مبدأ وجوده الى انقضائه ثم يعبر به عن كل مدة كبيرة وهو خلاف الزمان فان الزمان يقع على المدة القليلة والكثيرة قال فى القاموس الدهر الزمان الطويل والابد الممدود وألف سنة والدهر عند الصوفية هو الآن الدآئم الذى هو امتداد الحضرة الالهية وهو باطن الزمان وبه يتجدد الازل والابد وكانو يزعمون ان المؤثر فى هلاك الانفس هو مرور الايام والليالى وينكرون ملك الموت وقبضه للارواح بأمر اللّه ويضيفون الحوادث الى الدهر والزمان ويسبونه ويذمونه ويشتكون منه كما نطقت بذلك اشعارهم فنهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن ذلك بقوله ( لا تسبو الدهر فان اللّه هو الدهر ) اى فان اللّه هو الآتى بالحوادث لا الدهر ( قال الكاشفى ) مقلب دهور ومصرف آن حضرت عزت است جل شانه ودهوررا در هيج كاراختيارى نيست دهر ترا دهربناهى ترا حكم ترا زيبد وشاهى ترا دور زان كارنسازد بخوذ جرخ فلك برنفرازد بخود اين همه فرمان ترابنده اند درره امرتو شتابنده اند ( قال بعضهم ) يا عالما يعجب من دهره . لا تلم الدهر على غدره . فانه مأموله آمر . قد ينتهى الدهر الى امره . كم كافر أمواله جمة . يزداد اضعافا على كفره . ومؤمن ليس له درهم . يزداد ايمانا على فقره قال فى المفردات قوله عليه السلام ( لا تسبوا الدهر فان اللّه هو الدهر ) قد قيل معناه ان اللّه فاعل ما يضاف الى الدهر من الخير والشر والمسرة والمساءة فاذا سببتم الذى تعتقدون انه فاعل ذلك فقد سببتموه تعالى وقال بعضهم الدهر الثانى فى الخبر غير الاول وانما هو مصدر بمعنى الفاعل ومعناه ان اللّه تعالى هو الدهر أى المصرف المدبر لكل ما يحدث والاول أظهر وفى الحديث ( قال اللّه لا يقل ابن آدم يا خيبة الدهر فانى انا الدهر ارسل الليل والنهار فاذا شئت قبضتهما ) وهذا والحديث الاول سهل على تفسير الصوفية كما سبق فاعرف تفز { وما لهم بذلك } اى بما ذكر من اقتصار الحياة على ما فى الدنيا واسناد الحياة والموت الى الدهر { من علم } فأسند الى عقل او نقل ومن مزيدة لتأكيد النفى { ان هم الا يظنون } اى ما هم الا قوم قصارى امرهم الظن والتقليد من غير ان يكون لهم شئ يصح ان يتمسك به فى الجملة هذا معتقدهم الفاسد فى انفسهم واما المؤمنون فقد اخذوا بالنصوص وسلكوا طريق اليقين وتجاوزوا عن برازخ الظن والتخمين واثبتوا الحشر الصورى والمعنوى اى الحشر المحسوس والصراط المحسوس والجنة والنار المحسوستين وكذا جمع النفوس الجزئية الى النفس الكلية والجمع بين المعقول والمحسوس أعظم فى القدرة من نعيم وعذاب محسوسين بأكل وشرب ونكاح ولباس محسوسات وأتم فى الكمال الالهى ليستمر له سبحانه فى كل صنف من الممكنات حكم عالم الغيب والشهادة ويثبت حكم الاسم الظاهر والباطن فى كل صنف وهذا معتقد الانبياء والرسل ومؤمنيهم فمن اعتقد كاعتقادهم نجا والا هلك ومن لوازم هذا الاعتقاد والتوحيد اسناد كل حادثة الى اللّه العزيز الحميد فانه المؤثر فى الكل ولذا نهى عن سب الريح اذ هى بيد ملك وهو بيد اللّه تعالى فجميع التصرفات راجع اليه ( حكى ان الحجاج ) أرسل عبد اللّه الثقفى الى انس بن مالك رضى اللّه عنه يطلبه فقال اجب امير المؤمنين فقال له اذله اللّه فان العزيز من اعتز بطاعة اللّه والذليل من ذل بمعصيته ثم قام معه فلما حضر قال انت الذى تدعو علينا قال نعم قال ومم ذلك قال لانك عاص لربك تخالف سنة نبيك تعز أعدآء اللّه وتذل اولياءه فقال اقتلك شرق قتلة فقال انس لو علمت ان ذلك بيدك لعبدتك قال ولم ذلك قال لان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم علمنى دعاء وقال من دعا به كل صباح لم يكن لاحد عليه سبيل اى لم يضرّ به سم ولا سحر ولا سلطان ظالم وقد دعوت به فى صباحى فقال الحجاج علمنيه فقال معاذ اللّه ان أعلمه ما دمت حيا وانت حى فقال الحجاج خلوا سبيله فقيل له فى ذلك فقال رأيت على عاتقيه اسدين عظيمين قد فتحا افواههما فدل هذا على ان التأثير بيد اللّه القدير لا فى يد السلطان والوزير وانما هو وهم المحجوب الناظر الى جانب الاسباب والوسائل ثم ان انسا رضى اللّه عنه لما حضره الموت قال لخادمه ان لك على حقا حق الخدمة فعلمه الدعاء وقال له قل بسم اللّه الرحمن الرحيم بسم اللّه خير الاسماء بسم اللّه الذى لا يضر مع اسمه شئ فى الارض ولا فى السماء وانس رضى اللّه عنه من خدام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خدمه عشر سنين وانتقل الى البصرة فى خلافة عمر رضى اللّه عنه وهو آخر من مات بالبصرة من الصحابة سنة احدى وتسعين وله مائة وثلاث سنين وهو احد الستة المشهورين برواية الحديث ٢٥ { واذا تتلى عليهم } اى على منكرى البعث { آياتنا } الناطقة بالحق الذى من جملته البعث { بينات } واضحات الدلالة على ما نطقت او مبينات له نحو قوله تعالى { قل يحييها الذى انشأها اول مرة } وقوله { ان الذى احياها لمحيى الموتى } وغير ذلك { ما كان حجتهم } جواب اذا وبه استدل ابو حيان على ان العامل فى اذا ليس جوابها لان ما النافية لها صدر الكلام واعتذر عن عدم دخول الفاء فى الجواب بانها خالفت ادوات الشرط فى ذلك وحجتهم بالنصب على انه خبر كان اى ما كان متمسكاتهم بشئ من الاشياء يعارضونها به وبالفارسية نباشد حجت ايشان { الا ان قالوا } عنادا واقتراحا { ائتوا بآبائنا } بياريد بدران ما يعنى احيوهم وابعثوهم من قبورهم { ان كنتم صادقين } فى انا نبعث بعد الموت وقد سبق فى سورة الدخان اى الا هذا القول الباطل الذى يستحيل ان يكون من قبيل الحجة لانها انما تطلق على الدليل القطعى وتسميته حجة اما لسوقهم اياه مساق الحجة على سبيل التهكم بهم او لتزيل النقابل منزلة لتناسب للمبالغة فاطلق اسم الحجة على ما ليس بحجة من قبيل ( تحية بينهم ضرب وجميع ) اى سماء حجة لبيان انهم لا حجة لهم البتة لان من كانت حجته هذا لا يكون له حجة البتة كما ان من ابتدأ بالضرب الوجيع فى اول التلاقى لا يكون بينهم تحية البتة ولا يقصد بهذا الاسلوب الا هذا المعنى كأنه قيل ما كان حجتهم الا ما ليس بحجة ٢٦ { قل اللّه يحييكم } ابتدآء { ثم يميتكم } عند انقضاء آجالكم لا كما تزعمون من انكم تحيون وتموتون بحكم الدهر { ثم يجمعكم } بعد البعث منتهين { الى يوم القيامة } للجزآء { لا ريب فيه } اى فى جمعكم فان من قدر على البدء قدر على الاعادة والحكمة اقتضت الجمع للجزآء لا محالة والوعد المصدق بالمعجزات دل على وقوعها حتما والاتيان بآبائهم حيث كان مزاحما للحكمة التشريعية امتنع ايقاعه ( قال الكاشفى ) احياء موتى موقتست بوقتى خاص بروجهى كه مقتضاى حكمت است بس اكر وقت اقتراح وجود نكيرد حمل بر عجز نبا يد كرد وقد سبق منا تعليله بغير هذا الوجه فى سورة الدخان فارجع { ولكن اكثر الناس لا يعلمون } ذلك استدراك من قوله تعالى لا ريب فيه بان فيه شائبة ريب ما وفيه اشارة الى ان اللّه يحييكم بالحياة الانسانية ثم يميتكم عن صفة الانسانية الحيوانية ثم يجمعكم بالحياة الربانية الى يوم القيامة وهى النشأة الاخرى لا ريب فى هذا عند اهل النظر ولكن اكثر الناس لا يعلمون لانهم اهل النسيان والغفلة وفى الجهل قبل الموت موت لاهله ... واجسامهم قبل القبور قبور وان امرأ لم يحيى بالعلم ميت ... وليس له حين النشور نشور وفى الحديث ( انتم على بينة من ربكم ما لم تظهر منكم سكرتان سكرة الجهل وسكرة حب الدنيا ) فعلى العاقل ان ينتبه ويكون على يقين من ربه ويصدق الكتاب فيما نطق به ولصعوبة الايمان بالغيب وقع اكثر الناس فى ورطة التكذيب ولانغلاق ابواب البرزخ والمعاد كثر الرد والانكار ( حكى ) ان الشيخ الامام مفتى الانام عز الدين بن عبد السلام سئل بعد موته فى منام رآه السائل ما تقول فيما كنت تنكر من وصول ما يهدى من قرآءة القرءآن للموتى فقال هيهات وجدت الامر بخلاف ما كنت اظن فاللّه تعالى قادر على كل شئ نقلست كه بير خراسان احمد حربى قدس سره همسايه كبرداشت بهرام نام مكرش يكى بتجارت فرستاده بود در راه آن مال برده بودند مال بسيار بودآن خبر بشيخ احمد رسانيدند يارانرا كفت اين همسايه مارا جنين كار افتاده است بر خيزيد تابرويم واوراغم خواركى كنيم اكرجه كبراست همسايه است جون بدر سراى اورسيدند واورا ديدند آتشى مىسوخته ومتوجه كشته بهرام براخاست واستقبال كرد وبوسه برآستين شيخ داد واعزاز واكرام نمود ودر بند آن شدكه سفره بنهد بنداشت كه مكر از بهر جيزى خوردن آمده اندكه قحط بود شيخ احمد كفت خاطر فارغ داركه مابغم خواركئ توآمده ايم كه شنيده ايم دزدان مال توبرده اند بهرام كفت مراسه شكر واجب است يكى آنكه ديكران ازمن بردند ومن از ديكران نبردم دوم آنكه يك نيمه برده اندونيمه ديكر بامنست سوم آنكه دين بامنست دنيا خود آيد ورود هنر بايد وفضل ودين وكمال كه كاه آيدوكه رود جاه ومال احمد كفت ازين سخن توبوى آشنايى مىآيد بس شيخ كفت اى بهرام جرا آتش رامى برستى كفت تافردا مارا نسوزد وبا امن بى وفايى نكندكه جندين هيزم درخورد او داده ام تامرا بخداى رساند شيخ كفت غلط كرده كه آتش ضعيف است وجاهل وبى وفاست هر حسابى كه ازو بر كرفته باطلست اكر طفلى باره آب بروريزد يامشتى خاك برو افكنداو از خود دفع نكند وبميرد از ضعف كسى كه جنين ضعيف بودتر ابجنان قوى جونكه تواند رسانيد كسى قوت نداردكه بارة خاك رادفع كند ترا واسطه جون بود حق تعالى را ديكر نادانست اكر مشك واكر نجاست درو اندازى هردور ابسوز دونداندكه يكى بهترست وازهيزم تاعود فرق نكندوبى وفاست اينك هفتاد سالست تو آتش مى برستى ومن هركز نبرستيده ام بيا تاهر درودست در آتش كنيم تاتو مشاهده كنى كه هر دور ابسوزد ووفانكند كبررا سخن او خوش آمد وكفت ترا جهار مسأله برسم اكر جواب دهى ايمان آورم احمدكفت بكو كفت خداى تعالى خلق را جرا آفريدو جون آفريد جرا رزق داد وجون رزق داد جرا ميرانيد وجون ميرانيد جرا بر انكيزذ احمد كفت آفريدتا اورا شناسند ورزق دادتا اورا برازقى بداند وميرانيد تا اورا بقهارى شناسند وزنده كردانيد تا اورا بقادرى بدانند بهرام كبرجون اين سخن راشنود بى خود انكشت بر آوردو شهادث بر زبان راند جون شيح ديد نعره زد وبيهوش شد جون بهوش آمد بهرام كفت يا شيخ سبب نعره زدن وبيهوش شدن جه بود كفت درين ساعت كه توانكشت بر داشتى بدرونم خطاب كردندكه هان اى احمد بهرام كبر راكه هفتاد سال در كبرى كذشت ايمان آورد تا ترا كه هفتاد سال در مسلمانى كذشت عاقبت جه خواهد آورد ومن اللّه العصمة والتوفيق لمرضاته والاستبصار بآياته وبيناته ٢٧ { ولله ملك السموات والارض } اى الملك المطلق والتصرف الكلى فيهما وفيما بينهما مخصوص باللّه تعالى وهو تعميم للقدرة بعد تخصيصها { ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون } العامل فى يوم يخسر ويومئذ بدل منه قال العلامة التفتازانى مثل هذا بالتأكيد اشبه وأنى يتأتى ان هذا مقصود بالنسبة دون الاول قلت اليوم فى البدل بمعنى الوقت والمعنى وقت اذ تقوم الساعة ويحشر الموتى فيه وهو جزء من يوم تقوم الساعة فانه يوم متسع مبدأه من النخفة الاولى فهو بدل البعض والعائد مقدر ولما كان ظهور خسرهم وقت حشرهم يكون هو المقصود بالنسبة كذا فى حواشى سعدى المفتى يقال أبطل جاء بالباطل وقال شيأ لا حقيقة له والمراد الذين يبطلون الحق ويكذبون بالبعث ومعنى يخسر المبطلون يظهر خسرانهم ثمة وبالفارسية زيان كنند تباه كاران وزيان ايشان آن بودكه بدوزخ باز كزدند قال فى الكبير ان الحياة والعقل والصحة كأنها رأس المال والتصرف فيها لطلب سعادة الآخرة يجرى مجرى تصرف التاجر فى رأس المال لطلب الريح والكفار قد أتعبوا انفسهم فى طلب الدنيا فخسروا ربح الآخرة وفيه اشارة الى ابطال الاستعداد الفطرى ( ع ) على نفسه فليبك من ضاع عمره ٢٨ { وترى } رؤية عين { كل امة } من الامم المجموعة ومؤمنيهم وكافريهم حال كونها { جاثية } باركة على الركب من هول ذلك اليوم غير مطمئنة لانها خائفة فلا تطمئن فى جلستها عند السؤال والحساب يقال جثا يجثو ويجثى جثوا وجثيا بضمهما جلس على ركبتيه او قام على اطراف اصابعه وعن ابن عباس رضى اللّه عنه جاثية اى مجتمعة بمعنى ان كل امة لا تختلط بأمة اخرى يقال جثوت الابل وجثيتها جمعتها والجثوة بالضم الشئ المجتمع فان قيل الجثو على الركب انما يليق بالكافرين فان المؤمنين لا خوف عليهم يوم القيامة فالجواب ان الآمن قد يشارك المبطل فى مثل هذا الى ان يظهر كونه محقا لا مستحقا للامن قال كعب لعمر امير المؤمنين رضى اللّه عنه ان جهنم تزفر زفرة يوم القيامة فلا يبقى ملك مقرب ولا نبى مرسل الا جثا على ركبتيه حتى يقول خليل الرحمن عليه السلام يا رب لا اسألك اليوم الا نفسى ( قال الشيخ سعدى ) دران روزكز فعل برسند وقول اولوالعزم راتن بلرزد زهول بجايى كه دهشت خورد انبيا توعذركنه راجه دارى بيا { كل امة } كرر كل امة لانه موضع الاغلاظ والوعيد تدعى الى كتابها اى الى صحيفة اعمالها فالاضافة مجازية للملابسة لان اعمالهم مثبتة فيه وفيه اشارة الى عجز العباد وان لا حول ولا قوة لهم فيما كتب اللّه لهم فى الازل وانهم لا يصيبهم فى الدنيا والآخرة الا ما كتب اللّه لهم على مقتضى اعيانهم الثابتة فلا يجرون فى الافعال الا على القضاء ( قال الحافظ ) درين جمن نكنم سرزنش بخود رويى جنانكه برور شم ميد هند ميرويم { اليوم } معمول لقوله { تجزون ما كنتم تعملون } اى يقال لهم ذلك فمن كان عمله الايمان جزاه اللّه بالجنة ومن كان عمله الشرك والكفر جزاه بالنار كما قال النبى عليه السلام ( اذا كان يوم القيامة جاء الايمان والشرك فيجثيان بين يدى الرب تعالى فيقول اللّه للايمان انطلق أنت واهلك الى الجنة ويقول للشرك انطلق انت وأهلك الى النار ) ٢٩ { هذا كتابنا } الخ من تمام ما يقال حينئذ وحيث كان كتاب كل امة مكتوبا بأمر اللّه اضيف الى نون العظمة تفخيما لشأنه وتهويلا لامره والا فالظاهر ان يضاف الى الامة بان يقال كتابها كما فيما قبلها { ينطق عليكم } اى يشهد عليكم { بالحق } اى من غير زيادة ولا نقص والجملة خبر آخر لهذا وبالحق حال من فاعل ينطق { انا كنا نستنسخ } الخ تعليل لنطقه عليهم باعمالهم من غير اخلال بشئ منها اى كنا فيما قبل نستكتب الملائكة { ما كنتم تعملون } فى الدنيا من الاعمال حسنة كانت او سيئة صغيرة او كبيرة اى نأمر الملائكة بكتب اعمالكم واثباتها عليكم لان السين للطلب والنسخ فى الاصل هو النقل من اصل كما ينسخ كتاب من كتاب لكن قد يستعمل للكتبة ابتدآء وقال بعضهم ما من صباح ولا مساء الا وينزل فيه ملك من عند اسرافيل الى كاتب اعمال كل انسان ينسخ عمله الذى يعمله فى يومه وليلته وما هو لاق فيها كما قال عليه السلام ( اول ما خلق اللّه القلم وكتب ما يكون فى الدنيا من عمل معمول بر أو فجور واحصاه فى الذكر ) واقرأوا انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون فهل يكون النسخ الا من شئ قد فرغ منه قال ابن عباس رضى اللّه عنهما ان اللّه وكل ملائكة يستنسخون من ذلك الكتاب المكتوب عنده كل عام فى شهر رمضان ما يكون فى الارض من حدث الى مثلها من السنة المقبلة فيعارضون به حفظة اللّه على عباده كل عشية خميس فيجدون ما رفع الحفظة موافقا لما فى كتابهم ذلك ليس فيه زيادة ولا نقصان فاذا افنى الورق مما قدر وانقطع الامر وانقضى الاجل اتت الحفظة الخزنة فيطلبون عمل ذلك اليوم فتقول لهم الخزنة ما نجد لصاحبكم عندنا شيأ فترجع الحفظة فيجدونه قد مات ثم قال ابن عباس رضى اللّه عنهما ألستم قوما عربا هل يكون الاستنساخ الا من اصل وهو اللوح المحفوظ من التغير والتبدل والزيادة والنقصان على ما عليه كان مما كتبه القلم الاعلى وفيه دليل على ان الحفظة يعلمون ما يقع فى ذلك اليوم من العبد ويفعله قبل ان يفعله فان قلت اذا علمت الحفظة اعمال العبد من اللوح المحفوظ فما فائدة ملازمتهم العبيد وكتابتهم اعمالهم قلت الزام الحجة لا يحصل الا بشهودهم فعل العبد فى وقته المخصوص وكتابتهم على ما وقع قال بعضهم ان الحفظة يكتبون جميع ما يكون من العبد يقابلونه بما فى ام الكتاب فما فيه ثواب وعقاب اثبت وما لم يكن فيه ثواب ولا عقاب محى وذلك قوله تعالى { يمحو اللّه ما يشاء ويثبت } فعلى العبد أن يتدارك الحال قبل حلول الآجال فانه سوف ينفد العمر وينقلب الامر ( قال الشيخ سعدى ) دريغست فرموده ديوزشت كه دست ملك برتوخواهد نوشث روا دارى از جهل ونابا كيت كه با كان نويسند نابا كيت طريقى بدست آر وصلحى بجوى شفيعى برانكيز وعذرى بكوى كه يك لحظه صورت نه بنددامان جوبيمانه برشد بدور زمان جعلنا اللّه واياكم من المسارعين الى اسباب رضاه والمسابقين الى قبول امره وهداه ٣٠ { فاما الذين امنوا وعملوا الصالحات } من الامم لانه تفصيل لما قبله { فيدخلهم ربهم فى رحمته } اى فى جنته لان الدخول حقيقة فى الجنة دون غيرها من اقسام الرحمة فهو من تسمية الشئ باسم حاله يعنى لما كانت الجنة محل الرحمة اطلق عليها الرحمة بطريق المجاز المرسل { ذلك } الذى ذكر من الادخال فى رحمته تعالى { هو الفوز المبين } الظاهر كونه فوز الا فوز وراءه يقول الفقير واما الفوز العظيم فهو دخول جنة القلب ولقاؤه تعالى فى الدنيا والآخرة ولكن لما كان هذا الفوز غير ظاهر بالنسبة الى العامة وكان الظاهر عندهم الفوز بالجنة قيل هو الفوز المبين وان اشتمل الفوز المبين على الفوز العظيم لان الجنة محل انواع الرحمة ٣١ { واما الذين كفروا أفلم تكن آياتى تتلى عليكم } اى فيقال لهم بطريق التوبيخ والتقريع الم تكن تأتيكم رسلى فلم تكن آياتى تتلى عليكم فحذف المعطوف عليه ثقة بدلالة القرينة عليه { فاستكبرتم } عن الايمان بها { وكنتم قوما مجرمين } اى قوما عادتهم الاجرام قال الشيخ السمرقندى فى بحر العلوم فان قلت أهذه الآية تشمل الذين فى اقاص الروم والترك والهند من الذين لم تبلغهم الدعوة ولم يتل عليهم شئ من آيات اللّه وهم اكثر عددا من رمال الدهناء وما قولك فيهم قلت لا بل الظاهر عندى بحكم الآية ان هؤلاء معذورون مغفورون شملتهم رحمة اللّه الواسعة بل اقول تشمل كل من مات فى الفترة وكل أحمق وهرم وكل أصم ابكم قال ابو هريرة رضى اللّه عنه قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( اربعة كلهم نزل على اللّه بحجة وعذر رجل مات فى الفترة ورجل ادرك الاسلام هرما ورجل اصم ابكم معتوه ورجل احمق ) فاستوسع ايها السائل رحمة اللّه فان صاحب الشرع هو لذى استوسع رحمة اللّه تعالى قبلنا ولم يضيق على عباده ولا تشغل بالتكفير والتضليل لسانك وقلبك كطائفة بضاعتهم مجرد الفقه يخوضون فى تكفير الناس وتضليلهم وطائفة من المتكلمين كفروا عوام المسلمين وزعموا وقد كذبوا وفى غمرتهم عمهوا ان من لم يعرف العقائد الشرعية بأدلتنا المحررة فى كتبنا فهو كافر فاولئك عليهم العويل والنياحة ايام حياتهم ومماتهم حيث ضيقوا رحمة اللّه الواسعة على عباده وجعلوا الجنة حصرا ووقفا على طائفة الفقهاء وشرذمة المتكلمين وكفروا وضللو الذين هم برآء من الكفر والضلالة وقد ذهلوا او جهلوا بقول النبى عليه السلام ( امتى كلها فى الجنة الا الزنادقة ) وقد روى ايضا الهالك منها واحدة ويقول عبد اللّه بن مسعود وابو هريرة وعبد اللّه ابن عمر رضى اللّه عنهم ليأتين على جهنم زمان ليس فيها احد بعدما يلبثون فيها احقابا وبما قال انس رضى اللّه عنه قال النبى عليه السلام ( اذا كان يوم القيامة يغفر اللّه لاهل الاهوآء اهوآءهم وحوسب الناس باعمالهم الا الزنادقة ) انتهى كلام السمرقندى فى تفسيره والزنديق هو من يقول ببقاء الدهر اى لا يؤمن بالآخرة ولا الخالق اى لا يعتقد الها ولا بعثا ولا حرمة شئ من الاشياء ويعتقد أن الاموال والحرم مشتركة وفى قبول توبته روايتان والذى ترجح عدم قبول توبته كما فى فتاوى قارئ الهداية وفى الاصول من لم تبلغه الدعوة فهو غير مكلف بمجرد العقل فاذا لم يعتقد ايمانا ولا كفرا كان معذورا اذا لم يصادف مدة يتمكن فيها من التأمل والاستدلال بان بلغ فى شاهق الجبل ومات فى ساعته واذا اعانه اللّه بالتجربة وامهله لدرك العواقب لم يكن معذورا وان لم تبلغه الدعوة لان الامهال وادراك مدة التأمل بمنزلة دعوة الرسل فى حق تنبيه القلب من نوم الغفلة فاذا قصر فى النظر لم يكن معذورا وليس على حد الامهال دليل يعتمد عليه وما قيل انه مقدر بثلاثة ايام اعتبارا بالمرتد فانه يمهل ثلاثة ايام ليس بقوى لان هذه التجربة تختلف باختلاف الاشخاص لان العقول متفاوتة فرب عاقل يهتدى فى زمان قليل الى ما لا يهتدى اليه غيره فى زمان طويل فيفوض تقديره الى اللّه اذ هو العالم بمقدارها فى حق كل شخص فيعفو عنه قبل ادراكها او يعاقبه بعد استيفائها وعند الاشعرية ان غفل عن الاعتقاد حتى هلك او اعتقد الشرك فلم تبلغه الدعوة كان معذورا لان المعتبر عندهم هو السمع دون العقل ومن قتل من لم تبلغه الدعوة ضمنه لان كفرهم معفو عندهم فصاروا كالمسلمين فى الضمان وعندنا لم يضمن وان كان قتله حراما قبل الدعوة ضمنه لان غفلتهم عن الايمان بعد ادراك مدة التأمل لا يكون عفوا وكان قتلهم مثل قتل نساء اهل الحرب فلا يضمن ثم الجهل فى دار الحرب من مسلم لم يهاجر الينا يكون عذرا حتى لو لم يصل ولم يصم مدة ولم تبلغ اليه الدعوة لا يجب عليه قضاؤهما لان دار الحرب ليس بمحل لشهرة أحكام الاسلام بخلاف الذمى اذا أسلم فى دار الاسلام يجب عليه قضاء الصلاة وان لم يعلم بوجوبها لانه متمكن من السؤال عن احكام الاسلام وترك السؤال تقصير منه فلا يكون عذرا يقول الفقير والذى تحرر من هذه التقريرات ان من لم تبلغه الدعوة فهو على وجهين اما ان يمهل له قدر ما يتأمل فى الشواهد ويعرف بالتوحيد اولا فالثانى معذور دون الاول وتكفى المعرفة المجردة وان لم يكن هناك ايمان شرعى ولذا ورد فى الخبر من مات وهو يعرف ولم يقل وهو يؤمن فدل على ان من عرف اللّه تعالى معرفة خالصة ليس فيها شرك نجا من من النار ومعنى الايمان الشرعى هو المتابعة لنبى من الانبياء عليهم السلام وقس على هذا احوال اهل الفترة فانهم ان لم يخلوا بالتوحيد وبالاصول كانو معذورين فقول من قال ليأتين على جهنم زمان الخ حق فان الطبقة العالية من جهنم التى هى مقر عصاة المؤمنين تبقى خالية بعد مرور الاحقاب يعنى من كان فى قلبه مثقال حبة من الايمان اى معرفة اللّه تعالى سواء سمى ذلك ايمانا شرعيا ام لا يخرج من النار فاذا لم يكفر اهل المعرفة المجردة فكيف اهل القبلة من المؤمنين بالايمان الشرعى ما لم يدل دليل ظاهر او خفى على كفره ( قال المولى الجامى فى سلسلة الذهب ) هركه شد زاهل قبله برتوبديد كه به آورده نبى كرويد كرجه صد بدعت وخطا وخلل بينى اورا زروى علم عمل مكن اورا زسرزنش تكفير مشمارش زاهل نار سعير ورببنى كسى اهل اصلاح كه رود راه دين صباح وراح بيفين زاهل جنتش مشمار ايمن از روز آخرش مكذار مكر آنكس كه از رسول خدا شد مبشر بجنة المأوى قال الشيخ علاء الدولة فى كتاب العروة جميع الفرق الاسلامية اهل النجاة والمراد من الناجية فى حديث ( ستفترق أمتى ) الخ الناجية بلا شفاعة ٣٢ { واذا قيل ان وعد اللّه } ان ما وعده من الامور الآتية فهو بمعنى الموعود { حق } واقع لا محالة { والساعة } اى القيامة التى هى اشهر ما وعده { لا ريب فيها } اى فى وقوعها لكونها مما اخبر به الصادق ولقيام الشواهد على وجودها { قلتم } من غاية عتوكم يا منكرى البعث من الكفار والزنادقة { ما ندرى ما الساعة } اى اى شئ هى استغرابا لها { ان نظن الا ظنا } اى ما نفعل فعلا الا ظنا فان ظاهره استثناء الشئ من نفسه وفى فتح الرحمن اى لا اعتقاد لنا الا الشك والظن احد طرفى الشك بصفة الرجحان ويجيئ بمعنى اليقين انتهى ومقابل الظن المطلق هو الاستيقان ولذا قال { وما نحن بمستيقنين } اى لا مكان الساعة يعنى مارا يقينى نيست درقيام قيامت ولعل هؤلاء غير القائلين ما هى الا حياتنا الدنيا فمنهم من يقطع بنفى البعث والقيامة وهم المذكورون فى الآية الاولى ومنهم من يشك لكثرة ما سمعوه من الرسول عليه السلام من دلائل صحة وقوعه وهم المذكورون فى هذه الآية قال فى التعريفات الظن هو الاعتقاد الراجح مع احتمال النقيض ويستعمل فى اليقين والشك انتهى واليقين اتقان العلم ينفى الشك والشبهة عنه نظرا واستدلالا ولذلك لا يوصف به علم القديم ولا العلوم الضرورية اذ لا يقال تيقنت ان السماء فوقى فعلى العاقل ان يرفع الشك عن الامور التى اخبر اللّه بها ويكون على يقين تام منها ( وفى المثنوى ) وعدها باشد حقيق دلبذير وعدها باشد مجازى تاسه كير وعده اهل كرم كنج روان وعده ناهل شدرنج روان ولا شك ان ليس من اللّه اصدق قيلا فوعده للمؤمنين الموقنين يورث الفرح والسرور فانهم وان كانوا يخافون القيامة واهوالها لكنهم يرجون رحمة اللّه الواسعة ولا يصلون الى كمال تلك الرحمة الا بوقوع القيامة فانه هو الذى توقف عليه دخول الجنة ودرجاتها ونعيمها ولليقين مراتب الاولى علم اليقين وهو العلم الحاصل بالادراك الباطنى بالفكر الصائب والاستدلال وهذا للعلماء الذين يوقنون بالغيب ولا نزيد هذه المرتبة العلمية الا بمناسبة الارواح القدسية فاذا يكون العلم عينا وهى المرتبة الثانية التى يقال لها عين اليقين ولا مرتبة للعين الا اليقين الحاصل من مشاهدة المعلوم ولا تزيد هذه المرتبة الا بزوال حجاب الاثنينية فاذا تكون العين حقا وهى المرتبة الثالثة التى يقال لها حق اليقين وزيادة هذه المرتبة عدم ورود الحجاب بعده وعينه للاولياء حقه للانبياء واما باطن حق اليقين وهو حقيقة اليقين فهو لنبينا عليه السلام وهذه المراتب لا تحصل الا بالمجاهدة مثل دوام الوضوء وقلة الاكل وكثرة الذكر والسكوت بالفكر فى ملكوت السموات والارض وبادآء السنن والفرائض وترك ما سوى الحق والفرض وتقليل المنام والعرض واكل الحلال وصدق المقال والمراقبة بقلبه الى اللّه فهذه مفاتيح المعاينة والمشاهدة وكلها من الشريعة النبوية فلا بد من المتابعة له فى قوله وفعله بايزيد بسطامى قدس سره كفت روح من بهمه ملكوت بر كذشت وبهشت ودوزخ بد ونمود وبجيزى التفات نكرد وبجان هيج بيغمبر نرسيد الاسلام كردجون بروح باك مصطفى عليه السلام رسيدم آبجاصد هزاران درياى آتشين ديدم بى نهايت وهزاران حجاب ازنور ديدم اكر باول درياقدم نهادمى بسوختمى لا جرم زان هيبت جنان مدهوش شدم كه هيج نماندم با آثكه بحق رسيدم زهره نداشتم بمحمد عليه السلام رسيدن يعتى هركس بقدرحويش بخدا تواند رسيدكه حق باهمه است اما محمد عليه السلام دربيش شان درصدر خاص است تالاجرم وادى لا اله الا اللّه قطع نكنى بوادى محمد رسول اللّه نتوانى رسيد وبحقيقث هردو وادى يك انديس بايزيد كفت الهى هرجه ديدم همه من بوسم بامن بتوراه نيست وازخودئ خود مرادر مكذارى مراجه بايدكرد فرمان آمدكه يا ابا يزيد خلاصى تواز ثوبى نواتدرمتابعت دوست ما محمد عليه السلام بسته است ديده را بخاك قدم او اكتحال كن وبر متابعت او مداومت نماى فظهر انه كلما كان التصديق اقوى والمتابعة اوفر كان القرب اكثر ومن هذا عرف حال الكفار وأهل الانكار فى البعد والفراق نعوذ باللّه الخلاق ٣٣ { وبدا لهم } اى ظهر للكفار فى الآخرة { سيئات ما عملوا } من اضافة الصفة الى موصوفها اى اعمالهم السيئة على ما هى عليه من الصورة المنكرة الهائلة وعاينوا وخامة عاقبتها والمراد الشرك والمعاسى التى كانت تميل اليها الطبائع والنفوس وتشتهيها وتستحسنها ثم تظهر يوم القيامة فى الصور القبيحة فالحرام فى صورة الخنزير والحرص فى صورة الفارة والنملة والشهوة فى صورة الحمار والعصفور والغضب فى صورة الفهد والاسد والكبر فى صورة النمر والبخل فى صورة الجاموس والبقر والعجب فى صورة الدب واللواطة فى صورة الفيل والحيلة فى صورة الثعلب وسرقة الليل فى صورة الدلق وابن عرس والرباء والدعوى فى صورة الغراب والعقعق والبومة واللهو بالملاهى فى صورة الديك والفكر بلا قاعدة فى صورة القمل والبرغوث والنوح فى صورة ما يقال بالفارسية شغال والعلم بلا عمل كالشجرة اليابسة والرجوع من الطريقة الحقة فى صورة تحول الوجه الى القفا الى غير ذلك من الصور المتنوعة بحسب الاعمال المختلفة فكل ما اثمر لهم فى الآخرة انما هو فى زرع زرعوه فى مزرعة الدنيا باعمالهم السيئة ويجوز ان يراد بسيئات ما عملوا جزآؤها فان جزآء السيئة سيئة فسميت باسم سببها { وحاق بهم } احاط ونزل قال ابو حيان لا يستعمل الا فى المكروه يقال حاق به يحيق حيقا وحيوقا وحيقانا احاط به كأحاق والحيق ما يشتمل على الانسان من مكروه فعله { ما كانوا به يستهزؤن } من الجزآء والعقاب ٣٤ { وقيل } من جانب الحق { اليوم } وهو يوم القيامة { ننساكم } نترككم فى العذاب ترك المنسى ففى ضمير الخطاب استعارة بالكناية بتشبيهم بالامر المنسى فى تركهم فى العذاب وعدم المبالاة بهم وقرينتها النسيان { كما نسيتم } فى الدنيا { لقاء يومكم هذا } اى كما تركتم عدته ولم تبالوا بها وهى الايمان والعمل الصالح واضافة اللقاء الى اليوم اضافة المصدر الى ظرفه اى نسيتم لقاء اللّه وجزآءه فى يومكم هذا فأجرى اليوم مجرى المفعول به وجعل ملقيا وفيه اشارة الى انهم زرعوا فى مزرعة الدنيا بذر النسيان فاثمرهم فى الآخرة ثمرة النسيان اكر بدكنى جشم نيكى مدار كه هركز نياردكز انكوربار درخت زقوم اربجان برورى مبندار هركز كز وبر خورى رطب ناورد جوب خرز هره بار جه تخم افكنى بر همان جشم دار { ومأواكم النار } ومرجعكم ومكانكم جهنم وبالفارسية وجايكاه شما آتش است لانها مأوى من نسينا كما ان الجنة مأوى من ذكرنا { وما لكم من ناصرين } اى ما لاحد منكم ناصر واحد يخلصكم منها ٣٥ { ذلكم } لعذاب { بأنكم } اى بسبب انكم { اتخذتم آيات اللّه هزوا } اى مهزوا بها ولم ترفعوا لها رأسا بالتفكر والقبول { وغرتكم الحياة الدنيا } فحسبتم ان لا حياة سواها نوشته اندبر ايوان جنة المأوى كه هركه عشوه دنيا خريد واى بوى { فاليوم لا يخرجون منها } اى من النار والتفات الى الغيبة للايذان باسقاطهم عن رتبة الخطاب استهانة بهم او بنقلهم من مقام الخطاب الى غيابة لنار { ولا هم يستعتبون } اى يطالب منهم ان يعتبوا ربهم اى يرضوه بالطاعة لفوات اوانه وفيه اشارة الى ان اللّه تعالى أظهر على مخلصى عباده بعض آياته فلما رآها أهل الانكار اتخذوها هزوا على ما هو عادتهم فى كل زمان وغرتهم الحياة الدنيا اذ ما قبلوا وصية اللّه اذ قال { فلا تغرنكم الحياة الدنيا } فاليوم لا يخرجون من نار القهر الالهى لانهم دخلوا فيها على قدمى الحرص والشهوات ولا هم يستعتبون فى الرجوع الى الجنة على قدمى الايمان والعمل الصالح ٣٦ { فلله الحمد } خاصة { رب السموات ورب الارض رب العالمين } كلها من لارواح والاجسام والذوات والصفات فلا يستحق الحمد احد سواه وتكرير الرب للتأكيد والايذان بان ربيته تعالى لكل منها بطريق الاصالة ٣٧ { وله الكبرياء فى السموات والارض } اى العظمة والقدرة والسلطان والعز لظهور آثارها واحكامها فيهما واظهارهما فى موقع الاضمار لتفخيم شأن الكبرياء { وهو العزيز } الذى لا يغلب { الحكيم } فى كل ما قضى وقدر فاحمدوه اى لان له الحمد وكبروه اى لان له الكبرياء واطيعوه اى لانه غالب على كل شئ وفى كل صنعه حكمة جليلة وفى الحديث ( ان لله ثلاثة اثواب اتزر با بالعزة وارتدى بالكبرياء وتسربل بالرحمة ) فمن تعزز بغير اللّه اذله اللّه فذلك الذى يقول اللّه تعالى { ذق انك انت العزيز الكريم } ومن تكبر فقد نازع اللّه ان اللّه تعالى يقول ( لا ينبغى لمن نازعنى ان ادخله الجنة ) ومن يرحم الناس يرحمه اللّه فذلك الذى سربله اللّه سرباله الذى ينبغى له وفى الحديث القدسى يقول اللّه ( الكبرياء ردآئى والعظة ازارى فمن نازعنى واحدا منهما ألقيته فى جهنم ) فللعبد أن يتخلق بأخلاق الحق تعالى ولكنه محال ان يتخلق بهذين الخلقين لانهما ازليان ابديان لا يتطرق اليهما التغير وفى خلق العبد تغيير وله بداية ونهاية وله مبدئ ومعيد قال بعض الكبار وصف الحق سبحانه وتعالى نفسه بالازار والردآء دون القميص والسراويل لان الاولين غير مخطيين وان كانا منسوجين فهما الى البساطة اقرب والثانيين مخيطان ففيهما تركيب ولهذا السر حرم المخيط على الرجل فى الاحرام دون المرأة لان الرجل وان كان خلق من مركب فهو الى البساطة أقرب واما المرأة فقد خلقت من مركب محقق هو للرجل فبعدت عن البسائط والمخيط تركيب فقيل للمرأة ابقى على أصلك لا تلحقى الرجل وقيل للرجل ارتفع عن تركيبك وفى تقديم الحمد على الكبرياء اشارة الى ان الحامدين اذا حمدوه وجب ان يعرفوا انه أعلى واكبر من ان يكون الحمد الذى ذكروه لائقا بمقامه بل هو أكبر من حمد الحامدين واياديه اجل من شكر الشاكرين قال بعض العارفين اعلم ان التكبير تنزيه ربك عن قيد الجهات والتحولات المختلفة وعن قيد التعينات العلمية والاعتقادية المتنوعة يحسب المراتب وعن سائر احكام الحصر ما ظهر من ذلك المذكور وما بطن مما لا يتحقق بمعرفته الا من عرف سر العبادات المشروعة وسر التوجهات الكونية الى الحضرة الربانية فمعنى كل تكبير صلاتى اللّه اكبر من ان يتفيد بهذه التحولات العبادية والمراتب والتعينات الكونية وقال شيخ الاسلام خواهر زاده معنى اللّه اكبر أى من يؤدى حقه بهذا القدر من الطاعة بل حقه الاعلى كما قالت الملائكة ما عبدناك حق عبادتك وفى جامع المضمرات ليس المعنى على انه اكبر من غيره حتى يقال اكبر منه بل كل ما سواه فهو نور من انوار قدرته كما حكى انه عطس رجل عند الجنيد فقال الحمد لله فقال الجنيد قل الحمد لله رب العالمين موافقا للقرءآن فقال الرجل وهل للعالم وجود حتى يذكر مع اللّه فمعنى اللّه اكبر أى اكبر من ان يناله الحواس ويدرك جلاله بالعقل والقياس بل اكبر من ان يدرك كنه جلاله غيره بل اكبر من ان يعرفه غيره فانه لا يعرف اللّه الا اللّه قال بعض الفضلاء الصحيح ما عليه المحققون من اسم التفصيل اذا اطلق على اللّه تعالى فهو بمنزلة المعرف باللام فى المعنى فهو بمعنى اللّه هو الاكبر ولا يسوغ فيه تقدير من فانه حينئذ يقتضى ان يشاركه غيره فى اصل الكبرياء وهو سبحانه منزه عن ان يشاركه غيره فى شئ من صفاته كيف يتصور ذلك ولا كبرياء فى غيره تعالى بل شعار ما سواه كمال الصغار والاحتياج الى جنابه تعالى فضلا عن الاتصاف بالكبرياء والعظمة والكبر فى حق ما سواه من اسوء الاخلاق الذميمة وتعالى اللّه ان يشاركه غيره فى صفة هى كمال لخلقه تعالى فضلا عن صفة هى ذميمة لهم بل اسم التفضيل فى حقه تعالى دال على زيادة المبالغة والكمال المطلق الذى لا يتصور أن يشاركه فيه احد مما سواه انتهى وكان عليه السلام يزيد فى تكبيرات صلاة العيدين فتارة يجعل الزوائد ستا واخرى اكثر وسره ان العرب يجتمعون فى الاعياد من القبائل ويزاحمون على مطالعة جماله ويعظمونه اشد التعظيم فكان ينفى الكبرياء عن نفسه فيثبتها لله تعالى بما يحصل له كمال الاطمئنان من الاعداد ( قال فى كشف الاسرار ) بسمع عمر بن عبد العزيز رسانيدندكه بسرتو انكشترى ساخته است ونكينى بهزار درم خريد وبروى نشانده نامه نوشته بوى كه اى بسر شنيدم كه انكشترى ساخته ونكينى بهزاردرم خريده ودروى نشانده اكر رضاى من ميخواهى آن نكين بفروش وازبهاى آن هزار كرسنه راطعام ده واز باره سيم خودرا انكشترى ساز وبر آن نقش كن كه رحم اللّه امرءا عرف قدر نفسه زيرا كبربا صفت خداوند ذى الجلالست مرورا سزد كبريا ومنى زتخت بتهديد اكر بر كشدتيغ حكم بمانندكر وبيان صم وبكم بدركاه لطف وبز ركيش بر برزكان نهاده بزركى زسر بدرد يقين بردهاى خيال نماند سرا برده الاجلال اى لا يبقى من الحجب الا حجاب العظمة وردآء الكبرياء فانه لا يرتفع ابدا والا لتلاشى وجود الانسان والتحق بالعدم فى ذلك الآن فاعرف هذا بالذوق والوجدان |
﴿ ٠ ﴾