سُورَةُ الْأَحْقَافِ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ خَمْسٌ وَثَلاَثُونَ آيَةً ١ { حم } اى هذه السورة مسماة بحم وقال بعضهم الحاء اشارة الى حماية اهل التوحيد والميم الى مرضاته منهم مع المزيد وهو النظر الى وجهه الكريم وقال بعضهم معناه حميت قلوب اهل عنايى فصنتها عن الخواطر والهواجس فلاح فيها شواهد الدين واشرقت بنور اليقين يقول الفقير فيه اشارة الى ان القرءآن حياة الموتى كما قال او كلم به الموتى وكذا حياة الموتى من القلوب فان العلوم ولمعارف والحكم حياة القلوب والارواح والاسرار وايضا الى الاسماء الحسنى فان حاء وميم من حساب اليسط تسعة وتسعون وايضا الى الصفات السبع التى خلق اللّه آدم عليها وهى الحياة والعلم والقدرة والارادة والسمع والبصر والكلام فالحاء حاء الحياة والميم ميم الكلام فاشير بالاول والآخر الى المجموع يعنى ان اللّه تعالى انزل القرءآن لتحصى اسماؤه الحسنى وتعرف صفاته العليا ويتخلق بأخلاقه العظمى ٢ { تنزيل الكتاب } اى القرءآن المشتمل على هذه السورة وعلى سائر السور الجليلة وبالفارسية فرستادن كتاب بعضى ازبى بعض وهو مبتدأ خبره قوله { من اللّه } وما كان من اللّه فهو حق وصدق فانه قال ومن أصدق من اللّه قيلا { العزيز } وما كان من العزيز فهو غالب على جميع الكتب بنظمه ومعانيه ودليل ظاهر لأباب الظواهر والباطن { الحكيم } وما كان من الحكيم ففيه حكمة بالغة لان اللّه تعالى لا يفعل الا ما فيه مصلحة كما قال ٣ { ما خلقنا السموات والارض } بما فيهما من حيث الجزئية منهما ومن حيث الاستقرار فيهما { وما بينهما } من المخلوقات كالنار والهواء والسحاب والامطار والطيور المختلفة ونحوها { الا } خلقا ملتبسا { بالحق } اى بالغرض الصحيح والحكمة البالغة وان جعلها مقارا للمكلفين ليعملوا فيجازيهم يوم القيامة لا بالعبث والباطل فانه ما وجد شئ الا لحكمة والوجود كله كلمات اللّه ولكل كلمة ظهر هو الصورة وبطن هو المعنى الى سبعة أبطن كما ورد فى الخبر ( ان لكل حق حقيقة ) فالوجود كله حق حتى ان النطق بكلمات لا معانى لها حق فانها قد وجدت والباطل هو المعنى الذى تحتها كقول من يقول مات زيد ولم يمت فان حروف الكلمة حق فانها قد وجدت والباطل هو ان زيدا مات وهو المعنى الذى تحتها فالدنيا حق وحقيقتها الآخرة والبرزخ وصل بينهما وربط ومن ههنا يعرف قول على رضى اللّه عنه الناس نيام واذا ماتوا تيقظوا فالرؤيا حق وكذا ما فى الحارج من تعبيرها لكن كلا منهما خيال بالنسبة الى الآخرة لكونه من الدنيا وكونه خيالا ومن الدنيا لا ينافى كونه حقا وانما ينافى كونه حقيقة ولذا قال يوسف الصديق عليه السلام { يا أبت هذا تأويل رؤياى من قبل قد جعلها ربى حقا } وقال الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر انما الكون خيال وهو حق فى الحقيقة وفى الآية اشارة الى ان المخلوقات كلها ما خلقت الا لمعرفة الحق تعالى كما قال فخلقت الخلق لاعرف وفى الحديث ( لو عرفتم اللّه حق معرفته لمشيتم على البحور ولزالت بدعائكم الجبال ) ولهذه المعرفة خلقت سموات الارواح واراضى النفوس وما بينهما من العقول والقلوب والقوى { واجل مسمى } عطف على الحق بتقدير المضاف اى وبتقدير أجل معين ينتهى اليه امور الكل وهو يوم القيامة وذلك لان اقتران الخلق ليس الا به لا بالاجل نفسه وفيه ايذان بفناء العالم وموعظة وزجر اى فانتبهوا ايها الناس وانظروا ما يراد بكم ولم خلقتم واشارة بان لكل عارف اجل مسمى لمعرفته واكثره فى هذه الامة اربعون سنة فانها منتهى السلوك فلا يغتر العبد بعلمه وعرفانه فانه فوق كل ذى علم عليم ولكل حد نهاية والامور مرهونة بأوقاتها وأزمانها وهذا بالنسبة الى من سلك على الفطرة الاصلية وعصم من غلبة احكام الامكان والا فمن الناس من يجتهد سبعين سنة ثم لا يقف دون الغاية ثم انه فرق بين اوائل المعرفة وأواخرهم فان حصول اواخرها يحتاج الى مدة طويلة بخلاف اوائلها اذ قد تحصل للبعض فى أدنى مدة بل فى لحظة كما حصلت لسحرة فرعون فانهم حيث رأوا معجزة موسى عليه السلام قالوا آمنا برب العالمين ( وحكى ) ان ابراهيم بن ادهم قدس سره لما قصد هذا الطريق لم يك الا مقدار سيره من بلخ الى مروالروذ حتى صار بحيث اشار الى رجل سقط من القنطرة فى الماء الكثير هنالك فوقف الرجل مكانه فى الهوآء فتخلص وان رابعة البصرية كانت امة كبيرة يطاف بها فى سوق البصرة ولا يرغب فيها احد لكبر سنها فرحمها بعض التجار فاشتراها بنحو مائة درهم واعتقها فاختارت هذا الطريق وأقبلت على العبادة فما تمت لها سنة حتى زارها زهاد البصرة وقرآؤها وعلماؤها لعظم منزلتها فهذ من العناية القديمة والارادة الازلية الغير المعللة بشئ من العلل فيض روح القدس ارباز مدد فرمايد ديكران هم بكنند آنجه مسيحا ميكرد قال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر لم يكن يتخلص عندى أحد الجانبين فى مسألة خلق الاعمال وتعسر عندى الفصل بين الكسب الذى يقول به قوم وبين الخلق الذى يقول به قوم فأوقفنى اللّه تعالى بكشف بصرى على خلقة المخلوق الاول الذى لم يتقدمه مخلوق وقال هل هنا امر يورث اللبس والحيرة قلت لا يا رب فقال لى هكذا جميع ما تراه من المحدثات ما لأحد فيه اثر ولا شئ من المخلوق فانا الذى اخلق الاشياء عند الاسباب لا بالاسباب فتكور على امرى خلقت النفخ فى عيسى وخلقت التكون فى الطائر { والذين كفروا } اى مشركوا أهل مكة { عما انذروا } به وخوفوا من يوم القيامة وما فيه من الاهوال { معرضون } بترك الاستعداد له بالايمان والعمل فيه اشارة الى ان الاعراض عما انذروبا به كفر قال الفقهاء اذا وصف اللّه احد بما لا يليق به كالامكان والحدوث والجسمية والجهات والظلم والنوم والنسيان والتأذى ونحو ذلك او استهزا باسم من اسمائه او امر من اوامره او انكر شيأ من وعده ووعيده وما ثبت بدليل قطعى يكفر ولو زنى رجل او عمل عمل قوم لوط فقال له الآخر مكن فقال كنم ونيك آرم فهذا كفر ولو قيل لرجل لا تعصى اللّه قال اللّه يدخلك النار فقال من از دوزخ نه انديشم يكفر ولو قيل الرجل بسيار مخور وبسيار مخب او بسيار مخد فقال جندان خورم وخسم وخندم كه خود خواهم يكفر لكون كل من الاكل والنوم والضحك الكثير منهيا عنه مميتا للقلب فرد القول فيه رد للنص حقيقة وفى آخر فتاوى الظهيرية سئل الشيخ الامام ابو بكر محمد بن الفضل عمن يقول انا لا احاف النار ولا ارجو الجنة وانما احاف اللّه وارجوه فقال قوله لا اخاف النار ولا ارجو الجنة غلط فان اللّه تعالى خوف عباده بالنار بقوله تعالى { فاتقوا النار التى اعدت للكافرين } ومن قيل له خف مما خوفك اللّه فقال لا اخاف ردا لذلك كفر انتهى يقول الفقير صرح العلماء بان الايمان من اجل خوف النار ورجاء الجنة لا يصح لانه ايمان غير خالص لله فلو كان مراده من نفى الخوف والرجاء ان ايمانى ليس بمبنى عليهما لم يكفر بل اصاب حقيقة الايمان على ان المراد من اتقاء النار فى الحقيقة اتقاء اللّه تعالى فان اللّه هو الذى يدخله النار بمقتضى وعيده على تقدير عصيانه فيؤول المعنى فى الآية الى قولنا فاتقوا اللّه ولا تعصوه حتى لا يدخلكم النار نعم رد ظاهر النص كفر اذا لم يقدر على الخروج عن عهدته بتأويل مطابق للشرع ومن اكبر الذنوب ان يقول الرجل لاخيه اتق اللّه فيقول فى جوابه عليك نفسك اى الزم نفسك وانت تأمرنى بهذا ( روى ) ان يهوديا قال لهرون الرشيد فى سيره مع عسكره اتق اللّه فلما سمع هرون قول اليهودى نزل من فرسه وكذا العسكر نزلوا تعظيما لاسم اللّه العظيم وجاء فى كتب الاصول اذا حلف على مس السماء انعقد اليمين لتوهم البر لان السماء ممسوسة كما قال تعالى حكاية عن الجن { وانا لمسنا السماء } ثم يحنث ويلزمه موجب الحنث وهو الكفارة فيكون آثما لان المقصود باليمين تعظيم المقسم به وههنا هتك حرمة الاسم انتهى فعلى العاقل ان يقبل قول الناصح ويخاف من اللّه ويعظم اسمه حتى يكون مظهر صفات لطفه ويعرف انه تعالى لطيف فاذا كفر وأعرض يكون مظهر صفات قهره فيعرف ان اللّه تعالى قهار نسأل اللّه عفوه وعطاه ولطفه الواسع ورضاه ٤ { قل } للكافرين توبيخا وتبكيتا { ارأيتم } اخبرونى وبالفارسية خبر ميدهيدمرا { ما تدعون } اى ما تعبدون { من دون اللّه } من الاصنام والكواكب وغيرها { ارونى } بنما ييد بمن وهو تأكيد لأرايتم { ماذا خلقوا من الارض } اى كانوا آلهة وهو بيان الابهام فى ماذا اى اى جزء من اجزاء الارض تفردوا بخلقه دون اللّه فالمفعول الاول لأرأيتم قوله ما تدعون والثانى ماذا خلقوا ومآله أخبرونى عن حال آلهتكم { ام لهم شرك } اى شركة مع اللّه تعالى { فى السموات } اى فى خلقها او ملكها وتدبيرها حتى يتوهم ان يكون لهم شائبة استحقاق للعبودية فان مالا مدخل له فى وجود شئ من الاشياء بوجه من الوجوه فهو بمعزل من ذلك الاستحقاق بالكلية وان كانوا من الاحياء العقلاء فما ظنكم بالجماد وجون ظاهرست كه معبودان شما عاجزاند وايشان را درزمين وآسمان نصرفى نيست بس جرا دربرستش بامن شريك مىسازيد فان قلت فما تقول فى عيسى عليه السلام فانه كان يحيى الموتى ويخلق الطير ويفعل ما لا يقدر عليه غيره قلت هو باقدار اللّه تعالى واذنه وذلك لا ينافى عجزه فى نفسه وذكر الشرك فى الجهات العلوية دون السفلية اى دون ان يعم بالارض ايضا لان الآثار العلوية اظهر دلالة على اختصاص اللّه تعالى بخلقها لعلوها وكونها مرفوعة بلا عمد وأوتاد أو للاحتراز عما يتوهم ان للوسائط شركة فى ايجاد الحوادث السفلية يعنى لو قال أم لهم شرك فى الارض لتوهم ان للسموات دخلا وشركة فى ايجاد الحوادث السفلية هذا على تقدير ان تكون ام منطقة والاظهر ان تجعل الآية من حذف معادل ام المتصلة لوجود دليله والتقدير الهم شرك فى الارض ام لهم شرك فى السموات كما فى حواشى سعدى المفتى { ائتونى بكتاب } الخ تبكيت لهم بتعجيزهم عن الاتيان بسند نقلى بعد تبكيتهم بالتعجيز عن الاتيان بسند عقلى والباء للتعدية اى ائتونى بكتاب الهى كائن { من قبل هذا } اى الكتاب اى القرءآن الناطق بالتوحيد وابطال الشرك دال على صحة دينكم يعنى ان جميع الكتب السماوية ناطقة بمثل ما نطق به القرءآن { او أثارة من علم } اى بقية كائنة من علم بقيت عليكم من علوم الاولين شاهدة باستحقاقهم للعبادة من قولهم سمنت الناقة على اثارة من لحم وشحم اى على بقية لحم وشحم كانت بها من لحم وشحم ذاهب ذآئب { ان كنتم صادقين } فى دعواكم فانها لا تكاد تصح ما لم يقم عليها برهان عقلى او نقلى وحيث لم يقم عليها شئ منهما وقد قامت على خلافها ادلة العقل والنقل تبين بطلانها واحد اندر ملك اورا يارنى بنكانش را جزا و سالارنى نيست خلقش راد كركس مالكى شركتش دعوى كند جز هالكى وفيه اشارة الى ان كل ما يعبد من دون اللّه من الهوى والشيطان وغيرهما لا يقدر على شئ فى ارض النفوس وسموات الارواح فان اللّه هو الخالق ومنه التأثير وبيده القلوب يقلبها كيف يشاء فان شاء اقامها وان شاء ازاغها للباطل وليس لعبادة غير اللّه دليل من المعقول والمنقول ولم يجوزها أحد من اولى النهى والمكاشفة ومن ثمة اتفق العلماء من اهل الظاهر والباطن على وجوب الاخلاص حتى قالوا الرغبة فى الايمان والطاعة لطلب الثواب وللخوف من العقاب غير مقيدة فان فيها ملاحظة غير اللّه فالعبادة انما هى لله لا للجنة ولا للنار ٥ { ومن } استفهام خبره قوله { أضل } كمراه ترست { ممن يدعو } ويعبد { من دون اللّه } اى حال كونه متجاوزا دعاء اللّه وعبادته { من لا يستجيب له } الجملة مفعول يدعو اى هم أضل من كل ضال حيث تركو عبادة خالقهم السميع القادر المجيب الخبير الى عبادة مصنوعهم العارى عن السمع والقدرة والاستجابة يعنى اكر مشرك معبود باطل خودرا بخواند اثر استجابت ازوظاهر نخواهد شد { الى يوم القيامة } غاية لنفى الاستجابة اى ما دامت الدنيا فان قيل يلزم منه ان منتهى عدم الاستجابة يوم القيامة للاجماع على اعتبار مفهوم الغاية قلنا لو سلم فلا يعارض المنطوق وقد دل قوله { واذا حشر الناس } الآية على معاداتهم اياهم فانى الاستجابة وقد يجاب بان انقطاع عدم الاستجابة حينئذ لاقتضائه سابقة الدعاء ولا دعاء ويرده قوله تعالى { فدعوهم فلم يستجيبوا لهم } الا ان يخص الدعاء بما يكون عن رغبة كما فى حواشى سعدى المفتى وقال ابن الشيخ وانما جعل ذلك غاية مع ان عدم استجابتهم امر مستمر فى الدنيا والآخرة اشعارا بان معاملتهم مع العابدين بعد قيام الساعة اشد وأفظع مما وقعت فى الدنيا اذ يحدث هناك العداوة والتبرى ونحوه { وان عليك لعنتى الى يوم الدين } فان اللعنة على الشيطان وان كانت ابدية لكن يظهر يوم الدين امر أفظع منها تنسى عنده كأنها تنقطع { وهم } اى الاصنام { عن دعائهم } اى عن دعاء الداعين المشركين وعبادتهم فالضمير الاول لمفعول يدعو والثانى لفاعله والجمع فيهما باعتبار معنى من كما ان الافراد فيما سبق باعتبار لفظها { غافلون } لكونهم جمادات لا يعقلون فكيف يستجيبون وعلى تقدير كون معبوديهم احياء كالملائكة ونحوهم فهم عباد مسخرون مشغولون باحوالهم وضمائر العقلاء لاجرآئهم الاصنام مجرى العقلاء ووصفها بما ذكر من ترك الاستجابة والغفلة مع ظهور حالها للتهكم بها وبعبدتها بىبهره كسىكه جشمه آب حيات بكذارد ور ونهد بسوى ظلمات ٦ { واذا حشر الناس } عند قيام القيامة والحشر الجمع كما فى القاموس قال الراغب الحشر اخراج الجماعة عن مقرهم وازعاجهم عنه الى الحرب وغيرها ولا يقال الا فى الجماعة وسمى القيامة يوم الحشر كما سمى يوم البعث ويوم النشر { كانوا } اى الاصنام { لهم } اى لعابديهم { اعداء } يضرونهم ولا ينفعونهم خلاف آنجه كمان مى بردند بديشان ازشفاعت ومدد كارى { وكانوا } اى الاصنام { بعبادتهم } اى بعبادة عابديهم { كافرين } اى مكذبين بلسان الحال او المقال على ما يروى انه تعالى يحيى الاصنام فتتبرأ من عبادتهم وتقول انهم انما عبدوا فى الحقيقة اهوآءهم لانها الامرة بالاشراك فالآية نظير ما تقدم فى يونس { وقال شركاؤهم ما كنتم ايانا تعبدون } وفى الآية اشارة الى النشور عن نوم الغفلة فانه عنده يظهر ان جميع ما سوى اللّه اعدآء كما قال ابراهيم الخليل عليه السلام { فانهم عدو لى الا رب العالمين } وقال { انى بريئ مما تشركون } نقلست كه ابويزيد بسطامى قدس سره درراه حج شترى داشت زاد وذخيره خودرا وازان عديلان خودرا برآنجانهاده بود كسى كفت بيجاره آن اشترك را بار بسيارست واين ظلمى تمامست بايزيد جون اين سخن ازوبشنود كفت اى جوانمرد بردارنده باراشترنيست فرونكرتا بارهيج بريشت اشترهست فرونكربست باربيك كذار بشت اشتر بر ترديد واورا ازكرانى هيج خبر نبود مرد كفت سبحان اللّه جه عجب كارست بايزيد كفت اكر حفيقت حال خود از شما بنهان دارم زبان ملامت دراز كنيد واكرشمارا مكشوف كردانيم طاقت نداريد باشما جه بايد كرديس جون برفت وبمدينه زيارت كرد امرش آمدكه بخدمت مادر باز كشتن بايد باجماعتى روى به بسطام نهاد خبردر شهر افناد همه أهل بسطام تابد ووجايى استفبال اوشدند جون نزديك اورسيدند شيخ قرصى را از آستين بكرفت وشهر رمضان بود بخوردن يستاد جمله آن بديدند ازوى بركشتند شيخ اصحاب را كفت نديديدكه بمسئله از شريعت كار بستم همه خلق مرارد كردند يقول الفقير كان مراد ابى يزيد تنفير الناس حتى لا يشغلوه عن اللّه تعالى اذ كل ما يشغل السالك عن اللّه فهو عدو له ولا بد من اجتناب العدو بأى وجه كان من وجوه الحيل فجعل الافطار فى نهار رمضان وسيلة لهذا المقصد فان قلت كيف جاز له هتك حرمة الشهر بما وقع له من الافطار فى نهاره قلت له وجهان الاول انه لم يجد عند ملاقاتهم ما يدفعهم عنه سوى هذه الحيلة فافطر وكفر تحصيلا للامر العظيم الذى هو القبول عند اللّه والانس معه على الدوام على انه ان كان مسافرا لا كفارة عليه اذ هو مرخص فى الافطار وبعضهم فى مثل هذا المقام ارتكب امرا بشيعا عند العادة وهو الاوجب عند الامكان لانه يجب ان يكون ظاهر الشرع محفوظا والوجه الثانى انه أفطر صورة لا حقيقة اذ كان قادرا على الاعدام والافناء كما هو حال الملامية ونظيره شرب الخمر فانها تنقلب عسلا عند الوصول الى الحلقوم اى بالنسبة الا من كان قادرا على الاستحالة باقدار اللّه تعالى لكن يعد امثال هذا من احوال الضعفاء دون الاقوياء من الكمل فانهم لا يفعلون ما يخالف ظواهر الشرع جدا نسال اللّه العصمة ٧ { واذا تتلى عليهم } اى على الكفار { آياتنا } حال كونها { بينات } واضحات الدلالة على مدلولاتها من حلال وحرام وحشر ونشر وغيرها ( وقال الكاشفى ) درحالتى كه ظاهر باشد دلائل اعجاران { قال الذين كفروا للحق } اى لاجله وشأنه ويجوز ان يكون المعنى كفروا به والتعدية باللام من حمل النقيض على النقيض فان الايمان يتعدى بها كما فى قوله آمنتم له وغيره وهو عبارة عن الآيات المتلوة وضع موضع ضميرها تنصيصا على حقيتها ووجوب الايمان بها كما وضع الموصول موضع ضمير المتلو عليهم تسجيلا بكمال الكفر والضلالة { لما جاءهم } اى فى اول ما جاءهم من غير تدبر وتأمل { هذا سحر مبين } اى ظاهر كونه سحرا وباطلا لا حقيقة له واذا جعلوه سحرا فقد انكروا ما نطق به من البعث والحساب والجزآء وصاروا اكفر من الحمير اى اجهل لان الكفر من الجهل والعياذ بالله ٨ { ام يقولون افتراه } بل أيقولون افترى محمد القرءآن اى اختلقه وأضافه الى اللّه كذبا فقولهم هذا منكر ومحل تعجب فان القرءآن كلام معجز خارج عن حيز قدرة البشر فكيف يقوله عليه السلام ويفتريه واعلم ان كلا من السحر والافتراء كفر لكن الافتراء على اللّه أشنع من السحر { قل ان افتريته } على الفرض والتقدير { فلا تملكون لى من اللّه شيأ } اى فلا تقدرون ان تدفعوا عنى من عذاب اللّه شيأ اذ لا ريب فى ان اللّه تعالى يعاقبنى حينئذ فكيف أفترى على اللّه كذبا واعرض نفسى للعقوبة التى لا خلاص منها { هو } تعالى { اعلم بما تفيضون فيه } يقال أفاضوا فى الحديث اذا خاضوا فيه وشرعوا اى تخوضون فى قدح القرءآن وطعن آياته وتسميته سحرا تارة وفرية اخرى { كفى به } اى اللّه والباء صلة { شهيدا بينى وبينكم } حيث يشهد لى بالصدق والبلاغ وعليكم بالكذب والجحود وهو وعيد بجزاء افاضتهم { وهو الغفور الرحيم } وعد بالغفران والرحمة لمن تاب وآمن واشعار بحلم اللّه عليهم مع عظم جرآءتهم وفيه اشارة الى ان الذين عموا عن رؤية الحق وصموا عن سماع الحق رموا ورثة الرسل بالسحر وكلامهم بالافترآء وخاضوا فيهم ولما كان شاهد الحال الكل جازى الصادق فى الدنيا والآخرة بالمزيد والكاذب بالخذلان والعذاب الشديد ابو يزيد بسطامىرا قدس سره برسيدندكه قومى كويندكه كليد بهشت كلمه لا اله الا اللّه است كفت بلى وليكن كليد بى دندان درباز نكشايد ودندان اوجهار جيزست زبان از دروغ وبهتان وغيبت دور ودل ازمكر وخيانت صافى وشكم از حرام وشبهت خالى وعمل ازهوا وبدعت باك فظهر انه لا بد من تطهير الظاهر والباطن من الانجاس والارجاس بمتابعة ما جاء به خير الناس فانما يفترق السحر والكرامة بهذه المتابعة كما قالوا ان السحر يظهر على ايدى الفساق والزنادقة والكفار الذين هم على غير الالتزام بالاحكام الشرعية ومتابعة السنة فاما الاولياء فهم الذين بلغوا فى متابعة السنة واحكام الشريعة وآدابها الدرجة العليا قال الشيوخ قدس اللّه اسرارهم اقل عقوبة المنكر على الصالحين ان يحرم بركتهم وقالوا ويخشى عليه سوء الخاتمة نعوذ باللّه من سوء القضاء قال الاستاذ ابو القاسم الجنيد قدس سره التصديق بعلمنا هذا ولاية يعنى الولاية الصغرى دون الكبرى والعجب من الكفار كفروا بآيات اللّه مع وضوح برهانها فكيف يؤمنون بغيرها من آثار الاولياء نعم اذا كان من اللّه تعالى توفيق خاص يحصل المرام ( حكى ) عن ابى سليمان الدارانى قدس سره انه قال اختلفت الى مجلس بعض القصاص فأثر كلامه فى قلبى فلا قمت لم يبق فى قلبى منه شئ فعدت ثانيا فسمعت كلامه فبقى فى قلبى اثر كلامه فى الطريق ثم ذهب ثم عدت ثالثا فبقى اثر كلامه فى قلبى حتى رجعت الى منزلى فكسرت آلات المخالفة ولزمت الطريق ولما حكى هذه الحكاية للشيخ العارف الواعظ يحيى بن معاذ الرازى قدس سره قال عصفور اصطاد كركيا يعنى بالعصفور القاص وبالكركى ابا سليمان الدارانى فباب الموعظة مفتوح لكل احد لكن لا يدخل بالقبول الا من رحمه اللّه تعالى وأعظم المواعظ مواعظ القرءآن ( قال المولى الجامى ) حق ازان حبل خواند قرآنرا تابكيرى بسان حبل آنرا بدرآيى زجاه نفس وهوى كنى آهنك عالم بالا ٩ { قل ما كنت بدعا من الرسل } البدع بالكسر بمعنى البديع وهو من الاشياء ما لم ير مثله كانوا يقترحون عليه صلّى اللّه عليه وسلّم آيات عجيبة ويسألونه عن المغيبات عنادا ومكابرة فامر عليه السلام بان يقول لهم ما كنت بدعا من الرسل اى لست باول مرسل ارسل الى البشر فانه تعالى قد بعث قبلى كثيرا من الرسل وكلهم قد اتفقوا على دعوة عباد اللّه الى توحيده وطاعته ولست داعيا الى غير ما يدعون اليه بل ادعو الى اللّه بالاخلاص فى التوحيد والصدق فى العبودية وبعثت لاتمم مكارم الاخلاق ولست قادرا على ما لم يقدروا عليه حتى آتيكم بكل ما تقترحونه واخبركم بكل ما تسألون عنه من الغيوب فان من قبلى من الرسل ما كانوا يأتون الا بما آتاهم اللّه من الآيات ولا يخبرون قومهم الا بما اوحى اليهم فكيف تنكرون منى ان دعوتكم الى ما دعا اليه من قبلى من الانبياء وكيف تقترحون على ما لم يؤته اللّه اياى { وما أدرى ما يفعل بى ولا بكم } ما الاولى نافية ولا تأكيد لها والثانية استفهامية مرفوعة بالابتداء خبرها يفعل وجوز ان تكون الثانية موصولة منصوبة بأدرى والاستفهامية اقضى لحق مقام التبرى من الدراية والمعنى وما أعلم اى شئ يصيبنا فيما يستقبل من الزمان والى م يصير أمرى وامركم فى الدنيا فانه قد كان فى الانبياء من يسلم من المحن ومنهم من يمتحن بالهجرة من الوطن ومنهم من يبتلى بأنواع الفتن وكذلك الامم منهم من أهلك بالخسف ومنهم من كان هلاكه بالقذف وكذا بالمسخ وبالريح وبالصيحة وبالغرق وبغير ذلك فنفى عليه السلام علم ما يفعل به وبهم من هذه الوجوه وعلم من هو الغالب المنصور منه ومنهم ثم عرفه اللّه بوحيه اليه عاقبة امره وأمرهم فأمره بالهجرة ووعده العصمة من الناس وأمره بالجهاد واخبر أنه يظهر دينه على الأديان كلها ويسلط على اعدائه ويستأصلهم وقيل يجوز أن يكون المنفى هى الدراية المفصلة اى وما أدرى ما يفعل بى ولا بكم فى الدارين على التفصيل اذ لا علم لى بالغيب كان الاجمال معلوما فان جند اللّه هم الغالبون وان مصير الابرار الى النعيم ومصير الكفار الى الجحيم وقال المولى ابو السعود رحمه اللّه والاظهر الاوفق لما ذكر من سبب النزول ان ما عبارة عما ليس فى علمه من وظائف النبوة من الحوادث والواقعات الدنيوية دون ما سيقع فى الآخرة فان العلم بذلك من وظائف النبوة وقد ورد به الوحى الناطق بتفاصيل ما يفعل بالجانبين هذا وقد روى عن الكلبى ان النبى عليه السلام رأى فى المنام انه يهاجر الى ارض ذات نخل وشجر فأخبر أصحابه فحسبوا انه وحى اوحى اليه فاستبشروا سعديا حب وطن كرجه حديث است صحيح نتوان مرد بسختىكه من انيجازادم ومكثوا بذلك ما شاء اللّه فلم يروا شيأ مما قال لهم فقالوا له عليه السلام وقد ضجروا من اذية المشركين حتى متى نكون على هذا فقال عليه السلام ( انها رؤيا رايتها كما يرى البشر ولم يأتنى وحى من اللّه ) فنزل قوله وما ادرى ما يفعل بى ولا بكم اى أؤترك بمكة ام اؤمر بالخروج الى ما رأيتها فى المنام يقول الفقير وعلى هذا يلزم ان يكون الخطاب فى بكم للمؤمنين وهو بعيد لما دل عليه ما قبل الآية وما بعدها من انه للكفار وفى الآية اشارة الى فساد أهل القدر والبدع حيث قالوا ايلام البرايا قبيح فى العقل فلا يجوز لانه لو لم يجز ذلك لكان يقول أعظم البرايا أعلم قطعا انى رسول اللّه معصوم فلا محالة يغفر لى ولكنه قال وما ادرى ما يفعل بى ولا بكم ليعلم ان الامر امره والحكم حكمه له ان يفعل بعباده ما يريد ولا يسأل عما يفعل وفى عين المعانى وحقيقة الآية البرآءة من علم الغيب ( قال المولى الجامى ) اى دل تاكى فضولى وبوالعجبى ازمن جه نشان عافيت مى طلبى سركوشته بود خواه ولى خواه نبى در وادئ ما ادرى ما يفعل بى { ان اتبع الا ما يوحى الى } اى ما أفعل الا اتباع ما يوحى الى على معنى قصر افعاله عليه السلام على اتباع الوحى لا قصر اتباعه على الوحى كما هو المتسارع الى الافهام وهو جواب عن اقتراحهم الاخبار عما لم يوح اليه من الغيوب وقيل عن استعجال المسلمين ان يتخلصوا من أذية المشركين والاول هو الاوفق لقوله تعالى { وما انا الا نذير } انذركم عقاب اللّه حسبما يوحى الى { مبين } بين الانذار لكم بالمعجزات الباهرة ففيه انه عليه السلام ارسل مبلغا وليس اليه من الهداية شئ ولكن اللّه يهدى من يشاء وان علم الغيوب بالذات مختص باللّه تعالى واما اخبار الانبياء والاولياء عليهم السلام فبواسطة الوحى والالهام وتعليم اللّه سبحانه ومن هذا القبيل اخباره عليه السلام عن اشراط الساعة وما يظهر فى آخر الزمان من غلبة البدع والهوى واخباره عن حال بعض الناس كما قال عليه السلام ( ان اول من يدخل من هذا الباب رجل من أهل الجنة ) فدخل عبد اللّه بن سلام فقام اليه ناس من اصحاب رسول اللّه فأخبروه بذلك وقالوا لو اخبرتنا بأوثق عملك الذى ترجو به فقال انى ضعيف وان اوثق ما ارجو به سلامة الصدر وترك ما لا يعنينى وعن سيد الطائفة الجنيد البغدادى قدس سره قال لى خالى السرى السقطى تكلم على الناس اى عظهم وكنت اتهم نفسى فى استحقاق ذلك فرأيت النبى عليه السلام فى المنام وكان ليلة الجمعة فقال ( تكلم على الناس ) فانتبهت وأتيت باب خالى فقال لم تصدقنا حتى قيل لك اى من جانب الرسول عليه السلام فقعدت من غد للناس فقعد على غلام نصرانى متنكرا اى فى صورة مجهولة وقال ايها الشيخ ما معنى قوله صلّى اللّه عليه وسلّم ( اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور اللّه ) قال فأطرقت رأسى ورفعت فقلت اسلم فقد حان وقت اسلامك فاسلم الغلام فهذا انما وقع بتعريف اللّه تعالى اى للشبلى والجنيد ١٠ { قل ارأيتم } اخبرونى ايها القوم { ان كان } ما يوحى الى من القرءآن فى الحقيقة { من عند اللّه } لا سحرا ولا مفترى كما تزعمون وفى كشف الاسرار ان هنا ليس بشك كقول شعيب ولو كنا كارهين لو هناك ليس بشك بل هما من صلات الكلام { وكفرتم به } اى والحال انكم قد كفرتم به فهو حال باضمار قدمن الضمير فى الخبر وسط بين اجزاء الشرط مسارعة الى التسجيل عليهم بالكفر ويجوز أن يكون عطفا على كان كما فى قوله تعالى { قل ارأيتم ان كان من عند اللّه ثم كفرتم به } لكن لا على ان نظمه فى سلك الشرط المتردد بين الوقوع وعدمه عندهم باعتبار حاله فى نفسه بل باعتبار حال المعطوف عليه عندهم فان كفرهم به متحقق عندهم ايضا وانما ترددهم فى ان ذلك كفر بما عند اللّه ام لا وكذا الحال فى قوله تعالى وشهد شاهد من بنى اسرائيل وما بعده من الفعلين فان الكل امور متحققة عندهم وانما ترددهم فى انها شهادة وايمان بما عند اللّه واستكبار منهم ام لا { وشهد شاهد } عظيم الشان { من بنى اسرائيل } الواقفين على شؤون اللّه واسرار الوحى بما اوتوا من التوراة { على مثله } اى مثل القرءآن من المعانى المنطوية فى التوراة المطابقة لما فى القرءآن من التوحيد والوعد والوعيد وغير ذلك فانها عين ما فيه فى الحقيقة كما يعرب عنه قوله تعالى { وانه لفى زبر الاولين } وقيل المثل صلة يعنى عليه اى وشهد شاهد على انه من عند اللّه { فآمن } الفاء للدلالة على انه سارع فى الايمان بالقرءآن لما علم انه من جنس الوحى الناطق بالحق وليس من كلام البشر { واستكبرتم } عطف على شهد شاهد وجواب الشرط محذوف والمعنى اخبرونى ان كان من عند اللّه وشهد على ذلك أعلم بنى اسرائيل فآمن به من غير تلعثم واستكبرتم عن الايمان به بعد هذه المرتبة من اضل منكم بقرينة قوله تعالى { قل ارأيتم ان كان من عند اللّه ثم كفرتم به من اضل ممن هو فى شقاق بعيد } { ان اللّه لا يهدى القوم الظالمين } الذين يضعون الجحد والانكار موضع الاقرار والتسليم وصفهم بالظلم للاشعار بعلية الحكم فان تركه تعالى لهدايتهم لظلمهم وعنادهم بعد وضوح البرهان وفيه اشارة الى انه لا عذر لهم بحال اذ عند وجود الشاهد على حقية الدعوى تبطل الخصومة وذلك الشاهد فى الآية عبد اللّه ابن سلام بن الحارث حبر أهل التوراة وكان اسمه الحصين فسماه رسول اللّه عبد اللّه رضى اللّه عنه لما سمع بمقدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة أتاه فنظر الى وجهه الكريم فعلم انه ليس بوجه كذاب وتأمله فتحقق انه النبى المنتظر فقال له انى اسألك عن ثلاث لا يعلمهن الا نبى ما اول اشراط الساعة وما اول طعام يأكله اهل الجنة والولد ينزع الى أبيه او الى امه فقال عليه السلام ( أما اول اشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق الى المغرب واما اول طعام أهل الجنة فزياده كبد الحوت وأما الولد فان سبق ماء الرجل نزعه وان سبق ماء المرأة نزعته ) فقال اشهد أنك رسول اللّه حقا فقام ثم قال يا رسول اللّه ان اليهود قوم بهت فان علموا باسلامى قبل ان تسألهم عنى بهتونى عندك فجاء اليهود وهم خمسون فقال لهم النبى عليه السلام ( اى رجل عبد اللّه فيكم ) قالوا خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا وأعلمنا وابن اعلمنا قال ( ارأيتم ان أسلم عبد اللّه ) قالوا اعاذه اللّه من ذلك فخرج اليهم عبد اللّه فقال أشهد أن لا اله اللّه واشهد أن محمدا رسول فقالوا شرنا وابن شرنا وانتقصوه قال هذا ما كنت اخاف يا رسول اللّه وأحذر قال سعد بن ابى وقاص رضى اللّه عنه ما سمعت رسول اللّه عليه السلام يقول لأحد يمشى على الارض انه من اهل الجنة الا لعبد اللّه بن سلام وفيه نزل وشهد شاهد الخ وقال مسروق رضى اللّه عنه واللّه ما نزلت فى عبد اللّه بن سلام فان آل حم نزلت بمكة وانما أسلم عبد اللّه بالمدينة وأجاب الكلبى بأن الآية مدينة وان كانت السورة مكية فوضعت فى السورة المكية على ما امر رسول اللّه عليه السلام وفى الآية اشارة الى التوفيق العام وهو التوفيق الى الايمان باللّه وبرسوله وما جاء به واما التوفيق الخاص فهو التوفيق الى العمل بالعلم المشروع الذى ندبك الشارع الى الاشتغال بتحصيله سواء كان العمل فرضا ام تطوعا وغاية العمل والمجاهدات والريات تصفية القلب والتخلق بالاخلاق الالهية والوصول الى العلوم الذوقية فالايمان باللّه وبالانبياء والاولياء أصل الاصول كما ان الانكار والاستكبار سبب الحرمان والخذلان فان أقل عقوبة المنكر على الصالحين ان يحرم بركتهم قال ابو تراب النخشبى قدس سره اذا ألف القلب الاعراض عن اللّه صحبته الوقيعة جون خدا خواهدكه برده كس درد ميلش اندر طعنه باكان برد وقال الشيخ العارف شاه شجاع الكرمانى قدس سره ما تعبد متعبد بأكبر من التحبب الى أولياء اللّه تعالى لان محبة اولياء اللّه دليل على محبة اللّه واللّه لا يهدى من يشاء الى مقام المحبة والرضى ولا يهدى الظالمين المعاندين لانهم من اهل سوء القضاء ١١ { وقال الذين كفروا } اى كفار مكة من كمال استكبارهم { للذين آمنوا } اى لاجلهم فليس الكلام على المواجهة والخطاب حتى يقال ما سبقونا { لو كان } اى ما جاء به محمد عليه السلام من القرءآن والدين { خيرا } حقا { ما سبقونا اليه } فان معالى الامور لا ينالها ايدى الارذال وهم سقاط عامتهم فقرآء وموالى ورعاة وبالفارسية بيشى نكر فتندى برماومسارعت نكردندى بسوى آن دين ادانى قبائل وفقراء ثاس بلكه مادران سابق بودمى جه رتيه مازان بزركترو بزركى وشهرت ما بيشتر قالوه زعما منهم ان الرياسة الدينية مما ينال بأسباب دنيوية وزل عنهم انها منوطة بكمالات نفسانية وملكات روحانية مبناها الاعراض عن زخارف الدنيا الدنية والاقبال على الآخرة بالكلية وان من فاز بها فقد حازها بحذافيرها ومن حرمها فماله منها من خلاق يقول الفقير الاولى فى مثل هذا المقام ان يقال ان الرياسة الدينية فضل اللّه تعالى يؤتيه من يشاء بغير علل واسباب فان القابلية ايضا اعطاء من اللّه تعالى { واذ لم يهتدوا به } ظرف لمحذوف يدل عليه ما قبله ويترتب عليه ما بعده لا لقوله فسيقولون فانه للاستقبال واذ للمضى اى واذ لم يهتدوا بالقرءآن كما اهتدى به أهل الايمان قالوا ما قالوا { فسيقولون } غير مكتفين بنفى خيريته { هذا } القرءآن { افك قديم } كما قالوا اساطير الاولين وبالفارسية اين دروغ كهنه است يعنى بيشينيان نيز مثل اين كفته اند فقد جهلوا بلب القرءآن وعادوه لان الناس اعداء ما جهلوا توز قرآن اى بسر ظاهر مبين ديو آدم رانبيند جزكه طين ظاهر قرآن جو شخص آدميست كه نقوشش ظاهر وجانش خفيست ومن كان مريضا مر الفم يجد الماء الزلال مرا فلا ينبغى لاحد ان يستهين بشئ من الحق اذا لم يهتد عقله به ولم يدركه فهمه فان ذلك من محض الضلالة والجهالة بل ينبغى ان يطلب الاهتدآء من الهادى ويجد فيه قال بعض الكبار قولهم لو كان خيرا ما سبقونا اليه نوع من أنواع مكر النفس ليتوهم برآءة ذمتها من انكار الحق والتمادى فى الباطل واذا لم يهتدوا بما ليس من مشاربهم وما هم من أهل ذوق الايمان بالقرءآن وبالمواهب الربانية فسيقولون هذا افك قديم وعن بعض الفقهاء انه قال لو عاينت خارق عادة على يدى احد لقلت انه طرأ فساد فى دماغى فانظر ما أكثف حجاب هذا وما اشد انكاره وجهله ( قال المولى الجامى ) كلى كه بهر كليم ازدرخت طول شكفت توقع ازخس وخاشاك ميكنى حاشاك وقال مسكين فقيه ميكند انكار حسن دوست باوبكوكه ديده جانرا جلى كند ١٢ { ومن قبله } اى من قبل القرءآن وهو خبر لقوله تعالى { كتاب موسى } رد لقولهم هذا افك قديم وابطال له فان كونه مصدقا لكتاب موسى مقرر لحقيته قطعا يعنى كيف يصح هذا القول منهم وقد سلموا لأهل كتاب موسى انهم من أهل العلم وجعلوهم حكما يرجعون لقوله فى هذا النبى وهذا القرءآن مصدق له اوله ولسائر الكتب الالهية { اماما } حال من كتاب موسى اى اماما يقتدى به فى دين اللّه { ورحمة } لمن آمن به وعمل بموجبه { وهذا } الذى يقولون فى حقه ما يقولون { كتاب } عظيم الشان { مصدق } اى لكتاب موسى الذى هو امام ورحمة او لما بين يديه من جميع الكتب الالهية { لسانا عربيا } حال من ضمير كتاب فى مصدق اى ملفوظا به على لسان العرب لكون القوم عربا { لينذر الذين ظلموا } متعلق بمصدق وفيه ضمير الكتاب او اللّه او الرسول { وبشرى للمحسنين } فى حيز النصب عطفا على محل لينذر لانه مفعول له اى للانذار والتبشير ومن الظالمين اليهود والنصارى فانهم قالوا عزير ابن اللّه والمسيح ابن اللّه وغيروا ذكر محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ونعمته فى التوراة والانجيل وحرفوا الكلم عن مواضعه فكان عليه السلام نذيرا لهم وبشيرا للذين آمنوا بجميع الانبياء والكتب المنزلة وهدوا الى الصراط المستقيم وثبتوا على الدين القويم اما الانذار فبالنار وبالفراق الابدى واما التبشير فبالجنة وبالوصل السرمدى ولذا قال للمحسنين فان الاحسان عبادة اللّه بطريق المشاهدة واذا حصل الشهود حصل الوصل وبالعكس نسأل اللّه من فضله يكىرا از صالحان برادرى وفات كرده بود اورا درخواب ديد وبرسيدكه حق تعالى باتوجه كرد كفت مرادربهشت آورده است ميخورم ومى آشامم ونكاح ميكنم كفت ازين معنى نمى برسم ديدار بروردكار ديدى يانه كفت نى كسى كه أنجا اورا نشناخته است اينجا اورانمى بيندآن عزيز جون بيدار شد بر بهيمه خود سوار شد وبيش شيخ اكبر قدس سره الاطهر آمد دراشبيليه واين خواب را باز كفت وملازمت خدمت او كردتا آن مقداركه ممكن بود ازطريق كشف وشهود نه ازطريق دليل أهل نظر حق تعالى را شناخت وبعدازان بمقام خود باز كشت سيد شريف جرجانى ميكفته كه تامن بصحبت شيخ زين الدين كلاله كه از مشايخ شيراز است نرسيدم ازرفض نرستم وتا بصحبت خواجه علاء الدين عطاء نيبوستم خدايرا نشناختم فعلى العاقل ان يجتهد فى طريق الحق حتى يستعد بسعادة الشهود ويكون من أهل البشرى وعلى هذا جرى العلماء المخلصون وعباد اللّه الصالحون ١٣ { ان الذين قالو ربنا اللّه ثم استقاموا } اى جمعوا بين التوحيد الذى هو خلاصة العلم والاستقامة فى امور الدين التى هى منتهى العمل وثم للدلالة على تراخى رتبة العمل وتوقف الاهتدآء به على التوحيد قال ابن طاهر استقاموا على ما سبق منهم من الاقرار بالتوحيد فلم يروا سواه منعما ولم يشكروا سواه فى حال ولم يرجعوا الى غيره وثبتوا معه على منهاج الاستقامة { فلا خوف عليهم } من لحوق مكروه { ولا هم يحزنون } من فوات محبوب والمراد بيان دوام نفى الحزن ١٤ { اولئك } الموصوفون بما ذكر من الوصفين الجليلين { اصحاب الجنة } ملازموها { خالدين فيها } حال من المستكن فى اصحاب { جزآء } منصوب اما بعامل مقدر اى يجزون جزآء او بمعنى ما تقدم فان قوله تعالى اولئك اصحاب الجنة فى معنى جازيناهم { بما كانوا يعملون } من الحسنات العلمية والعملية وفى التأويلات النجمية يشير الى انهم قالوا ربنا اللّه من بعد استقامة الايمان فى قلوبهم ثم استقاموا بجوارحهم على اركان الشريعة وباخلاق نفوسهم على آداب الطريقة بالتزكية وباوصاف القلوب على التصفية وبتوجه الارواح على التحلية بالتخلق باخلاق الحق فقالو ربنا لله باستقامة الايمان ثم استقاموا بالنفوس على ادآء الاركان وبالقلوب على الايقان وبالاسرار على العرفان وبالارواح على الاحسان وبالاخفاء على العيان وبالحق تعالى على الفناء من انانيتهم والبقاء بهويته فلا خوف عليهم بالانقطاع ولا هم يحزنون على ما فات لهم من حظ الدارين اولئك اصحاب جنة الوحدة باقين فيها آمنين من الاثنينية جزآء بما كانوا يعملون فى استقامة الاعمال مع الاقوال ( قال الشيخ سعدى ) كرهمه علم عالمت باشد بى عمل مدعى وكذابى وقال بعضهم ( ع ) كرامت نيابى مكر زاستقامت قال بعض الكبار كلما قرب العبد من الكمال اشتد عليه التكليف وعادت عليه البركات بالتعريف حتى يستغفر له الاملاك والافلاك والسموات والارضون والحيتان فى بحارها والوحش فى قفارها والاوراق فى اشجارها ولذلك قيل ويل للجاهل ان لم يتعلم مرة وويل للعالم ان لم يعمل الفا قال عليه السلام ( فرض على قيام الليل ولم يفرض عليكم ) ففيه تشديد الطاعة عليه من حيث اكمليته فلا بد من العبودية والاستقامة عليها بيرابو على سيادة قدس سره كفت اكر تراكويند بهشت خواهى ياد وركعت نماز نكر تابهشت اختيار نكنى دو ركعت نماز اختياركن زيراكه بهشت نصيب تواست ونماز حق اوجل جلاله وهركجا نصيب تودرميان آمد اكرجه كرامت بود روا باشدكه كمين كاه مكرا كردد وكزارد حق اوبى غائله ومكراست موسى عليه السلام جون بنزديك حضر عليه السلام آمد دوبار بروى اعتراض كرديكى در حق آن غلام ديكر از جهت شكستن كشتى جون نصيب خود درميان نبود خضر صبر ميكرد امادر سوم حالت جون نصيب خود بيدا آمدكه لو شئت لاتخذت عليه اجرا خضر كفت مارابا توروى صحبت نماند هذا فراق بينى وبينك بس حذركن كه جيزى ازاغراض نفسانى وزينت دنيا باعبادت آميخته كنى جمعى از ابدال درهوامى رفتند ممر ايشان برمر غزارى سبزه وخرم افتاد وجشمه آب صافى يكى ازيشان را بخاطر كذشت وتمناى آن كردكه ازان جشمه وضو سازدودران روضه نماز كزارد فى الحال ازميان آن جماعت بزمين افتاد وديكران اورار هاكردند ورفتند واو از مرتبه خود بازماند باين مقدار وبدانكه ابن سرى بغات عجيب است ومعنى دقيق وحق تعالى تراباين حكايت بندداد اكرفهم كنى فالعبودية ترك التدبير وشهود التقدير وباقى ما يتعلق بالآية سبق فى نظيرها فى حم السجدة نسأل اللّه سبحانه ان يجعلنا من ارباب الاستقامة ومن اصحاب دار المقامة انه ذو الفضل والعطاء فى الاولى والآخرة ١٥ { ووصينا الانسان } عهدنا اليه وامرناه بأن يحسن { بوالديه احسانا } فحذف الفعل واقتصر على المصدر دالا عليه { حملته امه } الام باز آءالاب وهى الوالدة القريبة التى ولدته والوالدة البعيدة التى ولدت من ولدته ولهذا قيل لحوآء عليها السلام هى امنا وان كان بيننا وبينها وسائط ويقال لكل ما كان اصلا لوجود الشئ او تربيته او اصلاحه او مبدأه ام { كرها } حال من فاعل حملته اى حال كونها ذات كره وهو المشقة والصعوبة يريد حالة ثقل الحمل فى بطنها لا فى ابتدآئها فان ذلك لا يكون فيه مشقة او حملته حملا ذا كره وكذا قوله { ووضعته } اى ولدته { كرها } وهى شدة الطلق وفى الحديث ( اشتدى ازمة تنفرجى ) قال عليه السلام لامرأة مسماة بازمة حين اخذها الطلق اى تصبرى يا ازمة حتى تتفرجى عن قريب بالوضع كذا فى المقاصد الحسنة { وحمله } اى مدة حمله فى البطن { وفصاله } وهو الفطام اى قطع الولد عن اللبن والمراد به الرضاع التام المنتهى به فيكون مجازا مرسلا عن الرضاع التام بعلاقة ان احدهما بغاية الآخرة ومنتهاه كما اراد بالامد المدة من قال كل حى مستكمل مدة العمر ومردى اذا انتهى امده ... اى هالك اذا انتهت مدة عمره ونظيره التعبير عن المسافة بالغاية فى قولهم من لابتدآء الغاية والى لانتهاء الغاية { ثلاثون شهرا } تمضى عليها بمقاساة الشدآئد لاجله والشهر مدة معروفة مشهورة باهلال الهلال او باعتبار جزء من اثنى عشر جزأ من دوران الشمش من نقطة الى تلك النقطة سمى به لشهرنه وهذا دليل على ان أقل مدة الحمل ستة اشهر لما انه اذا حط منها للفصال حولان لقوله تعالى { حولين كاملين لمن اراد ان يتم الرضاعة } يبقى للحمل ذلك وبه قال الاطباء وفى الفقه مدة الرضاع ثلاثون شهرا عند ابى حنيفة وسنتان عند الامامين وهذا الخلاف فى حرمة الرضاع اما استحقاق اجر الرضاع فمقدر بحولين لهما قوله تعالى { والوالدات يرضعن اولادهن حولين كاملين } وله قوله تعالى { وحمله وفصاله ثلاثون شهرا } ذكر شيئين وهما الحمل والفصال وضرب لهما مدة ثلثين شهرا وكان لكل واحد منهما بكمالها كلاجل المضروب لدينين لكن مدة الحمل انتقصت بالدليل وهو قول عائشة رضى اللّه عنها الولد لا يبقى فى بطن امه اكثر من سنتين ولو بقدر ظل مغزل والظاهر انها قالته سماعا لان المقادير لا يهتدى اليها بالرأى فبقى مدة الفصال على ظاهرها ويحمل قوله تعالى { يرضعن اولادهن حولين } على مدة استحقاق اجرة الرضاع حتى لا يجب نفقة الارضاع على الاب بعد الحولين والمراد السنة القمرية على ما افادته الآية كما قال شهرا لا الشمسية وقال فى عين المعانى أقل مدة الحمل ستة اشهر فبقى سنتان للرضاع وبه قال ابو يوسف ومحمد وقال ابو حنيفة المراد منه الحمل على اليد لو حمل على حمل البطن كان بيان الاقل مع الاكثر انتهى قبل ولعل تعيين أقل مدة الحمل واكثر مدة الرضاع اى فى الآية لانضباطهما وتحقق ارتباط النسب والرضاع بهما فان من ولدت لستة اشهر من وقت التزوج بثبت نسب ولدها كما وقع فى زمان على كرم اللّه وجهه فحكم بالولد على ابيه فلو جاءت بولد لأقل من ستة لم يلزم الولد للزوج ويفرق بينهما ومن مص ثدى امرأة فى اثناء حولين من مدة ولادته تكون المرضعة اما له ويكون زوجها الذى لبنها منه ابا له قال فى الحقائق الفتوى فى مدة الرضاع على قولهما وفى فتح الرحمن اتفق الأئمة على ان مدة الحمل ستة اشهر واختلفوا فى اكثر مدته فقال ابو حنيفة سنتان والمشهور عن مالك خمس سنين وروى عنه اربع وسبع وعند الشافعى واحمد اربع سنين وغالبها تسعة اشهر انتهى وفى انسان العيون ذكر ان مالكا رضى اللّه عنه مكث فى بطن امه صنتين وكذا الضحاك بن مزاحم التابعى وفى محاضرات السيوطى ان مالكا مكث فى بطن امه ثلاث سنين واخبر سيدنا مالك ان جارة له ولدت ثلاثة اولاد فى اثنتى عشرة سنة تحمل اربع سنين { حتى اذا بلغ اشده } غاية لمحذوف اى اخذ ما وصيناه به حتى اذا بلغ وقت اشده بحذف المضاف وبلوغ الاشد ان يكتهل ويستوفى السن الذى تستحكم فيه قوته وعقله ورأيه وأقله ثلاث وثلاثون واكثره اربعون { وبلغ اربعين سنة } اى تمام الاربعين بحذف المضاف قيل لم يبعث نبى قبل اربعين وهو ضعيف جدا يدل على ضعفه ان عيسى ويحيى عليهما السلام بعثا قبل الاربعين كما فى بحر العلوم وجوابه انه من اقامه الاكثر الاغلب مقام الكل كما فى حواشى سعد المفتى قال ابن الجوزى قوله ما من نبى نبئ الا بعد الاربعين موضوع لان عيسى نبئ ورفع الى السماء وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة فاشتراط الاربعين فى حق الانبياء ليس بشئ انتهى وكذا نبئ يوسف عليه السلام وهو ابن ثمانى عشرة سنة كما فى التفاسير وقس على النبوة الولاية وقوة الايمان والاسلام { قال رب } كفت بروردكار من { اوزعنى } اى الهمنى وبالفارسية الهام ده مرا وتوفيق بخش واصله الاغرآء بالشئ من قولهم فلان موزع بكذا اى مغرى به وقال الراغب وتحقيقه اولعنى بذلك والايلاع سخت حريص شدن او اجعلنى بحيث ازع نفسى عن الكفران اى اكفها { أن أشكر } تاشكر كنم { نعمتك التى انعمت على وعلى والدى } اى نعمة الدين والاسلام فانها النعمة الكاملة او ما يعمها وغيرها وجمع بين شكرى النعمة عليه وعلى والديه لان النعمة عليهما نعمة عليه { وان أعمل صالحا ترضاه } اى تقبله وهى الفرآئض الخمس وغيرها من الطاعات والتنوين للتفخيم والتنكير وقال بعضهم العمل الصالح المقرون بالرضى بذل النس لله والخروج مما سوى اللّه الى مشاهدة اللّه وفيه اشارة الى انه لا يمكن للعبد ان يعمل عملا يرضى به ربه الا بتوفيقه وارشاده { واصلح لى فى ذريتى } ذرأ الشئ كثر ومنه الذرية لنسل الثقلين كما فى القاموس اى واجعل الصلاح ساريا فى ذريتى راسخا فيهم ولذا استعمل بفى والا فهو يتعدى بنفسه كما فى قوله { وأصلحنا له زوجه } قال سهل اجعلهم لى خلف صدق ولك عبيدا حقا وقال محمد ابن على لا تجعل للشيطان والنفس والهوى عليهم سبيلا وفيه اشارة الى ان صلاحية الآباء تورث صلاحية الابناء ( قال الكاشفى ) اكثر مفسران برانندكه اين آيت خاص است بابى بكر الصديق رضى اللّه عندكه شش ماه درشكم مادر بوده ودوسال تمام شيرخورده وهجده سال بملازمت حضرت بيغمبر عليه السلام رسيد وآن حضرت بيست ساله بود ودرسفر وحضر رقيق وقرين وى بود وجون سال مبارك آن حضرت رسالتبناه بجهل رسيد مبعوث كشت وصديق سى وهشت ساله بودبوى ايمان آورد جون جهل ساله شد كفت رب أوزعنى الخ فأجاب اللّه تعالى عاءه قأعتق تسعة من المؤمنين يعذبون فى اللّه منهم بلال الحبشى بن رباح غلامى بود دربنى مذحج مولد ايشان وعامر بن فهيره ازقبيله ازبود مولد ايشان بولم برد شيأ من الخير الا اعانه اللّه عليه ولم يكن له ولد الا آمنوا جميعا ودخترش عائشة رضى اللّه عنها بشرف فراش حضرت أشرف رسل مشرف شد وبسرش عبد الرحمن مسلمان كشت وبسر عبد الرحمن ابو عتيق محمد نبز مسلمان كشت وبدولت خدمت حضرت بيغمبر سرافرازى يافت وادرك ابوه ابو قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم وامه ام الخير سلمى بنت صخر بن عمرو بن كعب بن سعد رسول اللّه عليه السلام وآمنا به ولم يكن ذلك لاحد من الصحابة رضى اللّه عنهم وسى قبائل نيزاز أولاد صديق درعالم هستند اغلب ايشان بشرف علم وصلاح آراسته { انى تبت اليك } عما لا ترضاه او عما يشغلنى عن ذكرك { وانى من المسلمين } الذين اخلصوا لك انفسهم ١٦ { اولئك } اشارة الى الانسان والجمع لان المراد به الجنس المتصف بالوصف المحكى عنه اى اولئك المنعوتون بما ذكر من النعوت الجليلة { الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا } من الطاعات واجبة او مندوبة فان المباحات حسن لا يثاب عليها وفى ترجمة الفتوحات وهر حركت كه كنى بايدكه بنيت قربت بحق تعالى باشد وا كرجه اين حركت در امرى مباح باشد نيت قربت كن بحق تعالى ازين جهت كه تواعتقاد دارى كه آن مباحست واكر مباح نمى بوبدان مشغول نمى شدى بدين نيت دران امرمباح مستحق ثواب شوى يقول الفقير عندى وجه آخر فى الآية وهو أن اضافة احسن من اضافة الصفة الى موصوفها كما فى قوله سيئات ما عملوا والتقدير اعمالهم الحسنى ولا يلزم منه ان لا يتقبل منهم الاعمال الحسنة بل يكون فيه اشارة الى ان كل اعمالهم احسن عند اللّه تعالى بموجب فضله { ونتجاوز عن سيئاتهم } اى ما فعلوا قبل التوبة ولا يعاقبون عليها قال الحسن من يعمل سوأ يجز به انما ذلك من اراد اللّه هوانه واما من اراد كرامته فانه يتجاوز عن سيئاته { فى اصحاب الجنة } اى حال كونهم كائنين فى عداد اصحاب الجنة منتظمين فى سلكهم { وعد الصدق } مصدر مؤكد لما ان قوله تعالى نتقبل ونتجاوز وعد من اللّه لهم بالتفضل والتجاوز { الذى كانوا يوعدون } فى الدنيا على السنة الرسل قال الشيخ نجم الدين قدس سره فى تأويلاته فى الآية اشارة الى رعاية حق الوالدين على جهة الاحترام لما عليه لهما من حق التربية والانعام ليعلم ان رعاية حق الحق تعالى على جهته التعظيم لما عليه له من حق الربوبية وانعام الوجود أحق وأولى وقال بعضهم دلت الآية على ان حق الام اعظم لانه تعالى ذكر الابوين معا ثم خص الام بالذكر وبين كثرة مشقتها بسبب الولد زمان حملها ووضعها وارضاعها مع جميع ما تكابده فى اثناء ذلك قال فى فتح الرحمن عدد تعالى على الابناء منن الامهات وذكر الأم فى هذه الآيات فى اربع مراتب والأب فى واحدة جمعهما الذكر فى قوله بوالديه ثم ذكر الحمل للام ثم الوضع لها ثم الرضاع الذى عبر عنه بالفصال فهذ يناسب ما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حين جعل للأم ثلاثة ارباع البر والربع للأب وذلك اذ قال له رجل يا رسول اللّه من ابر قال ( امك ) ثم قال ثم من قال ( امك ) ثم قال ثم من قال ( امك ) ثم قال ثم من قال ( ثم أباك ) قال بعض الاولياء وهو ابراهيم الخواص قدس سره كنت فى تيه بنى اسرائيل فاذا رجل يماشينى فتعجبت منه والهمت انه الخضر عليه السلام فقلت له بحق الحق من انت قال اخوك الخضر فقلت له اريد أن اسالك قال سل قلت ما تقول فى الشافعى قال هو من الاوتاد اى من الاوتاد الاربعة المحفوظ بهم الجهات الاربع من الجنوب والشمال والشرق والغرب قلت فما تقول فى احمد بن حنبل امام السنة قال هو رجل صديق قلت فما تقول فى بشر ابن الحارث قال رجل لم يخلف بعده مثله يعنى ازبس اومثل اونبود قتلت فبأى وسيلة رأيتك قال ببرك امك قال الم اليافعى ( حكى ) ان اللّه سبحانه أوحى الى سليمان بن داود عليهما السلام ان اخرج الى ساحل البحر تبصر عجبا فخرج سليمان ومن معه من الجن والانس فلما وصل الى الساحل التفت يمينا وشمالا فلم ير شيأ فقال لعفريت غص فى هذا البحر ثم ائتنى بعلم ما تجد فيه فغاص فيه ثم رجع بعد ساعة وقال يا نبى اللّه انى ذهبت فى هذا البحر مسيرة كذا وكذا فلم اصل الى قعره ولا أبصرت فيه شيأ فقال لعفريت آخر غص فى هذا البحر وائتنى بعلم ما تجد فيه فغاص ثم رجع بعد ساعة وقال مثل قول الاول الا انه غاص مثل الاول مرتين فقال لآصف ابن بر خيا وهو وزيره الذى ذكره اللّه تعالى فى القرءآن بقوله حكاية عنه { قال الذى عنده علم من الكتاب } ائتنى بعلم ما فى هذا البحر فجاءه بقبة من الكافور الابيض لها اربعة ابواب باب من در وباب من جوهر وباب من زبرجد أخضر وباب من ياقوت احمر والابواب كلها مفتحة ولا يقطر فيها قطرة من الماء وهى فى داخل البحر فى مكان عميق مثل مسيرة ما غاص فيه العفريت الاول ثلاث مرات فوضعها بين يدى سليمان عليه السلام واذا فى وسطها شاب حسن الشباب نقى الثياب وهو قائم يصلى فدخل سليمان القبة وسلم على ذلك الشاب وقال له ما انزلك فى قعر هذا البحر فقال يا نبى اللّه انه كان ابى رجلا مقعدا وكانت امى عمياء فأقت فى خدمتهما سبعين سنة فلما حضرت وفاة امى قالت اللّه اطل حياة ابنى فى طاعتك فلما حضرت وفاة ابى قال اللهم استخدم ولدى فى مكان لا يكون للشيطان عليه سبيل فخرجت الى هذا الساحل بعدما دفتنهما فنظرت هذه القبة موضوعة فدخلتها لانظر حسنها فجاء ملك من الملائكة فاحتمل القبة وانا فيها وانزلنى فى قعر هذا البحر قال سليمان ففى اى زمان كنت اتيت هذا الساحل قال فى زمن ابراهيم الخليل عليه السلام فنظر سليمان فى التاريخ فاذا له ألفا سنة واربعمائة سنة وهو شاب لا شيبة فيه قال فما كان طعامك وشرابك فى داخل هذا البحر قال يا نبى اللّه يأتينى كل يوم طير اخضر فى منقاره شئ اصفر مثل رأس الانسان فآكله فأجد فيه طعم كل نعيم فى دار الدنيا فيذهب عنى الجوع والعطش والحر والبرد والنوم والنعاس والفترة والوحشة فقال سليمان اتقف معنا ام نردك الى موضعك فقال ردنى يا نبى اللّه فقال رده يا آصف فرده ثم التفت فقال انظروا كيف استجاب اللّه دعاء الوالدين فأحذركم عقوق الوالدين رحمكم اللّه قال الامام السخاوى عن ابن عمر رضى اللّه عنه رفعه انى سألت اللّه ان لا يقبل دعاء حبيب على حبيبه ولكن قد صح ان دعاء الوالد على ولده لا يرد فيجمع بينهما وجاء رجل الى النبى عليه السلام ليستشيره فى الغزو فقال ( ألك والدة ) قال نعم قال ( فالزمها فان الجنة تحت قدميها ) جنت كه سراى مادرانست زير قدمات مادرانست روزى بكن اى خداى مارا جيزى كه رضاى مادرانست ومنه الاعانة والتوفيق للخدمة المرضية بالنفوس الطبية الراضية ١٧ { والذى } مبتدأ خبره قوله اولئك لان المراد به اى بالموصول الجنس { قال لوالديه } عند دعوتهما له الى الايمان ويدخل فيه كل عبد سوء عاق لوالديه فاجر لربه { اف لكما } كراهيت وننك مرشمارا وهو صوت يصدر عن المرء عند تضجره وكراهيته واللام لبيان المؤفف له كما فى هيث لك اى هذا التأفيف لكما خاصة وقال الراغب اصل الأف كل مستقذر من وسخ وقلامة ظفر وما يجرى مجراهما ويقال ذلك لكل مستخف به استقذارا له { أتعداننى } آيا وعدمى دهيدمرا { ان اخرج } ابعث من القبر بعد الموت { وقد خلت القرون من قبلى } اى وقد خلت امة بعد امة من قبلى ولم يبعث منهم احد ولم يرجع والقرن القوم المقترنون فى زمن واحد والخلو المضى { وهما يستغيثان اللّه } ويسألانه ان يغيثه ويوفقه للايمان { ويلك } اى قائلين له ويلك ومعناه بالفارسية واى برتو وهو فى الاصل دعاء عليه بالهلاك اريد به الحث والتحريض على الايمان لا حقيقة الهلاك وانتصابه على المصدر بفعل مقدر بمعناه لا من لفظه وهو من المصادر التى لم تستعمل افعالها وقيل هو مفعول به اى الزمك اللّه ويلك { آمن } اى صدق بالبعث والاخراج من الارض { ان وعد اللّه } اى موعوده وهو البعث اضافة اليه تحقيقا للحق وتنبيها على خطاه فى اسناد الوعد اليهما { حق } كائن لا محالة لان الخلف فى الوعد نقص يجب تنزيه اللّه عنه { فيقول } مكذبا لهما { ما هذا } الذى تسميانه وعد اللّه { الا اساطير الاولين } اباطيلهم التى يسطرونها فى الكتب من غير ان يكون لها حقيقة كأحاديث رستم ويهرام واسفنديار ١٨ { اولئك } القائلون هذه المقالات الباطلة { الذين حق عليهم القول } وهو قوله تعالى لابليس { لاملان جهنم منك وممن تبعك منهم اجمعين } كما ينبئ عنه قوله تعالى { فى امم } حال من اغجرور فى عداد أمم { قد خلت من قبلهم من الجن والانس } بيان للامم { انهم } جميعا اى هم والامم { كانوا خاسرين } قد ضيعوا فطرتهم الاصلية الجارية مجرى رؤس اموالهم باتباع الشيطان والجملة تعليل للحكم بطريق الاستئناف التحقيقى ١٩ { ولكل } من الفريقين المذكورين { درجات مما عملوا } مراتب من اجزية ما عملوا من الخير والشر فمن نعت للدرجات ويجوز ان تكون بيانية وما موصولة او من أجل اعمالهم فما مصدرية ومن متعلق بقوله لكل والدرجات عالية فى مراتب المثوبة وايرادها هنا بطريق التغليب { وليوفيهم اعمالهم } وليعطيهم اجزية اعمالهم وافية تامة من وفاه حقه اذا اعطاه اياه وافيا تاما { وهم لا يظلمون } بنقص ثواب الاولين وزيادة عقاب الآخرين واللام متعلقة بمحذوف مؤخر كأنه قيل وليوفيهم اعمالهم ولا يظلمهم حقوقهم فعل ما فعل من تقدير الاجزية على مقادير اعمالهم فجعل الثواب درجات والعقاب دركات وفى الآية ذم لمن اتصف فى حق الوالدين فى التأفيف وفى ذلك تنبيه على ما ورآءه من التعنيف فحكم ان صاحبه من أهل الخسران والخسران نقصان فى الايمان فكيف بمن خالف مولاه وبالعصيان آذاه وفى الحديث ( أن الجنة يوجد ريحها من مسيرة خمسمائة عام ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم ) وقيل لما دخل يعقوب على يوسف عليهما السلام لم يقم له فأوحى اللّه اليه أتتعاظم ان تقوم لابيك وعزتى لا اخرجت من صلبك نبيا كما فى الاحياء قيل اذا تعذر مراعاة حق الوالدين جميعا بان يتأذى احدهما بمراعاة الآخر يرجح حق الاب فيما يرجع الى التعظيم والاحترام لان النسب منه ويرجح حق الام فيما يرجع الى الخدمة والانعام حتى لو دخلا عليه يقوم للاب ولو سألا منه شيأ يبدأ فى الاعطاء بالام كما فى منبع الآداب قال الامام الغزالى اكثر العلماء على ان طاعة الابوين واجبة فى لشبهات ولم تجب فى الحرام المحض حتى اذا كانا ينتقصان بانفرادك عنهما بالطعام فعليك ان تأكل معهما لان ترك الشبهة ورع ورضى الوالدين حتم وكذلك ليس لك ان تسافر فى مباح او نافلة الا باذنهما والمبادرة الى الحد الذى هو فرض الاسلام نفل لانه على التأخير والخروج لطلب العلم نفل الا اذا كان خروجك لطلب علم افرض من الصلاة والصوم ولم يكن فى بلدك من يعلمك وذلك كمن يسلم ابتداء فى بلد ليس فيه من يعلمه شرع الاسلام فعليه الهجرة ولا يتقيد بحق الوالدين ويثبت بولاية الحسبة للولد على الوالد والعبد على السيد والزوجة على الزوج والتلميذ على الاستاذ والرعية على الوالى لكن بالتعريف ثم الوعظ والنصح باللطف لا بالسب والتعنيف والتهديد ولا بمباشرة الضرب ويجب عل الابوين ان لا يحملا الولد على العقوق بسوء المعاملة والجفاء ويعيناه على البر قال عليه السلام ( رحم اللّه والدا اعان ولده على البر ) أى لم يحمله على العقوق بسوء عمله قال الحسن البصرى من عقل الرجل ان لا يتزوج وابواه فى الحياة انتهى فانه ربما لا يرضى احدهما عنه بسبب زوجته فيقع فى الاثم ( قال الحافظ ) هيج رحمى نه برادر به برادر دارد هيج شوقى نه بدر را به بسر مىبينم دخترا نرا همه جنكست وجدل بامادر بسرا نرا همه بدخواه بدر مى بينم وفى الحديث ( حق كبير الاخوة على صغيرهم كحق الوالدين على ولدهما ومن مات والداه وهو لهما غير بار فليستغفر لهما ويتصدق لهما حتى يكتب بارا لوالديه ومن دعا لابويه فى كل يوم خمس مرات فقد ادى حقهما ومن زار قبر ابويه او احدهما فى كل جمعة كتب بارا ) كما فى الحديث ( ودعاء الاحياء للاموات واستغفارهم هدايا لهم ) والموتى يعلمون بزوارهم عشية الجمعة ويوم الجمعة وليلة السبت الى طلوع الشمس لفضل يوم الجمعة وينوى بما يتصدق من ماله عن والديه اذا كانا مسلمين فانه لا ينقص من اجره شئ ويكون لهما مثل اجره وقال بعض الكبرآء يرمى الحجر فى الطريق عن يمينه مرة وينوى عن ابيه وبآخر عن يساره وينوى عن امه وكان يكظم غيظه يريد برهما ففيه دليل على ان جميع حسنات العبد يمكن ان تجعل من بر والديه اذا وجدت النية فعلى الولد أن يبرهما حيين وميتين ولكن لا يطيعهما فى الشرك والمعاصى جون نبود خويش را ديانت وتقوى قطع رحم بهتر از مودت قربى كما قال تعالى { وان جاهداك على ان تشرك بى ما ليس لك به علم فلا تعطهما } هزار خويش كه بيكانه از خدا باشد فداى يك تن بيكانه كاشنا باشد ٢٠ { ويوم يعرض الذين كفروا على النار } اى يعذبون بها فالعرض محمول على التعذيب مجازا من قولهم عرض الاسارى على السيف اى قتلوا والا فالمعروض عليه يجب ان يكون من أهل الشعور والاطلاع والنار ليست منه وقيل تعرض النار عليهم بأن يوقفوا بحيث تبدو لهم النار ومواقعهم فيها وذلك قبل ان يلقوا فيها فيكون من باب القلب مبالغة بادعاء كون النار مميزا ذا قهر وغلبة يقول الفقير لا حاجة عندى الى هذين التأويلين فان نار الآخرة لها شعور وادراك بدليل انها تقل هل من مزيد وتقول للمؤمنين جزيا مؤمن فان نورك اطفأ نارى وامثال ذلك وايضا لا بعد فى ان يكون عرضهم على النار باعتبار ملائكة العذاب فانهم حاضرون عندها باسباب العذاب وأهل النار ينظرون اليهم والى ما يعذبونهم به عياناً واللّه اعلم { أذهبتم طيباتكم } اى يقال لهم ذلك على التوبيخ وهو الناصب للظرف اى اليوم والمعنى اصبتم واخذتم ما كتب لكم من حظوظ الدنيا ولذآئذها وبالفارسية ببرديد وبخورديد جيزهاى لذيذ خود را { فى حياتكم الدنيا } در زندكانئ آن جهان خويش { واستمتعتم بها } فلم يبق لكم بعد ذلك شئ منها لان اضافة الطيبات تفيد العموم وبالفارسية وبرخوردارى يافتيد بآن لذىئذ يعنى استيفاى لذات كرديد وهيج براى آخرت نكذاشتيد قال سعدى المفتى قوله واستمتعتم بها كأنه عطف تفسيرى لاذهبتم { فاليوم تجزون عذاب الهون } اى الهوان والحقارة اى العذاب الذى فيه ذل وخزى { بما كنتم } فى الدنيا { تستكبرون فى الارض بغير الحق } بغير استحقاق لذلك وفيه اشارة الى ان الاستكبار اذا كان بحق كالاستكبار على الظلمة لا ينكر { وبما كنتم تفسقون } اى تخرجون من طاعة اللّه اى بسبب استكباركم وفسقكم المستمرين علل سبحانه ذلك العذاب بأمرين احدهما الاستكبار عن قبول الدين الحق والايمان بمحمد عليه السلام وهو ذنب القلب والثانى الفسق والمعصية بترك المأمورات وفعل المنهيات وهو ذنب الجوارح وقدم الاول على الثانى لان ذنب القلب أعظم تاثيرا من ذنب الجوارح ( قال الكاشفى ) تنبيه است مر طالبان تجات راكه قدم از اندازه شرع بيرون تنهند باى از حدود شرع برون مىنهى منه خود را اسير نفس وهواميكنى مكن وفى الآية اشارة الى ان للنفس طيبات من الدنيا الفانية وللروح طيبات من الآخرة الباقية فمن اشتغل باستيفاء طيبات نفسه فى الدنيا يحرم فى الآخرة من استيفاء طيبات روحه لان فى طلب استيفاء طيبات النفس فى الدنيا ابطال استعداد الروح فى استيفاء طيبات فى الآخرة موعودة وفى ترك استيفاء طيبات النفس فى الدنيا كمالية استعداد الروح فى استيفاء طيبات فى الآخرة موعودة فلهذا يقال لارباب النفوس فاليوم تجزون عذاب الهون بأنكم استكبرتم فى قبول دعوة الانبياء فى ترك شهوات النفس واستيفاء طيباتها لئلا تضيع طيبات ارواحكم وبما كنتم تخرجون من اوامر الحق ونواهيه ويقال للروح وارباب القلوب كلوا واشربوا هينئا بما اسلفتم فى الايام الخالية وبما كانت نفوسهم تاركة لشهواتها بتبعية الروح يقال لهم ولكم فيها ما تشهيه الانفس اى من نعيم الجنة فانها من طيباتها وتلذ الاعين وهو مشاهدة الجمال والجلال وهى طيبات الروح كذا فى التأويلات النجمية والآية منادية بأن استيفاء الحظ من الدنيا ولذاتها صفة من صفات أهل النار فعلى كل مؤمن ذى عقل وتمييز أن يجتنب ذلك اقتدآء بسيد الانبياء واصحابه الصالحين حيث آثروا اجتناب اللذت فى الدنيا رجاء ثواب الآخرة ( قال الصائب ) افتد هماى دولت اكر دركمندما از همت بلندر رها ميكنيم ما قال الواسطى من سره شئ من الالوان الفانية دق أو جل دخل تحت هذه الآية ( روى ) عن عمر رضى اللّه عنه انه دخل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو على سرير وقد اثر بجنبيه الشريط فبكى عمر فقال ( ما يبكيك يا عمر ) فقال ذكرت كسرى وقيصر وما كانا فيه من الدنيا وانت رسول رب العالمين قد أثر بجنبيك الشريط فقال عليه السلام ( اولئك قوم عجلت لهم طيباتهم فى حياتهم الدنيا ونحن قوم اخرت لنا طيباتنا فى الآخرة ) قالت عائشة رضى اللّه عنها ما شبع ل محمد من خبز الشعير يومين متتابعين حتى قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم واول بدعة حدثت بعده الشبع وقالت ايضا وقد كان يأتى علينا الشهر وما وقد فيه نارا وما هو الا الماء والتمر غير انه جزى اللّه عنا نساء الانصير خيرا كن ربما اهدين لنا شيأ من اللبن ( قال فى كشف الاسرار ) ملك زمين برسول اللّه عرض كردند واو بندكى اختيار كرد واز ملكى اعراض كرد وكفت اجوع يوما واشبع يوما قال جابر بن عبد اللّه رضى اللّه عنه رأى عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه لحما معلقا فى يدى فقال ما هذا يا جابر قلت اشتهيت لحما فاشتريته فقال عمر أو كل ما اشتهيت يا جابر اشتريت اما تخاف هذه الآية اذهبتم طيباتكم فى حياتكم الدنيا نفس را بدخوابناز ونعمت دنيامكن آب ونان سير كاهل ميكند ما منه رجل عليه ردآء اما اراراوكساء قد ربطوه فى اعناقهم فمنها ما يبلغ نصف الساقين ومنها ما يبلع الكعبين فيجمعه بيده كراهية ان ترى عورته وفى الحديث ( من قضى نهمته فى الدنيا حيل بينه وبين شهوته فى الآخرة ومن مد عينه الى زينة المترفين كان مهينا فى ملكوت السموات ومن صبر على الفوت الشديد اسكنه اللّه الفردوس حيث شاء ) ( قال الشيخ سعدى ) مبرورتن ار مردراى وهشى كه اورا جومى برورى مى كشى خور وخواب تنها طريق ددست بربن بودن آيين بابخر دست قناعت توانكر كند مردرا خبركن حريص جهان كردرا غدا كر لطيفست وكز سرسرى جوديرت ندست اوفتد خوش خورى كر آزاده برزيمن خسب وبس مكن نهر قالى زمين بوس كس مكن خانه برراه سيل اى غلام كه كس رانكشت اين همارت تمام ومن اللّه العون فى طريقه والوصول اليه بارشاده وتوفيقه ٢١ { واذكر اخا عاد } اى واذكر يا محمد لكفار مكة هودا عليه السلام ليعتبروا من حال قومه وبالفارسية وياد بن برادر عاد يعنى بيغمبرى كه از قبيله عاد بود قمعنا اخا عاد واحدا منهم فى النسب لا فى الدين كما قولهم يا اخا العرب وعاد هم ولد عاد بن عوص بن ارم بن سام بن نوح وهود هو ابن عبد اللّه ابن رباح بن الخلود بن عاد { اذ أنذر قومه } بدل اشتمال منه اى وقت انذاره اياه { بالاحقاف } بموضع يقال له الاحقاف وآن ريكتسانى بود نزديك حضرموت بولايت يمن جمع حقف وهو رمل مستطيل مرتفع فيه انحناء من احقوقف الشئ اذا اعوج وانما اخذ الحقف من احقوقف مع ان الامر ينبغى ان يكون بالعكس لان احقوقف اجلى معنى واكثر استعمالا فكانت له من هذه الجهة اصالة فادخلت عليه كلمة الابتدآء للتنبيه على هذا كما فى حواشى سعدى المفتى وعن بعضهم كانت عاد اصحاب عمد سيارة فى الربيع فاذا هاج العود رجعوا الى منازلهم وكانوا من قبيله ارم يسكنون بين رمال مشرفة على البحر بأرض يقال له الشحر من بلاد اليمن وهو بكسر الشين وسكون الحاء وقيل بفتح الشين ساحل البحر بين عمان وعدن وقيل يسكنون بين عمان ومهرة وعمان بالضم والتخفيف بلد باليمن واما الذى بالشام فهو عمان بالفتح والتشديد ومهرة موضع ينسب اليه الابل المهرية قال فى فتح الرحمن الصحيح من الاقوال ان بلاد عاد كانت فى اليمن ولهم كانت ارم ذات العماد والاحقاف جمع حقف وهو الجبل المستطيل المعود من الرمل وكثيرا ما تحدث هذه الاحقاف فى بلاد الرمل فى الصحارى لان الريح تصنع ذلك انتهى وعن على رضى اللّه عنه شر واد بين الناس وادى الاحقاف وواد بخضر موت يدعى برهوت تلقى فيه ارواح الكفار وخير واد وادى مكة وواد نزل به آدم بأرض الهند وقال خير بئر فى الناس بئر زمزم وشر بئر فى الناس بئر يرهوت كذا فى كشف الاسرار { وقد خلت النذر } اى الرسل جمع نذير بمعنى المنذر { من بين يديه } اى من قبله { ومن خلفه } اى من بعده والجملة اعتراض بين المفسر والمفسر او المتعلق والمتعلق مقرر لما قبله مؤكد لوجوب العمل بموجب الانذار وسط بين انذار قومه وبين قوله { ان لا تعبدوا الا اللّه } مسارعة الى ما ذكر من التقرير والتأكيد وايذانا باشتراكهم فى العبادة المحكية والمعنى واذكر لقومك انذار هود قومه عاقبة الشرك والعذاب العظيم وقد انذر من تقدمه من الرسل ومن تأخر عنه قومهم مثل ذلك فاذكرهم قال فى بحر العلوم ان مخففة من الثقيلة اى انه يعنى ان الشان والقصة لا تعبدوا الا اللّه او مفسرة بمعنى اى لا تعبدوا الا اللّه او مصدرية بحذف الباء تقدير بأن لا تعبدوا الا اللّه والنهى عن الشى انذار عن مضرته انتهى { انى اخاف عليكم عذاب يوم عظيم } اى هائل بسبب شرككم واعراضكم عن التوحيد واليوم العظيم يوم نزول العذاب عليهم فعظيم مجاز عن هائل لانه يلزم العظم ويجوز ان يكون من قبيل الاسناد الى الزمان مجازا وان يكون الجر على الجوار ٢٢ { قالوا اجئتنا لتأفكنا } اى تصرفنا من الافك بالفتح مصدر افكه يأفكه افكا قلبه وصرفه عن الشئ { عن آلهتنا } عن عبادتها الى دينك وهذا مما لا يكون { فائتنا بما تعدنا } من العذاب العظيم والباء للتعدية { ان كنت من الصادقين } فى وعدك بنزوله بنا ٢٣ { قال } اى هود { انما العلم } اى بوقت نزوله او العلم بجميع الاشياء التى من جملتها ذلك { عند اللّه } وحده لا علم لى بوقت نزوله ولا مدخل لى فى اتيانه وحلوله وانما علمه عند اللّه تعالى فيأتيكم به فى وقته المقدر له { وابلغكم ما ارسلت به } من مواجب الرسالة التى من جملتها بيان نزول العذاب ان لم تنتهوا عن الشرك من غير وقوف على وقت نزوله { ولكنى اراكم قوما تجهلون } حيث تقترحون على ما ليس من وظائف الرسل من الاتيان بالعذاب وتعيين وقته وفى التأويلات النجمية تجهلون الصواب من الخطأ والصلاح من الفساد حين ادلكم على الرشاد وفى الاية اشارة الى ان الاصنام ظاهرة وباطنة فالاصنام الظاهرة ظاهرة واما الاصنام الباطنة فهى النفس وهواها وشهواتها الدنيوية الفانية والنهى عنها مطلقا من وظائف الانبياء عليهم السلام لانهم بعثوا لاصلاح النفوس وتهييج الارواح الى الملك القدوس ويليهم ورثتهم وهم الاولياء الكرام قدس اللّه اسرارهم فهم بينوا ان عبادة الهوى تورث العذاب العظيم وعبادة اللّه تعالى تورث الثواب العظيم بل رؤية الوجه الكريم ولكن القوم من كمال شقاوتهم قابلونا بالرد والعناد وزادوا فى الضلال والفساد فحرموا من الثواب مع ما لحقهم من العذاب وهذا من كمال الجهالة اذ لو كان للمرء عقل تام ومعرفة كاملة لما تبع الهوى وعبد المولى قال بعضهم يجب عليك اولا ان تعرف المعبود ثم تعبده وكيف تعبد من لا تعرفه باسمائه وصفات ذاته وما يجب له وما يستحيل فى نعته فربما تعتقد شيأ فى صفاته يخالف الحق فتكون عبادتك هباء منثورا الا ترى ان بعضهم رأى الشيطان بين السماء والارض فظنه الحق واستمر عليه مقدار عشرين سنة ثم لما تبين له خطأه فى ذلك قضى صلواة تلك المدة وكذلك يجب عليك علم الواجبات الشرعية لتؤديها كما امرت بها وكذا علم المناهى لتتركها شخصى بود صالح اما قليل العلم در حانه خود منقطع بود ناكاه بهيمه خريد واورابدان حاجتى ظاهرنه بعد ازجند سال كسى ازوى بر سيدتوا اين راجه ميكنى وترابوى شغلى وحاجتى نيست كفت دين خودرا باين محافظت مى كنم اوخود با اين بهيمه جمع مى آمده است تا از زنا معصوم ماند اورا اعلام كردندكه آن حرام است وصاحب شرع نهى فرموده است بسيار كريست وتوبه كرد وكفت ندا نستم بس برتو فرض عين است كه ازدين خود بازجويى وحلال وحرام را تمييز كنى تا تصرفات تو برطريق استقامت باشد ويجب عليك ايضا معرفة الاحوال والاخلاق القلبية والتحرز عن مذموماتها كالحسد والرياء والعجب والكبر وحب المال والجاء ونحو ذلك وتتخلق بممدوحاتها من التوكل والقناعة والرضى والتسليم واليقين ونحو ذلك ولا بد فى هذا الباب من المعلم والمرشد خصوصا فى اصلاح الباطن درا بحلقه روشند لان عالم خاك كه تازجاجه دلرا كنى زحادثه باك ٢٤ { فلما رأوه } الفاء فصيحة اى فأتاهم العذاب الموعود به فلما رأوه حال كونه { عارضا } اى سحابا يعرض فى افق السماء او يبدو فى عرض السماء { مستقبل اوديتهم } اى متوجها تلقاء اوديتهم والاضافة فيه لفظية ولذا وقع صفة للنكرة { قالوا هذا عارض ممطرنا } اى يأتينا بالمطر والاضافة فيه ايضا لفظية روى انه خرجت عليهم سحابة سودآء من واد لهم يقال الميثت وكانوا قد حبس عنهم المطر فلما شاهدوها قالوا ذلك مستبشرين بها مسرورين { بل هو } اى قال هود ليس الامر كذلك بل هو { ما استعجلتم به } من العذاب وبالفارسية اين نه ابر باران دهنده است بلكه او آن جيزيست كه تعجيل مزكرريد بدان { ريح } خبر لمبتدأ محذوف اى حوريح { فيها عذاب أليم } صفة لريح وكذ قوله ٢٥ { تدمر } اى تهلك { كل شئ } مرت به من نفوسهم واموالهم فالاستغراق عرفى والمراد المشركون منهم { بامر ربها } اذ لا حركة ولا سكون الا بمشيئته تعالى واضاف الرب الى الريح مع انه تعالى رب كل شئ لتعظيم شأن المضاف اليه وللاشارة الى انها فى حركتها مأمورة وانها من اكابر جنود اللّه يعنى ليس ذلك من باب تأثيرات الكواكب والقرانات بل هو امر حدت ابتدآء بقدرة لله تعالى لاجل التعذيب { فاصبحوا } اى صاروا من العذاب بحال { لا يرى الا مساكنهم } الفاء فصيحة اى فجأتهم الريح فدمرتهم فاصبحوا لا يرى الا مساكنهم يعنى بس كشتند بحالىكه اكر كسى بديار ايشان رسيدى ديده نشدى مكر جايكاههاى ايشان يعنى همه هلاك شدند وجايكا ايشان خالى بماند { كذلك } الكاف منصوبة على معنى مثل ذلك الجزآء الفظيع يعنى الهلاك بعذاب الاستئصال { نجزى القوم المجرمين } قيل اوحى اللّه تعالى الى خزان الريح ان ارسلوا مقدار منخر البقر فقالوا يا رب اذا ننسف الارض ومن عليها فقال تعالى مثل حلقة الخاتم ففعلوا فجاءت ريح باردة من قبل المغرب واول ما عرفوا به انه عذاب ان رأوا ما كان فى الصحرآء من رحالهم ومواشيهم تطير بها الريح بين السماء والارض وترفع الظعينة فى الجو حتى ترى كأنها جرادة فتدمغها بالحجارة فدخلوا بيوتهم واغلقوا ابوابهم فقلعت الريح الابواب وسرعتهم فأمال اللّه الاحقاف عليهم فكانوا تحتها سبع ليال وثمانية ايام لهم انين ثم كشفت الريح عنهم الاحقاف فاحتملتهم فطرحتهم فى البحر وقد قالوا من اشد منا قوة فلا تستطيع الريح ان تزيل اقدامنا فغلبت عليهم الريح بقوتها فما اغنت عنهم قوتهم ( وفى المثنوى ) جمله ذرات زمين وآسمان لشكر حقندكاه امتحان بادرا ديدى كه با عادان جه كرد آب را ديدى كه باطوفان جه كرد روى ان هودا عليه السلام لما أحس بالريح خط على نفسه وعلى المؤمنين خطا الى جنب عين تثبع ماء لا يصيبهم من الريح الا ما يلين على الجلود وتلذ الانفس وعمر هود بعدهم مائة وخمسين وقد مر تفصيل القصة فى سورة الاعراف فارجع والآية وعيد لاهل مكة على اجرامهم بالتكذيب فان اللّه تعالى قادر على ان يرسل عليهم ريحا مثل ريح عاد أو نحوها فلا بد من الحذر وعن عايشة رضى اللّه عنها كان النبى عليه السلام اذا رأى ريحا مختلفة تلون وجهه وتغير ودخل وخرج واقبل وادبر فذكرت ذلك له فقال ( وما تدرون لعله كما قال اللّه تعالى فلما راوه عارضا ) الخ فاذا امطرت سرى عنه ويقول وهو الذى يرسل شباح بشر بين يدى رحمته وفى الآية اشارة الى انه يعرض فى سماء القلوب تارة عارض فيمطر مطر الرحمة يحيى اللّه به ارض البشرية فينبت منها الاخلاق الحسنة والاعمال الصالحة وتارة يعرض عارض ضده بسوء الاخلاق وفساد الاعمال فتكون اشخاصهم خالية عن الحير كالاخلاق والاداب والاعمال الصالحة وقلوبهم فارغة من الصدق والاخلاص والرضى والتسليم وهو جزآء القوم المعرضين عن الحق المقبلين على الباطل يقول الفقير وفيه اشارة ايضا الى قوم ممكورين مقهورين يحسبون انهم من اهل اللطف والكرم فيأمرون برفع القباب على قبورهم بعد موتهم او يفعل بهم ذلك من جهة الجهلة فصاروا بحيث لا يرى الا القبور والقباب وليس فيها احد من الاحباب بلى من اهل العذاب ونعم ما قالوا لا تهيئ لنفسك قبر او هيئ نفسك للقبر نسأل اللّه سبحانه ان يوفقنا لما يحبه ويرضاه ويحفظنا مما يوجب اذاه ويخالف رضاه ٢٦ { ولقد مكناهم } لتمكين دست دادن و جاى دادن والمعنى اقدرنا عادا وملكناهم وبالفارسية ايشان را قدرت وقوت داديم { فيما } اى فى الذى { ان } نافية اى ما { مكناكم } اى يا أهل مكة { فيه } من السعة والبسطة وطول الاعمار وسائر مبادى التصرفات ومما يحسن موقع ان دون ما ههنا التفصى عن تكر لفظة ما وهو الداعى الى قلب الفها هاه فى مهما وجعلها زآئدة او شرطة على ان يكون الجواب كان بغيكم اكثر مما لا يليق بالمقام { وجعلنا لهم سمعا وابصارا وافئدة } ليستعملوها فيما خلقت له ويعرفوا بكل منها ما نيطت به معرفته من فنون النعم ويستدلوا بها على شؤون منعمها عز وجل ويدوموا على شكرها ولعل توحيد السمع لانه لا يدرك به الا الصوت وما يتبعه بخلاف البصر حيث يدرك به اشياء كثيرة بعضها بالذات وبعضها بالواسطة والفؤآد يعم ادرك كل شئ والفؤاد من القلب كالقلب من الصدر سمى به لتفؤده اى لتوقده تحرقه { فما } نافية { اغنى عنهم سمعهم } حيث لم يستعملوه فى استماع الوحى ومواعظ الرسل يقال اغنى عنه كذا اذأ كفاه قال فى تاج المصادر الاغناء بى نياز كردانيدن وواداشتن كسى را ازكسى { ولا ابصارهم } حيث لم يجتلوا بها الايات التكوينية المنصوية فى صحائف العالم { ولا افئدتهم } حيث لم يستعملوها فى معرفة اللّه سبحانه { من شئ } اى شيأ من الاغناء ومن مزيدة للتأكيد ( قال الكاشفى ) همين كه عذاب فرود آيد بش دفع نكرد از ايشان كوش و ديدها و دلهاى ايشان جيزبرا ازعذاب خداى { اذ كانوا } ازروى تقليد وتعصب { يجحدون بآيات اللّه } قوله اذ متعلق بما اغنى وهو ظرف جرى مجرى التعليل من حيث ان الحكم مرتب على ما اضيف اليه فان قولك اكرمته اذا كرمنى فى قوة قولك اكرمته لاكرامه لانك اذا اكرمته وقت اكرامه فانما اكرمته فيه لوجودا كرامه فيه وكذا الحال فى حيث { وحاق بهم } نزل واحاط { ما كانوا به يستهزئون } من العذاب الذى كانوا يستعجلونه بطريق الاستهزآء فيقولون فائتنا بما تعدنا ان كنت من الصادقين وفى الآية تخويف لاهل مكة ليعتبروا ( وفى المثنوى ) بس سباس اوراكه مارا درجهان كرد بيدازابس بيشينيان تاشنيديم ازسياستهاى حق برقرون ماضيه اندرسبق استخوان وبشم آن كركان عيان بنكريد وبند كيريد اى مهان عاقل ازسر بنهد اين هستى وباد جون شنيد انجام فرعونان وعاد ورنه بنهد ديكران از حال او عبرتى كيرند از اضلال او وفى الآية اشارة الى ان هذه الآلات التى هى السمع والبصر والفؤاد أسباب تحصيل التوحيد وبدأ بالسمع لان جميع التكليف الوارد على القلب انما يوجد من قبل السمع وثنى بالبصر لانه أعظم شاهد بتصديق المسموع منه وبه حصول ما به التفكر والاعتبار غالبا تنبيها على عظمة ذلك وان كان المبصر هو القلب ثم رجع الى الفؤاد الذى هو العمدة فى ذلك فتقديمها على جهة التعظيم له كما يقال الجناب والمجلس وهما المبلغان اليه وعنه وانما شاركه هذان فى الذكر تنبيها على عظم مشاركتهما اياه فى الوزارة ولولاهما لما امكن ان يبلغ قلب فى القالب قلبا فى هذا العالم ما يريد ابلاغه اليه فالسمع والبصر مع الفؤاد فى عالم التكليف كالجسد والنفس مع الروح فى عالم الخلافة ولا يتم لاحدهما ذلك الا بالآخرين والا نقص بقدره والمراد فى جميع التكليف سلامة القلب والخطاب اليه من جهة كل عضو فعلى العاقل سماع الحق والتخلق بما يسمع والمبادرة الى الانقياد للتكليفات فى جميع الاعضاء وفعل ما قدر عليه من المندوبات واجتناب ما سمع من المنهى عنه من المحرمات والتعفف عن المكروهات وترك فضلات المباحات فان الاشتغال بفضول المباحات يحرم العبد من لذة المناجاة وفكر القلب فى المباحات يحدث له ظلمة فكيف تدبير الحرام اذا غير المسك الماء منع الوضوء منه فكيف ولوغ الكلب وكل عضو يسأل عنه يوم القيامة فليحاسب العبد نفسه قبل وقت المحاسبة وروى ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم دعا الى القصاص من نفسه فى خدش خدشه اعرابيا لم يتعمده فاتى جبرآئيل فعال يا محمد ان اللّه لم يبعثك جبارا ولا متكبرا فدعا النبى عليه السلام الاعرابى فقال ( اقتص منى ) فقال الاعرابى قد احللتك بابى انت وامى وما كنت لأفعل ذلك ابدا ولو أتيت على نفسى فدعا له بخير فكما يجب ترك الظلم باليد ونحوها فكذا ترك معاونة الظلمة وطلب بعض الامرآء من بعض العلماء المحبوسين عنده ان يناوله طينا ليختم به الكتاب فقال ناولنى الكتاب اولا حتى انظر ما فيه فهكذا كانو يحترزون عن معاونة الظلمة فمن اقر بآيات اللّه الناطقة بالحلال والحرام كيف يجترئ على ترك العمل فيكون من المستهزئين بها فالتوحيد والاقرار اصل الاصول ولكن قال تعالى { اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه } ولا كلام فى شرف العلم والعمل خصوصا الذكر قال موسى عليه السلام يا رب اقريب أنت فأناجيك ام بعيد فاناديك فقال انا جليس من ذكرنى قال فانا نكون على حال نجلك ان نذكرك عليها كالجنابة والغائط فقال اذكرنى على اى حال قال الحسن البصرى اذا عطس على قضاء الحاجة يحمد اللّه فى نفسه كما فى احياء العلوم ٢٧ { ولقد اهلكنا ما حولكم } يا أهل مكة وبالفارسية بدرستى كه نيست كرديم آنجه كردا كرد شمابود وحول الشئ جانبه الذى يمكنه ان يحول اليه { من القرى } كحجر ثمود وهى منازلها والمؤتفكات وهى قرى قوم لوط والظاهر من أهل القرى فيدخل فيهم عاد فانهم اهلكوا وبقيت مساكنهم كما سبق { وصرفنا الآيات } التى يعتبر بها اى كررنا عليهم الحجج وانواع العبر و فى كشف الاسرار وصرفنا الآيات بتكرير ذكرها واعادة اقاصيص الامم الخالية بتكذيبها وشركها { لعلهم يرجعون } لكى يرجعوا عما هم فيه من الكفر والمعاصى لانها اسباب الرجوع الى التوحيد والطاعة ولم يرجع احد منهم ليعلم ان الهداية بيد اللّه يؤتيها من يشاء قالوا لعل هذا تطميع لهم وتأميل للمؤمنين والا فهو تعالى يعلم انهم لا يرجعون يقول الفقير هذا من اسرار القدر فلا يبحث عنه فان اللّه تعالى خلق الجن والانس ليعبدوه فما عبده منهم الا أقل من القليل ولما كان تصريف الآيات والدعوة بالمعجزات من مقتضيات اعيانهم فعله اللّه تعالى تعالى والانبياء عليهم السلام والفرق بين الامر التكليفى والامر الارادى ان الاول لا يقتضى حصول المأمور به بخلاف الثانى والا لوقع التخلف بين الارادة والمراد وهو محال ٢٨ { فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون اللّه قربانا آلهة } القربان ما يتقرب به الى اللّه تعالى وأحده مفعولى اتخذوا ضمير المفعول المحذوف والثانى آلهة وقربانا حال والتقدير فهلا نصرهم وخلصهم من العذاب الذين اتخذوهم آلهة حال كونها متقربا بها الى اللّه تعالى حيث كانوا يقولون ما نعبدهم الا ليقربونا الى اللّه زلفى وهؤلاء شفعاؤنا عند اللّه وفيه تهكم بهم { بل ضلوا عنهم } اى غابوا عنهم وفيه تهكم آخر بهم كأن عدم نصرتهم لغيبتهم او ضاعوا عنهم اى ظهر ضياعهم عنهم بالكلية { وذلك } اى ضياع آلهتهم عنهم وامتناع نصرتهم { افكهم } اى اثر افكهم الذى هو اتخاذهم اياها آلهة ونتيجة شركهم { وما كانوا يفترون } عطف على افكهم اى واثر افترآئهم على اللّه او اثر ما كانوا يفترونه عليه تعالى روزى از توهركه تافت دكر آب رو نيافت وفى لآية اشارة الى ان الاسباب والوسائل نوعان احدهما ما اذن اللّه تعالى فى ان يتوسل العبد به اليه كالانبياء والاولياء وما جاؤ به من الوحى والالهام فهذه اسباب الهدى كما قال تعالى { وابتغوا اليه الوسيلة } وكونوا مع الصادقين والثانى ما لم يأذن فيه اللّه كعبادة الاصنام ونحوها فهذه اسباب الهوى كما نطقت بها الآيات ثم ان اللّه تعالى انما يفعل عند لاسباب لا بالاسباب ليعلم العبد ان التأثير من اللّه تعالى فيستأنس باللّه لا بالاسباب حق تعالى موسى را فرمودكاى موسى جون مرغ باش كه ازسر درختان مى خورد وآب صافى بكارمى بدد وجون شب درآمد در شكافى مأوى مىسازد وبامن انس ميكيرد واز خلق مستوحش ميكرد واى موسى هركه بغير من اميد دارد هرآينه اميد اوقطع كنم وهركه باغير من تكيه كند بشت اوراشكسته كنم وهركه باغير من انس كيرد وحشت اودراز كردانم وهركه غير مرا دوست دارد هرآينه ازوى اعراض نمايم وفى الآية ايضا تهديد وتخويف حتى لا يغفل المرء عن اللّه ولا يتكل على غيره بل يتأمل العاقبة ويقتل اله عوة حق تعالى به بنى اسرآئيل خطاب فرمودكه شمارا بآخرت ترغيب كرديم رغبت نكرديد ودردنيا بزهد فرموديم زاهد نشديد وبا آنش ترسانيديم ترس دردل نكرفتيد وبه بهشت تشويق كرديم آرزومند نشديد برشما نوحه كردن داديم نكرستيد بشارت باد كشتكا نرا كه حق تعالى شمشير بست كه در نيام نيامد وان دار جهنم است ٢٩ { واذ صرفنا اليك نفرا من الجن } املناهم اليك راقبلنابهم نحوك والنفر دون العشرة وجمعه انفار قال الراغب النفر عدة رجال يمكنهم النفر اى الى الحرب ونحوها والجن بعض الروحانيين وذلك ان الروحانين ثلاثة اخيار وهم الملائكة واشرار وهم الشياطين واوساط فيهم اخيار واشرار وهم الجن قال سعيد بن المسيب الملائكة ليسوا بذكور ولا اناث ولا يتوالدون ولا يأكلون ولا يشربون والشياطين ذكور واناث يتوالدون ولا يموتون بل يخلدون فى الدنيا كما خلد ابليس والجن يتوالدون وفيهم ذكور واناث ويموتون يقول الفقير يؤيده ما ثبت ان فى الجن مذاهب مختلفة كالانس حتى الرافضى ونحوه وان بينهم حروبا وقتالا ولكن يشكل قولهم ابليس هو ابو الجن فانه يقتضى ان لا يكون بينهم وبين الشياطين فرق الا بالايمان والكفر فاعرف { يستمعون القرآءن } حال مقدرة من نفرا لتخصيصه بالصفة او صفة اخرى له اى واذكر لقومك وقت صرفنا اليك نفرا كائنا من الجن مقدرا استماعهم القرءآن { فلما حضروه } اى القرءآن عند تلاوته { قالوا } اى قال بعضهم لبعض { انصتوا } الانصات هو الاستماع الى الصوت مع ترك الكلام اى اسكتوا لسمعه وفيه اشارة الى ان من شأنهم فضول الكلام واللغط كالانس ورمز الى الحرص المقبول قال بعض العارفين هيبة الخطاب وحشمة المشاهدة حبست السنتهم فانه ليس فى مقام الحضرة الا الخمول والذبول { فلما قضى } اتم وفرغ من تلاوته { ولوا الى قومهم منذرين } انصرفوا الى قومهم مقدرين انذارهم عند رجوعهم اليه يعنى آمنوا به واجابوا الى ما سمعوا ورجعوا الى قومهم منذرين ولا يلزم من رجوعهم بهذه الصفة ان يكونوا رسل رسول اللّه عليه السلام اذ يجوز ان يكون الرجل نذيرا ولا يكون نبيا او رسولا من جانب احد فالنذارة فى الجن من غير نبوة وقد سبق بقية الكلام فى سورة الانعام عند قوله تعالى { يا معشر الجن والانس } الآية روى ان الجن كانت تسترق السمع فلما حرست السماء ورجموا بالشهب قالوا ما هذا الا لنباء حدث فنهض سبعة نفر او ستة نفر من اشراف جن نصيبين ورؤسائهم ونصيبين بلد قاعدة ديار ربيعة كما فى القاموس وقال فى انسان العيون هى مدينة بالشام وقيل باليمن اثنى عليها رسول اللّه عليه السلام بقوله ( رفعت الى نصيبين حتى رأيتها فدعوت اللّه ان يعذب نهرها وينضر شجرها ويكثر مطرها ) وقيل كانوا من ملوك جن نينوى بالموصل واسماؤهم على ما فى عين المعانى شاصر ناصر دس مس از دادنان احقم وكفته اندنه عدد بود وهشتم عمرو ونهم سرق وزوبعة بفتح الزاى المعجمة والباء الموحدة از ايشان بوده واوبسر ابليس است وقال فى القاموس الزوبعة اسم شيطان او رئيس الجن فتكون الاسماء عشرة لكن الاحقم بالميم او الاحقب بالباء وصف لواحد منهم لا علم وقال ابن عباس رضى اللّه عنهما تسعة سليط شاصر ماصر حاصر حسا مسا عليم ارقم ادرس فضربوا فى الارض حتى بلغوا تهامة وهى بالكسر مكة شرفها اللّه تعالى وارض معروفة لا بلد كما فى القاموس ثم اندفعوا الى وادى نخلة عند سوق عكاظ ونخلة محلة بين مكة والطائف ونخلة الشامية واليمانية واديان على ليلة من مكة وعكاظ كغراب سوق بصحرآء بين نخلة والطائف كانت تقوم هلال ذى القعدة وتستمر عشرين يوما تجتمع قبائل العرب فيتعاكظون اى يتفاخرون ويتناشدون ومنه الاديم العكاظى فوافوا اى نفر الجن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم اى صادفوه ووجدوه وهو قائم فى جوف الليل يصلى اى فى وسطه وكان وحده او معه مولاه زيد بن حارثة رضى اللّه عنه وفى رواية يصلى صلاة الفجر اذ كان اذ ذاك مأمورا بركعتين بالغداة وبركعتين بالعشى فهى غير صلاة الفجر التى هى احدى الخمس المفترضة ليلة الاسرآء اذ الحيلولة بين الجن وبين خبر السماء بالشهب كانت فى اوآئل الوحى وليلة الاسرآء كانت بعد ذلك بسنين عديدة فاستمعوا القراءته عليه السلام وكان يقرا طه وذلك عند منصرفه من الطائف حين خرج اليهم يستنصرهم على الاسلام والقيام على من خالفه من قومه فلم يجيبوه الى مطلوبه واغروا به سفهاءهم فآذوه عليه السلام اذى شديدا ودقوا رجليه بالحجارة حتى ادموها كما سبق نبذة منه فى آخر التوبة وكان اقام بالطائف يدعوهم عشرة ايام وشهرا واقام بنخلة اياما فلما اراد الدخول الى مكة قال له زيد كيف تدخل عليهم يعنى قريشا وهم قد اخرجوك اى كانوا سببا لخروجك وخرجت لتستنصرهم فلم تنصر فقال ( يا زيد ان اللّه جاعل لما ترى فرجا ومخرجا وان اللّه ناصر دينه ومظهر نبيه ) فسار عليه السلام الى جبل حرآء وبعث الى مطعم بن عدى وقد مات كافرا قبل بدر بنحو سبعة اشهر يقول له انى داخل مكة فى جوارك فأجابه الى ذلك فدخل عليه السلام مكة ثم تسلح مطعم وبنوه وهم ستة او سبعة وخرجوا حتى اتوا المسجد الحرام فقام مطعم على راحلته فنادى يا معشر قريش انى قد اجرت محمدا فلا يؤذيه احد منكم ثم بعث الى رسول اللّه عليه السلام ان ادخل فدخل وطاف بالبيت وصلى عنده ثم انصرف الى منزله ومطعم وولده مطيفون به وكان من عادة العرب حفظ الجوار ولذا قال ابو سفيان لمطعم اجرنا من اجرت ثم ان مرور الجن به عليه السلام فى هذه القصة ووقوفهم مستمعين لم يشعر به عليه السلام ولكن انبأه اللّه باستماعهم وذكر اجتماعهم به عليه السلام فى مكة مرار فمن ذلك ما روى ان النفر السبعة من الجن لما انصرفوا من بطن نخلة جاؤوا الى قومهم منذرين ثم جاؤا مع قومهم وافدين الى رسول اللّه عليه السلام وهو بمكة وهم ثلاثمائة او اثنا عشر ألفا فانتهوا الى الحجون وهو موضع فيه مقابر مكة فجاء واحد من اولئك النفر الى رسول اللّه فعال ان قومنا قد حضروا بالحجون يلقونك فوعده عليه السلام ساعة من الليل ثم قال لاصحابه ( انى امرت ان أقرأ على الجن الليلة وانذرهم فمن يتبعنى ) قالها ثلاثا فأطرقوا الا عبد اللّه بن مسعود رضى اللّه عنه فقام معه قال فانطلقنا حتى اذا كنا بأعلى مكة فى شعب الحجون خط لى خطا برجله وقال لى ( لا تخرج منه حتى اعود اليك فانك ان خرجت لن ترانى الى يوم القيامة ) وفى رواية ( لم آمن عليك ان يخطفك بعضهم ) ثم جلس وقرأ عليهم اقرأ باسم ربك او سورة الرحمن وسمعت لغطا شديدا حتى خفت على رسول اللّه واللغط بالغين المعجمة والطاء المهملة اختلاط اصوات الكلام حتى لا يفهم وغشيته عليه السلام ثم انقطعوا كقطع السحاب فقال لى عليه السلام ( هل رأيت شيأ ) قلت نعم رجالا سودا كأنهم رجال الزط وهم طائفة من السودان الواحد منهم زطى فقال ( اولئك جن نصيبين ) قلت سمعت منهم لغطا شديدا حتى خفت عليك الى ان سمعتك تفرعهم بعصاك وتقول ( اجلسوا ) اى فما سببه فقال ( ان الجن تداعت فى قتيل قتل بينهم فتحاكموا الى فحكمت بينهم بالحق ) وقال ابو الليث فلما رجع اليه قال يا نبى اللّه سمعت هدتين اى صوتين قال عليه السلام ( اما احداهما فانى سلمت عليهم وردوا على السلام واما الثانية فانهم سألوا الرزق فأعطيتهم عظما واعطيتهم روثا رزقا لدوابهم ) اى ان المؤمنين منهم لا يجدون عظما ذكر اسم اللّه عليه الا وجدوا عليه لحمه يوم اكل ولا ورثة الا وجد فيها حبها يوم أكلت او يعود البعر خضرا لدوابهم ولهذا نهى عليه السلام عن الاستنجاه بالعظم والروث واما الكافرون منهم فيجدون اللحم على العظم الذى لم يذكر اسم اللّه عليه وعن قتادة لما اهبط ابليس قال اى رب قد لعننه فما علمه قال السحر قال فما قرآءته قال الشعر درقيامت نرسد شعر بفرياد كسى كر سراسر سخنش حكمت يونان كردد قال فما كتابته قال الوشم وهو غرز الابر فى البدن وذر النيلج عليه قال فما طعامه قال كل ميتة وما لم يذكر اسم اللّه عليه اى من طعام الانس يأخذه سرقة قال فما شرابه قال كل مسكر قال فاين مسكنه قال الحمام قال فاين محله قال فى الاسواق قال فما صوته قال المزمار قال فما مصايده قال النساء فالحمام اكثر محل اقامته والسوق محل تردده فى بعض الاوقات والظاهر ان كل من لم يؤمن من الجن مثل ابليس فيما ذكر قال فى انسان العيون فى أكل الجان ثلاثة اقوال يأكلون بالمضغ والبلع ويشربون بالازدراد اى الابتلاع والثانى لا يأكلون ولا يشربون بل يتغذون بالشم والثالث انهم صنفان صنف يأكل ويشرب وصنف لا يأكل ولا يشرب وانما يتغذون بالشم وهو خلاصتهم وفى اكام المرجان ان العمومات تقتضى ان الكل يأكلون ويشربون وكون الرقيق رقيقا واللطيف لطيفا لا يمنع عن الاكل والشرب واما الملائكة فهم اجسام لطيفة لكنهم لا يأكلون ولا يشربون لاجماع أهل الصلاة على ذلك وللاخبار المروية فى ذلك قال العلماء انه عليه السلام بعث الى الجن قطعا وهم مكلفون وفيهم العصاة والطائعون وقد اعلمنا لله ان نفرا من الجن رأوه عليه السلام وآمنوا به وسمعوا القرءآن فهم صحابة فضلاء من حيث رؤيتهم وصحبتهم وحيئنذ ينعين ذكر من عرف منهم فى الصحابة رضى اللّه عنهم كذا فى شرح النخبة لعلى القارى ٣٠ { قالوا } اى عند رجوعهم الى قومهم { يا قومنا انا سمعنا كتابا } فيه اطلاق الكتاب على بعض اجزآئه اذ لم يكن القرءآن كله منزلا حينئذ { انزل من بعد } كتاب { موسى } قيل قالوه لانهم كانوا على اليهودية واسلموا وقال سعدى المفتى فى حواشيه قلت الظاهر انه مثل قول ورقة بن نوفل هذا الناموس الذى نزل اللّه على موسى فقد قالوا فى وجهه انه ذكر موسى مع انه كان نصرانيا تحقيقا للرسالة لان نزوله على موسى متفق عليه بين اليهود والنصارى بخلاف عيسى فان اليهود ينكرون نبوته او لأن النصارى يتبعون احكام التوراة ويرجعون اليها وهذان الوجهان متاتيان هنا ايضا وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما ان الجن لم تكن سمعت بأمر عيسى عليه السلام فلذا قالوا من بعد موسى قال سعدى المفتى لعله لا يصح عن ابن عباس فانه فى غاية البعد اذ النصارى امة عظيمة منتشرة فى مشارق الارض ومغاربها فكيف يجوز ان لا يسمعوا بأمر عيسى وقال فى انسان العيون قولهم من بعد موسى بناء على ان شريعة عيسى مقررة لشريعة موسى لا ناسخة انتهى يقول الفقير قد صح ان التوراة اول كتاب اشتمل على الاحكام والشرآئع بخلاف ما قبله من الكتب فانها لم تشتمل على ذلك انما كانت مشتملة على الايمان باللّه وتوحيده ومن ثمة قيل لها صحف واطلاق الكتب عليها مجاز كما صرح به فى السيرة الحلبية فلما كان القرءآن مشتملا على الاحكام او الشرآئع ايضا صارت الكتب الآلهية كلها فى حكم كتابين التوراة والقرءآن فلذا خصصوا موسى بالذكر وفيه بيان لشرف الكتابين وجلالتهما { مصدقا لما بين يديه } اى موافقا لما قبله من التوراة والكتب الآلهية فى الدعوة الى التوحيد والتصديق وحقية امر النبوة والمعاد وتطهير الاخلاق ونحو ذلك { يهدى الى الحق } من العقائد الصحيحة { والى طريق مستقيم } موصل اليه لا عوج فيه وهو الشرآئع والاعمال الصالحة قال ابن عطاء يهدى الى الحق فى الباطن والى طريق مستقيم فى الظاهر ٣١ { يا قومنا اجيبوا داعى اللّه } يعنى محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم او أرادوا ما سمعوه من الكتاب فانه كما انه هاد كذلك هو داع الى اللّه تعالى { وآمنوا به يغفر لكم } اى اللّه تعالى { من ذنوبكم } اى بعض ذنوبكم وهو ما كان فى خالص حق اللّه فان حقوق العباد لا تغفر بالايمان بل برضى اربابها يعنى اذا أسلم الذمى لا يغفر عنه حقوق العباد بأسلامه وكذا لا تغفر عن الحربى اذا كان الحق ماليا قالوا ظلامة الكافر وخصومة الدابة اشد لان المسلم اما ان يحمل عليه ذنب خصمه بقدر حقه او يأخذ من حسناته والكافر لا يأخذ من الحسنات ولا ذنب للدابة ولا يؤهل لاخذ الحسنات فتعين العقاب { ويجركم من عذاب أليم } معد للكفرة وهو عذاب النار ٣٢ { ومن لا يجب داعى اللّه فليس بمعجز فى الارض } اى فليس بمعجز له تعالى بالهرب وان هرب كل مهرب من اقطارها او دخل فى اعماقها { وليس له من دونه اولياء } بيان لاستحالة نجاته بواسطة الغير اثر بيان استحالة نجاته بنفسه وجمع الاولياء باعتبار معنى من فيكون من باب مقابلة الجمع بالجمع لانقسام الاحاد الى الآحاد { اولئك } الموصوفون بعدم اجابة الداعى { فى ضلال مبين } اى ظاهر كونه ضلالا بحيث لا يخفى على احد حيث اعرضوا عن اجابة من هذا شأنه وفى الحديث ( الا اخبركم عنى وعن ملائكة ربى البارحة حفوا بى عند راسى وعند رجلى وعن يمينى وعن يسارى فقالوا يا محمد تنام عينك ولا ينام قلبك فلتعقل ما نقول فقال بعضهم لبعض اضربوا لمحمد مثلا قال قائل مثله كمثل رجل بنى دارا وبعث داعيا يدعو فمن اجاب الداعى دخل الدار وأكل مما فيها ومن لم يجب الداعى لم يدخل الدار ولم يأكل مما فيها وسخط السيد عليه ومحمد الداعى فمن اجاب محمدا دخل الجنة ومن لم يجب محمدا لم يدخل الجنة ولم يأكل مما فيها ويسخط السيد عليه ) وفى الآية دليل بين على انه عليه السلام مبعوث الى الجن والانس جميعا ولم يبعث قبله نبى اليهما واما سليمان عليه السلام فلم يبعث الى الجن بل سخروا له وفى فتح الرحمن ولم يرسل عليه السلام الى الملائكة صرح به البيهقى فى الباب الرابع من شعب الايمان وصرح فى الباب الخامس عشر بأنفكاكهم من شرعه وفى تفسير الامام الرازى والبرهان النسفى حكاية الاجماع قال ابن حامد من اصحاب احمد ومذهب العلماء اخراج الملائكة عن التكليف والوعد والوعييد وهم معصومون كالانبياء بالاتفاق الا من استثنى كابليس وهاروت وماروت على القول بأنهم من الملائكة انتهى وفى الحديث ( ارسلت الى الخلق كافة ) والخلق يشمل الانس والجن والملك والحيوانات والنبات والحجر قال الجلال السيوطى وهذا القول اى ارساله للملائكة رجحته فى كتاب الخصائص وقد رجحه قبلى الشيخ تقى الدين السبكى وزاد انه مرسل لجميع الانبياء والامم السابقة من لدن آدم الى قيام الساعة ورجحه ايضا البارزى وزاد انه مرسل الى جميع الحيوانات والجمادات وازيد على ذلك انه مرسل لنفسه يقول الفقير اختلف أهل الحديث فى شأن الملائكة هل هم من الصحابة او لا فقال البلقينى ليسوا داخلين فى الصحابة وظاهر كلامهم كالامام الرازى انهم داخلون ففيه ان الامام كيف يعد الملائكة من الصحابة وقد حكى الاجماع على عدم الارسال وبعيد أن يكونوا من صحابته وامته عليه السلام من غير ان يرسل اليهم واختلف فى حكم مؤمنى الجن فقيل لا ثواب لهم الا النجاة من النار لقوله تعالى { يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب اليم } حيث صرح باقتصارهم على المغفرة والاجارة وبه قال الحسن البصرى رحمه اللّه حيث قال ثوابهم ان يجاروا من النار ثم يقال لهم كونوا ترابا مثل البهائم قال الامام النسفى فى التيسر توقف ابو حنيفة فى ثواب الجن ونعيمهم وقال لا استحقاق للعبد على اللّه وانما ينال بالوعد ولا وعد فى حق الجن الا المغفرة والاجارة فهذا يقطع القول به واما نعيم الجنة فموقوف على قيام الدليل انتهى قال سعدى الفتى وبهذا تبين ان ابا حنيفة موقف لا جازم بأنه لا ثواب لهم كما زعم البيضاوى يعنى ان المروى عن ابى حنيفة انه توقف فى كيفية ثوابهم لا انه قال لا ثواب لهم وذلك ان فى الجن مسلمين ويهودا ونصارى ومجوسا وعبدة أوثان فلمسلميهم ثواب لا محالة وان لم نعلم كيفيته كما ان الملائكة لا يجازون بالجنة بل بنعيم يناسبهم على اصح قول العلماء واما رؤية اللّه تعالى فلا يراه الملائكة والجن فى رواية كما فى انسان العيون والظاهر ان رؤيتهم من واد ورؤية البشر من واد فمن نفى الرؤية عنهم نفاها بهذا المعنى والا فالملائكة اهل حضور وشهود فكيف لا يرونه وكذا مؤمنوا الجن وان كانت معرفتهم دون معرفة الكمل من البشر على ما صرح به بعض العلماء وفى البزازية ذكر فى التفاسير توقف الامام الاعظم فى ثواب الجن لانه جاء فى القرءآن فيهم { يغفر لكم من ذنوبكم } والمغفرة لا تستلزم الاثابة قالت المعتزلة اوعد لظالميهم فيستحق الثواب صالحوهم قال اللّه تعالى { واما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا } قلنا الثواب فضل من اللّه تعالى لا بالاستحقاق فان قيل قوله تعالى { فبأى آلاء ربكما تكذبان } بعد عد نعم الجنة خطاب للثقلين فيرد ما ذكرتم قلنا ذكر ان المرداد منه التوقف فى المآكل والمشارب والملاذ والدخول فيه كدخول الملائكة للسلام والزيارة والخدمة والملائكة يدخلون عليهم من كل باب الآية انتهى والصحيح كما فى بحر العلوم والاظهر كما فى الارشاد ان الجن فى حكم بنى آدم ثوابا وعقابا لانهم مكلفون مثلهم ويدل عليه قوله تعالى فى هذه السورة { ولكل درجات مما عملوا } والاقتصار لان مقصودهم الانذار ففيه تذكير بذنوبهم وازحمزة بن حبيب رحمه اللّه برسيدندكه مؤمنان جن را ثواب هست فرمودكه آرى وآيت لم يطمثهن انس قبلهم ولا جان بخواند وكفت الانسيات للانس والجنيات للجن فدل على تأتى الطمث من الجن لان طمث الحور العين انما يكون فى الجنة وفى آكام المرجان فى احكام الجان اختتف العلماء فى مؤمنى الجن هل يدخلون الجنة على اقوال احدها انهم يدخلونها وهو قول جمهور العلماء ثم اختلف القائلون بهذا القول اذا دخلوا الجنة هل يأكلون فيها ويشربون فعن الضحاك يأكلون ويشربون وعن مجاهد انه سئل عن الجن المؤمنين ايدخلون الجنة قال يدخلونها ولكن لا يأكلون ولا يشربون بل يلهمون التسبيح والتقديس فيجدون فيه ما يجده اهل ألجنة من لذة الطعام والشراب وذهب الحرث المحاسبى الى ان الجن الذين يدخلون الجنة يكونون يوم القيامة بحيث نراهم ولا يروننا عكس ما كانوا عليه فى الدنيا والقول الثانى انهم لا يدخلونها بل يكونون فى ربضها اى ناحيتها وجانبها يراهم الانس من حيث لا يرونهم والقول الثالث انهم على الاعراف كما جاء فى الحديث ( ان مؤمنى الجن لهم ثواب وعليهم عقاب وليسوا من أهل الجنة مع امة محمد هم على الاعراف حائط الجنة تجرى فيه الانهار وتنبت فيه الاشجار والثمار ) ذكره صاحب الفردوس الكبير وقال الحافظ الذهبى هذا حديث منكر جدا وفى الحديث ( خلق اللّه الجن ثلاثة اصناف صنفا حيات وعقارب وخشاش الارض وصنفا كالريح فى الهوآء وصنفا عليه الثواب والعقاب وخلق اللّه الانس ثلاثة اصناف صنفا كالبهائم كما قال تعالى ( لهم قلوب لا يفقهون بها ) الى قوله ( اولئك كالانعام ) الآية وصنفا اجسادهم كأجساد بنى آدم وارواحهم كأرواح الشياطين وصنفا فى ظل اللّه يوم لا ظل الا ظله ) رواه ابو الدردآء رضى اللّه عنه والقول الرابع الوقف واحتج أهل القول الاول بوجوه الاول العمومات كقوله تعالى { وازلفت الجنة للمتقين } وقوله عليه السلام ( من شهد ان لا اله الا اللّه خالصا دخل الجنة ) فكما انهم يخاطبون بعمومات الوعيد بالاجماع فكذلك يخاطبون بعمومات الوعد بالطريق الاولى ومن أظهر حجة فى ذلك قوله تعالى { ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأى } الى آخر السورة والخطاب للجن والانس فامتن عليهم بجزآء الجنة ووصفها لهم وشوقهم اليها فدل ذلك على انهم ينالون ما امتن عليهم به اذا آمنوا وقد جاء فى الحديث ان رسول اللّه عليه السلام قال لاصحابه لما تلا عليهم هذه السورة ( الجن كانوا احسن ردا منكم ما تلوت عليهم من آية الا قالوا ولا بشئ من آلائك ربنا نكذب ) والثانى ما استدل به ابن حزم من قوله تعالى { ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك خير البرية جزآؤهم } الى آخر السورة قال وهذه صفة تعم الجن والانس عموما لا يجوز البتة ان يخص منها احد النوعين ومن المحال ان يكون اللّه يخبرنا بخبر عام وهو لا يريد الا بعض ما اخبرنا به ثم لا يبين لنا ذلك هذا هو ضد البيان الذى ضمنه اللّه لنا فكيف وقد نص على انهم من جملة المؤمنين الذين يدخلون الجنة والثالث ما سبق من خبر الطمث والرابع ما قال ابن عباس رضى اللّه عنهما الخلق اربعة فخلق فى الجنة كلهم وخلق فى النار كلهم وخلقان فى الجنة والنار فاما الذين فى الجنة كلهم فالملائكة واما الذين فى النار كلهم فالشياطين واما الذين فى الجنة والنار فالانس والجن لهم الثواب وعليهم العقاب والخامس ان العقل يقوى ذلك وان لم يوجبه وذلك ان اللّه سبحانه الحكم العدل فان قيل قد أوعد اللّه من قال من الملائكة انى اله من دونه بالنار ومع هذا ليسوا فى الجنة فى الجواب ان المراد بذلك ابليس دعا الى عبادة نفسه فنزلت الآية فيه وهى { ومن يقل منهم انى اله من دونه فذلك نجزيه جهنم } وايضا ان ذلك وان سلمنا ارادة العموم منه فهذا لا يقع من الملائكة بل هو شرط والشرط لا يلزم وقوعه وهو نظير قوله { لئن اشركت ليحبطن عملك } والجن يوجد منهم الكافر فيدخل النار واحتج اهل القول الثانى بقوله تعالى { يغفر لكم } الخ حيث لم يذكر دخول الجنة نفيه وايضا ان اللّه اخبر أنهم ولوا الى قومهم منذرين فالمقام مقام الانذار لا مقام بشارة وايضا ان هذه العبارة لا تقتضى نفى دخول الجنة لان الرسل المتقدمين كانوا ينذرون قومهم بالعذاب ولا يذكرون دخول الجنة لان التخويف بالعذاب اشد تأثيرا من الوعد بالجنة كما اخبر عن نوح فى قوله { انى اخاف عليكم عذاب يوم أليم } وعن هود { عذاب يوم عظيم } وعن شعيب { عذاب يوم محيط } وكذلك غيرهم وايضا ان ذلك يستلزم دخول الجنة لان من غفر ذنوبه واجير من العذاب وهو مكلف بشرآئع الرسل فانه يدخل الجنة وقد سبق دليل القول الثالث والرابع والعلم عند اللّه الملك المتعال واليه المرجع والمآل ٣٣ { اولم يروا } الهمزة للانكار والواو للعطف على مقدر يستدعيه المقام والرؤية القلبية اى ألم يتفكروا ولم يعلموا علما جازما فى حكم المشاهدة والعيان { ان اللّه الذى خلق السموات والارض } ابتدآء من غير مثال { ولم يعى بخلقهن } اى لم يتعب ولم ينصب بذلك اصلا او لم يعجز عنه يقال عييت بالامر اذا لم تعرف وجهه واعييت تعبت وفى القاموس اعيى الماشى كل وفى تاج المصادر العى بكسر العين اندرماندن والماضى عيى وعى والنعت عيى على فعل بالفتح والاعياء درماندن ومانده شدن ودررفتن ومانده كردن واعيى عليه الامر انتهى وحكى فى سبب تعلم الكسائى النحو على كبره انه مشى يوما حتى اعيى ثم جلس الى قوم ليستريح فقال قد عييت بالتشديد بغير همزة فقالوا له لا تجالسنا وانت تلحن قال الكسائى وكيف قالوا ان اردت من التعب فقل اعييت وان اردت من انقطاع الحيلة والتعجيز فى الامر فقل عييت مخففا فقام من فوره وسأل عمن يعلم النحو فأرشدوه الى معاذ فلزمه حتى نفد ما عنده ثم خرج الى البصرة الى الخليل ابن احمد يقول الفقير الظاهر ان المراد بالعى هنا اللغوب الواقع فى قوله { ولقد خلقنا السموات والارض وما بينهما فى ستة ايام وما مسنا من لغوب } والقرءآن يفسر بعضه بعضا فالاعياء مرفوع محال لانه لو كان لاقتضى ضعفا واقتضى فسادا { بقادر } خبر أن ووجه دخول الباء اشتمال النفى الوارد فى صدر الآية على ان وما فى حيزها كأنه قيل او ليس اللّه بقادر { على ان يحيى الموتى } ولذا اجيب عنه بقوله { بلى انه على كل شئ قدير } تقريرا للقدرة على وجه عام يكون كالبرهان على المقصود يعنى ان اللّه تعالى اذا كان قادرا على كل شئ كان قادرا على احياء الموتى لانه من جملة الاشياء وقدرته تعالى لا تختص بمقدور دون مقدور فبلى يختض بالنفى ويفيد ابطاله على ما هو المشهور وان حكى الرضى عن بعضهم انه جازا استعمالها فى الايجاب ٣٤ { ويوم يعرض الذين كفروا على النار } اى يعذبون بها كما سبق فى هذه السورة ويوم ظرف عامله قول مضمر اى يقال لهم يومئذ { أليس هذا } العذاب الذى ترونه { بالحق } اى حقا وكنتم تكذبون به وفيه تهكم بهم وتوبيخ لهم على استهزآئهم بوعد اللّه ووعيده وقولهم وما نحن بمعذبين { قالوا بلى } اى انه الحق { وربنا } وهو اللّه تعالى اكدوا جوابهم بالقسم لانه يطمعون فى الخلاص بالاعتراف بحقيته كما فى الدنيا وأنى لهم ذلك { قال } اللّه تعالى او خازن النار { فذوقوا العذاب } اى احسوا به احساس الذائق المطعوم { بما كنتم تكفرون } به فى الدنيا والباء للسببية ومعنى الامر الاهانة بهم والتوبيخ لهم على ما كان فى الدنيا من الكفر والانكار لوعد اللّه ووعيده قال ابن الشيخ الظاهر ان صيغة الامر لا مدخل لها فى التوبيخ وانما هو مستفاد من قوله بما كنتم تكفرون وفى الآية اشارة الى انهم كانوا فى الدنيا معذبين بعذاب البعد والقطيعة وافساد الاستعداد الاصلى لقبول الكمالات وبلوغ القربات ولكن ما كانوا يذوقون مرارة ذلك العذاب وحرقته لغلبة الحواس الظاهرة وكلالة الحواس الباطنة كما ان النائم لا يحس قرص النملة وعض البرغوث وهنا ورد الناس نيام فاذا ماتوا تيقظوا واعلم كما ان الموت حق واقع لا يستريبه احد فكذا الحياة بعد الموت ولا عبرة بانكار المنكر فانه من الجهل والا فقد ضرب اللّه له مثلا بالتيقظ بعد النوم ولذا ورد النوم اخو الموت ثم ان الحياة على انواع حياة فى الارحام بنفخ اللّه الروح وحياة فى القبور بنفخ اسرافيل فى الصور وحياة للقلوب بالفيض الروحانى وحياة الارواح بالسر الربانى ولن يتخلص احد من العذاب الروحانى والجسمانى الا بدخول جنة الوصل الالهى الربانى وهو انما يحصل بمقاساة الرياضات والمجاهدات فان الجنة حفت بالمكاره نقلست كه يكروز حسن بصرى ومالك بن دينار وشقيق بلخى نزد رابعه عدويه شدند واو رنجور بود حسن كفت ليس بصادق فى دعواه من لم يصبر على ضرب مولاه شقيق كفت ليس بصادق فى دعواه من لم يشكر على ضرب مولاه كفت ليس بصادق فى دعواه من لم يتلذذ بضرب مولاه رابعه را كفتند توبكو كفت ليس بصادق فى دعواه من لم ينس الضرب فى مشاهدة مولاه وابن عجب نبودكه زنان مصر در مشاهده مخلوق درد زخم نيافتند اكركسى درمشاهده خالق بدين صفت بود عجب نبود فعلم من هذا ان المرء اذا كان صادقا فى دعوة طلب الحق فانه لا يتأذى من شئ مما يجرى على رأسه ولا يريد من اللّه الا ما يريد اللّه منه عاشقانرا كردر آتش مىنشاند قهردوست تنك جشمم كرنظر درجشمه كوثر كنم وان الصادق لا يخلو من تعذيب النفس فى الدنيا بنار المجاهدة ثم من احراقها بالكلية بالنار الكبرى التى هى العشق والمحبة فاذا لم يبق فى الوجود ما يتعلق بالاحراق كيف يعرض على النار يوم القيامة لتخليص الجوهر ونفسه مؤمنة مطمئنة ومن اللّه العون والامداد ٣٥ { فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل } الفاء جواب شرط محذوف والعزم فى اللغة الجد والفصد مع القطع اى اذا كان عاقبة امر الكفرة ما ذكر فاصبر على ما يصيبك من جهتهم كما صبر أولوا الثبات والحزم من الرسل فانك من جملتهم بل من عليتهم ومن للتبيين فيكون الرسل كلهم اولى عزم وجد فى امر اللّه قال فى التكملة وهذا لا يصح لابطال معنى تخصص الآية وقيل من للتبعيض على انهم صنفان اولوا عزم وغير اولى عزم والمراد باولى العزم اصحاب الشرآئع الذين اجتهدوا فى تأسيسها وتقريرها وصبروا على تحمل مشاقها ومعاداة الطاعنين فيها ومشاهيرهم نوح وابراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام وقد نظمهم بعضهم بقوله اولوا العزم نوح والخليل بن آزر ... وموسى وعيسى والحبيب محمد لامثلة المقحمة هذا القول هو الصحيح وقيل هم الصابرون على بلاء اللّه كنوح صبر على اذية قومه كانوا يضربونه حتى يغشى عليه وابراهيم صبر على النار وعلى ذبح ولده والذبيح على الذبح ويعقوب على فقد الولد ويوسف على الجب والسجن وايوب على الضر وموسى قال قومه انا لمدركون قال كلا ان معى ربى سيهدين ويونس على بطن الحوت وداود بكى على خطيئته اربعين سنة وعيسى لم يضع لبنة على لبنة وقال انها معبرة فاعبروها ولا تعمروها صلوات اللّه عليهم اجمعين وقال قوم الانبياء كلهم اولو العزم الا يونس لعجلة كانت منه الا يرى انه قيل للنبى عليه السلام { ولا تكن كصاحب الحوت } ولا آدم لقوله تعالى { ولقد عهدنا الى آدم من قبل فنسى ولم نجد له عزما } قال فى حواشى ابن الشيخ ليس بصحيح لان معنى قوله ولم نجد له عزما قصدا الى الخلاف ويونس لم يكن خروجه بترك الصبر لكن توقيا عن نزول العذاب انتهى وفيه ما فيه كما لا يخفى على الفقيه قال بعضهم اولوا العزم اثنا عشر نبيا ارسلوا الى بنى اسرآئيل بالشام فعصوهم فاوحى اللّه الى الانبياء انى مرسل عذابى على عصاة بنى اسرآئيل فشق ذلك على الانبياء فاوحى اللّه اليهم اختاروا لانفسكم ان شئتم انزلت بكم العذاب وانجيت بنى اسرآئيل وان شئتم انجيتكم وانزلت العذاب ببنى اسرآئيل فتشاوروا بينهم فاجتمع رأيهم على ان ينزل بهم العذاب وينجى بنى اسرآئيل فسلط اللّه عليهم ملوك الارض فمنهم من نشر بالمنشار ومنهم من سلخ جلدة راسه ووجهه ومنهم من صلب على الخشب حتى مات ومنهم من احرق بالنار وقيل غير ذلك واللّه تعالى اعلم واحكم يقول الفقير لا شك ان اللّه تعالى فضل أهل الوحى بعضهم على بعض ببعض الخصائص وان كانوا متساوين فى اصل الوحى والنبوة كما قال تعالى { تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض } وكذا باين بينهم فى مراتب الابتلاء وان كان كل منهم لا يخلو عن الابتلاء من حيث ان امر الدعوة مبنى عليه فأولوا العزم من هم فوق غيرهم من الرسل وكذا الرسل فوق الانبياء واما نبينا عليه السلام فأعلى اولوا العزم دل عليه قوله تعالى { وانك لعلى خلق عظيم } فان كونه على خلق عظيم يستدعى شدة البلاء وقد قال ( ما اوذى نبى مثل ما اوذيت ) ففرق بين عزم وعزم وقوله تعالى { ولا تكن كصاحب الحوت } مع قوله { اذ ذهب مغاضبا } دل على ان يونس عليه السلام قد صدر منه الضجرة وقول يوسف عليه السلام { فاساله ما بال النسوة } دل على انه صدر منه التزكية وقول لوط عليه السلام { لو أن لى بكم قوة او آوى الى ركن شديد } دل على انه ذهل عن ان اللّه تعالى كان ركنه الشديد وقس على هذا المذكور قول عزيز { أنى يحيى هذه اللّه بعد موتها } ونحو ذلك فظهر أن الانبياء عليهم السلام متفاوتون فى درجات المعارف ومراتب الابتلاء وطبقات العزم قال بعضهم اولوا العزم من لا يكون فى عزمه فسخ ولا فى طلبه نسخ كما قيل بعضهم بم وجدت ما وجدت قال بعزيمة كعزيمة الرجال اى الرجال البالغين مرتبة الكمال { ولا تستعجل لهم } اى لكفار مكة بالعذاب فانه على شرف النزول بهم ومهلهم ليستعدوا بالتمتعات الحيوانية للعذاب العظيم فانى امهلهم رويدا كأنه ضجر بعض الضجر فأحب ان ينزل العذاب بمن أبى منهم فأمر بالصبر وترك الاستعجال { كأنهم يوم يرون ما يوعدون } من العذاب { لم يلبثوا } اى لم يمكثوا فى الدنيا والتمتع بنعيمها { الا ساعة } يسيرة وزمانا قليلا { من نهار } لما يشاهدون من شدة العذاب وطول مدته يعنى ان هول ما ينزل بهم ينسيهم مدة اللبث وايضا ان ما مضى وان كان دهرا طويلا لكنه يظن زمانا قليلا بل يكون كأن لم يكن فغاية التنعم الجسمانى هو العذاب الروحانى كما فى البرزخ والعذاب الجسمانى ايضا كما فى يوم القيامة غبار قافله عمرجون نمايان نيست دواسبه رفتن ليل ونهار را درياب { بلاغ } خبر مبتدأ محذوف اى هذا الذى وعظتم به كفاية فى الموعظة او تبليغ من الرسول فالعبد يضرب بالعصا والحر يكفيه الاشارة { فهل يهلك } اى ما يهلك وبالفارسية بس آيا هلاك كرده خواهند شد بعذاب واقع كه نازل شود يعنى نخوا هندشد { الا القوم الفاسقون } اى الخارجون عن الاتعاظ به او عن الطاعة وقال بعض أهل التأويل اى الخارجون من عزم طلبه الى طلب ما سواه وفى هذه الالفاظ وعيد محض وانذار بين وفى الفردوس قال ابن عباس رضى اللّه عنهما قال النبى عليه السلام ( اذا عسر على المرأة ولادتها اخذ اناء نظيف وكتب عليه ( كأنهم يوم يرون ما يوعدون ) الخ ( وكأنهم يوم يرونها ) الخ ( ولقد كان فى قصصهم عبرة لاولى الالباب ) الخ ثم يغسل وتسقى منه المرأة وينضح على بطنها وفرجها ) كما فى بحر العلوم وقال فى عين المعانى قال ابن عباس رضى اللّه عنهما اذا عسر على المرأة الولادة فليكتب هاتان الآيتان فى صحيفة ثم تسقى وهى هذه بسم اللّه الرحمن الرحيم لا اله الا اللّه الحكيم الكريم لا اله الا اللّه العلى العظيم سبحان اللّه رب السموات السبع ورب العرش العظيم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا الا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك الا القوم الفاسقون { كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا الا عشية او ضحاها } وفى شرعة الاسلام المرأة التى عسرت عليها الولادة يكتب لها فى جام وهو طبق ابيض من زجاج او فضة ويغسل ويسقى ماؤه بسم اللّه الذى لا اله الا هو العليم الحكيم سبحان اللّه رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين كأنهم يوم يرون الخ ومر عيسى بن مريم ببقرة اعترض ولدها فى بطنها فقالت يا كلمة اللّه ادعو اللّه ان يخلصنى فقال عيسى يا خالق النفس من النفس خلصها فألقت ما فى بطنها فاذا عسرت على المرأة الولادة فليكتب لها هذا وكذا اذا عسرت على الفرس والبقر وغيرهما قال فى آكام المرجان يجوز ان يكتب للمصاب وغيره من المرضى شئ من كتاب اللّه وذكره بالمداد المباح ويغسل ويسقى كما نص على ذلك الامام احمد وغيره انتهى واحترز بكتاب اللّه وذكره عما لا يعرف معناه من لغات الملل المختلفة فانه يحتمل ان يكون فيه كفر واحترز بالمداد المباح عن الدم ونحوه من النجاساة فانه حرام بل كفر وكذا تقليب حروف القرءآن وتعكيسها نعوذ باللّه ثم من لطائف القرءآن الجليل ختم السورة الشريفة بالعذاب القاطع لدابر الكافرين والحمد لله حمدا كثيرا الى يوم الدين والى ابد الآبدين |
﴿ ٠ ﴾