سُورَةُ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَدَنِيَّةٌ وَهِيَ ثَمَانٍ وَثَلاَثُونَ آيَةً ١ { الذين كفروا وصدوا عن سبيل اللّه } اى اعرضوا عن الاسلام وسلوك طريقه من صد صدودا فيكون كالتأكيد والتفسير لما قبله او منعوا الناس عن ذلك من صده صدا كالمطعمين يوم بدر فان مترفيهم اطعموا الجنود يستظهرون على عداوة النبى عليه السلام والمؤمنين فيكون مخصصا لعموم قوله الذين كفروا والظاهر انه عام فى كل من كفر وصد { اضل اعمالهم } اى ابطلها واحبطها وجعلها ضائعة لا اثر لها اصلا لا بمعنى انه بطلها واحبطها بعد أرلم تكن بذلك بل بمعنى انه حكم ببطلانها وضياعها فل ما كانوا يعملونه من اعمال البر كصلة لارحام وقرى لاصياف وفك الاسارى وغيرها من المكارم ليس لها اثر من اصلها لعدم مقارنتها للايمان وابطل ما عملوه من الكيد لرسول اللّه عليه السلام والصد عن سبيله بنصر رسوله واظهار دينه على الدين كله وهو الاوفق بقوله { فتعسا لهم واضل اعمالهم } وقوله تعالى { فاذا لقيتم } الخ ٢ { والذين آمنوا وعملوا الصالحات } يعم كل من آمن وعمل صالحا من المهاجرين وأهل الكتاب وغيرهم وكذا يعم لايمان بجميع لكتب الالهة { وآمنوا بما نزل على محمد } حص بالذكر الايمان بذلك مع اندراجه فيما قبله تنويها بشأن المنزل عليه كما فى عطف جبرآئيل على الملائكة وتنبيها على سمو مكانه من بين سائر ما يجب الايمان به وانه الاصل فى الكل ولذلك اكد بقوله تعالى { وهو } اى ما نزل على محمد { الحق } حال كونه { من ربهم } بطريق حصر الحقية فيه والحق مقابل الباطل { كفر عنهم سيئاتهم } اى سترها بالايمان والعمل الصالح { وأصلح بالهم } اى حالهم فى الدين والدنيا بالتأييد والتوفيق قال الراغب فى المفردات البال التى يكترث لها ولذلك يقال ما باليت بكذا اى ما اكترثت ويعبر عن البال بالحال الذى ينطوى عليه الانسان فيقال ما خطر كذا ببالى وفى القاموس البال الحال ٣ { ذلك } اشارة الى ما مر من اضلال الاعمال وتكفير السيئات واصلاح البال وهو مبتدأ خبره قوله { بان الذين كفروا } اى كائن بسبب ان الكافرين { اتبعوا الباطل } اى الشيطان ففعلوا ما فعلوا من الكفر والصد فبيان سببية اتباعه للاضلال المذكور متضمن لبيان مسببيتهما لكونه اصلا مستتبعا لهما قطعا { وان الذين آمنوا } اى وبسبب ان المؤمنين { اتبعوا الحق } الذى لا محيد عنه كائنا { من ربهم } ففعلوا ما فعلوا من الايمان به وبكتابه ومن الاعمال الصالحة فبيان سببية اتباعه لما ذكر من التكفير والاصلاح بعد الاشعار بسببية الايمان والعمل الصالح له متضمن لبيان مسببيتهما له لكونه مبدأ ومنشأ لهما حتما فلا تدافع بين الاشعار والتصريح فى شئ من الموضعين { كذلك } اى مثل ذلك الضرب البديع { يضرب اللّه } اى يبين قال الراغب قيل ضرب الدراهم اعتبارا بضربها بالمطرقة ومنه ضرب المثل وهو ذكر شئ اثره يظهر فى غيره { للناس امثالهم } اى احوال الفريقين واوصافهما الجارية فى الغرابة مجرى الامثال وهى اتباع الاولين الباطل وخيبتهم وخسرانهم واتباع الآخرين الحق وفوزهم وفلاحهم وفى الخبر ( اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه ) والحق يقال على اوجه الاول يقال لموجد الشئ بحسب ما تقضيه الحكمة ولذا قيل فى اللّه تعالى هو الحق والثانى يقال للموجد بحسب مقتضى الحكمة ولذلك قيل فعل اللّه تعالى كله حق نحو قولنا الموت حق والبعث حق ويدخل فيه جميع الموجودات فانه لا عبث فى فعل الحكيم تعالى وبطلان بعض الاشياء اضافى لا حقيقى حتى الشيطان ونحوه والثالث يقال للاعتقاد فى الشئ المطابق لما عليه ذلك الشئ فى نفسه كقولنا اعتقاد فلان فى البعث والثواب والعقاب والجنة والنار حق والرابع يقال للفعل والقول الواقع بحسب ما يجب وقدر ما يجب فى الوقت الذى يجب كقولنا فعلك حق وقولك حق ولباطل نقيض الحق فى هذه المعانى فالايمان حق لانه مما امر اللّه به ولكفر باطل لانه مما نهى اللّه عنه وقس عليه الاعمال الصالحة والمعاصى والايمان عبارة عن قطع الاشراك باللّه مطلقا والعمل الصالح ما كان لله تعالى خالصا وكان الكبار يبذلون مقدروهم فيه لان ما كان لرضى اللّه تعالى مفتاح السعادة فى الدارين قال موسى عليه السلام يا رب فأى عبادك اعجز قال الذى يطلب الجنة بلا عمل والرزق بلا دعاء قال واى عبادك ابخل قال لذى يسأله سائل وهو يقدر على اطعامه ولم يطعمه والذى يبخل بالسلام على اخيه كويند باز كشت بخيلان بودبخاك حاشاكه هيج خك بذيرد بخيل را يقول الفقير مجرد الانفاق والاطعام لا يعتبر الا اذا كان مقارنا بالخلوص وطلب الرضى الا ترى ان قريشا اطعموا الكفار فى وقعة بدر فعاد انفاقهم خيبة وخسارا لانه كان فى طريق الشيطان لا فى طريق اللّه تعالى فأحبط اعمالهم وكذا مجرد الامساك لا يعد بخلا الا اذا كان ذلك امساكا عن المستحق الا ترى كيف قال اللّه تعالى { ولا تؤتوا السفهاء اموالكم التى جعل اللّه لكم قياما } فحذرهم فى غير محل الاسراف ولا سرف فى الخير ثم ان أعمال المبتدعة باطلة ايضا لانها على زيغ وانحراف عن سننها وان كانوا يحسبون انهم يحسنون صنعا فالكفر والبدعة والمعاصى اقبح الاشياء كما ان الايمان والسنة والطاعة احسن الاشياء بشر حافى قدس سره كفت رسول اللّه را عليه السلام بخواب ديدم مرا كفت اى بشر هيج دانى كه جرا خداى تعالى ترا بركزيد ازميان اقران وبلند كردانيد كفتم نه يا رسول اللّه كفت بسبب آنكه متابعت سنت من كردى وصالحا نرا حرمت نكاه داشتى وبرادرانر نصيحت كردى واصحاب وأهل بيت مرا دوست داشتى حق تعالى ترابدين سبب بمقام ابرار رسانيد ثم ان طريق اتباع الحق انما يتيسر باتباع أهل الحق فانهم ورنثة النبى صلى اللّه عيه وسلم فى التحقق بالحق والارشاد اليه فمن اتبع أهل الحق اهتدى ومن اتبع أهل الباطل ضل فالاول أهل جمال اللّه تعالى والملك خادمه والثانى أهل جلال اللّه تعالى والشيطان سادنه فعلى العاقل الرجوع الى الحق وصحبة اهله كما قال تعالى { وكونوا مع الصادقين } نسأل اللّه سبحانه وتعالى ان يجعلنا من الذين يخدمون الحق بالحق ويعصمنا من البطالة والبطلان والزيغ المطلق انه هو الحق الباقى واليه التلاقى ٤ { فاذا لقيتم الذين كفروا } اللقاء ديدن وكار زار كردن ورسيدن قال الراغب اللقاء يقال فى الادراك بالحس بالبصر وبالبصيرة اى فاذا كان الامر كما ذكر من ضلال اعمال الكفرة وخيبتهم وصلاح احوال المؤمنين وفلاحهم فاذا لقيتموهم فى المحاربة يا معشر المسلمين { فضرب الرقاب } اصله فاضربوا الرقاب ضربا فحذف الفعل وقدم المصدر وانيب منابه مضافا الى المفعول والالف واللام بدل من الاضافة اى فاضربوا رقابهم بالسيف والمراد فاقتلوهم وانما عبر عن القتل بضرب الرقاب تصويرا له بأشنع صورة وهو جز الرقبة واطارة العضو الذى هو رأس البدن وعلوه واوجه اعضائه وارشادا للغزاة الى أيسر ما يكون منه وفى الحديث ( انا لم ابعث لاعذب بعذاب اللّه وانما بعثت بضرب الرقاب وشد الوثاق ) { حتى اذا اثخنتموهم } قال فى الكشاف الاثخان كثرة القتل والمبالغة فيه من قولهم اثخنته الجراحات اذا اثبتته حتى تثقل عليه الحركة واثخنه المرض اذا اثقله من الثخانة التى هى الغلظ والكثافة وفى المفردات يقال ثخن الشئ فهو ثخين اذا غلظ ولم يستمر فى ذهابه ومنه استعير قولهم اثخنته ضربا واستخفافا والمعنى حتى اذا اكثرتم قتلهم واغلظتموه على حذف المضاف او اثقلتموهم بالقتل والجراح حتى اذهبتم عنهم النهوض { فشدوا الوثاق } الوثاق بالفتح والكسر اسم ما يوثق به ويشد من القيد قال فى الوسيط الوثاق اسم من الايثاق اوثقه ايثاقا ووثاقا اذا شد أسره كيلا يفلت فالمعنى فأسروهم واحفظوهم وبالفارسية بس استوار كنيد بندرا يعنى بكيريد ايشانرا باسيرى وبند كنيد محكم تابكريزند وقال ابو الليث يعنى اذا قهرتموهم واسرتموهم فاستوثقوا ايديهم من خلفهم كيلا يفلتوا والاسر يكون بعد المبالغة فى القتل { فاما منا } اى تمنون منا وهو أن يترك الامير الاسير الكافر من غير ان يأخذ منه شيأ { بعد } اى بعد شد الوثاق { واما فدآء } اى تفدون فدآء هو ان يترك الامير الاسير الكافر ويأخذ مالا او اسيرا مسلما فى مقابلته يقال فداه يفديه فدى وفدآء وفداه وافتداه وفاداه اعطى شيأ فأنقذه والفدآء ذلك المعطى ويقصر كما فى القاموس وقال الراغب الفدى والفدآء حفظ الانسان عن النائبة بما يبذله عنه كما يقال فديته بمالى وفديته بنفسى وفاديته بكذا انتهى قال الشيخ الرضى المطلوب من شد الوثاق اما قتل او استرقاق او من أو فدآء فالامام يتخير فى الاسارى البالغين من الكفار بين هذه الخصال الاربع وهذا التخيير ثابت عند الشافعى ومنسوخ عندنا بقوله تعالى { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } قالوا نزل ذلك يوم بدر ثم نسخ والحكم اما القتل او الاسترقاق قال فى الدرر وحرم منهم فداؤهم وردهم الى دارهم لان رد الاسير الى دار الحرب تقوية لهم على المسلمين فى الحرب فيكره كما يكره بيع السلاح لهم وفى المن خلاف الشافعى واما الفدآء فقبل الفراغ من الحرب جاز بالمال لا بالاسير المسلم وبعده لا يجوز بالمال عند علمائنا وبالنفس عند ابى حنيفة ويجوز عند محمد وعن ابى يوسف روايتان وعن مجاهد ليس اليوم من ولا فدآء انما الاسلام او ضرب العنق وعن الصديق رضى اللّه عنه لا افادى رجلا من المشركين احب الى من كذا وكذا وقد قتل عليه السلام يوم فتح مكة ابن الاخطل وهو متعلق بأستار الكعبة بعدما وقع فى منعة المسلمين فهو كالاسير { حتى تضع الحرب اوزارها } اوزار الحرب آلاتها واثقالها التى لا تقوم الا بها من السلاح والكراع يعنى الخيل اسند وضعها اليها وهو لاهلها اسنادا مجازيا وأصل الوزر بالكسر الثقل وما يحمله الانسان فسمى الاسلحة اوزارا لانها تحمل فيكون جعل مثل الكراع من الاوزار من التغليب وحتى غاية عند الشافعى لاحد الامور الاربعة او للمجموع والمعنى انهم لا يتركون على ذلك ابدا الى ان لا يكون مع المشرين حرب بان لا يبقى لهم شوكة واما عند ابى حنيفة فانه حمل الحرب على حرب بدر فهى غاية للمن والفدآء والمعنى يمن عليهم ويفادون حتى تضع الحرب اوزارها وتنقضى وان حملت على الجنس فهى غاية للضرب والشد والمعنى انهم يقتلون ويؤسرون حتى يضع جنس الحرب اوزارها بان لا يبقى للمشركين شوكة ( وقال الكاشفى ) تابنهد اهل حرب سلاح حرب رايعنى دين اسلام بهمه جار سد وحكم قتال نماند وآن نزديك نزول عيسى عليه السلام خواهد بود جه در خبر آمده كه آخر قتال امت من بادجال است فما دام الكفر فالحرب قائمة ابدا { ذلك } اى الامر ذلك او افعلوا ذلك { ولو يشاء اللّه } لو للمضى وان دخل على المستقبل { لانتصر منهم } لانتقم منهم بغير قتال بان يكون ببعض اسباب الهلكة والاستئصال من خسف او رجفة او حاصب او غرق او موت ذريع ونحو ذلك ويجوز أن يكون الانتقام بالملائكة بصيحتهم او بصرعهم او بقتالهم من حيث لا يراهم الكفار كما وقع فى بدر { ولكن } لم يشأ ذلك { ليبلو } تابيازمايد { بعضكم ببعض } فامركم بالقتال وبلاكم بالكافرين لتجاهدوهم فتستوجبوا الثواب العظيم بموجب الوعد والكافرين بكم ليعاجلهم على ايديكم ببعض عذابهم كى يرتدع بعضهم عن الكفر وفى الآية اشارة الى كافر النفس حيثما وجدتموه وهو يمد رأسه الى مشرب من مشارب الدنيا ونعيمها فاضربوا عنق ذلك الرأس وادفعوه عن ذلك المشرب حتى اذا غلبتموهم اى النفوس وسخرتموهم فشدوهم بوثاق اركان الشريعة وآداب الطريقة فانه بهذين الجناحين يطير صاحب الهمم العلية الى عالم الحقيقة فاما منا على النفوس بعد الوصول بترك المجاهدة واما فداء بكثرة العبادة عوضا عن ترك المجاهدة بعد الظفر بالنفوس واما قتل النفوس بسيف المخالفة فانه فى مذهب ارباب الطلب يجوز كل ذلك بحسب نظر كل مجتهد فان كل مجتهد منهم مصيب وذلك الى ان يجد الطالب المطلوب ويصل العاشق الى المعشوق بأن جرى على النفس بعد الظفر بها مسامحة فى اغفاء ساعة وافطار يوم ترويحا للنفس من الكد واجماعا للحواس قوة لها على الباطل فيما يستقبل من الامر فذلك على ما يحصل به استصواب من شيخ المريد او فتوى لسان القوم او فراسة صاحب الوقت ولو شاء اللّه لقهر النفوس بتجلى صفات الجلال بغير سعى المجاهد فى القتال ولكن الخ { والذين قتلوا فى سبيل اللّه } اى استشهدوا يوم بدر ويوم احد وسائر الحروب { فلن يضل اعمالهم } اى فلن يضيعها بل يثيب عليها ٥ { سيهديهم } فى الدنيا الى ارشد الامور وفى الآخرة الى الثواب وعن الحسن بن زياد يهديهم الى طريق الثواب فى جواب منكر ونكير وفيه أن أهل الشهادة لا يسألون { ويصلح بالهم } اى شأنهم وحالهم بالعصمة والتوفيق والظاهر ان السين للتأكيد والمعنى يهديهم اللّه البتة الى مقاصدهم الاخروية ويصلح شانهم بارضاء خصمائهم لكرامتهم على اللّه بالجهاد والشهادة ٦ { ويدخلهم الجنة عرفها لهم } الجملة مستأنفة اى عرفها لهم فى الدنيا بذكر اوصافها بحيث اشتاقوا اليها او بينها لهم بحيث يعلم كل احد منزله ويهتدى اليه كأنه كان ساكنه منذ خلق وفى الحديث ( لأحدكم بمنزله فى الجنة أعرف منه بمنزله فى الدنيا ) وفى المفردات عرفه جعل له عرفا اى رائحة طيبة فالمعنى زينها لهم وطيبها وقال بعضهم حددها لهم وافرزها من عرف الدار فجنة كل منهم محددة مفرزة ومن فضائل الشهدآء انه ليس احد يدخل الجنة ويحب ان يخرج منها ولو اعطى ما فى الدنيا جميعا الا الشهيد فانه يتمنى ان يرده اللّه الى الدنيا مرارا فيقتل فى سبيل اللّه كما قتل اولا لما يرى من عظيم كرامة الشهداء على اللّه تعالى ومن فضائلهم ان الشهادة فى سبيل اللّه تكفر ما على العبد من الذنوب التى بينه وبين اللّه تعالى وفى الحديث ( يغفر للشهيد كل شئ الا الدين ) والمراد بالدين كل ما كان من حقوق الآدميين كالغصب واخذ المال بالباطل وقتل العمد والجراحة وغير ذلك من التبعات وكذلك الغيبة والنميمة والسخرية وما اشبه ذلك فان هذه الحقوق كلها لا بد من استيفائها لمستحقها وقال القرطبى الدين الذى يحبس صاحبه عن الجنة هو الذى قد ترك له وفاء ولم يوص به او قدر على الادآء فلم يؤده او ادانه على سفه او سرف ومات ولم يوفه واما من ادان فى حق واجب كفاقة وعسر ومات ولم يترك وفاء فان اللّه لا يحبسه عن الجنة شهيدا كان او غيره ويقضى عنه ويرضى خصمه كما قال عليه السلام ( من اخذ اموال الناس يريد ادآءها ادى اللّه عنه ومن اخذها يريد اتلافها اتلفه اللّه ) وفى الآية حث على الجهادين الاصغر والاكبر ومن قتله العدو الظاهر صار شهيدا ومن قتله العدو الباطن وهو النفس صار طريدا كما قيل وآنكه كشت كافران باشد شهيد كشته نفس است نزد حق طريد نسأل اللّه العون على محاربة النفس الامارة والشيطان ٧ { يا أيها الذين آمنوا ان تنصروا اللّه } اى دينه ورسوله { ينصركم } على اعدآئكم ويفتح لكم { ويثبت اقدامكم } فى مواطن الحرب ومواقفها او على حجة الاسلام واعلم ان النصرة على وجهين الاول نصرة العبد وذلك بايضاح دلائل الدين وازالة شبهة القاصرين وشرح احكامه وفرائضه وسننه وحلاله وحرامه والعمل بها ثم بالغزو والجهاد لاعلاء كلمة اللّه وقمع اعدآء الدين اما حقيقة كمباشرة المحاربة بنفسه واما حكما بتكثير سواد المجاهدين بالوقوف تحت لوائهم او بالدعاء لنصرة المسلمين ثم بالجهاد الاكبر بان يكون عونا لله على النفس حتى يصرعها ويقتلها فلا يبقى من هواها اثر والثانى نصرة اللّه تعالى وذلك بارسال الرسل وانزال الكتب واظهار الآيات والمعجزات وتبيين السبل الى النعيم والجحيم وحضرة الكريم والامر بالجهاد الاصغر والاكبر والتوفيق للسعى فيهما طلبا لرضاه لا تبعا لهواه وباظهاره على اعدآء الدين وقهرهم فى اعلاء كلمة اللّه العليا وايتاء رشده فى افناء وجوده الفانى فى الوجود الباقى بتجلى صفات جماله وجلاله قال بعض الكبار زلل الاقدام بثلاثة اشياء بشرك الشرك لمواهب اللّه والخوف من غير اللّه والامل فى غيره وثبات الاقدام بثلاثة اشياء بدوام رؤيت المفضل والشكر على النعم ورؤية التقصير فى جميع الاحوال والخوف منه والسكون الى ضمان اللّه فيما ضمن من غير انزعاج ولا احتياج فعلى العاقل نصرة الدين على مقتضى العهد المتين ( قال الحافظ ) بيمان شكن هرآينه كردد شكسته حال ان العهود لدى أهل النهى ذمم ٨ { والذين كفروا فتعسا لهم } خوارى ورسوايى وهلاك وناميدى مرايشان راست قال فى كشف الاسرار اتعسهم اللّه فتعصوا تعسا والاتعاس هلاك كردن وبرروى افكند وفى الارشاد وانتصابه بفعل واجب حذفه سماعا اى فقال تعسا لهم والتعس الهلاك والعثار والسقوط والشر والبعد والانحطاط ورجل تاعس وتعس والفعل كمنع وسمع وتعسه اللّه واتعسه { واضل اعمالهم } عطف عليه داخل معه فى حيز الخبرية للموصول يعنى كم ونابود وباطل كرد اللّه تعالى عملهاى ايشانرا ٩ { ذلك } اى ما ذكر من التعس واضلال الاعمال { بانهم } اى بسبب انهم { كرهوا ما انزل اللّه } من القرءآن لما فيه من التوحيد وسائر الاحكام المخالفة لما ألفوه واشتهته انفسهم الامارة بالسوء { فأحبط } اللّه { اعمالهم } لاجل ذلك اى ابطلها كرره اشعارا بانه يلزم الكفر بالقرءآن ولا ينفك عنه بحال والمراد بالاعمال طواف البيت وعمارة المسجد الحرام واكرام الضيف واغاثة الملهوفين واعانة المظلومين ومواساة اليتامى والمساكين ونحو ذلك مما هو فى صورة البر وذلك بالنسبة الى كفار قريش وقس عليهم اعمال سائر الكفرة الى يوم الدين ١٠ { افلم يسيروا } كفار العرب { فى الارض } اى أقعدوا فى اماكنهم ولم يسيروا فيها الى جانب الشام واليمن والعراق { فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم } من الامم المكذبة كعاد وثمود وأهل سبأ فان آثار ديارهم تنبئ عن اخبارهم { دمر اللّه عليهم } استئناف مبنى على سؤال نشأ من الكلام كأنه قيل كيف كان عاقبتهم فقيل استأصل اللّه عليهم ما اختص بهم من انفسهم واهليهم واموالهم يقال دمره اهلكه ودمر عليه اهلك عليه ما يختص به قال الطيبى كأن فى دمر عليهم تضمين معنى اطبق فعدى بعلى فاذا اطبق عليهم دمارا لم يخلص مما يختص بهم احد وفى حواشى سعدى المفتى دمر اللّه عليهم اى اوقع التدمير عليهم { وللكافرين } اى ولهؤلاء الكافرين السائرين بسيرتهم { امثالها } اى امثال عواقبهم او عقوباتهم لكن لا على ان لهؤلاء امثال ما لاولئك واضعافه بل مثله وانما جمع باعتبار مماثلته لعواقب متعددة حسب تعدد الامم المعذبة وفى الآية اشارة الى ان النفوس السائرة لتلحق نعيم صفاتها الذميمة كرهوا ما انزل اللّه من موجبات مخالفات النفس والهوى وموافقات الشرع ومتعابعة الانبياء فأحبط اعمالهم لشوبها بالشرك والرياء والتصنع والهوى او لم يسلكوا فى ارض البشرية فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم من القلوب والارواح لما تابعوا الهوى وتلوثوا بحب الدنيا اهلكهم اللّه فى اودية الرياء وبوادى البدعة والضلال وللكافرين من النفوس اللئام فى طلب المرام امثالها من الضلال والهلاك ١١ { ذلك } اشارة الى ثبوت امثال عقوبة الامم السابقة لهؤلاء وقال بعضهم ذلك المذكور من كون المؤمنين منصورين مظفرين ومن كون الكافرين مقهورين مدمرين { بان اللّه } اى بسبب انه تعالى { مولى الذين آمنوا } اى ناصر لهم على اعدآئهم فى الظاهر والباطن بسبب ايمانهم { وان الكافرين } اى بسبب انهم { لا مولى لهم } اى لا ناصر لهم فيدفع عنهم العذاب الحال بسبب كفرهم فالمراد ولاية النصرة لا ولاية العبودية فان الخلق كلهم عباده تعالى كما قال { ثم ردوا الى اللّه مولاهم الحق } اى مالكهم الحق وخالقهم او المعنى لا مولى لهم فى اعتقادهم حيث يعبدون الاصنام وان كان مولاهم الحق تعالى فى نفس الامر ويقال ارجى آية فى القرءآن هذه الآية لان اللّه تعالى قال مولى الذين آمنوا ولم يقل مولى الزهاد والعباد واصحاب الاوراد والاجتهاد والمؤمن وان كان عاصيا فهو من جملة الذين آمنوا ذكره القشيرى قدس سره واعلم ان الجند جندان جند الدعاء وجند الوغى فكما ان جند الوغى منصورون بسبب اقويائهم فى باب الديانة والتقوى ولا يكونون محرومين من الطاف اللّه تعالى كذلك جند الدعاء مستجابون بسبب ضعفائهم فى باب الدنيا وظاهر الحال ولا يكونون مطرودين عن باب اللّه كما قال عليه السلام ( انكم تنصرون بضعفائكم ) ( قال الشيخ السعدى ) دعاء ضعيفان اميدورا زبازوى مردى به آيد بكار ثم اعلم ان اللّه تعالى هو الموجود الحقيقى وما سواه معدوم بالنسبة الى وجوده الواجب فالكفار لا يعبدون الا المعدوم كالاصنام والطاغوت فلذا لا ينصرون والمؤمنون يعبدون الموجود الحقيقى وهو اللّه تعالى فلذا ينصرهم فى الشدائد وايضا ان الكفار يستندون الى الحصون والسلاح والمؤمنون يتوكلون على القادر القوى الفتاح فاللّه معينهم على كل حال ( روى ) ان النبى عليه السلام كان بعد غزوة تحت شجرة وحيدا فحمل عليه مشرك بسيف وقال من يخلصك منى فقال النبى عليه السلام ( اللّه ) فسقط المشرك والسيف فاخذه النبى عليه السلام فقال ( من يخلصك منى ) فقال لا احد ثم اسلم ( وروى ) ان زيد بن ثابت رضى اللّه عنه خرج مع رجل من مكة الى الطائف ولم يعلم انه منافق فدخلا خربة وناما فاوثق المنافق يد زيد واراد قتله فقال زيد يا رحمن اعنى فسمع المنافق قائلا يقول ويحك لا تقتله فخرج المنافق ولم ير أحدا ثم وثم ففى الثالثة قتله فارس ثم حل وثاقه وقال انا جبريل كنت فى السماء السابعة حين دعوت اللّه فقال اللّه تعالى ادرك عبدى فاللّه ولى الذين آمنوا قال اللّه تعالى فى التوراة فى حق هذه الامة لا يحضرون قتالا الا وجبريل معهم وهو يدل على ان جبريل يحضر كل قتال صدر من الصحابة للكفار بل ظاهره كل قتال صدر من جميع الامة يعنى اذا كانوا على الحق والعدل ثم ان المجلس الذى تحضره الملائكة وكذا المعركة يقشعر فيه الجلد وتذرف فيه العينان ويحصل التوجه الى الحضرة العليا فيكون ذلك سببا لاستجابة الدعاء وحصول المقصود من النصرة وغيرها نسأل اللّه المعين ان يجعلنا من المنصورين آمين ١٢ { ان اللّه يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجرى من تحتها الانهار } بيان لحكم ولايته تعالى للمؤمنين وثمرتها الاخروية { والذين كفروا يتمتعون } اى ينتفعون فى الدنيا بمتاعها اياما قلائل ويعيشون { ويأكلون } حريصين غافلين عن عواقبهم { كما تأكل الانعام } فى مسارحها ومعالفها غافلة عما هى بصدده من النحر والذبح والانعام جمع نعم بفتحتين وهى الابل والبقر والضأن والمعز { والنار مثوى لهم } اى منزل ثواء واقامة والجملة اما حال مقدرة من واو يأكلون او استئناف فان قلت كيف التقابل بينه وبين قوله ان اللّه يدخل الخ قلت الآية واللّه أعلم من قبيل الاحتباك ذكر الاعمال الصالحة ودخول الجنة اولا دليلا على حذف الفاسدة ودخول النار ثانيا والتمتع والمثوى ثانيا دليلا على حذف التمتع والمأوى اولا قال القشيرى الانعام تأكل بلا تمييز من اى موضع وجد كذلك الكافر لا تمييز له أمن الحلال وجد ام من الحرام وكذلك الانعام ليس لها وقت بل فى كل وقت تقتات وتأكل كذلك الكافر أكول كما قال عليه السلام ( الكافر يأكل فى سبعة امعاء والمؤمن يأكل فى معى واحد ) والانعام تأكل على الغفلة فمن كان فى حالة اكله ناسيا لربه فأكله كأكل الانعام قال الحدادى الفرق بين أكل المؤمن والكافر ان المؤمن لا يخلو أكله عن ثلاث الورع عند الطلب واستعمال الادب والاكل للسبب والكافر يطلب للتهمة ويأكل للشهوة وعيشه فى غفلة وقيل المؤمن يتزود والمنافق يتزين ويتريد والكافر يتمتع ويتمنع وقيل من كانت همته ما يأكل فقيمته ما يخرج منه ( قال الكاشفى ) فى الآية يعنى همت ايشان مصرو فست بخوردن وعاقل بايدكه خرودن او براى زيستن باشد يعنى بجهت قوام بدن وتقويت قواى نفسانى طعام خورد ونظراوبرانكه بدن تحمل طاعت داشته باشد وقوتهاى نفسانى در استدلال بقدرت ربانى ممد ومعان بودنه آنكه عمر خود طفيل خوردن شناسد ودر مرعاى ذرهم يأكلوا ويتمثعوا مانند جهار بايان جز خوردن وخواب مطمح نظرش نباشد ونعم ما قيل خوردن براى زيستن وذكر دنست تو معتقدكه زيتن از بهر خوردنست والحاصل ليس للذين كفروا هم الا بطونهم وفروجهم ولا يلتفتون الى جانب الآخرة فهم قد اضاعوا ايامهم بالكفر والآثام وأكلوا وشربوا فى الدنيا كالانعام واما المؤمنون فقد جاهدوا فى اللّه بالطاعات واشتغلوا بالرياضات والمجاهدات فلا جرم احسن اللّه اليهم بالجنات العاليات ومن هنا يظهر سر قوله عليه السلام ( الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ) فلما عرف المؤمن ان الدنيا سجن ونعيمها زآئل حبس نفسه على طاعة اللّه فكان عاقبته الجنات والنعيم الباقى ولما كان الكافر منكر الآخرة اشتغل فى الدنيا باللذات فلم يبق له فى الآخرة الا الحبس فى الجحيم واكل الزقوم وكان الكبار يقنعون بيسير من الغذآء كما حكى ان اويسا القرنى رضى اللّه عنه كان يقتات ويكتسى مما وجد فى المزابل فرأى يوما كلبا يهتر فقال كل ما يليك وانا اكل ما يلينى فان دخلت الجنة فانا خير منك وان دخلت النار فأنت خير منى قال عليه السلام ( جاهدوا انفسكم بالجوع والعطش فان الاجر فى ذلك كأجر المجاهدة فى سبيل اللّه وانه ليس من عمل احب الى اللّه تعالى من جوع وعطش ) كما فى مختصر الاحياء ( وفى المثنوى ) زين خورشها اندك اندك بازبر زين غاى خربود نى آن حر تا غذاى اصل را قابل شوى لقمهاى نور را آكل شوى ( وقال الجامى ) جوع باشد غذاى اهل صفا محنت وابتلاى اهل هوا جوع تنوير خانه دل تست اكل تعمير حانه كل تست خانه دل كذاشتى بى نور خانه كل جه ميكنى معمور ( وقال الشيخ سعدى ) باندازه خورزاداكر مردمى جنين برشكم آدمى ياخمى درون جاى قوتست وذكر ونفس توبندارى از بهر نانس وبس ندارند تن بروران آكهى كه بر معده باشد زحكمت تهى ومن اوصاف المريدين المجاهدة وهو حمل النفس على المكاره البدنية من الجوع والعطش والعرى ولا بد من مقاساة الموتات الاربع الموت الابيض وهو الجوع والموت الاحمر وهو مخالفة الهوى والموت الاسود وهو تحمل الاذى والموت الاخضر وهو طرح الرقاء بعضها على بعض اى لبس الخرقة المرقعة هضما للنفس ما لم تكن لباس شهرة فان النبى عليه السلام نهى عن الشهرتين فى اللباس اللين الارف والغليظ الاقوى لانه اشتهار بذلك وامتياز عن المسلمين له قد وقال عليه السلام ( كن فى الناس كواحد من الناس ) قال ابراهيم بن ادهم قدس سره للقمة تتركها من عشائك مجاهدة لنفسك خير لك من قيام ليلة هذا اذا كان حلالا واما اذا كان حراما فلا خير فيه البتة فما ملئ وعاء شر من بطن ملئ بالحلال وبالجوع يحصل الصمت وقلة الكلام والذلة والانكسار من جميع الشهوات ويذهب الوساوس وكل آفة تطرأ عليك من نتائج الشبع وانت لا تدرى قديما كان او حديثا فان المعدة حوض البدن يسقى منه هذه الاعضاء التى هى مجموعة فالغذآء الجسمانى هو ماء حياة الجسم على التمام ولذلك قال سهل قدس سره ان سر الخلوة فى الماء وانت لا تشك ان صاحب الزراعة لو سقاها فوق حاجتها واطلق الماء عليها جملة واحدة هلكت ولو منعها الماء فوق الحاجة ايضا هلكت سوآء كان من الارض او من السماء وقس عليه الامتلاء من الطعام ولو كان حلالا نسأل اللّه الحماية والرعاية ١٣ { وكأين } كلمة مركبة من الكاف واى بمعنى كم الخبرية ( قال المولى الجامى ) فى شرح الكافية انما بنى كأين لان كاف التشبيه دخلت على أى واى فى الاصل كان معربا لكنه انمحى عن الجزءين معناهما الافرادى فصار المجموع كاسم مفرد بمعنى كم الخبرية فصار كأنه اسم مبنى على السكون آخره نون ساكنة كما فى من لا تنوين تمكن ولهذا يكتب بعد الياء نون مع ان التنوين لا صورة له فى الخط انتهى ومحلها الرفع بالابتدآء { من قرية } تميز لها { هى اشد قوة من قريتك } صفة لقرية { التى اخرجتك } صفة لقريتك وهى مكة وقد حذف منهما المضاف واجرى احكامه عليهما كما يفصح عنه الخبر الذى هو قوله تعالى { اهلكناهم } اى وكم من أهل قرية هم اشد قوة من اهل قريتك الذين كانوا سببا لخروجك من بينهم ووصف القرية الاولى بشدة القوة للايذان باولوية الثانية منها بالاهلاك لضعف قوتها كما ان وصف الثانية باخراجه عليه السلام للايذان باولويتها به لقوة جنايتها { فلا ناصر لهم } بيان لعدم خلاصهم من العذاب بواسطة الاعوان والانصار اثر بيان عدم خلاصهم منه بأنفسهم والفاء لترتيب ذكر ما بالغير على ذكر ما بالذات وهو حكاية حال ماضية وقال ابن عباس وقتادة رضى اللّه عنهم لما خرج رسول اللّه عليه السلام من مكة الى الغار التفت الى مكة وقال ( أنت أحب البلاد الى اللّه ولى ولولا المشركين اخرجونى ما خرجت منك ) فانزل اللّه هذه الآية فتكون الآية مكية وضعت بين الآيات المدنية وفى الاية اشارة الى الروح وقريته وهى الجسد فكم من قالب هو اقوى وأعظم من قالب قد اهلكه اللّه بالموت فلا ناصر لهم فى دفع الموت فاذا كان الروح خارجا من القالب القوى بالموت فاولى ان يخرج من القالب الضعيف كما قال تعالى { اينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم فى بروج مشيدة } اى فى اجسام ضخمة ممتلئة سيل بى زنهاررا در زيل بل آرام نيست ما بغفلت زير طاق آسمان اسوده ايم ١٤ { أفمن كان } آياهركه باشد { على بينة من ربه } الفاء للعطف على مقدر يقضيه المقام ومن عبارة عن المؤمنين المتمسكين بادلة الدين اى أليس الامر كما ذكر فمن كان مستقرا على حجة ظاهرة وبرهان نير من مالك امره ومربيه وهو القرءآن وسائر المعجزات والحجج العقلية { كمن زين له سوء عمله } من الشر وسائر المعاصى مع كونه فى نفسه اقبح القبائح يعنى شيطان ونفس اورا آرايش كرده است والمعنى لا مساواة بين المهتدى والضال { واتبعوا } بسبب ذلك التزيين { اهواءهم } الزائغة وانهمكوا فى فنون الضلالات من غير ان يكون لهم شبهة توهم صحة ما هم عليه فضلا عن حجة تدل عليها وجمع الضمير باعتبار معنى من كما ان افراد الاولين باعتبار لفظها وفى الآية اشارة الى اهل القلب وأهل النفس فان أهل القلب بسبب تصفية قلوبهم عن صدأ الاخلاق الذميمة رأوا شواهد الحق فكانوا على بصيرة من الامر واما أهل النفس فزين لهم البدع ومخالفات الشرع واتبعوا اهواءهم فى العقائد القلبية والاعمال القالبية فصاروا اضل من الحمير حيث لم يهتدوا لا الى اللّه تعالى ولا الى الجنة وقال ابو عثمان البينة هى النور الذى يفرق بين المرء بين الالهام والوسوسة ولا يكون الا لاهل الحقائق فى الايمان وأصل البينة للنبى عليه السلام كما قال تعالى { لقد رأى من آيات ربه الكبرى } وقال تعالى { ما كذب الفؤاد ما رأى } قال بعض الكبار انما لم يجمع لنبى من الانبياء عليهم السلام ما جمع لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من العلوم لان مظهر عليه السلام رحمانى والرحمن اول اسم صدر بعد الاسم العليم فالمعلومات كلها يحتوى عليها الاسم الرحمن ومن هنا تحريم زينة الدنيا عليه صلّى اللّه عليه وسلّم لكونها زائلة فمنع من التلبس بها لان مظهره الرحمانى ينافى الانقضاء ويلائم الابد ازما مجوى زينت ظاهركه جون صدف ما اندرون خانه بكوهر كرفته ايم ١٥ { مثل الجنة التى وعد المتقون } عبر عن المؤمنين بالمتقين ايذانا بان الايمان والعمل الصالح من باب التقوى الذى هو عبارة عن فعل الواجبات باسرها وترك السيئات عن آخرها ومثلها وصفها العجيب الشان وهو مبتدأ محذوف الخبر اى مثل الجنة الموعودة للمؤمنين وصفتها العجيبة الشان ما تسمعون فيما يتلى عليكم وقوله { فيها } اى فى الجنة الموعودة الى آخره مفسر له { انهار } جمع نهر بالسكون ويحرك مجرى الماء الفائض { من ماء غير آسن } من اسن الماء بالفتح من باب ضرب او نصر أو بالكسر اذا تغير طعمه وريحه تغيرا منكرا وفى عين المعانى من اسن غشى عليه من رآئحة البئر وفى القاموس الآسن من الماء الاجن اى المتغير الطعم واللون والمعنى من ماء غير متغير الطعم والرآئحة واللون وان طالت اقامته بخلاف ماء الدنيا فانه يتغير بطول المكث فى مناقعه وفى اوانيه مع انه مختلف الطعوم مع اتحاد الارض ببساطتها وشدة اتصالها وقد يكون متغيرا بريح منتنة من أصل خلقته او من عارض عرض له من منبعه او مجراه كذا فى المناسبات يقول الفقير قد صح ان المياه كلها تجرى من تحت الصخرة فى المسجد الاقصى فهى ماء واحد فى الاصل عذب فرات سائغ للشاربين وانما يحصل التغير من المجارى فان طباعها ليست متساوية دل عليها قوله تعالى { وفى الارض قطع متجاورات } وتجاور اجزآئها لا يستلزم اتحادها فى نفس الامر بل هى متجاورة مختلفة ومثلها العلوم فانها اذا مرت بطبع غير مستقيم تتغير عن اصلها فتكون فى حكم الجهل ومن هذا القبيل علوم جميع أهل الهوى والبدع والضلال { وأنهار من لبن لم يتغير طعمه } بأن كان قارصا وهو الذى يقرص اللسان ويقبضه او حازرا بتقديم الزاى وهو الحامض او غير ذلك كألبان الدنيا والمعنى لم يتغير طعمه بنفسه عن أصل خلقته ولو أنهم ارادوا تغييره بشهوة اشتهوها تغير { وانهار من خمر } وهو ما اسكر من عصير العنب او عام اى لكل مسكر كما فى القاموس { لذة للشاربين } اما تأنيث لذ بمعنى لذيذ كطب وطبيب او مصدر نعت به اى لذيذة ليس فيها كراهة طعم وريح ولا غائلة سكر وخمار كما فى خمر الدنيا وانما هى تلذذ محض ( قال الحافظ ) مادر بياله عكس رخ يار ديده ايم اى بى خبرز لذت شرب مدام ما ( يقول الفقير ) باده جنت مثال كوثرست اى هوشيار نيست اندر طبع كوثر آفت سكر وخمار { وانهار من عسل } هو لعاب النحل وقيئه كما قال ظهير الفارابى بدان غرض دهن خوش كنى زغايت حرص نشسته مترصدكه فى كندزنبور وعن على رضى اللّه عنه انه قال فى تحقير الدنيا أشرف لباس ابن آدم فيها لعاب دودة واشرف شرابه رجيع نحلة وظاهر هذا انه من غير الفم قال فى حياة الحيوان وبالجملة انه يخرج من بطون النحل ولا ندرى أمن فمها ام من غيره وقد سبق جملة النقل فى سورة النحل { مصفى } لا يخالطه الشمع وفضلات النحل وغيرها خلقه اللّه مصفى لا انه كان مختلطا فصفى قال بعضهم فى الفرق بين الخالص والصافى ان الخالص ما زال عنه شوبه بعد ان كان فيه والصافى قد يقال لما لا شوب فيه فقد حصل بهذا غاية التشويق الى الجنة بالتمثيل بما يستلذ من اشربة الدنيا لانه غاية ما نعلم من ذلك مجردا عما ينقصها او ينغصها مع الوصف بالغزارة والاستمرار وبدأ بأنهار الماء لغرابتها فى بلاد العرب وشدة حاجتهم اليها ولما كان خلوها عن تغير أغرب نفاه بقوله غير آسن ولما كان اللبن اقل فكان جريه انهارا اغرب ثنى به ولما كان الخمر اعز ثلث به ولما كان العسل اشرفها واقلها ختم به قال كعب الاحبار نهر دجلة نهر ماء أهل الجنة ونهر الفرات نهر لبنهم ونهر مصر نهر خمرهم ونهر سيحان نهر عسلهم وهذه الانهار الاربعة تخرج من نهر الكوثر قال ابن عباس رضى اللّه عنهما ليس هنا مما فى الجنة سوى الاسامى قال كعب قلت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كيف انهار الجنة فقال ( على حافاتها كراسى وقباب مضروبة وماؤها اصفى من الدمع واحلى من الشهد وألين من الزبد وألذ من كل شئ فيه حلاوة عرض كل نهر مسيرة خمسمائة عام تدور تحت القصور والحجال لا يرطب ثيابهم ولا يوجع بطونهم واكبر أنهارها نهر الكوثر طينه المسك الاذفر وحافتاه الدر والياقوت ) ( قال الكاشفى ) ارباب اشارات كفته اندكه جنانجه أنهار اربعه درزمين بهشت بزير شجره طوبى روانست جهار جوى نيزدر زيمن دل عارف درزير شجره طيبة اصلها ثابت وفرعها فى السماء جاريست ازمنبع قلب آب انابت وازينبوع صدر لبن صفوت وازخمخانه سر خمر محبت واذحجر روح عسل مودت ( وفى المثنوى ) آب صبرت جوى آب خلد شد جوى شير خلد مهر تست وود ذوق طاعت كشت جوى انكبين مستى وشوق توجوى خمربين آين سببها جون بفرمان توبود جارجوهم مرترا فرمان نمود ودر بحر الحقائق فرموده كه آب اشارت بحيات دل است ولبن بفطرت اصليه كه بحموضت هوى وتفاهت بدعت متغير نكشته وخمر جوشش محبت الها وعسل مصفى حلاوت قرب يقول الفقير يفهم من هذا وجه آخر لترتيب الانهار وهو أن تحصل حياة القلب بالعلم اولا ثم تظهر صفوة الفطرة الاصلية ثم يترقى السالك من محبة الاكوان الى محبة الرحمن ثم يصل الى مقام القرب والجوار الالهى وقيل التجلى العلمى لا يقع الا فى اربع صور الماء واللبن والخمر والعسل فمن شرب الماء يعطى العلم اللدنى ومن شرب اللبن يعطى العلم بأمور الشريعة ومن شرب الخمر يعطى العلم بالكمال ومن شرب العسل يعطى العلم بطريق الوحى والعلم اذا حصل بقدر استعداد القابل اعطاه اللّه استعداد العلم الآخر فيحصل له عطش آخر ومن هذا قيل طالب العلم كشارب ماء البحر كلما ازداد شربا ازداد عطشا ومن هذا الباب ما نقل عن سيد العارفين ابى يزيد البسطامى قدس سره من انه قال شربت الحب كأسا بعد كأس ... فما نفد الشراب ولا رويت واليه الاشارة بقوله تعالى { وقل رب زدنى علما } واما الرى فى العلم فأضافى لا حقيقى قال بعض العارفين من شرب بكأس الوفاء لم ينظر فى غيبته الى غيره ومن شرب بكأس الصفاء خلص من شوبه وكدورته ومن شرب بكأس الفناء عدم فيه القرار ومن شرب فى حال اللقاء انس على الدوام ببقائه فلم يطلب مع لقائه شيأ آخر لا من عطائه ولا من لقائه لاستهلاكه فى علائه عند سطوات جلاله وكبريائه ولما ذكر ما للشرب ذكر ما للاكل فقال { ولهم } اى للمتقين { فيها } اى فى الجنة الموعودة مع ما فيها من فنون الانهار { من كل الثمرات } اى صنف من كل الثمرات على وجه لا حاجة معه من قلة ولا انقطاع وقيل زوجان انتزاعا من قوله تعالى { فيهما من كل فاكهة زوجان } وهى جمع ثمرة وهى اسم لكل ما يطعم من احمال الشجر ويقال لكل نفع يصدر عن شيئ ثمرة كقولك ثمرة العلم العمل الصالح وثمرة العمل الصالح الجنة { ومغفرة } عظيمة كائنة { من ربهم } اى المحسن اليهم بمحو ذنوبهم السالفة اعيانها وآثارها بحيث لا يخشون لهما عاقبة بعقاب ولا عتاب والا لتنغص العيش عليهم يعنى ببوشد ذنوب ايشانرا نه بران معاقبه كندونه معاتبه نمايد وفيه تأكيد لما افاده التنكير من الفخامة الذاتية بالفخامة الاضافية قال فى فتح الرحمن قوله ومغفرة عطف على الصنف المحذوف اى ونعيم اعطته المغفرة وسببته والا فالمغفرة انما هى قبل الجنة وفى الكواشى عطف على اصناف المقدرة للايذان بانه تعالى راض عنهم مع ما اعطاهم فان السيد قد يعطى مولاه مع ما سخطه عليه قال بعض العارفين الثمرات عبارة عن المكاشفات والمغفرة عن غفران ذنب الوجود كما قيل وجودك ذنب لا يقاس به ذنب بندار وجود ماكناهيست عظيم لطفى كن واين كنه زما در كذران { كمن هو خالد فى النار } خبر لمبتدأ محذوف تقديره امن هو خالد فى هذه الجنة حسبما جرى به الوعد الكريم كمن هو خالد فى النار التى لا يطفأ لهيبها ولا يفك اسيرها ولا يؤنس غريبها كما نطق به قوله تعالى { والنار مثوى لهم } وبالفارسية آياهركه درجنين نعمتى باشد مانند كسى است كه اوجاودانست درآتش دوزخ { وسقوا } الجمع باعتبار معنى من اى سقوا بدل ما ذكر من اشربة أهل الجنة { ماء حميما } حارا غاية الحرارة { فقطع } بس باره باره ميكند آب از فرط حرارت { امعاءهم } رودهاى ايشانرا جمع معى بالكسر والقصر وهو من اعفاج البطن اى ما ينتقل الطعام اليه بعد المعدة قبل اذا دنا منهم شوى وجوههم وانمازت فروة رؤسهم اى انعزلت وانفرزت فاذا شربوه قطع امعاءهم فخرجت من ادبارهم فانظر بالاعتبار ايها الغافل عن القهار هل يستوى الشراب العذب البارد والماء الحميم المر وانما ابتلاهم اللّه بذلك لان قلوبهم كانت خالية عن العلوم والمعارف الالهية ممتلئة بالجهل والغفلة ولا شك ان اللذة الصورة الاخروية انما تنشأ من اللذة المعنوية الدنيوية كما اشار اليه مالك بن دينار قدس سره بقوله خرج الناس من الدنيا ولم يذوقوا اطيب الاشياء قيل وما هو قال معرفة اللّه تعالى فبقدر هذا الذوق فى الدنيا يحصل الذوق فى الآخرة فمن كمل له الذوق كمل له النعيم قال ابو يزيد البسطامى قدس سره حلاوة المعرفة الآلهية خير من جنتة الفردوس واعلى عليين واعلم ان الانسان لو حبس فى بيت حمام حار لا يتحمله بل يؤدى الى موته فكيف حاله اذا حبس فى دار جهنم التى حرارتها فوق كل حرارة لانها سجرت بغضب القهار وكيف حاله اذا سقى مثل ذلك الماء الحميم وقد كان فى الدنيا بحيث لا يدفع عطشه كل بارد فلا ينبغى الاغترار بنعيم الدنيا اذا كان عاقبته الجحيم والحميم وفى الخبر ( ان مؤمنا وكافرا فى الزمان الاول انطلقا يصيدان السمك فجعل الكافر يذكر آلهته ويأخذ السمك حتى اخذ سمكا كثيرا وجعل المؤمن يذكر اللّه كثيرا فلا يجيئ شئ ثم أصاب سمكة عند ألغروب فاضطربت ووقعت فى الماء فرجع المؤمن وليس معه شئ ورجع الكافر وقد امتلئت شبكته فأسف ملك المؤمن الموكل عليه فلما صعد الى السماء اراه اللّه مسكن المؤمن فى الجنة فقال واللّه ما يضره ما اصابه بعد أن يصير الى هذا واراه مسكن الكافر فى جهنم فقال واللّه ما يغنى عنه ما اصابه من الدنيا بعد ان يصير الى هذا ) نعيم هر دو جهان بيشان عاشقان بدودو كه آن متاع قليلست واين بهاى كثير ١٦ { ومنهم من يستمع اليك } يقال استمع له واليه اى اصغى وهم المنافقون كانوا يحضرون مجلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيسمعون كلامه ولا يعونه ولا يراعونه حق رعايته تهاونا منهم { حتى اذا خرجوا من عندك } جمع الضمير باعتبار معنى من كمان ان افراده فيما قبله باعتبار لفظه { قالوا للذين اوتوا العلم } يعنى علماء الصحابة كعبد اللّه بن مسعود رضى اللّه عنه وابن عباس وابى الدردآء رضى اللّه عنهم { ماذا قال آنفا } اى ما الذى قال الساعة على طريق الاستهزآء وان كان بصورة الاستعلام وبالفارسية جه كفت بيغمبر اكنون يعنى ما فهم نكرديم سخن اورا واين بروجه سخريت ميكفثند وآنفا من قولهم انف الشئ لما تقدم منه مستعار من الجارحة قال الراغب استأنفت الشى اخذت انفه اى مبدأه ومنه ماذا قال آنفا اى مبتدأ انتهى قال بعضهم تفسير الآنف بالساعة يدل على انه ظرف حالى لكنه اسم للساعة التى قبل ساعتك التى أنت فيها كما قاله صاحب الكشاف وفى القاموس قال آنفا كصاحب وكتف وقرئ بهما اى مذ ساعة اى فى اول وقت يقرب منا انتهى وبه يندفع اعتراض البعض فان الساعة ليست محمولة على الوقت الحاضر فى مثل هذا المقام وانما يراد بها ما فى تفسير صاحب القاموس ومن هنا قال بعضهم يقال مر آنفا اى قريبا او هذه الساعة اى ان شئت قل هذه الساعة فانه بمعنى الاول فاعرف { اولئك } الموصوفون بما ذكر { الذين طبع اللّه على قلوبهم } ختم عليها لعدم توجهها نحو الخير اصلا ومنه الطابع للخاتم قال الراغب الطبع ان يصور الشئ بصورة ما كطبع السكة وطبع الدراهم وهو أعم من الختم واخص من النقش والطابع والخاتم ما يطبع به ويختم والطابع فاعل ذلك { واتبعوا اهوآءهم } الباطلة فلذلك فعلوا ما فعلوا مما لا خير فيه ١٧ { والذين اهتدوا } الى طريق الحق وهم المؤمنون { زادهم } اى اللّه تعالى { هدى } بالتوفيق والالهام { وآتاهم تقواهم } اى خلق التقوى فيهم او بين لهم ما يتقون منه قال ابن عطاء قدس سره الذين تحققوا فى طلب الهداية اوصلناهم الى مقام الهداية وزدناهم هدى بالوصول الى الهادى ١٨ { فهل ينظرون } اى المنافقون والكافرون { الا الساعة } اى ما ينتظرون الا القيامة { ان تأتيهم بغتة } وهى المفاجأة بدل اشتمال من الساعة اى تباغتهم بغتة والمعنى انهم لا يتذكرون بذكر احوال الامم الخالية ولا بالاخبار باتيان الساعة وما فيها من عظائم الامور وما ينتظرون للتذكر الا اتيان نفس الساعة بغتة { فقد جاء اشراطها } تعليل لمفاجأتها لا لاتيانها مطلقا على معنى انه لم يبق من الامور الموجبة للتذكر امر مترقب ينتظرونه سوى اتيان نفس الساعة اذا جاء اشراطها فلم يرفعوا لها رأسا ولم يعدوها من مبادى اتيانها فيكون اتيانها بطريق المفاجأة لا محالة والاشراط جمع شرط بالتحريك وهو العلامة والمراد بها مبعثه عليه السلام وامته آخر الامم فمبعثه يدل على قرب انتهاء الزمان { فانى لهم اذا جاءتهم ذكراهم } حكم بخطاهم وفساد رأيهم فى تأخير التذكر الى اتيانها ببيان استحالة نفع التذكر حينئذ كقوله { يومئذ يتذكر الانسان وأنى له الذكرى } اى وكيف لهم ذكراهم اذا جاءتهم الساعة على ان انى خبر مقدم وذكراهم مبتدأ واذا جاءتهم اعتراض وسط بينهما رمزا الى غاية سرعة مجيئها واطلاق المجيئ عن قيد البغتة لما ان مدار استحالة نفع التذكر كونه عند مجيئه مطلقا لا مقيدا بقوله البغتة وروى عن مكحول عن حذيفة قال سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم متى الساعة قال ( ما المسئول عنها بأعلم من السائل ولكن لها اشراط تقارب الاسواق ) يعنى كسادها ( ومطر لانبات ) يعنى مطر فى غير حينه ( وتفشو الفتنة وتظهر أولاد البغية ويعظم رب المال وتعلو أصوات الفسقه فى المساجد ويظهر أهل المنكر على أهل الحق ) وفى الحديث ( اذا ضيعت الامانة فانتظر الساعة ) فقيل كيف اضاعتها فقال ( اذا وسد الامر الى غير اهله فانتظر الساعة ) بقومى كه نيكى بسندد خداى دهد خسرو عادل نيك راى جو خواهدكه ويران كند عالمى كند ملك دربنجه ظالمى وقال الكلبى اشراط الساعة كثيرة المال والتجارة وشهادة الزور وقطع الارحام وقلة الكرام وكثرة اللئام وفى الحديث ( ما ينتظر احدكم الا غنى مطغيا او فقرا منسيا او مرضا مفسدا او هرما مفدا او موتا مجهزا والدجال شر غائب ينتظر والساعة ادهى وامر ) انتهى وقيامة كل احد موته فعليه ان يستعد لما بعد الموت قبل الموت بل يقوم بالقيامة الكبرى التى هى قيامة العشق والمحبة التى يهلك عندها جميع ما سوى اللّه ويزول تعيين الوجود المجازى ويظهر سر الوجود الحقيقى نسأل اللّه سبحانه وتعالى ان يجعلنا من المسارعين الى مرضاته والاعضاء والقوى تساعد لا من المسومين فى امره والاوقات تمر وتباعد ١٩ { فاعلم انه } اى الشان الاعظم { لا اله الا اللّه } اى انتفى انتفاء عظيما ان يكون معبودا بحق غير الملك الاعظم اى اذاعلمت ان مدار السعادة هو التوحيد والطاعة ومناط الشقاوة هو الاشراك والعصيان فأثبت على ما أنت عليه من العلم بالوحدانية والعمل بموجبه كقوله تعالى { اهدنا الصراط المستقيم } اى ثبتنا على الصراط المستقيم وقدم العلم على العمل تنبيها على فضله واستبداده بالمرية عليه لا سيما العلم بوحدانية اللّه تعالى فانه اول ما يجب على كل احد والعلم ارفع من المعرفة ولذا قال فاعلم دون فاعرف لان الانسان قد يعرف الشئ ولا يحيط به علما فاذا علمه واحاط به علما فقد عرفه والعلم بالالوهية من قبيل العلم بالصفات لان الالوهية صفة من الصفات فلا يلزم ان يحيط بكنهه تعالى احد فانه محال اذ لا يعرف اللّه الا اللّه قال بعض البكار لما كان ما تنتهى اليه معرفة كل عارف مرتبة الالوهية ومرتبة احديتها المعبر عنها بتعين الاول لا كنه ذاته وغيب هويته ولا احاطة صفاته امر فى كتابه العزيز نبيه لذلك هو اكمل الخلق قدر او منزلة وقابلية فقال فاعلم انه لا اله الا اللّه تنبيها له ولمن يتبعه من امته على قدر ما يمكن معرفته من جناب قدسه ويمكن الظفر به وهو مرتبة الالوهية وما ورآءها من حضرة الغيب المطلق وغيب الهوية خارج عن طوق الكون اذ ليس ورآءها اسم ولا رسم ولا نعت ولا وصف ولا حكم وليس فى قوة الكون المقيد أن يعطى غير ما يقتضيه تقييده فكيف يمكن له ان يدرك حضرة الغيب المطلق وغيب الهوية ولما كان حصول التوحيد الذى هو كمال النفس موجبا للاجابة قال تعالى معلما انه يجب على الانسان بعد تكميل نفسه السعى فى تكميل غيره ليحصل التعاون على ما خلق العباد له من العبادة { واستغفر } اى اطلب الغفران من اللّه { لذنبك } وهو كل مقام عال ارتفع عليه السلام عنه الى اعلى وما صدر عنه عليه السلام من ترك الاولى وعبر عنه بالذنب نظرا الى منصبه الجليل كيف لا وحسنات الابرار سيئات المقربين وارشادا له عليه السلام الى التواضع وهضم النفس واستقصاء العمل { وللمؤمنين والمؤمنات } اى لذنوب امتك بالدعاء لهم وترغيبهم فيما يستدعى غفرانهم لانهم احق الناس بذلك منك لان ما عملوا من خير كان لك مثل اجره اذ لمكمل الغير مثل اجر ذلك الغير وفى اعادة صلة الاستغفار على اختلاف متعلقيه جنسا وفى حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه اشعار بعراقتهم فى الذنب وفرط افتقارهم الى الاستغفار وهو سؤال المغفرة وطلب الستر اما من اصابة الذنب فيكون حاصله العصمة والحفظ واما من اصابة عقوبة الذنب فيكون حاصله العفو والمحو قال بعضهم للنبى عليه السلام احوال ثلاثة الاول مع اللّه فلذا قيل وحده والثانى مع نفسه ولذا امر بالاستغفار لذنبه والثالث مع المؤمنين ولذا امر بالاستغفار لهم وهذه ارجى آية فى القرءآن فانه لا شك انه عليه السلام ائتمر بهذا الامر وانه لا شك ان اللّه تعالى اجابه فيه فانه لو لم يرد اجابته فيه لما امره بذلك هركرا جون توبيشوا باشد ن اميد ازخدا جرا باشد جون نشان شفاعت كبرى يافت برنام ناميت طغرا امتان باكناهكا ريها بتودارند اميد واريها { واللّه يعلم متقلبكم } اى مكانكم الذى تتقلبون عليه فى معاشكم ومتاجركم فى الدنيا فانها مراحل لا بد من قطعها وبالفارسية وخداى ميداند جار رفتن وكرديدن شمادر دنياكه جون ميكرديد از حال بحال { ومثواكم } فى العقبى فانها موطن اقامتكم وبالفارسية وآرامكاه شمادر عقبى بهشت است يا دوزخ فلا يأمركم الا بما هو خير لكم فى الدنيا والآخرة فبادروا الى الامتثال بما امركم به فانه المهم لكم فى المقامين قال فى بحر العلوم الخطاب فى قوله فاعلم واستغفر للنبى عليه السلام وهو الظاهر او لكل من يتأتى منه العلم والاستغفار من أهل الايمان وينصره الخطاب بلفظ الجمع فى قوله واللّه يعلم متقلبكم ومثواكم انتهى ( وفى كشف الاسرار ) يعنى يا محمد آنجه بنظر واستدلال دانسته از توحيد مابخير نيز بدان ويقين باش كه اللّه تعالى يكانه ويكتاست درذات وصفات ودرحقايق سلمى آورده كه جون عالمىرا كويند اعلم مرادبان ذكرباشد يعنى يادكن آنجه دانسته وقال ابو الحسين النورى قدس سره والعلم الذى دعى اليه المصطفى صلى اللّه تعالى عليه وسلم هو علم الحروف وعلم الحروف فى لام ألف وعلم لام ألف فى الألف وعلم الألف فى اليقظة وعلم اليقظة فى المعرفة الاصلية وعلم المعرفة الاصلية فى علم الاول وعلم الاول فى المشيئة وعلم المشيئة فى غيب الهوية وهو الذى دعاء اليه فقال فاعلم فالهاء راجع على غيب الهوية انتهى اكركسى كويد ابراهيم خليل را عليه السلام كفتند اسلم جواب دادكه اسلمت مصطفى حبيب را كفتند فاعلم نكفت علمت جواب آنست كه خليل رونده بود درراه كه انى ذاهب الى ربى در وادى تفرقت مانده لا جرم جوابش خود بايست داد وحبيب ربوده حق بود در نقطه جمع نواخته اسرى بعبده ق اورا بخود بازنكذاشت از بهر او جواب دادكه آمن الرسول والايمان هو العلم واخبار الحق تعالى عنه انه آمن وعلم اتم من اخباره بنفسه علمت قوله واستغفر لذنبك اى اذا علمت انك علمت فاستغفر لذنبك هذا فان الحق على جلال قدره لا يعلمه غيره تراكه داندكه تراتودانى تو ترانداندكس تراتودانى كس وفى التأويلات النجمية فاعلم بعلم اليقين انه لا اله بعلم اليقين الا اللّه بحق اليقين فاذا تجلى اللّه بصفة علمه الذاتى للجهولية الذاتية للعبد تفنى ظلمة جهوليته بنور علمه فيعلم بعلم اللّه ان لا موجود الا اللّه فهذه مظنة حسبان العبد ان العالم يعلم انه لا اله الا اللّه فقيل له واستغفر لذنبك بانك علمت وللمؤمنين والمؤمنات بانهم يحسبون ان يحسنوا علم لا اله الا اللّه فان من وصفه وما قدروا اللّه حق قدره واللّه يعلم متقلب كل روح من العدم بوصف خاص الى عالم الارواح فى مقام مخصوص به ومثوى كل روح الى اسفل سافلين قالب خاص بوصف خاص ثم متقلبه من اسفل سافلين القالب بالايمان والعمل الصالح او بالكفر والعمل الطالح الى الدرجات الروحانية او الدركات النفسانية ثم مثواه الى عليين القرب المخصوص به او الى سجين البعد المخصوص به مثاله كما ان لكل حجر ومدر وخشب يبنى به دار متقلبا مخصوصا به وموضعا من الدار مخصوصا به ليوضع فيه لا يشاركه فيه شئ آخر كذلك لكل روح منقلب مخصوص به لا يشاركه فيه احد انتهى وقال البقلى واستغفر من وجودك فى مطالعتى ووجود وصالى فان بقاء الوجود الحدثانى فى بقاء الحق اعظم الذنوب وفى الاسئلة المقحمة المراد الصغائر والعثرات التى هى من صفات البشرية وهذا على قول من جوز الصغائر على الانبياء عليهم السلام ودر معام آورده كه آن حضرت مأمور شد باستغفار باآنكه مغفورست ن امت درين سنت بوى قتدا كنند يعنى واستغفر لذنبك ليستن بك غيرك ودرتبيان آوورده كه مراد آنست كه طلب عصمت كن ازخداى تاترا از كاهل نكاه دارد وقيل من التقصير فى حقيقة العبودية التى لا يدركها احد وقال بعض الكبار الذنب المضاف الى الرسول الاكرم صلّى اللّه عليه وسلّم هو ما اشير اليه فى قوله فاعلم ولا يفهمه الا اهل الاشارة يقول الفقير لعله ذنب نسبة العلم اليه فى مرتبة الفرق اذ هو فى مرتبة الجمع لذا قيل لى فى الروضة المنيفة عند رأسه الشريف عليه السلام لا تجوز السجدة لمخلوق الا لباطن رسول اللّه فانه الحق والذنب المضاف الى المؤمنين والمؤمنات هو قصورهم فى علم التوحيد بالنسبة الى النبى المحترم صلّى اللّه عليه وسلّم ثم هذه الكلمة كلمة التوحيد فالتوحيد لا يماثله ولا يعادله شئ والا لما كان واحدا بل كان اثنين فصاعدا واذا اريد بهذه الكلمة التوحيد الحقيقى لم تدخل فى الميزان لانه ليس له مماثل ومعادل فكيف تدخل فيه واليه اشار الخبر الصحيح عن اللّه تعالى ( قال اللّه تعالى لو أن السموات السبع وعامرهن غيرى والارضين السبع وعامرهن غيرى فى كفة ولا اله الا اللّه فى كفة لمالت بهن لا اله الا اللّه ) فعلم من هذه الاشارة ان المانع من دخولها فى ميزان الحقيقة هو عدم المماثل والمعادل كما قال تعالى { ليس كمثله شئ } واذا اريد بها التوحيد الرسمى تدخل فى الميزان لانه يوجد لها ضد بل اضداد كما اشير اليه بحديث صاحب السجلات التسعة والتسعين فما مالت الكفة الا بالبطاقة التى كتبها الملك فيها فهى الكلمة المكتوبة المنطوقة المخلوقة فعلم من هذه الاشارة ان السبب لدخولها فى ميزان الشريعة هو وجود الضد والمخالف وهو السيئات المكتوبة فى السجلات وانما وضعها فى الميزان ليرى اهل الموقف فى صاحب السجلات فضلها لكن انما يكون ذلك بعد دخول من شاء اللّه من الموحدين النار ولم يبق فى الموقف الا من يدخل الجنة لانها لا توضع فى الميزان لمن قضى اللّه ان يدخل النار ثم يخرج بالشفاعة او بالعناية الالهية فانها لو وضعت لهم ايضا لما دخلوا النار ايضا ولزم الخلاف للقضاء وهو محال ووضعها فيه لصاحب السجلات اختصاص الهى يختص برحمته من يشاء واعلم ان اللّه تعالى ما وضع فى العموم الا افضل الاشياء واعمها نفعا لانه يقابل به اضداد كثيرة فلا بد فى ذلك الموضع من قوة ما يقابل به كل ضد وهو كلمة لا اله الا اللّه ولهذا كانت افضل الاذكار فالذكر بها افضل من الذكر بكلمة اللّه اللّه وهو هو عند العلماء باللّه لانها جامعة بين النفى والاثبات وحاوية على زيادة العلم والمعرفة فعليك بهذا الذكر الثابت فى العموم فانه الذكر الاقوى وله النور الاضوى والمكانة الزلفى وبه النجاة فى الدنيا والعقبى والكل يطلب النجاة وان جهل البعض طريقها فمن نفى بلا اله عين الخلق حكما لا علما فقد اثبت كون الحق حكما وعلما والاله من جميع الاسماء ما هو الا عين واحد هى مسمى اللّه الذى بيده ميزان الرفع والخفض ثم اعلم ان التوحيد لا ينفع بدون الشهادة له صلّى اللّه عليه وسلّم بالرسالة وبين الكلمتين مزيد اتفاق يدل على تمام الاتحاد والاعتناق وذلك ان احرف كل منهما ان نظرنا اليها خطا كانت اثنى عشر حرفا على عدد اشهر السنة يكفر كل حرف منها شهرا وان نظرنا اليها نطقا كانت اربعة عشر تملأ الخافقين نورا وان نظرنا اليها بالنظرين معا كانت خمسة عشر لا يوقفها عن ذى العرش موفق وهو سر غريب دال على الحكم الشرعى الذى هو عدم انفكاك احداهما عن الاخرا فمن لم يجمعهما اعتقاده لم يقبل ايمانه واسلام اليهود والنصارى مشروط بالتبرى من اليهودية والنصرانية بعد الاتيان بكلمتى الشهادة وبدون التبرى لا يكونان مسلمين ولو أتيا بالشهادتين مرارا لانهما فسرا بقولهما بانه رسول اللّه اليكم لكن هذا فى الذين اليوم بين ظهرانى اهل الاسلام اما اذا كان فى دار الحرب وحمل عليه رجل من المسلمين فأتى بالشهادتين او قال دخلت فى دين الاسلام او فى دين محمد عليه السلام فهذا دليل توبته ولهذه الكلمة من الاسرار ما يملأ الاقطار منها انها بكلماتها الاربع مركبة من ثلاثة احرف اشارة الى الوتر الذى هو اللّه تعالى والشفع الذى هو الخلق انشأه اللّه تعالى ازواجا ومنها ان احرفها اللفظية اربعة عشر حرفا على عدد السموات والارض الدالة على الذات الاقدس الذى هو غيب محض والمقصود منها مسمى الجلالة الذى هو الاله الحق والجلالة الدالة عليه خمسة احرف على عدد دعائم الاسلام الخمس ووتريته ثلاثة احرف دلالة على التوحيد ومنها انه ان لم يفعل فيها شيأ شفهيا ليمكن ملازمتها لكونها اعظم مقرب الى اللّه واقرب موصل اليه مع الاخلاص فان الذاكر بها يقدر على المواظبة عليها ولا يعلم جليسه بذلك اصلا لان غيرك لا يعلم ما فى ورآء شفتيك الا باعلامك ومنها ان هذه الكلمة مع قرينتها الشاهدة بالرسالة سبع كلمات فجعلت كل كلمة منها مانعة من باب من ابواب جهنم السبعة ومنها ان عدد حروفها مع قرينتها اربعة وعشرون وساعات اليوم والليلة كذلك فمن قالها فقد اتى بخير ينجيه من المكاره فى تلك الآنات ( قال المولى الجامى ) نقطه بصورت مكس است ولمه شهادت ازنقطه معراست يعنى اين شهد ازآلايش مكس طبعان معراست وقال بعض العارفين لا يجوز لشخص ان يتصدر فى مرتبة الشيخوخة الا ان كان عالما بالكتاب والسنة عارفا بامراض الطريق عارفا بمقامات التوحيد الخمسة والثمانين نوعا عارفا باختلاف السالكين واوديتهم حال كونهم مبتدئين وحال كونهم متوسطين وحال كونهم كاملين ويجمع كل ذلك قولهم ما اتخذ اللّه وليا جاهلا قط ولو اتخذه لعلمه قال الشيخ الشهير بافتاده قدس سره ليس فى طريق الشيخ الحاجى بيرام الرقص حال التوحيد وليس فى طريقنا ايضا بل نذكر اللّه قياما وقعودا ولا نرقص وفق قوله تعالى { الذين يذكرون اللّه قياما وقعودا وعلى جنوبهم } وقال الرقص والاصوات كلها انما وضعت لدفع الخواطر ولا شئ فى دفعها اشد تأثيرا من التوحيد فطريقنا طريق الانبياء عليهم السلام فنبينا عليه السلام لم يلقن الا التوحيد وقال فى احياء العلوم الكامل هو الذى لا يحتاج ان يروح نفسه بغير الحق ولكن حسنات الابرار سيئات المقربين ومن احاط بعلم علاج القلوب ووجوه التلطف بها للسياقة الى الحق علم قطعا ان ترويحها بامثال هذه الامور دواء نافع لا غنى عنه انتهى واراد بامثال هذه الامور السماع والغناء واللهو المباح ونحو ذلك وقال حضرة الشيخ افتاده قدس سره اذا غلبت الخواطر واحتجت الى نفيها فاجهر بذكر النفى وخافت الاثبات اما اذا حصلت الطمأنينة وغلب الاثبات على النفى فاجهر بالاثبات فانه المقصود الاصلى وخافت النفى يقول الفقير قال حضرة شيخى وسندى روح اللّه روحه ينبغى ان يبدأ النفى من جانب اليسار ويحول الوجه الى اليمين ثم يوقع الاثبات على اليسار ايضا وذلك لان الظلمة فى اليسار فبابتدآء النفى منه تطرح تلك الظلمة الى طرف اليمين وهو التخلية التى هى سر الخلوتية والنور فى اليمين فبتحويل الوجه الى جانبها ثم الميل فى الاثبات الى اليسار يطرح ذلك النور الى جانب اليسار الذى هو موضع الايمان لانه فى يسار الصدر وهى النجلية التى هى سر الخلوتية وهذا لا ينافى قولهم النفى فى طرف اليمين والاثبات الى طرف اليسار لان النفى من طرف اليمين حقيقة وانما الابتدآء من اليسار وهذا الابتدآء لا ينافى كون النفى من طرفها فاعرف ومن آداب الذكر ان يكون الذاكر فى بيت مظلم وان ينظر بعين قلبه الى ما بين حاجبيه وفى ذلك سر ينكشف لمن ذاقه قال بعض الاكابر من قال فى الثلث الاخير من ليلة الثلاثاء لا اله الا اللّه ألف مرة بجمع همة وحضور قلب وأرسلها الى ظالم عجل اللّه دماره وخرب دياره وسلط عليه الافات وأهلك بالعاهات ومن قال ألف مرة لا اله الا اللّه وهو على طهارة فى كل صبيحة يسر اللّه عليه اسباب الرزق وكذا من قالها عند منامه العدد المذكور باتت روحه تحت العرش تتغذى من ذلك العالم حسب قواها وكذلك من قالها عند وقوف الشمس ضعف منه شيطان الباطن وفى الحديث ( لو يعلم الامير ماله فى ذكر اللّه لترك امارته ولو يعلم التاجر ماله فى ذكر اللّه لترك تجارته ولو أن ثواب تسبيحة قسم على أهل الارض لأصاب كل واحد منهم عشرة أضعاف الدنيا ) وفى حديث آخر ( للمؤمنين حصون ثلاثة ذكر اللّه وقرآءة القرءان والمسجد ) والمراد بالمسجد مصلاه سواء كان فى بيته او فى الخارج كذا اوله بعض الكبار قال الحسن البصرى حادثوا هذه القلوب بذكر اللّه فانها سريعة الدثور والمحادثة بالفارسية بزدودن والدثور زنك افكندن كاردوشمشير ( وقال الجامى ) يادكن آنكه درشب اسرى باحبيب خدا خليل خدا كفت كوى ازمن اى رسول كرام امت خويش راز بعد سلام كه بودياك وخوش زمين بهشت ليك آنجاكسى درخت نكشت خاك اوباك وطيب افتاده ليك هست از درختها ساده غرس اشجار آن بسعى جميل بسمله حمدله است بس تهليل هست تكبير نيزازان اشجار خوش كسى كش جزاين نباشد كار باغ جنات تحتها الانهار سبز وخرم شودازان اشجار وفى الحديث ( استكثروا من قوله لا اله الا اللّه والاستغفار فان الشيطان قال قد اهلكت الناس بالذنوب واهلكونى بلا اله الا اللّه والاستغفار فلما رأيت ذلك اهلكتهم بالاهوآء حتى يحسبون انهم مهتدون فلا يستغفرون ) وفى الحديث ( جددوا ايمانكم ) قالوا يا رسول اللّه كيف نجدد ايماننا قال ( اكثروا من قول لا اله الا اللّه ) ولما بعث عليه السلام معاذ بن جبل رضى اللّه عنه الى اليمن اوصاه وقال ( انكم ستقدمون على اهل كتاب فان سألوكم عن مفتاح الجنة فقولوا لا اله الا اللّه ) وفى الحديث ( اذا قال العبد المسلم لا اله الا اللّه خرقت السموت حتى تقف بين يدى اللّه فيقول اللّه اسكنى اسكنى فتقول كيف اسكن ولم تغفر لقائلها فيقول ما اجريتك على لسانه الا وقد غفرت له ) وفى طلب المغفرة للمؤمنين والمؤمنات تحصيل لزيادة الحسنة لقوله عليه السلام ( من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب اللّه له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة ) وفى الخبر ( من لم يكن عنده ما يتصدق به فليستغفر للمؤمنين والمؤمنات فانه صدقة ) وكان عليه السلام يستغفر اللّه فى كل يوم سبعين مرة وفى رواية مائة مرة ويستغفر للمؤمنين خصوصا للشهدآء ويزور القبور ويستغفر للموتى ويعرف من الآية انه يلزم الابتدآء بنفسه ثم بغيره قال فى ترجمة الفتوحات بعدازرسل هيجكس را آن حق نيست كه مادر وبدررا ومع هذا نوح عليه السلام دردعاى نفس خودرا مقدم داشت قال رب اغفر لى ولوالدى وابراهيم عليه السلام فرمود واجنبى وبنى ان نعبد الاصنام رب اجعلنى مقيم الصلاة ومن ذريتى ابتدا بنفس خودكرد والداعى للغير لا ينبغى ان يراه احوج الى الدعاء من نفسه ولا لداخله العجب فلذا امر الداعى بالدعاء لنفسه اولا ثم للغيره اللهم اجعلنا من المغفورين ٢٠ { ويقول الذين آمنوا } اشتياقا منهم الى الوحى وحرصا على الجهاد لان فيه احدى الحسنيين اما الجنة والشهادة واما الظفر والغنيمة { لولا نزلت سورة } اى هلا نزلت نؤمر فيها بالجهاد وبالفارسية جرا فر وفرستاده نمى شود سوره درباب قتال باكفار { فاذا انزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال } بطريق الامر به اى سورة مبينة لا تشابه ولا احتمال فيها بوجه آخر سوى وجوب القتال عن قتادة كل سورة فيها ذكر القتال فهى محكمة لم تنسخ { رأيت الذين فى قلوبهم مرض } اى ضعف فى الدنيا او نفاق وهو الاظهر فيكون المراد الايمان الظاهرى الزعمى والكلام من اقامة المظهر مقام المضمر { ينظرون اليك نظر المغشى عليه من الموت } اى تشخص ابصارهم جبنا وهلعا كدأب من اصابته غشية الموت اى حيرته وسكرته اذا نزل به وعاين الملائكة والغشى تعطل القوى المتحركة والحساسة لضعف القلب واجتماع الروح اليه بسبب يحققه فى داخل فلا يجد منقذا ومن اسباب ذلك امتلاء خانق او مؤذ بارد أو جوع شديد أو وجع شديد أو آفة فى عضو مشارك كالقلب والمعدة كذا فى المغرب وفى الآية اشارة الى ان من امارات الايمان تمنى الجهاد والموت شوقا الى لقاء اللّه ومن امارات الكفر والنفاق كراهة الجهاد كراهية الموت { فأولى لهم } اى فويل لهم وبالفارسية بس واى برايشان باد ودوزخ مريشا نراست وهو افعل من الولى وهو القرب فمعناه الدعاء عليهم بان يليهم المكروه وقيل فعلى من آل فمعناه الدعاء عليهم بأن يؤول الى المكروه امرهم قال الراغب اولى كلمة تهدد وتخوف يخاطب به من اشرف على الهلاك فيحث به على عدم التعرض او يخاطب به من نجا منه فينهى عن مثله ثانيا واكثر ما يستعمل مكررا وكأنه حث على تأمل ما يؤول اليه امره ليتنبه المتحر زمنه ٢١ { طاعة وقول معروف } كلام مستأنف اى امرهم طاعة لله ولرسوله وقول معروف بالاجابة لما امروا به من الجهاد أو طاعة وقول معروف خير لهم او حكاية لقولهم ويؤيده قرآءة ابى يقولون طاعة وقول معروف اى امرنا ذلك كما قال فى النساء ويقولون طاعة فاذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذى تقول { فاذا عزم الامر } العزم والعزيمة الجد وعقد القلب الى امضاء الامر والعزيمة تعويذ كانه تصور انك قد عقدت على الشيطان ان يمضى ارادته منك والمعنى فاذا جدوا فى امر الجهاد وافترض القتال واسند العزم الى الامر وهو لاصحابه مجازا كما فى قوله تعالى { ان ذلك من عزم الامور } وعامل الظرف محذوف اى خالفوا وتخلفوا وبالفارسية بس جون لازم شد امر قتال وعزم كردن اصحاب جهاد ايشان خلاف ورزيده يازنان درخانها نشستند { فلو صدقوا اللّه } اى فيما قالوا من الكلام المنبئ عن الحرص على الجهاد بالجرى على موجبه وبالفارسية بس اكرراست كفتندى باخداى دراظهار حرص برجهاد { لكان } اى الصدق { خيرا لهم } من الكذب والنفاق والقعود عن الجهاد وفيه دلالة على اشتراك الكل فيما حكى عنهم من قوله تعالى { لولا نزلت سورة } فالمراد بهم الذين فى قلوبهم مرض واعلم انه كما يلزم الصدق والاجابة فى الجهاد الاصغر اذا كان متعينا عليه كذلك يلزم ذلك فى الجهاد الاكبر اذا اضطر اليه وذلك بالرياضات والمجاهدات على وفق اشارة المرشد او العقل السليم والا فالقعود فى بيت الطبيعة والنفس سبب الحرمان من غنائم القلب والروح وفى بذل الوجود حصول ما هو خير منه وهو الشهود والاصل الايمان واليقين نقلست كه روزى حسن بصرى نزد حبيب عجمى آمد بزيارت حبيب دوقرص جوين باياره نمك بيش حسن نهاد حسن خوردن كرفت سائل بدر آمد حبيب آن دو قرص بدان نمك بدان سائل داد حسن همجنان بماند كفت اى حبيب تومر دشايسته اكر باره علم داشتى مى بودى كه نان ازبيش مهمان بركرفتى وهمه را بسائل دادى باره شايد داد بان وباره بمهمان حبيب هيج نكفت ساعتى بود غلامى بيامد وخوانى برسرنهاد وترى وحلوى ونان باكيزه وبانصددرم نقد دربيش حبيب كفت اى استاد تونيك مردى اكرباره يقين داشتى به بودى باعلم بهم يقين بايد يعنى ان من كان له يقين تام عوضه اللّه تعالى خيرا من مفقوده وتداركه بفضله وجوده فلا بد من بذل المال والوجود فى الجهاد الاصغر والاكبر ( قال الحافظ ) فداى دوست نكرديم عمر ومال دريغ كه كار عشق زما اين قدر نمى آيد ٢٢ { فهل عسيتم } اى يتوقع منكم يا من فى قلوبهم مرض وبالفارسية بس آياشايد وتوقع هست ازشما اى منافقان { ان توليتم } امور الناس وتأمرتم عليهم اى ان صرتم متولين لامور الناس وولاة وحكاما عليهم متسلطين فتوليتم من الولاية { ان تفسدوا فى الارض وتقطعوا ارحامكم } تحارصا على الملك وتهالكا على الدنيا فان من شاهد احوالكم الدالة على الضعف فى الدين والحرص على الدنيا حين امرتم بالجهاد الذى هو عبارة عن احراز كل خير وصلاح ودفع كل شر وفساد وانتم مأمورون شأنكم الطاعة والقول المعروف يتوقع منكم اذا اطلقت اعنتكم وصرتم آمرين ما ذكر من الافساد وقطع الارحام والرحم رحم المرأة وهو منبت الولد ووعاؤه فى البطن ثم سميت القرابة والوصلة من جهة الولاد رحما بطريق الاستعارة لكونهم خارجين من رحم واحد وقرأ على رضى اللّه عنه ان توليتم بضم تاء وواو وكسر لام اى ولى عليكم الظلمة ملتم معهم وعاونتموهم فى الفتنة كما هو المشاهد فى هذا الاعصار وقال ابو حيان الاظهر ان المعنى ان اعرضتم ايها المنافقون عن امتثال امر اللّه فى القتال ان تفسدوا فى الارض بعدم معونة اهل الاسلام على اعدائهم وتقطعوا ارحامكم لان من ارحامكم كثيرا من المسلمين فاذا لم تعينوهم قطعتم ارحامكم ٢٣ { اولئك } اشارة الى المخاطبين بطريق الالتفات ايذانا بان ذكر اهانتهم اوجب اسقاطهم عن رتبة الخطاب وحكاية احوالهم الفظيعة لغيرهم وهو مبتدأ خبره قوله تعالى { الذين لعنهم اللّه } اى ابعدهم من رحمته { فأصمهم } عن استماع الحق لتصامهم عنه بسوء اختيارهم والاصمام كركردن { واعمى ابصارهم } لتعاميهم عما يشاهدونه من الآيات المنصوبة فى الانفس والآفاق والاعماء كور كردن قيل لم يقل اصم آذانهم لانه لا يلزم من ذهاب الآذان ذهاب السماع فلم يتعرض لها ولم يقل اعماهم لانه لا يلزم من ذهاب الابصار وهى الاعين ذهاب الابصار قال سعدى المفتى اصمام الآذان غير اذهابها ولا يلزم من احدهما الاخر والصمم والعمى يوصف بكل منهما الجارحة وكذلك مقابلهما من السماع والابصار ويوصف به صاحبها فى العرف المستمر وقد ورد النزيل على الاستعمالين اختصر فى الاصمام واطنب فى الاعماء مع مراعاة الفواصل وفى الآية اشارة الى اهل الطلب واصحاب المجاهدة ان اعرضتم عن طلب الحق ان تفسدوا فى ارض قلوبكم بافساد استعدادها لقبول الفيض الالهى وتقطعوا ارحامكم مع اهل الحب فى اللّه فتكونوا فى سلك اولئك الذين الخ وهذا كما قال الجنيد قدس سره لو اقبل صديق على اللّه الف سنة ثم اعرض عنه لحظة فان ما فاته اكثر مما ناله يقول الفقير وقع لى فى الحرم النبوى على صاحبه السلام انى قعدت يوما عند الرأس المبارك على ما هو عادتى مدة مجاورتى فرأيت بعض الناس يسيئون الادب فى تلك الحضرة الجليلة وذلك من وجوه كثيرة فغلبنى البكاء الشديد فاذا هذه الآية تقرأ على اذنى اولئك الذين لعنهم اللّه يعنى ان المسيئين للادب فى مثل هذا المقام محرومون من درجات اهل الآداب الكرام ( وفى المثنوى ) از خدا جوييم توفيق ادب بى ادب محروم كشت از لطف رب بى ادب تنهانه خودرا داشت بد بلكه آتش در همه آفاق زد هركه بى باكى كند در راه دوست رهزن مردان شده نامرد اوست ٢٤ { أفلا يتدبرون القرآن } التدبر النظر فى دبر الامور وعواقبها اى ألا يلاحظون القرءآن فلا يتصفحونه وما فيه من المواعظ والزواجر حتى لا يقعوا فى المعاصى الموبقة { ام على قلوب اقفالها } فلا يكاد يصل اليها ذكر اصلا وبالفارسية بلكه بر دلهاى ايشان است قفلهاى آن يعنى جيزى كه دلهارا بمنزله قفلها باشد وأن ختم وطبع الهيست بران دركه خدابست بروى عباد هيج كليدش نتواند كشاد قفل كه اوبر در دلها زند كيست كه بردارد ودر واكند والاقفال جمع قفل بالضم وهو الحديد الذى يغلق به الباب كما فى القاموس قال فى الارشاد ام منقطعة وما فيها من معنى بل للانتقال من التوبيخ بعدم التدبر الى التوبيخ بكون قلوبهم مقفلة لا تقبل التدبر والتفكر والهمزة للتقرير وتنكير القلوب اما لتهويل حالها وتفظيع شأنها بابهام امرها فى الفساد والجهالة كأنه قيل على قلوب منكرة لا يعرف حالها ولا يقادر قدرها فى القسوة واما لان المراد قلوب بعض منهم وهم المنافقون واضافة الاقفال اليها للدلالة على انها اقفال مخصوصة بها مناسبة لها غير مجانسة لسائر الاقفال المعهودة التى من الحديد اذ هى اقفال الكفر التى استغلقت فلا تنفتح وفى التأويلات النجمية أفلا يتدبرون القرءآن فان فيه شفاء من كل دآء ليفضى بهم الى حسن العرفان ويخلصهم من سجن الهجران ام على قلوب أقفالها ام قفل الحق على قلوب اهل الهوى فلا يدخلها زواجر التنبيه ولا ينبسط عليها شعاع العلم ولا يحصل لهم فهم الخطاب واذا كان الباب متقفلا فلا الشك والانكار الذى فيها يخرج ولا الصدق واليقين الذى هم يدعون اليه يدخل فى قلوبهم أنتهى نقلست كه بشرحا فى قدس سره بخانه خواهر اوبيامد كفت اى خواهر بربام ميشوم وقدم بنهادوباى جندبرآمد وبايستاد وتاروز همجنان ايستاده بودجون روزشد فرود آمد وبنماز جماعت رفت بامداد باز آمد خواهرش برسيدكه ايستادن تراسبب جه بود كفت درخاطرم آمد دربغداد جندين كس اندكه نام ايشان بشرست يكى جهود ويكى ترسا ويكى مع ومرا نام بشراست وبجنين دولتى رسيده واسلام يافنه درين حيرت مانده بودم كه ايشان جه كرده اندازين دولت محروم ماندند ومن جه كرده ام كه بدين دولت رسيدم يعنى ان انفتاح اقفال القلوب من فضل علام الغيوب ولا يتيسر لكل احد مقام القرب والقبول ورتبة الشهود والوصول وعدم تدبر القرءآن انما هو من آثار الخذلان ومقتضيات الاعيان والا فكل طلب ينتهى الى حصول ارب ( قال الصائب ) تواز فشاندن تخم اميددست مدار كه در كرم نكند ابرنو بهارا مساك ٢٥ { ان الذين ارتدوا على ادبارهم } الارتداد والردة الرجوع فى الطريق الذى جاء منه لكن الردة تختص بالكفر والارتداد يستعمل فيه وفى غيره والادبار جمع دبر ودبر الشئ خلاف القبل وكنى بهما عن العضوين المخصوصين والمعنى ان الذين رجعوا الى ما كانو عليه من الكفر وهم المنافقون الموصوفون بمرض القلوب وغيره من قبائح الافعال والاحوال فانهم قد كفروا به عليه السلام { من بعد ما تبين لهم الهدى } بالدلائل الظاهرة والمعجزات القاهرة { الشيطان سول لهم } جملة من مبتدأ وخبر وقعت خبرا لان اى سهل لهم ركوب العظائم من السول وهو الاسترخاء وقال الراغب السول الحاجة التى تحرص عليها النفس والتسويل تزيين النفس لما تحرص عليه وتصوير القبيح منه بصورة الحسن { وأملى لهم } وأمد لهم فى الامانى والآمال وقيل امهلهم اللّه ولم يعاجلهم بالعقوبة قال الراغب الاملاء الامداد ومنه قيل للمدة الطويلة ملاوة من الدهر وملوة من الدهر ٢٦ { ذلك } الارتداد كائن { بأنهم } اى بسبب ان المنافقين المذكورين { قالوا } سرا { للذين كرهوا ما نزل اللّه } اى لليهود الكارهين لنزول القرءآن على رسول اللّه عليه السلام مع علمهم بانه من عند اللّه حسدا وطمعا فى نزوله عليهم { سنطيعكم فى بعض الامر } وهو ما افاده قوله تعالى { الم تر الى الذين نافقوا يقولون لاخوانهم الذين كفروا من اهل الكتاب لئن اخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم احدا ابدا وان قوتلتم لننصرنكم } وهم بنوا قريظة والنضير الذين كانوا يوالونهم ويودونهم وارادوا بالبعض الذى اشاروا الى عدم اطاعتهم فيه اظهار كفرهم واعلان امرهم بالفعل قبل قتالهم واخراجهم من ديارهم فانهم كانوا يأبون ذلك قبل مساس الحاجة الضرورية الداعية اليه لما كان لهم فى اظهار الايمان من المنافع الدنيوية { واللّه يعلم اسرارهم } اى اخفاءهم لما يقولون لليهود ٢٧ { فكيف اذا توفتهم الملائكة } اى يفعلون فى حياتهم ما يفعلون من الحيلة فكيف يفعلون اذا قبض ارواحهم ملك الموت وأعوانه { يضربون وجوههم وادبارهم } بمقامع الحديد وادبارهم ظهورهم وخلفهم ( قال الكاشفى ) مى زنند رويهاى ايشان كه از حق بكردانيده اند ويشتهاى ايشان كه بر اهل حق كرده اند والجملة حال من فاعل توفتهم وهو تصوير لتوفيهم على اهول الوجوه وافظعها وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما لا يتوفى احد على معصية الا تضرب الملائكة وجهه ودبره ٢٨ { ذلك } التوفى الهائل وبالفارسية اين قبض ارواح ايشان بدين وصف { بانهم } اى بسبب انهم { اتبعوا ما اسخط اللّه } من الكفر والمعاصى يعنى متابعت كردند آن جيزى راكه بخشم آورد خداى تعالى رايعنى موجب غضب وى كردد { وكرهوا رضوانه } اى ما يرضاه من الايمان والطاعة حيث كفروا بعد الايمان وخرجوا عن الطاعة بما صنعو من المعاملة مع اليهود { فأحبط } لاجل ذلك { اعمالهم } التى عملوها حال ايمانهم من الطاعات او بعد ذلك من اعمال البر التى لو عملوها حال الايمان لانتفعوا بها فالكفر والمعاصى سبب لاحباط الاعمال وباعث على العذاب والنكال قال الامام الغزالى رحمه اللّه الفاجر تنسل روحه كالسفود من الصوف المبلول والميت الفاجر يظن ان بطنه قد ملئت شوكا وكان نفسه يخرج من ثقب ابره وكأنما السماع انطبقت على الارض وهو بينهما ولهذا سئل كعب الاخبار عن الموت فقال كغصن شجر ذى شوك ادخل فى جوف رجل فجذبه انسان شديد البطش ذو قوة فقطع ما قطع وابقى ما ابقى وقال النبى عليه السلام ( لسكرة من سكرات الموت امر من ثلاثمائة ضربة بالسيف ) وعند وقت الهلاك يطعنه الملائكة بحربة مسمومة قد سقيت سما من نار جهنم فتفر النفس وتنقبض خارجة فيأخذها الملك فى يده وهى ترعد اشبه شئ بالزئبق على قدر النحلة شخصا انسانيا يناولها الملائكة الزبانية وهى ملائكة العذاب هذا حال الكافر والفاجر واما المؤمن المطيع فعلى خلاف هذا لانه اهل الرضى قال ميمون بن مهران شهدت جنازة ابن عباس رضى اللّه عنهما بالطائف فلما وضع على المصلى ليصلى عليه جاء طائر ابيض حتى وقع على اكفانه ثم دخل فيها فالتمس ولم يوجد فلما سوى عليه سمعنا صوتا وما رأينا شخصا يا ايتها النفس المطمئنة ارجعى الى ربك راضية مرضية فادخلى فى عبادى وادخلى جنتى فعلى العاقل ان يتهيا للموت ولا يضيع الوقت ( قال الصائب ) ترانكر حاصلى هست ازحيات خود غنيمت دان كه من از حاصل دوران غم بى حاصلى درام ٢٩ { ام حسب الذين فى قلوبهم مرض } اى المنافقون فان النفاق مرض قلبى كالشك ونحوه { ان لن يخرج اللّه اضغانهم } فأم منقطعة وان مخففة من أن والاضغان جمع ضغن بالكسر وهو الحقد وهو امساك العداوة فى القلب والتربص لفرصتها وبه شبه الناقة فقالوا ذات ضغن والمعنى بل احسب الذين فى قلوبهم حقد وعداوة للمؤمنين ان لن يخرج اللّه احقادهم ولن يبرزها لرسول اللّه وللمؤمنين فتبقى امورهم مستورة اى ان ذلك مما يكاد يدخل تحت الاحتمال وفى بعض الاثار لا يموت ذو زيغ فى الدين حتى يفتضح وذلك لانه كحامل الثؤم فلا بد من أن تظهر رآئحته كما ان الثابت فى طريق السنة كحامل المسك اذ لا يقدر على امساك رآئحته اكرمسك خالص ندارى مكوى وكرهست خودفاش كردد ببوى ٣٠ { ولو نشاء } ارآءتهم وبالفارسية واكر ماخواهيم { لأريناكهم } لعرفناكهم بدلائل تعرفهم بأعيانهم معرفة متأخمة للرؤية { فلعرفتهم بسيماهم } بعلامتهم التى نسمهم بها قال فى القاموس السومة بالضم والسمية والسيما والسيميا بكسرهن العلامة وذكر فى السوم وعن انس رضى اللّه عنه ما خفى على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بعد هذه الآية شئ من المنافقين كان يعرفهم بسيماهم ولقد كنا فى بعض الغزوات وفيها تسعة من المنافقين يشكون فيهم الناس فناموا ذات ليلة واصبحوا وعلى وجه كل منهم مكتوب هذا منافق وفى عين المعانى وعلى جبهة كل واحد مكتوب كيئة الوشم هذا منافق واللام لام الجواب كررت فى المعطوف للتأكيد والفاء لترتيب المعرفة على الاراءة { ولتعرفنهم فى لحن القول } اللام جواب قسم محذوف ولحن القول فحواه ومعناه واسلوبه او امالته الى جهة تعريض وتورية يعنى بشناسى توايشازا در كردانيدن سخن از صوب صواب بجهت تعريض وتوريت ومنه قيل للمخطئ لاحن لعدله بالكلام عن سمت الصواب وفى الحديث ( لعل بعضكم الحن بحجته من بعض ) اى اذهب بها فى الجهات قال فى المفردات اللحن صرف الكلام عن سننه الجارى عليه اما بازالة الاعراب او التصحيف وهو المذموم وذلك اكثر استعمالا واما بازالته عن التصريح وصرفه بمعناه الى تعريض وفحوى وهو محمود من حيث البلاغة عند اكثر الادباء واليه قصد بقول الشاعر فخير الاحاديث ما كان لحنا واياه قصد بقوله ولتعرفنهم فى لحن القول ومنه قيل للفطنة لما يقتضى فحوى الكلام لحن انتهى وفى المختار اللحن الخطأ فى الاعراب وبابه قطع واللحن بفتح الحاء الفطنة وقد لحن من باب طرب وفى الحديث ( لعل احدكم الحن بحجته ) اى افطن بها انتهى وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما هو قولهم ما لنا ان اطعنا من الثواب ولا يقولون ما علينا ان عصينا من العقاب قال بعض الكبار الاكابر والسادات يعرفون صدق المريد من كذبه بسؤاله وكلامه لان اللّه يقول ولتعرفنهم فى لحن القول { واللّه يعلم اعمالكم } فيجازيكم بحسب قصدكم وهذا وعد للمؤمنين وايذان بان حالهم بخلاف حال المنافقين وفى الآية اشارة الى ان من مرض القلوب الحسبان الفاسد والظن الكاذب فظنوا ان اللّه لا يطلع على خبث عقائدهم ولا يظهره على رسوله وليس الامر كما توهموه بل اللّه فضحهم وكشف تلبيسهم بالاخبار والتعريف مع ان المؤمن ينظر بنور الفراسة والعارف ينظر بنور التحقيق والنبى عليه السلام ينظر باللّه فلا يستتر عليه شئ فالاعمال التى تصدر بخباثة النيات لها شواهد عليها كما سئل سفيان بن عيينة رحمه اللّه هل يعلم الملكان الغيب فقال لا فقيل له فكيف يكتبان ما لا يقع من عمل القلب فقال لكل عمل سيما يعرف بها كالمجرم يعرف بسيماه اذا هم العبد بحسنة فاح من فيه رآئحة المسك فيعلمون ذلك فيكتبونها حسنة فاذا هم بسيئة استقر عليها قلبه فاح منه ريح النتن ففى كل شى شواهد الا ترى ان الحارث بن اسد المحاسبى رحمه اللّه كان اذا قدم له طعام فيه شبهة ضرب عرقه على اصبعه وكأم ابى يزيد اليسطامى رحمهما اللّه ما دامت حاملا بأبى يزيد لا تمتد يدها الى طعام حرام وآخر ينادى ويقال له تورع وآخر يأخذه الغثيان وآخر يصير الطعام امامه دما وآخر يرى عليه سوادا وآخر يراه خنزيرا الى امثال هذه المعاملات التى خص اللّه بها اولياءه واصفياءه فعليك بالمراقبة مع اللّه والورع فى المنطق فانه من الحكمة وهل يكب الناس على مناخرهم فى النار الا حصائد ألسنتهم قال مالك بن انس رضى اللّه عنه من عد كلامه من عمله قل كلامه والتزم اربعة الدعاء للمسلمين بظهر الغيب وسلامة الصدر وخدمة الفقرآء وكان مع كل احد على نفسه قال بعض الكبار أنصت لحديث الجليس ما لم يكن هجرا فان كان هجرا فانصحه فى اللّه ان علمت منه القبول بألطف النصح والا فاعتذر فى الانفصال فان كان ما جاء به حسنا فحسن الاستماع ولا تقطع عليه حديثه سخن را سرست اى خردمندوبن مياور سخن درميان سخن خداوند تدبير وفرهنك وهوش نكويت سخن تانبيند خموش ٣١ { ولنبلونكم } بالامر بالقتال ونحوه من التكاليف الشاقة اعلاما لا استعلاما او نعاملكم معاملة المختبر ليكون ابلغ فى اظهار العذاب { حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين } على مشاق الجهاد علما فعليا يتعلق به الجزاء وقد سبق تحقيق المقام بما لا مزيد عليه من الكلام { ونبلوا أخباركم } الاخبار بمعنى المخبر بها اى ما يخبر به عن اعمالكم فيظهر حسنها وقبحها لان الخبر على حسب المخبر عنه ان حسنا فحسن وان قبيحا فقبيح ففيه اشارة الى ان بلاء الاخبار كناية عن بلاء الاعمال ( قال الكاشفى ) تامى ازماييم خبرها شماراكه ميكوييد درايمان يعنى تاصدق وكذب آن همه را آشكارا شود وكان الفضيل رحمه اللّه اذا قرأ هذه الآية بكى وقال اللهم لا تبلنا فانك ان بلوتنا هتكت استارنا وفضحتنا وفيه اشارة الى انه بنار البلاء يخلص ابريز الولاء قيل البلاء للولاء كاللهب للذهب فان بالابتلاء والامتحان تبين جواهر الرجال فيظهر المخلص ويفتضح المنافق وعند الامتحان يكرم الرجل او يهان واللّه تعالى علم بخصائص جواهر الانسان من الازل الى الابد لانه خلقها على اوصافها من السعادة والشقاوة الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير وبتغير أحوال الجواهر فى الازمان المختلفة لا يتغير علم اللّه فانه تعالى يراهم فى حالة واحدة وتغيرات الاحوال كلها كما هى بحيث لا يشغله حالة عن حالة وانما يبلو للاعلام والكشف عن حقيقة الحال قال بعض الكبار العارفون يعرفون بالابصار ما تعرفه الناس بالبصائر ويعرفون بالبصائر ما لم يدرك احد فى النادر ومع ذلك فلا يأمنون على نفوسهم من نفوسهم فكيف يأمنون على نفوسهم من مقدورات ربهم مما يقطع الظهور وكان الشيخ عبد القادر الجيلى قدس سره يقول اعطانى اللّه تعالى ثلاثين عهدا وميثاقا ان لا يمكر بى فقيل له فهل امنت مكره بعد ذلك فقال حالى بعد ذلك كحالى قبل العهد واللّه عزيز حكيم فاذا كان حال العارف الواقف هكذا فما حال الجاهل الغافل فلا بد من اليقظة بر غفلت سياه دلان خنده مى زند غافل مشو زخنده دندان نماى صبح ٣٢ { ان الذين كفروا وصدوا } اى منعوا الناس { عن سبيل اللّه } اى عن دين الاسلام الموصل الى رضى اللّه تعالى { وشاقوا الرسول } وعادوه وخالفوه وصارو فى شق غير شقه والمخالفة اصل كل شر الى يوم القيامة { من بعدما تبين لهم الهدى } بما شاهدوا نعته عليه السلام فى التوراة وبما ظهر على يديه من المعجزات ونزل عليه من الآيات وهم قريضة والنضير أو المطعمون يوم بدر وهم رؤساء قريش { لن يضروا اللّه } بكفرهم وصدهم { شيأ } من الاشياء يعنى زيانى نتواند رسانيد خدا يرا جيزى يعنى از كفر ايشان اثر ضررى بدين خداى وبيغمبر او نرسد بلكه شرر آن شر بديشان عائد كردد او شيأ من الضرر او لن يضروا رسول اللّه بمشاقته شيأ وقد حذف المضاف لتعظيمه وتفظيع مشاقته { وسيحبط } السين لمجرد التأكيد { اعمالهم } اى مكايدهم التى نصبوها فى ابطال دينه تعالى ومشاقة رسوله فلا يصلون بها الى ما كانوا يبغون من الغوائل ولا يتم لهم الا القتل كما لقريظة واكثر المطعمين ببدر والجلاء عن اوطانهم كما للنضير ٣٣ { يا ايها الذين آمنوا اطيعوا اللّه واطيعوا الرسول } فى العقائد والشرائع كلها فلا تشاقوا اللّه ورسوله فى شئ منها { ولا تبطلوا اعمالكم } اى بمثل ما ابطل به هؤلاء اعمالهم من الكفر والنفاق والرياء والمن والاذى والعجب وغيرها وفى الحديث ( ان العجب يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ) درهر عملى كه عجب ره يافت رويش زره قبول برتافت اى كشته بكار خويش مغرور وزدركه قرب كشته مهجور تاجند زعجب وخود نمايى وزدبدبه منى ومايى معجب مشو از طريق تلبيس كز عجب بجه فتاد ابليس وليس فيه دليل على احباط الطاعات بالكبائر على ما زعمت المعتزلة والخوارج فان جمهورهم على ان بكبيرة واحدة تحبط جميع الطاعات حتى ان من عبد اللّه طول عمره ثم شرب جرعة من خمر فهو كمن لم يعبده قط وفى الآية اشارة الى ان كل عمل وطاعة لم يكن بامر اللّه وسنة رسوله فهو باطل لم يكن له ثمرة لانه صدر عن الطبع والطبع ظلمانى وانما جاء لشرع وهو نورانى ليزيل ظلمة الطبع بنور الشرع فيكون مثمرا وثمرته ان يخرجكم من الظلمات الى النور أى من ظلمات الطبع الى نور الحق فعليك بالاطاعة واستعمال الشريعة واياك والمخالفة والاهمال نقلست كه احمد حنبل وشافعى رضى اللّه عنهما نشتسه بودند حبيب عجمى از كوشه درآمد احمد كفت من اورا سؤالى كنم شافعى كفت ايشانرا سؤال نشايد كردكه ايشان قومى عجب باشند احمد كفت جاره نيست جون حبيب فرا رسيد احمد كفت جه كويى درحق كسى كه ازين بنج نمازيكى ازو فوت شده است ونمى داندكه كدامست حبيب كفت هذا قلب غفل عن اللّه فليؤدب يعنى اين دل كسى بودكه ازخداوند غافل بود اورا ادب بايد كرد درجواب اومتحير شد شافعى كفت نكفتم كه ايشانرا شؤال نشايد كرد والجواب فى الشريعة ان يقضى صلاة ذلك اليوم فالتى توافقها تكون قضاء لها والبواقى من النوافل نسأل اللّه الاطاعة والانقياد فى كل حال على الاطراد ٣٤ { ان الذين كفروا } باللّه تعالى ورسوله { وصدوا } الناس { عن سبيل اللّه } الموصل الى رضاه { ثم ماتوا } وفارقوا الدنيا { وهم كفار } الواو للحال { فلن يغفر اللّه لهم } فى الآخرة لانهم ماتوا على الكفر فيحشرون على ما ماتوا عليه كما ورد تموتون كما تعيشون وتحشرون كما تموتون وهو حكم يعم كل من مات على الكفر وان صح نزوله فى اصحاب القليب وهو كأمير البئر او لعادية القديمة منها كما فى القاموس والمراد البئر التى طرح فيها جيف الكفار المقتولين يوم بدر واما البئر التى سقى منه المشركون ذلك اليوم وهى بئر لماء فهى منتنة الآن سمعته من بعض اهل بدر حين مرورى بها ٣٥ { فلا تهنو } من الوهن وهو الضعف والفاء فصيحة اى اذا تبين لكم بما يتلى عليكم ان اللّه عدوهم يبطل اعمالهم فلا يغفر لهم فلا تهنوا اى لا تضعفوا فان من كان اللّه عليه لا يفلح { وتدعوا الى السلم } مجزوم بالعطف على تهنوا والسلم بفتح السين وكسرها لغتان بمنى الصلح اى ولا تدعوا الكفار الى الصلح فورا فان ذلك فيه ذلة يعنى طلب صلح مكنيد از ايشان نشانه ضعف وتذلل شما بود { وانتم الاعلون } جمع الاعلى بمنى الاغلب اصله اعليون فكرهوا الجمع بين اخت الكسرة والضمة اى الاغلبون وقال الكلبى آخر الامر لكم وان غلبوكم فى بعض الاوقات وهى جملة حالية مقررة لمعنى النهى مؤكدة لوجوب الانتهاء وكذا قوله تعالى { واللّه معكم } فان كونهم الاغلبين وكونه تعالى معهم اى ناصرهم فى الدارين من اقوى موجبات الاجتناب عما يوهم الذل والضراعة وكذا توفيته تعالى لأجور الاعمال حسبما يعرب عنه قوله تعالى { ولن يتركم اعمالكم } الوتركم وضائع كردن اى ولن يضيعها من وترت الرجل اذا قتلت له قتيلا من ولد او أخ او حميم فافردته منه من الوتر الذى هو الفرد وفى القاموس وتر الرجل افزعه وادركه بمكروه ووتره ماله نقصه اياه انتهى وعبر عن ترك الاثابة فى مقابلة الاعمال بالوتر الذى هو اضاعة شئ معتد به من الانفس والاموال مع ان الاعمال غير موجبة للثواب على قاعدة اهل السنة ابراز لغاية اللطف بتصوير الصواب بصورة الحق المستحق وتنزيل ترك الاثابة بمنزل اضاعة اعظم الحقوق واتلافها وفى الحديث القدسى ( انما هى اعمالكم ثم اؤديكم اياها ) وهى ضمير القصة يعنى ما جزاء اعمالكم الا محفوظ عندى لاجلكم ثم اؤديها اليكم وافية كاملة وعن ابى ذر رضى اللّه عنه رفعه يقول اللّه تعالى انى حرمت الظلم على نفسى وحرمته على عبادى فلا تظالموا فاذا كان اللّه منزها عن الظلم ونقص جزاء الاعمال فليطلب العبد نفسا بل لا ينبغى له ان يطلب الاجر لان اللّه تعالى اكرم الاكرمين فيعطيه فوق مطلوبه توبندكى جو كدايان بشرط مزدمكن كه دوست خود روش بنده برورى داند ( وفى المثنوى ) عاشقانرا شادمانى وغم اوست دست مزد واجرت خدمت هم اوست غير معشوق از تماشايى بود عشق نبود هرزه سودايى بود عشق آن شعله است كوجون بر فروخت هرجه جز معشوق باقى جمله سوخت قال ابو الليث رحمه اللّه فى تفسيره وفى الآية دليل على ان ايدى المسلمين اذا كانت عالية على المشركين لا ينبغى ان يجيبوهم الى الصلح لان فيه ترك الجهاد وان لم تكن يدهم عالية فلا بأس بالصلح لقوله تعالى { وان جنحوا للسلم فاجنح لها } اى ان مالوا الى الصلح فمل اليه وكذا قال غيره هذا نهى للمسلمين عن طلب صلح الكافرين قالوا وهو دليل على انه عليه السلام لم يدخل مكة صلحا لانه نهى عن الصلح وكذا قال الحدادى فى تفسيره فى سورة النساء لا يجوز مهادنة الكفار وترك احد منهم على الكفر من غير جزية اذا كان بالمسلمين قوة على القتال واما اذا عجزوا عن مقاومتهم وخافوا على انفسهم وذراريهم جاز لهم مهادنة العدو من غير جزية يؤدونها اليهم لان حظر الموادعة كان بسبب القوة فاذا زال السبب زال الحظر انتهى والجمهور على ان مكة فتحت عنوة اى قهرا لا صلحا لوقوع القتال بها ولو كان صلحا لما قال عليه السلام ( من دخل دار أبى سفيان فهو آمن ) الى آخر الحديث ٣٦ { انما الحياة الدنيا } عند اهل البصيرة { لعب ولهو } باطل وغرور لا اعتبار بها ولا ثبات لها الا اياما قلائل وبالفارسية جزاين نيست كه زندكانئ دنيا بازيست نابايدار ومشغولى بىعتبار يقال لعب فلان اذا كان فعله غير قاصد به مقصدا صحيحا واللهو ما يشغل الانسان عما يعنيه ويهمه وفى الخبر ( ان اللّه تعالى خلق ملكا وهو يمد لا اله من اول الدنيا فاذا قال الا اللّه قامت القيامة ) وفيه اشارة الى ان الدنيا وما فيها من اولها الى آخرها لا وجود لها فى الحقيقة وانما هى امر عارض زائل واللّه هو الازلى الابدى { وان تؤمنوا } ايها الناس بما يجب به الايمان { وتتقوا } عن الكفر والمعاصى { يؤتكم اجوركم } اى ثواب ايمانكم وتقواكم من الباقيات الصالحات التى يتنافس فيها المتنافسون وفى الآية حث على طلب الآخرة العلية الباقية وتنفير عن طلب الدنيا الدنية الفانية مكن تكيه بر ملك وجاه وحشم كه بيش ازتو بودست وبعدازتوهم بدنيا توانىكه عقبى خرى بخرجان من ورنه حسرت خورى { ولا يسألكم } اى اللّه تعالى { اموالكم } الجمع المضاف من صيغ العموم فالمراد جميع اموالكم بحيث يخل ادآؤها بمعاشكم وانما اقتصر على شئ قليل منها وهو ربع العشر تؤدونها الى فقرآئكم فطيبوا بها نفسا ٣٧ { ان يسألكموها } اى اموالكم { فيحفكم } اى يجهدكم بطلب الكل وبالفارسية بس مبالغه كند درخواستن يعنى كويد همه ارا نفقه كنيد وذلك فان الاحفاء والالحاف المبالغة وبلوغ الغاية يقال احفى شاربه اى استأسله اى قطعه من أصله { تبخلوا } بها فلا تعطوا { ويخرج } اى اللّه تعالى ويعضده القرآءة بنون العظمة أو البخل لانه سبب الاضغان { اضغانكم } اى احقادكم وقد سبق تفسيره فى هذه السورة قال فى عين المعانى اى يظهر اضغانكم عند الامتناع وقال قتادة علم اللّه ان ابن آدم ينقم ممن يريد ماله ويقال ويخرج ما فى قلوبكم من حب المال وهذه المرتبة لمن يوقى شح نفسه فاما الاحرار عن رق الكونين ومن علت رتبتهم فى طلب الحق فلا يسامحون فى استبقاء ذرة ويطالبون ببذل الروح والتزام الغرامات فان المكاتب عبد ما بقى عليه درهم ٣٨ { ها انتم } ها تنبيه بمعنى آكاه باشيد وكوش داريد وانتم كلمة على حدة وهو مبتدأ خبره قوله { هؤلاء } اى انتم ايها المخاطبون هؤلاء الموصوفون يعنى فى قوله تعالى { ان يسألكموها } الآية { تدعون لتنفقوا فى سبيل اللّه } استئناف مقرر لذلك حيث دل على انهم يدعون لانفاق بعض اموالهم فى سبيل اللّه فيبخل ناس منهم او صلة لهؤلاء على انه بمعنى الذين اى هاأنتم الذين تدعون ففيه توبيخ عظيم وتحقير من شأنهم والانفاق فى سبيل اللّه يعم نفقة الغزو والزكاة وغيرهما { فمنكم من يبخل } بالرفع لان من هذه ليس بشرط اى ناس يبخلون وهو فى حيز الدليل على الشرطية الثانية كأنه قيل الدليل عليه انكم تدعون الى اداء ربع العشر فمنكم ناس يبخلون به { ومن يبخل } بالجزم لان من شرط { فانما يبخل عن نفسه } فان كلا من نفع الانفاق وضرر البخل عائد اليه والبخل يستعمل بعن وعلى لتضمنه معنى الامساك والتعدى اى فانما يمسك الخير عن نفسه بالبخل { واللّه الغنى } عنكم وعن صدقاتكم دون من عداه { وانتم الفقراء } اليه والى ما عنده من الخير فما يأمركم به فهو لاحتياجكم الى ما فيه من المنافع فان امتثلتم فلكم وان توليتم فعليكم قال الجنيد قدس سره الفقر يليق بالعبودية والغنى يليق بالربوبية ويلزم الفقر من الفقر ايضا وهو الغنى التام ولذلك قال ابن مشيش للشيخ ابى الحسن الشاذلى قدس اللّه سرهما لئن لقيته بفقرك لتلقينه بالصنم الاعظم وبتمام الفقر يصح الغنى عن الغير فيكون متخلقا بالغنى وفى التأويلات النجمية واللّه الغنى لذاته بذاته ومن غناه تمكنه من تنفيذ مراده واستغناؤه عما سواه وانتم الفقرآء الى اللّه فى الابتداء ليخلقكم وفى الوسط ليربيكم وفى الانتهاء ليغنيكم عن انانيتكم ويبقيكم بهويته فاللّه غنى عنكم من الازل الى الابد وانتم الفقراء محتاجون اليه من الازل الى الابد مراورا رسد كبريا ومنى كه ملكش قديمست وذاتش غنى ولما كان اللّه غنيا جوادا احب ان يتخلق عباده بأخلاقه فأمرهم بالبذل والانفاق فان السخاء سائق الى الجنة والرضى والقربة درخبرست كه خالد بن وليد ازسفرى بازآمد ازجانب روم وجماعت ازايشان اسير آورده رسول عليه السلام برايشان اسلام عرضه كرد قبول نكردند بفرمود تاجندكس را ازايشان بكشتند بآخر جوانىرا بياوردندكه اورابكشند خالد ميكويد تيغ بر كشيدم تابزنم رسول عليه السلام كفت آن يكى رامزان يا خالد كفتم يا رسول اللّه درميان اين قوم هيج كس دركفر قوى ترازين جوان نبوده است رسول فرمود جبريل امده وميكويدكه اين يكى رامكش كه اودرميان قوم خويش جوانمرد بوده است وجوانمردرا كشتن روانيست آن جوان كفت جه بوده است كه مرابياران خود نرسانيديد كفتند درحق تووحى آمده است اى بشيرترا درين سراى باكافر جوانمرد عتاب نيست ومارا دران سراى بامؤمن جوانمرد حساب نيست آن جوان كفت اكنون بدانستم كه دين شما حقست وراست ايمان برمن عرضه كنيدكه ازجوانمردى من جز قوم من خبرنداشتند اكنون يقين همى دانم كه اين سيد راست كويست اشهد ان لا اله الا اللّه واشهد ان محمدا رسول اللّه بس رسول خدا فرمودكه آن جوانمرد خلعت ايمان ببركت جوانمردى يافت جوانمرد اكر راست خواعى وليست كرم بيشه شاه مردان عليست { وان تتولوا } عطف على ان تؤمنوا اى وان تعرضوا عن الايمان والتقوى وعما دعاكم اليه ورغبكم فيه من الانفاق فى سبيله { يستبدل قوما غيركم } اى يذهبكم ويخلق مكانكم قوما آخرين { ثم لا يكونوا امثالكم } فى التولى عن الايمان والتقوى والانفاق بل يكونوا راغبين فيها وكلمة ثم للدلالة على ان مدخولها مما يستبعده المخاطب لتقارب الناس فى الاحوال واشتراك الجل فى الميل الى المال والخطاب فى تتولوا لقريش والبدل الانصار وهذا كقوله تعالى { فان يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين } او للعرب والبدل العجم وأهل فارس كما روى انه عليه السلام سئل عن القوم وكان سلمان الى جنبه فضرب على فخذه فقال ( هذا وقومه والذى نفسى بيده لو كان الايمان منوطا بالثريا ) اى معلقا بالنجم المعروف ( لتناوله رجال من فارس ) فدل على انهم الفرس الذين اسلموا وفيه فضيلة لهذه القبيلة وفى الحديث ( خيرتان من خلقه فى ارضه قريش خيرة اللّه من العرب وفارس خيرة اللّه من العجم ) كما فى كشف الاسرار ودر لباب آورده كه ابو الدردآء رضى اللّه عنه بعد از قرائت اين آيت مى كفت ابشروا يا بنى فروخ ومراد بارسيانند قال فى القاموس فروخ كتنور اخو اسماعيل واسحق ابو العجم الذين فى وسط البلاد انتهى وفيه اشارة الى منقبة قوم يعرفون بخواجكان ونحوهم من كبار اهل الفرس وعظماء اهل اللّه منهم وهم كثيرون ومنهم الشيخ سعدى الشيرازى وقد تقطب من الفجر الى الظهر ثم تركه باختياره على ما فى الواقعات المحمودية ثم هذا يدل على ان اللّه تعالى قد استبدل باولئك الكفار غيرهم من المؤمنين وقيل معناه وان تتولوا كلكم عن الايمان فحينئذ يستبدل غيركم قال تعالى { ولولا ان يكون الناس امة واحدة } الآية قال بعضهم لا يستقر على حقيقة بساط العبودية الا أهل السعادة ألا تراه يقول وان تتولوا الآية وفى الآية اشارة الى ان الانسان خلق ملولا غير ثابت فى طلب الحق تعالى وان من خواصهم من يرغب فى طلب الحق بالجد والاجتهاد من حسن استعداده الروحانى ثم فى اثناء السلوك بمجاهدة النفس ومخالفة هواها بظمأ النهار وسهر الليل تمل النفس من مكايدة الشيطان وطلب الرحمة فيتولى عن الطلب بالخذلان ويبتلى بالكفران ان لم يكن معانا بجذبة العناية وحسن الرعاية فاللّه تعالى قادر على ان يستبدل به قوما آخرين فى الطلب صادقين وعلى قدم العبودية ثابتين وقد داركتهم جذبات العناية موفقين للهداية وهم اشد رغبة واعز رهبة منكم ثم لا يكونوا امثالكم فى الاعراض بعد الاقبال والانكار بعد الاقرار وترك الشكر والثناء بل يكونوا خيرا منكم فى جميع الاحوال اظهارا للقدرة على ما يشاء والحكمة فيما يشاء كذا فى التأويلات النجمية |
﴿ ٠ ﴾