سُورَةُ الْفَتْحِ مَدَنِيَّةٌ وَهِيَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ آيَةً ١ { إنا فتحنا } فتح البلد عبارة عن الظفر به عنوة او صلحا بحرب او بدونه فانه ما لم يظفر منغلق مأخوذ من فتح باب الدار قال فى عين المعانى الفتح هو الفرج المزيل للهم لان المطلوب كالمنغلق فاذا نيل انفتح وفى المفردات الفتح ازالة الاغلاق والاشكال وذلك ضربان احدهما يدرك باليصر نحو فتح الباب والغلق والغفل والمتاع نحو قوله ولما فتحوا متاعهم والثانى ما يدرك بالبصيرة كفتح الهم وهو ازالة الغم وذلك ضربان احدهما فى الامور الدنيوية كغم يفرج وفقر يزال باعطاء المال ونحوه والثانى فتح المستغلق من العلوم نحو قولك فلان فتح من العلم بابا مغلقا انتهى واسناده الى نون العظمة لاستناد افعال العباد اليه تعالى خلقا وايجادا والمراد فتح مكة وهو المروى عن انس رضى اللّه عنه بشربه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عند انصرافه من الحديبية والتعبير عنه بصيغة الماضى على سنن سائر الاخبار الربانية للايذان تحققه لا محاله تأكيدا للتبشير كما ان تصدير الكلام بحرف التحقيق كذلك وفيه من الفخامة المنبثة عن عظمة شأن المخبر جل جلاله وعز سلطانه ما لا يخفى وحذف المفعول للقصد الى نفس الفعل والايذان بان مناط التبشير نفس الفتح الصادر عنه سبحانه لا خصوصية المفتوح قال الامام الراغب انا فتحنا لك يقال عنى فتح مكة ويقال بل عنى ما فتح على النبى عليه السلام من العلوم والهدايات التى هى ذريعة الى الثواب والمقام المحمود التى صارت سببا لغفران ذنوبه انتهى وسيجيء غير هذا { فتحا مبينا } اى بينا ظاهر الامر مكشوف الحال او فارقا بين الحق والباطل وقال بعضهم المراد بالفتح المبين هو الصلح مع قريش فى غزوة الحديبية وهى كدوهية وقد تشدد بئر قرب مكة حرسها اللّه تعالى او شجرة حدباء كانت هنالك كما فى القاموس سمى المكان باسمها و سببها انه صلى اللّه تعالى عليه وسلم رأى فى المنام انه دخل البيت واخذ مفتاحه وطاف هو واصحابه واعتمر واخبر بذلك اصحابه ففرحوا ثم اخبر اصحابه انه يريد الخروج للعمرة فتجهزوا للسفر وخرج عليه السلام بعد ان اغتسل ببيته ولبس ثوبين وركب راحلته القصوى من عند بابه ومعه ألف وأربعمائة من المسلمين على الصحسح وابطأ عليه كثير من اهل البوادى خشية قريش وساق عليه السلام معه الهدى سبعين بدنة وكان خروجه يوم الاثنين غرة ذى القعدة من السنة السادسة من الهجرة فلما وصل الى ذى الحليفة وهو ميقات المدنيين صلى بالمسجد الذى ركعتين واحرم بالعمرة واحرم معه غالب اصحابه ومنهم من لم يحرم الا من الجحفة وهو ميقات اهل الشام وانما خرج معتمراليأ من اهل مكة ومن حولها من حربه وليعلموا انه عليه السلام انما خرج زآئر للبيت فلما كان الاصحاب فى بعض المحال اقبلوا نحوه عليه السلام وكان بين يديه ركوة يتوضأ منها فقال ( مالكم ) فقالوا يا رسول اللّه ليس عندنا ماء نشرب ولا ماء نتوضأ منه الا فى ركوتك فوضع رسول اللّه يده فى الركوة فجعل الماء يفور من بين اصابعه الشريفة امثال العيون فشربوا وتوضأوا حتى قال جابر رضى اللّه عنه لو كنا مائة الف لكفانا وهو اعجب من نبع الماء لموسى عليه السلام من الحجر فان نبعه من الحجر متعارف معهود واما من بين اللحم والدم فلم يعهد وانما لم يخرجه عليه السلام بغير ملامسة ماء تأدبا مع اللّه لانه المنفرد بابداع المعدومات من غير اصل وارسل عليه السلام بشر بن سفيان الى مكة عيناله فلما كانوا بعسفان جاء وقال يا رسول اللّه هذه قريش قد سمعت بخروجك فلبسوا جلود النمراى اظهروا العداوة والحقد والتنفروا من اطاعهم من الا حابيش وهى قبيلة عظيمة من العرب ومعهم زادهم ونساؤهم واولادهم ليكون ادعى لعدم الفرار وقد نزلوا بذى طوى وهو موضع بمكة مثلث الطاء ويصرف كما فى القاموس يعاهدون اللّه ان لا ندخلها عليهم عنوة ابدا فقال عليه السلام ( اشيروا على ايها الناس اتريدون ان نؤم البيت فمن صدنا عنه قاتلناه ) وقال المقداد يا رسول اللّه لا نقول لك كما قالت بنوا اسرائيل لموسى عليه السلام اذهب انت وربك فقاتلا انا ههنا قاعدون ولكن اذهب انت وربك فقاتلا انا معكما مقاتلون فقال عليه السلام ( فامضوا على اسم اللّه ) فساروا ثم قال ( هل من رجل يخرجنا عن طريق الى غير طريقهم التى هم بها ) فقال رجل من اسلم وهو ناجية بن جندب انا يا رسول اللّه فسلك بهم طريقا وعرائم افضوا الى ارض سهلة ثم امر رسول اللّه ان يسلكوا طريقا يخرجهم على مهبط الحديبية من اسفل مكة فسلكوا ذلك الطريق فلما نزلوا بالحديبية نزح ماؤها حتى لم يبق فيها قطرة ماء فاشتكى الناس الى رسول اللّه العطش وكان الحر شديدا فاخرج عليه السلام سهما من كنانته ودفعه الى البرآء بن عازب وامره ان يغرزه في جوف البئر او تمضمض رسول اللّه ثم مجه فى البئر فجاش الماء ثم امتلأت البئر فشربوا جميعا ورويت ابلهم وفى التفاسير ولم ينفد ماؤها بعد وفى انسان العيون فلما ارتحلوا من الحديبية اخذ البرآء السهم فجف الماء كان لم يكن هناك شئ فلما اطمأن رسول اللّه بالحديبية اتاه بديل بن ورقاء وكان سيد قومه فسأله ما الذى جاء به فاخبره انه لم يأت يريد حربا انما جاء زآئرا للبيت فلما رجع الى قريش لم يستمعوا وارسلوا الحليس بن علقمة وكان سيد الاحابيش فلم يعتمدوا عليه ايضا وارسلوا عروة بن مسعود الثقفى عظيم الطائف ومتمول العرب ولما قام عروة بالخبر من عنده عليه السلام وقد رأى ما يصنع به اصحابه لا يغسل يديه الا ابتدروا وضوءه اى كادوا يعتتلون عليه ولا يبصق بصاقا الا ابتدروه اى يدلك به من وقع فى يده وجهه وجلده ولا يسقط من شعره شئ الا اخذوه واذا تكلم خفضوا اصواتهم عنده ولا يحدون النظر اليه تعظيما له فقال يا معشر قريش انى جئت كسرى فى ملكه وقيصر فى ملكه والنجاشى فى ملكه واللّه ما رأيت ملكا فى قوم قط مثل محمد فى اصحابه اخاف ان لا تنصروا عليه فقالت له قريش لا تتكلم بهذا يا ابا يعفور ولكن نرده عامنا هذا ويرجع من قابل فقال ما اراكم الا ستصيبكم قارعة ثم انصرف هو ومن معه الى الطائف واسلم بعد ذلك ودعا عليه السلام خراش بن امية الخزاعى فبعثه الى قريش وحمله عليه السلام على بعير له يقال له الثعلب ليبلغ اشرافهم عنه ما جاء له فعقر واجمل رسول اللّه وارادو اقتل خراش فمنعه الاحابيش فخلوا سبيله حتى اتى رسول اللّه واخبره بما لقى ثم دعا رسول اللّه عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه ليبلغ عنه اشراف قريش ما جاء له فقال يا رسول اللّه انى اخاف قريشا على نفسى وما بمكة من نبى عدى ابن كعب احد يمنعنى وقد عرفت قريش عداوتى اياها وغلظتى عليها ولكن ادلك على رجل اعز بها منى عثمان بن عفان رضى اللّه عنه فان بنى عمه يمنعونه فدا عليه السلام عثمان فبعثه الى اشراف قريش يخبرهم بالخبر وامر عليه السلام عثمان ان يأتى رجالا مسلمين بمكة ونساء مسلمات ويدخل عليهم ويخبرهم ان اللّه قرب ان يظهر دينه بمكة حتى لا يستخفى فيها بالايمان فخرج عثمان رضى اللّه عنه الى مكة ومعه عشرة رجال من الصحابة باذن رسول اللّه ليزوروا اهاليهم هناك فلقى عثمان قبل أن يدخل مكة ابان ابن سعيد فاجازه حتى يبلغ رسالة رسول اللّه وجعله بين يديه فاتى عظماء قريش فبلغهم الرسالة وهم يرددون عليه ان محمدا لا يدخل علينا ابدا فلما فرغ عثمان من تبليغ الرسالة قالوا له ان شئت فطف بالبيت فقال ما كنت لا أفعل حتى يطوف رسول اللّه وكانت قريش قد احتبست عثمان عندها ثلاثة ايام فبلغ رسول اللّه ان عثمان قد قتل وكذا من معه من العشرة فقال عليه السلام ( لا نبرح حتى نناجز القوم ) اى نقاتلهم فامره اللّه بالبيعة فنادى مناديه ايها الناس البيعة البيعة نزل روح القدس فاخرجوا على اسم اللّه فثاروا الى رسول اللّه وهو تحت شجرة من اشجار السمر بضم الميم شجر معروف فبايعوه على عدم الفرار وانه اما الفتح واما الشهادة وبايع عليه السلام عن عثمان اى على تقدير عدم صحة القول بقتله فوضع يده اليمنى على يده اليسرى وقال ( اللهم ان هذه عن عثمان فانه فى حاجتك وحاجة رسولك ) وسيجيء معنى المبايعة وقيل لها بيعة الرضوان لان اللّه تعالى رضى عنهم وقال عليه السلام لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة وقال ايضا لا يدخل النار من شهد بدر او الحديبية واول من بايع سنان بن ابى سنان الاسدى فقال للنبى عليه السلام ابايعك على ما فى نفسك قال وما فى نفسى قال اضرب بسيفى بين يديك حتى يظهرك اللّه او اقتل وصار الناس يقولون نبايعك على ما بايعك عليه سنان ( روى ) ان عثمان رضى اللّه عنه رجع بعد ثلاثة ايام فبايع هو ايضا وكان محمد بن مسلمة على حرس رسول اللّه فبعث قريش اربعين رجلا عليهم مكرز بن حفص ليطوفوا بعسكر رسول اللّه ليلا رجاء أن يصيبوا منهم احدا ويجدوا منهم غرة اى غفلة فاخذهم محمد بن مسلمة الا مكرزا فانه افلت واتى بهم الى رسول اللّه فحبسوا وبلغ قريشا حبس اصحابهم فجاء جمع منهم حتى رموا المسلمين بالنبل والحجارة وقتل من المسلمين ابن رسم رمى بسهم فاسر المسلمون منهم اثنى عشر رجلا وعند ذلك بعثت قريش الى رسول اللّه جمعافيهم سهيل بن عمرو فلما رآه عليه السلام قال لاصحابه ( سهل امركم ) وكان يحب الفأل بمثل هذا فقال سهيل يا محمد ان ما كان من حبس اصحابك اى عثمان والعشرة وما كان من قتال من قاتلك لم يكن من رأى ذوى رأينا بل كنا كارهين له حين بلغنا ولم نعلم وكان من سفهائنا فابعث الينا من اصحابنا الذين اسروا اولا وثانيا فقال عليه السلام ( انى غير مرسلهم حتى ترسلوا اصحابى ) فقالوا نفعل فبعث سهيل ومن معه الى قريش بذلك فبعثوا من كان عندهم وهو عثمان والعشرة فارسل رسول اللّه اصحابهم ولما علمت قريش بهذه البيعة كبرت عليهم وخافوا أن يحاربوا واشار اهل الرأى بالصلح على أن يرجع ويعود من قابل فيقيم ثلاثا فبعثوا سهيل بن عمر وثانيا ومعه مكرز بن حفص وحويط بن عبد العزى الى رسول اللّه ليصالحه على ان يرجع من علمه هذا لئلا يتحدث العرب بأنه دخل عنوة ويعود من قابل فلما رآه عليه السلام مقبلا قال ( اراد القوم الصلح حيث بعثوا هذا الرجل ) اى ثانيا فالتأم الامر بينهم على الصلح وان كان بعض الاصحاب لم يرضوا به فى اول الامر حتى قالوا علام نعطى الدنية بفتح الدال وكسر النون وتشديد الياء النقيصة والخصلة المذمومة فى ديننا وهم مشركون ونحن مسلمون فأشار عليه السلام بالرضى ومتابعة الرسول ثم دعا عليه السلام عليا فقال ( اكتب بسم اللّه الرحمن الرحيم ) فقال سهيل لا اعرف هذا اى الرحمن الرحيم ولكن اكتب باسمك اللهم فكتبها لان قريشا كانت تقولها ثم قال رسول اللّه ( اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول اللّه سهيل بن عمرو ) فقال سهيل لو شهدت انك رسول اللّه لم اقاتلك ولم اصدك عن البيت ولكن اكتب اسمك واسم ابيك فقال عليه السلام لعلى رضى اللّه عنه ( امح رسول اللّه ) فقال واللّه ما امحوك ابدا فقال ( ارنيه ) فأراه اياه فمحاه رسول اللّه بيده الشريفة وقال ( اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد اللّه سهيل بن عمرو ) وقال ( انا واللّه رسول اللّه وان كذبتمونى وانا محمد بن عبد اللّه ) وكان الصلح على وضع الحرب عن الناس عشر سنين يأمن فيه الناس ويكف بعضهم عن بعض ومن أتى محمدا من قريش ممن هو على دين محمد بغير اذن وليه رده اليه ذكرا كان او انثى ومن اتى قريشا ممن كان مع محمد اى مرتدا ذاكرا كان او انثى لم ترده اليه وسبب الاول ان فى رد المسلم الى مكة عمارة للبيت وزيادة خير له فى الصلوة بالمسجد الحرام والطواف بالبيت فكان هذا من تعظيم حرمات اللّه وسبب الثانى انه ليس من المسلمين فلا حاجة الى رده وشرطوا انه من احب أن يدخل فى عقد محمد وعهده دخل فيه ومن احب أن يدخل فى عقد قريش وعهدهم دخل فيه وان بيننا وبينكم عيبة مكفوفة اى صدورا منطوية على ما فيها لا تبدى عداوة بل منطوية على الوفاء بالصلح وانه لا اسلال ولا اغلال اى لا سرقة ولا خيانة قال سهيل وانك ترجع عامك هذا فلا تدخل مكة وانه اذا كان عام قابل خرج منها قريش فدخلتاه باصحابك فأقمت بها ثلاثة ايام معك سلاح الراكب السيوف فى القرب والقوس لا تدخلها بغيرهما وكان المسلمون لا يشكون فى دخولهم مكة وطوافهم بالبيت ذلك العام للرؤيا التى رآها رسول اللّه فلما رأوا الصلح وما تحمله رسول اللّه فى نفسه دخلهم من ذلك امر عظيم حتى كادوا يهلكون خصوصا من اشتراط ان يرد الى المشركين من جاء مسلما منهم وكانت بيعة الرضوان قبل الصلح وانها السبب الباعث لقريش عليه ولما فرغ رسول اللّه من الصلح واشهد عليه رجالا من المسلمين قام الى هديه فنحره وفرق لحم الهدى على الفقرآء الذين حضروا الحديبية وفى رواية بعث الى مكة عشرين بدنة مع ناجية رضى اللّه عنه حتى نحرت بالمروة وقسم لحمها على فقراء مكة ثم جلس رسول اللّه فى قبة من اديم احمر فحلق رأسه خداش الذى بعث الى قريش كما تقدم ورمى شعره على شجرة فاخذه الناس تبركا وأخذت ام عمارة رضى اللّه عنها طاقات منه فكانت تغسلها للمريض وتسقيه فيبرأ باذن اللّه تعالى فلما رأوا رسول اللّه قد نحر رافعا صوته باسم اللّه واللّه اكبرو حلق تواثبوا ينحرون ويحلقون وقصر بعضهم كعثمان وابى قتاده رضى اللّه عنهما وقال عليه السلام ( اللهم ارحم المحلقين دون المقصرين ) قال لانهم لم يرجوا أن يطوفوا بالبيت بخلاف المقصرين اى لان الظاهر من حالهم انهم اخروا بقية شعورهم رجاء أن يحلقوا بعد طوافهم وارسل اللّه ريحا عاصفة احتملت شعورهم فألقتها فى قرب الحرم وان كان اكثر الحديبية فى الحرم فاستبشروا بقبول عمرتهم واقام عليه السلام بالجديبية تسعة عشر او عشرين يوما ثم انصرف قافلا الى المدينة فلما كان بين الحرمين وأتى بكراع الغميم على ما فى انسان العيون وغيره انزلت عليه سورة الفتح وحصل للناس مجاعة هموا أن ينحروا ظهورهم فقال عليه السلام ( ابسطوا انطاعكم وعباءكم ) ففعلوا ثم قال ( من كان عنده بقية من زاد او طعام فلينشره ) ودعا لهم ثم قال ( قربوا اوعيتكم فأخذوا ما شاء اللّه ) وحشوا اوعيتهم وأكلوا حتى شبعوا وبقى مثله وقال عليه السلام لرجل من اصحابه ( هل من وضوء ) بفتح الواو وهو ما يتوضأ به فجاء بأداوة وهى الركوة فيها ماء قليل فأفرغها فى قدح ووضع راحته الشريفة فى ذلك الماء قال الراوى فتوضأنا كلنا اى الالف الاربعمائة نصبه صبا شديد او لما أنزلت سورة الفتح قال عليه السلام لاصحابه ( أنزلت على سورة هى احب الى مما طلعت عليه الشمس ) وفى رواية ( أنزلت على سورة مايسرنى بها حمر النعم ) والحمر بسكن الميم جمع أحمر والنعم بفتحتين تطلق على جماعة الابل لا واحد لها من لفضها والمراد بحمر النعم الابل الحمر وهى من أنفس اموال العرب يضربون بها المثل فى نفاسة الشىء وانه ليس هناك اعظم منها ثم قرأ السورة عليهم وهنأهم وهنأوه يعى ايشانرا تهنية كفت واصحاب نيز ويرا مبارك باد كفتند. وتكلم بعض الصاحبة وقال هذا هو بفتح لقد صدونا عن البيت وصد هدينا فقال عليه السلام لما بلغه بئس الكلام ( بل هو اعظم الفتح لقد رضى المشركون أن يدفعوكم بالبراح عن بلادهم وسألوكم القضية ) اى الصلح ( والتجأوا اليكم فى الامان وقد رأوا منكم ماكرهوا وظفركم اللّه عليهم وردكم سالمين مأجورين فهو اعظم الفتوح أنسيتم يوم احد وأنا أدعوكم فى اخراكم أنسيتم يوم الاحزاب { اذ جاؤكم من فوقكم ومن اسفل منكم واذا زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون باللّه الظنونا } ) فقال المسلمون صدق اللّه ورسوله هو اعظم الفتوح واللّه يانبى اللّه مافكرنا فيما فكرت فيه ولأنت اعلم باللّه وبأمره منا وقال له عمر رضى اللّه عنه ألم تقل انك تدخل مكة آمنا قال ( بلى أفقلت لكم من عامى هذا ) قالوا لا قال ( فهو كما قال جبريل فانكم تأتونه وتطوفون به ) اى لانه جاء الوحى بمثل مارأى وذكر بعضهم انه عليه السلام لما دخل مكة فى العام القابل وحلق رأسه قال ( هذا الذى وعدتكم ) فلما كان يوم الفتح واخذ المفتاح قال ( هذا الذى قلت لكم ). يقول الفقير لاشك ان الاصحاب رضى اللّه عنهم لم يشكوا فى امر النبى عليه السلام ولم يكن كلامهم معه من قبيل الاعتراض عليه وانما سألوه استعلاما لما داخلهم شىء مما لايخلو عنه البشر فان الامر عميق والا فأدنى مراتب الارادة فى باب الولاية ترك الاعتراض فكي فى باب النبوة واللّه تعالى حكم ومصالح فى ايراد انا فتحنا بصيغة الماضى فانه بظاهره ناطق بفتح الصلح ويحقيقته مشير الى فتح مكة فى الزمان الآتى وكل منهما فتح اى فتح وحاصل ماقال العلماء انه سمى الصلح فتجامع انه ليس بفتح لا عرفا لانه ليس بظفر على البلد ولا لغة لانه ليس بظفر للمنغلق كيف وقد احصروا ومنعوا من البيت فنحروا وحلقوا بالحديبية واى ظفر فى ذلك فالجواب ان الصلح مع المشركين فتح بالمعنى اللغوى لانه كان منغلقا ومتعذرا وقت نزولهم بالحديبية الا انه لما آل الامر الى بيعة الرضوان وظهر عند المشركين اتفاق كلمة المؤمنين وصدق عزيمتهم على الجهاد والقتال ضعفوا وخافوا حتى اضطروا الى طلب الصلح وتحقق بذلك غلبة المسملين عليهم مع ان ذلك الصلح قد كان سببا لامور أخر كانت منغلقة قبل ذلك منها ان المشركين اختلطوا بالمسلمين بسببه فسمعوا كلامهم وتمكن الاسلام فى قلوبهم واسلم فى مدة قليلة خلق كثير كثر بهم سواد اهل الاسلام حتى قالوا دخل فى تلك السنة فى الاسلام مثل من دخل فيه قبل ذلك واكثر وفرغ عليه السلام بهذا الصلح لسائر العرب فغزاهم وفتح مواضع خصوصا خيبر واغتنم المسلمون واتفقت فى تلك السنة ملحمة عظيمة بين الروم وفارس غلبت فيها الروم على فارس وكانت غلبتهم عليهم من دلائل النبوة حيث كان عليه السلام وعد بوقوع تلك الغلبة فى بضع سنين وهو مابين الثلاث الى التسع فكانت كما وعد بها فظهر بها صدقه عليه السلام فكان من جملة الفتح وسر به عليه السلام والمؤمنون لظهور اهل الكتاب على المجوس الى غير ذلك من فتوحات اللّه الجليلة ونعمه العظيمة ٢ { ليغفر لك اللّه } غاية للفتح من حيث انه مترتب على سعيه عليه السلام فى اعلاء كلمة اللّه بمكابدة مشاق الحروب واقتحام موارد الخطوب قال بعضهم لما لم يظهر وجه تعليل الفتح بالمغفرة جعل الفتح مجازا مرسلا عن اسباب الفتح ليغفر لك فالفتح معلول مترتب على الافعال المؤدية الى المغفرة وان المغفرة علة حاملة على تلك الافعال فصح جعلها علة لما ترتب على تلك الافعال وهو الفتح وجعل الزمخشرى فتح مكة علة للمغفرة وهو اوفق للمذهب الحق لان افعال اللّه تعالى لا تعلل بالاغراض على مذهبهم فليست اللام على حقيقتها بل هى اما للصيرورة والعاقبة او لتشبيه مدخولها بالعلة الغائية فى ترتيبها على متعلقها وايضا ان العلة الغائية لها جهتا عليه ومعلولية على ما تقرر فلا لوم على من نظر الى جهة المعلولية كالزمخشرى لظهور صحته كما فى حواشى سعدى المفتى والالتفات الى اسم الذات المستتبع لجميع الصفات للاشعار بأن كل واحد مما انتظم فى سلك الغاية من افعاله تعالى صادر عنه تعالى من حيثية غير حيثية الآخر مترتبه على صفة من صفاته تعالى قال ابن الشيخ فى اظهار فاعل قوله { ليغفر لك } وينصرك اشعار بأن كل واحد من المغفرة والنصرة متفرع على الالوهية وكونه معبودا بالحق والمغفرة ستر الذنوب ومحوها قال بعض الكبار المغفرة اشد عند العارفين من العقوبة لان العقوبة جزآء فتكون الراحة عقيب الاستيفاء فهو بمنزلة من استوفى حقه والغفران ليس كذلك فانك تعرف ان الحق عليك متوجه لوانه انعم عليك بترك المطالبة فلا تزال خجلا ذاحياء ولهذا اذا غفر اللّه تعالى للعبد ذنبه احال بينه وبين تذكره وانساه اياه وانه لو تذكره لاستحيى ولا عذاب على النفوس اعظم من الحياء حتى يود صاحب الحياء انه لم يكن شيأ كما قالت مريم الكاملة { يا ليتنى مت قبل هذا وكنت نسياً منسيا } هذا حياء من المخلوقين فكيف بالحياء من اللّه تعالى فيما فعل العبد من المخالفات ومن هذا الباب ما حكى ان الفضيل قدس سره وقف فى بعض حجاته ولم ينطق بشئ فلما غربت الشمس قال واسوأتاه وان عفوت ( قال الصائب ) هركز نداد شرم مرا رخصت نكاه . در هجر ووصل روى بديوار داشتم { ما تقدم من ذنبك وما تأخر } اى جميع ما فرط منك من ترك الاولى وتسميته ذنبا بالنظر الى منصبه الجليل لان حسنات الابرار سيئات المقربين على ما قاله ابو سعيد الخراز قدس سره ( وفى المثنوى ) آنكه عين لطف باشد برعوام . قهر شد برعشف كيشان كرام . قال بعضهم اى جميع ما صدر منك قبل النبوة وما تأخر عناه لادلالة اللفظ عليه اذيجوز ان يصدر عنه قبل النبوة صغيرتان احداهما متقدمة على الاخرى انتهى وفيه انه يصح أن يطلق على كل من الصغيرتين انهما قبل النبوة قان التقدم والتأخر اضافى وهو اللائح قال اهل الكلام ان الانبياء معصومون من الكفر قبل الوحى وبعده باجماع العلماء ومن سائر الكبائر عمدا بعد الوحى واما سهوا فجوزه الاكثرون واما الصغائر فتجوز عمدا عند الجمهور وسهوا بالاتفاق واما قبل الوحى فلا دليل بحسب السمع او العقل على امتناع صدور الكبيرة وقال عطاء الخراسانى ما تقدم من ذنبك اى ذنب ابويك آدم وحواء ببركتك روى ان آدم لما اعترف بالخطيئة قال يا رب اسألك بحق محمد أن تغفر لى فقال اللّه يا آدم كيف عرفت محمد ولم اخلفه قال لانك لما خلقتنى بيدك ونفخت فى من روحك رفعت رأسى فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا اله الا اللّه محمد رسول اللّه فعرفت انك لم تضف إلى اسمك الا اسم احب الخلق اليك فقال اللّه صدقت يا آدم انه لأحب الخلق الى فغفرت لك ولولا محمد لما خلقتك رواه البيهقى فى دلائله وما تأخر من ذنوب امتك بدعوتك وشفاعتك. سلمى قدس سره فرمودكه ذنب آدم رابوى اضافت كردجه در وقت زلت در صلب وى بوده وكناه امت را بوى اسناد فرمودجه او بيش رودكار ساز ايشانست . وقال ابن عطاء قدس سره لما بلغ عليه السلام سدرة المنتهى ليلة المعراج قدم هو وأخر جبريل فقال لجبريل ( تتركنى فى هذا الموضع وحدى ) فعاتبه اللّه حين سكن الى جبريل فقال { ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك وما تأخر } فيكون كل من الذنبين بعد النبوة وقال سفيان الثورى رحمه اللّه ما تقدم ما عملت فى الجاهلية وما تأخر مالم تعمله قال فى كشف الاسرار ويذكر مثل ذلك على طريق التأكيد كما يقا لأعطى من رآه ومن لم يره وضرب من لقيه ومن لم يلقه انتهى لكن فيه انه خارج من ادب العبارة فالواجب أن يقال ما تقدم اى ما عملت قبل الوحى وقيل ما تقدم من ذنب يوم بدر وما تأخر من ذنب يوم حنين حيث قال يوم بدر اللهم ( أن تهلك هذه العصابة لا تعبد فى الارض ابدا ) وكرره مرارا فأوحى اللّه اليه من اين تعلم انى لو اهلكتها لا اعبد ابدا فكان هذا الذنب المتقدم وقال يوم حنين بعد أن هزم الناس ورجعوا اليه ( لو لم ارمهم ) اى الكفار ( بكف الحصى لم يهزموا ) فأنزل اللّه { وما رميت اذ رميت ولكن اللّه رمى } وهو الذنب المتأخر لكن فيه ان المتأخر متأخر عن الوقعة فيكون وعدا بغفران ما سيقع منه قال فى بحر العلوم وأبعد من هذا قول ابى على الرود بادى رحمه اللّه لو كان لك ذنب قديم او حديث لغفرناه لك انتهى. يقول الفقير ابو على قدس سره من كبار العارفين فكيف يصدر عنه ما هو ابعد عند العقول بل كلامه من قبيل قوله من عرف اللّه عرف كل شئ يعنى لو تصورت معرفة اللّه لاحد وهى لا تتصور حقيقة وكذا لو تصور منه عليه السلام ذنب لغفر له لكنه لا يتصور لانه فى جميع احواله اما مشتغل بواجب او يمندوب لا غير فهو كالملائكة فى انه لا يصدر منه المخالفة ولى معنى آخر فى هذا المقام وهو انالمراد بالمغفرة الحفظ والعصمة ازلا وبدا فيكون المعنى ليحفظك اللّه ويعصمك من الذنب المتقدم والمتأخر فهو تعالى انما جاء بما قدم اشارة الى انه عليه السلام محفوظ معصوم فى اللاحق كما فى السابق فاعرفه وفى الفتوحات المكية استغفارالانبياء لا يكون عن ذنب حقيقة كذنوبنا وانما هو عن امر يدق عن عقولنا لانه لا ذوق لنا فى مقامهم فلا يجوز حمل ذنوبهم على ما نتعقله نحن من الذنب انتهى ومؤآخذة اللّه عباده فى الدنيا والآخرة تطهير لهم ورحمة وفى حق الانبياء من جهة العصمة والحفظ والعقات لا يكون الا فى مذنب والعقوبة تقتضى التأخر عن المتقدم لانها تأتى عقبه فقد تجد العقوبة الذنب فى المحل وقد لا تجده اما بأن يقلع عنه واما ان يكون الاسم العفو والغفور استوليا عليه بالاسم الرحيم فزال فترجع العقوبة حاسرة ويزول عن المذنب اسم الذنب لانه لا يسمى مذنبا الا فى حال قيام الذنب به كما فى كتاب الجواهر والدرر للشعرانى وقال الشعرانى فى الكبريت الاحمر قلت ويجوز حمل نحو قوله { ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك وما تأخر } على نسبة الذنب اليه من حيث ان شريعته هى التى حكمت بأنه ذنب فلولا اوحى به اليه ما كان ذنبا فجميع ذنوب امته يضاف اليه والى شريعته بهذا التقدير وكذلك ذنب كل نبي ذكره اللّه وقد قالوا لم يعص آدم وانما عصى بنوه الذين كانوا فى ظهره فما كان قوله { ليغفر لك } الخ الا تطمينا له عليه السلام ان اللّه قد غفر جميع ذنوب امته التى جاءت بها شريعته ولو بعد عقوبة باقامة الحدود عليهم فى دار الدنيا كما وقع لماعز ومن الواجب على كل مؤمن انتحال الاجوبة للاكابر جهده وذلك مما يحبه اللّه ويحب من احبنا عنه فافهم هذا اعتقادنا الذى نلقى اللّه عليه ان شاء اللّه تعالى انتهى وفى التأويلات النجمية { انا فتحنا لك فتحا مبينا } يشير الى فتح باب قلبه عليه السلام الى حضرة ربوبيه يتجلى صفات جماله وجلاله وفتح ما انفلق على جميع القلوب { ليغفر لك ما تقدم من ذنبك } اى ليسترلك بانوار جلاله ما تقدم من ذنب وجودك من بدأ خلق روحك وهو اول شئ تعلقت به القدرة كما قال ( اول ما خلق اللّه روحى ) وفى رواية نورى وما تأخز اى من ذنب وجودك الى الابد وذنب الوجود هو الشركة فى الوجود وغفره ستره بنور الوحدة لمحو آثار الاثنينية انتهى وقال بعض الاكابر اعلم ان فتوح رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ثلاثة اولها الفتح القريب وهو فتح باب القلب بالترفى عن مقام النفس وذلك بالمكاشفات الغيبية والانوار اليقينية وقد شاركه فى ذلك اكثر المؤمنين وثانيها الفتح المبين بظهور انوار الروح وترقى القلب الى مقامه وحينئذ تترقى النفس الى مقام القلب فتستتر صفاتها المظلمة بالانوار القلبية وتنتفى بالكلية وذلك معنى قوله تعالى { ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك وما تأخر } فالسابقة الهيئات المظلمة على فتح باب القلب والمتأخرة الهيئات النورانية المكتسبة بالانوار القلبية التى تظهر فى التلوينات فيخفى حالها ولا تنتفى هذه بالفتح القريب وان انتفت الاولى لأن مقام القلب لا يكمل الا بعد الترقى الى مقام الروح واستيلاء انواره على القلب فيظهر تلوين القلب وينتفى تلوين النفس بالكلية ويحصل فى هذا الفتح مغانم المشاهدات الروحية والمسامرات السرية وثالثها الفتح المطلق المشار اليه بقوله { اذا جاء نصر اللّه والفتح } وهو فتح باب الوحدة بالفناء المطلق والاستغراق فى عين الجمع بالشهود الذاتى . وظهور النور الاحدى فمن صحت له متابعة النبى عليه السلام اثابه اللّه مغانم كثيرة وفتوحات فان حسن المتابعة سبب لفيضان الانوار الالهية بواسطة روحانية النبى عليه السلام ( قال الشيخ سعدى قدس سره ) خلاف بيمبر كسى ره مزيد . كه هركز بمنزل نخواهد رسيد . مبندار سعدى كه راه صفا . توان رفت جزبربى مصطفى . وذلك ان الفلاسفة والبراهمة والرهابنة ادعوا بمعرفة اللّه والوصول إليه بطريق العقل والرياضة والمجاهدة من غير متابعة الانبياء وارشاد اللّه تعلى فانقطعوا دون الوصول اليه { ويتم نعمته عليك } باعلاء الدين وضم الملك الى النبوة وغيرهما مما افاضه عليه من النعم الدينية والدنيوية { ويهديك صراطاً مستقيماً } فى تبليغ الرسالة واقامة مراسم الرياسة واصل الاستقامة وان كانت حاصلة قبل الفتح لكن حصل بعد ذلك من اتضاح سبل الحق واستقامة مناهجه ما لم يكن حاصلا قبل ٣ { وينصرك اللّه } اظهار الاسم الجليل لكونه خاتمة الغايات ولاظهار كمال العناية بشأن النصر كما يعرب عنه تأكيده بقوله تعالى { نصرا عزيزا } اى نصرافيه عزة ومنعة فعزيزا للنسبة اى ذا عز قال فى فتح الرحمن النصر العزيز هو الذى معه غلبة العدو والظهور عليه والنصر غير العزيز هو الذى معه الحماية ودفع العدو فقط انتهى او نصرا قويا منيعا على وصف المصدر بوصف صاحبه اى المنصور مجازا للمبالغة ولم يجعل وصفا بوصف الناصر لقلة الفائدة فيه لان القصد بيان حال المخاطب لا المتكلم او نصرا عزيزا صاحبه ثم الظاهر ان المراد من ذلك النصر هو ما ترتب على فتح مكة من النصر على الاعداء كهوازن وغيرهم ونصر امته على الاكاسرة والقياصرة وكانت الحكمة فى قنال بعض الرسل لمن خالفهم انما هى لمخالفة ما فطروا عليه من التوحيد الموجبة تلك المخالفة لفساد ذلك الفطر الذى هم فيه باعمالهم واحوالهم الفاسدة التى لا يحصل منها الا حل نظام الاسباب وتبديد ما ذلك الشخص مأمور يحفظه عن ذلك كله فالنبى رحمة للخلق ولو بعث بالسيف وقس عليه سائر من تصدى للامر بالمعروف والنهى عن المنكر قال ابن عطاء قدس سره جمع اللّه لنبيه فى هذه السورة نعما مختلفة من الفتح المبين وهو من اعلام الاجابة والمغفرة وهى من اعلام المحبة واتمام النعمة وهى من اعلام الاختصاص والهداية وهى من اعلام التحقق بالحق والنصر وهو من اعلام الولاية فالمغفرة تبرئة من العيوب واتمام النعمة ابلاغ الدرجة الكاملة والهداية هى الدعوة الى المشاهدة والنصرة هى رؤية الكل من الحق من غير أن يرجع الى ما سواء نسأل اللّه أن ينصرنا ببذل الوجود المجازى فى وجوده الحقيقى. ٤ { هو الذي أنزل السكينة } بيان لما افاض عليهم من مبادى الفتح من الثبات والطمأنينة يعنى انزلها { فى قلوب المؤمنين } بسبب الصلح والامن بعد الخوف لانهم كانوا قليلى العدة بسبب انهم معتمرون وكان العدو مستعدين لقتالهم مع ما لهم من القوة والشوكة وشدة البأس فثبتوا وبايعوا على الموت بفضل اللّه تعالى ( وقال الكاشفى ونحوه ) جون در صلح حديبية صحابة خالى ازدغدغه وترددى نبودند خق سبحانه وتعالى فرمود هو الذى الخ . فالمراد ثبتوا واطمأنوا بعد ان ماجوا وزلزلوا حتى عمر الفاروق رضى اللّه عنه على ما عرف فى القصة وذلك القلق والاضطراب انما هو لما دهمهم من صد الكفار ورجوعهم دون بلوغ مقصودهم وكانوا يتوقعون دخول مكة فى ذلك العام آمنين للرؤيا التى رآها عليه السلام على ما سبق { ليزدادوا } تازيادت كند { ايمانا } مفعول يزدادوا كما فى قوله تعالى { وازدادوا تسعا } { مع ايمانهم } اى يقينا منضما الى يقينهم الذى هم غليه برسوخ العقيدة واطمئنان النفس عليها ومن ثمة قال عليه السلام ( لو وزن ايمان ابى بكر مع الثقلين لرجح ) وكلمة مع فى ايمانهم ليسث على حقيقتها لان الواقع فى الحقيقة ليس انضمام يقين الى يقين لامتناع اجتماع المثلين بل حصول نوع يقين اقوى من الاول فان له مراتب لا تحصى من اجلى البديهيات الى اخفى النظريات ثم لا ينفى الاول ما قلنا وذلك كما فى مراتب البياض ما حقق فى مقامه فيها استعارة او المعنى أنزل فيها السكون الى ما جاء به النبى عليه السلام من الدرآئع ليزدادوا ايمانا بها مقرونا مع ايمانهم بالوحدانية واليوم الآخر فكان القرآن حينئذ على حقيقتها والقرآن فى الحقيقة لتعلق الايمان بزيادة متعلقة فلا يلزم اجتماع المثلين وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما ان اول ما اتاهم به النبى عليه السلام التوحيد ثم الصلاة والزكاة ثم الحج والجهاد حتى اكمل لم دينهم كما قال { اليوم اكملت لكم دينكم } فازدادوا ايمانا مع ايمانهم فكان الايمان يزيد فى ذلك الزمان بزيادة الشرائع والاحكام واما الآن فلا يزيد ولا ينقص بل يزيد نوره ويقوى بكثرة الاعمال وقوة الاحوال فهو كالجوهر الفرد فكما لا يتصور الزيادة و النقصان فى الجوهر الفرد من حيث هو فكذا فى الايمان واما قوله تعالى { ومن يكفر بالطاغوت ويؤمن باللّه } فالكفر بالطاوت هو عين الايمان باللّه فى الحقيقة فلا يلزم ان يكون الايمان جزءا قال بعض الكبار الايمان الحقيقى هو ايمان الفطرة التى فطر اللّه الناس عليها لا تبديل لها ويتحقق بالخاتمة وما بينهما يزيد الايمان فيه وينقص والحكم للخاتمة لانها عين السابقة فيحمل قول من قال ان الايمان لا يزيد ولا ينقض على ايمان الفطرة الذى حقيقته ما مات عليه ويحمل قول من قال ان الايمان يزيد وينقص على الحالة التى بين السابقة والخاتمة من حين يتعقل التكاليف فتأمل ذلك فانه نفيس انتهى وقال حضرة الهدائى قدس سره فى مجالسة المنيفة ليزداد ايمانا وجدانيا ذوقيا عيني مع ايمانهم العلمى الغيبى فان السكينة نور فى القلب يسكن به الى ما شاهده ويطمئن وهو من مبادى عين اليقين بعد علم اليقين كأنه وجدان يقينى معه لذة وسرور وفى المفردات قيل ان السكينة ملك يسكن قلب المؤمن ويؤمنه كما ورد ان السكينة لتنطق على لسان عمر وقال بعض الكبار السكينة تطلق على ثلاثة اشياء بالاشتراك اللفظى او لها ما اعطى بنوا اسرائيل فى التابوت كما قال تعالى { ان آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم } قال المسرون هى ريح ساكنة طبيعة تخلع قلب العدو بصوتها رعبا اذا التقى الصفان وهى معجزة لانبيائهم وكرامة لملوكهم والثانى شئ من لطائف صنع الحق يلقى على لسان المحدث الحكمة كما يلقى الملك الوحى على قلوب الانبياء مع ترويح الاسرار وكشف السر والثالث هى التى أنزلت على قلب النبى عليه السلام وقلوب المؤمنين وهى شئ يجمع نورا وقوة وروحا يسكن اليه الخائف ويتسلى به الحزين كما قال تعالى { فأنزل اللّه سكينته على رسوله وعلى المؤمنين } انتهى وقال بعض الكبار ان الانبياء والاولياء مشتركون فى تنزل الملائكة عليهم ومختلفون فيما نزلت به فأن ملك الالهام لا ينزل على الاولياء بشرع مستقل ابدا وانما ينزل عليهم بالاتباع وبافهام ما جاء به نبيهم مما لم يتحقق الاولياء بالعلم به فكل فيض ونور وسكينة انما ينزل من اللّه تعالى بواسطة الملك او بلا واسطته وان كان فرق عظيم بين حال النبى والولى فأنه كما ان النبى افضل واولى فكذا وارده اقوى واولى نسال اللّه فضله وسكينته . هرآنكه يافت زفضل خدا سكينت دل . نماند درحرم سينه اش تردد وغل { ولله جنود السموات والأرض } الجنود جمع جند بالضم وهو جمع معد للحرب اى مختص به تعالى جنود العالم يدبر امرها كيفما يشاء يسلط بعضها على بعض تارة ويوقع فيما بينها السلم اخرى حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم والمصالح ( وقال الكاشفى ) ومرخدا يراست لشكرهاى آسمانها از ملائكة وجنود زمين ازمؤمنان مجاهد بس اى اهل ايمان جهاد كنيد رينصرت الهى واثق باشيدكه هركه لشكر آسمان وزمين درحكم وى بود بلكه ذرات كون سباه وى بوده باشند اولياى خودرا در وقت غزابا عداى خود فرونكذارد . نصرت از وطلب كه بميدان قدرتش . هرذره بهلوانى وهربشه صفدريست . قال بعضهم كل ما فى السموات والارض بمنزلة الجند له لو شاء لا تنصر به كما ينتصر بالجند وتأويل الآية لم يكن صد المشركين رسول اللّه عن قلة جنود اللّه ولا عن وهن نصره لكن عن علم اللّه واختياره انتهى وفى فتح الرحمن { ولله جنود السموات والارض } فلو أراد نصر دينه بغيركم لفعل وقال بعضهم همم سموات ارواح العارفين وقصور ارض قلوب المحبين وانفاسهم جنوده ينتقم بنفس منهم من جميع اعدآئه فيقهرهم دعا نوح عليه السلام على قومه فقال { لا تذر على الارض من الكافرين ديارا } فهلك به اهل الارض جميعا الا من آمن ودعا موسى عليه السلام على القبط فقال { ربنا اطمس على اموالهم واشدد على قلوبهم } فصارت حجارة ولم يؤمنوا حتى رأوا العذاب الاليم وقال سيد البريات عليه افضل التحيات حين رمى الحصى على وجوه الاعدآء شاهت الوجوه فانهزموا باذن اللّه تعالى وكذا حال كل ولى وارث قاهر من اهل الانفاس بل كل ذرة من العرش الى النرى جند من جنوده تعالى حتى لو سلط نملة على حية عظيمة لهلكت وقد قيل الدبة اذا ولدت ولدها رفعته فى الهوآء يومين خوفا من النمل لأنه تضعه لحمة كبيرة غير متميزة الجوارح ثم تميز اولا فأولا واذا جمع بين العقرب والفارة فى اناء زجاج قرضت الفأرة ابرة العقرب فتسلم منها ويكفى قصة البعوض مع نمرود ( وفى المثنوى ) جملة ذرات زمين وآسمان . لشكر حفندكاء امتحان . بادرا ديديكه باعادان جه كرد . آب را ديديكه باطوفان جه كرد . آنجه برفرعون زدآن بحركين . وآنجه باقارون نموداست اين زمين . آنجه با آن بيلبانان بيل كرد . وآنجه بشه كلهُ نمرود خورد . وآنكه سنك انداخت داودى بدست . كشت ششصد بار . ولشكر شكست . سنك مى باريد باعداى لوط . تاكه درآب سيه خوردند غوط . دست بركافر كواهى مىدهد . لشكر حق مىشود سر مى نهد . كربكويد جثم راكور افشاره دردجثم از توبر آرد صددمار . كربدندان كويد اوبنما وبال . بس به بينى توزندان كوشمال . فلا بد من التوكل على اللّه فانه عون كل ضعيف وحسب كل عاجز قال بعضهم ما سلط اللّه عليك فهو من جنوده ان سلط عليك نفسك اهلك بنفسك وان سلط عليك جوارحك اهلك جوارحك بجوارحك وان سلط نفسك على قلبك قادتك فى متابعة الهوى وطاعة الشيطان وان سلط قلبك على نفسك وجوارحك زمها بالادب فألزمها العبادة وزينها بالاخلاص فى العبودية { وكان اللّه } ازلا وابدا { عليما } مبالغا فى العلم بجميع الامور { حكيما } فى تقديره وتدبيره فكان بمعنى كان ويكون اى دالة على الاستمرار والوجود بهذه الصفة لا معينة وقتا ماضيا وقال بعض الكبار ولله جنود السموات من الانوار القدسية والامدادات الروحانية وجنود الارض من الصفات النفسانية والقوى الطبيعية فيغلب بعضها على بعض فاذا غلب الاولى على الاخرى حصلت السكينة وكمال اليقين واذا عكس وقع الشك والريب وكان اللّه عليما بسرآئرهم ومقتضيات استعداداتهم وصفاء فطرة الفريق الاول وكدورة نفوس الفريق الثانى حكيما فيما فعله وفى التأويلات النجمية { ولله جنود السموات والارض } اى كلها دالة على وحدانيته تعالى وهى جنود اللّه بالنصرة لعبادة فى الظفر بمعرفته وكان اللّه عليما بمن هو اهل النصرة للمعرفة حكيما فيما حكم فى الازل لهم. ٥ { ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الانهار خالدين فيها } متعلق بما يدل عليه ما ذكر من كون جنود السموات والارض له تعالى من معنى التصرف والتدبير اى دبر ما دبر من تسليط المؤمنين ليعرفوا نعمة اللّه فى ذلك ويشكروها فيدخلهم الجنة { ويكفر عنهم سيئاتهم } هذا بازآء قوله { ليغفر لك اللّه } اى يغطيها ولا يظهرها قبل أن يدخلهم الجنة ليدخلوها مطهرين من الآثام وتقديم الادخال على التكفير مع ان الترتيب فى الوجود على العكس من حيث ان النخلية قبل التحلية للمسارعة الى بيان ما هو المطلب الاعلى { وكان ذلك } اى ما ذكر من الادخال والتكفير { عند اللّه فوزا عظيما } لا يقادر قجره لانه منتهى ما يمتد اليه اعناق الهمم من جلب نفع ودفع ضر والفوز الظفر مع حصول السلامة وعند اللّه حال من فوزا لانه صفته فى الاصل فلما قدم عليه صار حالا اى كائنا عند اللّه تعالى اى فى علمه وقضائه ٦ { ويعذب المنافقين والمنافقات } من اهل المدينة { والمشركين والمشركات } من اهل مكة عطف على يدخل والتعذيب هو ما حصل لهم من الغيظ بنصر المؤمنين وفى تقديم المنافقين على المشركين ما لا يخفى من الدلالة على انهم احق منهم بالعذاب وقد تثاقل كثير منهم فلم يخرجوا معه عليه السلام ثم اعتذروا فقالوا بالسنتهم ما ليس فى قلوبهم ولو صدقوا عند الناس فما صدقوا عند اللّه وقد قال تعالى { يوم ينفع الصادقين صدقهم } اى صدقهم عند اللّه لا عند الخلق ولذلك قال عليه السلام ( جاهدوا المشركين باموالكم وانفسكم وألسنتكم ) اشارة الى مقام التحقيق والتصديق فان الدعوى بغير برهان كذب . برهان ببايد صدق را . ورنه زدعواها جهسود { الظانين باللّه ظن السوء } صفة لطائفتى اهل النفاق واهل الشرك وظن السوء منصوب على المصدر والاضافة فيه كالاضافة فى سيف شجاع من حيث ان المضاف اليه فى الحقيقة هو موصوف هذا المجرور والتقدير سيف رجل شجاع فكذا التقدير هنا ظن الامر السوء وهو ان اللّه لا ينصر رسوله ولا يرجعهم الى مكة فاتحين والى المدينة سالمين كما قال { بل ظننتم ان لن ينقلب الرسل والمؤمنون الى اهليهم ابدا } وبالفارسية كمان بردند بخدا كمان بد . وقال فى كشف الكشاف ان ظن السوء مثل رجل صدق اى الظن السئ الفاسد المذموم انتهى وعند البصر بين لا يجوز اضافة الموصوف الى صفته ولا عكسها لان الصفة والموصوف عبارتان عن شئ واحد فاضافة احدهما الى الآخر اضافة الشئ الى نفسه وفى التأويلات النجمية { الظانين باللّه ظن السوء } فى ذاته وصفاته بالاهواء والبدع وفى افعاله واحكامه بالظلم والعبث قال بعض العارفين مثال من احسن فى اللّه ظنه مثال من سلط اللّه عليه الشيطان ليفتنه ويمتحنه فلما جاءه الشيطان أخبره بأنه رسول من عند اللّه وانه رسول رحمة وقال جئتك لأشد عضدك فى الخير وألهمك رشدك لتكون عند ربك فى درجة العرش فحسن بربه ظنه وخر ساجدا فصبر اللّه له الشيطان ملكا كما ظن كما روى ان الجن صنعت لسليمان عليه السلام ارضا وصفحتها بالزمرد الاخضر وخصبتها باللؤلؤ والجواهر لتفتنه بها وو لا يعلم فرأى ان ذلك من مواهب ربه له فى دار الدنيا فخر ساجدا لله فأثبتها اللّه له ارضا مقدسة كما ظن الى أن مات على حسن ظنه بربه ومثال من اساء بربه ظنه مثال من أرسل اللّه اليه ملك رحمة ليرشده للخير فقال انما أنت شيطان حيث تغوينى فصير اللّه له الملك شيطانا كما ظن وفى الحديث ( أنا عند ظن عبدى بى ) وقال عليه السلام قبل موته بثلاثة ايام ( لا يموتن احد الا وهو يحسن الظن باللّه وهو من امارات اليقين ) در روايت آمده است از بعض صحابة رسول عليه السلام كه رسول اورا خبرداده بودكه تو والى شوى در مصر حكم كنى وقتى اقلعه را حصار كرده بودند وآن صحابى نيز در ميان بو دسائر اصحابرا كفت مردار كفة منجنيق نهيدوبسوى كفار در قلعه اندازيد جون من آنجا رسم قتال كنم ودر حصار بكشايم جون از سبب اين جرأت برسيدند كفت رسول صلّى اللّه عليه وسلّم مراخبرداده است كه من والى مصر شوم وهنوز نشدم يقين ميدانم كه نميرم تا والى نشوم فهم كن كه قوت ايمان اينست والا ازروى عرف معلوم است كه جون كسى را در كفة منجنيق نهند وبيندازند حال اوجه باشد . ظاهر وباطن ما آينة يكديكرند . سينة صاف ترازاب روانم دادند { عليهم دآئرة السوء } اى ما يظنونه ويتر بصونه بالمؤمنين فهو حائق بهم ودآئر عليهم لا يتجاوزهم الى غيرهم فقد اكذب اللّه ظنهم وقلب ما يظنونه بالمؤمنين عليهم بحيث لا يتخطاهم ولا يظفرون بالنصرة ابدا وهذا كقوله تعالى { ويتربص بكم الدوآئر عليهم دآئرة السوء } وبالفارسية وبرين كمان برند كانست كردش بديعنى ايشان منكوب ومغلوب خواهندشد . قال المولى ابو السعود فى التوبة قوله { عليهم دآئرة السوء } دعاء عليهم نجوما ار ادوا بالمؤمنين على نهج الاعتراض كقوله تعالى { غلت ايديهم } بعد قول اليهود ما قالوا انتهى فان قلت كيف يحمل على الدعاء وهو للعاجز عرفا واللّه منزه عن العجز قلت هذا تعليم من اللّه لعباده انه يجوز الدعاء عليهم كقوله { قاتلهم اللّه } ونحوه قال ابن الشيخ السوء بالفتح صفة مشبهة من ساء يسوء بضم العين فيها سوأ فهو سوء ويقابله من حيث المعنى قولك حسن يحسن حسنا فهو حسن وهو فعل لازم بمعنى قبح وصار فاسدا رديئا بخلاف ساءه يسوءه سوأ ومساءة اى احزنه نقيض سره فانه متعدو وزنه فى الماضى فعل بفتح العين ووزن ما كان لازما فعل بضم العين وفعل يأتى فاعله على فعل كصعب صعوبة فهو صعب والسوء بضم السين مصدر لهذا اللازم والسوء بالفتح مشترك بين اسم الفاعل من اللازم وبين مصدر المتعدى وقيل السوء بالفتح والضم لغتان من ساء بمعنى كالكره والكره والضغف والضعف خلان المفتوح غلب فى أن يضاف اليه ما يراد ذمه من كل شئ واما المضموم فجار مجرى الشر المناقض للخير ومن ثمة اضيف الظن الى المفتوح لكونه مذموما وكانت الدآئرة محمودة فكان حقها أن لا تضاف اليه الا على التأويل المذكور واما دآئرة السوء بالضم فلأن الذى اصابهم مكروه وشدة يصح أن يقع عليه اسم السوء كقوله تعالى { ان اراد بكم سوأ او اراد بكم رحمة } كما فى بعض التفاسير والدآئرة عبارة عن الخط المحيط بالمركز ثم استعملت فى الحادثة والمصيبة المحيطة لمن وقعت هى عليه فمعنى الآية يحيط بهم السوء احاطة الدآئرة بالشئ او بمن فيها بحيث لا سبيل الى الانفكاك عنها بوجه الا ان اكثر استعمالها اي الدآئرة فى المكروه كما ان اكثر استعمال الدولة فى المحبوب الذى يتداول ويكون مرة لهذا ومرة لذاك والاضافة فى دآئرة السوء من اضافة العام الى الخاص للبيان كما فى خاتم فضة اى دآئرة من شر لا من خير وقال ابو السعود فى التوبة السوء مصدر ثم اطلق على كل ضرر وشر واضيفت اليه الدآئرة ذما كما يقال رجل سوء لان من درات عليه يذمها وهى من اضافة الموصوف الى صفته فوصفت فى الاصل بالمصدر مبالغة ثم اضيفت الى صفتها كقوله تعالى { ما كان ابوك امرأ سوء } وقيل معنى الدآئرة يقتضى معنى السوء لان دآئرة الجهر لا تستعمل الا فى المكروه فانما هو اضافة بيان وتأكيد كما قالوا شمس النهار ولحيا رأسه { وغضب اللّه عليهم } عطف لما استحقوه فى الآخرة على ما استوجبوه فى الدنيا قال بعضهم غضبه تعالى ارادة العقوبة لهم فى الآخرة وكونهم على الشرك والنفاق فى الدنيا وحقيقته ان للغضب صورة ونتيجة اما صورة فتغير فى الغضبان يتأذى به ويتألم واما نتيجة فاهلاك المغضوب عليه وايلامه فعبر عن نتيجة الغضب بالغضب على الكناية بالسبب عن المسبب { ولعنهم } طردهم من رحمته { واعد لهم جهنم } وآماده كرديم براى ايشان دوزخ راء والواو فى الفعلين الاخيرين مع ان حقهما الفاء المفيدة لسببية ما قبلها لما بعدها اذ اللعن سبب الاعداد والغضب سبب اللعن للايذان باستقلال كل منهما فى الوعيد واصالته من غير استتباع بعضهما لبعض { وساءت مصيرا } اى جهنم والمصير المرجع وبالفارسية ويدباز كشتيست دوزخ ٧ { ولله جنود السموات والأرض وكان اللّه عزيزا } اى بليغ العزة والقدرة على كل شيء { حكيما } بليغ الحكمة فيه فلا يفعل ما يفعل الاعلى مقتضى الحكمة والصواب وهذه الآية اعادة لما سبق قالوا فائدتها التنبيه على ان لله تعالى جنودا للرحمة ينزلهم ليدخل بهم المؤمنين الجنة معظما مكرما وان له تعالى جنودا للعذاب يسلطهم على الكفار يعذبهم بهم فى جهنم والمراد ههنا جنود العذاب كما ينبئ عنه التعرض لوصف العزة فان عادته تعالى أن يصف نفسه بالعزة فى مقام ذكر العذاب والانتقام قال فى برهان القرآن الاول متصل بانزال السكينة وازدياد ايمان المؤمنين فكان الموضع موضع علم وحكمة وقد تقدم ما اقتضاه الفتح عند قوله { وينصرك اللّه نصرا عزيزا } واما الثانى والثالث الذى بعده فمتصلان بالعذاب والغضب وسلب الاموال والغنائم فكان الموضع موضع هز وغلبة وحكمة وفى كشف الاسرار يدفع كيد من عادى نبيه والمؤمنين بما شاء من الجنود هو الذى جند البعوض على نمرود والهدهد على بلقيس رووى ان رئيس المنافقين عبد اللّه بن ابى بن سلول قال هب ان محمدا هزم اليهود وغلب عليهم فكيف استطاعته بفارس والروم فقال اللّه تعالى { ولله جنود السموات والارض } اكثر عددا من فارس والروم ( وقال الكاشفى ) ومرخد ايراست لشكرهاى آسمان وزمين يعنى هركه در آسمانها وزمينهاست همه مملوك ومسخر ويند جنانجه لشكريان مر سر دار خودرا تكرار اين سخن جهت وعدة مؤمنانست تابنصرت الهى مستظهر باشند وبراى وعيد مشركان ومنافقان تا از تكذيب ربانى خائف كردند وفى الآية اشارة الى ما اعد اللّه من عظائم فضله وعجائب صنعه فى سموات القلوب وارض النفوس يمد بها اولياءه وينصرهم بها على أنفسهم ليفوزوا بكمال قربه ويخذل بها اعدآءه ويهلكهم فى اودية الاهوية ليصيروا الى كما بعده وكان اللّه عزيز اذل اعدآءه حكيما فيما يعز اولياءه كما فى التأويلات النجمية . واعلم ان اللّه تعالى قد جعل فى النار مائة دركة فى مقابلة درج الجنة ولكل دركة قوم مخصوصون لهم من الغضب الالهى الحال بهم آلام مخصوصة تصل اليهم من ايدى الملائكة الموكلين بهم نعوذ باللّه من سخطه وعذابه ونسأله الاولى من نعيمه وثوابه وللغضب درجات منها وقطع الامداد العلمى المستلزم لتسليط الجهل والهوى والنفس والشيطان والاحوال الذميمة لانه موقت الى النفس الذى قبل آخر الانفاس فى حق من يختم له بالسعادة ومنها ما يتصل الى حين دخولهم جهنم وفتح باب الشفاعة ومنها ما يقتضى الخلود فى النار ( قال الحافظ ) دارم از لطف ازل جنت فردوس طمع . كرجه دربانئ ميخانه فراوان كردم . واللّه غفور رحيم لمن تاب ورجع الى الصراط المستقيم ٨ { إنا أرسلناك شاهدا } اى على امتك لقوله تعالى { ويكون الرسول عليكم شهيدا } يعنى على تصديق من صدقه وتكذيب من صدقه وتكذيب من كذبه اى مقبولا قوله فى حقهم يوم القيامة عند اللّه تعالى سوآء شهد لهم او عليهم كلما يقبل قول الشاهد العدل عند الحاكم وهو حال مقدرة فانه عليه السلام انما يكون شاهدا وقت التحمل والادآء وذلك متأخر عن زمان الارسال بخلاف غيره مما عطف عليه فانه ليس من الاحوال المقدرة { ومبشرا } على الطاعة بالجنة والثواب وعلى اهل الطلب بالوصول { نذيرا } على المعصية بالنار والعذاب وعلى اهل الاعراض بالقطية وفى التوراة يا أيها النبى انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للاميين أنت عبدى ورسولى سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب فى الاسواق ولا يدفع السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويصفح ولن يقبضه اللّه حتى يقيم له الملة العوجاء بأن يقولوا لا اله لله فيفتح لها اعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلنا سرخيل انبيا وسبهدار اتقيا . سلطان باركاه دنى قائدامم ٩ { لتؤمنوا باللّه ورسوله } الخطاب للنبى عليه السلام ولأمته فيكون تعميما للخطاب بعد التخصيص لان خطاب ارسلناك للنبى خاصة ومثله قوله تعالى { يا ايها النبى اذا طلقتم النساء } خصه عليه السلام بالندآء ثم عمم الخطاب على طريق تغليب المخاطب على الغائبين وهم المؤمنون فدلت الآية على انه عليه السلام يجب أن يؤمن برسالة نفسه كما ورد فى الحديث انه عليه السلام ( أشهد انى عبد اللّه ورسوله ) قال السيلى فى الامالى انما عرف نبوة نفسه بعد معرفته بجبريل وايمانه به اى بالعلم الضرورى فاذا عرف نبوة نفسه وآمن بها وجب عليه أن يؤمن بما أنزل اليه من ربه كما قال تعالى { آمن الرسول بما أنزل اليه من ربه } ويجوز ان يكون الخطاب للامة فقط فان قلت كيف يجوز تخصيصهم الخطاب الثانى بالامة فى مقام توجيه الخطاب الاول اليه عليه السلام بخصوصه قلت ان خطاب رئيس القوم بمنزلة خطاب من معه من اتباعه فجاز أن يخاطب الاتباع فى مقام تخصيص الرسل بالخطاب لان المقصود سماعهم { وتعزروه } وتقووه تعالى بتقوية دينه ورسوله قال فى المفردات التعزير النصرة من التعظيم قال تعالى { وتعزروه } والتعزير دون الحد وذلك يرجع الاول فان ذلك تأديب والتأديب نصرة بقهر عدوه فان افعال الشر عدو الانسان فمتى قمعته عناه فقد نصرته وعلى هذا الوجه قال النبى عليه السلام ( انصر اخاك ظالما او مظلوما ) فقال أنصره مظلوما فكيف أنصره ظالما قال ( تكفه عن الظلم ) انتهى وفى القاموس التعزير ضرب دون الحد او هو أشد الضرب والتفخيم والتعظيم ضد والاعانة كالعزر والتقوية والنصر انتهى وقال بعضهم اصله المنع ومنه التعزير فانه منع من معاودة القبيح يعنى وتمنعوه تعالى اى دينه ورسوله حتى لا يقوى عليه عدو { وتوقروه } وتعظموه باعتقاد أنه متصف بجميع صفات الكمال منزه عن جميع وجوه النقصان قال فى القاموس التوقير التبجيل والوقار كسحاب الرزانة انتهى يعنى السكون والحلم فأصله من الوقر الذى هو الثقل فى الاذن { وتسبحوه } وتنزهوه تعالى عما لا يليق به ولا يجوز اطلاقه عليه من الشريك والولد وسائر صفات المخلوقين او تصلوا له من السبحة وهى الدعاء وصلاة التطوع قال فى القاموس التسبيح الصلاة ومنه فلولا انه كان من المسبحين اى من المصلين { بكرة واصيلا } اى غدوة وعشيا فالبكرة اول النهار والاصيل آخره او دآئما فانه يراد بهما الدوام وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما صلاة الفجر وصلاة الظهر وصلاة العصر وفى عين المعانى البكرة صلاة الفجر والأصيل الصلوات الاربع فتكون الآية مشتملة على جميع الصلوات المفروضة وجوز بعض اهل التفسير ان يكون ضمير وتعزروه وتوقروه للرسول عليه السلام ولا وجه له لانه تفكيك اذ ضمير رسوله وتسبحوه لله تعالى قطعا وعلى تقدير أن يكون له وجه فمعنى تعظيم رسول اللّه وتوقيره حقيقة اتباع سنته فى الظاهر والباطن والعلم بانه زبدة الموجودات وخلاصتها وهو المحبوب الازلى وما سواه تبع له ولذا ارسله تعالى شاهدا فانه لما كان اول مخلوق خلقه اللّه كان شاهدا بوحدانية الحق وربوبيته وشاهدا بما اخرج من العدم الى الوجود من الارواح والنفوس والاجرام والاركان والاجسام والاجساد والمعادن والنبات والحيوان والملك الجن والشيطان والانسان وغير ذلك لئلا يشذ عنه ما يمكن للمخلوق دركه من اسرار افعاله وعجائب صنعه وغرآئب قدرته بحيث لا يشاركه فيه غيره ولهذا قال عليه السلام ( علمت ما كان وما سيكون ) لانه شاهد الكل وما غاب لحظة وشاهد خلق آدم عليه السلام ولاجله قال ( كنت نبيا وآدم بين الماء والطين ) اى كنت مخلوقا وعالما بأنى نبى وحكم لى بالنبوة وآدم بين أن يخلق له جسد وروح ولم يخلق بعد واحد منهما فشاهد خلقه وما جرى عليه من الا كرام والاخراج من الجنة بسبب المخابة وما تاب اللّه عليه الى آخر ما جرى عليه وشاهد خلق ابليس وما جرى عليه من امتناع السجود لآدم والطرد واللعن بعد طول عبادته ووفور علمه بمخالفة امر واحد فحصل له بكل حادث جرى على الأنبياء والرسل والامم فهوم وعلوم ثم انزل روحه فى قالبه ليزداد له نور على نور فوجود كل موجود من وجوده وعلوم كل نبى وولى من علومه حتى صحف آدم وابراهيم وموسى وغيرهم من اهل الكتب الالهية وقال بعض الكبار ان مع كل سعيد رقيفة من روح النبى صلّى اللّه عليه وسلّم هى الرقيب العتيد عليه فاعراضه عنها بعدم اقباله عليها سبب لانتهاكه ولما قبض الروح المحمدى عن آدم الذى كان به دآئما لا يضل ولا ينسى جرى عليه ما جرى من النسيان وما يتبعه واليه الاشارة بقوله صلّى اللّه عليه وسلّم ( اذا اراد اللّه انفاذ قضائه وقدره سلب ذوى العقول عقولهم ) واليه ينظر قوله عليه السلام ( لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن ) اى ينزع منه الايمان ثم يزنى . واعلم ان كل نبى له الولاية والنبوة فان كان رسولا فله الولاية والنبوة والرسالة فعالم رسالته هو كونه واسطة بين اللّه وخلقه وكذلك ان كان رسولا الى نفسه او اهله او قومه او الى الكافة فليس مع الرسول من عالم الرسالة الاقدر ما يحتاج اليه المرسل اليهم وما عدا ذلك فهو عالم ولايته فيما بينه وبين اللّه ولما تفاضلت الامم تفاضلت الرسل ويأتى النبى يوم القيامة ومعه امته وآخر معه قومه وآخر معه رهطه وهو ما دون العشرة وآخر معه ابنه وآخر معه رجل وآخر استتبع فلم يتبع ودعا فلم يجب لاتيانه فى الوقت الشديد الظلمة ولما جاء نبينا عليه السلام نورا من اللّه نور العالم ظواهرها وبواطنها فكانت امته اسعد الامم واكثرها ولذا تجيء فى ثمانين صفا وباقى الامم من لدن آدم عليه السلام فى اربعين صفا وقد قال تعالى فى حقه { مبشرا } فانه لما ارسله الى الاحمر والاسود بشرهم بان لهم فى متابعته الرتبة المحبوبية التى هى مخصوصة به من بين سائر الانبياء والمرسلين فقد قال تعالى { ونذيرا } لئلا ينقطعوا عنه تعالى بشئ من الدارين كما انقطع أكثر الامم ولم يكونوا على شئ ( قال الكمال الخجندى ) مرد تاروى نيارد زدوعالم بخداى . مصطفى واركزين همه عالم نشود . نسأل اللّه ان يجعلنا على حظ وافر من الاقبال اليه والوقوف لديه ١٠ { ان الذين يبايعونك } المبايعة باكسى بيع ويا بيعت وعهد كردن اى يعاهدونك على قتال قريش تحت الشجرة وبالفارسية بدرستى كه آنانكه بيعت ميكنند باتودر حديبية سميت المعاهدة مبايعة تشبيها بالمعاوضة المالية اى مبادلة لمال بالمال فى اشتمال كل واحد منهما على معنى المبادلة فهم التزموا طاعة النبى عليه السلام والثبات على محاربة المشركين والنبى عليه السلام وعدلهم بالثواب ورضى اللّه تعالى قال بعض الانصار عند بيعة العقبة تكلم يا رسول اللّه فخذ لنفسك ولربك ما أحببت فقال عليه السلام ( أشترط لربى ان تعبدوه ولا تشركوا به شيأ ولنفسى أن تمنعونى ومما تمنعون منه انفسكم وابناءكم ونساءكم ) فقال ابن رواحة رضى اللّه عنه فاذا فعلنا فما لنا فقال ( لكم الجنة ) قالوا ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل { انما يبايعون اللّه } يعنى ان من بايعك بمنزلة من بايع اللّه كأنهم باعوا انفسهم من اللّه بالجنة كما قال تعالى { ان اللّه اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم بأن لهم الجنة } وذلك لان المقصود ببيعة رسوله هو وجه اللّه وتوثيق العهد بمراعاة او امره ونواهيه قال ابن الشيخ لما كان الثواب انما يصل اليهم من قبله تعالى كان المقصود بالمبايعة منه عليه السلام المبايعة مع اللّه وانه عليه السلام انما هو سفير ومعبر عنه تعالى وبهذا الاعتبار صاروا كأنهم يبايعون اللّه وبالفارسية جزين نيست كه بيعت ميكنند باخداى جه مقصود بيعت اوست وبراى طلب رضاى اوسث . قال سعدى المفتى الظاهر واللّه اعلم ان المعنى على التشبيه اى كأنهم يبايعون اللّه وكذا الحال فى قوله { يد اللّه فوق ايديهم } اى كأن يد اللّه حين المبايعة فوق ايديهم حذف اداة التشبيه للمبالغة فى التأكيد وذكر اليد لاخذهم بيد رسول اللّه حين البيعة على ما هو عادة العرب عند المعاهدة والمعاقدة وفيه تشريف عظيم ليد رسول اللّه التى تعلو أيدى المؤمنين المبايعين حيث عبر عنها بيد اللّه كما ان وضعه عليه السلام يده اليمنى على يده اليسرى لبيعة عثمان رضى اللّه عنه تفخيم لشأن عثمان حيث وضعت يد رسول اللّه موضع يده ولم ينال تلك الدولة العظمى احد من الاصحاب فكانت غيبته رضى اللّه عنه فى تلك الوقعة خيرا له من الحضور وقال بعضهم فيه استعارة تخييلية لتنزهه تعالى عن الجارحة وعن سائر صفات الاجسام فلفظ اللّه فى يد اللّه استعارة بالكناية عن مبايع من الذين يبايعون بالايدى ولفظ اليد استعارة تخييلية اريد به الصورة المنتزعة الشبيهة باليد مع ان ذكر اليد فى حقه تعالى لاجتماعه مع ذكر الايدى فى حق الناس مشاكلة ازداد بها حسن التخييلية ثم ان قوله { يد اللّه فوق ايديهم } على كل من القولين تأكيد لما قبله والمقصود تقرير أن عقد الميثاق مع الرسول كعقده مع اللّه من غير تفاوت بينهما وحقيقته ان اللّه تعالى لو كان من من شأنه التمثيل فتمثل للناس لفعل معه عين ما فعل مع نبيه من غير فرق فكان العقد مع النبى صورة العقد مع اللّه بل حقيقته كما ستجيء الاشارة اليه وقال الراغب فى المفردات يقال فلان يد فلان اى وليه وناصره ويقال لاولياء اللّه هم ايدى اللّه وعلى هذا الوجه قال اللّه تعالى { ان الذين يبايعونك } الآية ويؤيد ذلك ما روى ( لا يزال العبد يتقرب الى بالنوافل حتى احبه فاذا احببته كنت سمعه الذى يسمع به ويده التى يبطش بها ) انتهى فيكون المعنى قوة اللّه ونصرته فوق قوتهم ونصرتهم كأنه قيل ثق يا محمد بنصرة اللّه لك لا بنصرة اصحابك ومبايعتهم على النصرة والثبات وقال بعضهم اليد فى الموضعين بمعنى الاحسان والصنيعة فالمعنى نعمة اللّه عليهم فى الهداية الى الايمان والى بيعة الرضوان فوق ما صنعوا من البيعة كقوله تعالى { بل اللّه يمن عليكم أن هداكم للايمان } وقال السدى يأخذون بيد رسول اللّه ويبايعونه ويد اللّه اى حفظ تلك المبايعة عن الانتقاض والبطلان فوق ايديهم كما ان احد المتبايعين اذا مد يده الى الآخر لعقد البيع يتوسط بينهما ثالث فيضع يده على يديهما ويحفظ يديهما الى أن يتم العقد لا يترك واحدا منهما ان يقبض يده الى نفسه ويتفرق عن صاحبه قبل انعقاد البيع فيكون وضع الثالث يده على يديهما سببا لحفظ البيعة فلذلك قال تعالى { يد اللّه فوق ايديهم } يحفظهم ويمنعهم عن ترك البيعة كما يحفظ المتوسط ايدى المتبايعين وقال اهل الحقيقة هذه الآية كقوله تعالى { من يطع الرسول فقد اطاع اللّه } فالنبى عليه السلام قد فنى عن وجوده بالكلية وتحقق باللّه فى ذاته وصفاته وافعاله فكل ما صدر عنه صدر عن اللّه فمبايعته مبايعة اللّه كما ان اطاعته اطاعة اللّه سلمى قدس سره فرموده كه اين سخن درمقام جمعست وحق سبحانه مرتبة جمع را براى هيج كس تصريح نكرده الا براى آنكه اخص واشرف موجوداتست . ولهذا السر يقول عليه السلام يوم القيامة ( امتى امتى دون نفسى نفسى ) لانه لم يبق فيه بقية الوجود اصلا وفيه اسوة حسنة للكمل من افراد امته فاعرف جدا فمعنى { يد اللّه فوق ايديهم } اى قدرته الظاهرة فى صورة قدرة النبى عليه السلام فوق قدرتهم الظاهرة فى صور ايديهم لانه مظهر الاسم الاعظم المحيط الجامع وكل الاسماء تحت حيطة هذا الاسم الجليل فيدالنبى عليه السلام مع غيره كيد السلطان مع ما سواه وهو أى قوله { يد اللّه فوق ايديهم } زيادة التصريح فى مقام عين الجمع لحصول هذا المعنى الاطلاقى مما قبله والحاصل ان اللّه تعالى جعل نبيه صلّى اللّه عليه وسلّم مظهرا لكمالاته ومرءآة لتجلياته ولذا قال عليه السلام ( من رآنى فقد رأى الحق ) ولما فنى عليه السلام عن ذاته وصفاته و أفعاله كان تائبا عن الحق فى ذاته وصفاته وأفعاله كما قيل ( ع ) نائبست ودست اودست خداى . وفى هذا المقام قال الحلاج انا الحق وابو بزيد سبحانى سبحانى ما اعظم شانى وابو سعيد الخراز ليس فى الجبة غير اللّه قال الواسطى اخبر اللّه بهذه الآية ان البشرية في نبيه عارية واضافة لا حقيقة يعنى فظاهره مخلوق وباطنه حق ولذا يجوز السجدة لباطنه دون ظاهره اذ ظاهره من عالم التقييد وباطنه من عالم الاطلاق واذا كانت الصلاة جائزة على الموتى فما ظنك بالاحياء فاعرف جداً فانه انما جازت الصلاة على الموتى لاشتمالهم على حصة من الحقيقة المحمدية الجامعة الكلية { فمن نكث } لنكث نقض نحو الحبل والغزل استعير لنقض العهداى فمن نقض عهده وبيعته وأزال ابرامه واحكامه { فانما ينكث على نفسه } فانما يعود ضرر نكته على نفسه لان الناكث هو لا غير { ومن اوفى بما عاهد عليه اللّه } بضم الهاء فانه ابقى بعد حذف الو او اذ اصله هو توسلا بذلك الى تفخيم لام الجلالة اى ومن اوفى بعهده وثبت عليه واتمه { فسيؤتيه أجرا عظيما } هى الجنة وما فيها من رضوان اللّه العظيم والنظر الى جماله الكريم ويحتمل ان يراج بنكث العهد ما يتناول عدم مباشرته ابتدآء ونقضه بعد انعقاده لما روى عن جابر رضى اللّه عنه انه قال بايعنا رسول اللّه بيعة الرضوان تحت الشجرة على اموت وعلى ان لا نفر فما نكث احد منا البيعة الاجد بن قيس وكان منافقا احتبأ تحت ابط بعيره ولم يسر مع الفوم اى الى المبايعة حين دعوا اليها . در موضح آورده كه سه جيز راجع باهل آن ميشوديكى مكركه ولا يحيق المكر السيئ الا بأهله دوم ستم كه انما بغيكم على انفسكم سيوم نقض عهدكه فمن نكث غلى نفسه و درعهدوبيمان كفته اند . بيمان مشكن كه هر كه بيمان بشكست . ازباى درافناد وبرون رفت زدست . آنراكه بدردست بودبيمان الست . نشكسته بهيج حال هرعهدكه بست ( كما قال الحافظ ) ازدم صبح ازل تا آخر شام ابد . دوستى و مهر بريك عهد ويك ميثاق بود ( وقال ) بيمان شكن هر آينه كردد شكسته حال . ان العهود لدى اهل النهى ذمم . قال بعض الكبار هذه البيعة نتيجة العهد السابق المأخوذ على العباد فى بدء الفطرة فيضرهم النكث وينفعهم الوفاء قال الشيخ اسمعيل بن سودكين فى شرح التجليات الاكبرية قدس اللّه سرهما المبايعون ثلاثة الرسل والشيوخ الورثة والسلاطين والمبايع فى هؤلاء الثلاثة على الحقيقة واحد وهو اللّه تعالى وهؤلاء الثلاثة شهود اللّه تعالى على بيعة هؤلاء الاتباع وعلى هؤلاء الثلاثة شروط يجمعها القيام بأمر اللّه وعلى الاتباع الذين بايعوهم شروط يجمعها المتابعة فيما امروا به فاما الرسل والشيوخ فلا يأمرون بمعصية اصلا فان الرسل معصومون من هذا والشيوخ محفوظون واما السلاطين فمن لحق منهم بالشيوح كان محفوظا ولا كان مخذولا وما هذا فلا يطاع فى معصية والبيعة لازمة حتى يلقوا اللّه تعالى ومن نكث الاتباع من هؤلاء فحسبه جهنم خالدا فيها لا يكلمه اللّه ولا ينظر اليه وله عذاب أليم هذا كما قال ابو سليمان الداراتى قدس سره هذا حظه فى الآخرة واما فى الدنيا فقد قال ابو يزيد البسطامى قدس سره فى حق تلميذه لما خالفه دعوا من سقط من عين اللّه فرؤى بعد ذلك مع المخنثين و سرق فقطعت يده هذا لما نكث اين هو ممن وفى بيعته مثل تلميذ الدارانى قيل له ألق نفسك فى التنور فألقى نفسه فيه فعاد عليه بردا وسلاما هذه نتيجة الوفاء انتهى. يقول الفقير ثبت بهذه الآية سنة المبايعة واخذ التلقين من المشايخ الكبار وهم الذين جعلهم اللّه قطب ارشاد بأن اوصلهم الى التجلى العينى بعد التجلى العلمى اذ لا فائدة فى مبايعة الناقصين المحجبين لعدم اقتدارهم على الارشاد والتسليك وعن شداد بن اوس وعبادة بن الصامت رضى اللّه عنهما قالا كنا عند رسول اللّه عليه السلام فقال ( هل فيكم غريب ) يعني اهل كتاب قلنا لا يا رسول اللّه فأمر بغلق الباب فقال ( ارفعوا ايديكم فقولوا لا اله الا اللّه ) فرفعنا ايدينا ساعة ثم وضع رسول اللّه يده ثم قال ( الحمد لله اللهم انك بعثتنى بهذه الكلمة وامرتنى بها ووعدتنى عليها الجنة انك لا تخلف الميعاد ) ثم قال ( أبشروا فان اللّه قد غفر لكم ) كما فى ترويح القلوب لعبد الرحمن البسطامى قدس سره وعن عبد الرحمن بن عوف بن مالك الاشجعى رضى اللّه عنه قال كنا عند رسول اللّه تسعة او ثمانية او سبعة فقال ( الا تبايعون رسول اللّه ) وكنا حديثى عهد ببيعته فقلنا قد بايعناك يا رسول اللّه قال ( الا تبايعون رسول اللّه ) فبسطنا ايدينا وقلنا على مم نبايعك قال ( أن تعبدوا اللّه ولا تشركوا به شيأ وتقيموا الصلوات الخمس وتطيعوا ) واسر كلمة خفية ( ولا تسألوا الناس ولقد رأيت بعض اولئك النفر يسقط سوط احدهم فلا يسأل احدا يناوله اياه ) رواه مسلم والترمذى والنسائى كما فى الترغيب والترهيب للامام المنذرى رحمه اللّه وعن عبادة بن الصامت قال اخبرنى ابى عن ابيه قال بايعنا رسول اللّه على السمع والطاعة فى العسر واليسر والمنشط والمكره وان لا ننازع الامر اهله وان نقول بالحق حيث كنا ولا نخاف فى اللّه لومة لائم كما فى عوارف المعارف للسهرور دى قدس سره وقوله وان لا ننازع الامر اهله اى اذا فوض امر من الامور الى من هو اهل لذلك الامر لا ننازع فيه ونسلم ذلك الامر له وقوله حيث كنا اى عند الصديق والعدو والاقارب والاباعد كما فى حواشى زين الدين الحافى رحمه اللّه واخذ من التقرير المذكور أخذ اليد فى المبايعة وذلك بالنسبة الى الرجال دون النساء لما روى ان النساء اجتمعن عند النبى عليه السلام وطلبن ان يعاهدهن باليد فقال ( لا تمس يدى يد المرأة ولكن قولى لامرأة واحدة كقولى لمائة امرأة ) فبايعهن بالكلام ثم طلبن منه البركة فوضع يده الشريفة فى الماء ودفعه اليهن فوضعن ايديهن فيه كذا ذكره الشيخ عبد العزيز الديرينى فى الرورضة الانيفة وكذا فى ترجمة الفتوحات حيث قال ورسول عليه السلام وفات كرد ودست او بهيج زن ن محرم نرسيد وبازنان مبايعة بسخن مى كرد وقول اوبايك زن جنان بودكه باهمه انتهى وقال فى انسان العيون بايعه عليه السلام ليلة العقبة الثانية السبعون رجلا وبايعه المرأتان من غير مصافحة لانه صلّى اللّه عليه وسلّم كان لا يصافح النساء انما كان يأخذ عليهن فاذا احرزن قال ( اذهبن فقد بايعتكن ) انتهى وفى الاحياء ويجب منع النساء من حضور المساجد للصلاة ولمجالس الذكر اذا خيفت الفتنة اذ منعتهن عائشة رضى اللّه عنها فقيل لها ان رسول اللّه ما منعن من الجماعات فقالت لو علم رسول اللّه ما أحدثن بعده لمنعهن انتهى فحضورهن مجالس الوعظ والذكر من غير حائل يمنع من النظر اذا كان محظورا منكرا فكيف مس ايديهن كما فى مشيخة هذا الزمان ومبتدعته وربما يمسون المسك لاجل النساء اللاتى يحضرن مجالسهم ويبايعنهم كما سمعناه من الثقات والعياذ باللّه تعالى ولنعد الى تحرير المقام قال ابو يزيد البسطامى قدس سره من لم يكن له استاذ فأمامه الشيطان وحكى الاستاذ ابو القاسم القشيرى عن شيخه ابى على الدقاق قدس سرهما انه قال الشجرة اذا نبتت بنفسها من غير غارس فانها تتورق ولا تثمر وهو كما قال ويجوز أنها تثمر كالاشجار التى فى الاودية والجبال ولكن لا يكون لفاكهتها طعم فاكهة البساتين والغرس اذا نقل من موضع الى موضع آخر يكون احسن واكثر ثمرة لدخول التصرف فيه وقد اعتبر الشرع وجود التعليم فى الكلب المعلم وأحل ما يقتله بخلاف غير المعلم وسمعت كثيرا من المشايخ يقولون من لم ير مفلحا لا يفلح ولنا فى رسول اللّه اسوة حسنة فأصحاب رسول اللّه تلقوا العلوم والآداب من رسول اللّه كما روى عن بعض الصحابة علمنا رسول اللّه كل شئ حتى الخراءة بكسر الخاء المعجمة يعنى قضاء الحاجة فلا بد لطالب الحق من اديب كامل واستاذ حاذق يبصره بآفات النفوس وفساد الاعمال ومداخل العدو فاذا وجد مثل هذا فليلازمه وليصحبه وليتأدب بآدابه ليسرى من باطنه الى باطنه حال قوى كسراج يقتبس من سراج ولينسلخ من ارادة نفسه بالكلية فان لتسليم له تسليم لله ولرسوله لان سلسلة التسليم تنتهى الى رسول اللّه والى اللّه ( فى المثنوى ) كفت طوبى من رآنى مصطفى. والذى يبصر لمن وجهى رأى . جون جراغى نور شمعى راكشيده هركه ديدانرا يقين آن شمع ديد . همجنين قاصد جراغ ارنقل شد . ديدن آخر لقاى اصل شد . خواه نوراز وابسين بستان بجان . هيج فرقى نيست خواه ازشمعدان . وفى الحديث ( الحجر الاسود يمين اللّه فى ارضه فمن لم يدرك بيعة رسول اللّه فمسح الحجر فقد بايع اللّه ورسوله ) وفى رواية ( الركن يمين اللّه فى الارض يصافح بها عباده كما يصافح احدكم اخاه ) قال السخاوى معنى الحديث ان كل ملك اذا قدم عليه قبلت يمينه ولما كان الحاج والمعتمر يتعين لهما تقبيله نزل منزلة يمين الملك ويده ولله المثل الاعلى وكذلك من صافحه كان له عند اللّه عهد كما ان الملك يعطى الهدية والعهد بالمصافحة انتهى. يقول الفقير لا شك ان الكعبة عند اهل الحقيقة اشارة الى مرتبة الذات الاحدية والذات الاحدية قد تجلت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بجميع اسمائها وصفاتها فكانت الكعبة صورة رسول اللّه والحجر الاسود صورة يده الكريمة واما حقيقة سر الكعبة والحجر فذاته الشريفة ويمينه المباركة ومن هنا نعرف ان الانسان الكامل افضل من الكعبة وكذا يده اولى من الحجر ولما انتقل النبى عليه السلام خلفه ورثته بعده فهم مظاهر هذين السرين فلا بد من تقبيل الحجر فى الشريعة ومن تقبيل يد الانسان الكامل فى الحقيقة فانه المبايعة الحقيقة فانها عين المبايعة مع اللّه ورسوله ثم اذا وقعت المبايعة للمبايع فى ذلك او ان ارتضاع وزمان انفطام فلا يفارق من بايعه الا بعد حصول المقصود بأن ينفتح له باب الفهم من اللّه ومتى فارق قبل او ان انفطام يناله من الاعلال فى الطريق بالرجوع الى الدنيا ومتابعة الهوى ما ينال المفطوم لغير اوانه فى الولادة الطبيعية وكذا الحال فى العلم الظاهر فانه لا بد فيه من التكميل ثم الاذن من الاستاذ للتدريس قال فى الاشباه لما جلس ابو يوسف للتدريس من غير اعلام ابى حنيفة ارسل اليه ابو حنيفة رجلا فسأله عن مسائل خمس . الاولى قصار جحد الثوب ثم جاء به مقصورا هل يستحق الاجر او لا فأجاب ابو يوسف يستحق الاجر فقال له الرجل اخطأت فقال لا يستحق فقال اخطأت ثم قال له الرجل ان كانت القصارة قبل الجحود استحق والا لا. الثانية هل الدخول فى الصلاة بالفرض او بالسنة فقال بالفرض فقال اخطأت فقال بالسنة فقال اخطأت فتحير ابو يوسف فقال الرجل بهما لان التكبير فرض ورفع اليدين سنة . الثالثة طير سقط فى قدر على النار فيه لحم ومرق هل يؤكلان اول لا فقال يؤكلان فخطأه فقال لا يؤكلان فخطأه ثم قال ان كان اللحم مطبوخا قبل سقوط الطير يغسل ثلاثا ويؤكل وترمى المرقة والا يرمى الكل. الرابعة مسلم له زوجة ذمية ماتت وهى حامل منه تدفن فى اى المقابر فقال ابو يوسف فى مقابر المسلمين فخطأه فقال فى مقابر اهل الذمة فخطأه فتحير فقال تدفن فى مقابر اليهود ولكن يحول وجهها عن القبلة حتى يكون وجه الولد الى القبلة لان الولد فى البطن يكون وجهه الى ظهر أمه. الخامسة ام ولد لرجل تزوجت بغير اذن مولاها فمات المولى هل تجب العدة من المولى فقال تجب فخطأه فقال لا تجب فخطأه ثم قال الرجل ان كان الزوج دخل بها لا تجب والا وجبت فعلم ابو يوسف تقصيره فعاد الى ابى حنيفة فقال تزببت قبل ان تحصرم ( قال الشيخ سعدى ) يكى درضعت كشتى كيرى بسر آمده يود وسيصد وشصت بند فاخر درين علم بدانستى وهر روز بنوعى كشتى كرفتى مكر كوشة خاطرش باجمال بكى از شاكردان ميل داشت سيصدو بنجاهو نه بند اورا آموخت مكر يك بندكه در تعليم آن دفع انداختى وتهاون كردى فى الجملة بسر درقوت وضعت بسر آمد وكسى را با او مجال مقاومت نماند تابحدى كه بيش ملك كفت استادرا فضيلتى كه برمنست ازروى بزركيست وحق تر بيت وكرنه بقوت ازوكمتر نيستم وبضعت بالوبرابر ملك را اين سخن بسنديده نيامد بفرمود تامصارعه كنند مقامى متسع ترتيب كردند واركان دولت واعيان حضرت وزور آوران آن اقليم حاضر شدند بسر جون بيل مست در آمد بصد متى كه اكركوه آهنين بودى ازجاى بركندى استاد دانست كه جوان ازو بقوت برترست بدان بند غريب كه ازونهان داشته بود بر اودر آويخت وبدودست بر كرفت اززمين بر بالاى سر بردو بر زمين زدغريو ازخلق برخاست ملك فرمود تا استادرا خلعت ونعمت بى قياس دادندو بسررا زجرو ملامت كردكه بايرورندة خويش دعوى مقاومت كردى وبسر نبردى كفت اى خداوند مرا بزور دست ظفر نيافت بلكه ازعلم كشتى دقيقة مانده بودكه زمن دريغ همى داشت امر وزبدان دقيقه برمن دست يافت استاد كفت ازبهر جنين روزنهان داشتم فعلم ان التلميذ لا يبلغ درجة استاذه فى زمانه فللاستاذ العلو من كل وجه. مريدان بقوت زطفلان كمند. مشايخ جو ديوار مستحكمند . قال فى كشف النور عن اصحاب القبور واما هذا الزى المخصوص الذى اتخذه كل فريق من الصوفية كلبس المرقعات ومثازر الصوف والميلويات فهو امر قصدوا به التبرك بمشايخهم الماضية فلا ينهون عنه ولا يؤمرون به فان غالب ملابس هذا الزمان من هذا القيل كالعمائم التى اتخذها الفقهاء والمحدثون والعمائم التى اتخذها العساكر والجنود والملابس التى يتخذها عوام الناس وخواصهم فانها جميعها مباحة وليس فيها شئ يوافق السنة الا القليل ولا نقول انها بدعة ايضا لان البدعة هى الفعلة المخترعة فى الدين على خلاف ما كان عليه النبى عليه السلام وكانت عليه الصحابة والتابعون رضى اللّه عنهم وهذه الهيئات والملابس والعمائم ليست مبتدعة فى الدين بل هى مبتدعة فى العادة ولا هى مخالفة للسنة ايضا على حسب ماعرف الفقهاء السنة بانها كل فعلة فعلها النبى عليه السلام على وجه العبادة لا العبادة ولم يكن النبى عليه السلام يلبس العمامة على سبيل العبادة ولا يلبس الثياب المخصوصة على طريق العادة وانما القصد بذلك ستر العورة ودفع اذية الحر والبرد ولهذا ورد عنه لبس الصوف والقطن وغير ذلك من الثياب العالية والسافلة فليس مخالفته فى ذلك لمخالفة سنة وان كان الاتباع فى جميع ذلك افضل لانه مستحب انتهى قال فى العوارف لبس الخرقة اى من يد الشيخ علامة التفويض والتسليم ودخوله فى حكم الشيخ دخوله فى حكم اللّه تعالى وحكم رسوله عليه السلام واحياء سنة المبايعة مع رسول اللّه قالت ام خالد أتى النبى عليه السلام بثياب فيها خميصة سودآء صغيرة وهى كساء اسود مربع له علمان فان لم يكن معلما فليس بخميصة فقال عليه السلام ( من ترون اكسو هذه ) فكست القوم فقال عليه السلام ( ائتونى بام خالد ) قالت فأتى بى فألبسنيها بيده فقال ( ابلى واخلقى ) يقولها مرتين وجعل ينظر الى علم فى الخميصة اصفر واحمر ويقول ( يا ام خالد هذا سناء ) والسناء هو الحسن بلسان الحبشة ولا خفاء بأن لبس الخرقة على الهيئة التى يعمدها الشيوخ فى هذا الزمان لم يكن فى زمن رسول اللّه وهذه الهيئة والاجتماع لها والاعتداد بها من استحسان الشيوخ وقد كان طبقة من السلف الصالحين لا يعرفون الخرقة ولا يلبسونها المريدين فمن يلبسها فله مقصد صحيح واصل من السنة وشاهد من التسرع ومن لا يلبسها فله رأى وله فى ذلك مقصد صحيح وكل تصاريف المشايخ محمولة على السداد والصواب ولا تخلو عن نية خالصة فيها انتهى كلام العوارف باختصار وقال الشيخ زين الدين الحافى فى حواشيه قد صح واشتهر بنقل الاولياء كابرا عن كابر على ما هو مسطور فى اجازات المشايخ ان رسول اللّه ألبس عليا الخرقة الشريفة وهو ألبس الحسن البصرى وكميل بن زياد رضى اللّه عنهما وفى المقاصد الحسنة ان أئمة الحديث لم يثبتوا للحسن من على سماعا فضلا عن أن يلبسه الخرقة قال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره الضرورى من اللباس الظاهر ما يستر السوآت والرياش ما يزيد على ذلك مما تقع به الزينة والضرورى من اللباس الباطن وهو تقوى المحارم مطلقا ما يوارى سوأة. الباطن والريش لباس مكارم الاخلاق مثل نوافل العبادات كالصفح والاصلاح فأراد اهل اللّه أن يجمعوا بين اللبستين ويتزينوا بالزينتين ليجمعوا بين الحسنيين فيثابوا من الطرفين فلبسوا الخرقة وألبسوها ليكون تنبيها على ما يريدونه من لباس بواطنهم وجعلوا ذلك اصلا واصل هذا اللباس عندى ما القى فى سرى ان الحق لبس قلب عبده فانه قال ( ما وسعنى ارضى ولا سمائى ووسعنى قلب عبدى ) فان الثوب وسع لابسه وظهر هذا الجمع بين اللبستين فى زمان الشبلى وابن حفيف الى هلم جرا فجرينا على مذهبهم فى ذلك فلبسناها من ايدى مشايخ جمة سادات بعد ان صحبناهم وتأدبنا بآدابهم ليصح اللباس ظاهرا وباطنا انتهى باختصار نسأل اللّه سبحانه أن يجعل لباس التقوى لباسا خيرا لنا وأن يصح نياتنا وعقائدنا واعمالنا واحوالنا انه هو المعين لاهل الدين الى أن يأتى اليقين ١١ { سيقول لك المخلفون من الاعراب } السين للاستقبال يقال خلفته بالتشديد تركته خلفى وخلفوا اثقالهم تخليفا خلوها ورآء ظهورهم والتخليف بالفارسية وابس كنشتن ودر انيجا مراد از مخلفون بازبس كردكان خداى يعنى ايشان كه بازيس كرده انداز صحبت رسول عليه السلام ازباديه نشينان . خلفهم اللّه عن رسول اللّه كما قال { كره اللّه انبعاثهم فثبطهم } وقيل { اقعدوا مع الخالفين } قال فى المفردات العرب اولاد اسمعيل عليه السلام والاعراب جمعه فى الاصل وصار ذلك اسما لمكان البادية وقيل فى جمع الاعراب اعاريب والاعرابى صار اسما فى التعارف للمنسوبين الى سكان البادية انتهى وفى القاموس العرب بالضم وبالتحريك خلاف العجم مؤنث وهم سكان الامصار والاعراب منهم سكان البادية ويجمع على اعاريب انتهى وفى مختار الصحاح العرب جيل من الناس والنسبة اليهم عربى وهم اهل الامصار والاعراب منهم سكان البادية خاصة و النسبة اليهم اعرابى وليس الاعراب جمعا لعرب بل هو اسم جنس انتهى وقال ابن الشيخ فى سورة التوبة العرب هو الصنف الخاص من بنى آدم سوآء سكن البوادى ام القرى واما الاعراب فانه لا يطلق الا على من يسكن البوادى فالاعراب جمع اعرابى كما ان العرب جمع عربى والمجوس جمع مجوسى واليهود جمع يهودى بحذف ياء النسبة فى الجمع ويدل على الفرق بين العرب والاعراب قوله عليه السلام ( حب العرب من الايمان ) وقوله تعالى { الاعراب اشد كفرا ونفاقا } حيث مدح العرب وذم الاعراب الذين خم سكان البادية فعلى هذا يكون العرب اعم من الاعراب وقيل العرب هم الذين استوطنوا المدن والقرى والاعراب اهل البدو فعلى هذا القول يكونان متباينين انتهى والمراد هنا هم اعراب غفار ومزينة وجهينة واشجع واسلم والدئل بالكسر تخلفوا عن رسول اللّه عليه السلام حين استنفر من حول المدينة من الاعراب واهل البوادى ليخرجوا معه عند ارادته المسير الى مكة عام الحديبية معتمرا حذرا من قريش أن يتعرضوا له بحرب ويصدوه عن البيب واحرم عليه السلام وساق معه الهدى ليعلم انه لا يريد الحرب وتثاقلوا عن الخروج وقالوا أنذهب الى قوم قد غزوه فى عقر داره بالمدينة وقتلوا اصحابه فنقاتلهم فأوحى اللّه اليه عليه السلام بأنهم سبعتلون اى عند وصولك الى المدينة ويقولون { شغلتنا } مشغول كرد مارا . والشغل العارض الذى يذهل الانسان وقد شغل فهو مشغول { اموالنا واهلونا } ولم يكن لنا من يخلفنا فيهم ويقوم بمصالحهم ويحميهم من الضياع والاموال جمع مال وهو كل ما يتملكه الناس من دراهم او دنانير او ذهب او فضة او حنطة او خبز او حيوان او ثياب او سلاح او غير ذلك والمال العين هو المضروب وسمى المال مالا لكونه بالذات تميل القلوب اليه وفى التلويح المال ما يميل اليه الطبع ويدخر لوقت الحاجة او ما خلق لمصالح الآدمى ويجرى فيه الشح والضنة انتهى والاهلون جمع اهل واهل الرجل عشيرته وذو واقرباء وقد يجمع الاهل على اهال وآهال واهلات ويحرك كأرضات على تقدير تاء التأنيث اى على ان اصله اهلة كما فى ارض لحكمه حكم تمرة حيث يجوز فى تمرات تحريك الميم { فاستغفر لنا } اللّه تعالى ليغفر لنا تخلفنا عنك حيث لم يكن ذلك باختيار بل عن اضطرار { يقولون بألسنتهم ما ليس فى قلوبهم } تكذيب لهم فى الاعتذار وسؤال الاستغفار يعنى انه تكذيب لهم فيما يتضمنه من الحكم من انا مؤمنون حقا معترفون بذنوبنا فالشك والنفاق هو الذى خلفهم لا غير وفى الآية إشارة الى ان القلوب الغافلة عن اللّه يقولون اى اهلها بألسنتهم ما ليس له حقيقة ولا شعور لقلوبهم على حقيقة ما يقولون فانهم يقولون ويريدون به معنى آخر كقولهم شغلتنا اموالنا واهلونا مجازا يريدون به اعتذارا لتخلفهم ولقولهم شغلتنا حقيقة وذلك ان اموالهم واهليهم شغلتهم عن ذكر اللّه والائتمار بأوامره وعن متابعة النبى عليه السلام وهم مأمورون بها ( قال المولى الجامى ) مكن تعلق خاطر بنقش صفحة دهره جريده وارهمى زى وساده وش مى باش { قل } رداً لهم عند اعتذارهم اليك باباطيلهم { فمن يملك لكم من اللّه شيأ } اى فمن يقدر لاجلكم من مشيئة اللّه وقضائه على شئ من النفع { ان اراد بكم ضرا } اى ما يضركم من هلاك الاهل والمال وضياعهما حتى تتخلفوا عن الخروج لحفظهما ودفع الضرر عنهما { او اراد بكم نفعاً } اى ومن يقدر على شئ من الضرران اراد بكم ما ينفعكم من حفظ اموالكم واهليكم فأى حاجة الى التخلف لاجل القيام بحفظهما { بل كان اللّه بما تعملون خبيرا } اى ليس الامر كما تقولون بل كان اللّه خبيرا بجميع ما تعملون من الأعمال التى من جملتها تخلفكم وما هو من مباديه فمن ترك امر اللّه ومتابعة رسوله وقعد طلبا للسلامة دخل فى الاية ثم لم يجد خلاصا منالضرر والبلاء فان اللّه تعالى قادر على ايصال المكروه ولو بغير صورة القتال فلا بد من الصدق والعمل بالاخلاص والتوكل على اللّه تعالى فان فيه الخلاص. نقلست كه يكروز كسان حجاج ظالم حسن بصرى را رضى اللّه عنه طلب كردند حسن در صومعة حبيب عجمى قدس سره ينهان شد حبيب راكفتند امروز حسن راديدى كفت ديدم كفتند كجاست كفث درين صومعه شد در صومعه رفتند جندانكه طلب كردند حسن رانيا فتند جنانكه حسن كفت هفت باردست برمن نهادند ومرانديدند وبيرون آمدند و كفتند اى حبيب آنجه حجاج باشما كند سزاى شماست تاجرا دروغ ميكوييد حبيب كفت او دربيش من درين جاشد اكر شمانمى دانيد ونمى ينيد مراجه جرم عوانان ديكر باره طلب كردند نيا فند حسن از صومعه بيرون آمد كفت اى حبيب حق استاذى نكاه داشتى ومرابعوا نان غمز ميكردى كفت اى استاذ بروكه براست كفتن خلاص يافتى كه اكر دروغ ميكفتمى هردو كرفنار خواستيم شدن ( قال الحافظ ) بصدق كوش كه خورشيد زايد ازنفست. كه از دروغ سيه روى كشت صبح نخست . حسن كفت جه كردى كه مرانديدند كفت نه بار آية الكرسى ونه بار آمن الرسول ونه بار قل هو اللّه احد بخواندم وباز كفتم كه خدايا حسن را بتو سبزم كه نكاهش دارى وهكذا يحفظ اللّه اولياءه الصادقين وينصرهم ويترك اعدآءه الكافرين ويخذلهم ١٢ { بل ظننتم } الخ بدل من كان اللّه الخ مفسر لما فيه من الابهام اى بل ظننتم ايها المخلفون { أن لن ينقلب } لن برجع وبالفارسية بلكه كمان ميبرديد آنكه باز نكردد { الرسول } صلّى اللّه عليه وسلّم { والمؤمنون } الذين معه وهم ألف واربعمائة { الى اهليهم } بسوى اهالى خود بمدينه { ابدا } هركزاى بأن يستأصلهم المشركون بالكلية فخشيتم ان كنتم معهم أن يصيبكم ما اصابهم فلاجل ذلك تخلفكم لا لما ذكرتم من المعاذير الباطلة { وزين ذلك فى قلوبكم } واراسته شد اين كمان دردلهاى شما يعنى شيطان بياراست . وقبلتموه واشتغلتم بشأن انفسكم غير مبالين بهم { وظننتم ظن السوء } وكمان بر ديد كمان بد . المراد به اما الظن الاول والتكرير لتشديد التوبيخ والتسجيل عليه بالسوء والا فهو من عطف الشئ على نفسه او ما يعمه وغيره من الظنون الفاسدة التى من جملتها الظن بعدم الصحة رسالته عليه السلام فان الجازم بصحتها لا يحوم حول فكره ما ذكر من الاستئصال فبهذا التعميم لا يلزم التكرار { وكنتم قوما بورا } اى هالكين عند اللّه مستوجبين سخطه وعقابه على انه جمع باثر من بار بمعنى هلك كعائذ وعوذ وهى من الابل والخيل الحديثة النتاج او فاسدين فى انفسكم وقلوبكم ونياتكم لا خير فيكم فان البور الفاسد فى بعض اللغات وقيل البور مصدر من بار كالهلك من هلك بناء ومعنى ولذا وصف به الواحد والجمع والمذكر والمؤنث فيقال رجل بورو قوم بوروفى المفردات البوار فرط الكساد ولما كان فرط الكساد يؤدى الى الفساد كما قيل كسد حتى فسد عبر بالبوار عن الهلاك وكانوا قوما بورا اى هلكى انتهى وفيه اشارة الى ان كل من ظن انه يصيبه فى الغز وقتل او جراحة او ما يكره من المصائب ثم يتخلف عن الغزو فانه من الهالكين وقد استولى الشيطان على قلبه فزين فى قلبه الحياة الدنيا ليؤثرها على الحياة الاخروية التى اعدت للشهدآء والدرجات العلى فى الجنة والقربات فى جوار الحق تعالى . مكن زغصه شكايت كه در طريق طلب . براحتى نرسيد آتكه زحمتى نكشيد ١٣ { ومن لم يؤمن باللّه ورسوله } كلام مبتدأ من جهته تعالى ومن شرطية او موصولة اى ومن لم يؤمن بهما كدأب هؤلاء المخلفين { فانا اعتدنا للكافرين سعيرا } اى لهم وانما وضع موضع الضمير العائد الى من الكافرون ايذانا بأن من لم يجمع بين الايمان باللّه ورسوله وهو كافر فانه مستوجب السعير اى النار الملتهبة وتنكيره للتهويل للدلالة على انه سعير لا يكتنه كنهها او لأنها نار مخصوصة كما قال نارا تلظى فالتنكير للتنويع ١٤ { ولله ملك السموات والأرض } وما فيهما يتصرف فى الكل كيف يشاء وبالفارسية مرخدا يراست بادشاهئ آسمانها وزمينها زمام امور ممالك علوى وسفلى در قبضة قدرت اوست { يغفر لمن يشاء } أن يغفر له وهو فضل منه { ويعذب من يشاء } أن يعذبه وهو عدل منه من غير دخل لأحد فى شئ منهما وجودا وعدما وفيه حسم لاطماعهم الفارغة فى استغفاره عليه السلام لهم { وكان اللّه غفوراً رحيماً } مبالغا فى المغفرة والرحمة لمن يشاء ولا يشاء الا لمن تقتضى الحكمة مغفرته ممن يؤمن به وبرسوله واما من عداه من الكافرين فهم بمعزل من ذلك قطعا فالآية نظير قوله تعالى فى الاحزاب { ليجزى اللّه الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين ان شاء او يتوب عليهم ان اللّه كان غفورا رحيما } اى يعذب المنافقين ان شاء تعذيبهم اى ان لم يتوبوا فان الشرك لا يغفر البتة او يتوب عليهم اى يقبل توبتهم ان تابوا فاللّه تعالى بمحو بتوبة واحدة ذنوب العمر كله ويعطى بدل كل واحدة منها حسنة وثوابا قال ابو هريرة رضى اللّه تعالى عنه قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( ان اللّه افرح بتوبة عبده المؤمن من الضال الواجد ومن الظمئان الوارد ومن العقيم الوالد ومن تاب الى اللّه توبة نصوحا انسى اللّه حافظيه وبقاع ارضه خطاياه وذنوبه ) كرآيينه از آه كردد تباه . شود روشن آينة دل بآه . توبيش از عقوبت در عفو كوب . كه سودى ندارد فغان زبرجوب . وفى هذا المعنى قال الكمال الخجندى . تراجه سود بروز جزا وقايه وحرز . كه از وقاية عفوش حمايتى نرسيد . وفى الآية اشارة الى أن من اطفأ سعير نفسه وشعلة صفاتها بماء الذكر وترك الشهوات يؤمن قلبه وينجو من سعير النفس وهو حال من آمن باللّه ورسوله والا فيكون سعير نفسه وشعلة صفاتها مستولية على القلب فتحرقه وما تبقى من آثاره شيأ وهو حال من لم يؤمن باللّه ورسوله ولله ملك سموات القلوب وارض النفوس يغفر لنفس من يشاء ويزكيها عن الصفات الذميمة ويجعلها مطمئنة قابلة لجذبة ارجعى ويعذب قلب من يشاء باستيلاء صفات النفس عليه ويقلبه كما لم يؤمن به وكان اللّه غفورا لقلب من يشاء رحيما لنفس من يشاء يؤتى ملك نفس من يشاء لقلبه وينزع ملك قلب من يشاء ويؤتيه لنفسه ١٥ { سيقول المخلفون } المذكورون { اذا انطلقتم الى مغانم لتأخذوها } ظرف لما قبله لا شرط لما بعده وانطلقتم اى ذهبتم يقال انطلق فلان اذا مر متخلفا واصل الطلاق التخلية من وثاق كما يقال حبس طلقا ويضم اى بلا قيد ولا وثاق والمغانم جمع مغنم بمعنى الغنيمة اى الفيء اى سيقولون عند انطلاقكم الى مغانم خيبر لنحوزوها حسبما وعدكم اياها وخصكم بها عوضا عما فاتكم من غنائم مكة اذا نصرفوا منها على صلح ولم يصيبوا منها شيأ فالسين يدل على القرب وخيبرا قرب مغانم انطلقو اليها فهى هى فان قيل كيف يصح هذا الكلام وقد ثبت انه عليه السلام أعطى من قدم مع جعفر رضى اللّه عنه من مهاجرى الحبشة وكذا الدوسيين والاشعريين ولم يكونوا ممن حضر الحديبية قلنا كان ذلك باستنزال اهل الحديبية عن شئ من حقهم ولولا ان بعض خيبر كانت صلحا لما قال موسى بن عقبة ومن تبعه ما قالوا وكان ما أعطاهم من ذلك كما فى حواشى سعدى المفتى { ذرونا } بكذاريد مارا . امر من يذر ا لشئ اى يتركه ويقذفه لقلة اعتداده به ولم يستعمل ماضيه { نتبعكم } الى خيبر ونشهد معكم قتال اهلها { يريدون ان يبدلوا كلام اللّه } بأن يشاركوا فى المغانم التى خصها بأهل الحديبية فانه عليه السلام رجع من الحديبية فى ذى الحجة من سنة ست واقام بالمدينة بقيتها واوآئل المحرم من سنة سبع ثم غزا خيبر بمن شهد الحديبية ففتحها وغنم اموالا كثيرة فخصها بهم حسبما امره اللّه تعالى فالمراد بكلام اللّه ما ذكر من وعده تعالى غنائم خيبر لاهل الحديبية خاصة لا قوله تعالى { لن تخرجوا معى ابدا } فان ذلك فى غزوة تبوك { قل } اقنا طالهم { لن تتبعونا } اى لا تتبعونا فانه نفى فى معنى النهى للمبالغة وقال سعدى المفتى لن ليس للتأييد سيما اذا اريد النهى والمراد لن تتبعونا فى خيبر أو ديمومتهم على مرض القلوب وقال ابو الليث لن تتبعونا فى المسير الى خيبر الا متطوعين من غير ان يكون لكم شركة فى الغنيمة { كذلكم قال اللّه } همجنين كفته است خداى تعالى { من قبل } اى عند الانصراف من الحديبية { فسيقولون } للمؤمنين عند سماع هذا النهى { بل تحسدوننا } اى ليس ذلك النهى حكم اللّه بل تحسدوننا أن نشارككم فى الغنائم الحسد تمنى زوال النعمة عمن يستحق لها وربما يكون من ذلك سعى فى ازالتها وروى المؤمن يغبط والمنافق يحسد وقال بعض الكبار لا يكون الحسد على المرتبة الا بين الجنس الواحد لا بين الجنسين ولذلك كان اول ابتلاء ابتلى اللّه به عباده لعثة الرسل اليهم منهم لا من غيرهم لتقوم الحجة على من جحد قال تعالى { ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا } يعنى لو كان الرسول الى البشر ملكا لنزل فى صورة رجل حتى لا يعرفوا انه ملك لانهم لو رأوه ملكا لم يقم بهم حسد { بل كانوا لا يفقهوه } اى لا يفهمون قال الراغب الفقه هو التوصل الى علم غائب بعلم شاهد فهو أخص من العلم والفقه العلم باحكام الشريعة وفقه اى فهم فقها { الا قليلا } اى الا فهما قليلا وهم فطنتهم لامور الدنيا وهو وصف الهم بالجهل المفرط وسوء الفهم فى امور الدين وعن على رضى اللّه عنه اقل الناس قيمة اقلهم علما . واعلم ان العلم انما يزداد بصحبة اهله ولما تخلف المنافقون عن صحبة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وصفهم اللّه بعدم الفقه فلا بد من مجالسة العلماء العاملين حتى تكون الدنيا ورآء الظهر ويجعل الرغبة فى الآخرة وقد قال عليه السلام ( اطلبوا العلم ولو بالصين ) فكلما بعد المنزلة كثر الخطى وعن بعضهم قال رأيت فى الطواف كهلا قد أجهدته العبادة وبيده عصا وهو يطوف معتمدا عليها فسألته عن بلده فقال خراسان ثم قال فى فى كم تقطعون هذا الطريق قلت فى شهرين او ثلاثة فقال افلا تحجون كل عام فقلت له وكم بينكم وبين هذا البيت قال مسيرة خمس سنين قلت هذا واللّه هو الفضل المبين والمحبة الصادقة فضحك وانشأ يقول زرمن هويت وان شطت بك الدار ... وخال من دونه حجب واستار لايمنعنك بعد عن زيارته ... ان المحب لمن يهواه زوار وفى الآية اشارة الى ان الدنيا من مظان الحسد هو من زذآئل النفس وفى الحديث ( ولا تحاسدوا ) اى على نعم اللّه تعالى مالا او علما او غير ذلك الا أن يقع الغبطة على المال المبذول فى سبيل اللّه والعلم والمعمول به المنشور ( ولا تناجشوا ) النجش هو أن تزيد فى ثمن سلعة ولا رغبة لك فى شرآئها وقيل هو تحريض الغير على شر ( ولاتباغضوا ) الا ان يكون البغض فى اللّه قال الشيخ الكلاباذى معنى لاتباغضوا لاتختلفوا فى الآهواء والمذاهب لان البدعة فى الدين والضلال عن الطريق يوجب البغض عليه ( ولا تدابروا ) اى لاتقاطعوا فان التدابر التقاطع وان يولى الرجل صاحبه دبره فيعرض عنه كما فى الفائق او لاتغتابوا وصفة الاخرة التقابل كما قال تعالى { اخوانا على سرر متقابلين } وكما قال عليه السلام ( وكونوا عباد اللّه اخوانا ) قال الحافظ هيج رحمى نه برادر ببرا در دارد . هيج شوقى نه بدر رابه بسرمى بينم . دخترا انراهمه جنكست وجدل بامادر . بسرا تراهمه بدخواه بدر مى بينم . نسأل اللّه السلامة والعافية ١٦ { قل للمخلفين من الاعراب } كرر ذكرهم بهذا العنوان لذممهم مرة بعد اخرى فان التخلف عن صحبة الرسول عليه السلام شفاعة اى شناعة { ستدعون الى قوم } بحرب كروهى { اولى بأس شديد } اى اولى قوة فى الحرب وبالفارسية كروهى بازور سخت . وهم بنوا حنيفة كسفينة ابو حى كما فى القاموس والمراد اهل اليمامة قوم مسيلمة الكذاب او هم غيرهم ممن ارتدوا بعد رسول اللّه او المشركون لقوله تعالى { تقاتلونهم أو يسلمون } استئناف كأنه قيل لماذا فأجيب ليكون احد الامرين اما المقاتلة ابدا او الاسلام لا غير واما من عدا المرتدين والمشركين من العرب فينتهى قتالهم بالجزية كما ينتهى بالاسلام يعنى ان المراد بقوم اولى باس شديد هم المرتدون والمشركون مطلقا سوآء كانوا مشركى العرب او العجم بناء على ان من عدا الطائفتين المذكورتين وهم اهل الكتاب والمجوس ليس الحكم فيهم أن يقتلوا الى أن يسلموا بل تقبل منهم الجزية بخلاف المرتدين ومشركى العرب والعجم فانه لا تقبل منهم الجزية بل يقاتلون حتى يسلموا وهذا عند الشافعى واما عند ابى حنيفة رحمه اللّه فمشركوا العجم تقبل منهم الجزية كما تقبل من اهل الكتاب والمجوس والذين لا يقبل منهم الا الاسلام او السيف انما هم مشركوا العرب والمرتدون فقط عنده وفى الآية دليل على امامة ابى بكر رضى اللّه عنه اذ لم يتفق دعوة المخلفين الى قتال اولى الباس الشديد لغيره من الخلفاء وقد وعدهم الثواب على طاعته واوعدهم على مخالفته بقوله { فان تطيعوا } الخ ومن اوجب اللّه طاعته يكون اما ماحقا فيكون ابو بكر اماما حقا الا اذا ثبت ان المراد بأولى البأس اهل حنين وهم ثقيف وهوازن فلا دلالة للآية حينئذ على امامة ابى بكر لان الدعوة الى قتالهم كانت فى حياته عليه السلام لانه غزاهم عقيب فتح مكة فيكون المخلفون ممنوعين من خيبر مدعوين الى قتال اهل حنين اى فيخص دوام نفى الاتباع بما فيه غزوة خيبر كما قال محيى السنة وقيل هم فارس والروم ومعنى يسلمون ينقادن فان الروم نصارى وفارس مجوس تقبل منهم الجزية فتكون الآية دليلا على امامة عمر رضى اللّه عنه لانه هو الذى قاتلهم ودعا الناس الى قتالهم { فان تطيعوا } بس اكر فرمان بريج كسى راكه خوانندة شماست بقتال آن كروه { يؤتكم اللّه } بدهد شمارا خداى { اجرا حسنا } هو الغنيمة فى الدنيا والجنة فى الآخرة { وان تتولوا } اى تعرضوا عن الدعوة وبالفارسية واكر روى بكردانيد وبشت بر داعى كنيد { كما توليتم من قبل } فى الحديبية { يعذبكم عذابا اليما } لتضاعف جرمكم وبيان المقام انه عليه السلام لما قال لهم لن تتبعونا دعت الحاجة الى بيان قبول توبة من رجع منهم عن النفاق فجعل تعالى لهذا القبول علامة وهوانهم يدعون بعد وفاته عليه السلام الى محاربة قوم اولى قوة فى الحرب فمن اجاب منهم دعوة امام ذلك الزمان وحاربهم فانه يقبل توبته ويعطى الاجر الحسن فلولا هذا الامتحان لاستمر حالهم على النفاق كما استمرت حالة ثعلبة عليه فانه قد امتنع من ادآء الزكاة ثم اتى بها ولم يقبل منه النبى عليه السلام واستمر عليه الحال ولم يقبل منه احد من الصحابة فلعله تعالى علم من ثعلبة ان حاله لا تتغير فلم يبين لتوبته علامة وعلم من احوال الاعراب انها تتغير فبين لتغيرها علامة وقال بعضهم ان عثمان رضى اللّه عنه قد قبل من ثعلبة وهو مجتهد معذور فى ذلك ولعله وقف على اخلاصه والعلم عند اللّه تعالى ولما حكم داود وسليمان عليهما السلام فى الحرث الذى نفشت فيه غنم القوم والنفش الرعى بالليل فحكم داود بشئ وحكم سليمان بامر آخر وقال اللّه تعالى { ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما } فاخذنا من هنا وامثاله ان كل مجتهد مصبب وان لم يكن نصافى الباب قال بعضهم لا تنكروا على احد حاله والا لباسه ولا طعامه ولا غير ذلك الا باجازة الشرع وسلموا الكل احد حاله وما هو فيه ففيهم سائحون وتائبون وعابدون وحامدون وساجدون ومسبحون ومستنفرون ومحققون فقد يكون الانكار سبب الايحاش والوحشة سبب انقطاعهم على باب الخالق ويرحم البعض بالبعض ( قال الحافظ ) عيب رندان مكن اى زاهد باكيزه سرشت ، كه كناه دكران بر تونخوا هند نوشت ، من اكرنيكم وكربد توبرو خودرا باش ، هركسى آن درود عاقبت كاركه كشت ، ناميدم مكن ازسابقة لطف ازل ، توجه دانى كه بس برده كه خوبست كه زشت ، برعمل تكيه مكن زانكه دران روز ازل ، توجه دانى فلم صنع بنامت جه نوشت ، وفى الآية اشارة الى ان النفوس المتخلفة عن الطاعات والعبادات من المفرآئض والنوافل لو دعيت الى الجهاد فى سبيل اللّه او الجهاد الاكبر وهو جهاد النفس والشيطان والدنيا تقاتلونهم بنهى النفس عن الهوى وترك الدنيا وزينتها فان اجابوا واطاعوا فقد استوجبوا الاجر الحسن وان اعرضوا عن الطاعات والعبادات يعذبهم اللّه بعذاب أليم يتألمون به فى الدنيا والآخرة ١٧ { ليس على الاعمى } لما وعد على التخلف نفى الحرج عن الضعفاء والمعذورين فقال ليس على الاعمى وهو فاقد البصر { حرج } اثم فى التخلف نفى الضعفاء والمعذورين فقال ليس على الاعمى وهو فاقد البصر { حرج } اثم فى التخلف عن الغزو لانه كالطائر المقصوص الجناح لا منتنع على من قصده والتكليف يدور على الاستطاعة واصل الحرج والحراج مجتمع الشئ كالشجر وتصور منه ضيق ما بينهما فقيل للضيق حرج وللاثم حرج { ولا على الاعرج حرج } لما به من العلة اللازمة احدى الرجلين او كلتيهما وقد سقط عمن ليس له رجلان غسلهما فى الوضوء فكيف بالجهاد والاعرج بالفارسية لتلك ، من العروج لان الاعرج ذاهب فى صعود بعد هبوط وعرج كفرح اذا صار ذلك خلقة له وقيل للضبع عرجاء لكونها فى خلقتها ذات عرج وعرج كدخل ارتقى واصابه شئ فى رجليه فمش ىمشى العارج اى الذاهب فى صعود وليس ذلك بخلقة او يثلث فى غير الخلقة كما فى القاموس { ولا على المريض حرج } لانه لا قوة به وفى نفى الحرج عن كل من الطوائف المعدودة مزيد اعتناء بامرهم وتوسيع لدآئرة الرخصة { ومن } وهركه { يطع اللّه ورسوله } اى فبما ذكر من الاوامر والنواهى فى السر والعلانية { يدخله جنات تجرى من تحتها الانهار } قال بعض الكبار انما سميت الجنة جنة لانها ستر بينك وبين الحق تعالى وحجاب فانها محل شهوات الانفس واذا اراد أن يريك ذاتك حجبك عن شهوتك ورفع عن عينيك سترها فغبت عن جنتك وانت فيها ورأيت ربك والحجاب عليك منك فانت الغمامة على شمسك فاعرف حقيقة نفسك { ومن يتول } عن الطاعة وبالفارسية وحركه اعراض كند از فرمان خدا ورسول { يعذبه عذابا أليما } لا يقادر قدره وبالفارسية عذابى دردناك كه دردان منقطع نكر ددوالم آن منقضى نشود وآن عذاب حرمانست جه بمخالفت امر خدا از دولت لقامهجور وبنافرمانئ رسول از سعادت شفاعت محروم خواهدماند ، مسوز آتش محروميم كه هيج عذاب ، زروى سوزو الم جون عذاب حرمان نيست. وفى الآية اشارة الى اصحاب الاعذار من ارباب الطلب فمن عرض له مانع يعجزه عن السير بلا عزيمة منه وهمته فى الطلب ورغبته فى السير وتوجهه الى الحق باق فلا حرج عليه فيما يعتريه فيكون اجره على اللّه وذلك قوله تعالى { ومن يطع اللّه ورسوله } يعنى بقدر الاستطاعة يدخله جنات تجرى من تحتها الانهار { ومن يتول } يعنى يعرض عن اللّه وينقض عهد الطلب { يعذبه عذابا أليما } كما قال اوحد المشايخ فى وقته ابو عبد اللّه الشيرازى قدس سره رأيت رسول اللّه صلى اللّه لعيه وسلم فى المنام وهو يقول من عرفه طريقا الى اللّه فسلكه ثم رجع عنه عذبه اللّه بعذاب لم يعذب به احدا من العالمين وقد قالوا مرتد الطريقة اعظم ذنبا من مرتد الشضريعة وقال الجنيد لو اقبل صديق على اللّه ألف سنة ثم اعرض عنه لحظة فان ما فاته اكثر مما ناله وقال بعضهم فى الآية اشارة الى الاعمى الحقيقى وهو من لا يرى غير اللّه لا الآخرة التى اشير اليها بالعين اليمنى ولا الدنيا التى اشير اليها بالعين اليسرى وهو معذور باستعمال الرخص والدخول فى الرفاهية كما قال بعض الكبار ان المحقق لا يجوع نفسه الا اضطرارا سيما اذا كان فى مقام الهيبة وكسر الصفات فانه يكثر اكله لشدة سطوات نيران الحقاشق فى قلبه بالعظمة وشهودها وهى حالة المقربين ولكن قد يقلل عمدا على قصد المحاق بأهله الانس باللّه فهو بذلك يجتمع بالسالك انتهى والى الاعرج الحقيقى وهو من وصل الى منزل المشاهدة فضرب بسيوف الوحدة والاطلاق على رجل الاثنينية والتقيد فتعطل آلاته بالفناء فتقاعد هناك وهم الافراد المشاهدون فلا حرج لهم أن لا ينزلوا الى مقام المجاهدين ايضا ومن هنا يعرف سر قولهم الصوفى من لا مذهب له فان من لا مذهب له لا سير له ومن لا سير له لا يلزم له آلة والى المريض الحقيقى وهو الذى اسقمه العشق والمحبة وهو معذور اذا باشر الروحانيات مثل السماع واستعمال الطيب والنظر الى المستحسناتفان مداواته ايضا تكون من قبيل العشق والمحبة لان العشق امرضه فيداوى بالعشق ايضا كما قيل تداويت من ليلى بليلى من الهوا ... كما يتداوى شارب الخمر بالخمر وقال بعضهم من كان له عذر فى المجاهدة فان اللّه يحب ان تؤتى رخصة كما يحب أن تؤتى عزآئمه فاعرف ذلك ١٨ { لقد رضى اللّه عن المؤمنين } رضى العبد عن اللّه ان لا يكره ما يجرى به قضاؤه ورضى اللّه عن العبد هو أن يراه مؤتمر الامره منتهيا عن نهيه وهم الذين ذكر شأن مبايعتهم وكانوا ألفا وأربعمائة على الصحيح وقيل ألفا وخمسمائة وخمسة وعشرين وبهذه الآية سميت بيعة الرضوان وقال بعض الكبار سميت بيعة الرضوان لان الرضى فناء الارادة فى ارادته تعالى وهو كمال فناء الصفات وذلك ان الذات العلية محتجبة بالصفات والصفات بالافعال والافعال بالاكوان والآثار فمن تجلت عليه الافعال بارتفاع حجب الاكوان توكل ومن تجلت عليه الصفات بارتفاع حجب الافعال رضى وسلم ومن تجلت عليه الذات بانكشاف حجب الصفات فنى فى الواحدة فصار موحدا مطلقا فاعلا ما فعل وقارئا ما قرأ ما دام هذا شهوده فتوحيد الافعال مقدم على توحيد الصفات وتوحيد الصفات مقدم على توحيد الذات والى هذه المراتب الثلاث اشار صلّى اللّه عليه وسلّم بقوله فى سجوده ( واعوذ بعفوك من عقابك واعوذ برضاك من سخطك واعوذ بك منك ) فاعلم ذلك فانه من لباب المعرفة { اذ يبايعونك تحت الشجرة } منصوب برضى وصيغة المضارع لاستحضار صورتها وتحت الشجرة متعلق به والشجر من النبت ماله ساق والمراد بالشجرة هنا سمرة اى ام غيلان وهى كثيرة فى بوادى الحجاز وقيل سدرة وكان مبايعتهم على أن يقاتلوا قريشا ولا يفروا وروى على الموت دونه قال ابو عيسى معنى الحديثين صحيح فبايعه جماعة على الموت اى لانزال نقاتلهم بين يديك مالم تقتل وبايعه آخرون وقالوا لا نفر ، يقول الفقير عدم الفرار لا يستلزم الموت فلا تعارض وآن اصحاب را اصحاب الشجرة كويند وكان علامة اصحاب رسول اللّه معه فى الغزاة ان يقول يا اصحاب الشجرة يا اصحاب سورة البقرة وآن ساعت كه دست عهد بيعت كرفتند بارسول فرمان آمد از حق تعالى تادر هاى آسمان بكشادند وفرشتكان از ذروة فلك نظاه كردند واز حق فرمان آمد بطريق مباهات كه اى مقربان افلاك نظر كنيد بآن كروهكه از بهر اعزاز دين اسلام واعلاى كلمة حق ميكوشند جان بذل كرده وتن سبيل ودل فدا ودر وقت قتال روى نشانة نيزه كرده وسينه سبر سامنه شراب ازخون وجام ازكاسة سر ... بجاى بانك رود آوازاسبان بجاى دستة كل دشنه وتيغ ... بجاى قرطه برتن درع وخفتان كواه باشيد اى مقربان كه من از ايشان خشنودم ودر قيامت هريكى را ازايشان در امت محمد جندان شفاعت دهم كه ازمن خشنود كردند وازين عهدتا آخر دور هرمؤمنى كه آن بيعت بشنود وبدل بامر ايشان درقبول آن بيعت موافق بود من آن مؤمن راهمان خلعت دهم كه اين مؤمنا نرا دادم ، وعند تلك المبايعة قال لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ( انتم اليوم خير اهل الارض ) واستدل بهذا الحديث على عدم حياة الخضر عليه السلام حينئذ لانه يلزم ان يكون غير النبى افضل منه وقد قامت الادلة الواضحة على ثبوت نبوته كما قال الحافظ ابن حجر رحمه اللّه ، يقول الفقير نبوة الخضر منقضية كنبوة عيسى عليهما السلام فعلى تقدير حياته يكون من اتباعه عليه السلام وامته كما قال عليه السلام ( لو كان اخى موسى حيا لما وسعه الا اتباعى ) وثبت ان عيسى من اصحابه عليه السلام وعند نزوله فى آخر الزمان يكون من امته فان قلت بحضور الخضر بين الاصحاب فى تلك المبايعة وان لم يعرفه احد فالا امر ظاهر وان قلت بعدم الحضور فلا يلزم رجحان الاصحاب عليه من كل وجه اذ بعض من هو فاضل مفضول من وجه قال فى انسان العيون صارت تلك الشجرة التى وقعت عندها البيعة يقال لها شجرة الرضوان وبلغ عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه فى زمان خلافته ان ناسا يصلون عندها فتوعدهم وامر بها فقطعت خوف ظهور البدعة انتهى وروى الامام النسفى رحمه اللّه فى التيسير انها عميت عليهم ذهبوا يصلون تحت شجرة على ظن انها هى شجرة البيعة فامر عمر رضى اللّه عنه بقطعها وفى كشف النور لابن النابلسى اما قول بعض المفرورين باننا نخاف على العوام اذا اعتقد واوليا من الاولياء وعظموا قبره والتمسوا البركة والمعونة منه ان يدركهم اعتقاد أن الاولياء تؤثر فى الوجود مع اللّه فيكفرون ويشركون باللّه تعالى فنهاهم عن ذلك ونهدم قبور الاولياء ونرفع البنايات الموضوعة عليها ونزيل الستور عناه ونجعل الاهانة للاولياء ظاهرا حتى تعلم العوام الجاهلون ان هؤلاء الاولياء لو كانوا مؤثرين فى الوجود مع اللّه تعالى لدفعوا عن انفسهم هذه الاهانة التى نفعلها معهم فاعلم ان هذا الصنيع كفر صراح مأخوذ من قول فرعون على ما حكاه اللّه تعالى لنا فى كتابه القديم وقال فرعون ذوونى اقتل موسى وليدع ربه انى اخاف ان يبدل دينكم او ان يظهر فى الارض الفساد وكيف يجوز هذا الصنيع من اجل الامر الموهوم وهو خوف الضلال على العامة انتهى يقول الفقير والتوفيق بين هذا وبين ما فعله عمر رضى اللّه عنه ان الذى يصح هو اتباع الظن لا الوهم { فعلم ما فى قلوبهم } عطف على يبايعونك لما عرفت من انه بمعنى بايعوك لا على رضى فان رضاه تعالى عنهم مترتب على علمه تعالى بما فى قلوبهم من الصدق والاخلاص عند مبايعتهم له عليه السلام قال بعضهم ان من الفرق بين علم الحق وعلم عبيده ان علمهم لم يكن لهم الا بعد ظهورهم وحصول صورتهم واما علم الحق تعالى فكان قبل وجود الخلق وبعدهم فليس علمه تعالى بعناية من غيره بخلاف العبد { فأنزل السكينة عليهم } عطف على رضى اى فأنزل عليهم الطمأنينة وسكون النفس بالربط على قلوبهم وقيل بالصلح قال البقلى فى عرآئسه رضى اللّه عنهم فى الازل وسابق علم القدم ويبقى رضاه الى الابد لان رضاه صفته الازلية الباقية الابدية لا تتغير بتغير الحدثان ولا بالوقت والزمان ولا باطاعة والعصيان فاذاهم فى اصطفائيته باقون الى الابد لا يسقطون من درجاتهم بالزلات ولا بالشرية والشهوات لان اهل الرضى محروسون برعايته لا يجرى عليهم نعوت اهل البعد وصاروا متصفين بوصف رضاه فرضوا عنه كما رضى عنهم وهذا بعد قذف انوار الانس فى قلوبهم بقوله { فأنزل السكينة عليهم } قال ابن عطاء رضى اللّه عنهم فارضاهم واوصلهم الى مقام الرضى و اليقين والاطمئنان فأنزل سكينته عليهم لتسكن قلوبهم اليه { واثابهم } وباداش داد ايشانرا فان الاثابة بالفارسية باداش دادن. و الثواب ما يرجع الى الانسان من جزآء عمل يستعمل فى الخير والشر لكن الاكثر المتعارف فى الخير والاثابة تستعمل فى المحبوب وقد قيل ذلك فى المكروه نحو فأثابكم غما بغم على الاستعارة { فتحا قريبا } وهو فتح خيبر غب انصرا فهم من الحديبية ١٩ { ومغانم كثيرة ياخذونها } اى واثابهم مغانم خيبر وكانت ذات عقار واشجار أخذوها من اليهود مع فتح بلدتهم فقسمت عليهم { وكان اللّه عزيزا } غالبا { حكيما } مراعيا لمقتضى الحكمة فى احكامه وقضاياه وقال ابن الشيخ حكيما فى امره حكم لهم بالظفر والغنيمة ولاهل خيبر بالسبى والهزيمة ٢٠ { وعدكم اللّه مغانم كثيرة } هى ما يفيئه على المؤمنين الى يوم القيامة والافاءة مال كسى غنيمت كردن { تأخذونها } فى اوقاتها المقدرة لكل واحد منها { فعجل لكم هذه } اى غنائم خيبر { وكف ايدى الناس عنكم } اى ايدى اهل خيبر وهم سبعون ألفا وحلفاؤهم من بنى اسد وغطفان حيث جاؤا لنصرتهم فقذف اللّه فى قلوبهم الرعب فنكصوا والحلفاء بالحاء المهملة جمع حليف وهو المعاهد للنصر فان الحلف العهد بين القوم وقيل ايدى اهل مكة بالصلح وبالفارسية ودست مردمانرا از شما كوتاه كرد . وقال فى المفردات الكف كف الناس وهى ما بها يقبض ويبسط وكففته دفعته بالكف وتعورف الكف بالدفع على اى وجه كان بالكف وبغيرها حتى قيل رجل مكفوف لمن قبض بصره قال سعدى المفتى ان كان نزولها بعد فتح خيبر كما هو الظاهر لا تكون السورة بتمامها نازلة فى مرجعه عليه السلام من الحديبية وان كان قبله على انها من الاخبار عن الغيب فالاشارة بهذه تنزيل المغانم منزلة الحاضرة المشاهدة والتعبير بالمضى للتحق { ولتكون آية للمؤمنين } عطف على علة اخرى محذوفة من احد الفعلين اى فعجل لكم هذه او كف ايدى الناس عنكم لتغتنموها ولتكون ان رة للمؤمنين يعرفون بها صدق الرسول فى وعده اياهم عند رجوعه من الحديبية ما ذكر من الغنائم وفتح مكة و دخول المسجد الحرام ويجوز ان تكون الواو واعتراضية على أن تكون اللام متعلقة بمحذوف مؤخر اى ولتكون آية لهم فعل ما فعل من التعجيل والكف { ويهديكم } بتلك الآية { صراطاً مستقيما } هو الثقة بفضل اللّه تعالى والتوكل عليه فى كل ما تأتون وما تذرون وفى الآية اشارة الى ما وعد اللّه عباده من المغانم الكثيرة بقوله { ادعونى استجب لكم } فكل واحد يأخذها بحسب مطمح نظره وعلو همته فمن كانت همته الدنيا فهى له معجلة { وماله فى الآخرة من خلاق } ومن كانت همته الآخرة فله نصيب من حظ الدارين وربما يكف اللّه ايدى دواعى شهوات النفس عن المؤمنين ليكونوا من اهل الجنة كما قال تعالى { ونهى النفس عن الهوا٠ فان الجنة هى المأوى } ولو وكلهم الى انفسهم لاتبعوا الشهوات وهى دركات الجحيم اذ حفت النار بالشهوات وفى ترك الدنيا وشهوات النفس آية للمؤمنين حيث يهتدى بعضهم بهدى بعض ويصلون على هذا الصراط المستقيم الى حضرة ربوبية ( قال الشيخ سعدى ) بي نيك مردان ببايد شتافت ... هران كين سعادت طلب كرديافت وليكن تودنبال ديوخسى ... ندانم كه در صالحان كى رسى بيمبر كسى راشفاعت كرست ... كه بر جادة شرع بيغمبرست ثم ان خيبر حصن معروف قرب المدينة على ما فى القاموس وقال فى انسان العيون هو على وزن جعفر سميت باسم رجل من العماليق نزلها يقال له خيبر وهو اخو يثرب الذي سميت باسمه المدينة وفى كلام بعض خيبر بلسان اليهود الحصن ومن ثم قيل لها خيابر لاشامالها على الحصون وهى مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع ونخل كثير بينها وبين المدينة الشريفة ثمانية برد والبريد اربعة فراسخ وكل فرسخ ثلاثة اميال ، يقول الفقير وكل ميلين ساعة واحدة بالساعات النجومية لانه عد من المدينة الى قباميلان وهى ساعة واحدة فتكون الثمانية البرد ثمانى واربعين ساعة بتلك الساعات وفى القاموس البريد فرسخان واثنا عشر ميلا انتها ولما رجع عليه السلام من الحديبية اقام شهرا اى بقية ذى الحجة وبعض المحرم من سنة سبع ثم خرج الى خيبر وقد استنفر من حوله ممن شهد الحديبية يغزون معه وجاءه المخلفون عنه فى غزوة الحديبية ليخرجوا معه رجاء الغنيمة فقال عليه السلام ( لا تخرجوا معى الا راغبين فى الجهاد ) اما الغنيمة فلا اى لا تعطون منها شيأثم امر مناديا ينادى بذلك فنادى به وامر ايضا انه لا يخرج الضعيف ولا من له مركب صعب حتى ان بعضهم خالف هذا الامر فنفر مركوبه فصرعه فاندقت فخذه فمات فأمر عليه السلام بلالا رضى اللّه عنه أن ينادى فى الناس الجنة لا تحل العاص ثلاثا وخرج معه عليه السلام من نسائه ام سلمة رضى اللّه عنها ولما اشرف على خيبر وكان وقت الصبح رأى عمالها وقد خرجوا بمساحيهم ومكاتلهم وهى القفف الكبيرة قالوا محمد والخميس اى الجيش العظيم معه قيل له الخميس لانه خمسة اقسام المقدمة والساقة والميمنة والميسرة وهما الجناحان والقلب وادبروا اى العمال هربا الى حصونهم وكانوا لا يظنون ان رسول اللّه يغزوهم وكان بها عشرة آلاف مقاتل فقال عليه السلام ( اللّه اكبر خربت خيبر انا اذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين ) وانما قاله بالوحى كما نطق به قولهه تعالى فعجل لكم هذه وابتدأ من حصونهم بحصون النطاة وامر بقطع نخلها فقطعوا اربعمائة نخلة ثم نهاهم عن القطع ومكث عليه السلام سبعة ايام يقاتل اهل حصون النطاة فلم يرجع من أعطى له الراية بفتح ثم قال ( لأعطين الراية عدا الى رجل يحب اللّه ورسوله ويحبانه يفتح اللّه على يديه ) فتطاولها ابو بكر وعمر وبعض الصحابة من قريش فدعا عليه السلام عليا رضى اللّه عنه وبه رمد فتفل فى عينيه ثم أعطاه الراية وكانت بيضاء مكتوب فيها لا اله الا اللّه محمد رسول اللّه بالسواد فقال على علام اقاتلهم يا رسول اللّه قال ( أن يشهدوا ان لا اله الا اللّه وانى رسول اللّه فاذا فعلوا ذلك فقد حقنوا دماءهم واموالهم ) وألبسه عليه السلام درعه الحديد وشد سيفه ذا الفقار فى وسطه ووجهه الى الحصن وقال ( لأن يهدى اللّه بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم ) اى من الابل النفيسة التى تصدق بها فى سبيل اللّه فخرج على رضى اللّه عنه بالراية يهرول حتى ركزها تحت الحصن الحارث احو مرجب وكان معروفا بالشجاعة فتضاربا فقتله على وانهزم اليهود الى الحصن صعوه كريا عقاب سازدجنك ... دهد ازخون خودبرش رارنك ثم خرج اليه مرحب سيد اليهود وهو يرتجز ويقول قد علمت خيبر انى مرحب ... شاكى السلاح البطل المجرب اى تام السلاح معروف بالشجاعة وقهر الفرسان وارتجز على رضى اللّه عنه وقال انا الذى سمتنى امى حيدره ... ضرغام آجام وليث قسوره وضرب عليا فطرح ترسه من يده فتناول على بابا كان عند الحصن فتترس به عن نفسه فلم يزل فى يده يقاتل حتى قتل مرحبا وفتح اللّه عليه الحصن وهو حصن ناعم من حصون النطاة والقى الباب من يده ورآء ظهره ثمانين شبرا وذلك بالقوة القدسية وفيه بيان شجاعة على حيث قتل شجيعا بعد شجيع ونعم ما قيل كرجله شاطر بود خروس بجنك ... جهزند بيش بازروبين جنك كربه شيرست در كرفتن موش ... ليك موشست درمصاف بلنك ثم انتقل عليه السلام من حصن ناعم الى حصن العصب من حصون النطاة فأقاموا على محاصرته يومين حتى فتحه اللّه وما بخيبر حصن اكثر طعاما منه كالشعير السمن والتمر والزيت والشحم والماشية والمتاع ثم انتقلوا الى حصن قلة وهو حصن بقلة وهو آخر حصون النطاة فقطعوا عنهم ماءهم ففتحه اللّه ثم سار المسلمون الى حصار الشق بفتح الشين المعجمة وهو اعرف عند اهل اللغة من الكسر ففتحو الحصن الاول من حصونه ثم حاصروا حصن البرآء وهو الحصن الثانى من حصنى الشق فقاتلوا قتالا شديدا حتى فتحه اللّه ثم حاصروا حصون الكثيبة وهى ثلاثة حصون القموص كصبور والوطيح وسلالم بضم السين المهملة وكان اعظم حصون خيبر القموص وكان منيعا حاصره المسلمون عشرين ليلة ثم فتحه اللّه على يد على رضى اللّه عنه ومنه سبيت صفية رضى اللّه عنها وانتهت المسلمون الى حصار الوطيح بالحاء المهملة سمى باسم الوطيح بن مارن رجل من اليهود وسلالم آخر حصون خبر ومكثوا على حصارهما اربعة عشر يوما وهذان الحصنان فتحا صلحا لان اهلهما لما أيقنوا بالهلاك سألوا رسول اللّه عليه السلام الصلح على حقن دماء المقاتلة وترك الذرية لهم ويخرجون من خيبر وارضها بذراريهم وان لا يصحب احدا منهم الاثوب واحد على ظهره فصالحهم عليه ووجدوا فى الحصنين المذكورين مائة درع واربعمائة سيف والف رمح وخمسمائة قوس عربية بجعابها واشياء آخر غالية القيمة وهى ما فى الخزانة ابى الحقيق مصغرا وارسل عليه السلام الى اهل فدك وهى محركة قرية بخيبر يدعوهم الى الاسلام ويخوفهم فتصالحوا معه عليه السلام على أن يحقن دماءهم ويخليهم ويخلون بينه وبين الاموال ففعل ذلك رسول اللّه وقيل تصالحوا معه على ان يكون لهم النصف فى الارض ولرسول اللّه النصف الآخر وكان فدك الاول لرسول اللّه وعلى الثانى كان له نصفها لانه لم تؤخذ بمقاتلة وكان عليه السلام ينفق منها ويعود منها على صغير بنى هاشم ويزوج منها ايمهم ولما مات عليه السلام وولى ابو بكر رضى اللّه عنه الخلافة سألته فاطمة رضى اللّه عنها ان يجعل فدك او نصفها لها فابى وروى لها انه عليه السلام قال ( أنا معاشر الانبياء لا نورث ) اى لا نكون مورثين ( ما تركناه صدقة ) اى على المسلمين ثم ان النبى عليى السلام امر بالغنائم التى غنمت قبل الصلح فجمعت واصاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سبايا منها صفية بنت ملكهم حيى بن اخطب من سبط هرون بن عمران اخى موسى عليهما السلام فهداها اللّه فأسلمت ثم اعتقها رسول اللّه وتزوجها وكانت رأت ان القمر وقع فى حجرها فكان ذلك رسول اللّه وجعل وليمتها حيسا فى نطع الحيس تمر واقط وسمن ودخل بها رسول اللّه فى منزل الصهباء فى العود والصهباء موضع قرب خيبر كما فى القاموس وبات تلك الليلة ابو ايوب الانصارى رضى اللّه عنه متوشحا سيفه يحرسه ويطوف حول قبته حتى اصبح رسول اللّه فرأى مكان ابى ايوب فقال ( مالك يا ابى ايوب ) قال يا رسول اللّه خفت عليك من هذه المرأة قتلت اباها وزوجها وقومها وهى حديثة عهد بجاهلية فبت احفظك فقال عليه السلام ( اللهم احفظ ابا ايوب كما بات يحفظنى ) قال السهيلى رحمه اللّه فحرس اللّه تعالى ابا ايوب بهذه الدعوة حتى ان الروم لتحرس قبره ويستسقون به فيسقون فانه غزا مع يزيد بن معاوية سنة خمسين فلما بلغوا القسطنطينية مات ابو ايوب هناك فأوصى يزيد ان يدفنه فى اقرب موضع من مدينة الروم فركب المسلمون ومشوا به حتى اذا لم يجدوا مساغا دفنوه فسألتهم الروم عن شأنهم فأخبروهم انه كبير من اكابر المسلمين الصحابة فقالت ليزيد ما احمقك واحمق من ارسلك امنت ان ننبشه بعدك فخرق عظامه فحلف لهم يزيد لئن فعلوا ذلك ليهدمن كل كنيسة بارض العرب وينبش قبورهم فحينئذ حلفوا له بنبيهم ليكرمن قبره وليحرسنه ما استطاعوا وق لصاحب روضة الاخبار مات ابو ايوب خالد بن زيد الانصارى رضى اللّه عنه بالقسطنطينية سنة احدى وخمسين مرابطا مع يزيد بن معاوية مرض فلما ثقل مرضه قال لاصحابه اذا انا مت فاحملونى فاذا صاففتم العدو فادفنونى تحت اقدامكم ففعلوا وقبره قريب من سورها معروف معظم وكان الروم يتعاهدون قبره ويستشفون به انتهى. يقول الفقير ثبت ان قبر ابى ايوب انما تعين باشارة الشيخ الشهير بآق شمس الدين قدس سره وقد كان مع الفاتح السلطان محمد العثمانى فى زمان الفتح وهذا يقتضى ان يكون محل قبره المنيف مندرسا بمرور الايام ولنعد الى تمام القصة ونهى النبى عليه السلام عن اتيان الحبالى حتى تضع وعن غير الحبالى حتى تستبرأ بحيضة ونهى عن اتيان المسجد لمن اكل الثؤم والبصل وعن بعضهم ما اكل نبى قط ثؤما ولا بصلا . يقول الفقير يدخل فيه الدخان الشائع شربه فى هذا الزمان بل رآئحته اكره من رآئحة الثؤم والبصل فاذا كان جخول المسجد ممنوعا مع رآئحتهما دفعا لاذى الناس والملائكة فمع رآئحة الدخان اولى وظاهر ان الثؤم والبصل من جنس الاغذية ولا كذلك الدخان ومحافظة المزاج بشربه انما عرفت بعد الادمان المولد للامراض الهائلة فليس لشاربه دليل فى ذلك اصلا فكما ان شرب الخمر ممنوع اولا وآخرا حتى لو تاب منها ومرض لا يجوز ان يشربها ولو مات من ذلك المرض يؤجر ولا ياثم فكذا شرب الدخان وليس استطابته الا من خباثة الطبع فان الطباع السليمة تستقذره لا محالة فتب الى اللّه وعد حتى لا يراك حيث نهاك ووقت عليه السلام قص الشارب وتقليم الاظفار واستعمال النورة بان لا يترك ذلك اربعين يوما وقدم عليه صلّى اللّه عليه وسلّم بعد فتح خيبر ابن عمه جعفر بن ابى طالب من ارض الحبشة وقج كان هاجر اليها ومعه الاشعريون فقام عليه السلام الى جعفر وقبله بين عينيه واعتنقه وقال ( واللّه ما ادرى بأيهما افرح بفتح خيبر ام بقدوم جعفر ) وليس حديث القيام معارضا لحديث من سره أن يمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار لان هذا الوعيد انما توجه للمتكبرين ولمن يغضب ان لا يقام له وكان من جملة من قدم معهم من الحبشة ام حبيبة بنت ابى سفيان زوج النبى عليه السلام وذلك ان ام حبيبة كانت ممن هاجر الى الحبشة مع زوجها عبد اللّه بن جحش فارتد عن الاسلام هناك وتنصر ومات على ذلك وبقيت هى على اسلامها ورأت فى المنام كان قائلا يقول لها يا ام المؤمنين فعلمت بأن رسول اللّه يتزوجها فارسل عليه السلام فى المحرم افتتاح سنة سبع الى النجاشى بالتخفيف ملك الحبشة وكان مؤمنا ليزوجها منه عليه السلام فزوجها واصدقها اربعمائة دينار ولما قدم رسول اللّه خيبر كان الثمر اخضر فأكثر الصحابة من اكله فأصابتهم الحى فشكوا ذلك الى رسول اللّه فقال ( بر دوائها الماء فى الشنان ) اى فى القرب ( ثم صبوا منه عليكم بين اذانى الفجر واذكروا اسم اللّه عليه ) ففعلوا فذهبت عنهم وفى هذه الغزوة اراد عليه السلام ان يتبرز فأمر الى شجرتين متباعدتين حتى اجتمعتا فاستتر بهما ثم قام فانطلقت كل واحدة الى مكانها وفى خيبر كان اكله من الشاة المسمومة وذلك ان زينب ابنة الحارث اخى مرحب سمتها واكثرت فى الذراعين والكتف لما عرفت انه عليه السلام كان يحب الذراع والكتف لكونهما ابعد من الاذى واهدتها له عليه السلام وكان قد صلى المغرب بالناس فلما انتهش من الذراع وازدرد لقمة ازدرد بشر ما فى فيه ومات من اكل معه وهو بشر بن البرآء واحتجم رسول اللّه بين الكفتين فى ثلاثة مواضع وقال ( الحجامة فى الرأس هى المعينة امرنى بها جبرآئيل حين اكلت طعام اليهودية ) وقد احتجم فى غير هذه الواقعة مرارا واحتجم وسط رأسه وكان يسميها منقذا وذلك انه لما سحره اليهودى ووصل المرض الى الذات المقدسة امر بالحجامة على قبة رأسه المباركة واستعمال الحجامة فى كل متضرر بالسحر غاية الحكمة ونهاية حسن المعالجة وفى الحديث ( الحجامة فى الرأس شفاء من سبع من الجنون والصداع والجذام والبرص والنعاس ووجع الضرس وظلمة يجدها فى عينيه ) والحجامة فى البلاد الحارة انفع من الفصد والاولى ان تكون فى الربع الثالث من الشهر لانه وقت هيجان الدم وعن ابى هريرة مرفوعا ( من احتجم لسبع عشرة وتسع عشرة واحدى وعشرين كانت شفاء من كل داء والحجامة على الريق دواء وعلى الشبع دآء ويكره فى الاربعاء والسبت ) ثم ارسل رسول اللّه الى تلك اليهودية فقال ( أسممت هذه الشاة ) فقالت من اخبرك قال ( اخبرتنى هذه التى فى يدى اى الذراع ) قالت نعم قال ( ما حملك على ما صنعت ) قالت قتلت ابى وعمى وزوجى ونلت من قومى ما نلت فقلت ان كان ملكا استرحنا منه وان كان نبيا فسيخبر فعفا عنها زخوان معجزا وكرنوالة طلبى ... حديث برة برياشنوكه ما حضرست فلما مات بشر امر بها فقتلت وصلبت وفى الاحياء اطعم عليه السلام السم فمات الذى اكل معه وعاش هو عليه السلام بعده اربع سنين انتهى قال الشيخ الشهير بأفتاده قدس سره انما لم يؤثر السم فى عمر حين جاء من قيصر لانه رضى اللّه عنه انما شرب بحقيقته لا ببشريته وانما اثر فى النبى عليه السلام بعد تنزله الى حالة بشريته وذلك ارشاده عليه السلام وان كان فى عالم التنزل غير ان تنزله كان فى مرتبة الروح وهى اعدل المراتب فلم يؤثر فيه حتى مضى عليه اثنتا عشرة سنة فلما احتضر عليه السلام تنزل الى ادنى المراتب لان الموت انما يجرى على البشرية فلما تنزل الى تلك المرتبة اثر فيه انتهى فانتقل عليه السلام من الدنيا بالشهادة فأحرز جميع المراتب من النبوة والرسالة والصديقية والشهادة يقول الفقير قوله اثنتا عشرة سنة وهكذا قال صاحب المحمدية وهو مخالف لما سبق عن الاحياء والحق ما فى الاحياء لان قصة السم كانت فى خيبر وقصة خيبر فى السنة السابعة من الهجرة فغير هذا وجهه غير ظاهر كما لا يخفى ولما كان زمان خلافة عمر رضى اللّه عنه ظهر خيانة اهل خيبر فأجلى يهود فدك ونصارى نجران لانه عليه السلام قال ( لا يبقى دينان فى جزيرة العرب ) وجزيرة العرب ما احاط به بحر الهند وبحر الشام ثم دجلة والفرات او ما بين عدن ابين الى اطراف الشام طولا ومن جدة الى ريف العراق عرضا كما فى القاموس ٢١ { وأخرى } عطف على هذه اى فعجل لكم هذه المغانم ومغانم اخرى { لم تقدروا عليها } وهى مغانم هوازن فى غزوة حنين فانهم لم يقدروا عليها الى عام الحديبية وانما قدروا عليها عقيب فتح مكة ووصفها بعدم القدرة عليها لما كان فيها من الجولة اى من تكرار الهزيمة والرجوع الى القتال قبل ذلك لزيادة ترغيبهم فيها يقال جال القوم جولة انكشفوا ثم كروا { قد أحاط اللّه بها } صفة اخرى لاخرى مفيدة لسهولة تأتيها بالنسبة الى قدرته تعالى بعد بيان صعوبة مثالها بالنظر الى قدرتهم اى قد قدر اللّه عليها واستولى واظهركم عليها وقيل حفظها عليكم لفتحكم ومنعها من غيركم يعنى جميع فتوح المسلمين قال ابن عباس رضى اللّه عنهما ومنه فتح قسطنطينية ورومية وعمورية ومدآثن فارس والروم والشام اما قسطنطينية فمشهورة وهى الآن دار السلطنة للسلاطين العثمانية واما رومية ويقال لها رومية الكبرى فمدينة عظيمة من مدن الروم مثل قسطنطينية واما عمورية بفتح العين المهملة وضم الميم المشددة وبالرىء فقد قال الامام اليافعى فى المرء آة هى التى يسميها اهل الروم انكورية هى مدنية كبيرة كانت مقر ملوكهم فتحها المعتصم باللّه قال الراغب الاحاطة على وجهين احدهما فى الاجسام نحو احطت بمكان كذا وتستعمل فى الحفظ نحو كان اللّه بكل شئ محيطا اى حافظا له فى جميع جهاته وتستعمل فى المنع نحو الا ان يحاط بكم اى الا ان تمنعوا والثانى فى العلم نحو احاط بكل شئ علما فالاحاطة بالشئ علما هو ان يعلم وجوده وجنسه وقدره وكيفيته وغرضه المقصود به وبايجاده وما يكون به ومنه وذلك ليس يكون الا لله وقال بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه فنفى عنهم ذلك { وكان اللّه على كل شيء قديرا } لان قدرته تعالى ذاتية لا تختص بشئ دون شئ اى منتهية عنده غير متجاوزة عنه لان علتها لا تنتهى فتأمل ، اعلم ان المغازى غزوة حنين وهو اسم موضع قري من الطائف ويقال لها لغزوة حنين غزوة هوازن ويقال لها غزوة اوطاس باسم الموضع الذى كانت به الواقعة فى آخر الامر سببها انه لما فتح اللّه على رسوله مكة اطاعت له قبائل العرب الا هوازن وثقيفا فان اهلهما كانوا طغاة مردة فاجتمعوا الى حنين فلما وصل خبرهم الى رسول اللّه عليه السلام تبسم وقال ( تلك غنيمة المسلمين غدا ان شاء اللّه تعالى ) فأجمع على السير الى هوازن وخرج فى اثنى عشر الفا فلما قربوا من محل العدو صفهم واعطى لواء المهاجرين عليا رضى اللّه عنه ولوآء الخزرج الحباب بن المنذر رضى اللّه عنه ولوآء الاوس اسيد بن حضير رضى اللّه عنه وركب عليه السلام بغلته الشهباء التى يقال لها فضة قد اهداها له صاحب البلقاء وقيل هى دلدل التى اهداها له المقوقس ولبس درعين والمغفر والدرعان هما ذات الفضول والسغدية بالسين المهملة والغين المعجمة وهى درع داود عليه السلام التى لبسها حين قتل جالوت فلما كان بحنين وذلك عند غبش الصبح اى ظلمته وانحدروا فى الوادى خرج عليهم القوم وكانوا كمنوا لهم فى شعاب الوادى ومضايقه فحملوا عليهم حملة رجل واحد ورموهم بالنبل وكانوا رماة لا يسقط لهم سهم فأخذ المسلمون راجعين منهزمين لا يلوى احد على احد وانحاز رسول اللّه ذات اليمين ومعه نفر قليل منهم ابو بكر وعمر وعلى والعباس وابنه الفضل فقال عليه السلام ( يا عباس اصرخ يا معشر الانصار يا اصحاب السمرة ) يعنى الشجرة التى كانت تحتها بيعة الرضوان كان صيحا يسمع صوته من ثمانية اميال فأجابوا لبيك لبيك حتى انتهى اليه جمع فاقتتلوا ثم قبض عليه السلام قبضة من تراب واستقبل بها وجوههم فقال ( شاهت الوجوه حم لا ينصرون انهزموا ورب محمد ) ورماهم بالتراب فملئت اعينهم من التراب فولوا مدبرين فتبعهم المسلمون يقتلونهم ويأسرونهم ولما انهزم القوم عسكر بعضهم بأوطاس فبعث النبى عليه السلام فى آثارهم ابا عامر الاشعرى رضى اللّه عنه ورجع رسول اللّه الى معسكره يمشى فى المسلمين ويقول ( من يدلنى على رجل خالد بن الوليد ) حتى دل عليه فوجده قد اسند الى مؤخرة رحله لانه اثقل بالجراحة فنفل عليه السلام فى جرحه فبرئى وامر عليه السلام بالسبى والغنائم ان تجمع فجمع ذلك كله واخذوه الى الجعرانة بالكسر والعين المهملة موضع بين مكة و الطائف سمى بريطة بنت سعد وكانت تلقب بالجعرانة وهى المرادة فى قوله تعالى { ولا تكونوا كالتى نقضت غزلها } وكان بها الى ان انصرف رسول اللّه من غزموة الطائف ثم لما اتاها قسم تلك الغنائم وكان السبى ستة آلاف رأس والابل اربعة وعشرين الفا والغنم اكثر من اربعين الفا والفضة اربعة آلاف اوقية واحرم من الجعراننة بعمرة بعد ان اقام بها ثلث عشرة ليلة وقال ( اعتمر منها سبعون نبيا ) وقد اعتمر عليه السلام بعد الحجرة اربع عمر اولاها عمرة الحديبية والثانية عمرة القضاء من العام المقبل والثالثة عمرة الجعرانة والرابعة عمرته عليه السلام مع حجة الوداع وباقى البيان فى غزوة حنين وما يتصل بها قد سبق فى اوآئل التوبة عند قوله { لقد نصركم اللّه } الخ. ٢٢ { ولو قاتلكم الذين كفروا } اى اهل مكة ولم يصالحوكم وقيل حلفاء خيبر من بنى اسد وغطفان { لولوا الادبار } اى لانهزموا ولم يكن قتال وبالفارسية هر آينه بر كردانيدندى بشتهارا بكريز يعنى هزيمت كرديدى . فان تولية الادبار كناية عن الانهزام وكذا فى الفارسية كما قال . آن له من باشم كه روز جنك بيننى بشت من . و دبر الشئ خلاف القبل كالظهر والخلف { ثم لا يجدون وليا } يحرسهم { ولا نصيرا } ينصرهم ٢٣ { سنة اللّه التى قد خلت من قبل } اى سن اللّه غلبة انبيائه سنة قديمة فيمن خلا ومضى من الامم وهو قوله { لأغلبن انا ورسلى } فسنة اللّه مصدر مؤكد لفعله المحذوف { ولن تجد لسنة اللّه تبديلا } اى تغييرا بنقل الغلبة من الانبياء الى غيرهم. مجالست جون دوست داردترا ... كه دردست دشمن كذاردترا هرجه در ازل مقررشده لا محاله كائن خواهد شد ودست تصرف هيجكس رقم تغيير وتبديل وصفحات آن نخوا هد كشيد. تغيير بحكم ازلى راه نيابد ... تبديل بفرمان قضا كار ندارد در دائرة امركم وبيش نكنجد ... ياسر قدر جون وجرا كارندارد وفى الآية اشارة الى مقاتلة النفوس المتمردة فاللّه تعالى ناصر السالكين على قتال النفوس وقد قدر النصرة فى الازل فلا تبديل لها الى الابد فالمنصور من نصره اللّه والمقهور من قهره اللّه ونصره اللّه على انواع فمنها نصرة فى الظالم فعن بعضهم كنا فى المدينة نتكلم فى بعض الاوقات فى آيات اللّه تعالى المنعم بها على اوليائه وكان رجل ضرير بالقرب منا يسمع ما نقول فتقدم الينا وقال أنست بكلامكم اعلموا انه كان لى عيال واطفال فخرجت الى البقيع احتطب فرأيت شابا عليه قميص كتان ونعله فى اصبعه فتوهمت انه تائه فقصدت ان اسلبه ثوبه فقلت له انزع ما عليك فقال لى مر فى حفظ فقلت له الثانية والثالثة فقال ولا بد قلت ولا بد فأشار بأصبعيه الى عينى فسقطتا فقلت باللّه عليك من انت فقال انا ابراهيم الخواص وانما دعا ابرأهيم الخواص على اللص بالعمى ودعا ابراهيم بن ادهم للذى ضربه بالجنة لان الخواص شهد من اللص انه لا يتوب الا بعد العقوبة فرأى العقوبة اصلح له وابن ادهم لم يشهد توبة الضارب فى عقوبته فتفضل عليه بالدعاء له فتوة منه وكرما فحصلت البركة والخير بدعائه للضارب فجاءه مستغفرا معتذرا فقال له ابراهيم الرأس الذى يحتاج الى الاعتذار تركته ببلخ يعنى ان نخوة الشرف وكبر الرياسة الواقعة فى رأسى حين كنت ببلخ قد استبدلت بها تواضع المسكنة والانكسار ومنها نصرة فى الباطن فعن احمد بن ابى الحوارى رحمه اللّه قال كنت مع ابى سليمان الدارانى قدس سره فى طريق مكة فسقطت منى السطيحة اى المزادة فاخبرت ابا سليمان بذلك فقال يا راد الضالة فلم البث حتى اتى رجل يقول من سقطت منه سطيحة فاذا هى سطيحتى فأخذتها فقال ابو سليمان حسبت ان يتركنا بلا ماء يا احمد فمشينا قليلا وكان برد شديد وعلينا الفرآء فرأينا رجلا عليه طمران رثان وهو يترشح فقال له ابو سليمان نواسيك ببعض ما علينا فقال الحر والبرد خلقان من خلق اللّه تعالى ان امرهما غشيانى وان امرهما تركانى وانا اسير فى هذه البادية منذ ثلاثين سنة ما ارتعدت ولا انتفضت يلبسنى فيحاً من محبته فى الشتاء ويلبسنى فى الصيف مذاق برد محبته جمعى كه بشت كرم بعشق نيند ، ناز سمور ومنت ينجاب مى كشند ، يا دارانى تشير الى ثوب وتدع الزهد تجد البرد يا دارانى تبكى وتصحيح وتستريح الى الترويح فمضى ابو سليمان وقال لم يعرفنى غيره قيل فى هذه الحكاية ما معناه انه لما حقق اللّه يقين ابى سليمان فى رد السطيحة صانه من العجب بما رأه من حال هذا الرجل حتى صغر فى عينيه حال نفسه وتلك سنة اللّه فى اوليائه يصونهم من ملاحظة الاعمال ويصغر فى اعينهم ما يصفو لهم من الاحوال وينصرهم فى تذكية نفوسهم عن سفساف الاخلاق رضى اللّه عنهم ونفعنا بهم وسلك بنا مسالك طريقتهم انه هو الكريم المحسان ٢٤ { وهو الذى كف ايديهم } اى ايدى كفار مكة { عنكم } اى بان حملهم على الفرار منكم مع كثرة عددهم وكونهم فى بلادهم بصدد الذنب عن اهليهم واولادهم { وايديكم عنهم } بان حملكم على الرجوع عنهم وتركهم { ببطن مكة } اى فى داخلها { من بعد ان اظفركم } اى جعلكم ظافرين غالبين { عليهم } وبالفارسية بس ازانكه ظفر دار شمار او غالب ساخت . مع ان العادة المستمرة فيمن ظفر بعدوه ان لا يتركه بل يستأصله والظفر الفوز واصله من ظفر اى نشب ظفره وذلك ان عكرمة بن ابى جهل خرج فى خمسمائة الى الحديبية فبعث رسول اللّه عليه السلام خالد بن الوليد على جند وسماء يومئذ سيف اللّه فهزمهم حتى ادخلهم حيطان مكة ثم عاد ذكره الطبرانى وابن ابى حاتم فى تفسيريهما قال سعدى المفتى لم يصح هذا والمذكور فى كتب السير وغيرها من الصحاح ان خالد بن الوليد كان يوم الحديبية طليعة للمشركين ارسلوه فى مائتى فارس فدنا فى خيله حتى نظر الى اصحاب رسول اللّه فأمر رسول اللّه عباد بن بشر رضى اللّه عنه فتقدم فى خيله فقام بازآئه وصف اصحابه وحانت العصر فصلى رسول اللّه باصحابه صلاة الخوف فكيف يصح ما ذكره وقد صح ان اسلام خالد بن الوليد اسلم بعد وقعة الحديبية وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما ان اللّه تعالى اظهر المسلمين عليهم بالحجارة حتى ادخلوهم البيوت يعنى ان جماعة من اهل مكة خرجوا يوم الحديبية يرمون المسلمين فرماهم المسلمون بالحجارة حتى ادخلوهم بيوت مكة فلما كان الكف على الوجه المذكور فى غاية البعد قال تعالى { وهو الذى } الخ على طريق الحصر استشهادا به على ما تقدم من قوله { ولو قاتلكم } الخ او هم ثمانون رجلا طلعوا على رسول اللّه من قبل التنعيم عند صلاة الصبح ليأخذوه بغتة ويقتلوا الاصحاب فأخذهم رسول اللّه فخلى سبيلهم فيكون المراد ببطن مكة وادى الحديبية لان بعضها من الحرم وفى المفردات اصل البطن الجارحة ويقال للجهة السفلى بطن وللجهة العليا ظهر وبه بطن الامر وبطن وفخذ وكاهل انتهى يقول الفقير لا شك ان وادى الحديبية واقع فى الجهة السفلى من مكة لانه فى جانب جدة المحروسة فيكون المراد بالبطن تلك الجهة لا داخل مكة والمعنى واللّه تعالى اعلم ان اللّه هو الذى كف ايديهم عنكم وايديكم عنهم من الحديبية التى هى الجهة السفلى من مكة من بعد ان اقدركم عليهم بحيث لو قاتلتموهم غلبتهم عليهم بأذنه تعالى على ما كان فى علمه كما قال { ولو قاتلكم } الخ وسيأتى سر الكف فى الآية التى تلى هذه { وكان اللّه بما تعملون } من مقاتلتكم وهزمكم اياهم اولا طاعة لرسوله وكفكم عنهم ثانيا لتعظيم بيته الحرام وصيانة اهل الاسلام { بصيرا } عالما لا يخفى عليه شئ فيجازيكم بذلك وقال بعض العلماء من بعد ان اظفركم عليهم يوم الفتح وبه استشهد ابو حنيفة رحمه اللّه على ان مكة فتحت عنوة لا صلحا واما ان السورة نزلت قبله فلا يخالف لانه من الاخبار عن الغيب كقوله { انا فتحنا لك } نعم يرد عليه منع دلالته على العنوة فقد يكون الظفر على البلد بالصلح وكذلك قال الزمخشرى فى اول السورة الفتح الظفر بالبلد عنوة او صلحا بحرب او بغير حرب كما فى حواشى سعدى المفتى وقال فى بحر العلوم ويدل على انها فتحت عنوة قوله تعالى { انا فتحنا لك فتحاً مبينا } لان لفظ الفتح اذا ورد مطلقا لا يقع الا على ما فتح عنوة انتهى. يقول الفقير هذا ليس من قبيل الفتح المطلق ولو سلم فالفتح المطلق لا يدل عليه ولذا قارنه تعالى بالنصرة فى سورة النصر فان النصر يقتضى القهارية لا الفتح وقال فى عين المعانى وقد فتحت صلحا عند الشافعى قلنا بل عنوة لقوله عليه السلام لاصحابه ( احصدوهم بالسيف حصدا ) الا انه لم يضع الجزية على اهلها ولا الخراج على اراضيها كما هو مذهبنا فيما يفتح عنوة لان مشركى العرب لا يقبل منهم الا الاسلام او السيف عندنا واما سواد الكوفة ارض العجم انتهى وقصة فتح مكة على الاحمال ان الفتح كان فى شهر رمضان سنة ثمان من الهجرة وكان السبب فى ذلك نقض عهد وقع من جانب قريش وذلك ان شخصا من بنى بكر هجا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وصار يتغنى به فسمعه غلام من خزاعة وكانوا مسلمين فضربه فشبحه فثار الشر بين الحيين وامد قريش لبنى بكر على خزاعة فبيتوا خزاعة اى اتوهم ليلا على غفلة فقتلوا منهم عشرين ولم يكن ذلك برأى ابى سفيان رئيس قريش وعند ما بلغه الخبر قال حدثتنى زوجتى هند انها رأت رؤيا كرهتها رأت دما اقبل من الحجون يسيل حتى وقف بالخندمة بالخاء العجمة جبل بمكة والحجون بالحاء المهملة جبل بمعلاة مكة وقال واللّه ليغزونا محمد فكره القوم ذلك وخرج عمرو بن سالم الخزاعى حتى قدم المدينة وقص على رسول اللّه القصة فقال عليه السلام ( نصرت يا عمرو بن سالم ) ودمعت عينا رسول اللّه وكان يقول ( خزاعة منى وانا منهم ) قالت عائشة رضى اللّه عنها اترى قريشا تجترئ على نقض العهد الذى بينك وبينهم فقال عليه السلام ( ينقضون العهد الامر يريده اللّه ) فقلت خير قال ( خير ) ولما ندمت قريش على نقض العهد ارسلوا ابا سفيان ليشد العقد ويزيد فى المدة فقال عليه السلام ( نحن على مدتنا وصلحنا ) ولم يقبل ذلك من ابى سفيان ولا احد من اصحابه فرجع الى مكة واخبر القصة وقال واللّه قد ابى على وقد تتبعت اصحابه فما رأيت قوما لملك عليهم اطوع منهم له ثم ان رسول اللّه تشاور مع ابى بكر وعمر رضى اللّه عنهما فى السير الى مكة واخفى الامر عن غيرهما فقال ابو بكر هم قومك يا رسول اللّه فأشار الى عدم السير وحضه عمر حيث قال هم رأس الكفرة زعموا انك ساحر وانك كذاب وذكر له كل سوء كانوا يقولونه وايم اللّه لا تذل العرب حتى تذل اهل مكة فعند ذلك ذكر عليه السلام ان أبا بكر كابراهيم وكان فى اللّه ألين من اللبن وان عمر كنوح وكان فى اللّه اشد من الحجر وان الامر أمر عمر واشار عليه السلام بطى السر وامر أصحابه بالجهاز وارسل الى اهل البادية ومن حوله من المسلمين فى كل ناحية يقول لهم ( من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليحضر رمضان بالمدينة ) ولما قدموا قال عليه السلام ( اللهم خذ العيون والاخبار من قريش حتى نبغتها فى بلادها ) ثم مضى لسفره لعشر خلون من رمضان او غير ذلك وكان العسكر عشرة آلاف فيهم المهاجرون والانصار جميعا وافطر عليه السلام فى هذا السفر بالكديد وهو كأمير محل بين عسفان وقديد كزبير مصغرا وامر بالافطار وعد مخالفته فى ذلك عصيانا لحرارة الهوآء ولما فيه من القوة على مقاتلة العدو وفى قديد عقد عليه السلام الألوية والرايات ودفعها للقبائل ثم سار حتى مر بمر الظهران وهو موضع على مرحلة من مكة وقد أعمى اللّه الاخبار عن قريش اجابه لدعائه فلم يعلموا بوصوله وكان ذلك منه عليه السلام شفقة على قريش حتى لا يضنوا بالمقاتلة وامر عليه السلام اصحابه فأوقدوا عشرة آلاف نار وجعل على الحرس عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه وكان العباس عم النبى عليه السلام قد خرج قبل ذلك بعياله مسلما اى مظهرا للاسلام مهاجرا فلقى رسول اللّه بالجحفة وهو بتقديم الجيم ميقات اهل الشأم فرجع معه الى مكة وارسل اهله وثقله الى المدينة وقال له عليه السلام ( هجرتك يا عم آخر هجرة كما ان نبوتى آخر نبوة ) وبعث قريش ابا سفيان يتجسس الاخبار وقالوا ان لقيت محمدا فخذلنا منه امانا فلما وصل الى مر الظهران ليلا قال ما رأيت كالليلة نيرانا قط ولا عسكرا ه كنيران عرفة وكان بينه وبين العباس مصادقة فلما لقيه اخذ بيده وذهب به الى رسول اللّه ليأخذ منه اماناله فلما اتاه قال عليه السلام ( اذهب به يا عباس الى رحلك فاذا اصبحت فائتنى به ) فلما اتى به عرض النبى عليه السلام عليه الاسلام فتوقف فقال العباس له ويحك اسلم واشهد ان لا اله الا اللّه وان محمدا رسول اللّه قبل ان يضرب عنقك فهداه اللّه فشهد شهادة الحق فأسلم ثم قال يا رسول اللّه ارأيت ان اعتزلت قريش فكفت ايديها آمنون هم قال عليه السلام ( نعم من كف يده وأغلق داره فهو آمن ) فقال العباس يا رسول اللّه ان ابا سفيان يحب الفخر فاجعل له شيأ قال ( نعم من دخل دار ابى سفيان فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن ومن اغلق بابه فهو آمن ومن القى سلاحه فهو آمن ومن دخل دار حكيم بن حزام ) وهو من اشراف قريش فى الجاهلية والاسلام ( فهو آمن ) وعقد عليه السلام لابى رويحة الذى آخى بينه وبين بلال رضى اللّه عنه لوآء وامره ان ينادى من دخل تحت لوآء ابى رويحة فهو آمن وذلك توسعة للامان لضيق المسجد ودار ابى سفيان واستثنى عليه السلام جماعة من النساء والرجال امر بقتلهم وان وجدوا متعلقين بأستار الكعبة منهم اين خطل ونجوه لان الكعبة لا تعيذ عاصيا ولا تمنع من إقامة حد واجب وكانوا طغاة مردة مؤذين لرسول اللّه عليه السلام اشد الاذى فعفا عمن آمن وقتل من اصر وقال عليه السلام للعباس ( احبس ابا سفيان فى مضيق الوادى حتى تمر به جنود اللّه فيراها ) فأول من مر خالد بن الوليد فى بنى سليم مصغرا ثم قبيلة بعد قبيلة براياتهم حتى مر رسول اللّه ومعه المهاجرون والانصار وعمر رضى اللّه عنه يقول رويدا حتى يلحق اولكم آخركم قال ابو سفيان سبحان اللّه يا عباس من هؤلاء فقال هذا رسول اللّه فى الانصار عليهم سعد بن عبادة معه الراية ثم نزعت منه واعطيت لابنه قيس وكان من دهاة العرب واهل الرأى والمكيدة فى الحرب مع النجدة والبالة وكان المهاجرون سبعمائة ومعهم ثلاثمائة فرس وكانت الانصار اربعة آلاف ومعهم خمسمائة فرس فقال ابو سفيان ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة وقال يا عباس لقد اصبح ملك ابن اخيك اليوم عظيما فقال العباس انها النبوة وامر عليه السلام خالد بن الوليد ان يدخل مع جملة من قبائل العرب من اسفل مكة وقال ( لا تقاتلوا الا من قاتلكم ) وجمع قريش ناسا بالحندمة ليقاتلوا ولما لقيهم خالد منعوه الدخول ورموه بالنبل فصاح خالد فى اصحابه فقتل من قتل وانهزم من لم يقتل حتى وصل خالد الى باب المسجد وقال عليه السلام فى ذلك اليوم ( احصدوهم حصدا حتى توافونى بالصفا ) ودخل عليه السلام مكة وهو راكب على ناقته القصوآء مردفا اسامة بن زيد بكرة يوم الجمعة وعن بعضهم يوم الاثنين معتما بعمامة سودآء وقيل غير ذلك والاول انسب بمقام المعرفة والفناء واضعا رأسه الشريف على رحله تواضعا اللّه تعالى حين رأى ما رأى من فتح اللّه مكة وكثرة المسلمين ثم قال ( اللهم ان العيش عيش الآخرة ) وعن عائشة رضى اللّه عنها دخل رسول اللّه يوم الفتح من كدآء وهو كسماء جبل بأعلى مكة واغتسل لدخول مكة وساروهو يقرأ سورة الفتح حتى جاء البيت وطاف به سبعا على راحلته ومحمد بن مسلمة آخذ بزمامها واستلم الحجر بمحجن فى يده وهو العصا المعوجة ولم يطف ماشيا لتعليم الناس كيفية الطواف وصلى عليه السلام بالمقام ركعتين وهو يومئذ لاصق بالكعبة فى جانب الباب ثم اخره الى المحل المعروف الآن بمقام ابراهيم والظاهر ان مقام ابراهيم وهو الحجر الذى انغمس فيه قدم ابراهيم عليه السلام عندما بنى البيت قد محى اثره بكثرة مسح الايدى ثم فقد ومقام ابراهيم الآن مخل ذلك الحجر واما الحجر الموضوع هناك فموضوع وكان فى داخل الكعبة وخارجها وفوقها يومئذ ثلاثمائة وستون صنما لكل حى من احياء العرب صنم وكان هبل اعظم الاصنام وكان من عقيق الى جنب البيت من جهة بابه وهو الآن مطروح تحت باب السلام القديم يطأه الناس الى يوم القيامة لقول ابى سفيان يوم احد مفتخرا بذلك اعل هبل اعل هبل وذلك لان من اعزه الناس اذله اللّه فجاء عليه السلام ومعه قضيب فجعل يهوى به الى كل صنم منهم فيخر لوجهه وكان يقول ( جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا ) وامر عليا رضى اللّه عنه فصعد الكعبة وكسر ما فوقها ودخل عليه السلام الكعبة بعد ان ارسل بلالا الى عثمان بن ابى طلحة يأتى بمفتاح الكعبة فدخلها عليه السلام وصلى ركعتين ودعا فى نواحيها كلها وكان فى الكعبة صور كثيرة حتى صورة ابراهيم واسمعيل ومريم وصور الملائكة فأمر عليه السلام عمر رضى اللّه عنه فمحاها كلها وكانت الكعبة بيت الاصنام الف سنة ثم صارت مسجد اهل الاسلام الف سنة اخرى وكانت تشكو الى اللّه تعالى مما فعله الناس من الشرك حتى انجز اللّه وعده لها وفيه اشارة الى كعبة القلب فانها كانت بيت الاصنام قبل الفتح والامداد الملكوتى واعظم الاصنام الوجود ( قال الشيخ المغربى ) بودوجود مغربى لات ومنات اوبود ... نسبت بتى جوبود اودرهمه سومنات تو ( وقال الحجندى ) بشكن بت غروركه دردرن عاشقان ... يك بت كه كنندبه ازصد عبادتست ( وقال ) مدعى نيست محرم دريار ... خادم كعبه بولهب نبود وجلس رسول اللّه يوم الفتح على الصفا يبايع الناس فجاء الكبار والصغار والرجال والنساء فبايعهم على الاسلام اى على شهادة ان لا اله الا اللّه وان محمداً عبده ورسوله وعلى سائر الاحكام ودخل الناس فى دين اللّه افواجا وعفا عليه السلام عمن كان مؤذياله منذ عشرين سنة ودعا له بالمغفرة وقال عليه السلام ( يا ايها الناس ان اللّه حرم مكة يوم خلق السموات والارض ويوم خلق الشمس والقمر ووضع هذين الجبلين فهى حرام الى يوم القيامة فلا يحل لامرئ يؤمن باللّه واليوم الآخر ان يسفك فيها دما ولا يعضد فيها شجرة لم تحل لاحد قبلى ولن تحل لاحد يكون بعدى ولا تحل لى الا هذه الساعة ) اى من صبيحة يوم الفتح الى العصر غضبا على اهلها ( ألا قد رجعت حرمتها اليوم كحرمتها بالامس فليبلغ الشاهد منكم الغائب واقام بمكة بعد فتحها تسعة عشر او ثمانية عشر يوما يقصر الصلاة فى مدة اقامة ) ثم خرج الا هوازن وثقيف كما مر وولى امر مكة عتاب بن اسيد رضى اللّه عنه وعمره احدى وعشرون سنة وامره ان يصلى بالناس وهو اول امير صلى بمكة بعد الفتح جماعة وترك معاذ بن جبل رضى اللّه عنه معه معلما للناس السنن والفقه وبه ثبت الاستخلاف وعليه العمل الى يومنا هذا فان النبى انما يبعث لرفع الجهل وقس عليه اولى جعلنا اللّه واياكم من الورائين ٢٥ { هم } اى قريش { الذين كفرو وصدوكم عن المسجد الحرام } اى منعوكم عن ان تطوفوا به { والهدى } اى وصدوا الهدى وهو بالنصب عطف على الضمير المنصوب فى صدوكم والهدى بسكون الدال جمع هدية كتمر وتمرة وجدى وجدية وهو مختص بما يهدى الى البيت تقربا الى اللّه تعالى من النعم ايسره شاة واوسطه بقرة واعلاه بدنة يقال اهديت له واهديت اليه ويجوز تشديد الياء فيكون جمع { معكوفا } حال من الهدى اى محبوسا يقال عكفته عن كذا اذا حبسته ومنه العاكف فى المسجد لانه حبس نفسه { ان يبلغ محله } بدل اشتمال من الهدى او منصوب بنزع الخافض اى محبوسا من ان يبلغ مكانه الذى يحل فيه نحره اى يجب فالمحل اسم للمكان الذى ينحر فيه الهدى فهو من الحلول لا من الحل الذى هو ضد الحرمة قال فى المفردات حل الدين حلولا وجب ادآؤه وحللت نزلت من حل الاحمال عندالنزول ثم جرد استعماله للنزول والمحلة مكان النزول انتهى وبه استدل ابو حنيفة على ان المحصر محل هديه الحرم فان بعض الحديبية كان من الحرم قال فى بحر العلوم الحديبية طرف الحرم على تسعة اميال من مكة وروى ان خيامه عليه السلام كانت فى الحل ومصلاه فى الحرم وهناك نحرت هداياه عليه السلام وهى سبعون بدنة والمراد صدها عن محلها المعهود الذى هو منى للحاج وعند الصفا للمعتمر وعند الشافعى لا يختص دم الاحصار بالحرم فيجوز أن يذبح فى الموضع الذى احصر فيه . بين تعالى استحقاق كفار مكة للعقوبة بثلاثة اشياء كفرهم فى انفسهم وصد المؤمنين عن اتمام عمرتهم وصد هديهم عن بلوغ المحل فهم مع هذه الافعال القبيحة كانوا يستحقون أن يقاتلوا او يقتلوا الا انه تعالى كف ايدى كل فريق عن صاحبه محافظة على ما فى مكة من المؤمنين المستضعفين ليخرجوا منها او يدخلوها على وجه لا يكون فيه ايذآء من فيها من المؤمنين والمؤمنات كما قال تعالى { ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم } لم تعرفوهم بأعيانهم الاختلاطهم وهو صفة الرجال ونساء جميعا وكانوا بمكة وهم أثنان وسبعون نفسا يكتمون ايمانهم { أن تطأوهم } بدل اشتمال منهم او من الضمير المنصوب فى تعلموهم اى توقعوا بهم وتهلكوهم فان الوطأ عبارة عن الايقاع والاهلاك والابادة على طريق ذكر الملزوم وارادة اللازم لان الوطأ تحت الاقدام مستلزم للاهلاك ومنه قوله عليه السلام ( اللهم اشدد وطأتك على مضر ) اى خذهم اخذا شديدا او فى المفردات اى ذللهم ووطئ امرأته كناية عن المجامعة صار كالتصريح للعرف { فتصيبكم منهم } اى من جهتهم معطوف على قوله { ان تطأوهم } { معرة } مفعلة من عره اذا عراه ودهاه بما يكرهه ويشق عليه وفى المفردات العر الجرب الذى يعر البدن اى يعترضه ومنه قيل للمضرة معرة تشبيها بالعر الذى هو الجرب والمعنى مشقة ومكروه كوجوب الدية او الكفارة بقتلهم والتأسف عليهم وتعيير الكفار وسوء حالتهم والاثم بالتقصير فى البحث عنهم قال سعدى المفتى قلت فى المذهب الحنفى لا يلزم بقتل مثله شئ من الدية والكفارة وما ذكره الزمخشرى لا يوافق مذهبه انتهى وقال بعضهم اوجب اللّه على قاتل المؤمن فى دار الحرب اذا لم يعلم ايمانه الكفارة فقال تعالى { فان كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة } { بغير علم } متعلق بأن تطأوهم اى غير عالمين بهم فيصيبكم بذلك مكروه لما كف ايديكم عنهم وفى هذا الحذف دليل على شدة غضب اللّه تعالى على كفار مكة كأنه قيل لولا حق المؤمنين موجود لفعل بهم ما لا يدخل تحت الوصف والقياس بناء على ان الحذف للتعميم والمبالغة { ليدخل اللّه فى رحمته } متعلق بما يدل عليه الجواب المحذوف كأنه قيل عقيبه لكن كفها عنهم ليدخل بذلك الكف المؤدى الى الفتح بلا محذور فى رحمته الواسعة بقسميها { من يشاء } وهم المؤمنون فانهم كانوا خارجين من الرحمة الدنيوية التى من جملتها الأمن مستضعفين تحت ايدى الكفرة واما الرحمة الاخروية فهم وان كانوا غير محرومين منها بالكلية لكنهم كانوا قاصرين فى اقامة مراسم العبادة كما ينبغى فتوفيقهم لاقامتها على الوجه الاتم ادخال لهم فى الرحمة الاخروية { لو تزيلوا } الضمير للفريقين اى لو تفرقوا وتميز بعضهم من بعض من زاله يزيله فرقه وزيلته فتزيل اى فرقته فتفرق { لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا اليما } بقتل مقاتليهم وسبى ذراريهم والجملة مستأنفة مقررة لما قبلها وفى الآية اشارتان احداهما ان من خاصية النفس أن تصد وجه الطالب عن اللّه تعالى وتشوب الخيرات والصدقات التى يتقرب بها الى اللّه بالرياء والسمعة والعجب لئلا تبلغ محل الصدق والاخلاص والقبول والثانية ان استبقاء النفوس لاستخلاص الارواح وقواها مع ان بعض صفات النفس قابلة للفيض الالهى فيلزم الحذر من افساد استعدادها لقبول الفيض وعند التزكية فصفة لا يصلح الا قلعها كالكبر والشره والحسد والحقد وصفة تصلح للتبديل كالبخل بالسخاوة والحرص بالقناعة والغضب بالحلم والجبانة بالشجاعة والشهوة بالمحبة قال البقلى انظر كيف سفقة اللّه على المؤمنين الذين يراقبون اللّه فى السرآء والضرآء ويرضون ببلائه كيف حرسهم من الخطرات وكيف اخفاهم بسره عن صدمات قهره وكيف جعلهم فى كنفه حتى لا يطلع عليه احد وكيف يدفع ببركتهم البلاء عن غيرهم فعلى المؤمن مراعاتهم فى جميع الزمان والتوسل بهم الى اللّه المنان فانهم وسائل اللّه الخفية بخود سرفرو برده همجون صدف ... نه ما نند در يا بر آورده كف ٢٦ { اذ جعل الذين كفروا } منصوب باذكر على المفعولية اى اذكر وقت جعل الكافرين يعنى اهل مكة { فى قلوبهم الحمية } اى الانفة والتكبر فعيلة من حمى من كذا حمية اذا انف منه وفى المفردات عبر عن القوة الغضبية اذا ثارت وكثرت بالحمسة يقال حميت على فلان اى غضبت عليه انتهى وذلك لان فى الغضب ثوران دم القلب وحرارته وغليانه والجار والمجرور اما متعلق بالجعل على انه بمعنى الالقاء او بمحذوف وهو مفعول ثان على انه بمعنى التصيير اى جعلوها ثابتة راسخة فى قلوبهم { حمية الجاهلية } بدل من الحمية اى حمية الملة الجاهلية وهى ما كانت قبل البعثة او الحمية الناشئة من الجاهلية التى تمنع اذعان الحق قال الزهرى حميتهم انفتهم من الاقرار للنبى بالرسالة والاستفتاح ببسم اللّه الرحمن الرحيم او منعهم من دخول مكة وقال مقاتل قال اهل مكة قد قتلو ابناءنا واخواننا ثم يدخلون علينا فتتحدث العرب انهم دخلوا علينا على رغم انفنا واللات والعزى لا يدخلون علينا فهذه حمية الجاهلية التى دخلت فى قلوبهم { فأنزل اللّه سكينته على رسوله وعلى المؤمنين } عطف على جعل والمراد تذكير حسن صنيع الرسول والمؤمنين بتوفيق اللّه تعالى وسوء صنيع الكفرة اى فأنزل اللّه عليهم الثبات والوقار فلم يلحق بهم ما لحق الكفار فصالحوهم ورضوا أن يكتب الكتاب على ما ارادوا يروى انه لما ابى سهيل ومن معه أن يكتب فى عنوان كتاب الصلح البسملة وهذا ما صالح عليه رسول اهل مكة بل قالوا اكتب باسمك اللهم وهذا ما صالح عليه محمد بن عبد اللّه اهل مكة قال عليه السلام لعلى رضى اللّه عنه اكتب ما يريدون فهم المؤمنون أن يأبوا ذلك ويبطشوا بهم فأنزل اللّه السكينة عليهم فتوقروا وحلموا مع ان اصل الصلح لم يكن عندهم بمحل من القبول فى اول الامر على ما سبق فى اول السورة مفصلا { وألزمهم كلمة التقوى } اى كلمة الشهادة حتى قالوها وهذا الزام الكرم واللطف لا الزام الاكراه والعنف واضيفت الى التقوى لانها سببها اذ بها يتوقى من الشرك ومن النار فان اصل التقوى الاتقاء عنها وقد وصف اللّه هذه الأمة بالمتقين فى مواضع من القرآن العظيم باعبار هذه الكلمة وبسم اللّه الرحمن الرحيم ومحمد رسول اللّه من شعار هذه الامة وخواصها اختارها لهم وصار المشركون محرومين منها حيث لم يرضوا بان يكتب فى كتاب الصلح ذلك وعن الحسن كلمة التقوى هى الوفاء بالعهد فان المؤمنين وفواحيث نقضوا العهد وعاونوا من حارب حليف المؤمنين والمعنى على هذا وألزمهم كلمة اهل التقوى وهى العهد الواقع فى ضمن الصلح ومعنى الزامها اياهم تثبيتهم عليها وعلى الوفاء بها قال اهل العربية الكلمة قد تستعمل فى اللفظة الواحدة ويراد بها الكلام الكثير الذى ارتبط بعضه ببعض فصار ككلمة واحدة كتسميتهم القصيدة بأسرها كلمة ومنه يقال كلمة الشهادة قال الرضى وقد تطلق الكلمة مجازا على القصيدة والجملة يقال كلمة شاعر وقال تعالى { وتمت كلمة ربك } والكلمة عند اهل العربية مشتقة من الكلم بمعنى الجرح وذلك لتأثيرها فى النفوس وعند المحققين عبارة عن الارواح والذوات المجردة عن المواد والزمان والمكان لكون وجودها بكلمة كن فى عالم الامر اطلاقا لاسم السبب عن المسبب والدليل على ذلك قوله تعالى { انما المسيح عيسى بن مريم رسول اللّه وكلمته القاها الى مريم } والمراد بكلمة التقوى ههنا حقيقة التقوى وماهيتها فان الحقيقة من حيث هى مجردة عن اللوا حق المادية و التشخصات فاللّه تعالى الزم المؤمنين حقيقة التقوى لينالوا بها قوة اليقين والتجرد التام وصفاء الفطرة الاصلية { وكانوا أحق بها } متصفين بمزيد استحقاق لها فى سابق حكمه وقدم علمه على ان صيغة التفضيل للزيادة مطلقا وقيل احق بها من الكفار { واهلها } عطف تفسير اى المستأهل لها عند اللّه والمختص بها من اهل الرجل وهو الذى يختص به وينسب اليه قيل ان الذين كانوا قبلنا لا يمكن لاحد منهم ان يقول لا اله الا اللّه فى اليوم والليلة الا مرة واحدة لا يستطيع ان يقولها اكثر من ذلك وكان قائلها يمد بها صوته حتى ينقطع النفس التماس بركتها وفضلها وجعل اللّه لهذه الامة أن يقولوها متى شاؤا وهو قوله { وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها } من الامم السالفة وقال مجاهد ثلاث لا يحجبن عن الرب لا اله الا اللّه من قلب مؤمن ودعوة الوالدين ودعوة المظلوم كما فى كشف الاسرار ( وفى المثنوى ) بحرو حدانست جفت وزوج نيسبت ... كوهر وما هيس غير موج يست اى محال واى محلل اشراك او ... دورازان دريا وموج باك او { وكان اللّه بكل شئ عليما } بليغ العلم بكل شئ من شأنه أن يتعلق به العلم فيعلم حق كل شئ فيسوقه الى مستحقه ومن معلوماته انهم احق بها اى من جميع الامم لان النبى عليه السلام كان خلاصة الموجودات واصلها وهو الحبيب الذى خلقت الموجودات بتبعيته والكلمة هى صورة الجذبة التى توصل الحبيب بالحبيب والمحب بالمحبوب فهى بالنبوة احق لانه هو الحبيب لتوصله الى حبيبه وامته احق بها من الامم لانهم المحبون لتوصل المحب بالمحبوب وهم اهلها لان اهيل هذه الكلمة من يفنى بذاته وصفاته ويبقى باثباتها معها بلا انانيته وما بلغ هذا المبلغ بالكمال الا النبى صلّى اللّه عليه وسلّم فيقول ( اما انا فلا اقول انا وامته لقوله تعالى { كنتم خير امة اخرجت للناس } { وكان اللّه بكل شئ عليما } ) فى الازل فبنى وجود كل انسان على ما هوا هله فمنهم اهل الدنيا ومنهم اهل الآخرة ومنهم اهل اللّه وخاصته كذا فى التأويلات النجمية قال ابو عثمان كلمة التقوى كلمة المتقين وهى شهادة ان لا اله الا اللّه الزمها اللّه السعدآء من اولياء المؤمنين وكانوا احق بها واهلها فى علم اللّه اذ خلقهم لها وخلق الجنة لاهلها وقال الواسطى كلمة التقوى صيانة النفس عن المطامع ظاهرا وباطنا وقال الجنيد من ادركته عناية السبق فى الازل جرى عليه عيون المواصلة وهو احق بها لما سبق اليه من كرامة الازل وقال بعض العارفين اعلم ان اللّه تعالى اسند الفعل فى جانب الكفار اليهم فقال { اذ جعل الذين كفروا } وفى جانت المؤمنين اسنده الى نفسه فقال { فأنزل اللّه سكينته } اشارة الى ان اللّه مولى الذين آمنوا وان الكافرين لا مولا لهم فليس لهم من يدبر امرهم واما المؤمنون فاللّه تعالى وليهم ومدبر امرهم وايضا فالحمية الجاهلية ليست الا من النفس لان النفس مقر الاخلاق الذميمة واما السكينة والوقار والثبات والطمأنينة فمن اللّه ثم ان اللّه تعالى قال فأنزل اللّه بالفاء لا بالواو اشارة الى ان انزل السكينة بمقابلة جعل الحمية كما تقول اكرمنى فأكرمته اشارة الى ان اكرامك بمقابلتا اكرامه ومجازاته وفى ذلك تنبيه على ان قوما اذا طغوا وظلموا فاللّه تعالى يحسن الى المظلومين وينصرهم فيعطيهم السكينة والوقار وكمال اليقين وذلك عين النعيم فى مقابلة انزعاج الظالمين وحقدهم واضطرابهم وذلك هو العذاب الاليم فهم اختاروا ذلك العذاب لأنفسهم فاللّه تعالى اختار للمؤمنين النعيم الدآئم والمراد بكلمة التقوى كل كلمة تقى النفس عما يضرها من الاذكار كالتوحيد والاسماء الالهية ولذلك ورد فى الحديث ( من احصاها دخل الجنة وافضلها لا اله الا اللّه ) كما قال عليه السلام ( افضل ما قلته انا والنبيون من قبلى شهادة ان لا اله الا اللّه ) ثم ان قوله تعالى { وكانوا احق بها واهلها } اشارة الى ان الاسماء الالهية ينبغى ان لا تعلم ولا تلقن الا اهلها ممن استعد لها واستحقها بالامانة والديانة والصلاح روى ان الحجاج احضر انسا رضى اللّه عنه فقال انت الذى تسبنى قال نعم لانك ظالم وقد خالفت سنة رسول اللّه عليه السلام فقال كيف لو قتلتك اسوء قتلة قال لو علمت ان ذلك بيدك لعبدتك ولكنك لا تقدر فان رسول اللّه علمنى دعاء من قرأه كان فى حفظ اللّه وقد قرأته فقال الحجاج الا تعلمنى اياه فقال لا اعلمك ولا اعلمه احدا فى حياتك حتى لا يصل اليك ثم خرج فقالوا لم لم تقتله فقال رأيت وراءه اسدين عظيمين فخفت منهما وروى ان عالما طلب من بعض المشايخ ان يعلمه الاسم الاعظم فأعطاه شيأ مغطى وقال اوصله الى مريدى فلان فأخذه ثم انه فتحه فى الطريق لينظر ما فيه فخرج منه فأرة فرجع بكمال الغيظ فلما رآه الشيخ تبسم وقال يا خائن الآن لم تكن ايمنا لفأرة فكيف تكون امينا للاسم الاعظم فالكبار يحفظون الاسماء والادعية من غير اهلها لئلا يجعلوها ذريعة الى الاغراض الفاسدة النفسانية ( قال سعدى ) كسى رابا خواجهُ تست جنك ... بدستش جرامى دهى جوب وسنك سنك آخر كه باشد كه خواش نهند ... بفرماى تا استخوانش نهند ( وفى المثنوى ) جند دزدى حرف مردان خدا ... تافروشى وستانى مرحبا جون رخت رانيست در خوبى اميد ... خواه كلكونه نه وخواهى مديد ٢٧ { لقد صدق اللّه رسوله الرؤيا } صدق يتعدى الى مفعولين الى الاول بنفسه والى الثانى بحرف الجر يقال صدقك فى كذا اى ما كذبك فيه وقد يحذف الجار ويوصل الفعل كما فى هذه الآية اى صدقه عليه السلام فى رؤياه وتحقيقه اراء الرؤيا الصادقة وهى ما سبق فى اول السورة من انه عليه السلام رأى قبل خروجه الى الحديبية كأنه واصحابه قد دخلوا مكة آمنين وقد خلقوا رؤسهم وقصروا فقص الرؤيا على اصحابه ففرحوا واستبشروا وحسبوا انهم داخلوها فى عامهم هذا فلما تأخر ذلك قال بعض المنافقين واللّه ما حلقنا ولا قصرنا ولا رأينا المسجد الحرام فنزلت وهو دليل قاطع على ان الرؤيا حق وليس بباطل كما زعم جمهور المتكلمين والمعتزلة فتبالهم كما فى بحر العلوم قالوا ان خلت الرؤيا عن حديث النفس وكان هيئة الدماغ صحيحة والمزاج مشتقيما كانت رؤيا من اله مثل رؤيا الانبياء والاولياء والصلحاء وفى الحديث ( الرؤيا الصالحة جزء من ستة واربعين جزأ من النبوة ) { بالحق } اى صدقا ملتبسا بالغرض الصحيح والحكمة البالغة التى هى التمييز بين الراسخ فى الايمان والمتزلزل فيه او حال كون تلك الرؤيا ملتبسة بالحق ليست من قبيل اضغاث الاحلام لان ما رآه كائن لا محالة فى وقته المقدر له وهو العام القابل وقد جوز ان يكون قسماً بالحق الذى هو من اسماء اللّه او بنقيض الباطل وقوله { لتدخلن المسجد الحرام } جواب وهو على الاولين جواب قسم محذوف اى واللّه لتدخلنه فى العام الثانى { ان شاء اللّه } تعليق للعدة بالمشيئة لتعليم العباد لكى يقولوا فى عداتهم مثل ذلك لا لكونه تعالى شاكا فى وقوع الموعود فانه منزه عن ذلك وهذا معنى ما قال ثعلب استثنى اللّه فيما يعلم ليستثنى الخلق فيما لا يعلمون وفيه ايضا تعريض بأن دخولهم مبنى على مشيئته تعالى ذلك لا على جلادتهم وقوتهم كما قال فى الكواشى استثنى اعلاما انه لا فعال الا اللّه انتهى او للاشعار بأن بعضهم لا يدخلونه لموت او غيبة او غير ذلك فكلمة ان للتشكيك لا للشك وقال الحدادى الاستثناء قد يذكر للتحقيق تبركا كقولهم قد غفر اللّه لك ان شاء اللّه ولا تعلق لمن يصحح الايمان بالاستثناء لانه خبر عن الحال فالاستثناء فيه محال كما فى عين المعانى وروى ان النبى عليه السلام كان اذا دخل المقابر فيقول ( السلام عليكم اهل القبور وانا انشاء اللّه بكم لا حقوق ) فيستثنى على وجه التبرك وان كان اللحوق مقطوعا به وقيل معناه لا حقون بكم فى الوفاة على الايمان فان شرطية ويمكن ان يقال تعليق اللحوق بالمشيئة بناء على ان اللحوق بخصوص المخاطبين ويتحصل من هذا ان الاستثناء من الامن لا من الدخول لان الدخول مقطوع. لا إلا من حال الدخول وقال بعضهم ان هنا بمعنى اذ كما فى قوله { ان اردن تحصنا } وقال ابن عطية وهذا احسن فى معناه لكن كون ان بمعنى اذ غير موجود فى لسان العرب وفيه وجه خر وهو انه حكاية لما قاله ملك الرؤيا لرسول اللّه فقوله لتدخلن الآية تفسير للرؤيا كأنه قيل هو قول الملك له عليه السلام فى منامه لتدخلن واذا كان التعليق من كلام الملك لتبرك فلا اشكال او حكاية لما قاله عليه السلام لاصحابه كانه قبل قال النبى بناء على تلك الرؤيا التى هى وحى لتدخلن الخ بنى لما قص رؤياه على اصحابه استأنف بأن قال لتدخلن الخ { آمنين } من الاعادى حال من فاعل لتدخلن والشرط معترض وكذا قوله { محلقين رؤوسكم } أ جميع شعورها والتحليق والتحلاق بسيار ستردن سركما فى تاج المصادر والحلق العضو المخصوص وحلقه قطع حلقه ثم جعل الحلق لقطع الشعر وجز فقيل خلق شعره وحلق رأسه اى ازال شعره { ومقصرين } بعض شعورها والقصر خلاف القول وقص شعره حز بعضه اى محلقا بعضكم ومقصرا آخرون والا فلا يجتمع الحلق والتقصير فى كل واحد منهم فالنظم من نسبة حال البعض الى الكل يعنى ان الواو ليست لاجتماع الامرين فى كل واحد منهم بل لاجتماعهما فى مجموع القوم ثم ان قوله محلقين ومقصرين من الاحوال المقدرة فلا يردان حال الدخول هو حال الاحرام وهو لا يجامع الحلق والتقصير وقدم الحلق على التقصير وهو قطع اطراف الشعر لأن الحلق افضل من التقصير وقد حلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رأسه بمنى واعطى شعر شق رأسه ابا طلحة الانصارى وهو زوج ام سليم وهى والدة انس بن مالك فكان آل انس يتهادون به بينهم وروى انه عليه السلام حلق رأسه اربع مرات والعادة فى هذا الزمان فى اكثر البلاد حلق الرأس للرجل عملا بقوله عليه السلام ( تحت كل شعرة نجاسة فخللوا الشعر واتقوا البشرة ) وانما قلنا للرج لأن خلق شعر المرأة مثلة وهى حرام كما ان حلق لحية الرجل كذلك { لا تخافون } حال مؤكدة من فاعل لتدخلن او استئناف جوابا عن سؤال انه كيف يكون الحال بعد الدخول اى لا تخافون بعد ذلك من احد { قعلم ما لم تعلموا } طف على صدق والفاء للترتيب الذكرى فالتعرض لحكم الشئ انما يكون بعد جرى ذكره والمراد بعلمه تعانى العلم الفعلى المتعلق بامر حادث بعد المعطوف عليه اى فعلم عقيب ما اراه الرؤيا الصادقة ما لم تعلموا من الحكمة الداعية الى تقديم ما يشهد بالصدق علما فعليا { فجعل } لاجله { من دون ذلك } اى من دون تحقق مصداق ما اراه من دخول المسجد الحرام الخ وبالفارسية بس ساخت براى شما يعنى مقرر كرد بيش ازين يعنى قبل از دخول در مسجد حرام بجهت عمرهُ قضا { فتحاً قريبا } هو فتح خيبر مضى عليه السلام بعد خمس عشرة ليلة كما فى عين المعانى والمراد بجعله وعده وانجازه من غير تسويف ليستدل به على صدق الرؤيا حسبما قال { ولتكون آية للمؤمنين } واما جعل ما فى قوله { ما لم تعلموا } عبارة عن الحكمة فى تأخير فتح مكة الى العام القابل كما جنح اليه الجمهور فتأباه الفاء فان اعلمه تعالى بذلك متقدم على ارآة الرؤيا قطعا كما فى الارشاد وفى الآية اشارة الى ان اللّه تعالى امتحن المؤمن والمنافق بهذه الرؤيا اذ لم يتعين وقت دخولهم فيه فأخر الدخول تلك السنة فهلك المنافقون بتكذيب النبى عليه السلام فيما وعدهم بدخول المسجد الحرام وازداد كفرهم ونفاقهم وازداد ايمان المؤمنين بتصديق النبى عليه السلام مع ايمانهم وانتظروا صدق رؤياه فصدق اللّه رسوله الرؤيا بالحق فهلك من هلك عن بينة وحى من حى عن بنسة ولذلك قال تعالى فعلم ما لم تعلموا يعنى من تربية نفاق اهل النفاق وتقوية ايمان اهل الايمان فجعل من دون ذلك فتحاً قريبا من فتوح الظاهر والباطن فلا بد من الصبر فان الامور مرهونة باوقاتها صد هزاران كيميا حق آفريد ... كيميايى همجو صبر آدم نديد نيست هر مطلوب ازطالب دريغ ... جفت تابش شمس وجفت آب ميغ وقد صبر عليه السلام على اذى قومه وهكذا حال كل وارث قال معروف الكرخى قدس سره رأيت فى المنام كأنى دخلت الجنة ورأيت قصرا فرشت مجالسه وارخيت ستوره وقام ولدانه فقلت لمن هذا فقيل لابى يوسف فقلت لم استحق هذا فقالوا بتعليمه الناس العلم وصبره على اذاهم ثم ان الصدق صفة اللّه تعالى وصفة خواص عباده وانه من اسباب الهداية ( حكى ) عن ابراهيم الخواص قدس سره انه كان اذا اراد سفرا لم يعلم احدا ولم يذكره وانما يأخذ ركونه ويمشى قال حامدا لاسود فبينا نحن معه فى مسجد تناول ركوته ومشى فاتبعته فلما وافينا القادسية قال لى يا حامد الى اين قلت يا سيدى خرجت لخروجك قال انا اريد مكة ان شاء اللّه قلت وانا اريد ان شاء اللّه مكة فلما كان بعد ايام اذا بشاب قد انضم الينا فمشى معنا يوما وليلة لا يسجد لله سجدة فعرفت ابراهيم وقلت ان هذا الغلام لا يصلى فجلس وقال يا غلام مالك لا تصلى والصلاة اوجب عليك من الحج فقال يا شيخ ما على صلاة قلت ألست بمسلم قل لا قلت فاى شئ انت قال نصرانى ولكن اشارتى فى النصرانية الى التوكل وادعت نفسى لها قد احكمت حال التوكل فلم اصدقها فيما ادعت حتى اخرجتها الى هذه الفلاة التى ليس فيها موجود غير المعبود اثير ساكنى وامتحن خاطرى فقام ابراهيم ومشى وقال دعه معك فلم يزل يسايرنا حتى وافينا بطن مرو فقام ابراهيم ونزع خلقانه فطهرها بالماء ثم جلس وقال له ما اسمك قال عبد المسيح فقال يا عبد المسيح هذا دهليز مكة يعنى الحرم وقد حرم اللّه على امثالك الدخول فيه قال تعالى { انما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا } والذى اردت ان تستكشفة من نفسك قد بان لك فاحذر ان تدخل مكة فان رأيناك بمكة انكرنا عليك قال حامد فتركناه ودخلنا مكة وخرجنا الى الموقف فبينما نحن جلوس بعرفان اذ به فد اقبل عليه ثوبان وهو محرم يتصفح الوجوه حتى وقف علينا فأكب على ابراهيم يقبل رأسه فقال له ما ورآءك يا عبد المسيح فقال له هيهات انا اليوم عبد من المسيح عبده فقال له ابراهيم حدثنى حديثك قال جلست مكانى حتى اقبلت قافلة الحاج وتنكرت فى زى المسلمين كأنى محرم فساعة وقعت عينى على الكعبة اضمحل عندى كل دين سوى دين الاسلام فأسلمت واغتسلت واحرمت وها انا اطلبك يومى فالتفت الى ابراهيم وقال يا حامد انظر الى بركة الصدق فى النصرانية كيف هداه الى الاسلام ثم صحبنا حتى مات بين الفقرآء ومن اللّه الهداية والتوفيق ٢٨ { هو } اى اللّه تعالى وحده { الذى ارسل رسوله } يعنى ان اللّه تعالى بجلال ذاته وعلو شأنه اختص بارسال رسوله الذى لا رسول احق منه باضافته اليه { بالهدى } اى كونه ملتبسا بالتوحيد وهو شهادة ان لا اله الا اللّه فيكون الجار متعلقا بمحذوف او بسببه ولاجله فيكون متعلقا بأرسل { ودين الحق } اى وبدين الاسلام وهو من قبيل اضافة الموصوف الى صفته مثل عذاب الحريق والاصل الدين الحق والعذاب المحرق ومعنى الحق الثابت الذى هو ناسخ الاديان ومبطلها { ليظهره على الدين كله } اللام فى الدين للجنس اى ليعلى الدين الحق ويغلبه على جنس بجميع افراده التى هى الاديان المختلفة بنسخ ما كان حقا من بعض الاحكام المتبدلة بتبدل الاعصار واظهار بطلان ما كان باطلا او بتسليط المسلمين على اهل سائر الاديان ولقد انجز اللّه وعده حيث جعله بحيث لم يبق دين من الاديان الا وهو مغلوب مقهور بدين الاسلام ولا يبقى الا مسلم او ذمة للمسلمين وكم ترى من فتوح اكثر البلاد وقهر الملوك الشداد ما تعرف به قدرة اللّه تعالى وفى الآية فضل تأكيد لما وعد من الفتح وتوطين لنفوس المؤمنين على انه سيفتح لهم من البلاد ويعطيهم من الغلبة على الاقاليم ما يستقلون اليه فتح مكة وقد انجز كما اشير اليه آنفا . واعلم ان قوله ليظهره اثبات السبب الموجب للارسال فهذه اللام لام الحكمة والسبب شرعا ولام العلة عقلا لان افعال اللّه تعالى ليست بمعللة بالاغراض عند الاشاعرة لكنها مستتبعة لغايات جليلة فنزل ترتب الغاية على ما هى ثمرة له منزلة ترتب الغرض على ما غرض له { وكفى باللّه } اى الذين له الاحاطة بجميع صفات الكمال { شهيدا } على ان ما وعده كائن لا محالة او على نبوته عليه السلام باظهار المعجزات وان لم يشهد الكفار وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما شهد له بالرسالة وهو قوله ٢٩ { محمد رسول اللّه } فمحمد مبتدأ ورسول اللّه خبره وهو وقف تام والجملة مبينة للمشهود به وقيل محمد خبر مبتدأ محذوف وقوله رسول اللّه بدل او بيان او نعت اى ذلك الرسول المرسل بالهدى ودين الحق محمد رسول اللّه قال فى تلقيح الاذهان اعلم اللّه سبحانه محمدا عليه السلام انه خلق الموجودات كلها من اجل اى من اجله اى من اجل ظهوره اى من اجل تجليه به حتى قال ( ليس شئ بين السماء والارض الا يعلم انى رسول اللّه غير بنيى الانس والجن ) وقال الشيخ الشهير بافتاده قدس سره لما تجلى اللّه وجد جميع الارواح فوجد اولا روح نبينا صلّى اللّه عليه وسلّم ثم سائر الارواح فلقن التوحيد فقال لا اله الا اللّه فكرمه اللّه بقوله محمد رسول اللّه فأعطى الرسالة فى ذلك الوقت ولذا قال عليه السلام ( كنت نبيا وآدم بين الماء والطين ) انتهى ومعنى الحديث انه كان نبيا بالفعل عالما بنبوة وغيره من الانبساء ما كان نبيا بالفعل ولا عالما بنبوته الا حين بعث بعد وجوده ببدنه العنصرى واستكمال شرائط النبوة فكل من بدا بعد وجود المصطفى عليه السلام فهم نوابه وخلفاؤه مقدمين كالانبياء والرسل او مؤخرين كاولياء اللّه الكمل قال عليه السلام ( انا من نور اللّه والمؤمنون من فيض نورى ) فهو الجنس العالى والمقدم وماعداه التالى والمؤخر كما قالت تعالى ( كنت اولهم خلقا وآخرهم بعثا ) ( فرسول اللّه هو الذى لايساويه رسول الى جميع الخلق من ادرك زمانه بالفعل فى الدنيا ومن تقدمه بالقوة فيها وبالفعل بالآخرة يوم يكون الكل تحت لوآئه وقد اخذ على الانبياء كلهم المثاق بأن يؤمنوا به ان ادركوه واخذه الانبياء على اممهم وفى الحديث انا محمد واحمد ومعنى محمد كثير الحمد فان اهل السماء والارض حمدوه ومعنى احمد اعظم حمدا من غيره لانه حمد اللّه بمحامد لم يحمد بها غيره كما فى شرح المشارق لابن الملك) ( قال الجامى ) محمدت جون بلا نهاية زحق ... يافث شد تام آوازان مشتق واسمه فى العرش ابو القاسم وفى السموات احمد وفى الارض محمد قال على رضى اللّه عنه ما اجتمع قوم فى مشورة فلم يدخلوا فيها من اسمه محمد الالم يبارك لهم فيها واشار الف احمد الى كونه فاتحا ومقدما لان مخرجه مبدأ المخارج واشارميم محمد الى كونه خاتما ومؤخر الان مخرجها ختام المخارج كما قال ) نحن الآخرون السابقون ( واشار الميم ايضا الى بعثته عند الاربعين قول بعضهم اكرم اللّه من الصبيان اربعة بأربعة اشياء يوسف عليه السلام بالوحى فى الجب ويحيى عليه السلام بالحكمة فى الصباوة وعيسى عليه السلام بالنطق فى المهد وسليمان عليه السلام بالفهم واما نبينا عليه السلام فله الفضيلة العظمى والآية الكبرى حيث ان اللّه اكرمه بالسجدة عند الولادة والشهادة بأنه رسول اللّه وكل قول يقبل الاختلاف بين المسلمين الا قول لا اله الا اللّه محمد رسول اللّه فانه غير قابل للاختلاف فمعناه متحقق وان لم يتكلم به احد وكذا اكرمه بشرح الصدر وختم النبوة وخدمة الملائكة والحور عند ولادته واكرمه بالنبوة فى عالم الارواح قبل الولادة وكفاه بذلك اختصاصا وتفصيلا فلا بد للمؤمن من تعظيم شرعه واحياء سنته والتقرب اليه بالصلوات وسائر القربات لينال عند اللّه الدرجات وكانت رابعة العدوية رحمها اللّه تصلى فى اليوم والليلة الف ركعة وتقول ما اريد بها ثوابا ولكن ليسر بها رسول اللّه عليه السلام ويقول للأنبياء ( انظروا الى امرأة من امتى هذا عملها فى اليوم والليلة ) ومن تعظيمه عمل المولد اذا لم يكن فيه منكر قال الامام السيوطى قدس سره يستحب لنا اظهار الشكر لمولده عليه السلام انتهى. وقد اجتمع عند الامام تقى الدين السبكى رحمه اللّه جمع كثير من علماء عصره فأنشد منشد قول الصرصرى رحمه اللّه فى مدحه عليه السلام قليل لمدح المصطفى الخط بالذهب ... على ورق من خط احسن من كتب وان تنهض الاشراف عند سماعه ... قياما صفوفا او جثيا على الركب فعند ذلك قام الامام المبكى وجميع من بالمجلس فحصل انس عظيم بذلك المجلس ويكفى ذلك فى الاقتدآء وقد قال ابن حجر الهيثمى ان البدعة الحسنة متفق على ندبها وعمل المولد واجتماع الناس له كذلك اى بدعة حسنة قال السخاوى لم يفعله احد من القرون الثلاثة وانما حدث بعد ثم لا زال اهل الاسلام من سائر الاقطار والمدن الكبار يعملون المولد ويتصدقون فى لياليه بانواع الصدقات ويعتنون بقرآءة مولده الكريم ويظهر من بركاته عليهم كل فضل عظيم قال ابن الجوزى من خواصه انه امان فى ذلك العام وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام واول من احدثه من الملوك صاحب اربل وصنف له ابن دخية رحمه اللّه كتابا فى المولد سماه التنوير بمولد البشير النذير فأجازه بألف دينار وقد استخرج له الحافظ ابن حجر اصلا من السنة وكذا الحافظ السيوطى وردا على الفاكهانى المالكى فى قوله ان عمل المولد بدعة مذمومة كما فى انسان العيون { والذين معه } اى مع رسول اللّه عليه السلام وهو مبتدأ خبره قوله { اشدآء } غلاظ وهو جمع شديد { على الكفار } كالآُسيد على فريسته { رحماء } اى متعاطفون وهو جمع رحيم { بينهم } كالوالد مع ولده يعنى انهم يظهرون لمن خالف دينهم الشدة والصلابة ولمن وافقهم فى الدين الرحمة والرأفة كقوله تعالى { اذلة على المؤمنين اعزة على الكافرين } فلو اكتفى بقوله { اشدآء على الكفار } لربما اوهم الفظاكة والغلظة فكمل بقوله { رحماء بينهم } فيكون من اسلوب التكميل وعن الحسن بلغ من تشددهم على الكفار انهم كانو يتحرزون من ثيابهم ان تلزق بثيابهم ومن ابدانهم ان تمس ابدانهم وبلغ من ترحمهم فيما بينهم انه كان لا يرى مؤمن مؤمنا الا صافحه وعانقه وذكر فى التوراة فى صفة عمر رضى اللّه عنه قرن من حديد امين شديد وكذا ابو بكر رضى اللّه عنه فانه خرج لقتال اهل الردة شاهرا سيفه راكبا راحلته فهو من شدته وصلابته على الكفار ( قال الشيخ سعدى ) له جندان درشتى كن كه ازتوسير كردند ... ونه جندان نرمى كن كه برتودلير شوند دوشتى ونرمى بهم دربهست ... جوركزن كه جراح ومرهم نهست ( وقال بعضهم ) هست نرمى آفت جان سمور وزدرشتى ميبردجان خار بشت ... وفى الحديث ( المؤمنون هينون لينون ) مدح النبى بالسهولة واللين لانهما من الاخلاق الحسنة فان قلت من امثال العرب لا تكن رطبا فتعصر ولا يابسا فتكسر وعلى وفق ذلك ورد قوله عليه السلام ( لا تكن مرا فتعقى ولا حلوا فتسترط ) يقال اعقيت الشئ اذا أزلته من فيك لمرارته واسترطه اى ابتلعه وفى هذا نهى عن اللين فما وجه كونه جهة مدح قلت لا شبهة فى ان خير الامور اوسطها وكل طرفى الامور ذميم اى المذموم هو الافراط والتفريط لا الاعتدال والاقتصاد نسأل اللّه العمل بذلك { تراهم ركعا سجدا } جمع راكع وساجد اى تشاهدهم حال كونهم راكعين ساجدين لمواظبتهم على الصلوات فهما حالان لان الرؤية بصرية واريد بالفعل الاستمرار والجملة خبر آخر او استئناف { يبتغون فضلا من اللّه ورضوانا } اما خبر آخر او استئناف مبنى على سؤال نشأ عن بيان مواظبتهم على الركوع والسجود كأنه قيل ماذا يريدون بذلك فقيل يبتغون فضلا من اللّه ورضوانا اى ثوابا ورضى وقال بعض الكبار قصدهم فى الطاعة والعبادة الوصول والوصال وذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء قال الراغب الرضوان الرضى الكثير { سيماهم } فعلى من سامه اذا اعلمه اى جعله ذا علامة والمعنى علامتهم وسمتهم وقرئ سيمياؤهم بالياء بعد الميم والمد وهما لغتان وفيها لغة ثالثة هى السيماء بالمد وهو مبتدأ خبر قوله { فى وجوههم } اى ثابتة فى وجوههم { من اثر السجود } حال من المستكن فى الجار واثر الشئ حصول ما يدل على وجوده كما فى المفردات اى من التأثير الذى تؤثره كثرة السجود وما روى عن النبى عليه السلام من قوله ( لا تعلموا صوركم ) اى لا تسموها انما هو فيما اذا اعتمد بجبهته على الارض ليحدث فيها تلك السمة وذلك محض رياء ونفاق والكلام فيما حدث فى جبهة السجاد الذين لا يسجدون الا خالصا لوجه اللّه وكان الامام زين العابدين رضى اللّه عنه وهو على ابن الحسين بن على رضى اللّه عنهم وكذا على بن عبد اللّه بن العباس يقال لهما ذو الثفنات لما احدثت كثرة سجودهما فى مواضعة منهما اشباه ثفنات البعير والثفنة بكسر الفاء من البعير الركبة وما مس الأرض من اعضائه عند الاناخة وثفنت يده ثفنا اذا غلظت عن العمل وكانت له خمسمائة اصل زيتون يصلى عند كل اصل ركعتين كل يوم قال قائلهم ديار على والحسين وجعفر ... وحمزة والسجاد ذى الثفنات قال عطاء دخل فى الآية من حافظ على الصلوات الخمس وقال بعض الكبار سيما المحبين من اثر السجود فانهم لا يسجدون لشئ من الدنيا والعقبى الا لله مخلصين له الدين وقيل صفرة الوجوه من خشية اللّه وقيل ندى الطهور وتراب الارض فانهم كانوا يسجدون على التراب لا على الاثواب وقيل استنارة وجوههم من طول ما صلوا بالليل قال عليه السلام ( من كثر صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار ) الا ترى ان من سهر بالليل وهو مشغول بالشراب واللعب لا يكون وجهه فى النهار كوجه من سهر وهو مشغول بالطاعة وجاء فى باب الامامة انه يقدم الا علم ثم الا قرأتم الاورع ثم الاسن ثم الاصبح وجها اى اكثرهم صلاة بالليل لما روى من الحديث قيل لبعضهم ما بال المتهجدين احسن الناس وجوها فقال ( لانهم خلوا بالرحمن فأصابهم من نوره كما يصيب القمر نور الشمس فينور به ) در نفحات مذكوراست كه جون ارواح ببركت قرب الهى صافى ضدانوار موافقت بر اشباخ ظاهر كردد درويش راكواه جه حاجت كه عاشقست ... رنك رخش زدوريه بين وبدان كه هست وقال سهل المؤمن من توجه لله مقبلا عليه غير معرض عنه وذلك سيما المؤمنون وقال عامر بن عبد القبي كادوجه المؤمن يخبر عن مكنون عمله وكذلك وجه الكافر وذلك قوله { سيماهم فى وجوههم } وقال بعضهم ترى على وجوههم هيبة لقرب عهدهم بمناجاة سيدهم وقال ابن عطاء ترى عليهم خلع الانوار لائحة وقال عبد العزيز المكى ليست هى النحولة والصفرة لكنها نور يظهر على وجوه العابدين يبدو من باطنهم على ظاهرهم يتبين ذلك للمؤمنين ولو كان ذلك فى زنجى او حبشى انتهى ولا شك ان هذه الامة يقومون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء وبعضهم يكون وجوهم من اثر السجود كالقمر ليلة البدر وكل ذلك من تأثير نور القلب وانعكاسه ولذا قال آن سياهى كزبى ناموس حق ناقوس زد ... در عرب بوالليل بوداندر قيامت بو النهار { ذلك } اشارة الى ما ذكر من نعوتهم الجليلة { مثلهم } اى وصفهم العجيب الشان الجارى فى الغرابة مجرى الامثال { فى التوراة } حال من مثلهم والعامل معنى الاشارة والتوراة اسم كتاب موسى عليه السلام قال من جوز ان تكون التوراة عربية انها تشتق من ورى الزند فوعلة منه على ان التاء مبدلة من الواو سمى التوراة لانه يظهر منه النور والضياء لبنى اسرائيل وفى القاموس وورية النار وريتها ما تورى به من خرقة او حطبة والتوراة تفعلة منه انتهى وقال بعضهم فوعلة منه لا تفعلة لقلة وجود ذلك { ومثلهم فى الانجيل } عطف على مثلهم الاول كأنه قيل ذلك مثلهم فى التوراة والانجيل وتكرير مثلهم لتأكيد غرابته وزيادة تقريرها والانجيل كتاب عيسى عليه السلام يعنى بهمين نعمت در كتاب موسى وعيسى مسطور ند تاكه معلوم امم كردند وبايشان مزده ورشوند ، والانحيل من نجل الشئ اظهره سمى الانجيل انجيلا لانه اظهر الدين بعدما درس اى عفا رسمه { كزرع اخرج شطأه } يقال زرع كمنع طرح البذر وزرع اللّه انبت والزرع الولد والمزروع والجمع زروع وموضه المزرعة مثلثة الراء وهو الخ تمثيل مستأنف اى هم كزرع اخرج افراخه اى فروعه واغصانه وذلك ان اول ما نبت من الزرع بمنزلة الام وما تفرع وتشعب منه بمنزلة اولاده وافراخه وفى المفردات شطأه فروع الزرع وهو ما خرج منه وتفرع فى شاطئيه اى جانبيه وجمعه اشطاء وقوله { اخرج شطأه } اى افراخه انتهى وقيل هو اى الزرع الخ تفسير لقوله ذلك على انه اشارة مبهمة وقيل خبر لقوله تعالى { ومثلهم فى الانجيل } على ان الكلام قد تم عند قوله تعالى { مثلهم فى التوراة } { فآزره } المنوى فى آزره ضمير الزرع اى فقوى الزرع ذلك الشطأ وبالفارسية بس قوى كردكشت آن يك شاخ را. الا ان الامام ألنسفى رحمه اللّه جعل المنوى فى آزر ضمير الشطأ قال فآزره اى فقوى الشطأ اصل الزرع بالتفافه عليه وتكاتفه وهو صريح فى ان الضمير المرفوع للشطأ والمنصوب للزرع وهو من الموازرة بمعنى المعاونة فيكون وزن آزر فاعل من الازر وهو القوة او من الايزار وهى الاعانة فيكون وزنه افعل وهو الظاهر لانه لم يسمع فى مضارعه يوازربل يوزر { فاستغلظ } فصال غليظا بعدما كان دقيقا فهو من باب استحجر الطين يعنى ان السين للتحول { فاستوى على سوقه } فاستقام على قصبته جمع ساق وهو اصوله { يعجب الزراع } حال اى حال كونه يعجب زراعه الذين زرعوه اى يسرهم بقوته وكثافته وغلظه وحسن منظره وطول قامته وبالفارسية بشكفت آردمز ارعانزا وهنا تم المثل وهو مثل ضربه اللّه لاصحاب رسول اللّه قلوا فى بدء الاسلام ثم كثروا واستحكموا فترقى امرهم يومافيو ما بحيت اعجب الناس وقيل مكتوب فى التوراة سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وفى الاسئلة المقحمة كيف ضرب اللّه المثل لاصحاب النبى عليه السلام بالزرع الذى اخرج شطأه ولماذا لم يشبههم بالخيل والاشجار الكبار المثمرة والجواب لان اصحاب النبى كانوا فى يده الامر قليلين ثم صاروا يزدادون ويكثرون كالزرع الذى يبدو ضعيفا ثم ينمو ويخرج شطأه ويكثر لان الزرع يحصد ويزرع كذلك المسلمون منهم من يموت ثم يقوم مقامه غيره بخلاف الاشجار الكبار فانها تبقى بحالها سنين ولانه تنبت من الحبة الواحدة سنابل وليس ذلك فى غير الزرع انتهى فكما ان اعمالهم نامية فكذا اجسادهم الا ترى انه قتل مع الامام الحسين رضى اللّه عنه عامة اهل بيته لم ينج الا ابنه زين العابدين على رضى اللّه عنه لصغره فأخرج اللّه من صلبه الكثير الطيب وقيل يزيد بن المهلب واخوتهم وذراريهم ثم مكث من بقى منهم نيفا وعشرين سنة لا يولد فيهم انثى ولا يموت منهم غلام وعن عكرمة اخرج شطأه بأبى بكر فآزره بعمر فاستغلظ بعثمان فاستوى على سوقه بعلى رضى اللّه عنهم { ليغيظ بهم الكفار } الغيظ اشد غضب وهو الحرارة التى يجدها الانسان من ثوران دم قلبه غاظه يغيظه فاغتاظ وغيظة فتغيظ واغاظه وغايظه كما فى القاموس وهو علة لما يعرب عنه الكلام من تشبيههم بالزرع فى زكائه واستحكامه اى جعلهم اللّه كالزرع فى النماء والقوة ليغيظ بهم مشركى مكة وكفار العرب والعجم وبالفارسية تاللّه رسول خويئس وياران او كافرا ترا بدرد آرد ، ومن غيظ الكفار قول عمر رضى اللّه عنه لاهل مكة بعدما اسلم لا نعبد اللّه سرا بعد اليوم وفى الحديث ( ارحم امتى بأمتى ابو بكر واقواهم فى دين اللّه عمر واصدقهم حياء عثمان واقضاهم على وأقرأهم ابى بن كعب وافرضهم زيد بن ثابت واعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل وما اظلت الخضرآء ولا اقلت الغبرآء من ذى لهجة اصدق من ابى ذر ولكل امة امين وامين هذه الامة ابو عبيدة ابن الجراح ) وقيل قوله { ليغيظ بهم الكفار } علة لما بعده من قوله تعالى { وعد اللّه الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة واجرا عظيما } فان الكفار اذا سمعوا بما اعد للمؤمنين فى الآخرة مع ما لهم فى الدنيا من العزة غاهم ذلك اشد غيظ ، يقول الفقير نظر الكفار مقصور على ما فى الدنيا مما يتنافس فيه ويتحاسد وكيف لا يغيظهم ما اعد للمؤمنين فى الآخرة وليسوا بمؤمنين باليوم الآخر ومنهم للبيان كما فى قوله { فاجتنبوا الرجس من الاوثان } يعنى همه ايشانرا وعدفرمود آمرزش كناه ومزدى بزرك ، وهو الجنة ودرجاتها فلا حجة فيه للطاعنين فى الاصحاب فان كلهم مؤمنون ولما كانوا يبتغون من اللّه فضلا ورضوانا وعدهم اللّه بالنجاة من المكروه والفوز بالمحبوب وعن الحسن محمد رسول اللّه والذين معه ابو بكر الصديق رضى اللّه عنه لانه كان معه فى الغار ومن انكر صحبته كفر اشدآء الى الكفار عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه لانه كان شديدا غليظا على اهل مكة رحماء بينهم عثمان بن عفان رضى اللّه عنه لانه كان رؤوفا رحيما ذا حياء عظيم تراهم ركعا سجدا على بن ابى طالب رضى اللّه عنه تاحدى كه هرشب آوازهزار تكبير احرام ازخلوت وى باسماع خادمان عتبة عليه اش ميرسيد يبتغون فضلا من اللّه ورضوانا بقية العشرة المبشرة بالجنة وفى الحديث ( يا على انت فى الجنة وشيعتك فى الجنة وسيجئ بعدى قوم يدعون ولايتك لهم لقب يقال لهم الرافضة فاذا أدركتهم فاقتلهم فانهم مشركون ) قال يا رسول اللّه ما علامتهم قال ( يا على انه ليست لهم جمعة ولا جماعة يسبون ابا بكر وعمر ) قال مالك بن انس رضى اللّه عنه من اصبح وفى قلبه غيظ على اصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقد اصابته هذه الآية قال ابو العالية العمل الصالح فى هذه الآية حب الصحابة وفى الحديث ( يا على ان اللّه امرنى ان اتخذ ابا بكر والدا وعمر مشيرا وعثمان سندا وانت يا على ظهرا فأنتم اربعة قد أخذ ميثاقكم فى الكتاب لا يحبكم الا مؤمن ولا يبغضكم الا فاجر أنتم خلائف نبوتى وعقدة ذمتى لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تغامزوا ) كما فى كشف الاسرار وفى الحديث ( لا تسبوا اصحابى فلو ان احدكم انفق مثل احد ذهبا ما بلغ مد احدهم ولا نصيفه ) المد ربع الصاع والنصيف نصف الشئ والضمير فى نصيفه راجع الى احدهم لا الى المد والمعنى ان احدكم لا يدرك بانفاق مثل احد ذهبا من الفضيلة ما ادرك احدهم بانفاق مد من الطعام او نصيف له وفى حديث آخر ( اللّه اللّه فى اصحابى لا تتخذوهم غرضا من بعدى فمن احبهم فبحبى احبهم ومن ابغضهم فببغضى ابغضهم ومن آذاهم فقد آذانى ومن آذانى فقد آذى اللّه ومن آذى اللّه فيوشك ان يأخذه ) اى يأخذه اللّه للتعذيب والعقاب وفى الصواعق لابن حجر وكان للنبى عليه السلام مائة الف واربعة عشر ألف صحابى عند موته انتهى وفى حديث الاخوة قال اصحابه نحن اخوانك يا رسول اللّه قال ( لا انتم اصحابى واخوانى الذين يأتون بعدى آمنوا بى ولم يرونى وقال للعامل منهم اجر خمسين منكم ) قالوا بل منهم يا رسول اللّه قال ( بل منكم ردوها ثلاثا ) ثم قال ( لانكم تجدون على الخير اعوانا ) كما فى تلقيح الاذهان ، يقول الفقير يلزم من هذا الخبر ان يكون الاخوان افضل من الاصحاب وهو خلاف ما عليه الجمهور قلت الذى فى الخبر من زيادة الاجر للعامل من الاخوان عند فقدان الاعوان لا مطلقا فلا يلزم من ذلك ان يكونوا افضل من كل وجه فى كل زمان قال فى فتح الرحمن وقد اجتمع حروف المعجم التسعة والعشرون فى هذه الآية وهى محمد رسول اللّه الى آخر السورة اول حرف المعجم فيها ميم من محمد وآخرها صاد من الصالحات وتقدم نظير ذلك فى سورة آل عمران فى قوله { ثم انزل عليكم من بعد الغم امنة نعاسا } الآية وليس فى القرءآن آيتان فى كل ىية حروف المعجم غيرهما من دعا اللّه بهما استجيب له وعن النبى صلّى اللّه عليه وسلّم ( من قرأ سورة الفتح فكأنما كان ممن شهد مع محمد رسول اللّه فتح مكة ) وقال ابن مسعود رضى اللّه عنه بلغنى انه من قرأ سورة الفتح فى اول ليلة من رمضان فى صلاة التطوع حفظه اللّه تعالى ذلك العام ومن اللّه العون تمت سورة الفتح المبين بعون رب العالمين فى منتصف صفر الخير من شهور سنة الف ومائة واربع عشرة |
﴿ ٠ ﴾