سُورَةُ الْحُجُرَاتِ مَدَنِيَّةٌ وَهِيَ ثَمَانِيَ عَشَرَةَ آيَةً ١ { يا ايها الذين آمنوا } تصدير الخطاب بالنداآء لتنبيه المخاطبين على ان ما فى حيزه امر خطير يستدعى مزيد اعتنائهم بشأنه وفرط اهتمامهم بتلقيه ومراعاته ووصفهم بالايمان لتنشيطهم والايذان بأنه داع الى المحافظة ورادع عن الاخلال به { لا تقدموا } امرا من الامور { بين يدى اله ورسوله } ولا تقطعوه الا بعد ان يحكما به ويأذنا فيه فتكونوا اما عاملين بالوحى المنزل وما مقتدين بالنبى المرسل ولفظ اليدين بمعنى الجهتين الكائنتين فى سمت يدى الانسان وبين اليدين بمعنى بين الجهتين والجهة التى بينهما هى جهة الامام والقدام فقولك جلست بين يديه بمعنى جلست امامه وبمكان يحاذى يديه قريبا منه واذا قيل بين يدى اللّه امتنع ان يرادا لجهة والمكان فيكون استعارة تمثيلية شبه ما وقع من بعض الصحابة من القطع فى امر من الامور الدينية قبل ان يحكم به اللّه ورسوله بحال من يتقدم فى المشى فى الطريق مثلا لو قاحته على من يجب ان يتأخر عنه ويقفو اثره تعظيما له فعبر عن الحالة المشبهة بما يعبر به عن المشبه بها { واتقوا اللّه } فى كل ما تأتون وما تذررن من الاقوال والافعال { ان اللّه سميع } لاقوالكم { عليم } بأفعالكم فمن حقه ان يتقى ويراقب ويجوز ان يكون معنى لا تقدموا لا تفعلوا التقديم بالكلية على ان الفعل لم يقصد تعلقه بمفعوله ون كان متعديا قال المولى ابو السعود هو اوفى بحق المقام لافادة النهى عن التلبس بنفس الفعل الموجب لانتفائه بالكلية المستلزم لانتفاء تعلقه بمفعوله بالطريق البرهانى وقد جوز ان يكون التقديم لازما بمعنى التقدم ومنه مقدمة الجيش للجماعة المتقدمة منهم ومنه وجه بمعنى توجه وبين بمعنى تبين نهى عن التقدم لان التقدم بين يدى المرء خروج عن صفة المتابعة واستقلال فى الامر فيكون التقدم بين يدى اللّه ورسوله منافيا للايمان وقال مجاهد والحسن نزلت الآية فى النهى عن الذبح يوم الاضحى قبل الصلاة كأنه قيل لا تذبحوا قبل ان يذبح النبى عليه السلام وذلك ان ناسا ذبحوا قبل صلاة النبى عليه السلام فأمرهم ان يعيدوا الذبح وهو مذهبنا الا ان تزول الشمس وعند الشافعى يجوز اذا مضى من الوقت ما يسع الصلاة وعن البرآء رضى اللّه عنه خطبنا النبى عليه السلام يوم النحر فقال ( ان اول ما نبدأ به فى يومنا هذا ان نصلى ثم نرجع فننحر فمن فعل ذلك فقد اصاب سنتنا ومن ذبح قبل ان نصلى فانما هو لحم عجله لاهله ليس من النسك فى شئ ) وعن عائشة رضى اللّه عنها انها نزلت فى النهى عن صوم يوم الشك اى لا تصوموا قبل ان يصوم نبيكم قال مسروق كنا عند عائشة يوم الشك فأتى بلبن فنادتنى وفى بحر العلوم قالت للجارية اسقيه عسلا فقلت انى صائم فقالت قد نهى اللّه عن صوم هذا اليوم وتلت هذه الآية وقالت هذه فى الصوم وغيره وقال قتادة ان ناسا كانوا يقولون لو انزل فى كذا او صنع فى كذا ولو نزل كذا وكذا فى معنى كذا ولو فعل اللّه كذا وينبغى ان يكون كذا فكره اللّه ذلك فنزلت وعن الحسن لما استقر رسول اللّه بالمدينة اتته الوفود من الآفاق فاكثروا عليه بالمسائل فهو ان يبتدئوا بالمسألة حتى يكون هو المبتدئ والظاهر أن الآية عامة فى كل قول وفعل ولذا حذف مفعول لا تقدموا ليذهب ذهن السامع كل مذهب مما يمكن تقديمه من قول او فعل مثلا اذا جرت مسألة فى مجلسه عليه السلام لا تسبقوه بالجواب واذا حضر الطعام لا تبدئوا بالاكل قبلة واذا ذهبتم الى موضع لا تمشوا امامه الا لمصلحة دعت اليه ونحو ذلك مما يمكن فيه التقديم قيل لا يجوز تقدم الاصاغر على الاكابر الا فى ثلاثة مواضع اذا ساروا ليلا اورأوا خيلا اى جيشا او دخلوا سيلا اى ماء سائلا وكان فى الزمان الاول اذا مشى الشاب امام الشيخ يخسف اللّه به الارض ويدخل فى النهى المشى بين يدى العلماء فانهم ورثة الانبياء دليله ما روى عن ابى الدردآء رضى اللّه عنه قال رآنى رسول اللّه عليه السلام امشى امام ابى بكر رضى اللّه عنه فقال ( تمشى امام من هو خير منك فى الدنيا والآخرة ما طلعت شمس ولا غربت على احد بعد النبيين والمرسلين خير او افضل من ابى بكر رضى اللّه عنه ) كما فى كشف الاسرار واكثر هذه الروايات يشعر بأن المراد بين يدى رسول اللّه وذكل اللّه لتعظيمه والايذان بجلالة محله عنده حيث ذكر اسمه تعالى توطئة وتمهيدا لذكر اسمه عليه السلام ليدل على قوة اختصاصه عليه السلام برب العزة وقرب منزلته من حضرته تعالى فان ايقاع ذكره تعالى موقع ذكره عليه السلام بطريق العطف تفسير للمراد يدل عليها لا محالة كما يقال اعجبنى زبد وكرمه فى موضع أن يقال اعجبنى كرم زيد للدلالة على قوة اختصاص الكرم به وقال ابن عباس رضى اللّه عنهما معنى الآية لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة يقول الفقير لعله من باب الاكتفاء والمقصود ولا تفعلوا خلافهما ايضافان كلا منهما من قبيل التقدم لحدود اللّه وحدود رسوله وبهذا المعنى فى هذه الآية الهمت بين النوم واليقظة واللّه اعلم وفى الآية بيان رأفة اللّه على عباده حيث سماهم المؤمنين مع معصيتهم فقال يا أيها الذين آمنوا ولم يقل يا أيها الذين عصوا وهذا ندآء مدح كما فى تفسير ابى الليث وايضا فيها وعيد لمن حكم بخاطره بغير علم بالفرق بين الالهام والوسواس ويقول انه الحق فالزموه ومقصوده الرياء والسمعة ومن شرط المؤمن ان لا يرى رأيه وعقله واختياره فوق رأى النبى والشيخ ويكون مستسلما لما يرى فيه مصلحة ويحفظ الادب فى خدمته وصحبته ومن ادب المريدا ان لا يتكلم بين يدى الشيخ فانه سبب سقوطه من اعين الاكابر قال سهل لا تقولوا قبل ان يقول واذا قال فاقبلوا منه منصتين له مستمعين اليه واتقوا اللّه فى اهمال حقه وتضييع حرمته ان اللّه سميع لما تقولون عليم بما تعملون وقال بعضهم لا تطلبوا ورآء منزلته منزلة فانه لا يوازيه احد بل لا يدانيه ، جشم اواز حياكوش اواز حكمت زبان اوازثنا وتسبيح ودل اواز رحمت دست اواز سخاموى اوازمشك بويا. قيمت عطار ومشك اندر جهان كاسد شود ... جون برافشاند صبا زلفين عنبر ساى تو ٢ { يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبى } شروع فى النهى عن لتجاوز فى كيفية القول عند النبى عليه السلام بعد النهى عن التجاوز فى نفس القول والفعل والصوت هو الهوآء المنضغط عن قرع جسمين فان الهوآء الخارج من داخل الانسان ان خرج بدفع الطبع يسمى نفسا بفتح الفاء وان خرج بالارادة وعرض له تموج بتصادم جسمين يسمى صوتا والصوت الاختيارى الذى يكون للانسان ضربان ضرب باليد كصوت العود وما يجرى مجراه وضرب بالفم فالذى بالفم ضربان نطق وغيره فغيره النطق كصوت الناى والنطق اما مفرد من الكلام واما مركب كاحد الانواع من الكلام والمعنى لا تبلغوا باصواتكم ورآء حد يبلغه عليه السلام بصوته والباء للتعدية وقال فى المفردات تخصيص الصوت بالنهى لكونه اعم من النطق والكلام ويجوز انه خصه لان المكروه رفع الصوت لا رفع الكلام وعن عبد اللّه بن الزبير رضى اللّه عنه أن الاقرع بن حابس من بنى تميم قدم على النبى عليه السلام فقال ابو بكر رضى اللّه عنه يا رسول اللّه استعمله على قومه اى بتقديمه عليهم بالرياسة فقال عمر رضى اللّه عنه لا تستعمله يا رسول اللّه بل القعقاع بن معبد فتكلما عند النبى عليه السلام حتى ارتفعت اصواتهما فقال ابو بكر لعمر ما اردت الا خلافى فقال ما اردت خلافك فنزلت هذه الآية فكان عمر بعد ذلك اذا تكلم عند النبى لم يسمع كلامه حتى يستفهمه وقال ابو بكر آليت على نفسى ان لا اكلم النبى ابدا الا كأخى السرار يعنى سو كند ياد كردم كه بعد ازين هركز يا رسول خدا سخن بلند نكويم مكر جنانكه يا همرازى بنهان سخن كويند { ولا تجهروا له بالقول } اذا كلمتموه وتكلم هو ايضا والجهر يقال لظهور الشئ بافراط لحاسة البصر نحو رأيته جهارا او حاسة السمع نحو سوآء منكم من اسر القول ومن جهر به { كجهر بعضكم لبعض } اى جهرا كائنا كالجهر الجارى فيما بينكم بل اجعلوا صوتكم اخفض من صوته وتعهدوا فى مخاطبته اللين القريب من الهمس كما هو الدأب عند مخاطبة المهيب المعظم وحافظوا على مراعاة جله لة النبوة فنهوا عن جهر مخصوص مقيد وهو الجهر المماثل لجهر اعتادوه فيما بينهم لا عن الجهر مطلقا حتى لا يسوغ لهم الا ان يتكلموا بالهمس والمخافتة فالنهى الثانى ايضا مقيد بما اذا نطق ونطقوا والفرق ال مدلول النهى الاول حرمة رفع الصوت فوق صوته عليه السلام ومدلول الثانى حرمة ان يكون كلامهم معه عليه السلام فى صفة الجهر كالكلام الجارى بينهم ووجوب كون اصواتهم اخفض من صوته عليه السلام بعد كونها ليست بأرفع من صوته وهذا المعنى لا يستفاد من النهى الاول فلا تكرار والمفهوم من الكشاف فى الفرق بينهما ان معنى النهى الاول انه عليه السلام اذا نطق ونطقتم فعليكم ان لا تبلغوا بأصواتكم فوق الحد الذى يبلغ اليه صوته عليه السلام وان تغضوا من اصواتكم بحيث يكون صوته عاليا على اصواتكم ومعنى الثانى انكم اذ كلمتموه وهو عليه السلام ساكت فلا تبلغوا بالجهر فى القول الجهر الدآئر بينكم بل لينوا القول لينا يقارب الهمس الذى يضاد الجهر { ان تحبط اعمالكم } تا باطل نشود عملهاى شما بسبب اين جرأت. وهو علة اما للنهى على طريق التنازع فان كل واحد من قوله لا ترفعوا ولا تجهروا بطلبه من حيث المعنى فيكون علة للثانى عند البصريين وللاول عند الوفيين كأنه قيل انتهوا عما نهيتم عنه لخشية حبوط اعمالكم او كراهته كما فى قوله تعالى { يبين اللّه لكم ان تضلوا } فحذف المضاف ولام التعليل واما علة للفعل المنهى كأنه قيل انتهوا عن الفعل الذى تفعلونه لاجل حبوط اعمالكم فاللام فيه لام العاقبة فانهم لم يقصدوا بما فعلوه من رفع الصوت والجهر حبوط اعمالهم الا انه لما كان بحيث قد يؤدى الى الكفر المحبط جعل كأنه فعل لاجله فادخل عليه لام العلة تشبيها لمؤدى الفعل بالعلة الغائية وليس المراد بما نهى عنه من الرفع والجهر ما يقارنه الاستخفاف والاستهانة فان ذلك كفر بل ما يتوهم ان يؤدى اليه مما يجرى بينهم فى اثناء المحاورة من الرفع والجهر خلا ان رفع الصوت فوق صوته عليه السلام لما كان منكرا محضا لم يقيد بشئ يعنى ان الاستخفاف به عليه السلام كفر لا الاستخفاف بأمرهما ربما انضم الى هذا الاستخفاف قصد الاهانة به عليه السلام وعدم المبالاة وكذا ليس المراد ما يقع الرفع والجهر فى حرب او مجادلة معاند او ارهاب عدو او نحو ذلك فانه مما لا بأس به اذلا يتأذى به النبى عليه السلام فلا يتناوله النهى ففى الحديث انه قال عليه السلام للعباس بن عبد المطلب لما انهزم الناس يوم حنين ( اصرخ بالناس ) وكان العباس اجهر الناس صوتا ( يروى ) ان غارة اتتهم يوما اى فى المدينة فصاح العباس يا صباحاه فاسقط الحوامل لشدة صوته وكان يسمع صوته من ثمانية اميال كما مر فى الفتح وعن ابن العباس رضى اللّه عنهما نزلت فى ثابت بن قيس ابن شماس وكان فى اذنه وقر وكان جهورى الصوت اى جهيره ورفيعه وربما كان يكلم رسول اللّه فيتأذى بصوته وعن انس لما نزلت الآية فقد ثابت وتفقده عليه السلام فأخبر بشأنه فدعاه عليه السلام فسأله فقال يا رسول اللّه لقد انزلت اليك هذه الآية وانه رجل جهير الصوت فأخاف ان يكون عملى قد حبط فقال عليه السلام ( لست هناك انك تعيش بخير وتموت بخير وانك من اهل الجنة ) وصدق رسول اللّه فان ثابتا مات بخير حيث قتل شهيدا يوم مسيلمة الكذاب وعليه درع فرآه رجل من الصحابة بعد موته فى المنام فقال له اعلم ان فلانا لرجل من المسلمين نزع درعى فذهب بها وهو فى ناحية من العسكر وعنده فرس مشدود يرعى وقد وضع على درعى برمة فائت خالد بن الوليد فأخبره حتى يسترد درعى وائت ابا بكر رضى اللّه عنه خليفة رسول اللّه وقل له ان على دينا لفلان حتى يقضى دينى وفلان من عبيدى حر فأخبر الرجل خالدا فوجد درعه والفرس على ما وصفه فاسترد الدرع واخبر خالد ابا بكر بتلك الرؤيا فاجاز ابو بكر وصيته قال مالك بن انس رضى اللّه عنه لا اعلم وصية اجيزت بعد موت صاحبها الا هذه الوصية { وانتم لا تشعرون } حال من فاعل تحبط اى والحال انكم لا تشعرون بحبوطها والشعور العلم والفطنة والعشر العلم الدقيق ، ودانستن از طريق حس ، وفيه مزيد تحذير لما نهوا عنه استدل الزمخشرى بالآية على ان الكبيرة تحبط الاعمال الصالحة اذ لا قائل بالفصل والجواب انه من باب التغليظ والمراد انهم لا يشعرون ان ذلك بمنزلة الكفر المحبط وليس كسائر المعاصى وايضا انه من باب ولا تكونن ظهيرا للكافرين يعنى ان المراد وهو الجهر والرفع المقرونان بالاستهانة والقصد الى التعريض بالمنافقين قال الراغب حبط العمل على ضرب احدها ان تكون الاعمال دنيوية فلا تغنى فى القيامة غناء كما اشار اليه تعالى بقوله { وقدمنا الى ما عملوا من عمل لجعلناه هباء منثورا } والثانى ان تكون اعمالا اخروية لكن لم يقصد صاحبها بها وجه اللّه كما روى يؤتى برجل يوم القيامة فيقال له بم كان اشتغالك قال بقرآءة القرءآن فيقال له كنت تقرأ ليقال فلان قارئ وقد قيل ذلك فيومر به الى النار والثالث ان تكون اعمالا صالحة لكن بازآئها سيئات توفى عليها وذلك هو المشار اليه بخفة الميزان انتهى وحبط عمله كسمع وضرب حبطا وحبوطا بطل واحبطه اللّه ابطله كما فى القاموس وقال الراغب اصل الحبط من الحبط وهو ان تكثر الدابة من الكلأ حتى تنتفخ بطنها فلا يخرج منها شئ قال البقلى فى العرائس اعلمنا اللّه بهذا التأديب ان خاطر حبيبه من كمال لطافته ومراقبة جمال ملكوته كان يتغير من الاصوات الجهرية وذلك من غاية شغله باللّه وجمع همومه بين يدى اللّه فكان اذا جهر احد عنده يتأذى قلبه ويضيق صدره من ذلك كأنه يتقاعد سره لحظة عن السير فى ميادين الازل فخوفهم اللّه من ذلك فان تشويش خاطره عليه السلام سبب بطلان الاعمال ومن العرش الى الثرى لا يزن عند خاطره ذرة واجتماع خاطر الانبياء والاولياء فى المحبة احب الى اللّه من اعمال الثقلين وفيه حفظ الحرمة لرسول اللّه وتأديب المريدين بين يدى اولياء اللّه ، يقول الفقير ولكمال لطافته عليه السلام كان الموت عليه اشد اذ اللطيف يتأثر مما لا يتأثر الكثيف كما قال بعضهم قد شاهدنا اقواما من عرب البوادى يسلخ الحكام جميع جلد احدهم ولا يظهر ضجرا ولو سلخ اكبر الاولياء لصاح الا ان يؤخذ عقله بمشاهدة تمنع احساسه انتهى ومن هنا عرف ان لكل من الجهر والخفاء محلا فشديد النفس له الجهر ولينه له الاخفاء كما فى حال النكر وليس كل احد صاحب مشاهد وقال سهل لا تخاطبوه الا مستفهمين ثم ان الاصحاب رضى اللّه عنهم كانوا بعد هذه الآية لا يكلمونه عليه السلام الا جهرا يقرب من السر و الهمس وقد كره بعض العلماء رفع الصوت عند قبره عليه السلام لانه حى فى قبره وكذا القرب منه عليه السلام فى المواجهة عند السلام بحيث كان بينه وبينه عليه السلام اقل من اربعة اذرع وكره بعضهم رفع الصوت فى مجالس الفقهاء تشريفا لهم اذ هم ورثة الانبياء قال سليمان بن حرب ضحك انسان عند حماد بن زيد وهو يحدث بحديث عن رسول اللّه فغضب حماد وقال انى ارى رفع الصوت عند حديث رسول اللّه وهو ميت كرفع الصوت عنده وهو حى وقام وامتنع من الحديث ذلك اليوم وحاصله ان فيه كراهة الرفع عند الحديث وعند المحدث مع ان الضحك لا يخلو من السخرية والهزل ومجلس الجد لا يحتمل مثل ذلك ولو دخل السلف مجالس هذا الزمان من مجلس الوعظ والدرس واجتماع المولد ونحو ذلك خرجوا من ساعتهم لما رأوا من كثرة المنكرات وسوء الادب بزركان كفته اند منترك الاداب رد عن الباب نهصد هزارساله طاعت ابليس بيك بى ادبى ضايع شد نكاه دارادب در طريق عشق ونياز ... كه كفته اندطريقت تمام آدابست نسأل اللّه الكريم ان يجعلنا متحلين بحلية الادب العظيم ٣ { ان الذين يغضون اصواتهم عند رسول اللّه } الخ ترغيب فى الانتهاء عما نهوا عنه بعد الترهيب من الاخلال به والغض النقصان من الطرف والصوت وما فى الاناء يقال غض طرفه خفضه وغض السقاء نقص مما فيه والمعنى ان الذين يخفضون اصواتهم عند رسول اللّه مراعاة للادب وخشية من مخالفة النهى { اولئك } مبتدأ خبره قوله { الذين امتحن اللّه قلوبهم للتقوى } اخلصها للتقوى من امتحن الذهب اذا اذابه وميزابريزه من خبثه فهو من اطلاق المقيد وهو اخلاص الذهب وارادة المطلق دربوتهُ امتحان كرم بكدازى منت دارم كه بى غشم ميسازى وقال فى الاساس محن الاديم مدده حتى وسعه وبه فسر قوله تعالى امتحن اللّه قلوبهم اى شرحها ووسعها وعن عمر رضى اللّه عنه اذهب عنها الشهوات اى نزع عنها محبة الشهوات وصفاها عن دنس سوء الاخلاق وحلاها بمكارمها حتى انسلخوا عن عادات البشرية { لهم } فى الآخرة { مغفرة } عظيمة لذنوبهم { واجر عظيم } التنكير للتعظيم اى ثابت لهم غفران واجر عظيم لا يقادر قدره لغضهم وسائر طاعاتهم فهو استئناف لبيان جزآء الغاضين مدحا لحالهم وتعريضا بسوء حال من ليس مثلهم وفى الآية اشارة الى غض الصوت عند الشيخ المرشد ايضا لانه الوارث وله الخلافة ولا يقع الغض الا من اهل السكينة والوقار وقال الحسين قدس سره من امتحن اللّه قلبه بالتقوى كان شعاره القرءآن ودثاره الايمان وسراجه التفكر وطبية التقوى و طهارته التوبة ونظافته الحلال وزينته الورع وعلمه الآخرة وشغله باللّه ومقامه مع اللّه وصومه الى الممات وافطاره من الجنة وجمعه الحسنات وكنزه الاخلاص وصمته المراقبات ونظره المشاهدات قال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر التقوى كل عمل يقيك من النار واذا وقاك من النار وقاك من الحجاب واذا وقاك من الحجاب شاهدت العزيز الوهاب روى ابو هريرة رضى اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( لن يزال قلب ابن آدم ممتلئا حرصاً الا الذين امتحن اللّه قلوبهم للتقوى ) قال الراوى فلقد رأيت رجلا من اصحاب رسول اللّه لا يركب الى زراعة له وانها منه على فراسخ وقد اتى عليه سبعون سنة وروى انه عليه السلام قال ( لا يزال قلب ابن آدم جديدا فى حب الشئ وان التفت ترقوتاه من الكبر الا الذين امتحن اللّه قلوبهم للتقوى ) وهم قليل ، يعنى هميشه دل آدم نومى باشد درحب جيزى واكرجه نكرسته باشد هردو جنبر كردنش ازيبرى وبزركى مكر آبانكه امتحان كرداست خدا قلوب ايثان ازبراى تقوى واند كند ايشان وجودتو شهريست برنيك وبد ... تو سلطان ودستور دانا خرد هما ناكه دونان كردن فراز ... درين شهر كبرست وسودا وآز جو سلطان عنايت كند بابدان ... كجا ماند آسايش بخردان ٤ { ان الذين ينادونك } المناداة والندآء خوايدن { من ورآء الحجرات } اى من خارجها من خلفها او قدامها لان ورآء الحجرة عبارة عن الجهة التى يواريها شخص الحجرة بجبهتها اى من اى ناحية كانت من نواحيها ولا بد ان تكون تلك الجهة خارج الحجرة لان ما فى داخلها لا يتوارى عمن فيها بحثة الحجرة فاشترال الورآء فى تينك الجهتين معنوى لا لفظى لكن جعله الجوهرى وغيره من الاضداد فيكون اشتراكه لفظيا ومن ابتدآئية دالة على ان المناداة نشأت من جهة الورآء وان المنادى داخل الحجرة لوجوب اختلاف المبدأ والمنتهى بحسب الجهة واذا جرد الكلام عن حرف الابتدآء جاز أن يكون المنادى ايضا فى الخارج لانتفاء مقتضى اختلافهما بالجهة والمراد حجرات امهات المؤمنين وكانت لكل واحدة منهما حجرة فتكون تسعا عددهن جمع حجرة بمعنى محجورة كقبضة بمعنى مقبوضة وهى الموضع الذى يحجره الانسان لنفسه بحائط ونحوه ويمنع غيره من ان يشاركه فيه من الحجر وهو المنع وقيل للعقل حجر لكون الانسان فى منع منه مما تدعو اليه نفسه ومناداتهم من مرآئها اما بأنهم اتوها حجرة حجرة فنادوه عليه السلام من ورآئها او بأنهم تفرقوا على الحجرات متطلبين له عليه السلام لانهم لم يتحققوا امكانه فناداه بعض من ورآء هذه وبعض من روآء تلك فاسند فعل الابعاض الى الكل وقيل الذى ناداه عينة بن حصين الفزارى وهو الاحمق المطاع وكان من الجرارين يجر عشرة آلاف قناة اى تتبعه والاقرع بن حابس وهو شاعر بنى تميم وفدا على رسول اللّه فى سبعين رجلا من بنى تميم وقت الظهيرة وهو راقد فقالا يا محمد اخرج الينا فنحن الذين مدحنا زين وذمناشين فاستيقظ فخرج وقال نهم وبحكم ذلكم اى اللّه الذى مدحه زين وذمه شين وانما اسند الندآء الى الكل لانهم رضوا بذلك او امروا به او لانه وجد فيما بينهم وقال سعدى المفتى انما يحتاج الى التأويل اذا اريد باستغراق الجمع الاستغراق الافرادى واما لو أريد الاستغراق الموعى فلا ولذلك قالوامقابلة الجمع بالجمع تفيد انقسام الآحاد بالآحاد وسئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عنهم فقال ( هم جفاة بنى تميم لولا انهم من اشد الناس قتالا للاعور الدجال لدعوت اللّه ان يهلكهم ) فنزلت الآية ذما لهم وبقى هذا الذم الى الابد وصدق رسول اللّه فى قوله ذلكم اللّه { اكثرهم لا يعقلون } قال فى بحر العلوم فى قوله اكثر دلالة على انه كان فيهم من قصد بالمحاشاة وهو بالفارسية استثناء كردن . وعلى قلة العقلاء فيهم قصدا الى نفى ان يكون فيهم من يعقل اذا القلة تجرى مجرى النفى فى كلامهم ويؤيده الحديث السابق فيكون المعنى كلهم لا يعقلون اذ لو كان لهم عقل لما تجاسروا على هذه المرتبة من سوء الادب بل تأدبوا معه بأن يجلسوا على بابه حتى يخرج اليهم كما قال تعالى الفا ٥ { ولو انهم صبروا } الصبر حبس النفس عن ان تنازع الى هواها { حتى تخرج اليهم } لو مختص بالفعل على ما ذهب اليه المبرد والزجاج والكوفيون فما بعد لو مرفوع على فاعلية لا على الابتدآء على ما قاله سيبويه والمعنى ولو تحقق صبرهم وانتظارهم حتى تخرج اليهم وحتى تفيد أن الصبر ينبغى أن يكون مغيا بخروجه عليه السلام فانها مختصة بما هو غاية للشئ فى نفسه ولذلك تقول اكلت السمكة حتى رأسها ولا تقول حتى نصفها وثلثها بخلاف الى فانها عامة وفى اليهم اشعار بأنه لو خرج لا لاجلهم ينبغى ان يصبروا حتى يفاتحهم بالكلام او يتوجه اليهم { لكان } اى الصبر المذكور { خيرا لهم } من الاستعجال لما فيه من رعاية حسن الادب وتعظيم الرسول الموجبين للثواب والثناء والاسعاف بالمسئول اذ روى انهم وفدوا شافعين فى اسارى بنى العنبر قال فى القاموس العنبر ابو حى من تميم قال ابن عباس رضى اللّه عنهما بعث رسول اللّه عليه السلام سرية الى حى بنى العنبر وأمر عليهم عينية بن حصين فلما علموا انه توجه نحوهم هربوا وتركوا عيالهم فسباهم عيينة وقدم بهم على رسول اللّه فجاء بعد ذلك رجالهم يفدون الذرارى فقدموا وقت الظهيرة ووافقوا رسول اللّه فتلاقى اهله فلما رأتهم الذرارى اجهشوا الى آبائهم يبكون ولاجهاش كريستن راساختن يقال اجهش اليه اذا فزع اليه وهو يريد البكاء كالصبى يفزع الى امه وكان لكل امرأة من نساء رسول اللّه بيت وحجرة فجعلوا ينادون يا محمد اخرج الينا حتى ايقظوه من نومه فخرج اليهم فقالوا يا محمد فادنا عيالنا فنزل جبرآئيل فقال ان اللّه يأمرك ان تجعل بينك وبينهم رجلا فقال عليه السلام لهم ( أترضون ان يكون بينى وبينكم سبرة بن عمرو وهو على دينكم ) قالوا نعم قال سبرة انا لا احكم بينهم وعمى شاهد وهو أعور بن بشامة بن ضرار فرضوا به فقال الاعور فأنا أرى ان تفادى نصفهم وتعتق نصفهم فقال عليه السلام ( قد رضيت ) ففادى نصفهم وأعتق نصفهم وقال مقاتل لكان خيرا لهم لانك كنت تعتقهم جميعا وتطلقهم بلا فدآء { واللّه غفور رحيم } بليغ المغفرة والرحمة واسعهما فان تضيق ساحتهم عن هؤلاء المسيئين للادب ان تابوا واصلحوا { قال الكاشفى } واللّه غفور وخداى تعالى آمر زنده است كسى راكه توبه كند ازبى ادبى رحيم مهربانست باهل ادب كه تعظيم سيد اولوا الالباب ميكنند جه ادب جاذب رحمتست وحرمت جالب نعمت سرمايه ادب بكف آوركه ابن متاع ... آلراكه هست سوء ادب نايدش بكف وفى هذا المقام امور ، الأول ان فى هذه الآية تنبيها على قدره بقدره عليه السلام والتأدت معه بكل حال فهم انما نادوه لعدم عقل يعرفون به قدره ولوعرفوا قدره لكانوا كما فى الخبر يقرعون بابه بالاظافير وفى المناداة اشارة الى انهم رأوه من ورآء الحجاب ولو كانوا من اهل الحضور والشهود لما نادوه كما قال بعضهم كارنادان كوته انديش است ... يادكردن كسى كه دربيش است قال ابو عثمان المغربى قدس سرة الادب عند الاكابر وفى مجلس السادات من الاولياء يبلغ بصاحبه الى الدرجات العلى والخير فى الاول والعقبى فكما لا بد من التأدب معه عليه السلام فكذا مع من استن بسنته كالعلما العالمين وكان جماعة من العلماء يجلسون على باب غيرهم ولا يدقون عليه بابه حتى يخرج لقضاء حاجته احتراما قال ابو عبيدة القاسم بن سلام ما دققت الباب على عالم قط كنت اصبر حتى يخرج الى لقوله تعالى ولو انهم الخ وفى الحديث ( ادبنى ربى فأحسن تأديبى ) اى ادبنى احسن تاديب فالفاء تفسير لما قبله قال بعض الكبار من الحكمة توقير الكبير ورحمة الصغير ومخاطبة الناس باللين وقال ان كان خليلك فوقك فاصحبه بالحرمة وان كان كفؤك ونظيرك فاصحبه بالوفاء وان كان دونك فاصحبه بالزهد وان كان فقيرا فاصحبه بالجود وان صحبت صوفيا فاصحبه بالتسليم قال بعض الحكماء عاشروا الناس معاشرة ان متم بكوا عليكم وان غبتم حنوا اليكم . والثانى ذم الجهل ومدح العقل والعلم فان شرف العقل مدرك بضرورة العقل والعلم والحسن حتى ان اكبر الحيوانات شخصا واقواها ابد اذا رأى الانسان احتشمه وخاف منه لاحساسه بأنه مستول عليه بحيلته واقرب الناس لى بارجة بهائم أجلاف العرب والترك تراهم بالطبع يبالغون فى توقير شيوخهم لان التجربة دميزتهم عنهم بمزيد علم ولذلك روى فى الاثر ( الشيخ فى قومه كالنبى فى امته ) نظرا الى قوة علمه وعقله لا بقوة سخضه وجماله وشوكته وثروته ( وفى المثنوى ) كشتى بى لنكر آمد مردشر ... كه زباد كزنيابد او حذر لنكر عقلست عاقل را امان ... لنكرى دريوزه كن از عاقلان قال بعض الكبار العاقل كلامه ورآء قلبه فاذا اراد ان يتكلم به امره على قلبه فينظر فيه فان كان له اى لنفعه امضاه وان كان عليه اى لضره امسكه والاحمق كلامه على طرف لسانه وعقله فى حجره اذا قام سقط قال امير المؤمنين على رضى اللّه عنه لسان العاقل فى قلبه وقلب الاحمق فى فمه والادب صورة العقل ولا شرف مع سوء الادب ولا دآء اعيى من الجهل واذا تم العقل نقص الكلام هر كرا اندكست مايهُ عقل ... بيهده كفتنش بودبسيار مردرا عقل جون بيفزايد ... درمجامع بكا هدش كفتار وفى الحديث ( كل كلام ابن آدم عليه لا له الا امرا بمعروف او نهيا عن منكر ) وفى حديث آخر ( وهل يكب الناس على مناخرهم فى النار الا حصائد ألسنتهم ) والثالث ما قال بعض الكبار تدبر قوله تعالى { ولو أنهم صبروا } الآية ولا تنظر الى سبب النزول وانتظر خروجه مرة ثانية لقيام الساعة وفتح باب الشفاعة فى هذه الدار نوما او يقظة فى الآخرة وهو الشافع فيهما وفى الحافرة وقد ثبت ان الناس يلتجئون يوم القيامة الى الانبياء ثم وثم الى ان يصلوا اليه فلا يصلون الى المراد الا عنده وفى الحديث ( انا اول ولد آدم خروجا اذا بعثوا وانا قائدهم اذا وفدوا وخطيهم اذا أنصتوا وانا مبشرهم اذا ابلسوا وانا شفيعهم اذا حشروا ولوآء الكرم بيدى وانا اكرم ولد آدم على ربى ولا فخر يطوف على ألف خادم كأنهم لؤلؤ مكنون ) سرخيل انبياء وسبهدار اتقيا ... سلطان باركاه دنى قائد الامم وإنما كان خدامه ألفا لتحققه بألف اسم من اسماء اللّه سبحانه وتعالى ٦ { يا أيها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق } اى فاسق كان { بنبأ } اى نبأ كان والنبأ الخبر . يعنى خبرى بياردكه موحش بود وموجب تألم خاطر . فالتنكير للتعميم وفيه ايذان بالاحتراز عن كل فاسق وانما قال ان جاءكم بحرف الشك دون اذا ليدل على ان المؤمنين ينبغى ان يكونوا على هذه الصفة لئلا يطمع فاسق فى مكالمتهم بكذب ما وقال ابن الشيخ اخراج الكلام بلفظ الشرط المحتمل الوقوع لدرة مثله فيما بين اصحابه عليه السلام { فتبينوا } اى ان جاءكم فاسق بخبر يعظم وقعه فى القلوب فتعرفوا وتفحصوا حتى يتبين لكم ما جاء به أصدق هو ام كذب ولا تعتمدوا على قوله المجرد لان من لا يتحامى جنس الفسوق لا يتحامى الكذب الذى هو نوع منه روى ان الوليد بن عقبة بن ابى معيط اخا عثمان لامه وهو الذى ولاه عثمان الكوفة بعد سعد بن ابى وقاص فصلى بالناس وهو سكران صلاة الفجر أربعا ثم قال هل اريدكم فعزله عثمان عنهم بعثه عليه السلام مصدقا الى بنى المصطلق اى آخذا وقابضا لصدقاتهم وزكاتهم وكان بينه وبينهم احنة الى حقد وبغض كامن فى الجاهلية بسبب دم فلما سمعوا بقدومه استقبلوه ركبانا فحسب انهم مقاتلوه فرجع هاربا وقال لرسول اللّه عليه السلام قد رتدوا ومنعوا الزكاة وهموا بقتلى فهم عليه السلام بقتالهم فنزلت وقيل بعث اليهم خالد بن الوليد بعد رجوع الوليد بن عقبة عنهم فى عسكر وقال ( له اخف عنهم قدومك اليهم بالعسكر وادخل عليهم ليلا متجسساً هل ترى شعائر الاسلام وآدابه فلو رأيت منهم ذلك فخذ منهم زكاة اموالهم وان لم تر ذلك فاستعمل فيهم ما يفعل بالكفار ) ففعل ذلك خالد وجاءهم وقت المغرب فسمع منهم اذان صلاتى المغرب والعشاء ووجدهم مجتهدين باذلين وسعهم ومجهودهم فى امتثال امر اللّه فأخذ منهم صدقاتهم وانصرف الى رسول اللّه واخبره الخبر فنزلت { أن تصيبوا } حذار أن تصيبوا { قوما بجهالة } حل من ضمير تصيبوا اى متلبسين بجهالة بحملهم وكنه قصتهم { فتصبحوا } اى فتصيروا بعد ظهور برآء مما اسند اليهم { على ما فعلتم } فى حقهم { نادمين } مغتمين غما لازما متمنين انه لم يقع فان تركيب هذه الاحرف الثلاثة يدور مع الدوام مثل او من الامر اذا ادامه ومدن المكان اذا اقام به ومنه المدينة يعنى ان الدم غم يصحب الانسان صحبة لها دوام على ما وقع مع يمنى انه لم يقع ولزومه قد يكون لقوته من اول الامر وقد يكون لعدم غيبة موجبة وسببه عن الخاطر وقد يكون لكثرة تذكره ولغير ذلك من الاسباب وفى الآية دلالة على ان الجاهل لا بد ان يصير نادما على ما فعله بعد زمان وفى ترتيب الامر بالتبين على فسق المخبر اشارة الى قبول خبر الواحد العدل فى بعض المواد ورد عليه السلام شهادة رجل فى كذبة واحدة وقال ( ان شاهد الزور مع العشار فى النار ) وقال عليه السلام ( من شهد شهادة زور فعليه لعنة اللّه ومن حكم بين اثنين فلم يعدل ببينهما فعليه لعنة اللّه وما شهد رجل على رجل بالكفر الاباء به احدهما ان كافرا فهو كما قال وان لم يكن كافرا فقد كفر بتكفيره اياه ) كما فى كشف الاسرار وفى الآية ايضا اشارة الى ترك الاستماع الى كلام الساعى والتمام والمغتاب للناس كسى بيش من درجهان عاقلست ... كه مشغول خود وز جهان غافلت كسى راكه نام آمد ابدر ميان ... به نيكوترين نام ونعتش بخوان ازان همنشين تاتوانى كربز كه مرفتنه خفته راكفت خين ميان دوكس جنك جون آتش است ... سخن جين بدبخت هيزم كش است ميان دوتن آتش آفروختن ... نه عقلست خود درميان سوختن فلا بد من التبين والتفحص ليظهر حقيقة الحال ويسلم المرء من الوبال ويفتضح الكذاب الدجال وفى الحديث ( التبين من اللّه والعجلة من الشيطان ) وفيها ايضا اشارة الى تسويلات النفس الفاسقة الامارة بالسوء ومجيئها كل ساعة بنبأ شهوة من شهوات الدنيا فتبينوا ربحها وخسرانها من قبل ان تصيبوا قوما من القلوب وصفاتها بجهالة ما فيها من شفاء النفوس وحياتها ومرض القلوب ومماتها فتصبحوا صباح القيامة وانتم على ما فعلتم نادمون ٧ { واعلموا ان فيكم رسول } وبدانيدكه درميان شماست رسول اللّه . وفائدة الامر الدلالة على انهم نزلوا منزلة الجاهلين لمكانه لتفريطهم فيما يجب من تعظيم شأنه فيكون قوله تعالى { لو يطيعكم فى كثير من الامر لعنتم } استئنافا وقال بعضهم ان بما فى حيزها ساد مسد مفعولى اعلموا باعتبار ما بعده من قوله تعالى لو يطيعكم الخ فانه حال من احد الضميرين في فيكم الاول المرفوع المستتر فيه العائد الى رسول اللّه المنتقل اليه من عامله المحذوف لان التقدير كائن فيكم او مستقر والثانى المجرور البارز والمعنى اى على الحال ان فيكم رسول اللّه كائنا على حالة يجب عليكم تغييرها او كائنين على حالة الخ وهى انكم تريدون ان يتبع عليه السلام رأيكم فى كثير من الحوادث ولو فعل ذلك لوقعتم فى الجهد والهلاك فعلى هذا يكون قوله لو يطيعكم الخ دليل وجوب تغيير تلك الحال اقيم مقام الحال وفيه ايذان بأن بعضهم زينوا لرسول اللّه الايقاع بينى المصطلق تصديقا لقول الوليد وانه عليه السلام لم يطع رأيهم والعنت محركة الفساد والاثم والهلاك ودخول المشقة على الانسان كما فى القاموس يقال عنت فلان اذا وقع فى امر يخاف منه التلف كما فى المفردات فهو من الباب الرابع مثل طرب يطرب طربا وقال الزمخشرى هو الكسر بعد الجبر كما فى تاج المصادر العنت بزه مند شدن ودركارى افتيدن كه ازان بيرون نتواند آمد وشكسته شدن استخوان بس ازجبر وقوله { لمن خشى العنت منكم } يعنى الفجور والزنى ومنه الاسير من المسلمين فى دار الحرب اذا خشى العنت على نفسه والفجور لا بأس بأن يتزوج امرأة منهم والتركيب يدل على مشقة وصيغة المضارع فى لو يطيكم للدلالة على ان امتناع عنتهم لامتناع استمرار طاعته عليه السلام لان عنتهم انما يلزم من استمرار الطاعة فيما يعن لهم من الامور اذ فيه اختلال امر الا يالة وانقلاب الرئيس مرؤوسا لا من اطاعته فى بعض ما يرونه نادرا بل فيها استمالتهم بلا معرة قال فى علم البلاغة او للشرط فى الماضى اى لتعليق حصول مضمون الجزآء بحصول مضمون الشرط فرضا مع القطع بانتفاء الشرط فيلزم انتفاء الجزآم فيلزم عدم الثبوت والمضى فى جملتها اذا الثبوت ينافى التعليق والاستقبال ينافى الماضى فلا يعدل فى جملتيها عن الفعلية لماضوية الا لنكتة فدخولها على المضارع نحو لو يطيعكم الخ لقصد استمرار الفعل فيما مضى وقتا فوقتا والفعل هو الاطاعة يعنى ان امتناع عنتكم بسبب امتناع استمراره على اطاعتكم فان المضارع يفيد الاستمرار ودخول لو عليه امتناع الاستمرار { ولكن اللّه حبب اليكم الايمان } الخ تجريد للخطاب وتوجيه له الى بعضهم بطريق الاستدراك بيانا لبرآءتهم من اوصاف الاولين واحمادا لافعالهم وهم الكاملون الذين لا يعتمدون على كل ما سمعوه من الاخبار والتحبيب دوست كردانيدن. اى ولكنه تعالى جعل الايمان محبوبا لدينكم { وزينة } وحسنة { فى قلوبكم } حتى رسخ حبه فيها ولذلك اتيتم بما يليق به من الاقوال والافعال وفى عين المعانى فى قلوبكم دون السنتكم مجردة ردا على الكرامية وقيل دون جوارحكم ردا على الشفعوية { وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان } ولذلك اجتنبتم ما لا يليق بها مما لا خير فيه من آثارها واحكامها والتكريه هنا بمعنى التبغيض والبغض ضد الحب فالبغض نفار النفس عن الشئ الذى ترغب عنه والحب انجذاب النفس الى شئ الذى ترغب فيه ولما كان فى التحبيب والتكريه معنى انهاء المحبة والكراهة وايصالهما اليهم استعملا بكلمة الى قال فى فتح الرحمن معنى تحبيب اللّه وتكريهه اللطف والامداد بالتوفيق والكفر تغطية نعم اللّه بالجحود والفسوق الخروج عن القصد اى العدل بظلم نفسه والعصيان الامتناع من الانقياد وهو شامل لجميع الذنوب والفسوق مختص بالكبائر { اولئك } المستثنون بقوله ولكن اللّه الخ { هم الراشدون } اى السالكون الى الطريق السوى الموصل الى الحق وفى الآية عدول وتلوين حيث ذكر اولها على وجه المخاطبة وآخرها على المغايبة حيث قيل اولئك هم الراشدون ليعلم ان جميع من كان حاله هكذا فقد دخل فى هذا المدح كما قال ابو الليث ٨ { فضلا من اللّه ونعمة } اى وانعاما تعليل لحبب وكره وما بينهما اعتراض لا للراشدين فان الفضل فعل اللّه والرشد وان كان مسببا عن فعله وهو التحبيب والتكريه مسند الى ضميرم يعنى ان المراد بالفاعل من قام به الفعل واسند هو اليه لا من اوجده ومن المعلوم ان الرشد قائم بالقوم والفضل والانعام قائمان به تعالى فلا اتحاد { واللّه عليم } مبالغ فى العلم فيعلم احوال المؤمنين وما بينهم من التفاضل والتمايز { حكيم } يفعل كل ما يفعل بموجب الحكمة ( وقال الكاشفى ) واللّه عليم وخداى تعالى داناست بصدق وكذب حكيم محكم كارست درامور بندكانوازحكمتهاى اوست كه بتحقيق اخبار ميفر ما بدكه ازخبر هاى ناراست انواع فتنهامى زايد هركز سخنان فتنة انكيزمكو ... وآن راست كه هست فتنه ان نيزمكو خامش كن وكرجاره ندارى زسخن ... شوخى مكن وتند مشو تيزمكو وفى الآية دليل على ان من كان مؤمنا لا يحب الفسق والمعصية واذا ابتلى بالمعصية فان شهوته وغفلته تحمله على ذلك لا لحبه للمعصية بل ربما يعصى حال الحضور لان فيه نفاذ قضائه تعالى . شيخ اكبر قدس سره الاطهرمى فرمايدكه بعضى ازصالحان مراخبردادكه بفلان عالم در آمدم واو عظيم برنفس خود مسرف بود شيخ فرمودكه من آن عالم مسرف رانيزمى دانم وباوى اجتماع اتفاق افتاده بودآن عزيز صالح ميكويدكه جون بدر خانة اورسيدم ابا كردازان سبب كه برصورتى نامشروع نشسته بود كفتم جاره نيست ازديدن او كفت بكوبيدكه من برجه حالم كفتم لا بداست دستورى داد در آمدم وآن خمر ايشان تمام شده بود بعضى از حاضران كفت بفلانى رقعه بنويس كه قدرى بفرستد آن عالم كفت نكنم ونمى خواهم برمعصيت حق تعالى مصر باشم واللّه واللّه كه هيج كاسه نمى خورم الاكه درعقب آن توبه ميكنم ومنتظر كاس ديكر نباشم وبانفس خود در ان باب سخن نمى كويم جوق بارديكر درومى رسد وساقى مى آيد درنفس خودنكاه ميكنم اكرراى من بران قرار ميكيردكه بكيرم مى ستانم وجوق فارغ شدم باز بحق رجوع ميكنم وتوبه مى آرم درمرور اوقات درخاطر من نيست كه عصيان كنم آن عزيز مى كويد كه باوجود عصيان واسراف او تعجب نمودم كه جكونه ازمثل اين حضور غافل نشد بس حذركنى ازاصرار كردن بركناه بلكه درهر حالت توبه كنى وبحق تعالى بازكرد وبراثر هر عصيانى عذرى بخواه طريقى بدست آروصلحى بجوى ... شفيعى بر انكيز وعذرى بكوى كه يكلحظه صورت نبندد امان ... جوبيمانه برشد بدور زمان ٩ { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا } اى تقاتلوا والجمع حيث لم يقل اقتتلتا على التثنية والتأنيث باعتبار المعنى فان كل طائفة جمع والطائفة من الناس جماعة منهم لكنها دون الفرقة كما دل عليه قوله تعالى { فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة } طائفتان فاعل فعل محذوف وجوبا لا مبتدأ لأن حرف الشرط لا يدخل الا على الفعل لفظا او تقديرا والتقدير وان اقتتل طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فحذف الاول لئلا يلزم اجتماع المفسرو المفسر واصل القتل ازالة الروح عن الجسد { فاصلحوا بينهما } تنى الضمير باعتبار اللفظ والصلاح الحصول على الحالة المستقيمة النافعة والاصلاح جعل الشئ على تلك الحالة وبالفارسية باصلاح آوردن . اى فاصلحوا بين تينك الطائفتين بالنصح والدعاء الى حكم اللّه قال عمر بن عبد العزيز رحمه اللّه من وصل اخاه بنصيحة فى دينه ونظر له فى صلاح دنياه فقد احسن صلته وقال مطرف وجدنا انصح العباد لله الملائكة ووجدنا أغش العباد لله الشياطين يقال من كتم السلطان نصحه والاطباء مرضه والاخوان بثه فقد خان نفسه والاصلاح بين الناس اذا تفاسدوا من اعظم الطاعات واتم القربات وكذا نصرة المظلوم وفى الحديث ( الاخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة ) قالوا بلى يا رسول اللّه قال ( اصلاح ذات البين ) وقال لقمان يا بنى كذب من يقول ان الشر يطفى الشر فان كان صادقا فليوقد نارين ثم لينظر هل تطفئ احداهما الاخرى وانما يطفئ الماء النار وفى الحديث ( المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يعيه ولا يتطاول عليه فى البنيان فيستر عنه الريح الا بأذنه ولا يؤذيه بقتار قدره الا ان يغرف له منها ولا يشترى لبنيه الفاكهة فيخرجون بها الى صبيان جاره ولا يطعمونهم منها ) وقال بعض العارفين سعى الانسان فى مصالح غيره من اعظم القربات الى اللّه تعالى وتأمل فى موسى عليه السلام لما خرج يمشى فى الظلمة فى حق اهله ليطلب لهم نارا يصطلون بها ويقضون بها الا امر الذى لا يقضى الا بها فى العادة كيف انتج له ذلك الطلب سماع كلام ربه من غير واسطة ملك فكلمه اللّه فى عين حاجته وهى النار ولم يكن يخطر له هذا المقام بخاطر فلم يحصل له الا فى وقت السعى فى مصالح العيال وذلك ليعلمه اللّه بما فى قضاء حوائج العائلة من الفضل فيزيد حرصا فى سعيه فى حقهم لانهم عبيده على كل حال وكذلك لما وقع لموسى الفرار من الاعدآء الذين طلبوا قتله انتج له ذلك القرار الحكم والرسالة كما قال { ففرت منكم لما خفتكم فوهب لى ربى حكما وجعلنى من المرسلين } وذلك لان فراره كان صعيا فى حق الغير الذى هو النفس الناطقة المالكة تدبير هذا البدن فان فرار الاكابر دآئما انما يكون فى حق الغير لا فى حق انفسهم فكان الفار من موسى النفس الحيوانية وكذلك لما خرج الخضر عليه السلام يرتاد الماء للجيش الذى كان معه حين فقدوا الماء فوقع بعين الحياة فشرب منها عاش الى زمننا هذا والحال انه كان لا يعرف ما خص اللّه به شارب ذلك الماء من الحياة فلما عاد وأخبر أصحابه بالماء سارعوا الى ذلك الموضع ليستقوا منه فأخذ اللّه بأبصارهم عنه فلم يهتدوا الى موضعه ( كما قال الحافظ ) سكندررانمى بخشند آبى ... بزور وزر ميسر نيست اين كار فانظر ما انتج له سعيه فى حق الغير واعمل عليه والآية نزلت فى قتال احدث بين الاوس والخزرج فى عهده عليه السلام بالسعف وهى اغصان النخل اذا يبست والنعال فقال ابن عباس رضى اللّه عنهما ان النبى عليه السلام مريوما على ملأ من الانصار فيهم عبد اللّه بن ابى المنافق ورسول اللّه عليه السلام على حماره فوقف عليهم بعضهم فبال حماره أوراث فأمسك عبد اللّه بن ابى انفه وقال نح عنا نتن حمارك فقد آذيتنا بنتنه فمن جاءك منا فعظه فسمع ذلك عبد اللّه بن رواحة رضى اللّه عنه فقال ألحمار رسول اللّه تقول هذا واللّه ان بول حمار رسول اللّه اطيب رآئحة منك فمر عليه السلام وطال الكلام بين عبد اللّه بن ابى المنافق الخزرجى وعبد اللّه بن رواحة الاوسى حتى استبا وتجالدا وجاء قوم كل واحد منهما من الاوس والخزرج وتجالدوا بالعصى او بالنعال والايدى او بالسيف ايضا فنزلت الآية فرجع اليهم رسول اللّه قلنا احدى الطائفتين هى عبد اللّه بن ابى وعشيرته ولم يكن كلهم منافقين فالآية تتناول المؤمنين منهم او المراد بالمؤمنين من اظهر الايمان سوآء كان مؤمنا حقيقة او ادعاء وقيل فى سبب النزول غير هذا ويحتمل ان تكون الروايات كلها صحيحة ويكون نزول الآية عقيب جميعها وقال ابن بحر القتال لا يكون بالنعال والايدى وانما هذا فى المنتظر من الزمان انتهى. يقول الفقير فسروا بالقتل بفعل يحصل به زهوق الروح كالضرب بآلة الحرب والمحدد ولو من خشب ونحو ذلك مما يفرق الا جزآء ولا شك ان السعف من قبل الخشب المحدد واما النعال فان بعضها يعمل عمل الخشب المحدد كما شاهدنا فى نعال بعض الاعراب على ان التقال قد يستعمل مجازا فى المحاربة والمضاربة فقد وقع التقال مطلقا فى زمن النبى عليه السلام واما حرف الشرط فاشارة الى انه لا ينبغى ان يصدر التقال من المؤمنين الا فرضا مع ان خصوص السبب لا ينافى عموم الحكم فالآية عامة فى جميع المسلمين الى يوم القيامة على تقدير القتال فاعرف { فان بغت } اى تعدت يقال بغى عليه بغيا علا وظلم وعدل عن الحق واستطال كما فى القاموس واصل البغى طلب ما ليس بمستحق فان البغى الطلب { احداهما } وكانت مبطلة { على الاخرى } وكانت محقة ولم تتأثر اى الباغية بالنصيحة { فقاتلوا التى تبغى } اى قاتلوا الطائفة الباغية { حتى تفيئ } اى ترجع فان الفيء الرجوع الى حالة محمودة { الى امر اللّه } اى الى حكمه الذى حكم به فى كتابه العزيز وهو المصالحة ورفع العداوة او الى ما امر به وهو الاطاعة المدلول عليها بقوله { اطيعوا اللّه واطيعوا لرسول واولى الامر منكم } فأمر اللّه على الاول واحد الامور وعلى الثانى واحد الاوامر وانما اطلق الفيئ على الظل لرجوعه بعد نسخ الشمس اى ازالتها اياه فان الشمس كلما ازدادت ارتفاعا ازداد الظل انتساخاوزو الا وذلك الى ان توازى الشمس خط نصف النهار فاذا زالت عنه وأخذت فى الانحطاط اخذ الظل فى الرجوع والظهور فلما كان الزوال سببا لرجوع ما نتسخ من الظل اضيف الظل الى الزوال فقيل فيئ الزوال واطلق ايضا على الغنيمة لرجوعها من الكفار الى المسلمين وتلك الاموال وان لم تكن اولا للمسلمين لكنها لما كانت حقهم ليتوسلونها الى طاعته تعالى كانت كأنها لهم اولا ثم رجعت . ومر الاصمعى بحى من احياء العرب فوجد صبيا يلعب مع الصبيان فى الصحرآء ويتكلم بالفصاحة فقال الاصمعى اين اباك يا صبى فنظر اليه الصبى ولم يجب ثم قال اين ابيك فنظر اليه ولم يجب كالاول ثم قال اين ابوك فقال فاء الى الفيفاء لطلب الفيئ فاذا فاء الفيئ فاء اى رجع { فان فاءت } اليه واقلعت عن القتال حذارا من قتالكم { فاصلحوا بينهما بالعدل } والانصاف بفصل ما بينهما على حكم اللّه ولا تكتفوا بمجرد متاركتهما عسى ان يكون بينهما قتال فى وقت آخر ( قال الحافظ ) جويبار ملك راآب سرشمشيرتست خوش درخت عدل نشان بيخ بدخواهان بكن قل كيخسرو اعظم الخطايا محاربة من يطلب الصلح وتقييد الاصلاح بالعدل ههنا دون الاول لانه مظنة الحيف لوقوعه بعد المقاتلة وهى تورث الاحن فى الغالب وقد أكد ذلك حيث قيل { واقسطوا } اى واعدلوا فى كل ما تأتون وما تذرون من اقسط اذا ازال القسط بالفتح اى الجور يقال اذا جاء القسط بالكسر اى العدل زال القسط بالفتح اى الجور وقال بعضهم الاقساط ان يعطى قسط غيره اى نصيبه ذلك انصاف { ان اللّه يحب المقسطين } اى العادلين الذين يؤدون لكل ذى حق حقه فيجازيهم باحسن الجزاء ( قال الكاشفى ) عدل راشكر هست جان افزاى ... عدل مشاطه ايست ملك اراى عدل كن زانكه در ولايت دل ... در بيغمبرى زند عادل ( وقال الحافظ ) شاه رابه بود از طاعت صد ساله وزهد ... قدر يكساعته عمرى كه درو داد كند قال بعض الكبار كل من كان فيه صفة العدل فهو ملك وان كان الحق ما ستخلفه بالخطاب الالهى فان من الخلفاء من اخذ المرتبة بنفسه من غير عهد الهى اليه بها وقام بالعدل فى الرعايا استنادا الى الحق كما قال عليه السلام ( ولدت فى زمان الملك العادل ) يعنى كسرى فسماه ملكا ووصفه بالعدل ومعلوم ان كسرى فى ذلك العدل على غير شرع منزل لكنه نائب للحق من ورآء الحجاب وخرج بقولنا وقام بالعد فى الرعايا من لم يقم بالعدل كفرعون وامثاله من المنازعين لحدود اللّه والمغالبين لجنابه بمغالبة رسله فان هؤلاء ليسوا بخلفاء اللّه تعالى كالرسل ولا نواباً له كالملوك العادلة بلهم اخوان الشياطين قال بعضهم شه كسرى از ظلم ازان ساده است ... كه در عهد او مصطفى زاده است اى كان عدله من انعكاس نور انبته صلّى اللّه عليه وسلّم فاعرف جدا وفى الآية دلالة على ان الباغى لا يخرج بالبغى عن الايمان لان احدى الطائفتين فاسقة لا محالة اذ اقتتلتا وقد سماهما مؤمنين وبه يظهر بطلان ما ذهب اليه المعتزلة والخوارج من خروج مرتكب الكبيرة عن الايمان ويدل عليه ما روى عن على رضى اللّه عنه انه سئل وهو القدوة فى قتال اهل البغى أعلمنا اهل الجمل وصفين أمشركون هم فقال لا من الشرك فروا فقيل أمنافقون هم فقال لا ان المنافقين لا يذكرون اللّه الا قليلا قيل فما حالهم ق لاخواننا بغوا علينا وايضا فيها دلالة على ان الباغى اذا امسك عن الحرب ترك لانه قام الى امر اللّه وانه يجب معاونة من بغى عليهم بعد تقديم النصح والسعى فى المصالحة بدلالة قوله فأصلحوا بينهما فان النصح والدعاء الى حكم اللّه اذا وجب عند وجود البغى من الطائفتين فلأن يجب عند وجوده من احداهما اولى لان ظهور اثره فيها اوحى . واعلم ان الباغى فى الشرع هو الخارج على الامام العادل وبيانه فى الفقه فى باب البغاة قال سهل رحمه اللّه فى هذه الآية الطائفتان هما الروح والقلب والعقل والطبع والهوى والشهوة فان بغى الطبع والهوى والشهوة على العقل والقلب والروح فيقاتل العبد بسيوف المراقبة وسهام المطالعة وانوار الموافقة ليكون الروح والعقل غالبا والهوى والشهوة مغلوبا وقال بعضهم النفس اذا ظلمت على القلب باستيلاء شهواتها واستعلائها فى فسادها يجب ان تقاتل حتى تثخن بالجراحة بسيوف المجاهدة فان استجابت بالطاعة فيعفى عنها لانها هى المطية الى باب اللّه ولا بد من العدل بين القلب والنفس لئلا يظلم القلب على النفس كما لا يظلم النفس على القلب لان لنفسك عليك حقا نسأل اللّه اصلاح البال واعتدال الحال ١٠ { إنما المؤمنون اخوة } جمع الاخ واصله المشارك لآخر فى الولادة من الطرفين او من احدهما او من الرضاع ويستعار فى كل مشارك لغيره فى القبيلة او فى الدين او فى صنعة او فى معاملة اوقى مودة او فى غير ذلك من المناسبات والفرق بين الخلة والاخوة ان الصداقة اذ قويت صارت اخوة فان ازدادت صارت خلة كما فى احياء العلوم وسئل الجنيد قدس سره عن الاخ فقال هو انت فى الحقيقة الا انه غيرك فى الشخص قال بعض اهل اللغة الاخوة جمع الاخ من النسب والاخوان جمع الاخ من الصداقة ويقع احدهما موقع الآخر وفى الحديث ( وكونوا عباد اللّه اخوانا ) والمعنى انما المؤمنون منتسبون الى اصل واحد هو الاب الموجب للحياة الفانية فالآية من قبيل التشبيه البليغ المبتنى على تشبيه الايمان بالاب فى كونه سبب الحياة كالاب { فأصلحوا بين اخويكم } الفاء للايذان بأن الاخوة الدينية موجبة للاصلاح ووضع المظهر مقام المضمر مضافاً الى المأمورين للمبالغة فى تأكيد وجوب الاصلاح والتحضيض عليه وتخصيص الاثنين بالذكر لاثبات وجوب الاصلاح فيما فوق ذلك بطريق الاولوية لتضاعف الفتنة والفساد فيه { واتقوا اللّه } فى كل ما تأتون وما تذرون من الامور التى من جملتها ما امرتم به من الاصلاح وفى التاويلات النجمية واتقوا اللّه فى اخوتكم فى الدين يحفظ عهودهم ورعاية حقوقهم فى المشهد والمغيب والحياة والممات { لعلكم ترحمون } راجين ان ترحموا على تقواكم كما ترحمون . واعلم ان اخوة الاسلام اقوى من اخوة النسب بحيث لا تعتبر اخوة النسب اذا خلت عن اخوة الاسلام الا ترى انه اذا مات المسلم وله اخ كافر يكون ماله للمسلمين لا لاخيه الكافر وكذا اذا مات اخ الكافر وذلك لان الجامع الفاسد لا يفيد الاخوة وان المعتبر الاصلى الشرعى الا يرى ان ولدى الزنى من رجل واحد لا يتوارثان وهذا المعنى يستفاد من الآية ايضا لان انما للحصر فكأنه قيل لا اخوة الا بين المؤمنين فلا اخوة بين المؤمن والكافر وكسب المرتد حال اسلامه لوارثه المسلم لاستناده الى ما قبل الردة فيكون توريث المسلم من المسلم واما كسبه حال ردته فهو فيئ يوضع فى بيت المال لانه وجد بعد الردة فلا يتصور اسناده الى ما قبلها وفى الحديث ( كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة الا سببى ونسبى ) مراد باين نسب دين وتقواست نه نسب آب وكل والا ابو لهب رادر ان نصيب بودى ، كما فى كشف الاسرار قال بعض الكبار القرابة من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على ثلاثة اقسام لانها اما قرابة فى الصورة فقط او فى المعنى فقط او فى الصورة والمعنى فاما القرابة فى الصورة فلا يخلو اما ان تكون بحسب طينته كالسادات الشرفاء او بحسب دينه وعلمه كالعلماء والصالحين والعباد وسائر المؤمنين وكل منهما نسبة صورية واما قرابته عليه السلام فى المعنى فهم الاولياء لان الولى هو ولده الروحى القائم بما تهيأ لقبوله من معناه ولذلك قال صلى اللّه عليه وسلم ( سلمان منا اهل البيت ) اشارة الى القرابة المعنوية واما القرابة فى الصورة والمعنى معا فهم الخلفاء والائمة القائمون مقامه سواء كان قبله كأكابر الانبياء الماضين او بعده كالاولياء الكاملين وهذه اعلى مراتب القرابة وتليها القرابة الروحية ثم القرابة الصورية الدينية ثم قرابة الطينية فان جمعت ما قبلها فهى الغاية وقال بعضهم ان اللّه خلق الارواح من عالم الملكوت والاشباح من عالم الملك ونفخ فيها تلك الارواح وجعل بينها النفوس الامارة التى ليست من قبيل الارواح ولا من قبيل الاشباح وجعلها مخالفة للارواح ومساكنها اى الاشباح فأرسل عليها جند العقول ليدفع بها شرها وهى العقول المجردة والاخروية والا فالعقول الغريزية والدينوية لا تقدر على الدفع بل هى معينة للنفس فاذا امتحن اللّه عباده المؤمنين هيج نفوسهم الامارة ليظهره حقائق درجاتهم من الايمان والاخوة وامرهم ان يعينوا العقل والروح والقلب على النفس حتى تنهزم لان المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا فهم كنفس واحدة لان صادرهم مصدر واحد وهو آدم عليه السلام ومصدر روح آدم نور المكوت ومصدر جسمه تربة الجنة فى بعض الاقوال ولذلك يصعد الروح الى الملكوت الجسم الى الجنة كما قال عليه السلام ( كل شئ يرجع الا اصله ) وفى التأويلات النجمية اعلم ان اخوة النسب انما تثبت اذا كان منشأ النطف صلبا واحدا فكذلك اخوة الدين منشأ نطفها صلب النبوة وحقيقة نطفها نور اللّه فاصلاح ذات بينهم يرفع حجب استار البشرية عن وجوه القلب ليتصل النور بالنور من روزنة القلب ليصيروا كنفس واحدة كما قال عليه السلام ( المؤمنون كنفس واحدة ان اشتكى عضو واحد تداعى سائر الجسد بالحمى والسهر ). بنى آدم اعضاى يكديكرند ... كه در آفرينش زيك جوهرند جوعضوى بدر دآورد روزكار ... دكر عضوها رانماند قرار ومن حق الاخوة فى الدين ان تحب لاخيك ما تحب لنفسك ويسرك ما سره ويسوءك ما ساءه وان لا تحوجه الى الاستعانة بك وان استعان تعنه وتنصره ظالما او مظلوما فمنعك اياه عن الظلم فذلك نصرك اياه وفى الحديث ( المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يشتمه من كان فى حاجة اخيه كان اللّه فى حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج اللّه عنه بها كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلماً ستره اللّه يوم القيامة ) ومن حقه ان لا تقصر فى تفقد أحواله بحيث يشكل عليك موضع حاجته فيحتاج الى مسألتك وان لا تلجئه الى الاعتذار بل تبسط عذره فان اشكل عليك وجهه عدت باللائمة على نفسك فى خفاء عذره وتتوب عنه اذا اذنب وتعوده اذا مرض واذا اشار اليك بشئ فلا تطالبه بالدليل وايراد الحجة كما قالوا لا يسألون اخاهم حين يندبهم ... فى النائبات على ما قال برهانا اذا استنجدوا لم يسألوا من دعاهمو ... لأية حرب ام باى مكان والاستنجاد يارى خواستن ، قيل لفيلسوف ما الصديق فقال اسم بلا مسمى وقال فضيل لسفيان دلنى على من اركن اليه فقال ضالة لا توجد وقال ابو اسحق الشيرازى سألت الناس عن خل وفى ... فقالوا ما الى هذا سبيل تمسك ان ظفرت بود حر ... فان الحر فى الدنيا قليل قيل ابعد الناس سفراً من كان سفره فى طلب اخ صالح قال اعرابى اللهم احفظنى من الصديق فقيل له فى ذلك قال الحذر منه اكثر من الحذر من العدو قال على رضى اللّه عنه اخوان هذا الزمان جواسيس العيوب وقد احسن من قال الاخ الصالح خير لك من نفسك لان النفس امارة بالسوء والاخ لا يأمرك الا بخير وقيل الدنيا بأسرها لا تسع منباغضين وشبر بشبر يسع المتحابين كما قال الحكماء دمددرويش در كليمى بخسبند ودو بادشامدر اقليمى نكنجند . واعلم ان المواخاة امر مسنون من لدن النبى عليه السلام فانه آخى بين المهاجرين والانصار ١١ { يا أيها الذين آمنوا لا يسخر } السخرية ان يحقر الانسان اخاه ويستخفه ويسقطه عن درجته ويعده ممن لا يلتفت اليه اى لا يستهزئ { قوم } اى منكم وهو اسم جمع لرجل { من قوم } آخرين ايضا منكم والتنكير اما للتعميم او للتبعيض والقصد الى نهى بعضهم عن سخرية بعض لما انها مما يجرى بين بعض وبعض فان قلت المنهى عنه هو ان يسخر جماعة من جماعة فيلزم ان لا يحرم سخرية واحد من واحد قلت اختيار الجمع ليس للاحتراز عن سخرية الواحد من الواحد بل هو لبيان الواقع لان السخرية وان كانت بين اثنين الا ان الغالب أن تقع بمحضر جماعة يرضون بها ويضحكون بسببها بدل ما وجب عليهم من النهى شركاء الساخر فى تحمل الوزر ويكونون والانكار ويكونون بمنزلة الساخرين حكما فنهوا عن ذلك يعنى انه من نسبة فعل البعض الى الجميع لرضاهم به فى الاغلب او لوجوده فيما بينهم والقوم مختص بالرجال لانهم قوامون على النساء ولهذا عبر عن الاناث بما هو مشتق من النسوة تفتح النون وهو ترك العمل ويؤيده قول زهير وما ادرى ولست اخال ادرى ... أقوم آل حصن ام نساء { عسى } شايد { ان يكونوا } باشند { خيرا منهم } تعليل للنهى اى عسى ان يكون المسخور منهم خيرا عند اللّه من الساخرين ولا خبر لعسى لاغناء الاسم عنه { ولا نساء } اى ولا تسخر نساء من المؤمنات وهو اسم جمع لامرأة { من نساء } منهن وانما لم يقل امرأة من رجل ولا بالعكس للاشعار بان مجالسة الرجل المرأة مستقبح شرعا حتى متعوها عن حضور الجماعة ومجلس الذكر لان الانسان انما يسخر ممن يلابسه غالبا { عسى ان يكن } اى المسخور منهن { خيرا منهن } اى من الساخرات فان مناط الخميرية فى الفريقين ليس ما يظهر للناس من الصور والاشكال ولا الاوضاع والاطوار التى عليها يدور امر السخرية غالبا بل انما هو الامور الكامنة فى القلوب فلا يجترئ احد على استحقار أحد فعله اجمع منه لما نيط به من الخيرية عند اللّه فيظلم نفسه بتحقير من وقره اللّه واستهانة من عظمه اللّه وفى التأويلات النجمية بشير الى انه لا عبرة بظاهر الخلق فلا تنظر الى احد بنظر الا زرآء والاستهانة والاستخفاف والاستحقار لان فى استحقار اخيك عجب نفسك مودع كما نظر ابليس بنظر الحقارة الى آدم عليه السلام فأعجبه نفسه فقال انا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين فلعن الى الابد لهذا المعنى فمن حقر أخاه المسلم وظن انه خير منه يكون ابليس وقته واخوه آدم وقته ولهذا قال تعالى { عسى ان يكونوا خيرا منهم } فبالقوم يشير الى اهل المحبة وارباب السلوك فانهم مخصوصون بهذا الاسم كما قال تعالى { فسوف يأتى اللّه بقوم يحبهم ويحبونه } يعنى لا ينظر المنتهى من ارباب الطلب بنظر الحقارة الى المبتدئ والمتوسط عسى ان يكونوا خيرا منهم فان الامور بخواتيمها ولهذا قال اوليائى تحت قبابى لا يعرفهم غيرى وقال عليه السلام ( رب اشعت اغبر ذى طمرين لايوبه به لو أقسم على اللّه لأبره ) قال معروف الكرخى يوما لتلميذه السرى السقطى قدس اللّه سرهما اذا كانت لك الى اللّه حاجة فأقسم عليه بى ومن هنا اخذوا قولهم على ظهر المكاتيب بحرمة معروف الكرخى واللّه اعلم يقول البغداديون قبر معروف ترياق مجرب وبالنساء يشير الى عوام المسلمين لانه تعالى عبر عن الخواص بالرجال فى قوله { رجال لا تلهيهم تجارة } وقوله { رجال صدقوا ما عاهدوا اللّه عليه } يعنى لا ينبغى لمسلم ما أن ينظر الى مسلم ما بنظر الحقارة عسى ان يكن خيرا منهن الى هذا المعنى يشير . ثم نقول ان للملائكة شركة مع ابليس فى قولهم لآدم { اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك } كان فى نظرهم اليه بالحقارة اعجاب انفسهم مودعا ولكن الملائكة لم يصروا على ذلك الاعجاب وتابوا الى اللّه ورجعوا مما قالوا فعالجهم اللّه تعالى باسجادهم لآدم لان فى السجود غاية الهوان والذلة للساجد وغاية العظمة والعزة للمسجود فلما كان فى تحقير آدم هو انه وذلته وعزة الملائكة وعظمتهم امرهم بالسجود لان علاج العال باضدادها فزال عنهم علة العجب وقد أصر ابليس على قوله وفعله ولم يتب فأهلكه اللّه بالطرد واللعن فكذلك حال من ينظر الى اخيه المسلم بنظر الحقارة ( قال الحافظ ) مكن بجشم حقارت نكاه برمن مست ... كه نيست معصيت وزهدبى مشيت او قال ابن عباس رضى اللّه عنه نزلت الآية فى ثابت بن قيس بن شماس رضى اللّه عنه كان فى اذنه وقر فكان اذا اتى مجلس رسول اللّه عليه السلام وقد سبقوه بالمجلس وسعوا له حتى يجلس الى جنبه عليه السلام يسمع ما يقول فاقبل ذات يوم وقد فاتته ركعة من صلاة الفجر فلما انصرف النبى عليه السلام من الصلاة اخذ اصحابه مجالسهم فضن كل رجل بمجلسه فلا يكاد يوسع احد لاحد فكان الرجل اذا جاء لا يجد مجلسا فيقوم على رجليه فلما فرغ ثابت من الصلاة اقبل نحو رسول اللّه يتخطى رقاب الناس وهو يقول تفسحوا تفسحوا فجعلوا يتفسحون حتى انتهى الى رسول اللّه بينه وبينه رجل فقال له نفسخ فلم يفعل فقال من هذا فقال له الرجل انا فلان فقال بل انت اين فلانة يريد اماله كان يعير بها فى الجاهلية فخجل الرجل ونكس رأسه فأنزل اللّه هذه الآية ( وروى ) ان قوله تعالى { ولا نساء من نساء } نزل فى نساء النبى عليه السلام عيرن ام سلمة بالقصر او أن عائشة رضى اللّه عنها قالت ان ام سلمة جميلة لولا انها قصيرة وقيل ان الآية نزلت فى عكرمة بن ابى جهل حين قدم المدينة مسلما بعد فتح مكة فكان المسلمون اذا رأوه قالوا هذا ابن فرعون هذه الامة فشكا ذلك للنبى عليه السلام فقال عليه السلام ( لا تؤذوا الاحياء بسبب الاموات ) ونزلت الآية هميشه درصدد عيب جويئ خويشم ... نبودءايم بى عيب ديكران هركز قال ابو الليث ثم صارت الآية عامة فى الرجال والنساء فلا يجوز لاحد ان يسخر من صاحبه او من احد من خلق اله وعن ابن مسعود البلاء موكل بالقول وانى لأخشى لو سخرت من كلب ان احول كلباً وذلك لان المؤمن ينبغى أن ينظر الى الخالق فانه صنعه لا إلى المخلوق فانه ليس بيده شئ فى الحسن والقبح ونحوهما قيل للقمان ما اقبح وجهك فقال تعيب بهذا على النقش أو على النقاش نسأل اللّه الوقوف عند امره ونعوذ به من قهره ( قال الحافظ ) نظر كردن بدرويشان منافئ بزركى نيست ... سليمان باجنان حشمت نظرها كرد بامورش يشير الى التواضع والنظر الى الأدانى بنظر الحكمة { ولا تلمزوا انفسكم } اللمز الطعن باللسان وفى تاج المصادر عيب كردن ، والاشارة بالعين ونحوه والغابر يفعل ويفعل ولم يخص السخرية بما يكون باللسان فالنهى الثانى من عطف الخاص على العام يجعل الخاص كأنه جنس آخر للمبالغة ولهذا قيل جراحات السنان لها التئام ... ولا يلتام ما جرح اللسان والمعنى اولا يعب بعضكم بعضا فان المؤمنين كنفس واحدة والافراد المنتشرة بمنزلة اعضاء تلك النفس فيكون ما يصيب واحدا منهم كأنه يصيب الجميع اذا اشتكى عضو واحد من شخص تداعى سائر الأعضاء الى الحمى والسهر فمتى عاب مؤمنا فكأنما عاب نفسه كقوله تعالى { ولا تقتلوا انفسكم } ( ع ) عيب هركس كه كنى هم بتومى كردد باز ، وفى التأويلات النجمية انما قال انفسكم لان المؤمنين كنفس واحدة ان عملوا شرا الى احد فقد عملوا الى انفسهم وان عملوا خيرا الى احد فقد عملوا الى انفسهم كما قال تعالى { ان احسنتم احسنتم لانفسكم وان اسأتم فلها } ( قال الحافظ ) عيب رندان مكن اى زاهد باكيزه سرشت ... كه كناه دكران برتو نخوا هند نوشت ويجوز ان يكون معنى الآية ولا تفعلوا ما تلمزون به فان من فعل ما يستحق به اللمز فقد لمز نفسه اى تسبب للمز نفسه والا فلا طعن باللسان لنفسه منه فهو من اطلاق المسبب وارادة السبب وقال سعدى المفتى ولا يبعد ان يكون المعنى لا تلمزوا غيركم فان ذلك يكون سببا لان يبحث الملموز عن عيوبكم فيلمزكم فتكونوا لامزين انفسكم فالنظم حينئذ نظير ما ثبت فى الصحيحين من قوله عليه السلام ( من الكبائر شتم الرجل والديه ) قالوا يا رسول اللّه وهل يشتم الرجل والديه قال ( نعم يسب ابا الرجل فيسب اباه ويسب امه فيسب امه ) انتهى يقول الفقير هو مسبوق فى هذا المعنى فان الامام الراغب قال فى المفردات اللمز الاغتياب وتبع المعايب اى لا تلمزوا الناس فيلمزوكم فتكونوا فى حكم من لمز نفسه انتهى ولا يدخل فى الآية ذكر الفاسق لقوله عليه السلام ( اذكروا الفاجر بما فيه كى يحذره الناس ) يقول الفقير اشار التعليل فى الحديث الى أن ذكر الفاجحر بما فيه من العيوب انما يصح بهذا الغرض الصحيح وهو ان يحذر الناس منه ومن عمله والا فالامساك مع ان فى ذكره تلويث اللسان الطاهر ولذا نقل عن بعض المشايخ انه لم يلعن الشيطاناذ ليس فيه فائدة سوى اشتغال اللسان بما لا ينبغى فان العداوة له انما هى بمخالفته لا بلعنته فقط وفى الحديث ( طوبى لمن يشغله عيبه عن عيوب الناس ) وفى الآية اشارة الى ان الانسان لا يخلو عن العيب قيل لسقراط هل من انسان لا عيب فيه قال لو كان انسان لا عيب فيه لكان لا يموت ولذا قال الشاعر ولست بمستبق اخا لا تلمه ... على شعث اى الرجال المهذب اى لا مهذب فى الرجال يخلو من التفرق والعيوب فمن اراد اخا مهذبا وطلت صديقا منقحا لا يجده فلا بد من الستر ( قال الصائب ) زديدن كرده ام معزول جشم عي بينى را ... اكر بر خارمى بجم كل بيخارمى بينم ( وقال ) بعيب خويش اكرراه بردمى صائب ... بعيب جويئ مردم جه كارداشتمى { ولا تنابزوا بالالقاب } النبز بسكون الباء مصدر نبزه بمعنى لقبه وبالفارسية لقب نهادن . وتنابزوا بالالقاب لقب بعضهم بعضا فان التنابز بالفارسية يكديكررا بقلب خواندن . وبفتحها اللقلب مطلقا اى حسنا كان او قبيحا ومنه قيل فى الحديث قوم نبزهم الرافضة اى لقبهم ثم خص فى العرف باللقب القبيح وهو ما يكره المدعو أن يدعى به واللقلب ما سمى به الانسان بعد اسمه العلم من لفظ يدل على المدح او الذم لمعنى فيه والمعنى ولا يدع بعضكم بعضا بلقب السوء قالوا وليس من هذا قول المحدثين لسليمان الاعمش وواصل الاحدب ونحوه مما تدعو الضرورة اليه وليس فيه قصد استخفاف ولا اذى وفيه اشارة الى ان اللقب الحسن لا ينهى عنه مثل محيى الدين وشمس الدين وبهاء الدين وفى الحديث ( من حق المؤمن على اخيه ان يسميه بأحب اسمائه اليه ) { بئس الاسم الفسوق بعد الايمان } الاسم هنا ليس ما يقابل اللقب والكنية ولا يقابل الفعل والحرف بل بمعنى الذكر المرتفع لانه من السمو يقال طار اسمه فى الناس بالكرم او باللؤم اى ذكره والفسوق هو المخصوص بالذم وفى الكلام مضاف مقدر وهو اسم الفسوق اى ذكره والمعنى بئس الذكر المرتفع للمؤمنين ان يذكروا بالفسوق بعد دخولهم الايمان واشتهارهم به وفى التأويلات النجمية بئس الاسم اسم يخرجهم من الايمان والمراد به اما تهجين نسبة الكفر والفسوق الى المؤمنين خصوصا اذروى ان الآية نزلت فى صفية بنت حيى رضى اللّه عنها اتت رسول اللّه باكية فقالت ان النساء يقلن لى وفى عين المعانى قالت لى عائشة رضى اللّه عنها يا يهودية بنت يهوديين فقال عليه السلام ( هلا قلت ان أبى هرون وعمى موسى وزوجى محمد عليهم السلام ) او الدلالة على ان التنابز مطلقا لا بالكفر والفسوق خصوصا فسق الجمع بينه وبين الايمان قبيح فدخل فيه زيد اليهودى وعمرو النصرانى وبكر الكافر وخالد الفاسق ونحو ذلك والعجب من العرب يقولون للمؤمنين من اهل الروم نصارى فهم داخلون فى الذم ولا ينفعهم الافتخار بالانساب فان التفاضل بالتقوى كما سيجيئ ونعم ما قيل وما ينفع الاصل من هاشم ... اذا كانت النفس من باهله وما قيل جه غم زمنقصت صورت اهل معنى را ... جوجان زروم بودكوتن ازحبش مى باش وفى الحديث ( من عير مؤمنا بذنب تاب منه كان حقا على اللّه أن يبتليه به ويفضحه فيه فى الدنيا والآخرة ) وفى الفقه لو قال رجل لصالح يا فاسق ويا ابن الفاسق ويا فاجر ويا خبيث ويا مخنث ويا مجرم ويا مباحى ويا حيفة ويا بليد ويا ابن الخبيثة ويا ابن الفاجرة ويا سارق ويا لص ويا كافر ويا زنديق ويا ابن القحبة ويا ابن قرطبان وبالوطى ويا ملاعب الصبيان ويا آكل الربا ويا شارب الخمر وهو بريئ منه ويا ديوث ويابى نماز ويا منافق ويا خائن ويا مأوى الزوانى ويا مأوى اللصوص ويا حرام زاده يعزر فى هذا كله فى الفتاوى الزينية سئل عن رجل قال لآخر يا فاسق واراد أن يثبت فسقه بالبينة ليدفع التعزير عن نفسه هل تسمع بينته بذلك انتهى وهو ينافى ظاهر ما قالوا من ان المقول له لو لم يكن رجلا صالحا وكان فيه ما قيل فيه من الاوصاف لا يلزم التعزير { ومن لم يتب } عما نهى عنه { فاولئك هم الظالمون } بوضع العصيان موضع الطاعة وتعريض النفس للعذاب والظالم اعم من الفاسق والفاسق اعم من الكافر وفى التأويلات النجمية ومن لم يتب يعنى من مقالة ابليس وفعاله بأن ينظر الى نفسه بالعجب والى غيره بالحقارة فأولئك هم الظالمون فيكونون منخرجين فى سلك اللعنة والطرد مع ابليس كما قال تعالى { الا لعنة اللّه على الظالمين } انتهى وفيه دلالة بينة على ان الرجل بترك التوبة يدخل مدخل الظلمة فلا بد من توبة نصوح من جميع القبائح والمعاصى لا سيما ما ذكر فى هذا المقام ( قال الصائب ) سرمايه نجات بود توبة درست ... با كشتى شكسته بدرياجه ميروى ومن اصر اخذ سريعا لان اقرب الاشياء صرعة الظلوم وانفذ السهام دعوة المظلوم وتختلف التوبة على حسب اختلاف الذنب فبعض الذنوب يحتاج الى الاستغفار وهو ما دون الكفر وبعضها يحتاج معه الى تجديد الاسلام والنكاح ان كانت له امرأة وكان بعض الزهاد يجدد عند كل ذنب ايمانا باللّه وتبرئا من الكفر احتياطا كما فى زهرة الرياص . يقول الفقير يشير اليه القول المروى عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( اللهم انى اعوذ بك من أن اشرك بك شيأ وانا اعلم واستغفرك لما لا أعلم ) ولا شك ان الانبياء معصومون من الكفر قبل الوحى وبعده باجماع العلماء ومن سائر الكبائر عمدا بعد الوحى فاستغفارهم لا يكون الا عما لا يليق بشأنهم من ترك الاولى ونحوه على ما فصل فى اول سورة الفتح فدل قوله واستغفرك لما لا أعلم على انه قد يصدر من الانسان الذنب وهو لا يشعر وذلك بالنسبة الى الامة قد يكون كفرا وقد يكون غيره فكما لا بد من الاستغفار بالنسبة الى عامة الذنوب فكذا لا بد من تجديد الاسلام بالنسبة الى الكفر وان كان ذلك احتياطا اذ باب الاحتياط مفتوح فى كل شأن الا نادرا وقد صح ان اتيان كلمة الشهادة على وجه العادة لا يرفع الكفر فلا بد من الرجوع قصدا عن قول وفعل ليس فيهما رضى اللّه وهو باستحضار الذنب ان علم صدوره منه او بالاستغفار مطلقا ان صدر عنه ولو كان ذلك كفرا على انا نقول ان امكان صدور الكفر عام للعوام والخواص ما داموا يصلوا الى غاية الغايات وهى مرتبة الذات الاحدية واليه يشير قول سهل التسترى قدس سره ولو صلوا ما رجعوا الا ترى ان ابليس كفر باللّه مع تمكن يده فى الطاعات خصوصا فى العرفان فانه افحم كثيرا من اهل المعرفة لكنه كان من شأنه الكفر والرجوع الى المعصية لانه لم يدخل عالم الذات ولو دخل لم يتصور ذلك منه اذ لا كفر بعد الايمان العيانى ولهذا قال عليه السلام ( اللهم انى اسألك ايمانا يباشر قلبى ويقينا ليس بعده كفر فاعرف ) ١٢ { يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن } اى كونوا على جانب منه وابعدوا عنه فان الاجتناب بالفارسية بايك سوشدن . والظن اسم لما يحصل من امارة ومتى قويت ادت الى العلم ومتى ضعفت جدا لم تتجاوز حد التوهم وابهام الكثير لايجاب الاحتياط والتأمل فى كل ظن ظن حتى يعلم انه من اى قبيل وتوضيح المقام ان كثيرا لما بين بقوله من الظن كان عبارة عن الظن فكان المأمور باجتنابه بعض الظن الا انه علق الاجتناب بقوله كثيرا لبيان انه كثير فى نفسه ولا بد لنا من الفرق بين تعريف الظن الكثير وتنكيره فلو عرف وقيل اجتنبوا الظن الكثير يكون التعريف للاشارة الى ما يعرفه المخاطب بأنه ظن كثير غير قليل ولو نكر يكون تنكيره للافراد والبعضية ويكون المأمور باجتنابه بعض افراد الظن الموصوف بالكثرة من غير تعيينه اى بعض هو وفى التكليف على هذا الوجه فائدة جليلة وهى ان يحتاط المطلف ولا يجترئ على ظن ما حتى يتبين عنده انه مما يصح اتباعه ولا يجب الاجتناب عنه ولو عرف لكان المعنى اجتنبوا حقيقة الظن الموصوف بالكثرة او جميع افراده لا ما قل منه وتحريم الظن المعرف تعريف الجنس والاستغراق لا يؤدى الى احتياط المكلف لكون المحرم معينا فيجتنب عنه ولا يجتنب عن غيره وهو الظن القليل سوآء كان ظن سوء وظن صدق ومن المعلوم ان هذا المعنى غير مراد بخلاف ما لو نكر الظن الموصوف بالكثرة فان المحرم حينئذ اتباع الفرد المبهم من افراد تلك الحقيقة وتحريمه يؤدى الى احتياط المكلف الى ان يتبين عنده ان ما يخطر بباله من الظن من اى نوع من انواع الظن فان من الظن ما يجب اتباعه كحسن الظن باللّه تعالى وفى الحديث ( ان حسن الظن من الايمان ) والظن فيما لا قاطع فيه من العمليات كالوتر فانه لما ثبت بخبر الواحد لم يكن مقطوعا به فقلنا بالوجوب فلا يكفر جاحده بل يكون ضالا ومبتدعا لرده خبر الواحد ويقتص لكونه فرضا عمليا وفى الاشباه ويكفر بانكار اصل الوتر والاضحية انتهى ومن الظن ما يحرم كالظن فى الالهيات اى بوجود الاله وذاته وصفاته وما يليق به من الكمال وفى النبوات فمن قال آمنت بجميع الانبياء ولا اعلم ءآدم نبى ام لا يكفر وكذا من آمن بأن نبينا عليه السلام رسول ولم يؤمن بأنه خاتم الرسل لا نسخ لدينه الى يوم القيامة لا يكون مؤمنا وكالظن حيث يخالفه قاطع مثل الظن بنبوة الحسنين او غيرهما من خلفاء هذه الامة واوليائها مع وجود قوله تعالى { وخاتم النبيين } وقوله عليه السلام ( لا نبى بعدى ) اى لا مشرعا ولا متابعا فان مثل هذا الظن حرام ولو قطع كان كفرا وكظن السوء بالمؤمنين خصوصا بالرسول عليه السلام وبورثته الكمل وهم العلماء باللّه تعالى قال تعالى { وظننتم ظن السوء وكنتم قوماً بورا } وقال عليه السلام ( ان اللّه حرم من المسلم عرضه ودمه وان يظن به ظن السوء ) والمراد بعرضه جانبه الذى يصونه من نفسه وحسبه ويتحامى ان ينتقص ( قال الصائب ) بدكمانى لازم بد باطنان افتاده است ... كوشه از خلق جا كردم كمين بند اشتند ومن الظن ما يباح كالظن فى الامور المعاشية يعنى ظن درامور دنيا ومهمات معاش ودرين صورت بدكمانى موجب سلامت وانتظام مهام است واز قبيل حزم شمرده اند كما قيل بد نفس مباش وبد كمان باش ... وزفتنه ومكردر امان باش وفى كشف الاسرار المباح كالظن فى الصلاة والصوم والقبلة امر صاحبه بالتحرى فيها والبناء على غلبة الظن وفى تفسير الكاشفى تحردرى امر قبله وبنا نهادن برغلبة ظن در امور اجتهاديه مندو بست . ومعنى التحرى لغة الطلب وشرعا طلب شئ من العبادات بغالب الرأى عند تعذر الوقوف على حقيقته { ان بعض الظن اثم } يستحق العقاب عليه وذلك البعض كثير وهو تعليل للامر بالاجتناب بطريق الاستئناف التحقيقى والاثم الذنب يستحق العقوبة عليه وهمزته منقلبة من الواو كأنه يثم الاعمال اى يكثرها فان قلبت أليس هذا ميلا الى مذهب الاعتزال قلت بلى لولا التشبيه اى فى كأنه قاله سعدى المفتى وقال ايضا تبع المصنف فى ذلك الزمخشرى واعترض عليه بأن تصريف هذه الكلمة لا تنفك عنه الهمزة بخلاف الواوى وانها من باب علم والواوى من باب ضرب قلت والزمخشرى نفسه ذكرها فى الاساس فى باب الهمزة انتهى ودلت الآية على ان اكثر الظنون من قبيل الاثم لان الشيطان يلقى الظنون فى النفس فتظن النفس الظن الفاسد وعلى ان بعض الظن ليس بأثم بل هو حقيقته وهو ما لم يكن من قبيل النفس بل كان بالفراسة الصحيحة بان يرى القلب بنور اليقين ما جرى فى الغيب وفى الحديث ( ان فى كل امة محدثين او مروعين على الشك من الراوى فان يكن فى هذه الامة فان عمر منهم ) والمحدث المصيب فى رأيه كأنما حدث بالامر والمروع الذى يلقى الامر فى روعه اى قلبه وفى فتح الرحمن ولا يقدم على الظن الا بعد النظر فى حال الشخص فان كان موسوما بالصلاح فلا يظن به السوء بأدنى توهم بل يحتاط فى ذلك ولا تظنن السوء الا بعد أن لا تجد الى الخير سبيلا ( قال الصائب ) سيلاب صاف شدزهم آغوشئ محيط ... باسينه كشاده كدورت جه ميكند واما الفساق فلنا ان نظن بهم مثل الذى ظهر منهم وفى منهاج العابدين للامام الغزالى قدس سره اذا كان ظاهر الانسان الصلاح والستر فلا حرج عليك فى قبول صلاته وصدقته ولا يلزمك البحث بأن تقول قد فسد الزمان فان هذا سوء ظن بذلك الرجل المسلم بل حسن الظن بالمؤمنين مأمور به انتهى وفى الحديث ( من أتاه رزق من غير مسألة فرده فانما يرده على اللّه ) قال الحسن لا يرد جوآئز الامرآء الامرآئى او أحمق وكان بعض السلف يستقرض لجميع حوآئجه ويأخذ الجوائز ويقضى بها دينه والحيلة فيه أن يشترى بمال مطلق ثم ينقد ثمنه من اى مال شاء وعن الامام الاعظم ان المبتلى بطعام السلطان والظلمة يتحرى ان وقع فى قلبه حله قبل واكل والا لا لقوله عليه السلام استفت قلبك قال الشيخ ابو العباس قدس سره من كان من فقرآء هذا الزمان اكالا لاموال الظلمة مؤثرا للسماع ففيه نزغة يهودية قال تعالى { سماعون للكذب اكالون للسحت } قال سفيان الثورى رضى اللّه عنه الظن ظنان احدهما اثم وهو أن تظن وتتكلم به والآخر ليس بأنم وهو ان تظن ولا تتكلم به والمراد بأن بعض الظن اثم ما اعلنته وتكلمت به من الظن وعن الحسن كنا فى زمان الظن بالناس حرام فيه وأنت اليوم فى زمان اعمل واسكت وظن بالناس ما شئت اى لانهم اهل لذلك والمظنون موجود فيهم وعنه ايضا ان صحبة الاشرار تورث حسن الظن بالاخيار وطلب المتوكل اجارية الدقاق بالمدينة وكان من اقران الجنيد ومن اكابر مصر فكاد يزول عقله لفرط حبها فقالت لمولاها احسن الظن باللّه وبى فانى كفيلة لك بما تحب فحملت اليه فقال لها المتوكل اقرئى فقرأت ان هذا اخى له تسع وتسعون نعجة ولى نعجة واحدة ففهم المتوكل ما ارادت فردها ( وروى ) عن انس رضى اللّه عنه ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كلم احدى نسائه فمر به رجل فدعاه رسول اللّه فقال ( يا فلان هذه زوجتى صفية ) وكانت قد زارته فى العشر الاول من رمضان فقال يا رسول اللّه ان كنت اظن بغيرك فانى لم اكن أظن بك فقال عليه السلام ( ان الشيطان ليجرى من ابن آدم مجرى الدم ) كما فى الاحياء وفيه اشارة الى الحذر من مواضع التهم صيانة لقلوب الناس عن سوء الظن ولألسنتهم من الغيبة والى الاتقاء عن تزكية النفس فان النفس والشيطان لهما شأن عجيب فى باب المكر والاغوآء والقاء الفتنة والفساد نسأل اللّه المنان أن يجعلنا فى أمان { ولا تجسسوا } اصله لا تتجسسوا حذف منه احدى التاءين اى ولا تبحثوا عن عورات المسلمين وعيوبهم تفعل من الجس لما فيه من معنى الطلب فان جس الخبر طلبه والتفحص عنه فاذا نقل الى باب التفعل يحدث معنى التكلف منضما الى ما فيه من معنى الطلب يقا لجسست الاخبار اى تفحصت عنها واذا قيل تجسستها يراد معنى التكليف كالتلمس فانه تفعل من اللمس وهو المس باليد لتعرف حال الشئ فاذا قيل تلمس يحدث معنى التكلف والطلب مرة بعد اخرى وقد جاء بمعنى الطلب فى قوله { وانا لمسنا السماء } وقرئ بالحاء من الحس الذى هو أثر الجس وغايته ولتقاربهما يقال للمشاعر الحواس بالحاء والجيم وفى المفردات اصل الجس مس العرق وتعرف نبضه للحكم به على الصحة والسقم ومن لفظ الجس اشتق الجاسوس وهو اخص من الحس لانه تعرف ما يدرك الحس والجس تعرف حال ما من ذلك وفى الاحياء التجسس بالجيم فى تطلع الاخبار وبالحاء المهملة فى المراقبة بالعين وفى انسان العيون التحسس للاخبار بالحاء المهملة ان يفحص الشخص عن الاخبار بنفسه وبالجيم أن يفحص عنها بغيره وجاء تحسسوا ولا تجسسوا انتهى وفى تاج المصادر التجسس والتحسس خبر جستن . وفى القاموس الجش تفحص الاخبار كالتجسس ومنه الجاسوس والجسيس لصاحب سر الشضر ولا تجسسوا اى خذوا ما ظاهر ودعوا ما ستر اللّه تعالى اولا تفحصوا عن بواطن الامور او لا تبحثوا عن العورات والحاسوس الجاسوس او هو فى الخير وبالجيم فى الشر انتهى وفى الحديث ( لا تتبعوا عورات المسلمين فان من تتبع عورات المسلمين تتبع اللّه عورته حتى يفضحه ولو فى جوف بيته ) ( قال الصائب ) خيانتهاى بنهان ميكشد آأخر برسوايى ... كه دزد خانكى راشحنه در يازار ميكيرد وعن جبرآئيل قال يا محمد لو كانت عبادتنا على وجه الارض لعملنا ثلاث حصال سقى الماء للمسلمين واعانة اصحاب العيال وستر الذنوب على المسلمين وعن زيد بن وهب قلنا لابن مسعود رضى اللّه عنه هل لك فى الوليد بن عقبة بن ابى معيط يعنى جه ميكوبى درحق او . تقطر لحيته خمرا فقال ابن مسعود رضى اللّه عنه انا قد نهينا عن التجسس فان يظهر لنا شئ نأخذه به وفى الحديث ( اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا ) والعورات بالتسكين جمع عورة وهى عورة الانسان وما يستحى منه من العثرات والعيوب وفى الحديث ( اللهم لا تؤمنا مكرك ولا تنسنا ذكرك ولا تهتك عنا سترك ولا تجعنا من الغافلين ) وعنه عليه السلام ( من قال عند منامه هذا الدعاء بعث اللّه اليه ملكا فى احب الساعات اليه فيوقظه ) كما فى المقاصد الحسنة قال فى نصاب الاحتساب ويجوز للمحتسب أن يتفحص عن احوال السوقية من غير أن يخبره احد بخيانتهم فان قيل ينبغى ان لا يجوز لانه تجسس منهى فنقول التجسس طلب الخير للشر والاذى وطلب الخير للامر بالمعروف والنهى عن المنكر ليس كذلك فلا يدخل تحت النهى يقول الفقير وهو مخالف لما سبق عن ابن مسعود رضى اللّه عنه فان قلت ذلك لكونه غير آمر ومأمور قلت دل قوله تأخذوه به على ولايته من اى وجه كان اذ لا يأخذه الا الوالى او وكيله ويجوز أن يقال لو طلب ابن مسعود خبر الوليد بنفسه للنهى عن المنكر لككان له وجه فلما جاء خبره فى صورة السعاية والهتك اعرض عنه او رأى الستر فى حق الوليد اولى فلم يستمع الى القائل وكان عمر رضى اللّه عنه يعس ذات ليلة فنظر الى مصباح من خلل باب فاطلع فاذا قوم على شراب لهم فلم يدر كيف يصنع فدخل المسجد فأخرج عبد الرحمن ابن عوف رضى اللّه عنه فجاء به الى الباب فنظر وقال له كيف ترى أن نعمل فقال ارى واللّه انا قد أتينا ما نهانا اللّه عنه لانا تجسسنا واطلعنا على عورة قوم ستروا دوننا وما كان لنا أن نكشف ستر اللّه فقال ما أراك الا قد صدقت فانصرفا فالمحتسب لا يتجسس ولا يتسور ولا يدخل بيتا بلا اذن فان قيل ذكر فى باب من يظهر البدع فى البيوت انه يجوز للمحتسب الدخول بلا اذن فنقول ذلك فيما ظهر واما اذا خفى فلا يدخل فان ما ستره اللّه لا بد وأن يستره العبد هذا فى عيوب الغير واما عيوب النفس فالفحص عنها لازم للاصلاح والتزكية وقد عدوا انكشاف عيوب النفس اولى من الكرامات وخوارق العادات فانه ما دام لم تحصل التزكية للنفس لا تفيد الكرامة شيا بل ربما يوقعها فى الكبر والعجب والتطاول فنعوذ باللّه تعالى من شرورها وفجورها وغرورها { ولا يغتب بعضكم بعضا } الاغتياب غيبت كردن. والغيبة بالكسر اسم من الاغتياب وفتح الغين غلط اذ هو بفتحها مصدر بمعنى الغيبوبة والمعنى ولا يذكر بعضكم بعضا بالسوء فى غيبته وخلفه وسئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عنها فقال ( أن تذكر أخاك بما يكره فان كان فيه فقد اغتبته وان لم يكن فيه فقد بهته ) اى قلت عليه ما لم يفعله والحاصل ان الغيبة والاغتياب هو أن يتكلم انسان خلف انسان مستور مما فيه من عيب اى بكلام صادق من غير ضرورة قوية الى ذكره ولو سمعه لغمه وان كان ذلك الكلام كذبا يسما بهتانا وهو الذى يتر الديار بلاقع اى خرابا { ايحب احدكم ان يأكل لحم اخيه ميتا } انتصاب ميتا على الحالية من اللحم واللحم المنفصل عن الحى يوصف بانه ميت لقوله عليه السلام ( ما ابين من حى فهو ميت ) وقيل من الاخ على مذهب من يجوز الحال من المضاف اليه مطلقا وشدده نافع اى قرأ ميتا بالتشديد والكلام تمثيل وتصوير لما يصدر عن المغتاب من حيث صدوره عنه ومن حيث تعلقه بصاحبه على افحش وجه واشنعه طبعا وعقلا وشرعا يعنى شبه الاغتياب من حيث اشتماله على تناول عرض المغتاب باكل لحم الانسان ميتا تشبيها تمثيليا وعبر بالهيئة المشبه بها عن الهيئة المشبهة ولا شك ان الهيئة المشبه بها افحش جنس التناول واقبحه فيكون التمثيل المذكور تصويرا للاغتياب بأقبح الصور وذلك ان الانسان يتألم قلبه من قرض عرضه كما يتألم جسمه من قطع لحمه بل عرضه اشرف من لحمه ودمه فاذا لم يحسن للعاقل اكل لحوم الناس لم يحسن له قرض عرضهم بالطريق الاولى خصوصا ان اكل الميتة هو المتناهى فى كراهة النفوس ونفور الطباع ففيه اشارة الى ان الغيبة عظيمة عند اللّه وفى قوله ميتا اشارة الى دفع وهم وهو أن يقال الشتم فى الوجه يؤلم فيحرم واما الاغتياب فلا اطلاع عليه للمغتاب فلا يؤلمه فكيف يحرم فدفعه بأن اكل لحم الاخ وهو ميت ايضا لا يؤلمه ومع هذا هو فى غاية القبح لكونه بمراحل عن رعاية حق الاخوة كذا فى حواشى ابن الشيخ. يقول الفقير يمكن أن يقال ان الاغتياب وان لم يكن مؤلما للمغتاب من حيث عدم اطلاعه عليه لكنه فى حكم الايلام اذا لو همعه لغمه على انا نقول ان الميت متألم وان لم يكن فيه روح كما ان السن وهو الضرس متألم اذا كان وجعا وان لم يكن فيه حياة فاعرف { فكرهتموه } الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها من التمثيل كأنه قيل وحيث كان الامر كما ذكر فقد كرهتموه فأضمر كلمة قد لتصحيح دخول الفاء فى الجزآء فالمقصود من تحقيق استكراههم وتقذرهم من المشبه به الترغيب والحث على استكراه ما شبه به وهو الغيبة كأنه قيل اذا تحققت كراهتكم له فليتحقق عندكم كراهة نظيره الذى هو الاغتياب { واتقوا اللّه } بترك ما امرتم باجتنابه والندم على ما صدر عنكم من قبل وهو عطف على ما تقدم من الاوامر والنواهى { ان اللّه تواب رحيم } مبالغ فى قبول التوبة وافاضة الرحمة حيث يجعل التائب كمن لم يذنب ولا يخص ذلك بتائب دون تائب بل يعم الجميع وان كثرت ذنوبهم فصيغة المبالغة باعتبار المتعلقات ( روى ) ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان اذا غزا اوسا فرضم الرجل المحتاج الى رجلين موسرين يخدمهما ويتقدم لهما الى المنزل فيهيئ لهما طعامهما وشرابهما فضم سلمان الفارسى الى رجلين فى بعض اسفاره فتقدم سلمان الى المنزل فغلبته عيناه فلم يهيئ لهما شيأ فلما قدما قالا له ما صنعت شيأ فقال لا غلبتنى عيناى قالا له انطلق الى رسول اللّه فاطلب لنا منه طعاما فجاء سلمان الى رسول اللّه وسأله طعاما فقال عليه السلام ( انطلق الى اسامة بن زيد وقل له ان كان عنده فضل من طعام فليعطك ) وكان اسامة خازن رسول اللّه على رحله وطعامه فأتاه فقال ما عندى شئ فرجع سلمان اليهما فاخبرهما فقالا كان عند اسامة شئ ولكن بخل به فبعثا سلمان الى طائفة من الصحابة فلم يجد عندهم شيا فلما رجع قالوا لو بعثناه الى بئر سميحة لغار ماؤها وسميحة كجهينة بالحاء المهملة بئر بالمدينة غزيرة الماء على ما فى القاموس ثم انطلقا يتجسسان هل عند اسامة ما أمر لهما به رسول اللّه من الطعام فلما جاآ الى رسول اللّه قال لهما ( مالى أرى خضرة اللحم فى افواهكما ) والعرب تسمى الاسود أخضر والاخضر أسود وخضرة اللحم من قبيل الاول كأنه عليه السلام أراد باللحم لحم الميت وقد اسود بطول المكث تصويرا لاغتيابهما باقبح الصور ويحتمل انه عليه السلام أراد بالخضرة النضارة اى نضارة اللحم او نضارة تناوله وفى الحديث ( الدنيا حلوة خضرة نضرة ) اى غضة طرية ناعمة قالا واللّه يا رسول ما تناولنا يومنا هذا لحما قال عليه السلام ( ظللتما تأكلان لحم اسامة وسلمان ) اى انكما قد اغتبتماهما فانزل اللّه الآية آنكس كه لواء غيبت افراخته است ... از كوشت مردكان غدا ساخته است وانكس كه بعيب خلق برداخته است ... زانست كه عيب خويش نشناخته است وفى الحديث ( الغيبة اشد من الزنى ) قالوا وكيف قال ( ان الرجل يزنى ثم يتوب فيتوب اللّه عليه وان صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه ) كما فى كشف الاسرار وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما الغيبة ادام كلاب الناس وكان ابو الطيب الطاهرى يهجو بنى سامان فقال له نضر بن احمد الى متى تأكل خبزك بلحوم الناس فخجل ولم يعد ( قال الصائب ) كسى كه باك نسازد دهن زغيبت خلق همان كليد در دوزخست مسواكش ( قال الشيخ سعدى ) فى كتاب الكلستان ياد دارم كه وعهد طفوليت متعبد بودم وشب خيز ومولع زهد وبرهيز تاشبى درخدمت بدر نشسته بودم وهمه شب ديده بهم نيسته ومصحف عزيز دركنار كرفته وطائفة كردما خفته بدر را كفتم كه ازاينان بكى سر برنمى آردكه دوركعت نماز بكزارد ودر خواب غفلت جنان رفته اندكه كويى نخفته اند بلكه مرده كفت اى جان بدر اكر تونيز بحفتى به كه دربوستين خلق افتى نبيند مدعى جز خويشتن را ... كه دارد بردهُ بندار دربيش اكر جشم دلت را بركشايى ... نه ببنى هيج كس عاجز تراز خويش وعن انس رضى اللّه عنه قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( لما عرج بى مررت بقوم لهم اظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت من هؤلاء يا جبرائيل ) فقال هم الذين ياكلون لحوم الناس ويقعون فى اعراضهم وفى الحديث ( خمس يفطرون الصائم الكذب والغيبة والنميمة واليمين الكاذبة والنظر بشهوة ) رواه انس واول من اغتاب ابليس اغتاب آدم وكان ابن سيرين رحمه اللّه قد جعل على نفسه اذا اغتاب أن يتصدق بنار ومما يجب التنبيه له ان مستمع الفيبة كقائلها فوجب على من سمعها أن يردها كيف وقد قال النبى عليه السلام ( من رد عن عرض اخيه رد اللّه عن وجهه النار يوم القيامة ) وقال عليه السلام ( المغتاب والمستمع شريكان فى الاثم ) وعن ميمون انه أتى بجيفة زنجى فى النوم فقيل له كل منها فقال لم قيل لانك اغتبت عبد فلان فقال ما قلت فيه شيأ قيل لكنك استمعت ورضيت فكان ميمون لا يغتاب احدا ولا يدع احدا أن يغتاب عنده احدا وعن بعض المتكلمين ذكره بما يستخف به انما يكون غيبة اذا قصد الاضرار والشماتة به اما اذا ذكره تأسفا لا يكون غيبة وقال بعضهم رجل ذكر مساوى اخيه المسلم على وجه الاهتمام ومثله فى الواقعات وعلل بأنه انما يكون غيبة أن لو أراد به السب والنقص قال السمرقندى فى تفسيره قلت فيما قالوه خطر عظيم لانه مظنة أن يجر الى ما هو محض غيبة فلا يؤمن فتركها رأسا اقرب الى التقوى واحوط انتهى وفى هدية المهديين رجل لو اغتاب فريقا لا يأثم حتى يغتاب قوما معروفين ورجل يصلى ويؤذى الناس باليد او اللسان لا غيبة له ان ذكر بما فيه وان أعلم به السلطان حتى يزجره لا يأثم انتهى وفى المقاصد الحسنة ثلاثة ليست لهم غيبة الامام الجائر والفاسق المعلن بفسقه والمبتدع الذى يدعو الناس الى بدعته انتهى وعن الحسن لا حرمة لفاجر ( وروى ) من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له واذكر الفاجر بما فيه ليحذره الناس كما فى الكواشى واذا جاز نقص عرض الفاسق بغيبته فأولى أن يجوز نقص عرض الكافر كما فى شرح المشارق لابن الملك وسلك بعضهم طريق الاحتياط فطرح عن لسانه ذكر الخلق بالمساوى مطلقا كما حكى انه قيل لابن سيرين مالك لا تقول فى الحجاج شيأ فقال اقول فيه حتى ينجيه اللّه بتوحيده ويعذبنى باغتيابه ومن هنا أمسك بعضهم عن لعن بزيد وكان فضيل يقول ما لعنت ابليس قط اى وان كان ملعونا فى نفس الامر كما نطق به القرءآن فكيف يلعن من اشتبه حاله وحال خاتمته وعاقبته ١٣ { يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى } اى من آدم وحوآء عليهما السلام او خلقنا كل واحد منكم من اب وام فالكل سوآء فى الانتساب الى ذكر وانثى ايا كانا فلا وجه للتفاخر بالنسب الناس من جهة التمثال اكفاه ... ابو همو آدم والام حوآء فان يكن لهمو من اصلهم نسب ... يفاخرون به فالطين والماء از نسب آدميانى كه تفاخر ورزند ... ازره دانش وانصاف جه دور افتادند نرسد فخر كسى رابنسب برد كرى ... جونكه دراصل زيك آدم وحوازادند نزلت حين أمر النبى عليه السلام بلالا رضى اللّه عنه ليؤذن بعد فتح مكة فعلا ظهر الكعبة فأذن فقال عتاب بن اسيد وكان من الطلقاء الحمد لله الذى قبض ابى حتى لم ير هذا اليوم وقال الحارث بن هشام اما وجد رسول اللّه سوى هذا الغراب يعنى بلالا وخرج ابو بكر بن ابى داود فى تفسير القرءآن ان الآية نزلت فى ابى هند حين أمر رسول اللّه نبى بياضة أن يزوجوه امرأة منهم فقالوا يا رسول اللّه تتزوج بناتنا مواليها فنزلت وفيه اشارة الى ان الكفاءة فى الحقيقة انما هى بالديانة اى الصلاح والحسب والتقوى والعدالة ولو كان مبتدعا والمرأة سنية لم يكن كفؤا لها كما فى النتف وسئل الرستغفنى عن المناكحة بين اهل السنة وبين اهل الاعتزال فقال لا يجوز كما فى مجمع الفتاوى { وجعلناكم شعوبا وقبائل } وشمارا شاخ شاخ كرديم وخاندان خاندان . والشعب بفتح الشين الجمع العظيم المنتسبون الى اصل واحد وهو يجمع القبائل والقبيلة تجمع العمائر والعمارة بكسر العين تجمع البطون والبطون تجمع الافخاذ والفخذ تجمع الفضائل والفضيلة تجمع العشائر وليس بعد العشيرة حى يوصف به كما فى كشف الاسرار فخزيمة شعب وكنانة وقبيلة وقريش عمارة وقصى بطن وهاشم فخذ والعباس فضيلة وسميت الشعوب لان القبائل تتشعب منها كتشعب اغصان الشجرة وسميت القبائل لانها يقبل بعضها على بعض من حيث كونها من اب واحد وقيل الشعوب بطون العجم والقبائل بطون العرب والاسباط من بنى اسرآئيل والشعوب من قحطان والقبائل من عدنان { لتعارفوا } اصله لتتعارفوا حذفت احدى التاءين اى ليعرف بعضكم بعضا بحسب الانساب فلا يعتزى احد الى غير آبائه لا لتتفاخروا بالآباء والقبائل وتدعوا التفاوت والتفاضل فى الانساب ( وقال الكاشفى ) يعنى دوكس كه بنام متحد باشند بقبيلة متميز ميشوند جنانجه زيد تميمى از زيد قرشى { ان اكرمكم عند اللّه أتقاكم } تعليل للنهى عن التفاخر بالانساب المستفاد من الكلام بطريق الاستئناف التحقيقى كأن قيل ان الاكرم عنده تعالى هو الأتقى وان كن عبدا حبشيا اسود مثل بلال فانفاخرتم ففاخروا بالتقوى وبفضل اللّه ورحمته بل باللّه تعالى ألا ترى الى قوله عليه السلام ( انا سيد ولد آدم ولا فخر ) اى ليس الفخر لى بالسيادة والرسالة بل العبودية فانها شرف اى شرف وكفى شرفا تقديم العبد على الرسول فى قوله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ( وروى ) ان رسول اللّه عليه السلام مر فى سوق المدينة فرآى غلاما اسود يقول من اشترانى فعلى شرط ان لا يمنعنى عن الصلوات الخمس خلف رسول اللّه فاشتراه رجل فكان رسول اللّه يراه عند كل صلاة ففقده فسأل عنه صاحبه فقال محموم فعاده ثم سأل عنه بعد ايام فقيل هو كابه اى متهيئ للموت الذى هو لاحق به فجاءه وهو فى بقية حركته وروحه فتولى غسله ودفنه فدخل على المهاجرين والانصار امر عظيم فنزلت الآية { ان اللّه عليم } بكم وبأعمالكم { خبير } ببواطن احوالكم قال ابن الشيخ فى حواشيه والنسب وان كان معتبرا عرفا وشرعا حتى لا تتزوج الشريفة بالنبطى قال فى القاموس النبط محركة جيل ينزلون بالبطائح بين العراقين وهو نبطى محركة انتهى الا انه لا عبرة به عند ظهور ما هو اعظم قدراً منه وأعز وهو الايمان والتقوا كما لا تظهر الكواكب عند طلوع الشمس فالفاسق وان كان قرشى النسب وقارون النشب لا قدر له عند المؤمن التقى وان كان عبداً حبشيا والامور التى يفتخر بها فى الدنيا وان كانت كثيرة لكن النسب اعلاها من حيث انه ثابت مستمر غير مقدور التحصيل لمن ليس له ذلك بخلاف غيره كالمال مثلا فانه قد يحصل للفقير مال فيبطل افتخار المفتخر به عليه وكذا الاولاد والبساتين ونحوها فلذلك خص اللّه النسب بالذكر وابطال اعتباره بالنسبة الى التقوى ليعلم منه بطلان اعتبار غيره بطريق الاولى انتهى وفى الحديث ( ان ربكم واحد وأبوكم واحد لا فضل لعربى على عجمى ولا لعجمى على عربى ولا لأحمر على اسود ولا لأسود على احمر الا بالتقوى ) وعلى هذا اجماع العلماء كما فى بحر العلوم هركرا تقوى بيشتر قدم اودر مرتبة فضل بيشتر ، الشرف بالفضل والادب لا بالاصل والنسب يا ادب باش تا بزرك شوى ... كه بزركى نتيجة ادبست قال بعض الكبار المفاضلة بين الخلق عند اللّه لنسبهم لا لنسبتهم فهم من حيث النسبة واحد ومن حيث النسب متفاضلون ان أكرمكم عند اللّه أتقاكم ولا يصح التفاضل بالاعمال فقد يسبق التابع المتبوع ولو كان الشرف للاشياء من حيث شأنها او مواطنها لكان الشرف لابليس على آدم فى قوله { خلقتنى من نار وخلقته من طبن } ولكن لما كان الشرف اختصاصا الهيا لا يعرف الا من جانب الحق تعالى جهل ابليس فى مقالته تلك وصح الشرف لادم عليه السلام عليه والخيرية وسئل عيسى عليه السلام اى الناس اشرف فقبض قبضتين من تراب ثم قال اى هذين اشرف ثم جمعهما وطرحهما وقال الناس كلهم من تراب وأكرمهم عند اللّه أتقاهم قال سلمان الفارسى رضى اللّه عنه ابى الاسلام لا اب لى سواه ... اذا افتخروا بقيس او تميم وفى الحديث ( ان اللّه لا ينظر الى صوركم واعمالكم ولكن ينظر الى قلوبكم ونياتكم ) رءراست با يدنه الاى راست ... كه كافر هم از روى صورت جوماست وقال عليه السلام ( يا أيها الناس انما الناس رجل مؤمن تقى كريم على اللّه وفاجر شقى هين على اللّه ) وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما كرم الدنيا الغنى وكرم الآخرة التقوى ( وروى ) عن ابى هريرة رضى اللّه عنه ان الناس يحشرون يوم القيامة ثم يوقفون ثم يقول اللّه لهم ( طالما كنتم تكلمون وانا ساكت فاسكتوا اليوم حتى أتكلم انى رفعت نسبى وابيتم الا انسابكم قلت ان أكرمكم عندى أتقاكم وابيتم انتم فقلتم لا بل فلان ابن فلان وفلان ابن فلان فرفعتم انسابكم ووضعتم نسبى فاليوم أرفع نسبى واضع انسابكم سيعاهل الجمع اليوم من اصحاب الكرم ) اين المتقون كما فى كشف الاسرار قال الشافعى اربعة لا يعبأ اللّه بهم يوم القيامة زهد خصى وتقوى جندى واماتة امرأة وعبادة صبى وهو محمول على الغالب كما فى المقاصد الحسنة قال فى التأويلات النجمية يشير بقوله تعالى { يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى } الى خلق القلوب انها خلقت من ذكر وهو الروح وانثى وهى النفس وجعلناكم شعوبا وقبائل اى جعلناها صنفين صنف منها شعوب وهى التى تميل الى امها وهى النفس والغالب عليها صفات النفس وصنف منها قبائل وهى التى تميل الى ابيها وهو الروح والغالب عليها صفات الروح لتعارفوا اى لتتعارفوا اصحاب القلوب وارباب النفوس لا لتتكاثروا وتتنافسوا وتباهوا بالعقول والاخلاق الروحانية الطبيعية فانها ظلانية لا يصلح شئ منها للتفاخر به ما لم يقرن به الايمان والتقوى فان تنورت الافعال والاخلاق والاحوال بنور الايمان والتقوى فلم تكن الافعال مشوبة بالرياء ولا الاخلاق مصحوبة بالاهوآء ولا الاحوال منسوبة الى الاعجاب فعند ذلك تصلح للتفاخر والمباهاة بها كما قال تعالى { ان أكرمكم عند اللّه أتقاكم } وقال عليه السلام ( الكرم التقوى فأتقاهم من يكون ابعدهم من الاخلاق الانسانية واقربهم الى الاخلاق الربانية والتقوى هو التحرز والمتقى من يتحرز عن نفسه بربه وهو أكرم على اللّه من غيره ) انتهى ١٤ { قالت الأعراب آمنا } الاعراب اهل البادية وقد سبق تفصيله فى سورة الفتح والحاق التام بالفعل المسند اليهم مع خلوه عنها فى قوله { وقال نسوة فى المدينة } للدلالة على نفصان عقلهم بخلافهن حيث لمن امرأة العزيز فى مراودتها فتاها وذلك يليق بالعقلاء نزلت فى نفر من بنى اسد قدموا المدينة فى سنة جدب فأظهروا الشهادتين فكانوا يقولون لرسول اللّه عليه السلام اتتك العرب بأنفسها على ظهور رواحلها واتيناك بالاثقال والعيال والذرارى ولم نقاتلك كما قتلك بنوا فلان يرون الصدق ويمنون عليه عليه السلام ما فعلوا { قل } ردا لهم { لم تؤمنوا } اذ الايمان هو التصديق باللّه وبرسوله المقارن للثقة بحقيقة المصدق وطمأنينة القلب ولم يحصل لكم ذلك والا لما مننتم على ما ذكرتم من الاسلام وترك المقاتلة كما ينبئ عنه آخر السورة يعنى ان التصديق الموصوف مسبوق بالعلم بقبح الكفر وشناعة المقاتلة وذلك يأبى المن وترك المقاتلة فان العاقل لا يمن بترك ما يعلم قبحه { ولكن قولوا أسلمنا } اسلم بمعنى دخل فى السلم كأصبح وامسى وأشتى اى قولوا دخلنا فى السلم والصلح والانقياد مخافة أنفسنا فان الاسلام انقياد ودخول فى السلم واظهار الشهادة وترك المحاربة مشعر به اى بالانقياد والدخول المذكور وايثار ما عليه النظم الكريم على أن يقال لا تقولوا آمنا ولكن قولوا أسلمنا او لم تؤمنوا ولكن اسلمتم ليتقابل جملتا الاستدراك للاحتراز عن النهى عن التلفظ بالايمان فأن ظاهره مستقبح سيما ممن بعث للدعوة الى القول به وللتفادى عن اخراج قولهم مخرج التسليم والاعتداد به مع كونه تقولا محضا قال سعدى المفتى والظاهر ان النظم من الاحتباك حذف من الاول ما يقابل الثانى ومن الثانى ما يقابل الاول والاصل قل لم تؤمنوا فلا تقولوا آمنا ولكن أسلمتم فقولوا أسلمنا وهذا من اختصارات القرءآن { ولما يدخل الايمان فى قلوبكم } حال من ضمير قولوا اى ولكن قولوا أسلمنا او لم تؤمنوا ولكن اسلمتم ليتقابل جملتا الاستدراك للاحتراز عن النهى عن التلفظ بالايمان فأن ظاهره مستقبح سيما ممن بعث للدعوة الى القول به وللتفادى عن اخراج قولهم مخرج التسليم والاعتداد به مع كونه تقولا محضا قال سعدى المفتى والظاهر ان النظم من الاحتباك حذف من الاول ما يقابل الثانى ومن الثانى ما يقابل الاول والاصل قل لم تؤمنوا فلا تقولوا آمنا ولكن أسلمتم فقولوا أسلمنا وهذا من اختصارات القرءآن { ولما يدخل الايمان فى قلوبكم } حال من ضمير قولوا اى ولكن قولوا أسلمنا حل عدم مواطأة قلوبكم لألسنتكم وما فى لما من معنى التوقع مشعر بأن هؤلاء قد آمنوا فيما بعد { ولما يدخل الايمان فى قلوبكم } حال من ضمير قولوا اى ولكن قولوا أسلمنا حال عدم مواطأة قلوبكم لألسنتكم وما فى لما من معنى التوقع مشعر بأن هؤلاء قد آمنوا فيما بعد { وأن تطيعوا اللّه ورسوله } بالاخلاص وترك النفاق { لا يلتكم من اعمالكم شيأ } اى لا ينقصكم شيأ من اجورها من لات يليت ليتا اذا نقص قال الامام معنى قوله لا يلتكم انكم ان اتيتم بما يليق بضعفكم من الحسنة المقرونة بالاخلاص وترك النفاق فهو تعالى يأتكم بما يليق بفضله من الجزآء لا ينقص منه نظرا الى ما فى حسناتكم من النقصان والتقصير وهذا لان من حمل الى ملك فاكهة طيبة يكون ثمنها فى السوق درهما مثلا وأعطاه الملك درهما او دينارا انتسب الملك الى قلة العطاء بل الى البخل فليس معنى الآية أن يعطى من الجزآء مثل عملكم من غير نقص بل المعنى يعطى ما تتوقعون بأعمالكم من غير نقص ويؤيد ما قاله قوله تعالى { ان اللّه غفور } لما فرط من المطيعين { رحيم } بالتفضل عليهم قال فى بحر العلوم فى الآية ايذان بأن حقيقة الايمان التصديق بالقلب وان الاقرار باللسان واظهار شرآئعه بالايذان ليس بأيمان وفى التأويلات النجمية يشير الى ان حقيقة الايمان ليست مما يتناول باللسان بل هو نور يدخل القلوب اذا شرح اللّه صدر العبد للاسلام كما قال تعالى { فهو على نور من ربه } وقال عليه السلام فى صفة ذلك النور ( اذا وقع فى القلب انفسح له واتسع ) ( قيل يا رسول اللّه هل لذلك النور علامة يعرف بها قال ) بلى التجا فى عن دار الغرور والا نابة الى دار الخلود واستعداد الموت قبل نزوله ولهذا قال تعالى { ولما يدخل الايمان فى قلوبكم } فهذا دليل على ان محل الايمان القلب انتهى وفى علم الكلام ذهب جمهور المحققين الى ان الايمان التصديق القلب وانما الاقرار شرط لا جزؤه لاجرآء الاحكام فى الدنيا كالصلاة عليه فى وقت موته لما ان تصديق القلب امر باطن لا يطلع عليه احد لا بد له من علامة فمن صدق بقلبه ولم يقر بلسانه فهو مؤمن عند اللّه لوجود التصديق القلبى وان لم يكن مؤمنا فى احكام الدنيا لانتفاء شرطه واما من جعل الاقرار ركنا من الايمان فعنده لا يكون تارك الاقرار مؤمنا عند اللّه ولا يستحق النجاة من خلود النار ومن اقر بلسانه ولم يصدق بقلبه كالمنافق هو مؤمن فى احكام الدنيا وان لم يكن مؤمنا عند اللّه وهذا المذكور من ان الايمان هو التصديق القلبى والاقرار باللسان لاجرآء الاحكام هو الختيار الشيخ ابى منصور رحمه اللّه والنصوص معاضدة لذلك قال اللّه تعالى { اولئك كتب فى قلوبهم الايمان } وقال اللّه تعالى { وقلبه مطمئن بالايمان } وقال اللّه تعالى ولما يدخل الايمان فى قلوبكم وقال عليه السلام ( اللهم ثبت قلبى على دينك ) اى على تصديقك وقال عليه السلام لعلى رضى اللّه عنه حين قتل ( من قال لا اله الا اللّه هل شققت قلبه ) وفى فتح الرحمن حقيقة الايمان لغة التصديق بما غاب وشرعا عند ابى حنيفة رحمه اللّه تصديق بالقلب وعمل باللسان وعند الثلاثة عقد بالجنان ونطق باللسان وعمل بالاركان فدخل كل الطاعات انتهى ق لابن الملك فى شرح المشارق ثم الاقرار باللسان ليس جزأ من الايمان ولا شرطاله عند بعض علمائنا بل هو شرط لاجرآء احكام المسلمين على المصدق لان الايمان عمل القلب وهو لا يحتاج الى الاقرار وقال بعضهم انه جزء منه لدلالة ظواهر النصوص عليه الا ان الاقرار لما كان جزأ له شائبة العرضية والتبعية اعتبروا فى حالة الاختيار جهة الجزئية حتى لا يكون تاركه مع تمكنه منه مؤمنا عند اللّه وان فرض انه مصدق وفى حالة الاختيار جهة الجزئية حتى لا يكون تاركه مع تمكنه منه مؤمنا عند اللّه وان فرض انه مصدق وفى حالة الاضطرار جهة العرضية فيسقط وهذا معنى قولهم الاقرار ركن زآئد اذ لا معنى لزيادته الا ان يحتملى السقوط عند الاكراه على كلمة الكفر فان قيل ما الحكمة فى جعل عمل جارحة جزأ من الايمان ولم عين به عمل اللسان دون اعمال سائر الاركان قلنا لما اتصف الانسان بالايمان وكان التصديق عملا لباطنه جعل عمل ظاهره داخلا فيه تحقيقا لكمال اتصافه به وتعين له فعل اللسان لانه مجبول للبيان او لكونه اخف وابين من عمل سائر الجسد نعم يحكم باسلام كافر لصلاته بجماعة وان لم يشاهد قراره لان الصلاة المسنونة لا تخلو عنه وقال الشيخ عز الدين ابن عبد السلام المقدسى النطق بكلمتى الشهادة واجب فمن علم وجوبهما وتمكن من النطق بهما فلم ينطق فيحتمل ان يجعل امتناعه من النطق بهما كامتناعه من الصلاة فيكون مؤمنا غير مخلد فى النار لان الايمان هو التصديق المحض بالقلب واللسان ترجمانه وهذا هو الاظهر اذ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يخرج من النا رمن كان فى قلبه مثقال ذرة من الايمان ولا يعدم الايمان من القلب بالسكوت عن النطق الواجب كما لا يعدم بترك الفعل الواجب انتهى وقال سهل رضى اللّه عنه ليس فى الايمان اسباب انما الاسباب فى الاسلام والمسلم محبوب للخلق والمؤمن غنى عن الخلق وقال بعض الكبار المسلم فى عموم الشريعة من سلم الناس من لسانه ويده وفى خصوصها من سلم كل شئ من لسانه بما يعبر نه ويده فيما له فيه نفوذ الاقتدار والمؤمن منور الباطن وان عصى والكافر مظلم الباطن وان أتى بمكارم الاخلاق ومن قال انا مؤمن ان شاء اللّه فما عرف اللّه كما ينبغى وقال بعض الكبار كل من آمن عن دليل فلا وثوق بايمانه لانه نظرى لا ضرورى فهو معرض للشبه الفادحة فيه بخلاف الايمان الضرورى الذى يجده المؤمن فى قلبه ولا يقدر على دفعه وكذا القول فى كل علم حصل عن نظر وفكر فانه مدخول لا يسلم من دخول الشبه عليه ولا من الحيرة فيه ولا من القدح فى الامر الموصل اليه ولا بد لكل محجوب من التقليد فمن اراد العلم الحق الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فليكثر من الطاعات والنوافل حتى يحبه الحق فيعرف اللّه باللّه ويعرف جميع احكام الشريعة باللّه لا بعقله ومن لم يكثر مما ذكر فليقلد ربه فيما اخبر ولا يؤول فانه اولى من تقليد العقل ١٥ { انما المؤمنون الذين آمنوا باللّه ورسوله ثم لم يرتابوا } اى آمنوا ثم لم يقع فى نفوسهم شك فيما آمنوا به ولا اتهام لمن صدقوه واعترفوا بأن الحق معه من ارتاب مطاوع رابه اذا اوقعه فى الشك فى الخبر مع التهمة للمخبر فظهر الفرق بين الريب والشك فان الشك تردد بين نقيضين لا تهمة فيه وفيه اشارة الى أن فيهم ما يوجب نفى الايمان عنهم وهو الارتياب وثم للاشعار بأن اشتراط عدم الارتياب فى اعتبار الايمان ليس فى حال انشائه فقط بل وفيما يستقبل فهى كما فى قوله تعالى { ثم استقاموا } { وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل اللّه } فى طاعته على تكثير فنونها من العبادات البدنية المحضة والمالية الصرفة والمشتملة عليهما معا كالحج والجهاد { اولئك } الموصوفون بما ذكر من الاوصاف الجميلة { هم الصادقون } اى الذين صدقوا فى دعوى الايمان لا غيرهم فهو قصر افراد وتكذيب لاعراب بنى اسد حيث اعتقدوا الشركة وزعموا أنهم صادقون ايضا فى دعوى الايمان . واعلم ان الآية الكريمة شاملة لمجامع القوى التى وجب على كل احد تهذيبها واصلاحها تطهيرا لنفسه الحاصل به الفوز بافلاح والسعادة كلها كما قال تعالى { قد افلح من زكاها } وهى قوة التفكر وقوة الشهوة وقوة الغضب اللاتى اذا اصلحت ثلاثتها وضبطت حصل العدل الذى قامت به السموات والارض فانها جميع مكارم الشريعة وتزكية النفس وحسن الخلق المحمود ولاصالة الاولى وجلالتها قدمت على الاخيرتين فدل بالايمان باللّه ورسوله مع نفى الارتياب على العلم اليقينى والحكمة الحقيقية التى لا يتصور حصولها الا باصلاح قوة التفكر ودل بالمجاهدة بالاموال على العفة والجود التابعين بالضرورة لاصلاح قوة الشهوة وبالمجاهدة بالانفس على الشجاعة والحلم التابعين لاصلاح قوة الحمية الغضبية وقهرها واسلامها للدين وعليه دل قوله تعالى { خذ الفعو واثمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين } فان العفو عمن ظلم هو كمال الحلم والشجاعة واعطاء من حرم كمال العفة والجود ووصل من قطع كمال الفضل والاحسان . واعلم ايضا ان جميع كمالات النفس الانسانية محصورة فى القوى الثلاث وفضائلها الاربع اذ العقل كماله العلم والعفة كمالها الورع والشجاعة كما لها المجاهدة والعدل كماله الانصاف وهى اصول الدين على التحقيق وفى الآية رد للدعوى وحث على الاتصاف بالصدق قال بعضهم لولا الدعاوى ما خلقت المهاوى فمن ادعى فقد هوى فيها وان كان صادقا ألا تراه يطالب بالبرهان ولو لم يدع ما طولب بدليل ( قال الحافظ ) حديث مدعيان وخيال همكاران ... همان حكايت زرد وزو بور يابافست وفى الحديث ( يا ابا بكر عليك بصدق الحديث والوفاء بالعهد وحفظ الامانة فانها وصية الانبياء ) ( قال الحافظ ) طريق صدق بياموز ازاب صافى دل ... بر استى طلب آزادكى جوسر وجمن وأتى رسول اللّه التجار فقال ( يا معشر التجار ان اللّه باعثكم يوم القيامة فجارا الا من صدق ووصل وأدى الامانة ) وفى الحديث ( التجار هم الفجار ) قيل ولم يا رسول اللّه وقد أجل اللّه البيع فقال ( لانهم يحلفون فيأثمون ويتحدثون فيكذبون ) ( قال الصائب ) كعبه دركام نخستين كند استقبالت ... ازسر صدق اكر همنفس دل باشى فاذا صدق الباطن صدق الظاهر اذ كل اناء يترشح بما فيه وكل احد يظهر ما فيه بفيه ١٦ { قل } روى انه لما نزلت الآية السابقة جاء الاعراب وحلفوا أنهم مؤمنون صادقون فنزل لتكذيبهم قوله تعالى قل يا محمد لهم { أتعلمون اللّه بدينكم } دخلت الباء لان هذا التعليم بمعنى الاعلام والاخبار أى أتخبرون اللّه بدينكم الذى أنتم عليه بقولكم آمنا والتعبير عنه بالتعليم لغاية تشنيعهم والاستفهام فيه للتوبيخ والانكار أى لا تعرفوا اللّه بدينكم فانه عالم به لا يخفى عليه شئ وفيه اشارة الى ان التوقيف فى الامور الدينية معتبر واجب وحقيقتها موكولة الى اللّه فالاسامى منه تؤخذ والكلام منه يطلب وأمره يتبع { واللّه يعلم ما فى السموات والارض } حال من فاعل تعلمون مؤكدة لتشنيعهم { واللّه بكل شئ عليم } لا يحتاج الى اخباركم تذييل مقرر لما قبله اى مبالغ فى العلم بجميع الاشياء التى من جملتها ما اخفوه من الكفر عند اظهارهم الايمان وفيه مزيد تجهيل وتوبيخ لهم حيث كانوا يجتهدون فى ستر احوالهم واخفائها وفى التأويلات النجمية واللّه يعلم ما فى سموات القلوب من استعدادها فى العبودية وما فى ارض النفوس من تمردها عن العبودية واللّه بكل شئ جبلت القلوب والنفوس عليه عليم لانه تعالى اودعه فيها عند تخمير طينة آدم بيده انتهى قال بعض الكبار لا تضف الى نفسك حالا ولا مقاما ولا تخبر احدا بذلك فان اللّه تعالى كل يوم هو فى شان فى تغيير وتبديل يحول بين المرء وقلبه فربما ازالك عما اخبرت به وعزلك عما تخليت ثباته فتحجل عند من اخبرته بذلك بل احفظ ذلك ولا تعلمه الى غيرك فان كان الثبات والبقاء علمت انه موهبة فلتشكر اللّه ولتسأله التوفيق للشكر وان كان غير ذلك كان فيه زيادة علم ومعرفة ونور وتيقظ وتأديب انتهى فظهر من هذا ان الانسان يخبر غالبا بما ليس فيه او بما سيزول عنه والعياذ باللّه من سوء الحال ودعوى الكمال قال بعضهم اياكم ثم اياكم والدعوات الصادقة والكاذبة فان الكاذبة تسود الوجه والصادقة تطفئ نور الايمان او تضعفه واياكم والقول بالمشاهدات والنظر الى الصور المستحسنات فان هذا كله نفوس وشهوات ومن احدث فى طريق القوم ما ليس فيها فليس هو منا ولا فينا فاتبعوا ولا تبتدعوا وأطيعوا ولا تمرقوا ووحدوا ولا تشركوا وصدقوا الحق ولا تشكوا واصبروا ولا تجزعوا واثبتوا ولا تتفرقوا واسألوا ولا تسأموا وانتظروا ولا تيأسوا وتواخوا ولا تعادوا واجتمعوا على الطاعة ولا تفرقوا وتطهروا من الذنوب ولا تلطخوا وليكن احدكم بواب قلبه فلا يدخل فيه الا ما امره اللّه به وليحذر احدكم ولا يركن وليخف ولا يأمن وليفتتس ولا يغفل ١٧ { يمنون عليك أن اسلموا } اى يعدون اسلامهم منة عليك وهى النعمة التى لا يطلب موليها ثوابا ممن أنعم بها عليه من المن بمعنى القطع لان المقصود به قطع حاجته مع قطع النظران يعوضه المحتاج بشئ وقيل النعمة الثقيلة من المن الذى يوزن به وهو رطلان يقال من عليه منة اى أثقله بالنعمة قال الراغب المنة النعمة الثقيلة ويقال ذلك على وجهين احدهما أن يكون ذلك بالفعل فيقال من فلان على فلان اذا أثقله بالنعمة وعلى ذلك قوله تعالى { لقد من اللّه على المؤمنين } وذلك فى الحقيقة لا يكون الا لله تعالى والثانى أن يكون ذلك بالقول وذلك مستقبح فيما بين الناس الا عند كفران النعمة ولقبح ذلك قيل المنة تهدم الصنيعة ولحسن ذكرها عند الكفران قيل اذا كفرت النعمة حسنت المنة وقوله تعالى يمنون عليك الخ فالمنة منهم بالقول ومنة اللّه عليهم بالفعل وهو هدايته اياهم { قل لا تمنوا على اسلامكم } اى لا تعدوا اسلامكم منة على اولا تمنوا على باسلامكم فنصبه بزع الخافض { بل اللّه يمن عليكم ان هداكم للايمان } على ما زعمتم من انكم ارشدتم اليه وبالفارسيرة بلكه خداى تعالى منت مينهد برشماكه راه نموده است شمارا بايمان { ان كنتم صادقين } فى ادعاء الايمان وجوابه محذوف يدل عليه ما قبله اى فلله المنة عليكم وفى سياق النظم الكريم من اللطف ما لا يخفى فانهم لما سمعوا ما صدر عنهم ايمانا ومنوا به نفى كونه ايمانا وسماه اسلاما فقال يمنون عليك بما هو فى الحقيقة اسلام اى دخول فى السلم وليس بجدير بالمن لانه ليس له اعتداء شرعا ولا يعد مثله نعمة بل لو صح ادعاؤهم للايمان فلله المنة عليهم بالهداية اليه لا لهم وسئل بعض الكبار عن قوله تعالى { بل اللّه يمن عليكم } مع انه تعالى جعل المن اذا وقع منا على بعضنا من سفساف الاخلاق فقال فى جوابه هذا من علم التطابق ولم يقصد الحق به المن حقيقة اذ هو الكريم الجواد على الدوام على من أطاع وعلى من عصى وفى الحديث ( ما كان اللّه ليدلكم على مكارم الاخلاق ويفعل معكم خلاف ذلك ) وفى الحديث ايضا ( ما كان اللّه لينهاكم عن الرياء ويأخذه منكم ) قال ذلك لمن قال له يا رسول اللّه انى صليت بالتميم ثم وجدت الماء أفأصلى ثانيا فمعنى الآية اذا دخلتم فى حضرة المن على رسولكم باسلامكم فالمن لله لا لكم وان وقع منكم شئ من سفساف الاخلاق رد الحق اعمالكم عليكم لا غير وفى التأويلات النجمية يمنون عليك ان استسلموا لك ظاهرهم قل لا تمنوا على اسلامكم اى تسليم ظاهركم لى لانه ليس هذا من طبيعة نفوسكم المتمردة بل اللّه يمن عليكم ان هداكم للايمان اذ كتب فى قلوبكم الايمان فانعكس نور الايمان من مصباح قلوبكم الى مشكاة نفوسكم فتنورت واستضاءت بنور الاسلام فاسلامكم فى الظاهر من فرع الايمان الذى اودعته فى باطنكم ان كنتم صادقين اى ان كنتم صادقين فى دعوى الايمان انتهى قال الجنيد رحمه اللّه المن من العباد تقريع وليس من اللّه تقريعا وانما هو من اللّه تذكير النعم وحث على شكر المنعم ( قال الشيخ سعدى ) شكر خداى كن كه موفق شدى بخير ... زانعام وفضل او نه معطل كذا شتت منت منه كه خدمت سلطان همى كنى ... منت شناس ازوكه بخدمت بداشتت ١٨ { ان اللّه يعلم غيب السموات والارض } اى ما غاب فيهما عن العباد وخفى عليهم علمه { واللّه بصير بما تعملون } فى سركم وعلانيتكم فكيف يخفى عليه ما فى ضمائركم وقال بعض الكبار واللّه بصير بما تعملون فى الظاهر انه من نتائج ما اودعه فى باطنكم درزمين كرنى شكرور خودنى است ... ترجمان هرزمين نبت وى است فمن لاحظ شيأ من اعماله واحواله فان رآها من نفسه كان شركا وان رآها لنفسه كان مكرا وان رآها من ربه بربه لربه كان توحيدا وفقنا اللّه لذلك بمنه وجوده قال البقلى ليس لله غيب اذ الغيب شئ مستور وجميع الغيوب عيان له تعالى وكيف يغيب عنه وهو موجده يبصره ببصره القديم والعلم والبصر هناك واحد قال فى كشف الاسرار از سورة الحجرات تا آخر قرآن مفصل كويند وبه قال النبى صلّى اللّه عليه وسلّم ( ان اللّه اعطانى السبع الطول مكان التوراة ) والسبع الطول كصرد من البقرة الى الاعراف والسابعة سورة يونس او الانفال وبرآءة جميعا لانهما سورة واحدة عنده كما فى القاموس وأعطانى الما بين مكان الانجيل واعطانى مكان الزبور المثانى وفضلنى ربى بالمفصل وفى رواية اخرى قال عليه السلام ( انى أعطيت سورة البقرة من الذكر الاول وأعطيت طه والطاوسين من ألواح موسى عليه السلام وأطعين فواتح الكتاب وخواتيم البقرة من تحت العرش ) والمفصل ناقلة اى عطية . وفى فتح الرحمن سورة الحجرات اول المفصل على الراجح من مذهب الشافعى وأحد الاقوال المعتمدة عن ابى حنيفة وعنه قول آخر معتمدان اوله قوله ق قاله عليه السلام ( فضلنى ربى بالمفصل ) والمفصل من القرءآن ما هو بعد الحواميم من قصار السور الى آخر القرءآن وسميت مفصلا لكثرة المفصولات فيها بسطر بسم اللّه الرحمن الرحيم لانها سور قصار يقرب تفصيل كل سورة من الاخرى فكثر التفصيل فيها انتهى وقال بعضهم المفصل السبع السابع سمى به لكثرة فصوله وهو من سورة محمد او الفتح او ق الى آخر القرءآن وطوال المفصل الى البروج والاوساط منها الى لم يكن والقصار منها الى الآخر وقيل طوال ازلا تقدم تا عبس دان ... بس اوسط از عبس تالم يكن خوان قصار ازلم يكن تا آخر آيد ... بخوان اين نظم را تاكردد آسان والذى عليه الجمهوران طوال المفصل من سورة الحجرات الى سورة البروج والاوساط من سورة البروج الى سورة لم يكن والقصار من سورة لم يكن الى آخر القرآن ( روى ) ان القرآن لما قسموا القرءآن فى زمن الحجاج الى ثلاثين جزأ قسموه ايضا الى سبعة اقسام وعن السلف الصالحين من ختم على هذا الترتيب الذى نذكره ثم دعا تقبل حاجته وهو الترتيب الذى كان يفعله عثمان رضى اللّه عنه يقرأ يوم الجمعة من اوله الى سورة الانعام ويوم السبت من سورة الانعام الى سورة يونس ويوم الاحد من سورة يونس الى سورة طه ويوم الاثنين من سورة طه الى سورة العنكبوت ويوم الثلاثاء من سورة العنكبوت الى سورة الزمر ويوم الاربعاء من سورة الزمر الى سورة الواقعة ويوم الخميس من سورة الواقعة الى آخره وقيل احزاب القرءآن سبعة الحزب الاول ثلاث سور والثانى خمس سور والثالث سبع سور والرابع تسع سور والخامس احدى عشرة سورة والسادس ثلاث عشرة سورة والسابع المفصل من ق وفى فتح الرحمن واحزاب القرآن ستون قيل ان الحجاج لما جد فى نقط المصحف زاد تحزيبه وأمر الحسن ويحيى بن يعمر بذلك واما وضع الاعشار فيه فحكى ان المأمون العباسى أمر بذلك وقيل ان الحجاج فعل ذلك وكانت المصاحف العثمانية مجردة من النقط والشكل فلم يكن فيها اعراب وسبب ترك الاعراب فيها واللّه اعلم استغناؤهم عنه فان القوم كانوا عربا لا يعرفون اللحن ولم ين فى زمنهم نحو واول من وضع النحو وجعل الاعراب فى المصاحف ابو الاسود الدؤلى التابعى البصرى ( حكى ) انه سمع قارئا يقرأ ان اللّه بريئ من المشركين ورسوله بكسر اللام فاعظمه ذلك وقال عز وجه اللّه أن يبرأ من رسوله ثم جعل الاعراب فى المصاحف وكان علاماته نقطا بالحمرة غير لون المداد فكانت علامة الفتحة نقطة فوق الحرف وعلامة الضمة نقطة فى نفس الحرف وعلامة الكسرة نقطة تحت الحرف وعلامة الفنة نقطتين ثم احدث الخليل بن احمد الفراهيدى بعد هذا هذه الصور الشدة والمدة والهمزة وعلامة السكون وعلامة الوصل ونقل الاعراب من صورة النقط الى ما هو عليه الآن واما النقط فاول من وضعها بالمصحف نصر بن عاصم الليثى بامر الحجاج بن يوسف امير العراق وخراسان وسببه ان الناس كانوا يقرأون فى مصحف عثمان نيفا واربعين سنة الى يوم عبد الملك بن مروان ثم كثر التصحيف وانتشر بالعراق فأمر الحجاج أن يضعوا لهذه الاحرف المشتبهة علامات فقام بذلك نصر المذكور فوضع النقط افرادا وازواجا وخالف بين اماكنها وكان يقال له نصر الحروف واول ما احدثوا النقط على الباء والتاء وقالوا لا بأس به هو نور له ثم احدثوا نقطا عند منتهى الآى ثم احدثوا الفواتح والخواتم فأبو الاسود هو السابق الى اعرابه والمبتدئ به ثم نصر بن عاصم وضع النقط بعده ثم الخليل بن احمد نقل الاعراب الى هذه الصورة وكان مع استعمال النقط والشكل يقع التصحيف فالتمسوا حيلة فلم يقدروا فيها الاعلى الاخذ من افواه الرجال بالتلقين فانتدب جهابذة علماء الامة وصناديد الائمة وبالغوا فى الاجتهاد وجمعوا الحروف والقرآت حتى بينوا الصواب وازالوا الاشكال رضى اللّه عنهم اجمعين واول من خط بالعربية يعرب بن قحطان وكان يتكلم بالعربية والسريانية واول من استخرج الخط المعروف بالنسخ ابن مقلة وزير المقتدر باللّه ثم القاهر باللّه فانه اول من نقل الخط الكوفى الى طريقة العربية ثم جاء ابن البواب وزاد فى تعريب الخط وهذب طريقة ابن مقله وكساها بهجة وحسنا ثم ياقوت المستعصمى الخطاط وختم فن الخط واكمله ثم جاء الشيخ حمد اللّه الا ما سيوى فأجاد الخط بحيث لا مزيد عليه الى الآن ولله در القائل خط حسن جمال مرأى ... ان كان لعالم فأحسن الدر من النبات احلى ... والدر مع البنات ازين ومن اللّه التوفيق للكمالات والختم بانواع السعادات تمت سورة الحجرات بعون ذى الفضل والبركات فى اوآئل شهر ربيع الآخر من شهور عام الف ومائة واربعة عشر |
﴿ ٠ ﴾