سُورَةُ قۤ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ خَمْسٌ وَأَرْبَعُونَ آيَةً

١

{ ق } اى هذه سورة ق اى مسماة بق وقال ابن عباس رضى اللّه عنهما هو قسم وهو اسم من اسماء اللّه تعالى وقال محمد بن كعب هو مفتاح اسماء اللّه تعالى مثل القادر والقدير والقديم والقاهر والقهار والقريب والقابض والقاضى والقدوس والقيوم اى انا القادر الخ

وقيل اسم من اسماء القرآن

وقيل قسم أقسم اللّه به اى بحق القائم بالقسط

وقيل معناه قل يا محمد والقرءآن المجيد

وقيل قف يا محمد على اداء الرسالة وعند امرنا ونهينا ولا نتعدهما والعرب تقتصر من كلمة على حرف قال الشاعر قلت لها قفى فقالت ق اى وقفت

وقيل هو أمر من مفاعلة قفا اثره اى تبعه والمعنى اعمل بالقرآن واتبعه

وقيل معناه قضى الامر وما هو كائن كما قالوا فى حم

وقيل المراد بحق القلم الذى يرقم القرءىن فى اللوح المحفوظ وفى الصحائف ( وقال الكاشفى ) حروف مقطعه جهت فرق است ميان كلام منظوم ومنثور امام علم الهدى فرموده كه سامع بمجرد استماع اين حروف استدلال ميكند برآنكه كلامى كه بعد ازومى آيد منثورست نه منظوم بس درايراداين حروف ردجما عتيست كه قرآنراشعر كفتند ، وقال الانطاكى ق عبارة عن قربه لقوله

{ ونحن أقرب اليه } يعنى قسم است بقرب الهى كه سر ونحن اقرب اليه بدين سوره ازان خبر ميدهد . وقال ابن عطاء اقسم بقوة قلب حبيبه حيث تحمل الخطاب والمشاهدة ولم يؤثر ذلك فيه لعلو حاله اى بخلاف موسى عليه السلام فانه خر صعقا فى الطور من سطوة تجلى النور وفى التأويلات النجمية يشير الى ان لكل سالك من السائرين الى اللّه تعالى مقاما فى القرب اذا بلغ الى مقامه المقدر له يشار اليه بقوله ق اى قف مكانك ولا تجاوز حدك والقسم قوله والقرءآن المجيد اى قف فان هذا مكانك والقرءآن المجيد فلا تجاوز عنه وقال بعض الكبار ق اشارة الى قول هو اللّه احد اى الى مرتبه الاحدية التى هى التعين الاول وص اشارة الى الصمد اى الى مرتبة الصمدية التى هى التعين الثانى والصافات اشارة الى التعينات الباقية التابعة للتعين الثانى ، يقول الفقير اشار بقوله ق الى قيامه عليه السلام بين يدى اللّه تعالى فى الصف الاول قبل كل شئ مفارقا لكل تركيب منفردا عن كل كون منقطعا عن كل وصف ثم الى قدومه من ذلك العالم الغيبى الروحانى الى هذا المقام الشهادى الجسمانى كما اشار اليه المجيئ الآتى وقد جاء فى حديث جابر رضى اللّه عنه وحين خلقه اى نور نبيك يا جابر أقامه قدامه فى مقام القرب اثنى عشر ألف سنة وهو تفصيل عدد حروف لا اله الا اللّه وحروف محمد رسول اللّه فان عدد حروف كل منهما اثنا عشر وكذا أفادانه أقامه فى مقام الحب اثنى عشر ألف سنة وفى مقام الخوف والرجاء والحياء كذلك ثم خلق اللّه اثنى عشر الف حجاب فأقام نوره فى كل حجاب ألف سنة وهى مقامات العبودية وهى حجاب الكرامة والسعادة والهيبة والرحمة والرأفة والعلم والحلم والوقار والسكينة والصبر والصدق واليقين فعبد ذلك النور فى كل حجاب ألف سنة فكل هذا العدد من طريق الاجمال اثنان وسبعون واذا انضم اليه المنازل الثمانى والعشرون على ما اشير اليه فى الجلد الاول يصير المجموع مائة واليه الاشارة بالقاف فهو مائة رحمة ومائة درجة فى الجنة اختص بها الحبيب عليه السلام فى الحقيقة اذ كل من عداه فهو تبع له فكما انهم تابعون له عليه السلام فى مقاماته الصورية الدورية المائة لانه أول من خلقه اللّه ثم خلق المؤمنين من فيض نوره فكذلك هم بالقرءآن لان الكلام النفسى تنزل اليه مرتبة بعد مرتبة الى ان أنزله روح القدس على قلبه فى هذا الالم الشهادى تشريفا له من الوجه العام والخاص والى كل هذه المقامات وفى بالقرءآن كما يقال لصاحب القرءآن اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل فى الدنيا وان منزلك عند آخر آية تقرأها ولا شك انه كان خلقه القرءآن فلذا مجد وشرف بمجد القرءآن وشرفه فاعرف هذا فانه من مواهب اللّه تعالى ويجوز ان يكون معنى ق من طريق الاشارة احذروا قاف العقل والزموا شين العشق كما

قال بعضهم

فقل درنشاط وسرورست قاف عقل ... دندانة كليد بهشت است شين عشق

وقال جماعة م نالعلماء قاف جبل محيط بالارض كأحاطة العين بسوادها وهو اعظم جبال الدنيا خلقه اللّه من زمرد أخضر او زبرجد أخضر منه خضرة السماء والسماء ملتزقة به فليست مدينة من المدآئن وقرية من القرى الا وفيها عرق من عروقه وملك موكل به واضع يديه على تلك العروق فاذا أراد اللّه بقوم هلاكا اوحى الى ذلك الملك فحرك عرقا فخسف بأهلها والشياطين ينطلقون الى ذلك الزبرد فيأخذون منه فيبثونه فى الناس فمن ثم هو قليل ( وفى المثنوى )

رفت ذو القرنين سوى كوه قاف ... ديداورا كز زمرد بود صاف

كرد عالم حلقهُ كشته او محيط ... ماند حيران اندران خلق بسيط

كفت توكوهى دكرها جيستند ... كه به بيش عظم توبازيستند

كفت ركهاى من اندآن كوهها ... مثل من نبوند در حسن وبها

من بهر شهرى ركى درام نهان ... بر عروقم بسته اطراف جهان

حق جو خواهد زلزل شهر مرا ... كويد او من برجهانم عرق را

بس بجنبانم من آن رك را بقهر ... كه بدان رك متصل كشتست شهر

جون بكويد بس شود ساكن ركم ... سا كنم وزروى قفل اندرتكم

همجو مرهم ساكن بس كاركن ... جون خردساكن وزوجنبان سخن

نزد آنكس كه نداند عقاش اين زلزله ... هست از بخارات زمين

قال ابى بن كعب الزلزلة لا تخرج الا من ثلاثة اما لنظر اللّه بالهيبة الى الارض

واما لكثرة ذنوب بنى آدم

واما لتحريك الحوت الذى عليه الارضون السبع تأديبا للخلق وتنبيها قال ذو القرنين يا قاف اخبرنى بشئ من عظمة اللّه تعالى فقال أن شان ربنا لعظيم وان من ورآئى مسيرة خمسمائه عام من جبال ثلج يحطم بعضها بعضا لولا ذلك لاحترقت من نار جهنم والعياذ باللّه تعالى منها يعنى اسكندر كفت يا قاف از عظمة اللّه باما جيزى بكوى كفت يا ذا القرنين كار خداوند ما عظيم است واز اندازه وهم وفهم بيرونست بعظمت او خبر كجارسد وكدام عبارت بوصف اورسد كفت آخر آنجه كمتراست ودرتحت وصف آيد جيزى بكوى كتفت وراى من زمينى است آفريده يانصد ساله راه طول آن ويانصد ساله راه عرض آن همه كوهها اندربران برف واكرنه آن برف بودى من از حرارت دوزخ جون ارزيز بكدا ختمى ذو القرنين كفت ردنى يا قاف نكته ديكر بكوى ازعظمت وجلال او كفت جبريل امين كمر بسته درحجب هيبت ايستاده هرساعتى ازعظمت وسياست دركاه جبروت برخودبلرز درعده بروى افتدرب العالمين ازان رعدهوى صد هزار ملك بيافريند صفها بركشيده درحضرت بنعت هيبت سردربيش افكنده وكوش برفرمان بهاده تايكبار از حضرت عزت ندا آيدكه سخن كوبيد همه كويند لا اله الا اللّه وبيش ازاين نكويند اينست كه رب العالمين كفت يوم يقوم الروح والملائكة صفا الى قوله وقال صوابا يعنى لا اله الا اللّه

وقيل خضرة السماء من الصخرة التى تحت الارض السفلى تحت الثور وهو المشار اليه بقوله تعالى انها ان تك مثقال حبة من خردل فتكن فى صخرة الآية وجعل اللّه السماء خضرآء لتكون اوفق للابصار لان النظر الى الخضرة يقوى البصر فى الحكمة وكل صنع اللّه لحكمة فائدة لاهل العالم وفى الحديث ( ثلاث يجلون البطر النظر الى الخضرة والى الماء الجارى والى الوجه الحسن ) قال ابن عباس رضى اللّه عنهما والاثمد عند النوم وبالجملة ان الألوان سوى البياض مما يعين البصر على النظر وعن خالد بن عبد اللّه ان ذا القرنين لما بنى الاسكندرية رخمها بالرخام الابيض جدرها وارضها فكان لباسهم فيها السواد من نصوع بياض الرخام فمن ذلك ليس الرهبان السواد كما فى اوضح المسالك لابن سباهى قال الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر لما خلق اللّه الارض على الماء تحركت ومالت فخلق اللّه تعالى من الابخرة الغليظة الكثيفة الصاعدة من الارض بسبب هيجانها الجبال فسكن ميل الارض وذهبت تلك الحركة التى لا يكون معها استقرار فطوق الارض بجبل محيط بها وهو من صخرة خضراء وطوق الجبل بحية عظيمة رأسها بذنبها رأيت من الابدال من صعد جبل قاف فسألته عن طوله علوا فقال صليت الضحى فى أسفله والعصر فى أعلاه يعنى بخطوة الابدال فالخطوة عند الابدال من المشرق الى المغرب.

يقول الفقير لعل هذا من قبيل البسط فى السير والا فقد ثبت ان السماء الدنيا متصلة به وما بين السماء والارض كما بين المشرق والمغرب وهى مسيرة خمسمائة عام فكيف تسع هذه المسيرة تلك الخطوات المتضاعفة وفى الخبر ان لقاف فى السماء سبع شعب لكل سماء شعبة منها فالسموات السبع مقيبة على شعبه وخلق اللّه ستة جبال من ورآء قاف وقاف سابعها وهى موتودة بأطراف الارض على الصخرة وقاف ورآءها على الهوآء

وقيل خلق اللّه جبل قاف كالحصن المشرف على الملك ليحفظ اهل الارض من فيح جهنم التى تحت الارض السابعة ، يقول الفقير فيه اشارة الى حال قطب الاقطاب رضى اللّه عنه فأنه مشرف على جميع الرجال من حيث جمعية اسمه وعلو رتبته وبه يحفظ اللّه العالم من الآفات الصورية والمعنوية كما ان جبل قاف مشرف على سائر الجبال وبه يحفظ اللّه اهل الارض بالغدو والآصاف ومنخلف ذلك الجبل بحر محيط بجبل قاف وحوله جبل قاف آخر والسماء الثانية مقببة عليه وكذلك من وراء ذلك بحار محدقات بجبل قاف على عدد السموات وان كل سماء منها مقببة عليه وان فى هذه البحار وفى سواحلها ويبسها المحدقة بها ملائكة لا يحصى عددهم الا اللّه ويعبدون اللّه حق عبادته ومن جبل قاف ينفجر جميع عيون الارض فيشرب منه كل بر وفاجر فيجده العبد حيث توجه وفى البعض مثل ذلك وما رآه جبل قاف فهو من حكم الآخرة لا من حكم الدنيا وقال بعض المفسرين ان اللّه سبحانه من ورآء جبل قاف ارضا بيضاء كالفضة المجلاة طولها مسيرة اربعين يوما للشمس وبها ملائكة شاخصون الى العرش لا يعرف الملك منهم من الى جانبه من هيبة اللّه تعالى ولا يعرفون ما آدم وما ابليس هكذا الى يوم القيامة

وقيل ان يوم القامية تبدل ارضنا هذه بتلك الارض ( وروى ) ان اللّه تعالى خلق ثمانية آلاف عالم الدنيا منها عالم واحد وان اللّه تعالى خلق فى الارض ألف امة سوى الجن والانس ستمائة فى البحر واربعمائة فى البر وكل مستفيض منه تعالى

جنان بهن خوان كرم كسترد ... كه سيمرغ درقاف قسمت خورد

{ والقرءآن المجيد } اى ذى المجد والشرف على سائر الكتب على أن يكون للنسب كلا بن وتامر أو لانه كلام المجيد يعنى ان وصف القرءآن بالمجد وهو حال المتكلم به مجاز فى الاسناد او لان من علم معانيه وعمل بما فيه مجد عند اللّه وعند الناس وشرف على أن يكون مثل بنى الامير المدينة فى الاسناد الى السبب قال الامام الغزالى رحمه اللّه المجيد هو الشريف ذاته الجميل أفعاله الجزيل عطاؤه ونواله فكان شرف الذات اذا قارنه حسن الفعال سمى مجيدا وهو الماجد ايضا ولكن احدهما ادل على المبالغة وجواب القسم محذوف اى انك يا محمد لنبى منذر أى مخوف من عذاب اللّه تعالى

٢

{ بل عجبوا } اى فراعنة قريش متعتوهم

{ ان جاءهم منذر منهم } اى لان جاءهم منذر من جنسهم لا من جنس الملك وهو اضراب عما ينبئ عنه الجواب اى انهم شكوا فيه ولم يكتفوا بالشك والتردد بل جزموا بالخلاف حتى جعلوا ذلك من الامور العجيبة وقال بعضهم جواب القسم محذوف ودليل ذلك قوله بل لانه لنفى ما قبله فدل على نفى مضمر وتقديره أقسم بجبل قاف الذى به بقاء دنياكم وبالقرءآن الذى به بقاء دينكم ما كذبوك ببرهان وبمعرفة يكذبك بل عجبوا الخ والعجب نظر النفس لامر خارج عن العادة

{ فقال الكافرون هذا شئ عجيب } تفسير لتعجيبهم وبيان لكونه مقارنا لغاية الانكار وهذا اشارة الى كونه عليه السلام منذرا بالقرءآن وحاصله كون النذير منا خصص بالرسالة من دوننا وكون ما انذر به هو البعث بعد موت كل شئ بليغ فى الخروج عن عادة اشكاله وهو من فرط جهلهم لانهم عجبوا أن يكون الرسول بشرا واوجبوا أن يكون الاله حجرا وانكروا البعث مع ان اكثر ما فى الكون مثل ذلك من اعادة كل من الملوين بعد ذهابه واحياء الارض بعد موتها واخراج النبات والاشجار والثمار وغير ذلك ثم ان اضمار الكافرين اولا للاشعار بتعينهم بما اسند اليهم من المقال وانه اذا ذكر شئ خارج عن سنن الاستقامة انصرف اليهم اذ لا يصدر الا عنهم فلا حاجة الى اظهار ذكرهم واظهارهم ثانيا للتسجيل عليهم بالكفر بموجبه

٣

{ ائذا متنا وكنا ترابا } اى أحين نموت فتفارق ارواحنا اشباحنا ونصير تبرابا لا فرق بيننا وبين تراب الارض نرجع ونبعث كما ينطق به النذير والمنذر به مع كمال التباين بيننا وبين الحياة حينئذ والهمزة للانكار اى لا ترجع ولا نبعث

{ ذلك } اشارة الى محل النزا اى مضمون الخبر برجوعها

{ رجع } الرجع متعد بمعنى الرد بخلاف الرجوع اى رد الى الحياة والى ما كنا عليه

{ بعيد } جدا عن الاوهام او العادة او الامكان او عن الصدق غير كائن لانه لا يمكن تمييز ترابنا من بقية التراب

٤

{ قد علمنا ما تنقص الارض منهم } رد لاستبعادهم وازاحة له اى نحن على ذلك فى غاية القدرة فن من عم علمه ولطفه حتى انتهى الى حيث علم ما تنقص الارض من اجساد الموتى وتأكل من لحومهم وعظامهم كيف يستبعد رجعه اياهم احياء كما كانوا عبر بمن لان الارض لا تأكل عجب الذنب فانه كالبذر لاجسام بنى آدم وفى الحديث ( كل ابن آدم يبلى الاعجب الذنب فمنه خلق وفيه يركب ) والعجب بفتح العين وسكون الجيم اصل الذنب ومؤخر كل شئ وهو ههنا عظم لا جوف له قدر ذرة أو خردلة يبقى من البدن ولا يبلى فاذا أراد اللّه الاعادة ركب على ذلك العظم سائر البدن واحياء اى غير أبدان الانبياء والصديقين والشهدآء فانها لا تبلى ولا تتفسح الى يوم القيامة على ما نص به الاخبار الصحيحة قال ابن عطية وحفظ ما تنقص الارض انما هو ليعود بعينه يوم القيامة وهذا هو الحق وذهب بعض الاصوليين الى ان الاجساد المبعوثة يجوز أن تكون غير هذه قال ابن عطية وهذا عندى خلاف لظاهر كتاب اللّه ولو كانت غيرها فكيف كانت تشهد الجلود والايدى والارجل على الكفرة الى غير ذلك مما يقتضى ان اجساد الدنيا هى التى تعود وسئل شيخ الاسلام ابن حجر هل الاجساد اذا بليت وفنيت وأراد اللّه تعالى اعادتها كما كانت اولا هل تعود الاجسام الاول ام يخلق اللّه للناس اجسادا غير الاجساد الاول فأجاب ان الاجساد التى يعيدها اللّه هى الاجساد الاول لا غيرها قال وهذا هو الصحيح بل الصواب ومن قال غيره عندى فقد اخطأ فيه لمخالفته ظاهر القرءآن والحديث قال اهل الكلام ان اللّه تعالى يجمع الاجزآء الاصلية التى صار الانسان معها حال التولد وهى العناصر الاربعة ويعيد روحه اليه سوآء سمى ذلك الجمع اعادة المعدوم بعينه او لم يسم فان قيل البدن الثانى ليس هو الاول لما ورد فى الحديث من ان اهل الجنة جردمرد وان الجهنمى ضرسه مثل أحد فيلزم التناسخ وهو تعلق روح الانسان ببدن انسان آخر وهو باطل قلنا انما يلزم التناسخ ان لو لم يكن البدن الثانى مخلوقا من الاجزآء الاصلية للبدن الاول يقول الفقير البدن معاد على الاجزآء الاصلية وعلى بعض الفضلة ايضا وهو العجب المذكور فكانه البدن الاول فلا يلزم التناسخ جدا والتغاير فى الوصف لا يوجب التغاير فى الذات فقد ثبت ان الخضر عليه السلام يصير شابا على كل مائة سنة وعشرين سنة مع ان البدن هو البدن الاول وكذا قال ابن عباس رضى اللّه عنهما ان ابليس اذا مرت عليه الدهور وحصل له الهرم عاد ابن ثلاثين سنة واختلف القائلون بحشر الاجسام فمنهم من ذهب الى ان الاعادة تكون فى الناس مثل ما بداهم بنكاح وتناسل وابتدآء بخلق من طين ونفخ كما جرى من خلق آدم وحوآء وخلق البنين من نسل ونكاح الى آخر مولود فى العالم البشرى كل ذلك فى مدة قصيرة على حسب ما يقدره الحق تعالى واليه ذهب الشيخ ابو القاسم بن قسى فى كتاب خلع النعلين له فى قوله تعالى

{ كما بدأكم تعودون } ومنهم من قال وهو القول الاصح بالخبر المروى ان السماء تمطر مطرا شبه الآباء ومنها الى ارحام الامهات فيتكون من قطر بحر الحياة تلك النقطة جسد فى الرحم وقد علمنا ان النشأة الاول اوجدها اللّه تعالى على غير مثال سبق وركبها فى اى صورة شاء وهكذا النشأة الآخرة يوجدها الحق على غير مثال سبق مع كونها محسوسة بلا شك فينشئ اللّه النشأة الآخرة على عجب ألذنب الذى يبقى من هذه النشأة الدنيا وهو اصلها فعليه تتركب النشأة الآخرة فقوله تعالى

{ كما بدأكم تعودون } راجع الى عدم مثال سابق كما فى النشأة الاولى مع كونها محسوسة بلا شك اذ ذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من صفة نشأة اهل الجنة والنار ما يخالف هذه النشأ الدنيا وقوله وهو أهون عليه لا يقدح فيما قلنا لان البدء ان كان عن اختراع فكر وتدبير كانت اعادته الى أن يخلق خلقا آخر مما يقارب ذلك ويزيد عليه اقرب الى الاختراع فى حق من يستفيد الامور بفكرة واللّه متعال عن ذلك علوا كبيرا فهو الذى يفيد العالم ولا يستفيد ولا يتجدد له علم بشئ بل هو عالم بتفاصيل مالا يتناهى بعلم كلى فعلم التفصيل فى عين الاجمال وهكذا ينبغى لجلاله ان يكون قال ابو حامد الغزالى رحمه اللّه ان العجب المذكور فى الخبر والنفس وعليها ينشأ النشأة الآخرة اى كما يتكون شجر كثير الاصول والاغصان من الحبة الصغيرة فى الطين كذلك جسد الانسان من حبة العجب الذى لا يقبل البلى فعبر عنه الامام بالنفس لانه مادتها وعنصرها هكذا اوله البعض وقال غيره مثل ابى يزيد الرقراقى المراد من العجب جوهر فرد وجزء واحد لا يقبل القسمة والبلى فيه قوة القابلية الهيولانية بل هو صورة هبولى النفس الحيوانية الحاملة لا جزآء العناصر التى فى الهيكل المحسوس فيبقيه الخالق ويعصمه من التغير والبلى فى عالم الكون والفساد بل خلقه من اول خلق النشأة الدنيوية الى الابدان الجنانية وعليه مدار الهيكل يبقى من هذه النشأة الدنيا لا يتغير وعليه ينشأ النشأة الآخرة وكل ذلك محتمل لا يقدح فى شئ من الاصول الشرعية فى الاحكام الاخروية وتوجيهات معقولة يحتمل أن يكون كل منها مقصود الشارع بقوله عجب الذنب وقال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر والذى وقع لى به الكشف الذى لا أشك فيه ان المراد بعجب الذنب هو ما يقوم عليه النشأة وهو لا يبلى اى لا يقبل البلى والفناء فان الجواهر والذوات الخارجة الى الوجود من العدم لا تنعدم اعيانها ولكن تختلف عليها الصور الشهادية والبرزخية بالامتزاجات التى هى اعراض تعرض لها بتقدير العزيز العليم فاذا تهيأت هذه الصور بالاستعداد لقبول الارواح كاستعداد الحشيش بالنارية التى هى فيه لقبول الاشتعال والصور البرزخية كالسرج مشتعلة بالارواح التى فيها فينفخ اسرافيل نفخة واحدة فتمر تلك النفخة على تلك الصور البرزخية فتطفئها وتمر النفخة التى تليها وهى الاخرى الى الصور المستعدة للاشتعال وهى النشأة الاخرى فتشعل بارواحها فاذا هم قيام ينظرون نسأل اللّه تعالى أن يبعثنا امنين بجاه النبى الامين

{ وعندنا كتاب حفيظ } بالغ فى الحفظ لتفاصيل الاشياء كلها او محفوظا من التغير والمراد اما تمثيل علمه تعالى بكليات الاشياء وجزئياتها يعلم من عنده كتاب محيط يتلقى منه كل شئ او تأكيد لعلمه بها بثبوتها فى اللوح المحفوظ عنده

٥

{ بل كذبوا بالحق } اضراب وانتقال من بيان شناعتهم السابقة الى بيان ما هو اشنع منه وافظع وهو تكذيبهم للنوة الثابتة بالمعجزات الباهرة فالا فظعية لكون الثانى تكذيبا للامر الثابت من غير تدبر بخلاف الاول فانه تعجب

{ لما جاءهم } من غير تأمل وتفكر تقليدا للآباء وبعد التأمل تمردا وعنادا وجاء بكلمة التوقع اشعارا بأنهم علموا بعد علو شانه واعجازه الشاهد على حقيته فكذبوا به بغيا وحسدا

{ فهم فى امر مريج } من مرج الخاتم فى اصبعه اذا جرح بالجيمين كفرح اى قلق وجال واضطرب من سعته بسبب الهزال اى فى امر مضطرب لا قرار له من غلبات آفات الحسن والوهم والخيال على عقولهم فلا يهتدون الى الحق ولذا يقولون تارة انه شاعر وتارة ساحر واخرى كاهن ومرة مفتر لا يثبتون على شئ واحد وهذا اضطرابهم فى شأن النبى عليه السلام صريحا ويتضمن اضطرابهم فى شأن القرءآن ايضافان نسبتهم اياه الى الشعر ونحوه انما هى بسببه واعلم ان الاضطراب موجب للاختلاف وذلك أدل دليل على البطلان كما ان الثبات والخلوص موجب للاتفاق وذلك أدل دليل على الحقيقة قال الحسن ما ترك قوم الحق الامرج امرهم وكذا قال قتادة وزاد والتبس عليهم دينهم وعن على رضى اللّه عنه قال له يهودى ما دفنتم نبيكم حتى اختلفتم فقا لانما اختلفنا عنه لا فيه ولكنكم ما جفت ارجلكم من البحر حتى قلتم لنبيكم اجعل لنا الها كما لهم آلهة وسئل بزرجمهر الحكيم كيف اضطربت امور آل ساسان وفيهم مثلك قال استعانوا بأصاغر العمال على اكابر الاعمال فآل أمرهم الى ما آل ( كما قال الشيخ سعدى )

بندم اكربشنوى اى بادشاه ... درهمه دفتر به ازين بند نيست

جز نحر مند مفر ماعمل ... كرجه عمل كار خردمند نيست

أحرقت دار الوزير وقتل ثم دار الامر على الخليفة ففعل به ما فعل واضطربوا فى شأن سلطان العلماء والدا لمولى جلا الدين الرومى فنفوه من بلخ ثم نفاهم اللّه من الارض واوقعهم فى ويل طويل من تسلط عدو مستأصل وكان فيهم صاحب التفسير الكبير فاختفى لكنه ظهر أمر اللّه عليه ايضا وما نفع الاختفاء وفيه يقول المولى جلا الدين قدس سره

درجنان ننكى وانكه اين عجب ... فخر دين خواهدكه كويندش لقب

واضكربوا فى شأن الرسول عليه السلام حتى قتلهم اللّه تعالى وجعل مكة خالصة للمؤمنين

٦

{ أفلم ينظروا } اى أغفلوا فلم ينظروا حين كفروا بالبعث

{ الى السماء فوقهم } بحيث يشاهدونها كل وقت اى الى آثار قدرة اللّه فى خلق العالم وايجاده من العدم الى الوجود وفوقهم ظرف لينظروا او حال من السماء

{ كيف بنيناها } اى رفعناها بغير عمد

{ وزيناها } بما فيها من الكواكب المرتبة على نظام بديع

{ وما لها من فروج } من فتوق لملاستها وسلامتها من كل عيب وخلل كما قال

{ هل ترى من فطور } وهذا لا ينفى وجود الابواب والمصاعد فانها ليست من قبيل العيب والخلل ولعل تأخير هذا لمراعاة الفواصل والفروج جمع فرج وهو الشق بين الشيئين كفرجة الحائط والفرج ما بين الرجلين وكنى به عن السوئة وكثر حتى صار كالصريح فيه واستعير الفرج للثغر وكل مخافة وسمى القباء المشقوق فروجا ولبس رسول اللّه عليه السلام فروجا من حرير ثم نزعه

٧

{ والأرض مددناها } اى بسطناها وفرشناها على وجه الماء مسيرة خمسمائة عام من تحت العكبة وهذا دليل على ان الارض مبسوطة وليست على شكل الكرة كما فى كشف الاسرار وفيه انه لا منافاة بين بساطتها وكريتها لسعتها كما عرف فى محله

{ وألقينا فيها رواسى } جبالا ثوابت ارسيت بها الارض اذ لو لم تكن لكانت مضطربة مائلة الى الجهات المختلفة كما كانت قبل اذ روى ان اللّه لما خلق الارض جعلت تمور فقالت الملائكة ما هى بمقر أحد على ظهرها فاصبحت وقد أرسيت بالجبال لم تدر الملائكة مم خلقت من رسالشى اى ثبت والتعبير عنها بهذا الوصف للايذان بأن القاءها لارساء الارض بها وفيه اشارة الى رجال اللّه فانهم اوتاد الارض والعمد المعنوية للسماء فاذا انقرضوا ولم يوجد فى الارض من يقول اللّه اللّه فسدت السموات والارض

{ وانبتنا } وأخرجنا

{ فيها من كل زوج } صنف وقوله ازواجا من نبات شتى اى انواعا متشابهة

{ بهيج } حسن طيب من الثمار والنباتات والاشجار كما قال فى موضع آخر ذات بهجة اى يبتهج به لحسنة اى يسر والبهجة حسن اللون وظهور السرور فيه وابتهج بكذا اى سربه سرورا بان أثره على وجهه كما فى المفردات

٨

{ تبصرة وذكرى } علتان للافعال المذكورة معنى على التنازع وان انتصبتا عن الفعل الاخير او بفعل مقدر بطريق الاستئناف اى فعلنا ما فعلنا تبصيرا وتذكيرا . يعنى از براى بينابي يعنى بنظر اعتبار واستجلال نكرستن واز براى ياد كردن وبند كرفتن ويجوز أن يكونا نصبا على المصدرية من فعلهما المقدر اى نبصرهم ونذكرهم

{ لكل عبد منيب } اى راجع الى ربه متفكر فى بدآئع صنائعه وفيه اشارة الى ان الوصول الى مقام التبصرة والذكرى انما هو بالعبودية والانابة التى هى مبنى الطريقة وأساسها

قال بعضهم التبصرة معرفة منن اللّه عليه والذكرى عدها على نفسه فى كل فى كل حال ليشتغل بالشكر فيما عومل به عن النظر الى شئ من معاملته ، كفته اند تبصرة وذكرى دونام اند شريعت وحقيقت را تبصره حقيقة است وذكرى شريعت بواسطه وحقيقت بمكاشفه شريعت خدمت است بر شريطه وحقيقت غربت است برمشاهده شريعت بى يدى است وحقيقت بى خورى اهل شريعت فريضه كزاران ومعصيت كدازان اهل حقيقت از خويشتن كربزان وبيكى تازان قبله اهل شريعت كعبه است قبله اهل حقيقت فوق العرش ميدان حساب اهل شريعت موقف است وميدان حساب اهل حقيقت حضرة سلطان ثمرة اهل شريعت بهشت ثمره اهل حقيقت لقا ورضاى رحمن . فعلى العاقل أن يتبصر بالذكر الحكيم ويتفكر فى صنعه العظيم ويوحده توحدا يليق بجنابه الكريم وينيب اليه انابة لا رجوع بعدها الى يوم مقيم . نقلست كه بيرى بيش شقيق بلخى رحمه اللّه آمد وكفت كناه بسياردارم وميخوا هم كه توبه بكنم وى كفت دير آمدى بير كفت زود آمدم كفتاجرا كفت از بهر آنكه هركه بيش ازمرك بيايد بتوبه زود امده باشد شقيق كفت نيك آمدى ونيك كفتى

بارهاى خويش راجيزى سبك كردان كه نيست ... تنكناى مرك راكنجايئ اين بارها

( وقال الشيخ سعدى )

بياتا بر آريم دستى زدل ... كه نتوان بر آورد فردا زكل

٩

{ ونزلنا من السماء ماء مباركا } اى كثير المنافع حياة الاناسى والدواب والارض الميتة وفى كشف الاسرار مطرا يثبت فى اجزآء الارض فينبع طول السنة

{ فأنبتنا به } اى بذلك الماء

{ جنات } كثيرة اى اشجارا ذوات ثمار فذكر لمحل وأراد الحال كما قال فأخرجنا به ثمرات وبالفارسية بوستانها مشتمل براسجار واثمار

{ وحب الحصيد } من حذف الموصوف للعلم به على ما هو اختيار البصريين فى باب مسجد الجامع لئلا يلزم اضافة الشئ الى نفسه واصل الحصيد قطع الزرع والحصيد بمعنى المحصود وهو هنا مجاز باعتبار الأول والمعنى وحب الزرع الذى شأنه أن يحصد من البر والشعير وامثالهما مما يقتات به وتخصيص انبات حبه بالذكر لانه المقصود بالذات

١٠

{ والنخل } عطف على جنات وتخصيصها بالذكر مع اندراجها فى الجنات لبيان فضلها على سائر الاشجار وقد سبق بعض اوصافها فى السورة يس وتوسيط الحب بينهما لتأكيد استقلالها وامتيازها عن البقية مع ما فيه من مراعاة الفواصل

{ باسقات } طوالا فى السماء عجيبة الخلق وهو حال مقدرة فانها وقت الانبات لم تكن طوالا يقال بسقت الشجرة بسوقا اذا طالت وفى المفردات الباسق هو الذاهب طولا من جهة الانقطاع ومنه بسق فلان على اصحابه علاهم ويجوز ان يكون معنى باسقات حوامل من أبسقت الشاة اذا حملت فيكون من باب أفعل فهو فاعل

{ لها طلع نضيد } اى منضود بعضه فوق بعض والمراد تراكم الطلع او كثرة ما فيه من التمر والجملة حال من النخل يقال نضدت المتاع بعضه على بعض ألقيته فهو منضود ومنضد والمنضد السرير الذى ينضد عليه المتاع ومنه استعير طلع نضيد كما فى المفردات والنضد والنضيد وبالفارسية برهم نهادن . والطلع شئ يخرج كأنه نعلان مطبقان والحمل بينهما منضود والطرف محدد او ما يبدو من ثمرته فى اول ظهورها وقشره يسمى الكفرى بضم الكاف والفاء معا وتشديد الرآء وما فى داخله الاغريض لبياضه كما فى القاموس قال فى بحر العلوم الطلع ما يطلع من النخلة وهو الكم قبل أن يشق ويقال لما يظهر من الكم طلع ايضا وهو شئ ابيض يشبه بلونه الاسنان وبرآئحته المنى

١١

{ رزقا للعباد } اى لرزقهم علة لقوله تعالى

{ فأنبتنا } وفى تعليله بذلك بعد تعليل أنبتنا الاول بالتبصرة والتذكرة تنبيه على ان الواجب على العبد أن يكون انتفاعه بذلك من حيث التذكر والاستبصار أهم وأقدم من تمتعه به من حيث الرزق

خوردن براى زيستن وذكر كردنست ... تومعتقد كه زيستن از بهر خوردنست

يقول الفقير المقصود من الآية الاولى هو الاستدلال على القدرة باعظم الاجرام كما دل عليه النظر وذكر الانبات فيها بطريق التبع فناسب التعليل بالتبصرة والتذكير ومن الثانية بيان الانتفاع بمنافع تلك الاجرام فناسب التعليل بالرزق ولذا أخرت عن اولى لان منافع الشئ مترتبة على خلقه قال ابو عبيدة نخل الجنة نضيد ما بين اصلها الى فرعها بخلاف نخل الدنيا فان ثمارها رؤسها كلما نزعت رطبة عادت ألين من الزبد وأحلى من العسل فنخل الدنيا تذكير لنخل الجنة وفى كل منهما رزق للعباد كما قال تعالى ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا

{ واحيينا به } اى بذلك الماء

{ بلدة ميتا } تذكير ميتا باعتبار البلد والمكان اى ارضا جدبة لا نماء فيها اصلا بأن جعلناها بحيث ربت وأنبتت أنواع النبات والازهار فصارت تهتز بها بعد ما كانت جامدة هامدة ( روى ) ابو هريرة رضى اللّه عنه قال كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم اذا جاءهم المطر فسالت الميازيب قال ( لا محل عليكم العام ) اى لا جدب ، يعنى تنكى نيست بر شمامسال

{ كذلك الخروج } جملة قدم فيها الخبر للقصد الى القصر وذلك اشارة الى الحياة المستفادة من الاحياء اى مثل تلك الحياة البديعة حياتكم بالبعث من القبور لا شى مخالف لها وقد روى ان اللّه يمطر السماء اربعين ليلة كمنى الرجال يدخل فى الارض فينبت لحومهم وعروقهم وعظامهم ثم يحييهم ويخرجهم من تحت الارض وفى التعبير عن اخراج النبات من الارض بالاحياء وعن حياة الموتى بالخروج تفخيم لشأن الانبات وتهوين لامر البعث وتحقيق للمماثلة بين اخراج النبات واحياء الموتى لتوضيح منهاج القياس وتقريبه الى افهام الناس ( قال الكاشفى ) واكر كسى تأمل كند در احياى دانه ما نندمرده درخاك مدفونست وظهور او بعد از خفا دور نيست كه بشمة ازحيات اموات بى تواند برد

كدام دانه فروشدكه برنيامدباز ... جرابدانه انسانيت كمان باشد

فروشدن جوبديدى برآمدن بنكر ... غروب شمس وقمر راجرا زين باشد

وفى الآية اشارة الى تنزيل ماء الفيض الالهى من سماء الارواح فان اللّه ينبت به حبات القلوب وحب المحبة المحصود به محبة ما سوى اللّه من القلوب وشجرة التوحيد لها طلع نضيد من انواع المعارف رزقا للعباد الذين يبيتون عند ربهم يطعمهم ويسقيهم ويحيى بذلك الفيض بلدة القلب الميت من نور اللّه كما قال

{ او من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا } الآية كذلك الخروج من ظلمات الوجود الى نور واجب الوجود فافهم جدا

١٢

{ كذبت قبلهم } اى قبل اهل مكة

{ قوم نوح } قوم نوح كه بنى شيت وبنى قابيل بودند تكذيب كردند مر نوح را

{ واصحاب الرس } قبل كانت الرس بئرا بعدن لامة من بقايا ثمود وكان لهم ملك عدل حسن السيرة يقال له العليس كزبير وكانت البئر تسقى المدينة كلها وباديتها وجميع ما فيها من الدواب والغنم والبقر وغير ذلك لانها كانت بكرات كثيرة منصوبة عليها جمع بكرة بالفتح وهى خشبة مستديرة فى وسطها محزيستقى عليها ورجال كثيرون موكلون بها وأبازن بالزاى والنون من رخام وهى تشبه الحياص كثيرة تملأ للناس قال فى القاموس الابزن مثلثة الاول حوض يغتسل فيه وقد يتخذ من نحاس معرب آب زن انتهى وآخر للدواب وآخر للبقر والغنم والهوام يستقون عليها بالليل والنهار يتداولون ولم يكن لهم ماء غيره فطال عمر الملك فلما جاءه الموت طلى بدهن لتبقى صورته ولا تتغير وكذلك كانوا يفعلون اذا مات منهم الميت وكان ممن يكرم عليهم فلما مات شق ذلك عليهم ورأوا ان أمرهم قد فسد وضبحوا جميعا بالبكاء واغتنمها الشيطان منهم فدخل فى جثة الملك بعد موته بايام كثيرة فكلمهم وقال انى لم امت ولكنى قد تغيبت عنكم حتى أرى صنيعكم بعدى ففرحوا أشد الفرح وأمر لخاصته أن يضربوا حجابا بينه وبينهم ويكلمهم من روآئه كيلا يعرف الموت فى صورته فنصبوه صنما من ورآء حجاب لا يأكل ولا يشرب وأخبرهم انه لا يموت ابدا وانه اله لهم وذلك كله ويتكلم به الشيطان على لسانه فصدق كثير منهم وارتاب بعضهم وكان المؤمن المكذب منهم اقل من المصدق فكلما تكلم ناصح منهم زجر وقهر فاتفقوا على عبادته فبعث اللّه لهم نبيا كان الوحى ينزل عليه فى النوم دون اليقظة وكان اسمه حنظلة ابن صفوان فأعلمهم ان الصورة صنم لا روح له وان الشيطان فيه وقد أضلهم اللّه وان اللّه تعالى لا يتمثل بالخلق وان الملك لا يجوز أن يكون شريكا لله واوعدهم ونصحهم وحذرهم سطوة ربهم ونقمته فآذوه وعادوه وهو يتعدهم بالموعظة والنصيحة حتى قتلوه وطرحوه فى بئر وعند ذلك حلت عليهم النقمة فياتو اشباعى روآء من الماء وأصبحوا والبئر قد غار ماؤها وتعطل رشاؤها وهو بالكسر الحبل فصاحوا بأجمعهم وضبح النساء والولدان وضبحت البهائم عطشا حتى عمهم الموت وشملهم الاهلاك وخلفهم فى أرضهم السباع وفى منازلهم الثعالب والضباع وتبدلت لهم جناتهم وأموالهم بالسدر والشوك شوك العضاة والقتاد الاول بالكسرام غيلان او نحوه والثانى كسحاب شجر صلب شوكه كالابر فلا تسمع فيها الا عزيف الجن اى صوتهم وهو جرس يسمع فى المفاوز بالليل والازئير الاسد اى صوته من الصدر نعوذ باللّه من سطواته ومن الاصرار على ما يوجب نقماته كذا فى التكملة نقلا عن تفسير المقرى

وقيل الرس بئر قرب اليمامة او بئر بأذربيجان او واد كما قال الشاعر فهن لوادى الرس كاليد للفم . وقد سبق بعض الكلام عليه فى سورة الفرقان فارجع

{ وثمود } وقوم ثمود صالح راوهو ثمود بن عاد وهو عاد الآخرة وعاد هو عاد ارم وهو عاد الاولى

١٣

{ وعاد } وقوم عاد هو درا

{ وفرعون } وفرعون موسى را وهرون را والمراد هو وقومه ليلائم ما قبله وما بعده من الجماعة

{ واخوان لوط } يعنى اصهار او مراورا والصهر زوج بنت الرجل وزوج اخته

وقيل اخوانه قومه لاشتراكهم فى النسب لا فى الدين قال عطاء ما من أحد من الانبياء الا ويقوم معه قومه الا لوطا عليه السلام يقوم وحده

١٤

{ واصحاب الايكة } هم من بعث اليهم شعيب عليه السلام غير اهل مدين وكانوا يسكنون أيكة اى غيضة تنبت السدر والأراك وقد مر فى سورة الحجر

{ وقوم تبع } الحميرى ملك اليمن وقد سبق شرح حالهم فى سورة الدخان

{ كل كذب الرسل } اى فيما أرسلوا به من الشرائع التى من جملتها البعث الذى أجمعوا عليه قاطبة اى كل قوم من الاقوام المذكورين كذبوا رسلهم وكذب جميعهم جميع الرسل بالمعنى المذكور وافراد الضمير باعتبار لفظ الكل او كل واحد منهم كذب جميع الرسل لانفاقهم على التوحيد والانذار بالبعث والحشر فتكذيب واحد منهم تكذيب للكل وهذا على تقدير رسالة تبع ظاهر

واما على تقدير عدمها وهو الاظهر فمعنى تكذيب قومه الرسل تكذيبهم لمن قبلهم من الرسل المجمعين على التوحيد والبعث والى ذلك كان يدعوهم تبع

{ فحق وعيد } اى فوجب وحل عليهم وعيدى وهى كلمة العذاب والوعيد يستعمل فى الشر خاصة بخلاف الوعد فانه يكون فى الخير والشر وفى الآية تسلية لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يعنى لا تحزن بتكذيب الكفار اياك لانك لست باول نبى كذب وكل امة كذبت رسولها واصبر على أذام كما صبروا تظفر بالمراد كما ظفروا وتهديد لاهل مكة يعنى احذروا يا أهل مكة من مثل عذاب الامم الخالية فلا تكذبوا رسول اللّه فان الاشتراك فى العمل يوجب الاشتراك فى الجزآء . واعلم ان عموم أهل كل زمان الغالب عليهم الهوى والطبيعة الحيوانية فهم أهل الحس لا أهل العقل ونفوسهم متمردة بعيدة عن الحق قريبة الى الباطل كلما جاء اليهم رسول كذبوه وعلى ما جاء به قاتلوه فحق عليهم عذاب ربهم بما كفروا بأنعم اللّه فما أعياه اهلاكهم وفيه تسلية للاولياء ايضا من طريق الاشارة وتهديد لاهل الانكار ولعمرى انهم فى أيديهم كالانبياء فى ايدى الكفار ولكن الصبر مفتاح الفرج فكما ان الكفار مسخوا وخسفوا وأخذوا بأنواع النكال فكذا أهل الانكار مسخ اللّه بواطنهم وخسف بهم الارض يعنى ارض البشرية الكثيفة الظلمانية وأخذوا بأصناف الخذلان وهم لا يدرون انهم كذلك بل يحسبون انهم ناجون من كل المهالك لزيادة عماهم وحيرتهم نسأل اللّه سبحانه أن يجعلنا من المصدقين ويثبتنا على طريق أهل اليقين ويفيض علينا من بركاتهم وبشرفنا بآثار حركاتهم

١٥

{ أفعيينا بالخلق الاول } العى بالامر العجز عنه يقال عى بالامر وعيى به اذا لم يهتد لوجه عمله وقد مر فى قوله ولم يعى بخلقهن والهمزة للانكار والفاء للعطف على مقدر ينبئ عنه العى من القصد والمباشرة كأنه قيل اقصدنا الخلق الاول وهو الا بدآء فعجزناعنه حتى يتوهم عجزنا عن الخلق الثانى وهو الاعادة وبالفارسية آياما عاجز شده ايم ورنج يافته بآفرينش اول خلق تافرومانيم از آفرينش ثانى

وفى عين المعانى الخلق الاول آدم عليه السلام وهم يقرون به وفى التأويلات النجمية أفا عتاص علينا فعل شئ حتى نعيى بالبعث أو يشق عليها البعث اى ليس كذلك

{ بل هم فى لبس من خلق جديد } يقال جددت الثوب اذا قطعته على وجه الاصلاح وثوب جديد أصله المقطوع ثم جعل لكل ما أحدث انشاؤه وخلق جديد اشارة الى النشأة الثانية وقوبل الجديد بالخلق لما كان المقصود بالجديد القريب العهد بالقطع من الثواب ومنه قيل لليل والنهار الجديد ان والأجدان كما فى المفردات والجملة عطف على مقدر يدل عليه ما قبله كأنه قيل هم غير منكرين لقدرتنا على الخلق الاول بل هم فى خلط وشبهة فى خلق مستأنف لما فيه من مخالفة العادة اذ لم تجر العادة بالاعادة فى هذه الدار وهذا قياس فاسد كما لايخفى ( وقال الكاشفى ) مشركان ممكه معترف بودند بانكه حق تعالى مبدع خلق است در اول بس ميفرمايدكه كسى كه قادر بودبر آفرينش جمعى بنى ماده ومددى جراتوا ناتوا انانبود بر اعاده ايشان بجمع مواد ورد حيات بآن وبى شبهه مابران قوت داريم بلكه كافران درشك وشبهه اند بسبب وساوس شيطانى از آفريدن نويعنى بعث وحشرجه آنرا مخالف عادت مى بينند . وتنكير خلق لتفخيم شأنه والاشعار بخروجه عن حدود العادات او الايذان بأنه حقيق بأن يبحث عنه ويهتم بمعرفته ولا يقعد على لبس . واعلم ان هذا الخلق الجديد حاصل فى الدنيا ايضا سوآء كان فى الاعراض او فى الاجسام وهو مذهب الصوفية ومذهب المتكملين فانهم جوزوا انتفاء الاجسام فى كل آن ومشاهدة بقائها تجدد الامثال اى الاجسام الاخر أى كما جوزوا انتقاء الاعراض فى كل آن ومشاهدة بقائها تجدد الامثال اى الاعراض الاخ أى كما انه جائز فى الاعراض التى هيى غير قائمة بذواتها كذلك جائز فى الجواهر التى هى قائمة بذواتها وفى هذا المعن ( قال فى المثنوى )

صورت از معنى جوشيراز بيشه دان ... ياجو آ واز وسخن زانديشه دان

اين سخن وآوازا وانديشه خواست ... توندانى بحر انديشه كجاست

ليك جون موج سخن ديدى لطيف ... بحر آن دانى كه باشدهم شريف

جن زدانش موج انديشه بتاخت ... از سخن وآوازا صورت بساحت

از سخن صورت بزاد وبازمرد ... موج خودرا بازاندر بحر برد

صورت از بى صورتى آمد برون ... بازشدكه انا اليه رادجعون

بس تر هر لحظه مرك ورجتيست ... مصطفى فرمود دنيا ساعتيست

فكر ماتيريست ازهودر هوا ... درهواكى بايه آيد تاخدا

هر نفس نومى شود دنيا وما ... بى خبر ازنوشدن اندربقا

عمر همجون جوى نونوميرسد ... مستمرى مى نمايد درجسد

آن زنتيزى مستمر شكل آمدست ... جون شر كس تيزجنبانى بدست

شاخ آتش راجنبانى بساز ... در نظر آتش نما يدبس دراز

اين درازى مدت ازتيزى صنع ... مى نمايد سرعت انكيزى صنع

قال الامام الشعرانى رضى اللّه عنه فى كتاب الجواهر تقليب العالم واقع فى كل نفس من حال الى ح ال فلا يثبت على حالة واحدة زمانا فردا لكن التغيير انما يقع فى الصفات لافى الاعيان فلم يزل الحق تعالى خلاقا على الدوام انتهى ومنه يعرف طواف الكعبة ببعض الرجال واستقبالهما لهم كما وقع ذلك لرابعة العدوية رضى اللّه عنها وغيرها وحقيقة هذا المقام لاتتضح الا بالكشف التام ومن اللّه الملك العلام الفيض والالهام

١٦

{ ولقد خلقنا الانسان ونعلم ماتوسوس به نفسه } اى ما تحدث به نفسه وهو مايخطر بالبال والوسوسة الصوت الخفى والخطرة الرديئة ومنه وساوس الحلى وبالفارسية وميدانيم آن جيزى راكه وسوسه ميكندمر اورابدان نفس اواز انديشهاى بد . والضمير لما أن جعلت موصولة والباء كما فى صوت بكذا وهمس به يعنى انها صلة او للانسان ان جعلت مصدرية والباء للتعدية اى ما تجعله موسوسا فان النفس تجعل الانسان قائما به نفسه وفيه اشارة الى ان اللّه تعالى كما يعلم حال الانسان قبل خلقه علما ثبوتيا كذلك يعلمه بعد خلقه علما فعليا ودخل فيه ماتوسوس به نفسه فانه مخلوق اللّه ايضا لايخفى عليه مخلوقه مطلقا ذلك من اوصاف النفس توسوس بذلكلتشوش عليه قلبه ووقته وفيه دخل آدم عليه السلام فان اللّه تعالى خلقه وعلم ماوسوست به نفسه فى اكل الشجرة وذلك بالقاء الشيطان قال بعض الكبار ليس للشيطان على باطن الانبياء من سبيل فخواطرهم لاحظ للشيطان فيها فهو يأتيهم فى ظاهر الحس فقط ولا يعملون بما يقول لهم ثم ان من الاولياء من يحفظ من الشيطان فى علم اللّه تعالى فيكن بهذه المثابة فى العصمة مما يلقى لافى العصمة من وصول ذلك الى قلبه لان الاولياء ليسوا بمشرعين بخلاف الانبياء عصمت بواطنهم لكونهم اصحاب الشرائع قال بعض الكبار مامن شخص من بنى آدمه الا ويخطر له كل يوم وليلة سبعون ألف خاطر لاتزيد ولا تنقص عدد الملائكة الذين يدخلون البيت المعمور كل يوم فما شخص الا وبخلق من خواطرعه كل يوم سبعون ألف ملك ثم يرتفعون الى جهة البيت المعمور فاذا خرج السبعون ألفا من البيت المعمور كل يوم يجتمعون بالملائكة المخلوقين من الخواطر فيكون ذكرهم استغفار الاصحابهم الى يوم القيامة ولكن من كل قلبه معمورا بذكر اللّه دآئما فالملائكة المخولقين من خواطر يمتازون عن الملائكة الذين خلقوا من خواطر قلب ليس هذه المقام وسوآء كان الخاطر فيما ينبغى عن اوفيما لاينبغى فالقلوب كلها من هذا البيت المعمور خلقت فلا تزال معمورة دآئما وكل ملك يتكون من الخاطر يكون صورة صالحة فى علم اللّه الما نظر وان كان هو نفسه ملكا سبح وقد لايعلم ماخطر

{ ونحن أقرب اليه } اى الى الانسان

{ من حبل الوريد } ازرك جان وى بوى . اى العم بحاله ممن كان اقرب اليه من حبل الوريد وعبر عن قرب العلم بقرب الذات تجوز الا انه موجب له فاطلق الملزوم على اللازم وحل الوريد مثل فى فرط القرب كقولهم هو منى بمعقد الازار والحبل العرق شه بواحد م الحبال من حيث الهيئة واضافته بيانية وجوز الزمخشرى كونها بمعنى اللام ويجوز أن تكون كأضافة لجين الماء على ان يكون الحبل على حقيقته والوريدان عرقان مكتنفان لصفحتى العنق فى مقدمها متصلان بالوتين وهوعرق فى القلب اذا انقطع مات صاحبه يردان من الرأس اليه فالوريد بمعنى الوارد

وقيل سمى وريد الان الروح الحيوانى يرده فالوريد حينئذ بمعنى المورود وفى المفردات الوريد عرق متصل بالكبد والقلب وفيه مجارى الروح وقوله ونحن أقرب ا ليه من حبل الوريد أى من روحه انتهى.

ماوردى فرموده كه حبل الوريد ركيست متصل بدل وعلم خداى تعالى ببنده نزديكتر نيست از علم دل وى.

وفى التأويلات النجمية حبل الوريد أقرب اجزأء نفسه الى نفسه يشير به الى انه تعالى اقرب الى العبد من نفس العبد الى العبد فكما انه كل وقت يطلب نفسه يجدها لانها قريب منه فكذلك كل وقت يطلب ربه يجده لانه قريب منه كما قال تعالى

{ واذاسألك عهبادى عنى فانى قريب } وفى الزبور ألا من طلبنى وجدنى

نحن أقرب كفت من حبل الوريد ... توبكندى بئر فكر را بعيد

اى كمان تيرها برسخاته ... در كنار من ومن مهجورم

قال بعض الكبار شدة القرب حجاب كما ان غاية البعد حجاب و اذا كان الحق أقرب الينا من حبل الوريد فأين السبعون ألف حجاب التى بيننا وبينه فتأمل وقال البقلى ولو يرى الانسان نفسه لرأى هو ان نفسه ألا ترى كيف أخبر عن كمال قربه بنعت الاتحاد بوقله ونحن أقرب اليه من حبل الوريد ولذلك قال عليه السلام ( من عرف نفسه فقد عرف ربه ) اذ لانفس الاهوان فهمت ماقلت والا فاعلم ان الفعل قائم بالصفة والصفة قائمة بالذات فمن حيث عين الجمع ماهو الا هو ولا تظن الحلول فانه بذاته وصفاته منزه عن أن يكن له محل فى الحوادث هذا رمز العاشقين ألا نرى الى قول المجنون

انا من أوى ومن أهوى انا ... نحن روحان حللنا بدنا

فاذا أبصر تنى أبصرته ... واذا أبصرته أبصرتنا

وقال الواسطى اى نحن اولى به وأحق أنا جمعناه بعد الافتراق وانشأناه بعد العدم ونفخنا فيه الروح فالاقرب اليه من هو أعلم به منه بنفسه وقال ايضا بى عرفت روحك بى عرفت نفسك كل ذلك لاظهار النعوت على قدر طاقة الخلق فام الحقيقة فلا يتحملها العبد سماعا ( وقال الكاشفى ) وببايد دانست كه قرب حق تعالى بى جون وجكونه باشد اى عزيز كيفيت قرب حانرا كه بيوشته است بتن درمنى توان يافت قرب حق را كه بيوسته از كيفيت مقدس ومنزه است جكونه ادراك توان كرد وهمين مثنوى معنوى مذكوراست

قرب بجونست جانترابتو ... قرب حق راجون بدانى اى عمو

قرب نى بالاويستى رفتن است ... قرب حق از حبس هستى رستن است

در كشفت الاسار آورده كه قرب حق بحق آنست كه فرمود واسجد واقترب ودراحاديث قدسية واردست كه لايزال العبد يتقرب الى بالنواقل واين قرب اول بايمانست وتصديق وآخر باحسانست وتحقيق يعنى مقام مشاهدة كه أن تعبد اللّه كأنك تراه وقرب حق تعالىمربنده را دوقسمست بكى كافه خلق رابعلم وقدرت كقوله وهو معكم اينما كنتم ديكر خواص دوكاه را بخصائص برو شواهد لطف كه ونحن أقرب اليه اول اورا قربتى دهد غيبى تا ازجهانش برهانديش قرب بحد حقيقى تا ازآب وكلش باز بر داز هستىء موهوم بنده مى كاهد وازنيستىء اصلى زياده ظهور ميكند ناجناندجه در اول خود بود در آخر خود باشد انجا علايق مرتفع كردد واسباب منقطع ورسوم باطل وحدود متلاشى واشارت متناهى وعبارات منتفى وخبر منمحق وحق يكتا بخود باقى واللّه خير وأبقى

رأيت حبى بعين قلبى ... فقال من أنت قلت أنتا

انا الذى جزت كل حد ... بمحو أينى فأين أنتا

موجح بحر لمن الملك برايد ناكاه ... غرقة كردنددران بحرجه درويش وجه شاه

خرمن هستىء موهوم جنان سوازند ... آتش عشق كه نه دانه بماند نه كاه

قال ابو يزيد البسطامى قدس سره انسلخت م نفسى كما تنسلخ الحية من جلدها فنظرت فاذا انا هو اى ان من انسلخ من شهوت نفسه وهواها وهمها فلا يبقى فيه متسع لغير اللّه ولا يكون له هم سوى اللّه تعالى واذا لم يحل فى القلب الا جلال اللّه وجماله حتى صار مستغرقا يصير كأنه هو لا انه تحقيقا وفرق بين قولنا كأنه هو وبين قولنا هو هولكن قد يعبر بهو هو عن قلونا كأنه هو كما يقال زيد أسد فى مقام التشبيه مبالغة فى الشجاعة فان قلت مامعنى السلوك ومامعنى الوصول قلت معنى السلوك هو تهذيب الاخلاق والاعمال والمعارف وذلك اشتغال بسمارة الظاهر والباطن والعبد فى جمع ذلك مشغول بنفسه عن ربه الا انه مشتغل بتصفية باطنه ليستعد للوصول وانما الوصول هو ان ينكشف له جلية الحق ويصير مستغرقا به فان نظر الى معرفته فلا يعرف الا اللّه وان نظر الى همه فلاهم له سواه فيكون كله مشغولا بكله مشاهدة وهما لا يلتفت فى ذلك الى نفسه ليعمر ظاهره بالعبادة وباطنه بتهذيب الاخلاق و كل ذلك طهارة وهى البدآئة وانما النهاية أن ينسلخ عن نفسه بالكلية ويتجرد له فيكون كأنه هو وذلك هو الوصول كما فى شرح الاسماء الحسنى للامام الغازالى رحمه الله

١٧

{ اذ يتلقى المتلقيان } منصوب باذكر وهو اولى لبقاء قوله ونحن الخ علا اطلاقه او بما فى أقرب من معنى الفعل والتلقى الاخذ والتلقن بالحفظ والكتابة والمعنى انه لطيف بتوصل علمه الى مالاشىء اخفى منه وهو أقرب الى الانسان من كل قريب حين يتلقى ويتلقن ويأخذ الحفيظان اى الملكان الموكلان بالانسان مايتلفظ به وفيه اى على الوجه الثانى ايذان بأنه تعالى غنى عن استحفاظهما لاحاطة علمه بما يخفى عليهما وانما ذلك لما فى كتبهما وحفظهما لاعمال العبد وعرض صحائفهما يوم يقوم الاشهاد وعلم العبد بذلك مع علمه بأحاطته تعالى بتفاصيل احواله خبرا من زيادة اللطف له فى الكف عن السيئات والرغبة فى الحسنات وعنه عليه السلام ان مقعد ملكيك على ثنيتيك ولسانك قلمهما وريقك مدادهما وأنت تجرى فميا لايعنيك لاتستحيى من اللّه ولا منهما وقد جوز أن يكون تلقى الملكين بيانا للقرب على معنى انا أقرب اليه مطلعون على اعماله لان حفظتنا وكتبتنا مولكون به

{ عن اليمين } هو أشرف الجوارح وفيه القوة التامة

{ وعن الشمال } هو مقالب اليمين

{ قعيد } اى عن جانب اليمين قعيد أى مقاعد كالجليس بمعنى المجالس لفظا ومعنى فحذف الاول لدلالة لا الثانى علي

وقيل يطلق الفعيل على الواحد والمعتدد كما فى قله والملائكة بعد ذلك ظهير

١٨

{ مايلفظ من قول } مايرمى به من فيه من خير او شر والقول اعم من الكلمة والكلام

{ الا لديه } مكر نزديك او

{ رقيب } ملك يرقب قوله ذلك ويكتبه فان كان خيرا فهو صاحب اليمين بعينه والا فهو صاحب الشمال

{ عتيد } اى معد مهيأ لكتابة ماأمر به من اخلير او الشر فهو حاضر ايمنا كان وبالفارسية رقيب نكهبانى وديده بانى بود عتيد آماده فى الحال نويسد . والافراد حيث لم يقل رقيبان عتيدان مع وقوفهما معا على ماصدر عنه لما ان كلا منهما رقيب لما فوض اليه لا لما فوض الى صاحبه كما ينبىء عنه قوله تعالى عتيد وتخصيص القول بالذكر لاثباب الحكم فى الفعل بدلالة النص واختلف فما يكتبانه فقيل يكتبان كل شىء حتى أنينه فى مرضه

وقيل انما يكتبان مافيه اجرووزر وهو الاظهر كما ينبىء عنه قوله عليه السلام ( كاتب الحسنات على يمين الرجل كاتب السيئات على يسار الرجل وكاتب الحسنات امير امين على كاتب السيئات فاذا عمل حسنة كتبها ملك اليمين عشرا واذا عمل سيئة قال صحاب اليمين لصاحب الشمال دعه سبع ساعات لعله يسبح او يستغفر ) قيل ان الملائكة يجتنبون الانسان عند غائطه وعند جماعه ولذا كره الكلام فى الخلاء وعند قضاء الحاجة أشد كراهة لان الحفظة تتأذى بالحضور فى ذلك الموضع الكريه لاجل كتابة الكلام فان سلم عليه فى هذه الحالة قال الامام ابو حنيفة رحمه اللّه يرد السلام بقلبه لا بلسانه لئلا يلزم كتابة الملائكة فانهم لايكتبون الامور القلبية وكذا بحمد اللّه بقلبه عند العطاس فى بيت الخلاء وكذا يركه الكلام عند الجماع وكذا الضحك فى هذه الحالة فلابد من حفظ اللسان وفى الحديث ( حسن اسلام المرء تركه مالا يعنيه )

ابلهى از صرفه زر ميكنى ... صرفه كفتار كن ار ميكنى

مصلحت تست زبان زيركام ... تيغ بسنديده بود درنيام

وفى الحديث ( ان ملائكة الليل وملائكة النهار يصلون معكم العصر فتصعد ملائكة النهار وتمكث ملائكة الليل فاذا كان الفجر نزل ملائكة النهار ويصلون الصبح فتصعد ملائكة الليل وتمكث ملائكة النهر وما من حافظين يرفعان الى اللّه ماحفظا فيرى اللّه فى أول الصحيفة خيرا وفى آخرها خيرا الا قال لملائكة اشهدوا انى قد غفرت لعبدى مابين طرفى الصحيفة ) كما فى كشف الاسرار وفى الحديث ( نظفوا لثاتكم ) جمع لثة بالكسر وفتح الثاء المخففة وهى اللحمة التى فوق الاسنان ودون الاسنان وهى منابتها والعمور اللحمة القليلة بين السنين واحدها عمر بتفح العين فأمر بتنظيفها لئلا يبقى فيها وضر الطعام فتتغير منه النكهة وتتنكر الرآئحة ويتأذى المكان لانه طيق القرءآن ومقعد الملكين عندنا بيه ( وروى ) فى الخبر فى قوله

{ مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد } قال عندنا بيه كما فى تفسير القرطبى فى سروة البقرة وفى الحديث

( نقوا براجمكم ) وهى مفاصل الاصابع والعقد التى على ظهرها يجتمع فيها من الوسخ واحدها برجمة بضمتى الباء والجيم وسكون الرآء بينهما وهو ظهر عقدة كل مفصل فظهر العقدة يسمى برجمة وما بين العقدتين يسمى راجبة وجمعها رواجب وذلك مما يلى ظهرها وهو قصبة الاصابع فلكل اصبع برجمتان وثلاث راجب الا الابهام فان له برجمة وراجبتين فأمر بتنقيته لئلا يدرن فيبقى فيه الجنابة ويحول الدرن بين الماء والبشرة والجنب لاتقر به ملائكة الرحمن الى أن يتطهر وعن مجاهد قال ابطأ جبريل عليه السلام على النبى عليه السلام ثم اتاه فقال له عليه السلام ( ماحبسك ياجبريل ) قال وكيف آتيكم وانتم لاتقصون اظافركم ولا تأخذون من شواربكم ولاتنقون براجمكم ولا تستاكون ثم قرأ

{ وما نتنزل الا بأمر ربك } كما فى سفينة الابرار وفى الخبر النبوى قال عليه السلام ( نقو افواهكم بالخلال فانها مجلس الملكين الكريمين الحافظين وان مدادهما الريق وقلمهما اللسان وليس عليهما شىء امر من بقايا الطعام بين الاسنان ) كما فى اسئلة الحكم قال الامام حجة الاسلام أليس اللّه منع الجنب والمحدث عن الدخول الى بيته ومس كتابه فقال عز من قائل

{ ولاجنبا الا عابرى سبيل } وقال تعالى

{ لايسمه الا المطهرون } مع انهما اثر مباح فكيف بمن هو منغمس فى قذر الحرام ونجاسة السحت والشبهة مع من يدعى الى خدمة اللّه العزيز وذكره الشريف وصحبته الطاهرة سبحانه كلا لايكون ذلك ابدا كما فى الاسرار المحمدية اخوانى فكر القلب فى المباحات يحدث له ظلمة فكيف تدابير الحرام اذا غير المسك الماء منع الوضوء به فكيف ولوغ الكلب كما فى درياق الذنوب لابى الفرج ابن الجوزى وفى الحديث ( ان لله ملكا على بيت المقدس ينادى كل ليلة ألا كل من أكل حراما لم يقبل منه صرف ولا عدل ) فالصرف النافلة والعدل الفريضة كما فى الاحياء واطلاق الآية يدل على ان للكفار كتابا وحفظة فان قيل فالذى يكتب عن يمينه اذا اى شىء يكتب ولم يكن لهم حسنات يقال له الذى عن شماله يكتب باذن صاحبه ويكون شاهدا على ذلك وان لم يكتب كما فى بستان العارفين وفائدة حضور صاحب اليمين احتمال الايمان وهو اللائح بالبال وفى الحديث ( ان اللّه تبارك وتعالى وكل بعبده المؤمن ملكين يكتبان عمله فاذا مات قال الملكان اللذان وكلا به يكتبان علمه قد مات فلان فتأذن لنا فنصعد الى السماء فيقول اللّه تعالى سمائى مملوءة من ملائكتى يسبحون فيقولان فأين فيقول قوما على قبل عبدى فكبرانى وهللانى واكتبا ذلك لعبدى الى يوم القيامة )

قال بعض لكبار من اهل البرزخ من يخلق اللّه تعالى من همتهم من يعمل فى قبورهم بغالب اعمالهم فى الدنيا ويكتب اللّه تعالى لعبده ثواب ذلك العمل الى آخر البرزخ كما وقع لثبات المنائى قدس سره فانهم وجدوا فى قبره شخصا على صورته يصلى فظنوا انه هو وانما هو مخولق من همته وكذلك المثالات المتخيلة فى صور أهل البرازخ لاهل الدنيا فى النوم واليقظة فاذا رؤى مثال احدهم فهو اما ملك خلقه اللّه تعالى منهمة ذلك الولى

واما مثال اقامة اللّه تعالى على صورته لتنفيذ ماشاء اللّه من حوآئج الناس وغيرها فأرواح الاولياء فى البرزخ مالها خروج منه ابدا وما ارواح الانبياء عليهم السلام فانها مشرفة على وجود الدنيا والآخرة كما فى كتاب الجواهر للشعرانى ومن ذلك ماروى عن ابن عباس رضى اللّه عنهما انه ضرب بعض الصاحبة خبائه على قبل وهو لايشعر أنه قبر فاذا فيه انسان يقرأ سورة الملك فأتى النبى عليه السلام فأخبره فقال عليه السلام ( ) هى المانعة هى المنجية تنجيه من عذاب القبر ( كما فى حل الرموز . يقول الفقير بعض الآثار يدل على ان بعض الارواح يطوف فى الارض كالصديق والفاروق رضى اللّه عنهما كما اشار اليه قوله عليه السلام ) ان لى وزيرين فى الارض ابا بكر وعمر

وايضا ان المهدى رضى اللّه عنه اذا خرج يستصحب اصحاب الكهف وروحانية شخصين من كمل هذه الامة وايضا قد اشتهر فى الروايات خروج بعض الارواح من القبور فى بعض الايام والليالى والشهور بأذن الملك الغفور الا أن يأول كل ذلك والعلم عند اللّه تعالى

وفى التأويلات النجمية يشير ان من لم يعرف قدر قربى اليه ويكون بعيد امنى بخصاله الذميمة وفعاله الرديئة ولم ارض بأن أكون رقيبه او كل عليه رقيبين

{ مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد } يكتب بقلم حركاته ومداد نيته على صحيفة قلبه فان كانت حركاته شرعية ونيته صافيه تجيىء كتابته نورانية وان كانت حركاته طبيعية حيوانية ونيته هو آئية شهوانية تجيىء كتابته ظلمانية نفسانية فمن هنا تبيض وجوه وتسود وفيه ايضا اشارة الى كمال عنايته فى حق عباده اذ جعل على كل واحد رقيبين من الملائكة المقربين ليحفظوه بالليل والنهار اذا كان قاعدا فواحد عن يمينه وواحد عن شماله واذا نام فواحد عن رأسه وواحد عن قدمه واذا كان ماشيا فواحد بين يديه وآخر خلفه ويقال هما اثنان بالليل لكل واحد واثنان بالنهار ويقال بل الذى يكتب الخيراتكل يوم آخران والذى يكتب الشر والزلة كل يوم هو الذى كان بالامس ليكثر شهود الطاعة غدا وتقل شهود المعصية ويقال بل الذى يكتب المعصية كل يوم اثنان آخران لئلا يعلم من مساويك الا القليل منهم فيكون علم المعاصى متفرقا فيهم انتهى

١٩

{ وجاءت سكرة الموت بالحق } السكرة استعارة لشدة الموت وغمرته الذاهبة بالعقل انما لم يجعل المت استعارة بالكناية ثم اثبات الكرة له تخييلا لان المقام أدعى للاستعارة التحقيقية وعبر عن وقوعها بالماضى ايذانا تحققهما وغاية اقترابها حتى كأنها قد أتت وحضرت كما قيل قد أتاكم الجيش اى قرب انيابه والباء اما للتعدية كما فى قولك جاء الرسول بالخبر والمعنى حضرت سكرة الموت اى شدته التى تجعل الانسان كالسكران بحيث تغشاه وتغلب على عقله حقيقة الامر الذى نطق به كتاب اللّه ورسله او حقيقة الامر وجلية الحال من سعادة الميت وشقاوته

واما للملابسة كالتى فى قوله تعالى

{ تنبت بالدهن } اى ملتبسة بالحق اى بحقية الامرا وبالحكمة والغاية الجميلة وقال بعضهم أتت وحضرت بأمر اللّه الذى هو حق ( وحكى ) ان رجلا أتى عمر رضى اللّه عنه فقال انى احب الفتنة واكره الحق واشهد بما لم أره فحبسه عمر رضى اللّه عنه فبلغت قصته عليا رضى اللّه عنه فقال ياعمر حبسته ظلما فقال كيف ذلك قال لانه يحب المال والولد قال تعالى

{ انما امولكم واولادكم فتنة } ويكره الموت وهو الحق قال تعالى

{ وجاءت سركة الموت بالحق } ويشهد بأن اللّه واحد لم يره فقال عمر لولا على لهلك عمر

{ ذلك } اى يقال للميت بلسان الحال وانن لم يكنبلسان القال او تقول ملائكة ذلك الموت يانسان

{ ما } موصولة اى الامر الذى

{ كنت } فى الدنيا

{ منه } متعلق بقوله

{ تحيد } من حاد عنه يحيد حيدا اذا مال عنه اى تميل وتهرب منه وبالفارسية مى كريختى ومى ترسيدى واورا مكروه ميداشتى . بل تحسب انه لاينزل عليك بسبب محبتك الحياة الدنيا كما فى قوله

{ اولم تكونوا أقسمتم من قبل مالكم من زوال } اى أقسمتم بألسنتكم بطرا واشرا وجهلا وسفها او بألسنة الحال حيث بنيتم مشيدا واملتم بعيدا ولم تحدثوا انفسكم بالانتقال منها الى هذه الحالة فكأنكم ظننتم انكم مالكم من زوال مما أنتم عليه من التمتع بالحظوظ الدنيوية فالخطاب فى الآية للانسان المتقدم على طريق الالتفات فان النفرة عن لموت شاملة لكل فرد من افراده طبعا وبعضده ماروى عن عائشة رضى اللّه عنها انها قالت اخذت ابا بكر غشية من الموت فبكيت عليه فقلت

من لايزال دمعه مقنعا ... لابد يوما انه مهراق

فأ فاق ابو بكر رضى اللّه عنه فقال بل جاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد وماروى انها قالت ان من نعم اللّه على أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم توفى فى بيتى وبين سحرى ونحرى وان اللّه جمع بين ريقى وريقه عند موته ودخل عبدالرحم بن ابى بكر رضى اللّه عنه على وبيده سواك وانا مسندة رسول اللّه فرأيته ينظر اليه وعرفت انه بحب السواك فقلت آخذه لك فأشار برأسه أن نعم فتناوله فاشتد عليه فقلت ألينه لك فأشار برأسه أن نعم فلينته فأمره وبين يديه ركوة فيها ماء فجعل يدخل يده فى الماء فيسمح بها وجهه ويقول

( لا اله الا اللّه ان للموت سكرات ) ثم نصب يده فجعل يقول فى الرفيق الاعلى حتى قبض ومالت يده ، وجوز فى الكشاب ان تكون الاشارة الى الحق والخطاب للفاجر وهذا هو الظاهر لان الكلام فى الفجار قاله سعدى المفتى وفى الحديث القدسى ( ومارددت فى شىء انا فاعله ) بتشديد الدال يعنى مارددت ملائكتى الذين يقبضون الارواح ( مارددت فى قبض نفس عبدى المؤمن ) اى مثل ترديدى اياهم فى قبض ارواح المؤمنين بأن أقول اقبضوا روح فلان ثم أقول لهم أخروه وفى بعض النسخ ماترددت ولما كان الترود وهو التحير بين الشيئين لعدم العلم بأن الاصلح ايهما محا لافى حق اللّه تعالى حمل على منتهاه وهو التوقف يعنى ماتوقفت فيما أفعله مثل توقفى فى قبض نفس المؤمن فانى اتوقف فيه وأريه ماأعددت له من النعم والكرامات حتى يميل قلبه الى الموت شوقا الى لقائى

{ يكره الموت } استئناشف عمن قال ماسبب ترددك أراد به شدة الموت لان الموت نفسه يوصل المؤمن الى لقاء اللّه فكيف يكرهه المؤمن ( وانا اكره مساءته ) اى اذاه بما يلحقه من صعوبة المت وكربه ( ولابد منه ) اى للعبد من المت لا انه مقدر لكل نفس كذا فى شرح المشارق لابن الملك قال فى كشف الاسرار هرجندكه حالت مرك بظاهر صعب مى نمايد لكن دوستانرا اندران حال در باطن همه عز وناز باشد واز دوست هر لمحه راحتى ودر هرساعتى خلعتى آيد مصطفى عليه السلام زينجا كفته ( تحفة المؤمن المؤت ) هيج صابح صدق از مرك نترسد حسين بن على رضى اللّه عنهما بدررا ديدكه بيراهن حرب ميكرد كفت ليس هذا زى المحاربين على كفت مايبالى ابوك أسقط على الموت ام سقط الموت عليه صدق زاد سفر مرك است ومرك راه بقاست وبقا سبب لقاست من احب لقاء اللّه احب اللّه لقاءه عمار بن ياسر رضى اللّه عنه عمروى به نودسال رسيدنيزه درست كرفتى ودستشى مى لرزيدى مصطفى عليه السلام اورا كفته بود آخر قوت تواز طعام دنيا شربتى شير باشددر حرب صفين عمار حاضر بودنيزه دردست كرفته وتشنكى بروى افتاده شربتى آب خواست قدحى شير بى دادنديادش آمد حديث مصطفى كه امروز روز دولت عمارست آن شربت بكشيد وبيش رفت وميكفت اليوم نلقى الاحبه محمدا وحزبه ( وفى المثنوى )

همجنين باد اجل باعارفان ... نرم وخوش همجون نسيم يوسفان

آتش ابراهيم را دندان نزد ... جون كزيده حق بود جونش كزد

بس رحال ازنقل عالم شادمان ... وزيقايش شادمان اين كود كان

جونكه آب خوش نديد آن مرغ كور ... بيش او كوثر نمايد آب شور

وعن صاحب المثنوى انه لما حضره الموت ورأى ملك الموت عند الباب قال

بيش ترابيش ترجان من ... بيك در حضرت سلطان من

قالوا ينزل عند الموت اربعة من الملائكة ملك يجذب النفس من قدمه اليمنى وملك يجذبها من قدمه اليسرى وملك يجذبها من يده اليمنى وملك يجذبها من يسده اليسرى فيجذبونها من اطراف البنان ورؤس الاصابع ونفس المؤمن المطيع تنسل انسلال القطرة من السقاء

واما الفاجر فينسل روحه كالسفود من الصوف المبلول وهو يظن ان بطنه قد ملئت شوكا وكأن نفسه تخرج من ثقب ابرة كأن السماء انطبقت على الارض وهو بينهما فان قلت مع وجود هذه السكرات لم لايصيح المحتضر كما يصيح من به ألم من الضرب وغيره قلت انما يستغيث المضروب ويصيح لبقاء قوته فى قلبه وفى لسانه وانما ينقطع صوت الميت وصياحه مد شدته لان الكرب قد بولغ فيه وتصاعد على قلبه وغلب على كل موضع منه اعنى البدن فهد كل قوة واضعف كل جارحة فلم يترك له قوة الاستغاثة قال وهب بن منبه بلغنا انه ما من ميت يموت حتى يرى الملكين اللذين كانا يحفظان عمله فى الدنيا فان صحبهما بخير قالا جزاك اللّه خيرا فرب مجلس خير قد أجلستنا وعمل صالح قد احضرتنا وان كان رجل سوء قالا جزاك اللّه شرا فرب مجلس شر قد اجلستنا ورب كلام سوء قد اسمعتنا قال فذلك الذى يشخص بصر الميت ثم لايرجع الى الدنيا ابدا ( قال الشيخ سعدي )

دريغست فرموده ديوزشت ... كه دست ملك برتو خواهد نوشد

روا دارى ازجهل ونايا كيت ... كه با كان نويسند بايا كيت

وربما كشف للميت عن الامر الملكوتى قبل أن يغر غرفعاين الملائكة على حقيقة عمله اى على صورهى حقائق اعماله فان كانت اعماله حسنة يراهم صورة حسنة وان كانت سيئة فعلى صور قبيحة ثم مراتب الحسن والقبح متفاوتة بحسب حسن الاعمال وقبحها وبحسب انواعها فالملائكة لايراهم البشر على مايتحيزون اليه من عالمهم الا ماكان من النبى عليه السلام من رؤية جبريل مرتين على صورته الاصلية

وفى التأويلات النجمية اذا اشرف الناس على الخروج من الدنيا فأحوالهم تختلف فمنهم من يزداد فى ذلك الوقت خوفه ولا يتبين حاله الا عند ذهاب الروح ومنهم من يكاشف قبل خروجه فيسكن روعه ويحفظ عليه قلبه ويتم له حضوره وتمييزه فيسلم الروح على مهل من غير استكراه وعبوس ومنهم ومنهم وفى معناه يقول بعضهم

أنا ان مت فالهوى حشو قلبى ... وابتدآء الهوى بموت الكرام

قال بعض الكبار ان السيد عبدالقادر الجيلى قدس سره لما حضرته الوفاة وضع خده على الارض وقال هذا هو الحق الذى كنا عنه فى حجاب فشهد على نفسه بأن مقام الادلال الذى كان فيه نقص بالنسبة الى حاله الذى ظهر له عند الموت وتمم اللّه حاله عند الموت مات على الكمال وعكس هذا ماحكى ان مولانا حميد الدين اخذه اضطراب عظيم فى مرض موته فقيل له اين علومك ومعارفك فقال يطلبون منا القلب وأحوال القلب وذلك غير موجود عندنا فالاضطراب من تلك الجهة ( وروى ) لبعضهم كلمات عالية ثم رؤى حالة الرحلة فى غاية التشويش وقد ذهب عنه التحقيقات وذلك لان الامر الحاصل بالتكلف لايستقر حال المرض والهرم فكيف حال مفارقة الروح فلذا انتقل البعض فى مقام القبض والهيبة وقد روى ان بعضهم ضحك عند الموت وقال لمثل هذا فليعمل العاملون وبعضهم بكى وقال مالهذا نسعى طول عمرنا وأراد تجلى اللّه تعالى عند ذلك فاذا كان حال ارباب الاحوال هكذا فما ظنك بأحوال غيرهم وقد قالوا ان سكرات الموت بحسب الاعمال ولاحوال وقد تظهر صفات حسنها وقبحها عند الموت فالمغتاب تقرض شفاهه بمقاريض من نار والسامع للغيبة يسلك فى ادنيه نار جهنم وآكل الحرام يقدم له الزقوم كذلك الى آخر اعمال العبد كل ذلك يظهر عند سكرات الموت فالميت يجوزها سكرة بعد سكرة فعند آخرها يقبض روحه وكان عليه السلام يقول

( اللهم هو على محمد سكرات الموت ) وانما لايستعيذ اكثر الناس من الموت ومن أهواله وسكراته لما غلب عليهم من الجهل فان الاشياء قبل وقوعها انما تدرك بنور النبوة والولاية ولذلك عظم خوف الانبياء والاولياء من الموت

يامن بدنياه اشتغل ... وغره طول الأمل

الموت يأتى بغتة ... والقبر صندوق العمل

( قال الحافظ )

سمهر برشده بروبزنيست خون افشان ... كه رزيه اش سركسرى وتاج برويزست

بدان اى جوانمرد كه از عهد آدم تافناى عالم كسى ازمرك زست تونيز نخواهى رست الموت كاس وكل الناس شاربه

خانه بركندم ويك جو نفر ستاده بكور ... غم مركت جو غم برك زمستانى نيست

٢٠

{ ونفخ فى الصور } هى النفخة الثانية وهى نفخة البعث والنشور والنافخ اسرافيل عليه السلام وقد سبق الكلام فى الصور

{ ذلك } اى وقت ذلك النفخ على حذف المضاف

{ يوم الوعيد } اى يوم انجاز الوعيد الواقع فى الدنيا وتحقيقه والوعيد التهديد او يوم وقوع الوعيد على انه عبارة عن العذاب الموعود وتخصيص الوعيد بالذكر مع انه يوم الوعيد ايضا لتهويله ولذا بدىء بيان حال الكفرة

٢١

{ وجاءت } ومى آيد دران روز بعرصه محشر

{ كل نفس } من النفوس البرة والفاجرة

{ معها } الخ محله النصب على الحالية من كل لاضافته الى ماهو فى حكم المعرفة كأنه قيل كل النفوس

{ سائق وشهيد } وان اختلف كيفية السوق والشهادة حسب اختلاف النفوس عملا اى معها ملكان أحدهما يسوق الى المحشر والآخر يشهد بعملها خيرا او شرا وفى كشف الاسرار يسوق الكافر سائقه الى النار ويشهد الشهيد عليه بمعصيته ويسوق السائق المؤمن الى الجنة ويشهد الشهيد له بطاعته انتهى وهل الملكان الكاتبان فى الدنيا هما اللذان ذكرهما اللّه فى قوله

{ سائق وشهيد } او غيرهما فيه خلاف كما فى فتح الرحمن او معها ملك جامع بين الوصفين كانه قيل معها ملك يسوقها ويشهد لها او عليها وقال الواسطى سائقها الحق وشهيدها الحق اى بالنظر الى الحقيقة فى الدنيا والآخرة

٢٢

{ لقد كنت فى غفلة من هذا } الغفلة معنى يمنع الانسان من الوقوف على حقيقة الامور وفى المفردات سهو يعترى من قلة التحفظ والتيقظ والمعنى يقال له يوم القيامة او وقت النشور او وقت العرض لقد كنت أيها الشخص فى الدينا فى غفلة من هذا اليوم وغو آئله وفى فتح الرحمن من هذا النازل بك اليوم وقال ابن عباس رضى اللّه عنهما من عاقبة الكفر وفى عين المعانى اى من السائق والشهيد وخطاب الكل بذلك لما انه مامن احد الا وله غفلة ما من الآخرة

وقيل الخطاب للكافر وقرىء كنت بكسر التاء على اعتبار تأنيث النفس وكذا الخطابات الآتية

{ فكشفنا } اى ازلنا ورفعنا

{ عنك غطاءك } الذى كان على بصرك ولغطاء الحجاب المغطى لامور المعاد وهو الغفلة والانهماك فى المحسوسات والالفة بها وقصر النظر عليها قال فى المفردات الغطاء مايجعل فوق الشىء من لباس ونحوه كما ان الغشاء كذلك وقد استعير للجهالة قال تعالى فكشفنا الآية . يعنى برداشتيم ازيديده توبوشش جهل وغفلت تراتا هرجه شنوده بودى معاينة بينى وحقيقتش ادراك ميكنى . وفى الكواشى او الغطاء القبر اى أخرجناك منه

{ فبصرك اليوم حديد } اى نافذ وبالفارسية تيزست . تبصر ما كنت تنكره وتستبعده فى الدنيا لزوال المانع للابصار ولكن لاينفعك وهذا كقوله أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا يقال حددت السكين رققت حدها ثم يقال لكل حاذق فى نفسه من حيث الخلقة من حيث المعنى كالبصر والبصيرة حديد فيقال هو حديد النظر وحديد الفهم ويقال لسان حديد نحو لسان صارم وماض وذلك اذا كان يؤثر تأثير الحديد وفى الآية اشارة الى ان الانسان وان خلق من عالمى الغيب والشهادة فالغالب عليه فى البداية الشهادة وهى العالم الحسى فيرى بالحواس الظاهرة العالم المحسوس مع اختلاف اجناسه وهو بمعزل عن ادراك عالم الغيب فمن الناس من يكشف اللّه غطائه عن بصر بصيرته فيجعل بصره حديدا يبصر رشده ويخذر شره وهم المؤمنون من أهل السعادة ومنهم من يكشف اللّه عن بصر بصيرته يوم القيامة يوم لاينفع نفسا ايمانها وهم الكفار من أهل الشقاوة

كرت رفت ازاندازه بيرون بدى ... جو كفتى كه بدرفت نيك آمدى

فراشو جوبينى در صلح باز ... كه ناكه در توبه كردد فراز

كنون باخرد بايد انباز كشت ... كه فردا نماند ره باز كشت

ومن كلمات امير المؤمنين على رضى اللّه عنه لو كشف الغطاء مازددت يقينا

حال خلد وجحيم دانستم ... بيقين آنجنانكه مى بايد

كر حجاب ازميانه بر كيرند ... آن يقين ذره نهفزايد

يعنى ان عين اليقين الحاصل لاهل الحجاب فى الآخرة حاصل لاهل الكشف فى الدنيا فانهم ترقوا من علم اليقين الى عين اليقين فى هذه الدار فطابوا وقتا فكائنهم فى الجنان فى الحال وكل يوم لهم يوم المزيد وفيه اشارة الى سر عظيم وهو أن أهل النار يزول عن ابصارهم الحجب المانعة عن اليقين والعيان وذلك بعد احتراق ظاهرهم وبواطنهم احقابا كثيرة فيرون اذ ذاك من أثر الجمال مارآه العارفون فى هذه الدار فحينئذ لايبقى للعذاب خطر اذ الاحتراق على الشهود سهل ألا ترى الى النسوة اللاتى قطعن ايديهن كيف لم يكن لهن حس بالقطع على شهود يوسف ولكن ليس لاهل النار نعيم كأكل وشرب ونكاح فاعرف

٢٣

{ وقال قرينه } وكويد همنشين او . يعنى الشيطان المقبض له مشيرا اليه

{ هذا مالدى عتيد } اى هذا ماعندى وفى ملكتى ومقدورى عتيد لجهنم قد هيأته لها باغوائى واضلالى

وقيل قال الملك الموكل به يعنى الرقيب الذى سبق ذكره مشيرا الى ماهو من كتاب عمله هذا مكتوب عندى عتيد مهيأ للعرض فان كان العبد من اهل الايمان والجنة أحضر كتاب حسناته لان سيئاته قد كفرت وان كان من أهل الكفر والنار أحضر كتاب سيئاته لان حسناته حبطت بكفره وما ان جعلت موصوفة فعتيد صفتها وان جعلت موصولة فهى بدل منها او خبر بعد خبر او خبر لمبتدأ محذوف فعلى العاقل أن لايطع الشيطان لايتلفت الى اغوائه فى كل زمان ومكان فانه يدعو الى النار وقهر الجبار ( روى ) ان النبى عليه السلام سار ليلة المعراج فرأى عجوزا على جنب الطريق فقال ماهذه ياجبريل فقال سر يا محمد فسار ماشاء اللّه فاذا بشىء يدعوه متنحيا عن الطريق يقول هلم يامحمد وأنه عليه السلام مر بجماعة فسلموا عليه وقالوا السلام عليك ياول السلام عليك يا آخر فقال جبريل اردد عليهم السلام فرد ثم قال جبريل اما العجوز فالدنيا ولم يبق من الدنيا الا مابقى من عمر تلك العجوز اما لو أجبتها لاختار امتك الدنيا على الآخرة

واما الذى دعاك فأبليس

واما الذين سلموا عليك فابراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام قال بعض العارفين خلق اللّه ابليس ليقتدى به الاشقياء ويظهر الفرق بينهما فابليس دلال وسمسار عل النار والخلاف وبضاعته الدنيا ولما عرضها على الكفارين قيل ماثمنها قال ترك الدين فاشتروها بالدين وتركها الزاهدون وأعرضوا عنها والراغبون فيها لم يجدوا فى قلوبهم ترك الدين ولا ترك الدنيا فقالوا له اعطنا مذاقه منها حتى ننظر ماهى فقال ابليس اعطونى رهنا فأعطوه سمعهم وأبصارهم ولذا يحب أرباب الدنيا استماع اخبارها ومشاهدة زينتها لان سمعهم وأبصارهم رهن عند ابليس فأعطاهم المذاقة بعد قبض الرهن فالستعموا من الزهاد عيب الدنيا ولم يبصروا قبائحها بل استحسنوا زخارفها ومتاعها فلذلك قيل حبك الشىء يعمى ويصم وقال بعضهم خلق اللّه ابليس ليكون المؤمن فى كنف رعاية المولى وحفظه لانه لولا الذئب لم يكن للغنم راع وخلق اللّه ابليس من ظلمة وخبث وطبعه على العداوة ونسأل اللّه الحفظ والعصمة منه

٢٤

{ ألقيا فى جهنم } خطاب من اللّه تعالى للسائق والشهيد أو لملكين من خزنة النار او لواحد وهو الملك الجامع للوصفين او خازن النار على تنزيل تثنية الفاعل تثنية الفعل وتكريره للتأكد كأنه قيل ألق ألق حذف او على الفعل الثانى ثم أتى بفاعله وفاعل الفعل الاول على صورة ضمير الاثنين متصلا بالفعل الاول او على ان الالف بدل من نون التأكيد على اجرآء الوصل مجرى الوقف ويؤيده انه قرىء ألقين بالنون الخفيفة مثل لنسفعن فانه ذا وقف على النون تنقلب ألفا فتكتب بالالف على الوقف ووجه آخر هو أن العرب اكثر مايرافق الرجل منهم اثنان يعنى أدنى الاعوان فى السفر اثنان فكثر فى ألسنتهم أن يقلولو خليلى وصاحبى وقفا وأسعدا حتى خاطبوا الواحد خطاب الاثنين كما قال امرؤ القيس

خليلى مرابى على ام جندب ... لتقضى حاجات الفؤاد المعذب

ألم ترأنى كلما جئت طارقا ... وجدت بها طيبا وان لم تطيب

فثنى فى البيت الاول ووحد فى البيت الثانى

{ كل كفار } كل مبالغ فى الكفر بالمنعم والنعم جاحد بالتوحيد معرض عن الايمان

وقيل كل كافر حامل غيره على الكفر

{ عنيد } معاند للحق يعرف الحق فيجحده والعناد اقبح الكفر وقال قتادة منحرف عن الطاعة وقال السدى مشتق من العند وهو عظم يعترض فى الحلق او معجب بما عنده كأنه من قولهم عندى كذا كما فى عين المعانى وقال فى المفردات العنيد المعجب بما عنده والمعاند المتباهى بما عنده والعنود الذى يعند عن القصد اى يميل عن الحق ويرده عارفا به

٢٥

{ مناع للخير } كثر المنع للمال عن حقوقه مفروضة زكاة او غيرها از طبع على الشر والامساك كما ان الكافر طبع على الكفر والعنيد طبع على العباد او مناع لجنس الخير أن يصل الى أهله يحول بينه وبينهم والمنع ضد العطية يقال رجل مانع ومناع اى بخيل

وقيل يقال فى الحماية ومنه مكان منيع

وقيل المراد بالخير الاسلام فان الآية نزلت فى الوليد بن المغيرة لما منه بنى اخيه منه وكان يقول من دخل منكم فيه لم أنفعه بخير ماعشت

{ معتد } الاعتداء مجاوزة الحق اى ظالم متخط للحق معاد لأهله

{ مريب } شاك فى اللّه وفى دينه فهوه صبغة نسبة بمعنى ذى شك وريب اى موقع فى الريبة

وقيل متهم

٢٦

{ الذى جعل مع اللّه الها آخر } مبتدأ متضمن معنى الشرط خبره قوله

{ فالقياه فى العذاب الشديد } او بدل من كل كفار وقوله فألقياه تكرير للتوكيد والفاء للاشعار بأن الالقاء للصفات المذكورة وفى الحديث ( بينما الناس ينتظرون الحساب اذ بعث اللّه عنقا من النار يتكلم فيقول مرت بثلاثة بمن دعا مع اللّه الها آخر وبمن قتل بغير حق وبجبار عنيد فليلطهم من الناس كما يلقظ الطير الحب ثم بصيرهم فى نار جنهم ) وفى التفسير الفاتحة للفنارى يخرج عنق من النار اى قبل الحساب والناس وقوف قد ألجمهم العرق واشتد الخووف وتصدعت القلوب لهول المطلع فاذا اشرف على الخلائق له عينان ولسان فصيح يقول ياأهل الموقف انى وكلت منكم بلاثة وذلك ثلاث مرات انى وكلت بكل جبار عنيد فيلقطعهم من بين الصفوف كما يلقط الطائر حب السمسم فاذا لم يترك احدا منهم فى الموقف نادى ندآه ثانيا ياأهل الموقف انى وكلت منكم بمن اذى اللّه ورسوله فيلقطهم كما يلقط الطائر حب السمسم بين الخلائق فاذا لم يترك منهم احدا نادى ثالثا ياأهل الموقف انى وكلت بمن ذهب بخلق كخلق الهل فيلقط اهل التصاوير وهم الذين يصورون الكنائسل لتعبد تلك الصور والذين يصورون الاصنام وهو قوله أتعبدون ما تنحتون وكانوا ينحتون لهم الاخشاب والاحجار ليعبدوها من دون اللّه فيلقطهم من بين الصفوف كما يلقط الطائر حب السمسم فاذا أخذهم اللّه عن آخرهم وبقى الناس وفيهم المصورون الذين لايقصدون بتصويرهم عبادتها حتى يسألوا عنها لينفخوا فيها أرواحا تحيى بها وليسوا بنافخين كما ورد فى الخبر فى المصروين فيقفون ماشاء اللّه ينتظرون مايفعل اللّه بهم والعرق قد ألجمهم وفى الآية اشارة الى الهوى الدنيا فمن عبدهما وجعلهما الهين آخرين مع اللّه عذب بطلب الدنيا بالحرص والغفلة ( قال العطار قدس سره )

جشم كرسنه سير زنعمت نمى شود ... غربال را زكثرت حاصل جه فائده

٢٧

{ قال قرينه } بغير واولان الاول خطاب للانسان من قرينه ومتصل بكلامه والثانى استئناف خاطب اللّه سبحانه من غير اتصال بالمخاطب وهو قوله ربنا ماأطغيته وكذلك الجواب بغير واو وهو قال لاتختصموا لدى وكذلك مايبدل القول لدى فجاء الكل على نسق واحد كما فى برهان القرآن أى قال الشيطان المقيض للكافر ( قال الكاشفى ) جون خواهندكه كافر را در دوزخ افكنند كويد مراجه كناهست كه ديوبر من مسلط بود ومراكمراه كردانيد ديورا حاضر سازند تكذيب ميكند . ودل على هذا التقاول والسؤال المحذوف قوله لاتختصموا

{ ربنا } اى بروكارما

{ ما أطغيته } اى ماجعلته طاغيا ما أوقعته فى الطغيان وهو تجاوز الحد فى الطغيان

{ ولكن كان } هو بالذات

{ فى ضلال بعيد } من الحق طويل لايرجع عنه فأعنته عليه بالاغوآء والدعوة اليه من غير قسر والجاء كما فى قوله تعالى

{ وماكان لى عليكم من سلطان الا أن دعوتكم فاستجبتم لى } وذلك فان اغواء الشيطان انما يوثؤ فيمن كان مختل الرأى مائلا الى الفجور ضالا عن طريق الحرق واقعا دونه بمراحل وفى الحديث ( انما أن رسول وليس الىمن الهداية شىء ولو كانت الهداية الى لآمن كل من الارض وانما ابليس مزين وليس له من الضلالة شىء ولو كانت الضلالة اليه لاضل كل من فى الارض ولكن اللّه يضل من يشاء ويهدى من يشاء )

٢٨

{ قال } كأنه قيل فماذا قال اللّه لابن آدم وشيطانه المقبض له فى الدنيا فقيل قال تعالى

{ لاتختصموا لدى } اى فى موقف الحساب والجزآء اذ لافائدة فى ذلك

قال بعضهم هذا الخطاب فى لكفار

واما قوله ثم انكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون ففى المؤمنين فى الظالم فيما بينهم لان الاختصام فى الظالم مسموع وهذا فى الموقف

وأما قوله ان ذلك لحق تخاصم أهل النار ففى جهنم فظهر التوفيق بين الآيات

{ وقد قدمت اليكم بالوعيد } على الطغيان فى دار الكسب والتكليف فى كتبى وألسنة رسلى فما تركت لكم حجة على فلا تطمعوا فى الخلاص منه بما أنتم فيه من التعلل بالمعاذير الباطلة والجملة حال فيها تعليل للنهى على معنى لاتختصموا وقد صح عندكم وعلمتم انى قدمت اليكم بالوعيد حيث قلت لابليس لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين فاتبعتموه معرضين عن الحق فلا وجه للاختصام فى هذا الوقت وانما قدر المعنى هكذا ليصح جعله حالا فان مقارنة الحال لذيها فى الزمان واجبة ولا مقارنة بين تقديم الوعيد فى الدنيا والاختصام فى الآخرة والباء مزيدة او معدية على ان قدم بمعنى تقدم

٢٩

{ مايبدل القول لدى } اى لايغير قولى فى الوعد والوعيد فما يظهر فى الوقت هو الذى قضيته فى الازل لامبدل له والعفو عن بعض المذنبين لاسباب داعية اليه ليس بتبديل فان دلائل العفو تدل على تخصيص الوعيد يعنى ولا مخصص فى حق الكفار فالوعيد على عمومه فى حقهم ق الجلال الدوانى فى شرح العضد ذهب بعض العلماء الى ان الخلف فى الوعيد جائز على اللّه تعالى لافى الوعد وبهذا وردت السنة حيث قال عليه السلام ( من وعد لاحد على عمله ثوابا فهو منجز له ومن اوعده على عمله عقابا فهو بالخيار ) والعرب لا تعد عيبا ولا خلفا أن يعد شرا ثم لايفعله بل ترى ذلك كرما وفضلا وانما الخلف أن يعد خيرا ثم لايفعله كا قال

وانى اذا أعودته او وعدته ... لمخلف ايعادى ومنجز موعدى

واحسن يحيى بن معاذ رضى اللّه عنه فى هذا المعنى حيث قال الوعد والوعيد حق فالوعد حق العباد على اللّه ضمن لهم اذا فعلوا ذلك ان يعطيهم كذا ومن اولى بالوفاء من اللّه والوعيد حقه على العباد قال لاتفعلوا كذا فأعذبكم ففعلوا فان شاء عفا وان شاء آخذ لانه حقه واولاهما العفو الكرم لانه غفور رحيم فاللّه تعالى لايغفر أن يشرك به فينجز وعيده فى حق المشركين ويغفر مادون ذلك لمن يشاء فيجوز أن يخلف وعيده فى حق المؤمنين ولاهل الحقائق كلام آخر مذكور فى محله عافانا اللّه واياكم من بلائه

{ وما أنا بظلام للعبيد } اى وما انا بمعذب للعبيد بغير ذنب من قبلهم والتعبير عنه بالظلم مع ان تعذيبهم بغير ذنب ليس بظلم على ماتقرر من قاعدة أهل السنة فضلا عن كونه ظلما مفرطا لبيان كمال نزاهته تعالى عن ذلك بتصويره بصورة مايستحيل صدوره عنه من الظلم وصيغة المبالغة لتأكيد هذا المعنى بأبراز ماذكر من التعذيب بغير ذنب فى معرض المبالغة فى الظلم

وقيل هى لرعاية جمعية العبيد من قولهم فلان ظالم لعبده وظلام لعبيده على انها مبالغة كمالا كافيا وقال بعضهم يفهم من ظاهر العبارة جواز الظلم المحال مه تعالى اذا النفى مسلط على القيد الذى هو الظلامية والجواب على ماختاره كثير من المحققين ان المبالغة مسلطة على النفى لاعلى القيد كما فى قوله مانا بكذوب يعنى ان اصله ليس بظالم ثم نقل مع نفيه الى صيغة المبالغة فكانت المبالغة راجعة الى النفى على معنى ان الظلم منفى عنه نفيا مؤكدا مضاعفا ولو جعل النفى داخلا على صيغة المبالغة بأن ضعف ظالم بدون نفيه ثم أدخل عليه النفى لكان المعنى ان ضعف الظلم منفى عنه تعالى ولايلزم منه نفى أصله واللّه تعالى منزه عن الظلم مطلقا يقول اللّه تعالى

( انى حرمت الظلم على نفسى وحرمته على عبادى فلا تظالموا ) ويقول اللّه تعالى ( اشتد غضبى على من ظلم من لايجد ناصرا غيرى ) وعن بعض السلف دعوتان ارجوا احداهما كما أخشى الاخرى دعوة المظلوم أعنته ودعوة ضعيف ظلمته وكان من ديدن السلطان بسمرقند الامتحان بنفسه مرات لطلبة مدرسته المرتبين أعالى وأواسط وأدانى بعد تعيين جماعة كثيرة من العدول غير المدرس للامتحان من الأفاضل حذرا من الحيف وكان يعد الحيف فى الرتبة بين المستعدين من قبيل الكفر فى الدين ( قال الشيخ سعدى )

جوخواهى كه فردا برىمهترى ... مكن دشمن خويشتن كهترى

كه جون بكذرد برتواين سلطنت ... بكيرد بقهرآن كدا دامنت

وفى الآية اشارة الى أن اللّه تعالى قال ( هؤلاء فى الجنة ولا ابالى وهؤلاء فى النار ولا ابالى ) فلا يبدل قوله تعالى فلابد للجنة من أهلها وللنار من أهلها ولو عكس وجعل أهل الجنة فى النار واهل النار فى الجنة لكان مخالفا للحكمة لان الجنة دار الجمال فهى مقر للمؤمنين والنار دار الجلال فهى مقر للكافرين كما ان القلب مقر الاوصاف الحميدة والنفس مقر الاوصاف الذميمة ولذا لايدخل أهل النفس جنة القلب لان النور والظلمة لايجتمعان فاعرف

٣٠

{ يوم } اى اذكر يامحمد لقومك ويشمل كل من شأنه الذكر يوم

{ نقول } بما لنا من العظمة

{ لجهنم } دار العذاب وسجن اللّه للعصاة

{ هل امتلأت } بمن القى فيك وهل اوفيتك ماوعدتك وهو قوله لأملأن جهنم وقوله لكل واحدة منكما ملؤها فهذا السؤال من اللّه لتصديق خبره وتحقيق وعده والتقريع لاهل عذابه والتنبيه لجميع عباده

{ وتقول } جنهم مجيبة بالاستفهام تأدبا وليكون الجواب وفق السؤال

{ هل من مزيد } اى من زيادة من الجن والانس فيكون مصدرا كالمحيد او من او من يزاد فيكون مفعولا كالمبيع ويجوز أن يكون يوم ظرفا لمقدر مؤخر اى يكون من الاحوال والاهوال مايقصر عنه المقال واختلف الناس فى ان الخطاب والجواب هل هما على الحقيقة اولا فقال بعضهم هما على الحقيقة فينطقها اللّه بذل كما ينطق الجوارح وهو المختار فان اللّه على كل شىء قطير وامور الآخرة او لجها على خلاف ماتعورف فى الدنيا وقد دلت الاحاديث على تحقق الحقيقة فلا وجه للعدول الى المجاز كما روى من زفرتها وهجومها عل الناس يوم الحشر وجرها الملائكة بالسلاسل وقولها جزيا مؤمن فان نورك اطفأ لهبى ونحو ذلك مما يدل على حياتها الحقيقة وادراكها فان مطلق الجمادات لها تلك الحياة فى الحقيقة فكيف بالدارين المشتملين على الشؤون العجيبة والافعال الغريبة وان الدار الآخرة لهى الحيوان وقال بعضهم سؤال وجواب جيىء بهما على منهاج التمثيل والتخييل لتهويل امرها يعنى ان المقصود تصوير المعنى فى القلب وتبيينه فهى بحث لو قيل لها ذلك وهى ناطقة لقالت ذلك وايضا دلت بحالها على النطق كقولهم

امتلأت الحوض وقال قطنى ... مهلا رويدا قد ملأت بطنى

يعنى انهى مع اتساعها وتباعد اطرافها واقطارها بطرح فيها الجنة والناس فوجا بعد فوج حتى تمتلىء بهم وتصير بحث لايسعها شىء ولايزاد فيها فالاستفهام على معنى التقرير ونفى المزيد اى وهل عندى موضع يزاد فيه شىء اى قد امتلأت وحصل فى موعودك وصرت بحث لاأسع ابرة وبالفارسية لامزيد برشدم وزيادتى را اكنجايش نيست . فالمعنى الممثل هو الامتلاء وهو كقوله تعالى

{ أانت قلت للناس اتخذونى وأمى الهين } فانه سؤال تقرير لا سؤال استفهام وكقوله عليه اسلام يوم فتح مكة ( هل بقى لنا عقيل دارا ) اى مابقى لنا دارا ويجوز أن يكون المعنى انها لغيظها على الكفار والعصاة كأنها تطلب زيادتهم وتستكثرهم ويجوز أن يكون السؤال استدعاء للزيادة فى الحقيقة لان مايلقى فيها كحلقة تلقى فى اليم . يعنى زيادتى كن وحق تعالى ديكر كافر بوى فرستاد تابرشود . ويجوز أن يكون المعنى انها من السعة بحيث يدخلها من يدخلها وفيها بعد محل فارغ وموضع زيادة فان قلت هذا يخالف قوله تعالى

{ لأملأن جهنم } قلت ورد فى الحديث لاتزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى نضع الجبار فيها قدمه فيزوى بضعها الى بعض يعنى فيحصل الامتلاء وبه تندفع المخالفة

اين قدم حق را بود كورا كشد ... غير حق را كه كمان اوكشد

وفى رواية حتى يضع فيها رب العزة او رب العرش قدمه فتقول قط قط اى حسبى حسبى وعزتك . قوله ويزوى بالزاى المعجمة على بناء المجهول اى يضم ويجمع من غاية الامتلاء وآخر الحديث لايزال فى الجنة فضل حتى ينشىء الهل لها خلقا فيسكنهم فضل الجنة كما فى كشف الاسرار وفى رواية ابى هريرة رضى اللّه عنه قال قال رسول اللّه عليه السلام ( تحاجت الجنة والنار فقالت النار اوثرت بالمتكبرين والمتجبرين وقالت الجنة فمالى لايدخلنى الا ضعفاء الناس وسقطهم فقال اللّه تعالى للجنة انما أنت رحمتى أرحم بك من تشاء من عبادى وقال للنار انما أنت عذابى أعذب بك من اشاء من عبادى ولكل واحدة منكما ملؤها فاما النار فانهم يلقون فيها وتقول هل من مزيد فلا تمتلىء حتى يضع اللّه فيها رجله فتقول قط قط فهنالك تمتلىء ويزوى بعضها الى بعض ولايظلم الهل من خلقه احدا

واما الجنة فينشىء اللّه لها خلقا ) وفى القاموس حتى يضع رب العزة فيها قدمه اى الذين قدمهم من الاشرار فهم قدم اللّه للنار كما ان الاخبار قدمه الى الجنة او وضع القدم مثل للردع القمع اى يأتيها امر يكفها عن طلب المزيد انتهى كما قال فى بحر العلوم وضع القدم على الشىء مثل للردع والكف وقال بعضهم بضربها من جبروته بسوط اهانة ويستمرون بين دولتى الحر والزمهرير وعامة عذاب ابليس بالزمهرير لانه يناقض ماهو الغالب عليه فى اصل خلقته وقال ابن ملك وضعها كناية عن دفعها وتسكين سورتها كما تقول وضعت رجلى على فلان اذا قهرته وفى الكواشى قدمه اى ماقدمه فى قوله ( سبقت رحمتى على غضبى ) اى يضع رحمته انتهى او المراد من القدم قوم مسمى بهذا الاسم وايضا المراد بالرجل جماعة من الناس وهو وان كان موضوعا لجماعة كثيرة من الجراد لكن استعارته لجماعة من الناس غير بعيدة ومنهم من يقول المراد به قدم بعض مخلوقاته اضافها الى اللّه تعظيما كما قال فنفخنا فيه من روحنا وكان النافخ جبريل وفى عين المعانى القدم جمع قديم كأديم وأدم اى على كل ماتقدم او قوم قدمهم الى النار ويروى قدمه بكسر القاف اى قوما قدموا بنى آدم فى الدنيا وروى رجلى وهو الجمعة من الناس

وقيل قدمه أهل قدمه الذين لهم قدم صدق عند ربهم يعنى العاصين من أهل التوحيد انتهى ومنهم من قال القدم اسم لقوم يخلقهم اللّه لجهنم قال القاضى عياض هذا آظهر التأويلات لعل وجهه ان اماكن هل الجنة تبقى خالية فى جهنم ولم ينقل ان أهلها يرثون تلك الأماكن ويقال لهم ان اللّه يختص بنقمته من يشاء كما يرث أهل الجنة أماكن أهل النار فى الجنة غير جنة أعمالهم ويقال لهم ان اللّه يختص برحمته من يشاء وهذا من نتائج قوله تعالى

( سبقت رحمتى على غضبى ) فيخلق اللّه خلقا على مزاج لو دخلوا به الجنة لعذبوا فيعضهم فيها فان قلت اذا لائم مزاجهم النار فأنى يتصور التعذيب قلنا الموعود ملؤها لا تعذيب كل من فيها وقال بعض الاكابر ليس فى النار دركات اختصاص الهى ولا عذاب اختصاص الهى من اللّه فان اللّه ماعرفنا قط انه اختص بنقمته من يشاء كما اخبرنا انه يختص برحمته من يشاء فأهل النار معذبون بأعمالهم لاغير وأهل الجنة ينعمون بأعمالهم وبغير أعمالهم فى جنات الاختصاص فلأهل السعادة ثلاث جنات جنة الاعمال كمالأهل الشقاوة جحيم الاعمال ولهم خاصة جنات الاختصاص وجنات الميراث وهى التى كانت لأهل النار لو دخلوا الجنة كما قال تعالى

{ تلك الجنة التى نورث من عبادنا من كان تقيا } وذلك انه ما من شخص من الجن والانس الا وله فى الجنة موضع وفى النار موضع وذلك لامكانه الاصلى فانه قبل كونه يمكن أن يكون له البقاء فى العدم او يوجد فمن هذه الحقيقة له قبول النعمة وقبول العذاب قال تعالى ولو شاء لهما كم اجمعين اى أنتم قابلون لذلك ولكن حقت الكلمة وسبق العلم ونفذت المشيئة فلا راد لأمره ولا معقب لحكمه ولم يقل فى اهل النار انهم يرثون من النار أماكن أهل الجنة لو دخلوا النار وهذا من سبق الرحمة بعموم فضله سبحانه فما نزل من نزل فى النار الا بأعمالهم ولهذا يبقى فيها أماكن خالية وهى الا ماكن التى لو دخلها اهل الجنة عمروها فيخلق اللّه خلقا يعمرونها على مزاج لو دخلوا به الجنة لعذبوا وهو قوله عليه السلام فيضع الجبار فيها قدمه فتقول قط قط اى حسبى حسبى فانه تعالى يقول لها هل امتلأت وتقول هل من مزيد وقد قال للجنة والنار لكل واحدة منكما ملؤها فما اشترط لهما الا أن يملأهما خلقا ماشترك عذاب من يلمؤها بهم ولا نعيمهم وان لجنة اوسع من النار بلا شك فان عرضها السموات والارض فما ظنك نطولها فهى للنار كمحيط الدآئرة والنار عرضها قدر الخط الذى يميز قطرى دآئرة فلك الكواكب الثابتة فاين هذا الضيق من تلك السعة وسبب هذا الاتساع جنات الاختصاص الالهى فورد فى الخبر انه يبقى ايضا فى الجنة أماكن مافيها أحد فيخلق اللّه خلقا للنعيم يعمرها بهم وهو أن يضع الرحمن فيها قدمه أى آخر وجود يعطيه وليس ذلك الا فى جنات الاختصاص فالحكم لله تعالى العلى الكبير فمن كرمه انه مانزل أهل النار الا على اعمالهم خاصة

واما قوله تعالى

{ زدناهم عذابا فوق العذاب } فذلك لطائفة مخصومة هم الائمة المظلون ثم لابد لاهل النار من فضله ورحمته فى نفس النار بعد انقضاء مدة موازنة ازمان العمل فيفقدون الاحساس بالآلام فى نفس النار فتتخلد جوارحهم بأزالة الروح الحساس منها اذ ليسوا بخارجين منها فلا يموتون فيها ولايحيون وثم طائفة يعطيهم اللّه بع انقضاء موازنة المدد بين العذاب والعمل نعيما خياليا مثل مايراه النائم ونضج جلودهم خدرها فزمان النضج والتبديل يفقدون الآلام لخمود النار فى حقهم فيكونون فى النار كالامة التى دخلتها وليست من أهلها فأماتهم اللّه فما اماته فلا يحسون بما تفعله النار فى أبدانهم الحديث بكامله ذكره مسلم فى صحيحه وهذا من فضل اللّه ورحمته يقول الفقير للانسان الكامل قدمان قدم الجلال وقدم الجمال وبالاولى تمتلىء جهنم وبالثانية تمتلىء الجنة وبيان ذلك ان جهنم مقام أهل الطبيعة والنفس يعنى انها مظهر قد الجلال والجنة مقام أهل الروح والسر يعنى انها مظهر قدم الجمال والاعراف مقام اهل القلب لمناسبة بين الاعراف والقلب من حيث انه مقام بين الجنة والنار كما ان القلب برزخ بين الطبيعة والنفس وبين الروح والسر وللانسان الكامل نشأة جنانية روحانية ونشأة دنيوية جسمانية فهو لايدخل الجنة الا بمرتبة الروح والسر فتبقى صورته الطبيعية والنفسية المتعلقة بنشأته العنصرية فيملأ اللّه سبحانه جهنم بهذه البقية يعنى يظهر مظاهر جلالته من تلك البقية فيملأها بها حتى تقول قط قط فمادام لم يظهر هذه التجلى من الانسان الكامل لاتزال جهنم تقول هل من مزيد وهو المراد بقدم الجبار كذا فى الحديث واليه أشار الشيخ الكبير رضى اللّه عنه فى الفكوك بقوله واخبرت من جانب الحق ان القدم الموضوع فى جهنم هو الباقى فى هذا العالم من صور الكمال مما لاصحبهم فى النشأة الجنانية وكنى عن ذلك الباقى بالقدم لمناسبة شريفة لطيفة فان القدم من الانسان آخر اعضائه صورة فكذلك نفس صورته العنصرية آخر أعضاء مطلق الصورة الانسانية لان صور العالم بأجمعها كالاعضاء لمطلق صورة الحقيقة الانسانية وهذه النشأة آخر صورة ظهرت منها الحقيقة الانسانية وبها قامت الصور كلها التى قلت انها كالاعضاء انتهى وقال ايضا ان الجنة لاتسع انسانا كاملا وانما منه فى الجنة مايناسب الجنة وفى كل عالم مايناسب ذلك العالم وما يستدعيه ذلك العالم من الحق من حيث مافى ذلك العالم من الانسان بل أقول ولو خلت جهنم منه لم تبق وبه امتلأت واليه الاشارة بقدم الجبار المذكور فى الحديث انتهى ايضا وقال الشيخ روزبهان البقلى فى عرائس البيان ان جهنم لتشتاق الى اللّه كما تشتاق اليه الجنة فاذا رأى سبحانه حالها من الشوق اليه يضع اثقال سطوات قهر القدم عليها بنعت التجلى فتملأ من العظمة وتصير عند عظمة اله كلاشىء ورب طيب فى قلوب الجهنميين فى تلك الساعه من رؤية جلال عظمته ومن رؤية أنوار قد القدم فتصير نيرانها وردا وريحانا من تأثير بركة ظهورة لها انتهى وفى الآية اشارة الى ان جهنم صورة النفس الانسانية فكما ان النفس لايشبعها شىء وهى فى طلب المزيد مطلقا فكذا صورتها دار العذاب تطلب المزيد فهما على نسق واحد كاللفظ والمعنى يعنى ان النفس الانسانية حريصة على الدنيا وشهواتها فكلما ألقى فيها نوع منها ويقال لها هل امتلأت تقول هى هل من مزيد من أنواع الشهوات فلا يملأ جوف ابن آدم الا التراب

آن شنيد ستى كه درصحراى غور ... بارسلارى درافتاد ازستور

كفت جشتم تنك دنيا داررا ... ياقناعت بر كند ياخاك كور

وايضا ان الحرص الانسانى قشر محبة اللّه بل هو عين المحبة اذا كان متوجها الى الدنيا وشهواتها يسمى الحرص واذا كان متوجها الى اللّه وقربانه يسمى محبة فاعلم ان مازاد فى الحرص نقص فى المحبة وما نقص من الحرص زاد فى المحبة واذا اشتعلت نار المحبة فلا تسكن نائرتها بما يلقى فيها من محبوبات الدنيا والآخرة بل يكون حطبها وتزيد بعضها الى بعض وتقول قط قط كما فى التأويلات النجمية

٣١

{ وازلفت الجنة } الازلاف نزيدك كردانيدن اى قربت

{ للمتقين } عن الكفر والمعاصى بحيث يشاهدونها من الموقف ويقفون على مافيها من فنون المحاسن فيبتجون بأنهم محشرورون اليها فائزون بها

{ غير بعيد } تأكيد للازلاف اى مكانا غير بعيد بحيث ينظرون اليها قبل دخولها فيكون انتصابه على الظرفية او هو حال مؤكدة اى حال كونها غير بعيد أى شيأ غير بعيد كقولك هو قريب غير بعيد وعزيز غير ذليل الى غير ذلك من أمثلة التوكيد فالازلاف تقريب الرؤية وغير بعيد تقريب الدخول فانهم يحاسبون حسابا يسيرا ومنهم من لايحاسب اصلا ويجوز أن يكون التذكير لكونه على زنة المصدر الذى يستوى فى الوصف به المذكر والمؤنث كالزئير والصليل او التأويل الجنة بالبستان وفيه اشارة الى جنة قلوب خواص المتقين انها قربت لهم فى الدنيا بالاجساد وهم فى الآخرة بالقلوب ( ع ) جنت نقدست انيجا عشرت وعيش وحضور . ويقال ان الجنة تقرب من المتقين كما ان النار تجر بالسلاسل الى المحشر للمجرمين ويقال بل تقرب الجنة بأن يسهل على المتقين مسيرهم اليها ويراد بهم الخواص من المتقين ويقال هم ثلاثة اصناف قوم يحشرون الى الجنة مشاة وهم الذين قال فيهم وسيق الذين اتقوا ربهم الى الجنة زمرا وهم عوام المؤمنين وقوم يحشرون الى الجنة ركبانا على طاعاتهم المصورة لهم بصورة حيوان وهؤلاء هم الخواص وما خاص الخاص فهم الذين قال فيهم وازلفت الجنة للمتقين فقرب الجنة منهم غير بعيد أى الجنة غير بعيد عنهم وهم البعدآء عن الجنة فى مقعد صدق عند مليك مقتدر

٣٢

{ هذا ماتوعدون } اى حال كونهم اولئك المتقين مقولاتهم من قبل اللّه او على ألسنة الملائكة عند ماشاهدوا الجنة ونعيمها هذا المشاهد او هذا الثواب او الازلاف والتذكير لتذكير الخبر او اشارة الى الجة والتذكير لما ان المشار اليه هو المسمى من غير ان يخطر بالبال لفظ يدل عليه فضلا عن تذكيره وتأنيثه فانهما من احكام اللفظ العربى كما فى قوله تعالى

{ فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربى } وقوله

{ ولما رأى المؤمنون الاحزاب قالوا هذا ماوعدنا اللّه ورسوله } وفى التأويلات النجمية هذا اشارة الى مقعد صدق ولو كانت الاشارة الى الجنة لقال هذا

{ لكل اواب } بدل من المتقين باعادة الجار أى رجاع الى اللّه فأولا يرجع من لشرك الى التوحيد وثانيا من المعصية الى الطاعة وثالثا من الخلق الى لحق قال ابن عمر رضى اللّه عنهما لايجلس مجلسا فيقوم حتى يستغفر وفى المفردات الاواب كالتواب وهو الراجع الى اللّه بترك المعاصى وفعل الخيرات ومنه قيل للتوبة اوبة والفرق بين الاوب والرجوع ان الاوب ضرب من الرجوع وذلك انه لايقال الا فى الحيوان الذى له ارادة والرجوع يقال فيه وفى غيره آب اوبا وايابا ومآبا والمآب مصدر منه واسم الزمان والمكان

{ حفيظ } حافظ لتوبته من النقض ولعهده من الرفض قال فى التأويلات النجمية مقعد صدق هو فى الحقيقة موعود للمتقين الموصوفين بقوله

{ لكل اواب حفيظ } وهو الراجع الى اللّه فى جميع أحواله لا الى ماسواه حافظا لأنفاسه مع اللّه لايصرفها الا فى طلب اللّه يعنى درهر نفس از حق تعالى غافل نباشد

اكر تواباس دارى باس انفاس ... بلسطانى رسانندت ازين باس

ترا يك بند بس درهر دو عالم ... كه برنايد زجانت بى خدادم

وقال سهل رضى اللّه عنه هو الراجع الى اللّه تعالى بقلبه من الوسوسة الى السكون الى اللّه الحفيظ المحافظ على الطاعات والاوامر وقال المحاسبى الاواب الراجع بقلبه الى ربه والحفيظ الحافظ قلبه فى رجوعه اليه ان لايرجع منه الى أحد سواه وقال الوراق هو المحافظ لأوقاته وخطراته اى الخطرات القلبية والالهامات وفى الحديث ( من حافظ على اربع ركعات فى اول النهار كان اوابا حفيظا )

٣٣

{ من } هركه . وهو وما بعده بدل بعد بدل

{ خشى الرحمن } الخشية خوف يشوبه تعظيم وفى عين المعانى انزعاج القلب عند ذكر السيئة وموجبها وقال الواسطى الخشية ارق من الخوف لان الخوف للعامة من العقوبة والخشية من نيران اللّه فى الطبع فيها نظافة الباطن للعلماء ومن رزق الخشية لم يعد الا نابة ومن رزق الانابة لم يعد التفويض والتسليم ومن رزق التفويض والتسليم لم يعدم الصبر على المكاره ومن رزق الصبر على المكاره لم يعد الرضى وقال بعضهم اوآئل العلم الخشية ثم الاجلال ثم التعظيم ثم الهيبة ثم الفناء وعن بعضهم الخشية من لرحمن خشية الفراق ومن الجبار والقهار خشية العقوبة

{ بالغيب } متعلق بمحذوف هو حال من فاعل خشى او من مفعوله او صفة لمصدره اى خشية ملتبسة بالغيب حيث خشى عقابه وهو غائب عنه او العقاب بعد غيب يعنى ناديده اورا وعذاب اورا . او هو غائب عن الاعين لايراه أحد يعنى نهان واشكار اى او يكى باشد . وقال بعض الكبار بالغيب اى بنور الغيب يشاهد شواهد الحق فيخشى منه والتعرض لعنوان الرحمانية للاشعار بأنهم مع خشيتهم عقابه راجعون رحمته او بأن علمهم بسعة رحمته لايصدهم عن خشيته وانهم عاملون بموجب قوله

{ نبىء عبادى انى أنا الغفور الرحيم } { وان عذابى هو العذاب الاليم } { وجاء } وبياورد

{ بقلب منيب } وصف القلب بالانابة مع انها وصف المكلف لما ان العبرة برجوعه الى اللّه تعالى اى لاعبرة للانابة والرجوع الا اذا كان من القلب والمراد بها الرجوع الى اللّه تعالى بما يجب ويرضى قال فى المفردات النوب رجوع الشىء مرة بعد اخرى والانابة الى اللّه الرجوع اليه بالتوبة واخلاص العمل وفى التأويلات النجمية بقلب منيب الى ربه معرض عما سواه مقبل عليه بكلية

٣٤

{ ادخلوها } بتأويل يقال لهم ادخلوها والجمع باعتبار معنى من

{ بسلام } متعلق بمحذوف هو حال من فاعل ادخلوها اى ملتبسين بسلامة من العذاب وزوال النعم وحلول النقم او بسلام من جهة اللّه وملائكته

{ ذلك } اشارة الى الزمان الممتد الذى وقع فى بعض منه ماذكر من لامور

{ يوم الخلود } والبقاء فى الجنة اذا انتهاء له ابدا قال الراغب الخلود هو تبرى الشىء من اعتراض الفساد وبقاؤه على الحالة التى هو عليها وكل مايتباطأ عنه التغير والفساد تصفه العرب بالخلود كقولهم الايام خوالد وذلك لطول مكثها لا لدوام بقائها والخلود فى الجنة بقاء الاشياء على الحالة الى هى عليها من غير اعتراض الكون والفساد عليها وقال سعدى المفتى ولا يبعد واللّه اعلم أن تكون الاشارة الى زمان السلم فتحصل الدلالة على ان السلامة من العذاب وزوال النعم حاصلة لهم مؤيدا مخلدا لا انها مقتصرة على وقت الدخول

٣٥

{ لهم مايشاؤن } من فنون المطالب كائناما كان سوى ماتقتضى الحكمة حجره وهو ما كان خبيثا فى الدنيا ابدا كاللواطة ونحوها فانهم لايشاؤونها كما سبق من ان اللّه يعصم أهل الجنة من شهوة محال او منهى عنه

{ فيها } متعلق بيشاؤون او حال من الموصول قال القشيرى يقال لهم قد قلتم فى الدنيا ماشاء اللّه كان فاليوم ماشئتم كان وهل جزآء الاحسان الا الاحسان

{ ولدينا } وعندنا

{ مزيد } اى زيادة فى النعيم على مايشاؤون وهو مالا يخطر ببالهم ولا يندرج تحت مشيئتهم من انواع الكرامات التى لاعين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فانهم يسألون اللّه حتى تنتهى مسألتهم فيعطيهم ماشاؤا ثم يزيدهم من عنده مالم يسألوه ولم تبلغه أمانيهم

وقيل ان السحاب تمر بأهل الجنة فتمطرهم الحور فتقول نحن المزيد الذى قال تعالى

{ ولدينا مزيد } وقال الراغب الزيادة أن ينضم الى ماعليه الشىء من نفسه شىء آخر وروى من طرق مختلفة ان هذه الزيادة النظر الى وجه اللّه اشارة الى انعام وأحوال لايمكن تصورها فى الدنيا انتهى وكذا قال غيره المختار أن المزيد هو النظر الى وجه اللّه الكريم فيجتمعون فى كل يوم جمعة فلا يسألون شيأ الا أعطاهم وتجلى لهم ويقال ليوم الجمعة فى الجنة يوم المزيد وفى الحديث ( ان فى الجنة مالاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ) قال بعض الكبار هى المشاهدة الذاتية وما ينتج من دخول الجنة فى الدار الآخرة نتيجة الطاعات فى هذه الدار لمن اختصه لله فنتيجتنا فى هذه الطاعات ومجاهدات توصل الى تجليات ومشاهدات وفى التأويلات النجمية يشير الى أن من يريدنا ويعبر عن نعيم الجنة للوصول الينا فيصل الينا ولدينا يجد بالمزيد مايشاء أهل الجنة منها وهذا كما قال من كان لى كنت له ومن كنت له يكون له ما كان لى وقال تعالى

{ من كان يريد حرث الآخرة نزد له فى حرثه } فان قيل الزيادة فى الدنيا تكون أقل من رأس المال قلت المراد بالزيادة الكريمة على موعود الجنة لا من درجات الجنة لان الزيادة هنا ليست من جنس المزيد عليه حتى يلزم ذلك بخلافه فى قوله عليه السلام ( ان اللّه زادكم صلاة ألا وهى الوتر ) فان الزيادة هنا من جنس المزيد عليه وقضيته الفرضية الا انه لما ثبت بخبر الواحد لم يكن مقطوعا به فقيل بالوجوب فالزيادة من اللّه العزيز الا كبر اكبر واعز كما ان الرضوان من الكريم الا جود أكبر واجل والنظر الى وجهه الكريم كمال الرضى ومزيد فضل وعناية وقال الحسن البصرى ان اللّه ليتجلى لاهل الجنة فاذا رأوه نسوا نعيم الجنة ثم يقول اللّه لملائكته ردوهم الى قصورهم اذ لايتهدون بانفسهم لامرين لما طرأ عليهم من سكر الرؤية ولما زاد من لخير فى طريقهم فلم يعرفوها فلولا ان الملائكة تدل بهم ماعرفوا منازلهم فاذا وصولا الى منازلهم تلقاهم أهلمم من الحور والولدان فيرون جميع ملكهم قد اكتسب بهاء وجمالا و نورا من وجوههم أفاضوه افاضة ذاتية على ملكهم فيقولون لهم لقد زدتم نورا وبهاء وجالاء على ماتركناكم عليه فيقول لهم أهلهم وكذلك أنتم قد زدتم من البهاء والجمال مالم يكن فيكم فافهم اسرار تسمية الرؤية بالزيادة لانها تورث زيادة الجمال والعلوم والكمال ويتافوت الناس بالرؤية تفاوتا عظيما على قدر عملهم قال بعض الكبار اذا أخذ لناس منازلهم فى الجنة استدعائهم الحق تعالى الى رؤيته على مقام الكثيب وهو مسك ابيض فى جنة عدن وجعل فى هذا الكثيب منابر واسرة وكراسى ومراتب فيسارعون الى قدر همهم ومراكبهم ومشيهم هنا فى طاعة ربهم فمنهم السريع والبطيىء والمتوسط فيجتمعون فى الكثيب فكل شخص يعرف مرتبته علما ضروريا يهوى اليها ولا ينزل الى فيها كما يهوى الطفل الى الثدى والحديد الى المغناطيس لو رام أن ينزل فىغير مرتبته لما قدر ولو رام أن يتعشق بغير منزلته ماستطاع بل يرى فى منزلته انه قد بلغ منتهى أمله وقصده فهو يتعشق بما فيه من النعيم تعشقا طبيعيا ذاتيا لا يقوم بنفسه بما هو عنده أحسن من حاله ولولا ذلك لكانت دار ألم وتنغيص ولم تكن جنة ولا نعيما فكل شخص مقصور عليه نعيمه

بعلم نظر كوش جامى كه نيست ... زتحصيل علم دكر حاصلى

( وقال المغربى )

نخست ديده طلب كن بس آنكهى ديدار ... ازانكه يار كند جلوه بر اولوا الابصار

( وقال الخجندى )

باروى توجيست جنت وحور ... هرجيز نكو نمايد ازدور

٣٦

{ وكم اهلكنا } كم للتكثير هنا هى خبرية وقعت مفعول اهلكنا ومن قرن مميزها ومبين لابها مها

{ قبلهم من قرن } القرن القوم المقترنون اى وكثيرا من القرون الذين كذبوا رسلهم اهلكنا قبل قومك وهم كفار مكة وبالفارسية وبس كسان كه هلاك كرده ايم بيش ازقوم تواز اهل قرن وكروه كروه جهانيان كه بحسب واقع

{ هم } ايشان

{ اشد منهم } سخت تربودنداز كفار مكة

{ بشطا } ازروى قوت وعظيم تربودند از روى جسد جون عاد وثمود وفرعون ومحل الجملة النصب على انها صفة لكم وفيه اشارة الى اهلاك النفوس المتمردة ف القرون الماضية اظهارا لكمال القدرة والحكمة البالغة لتتأدب به النفوس القابلة للخير وتتعظ به القلوب السليمة

{ فنقبوا فى البلاد } اقل فى القاموس نقب فى الارض ذهب كأنقب ونقب وعن الاخبار بحث عنها او اخبر والنقب الطريق فى الجبل وفى تاج المصادر التنقيب شب در راها كرديدن وفى المصادر شدن اندر شهرها . والمعنى خرقوا فيها اى اوقعوا الخرق فيها والجوب وقطع المفازة ودو خوا اى اذلوها وقهروا اهلها واستولوا عليهم وتصرفوا فى اقطارها او جالوا فى اكناف الارض كل مجال حذر الموت فالفاء على الاول للتسبب والدلالة على ان شدة بطشهم ابطرتهم واقدرتهم على التنقيب وعلى الثانى لمجرد التعقيب واصل التنقيب والنقب التنقير عن الامر والبحث والطلب ولذا قال فى كشف الاسرار اى أبعدوا فيها السير وبحثوا عن الامور والاسباب قال امرؤ القيس

لقد نقبت فى الآفاق حتى ... رضت من الغنيمة بالاياب

وبالفارسية بس دور شدند وفراوان رفتند درزمين وراه بريديد درشهرها يعنى رفتند تجارت وسفرها كردند ومال ومتاع بسيار بدست آوردند . وفى فتح الرحمن اى طافوا فى نقوبها اى طرقها

{ هل من محيص } حال من واونقبوا واصله من قولهم وقع فى حيص بيص اى فى شدة وحاصل عن الحق يحيص اى حاد عه لى شدة ومكروه وفى القاموس المحيص المهرب اى فنقبوا فى البلاد قائلين هل من حيص اى هل لهم من مفر ومخلص من أمر اللّه وعذابه او من الموت فميحص متبدأ خبره مضمر وهو لهم ومن زآئدة وبالفارسية هيج بودمر ايشانرا كريز كاهى ازمرك يابناهى ازقضاى خداى تعالى كه حكم فنا نازل شد هيج جيز دستكيرىء ايشان نكرد . ويجوز أن تكون الجملة كلا ما مستأنفا واراد النفى أن يكون لهم محيص يعنى نكريد تاهيج ازمرك وستند يعنى نرستند واز عقوبت حق خلاص تشدند . فان اصل أهل مكة فليحذروا من مثل ماحل بالامم الماضية فان الغاية هو الهلاك والنهاية هو العذاب روز كارى كه آدم را وفانداشت تراكى وفا دارد عمرى كه برنوح بيابان رسيد باتوكى بقادارد اجلى كه بر خليل تاختن آورد تراكى فرو كذارد مركى كه بر سليمان كمين ساخته باتوكى مسامحت كند

نه برباد رفتى سحر كاه وشام ... سرير سليمان عليه السلام

بآخر نديدى كه برباد رفت ... خنك آنكه بادانش ودادرفت

مؤكلى كه جان مصطفى را صلّى اللّه عليه وسلّم تقاضا كرد باتوكى مدارا كند اكر عمر نوح ومال قارون وملك سليمان بدست آرى بدرد مرك سودندارد وباتو محابا نكند هفت هزار سال كه كسرى كذشت تا آدميان اندرين سفرندا اصلاب بارحام مى آيند واز ارحام به بشت زمين واز بشت زمين بشكم زيمن ميروندهمه عالم كور ستانس زيرا وهمه حسرت زبرا وهمه درحيرت سر بر آور از آسمان بير كه جند بادشاه ياد دارى جشم بر زمين افكن وباز برس كه درشكم جند نازنين دارى

سل الطارم العالى الذرى عن قطينه ... نجاما من بؤس عيش ولبنه

فلما استوى فى الملك واستعبد الورى ... رسول المنايا تله لجبينه

جهان اى بسر ملك جاويد نيست ... زدنيا وفادارى اميد نيست

اى سخره امل اى غافل از اجل كارى كه لامحاله بودنيست ازان نه انديشى وراهى كه على الحقيقة رفتنيست زاد آن راه برنكيرى شغل دنيا راست ميدارى وبرك مرك مى نسازى اى مسكين مركت درقفاست ازو ياد دار منزلت كورست آباد دار حطام دنيا جمع ميكنى واز مستحق منع ميكنى جه طمع دارى كه جاويد بان بمانى باش تاملك الموت در آيد ودانت غارت كند و وارث در آيد مالت غارت كند وخصم در آيد طاعت غارت كند وكرم در آيد بوست وكوشت غارت كند وآه اكر باين غفلت دشمن در آيد وايمان غارت كنده نسأل اللّه سبحانه أن يجعلنا من المتيقظين ومن الثابتين على الدين واليقين ومن رفقاء النبيين والصديقين والشهداء والصالحين آمين

٣٧

{ ان فى ذلك } اى فما ذكر من قصتهم او فيما ذكر فى هذه السورة من العبر والاخبار واهلاك القرى

{ لذكرى } لتذكرة وعظة وبالفارسية بند

{ لمن كان له قلب } اى قلب سليم يدرك به كنه مايشاهده من الامور ويتفكر فيها كما ينبغى فان من كان له ذلك يعلم ان مدار دمارهم هو الكفر فيرتدع عند بمجرد مشاهدة الآثار من غير تذكير قال الراغب قلب الانسان سمى به لكثرة تقلبه ويعبر بالقلب عن المعانى التى تختص به من الروح والعلم والشجاعة وسائر ذلك وقوله

{ لمن كان له قلب } اى علم وفهم انتهى وفسره ابن عباس رضى اللّه عنهما بالعقل وذلك لان العقل قوة من قوى القلب وخادم من خدامه كما فى كتاب الجواهر للشعر انى فمن له أدنى عقل فله ذكرى كما قال تعالى

{ أفلا تعقلون } اى أدنى تعقل وقال ابو الليث لمن كان له قلب اى عقل لانه يعقل بالقلب فكنى عنه انتهى وفى الاسئلة المقحمة كيف قال لمن كان له قلب ومعلوم ان لكل انسان قلبا قلت ان المراد ههنا بالقلب عقل كنى بالقلب عن العقل لانه محله ومنبعه كما قال تعالى

{ فانه نزل على قلبك } وسمعت بعض الشيوخ يقول لمن كان له قلب مستقر على الايمان لاينقلب بالسرآء والضرآء انتهى ( وفى تفسير الكاشفى ) آنكس را كه اورا دلى زنده است وفى كشف الاسرار دلى متفكر در حقايق اخبار ياعقلى بيدار كننده از خواب غفلت شبلى قدس سره فرمود موعظة قرآنرا دلى بايد باخداى تعالى كه طرفة العينى غافل نباشد

{ او القى السمع } اى الى مايتلى عليه من الوحى الناطق بما جرى عليهم فان من فعله يقف على جلية الامر فينزجر عما يؤدى اليه من الكفر فكلمة او لمنع الخلو دون الجمع فان القاء لسمع لايجدى بدون سلامة القلب كما يلوح به قوله

{ وهو } اى والحال ان ذلك الملقى فهو جال من الفاعل

{ شهيد } من الشهود بمعنى الشاهد اى الحاضر بذهنه ليفهم معانيه لان من لايحضر ذهنه فكأنه غائب او شاهد بصدقه فيتعظ بضواهره وينزجر بزواجره وقال السعدى المفتى او لتقسيم المتفكر الى التالى السامع او الى الفقيه والمتعلم وبعبارة اخرى الى العالم المجبول على الاستعداد الكامل فهو بحث يحتاج الى التعليم فيتذكر بشرط أن يقبل بكليته ويزيل الموانع كلها وقال بعض الكبرآء من العارفين ان فى ذلك اى القرءآن الناطق باثبات امور متخالفة للحق سبحانه من التنزيه والتشبيه لذكرى اى تذكرا لما هو الحق عليه فى نفسه من التقلب فى الشؤون لمن كان له قلب سمى به لتقلبه فى انواع الصور والصفات المتخالفة لاختلاف التجليات ولم يقل لمن كان له عقل فان العقل قيد لغة وحقيقة اما لغة فانه يقال عقل البعير بالعقال اى قيده وعقل الدوآء البطن اى عقده

واما حقيقة فلأن العقل يقيد العاقل بما يؤدى نظره وفكره اليه فيحصر الامر فى نعت واحد والحقيقة تأبى الحصر فليس القرءآن ذكرى لن كان له عقل يقيده بما يؤديه الكفر اليه فانه ليس ممن يتذكر بما وقع فى القرءآن من الآيات الدالة على التنزيه والتشبيه جميعاً بل يؤول ماوقع على خلاف مايؤديه فكره اليه كالآيات الدالة على التشبيه مثلا وهم اى من كان له عقل هم اصحاب الاعتقادات الجزئية التقييدية الذين يكفر بعضهم الذى يؤديه فكره الى عقد مخصوص بعضا آخر يؤديه فكره الى خلاف مادى اليه فكر البعض الاول ويلعن بعضهم بعضا والحق عند العارف الذى يتقلب قلبه فى انواع الصور والصفات لانه يعرف أن لاغير فى الوجود وصور الموجودات كلها صورته فلاختصاص معرفة الحق فى جميع الصور فى الدنيا والآخرة بالعارف الناتج معرفته عن تقلب قلبه قال تعالى

{ لمن كان له قلب } فانه قد تقلب قله فى الاشكال فعلم تقلب الحق فى الصور وهذا النوع من المعرفة الذى لايعقبه نكرة حظ من عرف الحق من التجلى والشهود أى من تجليه فى الصور وشهوده فيها حال كونه مستقرا فى عين مقام الجميع بحيث لايشعله صور التفرقة عن شهوده

واما أهل الايمان الاعتقادى الذين لم يعرفوا الحق من التجلى والشهود فهم المقلدة الذين قلدوا الانبياء والرسل فيما اخبروا به عن الحق من غير طلب دليل عقلى لامن قلد اصحاب الافكار والمتأولين للاخبار الواردة الكاشفة عن الحق كشفا مبينا يحملها عى أدلتهم العقلية وارتكاب احتمالاتها البعيدة فهؤلاء الذين قلدوا الرسل عليهم السلام حق التقليد هم المرادون بقوله

{ او ألقى السمع } لاستماع مارودت به الاخبار الالهية على ألسنة الانبياء وهو حاضر بما يسمعه مراقب له فى حضرة خياله يعنى ينبغى لملقى السمع أن يجهد فى احضار مايسمعه فى خياله لعله يفوز بالتجليات المثالية لا أن يكون صاحب تلك التجليات بالفعل والا بقى بعض ملقدة الانبياء خارجا عن هذا الحكم فليس المراد بالشهود ههنا الرؤية البصرية بل مايشبهها كمال المشابهة وهو مشاهدة الصور المتمثلة فى حضرة الخيال ليس الا ومن قلد صاحب نظر فكرى فليس هو الذى القى السمع وهو شهيد فالمقلدون لاصحاب الافكار هم الذين قال اللّه فيهم

{ اذ تبرأ الذين اتبعوا } من الذين اتبعوا لان المتبوعين دعوا التابعين الى خلاف الواقع فتبعوهم ورجع نكال متابعتهم الى متبوعيهم فتبرأوا منهم والرسل لايتبرأون من اتباعهم الذين اتبعوهم لانهم دعوهم الى الحق والصدق فتبعوهم فانعكست انوار متابعتهم اليهم فلم يتبرأوا منهم فاعرف . درلباب آورده كه صاحب قلب مؤمن عربست وشهيد مؤمن أهل كتاب كه كواهى دارد بركفت حضرت بيغمبر عليه السلام شيخ او سعيد خراز قدس سره فرمودكه القاى سمع بوقت شنيدن قرءآن جنان بايدكه كويا از حضرت بيغمبر مى شنود بس در فهم بالاتر رود وجنان داندكه از جبرائيل استماع ميكند بس فهم را بلند ترسازد وجنان دادنكه از خداى تعالى مى شنود شيخ الاسلام قدس سره فمودكه اين سخن تامست وبرو در قرءآن كواهى هست وآن لفظ شهيدست وشهيد از كوينده شنودنه ازخبر دهنده ده غائب ازمخبر مى شنود ووحاضر بامتكلم واز امام جعفر رضى اللّه عنه منقولست كه تكرار ميكردم قرءآنرا تاوقتى كه ازمتكلم آن شنودم.

وفى التأويلات النجمية القلوب أربعة قلب يائس هو قلب الكافر وقلب مقفول وهو قلب المنافق وقلب مطمئن وهو قلب المؤمن وقلب سليم من تعلقات الكونين وهو قلب المحبين الذى هو مرءآة صفات جمال اللّه وجلاله كما قال لايسعنى ارضى ولا سمائى ولكن يسعنى قلب عبدى المؤمن وقوله

{ أو ألقى السمع وهو شهيد } يعنى من لم يكن له قلب بهذه الصفة يكون فه سمع يسمع باللّه وهو حاضر مع اللّه فيعتبر مما يشير اليه اللّه فى اظهار اللطف او القهر وقال بان عطاء قلب لاحظ الحق بعين التعظيم فذاب له وانقطع عما سواه واذا لاحظ القلب الحق بعين التعظيم لان وحسن وقال بعضهم القلب مضغة وهو محل الانوار ومورد الزوآئد من الجبار وربه يصح الاعتبار جعل اللّه القلب للجسد اميرا وقال

{ ان فى ذلك لذكرى لمن كان له قلب } ثم جعله لربه اسيرا فقال يحول بين المرء وقلبه وقال بعضهم للقلوب مراتب فقلوب فى قبضة الحق مأسورة وقلوب والهة وقلوب طائرة بالشوق اليه وقلوب الى ربها ناظرة وقلوب صاحبت الآمال فى اللّه وقلوب تبكى من الفراق وشدة الاشتياق وقلوب ضاقت فى دار الفناء وقلوب خاطبها فى سرها فزال عنها مرارة الاوجاع وقلوب سارت اليه بهمتها وقلوب صعدت اليه بعزآئم صدقها وقلوب تقدمت لخدمته فى الحلوات وقلوب شربت بكأس الوداد فاستوحشت من جميع العباد الى غير ذلك ويدل على شرف القلب قوله عليه السلام ( تفكر ساعة خير من عبادة الثقلين ) جون بنده بدركاه آيد ودل او كرفتار شغل دنيا رقم خذلان بران طاعت كشند وبروى اوباز زنندكه كفته اند من لم يحضر قلبه فى الصلاة فلا تقبل صلاته ومن لم يحصل درجة الرؤية فى الصلاة فما بلغ غايتها ولا كان له فيها قرة عين لانه لم ير من يناجيه فان لم يسمع مايرد عليه من الحق فى الصلاة من الواردات الغيبية فماهو ممن ألقى سمعه ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع ولم ير فليس بمصل ولاهو ممن ألقى السمع وهو شهيد يعنى أدنى مرتبة الصلاة الحضور مع الرب فمن لايرى ربه فيها ولا يشهده شهودا روحانيا او رؤية عيانية قلبية او مثالية خيالية او قريبا منها المعبر عنه بقوله عليه السلام

( ان تعبد اللّه كأنك تراه ) ولايسمع كلامه المطلق بغير واسطة الروحانيات او بواسطة منهم ولا حصل له الحضور القلبى المعبر عنه قوله ( فان لم تكن تراه ) فاعلم ( انه يراك ) فليس بمصل وصلاته افادت له الخلاص من القتل لاغير وبقدر خوف المرء من ربه وقربه منه يكون حضوره

نزديكانرا بيش بود حيرانى ... كايشان سياست سلطانى

آن وزير بيوسته از مراقبت سلطان هراسان بود وآن ستوردار راهراسى نه زيرا كه سينه وزير خزينه اسرار سلطانست ومهر خزينة سكستن خطر ناك بود وكان عليه السلام يصلى ولصدره ازيز كأزيزر المرجل من البكاء والازيز الغليان

وقيل صوته والمرجل قدر من النحاس

خوشا نماز ونياز كسى كه از سردرد ... بآب ديده وخون جكر طهارت كرد

حذيفه يمانى رضى اللّه عنه صاحب سر رسول اللّه عليه السلام بود كفتا روزى شيطانرا ديدم كه مى كريست برما كشاده ديكر آنكه دركاه دل مؤمنان برمابسته بهر وقتى كه قصد دركاه دل مؤمن كنم بآتش هيبت سوخته كردم بداود عليه السلام وحى آمدكه ياداود زبانت دلالى است برسربازار دعوى اورا در صدر دار الملك دين محلى نيست محلى كه هست دلراست كه ازو بوى اسرار أحديت وازليت آيد عزيز مصر بابرادران كفت رخت برداريد وبوطن وقراركاه خود باز شويد كه ازدلهاى شما بوى مهر يوسفى مى نيايد اينست سر آنجه رب العالمين فرمود ان فى ذلك لذكرى الآية قال بعض الكبار حقيقة السمع الفهم عن اللّه فيما يتلوه عليك فى الانفس والآفاق فان الحق تارة يتلو عليك الكتاب من الكبير الخارج وتارة من نفسك فاسمع وتأهب لخطاب مولاك اليك فى أى مقام كنت وتحفظ من الوقر والصمم فالصمم آفة تمنعك عن ادراك تلاوته عليك من الكتاب الكبير المعبر عنه بالفرقان والوقر آفة تمنعك من ادراك تولاته عليك من نفسك المختصرة وهو الكتاب المعبر عنه بالقرءآن اذ الانسان محل الجمع لما تفرق فى العالم الكبير

٣٨

{ ولقد خلقنا السموات والارض وما بينهما } من اصناف المخلوقات

{ فى ستة ايام } درشش روز آن يكشنبه تاشنبه الارض . فى يومين ومنافعها فى يومين والسموات فى يومين ولو شاء لكن ذلك فى اقل من لمح البصر ولكنه سن لنا التأنى بذلك فان العجلة من الشيطان الا فى ستة مواضع ادآء الصلاة اذا دخل الوقت ودفن الميت اذا حضر وتزويج البكر اذا ادركت وقضاء الدين اذا وجب وحل واطعاف الضيف اذا نزل وتعجيل التوبة اذا اذنب قال بعضن العارفين اذا فتح اللّه عليك بالتصريف فائت البيوت من ابوابها واياك والفعل بالهمة من غير الة وانظر الى الحق سبحانه كيف خمر طينة آدم بيديه وسواه وعدله ثم نفخ فيه الروح وعلمه الاسماء فأوجد الاشياء على ترتيب ونظام وكان قادرا أن يكون آدم ابتدآء ن غير تخمير ولا شىء مما ذكر

وفى التأويلات النجمية ولقد خلقنا سموات الارواح وارض الاشباح وما بينهما من النفوس والقلوب والاسرار وسر الاسرار فى ستة ايام اى فى ستة انواع من المخلوقات وهى محصورة فيما ذكرناه من الارواح والاشباح والنفوس والقلوب والاسرار وسر الاسرار فلا مخلوق الا وهو داخل فى جملتها فافهم جدا

{ وما مسنا } بذلك مع كونه مما لاتفى به القوى والقدر وبالفارسية ونرسيد مارا از آفرينش آنها

{ من لغوب } قال الراغب اللغوب التعب والنفس يقال اتانا ساعيا لاغبا خائفا تعبا وفى القاموس لغب لغبا ولغوبا كمنع وسمع وكرم اعيى اشد الاعياء وفى تاج المصادر اللغوب مانده شدن . وفعل يفعل فعولا وفعلا ايضا لغة ضعيفة والمعنى من اعياء ولا تعب فى الجملة وبالفارسية هيج رنجى وماندكى . فانه لو كان لاقتضى ضعفا فاقتضى فسادا فكان من ذلك شىء على غير ماأردناه فكان تصرفنا فيه غير تصرفنا فى الباقى وأنتم تشاهدون الكل على حد سوآء من نفوذ الامر وتمام التصرف

وفى التأويلات النجمية

{ وما مسنا من لغوب } لانها خلقت بأشارة أمر كن كما قال تعالى

{ وما امرنا الا واحدة كلمح البصر } فأنه يسمه اللغوب وانه صمد لايحدث فى ذاته حادث انتهى وهذا رد على جهله اليهود فى زعمهم ان اللّه بدأ خلق العالم يوم الاحد وفرغ منه يوم الجمعة واستراح يوم الست واستلقى على العرض سبحانه عما يقولون علوا كبيرا قال العلماء ان الذى وقع من التشبيه لهذه الامة انما وقع من اليهود ومنهم أخذ . يقول الفقير هذه الآية نظير قوله تعالى

{ أولم يروا ان اللّه خلق السموات والارض ولم يعى بخلقهن بقادر على أن يحيى الموتى } يدل عليه مابعد الآية وهو قوله

٣٩

{ فاصبروا على مايقولون } اى مايقوله المشركون فى شأن البعث من الاباطيل المبنية على الانكار واستبعاد فان من فعل هذه الافاعيل بلا فتور قادر على بعثهم والانتقام منهم واو ما يقوله اليهود من مقالات الكفر والتشبيه وغيرهم وفى تفسير المناسبات لما دل سبحانه على شمول العلم واحاطة القدرة وكشف فيهما الامر أتم كشف وكان علم الحبيب القادر بما يفعل العدو أعظم نذارة للعدو وبشارة للولى سبب عن ذلك قوله

{ فاصبر على مايقولون } اى على جميع الذى يقوله الكفرة وغيرهم انتهى وفيه اشارة الى تربية النفوس بالصبر على مايقول الجاهلون من كل نوع من المكروهات وتزكيتها من الصفات المذمومات ملازمة للذكر والتسبيحات والتحميدات كما قال

{ وسبح بحمد ربك } اى نزهه تعالى عن العجز عما يمكن وعن وقوع الخلف فى اخباره التى من جملتها الاخبار بوقوع البعث وعن وصفه بما يوجب التشبيه حال كونك ملتبسا بحمده على مانعم عليك من اصابة الحق وغيرها قال سهل فى الامالى سر اقتران الحمد بالتسبيح ابدا كمافى الآية وفى قوله

{ وان من شىء الا يسبح بحمده } ان معرفة اللّه تنقسم قسمين معرفة ذاته معرفة اسمائه وصفاته ولا سبيل الى اثبات احد القسمين دون الآخر واثبات وجود الذات من مقتضى العقل واثبات الاسماء والصفات من مقتضى الشرع فبالعقل عرفت المسمى وبالشرع عرفت المسمى ولا يتصور فى العقل اثبات الذات الا مع نفى سمات الحدوث عنها وذلك هو التسبيح ومقتضى العقل مقدم على مقتضى الشرع وانما جاء الشرع المنقول بعد حصول النظر والعقول فنبه العقول على النظر فعرفت ثم علمها مالم تكن تعلم من الاسماء فانضاف لها الى التسبيح الحمد والثناء فما أمرنا الا بتسبيحه بحمده

{ قبل طلوع الشمس وقبل الغروب } هما وقتات الفجر والعصر وفضيلتهما مشهورة فالتسبيح فيهما بمكان وفى طه قبل طلوع الشمس وقبل غروبها راعى القياس لان الغروب للشمس كما ان الطلوع لها

٤٠

{ ومن الليل فسبحه } اى وسبحه بعض الليل فقوله من الليل مفعول لفعل مضمر معطوف على سبح بحمد ربك يفسره فسبحه ومن للتبعيض ويجوز أن يعمل فيه المذكور ايضا ولا تمنع الفاء عن عمل مابعدها فيما قبلها كما يجبيىء فى سورة قريش وقال بعض الكبار قبل طلوع الشمس يعنى من اول النهار وقبل الغروب يعنى الى آخر النهار ومن الليل فسبحه يعنى من جميع الليل بدقر الوسع الطاقة . يقول الفقير ثبت ان بعض أهل الرياضة لم ينم سنين فيمكن له دوام الذكر والتسبيح كما قال تعالى

{ والذين هم على صلاتهم دآئمون } ويمكن أن يقال ان ذلك حال القلب لا حال القالب فان اكثر أهل اللّه ينامون ويقومون على مافعله النبى عليه السلام لكن قلوبهم يقظى وصلاتهم اى توجههم دآئمة فهم فى الذكر فى جميع آناء الليل والنهار

{ وأدبار السجود } واعقاب الصلوات واواخرها جمع دبر من أدبرت الصلاة اذا انقضت والركوع والسجود يعبر بهما عن الصلاة لانهما أعظم اركانها كما يعبر بالوجه عن الذات لانه اشرف اعضائها وفى تفسير المناسبات وسبح ملتبسا بحمد ربك قبل طلوع الشمس بصلاة الصبح وما يليق به من التسبيح وغيره وقبل الغروب بصلاة العصر والظهر وكذلك فالعصر أصل فى ذلك الوقت والظهر تبع لها ولما ذكر ماهو أدل على الحب فى المعبود لانه وقت الانتشار الى الامور الضرورية التى بها القوام والرجوع لقصد الراحة الجسدية بالاكل والشرب واللعب والاجتماع بعد الانتشار والانظمام مع ما فى الوقتين من الدلالة الظاهرة على طى الخلق ونشرهم اتبعه مايكون وقت السكون المراد به الراحة بلذيذ الاضطجاع والمنام فقال ومن الليل اى فى بعض اوقاته فسبحه بصلاتى المغرب والعشاء وقيام الليل لان الليل وقت الخلوات وهى ألذ المناجاة ولما ذكر الفرائض التى لا مندوحة عنها على وجه يشمل النوافل من الصلاة وغيرها اتبعها النوافل المقيدة بها فقال وادبار السجود اى الذى هو الاكمل فى بابه وهو صلاة الفرض بما يصلى بعده من الرواتب والتسبيح بالقبول ايضا والمعنى واللّه علم ان الاشتغال استمطار من المحمود المسبح للنصر على المكذبين وان الصلاة أعظم ترياق للنصر وازالة النصب ولهذا كان النبى عليه السلام اذا حزبه مر فزع الى الصلاة انتهى يقال حزبه الامر نابه واشتد عليه او ضغطه وفزع اليه لجأ وعن عمر وعلى رضى اللّه عنهما ادبار السجود الركعتان بعد صلاة المغرب وادبار النجوم الركعتان قبل صلاة الفجر وعليه جمهور المفسرين وعن النبى عليه السلام ( من صلى بعد المغرب ركعتين قبل ان يتكلم كتبت صلاته فى عليين ) وعنه عليه السلام ( ركعتا الفجر اى سنة الصبح خير من الدينا وما فيها )

وكان عليه السلام يقرأ فى الركعتين بعد المغرب والركعتين قبل صلاة الفجر قل ياأيها الكافرون وقل هو اله احد قاله ابن مسعود وعن مجاهد وادبار السجود هو التسبيح باللسان فى ادبار الصلوات المكتوبة وفى الحديث ( من سبح اللّه دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وكبر ثلاثا وثلاثين وحمد اللّه ثلاثا وثلاثين فذلك تسع وتسعين ثم قال تمام المائة لا اله الا اللّه وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير غفرت خطاياه وان كانت مثل زبد البحر ) وفى رواية اخرى عن ابى هريرة رضى اللّه عنه قالوا يارسول اللّه ذهب أهل الوفور بالدرجات والنعم المقيم قال ( وكيف ذلك ) قالوا صلوا كما صلينا وجاهدوا كما جاهدنا وانفقوا من فضول اموالهم واليست لنا اموال قال ( أفلا أخبركم بأمر تدركن به من كان قبلكم وتسبقون من جاء بعدكم ولا يأتى أحد ماجئتم به الامن جاء بمثله تسبحون فى دبر كل صلاة عشرا وتحمدون عشرا وتكبرون عشرا ) كما فى كشف الاسرار يقول الفقير لعل سر التثليث فى بيانه عليه السلام دآئر على التثليث فى بيانهم فانهم قالوا صلو او جاهدوا وانفقوا فقال عليه السلام ( تسبحون وتحمدون وتكبرون ) وفى تخصيص العشر فى هذه الحديث ورعاية لسر قوله تعالى

{ من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها } فان كل عشر اذا ضوعف افرادها بعشرة الامثال تبلغ الى المائة المشيرة الى الاسماء الحسنى التسعة والتسعين مع احديتها فاذا كان كل عشرة مائة يكون المجموع ثلاثمائة لكنه عليه السلام اراد أن يبلغ الاعداد المضاعفة الى الالف لتكون اشارة الى ألف اسم من اسمائه تعالى فزاد فى كل من التسبيح والتحميد والتكبير باعتبار اصوله حتى جعله ثلاثا وثلاثين وجعل تمام المائة القول المذكور فى الحديث الاول فيكون اصول الاعداد مائة بمقابلة المائة المذكورة وفروعها هى المضاعفات ألفا ليكون بمقابلة الألف المذكور فان قلت فأهل الوفور لايخلو من أن يقولوا ذلك فى أعقاب الصلوات فاذا لافضل للفقرآء عليهم قلت جاء فى حديث آخر ( اذا قال الفقير سبحان اللّه والحمد لله ولا اله الا اللّه واللّه اكبر مخلصا وقال الغنى مثل ذلك لم يلحق الغني الفقير من فضله وتضاعف لثواب وان انفق الغنى معها عشرة آلاف درهم ) وكذلك اعمال البر كلها فظهر فضلهم عليهم والحمد لله تعالى وفى الآية بيان فضيلة النوافل قال عليه السلام خطابا لأبى الدردآء رضى اللّه عنه ( ياعويمر اجتنب مساخط اللّه وأد فرآئض اللّه تكن عاقلا ثم تنفل بالصالحات من الاعمال تزدد من ربك قربا وعليه عزا ) وفى الحديث ( حسنوا نوافلكم فيها تكمل فرآئضكم ) وفى المرفوع ( النافلة هدية المؤمن الى ربه فليحسن احدكم هديته وليطيبها )

وفى الحديث ( ازدلفوا الى اللّه بركعتين ) اى تقربوا وفى الحديث القدسى ( ماتقرب عبد الى بمثل ادآء مافترضت عليه وانه ليتقرب الى بعد ذلك بالنوافل حتى أحبه ) والمراد بالنوافل نوافل الصلوات وغيرها ومنها سلوك الصوفية فانه يتقرب به السالك الى اللّه بأزالة الحجب المانعة عن النظر الى وجه اللّه الكريم قال الراغب القرب الى اللّه قرب روحانى بازالة الاوساخ من الجهل والطيش والغضب والحاجات البدنية بقدر طاقة البشر والتخلق بالاخلاق الالهية من العلم والحكمة والرحمة فى ترجمة الفتوحات المكية دراداى فرائض عبوديت اضطرارست ودر نوافل عبوديت اختبار ونفل در ركعت زائد را كويند وتودر اصل خود زائدى بر وجود حق تعالى جه اوبودوتونبودى وبوجود تووجود حادث زياده شد بس عمل نفل اشارت بوجودتست كه زائدست واصل تست وعمل فرض اشارت بوجود حق است كه اصلى كلى است بس دراداى فرائض بنده براى اوست ودر اداى نوافل براى خود وقتى كه د ركار او باشى هر آينه دوستر ازان داردكه دركار خد باشى وثمره اين حب كه دركار خودى است كه كنت سمعه وبصره ثمره آن حب كه دركار او باشى اعنى اعمال فرائض قياس كن كه جه كونه باشد وبدان كه در نفس نفل فرائض ونوافل هست اكر در فرض نقصانى واقع شده باشد بدان فرائض كه درضمن نفل است تمام كرده شود درخبر صحيح آمده است كه حق تعالى فرمايد كه درنماز بنده نكاه كنيد اكر تمام باشد تمام نويسند واكر ناقص باشد فرمايدكه ببينيدكه اين بنده را هيد تطوعى هست اكر باشد فرمايدكه فريضه بنده ربدان تطوعات تمام سازيد جون ركوع وسجود وسائر افعال كه نفل بى آن درست نيست كه سادمسد فرض شود حق تعالى اين فروض را درميانه نوافل نهاد تاجبر فرض بفرض باشد انتهى . قال بعض الكبار من أراد العلم الحق الذى لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فليكثر من الطاعات والنوافلحتى يحبه الحق فيعرف اللّه باللّه ويعرف جميع الاحكام الشرعية باللّه لابعقله ومن لم يكثر مما ذكر فليقدر به فيما أخبر الا يأولا فانه اولى من تقليد العقل . يقول الفقير دخل فى ادبار السجود والنوافل مثل صلاة الرغائب وصلاة البرآءة وصلاة القدر فان صلاة الرغائب تصلى بعد المغرب فى ليلة الجمعة الاولى من شهر اللّه رجب والثانية بعد العشاء فى ليلة النصف من شعبان والثالثة بعد العشاء ايضا فى ليلة القدر وتلك الصلوات من مستحسنات المشايخ المحققين لانها نوافل اى زوآئد على الفرآئض والسنن وهذا على تقدير أن لايكون لها اصل صحيح لكن ظهروها حادث ولا يقدح هذا الحدوث فى اصالتها على أن عمل المشايخ يكفى سندا فانهم ذووا الجناحين وقد أفردت لهذا الباب جزأ واحدا شافيا

٤١

{ واستمع } يا محمد لما يوحى اليك من أحوال القيامة وفى حذف مفعول استمع وابهامه ثم تفسيره بقوله يوم الخ تهويل وتفظيع للمخبر به كما يروى عن النبى عليه السلام انه قال سبعة ايام لمعاذ بن جبل رضى اللّه عنه يا معاذ اسمع ماأقول لك ثم حدث بعد ذلك والسمع ادراك المسموع بالاصغاء والفرق بين المستمع والسامع ان المستمع من كان قاصد للسماع مصغيا اليه والسامع من اتفق سماعه من غير قصد اليه فكل مستمع سامع من غير عكس

{ يوم يناد المناد } اصله ينادى المنادى قرأ ابو عمرو ونافع وابن كثير المنادى بالياء فى الوصل وهو الاصل فى اللغة والباقون بغير ياء لان الكسر بدل عليه واكتفى به والمنادى هو الملك النافخ فى الصور وهو اسرافيل عليه السلام والندآء نفخه سمى ندآء من حيث انه جعله علمنا للخروج وللحشر وانما يقع ذلك الندآء كأذان المؤذن وعلامات الرحيل فى العساكر

وقيل هو الندآء حقيقة فيقف على الصخرة ويضع اصبعه فى أذنيه وينادى أيتها العظام البالية والاوصال المتقطعة واللحوم المتمزقة والشعور المتفرقة ان اللّه يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء

وقيل اسرافيل ينفخ وجبرآئيل ينادى بالحشر

{ من مكان قريب } الى اسماء وهو صخرة بيت المقدس فان بيت المقدس أقرب من جميع الارض الى السماء بأثنتى عشر ميلا او ثمانية عشر ميلا وهو وسط الارض كما قاله على رضى اللّه عنه او من كان فى مكان قريب يصل ندآؤه الى الكل على سوآء ، يعنى آواز او بهمه جا برسد واز هيج موضعى دور نبود . وفى كشف الاسرار سمى قريبا لان كل انسان يسمعه من طرف اذنه

وقيل من تحت اقدامهم

وقيل من منابت شعورهم يسمع من كل شعرة ولعل ذلك فى الاعادة مثل كن فى البدء

٤٢

{ يوم } الخ بدل من يوم ينادى الخ

{ يسمعون } اى الارواح

وقيل الاجساد لانه يمدها أربعين سنة كما فى عين المعانى

{ الصيحة } وهى صيحة البعث التى هى النفخة الثانية والصيحة والصياح الصوت بأقصى الطاقة

{ بالحق } متعلق بالصيحة على انه حال منها والعامل فى الظرف مايدل عليه قوله تعالى

{ ذلك } اين روز

{ يوم الخروج } من القبور وهو من اسماء يوم القيامة وسمى يوم العيد يوم الخروج ايضا تشبيها به والمعنى يوم يسمعون الصيحة ملتبسة بالحق الذى هو البعث يخرجون من القبور الى المحاسبة ثم الى احدى الدارين اما الى الجنة

واما الى النار قال فى كشف الاسرار جون اين ندا در عالم دهد درخلق اضطرار افتدآن كوشتهاى وبوستهاى بوسيده واستخوانها ريزده خاك كشسته وذره ذره بهم برآميخته بعضى بشرق بعضى بغرب بعضى به بربعضى به بحر بعضى كركان خودره وبعضى مرفان برده همه باهم مى آيد وذره ذره بجاى خود باز ميشود هرجه درهفت اقليم خاكى جانور بوده ازابتدآء دور عالم تاروز رستاخيز همه باهم آيدتنها راست كردد وصورتها بيدا شود اعضا واجزاى مرتب ومركب كردد ذره كم منه وذره بيش نه موى اين بان نياميزد وذره ازان به اين نه يوندد آه صعب روزى كه حشر ونشرست روز جزاء خير وشرست ترازوى راستى آو يخته كرسىء قضا نهاده بساط هيبت باز كسترده همه خلق بزانو در آمده كه

{ وترى كل امة جاثية } دوزخ مى غردكه

{ تكاد تميز من الغيظ } زبانية درعاصى آويخته كه

{ خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه } هركس بخود در مانده واز خويش وبيوند بكريخته

{ لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه } آورده اند كه بيش از آمدن خلق ازخاك جبريل وميكائيل بزمين آيند براق مى آرندوحله وتارج ازبهر مصطفى صلوات اللّه عليه واز هول آنروز ندانندكه روضه سيد كجاست از زمين مى برسند وزمين ميكويد من ازهول رستا خيز ندانم كه دربطن خود جه دارم جبريل بشرق وغرب همى نكرد ازآنجاكه خوابكاه سيدست نورى برآيد جبريل آنجا شتابد سيد علام صلوات اللّه عليه ازخاك برآيد جنانكه درخبرست انا اول من تنشق عنه الارض اول سخن اين كويد اى جبرائيل حال امتم جيست خبر جه دارى كويد اى سيد او تو برخاسته ايشان درخاك اند اى سيد توحله دربوش وتاج بر سرنه وبر براق نشين وبمقام شفاعت رو تامت در رسند مصطفى عليه اسلا مهمى رودتا بحصرت عزت سجده آرد وحق راجل جلاله بستايد وحمد كويد از حق تعالى خطاب آيدكه اى سيد امروزنه روز خدمت است كه روز عطا ونعمت است نه روز سجود است كه روز كرم وجودست سر بردار وشفاعت كن هرجه تو خواهى آن كنم تودر دينا همه آن كردى كه مافر موديم ما امروز ترا آن ديهم كه توخاواهى

{ ولسوف يعطيك فترضى } قال المولى الجامى فى سلسلة الذهب

سويم افكن زمرحمت نظرى ... باز كن بر رخم زفضل درى

اب بجنبان بى شفاعت من ... منكر در كناه وطاعت من

مانده ام زير بار عصيان بست ... افتم ازباى اكر نكيرى دست

رحم كن برمن وفقيرىء من ... دست ده بهر دستكيرىء من

٤٣

{ انا نحن نحيى ونميت } فى الدنيا من غير أن يشار كنا فى ذلك أحد فتكرير الضمير بعد ايقاعه اسا للتأكيد والاختصاص والتفرد ( قال الكاشفى ) يعنى نطفه مرده راحيات مى دهيم وميرانيم ايشانرا دردنيا

{ والينا المصير } للجزآء فى الآخرة لا ألى غيرنا لا استقلالا ولا اشتراكا فليستعدوا للقائنا وفيه اشارة الى مراقبة القلوب بعد انقضاء اوقات الذكر لاستماع ندآء الهواتف الغيبية والالهامات الربانية والاشارات الالهية من مكان قريب وهو القلب يوم يسمع النفوس الصيحة من جانب الحق بتجلى صفاته ذلك يوم الخروج من ظلمات البشرية الى نور الروحانية والربانية انا نحن نحيى القلوب الميتة ويميت النفوس الحية والينا المصير لمن ماتت نفسه وحيى قلبه . واعلم ان الحشر حشر عام وهو خروج الاجساد من القبور الى المحشر يوم النشور وحشر خاص وهو خروج الارواح الاخروية من قبور الاجسام الدنيوية بالسير والسلوك فى حال حياتهم الى العالم الروحانى وذلك بالموت بالارادة عن الصفات الحيوانية النفسانية قبل الموت بالاضطرار عن الصورة الحيوانية وحشر اخص وهو الخروج من قبور الانانية الروحانية الى الهوية الربانية وكما ان الموت نوعان اضطرارى واختيارى فكذا الولادة الاضرارية بخلق اللّه تعالىلامدخل فيها الكسب العبد واختياره

واما اختيارية فانما تحصل بالكسب وهو الذى أشار اليه عيسى اليه السلام بقوله لن يلج ملكوت السموات من لم يولد مرتين

٤٤

{ يوم تشقق الارض عنهم } بحذف احدى التأءين من تتشقق اى تتصدع قال فى تاج المصادر التشقق شكافته شدن والمعنى بالفارسية بياد آر روزى راكه بشكافد زمين ودور شود ز آدميان يعنى مردكان بس بيرون آيند ازقبرها

{ سراعا } حال من المجرور وهو جمع سريع والسرعة صد البطىء ويستعمل فى الاجسام والافعاتل ويقال سرع فهو سريع واسرع فهو مسرع والمعنى حال كونهم مسرعين الى اجابة الداعى من غير التفات يمينا وشمالا هذا كقوله مهطعين الى الداع

{ ذلك } اين احياى ايشان ازقبور

{ حشر } بعث وجمع وسوق

{ علينا يسير } اى هين علينا نقول له كن فيكون وهو كلا . معادل لقول الكفرة ذلك رجع بعيد وتقديم الجار والمجرور لتخصيص اليسر به تعالى فان ذلك لايتيسر الا على العالم القادر لذاته الذى لايشغله شأن من شأن كما قال ماخلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة

٤٥

{ نحن اعلم بما يقولون } من نفى البعث وتكذيب الآيات الناطقة به وغير ذلك مما لاخير فيه وهو تسلية لرسول اللّه عليه السلام وتهديد لهم

{ وما أنت عليهم بجبار } بمسلط تقسرهم على الايمان او تفعل بهم ماتريد وانما انت مذكر هذا كقوله

{ انما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر } اى لست بمتسلط عليهم يخبرهم مما تريد واصل الجبر اصلاح الشىء بضرب من القهر والجبار فى اسم اللّه تعالى هو الذى جبر العباد على ماأراد

{ فذكر } بس بندكوى

{ بالقرءآن من يخاف وعيد } اى عظم بمواعظه فانهم المنتفعون به كما قال

{ فذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين }

واما من عداهم فنفعل بهم مايوجبه اقوالهم وتستدعيه اعمالهم من الوان العقاب وفنون العذاب كقوله { انما تنذر من اتبع الذكر وخشى الرحمن بالغيب }

درخير بازست هركز وليك ... نه هركس تواناست برفعك نيك

كسى راكه بندار درسر بود ... ميندار هركز كه حق بشنود

زعلمش ملال آيداز وعظ ننك ... شقايق بباران نرويد زسنك

بكوشش نرويد كل ازشاخ بيد ... نه زنكى به كرمابه كرد دسفيد

نيايد نكوكارى از بدر كان ... محالست دوزنكى ازسكان

توان باك كردن ززنك آينه ... وليكن نيايد زسنك آينه

كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يخطب بسورة فى كثير من الاوقات لاشتمالها على ذكر اللّه تعالى والثناء عليه ثم على عمله بما توسوس به النفوس وما تكتبه الملائكة على الانسان من طاعة وعصيان ثم تذكير الموت وسكرته ثم تذكير القيامة واهوالها والشهادة على الخلائق بأعمالهم ثم تذكير الجنة والنار ثم تذكير الصيحة والنشور والخروج من القبور ثم بالمواظبة على الصلوات قال السيوطى فى كتاب الوسائل اول من قرأ فى آخر الخطبة ان اللّه يأمر بالعدل والاحسان الآية عمر بن عبدالعزيز ولزمها الخطباء الى عصرنا هذا وكان النبى عليه السلام يقرأ ق وكان عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه يقرأ اذا الشمس كورت الى قوله ماأحضرت وكان عثمان بن عفان رضى اللّه عنه يقرأ آخر سورة النساء يستفتونك الآية وكان على بن ابى طالب رضى اللّه عنه يقرأ الكافرون والاخلاص ذكر ابن الصلاح وفى الحديث ( من قرأ سورة ق هون اللّه عليه تارات الموت وسكراته ) قيل تارات الموت افاقاته وغشياته كما فى حواشى سعدى المفتى رحمه الله

﴿ ٠