سُورَةُ الذَّارِيَاتِ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ سِتُّونَ آيَةً ١ { والذاريات ذروا } الواو للقسم والذاريات وما بعدها صفات حذفت موصوفاتها واقيمت هى مقامها والتقدير والرياح الذاريات وذروا مصدر عامله الذاريات يقال ذرت الريح الشىء ذروا وأذرته أطارته وأذهبته قال فى تاج المصادر الذرى داميدن . والمراد الرياح التى تذرو التراب وغيره ودانه را ازكاه جدا كنند كما فى تفسير الكاشفى روى عن كعب الاحبار قال لو حبس اللّه الريح عن الارض ثلاثة ايام مابقى على الارض شىء الانتن وعن العوام بن حوشب قال تخرج الجنوب من الجنة فتمر على جهنم فغمها منها وبركتها من الجنة وتخرج الشمال من جهنم فتمر على الجنة فروحها من الجنة وشرها من النار وقيل الشمال تمر بجنة عدن فتأخذ من عرف طيبها فتمر على ارواح الصديقين وعن عبداللّه بن شداد قال ان الريح من روح اللّه فاذا رأيتموها فاسألوا اللّه خيرها وتعوذوا منشرها وعن جابر رضى اللّه عنه قال هاجت ريح كادت تدفن الراكب من شدتها فقال عليه السلام ( هذه ريح أرسلت لموت منافق ) فقدمنا المدينة فاذا رأس من رؤوس المنافقين قد مات ( وروى ) عن على رضى اللّه عنه ان مساكين الريح تحت اجنحة الكروبيين حملة الكرسى فتهييج من ثمة فتقع بعجلة الشمس ثم تهيج من عجلة الشمس فتقع برؤوس الجبال فتقع فى البر فتأخذ الشمال وحدها من كرسى بنات النعش الى مغرب الشمس والنعش اربعة كواكب على شكل مربع مستطيل وخلفها ثلاثة كواكب تسمى البنات وتأتى الدبور وحدها من مغرب الشمس الى مطلع سهيل وتأتى الجنوب وحدها من مطلع سهيل الى مطلع الشمس وتأتى الصبا وحدها من مطلع الشمس الى كرسى بنات النعش فلا تدخل هذه فى حد هذه ولاهذه فى حد هذه قال ابن عمر الرياح ثمان اربع منها عذاب واربع منها رحمة مالرحمة فالناشرات والمبشرات والذاريات والمرسلات واما العذاب فالعاصفات والقاصب والصرصر والعقيم وأراد ابن عمر مافى القرءآن من الفاظ الرياح وعن ابى امامة رضى اللّه عنه قال قال رسول اللّه عليه السلام ( ليتبين قوم من امتى على اكل وشرب ولهو ولعب ثم ليمسخن قردة وخنازير وليصيبن اقواما من متى خسف وقذف بتخاذهم القيان وشربهم الخمور وضربهم بالدف ولبسهم الحيرير ولتنسفن احياء من امتى الريح كما نسفت عاد ) كما فى كتاب الامتاع فى احكام السماع والنسف بركندن بناء وكياه وداميدن جيزى . وفى الآية اشارة الى الرياح الصبحية بحمل انين المشتاقين المتعرضين لنفحات الالطاف الى ساحات العزة ثم تأتى بتنسيم نفحات الحق الى مشام اسرار المحبة فيجدون راحة من غلبات اللوعة وفى معناه انشدوا وانى لأستهدى الرياح نسيمكم ... اذا أقبلت من ارضكم بهبوب واسألهم حمل السلام اليكموا ... فان هى يوما بلغت فأجبى ( قال المولى الجامى ) نسيم الصبح زرمنى بى نجدو قبلها ... كه بودى دوست مى آيد ازان باكيزه منزلها ( وقال الكمال الخجندى ) صبا زدوست بيامى بسوى ماورد ... بهمد مان كهن دوستى بجا آورد براى جشم ضعيف رمد كرفته ما ... زخاك مقدم محبوب توتيا آورد وقال بعضهم المراد بالذاريات النساء الولود فانهن يذرين وهو بضم الياء بمعنى يذرون . يقول الفقير من لطف هذا المعنى مجاورته للفظ الحاملات والجاريات على ان من وجوه الحاملات النساء الحوامل وفيه بيان لفضل الولود على العقيم وكما قال عليه السلام ( سودآء ولود خير من حسناء عقيم ) ودل لفظ السودآء على سيادة الولود كسواد الحجر الاسود فانه من السيادة وذلك أن الولود مظهر الآثار ومطلع الانوار وكذلك ولود الانسان وهو الانسان الكامل وهو كالمصدر للافعال والجامد وهو الانسان الناقص لايصلح الا لان يكون آية يستدل بها كسائر الآيات التكوينية ومثاله لفظ انما فانه للتأكيد والحصر لاغير وذلك باعتبار الكف عن العمل فافهم الاشارة ٢ { فالحاملات وقرا } الوقر بالكسر اسم لما توقر أى تحمل والمراد هنا المطر ووقرا مفعول الحاملات والمعنى فالسحب الحاملة للمطر وبالفارسية بس بردارندكان باراكان يعنى ابرها كه ببارند ( روى ) عن خالد بن معدان قال ان فى الجنة شجرة تثمر السحاب فالسودآء التى نضجت تحمل المطر والبيضاء النبىء لاتحمل المطر وقال كعب السحاب غربال المطر ولولا السحاب لأفسد المطر ما أصاب من الارض وعن الحسن انه كان اذا نظر قال لاصحابه فيه واللّه رزقكم ولكن تحرمونه بخطاياكم واعمالكم وعن عكرمة قال ماأنزل اللّه من السماء قطرة الا انبت بها فى الارض عشبة اوفى البحر لؤلؤة وفى المطر حياة الارض فكأنه روحها وكذا فى الفيض الالهى حياة القلب والروح وفيه الشارة الى ان سحاب الطاف الربوبية تحمل امطار مراحم الالوهية فتمطر على قلوب الصدقين ٣ { فالجاريات يسرا } يسرا صفة لمصدر محذوف اى فلسفن الجارية فى البحر جريا يسيرا اى ذا يسر وسهولة وعن ابن عمر رضى اللّه عنهما قال البحر زق بيد ملك لم يغفل عنه ولو غفل عنه الملك لطم على الارض يعنى دريا خيكى است بدست فرشته غافل تمنى شودازوى فرشته واكر غافل شود برمى كند زمين را وفرومى كيرد وفى الحديث ( لايركبن رجل البحر الا غازيا او حاجا او معتمرفان تحت البحر نارا وان تحت النار بحرا وان تحت البحر نارا ) وقال كعب ما من ليلة الا والبحار تشرف على الخلائق فتقول يارب ائذن لنا حتى نغرق الخطائين فيأمرها تعالى بالسكون فتسكن وسأل سليمان بن داود عليهما السلام البحر فخرجت اليه دابة من البحر فجعلت تنسل من حيث طلعت الشمس حتى انتصف النهار تقول هذا ولما يخرج نصفى بعد فتعوذ باللّه من البحر ومن ملكه يعنى برسيد سليمان بن داود ازفرشته بحر بس بيرون آمد بسوى وى جانورى ازبحر بشتاب ازان زمان كه آفناب برآمد تانيم رزكفت هنوز نيم من بيرون نيامده است بس بناه كرفت سليمان بخدا ازبحر ازملك وى ، وفيه اشارة الى سفن وجود المحبين شراعها مرفوعة الى مهب رياح العناية فتجرى بها فى بحر التوحيد على أيسر حال ٤ { فالمقسمات امرا } الامر واحد الامور أريد به معنى الجمع وهو منصوب على ألمفعولية والمراد بالمقسمات الملائكة وايراد جمع المؤمث السالم فيهم بتأويل الجماعات اى فالملائكة التى تقسم الامور من الامطار والارزاق وغيرها وفى كشف الاسرار هذا كقوله { فالمدبرات امرا } قال عبدالرحمن بن سابط يدبر أمر الارض اربعة من الملائكة جبريل وميكائيل واسرافيل وملك الموت عليهم السلام فجبريل على الجنود والرياح وميكائيل على القطر والنبات وملك الموت على قبض الارواح واسرافيل يبلغهم مايؤمرون به وأضاف هذه الافعال الى هذه الاشياء لانها اسباب لظهورها كقوله تعالى خبرا عن جبريل { لاهب لكل غلاما زيكا } وانما اللّه هو الواهب الغلام لكن لما كان جبريل سبب ظهوره أضاف الهبة اليه والفاء لترتيب الاقسام بها باعتبار مابينها من التفاوت فى الدلالة على كمال القدرة يعنى ان المقصود من الاقسام بها ظاهرا هو تأكيد المحلوف عليه وهو البعث وكونه محقق الوقوع والمقصود الاصلى تعظيم هذه الاشياء لما فيها من الدلالة على كمال قدرته فيكون فى المعنى استدلالا على المحلوف عليه فكأنه قيل فمن قدر على انشاء هذه الاشياء الا يقدر على اعادة ما انشأه اولا كقول القائل لمن أنعم عليه وحق نعمك الكثيرة انى لاأزال أشكرك اتى بصورة القسم الدال على تعظيم النعم استدلالا به على انه مواظب لشكرها فاذا كان كذلك فالمناسب أن يقدم ماهو أدل على كمال القدرة والرياح أدل عليه بالنسبة الى السحب لكون الرياح اسبابا لها والسحب لغرابة ماهيتها وكثرة منافعها ورقة حاملها الذى هو الريح أدل عليه من السفن وهذه الثلاث لكونها من قبيل المحسوسات أدل عليه من الملائكة الغائبين عن الحسن لانه كلام من المنكر فربما ينكر وجود من هو غائب عن الحسن فلا يتم الاستدلال وقال سعدى المفتى فى بيان التفاوت المذكور فاما على التنزيل كما قوله عليه السلام ( رحم اللّه المحلقين والمقصرين ) بأن يقال الرياح أظهر فى الدلالة على كمال القدرة من السحب وهى من السفن والثلاث من الملائكة المقسمة لانه كلام مع الجاحد ويمكن ان ينكرها فكيف بجعلها أظهر مما هو محسوس على ماختاره صاحب الكشف واما على الترقى والقول بأن كلا منها آخره أدل على كمال القدرة مما قبله ولا اعتبار بأنكار من لاعبرة به فالمقسمات يدل على اقدار الروحانيات مع لطفاتها على التصرف فى الجمسانيات مع كثافتها ثم الجاريات المتألفة من جميع العناصر على مافيها من الصنعة البديعة والامور العجيبة من حمل الاثقال مع خفة الحامل ورقة المحمل وقطع المسافة الشاسعة فى زمان يسير بهبوب الرياح العاصفة ثم الحاملات تتألف من الاجزآء المائية والهوآئية وقليل من الاجزآء النارية والارضية وفيها غرآئب من الآثار العلوية ولا تتم الا بواسطة الرياح وعليك بالتأمل انهى. يقول الفقير سر الترتيب هو ان الرياح فوق السحاب الحاملة للمطر وهى فوق الماء الحامل للسفن وهو فوق الارض الظاهر اثر تدبير الملائكة فيها فأشار تعالى الى ان كل امر انماينزل من السماء وكل تأثير فى الارض انما يظهر من جانب العلو ومن ذلك وقوع البعث من القبور فمن قدر على اطهار الآثار فى الارض بالتأثيرات العلوية كان قادرا على البعث لانه من الآثار الارضية ايضا واللّه اعلم وفيه اشارة الى من ينزل من الملائكة المقربين لتفقد أهل الوصلة والقيام بأنواع من الامور لاهل هذه القصة فهؤلاء القوم يسألونهم عن أحوالهم هل عندهم خبر من فراقهم ووصالهم ويقولون بربكما ياصاحبى قفاليا ... اسئلكما عن حالكم فسألانيا ٥ { ان ماتوعدون لصادق } جواب للقسم وماموصولة والعائد محذوف اى ان الذى توعدونه من البعث والحساب او من الثواب والعقاب لصادق . يعنى هرآينه راست ودرست است ودران هيج خلافى نيست قال فى الارشاد ووصف الوعد بالصدق كوصف العيشة بالرضى فى ان اسم الفاعل مسند الى المفعول به اذا الوعد مصدوق والعيشة مرضية وقال ابن الشيخ اى لذو صدق على ان البناء للنسب كتامر لان الموعود لايكون صادقا بل الصادق هو الوعد ويجوز ان تكون ما مصدرية اى وعدكم او وعيدكم اذ يحتمل توعدون أن يكون مضارع وعد واوعد والثانى هو المناسب للمقام فالكلام مع المنكرين ٦ { وان الدين لواقع } اى وان الجزآء على الاعمال لحاصل وكائن لامحالة فان من قدر على هذه الامور البديعة المخالفة المقتضى الطبيعة فهو قادر على البعث الموعود قال بعضهم قد وعد اللّه المطيعين بالجنة والتائبين بالمحبة والاولياء بالقربة والعارفين بالوصلة والطالبين بالوجدان كما قال ألا من طلبنى وجدنى ووعد اللّه واقع البتة ومن اوفى بعده من اللّه واوعد الفاسقين بالنار والمصرين بالبغضاء والاعدآء بالبعد والجاهلين الغافلين بالفراق والبطالين بالفقدان قال بعضهم مالحكمة فى معنى القسم من اللّه تعالى فانه ان كان لاجل المؤمن فالمؤمن يصدق بمجرد الاخبار من غير قسم وان كان لاجل الكافر فلا يفيده والجواب ان القرءآن نزل بلغة العرب ومن عادتها القسم اذا أرادت أن تؤكد أمرا والحكم يفصل باثنين اما بالشهادة واما بالقسم فذكر اللّه فى كتابه النوعين حتى لابقى لهم حجة فقال شهد اللّه الآية ولا يكون القسم الا باسم معظم وقد أقسم اللّه بنفسه فى القرءآن فى سبعة مواضع والباقى من القسم القرءآنى قسم بمخلوقاته كما فى عنوان هذه السورة ونحوه والتين والزيتون والصفات والشمس والليل والضحى وغير ذلك فان قلت مالحكمة فى ان اللّه تعالى قد أقسم بالخلق وقد ورد النهى عن القسم بغير اللّه تعالى قال فى ترجمة الفتوحات حذركن كه بغير دين اسلام بدينى ديكر سوكند يادكنى ياكويى اكر جنين باشد از دين اسلام بيزارم ودرين صورت ازنهر احيتاط تجديد ايمان كن ونهى آمده است ازانكه كسى بغير اللّه سوكند يادكند انتهى . قلت فيه وجوه الاول انه على حذف المضاف اى ورب الذاريات ورب التين ورب الشمس والثانى ان العرب كانت تعظم هذه الاشياء وتقسم بها فنزل القرءآن على مايعرفون والثالث ان الاقسام انما يكون بما يعظمه المقسم او يجله وهو فوقه واللّه تعالى ليس شىء فوقه فاقسم تارة بنفسه وتارة بمصنوعاته لانها تدل على بارىء وصانع حكيم وقال بعضهم القسم بالمصنوعات يستلزم بالصانع لان ذكر المفعول يستلزم ذكر الفاعل اذ يستحيل وجود مفعول بغير فاعل وقال بعضهم ان اللّه تعالى يقسم بما شاء من خلقه وليس لاحد أن يقسم الا باللّه وقال بعضهم القسم اما لفضيلة او منفعة ولا تخلو المصنوعات عنهما ٧ { والسماء ذات الحبك } جمع حباك اوحبيكة كمثل ومثل وطريقة وطرق والمراد بالحبك الطرآئق اى الطرآئق المحسوسة التى هى مساير الكواكب او المعقولة التى يسلكها النظار ويتوصل بها الى المعارف كما قال الراغب الحبك هى الطرآئق فمن الناس من تصور منها الطرآئق المحسوسة بالنجوم والمجرة وهى بالفارسية كهكشان . وعن على رضى اللّه عنه ان السماء تنشق من المجرة يوم القيامة ومنهم من اعتبر بما فيه من الطرآئق المعقولة المدركة بالبصيرة والى هذا أشار بقوله { ان فى خلق السموات والارض } الى قوله { ربنا ماخلقت هذا باطلا } وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما ذات الخلق الحسن المستوى . درتبيان از ابن عمر رضى اللّه عنهما نقل ميكندكه مراد آسمان هفتم است وحق تعالى بدوسوكند ياد كند ٨ { انكم } ياأهل مكة { لفى قول مختلف } فى القرءآن اى متخالف متناقض وهو قولهم انه شعر وسحر وافترآء وأساطير الاولين وفى الرسول شاعر وساحر ومفتر ومجنون وفى القيامة فان من الناس من يقطع القول بأقرار ومنهم من يقطع القول بأنكار ومنهم من يقول أن نظن الا ظنا وهذا من التحير والجهل الغليظ فيكم وفى هذا الجواب تأييد لكن الحبك عبارة عن الاستواء كما يلوح به مانقل عن الضحاك ان قول الكفرة لايكون مستويا انما هو مناقض مختلف . يقول الفقير لعل الوجه فى هذا القسم ان القرءآن نازل من السماء وان النبوة امر سماوى فهم اختلفوا فى هذا الامر السماوى ظوا انه امر أرضى مختلف وليس كذلك وفى الآية اشارة الى سماء القلب ذات الطريق الى اللّه انكم أيها الطالبون الصادقون لفى قول مختلف فى الطلب فمنكم من يطلب منا ماعندنا من كمالات القربات ومنكم من يطلب منا مالدينا من العلوم والمعارف ومنكم من يطلبنا بجميع صفاتنا فلو استقمتم على الطريقة وثبتم ملازمين فى طلبه لبلغ كل قاصد مقصده ٩ { يؤفك عنه من افك } يقال أفكه عنه يأفكه افكا صرفه وقلبه او قلب رأيه كما فى القاموس ورجل مأفوك مصروف عن الحق الى الباطل كما فى المفردات اى يصرفه عن القرءآن او الرسول من صرف اذ لاصرف أفظع منه وأشد فكأنه لاصرف بالنسبة اليه عينى ان تعريف مصدر أفك للحقيقة وكلمة من للعموم فالمعنى كل من اتصف بحقيقة المصروفية يصرف عنه ويلزمه بعكس النقيض كل من لم يصرف عنه لم يتصف بتلك الحقيقة فكان كل صرف يغايره لاصرف بالقياس اليه لكماله وشدته وقال بعضهم يصرف عنه من صرف عى علم اللّه وقضائه يعنى هركه در علم خداى محروم باشد ازايمان بكتاب وبيغمبر هرآينه محرومست دلها همه محزون وحكرها خونست ... تاحكم ازل درحق هركس جونست وفيه اشارة الى ان فى قطاع الطريق على ارباب الطلب لكثرة فمن يصرفه عن طلبه قاطع من القطاع من النفس والهوى والدنيا وزينتها وشهواتها وجاهها ونعيما فصرف فقد حرم من متمناه وأهلكه هوه كما قيل نعوذ اباللّه من الحور بعد الكور وينادى عليه منادى العزة وكم مثلها فارقتها وهى تصفر ١٠ { قتل الخراصون } دعاء عليهم كقوله { قتل الانسان ماأكفره } واصله الدعاء بالقتل والهلاك ثم جرى مجرى لعن وقبح والخرص تقدير اقول بلا حقيقة ومنه خرص الثمار اى تقديرها مثلا تقدير ماعلى النخل من الرطب تمرا وكل قول مقول عن ظن وتخمين يقال له خرص سواء كان ذلك مطابقا للشىء او مخالفا له من حيث ان صاحبه لم يقله عن علم ولا غلبة ظن ولاسماع بل اعتمد فيه على الظن والتخمين كفعل الخارص فى خرصه وكل من قال قولا على هذا النحو ويسمى كاذبا وان كان قوله مطابقا للقول المخبر به كما قالت عالى فى شهادة المنافقين لكاذبون فالخراصون الكذابون المقدرون مالا صحة له وهم اصحاب القول المختلف كأنه قيل قتل هؤلاء الخراصون فاللام للعهد اشارة اليهم وعن مجاهدتهم الكهنة ١١ { الذين هم } لفظ هم مبتدأ وخبره قوله { فى غمرة } من الجهل والضلال تغمرهم وتغشاهم عن امر الآخرة قال الراغب أصل الغمر ازالة اثر الشىء ومنه قبل للماء الكثير الذى يزيل اثر مسيله غمر وغامر وبه شبه الرجل السخى والفرس الشديد العد وفقيل لهما غمر كما شبها بالبحر والغمرة معظم الماء الساترة لمقرها وجعلت مثلا للجهالة التى تغمر صاحبها والى نحوه أشار بقوله { فأغشيناهم } وقيل للشدآئد غمرات قال تعالى { فى غمرات الموت } وقال الشاعر قال العواذل اننى فى غمرة ... صدقوا ولكن غمرتى لا تتجلى { ساهون } خبر بعد خبر اى غالفون عما امروا به قال بعضهم الغمرة فوق الغفلة والسهو دون الغفلة قال الراغب السهو خطأ عن غفلة وذلك ضربان احدهما ان لايكون من الانسان جوالبه وموالداته كمجنون سب انسانا والثانى أن يكون مولداته كمن شرب خمرا ثم ظهر منه منكر لاعن قصد الى فعله فالاول معفو عنه والثانى مأخوذ به وعلى الثانى ذم اللّه تعالى فقال { الذين هم فى غمرة ساهون } وفى كشف الاسرار الخراصون هم القتسمون الذين اقسموا عقاب مكة واقتسموا القول فى النبى عليه السلام ليصرفوا الناس عن دين الاسلام يعنى ان أهل مكة أقاموا رجالا على عقاب مكة يصرفون الناس يعنى بوقت ورود قوافل برعقاب مكة نشتتندى وهريك در حق مصطفى عليه السلام بآينده ورونده دروغ كفتندى ومرد مانرا از صبحت شريف وى باز داشتندى حق تعالى ايشانرا لعنت كرده . قال ابو الليث فمنهم من يأخذ بقولهم ويرجع ومنهم من لايرجع وفى الآية اشارة الى أهل الدعوى الذين هم فى غمرة الحسبان والغرور وهم ملعونون اى مطرودون عن مقامات أهل الطلب فانه ليس لهم طلب ولو طلبوا الوجدوا ما وجد أهل الطلب قال سهل رضى اللّه عنه توضأ فى يوم جمعة فمضيت الى الجامع فى ايام البداية فوجدته قد امتلأ بالناس وهم الخطيب أن يرقى المنبر فأسأت الأدب ولم ازل اتخطى رقاب الناس حتى وصلت الى الصف الاول فجلست فاذا هو عن يمينى شاب حسن المنظر طيب الرآئحة عليه اطمار صوف فلما نظر الى قال كيف نجدك ياسهل قلت بخير أصلحك اللّه وبقيت متفكرا فى معرفته لى وانا لم أعرفه فبينما أنا كذلك اذ أخذنى حرقان بول فأكرى فبقيت على وجل خوفا ان أتخطى رقاب الناس وان جلست لم تكن لى صلاة فالتفت الى وقال ياسهل أخذك حرقان بول قلت اجل فنزع احرامه عن منكبه فغشانى به ثم قال القض حاجتك واسرع فالحق الصلاة قال فغمى على وفتحت عينى واذا بباب مفتوح وسمعت قائلا يقول لج الباب يرحمك اللّه فولجت واذا بقصر مشيد عالى البناء شامخ الاركان واذا بنخلة قائمة والى جنبها مطهرة مملوءة ماء أحلى من الشهد ومنزل اراقة الماء ومنشفة معلقة وسواك فحللت لباسى وارقت الماء ثم اغتسلت وتنشفت بالمنشفة فسمعت ينادينى فيقول ان كنت قضيت اربك فقل نعم فقلت نعم فنزع الاحرام عنى فاذا انا جالس فى مكانى ولم يشعر بى احد فبقيت متفكرا فى نفسى وانا مكذب نفسى فيماجرى فقامت الصلاة وصلى الناس فصيلت معهم ولم يكن لى شغل الا الفتى لأعرفه فلما فرغ تبعت أثره فاذا به قد دخل على درب فالتفت الى وقال ياسهل كأنك ماأيقنت بما رأيت قلت كلا لج الباب يرحمك اللّه فنظرت الباب بعينه فولجت القصر فنظرت النخلة والمطهرة والحال بعينهوالمنشفة مبلولة فقلت آمنت باللّه فقال ياسهل من أطاع اللّه أطاعه كل شىء ياسله اطلبه تجده فتغرغرت عيناى بالدموع فمستحها وفتحتها فلم أر الفتى ولا القصر فبقيت متحسرا على ما فاتنى منه ثم اخذت فى العبادة ١٢ { يسألون } اى الكفار فيقولون { ايان يوم الدين } بحذف المضاف من اليوم واقامة المضاف اليه مقامه فلا يرد ان ظرف الزمان لايقع خبرا الا عن الحدث وفى النظم أخبر به عن الزمان اى متى وقوع يوم الجزآء لكن لا بطريق الاستعلام حقيقة بل بطريق الاستعجال استهزاء ١٣ { يوم هم على النار يفتنون } جواب للسؤال انتصب يوم يفعل مضمر دل عليه السؤال اى يقع يوم هم على النار يحرقون ويعذبون بها كما يفتن الذهب بالنار يقال فتنت الشىء اى احرقت خبثه لتظهر خلاصته فالكافر كله خبث فيحرق كله ويجوز أن يكون خبر المبتدأ محذوف اى هو يوم هم والفتح لاضافته الى غير متمكن ١٤ { ذوقوا فتنتكم } اى مقولا لهم هذه القول اذا عذبوا والقائل خزنة النار او ذوقوا اجزآء تكذيبكم كما فى قوله تعالى { ثم لم تكن فتنتهم } اى كفرهم مرادا به عاقبته قال الراغب اصل الفتن ادخال الذهب النار ليظهر جودته من ردآءته ويستعمل فى ادخال الانسان النار وقوله تعالى { ذوقوا فتنتكم } اى عذابكم وتارة يسمون مايحصل منه العذاب فيستعمل فى نحو قوله تعالى { ألا فى الفتنة سقطوا } وتارة فى الاختبار نحو قوله { وفتناك فتونا } { هذا الذى كنتم به تستعجلون } جملة من مبتدأ وخبر داخلة تحت القول المضمر وهذا اشارة الى مافى الفتنة من معنى العذاب اى هذا العذاب ما كنتم تستعجلون به فى حياتكم الدنيا وتقولون متى هذا الوعد بطريق الاستهزاء ويجوز ان يكون هذا بدلا من فتنتكم بتأويل العذاب والذى صفته وفيه اشارة الى أهل المكر والدعوى الذين استبطأوا حصول المرام فيسألون ايان يوم الدين وهم فى ظلمة ليل الدنيا مستعجلين فى استحباح نهار الدين فأجابتهم عزة الجبروت عن الكبرياء والعظموت يوم هم على نار الشهوات يفتنون بعذاب البعد والقطيعة يعذبون ذوقوا عذاب فتنتكم التى قطعت عليكم طريق الطلب هذا الذى كنتم به تملون من الطلب وتستعجلون الظفر بالمقصود . قال الشيخ ابو الحسن الشاذلى كنت انا صاحب لى قد أوينا الى مغارة نطلب الدخول الى اللّه وأقمنا فيها ونقول يفتح لنا غدا او بعد غد فدخل علينا يوما رجل ذو هيبة علمنا انه من اولياء اللّه فقلنا له كيف حالك فقال كيف يكون حال من يقول يفتح لنا غدا او بعد غد يانفس لم لاتعبدين اللّه اللّه فتيقظنا وتبنا الى اللّه فبعد ذلك فتح علينا ففيه اشارة الى ترك الاستعجال فى طريق الطلب والى الاخذ بالاخلاص والى العمل وفق اشارة المرشد ودلالة الانبياء حتى يتخلص الطالب من عذاب الوجود ويرتفع الحجاب ويحصل الشهود بكمال الفيض والجود واما العمل بالنفس فيزيد فى وجودها واقف نمى شوندكه كمكرده اندراه ... تارهروان براهنمايى نمى رسند فالمرشد اذا لابد منه فان المريد ضعيف والشيخ كالحائط المستحكم ( كما قال الشيخ سعدى ) مريدان زطفلان بقوت كمند ... مشايخ جو ديوار مستحكمند ( وقال الصائب ) برهدف دستى ندارد تيرنى زور كمان ... همت بيران جوانانرا بمنزل ميبرد نسأل اللّه سبحانه أن يدلنا على سلوك طريقه ويوصلنا الى جنابه بتوفيقه انه هو الحكيم الرحيم ١٥ { ان المتقين } عن الكفر والمعصية والجهل والميل الى ماسوى المولى و المتصفين بالايمان والطاعة والمعرفة والتوجيه الى الحضرة العليا { فى جنات } اى بساتين لايعرف كنهها فالتنكير للتعظيم ويجوز أن يكون للتكثير كما فى قوله ان له لا بلا وان له لغنما واعلرب تسمى النخيل جنة { وعيون } اى انهار جارية اى تكون الانهار بحيث يرونها وتقع عليها أبصارهم لا انهم فيها وعن سهل رضى اللّه عنه التقى فى الدنيا فى جنات الرضى يتقلب وفى عيون الناس يسبح وقال بعضهم فى جنات قلوبهم وعيون الحكمة عى عاجلهم وفى جنات الفضل وعيون الكرم فغدا تجلى ودرجات واليوم مناجاة وقربات ١٦ { آخذين ماآتاهم ربهم } حال من الضمير فى الجار اى قابلين لكل ماأعطاهم من ثواب راضين به على معنى ان كل ماأعطاهم حسن مرضى متلقى بالقبول ليس فيه مايرد لانه فى غاية الجودة ومنه قوله ويأخذ الصدقات اى يقبلها ويرضاها قال بعضهم آخذين ماآتاهم بهم اليوم بقلوب فارغة الى اللّه من اصناف الطافه وغدا يأخذون ومايعطيهم ربهم فى الجنة من فنون العطاء والرفد ثم علل استحقاقهم ذلك بقوله { انهم كانوا قبل ذلك } قبل دخول الجنة اى فى الدنيا { محسنين } ١٧ { كانوا قليلا من الليل مايهجعون } الهجوع النوم بالليل دون النهار وما مزيدة لتأكيد معنى التقليل فانها تكون لافادة التقليل كما فى قولك اكلت اكلاما وقليلا ظرف ويهجعون خبر كانوا اى كانوا يهجعون فى طائفة قليلة من الليل او صفة مصدر محذوف اى كانوا يهجعون هجوعا قليلا من اوقات الليل يعنى يذكرون ويصلون اكثر الليل وينامون اقله ولا يكونون مثل البطالين الغافلين النائمنين يعنى يذكرون ويصلون اكثر الليل وينامون اقله ولا يكونون مثل البطالين الغافلين النائمين الى الصباح وقال بعض أهل الاشارة فيه اشارة الى ان أهل الاحسان وهم أهل المحبة والمشاهدة لاينامون بالليل لان القلة عبارة عن العدم معنى عدم نومهم ماأشار اليه صلّى اللّه عليه وسلّم بقوله ( نوم العالم عبادة ) فمن يكون فى العبادة لايكون نائما قيل نزلت الآية فى شأن الانصار رضى اللّه عنهم حيث كانوا يصلون فى مسجد النبى صلى عليه السلام ثم يمضون الى قبا وبينهما ميلان وهما ساعة واحدة بالساعة النجومية ( وقال الكاشفى ) اشهر آنست كه خواب نكردندى تا نماز خفتن اذا نفر مودندى ووقت آنرا دراز كشيدندى . وعن جعفر بن محمد انه قال من لم يهجع مابين المغرب والعشاء حتى يشهد العشاء فهو منهم وعن ابى الدردآء رضى اللّه عنه قال سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم اى صلاة الليل أفضل قال ( فى نصف الليل وقيل فاعله ) ( وقال بعضهم ) نركس اندر خواب غفلت يافت بلبل صد وصال ... خفته نابينا بوددولت به بيداران رسد ( وفى المثنوى ) درد بشتم داد حق تامن زخواب ... برجهم درنيم شب باسوز وتاب درد دها بخشيد حق ازلطف خوبش ... تاخسبم جلمه شب جون كاو ميش قال داود بن رشيد من اصحاب محمد بن الحسن قمت ليلة فأخذنى البرد فبكيت من العرى فنمت فرأيت قائلا يقول ياداود انمنا هم وأقمناك فتبكى علينا فما نم داود بعد تلك الليلة . روزى شاكردى از شاكردان ابو حنيفة رحمه اللّه اورا كفت مردمان مى كويند كه ابو حنيفة هيج بشب نمى خسبد كفت نيت كردم كه هركز ديكر نخسبم لما قال تعالى { ويحبون ان يحمدوا بما لم يفعلوا } ومن نخواهم كه ازان قوم باشم كه ايشانرا بجيزى كه نكرده باشند ياد كنند بعد ازان سى سال نماز بامداد بطهارت نماز خفتن كزارد . قال الشيخ ابو عمرو فى سبب توبته سمعت ليلة حمامة تقول يا أهل الغفلة قوموا الى ربكم رب كريم يعطى الجزيل ويغفر الذنب العظيم فلما سمعت ذلك ذهبت عنى ثم لما جئت الى وجدت قلبى خاليا عن حب الدنيا فلما اصبحت لقيت الخضر عليه السلام فدلنى على مجلس الشيخ عبدالقادر الكيلانى رضى اللّه عنه فدخلت عليه وسلمت نفسى اليه ولازمت بابه حتى جمع اللّه لى كثيرا من الخير ١٨ { وبالاسحار هم يستغفرون } السرح السدس الاخير من الليل لاشتباهه بالضياء كالسحر يشبه الحق وهو باطل اى هم مع قلة هجوعهم وكثرة تهجدهم بداومون على الاستغفار فى الاسحار كأنهم اسلفوا فى ليلهم الجرآئم . واين دليل آنست كه بعمل خود معجب نبوده اند وازان حساب نداشته طاعت ناقص ماموجب غفران نشود ... ضيم كر مدد علت عصيان نشود وفى بناء الفعل على الضمير المفيد للتخصيص اشعار بانهم الاحقاء يوصفوا بالاستغفار كأنهم المختصون به لاستدامتهم له واطنابهم فيه وفى بحر العلوم تقديم الظرف للاهتمام ورعاية الفاصلة وعن الحسن كانوا لاينامون من الليل الا اقله وربما نشطوا فمدوا الى السحر ثم اخذوا بالاسحار فى الاستغفار وفى التأويلات النجمية يستغفرون من رؤية عبادات يعملونها فى سهرهم الى الاسحار بمنزلة العاصين يستغفرون استصغارا لقدرهم واستحقارا لفعلهم عذر تقصير خدمت آوردم ... كه ندارم بطاعت استظهار عاصيان ازكناه توبه كنند ... عارفان ازعبادت استغفار اى من التقصير فى العبادة او من رؤيتها قيل يارسول اللّه كيف الاستغفار قال ( قولوا اللهم اغفر لنا وارحمنا وتب علينا انك أنت الرحيم ) وقال عليه السلام ( توبوا فانى اتوب الى اللّه فى كل يوم مائة مرة ) وفى الحديث ( ان اللّه ليرفع الدرجة للعبد الصالح فيقول يارب أنى لى هذه فيقول بالاستغفار ولدك لك اى بأن قال رب اغفر لى ولوالدى ) وفى بعض الاخبار ( ان احب احبائى الى الذين يستغفرون بالاسحار اولئك الذين اذا أردت بأهل الارض شيأ ذكرتهم فصرفت بهم عنه ) ( قال الحافظ ) هركنج سعادت كه خداداد بحافظ ... ازيمن دعاى شب وورد سحرى بود ( وقال ) در كوى عشق شوكت شاهى نمى خرند ... اقرار بندكى كن ودعوى جاكرى ( وفى المثنوى ) كفت آنكه هست خورشيد راه او ... حرف طوبى هركه زلت نفسه ظل ذلت نفسه خوش مضجعست ... مستعدان صفارا مهجعست كرازين سايه روى سوى منى ... زود طاغى كردى وره كم كنى وقال الكلبى ومجاهد وبالاسحار هم يصلون وذلك ان صلاتهم بالاسحار لطلب المغفرت وفى الحديث ( من تعار من الليل ) هذا من جوامع الكلم لانه يقال تعار من الليل اذا استيقظ من نومه مع صوت كذا فى الصحاح وهذه اليقظة تكون مع كلام غالبا فأحب النبى عليه السلام أن يكون ذلك الكلام تسبيحا وتهليلا ولا يوجد ذلك الا ممن استأنس بالذكر ( فقال لا اله الا اللّه وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير الحمد لله وسبحان اللّه واللّه اكبر ولا حول ولاقوة الا باللّه ثم قال اللهم اغفر لي او دعا ) اى بدعا آخر غير قوله اللهم اغفر لى ( استحيب له ) هذا الجزآء مترتب على الشروط المذكورة والمراد بها الاستجابة اليقينية لان الاحتمالية ثابتة فى غير هذا الدعاء ولو لم يدع المتعار بعد هذا الذكر كان له تواب لكنه عليه السلام لم يتعرض له ( قال توضأ وصلى قبلت صلاته ) فريضة كانت او نافلة وهذه المقبولية اليقينية مترتبة على الصلاة المتعقبة لما قبلها وفى الخبر الصحيح ( ينزل اللّه السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل فيقول انا الملك من الذى يدعونى فأستجيب له من الذى يسألنى فأعطيه من الذى يستغفرنى فأغفر له ) وكان النبى عليه السلام اذا قام من الليل يتهجد قال ( اللهم لك الحمد أنت الحق و وعدك حق ولقاؤك حق وقولك حق والجنة حق والنار حق والنبيون حق ومحمد حق والساعة حق اللهم لك أسلمت وربك آمنت وعليك توكلت واليك أنبت وبك خاصمت واليك حاكمت فاغفر لى ماقدمت وما أخرت وما أسررت وما اعلنت أنت المقدم وأنت المؤخر لا اله الا أنت ولا حول ولا قوة الا بك ) قال داود عليه السلام ياجبرآئيل اى الليل أفضل قال لاأدرى الا ان العرش يهتز وقت السحر ولا يهتز العرض الا لكثرة تجليات الهل اما تلقيا وفرحا لأهل السهرو اما طربا لأنين المذنبين والمستغفرين فى ذلك الوقت واما تعجبا لكثرة عفو اللّه ومغفرته واجابته للادعية فى ذلك الوقت واما تعجبا من حسن لطف اللّه فى تحننه على عباده الآبقين الهاربين منه مع غناه عنهم وكثرة احتياجهم اليه تعالى ثم مع ذلك هم غافلون فى نومهم وهو يتوجه اليهم ويدعوهم بقوله هل من سائل هل من مستغفر هل من تائب هل من نادم وقوله من يقرض غير عدوم ولا ظلوم واما تعجبا من غفلات اهل الغفلة بنومهم فىمثل ذلك الوقت وحرمانهم من البركة واما لانواع قضاء اللّه وقدره فى ذلك الوقت من الخيرات والشرور والليل اما للاحباب فى انس المناجاة واما للعصاة فى طلب النجاة والسهر لهم فى لياليهم دآئم او لفرط أسف ولشدة لهف واما للاشتياق او للفراق كما قالوا كم ليلة فيك لاصباح لها ... افنيتها قابضا على كبدى قد غصت العين بالدموع وقد ... وضعت خدى على بنان يدى واما لكمال انس وطيب روح كما قالوا سقى اللّه عيشا نضيرا مضى ... زمان الهوى فى العصبى والمجنون لياليه تحكى السداد اللحاظ ... للعين عند ارتداد الحفون واعلم ان اللّه سبحانه امر نبيه صلّى اللّه عليه وسلّم بأحياء الليل لان هذه الطريقة اقرب طريق الى اللّه للمقبل الصادق وما يطيقها الا المتمكن الصابر العابر من كل عائق وفى الحديث ( فرض على قيام الليل ولم يفرض عليكم وذلك لا انه روح العالم ومداره فكيف يكون اللّه ولى بخيل بنفسه على اللّه متكاسل وبتكاسله يخرب العالم ويشتد جهل اهله كما ان الروح اذا ضعف اختل الجسد وقواه ومن هنا عرفت شدة توعل الاتقياء فى العبادات وكلما قرب الانسان من الكمال اشتد تكليفه فاعرف هذا ) ( ويروى ) ان الياس النبى عليه السلام أتى اليه ملك الموت ليقبضه فبكى فقال له اتبكى وأنت راجع الى ربك فقا بل ابكى على ليالى الشتاء ونها رالصيف الاحباب يقومون ويصومون ويخدمون ويتلذذون بمناجاة محبوبهم وانا رهين التراب فأوحى اللّه اليه قد أجلناك الى يوم القيامة لحبك خدمتنا فتمتع ( قال الحافظ ) دع التكاسل تغنم . فقد جرى مثل كه زاد را هروان جستيست وجالاكى ١٩ { وفى اموالهم حق } اى نصيب وافر يستوجبونه على انفسهم اى يعدونه واجبا عليهم ويلزمونه تقربا الى اللّه واشفاقا على الناس فليس المراد بالحق ما اوجبه اللّه عليهم فى اموالهم فاندفع به ماعسى يقال كيف يمدح المرء بانه يثبت فى ماله حق للفقرآء فمن يمنع الزكاة من الاغنياء يوجد فيهم هذا المعنى ولايتسحقون المدح { للسائل } لحاجة المستجدى اى طالب الجدوى والنفع { والمحروم } اى المتعفف الذى يحسبه الناس غنيا فيحرم الصدقة وفى القاموس المحروم الممنوع من الخير ومن لاينمى له مال وفى المفردات اى الذى لم يوسع عليه فى الرزق كما وسع على غيره بل منع من جهة الخير وفى بحر العلوم وانما خصصه بالسائل والمحروم ولم يذكر سائر المستحقين لان ذلك حق سوى الصدقة المفروضة بدليل قوله عليه السلام ( ان فى المال حقا سوى الزكاة ) انتهى يعنى فى المال حق واجب سوى الزكاة وهو الحقوق التى تلزم عند مايعرض من الاحوال من النفقة على الوالدين اذا كانا فقيرين وعلى ذى الرحم المحرم وما يجب من طعام المضطر وحمل المنقطع ونحو ذلك وفى الحديث ( ويل للاغنياء من الفقرآء يوم القيامة يقولون ربنا ظلمونا حقوقنا فيقول اللّه لأقربنكم اليوم ولأبعدنهم ) وتلا الآية فلا بد من الانفاق وهو من احسن الاخلاق ( قال الحافظ ) جه دوزخى جه بهشتى جه آدمى جه ملك ... بمذهب همه كفر طريقتست امساك ( وقال الشيخ سعدى ) از زر وسيم راحتى برسان ... خويشتن هم تمتعى بركير جونكه اين خانه ازتوخوهد ماند ... خشتى ازسيم وخشتى اززر كير وفى الحديث ( ان اللّه ثلاثمائة وستين خلقا من لقيه بخلق منها مع التوحيد دخل الجنة ) قال ابو بكر رضى اللّه عنه هل فى منها يارسول اللّه قال ( كلها فيك يابا بكر واحبها الى اللّه السخاء ) ( حكى ) ان الشيخ الشبلى قدس سره أشار الى اصحابه بالتوكل فلم يفتح عليهم بشىء ثلاثة ايام ثم قال لهم ان اللّه تعالى قد أباح الكسب بقوله { هو الذى جعل لكم الارض ذلولا فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه } فخرج واحد منهم فأعياه الجوع وجلس عند حانون طبيب نصرانى فعرف الطبيب جوعه من نبضه فأمر غلامه بالطعام فقال الفقير قد ابتلى بهذه العلة اربعون رجلا فأمر غلامه بحمل الطعام اليهم ومشى خلفه فلما وصل الطعام اليهم قال الشبلى لاينبغى أن تأكلوا قبل المكافأة بالدعاء فدعوا له فلما سمع الطبيب دعاءهم دخل وأسلم فظهر معنى قوله { هل جزآء الاحسان الا الاحسان } فجزآء احسان الطبيب النصرانى بالطعام الاحسان من عباد اللّه بالدعاء ومن اللّه بتوفيق الاسلام وفى الآية اشارة الى ما آتاهم اللّه من فضله من المقامات والكمالات انه فيها حق للطالبين الصادقين اذا قصدوهم من اطراف العالم فى طلبها اذا عرفوا قدرها والمحروم من لم يعرف قدر تلك المقامات والكمالات فما قصدوهم فى طلبها فلهم فى ذمة كرم هؤلاء الكرام حق التفقد والنصح فان الدين النصيحة فانهم بمنزلة الطبيب والمحروم بمنزلة المريض فعلى الطبيب أن يأتى الى المريض ويرى نبضه ويعرف علته ويعرفه خطره ويأمره بالاحتماء من لك مايضره ويعاجله بأدوية تنفعه الى أن يزيل مرضه وتظهر صحته كذا فى التأويلات النجمية ٢٠ { وفى الارض آيات للموقنين } الايقان بى كمان شدن . اى دلائل واضحة على وجود الصانع وعلمه وقدرته وارداته و وحدته وفرط رحمته من حيث انها مدحوة كالبساط الممهد وفيها مسالك وفجاج للمتقلبين فى اقطارها والسالكين فى مناكبها وفيها سهل وجبل وبر وبحر وقطع متجاورات وعيون منفجرة ومعادن متفننة وانها تلقح بألوان النبات وانواع الاشجار وأصناف الثمار المختلفة الالوان والطعوم والروآئح وفيها دواب منبثة قد ربت كلها ودبر لمنافع ساكنيها ومصالحهم فى صحتهم واعتلالهم وقال الكلبى عظات من آثار من تقدم وفى التأويلات النجمية منها اى من تلك الآيات انها تحمل كل شىء فكذا الموقن العارف يحمل كل حمل من كل احد ومن استثقل حملا او تبرم برؤية احد ساقه اللّه اليه فلغيبته عن الحقيقة ومطالعته الحق بعين التفرقة واهل الحقائق لايتصفون بهذه الصفة منها انها يلقى عليها قذارة وقمامة فتنبت كل زهر ونور وورد وكذلك العارف يتشرب مايسقى من الجفاء ولايترشح الا بكل خلق على وشيمة زكية ومنها ان ما كان منها سبخا يترك ولا يعمر لانه لايحتمل العمارة كذلك من الايمان له بهذه الطريقة يهمل فان مقابلته بهذه القصة كألقاء البذر فى الارض السبخة انتهى قال حضرت الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر ولاتبذر السمرآء فى الارض عميان . يعنى بيان الحقائق الذى هو غذآء القلب والروح كالسمرآء يعنى الحنطة للجسم وقوله فى الارض عميان يعنى فى ارض استعداد هذه الطوائف الذين لايبصرون الحق ولايشاهدونه فى جميع الاشياء وفى حقائق البقلى آيات الارض ظهور تجلى ذاته وصفاته فى مرءآة الاكوان كما ظهر من الطور لموسى عليه السلام ما ظهر من المصيصة لعيسى عليه السلام وهى بكسر الميم مدينة على ساحل البحر الرومى بجوار طرسوس السيس وما ظهر لمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم من جبال مكة الاترى الى قوله عليه السلام جاء اللّه من سينا واستعين بساعة وأشرق من جبال فاران اى جبال مكة وفى القاموس فاران جبال مذكورة فى التوراة منها بكر ابن القاسم ٢١ { وفى انفسكم } اى فى انفسكم آيات اذ ليس فى العالم شىء شالا وفى الانفس له نظير يدل دلالته على ماسبق تطبيق العالم الصغير بالكبير فى اواخر السجدة عند قوله { سنريهم آياتنا } الخ مع ما انفرد به من الهيئات النافعة والمناظر البهية والتركيبات العجيبة والتمكن من الافعال البديعة واستنباط الصنائع المختلفة واستجماع الكمالات المتنوعة وفى بحر العلوم وفى الارض دلائل من انواع الحيوان والاشجار والجبال والانهار وفى أنفسكم آيات لهم من عجائب الصنع الدالة على كمال الحكمة والقدرة والتدبير والارادة فيكن تخصيصا بعد تعميم لان أنفس الناس مما فى الارض كأنه قيل فى الارض آيات للموحدين العاقلين وفى أنفسكم خصوصا آيات لهم لان أقرب المنظور فيه من كل عاقل نفسه ومن ولد منها ومافى بواطنها وظواهرها من الدلائل الواضحة على الصانع وفى نقلها من هيئة وحال الى حال من وقت الميلاد الى وقت الوفاة قال بعضهم ففى كل شىء له آية ... تدل على انه واحد وذلك لان كل شىء بجسمه واحد وكذا بروحه ولا عبرة بكثرة الاجزاء والاعضاء وما من عدد الا ويصح وصفه بالوحدة فيقال عشرة واحدة ومائة واحدة على ان كل جسم فهو منتهى الى الجزء الذى لايتجزى وهو النقطة وكل الف فهو اما مركب من نقاط ثلاث او خمس او سبع وقس عليه سائر التركيبات الحروفية والفعلية وفى التأويلات النجمية يشير الى ان نفس الانسان مرءآة جميع صفات الحق ولهذا قال عليه السلام ( من عرف نفسه فقد عرف ربه ) فلا يعرف احد نفسه بالمرءآتية ويعرف ربه بالمتجلى فيها كما قالت تعالى { سنريهم آياتنا } فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم انه الحق جهان مرآت حسن شاهد ماست ... فشاهد وجهه فى كل ذرات { أفلا تبصرون } اى ألا تنظرون فلا تبصرون بعين البصيرة حتى تعتبروا وتستدلوا الصنعة على الصانع وبالنقش على النقاش وكذا على صفاته ( قال الكاشفى ) استفهام بمعنى امرست يعنى بنظر عبرت درنكريد وعلامات كمال صنع درذات خود مشاهده كنيددر حقايق سلمى مذكور است كه هركه اين آيتها در نفس خودبيند ودر صفحه وجود آثار قدرت مطالعه نتمايد حظ خودرا ضايع كرده باشد واز زندكانى هيج بهره نيابد نظرى بسوى خوده كن كه توجان دلربايى ... مفكن بخاك خودراكه تواز بلند جايى تو زجشم خود نهانى توكما ل خود جه دانى ... جودراز صدف برون آكه توبس كران بهايى قال الواسطى تعرف الى قوم بصفاته وافعاله وهو قوله { وفى أنفسكم أفلا تبصرون } وتعرف الى الخواص بذاته فقال الم ترا الى ربك ( روى ) ان عليا رضى اللّه عنه صعد المنبر يوما فقال سلونى عما دون العرش فان مابين الجوانح علم جم هذا لعاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فى فمى هذا مارزقنى اللّه من رسول اللّه رزقا فوالذى نفسى بيده لون اذن للتوراة والانجيل ان يتكلما فأخبرت بما فيهما لصدقانى على ذلك وكان فى المجلس رجل يمانى فقال ادعى هذا الرجل دعوى عريضة لافضحنه فقام وقال يا على اسأل قال سل نفقها ولا تسأل تعنتا فقال أنت حملتنى على ذلك هل رأيت ربك ياعلى قال ما كنت اعبد ربا لم اره فقال كيف رأيت قال لم تره العيون بمشاهدة العيان ولكن رأت القلوب بحقيقة الايمان ربى واحد لاشريك له احد لاثانى له فرد لامثل له لايحويه مكان ولايداوله زمان لايدرك بالحواس ولايقاس بالقياس فسقط اليمانى مغشيا عليه فلما افاق قال عاهدت اللّه ان لاأسأل تعنتا ( وحكى ) عن بعض الصالحين انه رأى فى المنام معروفا الكرخى شاخصا بصره نحو العرش قد اشتغل عن حور الجنة وقصورها فسألت رضوان من هذا قال معروف الكرخى مات مشتاقا الى اللّه فأباح له أن ينظر اليه وهذا النظر هناك من نتائج النظر بالقلب فى الدنيا لقوله تعالى { ومن كان فى هذه اعمى فهو فى الآخرة اعمى } واما النظر بالبصر فى الدنيا فلما لم يحصل لموسى عليه السلام لم يحصل لغيره اذ ليس غيره اكمل قابلية منه الا ماحصل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقد كان فى خارج حد الدنيا اذ كان فوق العرش والعرش من العالم الطبيعى وملاق لعالم الارواح . واعلم ان رؤية العوام فى مرتبة العلم ورؤية الخواص فى مرتبة العين ولهم مراتب فى التوحيد كالافعال والصفات والذات فليجتهد العاقل فى الترقى من مرتبة العلم الى مرتبة العين ومن الاستدلال الى الشهود والحضور ٢٢ { وفى السماء رزقكم } اى اسباب رزقكم على حذف المضاف يعنى به الشمس والقمر وسائر الكواكب واختلاف المطالع والمغارب التى يترتب عليه اختلاف الفصول التى هى مبادى حصول الارزاق ( كما قال الشيخ سعدى ) ابر وباد ومه وخورشيد وفلك دركارند ... تاتونانى بكف آرى وبغفلت نخورى همه از بهر توسر كشته وفرمان برادر ... شرط انصاف نباشدكه توفر مان نبرى او فى السماء تقدير رزقكم وقال ابن كيساز يعنى على رب السماء رزقكم كقوله تعالى ولاصلبنكم وفى جذوع النخل { وما توعدون } من الثواب لان الجنة على ظهر السماء السابعة تحت العرش قرب سدرة المنتهى او اراد ان كل ماتوعدون من الخير والشر والثواب والعقاب والشدة والرخاء وغيرها مكتوب مقتدر فى السماء . ودرتبيان كفته مكتوبست درلوحى كه در آسمان جهارم است . يقول الفقير امر العقاب ينزل من السماء ونفسه ايضا كالصيحة والقذف والنار والطوفان على ماوقع فى الامم السالفة ٢٣ { فورب السماء والارض } اقسم اللّه بنفسه وذكر الرب لانه فى بيان التربية بالرزق { انه } اى ما توعدون او ما ذكر من امر الآيات والرزق على انه مستعار لاسم الاشارة { الحق } هر آينه راستست . وفى الحديث ( ابى ابن آدم ان يصدق ربه حتى اقسم له فقال فورب ) الخ وقال الحسن فى هذه الآية بلغنى ان رسول اللّه عليه السلام قال ( قاتل اللّه اقواما اقسم اللّه لهم بنفسه فلم يصدقوه ) انتهى ولو وعد يهودى لانسان رزقه واقسم عليه لاعتمد بوعده وقسمه فقالته اللّه كيف لايعتمد على الرزق قال هرم بن سنان لأويس القرنى رضى اللّه عنه اين تأمرنى ان اكون فأومأ الى الشأم فقال هرم كيف المعيشة بها قال اويس اف لهذه القلوب قد خالطها الشك فما تنفعها العظة { مثل مانكم تنطقون } اى كما انه لاشك لكم فى انكم تنطقون ينبغى ان لاتشكوا فى حقيقته وبالفارسية همجنانكه شك نيست شمارادر سخن خودشك نيست در روزى دادن من وغيراو . ونصبه على الحالية من المستكن فى الحق او على انه وصف لمصدر محذوف اى انه لحق حقا مثل نطقكم فانه لتوغله فى الابهام لايتعرف باضافته الى المعرفة وما زآئدة او عبارة عن شىء على ان يكون مابعدها صفة لها بتقدير المبتدأ اى هو انكم تنقطون وفى التأويلات النجمية كما نطقكم اللّه فتنطقون بقدرته بلا شك كذلك حق على اللّه ان يرزقكم ماوعدكم وانما اختص التمثيل بالنطق لانه مخصوص بالانسان وهو اخص صفاته انتهى وفى الآية دليل للتوكل على اللّه و حث على طلب الحوائج منه واحالهم على رؤية الوسائط ولو كانوا على محل التحقيق لما احالهم على السماء ولا على الارض فانه لو كانه السماء من حديد والارض من نحاس فلم تمطر ولم تنبت وكان رزق جميع العباد على رقبة ولى من اولياء اللّه الكمل مايبالى لانه خرج من عالم الوسائط ووصل الى صاحب الوسائط واللّه تعالى انما يفعل عند الاسباب لا بالاسباب ولو رفع الاسباب لكان قادرا على ايصال الرزق فانه انما يفعل بأمر كن وبيده الملكوت وهذا مقام عظيم فلما سلمت النفوس فيه من الاضطراب والقلق لعل الفتاح ادخلنا فى دائرة الفتوح آمين وعن الاصمعى اقبلت فى البصرة من الجامع بعد الجمعة فطلع اعرابى على قعود وهو بالفتح من الابل مايقتعده الراعى فى كل حاجة فقال من الرجل قلت من بنى اصمع قال من اين اقبلت قلت من موضع يتلى فيه كلام الرحمن اى من بيت اللّه الحرام قال اتل على فتلوت والذاريات فلما بلغت قوله { وفى السماء رزقكم } قال حسبك فقام الى ناقته فنحرها ووزعها على من اقبل وادبر وعمد الى سيفه وقوسه فكسرهما وولى فلما حججت مع الرشيد طفقت اطوف فاذا انا بمن يهتف بى بصوت دقيق فالتفت فاذا انا بالاعرابى قد تحل واصفشر فسلم فاستقرأ السورة فلما بلغت الآية صاح فقال قد وجدنا ماوعد ربنا حقا ثم قال وهل غير هذا فقرأت فورب السماء والارض انه لحق فصاح وقال ياسبحان اللّه من ذا الذى اغضب الجليل حتى حلف لم يصدقوه بالقول حتى الجأوه اليمين قالها ثلاثا وخرجت معه نفسه نسأل اللّه التوكل والاعتماد ٢٤ { هل اتاك حديث ضيف ابرهيم } تفخيم لشأن الحديث لانه استفهام معناه التعجب والتشويق الى استماعه ومثله لايكون الا فيما فيه فخامة وعظيم شأن وتنبيه على انه ليس مما علمه رسول اللّه عليه السلام بغير طريق الوحى اذ هو امى لم يمارس الخط وقرآءته ولم يصاحب اصحاب التواريخ ففيه اثبات نبوته قال ابن الشيخ الاستفهام للتقرير اى قد اتاك وقيل ان لم يأتك نحن نخبرك والضيف فى الاصل مصدر ضافه اذا نزل به ضيفا ولذلك يطلق على الواحد والجماعة كالزور والصوم وقد يجمع فيقال اضياف وضيوف وضيفان قال الراغب اصل الضيف الميل يقل ضفت الى كذا واضفت كذا الى كذا والضيف من مال اليك نزولا بك وصارت الضيافة متعارفة فى القرى كانوا اثنى عشر ملكا منهم جبرآئيل وميكائيل وزقائيل وتسميتهم ضعيفا لانهم كانوا فى صورة الضيف حيث اضافهم ابراهيم اولانهم كانوا فى حسبانه كذلك { المكرمين } صفة للضيف اى المكرمين عند اللّه بالعصمة والتأييد والاصطفاء والقربة والسفارة بين الانبياء كما قال { بل عباد مكرمون } او عند ابراهيم بالخدمة حيث خدمهم بنفسه وبزوجته وايضا بطلاقة الوجه وتعجيل الطعام وبأنهم ضيف كريم لان ابراهيم اكرم الخليقة وضيف الكريم لايكون الا كريما وفى الحديث ( من آمن باللّه واليوم الآخر فليكرم ضيفه ) قيل اكرامه تلقيه بطلاقة الوجه وتعجيل قراه والقيام بنفسه فى خدمته وقد جاء فى الرواية ان اللّه تعالى اوحى الى ابراهيم عليه السلام اكرم اضيافك فأعد لكل منهم شاة مشوية فأوحى اليه اكرم فجعله ثورا فأوحى اليه اكرم فجعله جملا فأوحى اليه اكرم فتحير فيه فعلم ان اكرام الضيف ليس فى كثرة الطعام فخدمهم بنفسه فأوحى اليه الآن اكرمت الضيف وقال بعض الحكماء لاعار للرجل ولو كان سلطانا ان يخدم ضيفه واباه ومعلمه ولا تعتبر الخدمة بالاطعام ( قال الشيخ سعدى ) شنيدم كه مرديست باكيزه بوم ... شناسا ورهرو در اقصاى روم من وجند سالوك صحرا نورد ... برفتيم قاصد بديدار مرد سروجشم هريك ببوسيد ودست ... بتمكين وعزت نشاند ونشست زرش ديدم وزرع وشاكردورخت ... ولى بى مروت جوبى بردرخت بخلق ولطف كرم رومرد بود ... ولى ديكدانش قوى سرد بود همه شب نبودش قرار وهجوع ... زتسبيح وتهليل ومار از جوع سحر كه ميان بست ودرباز كرد ... همان لطف دوشينه آغاز كرد يكى بدكه شيرين وخوش طبع بود ... كه باما مسافر دران ربع بود مرا بوسه كفته بتصحيف ده ... كه درويش را توشه ازبوسه به بخدمت منه دست بر كفش من ... مرا نان ده وكفش بر سربزن ٢٥ { اذ دخلوا عليه } ظرف للحديث فالمعنى هل اتاك حديثهم الواقع فى وقت دخولهم عليه { فقالوا سلاما } اى نسلم عليك سلاما والفاء هناك اشارة الى انهم لم يخلوا بأدب الدخول بل جعلوا السلام عقيب الدخول { قال } ابراهيم { سلاما } اى عليكم سلام يعنى سلام برشما باد . فهو مبتدأ خبره محذوف وترك العطف قصدا الى الاستئناف فكأن قائلا قال ماذا قال ابراهيم فى جواب سلامهم فقيل قال سلام اى حياهم بتحية أحسن من تحيتهم لان تحيتهم كانت بالجملة الفعلية الدالة على الحدوث حيث نصبوا لاما وتحيته بالاسمية الدالة على دوام السلام وثباته لهم حيث عدل به الى الرفع بالابتدآء { قوم منكرون } يقال نكرت الرجل بكسر الكاف نكرا وانكرته واستنكرته اذا لم تعرفه فالكل بمعنى واصله ان يرد على القلب مالا يتصوره وذلك ضرب من الجهل قال تعالى { فعرفهم وهم له منكرون } كما فى المفردات اى قال ابراهيم فى نفسه من غير أن يشعرهم بذلك هؤلاء قوم لانعرفهم فهم منكرون عند كل احد وقوله فنكرهم اى بنفسه فقط فأحدهما غير الآخر وكانوا على اوضاع واشكال خلاف ماعليه الناس وقال ابو العالية انكر سلامهم فى ذلك الزمان وفى تلك الارض لان السلام لم يكن تحيتهم لانه كان بين أظهر قوم كافرين لايحيى بعضهم بعضا بالسلام الذى هو تحية المسلمين ( وقال الكاشفى ) يعنى هركز جون شما قومى نديدم در صورت وقامت مرا بكوييد جه كسانيد ايشان كفته اند مهما نانيم ٢٦ { فراغ الى اهله } يقال راغ الى كذا اى مالى اليه سرا فالاختفاء معتبر فى مفهوم الروغ اى ذهب اليهم على خفية من ضيفه فان من أدب المضيف أن يبادر بالقرى من غير ان يشعر به الضيف حذرا من أن يكفه الضيف ويعذره او يصير منتظرا ( وحكى ) انه نزل ببعض المشايخ ضيف فأشار الى مريد له باحضار الطعام فاستبطأ فلما جاء سأله عن وجهه فقال المريد وجدت على السفرة نملا فتوقفت الى ان خرجت منها فقال الشيخ اصبت الفتوة ولما اطلع على هذه الحال بعض من هوا على حالا من ذلك الشيخ قال لم يصب الفتوة فان الأدب تعجيل القرى وحق الضيف احق من حق النمل فكان الواجب على المريد أن يلقيها على الارض ويجيىء بالسفرة مستعجلا { فجاء بعجل سمين } الفاء فصيحة مفصحة عن جمل محذوفة والباء للتعدية والعجل ولد البقرة لتصور عجلته التى تعدم منه اذا صار ثورا او بقرة والسمن لكونه من جنس السمن وتولده عنه والمعنى فذبح عجلا سمينا لانه كان عامة ماله البقر واختار السمين زيادة فى اكرامهم فحنذه اى شواه فجاء به يعنى بس بياورد كوساله فربه بريان كرده ٢٧ { فقربه اليهم } بأن وضعه لديهم حسبما هو المعتاد ليأكلوا فلم يأكلوا ولما رأى منهم ترك الاكل { قال ألا تأكلون } منه انكارا لعدم تعرضهم للاكل وحثا عليه ( روى ) انهم قالوا نحن لانأكل بغير ثمن قال ابراهيم كلوا واعطوا ثمنه قالوا وما ثمنه قال اذا اكلتم فقلوا بسم اللّه واذا فرغتم فقولوا الحمد لله فتعجب الملائكة من قوله فلما رآهم لايأكلون ٢٨ { فاوجس منهم } الوجس الصوت الخفى كلايجاس وذلك فى النفس اى اضمر فى نفسه { خيفة } اى خوفا فتوهم انهم اعدآء جاؤا بالشر فان عادة من يجيى بالشر والضرر أن لايتناول من طعام من يريد اضراره قال فى عين المعانى من لم يأكل طعامك لم يحفظ ذمامك . يقول الفقير يخالفه سلامهم فان المسلم لابد وأن يكون من أهل السلم وقيل وقع فى نفسه انهم ملائكة ارسلوا العذاب { قالوا } حين أحسوا بخوفه { لاتخف } انا رسل اللّه وقيل مسح جبريل العجل بجانحه فقام يمشى حتى لحق بأمه فعرفهم وامن منهم { وبشروه } وبشارت ومرده دادند مرورا . وفى سورة الصافات وبشرناه اى بواسطتهم { بغلام } هو اسحق والغلام الطار الشارب والكهل ضده او من حين يولد الى أن يشب كما فى القاموس { عليم } عند بلوغه واستوآئه ولم تلد له سارة غيره ٢٩ { فأقبلت امرأته } سارة لما سمعت بشارتهم الى بيتها وكانت فى زاوية تنظر اليهم قال ابن الشيخ فأقبلت الى اهلها وكانت مع زوجها فى خدمتهم فلما تكلموا بولادتها استحيت واعرضت عنهم فذكر اللّه ذلك بلفظ الاقبال على الاهل ولم يذكره بفلظ الادبار عن الملائكة قال سعدى المفتى كذا فى التفسير الكبير ولا يناسبه قوله كذلك قال ربك فانه يقتضى كونها عندهم فالاقبال اليهم { فى صرة } حال من فاعل اقبلت والصرة الصيحة الشديدة يقال صر يصر صريرا اذا صوت ومنه صرير الباب وصرير القلم اى حال كونها فى صيحة وهو صوت شديد وقيل صوتها قوله اوه او ياويلتى اورنتها ( وقال الكاشفى ) درفرياد وميكفت الليلاء والليلاء اين كلمه بود در كفت ايشان كه وقت تعاظم امور برزبان راندندى . والصرة ايضا الجماعة المنضم بعضها الى بعض كأنهم صروا اى جمعوا فى اناء وبها فسرها بعضهم اى اقبلت فى جماعة من النساء كن عندها وهى واقفة متهيئة للخدمة { فصكت وجهها } الصك ضرب الشىء بالشىء العريض يقال صكه اى ضربه شديدا بعريض او عام كما فى القاموس اى لطمته من الحياء لما انها وجدت حرارة دم الحيض وقيل ضربت بأطراف أصابعها جبينها كما يفعله المتعجب وهى عادة النساء اذا أنكرن شيأ ( وقال الكاشفى ) بيس طبانجه زدروى خودرا جنانجه زنان در وقت تعجب كنند { وقالت عجوز عقيم } اى انا عجوز عاقر لم الد قط فى شبابى فكيف ألد الآن ولى تسع وتسعون سنة سميت العجوز عجوزا لعجزها عن كثير من الامور واصل العقم اليبس المانع من قبول الاثر والعقيم من النساء التى لاتقبل ماء الفحل قال فى القاموس العقم بالضم هزمة تقع فى الرحم فلا تقبل الولد وفى عين المعانى العقيم من سد رحمها ومنه الدآء العقام الذى لايرجى برؤه وبمعناه العاقر وهى المرأة التى لاتحبل ورجل عاقر ايضا لمن لايولد له وكانت سارة عقيما لم تلد قط فلما لم تلد فى صغرها وعنفوان شبابها ثم كبر سنها وبلغت سن الاياس استعبدت ذلك وتعجبت فهو استبعاد بحكم العادة لا تشكك فى قدرة اللّه سبحانه وتعالى ٣٠ { قالوا كذلك } اى مثل ذلك الذى بشرناه { قال ربك } وانما نحن معبرون نخبرك به عنه تعالى لا انا نقول من تلقاء انفسنا فالكاف فى كذلك منصوب المحل على انه صفة لمصدر قال الثانية لاتستبعدى مابشرناه به ولا تتعجبى منه فانه تعالى قال مثل ماخبرناك به { انه هو الحكيم العليم } فيكون قوله حقا وفعله محكما لامحالحة كسى كوبكار تودانا بود ... براتمام اوهم توانا بود بجزدر كهش رومكن سوى كس ... مراددل خويش از وجوى وبس روى ان جبريل عليه السلام قال له انظرى الى سقف بيتك فنظرت فاذا جذوعه مروقة مثمرة فأيقنت ولم تكن هذه المفاوضة مع سارة فقط بل مع ابراهيم ايضا حسبما شرح فى سورة الحجر وانما لم يذكرها هنا اكتفاء بما ذكر هناك كما انه لم يذكر هناك سارة اكتفاء بما ذكر ههنا وفى سورة هود وفى الآية اشارة الى انه لايجوز اليأس من فضل اللّه تعالى فان المقدور كائن ولو بعد حين وقد اورقت واثمرت شجرة مريم عليها السلام ايضا وكانت يابسة كما مر فى سورة مريم وقد اشتغل افراد فى كبرهم ففاقوا على اقرانهم فى العلم فبضع محرومى البداية مرزوقون فى النهاية فمنهم ابراهيم بن ادهم وفضيل بن عياض ومالك بن دينار قدس اللّه اسرارهم فانهم وان بعدوا عن الفطرة الاصلية بسبب الاحوال العارضة لكنهم لما سبقت العناية فى حقهم انجذبوا الى اللّه فتقربوا لديه وازالوا عن الفطرة الغواشى فمن استعجز قدرة اللّه تعالى فقد كفر واما قولهم الصوفى بعد الاربعين بارد فهو يحسب الغالب لان المزاج بعد الاربعين فى الانحطاط لغلبة اليبوسة والبرودة لكن اللّه يحيى ويميت فيحيى فى الكبر ما اماته فى الصغر اى فى حال الشباب ويميت فى الكبر ماأحياء فى الصغر بأن يميت النفس فى الكبر بعدما كانت حية فى الشباب ويحيى القلب فى الكبر بعدما كان ميتا فى الشباب ومن اللّه نرجو جزيل الفيض والعطاء ٣١ { قال } ابراهيم عليه السلام لما علم انهم ملائكة ارسلوا لأمر { فما خطبكم } اى شأنكم الخطير الذى لاجله ارسلتم سوى البشارة فان الخطب يستعمل فى الامر العظيم الذى يكثر فى التخاطب وقلما يعبر به عن الشدآئد والمكاره حتى قالوا خطوب الزمان ونحو هذا والفاء فيه للتعقيب المتفرغ على العلم بكونهم ملائكة { ايها المرسلون } اى فرستاده شك كان ٣٢ { قالوا انا ارسلنا الى قوم مجرمين } متمادين فى اجرامهم وآثامهم مصرين عليها وفى فتح الرحمن المجرم قاعل الجرآئم وهى صعاب المعاصى والمراد بهم قوم لوط ٣٣ { لنرسل عليهم } اى بعدما قلبنا قراهم وجعلنا عاليها سافلها حسبما فصل فى سائر السور الكريمة { حجارة من طين } اى طين متحجر وهو ماطبخ فصار فى صلابة الحجارة وهو السجيل يعنى ان السجيل حجارة من طين طبخت بنار جهنم مكتوب عليها اسماء القوم ولو لم يقل من طين لتوهم ان المراد من الحجارة البرد بقرينة ارسالها من السماء فلما قيل من طين اندفع ذلك الوهم ٣٤ { مسومة } مرسلة من سومت الماشية اى ارسلتها لترعى لعدم الاحتياج اليها قال سعدى المفتى فيه ان الظاهر حينئذ من عند ربكم باثبات من الجارة انتهى او معلمة للعذاب من السومة وهى العلامة او معلمة ببياض وحمرة اوبسيما تتميز بها عن حجارة الارض او باسم من يرمى بها ويهلك { عند ربك } فى خزآئنه التى لايتصرف فيها غيره تعالى { للمسرفين } اى المجاوزين الحد فى الفجور اذ لم يقنعوا بما ابيح لهم من النسوان للحرث بل اتوا الذكران وعن ابن عباس اى للمشركين فان الشرك أسرف الذنوب واعظمها ٣٥ { فاخرجنا } الفاء فصيحة مفصحة عن محذوف كأنه قبل فباشروا ماأمروا به فأخرجنا بقولنا فأسر بأهلك الخ فهو اخبار من اللّه وليس بقول جبريل ( قال الكاشفى ) جونن ابراهيهم معلوم فرمودكه بمؤتفكه مى روند بهلاك كردن قوم لوط دل مباركش بجهت بردار زاده متألم شدكه آيا حال اودران بلا جكونه كذرد ملائكة كفتند غم مخوركه لوط عليه السلام ودختران او نجات خواهند يافت . وذلك قوله تعالى فأخرجنا { من كان فيها } اى فى قرى قوم لوط وهى خمس على مافى تفسير الكاشفى واضمارها بغير ذكرها لشهرتها { من المؤمنين } من آمن بلوط ٣٦ { فما وجدنا فيها غير بيت } اى غير اهل بيت { من المسلمين } قيل هم لوط وابنتاه واما امرأته فكانت كافرة واليه الاشارة ( بقول الشيخ سعدى ) بابدان يار كشت همسر لوط ... خاندان نبوتش كم شد سك اصحاب كهف روزى جند ... بى نيكان كرفت ومردم شد وقيل كان لوط واهل بيته الذين نجوا ثلاثة عشر ، وكفته انديك كس ازان قوم بلوط ايمان آورده بود درمدت بيست سال . قال العلماء يأتى النبى يوم القيامة ومعه امته وآخر معه قومه وآخر معه رهطه وآخر معه ابنه وآخر معه رجل وآخر استتبع ولم يتبع ودعا فلم يجب وذلك لاتيانه فى القوت الشديد الظلمة وفى الآية اشارة الى ان المسلم والمؤمن متحدان صدقا وذاتا لا مفهوما والمسلم اعم من المؤمن فانه مامن مؤمن الا وهو مسلم من غير عكس والعام والخاص قد يتصادقان فى مادة واحدة وقال بعضهم الايامن هو التصديق بالقلب اى اذعان الحكم المخبر وقبوله وجعله صادقا والاسلام هو الخضوع والانقياد بمعنى قبول الاحكام والاذعان وهذا حقيقة التصديق كما لايخفى على من له ادنى عقل وتأمل وانكار ذلك مكابرة ٣٧ { وتركنا فيها } اى فى تلك القرى { آية } علامة دالة على ماأصابهم من العذاب هى تلك الحجارة او ماء أسود منتن خرج من ارضهم { للذين يخافون العذاب الاليم } اى من شأنهم أن يخافوه لسلامة فطرتهم ورقة قلوبهم دون من عداهم من ذوى القلوب القاسية فانهم لايعتدون به ولا يعدونها آية كما شاهدنا أكثر الحجاج حين المرور بمدآئن صالح عليه السلام وكان عليه السلام يبكى حين المرور بمثل هذه المواضع وينكس رأسه ويأمر بالبكاء والتباكى ودلت الآية على كمال قدرته تعالى على انجاء من يؤيد دينه والانتقام من اعدآئه ولو بعد حيثن وعلى ان المعتبر فى باب النجاة والحشر مع اهل الفلاح والرشاد هو حبهم وحسن اتباعهم وهو الاتصال المعنى لا الاختلاط الصورى والا لجنت امرأة نوح ولوط وقد قال تعالى فى حقهما { ادخلا النار مع الداخلين } فعلى العاقل باتباع الكامل والاحتراز عن اهل الفساد والقصور سيما الناقصان فى العقل والدين والشهادة والميراث والنفسانية والشيطانية غالبة فيهن فاذا اقترن بمضل آخر فسدن وفى الآية اشارة الى ان القوم المجرمين المسرفين هم النفس وصفاتها الذميمة والاذكار والاوراد والمجاهدات والرياضيات مهلكة للنف واوصافها وليس فى مدينة الشخص الانسانى من المسلمين الا القلب السليم واوصافه الحميدة فهى سالمة من الهلاك واذا اهلكت النفس واوصافها بما ذكر يكون تزكيتها وتهذيب اخلاقها آية وعبرة للذين يخافون العذاب الاليم بوعيد { قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها } ثم هذه التزكية وان كان حصولها فى الخارج بالاسباب والواسائط لكنها فى الحقيقة فضل من اللّه سبحانه والا لنالها كل من تشبث بالاسباب نسأل اللّه سبحانه أن يجعلنا من اهل النفوس المطمئنة الراضية الصافية ٣٨ { وفى موسى } عطف على قوله { وفى الارض آيات للموقنين } فقصة ابراهيم ولوط عليهما السلام معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه تسلية لرسول اللّه عليه السلام من تكذيبهم ووعدا له باهلاك اعدآئه الا فاكين كما اهلك قوم لوط او على قوله { وتركنا فيها آية } على معنى وجعلنا فى ارسال موسى الى فرعون وانجائه مما لحق فرعون وقومه من الغرق ىية كقول من قال علفتها تبنا ماء باردا اى وسقيتها ماء باردا والا فقوله فى موسى لايصح كونه معمولا لتركنا اذ لايستقيم أن يقال تركنا فى موسى آية كما يصح أن يقال تركنا فى تلك القرية لان الترك ينبىء عن الابقاء فاذا لم يبق موسى كيف يبقى ماجعل فيه { اذ أرسلناه } منصوب بآية محذوفة اى كائنة وقت ارسلنا وعلى الثانى ظرف لجعلنا المقدر { الى فرعون } صاحب مصر { بسلطان مبين } هو ماظهر على يديه من المعجزات الباهرة كالعصا واليد البيضاء وغيرهما والسلطان مصدر يطلق على المتعدد ٣٩ { فتولى بركنه } اى ثنى عطفه وهو كناية عن الاعراض اى فأغرض عن الايمان به وازور فالتوالى بمعنى الاعراض والباء فى بركنه للتعدية كما فى قوله { ونأى بجانبه } فانها معدية لنأى بمعنى بعد فيكون الركن بمعنى الطرف والجانب والمراد بهما نفسه فانه كثيرا مايعبر بطرف الشىء وجانبه وعن نفسه وفى الصحاح ركن الشىء جانبه الا قوى كالمنكب بالنسبة الى الانسان وقيل فتولى بما يتقوى به من ملكه وعسا كره فان الركن اسم لما يركن اليه الانسان وليكن من مال وجند وقوة فالركن مستعار لجنوده تشبيها لهم بالركن الذى يتقوى به البنيان وعلى هذه الباء للسببية او للملابسة والمصاحبة { وقال } هو اى موسى { ساحر } جادوست بجشم بندى خوارق عادات مينمايد { او مجنون } او ديوانه است عاقبت كارخود نمى انديشد ، والمجنون ذو الجنون وهو زوال العقل وفساده كأنه نسب ماظهر على يديه من الخوارق العجيبة الى الجن وتردد فى انه حصل باختيار موسعيه او بغيرهما وقال ابو عبيدة او بمعنى الواو اذ نسبوه اليهما جميعا كقوله الى مائة الف او يزيدون محققان كفته اند طعن وى برموسى دليل كمال جهل اوست جه اورابد وجيز متضاد طعن زد ومقررست كه سحررا عقلى تمام وذهنى دراك وحذاقتى وافربايد وديوانكى دليل زوال عقلست وكمال عقل وزوال ان صدانند ٤٠ { فاخذناه وجنوده فنبذناهم فى اليم } النبذ القاء الشىء وطرحه لقلة الاعتداد به فطرحناهم فى بحر القلزم مع كثرتهم كما يطرح احدكم فيه حصيات أخذهن فى كفه لايبالى بها وبزوالها عنه { وهو مليم } اى أخذناه والحال انه آت بما يلام عليه صغيرة او كبيرة اذ كال صاحب ذنب ملوم على مقدار ذنبه ( قال الكاشفى ) مليم مستحق ملامت بوديا ملامت كنند خودرا كه جرا اعراض كردم ازموسى وبر وطعنه زدم وبدين سبب كفت آمنت انه الخ بكوى آنجه دانى سخن سود مند ... وكر هيج كس رانيايد بسند كه فردا بشيمان بر آرد خروش ... كه آوخ جرا حق نكردم بكوش وفى الآية اشارة الى موسى القلب اذ أرسله اللّه الى فرعون النفس بسلطان وهو عصا لا اله الا اللّه مبين اعجازها بأن تلقف ما يأفكون من سحر تمويهات سحرة صفات فرعون النفس فاعرض عن رؤية الاعجاز والايمان بجميع صفاته فأهلكه اللّه فى يم الدنيا والقهر والجلال ونعوذ باللّه من غضب الملك المتعال وقد كان ينسب موسى القلب الى السحر او الجنون فان من خالف احدا فهو عنده مجنون وليس موسى القلب مجنونا بل مجذوبا والفرق بينهما ان المجنون ذهب عقله باستعمال مطعوم كونى او غير ذلك والمجذوب ذهل عقله لما شاهد من عظم قدرة اللّه تعالى فعقله مخبوء عند الحق منعم بشهادة عاكف بحضرته متنزه فى جماله فهم اصحاب عقول بلا عقول وهم فى ذلك على ثلاث مراتب منهم من يكون وارده أعظم من القوة التى يكون فى نفسه عليها فيحكم الوارد عليه فيغلب عليه الحالب فيكون تحت تصرف الحال ولا تدبير له فى نفسه مادام فى ذلك الحال منهم من يمسك عقله هناك ويبقى عقل حيوانيته فيأكل ويشرب ويتصرف من غير تدبير ولا روية ويسمى هذا من عقلاء المجانين لتناوله العيش الطبيعى كسائر الحيوانات ومنهم من لايدوم له حكم الوارد فيزول عنه الحال فيرجع الى الناس بعقله فيدبر أمره ويعقل مايقول ويقال له ويتصرف عن تدبير وروية مثل كل الانسان وذلك هو صاحب القدم المحمدية فانه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يؤخذ عن نفسه عند نزول الوحى ثم يسرى عنه فيلقى ماأوحى به اليه على الحاضرين واعلم ان المجاذيب لايطالبون بالآداب الشرعية لذهاب عقولهم لما طرأ عليها من عظيم امر اللّه تعالى هركه كرد ازجام حق يكجرعه نوش ... نه ادب ماند درونه عقل وهوش وحكمهم عند اللّه حكم من مات على حالة شهود ونعت استقامة وحالهم فى الدنيا حكم اخوان ينال جميع مايطلب حكم طبيعته من اكل وشرب ونكاح من عير تقييد ولا مطالبة عليه عند اللّه مع وجود الكشف وبقائه عليهم كما تكشف البهائم وكل دابة حياة الميت على النعش وهو يحور ويقول قدمونى ان كان سعيدا ويقول اين تذهبون بى ان كان شقيا فذاهب العقل معدود فى الاماوت لذهاب عقله معدود فى الاحياء بطبعه فهو من السعداء الذين رضى اللّه عنهم واكثر المجانيني من غلبة المكاشفات والمشاهدات يعنى انهم يكشافون الامور الغيبية والاوحوال الملكوتية ويشاهدون مافخى عن أعين العامة وذلك من غير سبق المجاهدة منهم فبذلك يخرجون عن دائرة العقل اذ لايتحملون الفتح الفجائى لعدم تهيئتهم قبله ثم يتعسر ادخالهم فى دآئرة العقل الا ان أراد اللّه تعالى ذلك فالمقبول البقاء على العقل وأن يكون المرء غالبا على حاله لا أن يكون الحال غالبا والاول من احوال اهل النهاية والثانى من احوال اهل البدية واللّه الغالب على امره ٤١ { وفى عاد } اى وفى قوم هود آيات ان كان معطوفا لى وفى الارض او وجعلنا فيهم آية على تقدير كونه معطوفا على قوله وتركنا فيها آية { اذ ارسلنا عليهم } اى على أنفسهم اصالة وعلى دورهم واموالهم وأنعامهم تعبا { الريح العقيم } العقم بالضم هزمة تقع فى الرحم فلا تقبل الولد كما فى القاموس وصفت بالعقم لانها اهلكتهم وقطعت دابرهم فالعقيم بمعنى المعقم او العاقم وفيه استعارة تبعية شبه اهلاكهم وقطع دابرهم باعقام النساء التى لايلدن ولا يعقين ثم اطلق المشبه به على المشبه واشتق منه العقيم او وصفت به لانها لم تتضمن خيرا ما من انشاء مطر او القاح شجره يعنى شبه عدم تضمنها منفعة بعقم المرأة ثم اطلق عليه فالعقيم بمعنى الفاعل من اللازم وفى بحر العلوم ولعله سماها عقيما لانها كانت سبب قطع الارحام من الولادة بأهلاكها اياهم وقطعها دابرهم وهى من رياح العذاب والهلاك وهى النكباء على قولن على رضى اللّه عنه وهى التى انحرفت ووقعت بين ريحين او بين الصبا والشمال وهى الدبور على قول ابن عباس رضى اللّه عنهما ويؤيده قوله عليه السلام ( نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور ) وهى ريح تقابل الصبا اى ريح تجيىء من جانب المغرب فان الصبا تجيىء من جانب المشرق وقل بان المسيب الريح العقيم هى الجنوب مقابل الشمال وهى ريح تجيىء من شمال من يتوجه الى المشرق ٤٢ { ماتذر } اى ماتترك يقال ذره اى دعه يذره تركا ولا تقل وذرا واصله وذره يذره نحو وسعه يسعه لكن ما نطقوا بماضيه ولا بمصدره ولا باسم الفاعل { من شىء اتت عليه } اى جرت عليه من أنفسهم ودورهم واموالهم وأنعامهم { الا جعلته كالرميم } كالشىء البالى المتفتت فهو كل مارم وبلى وتفتت من عظم او نبات او غير ذلك وبالفارسية مثل كياه خشك يا استخوان كهنه شده ريزديه . وفى القاموس رم العظم يرم رمة بالكسر ورما ورميما وارم بلى فهو رميم وفى المفردات الرمة بالكسر تختص بالعظم والرمة بالضم بالحبل البالى والرم بالكسر بالفتات من الخشب والحشيش والتبن وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما مارسل على عاد من الريح الامثل خاتمى هذا سيعنى ان الريح العقيم تحت الارض فأخرج منها مثل مايخرج من الخاتم من الثقب فأهلكهم الهل به وفيه اشارة الى شدة تلك الريح واشير بكونها تحت الارض الى ريح الهوى التى تحت ارض الوجود فهى ايضا شديدة جدا فانها حيث هبت تركت الديار بلا قع وايضا هى ريح جلال اللّه تعالى وقهره فانها اذا هبت تميت النفوس عن اوصافها فلا يبقى منها شىء فالعقيم فى بر الجسد والعاصف والقاصف فى بحر الروح وكان عليه السلام يتعوذ باللّه تعالى حين تهب الرياح الشديدة فليتعوذ العاقل من المهلكات فانه اذا هلكت النفس بالهلاك الصورى قبل الكمال خسرت التجارة وكذا اذا هلك القلب فان حياة المرء حينئذ لا فائدة فيها . سؤال كردنداز حسن بصرى رحمه اللّه كه ياشيخ دلهاى ماخفنه است سخن تودروى كار واثر نمى كند جه كنيم كفت كاشكى خفته بودى كه خفته رابجنبانى بيدار شود اماد لهاى شما مرده است كه هرجند مى جنبانى بيدار نمى كردد ( قال المولى الجامى ) اى بمهد بدن جو طفل صغير ... مانده دردست خواب غفلت اسير بيش ازان كت اجل كند بيدار ... كرنمردى زخواب سر برادر قال محمد بن حامد رحمه اللّه وكان جالسا عند احمد بن حضرويه وهو فى النزع وقد اتى عليه خمس وتسعون سنة هو ذا يفتح لى الساعة لا أدرى أيفتح بالسعادة ام بالشقاوة وعن خلف بن سالم رحمه اللّه قال قلت لأبى على بن المعتوه اين مأواك قال دار يستوى فيها العزيز والذليل قلت واين هذه الدار قال المقابر قلت أما تستوحش فى ظلمة الليل قال انى اذكر ظلمة اللحود وحشتهن فتهون على ظلمة الليل قلت له فربما رأيت فى المقابر شيأ تنكره قال ربما ولكن فى هول الآخرة مايشغل عن هول المقابر ووجد مكتوبا على بعض القبور مقيم الى أن يبعث اللّه خلقه ... لقاؤك لايرجى وأنت قريب يزيد بلاء كل يوم وليلة ... ويبلى كما تبلى وأنت حبيب ٤٣ { وفى ثمود } اى وفى قوم صالح آيات او وجلعنا فيهم آية { اذ قيل لهم تمتعوا } اى انتفعوا بالحياة الدنيا { حتى حين } الى وقت نزول العذاب وهو آخر ثلاثة ايام الاربعاء والخميس والجمعة فانهم عقروا الناقة يوم الاربعاء وهلكوا بالصيحة يوم السبت وقد فسر بقوله تمتعوا فى داركم ثلاثة ايام قيل قال لهم صالح عليه السلام تصبح وجوهكم غدا مصفرة وبعد غد محمرة واليوم الثالث مسودة ثم يصبحكم العذاب فكان كذلك وانما تبدلت الوانهم بما ذكر لانهم كانوا كل يوم فى الترقى الى سوء الحال ولا شكل ان الابيض يصير اصفر ثم احمر ثم اسود والسواد من الوان الجلال والقهر وايضا لون جهنم افها سودآء مظلمة فعند الهلاك صاروا الى لون جهنم لانها مقرهم ونعوذ باللّه منها ٤٤ { فعتوا عن امر ربهم } اى فاستكبروا عن الامتثال به وبالفارسية بيس سر كشيدند ازفرمان آفريد كار خود وبتدارك كار خود مشغول نكشتند . يقال عتا عتوا وعتيا وعتيا استكبر وجاوزا لحد فهو عات وعتى وامر ربهم هو مامروا به على لسان صالح عليه السلام من قوله اعبدوا اللّه وقوله فذروها تأكل فى ارض اللّه او شأن ربهم وهو دينه او صدر عتوهم عن امر ربهم وبسببه كان امر ربهم بعبادته وترك الناقة كان هو السبب فى عتوهم كما فى بحر العلوم والفاء ليست للعطف على قيل لهم فان العتوا لم يكن بعد التمتع بل قبله وانما هو تفسير وتفصيل لما اجمله فى قوله وفى ثمود الخ فانه يدل اجمالا على انه تعالى جعل فيهم آية ثم بين وجه الآية وفصلها قال فى شرح الرضى ان الفاء العاطفة للجمل قد تفيد كون المذكور بعدها كلاما مرتبا على ماقبلها فى الذكر لا ان مضمونها عقيب مضمون ماقبلها فى الزمان { فأخذتهم الصاعقة } قيل لما رأوا العلامات التى بينها صالح من اصفرار وجوههم واحمرارها واسودادها عمدوا الى قتله عليه السلام فنجاه اللّه الى ارض فلسطين ولما كان ضحوة اليوم الرابع تحنطوا وتكفنوا بالانطاع فأتتهم صيحة جبريل عليه السلام كما صرح بها فى قوله { واخذ الذين ظلموا الصيحة } فهلكوا فالمراد بالصاعقة الصيحة لاحقيقتها وهى نار تنزل من السماء فتحرق ماصابته وقيل أتتهم صيحة من السماء فيها صوت كل صاعقة وصوت كل شىء فى الارض فتقطعت قلوبهم فى صدورهم وقال بعضهم اهلكوا بالصاعقة حقيقة بأن جاءت نار من السماء فأهلكتهم جميعا { وهم ينظرون } اليها ويعاينونها لانها جاءتهم معاينة بالبهار فينظرون من النظر بالعين وفيه ترجيح لكون المراد بالصاعقة حقيقة النار لانها حين ظهرت رأوها بأعينهم والصيحة لاينظر اليها وانما تسمع بالاذن والظاهر ان الصاعقة لا تنافى أن يكون معها صيحة جبريل وقيل هو من الانتظار اى ينتظرون ماوعدوا به من العذاب حيث شاهدوا علامات نزولهمن تغير الوانهم فى تلك الايام ويقال سمعوا الصيحة هوم ينظرون اى يتحيرون ٤٥ { فما استطاعوا من قيام } كقوله تعالى { فاصبحوا فى دارهم جاثمين } اى لاصقين بمكانهم من الارض لايقدرون على الحركة والقيام فضلا عن الهرب قالقيام ضد القعود { وما كانوا منتصرين } بغيرهم كما لم يمتنعوا بأنفسهم قال فى تاج المصادر الانتصار داد بستدن ٤٦ { وقوم نوح } اى وأهلكنا قوم نوح فان ماقبله يدل عليه ويجوز أن يكون منصوبا باذكر المقدر { من قبل } اى من قبل هؤلاء المهلكين { انهم كانوا قوما فاسقين } خارجين عن الحدود فيما كانوا فيه من الكفر والمعاصى وهو علة لاهلاكهم . واعلم ان اللّه تعالى قد ارسل الرسل وشرع الشرآئع وحد الحدود فمتى تعديت الحد الذى حل لك الشارع صرت فاسقا واطلعت الشيطان وتنحى عنك عند العصيان الملك المؤيد للمؤمنين فاذا وكل العبد الى نفسه والى الشيطان فقد هلك وكل نار وعذاب وبلاء فانما يأتى من الداخل لامن الخارج اذلا خارج من وجود الانسان فالعذاب صورة اوصافه وافعاله اخلاقه عادت اليه حين عصى اللّه تعالى وكذا الثواب صورة ذلك عادت اليه حين اطاع اللّه تعالى فان قلت كل ذلك اذا كان من احوال العين الثابتة للعبد فكل عبد فانما يمر على طريقه فى الهداية والضلالة فما معنى دعوة الانبياء وارشاد الاولياء قلت تلك الدعوة ايضا من احوال اعيان المدعوين فخلاف المخالفين وان كان من التجلى لكن حقائق الانبياء اقتضت التجلى بموافقة التجلى من وجه والرد عليه من آخر فكان امرهم حيرة فلو كانوا يخدمون التجلى مطلقا لما ردوا على احد فاذا ورد الامر التكليفى فاما ان يوافقه الامر الارادى اولا فان وافقه فالمكلف منتقل من دائرة الاسم المضل الى دآئرة الاسم الهادى وذلك الانتقال من احوال عينه وان لم يوافقه فمعنى التكليف انه من احوال عينه ولابد وايضا فيه تمييز الشقى من السعيد وبالعكس فاعرف هذه الجملة تسعد واجتهد حتى ينقلك اللّه من دآئرة الحانب الى دآئرة الاحباب ولا تغتر بكثرة الدنيا وطول العمر كما فعل الكفار والفساق حتى لايحل بك ماحل بهم من الصاعقة والطوفان مع ان صاعقة الموت وطوفان الحوادث لابد وان تحل بكل احد بحيث لايستطيع القيام من مكانه فيموت فى مقامه قال الشيخ سعدى فى البستان كهن سالى آمد بنزد طبيب ... زنا ليدنش تابمردن قريب كه دستم برك برنه اى نيك راى ... كه بايم همى برنيايد زجاى بدان ماند اين قامت جفته ام ... كه كويى بكل در فرو رفته ام بدو كفت دست ازجهان دركسل ... كه بايت قيامت برايد زكل نشاط جوانى زبيران مجوى ... كه آب روان بازنايد بجوى اكر درجوانى زدىدست وباى ... درايام بيرى بهش باش وراى جودوران عمراز جهل دركذشت ... مزن دست وباكابت از سر كذشت نشاط ازمن آنكه رميدن كرفت ... كه شامم سببده دميدن كرفت ببايد هوس كردن از سر بدر ... كه روز هو سبازى آمد بسر بسبزى كجا تازه كردد دلم ... كه سبزه بخواهد دميد از كلم تفرج كنان درهوا وهوس ... كذشيتم برخاك بسيار كس كسابيكه ديكر بغيب اندراند ... بيايند وبرخاك مابكذرند دريغا كه فصل جوانى برفت ... بلهو ولعب زند كانى برفت دريغا جنين روح برور زمان ... كه بكذشت بر ماجو برق يمان زسود اى آن يوشم واين خورم ... نبردا ختم تاغم دين خورم دريعاكه مشغول باطل شديم ... زحق دور مانديم وغال شديم جه خوش كفت باكودك آموزكار ... كه كارى نكرديم وشد روز كار ٤٧ { والسماء بنيناها } نصب السماء على الاشتغال اى وبنينا السماء بنيناها حال كوننا ملتبسين { بأيد } اى بقوة فهو حال من الفاعل او ملتبسة بقوة فيكون حالا من المفعول ويجوز ان تكون الباء للسببية اى بسبب قدرتنا فتتعلق ببنيناها لا بالمحذوف والقوة هنا بمعنى القدرة فان القوة عبارة عن شدة البنية وصلابتها ا لمضادة للضعف واللّه تعالى منزه عن ذلك والقدرة هى الصفة التى بها يتمكن الحى من الفعل وتركه بالارادة ( قال الكاشفى ) بقوت الوهيت وكفته اند بقدرتى برآفر ينش داشتيم يقال آديئيد أبدا اى اشتد وقوى قال فى القاموس الآد الصلب والقوة كالأيد وآيدته مؤايدة وايدته تأييدا فهو مؤيد قويته انتهى قال الراغب ولما فى اليد من القوة قيل انا يدك وأيدتك قويت يدك { وانا لموسعون } لقادرون من الوسع بمعنى الطاقة والموسع القادر على الاتفاق قال فى تاج المصادر الا يساع توانكر شدن وتمام فراسيدن ويقال اوسع اللّه عليك اى أغناك انهى فيكون قوله وانا لموسعون حالا مؤكدة او تذييلا اثباتا لسعة قدرته كل شىء فضلا عن السماء او لموسعون السماء اى جاعلوها واسعة او ما بنيها وبين الارض او الرزق على خلقنا لقوله تعالى { وفى السماء رزقكم } وفيه اشارة الى ان وسعة البيت والرزق من تجليات الاسم الواسع ٤٨ { والارض } اى وفرشنا الارض { فرشناها } مهدناها وبسطناها من تحت الكعبة مسيرة خمسمائة عام ليستقروا عليها ويتقلبوا كما يتقلب احدهم على فراشه ومهاده { فنعم الماهدون } اى نحن وهو المخصوص بالمدح المحذوف اى هم نحن فحذف المبتدأ والخبر من غير أن يقوم شىء مقامهما وقد اختلف القدماء فى هيئة الارض وشكلها فذكر بعضهم انها مبسوطة مستوية السطح فى اربع جهات المشرق والمغرب والجنوب والشمال وزعم آخرون انها كهيئة لمائدة ومنهم من زعم انها كهيئة الطبل وذكر بعضهم انها تشبه نصف الكرة كهيئة القبة وان السماء مركبة على اطرافها وزعم قوم ان الارض مقعرة وسطها كالجام والذى عليه الجمهور ان الارض مستديرة كالكرة وان السماء محيطة بها من كل جانب احاطة البيضة بالمح فالصغرى بمنزلة الارض وبياضها بمنزلة السماء وجلدها بمنزلة السماء الاخرى غير ان خلقها ليس فيه استطالة كاستطالة البيضة بل هى مستديرة كاستدارة الكرة المستوية الخرط حتى قال مهندسوهم لو حفر فى الوهم وجه الارض لادى الى الوجه الآخر ولو ثقب مثلا ثقب بأرض الاندلس لنفذ الثقب بارض الصين واختلف فى كمية عدد الارضين فروى فى بعض الاخبار ان بعضها فوق بعض وغلظ كل ارض مسيرة خمسمائة عام حتى عد بعضهم لكل ارض اهلا على صفة وهيئة عجبة وسمى كل ارض باسم خاص كما سمى كل سماء باسم خاص وزعم بعضهم ان فى الارض الرابعة حيات اهل النار وفى الارض السادسة حجارة اهل النار وعن عطاء بن يسار فى قوله تعلى { خلق سبع سموات ومن الارض مثلهن } قال فى كل ارض آدم كآدمكم ونوح مثل نوحكم وابراهيم مثل ابراهيمكم وليس هذا القول بأعجب من قوله لفلاسفة ان الشموس شموس كثيرة والاقمار اقمار كثيرة ففى كل اقليم شمس وقمر ونجوم وقالت القدماء الارض سبع على المجاورة والملاصقة وافتراق الاقاليم لاعلى المطابقة والمكابسة واهل النظر من المسلمين يميلون على هذا القول ومنهم من يقول سبع على الانخفاض والارتفاع كدرج المراقى وبزعم بعضهم ان الارض مقسومة لخمس مناطق وهى المنطقة الشمالية والجنوبية والمستوية والمعتدلة والوسطى واختلفوا فى مبلغ الارض وكميتها فروى عن مكحول انه قال مابين اقصى الدنيا لى أدناها مسيرة خمسماية سنة مائتان من ذلك فى البحر ومائتان ليس يسكنها احد وثمانون فيها يأجوج ومأجوج وعشرون فيها سائر الخلق وعن قتادة قال الدنيا اربعة وعشرون الف فرسخ فملك السودان منها اثنا عشر الف فرسخ وملك الروم ثمانية آلاف فرسخ وملك العجم والترك ثلاثة آلاف فرسخ وملك العرب الف فرسخ وعن عبد اللّه بن عمر رضى اللّه عنهما ربع من لا يلبس الثياب من السودان اكثر من جميع الناس وقال بطليموس بسيط الارض كلها مائة واثنان وثلاثون الف الف وستمائة الف ميل فتكمون مائتى الف وثمانين الف فرسخ فان كان حقا فهو وحى من الحق او الهام وان كان قياسا واستدلالا فهو قريب من الحق ايضا واما قوله قتادة ومكحول فلا يوجب العلم اليقين الذى يقطع على الغيب به كذا فى خريدة العجائب ٤٩ { ومن كل شىء } اى من اجناس الموجودات فالمراد بالشىء الجنس وقيل من الحيوان { خلقنا زوجين } صنفين ونوعين مختلفين كالذكر والانثى والسماء والارض والليل والنهار والشمس والقمر والصيف والشتاء والبر والبحر والسهل والجبل والانس والجن والنور والظلمة والابيض والاسود والدنيا والآخرة والايمان والكفر والسعادة والشقاوة والحق والباطل والحلو والمر والموت والحياة والرطب واليابس والجامد والنامى والمدر والنبات والناطق والصامت والحلم والقهر والجود والبخل والعر والذلة والقدرة والعجز والقوة والضعف والعلم والجهل والصحة والسقم والغنى والفقر والضحك والبكاء والفرج والغم والفوق والتحت واليميين والشمال والقدام والخلف والحرارة والبرودة وهلم جرا قال الراغب يقال لكل واحد من القرينين من الذكر والانثى فى الحيوان المتزاوج زوج ولكل قرينين فيها وفى غيرها زوج كالخف والنعل ولكل مايقترن بالآخر مماثلا له او مضادا زوج وفى قوله ومن كل شىء خلقنا زوجين تنبيه على ان الاشياء كلها مركبة من جوهر وعرض ومادة وصورة وان لاشىء يتعرى منها اذا الاشياء كلها مركبة من تركيب من تركيب يقتضى كونه مصنوعا وانه لابد له من صانع تنبيها على انه تعالى هو الفرد فبين بقوله ومن كل شىء الخ ان كل مافى العالم فانه زوج من حيث ان له ضدا ما او مثلا ما او تركيبا مابل لاينفك من وجه من تركيب وانما ذكر ههنا زوجين تنبيها عل انه وان لم يكن له ضد ولامثل فانه لاينفك من تركب صورة ومادة وذلك زوجان قال الخراز قدس سره اظهر معنى الربوبية والوحدانية بأن خلق الازواج ليخلص له الفردانية { لعلكم تذكرون } اى فعلنا ذلك كله من البناء والفرش وخلق الازواج كى تتذكروا فتعرفوا انه خلق الكل ورازقه وانه المتحق للعبادة وانه قادر على اعادة الجميع فتعلموا بمقتضاه وبالفارسية باشد كه شما بند بذير شويد ودانيد كه وجدانيت خواص ممكنات نيست ومن واجب بالذاتم وواجب قابل تعدد وانقسام نيست ذاتش از قسمت وتعدد باك ... وحدت او مقدس از اشراك ازعدد دم مزن كه او فردست ... كى عدد بهر فرددر خوردست احدست وشمار از ومعزول ... صمدست وتبار از ومخذول وفيه اشارة الى انه تعالى خلق لكل شىء من عالم الملك وهو عالم الاجسام زوجا من عالم الملكوت وهو عالم الارواح ليكون ذلك الشىء الجسمانى قائما بملكوته وملكوته قائما بيد القدرة الالهية لعلكم تذكرون انكم بهذا الطريق جئتم من الحضرة وبهذا الطريق ترجعون الى اللّه سبحانه ٥٠ { ففروا الى اللّه } اى قول لقومك يامحمد اذا كان الامر كذلك فاهربوا الى اللّه الذى هذه شؤونه بالايمان والطاعة كى تنجوا من عقابه وتفوزوا بثوابه يعنى ان فى الامر بالايمان وملازمة الطاعة بلفظ الفرار تنبيها على ان ورآء الناس عقابا يجب أن يفروا منه قال بعض الكبار يا أيها الذين فررتم من اللّه بتعلقات الكونين ففروا بنعت الشوق والمحبة والتجرد الى اللّه يقطع التعلقات عن الوجود وعما سواه تعالى مطلقا ومن صح فراره الى اللّه صح قراره مع اللّه وايضا ففروا منه اليه حتى تفنوا فيه قال فان الحادث لايثبت عند رؤية القديم وقال سهل رضى اللّه عنه ففروا مما سوى اللّه الى اللّه ومن المعصية الى الطاعة ومن الجهل الى العلم ومن العذاب الى رحمة ومن سخطه الى رضوانه وقال محمد بن حامل رحمه اللّه حقيقة الفرار ماروى عن النبى عليه السلام انه قال ( والجأت ظهرى اليك ) وماروى عنه فى حديث عائشة رضى اللّه عنها واعوذ بك منك فهذه غاية الفرار منه اليه وقال الواسطى رحمه اللّه ففروا الى اللّه معناه لما سبق لهم من اللّه لا الى علمهم وحركاتهم وأنفسهم وسئل بعضهم عن قول النبى عليه السلام ( سافروا تصحوا قال سافروا الينا تجدونا فى اول قدم ثم قرأ ففروا الى اللّه ) هيجكس درتونيا ويخت كه ازخود نكريخت ... هيجكس باتونه بيوست كه ازخود نبريد وفى كشف الاسرار فرار مقامى است از مقامات روندكان ومنزلى از منازل دوستى كسى راكه اين مقام درست شود نشانش آنست كه همه نفس خود غرامت بيند همه سخن خود شكايت بيندهمه كرده خود جنايت بيند اميد ازكرادار خود يبردوبرا خلاص خودتهمت نهدوا كر دولتى آيد در راه وى از فضل حق بيند واز حكم ازل انه از جهد وكردار خود وهذا موت عن نفسه وهمه خلق زنده ازمرده ميراث برد مكر اين طائفه كه مرده از زنده ميراث برد ، وفى الحديث ( من أراد أن ينظر الى ميت يمشى على وجه الارض فلينظر الى ابى بكر ) { انى لكم منه نذير مبين } اى انى لكم من جهته تعالى منذر بين كونه منذرا منه تعالى بالمعجزات الباهرة او مظهر لما يجب اظهاره من العذاب المنذر به وفى امره للرسول عليه السلام بأن يأمرهم بالهرب اليه من عقابه وتعليله بانه عليه السلام ينذرهم من جهته تعالى لامن من تلقاء نفسه وعد كريم بنجاتهم من المهروب وفوزهم بالمطلوب ٥١ { ولاتجعلوا مع اللّه الها آخر } نهى موجب للفرار من سبب العقاب بعد الامر بالفرار نفسه كانه قيل وفروا من ان تجعلوا معه تعالى اعتقادا او تقولوا الها آخر { انى لكم منه } اى من الجعل المنهى عنه { نذير مبين } وفيه تأكيد لما قبله من الفرار من العقاب اليه تعالى لكن لابطريق التكرير بل بالنهى عن سببه وايجاب الفرار منه قال فى برهان القرآن الاول متعلق بترك الطاعة والثانى متعلق بالشرك باللّه فلا تكرار وفى التأويلات النجمية ولا تجعلوا مع اللّه فى المعرفة بوحدانيته الها آخر من النفوس والهوى والدنيا والآخرة فتعبدونها بالميل اليها والرغبة فيها فان التوحيد فى الاعراض عنها وقطع تعلقاتها والفرار الى اللّه منها لان من صح فراره الى اللّه صح فراره مع اللّه وهذا كما التوحيد انى لكم نذير مبين اخوفكم اليم عقوبة البعد وعذاب اللاثنينية اذا اشركتم به فى الوجود فانه لايغفر ان يشرك به ٥٢ { كذلك } اى الامر وهو امر الامم السالفة بالنسبة الى رسلهم من ماذكر من تكذيب قريش ومشركى العرب الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم وتسميتهم له سارحا او مجنونا ثم فسره بقوله { ماأتى الذين من قبلهم من رسول } من رسل اللّه { الا قالوا } فى حقه هو { ساحرا ومجنون } يعنى اكر معجزه بديشان نمود عمل اورا سحر خواندند واكر ازبعث وحشر خبرداد قول اورا بسخن اهل جنون تشبيه كردند اى فلا تأس على تكذيب قومك اياك ٥٣ { أتواصوا به } انكارا وتعجيب من حالهم واجماعهم على تفرق ازمانهم على تلك الكلمة الشنيعة التى لاتكاد تخطر ببال احد من العقلاء فضلا عن التفوه بها فى حق الانبياء اى اوصى الاولون الآخرين بعضهم بعضا بهذا القول حتى اتفقوا عليه { بل هم قوم طاغون } اضراب عن كون مدار اتفاقهم على الشرك تواصيهم بذلك لبعد الزمان وعدم تلاقيهم فى وقت واحد واثبات لكونه امرا قبيح من التواصى واشننع منه وهو الطغيان الشامل للكل الدال على ان صدور تلك الكلمة الشنيعة عن كل واحد منهم بمقتضى جباته الخبيثة لابموجب وصية من قبلهم بذلك من غير أن يكون ذلك مقتضى طباعهم وفيه اشارة الى ان ارباب النفوس المتمردة من الاولين والآخرين مركوزة فى جبلتهم طبيعة الشيطنة من التمرد والآباء والاستكبار فما أتاهم رسول من الانبياء فى الظاهر او من الالهامات الربانية فى الباطن الا أنكروا عليه وقالوا ساحر يريد أن يسحرنا او مجنون لاعبرة بقوله كأن بعضهم اوصى بعضهم بالتمرد والانكار والجحود لانهم خلقوا على طبيعة واحدة بل هم قوم طاغون بأنهم وجدوا اسباب الطغيان من السعة والتنعم والبطر والغنى قال الشاغر ان الشباب والفراغ والجده ... مفسدة للمراء اى مفسدة فعسكوا الامر وكان ينبغى لهم ان يصرفوا العمر والشباب والغنى فى تحصيل المطلوب الحقيقى ( قال ككما الحافظ ) عشق وشباب ورندى مجموعه مرادست ... جون جمع شد معانى كوى بيان توان زد ٥٤ { فتول عنهم } فاعرض عن جدالهم فقد كررت عليهم الدعوة فأبوا الا الاباء والاستكبار وبالفارسية بس روى بكردان از مكافات ايشان تاوقتى كه مأمور شوى بقتال وفى فتح الرحمن فتول عن الحرص المفرط عليهم وذهاب النفس حسرات وقال الواسطى ردهم الى ماسبق عليهم فى الازل من السعادة والشقاوة { فما انت بملوم } على التوالى بعدما بذلت المجهود وجاوزت فى الابلاغ كل حد معهود واللوم والملامة العذل وبالفارسية نكوهيدن وقال بعض الكبار فتول عنهم فانك لاتهدى من احببت منهم فما أنت بمولم بالعجز عن هدايتهم لانك مبلغ وليس اليك من الهداية شىء وقال بعضهم فتول عنهم بسيرك الينا فما انت بملوم فى ابلاغ رسالتك واشتغالك فى الظاهر بهم واعلامهم بأسباب نجلتهم فأنت مستقيم لايحجبنك ابلاغ الرسالة عن شهود العين ٥٥ { وذكر } اى افعل التذكير والموعظة ولاتدعهما بالكلية او فذكرهم وقد حذف الضمير لظهور الامر { فان الذكرى تنفع المؤمنين } اى الذين قدر اللّه ايمانهم او الذين آمنوا بالفعل فانها تزيدهم بصيرة وقوة فى اليقين يعنى بعناد كافران وجحود ايشان دست از تربيت مسلمانان بازمدار وهمجنان بر تذكير خود ثابت باش كه وعظرا فوآئد بسيارست ومنافع بى شمار فان النصيحة تلين القلوب القاسية وفى الحديث ( مامن مؤمن الا وله ذنب قد اعتاده الفينة بعد الفينة ) اى الساعة بعد الساعة والحين بعد الحين ( ان المؤمن خلق مفتونا ناسيا فاذا ذكر ذكر ) وقال بعضهم ذكر المطيعين جزيل ثوابى وذكر العارفين ماصرفت عنهم من بلائى وقال بعضهم ذكر العاصين منهم عقوبتى ليرجعوا عن مخالفة امرى وذكر المطيعين جزيل ثوابى ليزداد واطاعة وعبادة لى وذكر المحبين ماشاهدوا من انوار جمالى وجلالى فى الغيب وغيب الغيب ليزيد وافى بذل الوجود وطلب المفقود . ودر فصول آورده كه كلام مذكور بايدكه برده خير مشتمل باشد تاسلمعانرا سودمند بود او نعمت خداى باياد مردم دهد تاشكر كزارى نمايند يدوم ثوابى محنت وبلا ذكر كند تادران شكيبايى ورزند سوم عقوبت كناهان برشمرد تازان باز ايستند وتوبه كنند جهارم مكائد ووساوس شيطانى بيان فرمايدتازان حذر نمايند بنجم فنا وزوال وبى اعتبارى دنيابر ايشان روشن كرداند تادل درونه بندند ششم مركرا بيوسته ياد كند تارفتن را آماده شوند هفتم قيامت را آماده ونذك آن بسيار كويد تاكرا آنروز بسازند هشتم دركات دوزخ وانواع عقوبتهاى آن بيان كندتا ازآن بترسند نهم درجات بهشت واقسام نعمتهاى آنرابر شمارد تابدان راغب كردند دهم بناى كلام برخوف ورجانهت يعنى كاهى از عظمت وكبريا وهيبت الهى سخن راند تاوزى بترسند ووقتى از رحمت ومغفرت مهربانى او تقرير كند تابوى اميدوار شوند بس هر موعظه كه مشتمل برين سخنانست منفعت مؤمنا نست خصوصا اذا كان المذكر عاملا بما ذكرهم به غير ناس نفسه فان تأثيره اشد من تأثير تذكير الغافلين عالم كه كامرانى وتن برورى كند ... اوخويشتن كم است وكرا رهبرى كند وانما قلنا من تأثيره فانهم قالوا مرد بايدكه كيرداندر كوش ... ورنوشتست بند برديوار فلا كلام الا فى الاستعداد والتهيىء للاستماع ولذا قال تعالى { ان فى ذلك لذكرى لمن كان له قلب او ألقى السمع وهو شهيد } ٥٦ { وما خلقت الجنس والانس الا ليعبدون } قرأ يعقوب ليعبدونى وكذا يطعمونى ويستعجلونى كما سيأتى باثبات ياء المتكلم فيهن وصلا ووقفا وحذفها الباقون فى الحالين والعبادة ابلغ من العبودية لان العبودية اظهار التذلل والعبادة غاية التذلل ولايستحقها الا من له غاية الافضال قال بعض الكبار العبادة ذاتية للمخلقو لانها ذلة فى اللغة العربية وانما وقع التكليف بالافعال المخصوصة التى هى العبادة الوصفية للتنبيه على تلك الذلة الذاتية حتى يتذللوا ويتخضعوا لربهم وخالقهم بالوجه المشروع ولعل تقديم خلق الجن فى الذكر لتقدمه على خلق الانس فى الوجود ومعنى خلقهم لعبادته تعالى خلقهم مستعدين لها اتم استعداد ومتمكنين منها اكمل مع كونها مطلوبة منهم بتنزيل ترتيب الغاية على ماهى ثمرة له منزلة ترتب الفرض على ماهو غرض له فان استتباع افعاله تعالى لغايات جليلة مما لانزال فيه قطعا كيف لا هوى رحمة منه تعالى وتفضل على عباده وانما الذى لايليق بجنابه تعالى تعليلها بالغرض بمعنى الباعث على الفعل بحيث لولاه لم يفعل لافضائه الى استكماله بفعل وهو الكامل بالفعل من كل وجه واما بمعنى نهاية كمالية يفضى اليها فعل الفاعل الحق فغير منفى من افعاله تعالى بل كلها جارية على ذلك المهاج وعلى هذا الاعتبار يدر وصفه تعالى بالحكمة ويكفى فى تحقق معنى التعليل على مايقوله الفقهاء ويتعارفه اهل اللغة هذا المقدار وبه يتحقق مدلول اللام واما ارادة الفاعل لها فليست من مقتضيات اللام حتى يلزم من عدم صدور العبادة عن البعض تخلف المراد عن الارادة فان تعوق البعض عن الوصول الى الغاية مع تعاضد المبادى وتأخر المقدمات الموصلة اليها لايمنع كونها غاية كما فى قوله تعالى { كتاب أنزلناه اليك لتخرج الناس من الظلمات الى النور } ونظائره كذا فى الارشاد قال سعدى المفتى فاللام حنيئذ على حقيقتها فتأمل انتهى والحاصل ان قوله الا ليعبدون اثبات السبب الموجب للحق فهذه اللام لام الحكمة والسبب شرعا ولام العلة عقلا قال المولى رمضان فى شرح العقائد واستكماله تعالى بفعل نفسه جائز بل واقع فانه تعالى حين اوجد العالم قد استكمل بكمال الموجدية والمعروفية على مانطق به قوله تعالى { وماخلقت الجنس والانس الا ليعبدون } اى ليعرفون وهو كما اضافى يجوز الخلو عنه انتهى مقصود الهى ازهمه كمال جلا واستجلاست كه درانسان كامل جمعا وتفصيلا بظهور آمد ودر عالم تفصيلا فقط سؤال طلب اين مقصودنه استكمالست كه مستدعى سبق نقصا نست جنانكه اهل كلام ميكويندكه افعال اللّه معلل بأغراض نشايد بودن جواب آنجه محذورست استكمال بغير است واين استكمال بصفات خوادست نه بغير كذا فى تفسير الفاتحة للشيخ صدر الدين القنوى قدس سره وكذا قال فى بعض شروخ الفصوص ان للحق سبحانه كمالا ذاتيا وكمالا استمائيا وامتناع استكماله بالغير انما هو فى الكمال الذاتى لا الا سمائى فان ظهور آثار الاسماء ممتنع بدون المظاهر الكونية انتهى ( قال المولى الجامى ) وجود قابل شرط كمال اسمائيست ... وكرنه ذات نباشد بغير مستكمل ( وقال ايضا ) اى ذات رفيع تونه جوهرنه عرض ... فضل وكرمت نيست معلل بغرض يعنى حق سبحانه وتعالى بحسب كمال ذاتى ازوجود عالم وعالميان مستغنيست كما قال تعالى واللّه هو الغنى وجون ظهور كما اسمائى موقوفست بروجود اعيان ممكنات بس آنرا ايجاد كرد تاخود كردد بجملة اوصاف عيان ... واجب باشدكه ممكن آيد بميان ورنه بكمال ذاتى از آدميان ... فردست وغنى جنانكه خود كرد بيان والا شاعرة أنكروا صحة توجيه تعليل افعال اللّه تعالى معنى وان كان واقعا لفظا تمسكا بأن اللّه تعالى مستغن عن المنافع فلا يكون فعله لمنفعة راجعة اليه ولا الى غيره لانه تعالى قادر على ايصال تلك المنفعة من غير توسيط العمل فلا يصلح أن يكون غرضا فعندهم لام التعليل يكون استعارة تبعية تشبيها لعبادة العباد بما يفرض علة لخقله فى الترتيب عليه واكثر الفقهاء والمعتزلة قالوا بصحته لمنفعة عائدة على عباده تمسكا بأن الفعل الخالى عن الغرض عبث والعبث من الحكيم محال كما فى شرح المشارق لابن الملك رحمه اللّه قال ابن الشيخ استدلت المعتزلة بقوله تعالى { وما خلقت الجنس والانس الا ليعبدون } على ان افعال اللّه معللة بالاغراض على ان مراد اللّه جائزان يتخلف عن ارادته اذا كان المراد من الافعال الاختيارية للعباد وجه دلالته عليها هو ان وضع اللام لأن تدخل على ماهو غرض من الفعل فتكون العبادة غرضا من خلق الجن والانس والغرض يكون مرادا فينتج ان العبادة غرض من جميع الجنس والانس وظاهر ان بعضا منهم لم يعبده فتخلف مراده عن ارادته وهو المطابق والجواب عن الاول انه لما دل الدليل القطعى على انه تعالى لايفعل فعلا لغرض وجب أن يؤول اللام فى مثل هذه المواضع بأن يقال ان الحكم والمصالح التى تترتب على فعله تعالى وتكون هى غاية له لما كانت بحيث لو صدر ذلك الفعل من غيره تعالى لكانت هى عرضا لفعله شبهت بالغرض الحقيقى فدخلت عليها اللام الدالة على الغرض لاجل ذلك التشبيه واطلق عليها اسم الغرض لذلك حتى قيل الغرض من خلق مافى الارض انتفاع الناس به لقوله تعالى { هو الذى خلق لكم مافى الارض جميعا } وهذا الجواب انما يتأنى فى اللام الداخلة على ماهو غاية مترتبة على الفعل ولا ينفع فى قوله تعالى { الا ليعبدون } لان العبادة لم تكن غاية مترتبة على خلق كثير من الجن والانس حتى يقال انها شبهت بالغرض من حيث كون الفعل مؤديا اليها وكونها مترتبة عليه فاطلق عليها اسم الغرض ودخل عليها لام الغرض لذلك ولكنه لو تم لكان جوابا عن الاستدلال الثانى لانه مبنى على كون مدلول اللام غرضا وفى نفس الامر وما كان غرضا على طريق التشبيه لايكون مرادا فلا يلزم من عدم ترتبه على الفعل تخلف المراد عن الارادة فلا يتم الاستدلال واشار المصنف الى جوابه بقوله لما خلقهم على صورة متوجهة الى العبادة مستعدة لها جعل خلقهم مغيا بها وتقريره ان العبادة ليست غاية مترتبة على خلقهما فضلا عن أن تكون عرضا ومرادا حتى يلزم من عدم ترتبتها على خلقهما تخلف المراد عن الارادة وانما دخلت عليها اللام التى حقها ان تدخل على الغرض او على ماشبه به فى كونه متربتا على الفعل وحاملا عليه فى الجملة تشبيها لها بالغاية المترتبة من حيث ان الجن والانس خلقوا على صورة متوجهة الى العبادة اى صالحة قابلة لها مغلبة اى قادرة عليها متمكنة منها وقد انضم الى خلقهم على تلك الصورة ان هدوا الى العبادة بالدلائل السمعية والعقلية فصاروا بذلك كأنهم خلقوا للعبادة وانها غاية مترتبة على خلقهم فلذلك اطلق عليها اسم الغاية ودخلت عليها لام الغاية مبالغة فى خلقهما على تلك الصورة ولما وجه الآية باخراج اللام عن ظاهر معناها بجعلها للمبالغة فى خلقهم بحيث تتأتى منهم العبادة أشار الى و جه العدول عن الظاهر بقوله ولو حمل على ظاهره لتطرق اليه المنع والابطال وللزم تعارض الآيتين لان من خلق منهم لجهنم لايكون مخلوقا للعبادة انتهى مافى حواشى ابن الشيخ وقال فى بحر العلوم اى وما خلقت هذين الفريقين الا لاجل العبادة وهى قيام العبد بما تعبد به وكلف من امتثال الاوامر والنواهى او الا لأطلب العبادة منهم وهى طلب من الفريقين العبادة فى كتبه المنزلة على انبيائه وهذا التقدير صحيح لاتقدير الارادة لان الطلب لايستلزم المطلوب بخلاف الارادة كما تقرر فى موضعه فيكون حاصله ماقال بعضهم فى تصوير المعنى ليؤمروا بعبادتى كما فى قوله تعالى { وماأمروا الا ليعبدوا الها واحدا } وهذا مستمر على مذهب اهل السنة فلو انهم خلقوا للعبادة ماعصموا طرفة عين لكنهم خلقوا للامر التكليفى الطلبى دون الامر الارادى ولا لم يتخلف المراد عن الارادة ولما كان لعين العاصى الثابتة فى الحضرة العلمية استعداد التكليف توجه اليها الامر التكليفى ولما لم يكن لتلك العين استعداد الاتيان بالمأمور به لم يتحقق منها المأمور به ولهذا تقع المخالفة والمعصية فان قلت مافائدة التكليف والامر بما يعلم عدم وقوعه قالت فائدة تمييز من له استعداد القبول ممن ليس له استعداد ذلك لتظهر السعادة والشقاوة واهلهما وقيل المراد سعدآء الجنسين كما ان المراد بقوله تعالى { ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس } اشقياؤهما ويعضده قرآءة من قرأ وماخلقت الجن والانس المؤمنين بدليل ان الصبيان والمجانين مستثنون من عموم الآية بدليل قوله تعالى { ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس } قال ابن الملك فان قلت كيف تكون العبادة علة للخلق ولم تحصل تلك فى اكثر النفوس قلنا يجوز أن يراد من النفوس نفوس المؤمنين لقرآءة ابن عباس رضى اللّه عنهما وما خلقت الجن والانس من المؤمنين الا ليعبدون وأن يراد مطلقها بأن يكون المراد بالعبادة قابلية تكليفها كما قال عليه السلام ( مامن مولود يولد الا على الفطرة ) واما ان أريد منها المعرفة فلا اشكال لانها حاصلة للكفرة ايضا كما قال اللّه تعالى { ولئن سألتهم من خلق السموات والارض ليقولن اللّه } انتهى وقال مجاهد واختاره البغوى معناه الا ليعرفون ومداره قوله عليه السلام فيما يحيكه عن رب العزة ( كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لأعرف ) ولعل السر فى التعبير عن المعرفة بالعبادة على طريق اطلاق اسم السبب على المسبب التنبيه على ان المعتبر هى المعرفة الحاصلة بعبادته تعالى لا مايحصل بغيرها كمعرفة الفلاسفة كما فى الارشاد وقال بعضهم لم أخلقهم الا لاجل العبادة باختيارهم لينالوا الشرف والكرامة عندى ولم اقسرهم عليها اذلوا قسرتهم عليها لوجدت منهم وأنا غنى عنهم وعن عبادتهم والحاصل انهم خلقوا للعبادة تكليفا واختيار الاجبلة واجبارا فمن وفقه وسدده واقام العبادة التى خلق لها ومن خذله وطرده حرمها وعمل بما يخلق له وفى الحديث ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له ) كما فى عين المعانى وقال الشيخ نجم الدين دايه فى تأويلاته { وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون } لان درة معرفتى مودعة فى صدف عبوديتى وان معرفتى تنقسم قسمين معرفة صفة جمالى ومعرفة صفة جلالى ولكل واحد منهما مظهر والعبودية مشتملة على المظهرين بالانقياد لها والتمرد عنها فمن انقاد لها بالتسليم والرضى كماأمر به فهو مظهر صفات جمالى ولطفى ومن تمرد عليها بالاباء والاستكبار فهو مظهر صفات جلالى وقهرى فحقيقة معنى قوله { وما خلقت الجن والانس الا ليبعدون } اى خلقت المقبولين منهم ليعبدو اللّه فيكونوا مظهر صفات لطفه وخلقت المردودين منهم ليعبدوا الهوى فيكونوا مظهر صفات قهره هذا المعنى الذى أردت من خلقهم انتهى والحكمة لاتقتضى اتفاق الكل على التوحيد والعبادة والاخلاص والاقبال الكلى على اللّه فان ذلك مما يخل بأمر المعاش ولذلك قيل لولا الحمقى لخربت الدنيا ولا بد من الغضب لتكميل مرتبة قبضة الشمال فانه وان كان كلتا يديه يمينا مباركة لكن حكم كل واحدة يخالف الاخرى فالارض جميعا قبضته والسموات مطويات بيمينه فاقتضت الحكمة الالهية ظهور ما أضيف اليه كل من اليدين فللواحدة المضاف اليها عموم السعدآء الرحمة الجنان والاخرى القهر والغضب ولوازمهما وقد وجد كلا المقتضيين والمقصود الاصلى وجود الانسان الكامل الذى هو مرآة جماله تعالى وكماله وقد وجد والسواد الاعظم هو الواحد على الحق وقال الواحدى مذهب أهل المعانى فى الآية الا ليخضعوا لى ويتذللوا ومعنى العبادة فى اللغة الذل والانقياد وكل مخلوق من الجن والانس خاضع لقضاء اللّه تعالى مذلل لمشيئته خلقه على ما أراد ورزقه كما قضى لايملك احد لنفسه خروجا عما خلق عليه وقال ابن عباس رضى اللّه عنهما الا ليقروا بالعبودية طوعا او كرها يعنى ان المؤمنين يقرون له طوعا والكافرون يقرون له بما جبلهم عليه من الخلقة الدالة على حدانية اللّه وانفراده بالخلق واستحقاق العبادة دون غيره فالخلق كلهم بهذا له عابدون وعلى هذا قوله تعالى { وله مافى السموات والارض كل له قانتون } على معنى مايوجد منهم من دلائل الحدوث الموجبة لكونها مربوبة مخلوقة مسخرة كما فى التيسير فهذه جملة الاقوال فى هذا الباب وفى خلقهم للعبادة بطريق الحصر اشارة الى ان الربوبية اللّه تعالى ان العبودية للمخلوقين وهى أخص اوصافهم حتى قالوا انها افضل من الرسالة ولذا قال تعالى { اسرى بعبده } لا برسوله وقدم العبد فى أشهد أن محمد عبده ورسوله فمن ادعى الربوبية من المخلوق فليخذر من تهديد الآية وجميع الكمالات لله تعالى وان ظهرت من العبد فالعبد مظهر فقط والظاهر هو اللّه وكماله والعبادات عشرة اقسام الصلاة والزكاة والصوم والحج وقرءآة قرءآن وذكر اللّه فى كل حال وطلب الحلال والقيام بحقوق المسلمين وحقوق الصحبة والتاسع الامر بالمعروف والنهى عن المنكر والعاشر اتباع السنة وهو مفتاح السعادة وامارت محبة اللّه كما قال تعالى { قل ان كنتم تحبون اللّه فاتبعونى يحببكم اللّه } ( قال المولى الجامى ) يانبى اللّه السلام عليك ... انما الفوز والفلاح لديك كرنرفتم طريق سنت تو ... هستم از عاصيان امت تو مانداه ام زير با عصيان ... بست افتم ازباى اكر نيكرى دست فينبغى للعبد أن يعبد ربه ويتذلل لخالقه بأى وجه كان من الفراض الواجبات والسنن والمستحبات على الوجه الذى أمره ان يقوم فيه فاذا كملت فرآئضه وكمالها فرض عليه فيتفرغ فيما بين الفرضين لنوافل الخيرات كانت ما كانت لايحقر شيأ من عمله فان اللّه ما احتقره حين خلقه واوجبه فان اللّه ما كلفك بأمر الا وله بذلك الامر اعتناء وعناية حتى كلفك به واذا واظب على ادآء الفرآئض فانه يتقرب الى اللّه بأخب الامور المقربة اليه ورود فىلخبر الصحيح عن اللّه تعالى ( ما تقرب الى عبد بشىء احب الى مما افترضته ومايزال العبد يتقرب الى بالنوافل حتى احببته فاذا احببته كنت سمعه الذى به يسمع وبصره الذى به يبصر ويده التى بها يبطش ورجله بها يمشى ولئن سألنى لأعطينه ولئن استعاذنى لأعيذنه وماترددت عن شىء انا فاعله ترددى عن قبض نفس عبدى المؤمن يكره الموت وانا اكره مساءته ) فالقرب الاول هو قرب الفرآئض والقرب الثانى هو قرب النوافل فانظر الى ماتنتجه محبة اللّه من كون الحق تعالى قوى العبد من السمع والبصر واليد والرجل فواظب على ادآء مايصح به وجود هذه المحبة الالهية من الفرآئض والنوافل ولايصح نفل الا بعد تكملة الفرآئض وفى النفل عينه فروض ونوافل فيما فيه من الفروض تكمل الفرآئض ورود فى الخبر الصحيح انه تعالى ( يقول انظروا فى صلاة عبدى أتمها أم نقصها فان كانت تامة كتبت له تامة وان كان انتقص منها شىء قال انظروا هل لعبدى من تطوع فان كان له تطوع قال اللّه تعالى اكملوا لعبدى فريضته من تطوعه ) ثم يؤخذ الاعمال على ذاكم وليست النوافل الا مالها اصل فى الفرآئض ومالا اصل له فى فرض فذلك انشاء عبادة مستقلة يسميها علماء الظاهر بدعة قال اللّه تعالى { ورهبانية ابتدعوها } وسماها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سنةن حسنة والذى سنها له اجرها واجر من عمل بها الى يوم القيامة من غير ان ينقص من اجورهم شىء ولما لم يكن فى قوة النفل أن يسد مسد الفرض جعل فى نفس النفل فروض ليجبر الفرائض بالفرائض كصلاة النفل بحسب حكم الاصل ثم انها تشتمل على فرآئض من ذكر وركوع وسجود مع كونها فى الاصل نافلة هذه الاقوال والافعال فرآئض فيها ثم اعلم ان امرنا بالاقتداء بالنبى سنة حسنة فان لنا أجرها وأجر من عمل بها واذا تركنا تسنيتها اتباعا لكون رسول اللّه عليه السلام لم يسنها فان اجرك فى اتباعك له فى ترك التسنين اعظم من اجرك فى التسنين فان النبى عليه السلام كان يكره كثرة التكليف على امته ومن سن فقد كلف وكان النبى عليه السلام اولى بذلك ولكن تركه تخفيفا فلهذا قلنا الاتباع فى الترك اولى واعظم اجرا من التسنين فاجعل حالك كما ذكرنا لك ولقد روى عن الامام احمد بن حنبل رحمه اللّه انه ما اكل البطيخ فقيله له فى ذلك فقال مابلغنى كيف كان رسول اللّه عليه السلام يأكله فلما لم تبلغ اليه الكيفية فى ذلك تركه وبمثل هذا يقدم علماء هذه الامة على علماء سائر الامم فهذا الامام علم وتحقق قوله تعالى عن نبيه عليه السلام { فاتبعونى يحببكم اللّه } وقوله { لقد كان لكم فى رسول اللّه اسوة حسنة } والاشتغال بما سن من فعل وقول وحال اكثر من أن نحيطه به ونحصيه فيكف ان نتفرغ لنسن فلا تكلف الامة اكثر مما ورد ٥٧ { مايد منهم } اى من الجن والانس فى وقت من الاوقات { من رزق } لى ولا لانفسهم ولا لغيرهم يحصلونه بكسبهم { وماريد ان يطعمون } ولا انفسهم ولا غيرهم واصله أن يطعمون بياء المتكلم وهو بيان لكونه شأنه تعالى مع عباده متعاليا عن ان يكون كسائر السادة مع عبيدهم حيث يملكونهم ليستعينوا بهم فى تحصيل معايشهم وتهيئة ارزاقهم فان منهم من يحتاج الى كسب عبده فى نيل الرزق ومنهم من يكون له مال وافر يستغنى به عن حمل عبده على الاكتساب لكنه يطلب من العبد قضاء حوآئجه من طبخ الطعام اصلاحه واحضاره بين يديه وهو تعالى مستغن عن جميع ذلك ونفع العباد وغيره انما يعود عليهم والمعنى ما اريد ان اصرفهم فى تحصيل رزقى ولارزقهم وفى تهيئة بل اتفضل عليهم برزقهم وبما يصلحهم ويعيشهم من عندى فليشتغلوا بما خلقوا له من عبادتى وفى الآية تعريض بأصنامهم فانهم كانوا يحضرون لها الماكل فربما اكلتها الكلاب ثم بالت على الاصنام ثم لايصدهم ذلك وهذا لآية دليل على ان الرزق اعم من الاكل كما فى تفسير المناسبات وقال بعضهم معنى ان يطعمون ان يطعموا احدا من خلقى وانما اسند الاطعام الى نفسه لان الخلق عيال اللّه ومن اطعم عيال احد فقد اطعمه كما جاء فى الحديث ( يقول اللّه استطعتمك فلم تطعمنى ) اى لم تطعم عبدى وذلك ان الاستطعام وسؤال الرزق يستحيل فى وصف الله ٥٨ { ان اللّه هو الرزاق } تعليل لعدم ارادة الرزق منهم وهو من قصر الصفة على الموصوف اى لا رزاق الا اللّه الذى يرزق كل مايفتقر الى الرزق وفيه تلويح بأنه غنى عنه { ذو القوة } على جميع ماخلق تعليل لعدم ارادته منهم أن يعلموا ويسعوا فى اطعامه لان من يستعين بغيره فى اموره يكون عاجرا لا قوة له { المتين } الشديد القوة لان القوة تمام القدرة والمتانة شدتها وهو بالرفع على انه نعت للرزاق اولذو او خبر بعد خبر وفى التأويلات النجمية { ان اللّه هو الرزاق } لجميع الخلائق { ذو القوة المتين } فى خلق الارزاق والمرزوقين وفى المفردات القوة تستعمل تارة فى معنى القدرة وتارة للنهى الموجود فى الشىء وتارة فى البدن وفى القلب وفى المعاون من خارج وفى القدرة الالهية وقوله { ذو القوة المتين } عام فيما اختص اللّه به من القدرة ما جعله للخلق انتهى ، يقول الفقير قد سبق ان القوة فى الاصل عبارة عن شدة البنية وصلابتها المضادة للضعف واللّه تعالى منزه عن ذلك فهى فى حقه تعالى بمعنى القدرة التامة ويجوز أن يعتبر قوى مظاهر اسمائه وصفاته ايا ما كانت والمتنن مكتنفا لصلب وبه شبه المتن من الارض ومتنته ضربت متنة ومتن قوى متنه فصار متينا ومنه قيل حبل متين . ودر ترجمه رشفتدر معنى قوى ومتين آورده كه قدرت قاهره اش دليل قوت بالغه كشسته وشدت قوتش حجت متانت قدرت شده نه دركار سازى نتش رافتورى ونه در روزى بنده نوازى قد رشت راقصورى رساند رزق بر وجهى كه شايد ... بسازد كارها نوعى كه بايد بروزى بى نوا يا نرا نوازد ... برحمت بى كسانرا كارسزد قال بعضهم رزق اللّه بالتفاوت رزق بعضهم الايما وبعضهم الايقان وبعضهم العرفان وبعدهم وبعضهم البيان وبعضهم العيان فهؤلاء أهل اللطف والسعادة وبعضهم الخذلان وبعضهم الحرمان وبعضهم الطغيان وبعضهم الكفران فهؤلاء أهل القهر والشقاوة وقال بعضهم اعتبروا باللبيب الطالب الارزاق وحرمانه وبالطفل العاجز وتواتر الارزاق عليه لتعلموا ان الرزق طالب وليس بمطلوب قال الامام الغزالى رحمه اللّه فى شرح الاسماء الرزاق هو الذى خلق الارزاق والمرتزقة واوصلها اليهم وخلق لهم اسباب التمنع بها والرزق رزقان ظاهر وهى الاقوات والاطعمة وذلك للظاهر وهى الابدان وباطن وهى للعارف والمكاشفات وذلك للقلوب والاسرار وهذا أشرف الرزقين فان ثمرتها حياة الابد وثمرة الرزق الظاهر قوة الجسد الى مدة قريبة الامد واللّه تعالى هو المتولى لخلق الرزقين والمتفضل بالايصال الى كلا الفريقين ولكنه يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وغاية حظ العبد من هذا الوصف امران ، احدهما أن يعرف حقيقة هذا الوصف وانه لايستحقه الا اللّه تعالى فلا ينتظر الرزق الا منه ولا يتوكل فيه الا عليه كما روى عن حاتم الاصم انه قال له رجل من اين تأكل فقال من خزانته فقال الرجل يلقى عليك الخبز من السماء فقال لو لم تكن الارض له لكان يلقيه من السماء فقال الرجل أنتم تقولون الكلام فقال لم ينزل من السماء الا الكلام فقال الرجل انا لا أقوى لمجادلتك فقال لان الباطل لايقوم مع الحق. والثانى أن يرزقه علما هاديا ولسانا مرشدا ويدا منفقة متصدقة ويكون سببا لوصول الارزاق الشريفة الى القلوب بأقواله واعماله واذا احب اللّه تعالى عبدا اكثر حوآئج الخلق اليه ومهما كان واسطة بين اللّه وبين العباد فى وصول الارزاق اليهم فقد نال حظا من هذه الصفة قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( الخازن الامين الذى يعطى ما أمر به طيبة به نفسه احد المتصدقين وايدى العباد خزآئن اللّه فمن جعلت يده خزانة ارزاق الابدان ولسانه خزانة ارزاق القلوب فقد اكرم بشوب من هذه الصفة ) انتهى كلام الغزالى فعبد الرزاق ه والذى وسع اللّه رزقه فيوثر به على عباده ويبسط على من يشاء اللّه أن يبسط له لان اللّه جعل فى قدمه السعة والبركة فلا يأتى الا حيث يبارك فيه ويفيض الخير وخاصية هذا الاسم لسعة الرزق أن يقرأ قبل صلاة الفجر فى كل ناحية من نواحى البيت عشرا يبدأ باليمين من ناحية القبلة ويستقبلها فى كل ناحية ان امكن وفى الاربعين الادريسية سبحانك يارب كل شىء ووارثه ورازقه قال السهر وردى المداوم عليه تقضى حاجته من الملوك و ولاة الامر فاذا أراد ذلك وقف مقابلة المطلوب وقرأه سبع عشرة مرة ومن تلاه عشرين يوما على الريق رزق ذهنا يفهم به الغوامض وقال الغزالى فى شرح الاسمين القوى المتين القوة تدل على القدرة التامة المتانة تدل على شدة القوة واللّه تعالى من حيث انه بالغ القدرة تامها قوى ومن حيث انه شديد القوة متين وذلك يرجع الى معنى القدرة انتهى وعبد القوى هو الذى يقوى بقوة اللّه على قهر الشيطان وجنوده التى هى قوى نفسه من الغضب والشهوة والهوى ثم على قهر اعدآئه من شياطين الانس والجن فلا يقاويه شىء من خلق اللّه الا قهره ولا يناويه احد الا غلبه وعبد المتين هو القوى فى دينه الذى لم يتأثر ممن أراد اغوآه ولم يكن لمن ازله عن الحق بشدته لكونه امتن كل متين فعبد القوى هو المؤثر فى كل شىء وعبد المتين هو الذى لم يتأثر من شىء وقال ابو العباس الزروقى القوى هو الذى لايلحقه ضعف فى ذاته ولا صفاته ولا فى افعاله فلا يمسه نصب ولا تعب ولايدركه قصور ولا عجز فى نقض ولا ابرام وقال بعض المشايخ القوى من القوة وهى وسط مابين حال باطن الحول وظاهر القدرة لان اول مايوجد فى الباطن من منة العمل يسمى خولا ثم يحس به فى الاعضاء مثلا يسمى قوة وظهور العمل بصورة البطش والتناول يسمى قدرة ولذلك كان فى كلمة لاحول ولا قوة الا باللّه وهو تمثيل للتقريب الى الفهم والا فاللّه تعالى منزه عن صفات المخلوقين ومنعرف انه القوى رجع بحوله وقوته فى كل شىء الى حوله وقوته والتقريب بهذا الاسم تعلقا من حيث اسقاط التدبير وترك منازعة المقادير وفنى الدعوى ورؤية المنة له تعالى ونفى خوف الخلق وهموم الدنيا وتخلقا أن يكون قويا فى ذات اللّه حتى لايخاف فيه لومة لائم ولا يضعف عن أمره بحال وخاصية هذا الاسم ظهور القوة فى الوجود فما تلاه ذو همة ضعيفة الا وجد القوة ولا ذو جسم ضعيف الا كان له ذلك ولو ذكره مظلوم بقصد اهلاك الظالم الف مرة كان له ذلك وكفى أمره والمتين هو الذى له كمال القوة بحيث لايعارض ولا يشارك ولا يدانى ولا يقبل الضعف فى قوته ولا يمانع فى امره بل هو الغالب الذى لايغالب ولا يغلب ولا يحتاج فى قوته لمادة ولا سبب ومن عرف عظمة قوته ومتانتها لم يخف من شىء ولم يقف بهمته على شىء دونه استنادا اليه واعتمادا عليه وخاصية هذا الاسم ظهور القوة لذا كره مع اسمه القوى ولو ذكر على شابة فاجره عشر مرات وكذلك الشباب لتابا ٥٩ { فان للذين ظلموا } اى ظلموا انفسهم بتعريضها للعذات الخالد بتكذيب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم او وضعوا مكان التصديق تكذيبا وهم اهل مكة { ذنوبا } ان نصيبا وافرا من العذاب { مثل ذنوب اصحابهم } مثل انصباء نظرآئهم من الامم المحكية وهو مأخوذ من مقاسمة السقاة الماء بالذنوب وهو الدلو العظيم المملؤ قال . لنا ذنوب ولكم ذنوب . فان أبيتم فلنا القليب. قال فى المفردات الذنوب الدلو الذى ذنب واستعير للنصيب كما استعير السجل وهو الدلو العظيم وفى القاموس الذنوب الفرس الوافر الذنب ومن الايام الطويل الشر والدلو او فهيا ماء او الملأى او دون الملأى والحظ والنصيب والجمع اذنية وذنائب وذناب انتهى { فلا يستعجلون } اصله يستعجلونى بياء المتكلم اى لايطلبوا منى ان اعجل فى المجيىء به لان له اجلا معلوما فهو نازل بهم فى وقته المحتوم يقال استعجله اى حثه على العجلة وامره بها ويقال استعجله اى طلب وقوعه بالعجلة ومنه قوله تعالى { أنى امر اللّه فلا تستعجلوه } وهو جواب لقولهم { متى هذا الوعد ان كنتم صادقين } وكان النضر بن الحارث يستعجل بالعذاب فأمهل الى بدر ثم قتل فى ذلك اليوم وصار الى النار فعذب اولا بالقتل ثم بالنار ٦٠ { فويل للذين كفروا } بس واى مرانا نرا كه كافر شدند والويل اشد من العذاب والشقاء والهم ويقال واد فى جهنم وضع الموصول موضع ضميرهم تسجيلا عليهم بما فى حيز الصلة من الكفر واشعارا بعلة الحكم والفاء لترتيب ثبوت الويل لهم على ان لهم عذابا عظيما كما ان الفاء الاولى لترتيب النهى عن الاستعجال على ذلك { من يومهم الذى يوعدون } من للتعليل اى يوعدونه من يوم بدر وقيل يوم القيامة وهو الانسب لما فى صدر السورة الآتية والاول هو الافق لما قبله من حيث انهما من العذاب الدنيوى وايا ما كان فالعذاب آت وكل آت قريب كما قالوا . كرجه قيامت آيدو لى مى آيد عمر اكرجه دراز بود جون مرك روى نمود ازان درازى جه سود نوح هزار سال درجهان يسر برده است امروز جند هزار سالست كه مرده است فعلى العاقل أن يتعجل فى التوبة والانابة حتى لايلقى اللّه عاصيا ولايتعجل فى الموت فانه آت البتة وفى الحديث ( لايتمنين احدكم الموت ولا يدع به من قبل أن يأتيه انه اذا مات احدكم انقطع عمله ) وانه لايزيد المؤمن عمره الا خيرا اى فانه ان كان محسنا فلعله ان يزداد خيرا وان كان مسيئا فلعل اللّه يرزقه الانابة اى كه بنجاه رفت ودر خوابى ... مكر اين ينج روز دريابى وفى التأويلات النجمية فان للذين ظلموا من اهل الكتاب على قلوبهم بأن جعلوهاك ملوثة بحب الدنيا بعد ان كانت معدن محبة اللّه ذنوبا مثل ذنوب اصحابهم من ارباب النفوس بجميع صفاتها يعنى ان فساد القلب بمحبة الدنيا يوازى فساد النفس بجميع صفاتها لان القلب اذا صلح صلح به سائر الجسد واذا فسد فسد به سائر الجسد فلا تستعجلون فى افساد القلب فويل للذين كفروا بنعمة ربهم فى افساد القلب من يومهم الذى يوعدون بافساد سائر صفات الجسد ومن اللّه العصمة والحفظ |
﴿ ٠ ﴾