سُورَةُ الذَّارِيَاتِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ سِتُّونَ آيَةً

١

{ والذاريات ذروا } الواو للقسم والذاريات وما بعدها صفات حذفت موصوفاتها واقيمت هى مقامها والتقدير والرياح الذاريات وذروا مصدر عامله الذاريات يقال ذرت الريح الشىء ذروا وأذرته أطارته وأذهبته قال فى تاج المصادر الذرى داميدن . والمراد الرياح التى تذرو التراب وغيره ودانه را ازكاه جدا كنند كما فى تفسير الكاشفى روى عن كعب الاحبار قال لو حبس اللّه الريح عن الارض ثلاثة ايام مابقى على الارض شىء الانتن وعن العوام بن حوشب قال تخرج الجنوب من الجنة فتمر على جهنم فغمها منها وبركتها من الجنة وتخرج الشمال من جهنم فتمر على الجنة فروحها من الجنة وشرها من النار

وقيل الشمال تمر بجنة عدن فتأخذ من عرف طيبها فتمر على ارواح الصديقين وعن عبداللّه بن شداد قال ان الريح من روح اللّه فاذا رأيتموها فاسألوا اللّه خيرها وتعوذوا منشرها وعن جابر رضى اللّه عنه قال هاجت ريح كادت تدفن الراكب من شدتها فقال عليه السلام ( هذه ريح أرسلت لموت منافق ) فقدمنا المدينة فاذا رأس من رؤوس المنافقين قد مات ( وروى ) عن على رضى اللّه عنه ان مساكين الريح تحت اجنحة الكروبيين حملة الكرسى فتهييج من ثمة فتقع بعجلة الشمس ثم تهيج من عجلة الشمس فتقع برؤوس الجبال فتقع فى البر فتأخذ الشمال وحدها من كرسى بنات النعش الى مغرب الشمس والنعش اربعة كواكب على شكل مربع مستطيل وخلفها ثلاثة كواكب تسمى البنات وتأتى الدبور وحدها من مغرب الشمس الى مطلع سهيل وتأتى الجنوب وحدها من مطلع سهيل الى مطلع الشمس وتأتى الصبا وحدها من مطلع الشمس الى كرسى بنات النعش فلا تدخل هذه فى حد هذه ولاهذه فى حد هذه قال ابن عمر الرياح ثمان اربع منها عذاب واربع منها رحمة مالرحمة فالناشرات والمبشرات والذاريات والمرسلات

واما العذاب فالعاصفات والقاصب والصرصر والعقيم وأراد ابن عمر مافى القرءآن من الفاظ الرياح وعن ابى امامة رضى اللّه عنه قال قال رسول اللّه عليه السلام ( ليتبين قوم من امتى على اكل وشرب ولهو ولعب ثم ليمسخن قردة وخنازير وليصيبن اقواما من متى خسف وقذف بتخاذهم القيان وشربهم الخمور وضربهم بالدف ولبسهم الحيرير ولتنسفن احياء من امتى الريح كما نسفت عاد ) كما فى كتاب الامتاع فى احكام السماع والنسف بركندن بناء وكياه وداميدن جيزى . وفى الآية اشارة الى الرياح الصبحية بحمل انين المشتاقين المتعرضين لنفحات الالطاف الى ساحات العزة ثم تأتى بتنسيم نفحات الحق الى مشام اسرار المحبة فيجدون راحة من غلبات اللوعة وفى معناه انشدوا

وانى لأستهدى الرياح نسيمكم ... اذا أقبلت من ارضكم بهبوب

واسألهم حمل السلام اليكموا ... فان هى يوما بلغت فأجبى

( قال المولى الجامى )

نسيم الصبح زرمنى بى نجدو قبلها ... كه بودى دوست مى آيد ازان باكيزه منزلها

( وقال الكمال الخجندى )

صبا زدوست بيامى بسوى ماورد ... بهمد مان كهن دوستى بجا آورد

براى جشم ضعيف رمد كرفته ما ... زخاك مقدم محبوب توتيا آورد

وقال بعضهم المراد بالذاريات النساء الولود فانهن يذرين وهو بضم الياء بمعنى يذرون . يقول الفقير من لطف هذا المعنى مجاورته للفظ الحاملات والجاريات على ان من وجوه الحاملات النساء الحوامل وفيه بيان لفضل الولود على العقيم وكما قال عليه السلام ( سودآء ولود خير من حسناء عقيم ) ودل لفظ السودآء على سيادة الولود كسواد الحجر الاسود فانه من السيادة وذلك أن الولود مظهر الآثار ومطلع الانوار وكذلك ولود الانسان وهو الانسان الكامل وهو كالمصدر للافعال والجامد وهو الانسان الناقص لايصلح الا لان يكون آية يستدل بها كسائر الآيات التكوينية ومثاله لفظ انما فانه للتأكيد والحصر لاغير وذلك باعتبار الكف عن العمل فافهم الاشارة

﴿ ١