٤٠

{ فاخذناه وجنوده فنبذناهم فى اليم } النبذ القاء الشىء وطرحه لقلة الاعتداد به فطرحناهم فى بحر القلزم مع كثرتهم كما يطرح احدكم فيه حصيات أخذهن فى كفه لايبالى بها وبزوالها عنه

{ وهو مليم } اى أخذناه والحال انه آت بما يلام عليه صغيرة او كبيرة اذ كال صاحب ذنب ملوم على مقدار ذنبه ( قال الكاشفى ) مليم مستحق ملامت بوديا ملامت كنند خودرا كه جرا اعراض كردم ازموسى وبر وطعنه زدم وبدين سبب كفت آمنت انه الخ

بكوى آنجه دانى سخن سود مند ... وكر هيج كس رانيايد بسند

كه فردا بشيمان بر آرد خروش ... كه آوخ جرا حق نكردم بكوش

وفى الآية اشارة الى موسى القلب اذ أرسله اللّه الى فرعون النفس بسلطان وهو عصا لا اله الا اللّه مبين اعجازها بأن تلقف ما يأفكون من سحر تمويهات سحرة صفات فرعون النفس فاعرض عن رؤية الاعجاز والايمان بجميع صفاته فأهلكه اللّه فى يم الدنيا والقهر والجلال ونعوذ باللّه من غضب الملك المتعال وقد كان ينسب موسى القلب الى السحر او الجنون فان من خالف احدا فهو عنده مجنون وليس موسى القلب مجنونا بل مجذوبا والفرق بينهما ان المجنون ذهب عقله باستعمال مطعوم كونى او غير ذلك والمجذوب ذهل عقله لما شاهد من عظم قدرة اللّه تعالى فعقله مخبوء عند الحق منعم بشهادة عاكف بحضرته متنزه فى جماله فهم اصحاب عقول بلا عقول وهم فى ذلك على ثلاث مراتب منهم من يكون وارده أعظم من القوة التى يكون فى نفسه عليها فيحكم الوارد عليه فيغلب عليه الحالب فيكون تحت تصرف الحال ولا تدبير له فى نفسه مادام فى ذلك الحال منهم من يمسك عقله هناك ويبقى عقل حيوانيته فيأكل ويشرب ويتصرف من غير تدبير ولا روية ويسمى هذا من عقلاء المجانين لتناوله العيش الطبيعى كسائر الحيوانات ومنهم من لايدوم له حكم الوارد فيزول عنه الحال فيرجع الى الناس بعقله فيدبر أمره ويعقل مايقول ويقال له ويتصرف عن تدبير وروية مثل كل الانسان وذلك هو صاحب القدم المحمدية فانه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يؤخذ عن نفسه عند نزول الوحى ثم يسرى عنه فيلقى ماأوحى به اليه على الحاضرين واعلم ان المجاذيب لايطالبون بالآداب الشرعية لذهاب عقولهم لما طرأ عليها من عظيم امر اللّه تعالى

هركه كرد ازجام حق يكجرعه نوش ... نه ادب ماند درونه عقل وهوش

وحكمهم عند اللّه حكم من مات على حالة شهود ونعت استقامة وحالهم فى الدنيا حكم اخوان ينال جميع مايطلب حكم طبيعته من اكل وشرب ونكاح من عير تقييد ولا مطالبة عليه عند اللّه مع وجود الكشف وبقائه عليهم كما تكشف البهائم وكل دابة حياة الميت على النعش وهو يحور ويقول قدمونى ان كان سعيدا ويقول اين تذهبون بى ان كان شقيا فذاهب العقل معدود فى الاماوت لذهاب عقله معدود فى الاحياء بطبعه فهو من السعداء الذين رضى اللّه عنهم واكثر المجانيني من غلبة المكاشفات والمشاهدات يعنى انهم يكشافون الامور الغيبية والاوحوال الملكوتية ويشاهدون مافخى عن أعين العامة وذلك من غير سبق المجاهدة منهم فبذلك يخرجون عن دائرة العقل اذ لايتحملون الفتح الفجائى لعدم تهيئتهم قبله ثم يتعسر ادخالهم فى دآئرة العقل الا ان أراد اللّه تعالى ذلك فالمقبول البقاء على العقل وأن يكون المرء غالبا على حاله لا أن يكون الحال غالبا والاول من احوال اهل النهاية والثانى من احوال اهل البدية واللّه الغالب على امره

﴿ ٤٠