سُورَةُ الْوَاقِعَةِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ سِتٌّ وَتِسْعُونَ آيَةً

١

{ اذا وقعت الوقعة } انتصاب اذا بمضمر اى اذا قامت القيامة وحدثت وذلك عند النفنخة الثاينة يكون من الاهوال مالا يفى به المقال سماها واقعة مع ان دلالة اسم الفاعل على الحال والقيامة مما سيقع فى الاستقبال لتحقق وقوعها ولذا اختير اذا وصيغة الماضى فالواقعة من اسماء اللّه القيامة كالصاخة والطامة والآزفة

٢

{ ليس لوقعتها كاذبة } قال الراغب يكنى عن الحرب بالوقعة وكل سقوط شديد يعبر عنه بذلك قال ابو الليث سميت القيامة الواقعة لصوتها والمعنى لايكون عند وقوعها نفس تكذب على اللّه وتفترى بالشريك والولد والصاحبة وبانه لايبعث الموتى لان كل نفس حنيئذ مؤمنة صادقة مصدقة واكثر النفوس اليوم كاذبة مكذبة فاللام للتوقيت والكاذبة اسم فاعل او ليس لاجل وقعتها او فى حقها كذب بل كل ماورد فى شأنها من الاخبار حق صادق لاريب فيه فاللام للتعليل والكاذبة مصدر كالعاقبة

٣

{ خافضة } اى هى خافضة لاقوام

{ رافعة } لآخرين وهو تقرير لعظمتها على سبيل الكناية فان الوقائع العظام يرتفع فيها اناس الى مراتب ويتضع اناس وتقديم الحفض على الرفع للتشديد فى التهويل

قال بعضهم خافضة لاعدآء اللّه الى النار رافعة لاولياء اللّه الى الجنته او تخفض اقواماً بالعدل وترفع اقواما بالفضل او تخفض اقواما بالدعاوى وترفع اقواما بالحقائق وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما تخفض اقواما كانوا مرتفعين فى الدنيا وترفع اقواما كانوا متضعين فيها ، آن روز بلال درويش راض رضى اللّه عنه مى آرند باتاج وحلة ومركب بردابرد ميزنند ن بفردوس اعلى برند وخواجه اورا امية بن خلف با اغلال وانكال وسلاسل بروى مى كشند تابدرك اسفل برند آن طيلسان بوش منافق رابآتش مى برند وآن قبابسته مخلص رابه ببهشت مى فرستندان بير مباحاتى مبتدع را بآتش قهر مى سوزند ون جوان خراباتى معتقدرا برتخت بخت مى نشانند

بسابير مباحاتى كه بى مركب فروماند ... بسارند خراباتى كه زين بر شير نربندد

٤

{ اذا رجت الارض رجا } الرج تحريك الشىء وازعاجه والرجرجة الاضطراب اى خافضة رافعة اذا حركت الارض تحريكا شديداً بحيث ينهدم مافوقها من بناء وجبل ولا تسكن زلزلتها حتى تلقى جميع مافى بطنها على ظهرها

٥

{ وبست الجبال بسا } اى فتت حتى صارت مثل السويق الملتوت من بس السويق اذالته والبسيسة سويق يلت فيتخذ زاداٍ او سيقت وسيرت من اماكنها من بس الغنم اذا ساقها

٦

{ فكانت } اى فصارت بسبب ذلك

{ هباء } اى غبار وهو مايسطع من سنابك الخيل او الذى يرى فى شعاع الكوة او الهباء ما يتطاير من شرر النار او ماذرته الريح من الاوراق

{ منبثا } اى منتشرا متفرقا وفى التفسيران اللّه تعالى يبعث ريحا من تحت الجنته فتحمل الارض والجبال وتضرب بعضها بعض ولا تزال كذلك حتى تصير عبارا ويسقط ذلك الغبار على وجوه الكفار كقوله تعالى

{ وجوه يومئذ عليها غبرة } وقال بعضهم ان هذه الغبرة هى التراب الذى اشار شاليه تعالى بقوله

{ ياليتنى كنت ترابا } وسيجيىء تحقيقه فى محله وفى الآية اشارة الى قيامة العارفين وهى قيامة العشق وسطوته وجذبة التوحيد وصدمته وهى تخفض القوى الجسمانية البشرية المقتضية لاحكام الكثرة وترفع القوى الروحانية الالهية المستدعية لانوار الوحدة وصرصر هذه القيامة اذا ضربت على ارض البشرية ومرت على جبال الانانية الانسانية جعلت تعينهما متلاشيا فانيا فى ذاتهما وصفاتهما لا اسم لهما ولا رسم ولا اثر ولا عين بل هباء منبثا لاحقيقة له فى الجود كسراب بقيعة يحسبه الظمئان ماء حتى اذا جاءه لم يجده شيأ ووجد اللّه عنده واليه الاشاره بقولهم اذا اتم الفقر فهو اليه ولابد فى سلوك طريق الحق من ارشاد استاذ حاذق وتسليك شيخ كامل مكمل حتى تظهر حقيقة التوحيد بتغليب القوى الرحانية على القوى الجسمانية كا قال العارف الربانى ابو سعيد الخراز قدس سره حين سئل عن التوحيدان الملوك اذا دخلوا قرية افسدوها وجعلوا اعزة اهلها اذلة

٧

{ وكنتم } اما خطاب للامة الحاضرة والامم السالفة تغليبا وللحاضرة فقط

{ ازواجا } اى اصنافا

{ ثلاثة } اثنان فى الجنة وواحد فى النار وكل صنف يكون مع صنف آخر فى الوجود او فى الذكر فهو زوج فردا كان او شفعا

٨

انظر تفسير الآية:٩

٩

{ فاصحاب الميمنة ماصحاب الميمنة * واصحاب المشئمة ماأصحاب المشئمة } تقسيم للازواج الثلاثة فأصحاب الميمنة متبدأ خبره ماأصحاب الميمنة على ان ما الاستفهامية مبتدأ ثان مابعده خبره والاصل ماهم اى اى شىء هم فى حالهم وصفتهم والمراد تعجيب المسامع من شأن الفريقين فى الفخامة والفظاعة كأنه قيل ماعرفت حالهم اى شىء فاعرفها وتعجب منها فأصحاب الميمنة فى غاية حسن الحال واصحاب المشأمة فى نهاية سوء الحال نحو زيد وما زيد حيث لايقال الا فى موضع التعظيم والتعجب واصحاب الميمنة اصحاب المنزلة السنية واصحاب المشامة اصحاب المنزلة الدنية اخذا من تيمنهم بالميامن اى بطرف اليمين وتشؤمهم بالشمائل اى بجانب الشمال كما تقول فلان منى باليمين والشمال اذا وصفته عندك بالرفعة والضعة تريد مايلزم من جهتى اليمين والشمال من رفعة القدر وانحطاطه او الذين يؤتون صحائفهم بايمانهم والذين يؤتونها بشمائلهم او الذى يكونون يوم القيامة على يمين العرش فيأخذون طريق الجنة والذين يكونون على شمال العرش فيفضى بهم الى النار او اصحاب اليمن واصحاب الشئوم فان السعدآء ميامين على انفسهم بطاعتهم والاشقياء مشائيم عليها بمعاصيهم او اصحاب الميمنة الذين كانوا على يمين آدم يوم الميثاق قال اللّه تعالى فى حقهم هؤلاء من اهل الجنة ولا أبالى واصحاب المشأمة الذين كانوا على شماله وقال اللّه تعالى فيهو هؤلاء فى اهل النار ولا أبالى وفى القاموس اليمن البركة كالميمنة يمن فهو ميمون وايمن والجمع ميامين وايامن ضد اليسار والجمعايمن ايمان وايامن وايامين والبركة والقوة الشئوم ضد اليمن والمشأمة ضد الميمنة

١٠

{ والسابقون السابقون } هم القسم الثالث من الازواج الثلاثة اخر ذكرهم ليقترن ببيان محاسن احوالهم واصل السبق التقدم فى السير ثم تجوز به فىغيره من التقدم والجملة مبتدأ وخبر والمعنى والسابقون هم الذين اشتهرت احوالهم وعرفت محاسنهم كقوله انا ابو النجم وشعرى شعرى او السابقون الاول مبتدأ والثانى تأكيدا له كرر تعظيما لهم والخبر جملة قوله اولئك الخ وفى البرها التقدير عند بعضهم السابقون مالسابقون فحذف ما لدلالة ماقبله عليه وهم الذين سبقوا الى الايمان والطاعة عند ظهور الحق من غير تلعثم وتوان فالمراد بالسبق هو السبق بالزمان او الذين سبقوا فى حيازة الكمالات الدينية والفضائل القينية فالمراد بالسبق هو السبق بالشرف كما قال الراغب يستعار السبق لاحراز الفضل وعلى ذلك السابقون السابقون اى المتقدمون الى ثواب اللّه وجنته بالاعمال الصالحة

١١

{ اولئك } الموصفون بذلك النعت الجليل وهو مبدأ خبره قوله

{ المقربون } اى الذين قربت الى العرش العظيم درجاتهم واعليت مرابتهم ورقيت الى حظائر القدس نفوسهم الزكية ، يقول الفقير عرف هذا المعنى من قوله عليه السلام ( اذا سألتم اللّه فاسالوه الفردوس فانه اوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ) فانه يظهر منه ان الفردوس مقام المقربين لقربه من العرش الذى هو سقف الجنة ولم يقل اولئك المتقربون لانهم بتقريب ربهم سبقوا لا بتقرب انفسهم ففيه اشارة الى الفضل العظيم فى حق هؤلاء يختص برحمته من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم

١٢

{ فى جنات النعيم } متعلق بالمقربون او بمضمر هو حال من ضميره اى كائنين فى جنات لنعيم يعنى در بوستانهاى مشتمل بر انواع نعمتن قيل السابقون اربعة سابق امة موسى عليه السلام وهو خربيل مؤمن آل فرعون وسابق امة عيسى وهو حبيب النجار صاحب انطاكية وسابقا امة محمد عليه السلام وهما ابو بكر وعمر رضى اللّه عنهما وقال كعب هم اهل القرآن المتوجون يوم القيامة فانهم كادوا أن يكونوا انبياء الا انه لا يوحى اليهم والمراد باهل القرءآن الملازمون لقرآءته العاملون به وكان خلق النبى عليه السلام القرءآن

وقيل الناس ثلاثة فرجل ابتكر الخير فى حداثه سنة ثم داوم عليه حتى خرج من الدنيا فهو السابق المقرب ورجل ابتكر عمره بالذنب وطول الغفلة ثم تراجع بتوبة فهذا صاحب اليمين ورجل ابتكر الشرفى حداثة سنه ثم لم يزل علهي حتى خرج من الدنيا فهذا صاحب الشمال وقال حضرة شيخى وسندى قدس سره فى بعض تحريراته العباد ثلاثة اصناف صنف هم اهل النيسان وصنف هم اهل الذكر وصنف هم اهل الاحسان والصنف الاول اهل الفتور مطلقا وليس فيه بوجه من الحضور شىء اصلا وهم اهل البعد قطعا وليس لهم من القرب شىء جدا وهم اصحاب المشأمة ماصحاب المشأمة وهم ارباب الغضب والقهر والجلال ولهم فى نار الجحيم عذاب اليم وماء حميم والصنف الثانى اهل الفتور من وجه واهل الحضور من وجه وهم اهل البعد بوجه واهل القرب بوجه وهم اصحاب الميمنة واصحاب الميمنة ماصحاب الميمنة وهم ارباب الرحمة واللطف والجمال ولهم فى نور النعيم ثواب عظيم وسرور مقيم والصنف الثالث اهل الحضور مطلقا وليس فيهم بوجه من الفتور شىء اصلا وهم اهل القرب مطلقا وليس لهم من البعد شىء اصلا وهم السابقون السابقون السابقون اولئك المقربون وهم اصحاب كمال الرضى الاجتباء والاصطفاء لهم فى سر نعيم جنة الوصال دوام الصحبة والمشاهدة والمعاينة وبقاء تجلى الوجه الحق والجمال المطلق وهم ارباب الكمال المتوجه بوجه بلا قفا فى الظاهر وقفا بلا وجه فى الباطن والثالث وجه بلا قفا فى الظاهر والباطن لكونهم على تعين الوجه المطلق وفى رسالته العرفانية اصحاب اليمين ممن سوى المرقرين وجه بلا قفا فى الظاهر لحصول الرؤية لهم وقفا بلا وجه فى الباطن اى لعدم انكشاف البصيرة لهم واصحاب الشمال قفا بلا وجه فى الظاهر اى باعتبار البداية ووجه بلا قفا فى الباطن اى باعتبار النهاية وقال الى اللائحات البرقيات له ذكر بعضهم بمجرد اللسان فقط وهم فريق الغافلين من الفجار ولهم رد مطلق فانهم يقولونه بأفواههم ماليس فى قلوبهم وذكر بعضهم بمجرد اللسان والعقل فقط وهم فريق المتيقظين من الابرار ولهم قبول بالنسبة الى من تحتهم لا بالنسبة الى من فوقهم وذكر بعضهم بمجرد اللسان والعقل والقلب فقط وهم فريق اهل البداية من المقربين وقبولهم نسبى ايضا وذكر بعضهم بمجرد اللسان والعقل والقلب والروح فقط وهم اهل الوسط من المقربين وقبولهم اضافى ايضا وذكر بعضهم كان مطلقا حيث تحقق لهم ذكر اللسان وفكر المذكور ومطالعة الآثار بالعقل وحضور المذكور ومكاشفة الاطوار وبالقلب وانس المذكور ومشاهدة الانوار بالروح والفناء فى المذكور ومعاينة الاسرار بالسر فلهم قبول مطلقا وليس لهم رد اصلا لأن كمالهم وتمامهم كان حقيقيا جدا وهم ارباب النهاية من المقربين من الانبياء والمرسلين واولياء الكاملين الا كملين

وفى التأويلات النجمية يشير الى مراتب اعاظم المملكة الانسانية ومقامات اكابرها وصناديدها وهم الروح السابق المقرب وجود او رتبة والقلب المتوسط صاحب الميمنة والنفس الاخيرة صاحبة المشأمة اما تسمية الروح بالسابق فلسبقه بالتجليات الذاتية الرحامنية والتنزلات الربانية وبقاء طهارته ونزاهته ابتدآء وانتهاء ووصف القلب بصاحب الميمنة ليمنه والتيمن به وغلبة التجليات الصفاتية والاسمائية عليه ووصف النفس بصاحبة المشأمة لشؤمها وميشوميتها وتلعثمها عند اجابة دواعى الحق بالانقياد من غير عناد واعتناد

واما تقديم القلب والنفس على الروح فلسعة الرحمانية الواسعة كل شىء كما قال

{ ورحمتى وسعت كل شىء } وقال ( رحمتى سبقت غضبى ) اذ جعل النفس برزخا بين القلب والروح لتستفيد برحمته مرة من هذا وتارة من هذا وتصير منصبة بنورانتيهما وتؤمن بهما ان شاء اللّه تعالى كما قال تعالى

{ الا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فاولئك يبدل اللّه سيئاتهم حسنات } وبقوله

{ فى جنات نعيم } يشير الى جنة الذات وجنة الصفات وجنة الافعال لان السابقين المقربين هم الفانون فى اللّه بالذات والصفات والافعال والباقون باللّه بالذات والصفات والافعال ولصاحب كل مقام من هذه المقامات الثلاثة جنة مختصة به جزاء وفاقا هذه الجنات كلها شاملة للنعيم الدنيوى واخروى ان فهمت الرموز الالهية فزت بالكنوز الرحمانية

١٣

{ ثلة من الاولين } اى هم امم كثيرة من الاولين غير محصورة العدد وهم الامم السالفة من لدن آدم الى نبينا عليهما السلام وعلى من بينهما من الانبياء العظام وهذا التفسير مبنى على أن يراد بالسابقين غير الانبياء واشتقاق الثلة من الثل وهو الكسر وجماعة السابقين مع كثرتهم مقطوعة مكسورة من جملة بنى آدم وقال الراغب الثلة قطعة مجتمعة من الصوف ولذلك قيل للغنم ثلة ولاعتبار الاجتماع قيل ثلة من الاولين اى جماعة

١٤

{ وقليل من الآخرين } اى من هذه الامة ولايخالفه قوله عليه السلام ( ان امتى يكثرون سائر الامم ) اي يغلبونهم بالكثرة فان اكثرية سابقى الامم السالفة من سابقى هذه الامة لاتمنع اكثرية تابعى أولئك مثل ان يكون سابقوهم ألفين وتابعوهم ألفا فالمجموع ثلاثة آلاف ويكون سابقواهذه الامة الفا وتابعوهم ثلاثة آلاف فالمجموع اربعة آلاف فرضا وهذا المجموع اكثر من المجموع الاول وفى الحديث ( انا اكثر الناس تبعا يوم القيامة ) ولا يرده قوله تعالى فى اصحاب اليمين

{ ثلبة من الاولين٠وثلة من الآخرين } لان كثرة كل من الفريقين فى انفسهما لا تنافى اكثرية احدهما من الآخر وسيأتى ان الثلتين من هذه الامة وقد روى مرفوعا ان الاولين والآخرين ههنا ايضا متقدموا هذه الامة ومتأخروهم وهو المختار كمافى بحر العلوم فالمتقدمون مثل الصحابة والتابعين رضى اللّه عنهم ولما نزلت بكى عمر رضى اللّه عنه فنزل قوله

{ ثلة من الاولين٠و ثلة من الآخرين } يعنى كريان شد وكفت بانبى اللّه مابانو كرويديم وتصديق كرديم وازما اهل نجاب نيامد مكر اندك ا ين آيت آمد كه

{ وثلة من الاخرين } حضرت صلّى اللّه عليه وسلّم آياتبروى خواند وعمر فرمودكه رضينا من ربنا وفى الحديث ( أترضون أن يكونوا ربع اهل الجنة قلنا نعم قال أترضون ان تكونوا ثلث اهل الجنة قلنا نعم قال والذى نفسى محمد بيده انى لارجوا أن تكونوا نصف اهل الجنة وذلك ان الجنة يعنى كونكم نصف اهلها بسبب انها لايدخلها الا نفس مسلمة وما أنتم فى اهل الشرك الا كالشعرة البيضاء فى جلد الثور الاسود وكالشعرة السوداء فى جلد الثور الاحمر ) اى فلا يستبعد دخول كلهم الجنة وقد ترقى عليه السلام وفى حديث آخر من النصف شالى الثلثين وقال ان اهل الجنة مائة وعشرون صفا وهذه الامة منها ثمانون قال السهيلى رحمه اللّه فى كتاب التعريف والاعلام قال عليه السلام ( نحن الآخرون السابقون يوم القيامة ) فهم اذا محد صلّى اللّه عليه وسلّم وامته واول سابق الى باب الجنة محمد عليه السلام وفى الحديث ( انا اول من يقرع باب الجنة فأدخل ومعى فقرآء المهاجرين )

واما آخر من يدخل الجنة وآخر اهل النار خروجاً منها رجل اسمه جهينة فيقول اهل الجنة تعالوا نسأل جهينة فعنده الخبر اليقين فيسألونه هل بقى أحد فى النار ممن يقول لا اله الا لله

نماند بزندان دوزخ اسير ... كسى راكه باشد جنين دستكير

يقول الفقير هذه خصلاة ماورده اهل التفسير فى هذا المقام والذى يلوح لى ان المقربين وان كانوا داخلين فى اصحاب اليمين الا ان المراد بقوله تعالى

{ وثلة من الآخرين } هى الثلة التى من اصحاب اليمين وهم هنا المقربين بقرينة تقسم الازواج وتبيين كل فريق منهم على حدة وكلا منافى المقربين خصوصا اعنى السابقين منه هذه الامة هل هم من سابقى الامم كما يدل عليه ظاهر قوله تعالى

{ وقليل من الآخرين } او هم اكثر كما يدل عليه بعض الشواهد والظاهر أنهم اكثر من اصحاب اليمين والآية محمولة على مقدمى هذه الامة ومتأخريها كما أشير اليه سابقا وذلك لان النبى عليه السلام شبه علماء هذه الامة بانبياء بنى اسرائيل ولاشك ان لانبياء كلهم من المقربين وعلماء هذه الامة لا نهاية لهم دل عليه ان اولياء فى كل عصر من اعصار هذه الامة عدد الانبياء وهم مائة ألف واربعة وعشرون ألفا وقد يزيد عددهم على عدد الانبياء بحسب نوارنية الزمان وقد ثبت ان كل اربعين مؤمنا فى قوة ولى عرفى فاذا كان صفوف هذه الامة يوم القيامة ثمانين فظاهر أن عددهم يزيد على عدد الاولين بزيادة العدد يزيد الاولياء اصحاب اليمين وبزيادتهم يزيد الاولياء المقربين السابقون فان العدد المذكور منهم الغوث والاقطاب والكمل فاعرف

وفى التأويلات النجمية يشير بقوله

{ ثلة من الاولين } الى كثرة ارباب القلوب صواحب التجليات الجزيئة الصفاتية والاسمائية وكثرة اصحاب اللذات النفسانية الظلمانية وبقوله

{ وقليل من الآخرين } المحمديين يشير الى ارباب الارواح الظاهرة صواحب التجليات الذاتية المقدسة عن كثرات الاسماء والصفات الاعتبارية

١٥

{ على سرر موضونة } حال اخرى من المقربين والسر رجع سرير بالفارسية تحت ، والموضونة المنسوجة بالذهب مشبكة بالدر والياقوت او المتواصلة من الوضن وهو نسج الدرع ثم استعير لكل نسج محكم

١٦

{ متكئين عليها متقابلين } حالان من الضمير المستكن فيماتعلق به على سرر والتقابل أن يقبل بعضهم على بعض اما بالذات

واما بالعناية والمودة اى مستقرين على سرر متكئين عليها اى قاعدين قعود الملك للاستراحة متقابلين لاينظر بعضهم من اقفاء بعض وهو وصف لهم بحسن العشرة وتهذيب الاخلاق والآداب وقال ابو الليث متقابلين فى الزيارة ( قال الكاشفى ) برابر يكديكر يعنى روى باروى تابديدان يكديكر مستأنس ومسرور باشند

١٧

{ يطوف عليهم } اى يدور حولهم للخدمة حال الشرب وغيره

{ ولدان } جمع وليد وخدمة الوليد أمتع من خدمة الكبير يعنى خدمت كودك زيبا ترست از خدمت كبار

{ مخلدون } مبقون ابداً على شكل الولدان وطراوتهم لايتحولون عنها لانهم خلقوا للبقاء ومق خلق للبقاء لا يتغير قال فى الاسئلة المقحمة هؤلاء هل يدخلون تحت قوله تعالى

{ كل نفس ذائقة الموت } والجواب انهم لايموتون فيها بل يلقى عليم بين النفختين نوم انتهى ، وازين معلوم شدكه اين كودكان را حق تعلى بمحض كرم خود أفريده باشد براى خدمت بهشتيان ، فهم للخدمة لاغير والحور العين للخدمة والمتعة

وقيل هم اولاد اهل الدنيا لم يكن لهم حسنات فيثابون عليها ولاسيئات فيعاقبون عليها وفى الحديث ( اولاد الكفار خدام اهل الجنة ) ولفظ الولدان يشهد لابى حنيفة رحمه اللّه فى أن اطفال المشركين خدم اهل الجنة لان الجنة لا ولادة فيها ويجوز أن يكون معنى مخلدون مقرطون ، يعنى آرستكان بكو شوار هاى زرين ، والخلد السوار والقرط كالخلدة محركة والجمع كقردة وولدان مخلدون مقرطون او مسورون اولا يهرمون ابدا ولايجاوزون حد الوصافة كما فى القاموس وقال فى كشف الاسرار الخلادة لغة قحطانية

١٨

{ بأكواب } من الذهب والجواهر اى بآنية لاعرى لها ولا خراطيم وهى الاباريق الواسعة الرآس لا خرطوم لها ولايعوق الشارب منها عائق عن شرب من اى موضع أراد منها فلا يحتاج أن يحول الاناء من الحالة التى تناوله به ليشرب

{ واباريق } جمع ابريق وهو الذى له عروة وخرطوم يبرق لونه من صفائه

وقيل انها اعجمية معربة آبريز ، اى بآنيه ذات عرى وخراطيم ويقال الكوب للماء وغيره والابريق لغسل الايدى والكأس لشرب الخمر كما قال

{ وكأس من معين } اى وبكأس من خمرة جارية من العيون اخبر ان خمر الآخرة ليست كخمر الدنيا تستخرج بتكلف وعلاج وتكون فى اوعية بل هى اكثر جارية كما قال

{ وانهار من خمر } والكأس القدح اذا كان فيها شراب والا فهو قدح يقال معن الماء اذا جرى فهو فعيل بمعنى الفاعل او ظاهره تراها العيون فى الانهار كالماء المعين وهو الظاهر لجارى فيكون بمعنى مفعول من المعاينة من عانه اذا شخصه وميزه بعينه قال فى القاموس المعن الماء الظاهر ومعن الماء اساله وامعن الماء جرى والمعنان بالضم مجارى الماء فى الوادى فان قلت كيف جمع الاكواب والاباريق وافرد الكأس فالوجواب ان ذلك على عادة اهل الشرب فانهم يعدون الخمر فى الاوانى المتعددة ويشربون بكأس واحدة

١٩

{ لايصدعون عنها } الصدع شق فى الاجسام الصلبة كالزجاج والحديد ونحوهما ومنه استعير الصداع كما ينالهم ذلك من خمر الدنيا وحقيقته لايصدر صداعهم عنها قال ابن عباس رضى اللّه عنهما فى الخمر أربع خصال السكر والصداع والقيىء والبول وليست فى خمر الجنة بل هى لذة يلا اذى

{ ولا ينزفون } اى لايسكرون يعنى لاتذهب عقولهم او ينفد شرابهم من انزف الشارب اذا نفد عقله او شرابه فالنفاد اما للعقل وهو من عيوب خمر الدنيا وللشرب فان بنفادها تختل الصبحة

٢٠

{ وفاكهة مما يتخيرون } يقال تخيرت الشىء اخذت خيره اى يختارونه ويأخذون خيره وافضله من ألوانها وكلها خيار وهو عطف على بأكواب اى يطوف عليهم ولدان بفاكهة وهو مايؤكل من الثمار تلذذا لا لحفظ الصحة لاستغنائهم عن حفظ الصحة بالغذآء فى الجنة وليس ذلك كقوت الدنيا الذى يتناوله من يضطر اليه ويضيق عليه لتأخره عنه وهو اشارة الى انه يتناول المأكولات التى يتنعم بها ثم ذكر اللحم الذى هو سيد الادام وكانت العرب يتوسعون بلحمان الابل ويعز عندهم لحم الطير الذى هو أطيب اللحوم ويسمعون بها عند الملوك فوعدوها فقيل

٢١

{ ولحم طير ممايشتهون } اى يتمنون مشويا او مطبوخا يتناولونها مشتهين لها مضطرين ولا كارهين وآن آن بودكه مؤمنان برخوان نشته باشند مرغ بيايد ودربيش ايشان برشاخ طوبى نشيند وآوازد هدكه من آنم كه هيج جشمه نيست دربهشت كه ازان نجشيده ام وهيج درختى نيست كه كمن از ميوه آن نخورده ام كوشت من خوشترين همه كوشتهاست بس بهشتى كوشت ويرا آرزو كند مرغ ازان شالخ طوبى در كرددو برسرخوان اقتدسه قسمت شوديكى يخته ويكى قد يدويكى بريان بس بهشتى جندانكه خواهد بخورد ديكر باره بقدرت حق زنده شود وبربرد.

وفى الاسئلة المقحمة انما قال

{ وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون } فغاير بين اللفظين والجواب لان الفواكه كما تكون للاكل تكون ايضا للنظر والشم

واما لحم الطير فمختلف الشهوات فى اكل بعض اجزآئه دون البعض ولما لم يكن بعد الاكل والشرب أشهى من الجمال قال

٢٢

{ وحور عين } عطف على ولدان او مبتدأ محذوف الخبر أى وفيها او لهم حور عين ان نساء وحور جمع حورآء وهى البيضاء او الشديدة بياض العين والشديدة سوادها وعين جمع عيناء وهى الواسعة الحسنة العين وهن خلقن من تسبيح الملائكة كما فى عين المعانى

٢٣

{ كأمثال اللؤلؤ المكنون } صفة لحور او حال اى الدر المخزون فى الصدف لم تسمه الايدى ولم تره الاعين او المصون عما يضربه ويدنسه فى الصفاء والنقاء ولما بالغ فى و صف جزآئهم بالحسن والصفاء دل على ان اعمالهم كانت كذلك لان الجزآء من جنس العمل فقال

٢٤

{ جزآء بما كانوا يعملون } مفعول به اى يفعل بهم ذلك الجزآء بأعمالهم الصالحة فى الدنيا فما جزآء الاحسان الا الاحسان فالمنازل منقسمة على قدر الاعمال

واما نفس دخول الجنة فيفضل اللّه ورحمته لاعمل عالم فمن طمع فى أن يدخل الجنة ويأكل من اللحم اللذيذ ويشرب من الشارب الهنيىء ويستمتع بالحور العين آثر وجه زواجها ( ويروى ) ان الحورآء اذا مشت سمع تقديس الجلاجل من ساقيها وتمجيد الاسورة من ساعديها وان عقد الياقوت يضحك فى نحرها وفى رجليها نعلان من ذهب شراكهما من لؤلؤ تصران اى تصوتان بالتسبيح على كل امرأة سبعون حلة ليست منها حلة على لون الاخرى وسبعون لونا من الطيب ليس منها لون على لون الآخر لكل امرأة سبعون سريرا من ياقوت احمر منسوجة بالدر على كل سرير سبعون فراشا بطائنها من استبرق وفوق السبعين فراشا سبعون أريكة لكل امرأة منهم سبعون وصيفة بيد كل وصيفة صحيفتان من ذهب فيما لون من طعام يجد لآخر لقمة منه لذة لايجدها لاولها ويعطى زوجها مثل ذلك على سرير من ياقوت احمر عليه سواران من ذهب موشح بياقوت احمر وكان يحيى بن معاذ رحمه اللّه يقول اخطب زوجة لاتسلبها منك المنايا وأعرس بها فى دار لايخربها دوران البلايا واسبك لها حجلة لاتحرقها نيران الرزايا ( وروى ) انهم خلقن من الزعفران كما فى كشف الاسرار

٢٥

{ لايسمعون فيها لغوا } اى باطلا قال فى القاموس اللغو واللغا السقط ومالا يعتد به من كلام وغيره وفى المفردات اللغو من الكلام مالا يعتد به هو الذى يورد لاعن روية وفكر فيجرى مجرى اللغا وهو صوت العصافير ونحوها من الطيور

{ ولا تأثيما } ولانسبة الى الاثم اى لايقال لهم اثمتم اى لا لغو فيها ولا تأثيم ولا سماع والاثم اسم للافعال المبطئة عن الثواب والجمع آثام

٢٦

{ الا قيلا } اى قولا

{ سلاما سلاما } بدل من قيلا والاستثناء منقطع اى لكنهم يسمعون فيها قولا سلاما سلاما او هو من باب لايذوقون فيها الموت الا الموتة الاولى فى انه من التعليق بالمحال ومعنى سماعهم السلام انهم يفشون السلام فيسلمون سلاما بعد سلام او لايسمع كل من المسلم والمسلم عليه الاسلام الآخر بدأ اورداً وفى الآية اشارة الى ان جنات السابقين المقربين صافية عن الكدورات المتغصة لساكنيها فارغة عن العاملات المعبسة لقاطنيها لايقول أهلها الا مع الحق ولا يسمعون الا من الحق تجلى الحق لهم عن اسمه السلام المشتمل على السلامة من النقائص والآفات المتضمن للقربات والكرامات ، اعلم ان عز السلام سلام اللّه على عباده كما قال

{ سلام قولا من رب رحيم } ثم سلام الارواح العالية كما حكى عن بعض الصالحين انه قال كان لى ابن استشهد فلم أره فى المنام الا ليلة توفى عمر بن عبدالعزيز رضى اللّه عنه وهو سابع الخلفاء الاثنى عشر ترآءى لى تلك الليلة فقلت يابنى ألم تكن ميتا فقال لا ولكنى استشهدت وانا حى عند اللّه ارزق فقلت له ماجاء بك فقال نودى فى اهل السماء ألا لا يبقى نبى ولا صديق ولا شهيد الا ويحضر الصلاة على عمر بن عبدالعزيز فجئت لاشهد الصلاة ثم جئتكم لاسلم عليكم ، يقول الفقير شاهدت فى الحرمين الشريفين حضور الارواح للصلوات والطواف وسلام بعضهم على بعض حتى سلمت انا فى السحر الاعلى عند مقام جبرآئيل على الخلفاء الاربعة والملائكة اربعة ولله الحمد على ذلك

سلام من الرحمن نحو جنابه ... لان سلامى يلايليق ببابه

٢٧

{ واصحاب اليمين } شروع فى تفصيل ما أجمل عند التقسيم من شؤونهم الفاضلة اثر تفصيل شؤون السابقين وهو مبتدأ خبره جملة قوله

{ ماصحاب اليمين } اى لا تدرى مالهم من الخير والبركة بسبب فواضل صفاتهم وكوامل محاسنهم

٢٨

{ فى سدر } اى هم فى سدر

{ مخضود } اى غير ذى شوك لا كسدر الدنيا فان سدر الدنيا مخلوق بشوك وسدر الحنة بلا شوك كأنه خضد شوكه اى قطع ونزع عنه فقوله

{ سدر مخضود } اما من باب المبالغة فى التشبيه او مجاز بعلاقة السببية فان الخضد سبب لانقطاع الشوك

وقيل مخضود اى مثنى اغصانه لكثرة حمله من خضد الغصن اذا ثناه وهو رطب فمخضود على هذا الوجه من حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه والسدر شجر النبق وهو ثمر معروف محبوب عند العرب يتخذون من ورقة الحرض وفى المفردات السدر شجر قليل الغذآء عند الاكل وقد يخضد ويستظل به فجعل ذلك مثل لظل الجنة ونعيمها قال بعض ليس شىء من ثمر الجنة فى غلف كما يكون فى الدنيا من الباقلاء وغيره بل كلها مأكول ومشروب ومشموم ومنظور اليه

٢٩

{ وطلح منضود } قد نضد حمله وتراكب بعضه على بعض من اسفله الى اعلاه ليست له سوق بارزة وهو شجر الموز وهو شجر له اوراق كبار وظل بارد كما ان اوراق السدر صغار أو هو ام غيلان وله انوار كثيرة منتظمة طيبة الرآئحة يقصد العرب منه النزهة والزينة وان كان لايؤكل منه شىء وعن السدى شجر يشبه طلح الدنيا ولكن له ثمر احلى من العسل وعن مجاهد كان لاهل الطائف واد معجب فيه الطلح والسدر فقالوا ياليت لنا فى لاجنة مثل هذا الوادى فنزلت هذه الآية وقد قال تعالى

{ وفيها ماتشتهه الانفس وتلذ الاعين } فذكر لكل قوم مايعجبهم ويحبون مثله وفضل طلح الجنة وسدرها على ما فى الدنيا كفضل سائر مافى الجنة على مافى الدنيا

٣٠

{ وظل ممدود } ممتد لاينتقص ولا يتفاوت كظل مابين طلوع الفجر وطلوع الشمس والعرب تقول للشىء الذى لاينقطع ممدود وفى الحديث ( فى الجنة شجرة يسير الراكب فى ظلها مائة عام لايقطعها ) وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما شجرة فى الجنة على ساق يخرج اليها اهل الجنة فيتحدثون فى اصلها اويتذكر بعضهم ويشتهى لهو الدنيا فيرسل اللّه ريحا من الجنة فتحرك تلك الشجرة بكل لهو كان فى الدنيا وقال فى كشف الاسرار ويحتمل ان الظل عبارة عن الحفظ تقول فلان فى ظل فلان اى فى كنفه لانه لا شمس هناك انتهى ، يقول الفقير بل المراد منه الراحة كما فى قوله تعالى

{ وندخلهم ضلا ضليلا } لانه انما يجلس المرء فى الظل للاستراحة وكانت العرب يرغبون فيه لقلته فى بلادهم وغلبة حرارة الشمس ومنه قوله عليه السلام ( السلطان ظل اللّه فى ارضه يأوى اليه كل مظلوم ) اى يستريح عند عدله ومنه قولهم مد اللّه ظلاله اى ظلال عدله ورأفته حتى يصل اثر الاستراحة الى الناس كلهم

٣١

{ وماء مسكوب } يسكب لهم ويصب اينما شاؤا وكيفما أرادوا بلا تعب او مصبوب سائل يجرى على الارض فى غير اخدود لاينقطع يعنى كون الماء مسكوبا كثيرا اما عبارة عن كونه ظاهرا مكشوفا غير مختص ببعض الاماكن والكيفيات او عن كونه جاريا واكثر ماء العرب من الآبار والبرك فلا ينسكب فلا يصلون الى الماء الا بالدلو والرشاء فوعدوا بالماء الكثير الجارى حتى يجرى فى الهوآء على حسب الاشتهاء كأنه مثل حال السابقين بأقصى مايتصور لأهل المدن وحال اصحاب اليمين باكمل مايتصور لاهل البواد ايذانا بالتفاوت بين الحالين فكما ان بينهما تفاوتا فكذا بين حاليهما

٣٢

{ وفاكهة كثيرة } بحسب الانواع والاجناس

٣٣

{ لامقطوعة } فى وقت من الاوقات كفواكه الدنيا

{ ولا ممنوعة } عن متناوليها بوجه من الوجوه كبعد المتناول وانعدام ثمن يشترى به وشوك به وشوك فى الشجر يؤذى من يقصد تناولها وحائط يمنع الدخول ونحوها من المحظورات وفى الحديث ( ماقطعت ثمرة من ثمار الجنة الا ابدل اللّه مكانها ضعفين )

٣٤

{ وفرش } جمع فراش وهو مايبسط ويفرش اى هم فى بسط

{ مرفوعة } اى رفيعة القدر أو مرتفعة وارتفاعها كما بين السماء والارض وهو مسيرة خمسمائة عام او مرفوعة على الاسرة

وقيل الفرش هى النساء حيث يكنى بالفراش وباللباس والازار عن المرأة وفى الحديث ( الولد للفراش ) فسمى المرأة فراشا وارتفاعها كونهن على الارآئك دل عليه قوله تعالى

٣٥

{ انا أنشأناهن انشاء } وعلى الاول اضمر هن لدلالة ذكر الفرش التى هى المضاجع عليهن دلالة بينة والمعنى ابتدأنا خلقهن ابتدآء جديدا نم غير ولاد ابدآء واعادة اما الابدآء فكما فى الحور لانهن انشأهن اللّه فى الجنة من غير ولادة

واما الاعادة فكما فى نساء الدنيا المقبوضة عجائز وفى الحديث ( هن اللواتى قبضن فى دار الدنيا عجائب شمطا ) جمع شمطاء والشمط بياض شعر الرأس يخالطه سواد ( رمصا ) جمع رمصاء والرمص بالتحريك وسخ يجتمع فى الموق جعلهن اللّه تعالى بعد الكبر أتراباً على ميلاد واحد فى الاستوآء كلما أتاهن ازواجهن وجدوهن ابكارا فلما سمعت عائشة رضى اللّه عنها ذلك قالت واوجاه فقال عليه السلام ( ليس هناك وجع ) وقد فعل اللّه فى الدنيا بزكريا عليه السلام فقال تعالى

{ واصلحنا له زوجه } سئل الحسن عن ذلك الصلاح فقال جعلها شابة بعد ان كانت عجوزا ولودا بعد كانت عقيما وذلك قوله تعالى

٣٦

{ فجعلناهن } بعد أن كن عجائز

{ ابكارا } اى عذارى جمع بكر والمصدر البكارة بالفتح قال الراغب البكرة اول النهار وتصور منها معنى التعجيل لتقمها على سائر اوقات لنهار وفقيل لكل متعجل بكر وسميت التى لم تفتض بكرا اعتبارا بالثيب لتقدمها عليها فيما يراد له النساء قال سعدى المفتى ان أريد بالانشاء معنى الابدآء فالجعل بمعنى الخلق وقوله

{ ابكارا } حال وان اريد به الاعادة فهو بمعنى التصبير وابكارا مفعوله الثانى

قال بعضهم دل قوله

{ فجعلناهن ابكارا } على ان المراد بهن نساء الدنيا لان المخلوقة ابتدآء معلوم انها بكر وهن أفضل واحسن من حور الجنة لانهن عملن الصالحات فى الدنيا بخلاف الحور وعن الحسن رضى اللّه عنه قالت عجوز عند عائشة رضى اللّه عنها من بنى عامر يارسول اللّه ادع اللّه أن يدخلنى الجنة فقال ( يا ام فلان ان الجنة لايدخلها عجوز ) فولت وهى تبكى فقال عليه السلام ( اخبروها انها ليست يومئذ بعجوز ) وقرأ الآية

٣٧

{ عربا } جمع عروب كرسل جمع رسول وهى المتحبية الى زوجها الحسنة التنقل واشتقاقه من اعرب اذا بين والعرب تبين محبتها لزوجها بشكل وغنج وحسن وفى المفردات امرأة عروبة معربة بحالها عن عقتها ومحبة زوجها وفى بعض التفاسير عربا كلامهن عربى

{ اترابا } جمع ترب بالكسر وهى اللدة والسن ومن ولد معد وهى تربى اى مستويات فى سن بنت ثلاث وثلاثين سنة وكذا ازواجهن والقامة ستون ذراعا فى سبعة اذرع على قامة ابيهم آدم شباب جردمكحولون احسنهم كالقمر ليلة البدر وآخرهم كالكوكب الدرى فى السماء يبصر وجه فى وجهها وتبصر وجهها فى وجهه لايبزقون ولا يتمخطون وما كان فوق ذلك من الاذى فهو ابعد وفى الحديث ( ان الرجل ليفتض فى الغداة سبعين عذراء ثم ينشئهن اللّه ابكارا ) وقال عليه السلام ( ان الرجل من اهل الجنة ليزوج خمسمائة حورآء واربعة آلاف ثيب وثمانية آلاف بكر يعانق كل واحدة منهن مقدار عمره فى الدنيا ) ودرتبيان آورده كه جمله راببهشت آرند بدين سن سازند وبشو هرد هند وعجوزه را نيزرد كنند بدين سن اكر شوهر نداشته باشد دردنيا ببعض ازاهل بهشت دهند واكر شوهر داشته باشد اما شوهر واواز اهل بهشت نبوده جون امرأة فرعون اورابيكى از بهشتيان دهند واكر زوج اوبهشتى بود بازبدو ارزانى دارند واكر زيادة ازيك شوهر داشته باشد وهمه بهشتى باشند بزوج اخرين نامزد كنند وفى الحديث ( أدنى اهل الجنة الذى له ثمانون ألف خادم واثنتان وسبعون زوجة وينصب له قبة من لؤلؤ وزبرجد وياقوت كما بين الجابية الى صنعاء ) الجابية بالجيم بلد بالشام وصنعاء بلد باليمن كثيرة الاشجار والمياه تشبه دمشق وفى الحديث ( تقول الحورآء لولى اللّه كم من مجلس من مجالس ذكر اللّه قد اكرمك به العزيز اشرفت عليك بدلالى وغنجى واترابى وأنت قاعد بين اصحابك تخطبنى الى اللّه فترى شوقك كان يعدل شوقى اوجدك كان يعدل جدى والذى اكرمنى بك واكرمك بى ما خطبتنى الى اللّه مرة الا خطبتك الى اللّه سبعين مرة فالحمد لله الذى اكرمنى بك واكرمك بى )

٣٨

{ لاصحاب اليمين } معلقة بانشأنا

٣٩

انظر تفسير الآية:٤٠

٤٠

{ ثلة من الاولين وثلة من الآخرين } اى هم امة من الاولين امة من الآخرين وفى الحديث ( هم جمعيا من امتى ) اى الثلثان من امتى فعلى هذا التابعون باحسان ومن جرى مجراهم ثلة اولى وسائر الامة ثلة اخرى فى آخر الزمان وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضى اللّه عنهما انه قال خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلام يوما فقال ( عرضت على الامم فجعل يمر النبى معه الرجل والنبى معه الرجلان معه الرهط والنبى ليس معه رهط والنبى ليس معه احد ورأيت سواداً كثيرا سد الافق فقيل لى انظر هكذا وهكذا فرأيت سواداً كثيرا سد الافق فقيل لى هؤلاء امتك ومع هؤلاء سبعون الفا يدخلون الجنة بغير حساب ) وفى رواية عبد اللّه ابن مسعود رضى اللّه عنه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال ( عرضت على الانبياء الليلة بأتباعها حتى أتى على موسى فى كبكبة من بنى اسرآئيل اى فى جماعة منهم فلما رأيتهم اعجبونى فقلت اى رب من هؤلاء قيل هذا اخوك موسى ومن معه من بنى اسرآئيل فقلت فأين امتى قيل انظر عن يمينك فاذا ظراب مكة قد سدت بوجوه الرجال وهو جمع طرب ككتف وهو مانتأ من الحجارة وحد طرفه والجبل المنبسط او الصغير كما فى القاموس قيل هؤلاء امتك أرضيت قلت رب رضيت رب رضيت قيل انظر عن يسارك فاذا الافق سد بوجوه الرجال قيل هؤلاء امتك أرضيت قلت رب رضيت رب رضيت فقيل ان مع هؤلاء سبعين الفا يدخلون لاجنة بلا حساب عليهم ) فقال نبى اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( ان استطعتم ان تكونوا من السبعين فكونوا وان عجزتم وقصرتم فكونوا من اهل الظراب وان عجزتم فكونوا من الافق فانى قدر رأيت ثمة اناسا يتهاوشون كثيرا ) ، يعنى اكر عاجز آييد بس باشيد از ا هل افق كه من ديدم آنجا مردم بسيار مختلط بودند ، قال فى القاموس الهوش العدد الكثير والهوشة الاختلاط والهويشة الجماعة المختلطة والهواشات بالضم الجماعات من الناس والتهاوش فى الحديث جمع تهواش مقصور من التهاويش تفعال من الهوش وتهوشوا اختلطوا كتهاوشوا وعليه اجتمعوا وهاوشهم وخالطهم ( وروى ) انه قال صلّى اللّه عليه وسلّم ( انى لارجو أن تكونوا شطر اهل الجنة ) ثم تلا

{ ثلة من الاولين وثلة من الآخرين } ، يقول الفقير الذى يتحصل من هذا ان الابرار كثير من هذه الامة فى اوآئلها واواخرها وكذا من الامم السابقة

واما السابقون فكثير من هذه الامة فى اوآئلها دون اواخرها كما دلت عليه الآية المتقدمة وكذا قول الحسن البصرى رحمه اللّه حيث قال رأيت سبيعن بدريا كانوا فيما احل اللّه لهم ازهد منكم فيما حرم اللّه عليكم وكانوا بالبلاء اشد منكم فرحا بالرخاء لو رأيتموهم قلتم مجانين ولو رأوا اخياركم قالوا مالهؤلاء من خلاق ولو رأوا اشراركم حكموا بأنهم لايؤمنون بيوم الحساب ان عرض عليهم الحلال من المال تركوه خوفا من فساد قلوبهم انتهى

واما السابقون من الامم السالفة فان انظم اليهم الانبياء فهم اكثر من سابقى هذه الامة والا فلا كما حققناه سابقا وذلك ان زهاد الامم وان كانوا اكثر من زهاد هذه الامة لكنهم لعدم استقرار اكثرهم على اليقين قلوا

واما هذه الامة فمن قلتهم بالنسبة اليهم كثروا لثباتهم على اليقين الاعتقاد والاعتصام بالقرءآن كما ورد فى بعض الاخبار

٤١

{ واصحاب الشمال } شروع فى تفصيل احوالهم وهم الكفار لقوله تعالى

{ والذين كفورا بآياتنا هم اصحاب المشأمة٠عليهم نار مؤصدة } { ماصحاب الشمال } اى لاتدرى مالهم من الشر وشدة الحال يوم القيامة

٤٢

{ فى سموم } اى هم فى حر نار تنفذ فى المسام وهى ثقب البدن وتحرق الاجساد والاكباد قال فى القاموس السموم الريح الحارة تكون غالبا فى النهار والحرور الريح الحارة بالليل وقد تكون بالنهار

{ وحميم } وهو الماء المتناهى فى الحرارة

٤٣

{ وظل من يحموم } من دخان اسود بهيم فان اليحموم الدخان الاسود من كل شىء كما فى القاموس يفعول من الحمة بالضم وهو الفحم تقول العرب اسود يحموم اذا كان شديد السواد قال الضحاك النار سوداء واهلها سود وكل شىء فيها اسود ولذا لايكون فى الجنة الاسود الا الخال واشفار العين والحاجب ، يقول الفقير فيه تحذير عن شرب الدخان الشائع فى هذه الاعصار فانه يرتفع حين شربه ويكون كالظل فوق شاربه مع مالشربة من الغوآئل الكثيرة ليس هذا موضع ذكرها فنسأل اللّه العافية لمن ابتلى به اذ هو مما يستخبثه الطباع السليمة وهو حرام كما عرف فى التفاسير

٤٤

{ لابارد } كسائر الظلال

{ ولا كريم } ولانافع من اذى الحر لمن يأوى اليه نفى بذلك ما اوهم الظل من الاسترواح يعنى انه سماه ظلا ثم نفى عنه وصيفة البرد والكرم الذى عبر به عن دفع اذى الحر لتحقيق انه ليس بظل والكرم صفة لكل مايرضى ويجرى فى بابه والظل يقصد لفائدتين لبرودته ودفع اذى الحر وان لم تحصل الاستراحة بالبرد لعدمه كمن فى البيوت المسدودة الاطراف بحيث لايتحرك فيها الهواء فان من يأوى اليها لايستأهلون للظل البارد والكريم الذى هو لأضدادهم فى الجنة

٤٥

{ انهم كانوا كقبل ذلك مترفين } تعليل لابتلائهم بما ذكر من العذاب يقال ترف كفرح تنعم واترفه النعمة اطغته وانعمته وفلان اصر على البغى والمترف كمكرم المتروك يصنع مايشاء فلا يمنع كما فى القاموس اى انهم كانوا قبل ماذكر من سواء العذاب فى الدنيا منعمين بانواع النعم من المآكل والمشارب والمساكن الطيبة والمقامات الكريمة منهمكين فى الشهوات فلا جرم عذبوا بنقائضها

٤٦

{ وكانوا يصرون على الحنث العظيم } اى الذنب العظيم الذى هو الشرك ومنه قولهم بلغ الغلام الحنث اى الحلم ووقت المؤاخذة بالذنب وحنث فى يمينه خلاف بر فيها وقال بعضهم الحنث هنا الكذب لانهم كانوا يحلفون باللّه مع شركهم لايبعث اللّه من يموت ، يقول الفقير بدل على هذا مايأتى من قوله

{ ثم انكم ايها الضالون المكذبون } والحكمة فى ذكر سبب عذابهم مع انه لم يذكر فى اصحاب اليمين سبب ثوابهم فلم يقل انهم كانوا قبل ذلك شاكرين مذعنين التنبيه على ان ذلك الثوات منه تعالى فضل لا تستوجبه طاعة مطيع وشكر شاكر وان العقاب منه تعالى عدل فاذا لم يعلم سبب العقاب يظن ان هناك ظلما وفى الآية اشارة الى سموم نار البعد والحجاب وحميم القهر والغضب وظل شجرة الجهل مافيه برد اليقين كسائر الظلال ولا يسكن حرارة عطشهم من طلب الدنيا ولذاتها وما فيه كرم الهمة ايضا حتى يعينهم على ترك الدنيا وزينتها وزخارفها بل لايزالون يطلبون من الدنيا ماليس فيها من الاستراحة والاسترواح انه كانوا قبل ذلك متفرفين يعنى ما كان استظلالهم بشجرة الجهل المركب التى ليس فيها برد اليقين ولا كرم الهمة الا بسبب استعدادتهم الذاتية المجبولة على جب الشهوات واللذات قبل دخولهم فى الوجود العينى وايضا كان استضلالهم بشجرة الجهل لانهم كانوا فى محبة النفس والدنيا متمكنين فى الازل اذا الحنث العظيم هو حب النفس وحب الدنيا كما قال صلّى اللّه عليه وسلّم ( حب الدنيا رأس كل خطيئة )

مر اطاعت نفس شهوت برست ... كه هر ساعتش قبله ديكر است

برمرد هيشار دنيا خست ... كه هر مدتى جاى ديكر كست

٤٧

{ وكانوا } مع شركهم

{ يقولون } لغاية عتوهم وعنادهم

{ أئذا متنا } آيا وقتى كه بميريم

{ وكنا ترابا وعظاما } اى كان بعض اجزائنا من اللحم والجلد ترابا وبعضها عظاما نخرة وتقديم التراب لعراقته فى الاستبعاد وانقلابه من الاجزاء البادية واذا ممحضة للظرفية والعامل فيها مادل علهي قوله تعالى

{ أئنا لمبعوثون } لانفسه لان مابعدان واللام والهمزة لايعمل فيما قبلها وهو البعث وهو المرجع للانكار وتقييدها بالوقت المذكور ليس لتخصيص انكاره به فانهم منكرون للاحياء بعد الموت وان كان البدن على حاله بل لتقوية الانكار للبعث بتوجيهه اليه فى حالة منافية له بالكلية وليس مدار انكارهم كونهم ثابتين فى المبعوثية بالفعل فى حال كونهم ترابا وعظاما بل كونهم بعرضية ذلك واستعدادهم له ومرجعه الى انكار البعث بعد تلك الحالة

٤٨

{ أو آبائنا الاولون } الواو للعطف على المستكين فى لمبعوثون ، يعنى آيا مدران وبدران بيشين مانيز مبعوث شوند

٤٩

{ قل } رد الانكار هم وتحقيقا للحق

{ ان الاولين والآخرين } من الامم الذين من جملتهم انتم وآباؤكم وبالفارسية بدرستى كه بيشينيان از آباى شما وغير آن وبيشينان از شما وغير شما.

وفى تقديم الاولين مبالغة فى الرد حيث كان انكارهم لبعث آبائهم اشد من انكارهم لبعثهم مع مراعاة الترتيب الوجودى

٥٠

{ لمجموعون } بعد الموت وكأنه ضمن الجمع معنى السوق فعدى تعديته بالى ولذا قال

{ الى ميقات يوم معلوم } الى ماوقتت به الدنيا وحدت من يوم معلوم لله معين عنده وهو يوم القيامة والاضافة بمعنى من كخاتم فضة والميقات هو الوقت المضروب للشىء ينتهى عنده او يبتدأ فيه ويوم القيامة ميقات تنتهى الدنيا عنده واول جزء منه فالميقات الوقت المحدود وقد يستعار للمكان ومنه مواقيت الاحرام للحدود التى لايتجاوزها من بريد دخول مكة الا محرما

٥١

{ ثم انكم } الخطاب لاهل مكة واضرابهم عطف على ان الاولين داخل تحت القول وثم للتراخى زمانا او رتبة

{ ايها الضالون } عن الحق والهدى

{ المكذبون } اى البعث

٥٢

{ لآكلون } بعد البعث والجمع ودخول جنهم

{ من شجر الزقوم } من الاولى لابتداء الغاية والثانية لبيان الشجر وتفسيره اى مبتدئون الاكل من شجر هو الزقوم وهو شجر كربه المنظر والطعم حار فى اللمس منتن فى الرائحة وهى الشجرة الملعونة فى القرءآن قال اهل الحقيقة سدرة المنتهى اغصانها نعم لاله الجنة واصولها زقوم لاهل النار فهى مبدأ اللطف والقهر والجمال والجلال

٥٣

{ فمالئون } بس يركنند كان باشيد ، يقال ملأ الاناء فهو مملوء من باب قطع والملىء بالكسر مقدر ما يأخذه الاناء اذا امتلأ

{ منها } اى من ذلك الشجر والتأنيث باعتبار المعنى

{ البطون } اى بطونكم من شدة الجوع او بالقسر وفيه بيان لزيادة العذاب وكما له اى لايكتفى منكم بنفس الاكل كما لايكتفى من يأكل الشىء تحلة القسم بل تلزمون بان تملأوا منها البطون اى يملأ كل واحد منكم بطنه او بطون الامعاء والاول اظهر والثانى ادخل فى التعذيب

٥٤

{ فشارون عليه } اى على شجر الزقوم اى عقيب ذلك بلا ريث لعطشكم الغالب وتذكير ضمير الشجر باعتبار اللفظ

{ من الحميم } اى الماء الحار فى الغاية

٥٥

{ فشاربون شرب الهيم } كالتفسير لما قبله اى لايكون شربكم شربا معتادا بل يكون مثل شرب الهيم وهى الابل التى بها الهيام وهو داء يصيبها يشبه الاستسقاء فتشرب ولا تروى الى ان تموت او تقسم سقما شديدا جمع اهيم وهيماء فاصله هيم كأحمر وحمر وفقلبت الضمة كسرة لتصح الياء والمعنى انه يسلط عليهم من الجوع والتهاب لنار فى احشائهم بمايضطرهم الى اكل الزقوم الذى هو كالمهل فاذا املأوا منه بطونهم وهو فى غاية الحرارة والمرارة سلط عليهم من العطش مايضطرهم الى شرب الحميم الذى يقطع امعاءهم فيشربونه شرب الابل العطاش وفيه بيان لزيادة العذاب ايضا اى لايكون شربكم ايها الضالون كشرب من يشرب ماء حارا منتنا فانه يمسك عنه اذا وجده مؤلما معذبا بخلاف شربكم فانكم تلزمون بان تشربوا منه مثل مايشرب الجمل الاهيم فانه يشرب ولايروى وفى الآية اشارة الى افراط النفس والهوى فى شرب ماء حميم الجهل والضلال وفى اكل زقوم المشتهيات المورثة للوبال ولغاية حرصها لاتزيد الا جوعا وعطشا ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب

كجا ذكر در انبان آز ... بسختى نفس ميكند يادراز

٥٦

{ هذا } الذى ذكر من الزقوم والحميم او مايلقونه من العذاب

{ نزلهم } اى زرقهم المعد لهم اى كالنزل الذى يعد للنازل مما حضر مكرمة له

{ يوم الدين } اى يوم الجزآء فاذا كان ذلك نزلهم فما ظنك بحالهم بعدما استقر لهم القرار واطمأنت بهم الدار فى النار وفيه من التهكم مالا يخفى كما فى قوله تعالى

{ فبشرهم بعذاب أليم } لان مايعد لهم فى جهنم ليس مكرمة لهم والجملة مسوقة من جهته تعالى بطريق الفذلكة مقررة لمضمون الكلام الملقن غير داخلة تحت القول

٥٧

{ نحن خلقناكم فلولا تصدقون } اى فهلا تصدقون أيها الكافرة بالخلق فان مالا يحققه العمل ولايساعده بل ينبىء عن خلافه ليس من التصديق فى شىء او بالبعث فان من قدر على الابدآء قدر على الاعادة ، اعلم ان اللّه تعالى اذا اخبر عن نفسه بلفظ الجميع يشير به الى ذاته وصفاته واسمائه كما قال

{ انا نحن نزلنا الذكر ون له لحافظون } وكما قال

{ انا انزلناه } واذا اخبر عن نفسه بلفظ المفرد يشير الى ذاته المطلقة كما قال

{ انى انا اللّه رب العالمين } هذا اذا كان القائل المخبر هو اللّه تعالى

واما اذا كان العبد فينبغى أن يقول أنت يارب لا أنتم لايهامه الشرك المنافى لتوحيد القائل ولذا يقال أشهد أن لا اله الا اللّه ليدل على شهادته بخصوصه فتعين توحيده ويظهر تصديقه

٥٨

{ افرأيتم ماتمنون } اى تقذفونه وتصبونه فى ارحام النساء من النطف الى تكون منها الولد فقوله

{ أفرأيتم } بمعنى اخبرونى وما تمنون مفعوله الاول والجملة الاستفهامية مفعوله الثانى يقال امنى الرجل يمنى لايغر ومنبت الشىء امنية اذا قضيته وسمى المنى منيا لان الخلق منه يقضى

٥٩

{ ءأنتم تخلقونه } اى تقدرونه وتصورونه بشرا سويا فى بطون النساء ذكرا او انثى

{ ام نحن الخالقون } له من غير دخل شىء فيه وام قيل منقطعة لان مابعدها جلمة فالمعنى بل أنحن الخالقون على ان الاستفهام للتقرير

وقيل متصلة ومجيىء الخالقون بعد نحن بطريق التأكيد لا بطريق الخبرية اصالة وفيه اشارة الى معنى ان وقوع نطف الاعمال والافعال وموادها فى ارحام قلوبكم ونفوسكم بخلقى وارادتى لا بخلقكم وارادتكم ففيه تخصيص مواد لخواطر المقتضية للافعال والاعمال والاقوال الى نفسه وقدرته وسلبها عن الخلق

٦٠

{ نحن قدرنا بيكم الموت } اى قسمناه عليكم ووقتنا موت كل احد بوقت معين حسبما تقتضيه مشيئتنا المبنية على الحكم البالغة فمنهم من يموت صغيرا ومنهم من يموت كبيرا ، يقول الفقير قيل لى فى بعض الاسحار اصبر ولا يكون الا ماقدر اللّه تعالى فمرضت بعد ايام ابنتى امة اللّه حتى ماتت جعلها الهل فرطا وذخرا وشافعة ومشفعة وقد ثبت ان ابراهيم عليه السلام تعلق باسمعيل فابتلى بذبحه وكذا يعقوب عليه السلام تعلق بيوسف فابتلى بالفراق فهذه كلها مقادير يحب الرضى بها

{ وما نحن بمسبوقين } اى انا قادرون

٦١

{ على أن نبدل } منكم

{ امثالكم } لايغلبنا احد على أن نذهبكم ونأتى مكانكم بأشباهكم من الخلق يقال سبقته على كذا اى غلبته عليه وغلب فلان فلانا على الشىء اذا اخذه منه بالغلبة

{ وننشئكم فيما لاتعلمون } من الخلق والاطوار لاتعهدون بمثلها وقال الحسن البصرى رحمه اللّه اى نجعلكم قردة وخنازير كمن مسخ قبلكم ان لم تؤمنوا برسلنا يعنى لسنا عاجزين عن خلق امثالكم بدلا منكم ومسخكم من صوركم الى غيرها ويحتمل ان الآية تنحو الى الوعيد فالمراد اما انشاؤهم فى خلق لايعلمونها أو صفات لايعلمونها يعنى كيفيات من الألوان والاشكال وغيرها وفى الحديث ( ان اهل الجنة جرد مرد وان الجهنى ضرسه مثل أحد ) وفى الآية اشارة الى ان اللّه تعالى ليس بعاجز عن تبديل الصفات البشرية بالصفات الملكية وجعل السالكين مظهر الصفات غير صفاتهم التى هم عليها اذ توارد الصفات المختلفة المتابينة على نفس واحدة على مقتضى الحكمة البالغة ليس من المحال ألا ترى الى الجوهر الواحد فانه يصير تارة فضة واخرى ذهبا بطرح الاكسير

٦٢

{ ولقد علمتم النشاة } اى الخلقة

{ الاولى } هى خلقتهم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة

وقيل هى فطرة آدم من التراب

{ فلولا تذكرون } فهلا تتذكرون ان من قدر عليها قدر على النشأ الاخرى حتما فانها اقل صنعا لحصول المواد وتخصص الاجزآء وسبق المثال

آنكه مارا زخلوت تابود ... مى كشد تابجلوه كاه وجود

بار ديكركه از سموم هلاك ... روى بوشيم زير برده خاك

هم نواند بامر كن فيكون ... كارد از كوشه لحد بيرون

وفى الخبر عجبا كل العجب للمكذب بالنشأة الآخرة وهو يرى النشأة الاولى وعجبا للمصدق بالنشأة الآخرة وهو يسعى لدار الغرور وفى الآية دليل على صحة القياس حيث جهلهم فى ترك قياس النشأة الاخرى على الاولى وترك القياس اذا كان جهلا كان القياس وكل ما كان من قبيل العلم فهو صحيح ( وفى المثنوى )

مجتهد هركه كه باشد نص شناس ... اندر آن صورت نينديشد قياس

جون نيايد نص اندر صورتى ... از قياس آنجا نمايد عبرتى

اين قياسات وتحرى روزا بر ... نابشت مر قبله راكردست حبر

ليك باخورشيد وكعبه بيش رو ... اين قياس واين تحرى مجو

ومنه يعلم بطلان قياس ابليس فانه قياس على خلاف الامر عنده وروده ( كما قال فى المثنوى )

اول آنكس كين قياسكها نمود ... بيش انوار خدا ابليس بود

كفت نار ازخاك بى شك بهترست ... من زنار واوز خاك اكدرست

بس قياس فرع براصلش كنيم ... او ز ظلمت مازنور روشنيم

كفت حق نى بلكه لا انساب شد ... زهد وتقوى فضل را محراب شد

وفيه اشارة الى انا اذا قدرنا على انشاء النشأة الاولى البشرية الطبيعية الدنيوية مع عدم مداة المواد الصفاتية فمن استعجز قدرة اللّه فقد كفر ألا ترى الى محرومى البداية مرزوقى النهاية مثل ابراهيم بن آدهم وفضيل بن عياض ومالك بن دينار وغيرهم قدس اللّه اسرارهم فان اللّه تعالى أنشأهم نشأة اخرى ولو بعد حين

٦٣

{ أفرأيتم } اخبرونى وبالفارسية اخبار كنيد

{ ماتحرثون } اى تبذرونه من الحب وتعملون فى ارضه بالسقى ونحوه والحرثة القاء البذر فى الارض وتهيئتها للزرع

٦٤

{ ءأنتم تزرعونه } تنبتونه وتردونه نباتا يربو وينمو الى أن يبلغ

{ ام نحن الزارعون } اى المنبتون لاأنتم والزرع الانبات وحقيقة ذلك كون بالامور الالهية دون البشرية ولذا نسب الحرث اليهم ونفى عنهم الزرع ونسبه الى نفسه وفى الحديث ( لايقولن احدكم زرعت وليقل حرثت فان الزرع هو لله ) والحاصل ان الحرث فعلهم من حيث ان اختيارهم له مدخل فى الحرث والزرع خالص فعل اللّه فان انبات السنبل والحب لامدخل فيه لاختيار العبد اصلا واذا نسب الزرع الى العبد فلكونه فاعلا للاسباب التى هى سبب الزرع والانبات فى الاسئلة المقحمة الاصح ان الحرث والزرع واحد كقوله تعالى

{ ولاتقسى الحرث } فهلا أضاف الحرث الى نفسصه ايضا والجواب ان اضافة الحرث الينا اضافة الاكتساب واضافته الى نفسه اضافة الخلق والاختراع كقوله تعالى

{ ومارميت اذ رميت } قال الحليمى يستحب لكل من ألقى فى الارض بذرا أن يقرأ بعد الاستعاذة

{ أفرأيتم } الى قوله

{ بل نحن محرمون } ثم يقول اللّه الزارع والمنبت والمبلغ اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد وارزقنا ثمره وجنبنا ضرره واجعلنا لأنعمك من الشاكرين ويقال ان هذا القول امان لذلك الزرع من جميع الآفات الدود والجراد وغير ذلك وفى الآية امتنان ليشكروا على نعمة الزرع واستدلال بان من قدر على الانبات قدر على الاعادة فكما انه ينبت الحب فى الارض وينبت بذر النطفة فى الرحم فكذا ينبت من حب عجب الذنب فى القبر فان كلها حب وذلك لان بذر النطفة وكذا عظم عجب الذنب شىء كخر دلة كما اسلفناه

٦٥

{ لو نشاء } لو للمضى وان دخل على المضارع ولذا لاجزمه فهو شرط غير جازم اى لو أردنا

{ لجعناه } اى الزرع بمعنى المزروع

{ حطاما } الحطم كسر الشىء مثل الهشم ونحون ثم استعمل لكل كسر متناه والمعنى هشيما اى يابسا متكسرا متفتتا بعدما انبتناه وصار بحيث طمعتم فى حيازة غلاله وجمعها

{ فظلتم } اى فصرتم بسبب ذلك

{ تفكهون } تتعجبون من سوء حاله اثر ماشاهدتموه على أحسن مايكون من الحال او تندمون على فعلتم فيه من الاجتهاد وانفقتم عليه او تندمون على ماأصابتم لاجله من المعاصى فتتحدثون فيه والتفكه التنقل بصنوف الفاكهة وقد استعير للتنقل بالحديث وقرىء تفكنون بالننون والتفكن التعجب والتفكر والتندم ومنه الحديث مثل العالم كمثل الحمة يأتيها العبدآ ويتركها القرباء فبيانهم اذعار ماؤها فانتفع بها قوم يتفكنون اى يتندمون والحمة العين الحارة من الحميم وهو الماء الحار يستشفى به الاعلاء والمرضى

٦٦

{ انا لمغرومون } حال من فاعل تفكهون اى قائلين انا لملزمون غرامة ما انفقنا والغرامة ان يلزم الانسان ماليس فى ذمته وعليه كما فى المغرب او مهلكون بهلاك رزقنا او بشؤم معاصينا من الغرام وهو الهلاك

٦٧

{ بل نحن محرومون } حرمن رزقنا او محدودون لامجدودون اى ممنوعون من الحد وهو المنع لاحظ لنا ولاجد ولابخت ولو كنا مجدودين لما فسد علينا هذا ( روى ) عن انس ابن مالك رضى اللّه عنه قال مر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بارض الانصار فقال ( مايمنعكم من الحرث ) قالوا الجدوبة قال ( أفلا تفعلون فان اللّه تعالى يقول أنا الزارع ان شئت زرعت بالماء وان شئت زرعت بالريح وان شئت زرعت بالبذر ) ثم تلا رسول اللّه عليه السلام

{ أفرأيتم ماتحرثون } الآية ففى الحديث اشارة الى اللّه تعالى هو الذى يعطى ويمنع باسباب وبغيرها فالتوحيد هو أن يعتقد أن التأثير من اللّه تعالى لامن غيره كالكوكب ونحوه فانه يتهم النفس بالمعصية القاطعة للرزق وفى الحديث ( ماسنة بأمطر من اخرى لكن اذا عمل قوم بالمعاصى حول اللّه ذلك الى غيرهم فاذاعصوا جميعا صرف اللّه ذلك الى الفيافى والبحار ) وفى الحديث ( دم على الطهارة يوسع عليك الرزق ) فاذا كان تو سيع الرزق فى الطهارة فتضييقه فى خلافهما والرزق ظاهر وباطن وكذا الطهارة والنجاسة فلا بد لطالب الرزق مطلقا أنيكون على طهارة مطلقة دآئما فان قلت فما حال اكثر السلف فانهم كانوا فقرآء مع دوام الطهارة قلت كان السلف فى الزرق المعنوى اكثر من الخلف وه والمقصود الاصلى من الرزق انما كانوا فقرآء فى الظاهر لكمال افتقارهم الحقيقى كما قال عليه السلام ( اللهم أغننى بالافتقار اليك ) فمنعوا عنى الغنى الصورى تطبيقا لكل من الظاهر والباطن بالآخر فهم أغنى الاغنياء فى صورة الفقرآء وماعداهم ممن ليس على صفتهم افقر الفقراء فى صورة الاغنياء فالمرزوق من رزق غذآء الروح من الواردات والعلوم والفيوض والمحروم من حرمه فاعرفه ( وفى المثنوى )

فهم نان كردن نه حكمت اى رهى ... زانكه حق كفت كلوا من رزقه

رزق حق حكمت بود در مرتبت ... كان كلو كيرت نباشد عاقبت

آن دهان بستى دهانى باز شد ... كه خورنده لقمهاى راز شد

كرز شير ديوتن را بروى ... در فطام او بسى نعمت خورى

٦٨

{ أفرأيتم } خبر نماييد

{ الماء الذى تشربون } عذبا فراتا وتخصيص هذا الوصف بالذكر مع كثرة منافعه لان الشرب اهم المقاصد المنوطة به

٦٩

{ ءأنتم أنزلتموه من المزن } اى من السحاب واحده مزنة

وقيل هو السحاب الابيض وماؤه اعذب

{ ام نحن المنزلون } له بقدرتنا والرؤية ان بمعنى العلم فملعقة بالاستفهام وان كانت بمعنى الابصار والمعرفة فالجملة الاستفهامية استئناف وهذا اختبار الرضى

٧٠

{ لو نشاء جعلناه اجاجا } ملحا زعاقا لايمكن شربه وحذف اللام فى الشرطية الاولى للفرق بين المطعوم والمشروب فى الاهمية وصعوبة الفقد يعنى ان امر المطعوم ههنا مع اثباتها مقدم على المشروب وان الوعيد بفقده أشد وأصعب من قبل ان المشروب انما يحتاج اليه تبعا للمطعوم

{ فلولا تشكرون } فهلا تشكرون ماذكر جميعا من المطعوم والمشروب بتوحيد منعمه واطاعة امره او فلولا تشكرون على ان جعلناه عذبا وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما ان تحت العرش بحرا تنزل منه ارزاق الحيوانات يوحى اللّه اليه فيمطر ماشاء من سمء الى سماء حتى ينتهى الى سماء الدنيا ويوحى الى السماء ان غربليه فتغربله فليس من قطرة تقطر الا معها ملك يضعها موضعها ولا ينزل من السماء قطرة الا بكيل معلوم ووزم معلوم الا ماكان من يوم الطوفان فانه نزل بغير كيل ولا وزن وقال بعض الحكماء ان المطر يأخذه قوس اللّه من البحر الى السحاب ثم ينزل من السحاب الى الارض

قال بعضهم هو أدخل فى القدرة لان ماء البحر مر فيصعد ملحا وينزل عذبا وفى الآية اشارة الى ان بعض بلاد العرب ليس لها آبار ولا انهار جارية فلا يشرب اهلها الا من المطر فى المصانع فمنها القدس الشريف وينبع وجدة المحروسة ونحوهها وللماء العذب مزيد فضل فى هذه البلاد ولذا امتهن اللّه به على العباد وفيها اشارة الى ماء معرفة والعلم الالهى فانه ليس بالكسب والاجتهاد بل بمحض عطاء اللّه تعالى ولو شاء اللّه لجهل الماء العذب الجارى من شمرب الكشف والشهود ماء ملحا جاريا من مشرب الحجاب والجهالة والضلالة فلا بد من الشرك على نعم المعارف والحقائق والحكم.

واعلم ان من حفر بئر فما أن يصل الى الماء او لا فان وصل فاما أن يكون ذلك الماء مالحا او عذبا فعلى تقدير كونه عذبا ليس كالمطر الحاصل بلا اسباب فانه طيب طاهر خالص فهذا مثل علم علماء الرسوم ومثل علم علماء الحقيقة فان الانبياء والاولياء ملهمون من عند اللّه تعالى ولا خطأ فى لوحى والالهام اصلا ولذا تقول ان علم الصوفية هو العلم الصواب كله فعلمهم تذكرى ليس لهم احتياج الى ترتيب المقدمات بخلاف علماء الرسوم فان علمهم تفكرى هتاج الى ذلك ولا بد لطالب الفيض من تهيئة المحل قبل وروده ألا ترى الى صاحب الحرث فانه يشتغل بتهيئة الارض والقاء البذر ولا يدرى من ينزل المطر فاذا نزل أصاب محزه ، ثم اعلم ان الورح ينزل بالمطر وله تعين فى كل نشأ بما يناسبه فعند تمام الخلقة فى الرحم ينفخ اللّه تعالى الروح وهو عبارة عن تعين الروح وظهوره لكن عبر عنه بالنفخ لان العقل قاصر عن دركه وكان عليه السلام يكشف رأسه عند نزول المطر ويقول حديث عهد بربه فالروح روح كان سبب للحياة مطلقا فينبغى تلقى التجليات الواردة من قبل الحق بهيئة المحل كما ان النبى عليه السلام كشف رأسه وهيأ محل نزول المطر وذلك لان المطر ينزل من العلو فلقى على أعلى شىء فى الانسان وهو الرأس

٧١

{ أفرأيتم النار التى تورون } الا يرآء آتش از آتش زنه بيرون كردن ، اى تقدحونها وتستخرجونها من الزناد والعرب تقدح بعودين تحك احدهما على الآخر ويسمون الأعلى الزند والاسفل الزندة شبهوهما بالفحل والطروقة يقال ناقة طروقة اى بلغت أن يضربها الفحل لان الطرق الضرب

٧٢

{ ءأنتم أنشأتم شجرتها } التى منهال الزناد وهى المرخ والعفار كما مر فى صورة يس

{ ام نحن المنشئون } لها بقدرتنا

٧٣

{ نحن جعلناها تذكرة } استئناف مبين لمنافعها اى جعلنا نار الزناد تذكير النار جهنم من حيث عقلنا بها اسباب المعاش لينظروا اليها ويذكروا ما اوعدوا به من نار جهنم او تذكرة وموعظة وانموذجا من جهنم لما روى عن النبى عليه السلام ( ناركم هذه التى يوقدها بنوا آدم جزؤ من سبعين جزأ من حر جهنم )

وقيل تبصره فى امر البعث فانه ليس ابدع من اخراج النار من الشىء الرجب وفى عين المعانى وهو حجة على منكرى عذاب الفقير حيث تضمن النار مالا يحرق ظاهره

{ ومتاعا } ومنفعة وبلغة لان حمل النار يشق

{ للمقوين } للذين ينزلون القوآء بالفتح وهو القفر الخالى عن الماء والكلاء والعمارة وهم المسافرون وتخصيصهم بذلك لانهم احوج اليها ليهرب منها السباع ويسطلوا من البرد ويجففوا ثيابهم ويصلحوا طعامهم فان المقيمين او النازلين بقرب منهم ليسوا بمضطرين الى الاقتداح بالزناد وتأخير هذه المنفعة للتنبيه على ان الاهم هو النفع الاخروى يقال اقوى الرجل اذا نزل فى الارض القوآء كأصحر اذا دخل فى الصحراء وفى الحديث قال النبى عليه السلام لجبريل ( مالى لم أر ميكائيل ضاحكا قط قال ماضحك ميكائيل منذ خلقت النار ) وعن انس رضى اللّه عنه يرفعه ان أدنى اهل النار عذابا الذى يجعل له نعلان يغلي منهما دماغه فى رأسه وفيه بيان شدة نار جهنم وانها ليست كنار الدنيا وقانا اللّه واياكم منها وفى الآية اشارة الى نار المحبة المشتعلة الموقودة بمقدح الطلب فى حراقة قلب المحب الصادق فى سلوك طريق الحق وشجرتها هى العناية الالهية السرمدية يدل هذا التأويل قول العارف أبى الحسين المنصور قدس سره حين سئل عن حقيقة المحبة هى العناية الالهية السرمدية لولاها ما كنت تدرى مالكتاب ولا الايمان نحن جعلناها تذكرة لأرباب النفوس البشرية ليهتدوا بنورها الى سلوك طريق الحق

{ ومتاعا للمقوين } اى غذآء لأرواح المحبين الطاوين اياما وليالى عن الطعام والشراب كما حكى عن سهل التسترى رحمه اللّه انه كان يطوى ثلاثين يوما وعن أبى عقيل المغربى قدس سره انه ما اكل سنتين وهو مجاور بمكة وعن كثير من المرتاضين السالكين وانما رفع ادريس عليه السلام الى السماء الرابعة لمبالغته فى التجريد والترويح حتى ان الروحانية غلبت عليه فخلع بدنه وخالط الملائكة واتصل بروحانية الافلاك وترقى الى عالم القدس وقد اقامه ستة عشر عاما لم ينم ولم يطعم شيأ ولم يتزوج قط لزوال الشهوة بالكلية حتى صار عقلا مجردا من كثرة الرياضة ورفع الى اعلا الامكنة وهو المكان الذى يدور عليه رحى عالم الافلاك وهو فلك الشمس ثم نار المحبة اشد النيران قال الجنيد قدس سره قالت النار يارب لو لم اطعمك هل كنت تعذبنى بشىء هو اشد منى قال نعم كنت اسلط عليك نارى الكبرى قالت هل نار اعظم منى قال نعم نار محبتى اسكنها قلوب اوليائى المؤمنين كما فى فتح القريب

مهر جانان آتش است عشاق را ... مى بسوزد هستىء مشتاق را

٧٤

{ فسبح باسم ربك العظيم } لم يقل فسبح ربك لان سبح منزل منزلة اللازم ولم يعتبر تعلقه بالمفعول ومعناه فأحدث التسبيح بذكر اسمه تعالى اضمار المضاف شكرا على تلك النعم وان جحدها الجاحدون أو بذكره على المجاز فان اطلاق الاسم للشىء ذكر له والباء للاستعانة او الملابسة والمراد بذكر ربه هنا تلاوة القرءآن والعظيم صفة للاسم او الرب قال ابن عطاء رحمه اللّه سبحه ان اللّه اعظم من أن يلحقه تسبيحك او يحتاج الى شىء منك لكنه شرف عبيده بأن امرهم أن يسبحوه ليطهروا أنفسهم بما ينزهونه به

٧٥

{ فلا أقسم } اى فاقسم ولامزيدة للتأكيد وتقوية الكلام كما فى قوله تعالى

{ لئلا يعلم اهل الكتاب } وما قيل ان المعنى فلا أقسم اذ الامر اوضح من أن يحتاج الى قسم خصوصا الى مثل هذا القسم العظيم فيأباه تعيين المقسم به وتفخيم شأن المقسم به

{ بمواقع النجوم } اى بمساقطها وهى مغاربها وتخصيصها بالقسم لما فى غروبها من زوال اثرها والدلالة على وجود مؤثر دآئم لا يتغير او لان ذلك وقت قيام المتهجدين والمبتهلين اليه تعالى وأوان نزول الرحمة والرضوان علهيم او بمنازلهم ومجاريها فان له تعالى فى ذلك من الدليل على عظم قدرته وكمال حكمته مالا يحيط به البيان

وقيل النجوم نجوم القرءآن ومواقعها اوقات نزولها واليه ذهب ابن عباس رضى اللّه عنهما

وقيل النجوم الصحابة والعلماء الهادون بعدهم ومواقعهم القبور

وقيل غير ذلك

٧٦

{ وانه } اى القسم المذكور

{ لقسم لو تعلمون عظيم } لما فى القسم به من الدلالة على عظم القدرة وكمال الحكمة وفرط الرحمة ومن مقتضيات رحمته أن لايترك عباده سدى بغير كتاب قوله

{ لو تعلمون } اعتراض بين الصفة والموصوف لتأكيد تعظيم المحلوف به وجوابه متروك أريد به نفى علمهم او محذوف ثقة بظهوره اى لعظمتموه او لعملتم بموجبه ففيه تنبيه على تقصير المخاطبين فى الامر وعظيم صفة قسم وهذه الجملة ايضا اعتراض بين القسم وجوابه الذى هو قوله تعالى

٧٧

{ انه لقرءآن كريم } هو المقسم عليه اى لكتاب كثير النفع لاشتماله على اصول العلوم المهمة فى صلاح المعاش والمعاد على أن يستعار الكرم ممن يقوم به الكرم من ذوى العقول الى غيرهم او حسن مرضى فى جنسه من الكتب او كريم عند اللّه وقال بعضهم كريم لانه يدل على مكارم الاخلاق ومعالى الامور وشرآئف الافعال

وقيل كريم لنزوله من عند كريم بواسطة الكرام الى اكرم الخلق

٧٨

{ فى كتاب مكنون } اى مصون عن غير المقربين من الملائكة اى لايطلع عليه من سواهم وهو اللوح المحفوظ

٧٩

{ لايسمه الا المطهرون } اما صفة اخرى للكتاب فالمراد بالمطهرين الملائكة المنزهون عن الكدورات الجسمانية واوضار الاوزار وللقرءآن فالمراد المطهرون من الاحداث مطلقا فيكون نفقيا بمعنى النهى اى لاينبغى أن يمسه الا من كان على طهارة من الادناس كالحدث والجنابة ونحوهما على طريقة قوله عليه السلام ( المسلم أخو المسلم لايظلمه ولا يسلمه ) اى لاينبغى له أن يظلمه او يسمله الى من يظلمه فالمراد من القرءآن المصحف سماه قرءآنا على قرب الجوار والاتساع كما روى ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نهى أن يسافر بالقرءآن الى ارض العدو وأراد به المصحف وفى الفقه لايجوز لمحدث بالحدث الاصغر وهو مايوجب الوضوء مس المصحف الا بغلافه المنفصل الغير المشرز كالخريطة ونحوها لان مسه ليس مس القرءآن حقيقة لا المتصل فى الصحيح وهو الجلد المشرز لانه من المصحف يعنى تبع له حتى يدخل فى بيعه بلا ذكر وهذا اقرب الى التعظيم وكره المس بالكم لانه تابع للحامل فلا كيون حائلا ولهذا لو حلف لايجلس على الارض فجلس وذيله بينه وبين الارض حنث وانما منع الاصغر عن مس المصحف دون تلاوته لانه حل اليد دون الفم ولهذا لم يجب غسله فى الوضوء ، والجنابة كانت حالة كليهما ولا يرد العين لان لجنب حل نظره الى مصحف بلا قرآءة كذا لايجوز لمحدث مس درهم فيه سورة الا بصرته ولا لجنب دخول المسجد الا لضرورة فان احتاج الى الدخول تيمم ودخل لانه طهارة عند عدم الماء ولا قرآءة القرءآن ولو دون آية لان مادونها شىء من القرءآن ايضا الا على وجه الدعاء او الثناء كالبسملة والحمدلة وفى الاشباه لو قرأ الفاتحة فى صلاته على الجنازة ان قصد الدعاء والثناء لم يكره وان قصد التلاوة كره وفيه اشارة الى ان حكم القراءة يتغير بالقصد ويجوز للجنب الذكر والتسبيح والدعاء.

والحائض والنفساء كالجنب فى الاحكام المذكورة ويدفع المصحف الى الصبى اذا فى الامر بالوضوء حرج بهم وفى المنع تضيع حفظ القرءآن اذ الحفظ فى الصغر كالنقش فى الحجر وفى الاشباه ويمنع الصبى من مس المصحف انتهى والتوفيق ظاهر وفى كشف الاسرار

واما الصبيان فلا صحابنا فيهم وجهان احدهما انهم يمنعون منه كالبالغين والثانى انه لايمنعون لمعنيين احدهما ان الصبى لو منع ذلك ادى الى أن لايتعلم القرءآن ولا يحفظه لان وقت تعلمه وحفظه حال الصغر والثانى ان الصبى وانت كانت له طهارة فليست بكاملة لان النبية لاتصلح منه فاذا جاز أن يحمله على غير ظهر كامل جاز أن يحمله محدثا ودر انوار مذكور است كه جنب وحائض را بقول ابى يوسف جائزست كتابت قرآن وقتى كه لوح برزمين بودنه بركنار ونزد محمد بهيد وجه روانيست ومحمد بن فضل رحمه اللّه فرموده كه مراد ازين طهارت توحيدست يعنى بايدكه از غير موحدان كسى قرآن نخواند وابن عباس رضى اللّه عنه نهى ميكرد ازانكه يهود ونصارى را تمكين دهند از قرآءت قرآن ، وقال بعضهم يجوز للمؤمن تعليم القرءآن للكافر رجاء هدايته الى الاسلام ، ومحققان كفته اند مراد از مس اعتقادست يعنى معتقد نباشد قرآ نرا اكر ياكيزه دلان كه مؤمنانند وياتفسير وتأويل آن ندانند الا آنها كه سر ايشان باك باشد از ماسوى الله

جمال حضرت قران نقاب انكه براندازد ... كه دار الملك معنى را مجرد بينداز غوغا

ودر بحر الحقائق فرموده كه مكاشف نشود باسرار قرآن مكر كسى كه ياكيزه كردد ازلوث توهم غير وبرسد بمقام شهود حق درمر آى خلق واين معنى ميسر نشود جز بفناى مشاهد وشهود در مشهورد

جون تجلى كردد اوصاف قديم ... بس بسوزد وصف حادث راكليم

وتحقيقه ان الهاء اشارة الى الهوية الالهية فانه لايمس سرها الا المطهرون عن جنابة كل مقام من المقامات الوجودية وهى التعلق به والبعد بواسطته عن الحق المطلق والمطهر بالفتح لابد له من المطهر بالكسر وهو تعالى فالعبد لايطهر نفسه ولا يزكيها وانما يطهره اللّه ويزكيه فان طهره اللّه وزكاه فهم مراد القرءآن ولذا قال بعض الكبرآء ان القرءآن بكراى بالنسبة الى علماء الظاهر والرسم فان الذى فهموه من القرءآن انما هو ظاهره ومزاياه المتعلقة به وانما حل عقدته علماء الباطن والحقيقة لان اللّه تعالى قال

{ واتقوا اللّه ويعلمكم اللّه } فهم اهل التقوى الحقيقى ولذا علمهم اللّه مالم يعلم احدا من العالمين وان كان القرءآن لاتنقضى عجائبه وقس عليه الحديث فان مراد رسول اللّه عليه السلام على الحقيقة لايفهمه الا أهل الحقيقة ومن ثمة اقتصر علماء الحديث وشراحه على بيان الاعراب المفهوم الظاهرى من غير أن يتعرضوا لحقائقه فأين شرح النووى والكرمانى وابن حجر ونحوهم من شرح الصدر القنوى ونحوه رضى اللّه عنهم

٨٠

{ تنزيل من رب العالمين } صفة اخرى للقرءآن وهو مصدر نعت به حتى جرى مجرى اسمه يعنى ان التنزيل بمعنى المنزل سمى المنزل على اتساع اللغة كما يقال للمقدور قدر وللمخلوق خلق على قوله من يجيزه

٨١

{ أفبهذا الحديث } الذى ذكرت نعوته الجليلة الموجبة لاعظامه واجلاله وهو القرءآن الكريم وسماه حديثا لان فيه حوادث الامور كما فى كشف الاسرار وهو متعلق بقوله

{ مدهنون } وجاز تقديمه على المبتدأ لان عامله يجوز فيه ذلك والاصل أفأنتم مدهنون بهذا الحديث

{ أنتم } ياهل مكة

{ مدهنون } الادهان فى الاصل مثل التدهين لكن جعل عبارة عن المداراة والملاينة وترك الجد والمعنى متهاونون به ومستحقرون كمن يدهن فى الامر اى يلين جانبه ولا يتصلب فيه تهاونا به وفى تاج المصادر الادهان مداهنت كردن وغسل كردن.

قال فى الاحياء الفرق بين المداهنة والمداراة بالغرض الباعث على الاغضاء فان أغضبت السلامة دينك ولما ترى فيه من اصلاح اخيك بالاغضاء فانت مدار وان أغضبت لحظ نفسك واجتلاب شهواتك واسلامة جاهك فأنت مداهن قال ابو الدردآء رضى اللّه عنه انا لنبش فى وجوه اقوام وان قلوبنا لتعلنهم وهذا معنى المدارة وهو منع شر من يخاف شره

٨٢

{ وتجعلون رزقكم } اى شكر رزقكم بتقدير المضاف ليصح المعنى والرزق فى الاصل مصدر سمى به مايرزق والمراد نعمة القرءآن

{ انكم تكذبون } اى تضعون التكذيب لرازقه موضع الشكر او تجعلون شكر رزقكم الصورى انكم تكذبون بكونه من اللّه حيث تنسبونه الى الانواء وكان عليه السلام يقول ( لوحبس اللّه اقطر عن امتى عشر سنين ثم انزل لاصبحت طائفة منهم يقولون سقينا بنوء كذا ) وقال عليه السلام ( اخوف ماأخاف على امتى حيف الائمة والتكذيب بالقدر والايمان بالنجوم ) ( روى ) انه عليه السلام صلى صلاة الصبح بالحديبية فى اثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال ( هل تدرون ماذا قال ربكم ) قالوا اللّه ورسوله اعلم قال ( اصبح من عبادى مؤمن بى وكافر فاما من قال مطرنا بفضل اللّه وبرحمته فذلك مؤمن بى كافر بالكواكب وما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بى مؤمن بالكواكب ) وفى الحديث ( ثلاث من امر الجاهلية العطن فى الانساب والنياحة والانواء ) فالطعن معروف والنياحة البكاء على الميت مع تعديد محاسنه والانوآء جمع نوء المنازل الثمانى والعشرون للقمر والعرب كانت تعتقد ان الامطار والخير كله يجيىء منه وفى حواشى ابن الشيخ فى سورة الفرقان الانواء النجوم التى يسقط واحد منها فى جانب المغرب وقت طلوع الفجر ويطلع رقيبه فى جانب المشرق من ساعته والعرب كانت تضيف الامطار والرياح والحر والبرد الى الساقط منها

وقيل الى الطالع منها انتهى

وفى القاموس النوء النجم مال للغروب او سقوط النجم فى المغرب مع الفجر وطلوع آخر يقابله من ساعته فى المشرق انتهى فظهر ان التأثير من اللّه تعالى فى الاشياء فيجيب على المؤمن أن يعتقده منه تعالى لا من الافلاك والنجم والدهر ونحوهما وفى هدية المهديين لو صاحت الهامة او طير آخر فقال رجل يموت المريض يكفر ولو خرج الى السفر ورجع فقال ارجع لصياح العقعق كفر عند بعضهم

وقيل لا ولو قال عند صياح الطير غله كران مى خواهد شد ، فقد اختلف المشايخ فى كفره وجه الكفر ظاهر لانه ادعى الغيب انتهى والناس يتشاءمون بأصوات بعض الطيور كالهامة واليوم ( كما قال الشيخ سعدى )

بلبلا مرده بهار بيار ... خبرى بدببوم باز كذار

فان يكن هناك اعتقاد التأثير منها فذلك كفر والا فمرجد التشاؤم لايوجب الكفر خصوصا اذا كان القول بطريق الاستدلال من الامارات والأليق بحال المؤمن حمل مثل ذلك على التنبيهات الالهية فان اللّه فى كل شىء حكمة لا القطع على المقدورات والجزم فيما لايبلغ علمه كنهه فان اللّه يحيى ويميت ويوقظ وينيم بأسباب وبغيرها

٨٣

{ فلولا } بس جرا

{ اذا بلغت الحلقوم } لولا للتحضيض لاظهار عجزهم واذا ظرفية والحلقوم مجرى الطعام وفى كشف الاسرار مجرى النفس البعلوم مجرى الطعام اى فهلا اذا بلغت النفس اى الروح او نفس احدكم وروحه الحلقوم وتداعت الى الخروج وهو كناية عن غير مذكور وفى الحديث ( ان ملك الموت له اعوان يقطعون العروق ويجمعون الروح شيأ فشيا حتى ينتهى بها الى الحلقوم فيتوفاها ملك الموت )

٨٤

{ وانتم } الواو للحال من فاعل بلغت اى والحال انتم أيها الحاضرون وحول صاحبها

{ حينئذ } آن هنكام

{ تنظرون } الى ماهو فيه من الغمرات ولكم تعطف عليه ووفور رغبة فى انجائه من المهالك

٨٥

{ ونحن أقرب اليه } اى الى المحتضر علما وقدرة وتصرفا

قال بعضهم عبر عن العلم بالقرب الذى هو اقوى سبب الاطلاع

{ منكم } حيث لاتعرفون حاله الا ماتشاهدونه من آثار الشدة من غير أن تقفوا على كنهها وكيفيتها واسبابها ولا أن تقدروا على دفع أدنى شىء منها ونحن المتولون لتفاصيل احواله بعلمنا وقدرتنا او بملائكة الموت الذين يقبضون روحه

{ ولكن لاتبصرون } لاتدركون كنه مايجرى عليه لجهلكم بشؤوننا فقوله

{ لاتبصرون } من البصيرة لا من البصر والأقرب تفسيره بقوله

{ لاتدركون } كوننا أعلم به منكم كما فى حواشى سعدى المفتى قال البقلى رحمه اللّه قرب بالتفاوت قرب العلم وقرب بالاحاطة وقرب بالفعل وقرب بالصفة وقرب بالقهر وقرب باللطف والمسافة والمكان منفى على ذاته وصفاته ولكن يتجلى القلوب من عين العظمة لاذابتها برؤية القهر ولقلوب من عين الجمال ليعرفها الاصطفائية وذلك القرب لايبصره الا أهل القرب وشواهده ظاهرة لأهل المعرفة وفى الخطاب تحذير وترهيب

٨٦

{ فلولا } بمعنى هلا

{ ان كنتم غير مدينين } اى غير مجزيين مملوكين اذلاء من دان السلطان رعيته اذا ساسهم واستعبدهم وفى المفردات او غير مجزيين فان الدين الجزآء ايضا وهو ناظر الى قوله تعالى

{ نحن خلقانكم فلولا تصدقون } فان التحضيض يستدعى عدم المحضض عليه حتما

٨٧

{ ترجعونها } اى النفس الى مقرها وتردون روح ميتكم الى بدنه من الرجع وهو الرد العامل فى اذا والمحضض عليه بلولا الاولى والثانية مكررة للتأكيد وهى مع مافى حيزها دليل جواب الشرط والمعنى ان كنتم غير مربوبين كما ينبىء عنه عدم تصديقكم بخلقنا اياكم فهلا ترجعون النفس الى مقرها عند بلوغها الحلقوم

{ ان كنتم صادقين } فى اعتقادكم فان عدم تصديقهم بخالقيته تعالى لهم عبارة عهن تصديقهم بعدم خالقيته تعالى بموجب مذهبهم اى فاذا لم يمكنكم ذلك فاعلموا ان الامر الى غيركم وهو اللّه تعالى فآمنوا به وهو تكرير للتأكيد لامن اعتراض الشرط اذ لا معنى له هنا

٨٨

{ فاما ان كان من المقربين } هو قرب درجاتهم من العرش بعد الممات اثر بيان حاله عند الوفاة اى فما ان كان المتوفى من المقربين وهم اجل الازواج الثلاثة

٨٩

{ فروح } اى فله استراحة وقرىء بضم الرآء وفسر بالرحمة لانها سبب لحياة المرحوم فاطلاقه على الرحمة استعارة تصريحية وبالحياة الدآئمة التى لاموت فيها

قال بعضهم الروح يعبر به عن معانٍ فالروح روح الاجسام الذى يقبض عد الممات وفيه حياة النفس والروح جبرآئيل لانه كان ياتى الانبياء بما فيه حياة القلوب وعيسى روح اللّه لانه كان من نفخ جبرآئيل وأضيف الى اللّه تعظيما وكلام اللّه روح لانه حياة من الجهل موت الكفر ورحمة اللّه روح كقوله تعالى

{ وأيدهم بروح منه } اى برحمة والرح الرزق لانه حياة الاجساد وفى القاموس الروح بالضم مافيه الروح مابه حياة الانفس وبالفتح الراحة والرحمة ونسيم الريح ومكان روحانى طيب والروحانى بالضم مافيه الروح وفى كتاب الملل والنحل الروحانى بالضم من الروح والروحانى بالفتح من الروح والروح والروح متقاربان فكأن الروح جوهر والورمح حالته الخاصة به انتهى

{ وريحان } ورزق او هو مايشم وعن أبى العالية لايفارق أجد من المقربين الدنيا حتى يؤتى ببعض من ريحان الجنة فيشمه ثم يقبض روحه وقال الزجاج الريحان هنا التحية لأهل الجنة ، يكى از بزركان دين كفته است كه روح وريحان هم دردنياست هم در عقبى روح در دنياست وريحان در عقبى روح آنست كه دل بنده مؤمن را بنظر خويش بيار ايدتا حق ازباطل واشناسد انكه بعلم فزاخ كندتا قدرت دران جاى يابد آنكه بينا كند تابنور منت مى بيند شنوا كند تابند ازلى مى شنود باك كند تاهمه صحبت او جويد بعطر وصال خوش كند تاردران مهر دوست رويد بنور خويش روشن كند تا از وبار ديكر بصيقل عنايت بزد ايد تادر هرجه نكرد اورا بيند بنده جون بدين صفت بسراى سعادت رود آنجا ريحان كرامت بيند نسيم انس ازباغ قدس دميده زبر درخت وجود تخت رضا نهاده بساط انس كسرتده شمع عطف افروخته وبر فلك نشته ودوست ازلى برده بركرفته بسم ع بنده سلام رسانيده وديدار ذو الجلال نموده

{ وجنة نعيم } اى ذات تنعم فالاضافة لأدنى الملابسة ( وقال الكاشفى ) بوستان بر نعمت.

قال بعض أهل الحقيقة فله روح الوصال وريحان الجمال وجنة الجلال لروحه روح الانس ولقلبه ريحان القدس ولنفسه جنة الفردوس او الروح النظر الى وجه الجبار والريحان الاستماع لكلامه وجنة النعيم هو أن لايحجب العبد فيها عن مولاه اذا قصد زيارته وللمقربين ذلك فى دار الدنيا وروحهم المشاهدة وريحانهم سرور الخدمة وجنة النعيم السرور بذكره وقال بعضهم الروح للعابيدن والريحان للعارفين وجنة النعيم لعوام المؤمنين او فله روح الشهود الذاتى وريحان السرور وجنة نعيم اللذات بالوصول اليها الدخول فيها ، يقول الفقير الروح للنفوس والاجساد لانها تستريح بعد الموت برفع التكاليف عنها وان كان أهل اللّه على نشاط دآئم فى باب الخدمة لان التعب يرتفع بالوصول الى الهل لكونه من آثار النفس والطبيعة ولا نفس ولا طبيعة بعد الوصول والريحان للقلوب ولا رواح ولذا حبب الى النبى عليه السلام الطيب لانه يوجد فيه ذوق الانس والمحاضرة وجعل عليه السلام الولد من الريحان لانه يشم كما يشم المشموم وانه من تنزلات ابيه كما ان القلوب من تنزلات الارواح والارواح من تنزلات الاسرار ووجد عليه السلام نفس الرحمن من قبل اليمن وانما وجده قلبه وروحه وكان ذك النفس عصام الدين عم اويس القرنى وكان حينئذ قطب الابدال وكان عليه السلام يستنشق بحس شمه ايضا روآئح الجنة ونحوها وجنة نعيم للاسرار وهى الجنة المضافة الى اللّه تعالى فى قوله

{ وادخلى جنتى } وعند دخولهم هذه الجنة لايراهم احد أبدا لعلو طبقتهم ورفعة درجتهم فلا يعرفهم احد لا فى الدنيا ولا فى العقبى فهم من قبيل المعلوم المجهول

٩٠

{ واما ان كان من اصحاب اليمين } عبر السابقين بالمقربين لكونه اجل اوصافهم وعبر عن اصحاب اليمين بالعنوان السابق اذ لم يذكر لهم فيما سبق وصف واحد ينبىء عن شانهم سواه كما ذكر للفريقين الآخرين واستعير اليمين للتيمن والسعادة قاله الراغب

٩١

{ فسلام لك } ياصاحب اليمين

{ من اصحاب اليمين } من اخوانك يسلمون عليك عند الموت وبعده فيكون السلام اشارة له انه من أهل الجنة قال فى الارشاد هذا اخبار من جهته تعالى بتسليم بعضهم على بعض كما يفصح عنه اللام لا حكاية لانشاء سلام بعضهم على بعض والا لقيل عليك والالتفات الى خطاب كل واحد منهم للتشريف قال سهل رحمه اللّه اصحاب اليمين هم الموحدون اى العاقبة لهم بالسلامة لانهم امناء اللّه قد ادوا الامانة يعنى امره ونهيه لم يحدثوا شيأ من المعاصى والزلات قد أمنوا الخوف والهول الذى ينال غيرهم وحقيقته ان المقربين اصحاب الشهود الذاتى واصحاب اليمين اصحاب الشهود الاسمائى والصفاتى فله السلامة من اسمه السلام على لسان اخوانه الاسمائية نسأل اللّه لى ولكم السلامة والنجاة والانس والحضور والشهود فى اعلى المقامات والدرجات

٩٢

{ واما ان كان من المكذبين الضالين } وهم اصحاب الشمال عبر عنهم بذلك حسبما وصفوا به عند بيان احوالهم بقوله تعالى

{ ثم انكم أيها الضالون المكذبون } ذما لهم بذلك واشعارا بسبب مابتلوا به من العذاب وهو تكذيب البعث ونحوه والضلال عن الحق والهدى

٩٣

{ فنزل } اى فله نزل كائن

{ من حميم } يشرب بعد اكل الزقوم كما فصل فيما قبل وبالفارسية بس مراوراست بيشكش در قبر ازاب كرم كرده دردوزخ بادود آتش دوزخ

٩٤

{ وتصلية جحيم } اى ادخال فى النار

وقيل اقامة فيها ومقاساة لألوان عذابها

وقيل ذلك مايجده فى القبر من سموم النار ودخانها يقال اصلاه النار وصلاه اى جعله يصلاها والمصدر هنا مضاف الى المفعول

٩٥

{ ان هذا } اى الذى ذكر فى هذه السورة الكريمة

{ لهو حق اليقين } اى حق الخبر اليقين فهو من قبيل اضافة الموصوف الى الصفة على الاتساع والمجاز

وقيل الحق الثابت من اليقين اى الحق الثابت الذى لايطرأ عليه التبدل والتغير وقال ابو الليث اى يقين حق اليقين انتهى واليقين علم يحصل به ثلج الصدور ويسمى برد اليقين فهو العلم الذى يحصل به اطمئنان النفس ويزول ارتيابها واضطرابها والمراد هنا المعلوم المتيقن به لان المبتدأ عبارة عن المعلم فجيب أن يكون الخبر ايضا كذلك التقدير ان هذا لهو ثابت الخبر المتيقن به اى الثابت منه على ان الاضافة بمعنى من وفى فتح الرحمن هذه عبارة فيها مبالغة لانها بمعنى واحد كما تقول فى امر توكده هذا يقين اليقين وصواب الصواب بمعنى انه نهاية الصواب فهى عبارة مبالغة وتأكيد معناه ان هذا الخبر هو نفس اليقين وحقيقته انتهى

قال ابن الملك اضافة العلم الى اليقين اضافة الشىء الى مرادفه كما فعلوا مثل ذلك فى العطف وفى شرح النصوص بالنون العلم اليقينى هو العلم الحاصل بالادراك الباطنى بالفكر الصائب والاستدلال وهذا للعلماء الذين يوقنون بالغيب ولا تزيد هذه المرتبة العلمية الا بمناسبة الارواح القدسية فاذا يكون العلم عينا ولا مرتبة للعين الا اليقين الحاصل من مشاهدة المعلوم ولا تزيد هذه المرتبة الا بزوال حجاب الاثنينية فاذا يكون العين حقا ولا مرتبة للحق الا الادراك بأحدية جمعك اى بحقيقتك المشتملة على المدركات الظاهرة والباطنة والجامعة بين روحانيتك وجسمانيتك اى يدركها بها ادراكا يستوعب معرفة كل ماشتملت عليه حقيقة المدرك من الامور الظاهرة والباطننة وهو حال الكامل وصفه من صار قلبه متسوى الحق الذى قد وسعه كما اخبره لانه حال جمع الجمع وزيادة هذه المرتبة اى حق اليقين عدم ورود الحجاب بعده وعينه للاولياء وحقه للانبياء

واما حقيقة اليقين وهو باطن حق ايقين فهو لنبينا عليه السلام وهذه الدرجات والمراتب لاتحصل الا بالمجاهدة مثل دوام الوضوء وقلة الاكل والذكر والسكوت بالفكر فى ملكوت السموات والارض وبادآء السنن والفرآئض وترك ماسوى الحق والغرض وتقليل المنام والعرض واكل الحلال وصدق المقال والمراقبة بقلبه الى اللّه تعالى فهذه مفاتيح المعاينة والمشاهدة انتهى وقال ابن عطاء رحمه اللّه ان هذا القرآن لحق فى صدور الموقنين وأهل اليقين وهو الحق من عند الحق فلذلك تحقق فى قلوب المحققين واليقين ماستقر فى قلوب اوليائه وقد قال سيدنا على رضى اللّه عنه وكرم اللّه وجهه لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا

حل خلد وجحيم دانستم ... بيقين انجنانكه مى بايد

كر حجاب ازميانه بر كيرند ... آن يقين ذره نيفزا يد

يعنى اكر احوال آخرت منكشف شود وجمله را معاينه كنم يك ذره در يقين من زياده نشود كه علم اليقين من امروز جوعين اليقين منست در فردا ، وقال عليه السلام ( اللهم انى اسألك ايمانا يباشر قلبى ويقينا ليس بعده كفر ) وهو اليقين الحاصل بالعيان وظهور الحقيقة ولذا نقول أهل علم اليقين ذو خطر لايحصل منه الارشاد بخلاف أهل عين اليقين فانه قطب ارشاد وبخلاف أهل حق اليقين فانه قطب الاقطاب فالتجليات ثلاثة تجل علمى وتجل عينى وتجل حقى فالاول كعلم الكعبة علما ضروريا من غير رؤية والثانى مثل رؤيتها من بعيد والثالث كدخولها قال قتادة ان اللّه ليس تاركا احدا من الناس حتى يوقفه على اليقين من هذا القرءآن اما المؤمن فأيقن فى الدنيا فنفعه ذلك يوم القيامة

واما الكافر فأيقن يوم القيامة حين لاينفعه ( قال المولى الجامى )

سيراب كن زبحر يقين جان تشنه را ... زين بيش خشك لب منشين برسراب ريب

٩٦

{ فسبح } يامحمد

{ باسم ربك العظيم } الفاء لترتيب التسبيح او الامر به على ماقبلها فان حقية مافصل فى تضاعيف السورة الكريمة مما يوجب تنزيهه تعالى عما لايليق بشانه الجليل من الامور التى من جملتها الاشتراك به والتكذيب بآياته الناطقة بالحق وقال ابو عثمان قدس سره فسبح شركا لما وقفنا امتك اليه من التمسك بسنتك وفى فتح الرحمن هذه عبارة تقتضى الامر بالاعراض عن اقوال الكفار وسائر امور الدنيا المختصة بها وبالاقبال على امور الآخرة وعبادة اللّه والدعاء اليه ( روى ) انه لما نزل

{ فسبح باسم ربك العظيم } قال عليه السلام ( اجعلوها فى ركوعكم ) فلما نزل

{ سبح اسم ربك الاعلى } قال ( اجعلوها فى سجودكم ) وكان عليه السلام يقول فى ركوعه ( سبحان ربى العظيم ) وفى سجوده ( سبحان ربى الاعلى ) وسر اختصاص سبحان ربى العظيم بالركوع والاعلى بالسجود ان الاول اشارة الى مرتبة الحيوان والثانى اشارة الى مرتبة النبات والجماد فلا بد من الترقى فى التنزيه والحق سبحانه فوق التحت كما انه فوق الفوق ونسبة الجهات اليه على السوآء لنزاهته عن التقيد بالجهات فلهذا شرع التسبيح فى الهبوط واختلف الائمة فى التسبيح المذكور فى الصلاة فقال احمد هو واجب تبطل الصلاة بتركه عمدا ويسجد لتركه سهوا والواجب عنده مرة واحدة وأدنى الكمال ثلاثة وقال ابو حنيفة والشافعى هو سنة وقال مالك يكره لزوم ذلك لئلا يعد واجبا فرضا والاسم هنا بمعنى الجنس اى بأسماء ربك والعظيم صفة ربك ، درخبرست كه عثمان بن عفان رضى اللّه عنه عيادت كرد عبداللّه بن مسعود را رضى اللّه عنه در بيمارىء مرك كفت ياعبداللّه اين ساعت ازجه مى نالىء كفت اشتكى ذنوبى بر كناهان خود مى نالم عثمان كفت جه آرزوست ترا درين وقت كفت رحمة ربى يعنى آرزوى من آنست كه اللّه تعالى برمن رحمت كند وبر ضعف وعجز من بنجشايد عثمان كفت أفلا ندعو الطبيب يعينى طبيب را خوانيم تادرد ترا مداوات كند كفت الطبيب امرضنى يعنى طبيب مرا بروز بيمارى افكند كفت خواهى تاترا عطايى فرمايم كه ببعضى حاجتهاى خود صرف كنى كفت لاحاجة لى به يعنى وقتى مرا باين حاجت نيست وهيج دربايست نيست كفت دستورى هست تابدخترانت دهم ناجار ايشانرا حاجت بود كفت نه كه ايشانرا حاجت نيست وا كر حاجت بود به ازين من ايشانرا عطايى داده ام كفته ام كه بوقت حاجت وضرورت سورة الواقعة برخوانيد كه من از رسول خدا شنيدم كه عليه السلام ( من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة ابدا ) قال سعدى المفتى هو حديث صحيح وفى حديث آخر ( من دوام على قرآءة سورة الواقعة لم يفتقر ابدا ) قال ابن عطية فيها ذكر القيامة وحظوظ الناس فى الآخرة وفهم ذلك غنى لافقر معه ومن فهمه يشتغل بالاستعداد قال الغزالى رحمه اللّه فى منهاج العابدين قرآءة هذه السورة عند الشدة فى امر الرزق والخصاصة شىء وردت به الاخبار المأثورة عن النبى عليه السلام وعن الصحابة رضى اللّه عنهم حتى ابن مسعود رضى اللّه عنه حين عوتب فى امر ولده اذ لم يترك لهم الدنيا قال لقد خلفت لهم سورة الواقعة فان قلت ارادة متاع الدنيا بعمل الآخرة لا تصح قلت مراده أن يرزقهم اللّه تعالى قناعة او قوتا يكون لهم عدة على عبادة اللّه تعالى وقوة على درس العلم وهذه من جملة ارادة الخير دون الدنيا فلا رياء انتهى كلامه وعن هلال بن يساف عن مسروق قال من أراد أن يعلم نبأ الاولين والآخرين وبنأ أهل الجنة واهل النار ونبأ الدنيا ونبأ الآخرة فليقرأ سورة الواقعة

﴿ ٠