|
٢٣ { ليكلا تأسوا } يقال أسى على مصيبته يأسى أسى من باب علم اى حزن اى اخبرنا كم باثباتها وكتابتها فى كتاب كيلا يحصل لكم الحزن والألم { على مافاتكم } من نعم الدنيا كالمال والخصب والصحة العافية { ولا تفرحوا بما آتاكم } اى أعطاكم اللّه فان من علم أن كلا من المصيبة والنعمة مقدر يفوت ما قدر فواته ويأتى ما قدر اتيانه لامحالة لايعظم جزعه على مافات ولا فرحة بما هو آت اذ يجوز أن يقدر ذهابه عن قريب وقيل لبرز جمهر أيها الحكيم مالك لاتحزنعلى مافات ولا تفرج بما هو آت قال لان الفائت لاتلافى بالعبرة والآتى لايستدام بالحبرة اى بالحبور والسرور لا التأسف يرد فائتا ولا الفرح يقرب معدوما قال ابن مسعود رضى اللّه عنه لأن امس جمرة احرقت ما أحرقت وابقت مابقت احب الى من أن اقول لشىء لم يكن ليته كان ( قال الكاشفى ) اخبارست بمعنى نهى يعنى ازادبار دنيا ملول واز اقبال او مسرور مشويد كه نه آنرا قر اريست ونه اين را اعتبارى كردست دهد كراى شادى نكند ... ورفوت شود نير نير زد بغمى واز مرتضى رضى اللّه عنه منقولست كه هركه بدين آيت كار كند هرآيينه فرا كيردزهد اورا بهردو طرف او يعنى تمام باشد وجه زيبا كفته اند مال اربتور ونهد مشوشاد ازان ... ورفوت شود مشو بفرياد ازان بندست بسنديده بكن ياد ازان ... تادنيى ودينت شود آباد ازان والمراد بالآية نفى الأسى المانع عن التسليم لامر اللّه والفرح الموجب للبطر والاختيال ولذا عقب بقوله تعالى { واللّه لايحب كل مختال فخور } فان من فرح بالحظوظ الدنيوية وعظمت فى نفسه اختال وافتخر بها لامحالة والمختال المتكبر المعجب وهو من الخيلاء وهو التكبر من تخيل فضيلة تترآءى للانسان من نفسه ومنها يتأول لفظ الخيل لما قيل انه لايركب أحد فرسا الا وجه فى نفسه نخوة وبالفارسية وخداى تعالى دوست ندارد هر متكبرى را كه برنعمت دنيا برديكرى تطاول كند فخور نازنده بدنيا وفخر كننده بدان برا كفاه واقران. قال فى بحر العلوم المختال ذو الخيلاء والكبر وهو من العام المخصوص بدليل قول النبى عليه السلام ( ان من الخيلاء مايحبها اللّه ومنها مايبغضها اللّه اما الخيلاء التى يحبها اللّه فالاختيال عند الصدقة واختيال الرجل بنفسه عند اللقاء واما الخيلاء التى يبضغها اللّه فالاختيال فى البغى والفجور ) اى لايحب كل متكبر بما أوتى من الدنيا فخور مبالغ فى الفخر به على الناس انتهى وصف بعض البلغاء متكبرا فقال كأن كسرى حامل غاشيته وقارون وكيل نفقته وبلقيس احدى دايانه وكأن يوسف لم ينظر الا بمقلته ولقمان لم ينطق الا بحكمته وكأن الخضرآء له عشرت والغبرآء باسمه فرشت وفى تخصيص التذييل بالنهى عن الفرح المذكور ايذان بأنه اقبح من الأسى وفى الآية اشارة الا انه يلزم أن يثبت الانسان على حال فى السرآء والضرآء فان كان لابد له من فرح فليفرح شكرا على عطائه لابرطا وان كان لابد من حزن فليحزن صبرا على قضائه لاضجرا قال قتيبة بن سعيد دخلت على بعض احياء العرب فاذا أنا بفضاء مملوء من الابل الميتة بحيث لاتحصى ورأيت شخصا على تل يغزل صوفا فسألته فقال كانت باسمى فارتجعها من أعطاها ثم أنشأ يقول لاو الذى انا بعد من خلائقه ... والمرء فى الدهر نصب الرزء والمحن ماسرنى أن ابلى فى مباركها ... وما جرى من قضاء اللّه لم يكن قال البقلى قدس سره طالب اللّه بهذه الآية اهل معرفته بالاستقامة والاتصاف بصفاته اى كونوا فى المعرفة بأن لايؤثر فيكم الفقدان والوجدان والقهر واللطف والاتصال والانفصال والفراق والوصال لان من شرط الاتصاف أن لايجرى عليه احكام التلوين والاضطراب فى اليقين والاعوجاج فى التمكين قال القاسم رحمه اللّه ولا تأسوا على مافاتكم من اوقاتكم و لاتفرحوا بما آتاكم من توبتكم وطاعتكم فانك لاتدرى ماقدر اللّه فيك وقضى وقال الواسطى رحمه اللّه الفرح بالكرامات من الاغترارات والتلذذ بالافضال نوع من الاغفال والخمود تحت جريان الامور زين لكل مأمور وقال شيخى وسندى رحمه اللّه فى كتاب اللائحات والبرقيات لاتحزنوا بمافاتكم مما سوى اللّه ولا تفرحوا بما آتاكم مما عدا اللّه حتى لاتظلموا الحزن والفرح بوضعهما فى غير موضعهما واحزنوا بما فاتكم من اللّه وافرحوا بماآتاكم من اللّه حتى تعدلوا فيهما بوضعهما فى موضعهما لان اللّه تعالى حق وماخلاه باطل فكما ان الحزن والفرح بالحق حق وعدل لهما والفاعل للحق محق وعادل فكذلك ان الحزن والفرح بالباطل باطل وظلم لهما والفاعل بالباطل مبطل وظالم ولايفرج ولا يحزن باللّه الا المهاجرون الى اللّه ولايحزن ولا يفرح بما سوى اللّه الا المعرضون عن اللّه فعليك بسبيل العادلين فى جميع احوالك واياك وطريق الظالمين ومما سى اللّه المال والملك قال الحسن رضى اللّه عنه لصاحب المال فى ماله مصيبتان لم يسمع الاولون والآخرون بمثلهما بسلب عن كله ويسأل عن كله همه تخت وملكى بذيرد زوال ... بجز ملك فرمان ده لايزال هنر بايد وفضل ودين وكمال ... كه كاه أيدوكه رود جاه ومال ( حكى ) ان طيرا فى عهد سليمان عليه السلام كان له صورة حسنة وصوت حسن اشتراه رجل بألف درهم وجاء طير آخر فصاح صيحة فوق قفصه وطار فسكت الطير وشكا الرجل الى سليمان فقال احضروه فلما حضروه وقال سليمان لصاحبك عليك حق فقد اشتراك بثمن غال فلم سكت قال يانبى اللّه قل له حتى يرفع قلبه عنى انى لا أصيح ابدا مادمت فى القفص قال لم قال لان صياحى كان من الجزع الا الوطن والاولاد وقد قال لى ذلك الطير انما حبسك لاجل صوتك فاسكت حتى تنجو فقال سليمان للرجل ماقال الطير فقال الرجل ارسله يانبى اللّه فانى كنت احبه لصوته فأعطاءه سليمان ألفدرهم ثم أرسل الطير فطار وصاح سبحان من صورنى وفى الهوآء طيرنى ثم فى القفص صيرنى ثم قال سليمان ان الطير مادام فى الجزع لم يفرج عنه فلما صبر فرج عنه وبسببه خلص الرجل من التعلق به ففيه اشارة الى الفناء عن اوصاف النفس فاذا فنى العبد عنها تخلص من الاضطراب وجاز الىعالم السكون ومعرفة سر القدر وفى الحديث ( الايمان بالقدر يذهب اليهم والحزن ) قال الشيخ ابو عبداللّه محمد بن على الترمذى الحكيم قدس سره ولقد مرضت فى سالف ايامى مرضة فلما شفانى اللّه منها مثلت نفسى بين مادبر اللّه لى من هذه العلة فى مقدار هذه المدة وبين عبادة الثقلين فى مقدار ايام علتى فقلت لو خيرت بين هذه العلة وبين أن تكون لى عبادة الثقلين فى مقدار الى أيهما تميل اختيارا فصح عزمى ودام يقينى ووقعت بصيرتى على ان مختار اللّه تعالى لى اكثر شرفا واعظم خطرا وأنفع عاقبة وهى العلة التى دبرها لى ولا شوب فيه اذ كان فعله فشتان بين فعله بك لتنجو به وبين فعلك لتنجو به فلما رأيت هذا دق فى عينى عبادة الثقلين مقدار تلك المدة فى جنب ما آتانى اللّه فصارت العلة عندى نعمة وصارت النعمة منه وصارت المنة املا وصار الامل عطفا فقلت فى نفسى بهذا كانوا يستمرون فى البلاء على طيب النفوس مع الحق وبهذا الذى انكشف كانوا يفرحون بالبلاء انتهى ( قال الصائب ) تر كهتسى كن كه آسودست از تاراج سيل ... هركه بيش از سيل رخت خود برون از خانه ريخت ... |
﴿ ٢٣ ﴾