سُورَةُ الْمُمْتَحِنَةِ مَدَنِيَّةٌ وَهِيَ ثَلاَثَ عَشَرَةَ آيَةً ١ { يا ايها الذين آمنوا لاتتخذوا عدو وعدوكم اولياء } نزلت فى حاطب ابن أبى بلتعة العبسى وحاطب بالحاء المهملة قال فى كشف الاسرار ولد فى زمن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم واصله من الازد وهو حى باليمن واعتقه عبيد اللّه بن حميد بن زهير الذى قتله على رضى اللّه عنه يوم بدر كافرا وكان حاطب يبيع الطعام ومات بالمدينة وصلى عليه عثمان رضى اللّه عنه وكان من المهاجرين وشهد بدرا وبيعة الرضوان وعمم اللّه الخطاب فى الآية تعميما للنصح والعدو فعلو من عدا كعفو من عفا ولكونه على زنة المصدر اوقع على الجمع ايقاعه على الواحد والمراد هنا كفار قريش وذلك انه لما تتجهز رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لغزوة الفتح فى السنة الثامنة من الهجرة كتب حاطب الى أهل مكة ان رسول اللّه يريدكم فخذوا حذركم فانه قد توجه اليكم فى جيش كالليل وارسل الكتاب مع سارة مولاة بنى عبد الملطب اى معتقهم اعاطاهم عشرة دنانير وبردة وكانت سارة قدمت من مكة وكانت مغنية فقال لها عليه السلام لماذا جئت فقالت جئت لتعطينى شيأ فقال مافعلت بعطيانك من شبان قريش فقالت مذ قتلتهم ببدر لم يصل الى شىء الا القليل فأعاها شيأ فرجعت الى كة ومعها كتاب حاطب فنزل جبرآئيل عليه السلام بالخبر فبعث رسول اللّه عليه السلام عليا وعمارا وطلحة والزبير والمقداد وأبا مرثد وقال ( انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ موضع بين الحرمين وخاخ بالمعجمتين يصرف ويمنع فان بها ظعينة وهى المرأة مادامت فى الهودج واذا لم تكن فيه فهى المرأة معها كتاب حاطب الى اهل مكة فخذوه منها فخلوها فان أبت فاضربوا عنقها ) فادركوها ثمة فجحدت فسل على رضى اللّه عنه سيفه فأخرجته من عقاصها اى من ضفائرها ( روى ) ان رسول اللّه عليه السلام امن جميع الناس يوم فتح مكة الا اربعة هى أحدهم فأمر بقتلها فاستحضر رسول اللّه حاطبا فقال ( ماحملك على هذا ) فقال يارسول اللّه ما كفرت منذ اسملت ولا غششتك منذ نصحتك الغش ترك النصح والنصح عبارة عن التصديق بنبوته ورسالته الانقياد لأوامره ونواهيه ولكننى كنت امرأ ملصقا فى قريش اى حليفا ولم اكن من انفسهم ومن معك من المهاجرين كان له فيهم قرابات يحمون اهاليهم وأموالهم وليس فيهم من يحمى اهلى فأردت أن آخذ عندهم يدا اى اجعل عندهم شيأ فصدقه رسول اللّه وقبل عذره فقال عمر رضى اللّه عنه يارسول اللّه دعنى أضرب عنق هذا المنافق فقال ( ياعمر انه شهد بدرا ومايدريك لعل اللّه اطلع على من شهد بدرا فقال اعلموا ماشئتم فقد غفرت لكم ) ففاضت عينا عمر رضى اللّه عنه وفى القصة اشارة الى جواز هتك ستر الجواسيس وهتك استار المفسدين اذا كان فيه مصلحة او فى ستره مفسدة وان من تعاطى امرا محظورا ثم ادعى له تأويلا محتملا قبل منه وان العذر مقبول عند كرام الناس ( روى ) ان حاطبا رضى اللّه عنه لما سمع { يا أيها الذين آمنوا } غشى عليه من الفرح بخطاب الايمان لما علم ان الكتاب المذكور ماخرجه عنا لايمان لسلامة عقيدته ودل قوله { وعدوكم } على اخلاصه فان الكافر ليس بعدو للمنافق بل للمخلص { تلقون اليهم بالمودة } الود محبة الشىء وتمنى كونه ويستعمل فى كل حال واد من المعنيين اى توصلون محبتكم بالمكاتبة ونحوها من الاسباب التى تدل على المودة على ان الباء زآئدة فى المفعول كا فى قوله تعالى { ولا تقلوا بأديكم الى التهلكة } او تلقون اليهم أخبار النبى عليه السلام بسبب المودة التى بينكم وبينهم فيكون المفعول محذوفا للعلم به والباء للسببية والجملة حال من فاعل لاتتخذوا حال كونكم ملقين المودة فان قلت قد نهوا عن اتخاذهم اولياء مطلقا فى قوله تعالى { ياآيها الذين آمنوا لاتتخذوا اليهود والنصارى اولياء } والتقييد بالحال يوهم جواز اتخاذهم اولياء اذا انتفى الحال قلت عدم جوازه مطلقا لما علم من القواعد الشرعية تبين انه لا مفهوم للحال هنا البتة فان قلت كيف قال لاتتخذوا عدوى وعدوكم اولياء العداوة والمحبة لكونهما متنافيتين لاتجتمعان فى محل واحد والنهى عن الجميع بينهما فرع امكان اجتماعهما قلت انما كان الكفار أعدآء للمؤمنين بالنسبة الى معاداتهم لله ورسوله ومع ذلك يجوز أن يتحقق بينهم الموالاة والصداقة بالنسبة الى الامور الدنيوية والاغراض النفسانية فنهى اللّه عن ذلك يعنى فلم يتحقق وحدة النسبة من الوحدات الثمان وحيث لم يكتف بقوله عدوى بل زاد قوله وعدوكم دل على عدم مروءتهم وفتوتهم فانه يكفى فى عداوتهم لهم وترك موالاتهم كونه اعدآء اللّه سوآء كانوا اعدآء لهم ام لا { وقد كفروا بما جاءكم من الحق } حال من فاعل تلقون وةالحق هو القرءآن او دين الاسلام او الرسول عليه السلام { يخرجون الرسول واياكم } حال من فاعل كفورا اى مخرجين الرسول واياكم من مكة والمضارع لاستحضار الصورة { ان تؤمنوا باللّه ربكم } تعليل للاخراج وفيه تغليب المخاطب على الغائب اى على الرسول والالتفات من التكلم الى الغيبة حيث لم يقل ان تؤمنوا بى للاشعار بما يوجب الايمان من الالوهية والربوبية { ان كنتم خرجتم جهادا فى سبيلى وابتغاء مرضاتى } متعلق بلا تتخذوا كأنه قيل لانتولوا اعدآئى ان كنتم اوليائى وانتصاب جهادا وابتغاء على انهما مفعول لهما لخرجتم اى ان كنتم خرجتم عن اوطانكم لاجل هذين فلا تتخذوهم اولياء لا تلقوا اليهم بالمودة والجهاد بالكسر القتال مع العدو كالمجاهدة وفى التعريفات هو الدعاء الى الدين الحق وفى المفردات الجهاد والمجاهدة استفراغ الوسع فى مدافعة العدو و هو جهاد العدو الظاهر وجهاد الشيطان وجهاد النفس ويكون باليد واللسان والمرضاة مصدر كالرضى وفى عطف وابتغاء مرضاتى على جهادا فى سبيلى تصريح بما علم التزاما فان الجهاد فى سبيل اللّه انما هو لاعلاء دين اللّه لا لغرض آخر واسناد الخروج اليهم معللا بالجهاد والابتغاء يدل على ان المراد من اخراج الكفرة كونهم سببا لخروجهم باذيتهم لهم فلا ينافى تلك السببية كون ارادة الجهاد والابتغاء علة له { تسرون اليهم بالمودة } استئناف وارد على نهج العتاب والتوبيخ كأنهم سألوا ماذا صدر عنا حتى عوتبنا فقيل تلقون اليهم المودة سرا على ان الباء صلة جيىء بها لتأكيد التعدية او الاخبار بسبب المودة ويجوز أن يكون تعدية الاسرار بالباء لحمله على نقيضه الذى هو الجهر { وانا اعلم } حال من فاعل تسرون اى والحال انى اعلم منكم { بما أخفيتم وما أعلنتم } من مودة الاعدآء والاعتذار وغير ذلك فاذا كان بينهما تساو فى العلم فأى فائدة فى الاسرار والاعتذار { ومن } وهركه { يفعله منكم } اى الاتخاذ المنهى عنه اى ومن يفعل مانهيت عنه من مولاتهم والاقرب من يفعل الاسرار { فقد ضل سوآء السبيل } فقد اخطأ طريق الحق والصواب الموصل الى الفوز بالسعادة الابدية وبالفارسية بس بدرستى كه او ازراه راست كم شد ، وهو من اضافة الصفة الى الموصوف وضل متعد وسوآء السبيل مفعوله ويجوز أن يجعل قاصرا وينتصب سوآء السبيل على الظرفية قال القرطبى هذا كله معاتبة لحاطب وهو يدل على فضله ونصيحته لرسول اللّه وصدق ايمانه فان المعاتبة لاتكون الا من حبيب لحبيب كما قيل اذا ذهب العتاب فليس ود ، ويبقى الود مابقى العتاب والعتاب اظهار الغضب على حد لشىء مع بقاء المحبة بالترك وفى الآية اشارة الى عداوة النفس والهوى والشيطان فانا تبغض عبادة اللّه وتعبض عباد اللّه ايضا اذا لم يكونوا مطيعين لها فى انفاذ شهواتها وتحصيل مراداتها واصل عداوة النفس أن تفطمها من مألوفاتها وتحبسها فى محبس المجاهدة وعلامة حب اللّه بغض عدو اللّه قال عليه السلام ( أفضل الايمان الحب فى اللّه والبعض فى اللّه ) قال أبو حفص رحمه اللّه من احب نفسه فقد اتخذ عدو اللّه وعدوه وليا وان النفس تخالف ماأمرت به وتعرض عن سبيل الرشد وتهلك محبها ومتبعها فى اول قدم وجاء فى اخبار داود عليه السلام ياداود عاد نفسك فليس لى فى المملكة منازع غيرها وفى كشف الاسرار بلشكر اندك روم از قيصر بتوان ستد وبجمله اولياى روى زمين نفس را ازيكى نتوان ستد زيرا نفس راحيل بسيارست احمد حضروية بلخى رحمه اللّه كويد نفس خودرا بانواع رياضات ومجاهدات مقهور كرده بودم روزى نشاط غزا كرد عجب داشتم كه ازنفس نشاط طاعت نيايد كفتم درزير اين كويى جه مكر باشد مكردر كرسنكى طاقت نمى داردكه بيوسته اورا روزه همى فرمايم خواهد درسفر روزه بكشايد كفتم اى نفس اكر اين سفر بيش كيرم روزه نكشايم كفت روا دارم كفتم مكر از انست كه طاقت نماز شب نميدارد مخواهدكه درسفر بخسبد كفتم درسفر قيام شب كم نكنم جنانكه در حضر كفت روا دارم تفكر كردم كه مكر ازان نشاط سفر غزا كرده كه درحضر باخلق مى نياميزدكه اورا در خلوت وعزلت ميدارم مرادش آنست كه باخلق صحبت كند كفتم اى نفس هرجاكه روم درين سفرا ترا بخرابه فروآرم كه هيج خلق رانه بينى كفت روا دارم از دست وى عاجز ماندم باللّه تعالى زاريدم وتضرع كردم تا از مكروى مرا آكاهى دادكه در غزاكشن يكباركى باشد وبهمة جهان شودكه احمد حضرويه بغزا شهادت يافت كفتم سبحان اللّه آن خداونديكه نفسى آفريند بدين معيوبى كه بدنيا منافق باشد وبعد ازمرك مرايى باشدنه درين جهان حقيقت اسلام خواهدنه دران جهان آنكه كفتم اى نفس اماره واللّه كه باين غزا نروم تاتودر زير طاعت زنا ربندى بس در حضر آن رياضات ومجاهدات كه دران بودم زيادت كردم قوله بما أخفيتم اى من دعوى الانانية وما أعلنتم من العبودية كما هو شأن النفس وقال ابو الحسين الوراق رحمه اللّه بما أخفيتم فى باطنكم من المعصية وما أعلنتم فى ظاهركم للخلق من الطاعة انتهى ٢ { ان يقفوكم } اى يظفروا بكم ويتمكنوا منكم والثقف الحذق فى ادراك الشىء وفعله وثقفت كذا اذا ادركته ببصرك الحذق فى النظر ثم قد تجوز به فاستعمل فى الادراك وان لم يكن معه ثقافة كما فى هذا الموضع ونحوه { يكونوا لكم اعدآء } اى يظهروا مافى قلوبهم من العداوة ويرتبوا عليها احكامها ولا ينفعكم الفاء المودة اليهم { ويبسطوا } ويطيلوا { اليكم ايديهم وألسنتهم بالسوء } او بما يسوءكم من القتل والاسر والشتم { وودوا لو تكفرون } اى تمنوا ارتدادكم وكونكم مثلهم كقوله { ولن ترضى عنك اليهوم ولا النصارى حتى تتبع ملتهم } فكلمة لو هنا مصدرية وصيغة الماضى للايذان بتحقق ودادتهم قبل أن يقفوهم ايضا فهو معطوف على يبسطوا ٣ { لن تنفعكم ارحامكم } اى قراباتكم قال الراغب الرحم رحم المرأة وهى فى الاصل وعاء الولد فى بطن امه ومنه استعير الرحم للقرابة لكونهم خارجين من رحم واحدة { ولا اولادكم } الذين توالون المشركين لاجلهم وتتقربون اليهم محاماة عليهم جمع ولد بمعنى المولود يعم الذكر والانثى { يوم القيامة } بجلب نفع او دفع ضر ظرف لقوله { لن تنفعكم } فيوقف عليه ويبتدأ بما يعده { يفصل بينكم } استئناف لبيان عدم نفع الارحام والاولاد يومئذ اى يفرق اللّه بينكم بما اعتراكم من الهول الموجب لفرار كل منكم من الآخر حسبما نطق به قوله تعالى { يوم يفر المرء من اخيه وامه } الآية فملالكم ترفضون حق اللّه لمراعاة حق من يفر منكم غدا وقيل يفرق بين الوالد وولده وين القريب وقريبه فيدخل أهل طاعته الجنة اهل معصيته النار { واللّه بما تعملون بصير } فيجازيكم به وهو ابلغ من خبير لانه جعله كالمحسوس بحس البصر مع ان المعلوم هنا اكثره المبصرات من الكتاب والاتيان بمن يحمل الكتاب واعطاء الاجرة للحمل وغيرها وفى الآية اشارى الى عداوة النفس وصفاتها للروح واخلاقه فان النفس ظلمانية سفلية كثيفة والروح وقواه نورانية علوية لطيفة ولا شك ان بين النور والظلمة تدافعا ولذا تجتهد النفس أن تغلب الرح بظلمانيتها حتى يكون الحكم لها فى مملكة الوجود وهو تصرفها باليد واما بسط لسانه بالسوء فيمدح الاخلاق الذميمة وذم الاخلاق الحميدة فالقالب كبلد فيه اشراف وارذال كل بطن واحد لان القوى الخيرة والشريرة انما حصلت من ازدواج الروح مع القالب فالنفس وصفاتها من الارذال وعلى مشرب قابيل وكنعان ولدى آدم ونوح عليهما السلام فليست من الاهل فى الحقيقة والروح وقواه من الاشراف وعلى مشرب هابيل ونحو فهى من الاهل فى الحقيقة ولذا تنقطع هذه النسبة يوم القيامة فيكون الروح فى النعيم ولنفس فى الجحيم عند تجلى اللطف والجمال والقهر والجلال جعلنا اللّه واياكم من اهل الكمال والنوال ٤ { قد كانت لكم } أيها المؤمنون { اسوة حسنة } قال الراغب الاسوة والاسوة كالقدوة والقدوة هى الحالة التى يكون الانسان عليها فى اتباع غيره ان حسنا وان قبيحا ون سارا وان ضارا والاسى الحزن وحقيقته اتباع الفائت بالغم والمعنى خصلة حميدة حقيقة بأن يؤتسى ويقتدى بها ويتبع اثرها وقوله اسوة اسم كانت ولكم خبرها وحسنة صفة اسوة مقيدة ان عمت الاسوة المحمودة والمذمومة وكاشفة مادحة ان لم تعلم { فى ابراهيم والذين معه } اى من اصحابه المؤمنين صفة ثانية لاسوة وقولهم لى فى فلان اسوة اى قدوة من باب التجريد لا ان فلانا نفسه هو القدوة ويجوز أن يكون على حذف المضاف اى لى فى سنته وافعاله واقواله وقيل المراد الانبياء الذين كانوا فى عصره وقريبا منه قال ابن عطية وهذا القول ارجع لانه لم يرد أن ابراهيم كان له اتباع مؤمنون فى مكافحة نمرود وفى البخارى انه قال لسارة حين رحل به الى الشأم مهاجرا بلاد نمرود ماعلى الارض من يعبد اللّه غيرى وغيرك { اذ قالوا } ظرف لخبر كان ومعمول له او لكان نفسها عند من جوز عملها فى الظرف وهو الاصح { لقومهم } الكفار { انا برءآء منكم } جميع بريىء كظريف وظرفاء يعنى مابيزاريم ازشما { ومما تعبدون من دون اللّه } من اصنام اظهروا البرآءة او لامن انفسهم مبالغة وثانيا من عملهم الشرك اذ المقصود من البرءآة اولا من معبودهم هو البرآءة من عبادته ويحتمل أن تكون البرآءة منهم أن لايصاحبوهم ولا يخالطوهم ومن معبودهم أن لايقربوا منه ولا يلتفتوا نحوه ويحتمل أن تكون البرآءة منهم بمعنى البرآءة من قرابتهم لان الشرك يفصل بين القرابات ويقطع الموالاة وحاصل الآية هلا فعلتم كما فعل ابراهيم حيث تبرأ من أبيه وقومه لكفرهم وكذا المؤمنون { كفرنا بكم } اى بدينكم على اضمار المضاف والكفر مجاز عن عدم الاعتداد والجحد والانكار فان الدين الباطل ليس بشىء اذ الدين الحق عند اللّه هو الاسلام { وبدا } بدا الشىء بدوا وبدآء اى ظهر ظهورا بينا والبادية كل مكان يبدو مايعن فيه اى يعرض { بيننا } ظرف لبدا { وبينكم العداوة والبغضاء ابدا } اى هذا دأبنا معكم لانتركه والبغض ضد الحب ( وقال الكاشفى ) وآشكار اشد ميان ماوشماد شمنى بدل ودشمنى بدست يعنى محاربه ابدا هميشه يعنى بيوسته دشمنى قائم خواهد بود درميان بدل ودست { حتى } غاية لبدا { تؤمنوا باللّه وحده } وتتروكوا ما أنتم عليه من الشرك فتنقلب العداوة حنيئذ ولاية والبغضاء محبة والمقت مقة والوحشة الفة فالبغض نفور النفس من الشىء الذى ترغب عنه والحب انجذاب النفس الى الشىء الذى ترغب فيه فان قلت ماوجه قوله { حتى تؤمنوا باللّه وحده } ولا بد فى الايمان من الايمان باللّه وملائكته وتبه ورسله واليوم الآخر قلت الايمان باللّه فى ح ال وحدته يستلزم الايمان بالجميع مع ان المراد الوحدة الالهية ردا للاصنام قال بعض المشايخ اسوة ابراهيم خلة اللّه والتبرى مما دون اللّه والتخلق بخلق اللّه والتأوه والبكاء من شوق اللّه وقال ابن عطاء رحمه اللّه الاسوة القدوة بالخليل فى الظاهر من الاخلاق الشريفة وهو السخاء وحسن الخلق واتباع ما امر به على الكرب وفى الباطن الاخلاص فى جميع الافعال والاقبال عليه فى كل الاوقات وطرح الكل فى ذات اللّه تعالى واسوة رسول اللّه عليه السلام فى الظاهر العبادات دون البواطن والاسرار لان اسراره لايطيقها أحد من الخلق لانه باين الامة بالمكان ليلة المعراج ووقع عليه تجلى الذات سيهدار رسل سرخيل دركاه ... سرير افروز ملك لى مع الله { الا قول ابراهيم لأبيه } آزر { لأستغفرن لك } يا أبى استثناء من قوله تعالى { أسوة حسنة } فان استغفاره عليه السلام لأبيه الكافر وان ك ان جائزا عقلا وشرعا لو قومه قبل تبين انه من اصحاب الجحيم كما نطق به النص لكنه ليس مما ينبغى أن يؤتسى به اصلا اذ المراد به مايجب الائتساء به حتما لورود الوعيد على الاعراض عنه بما سيأتى من قوله تعالى { ومن يتولى فان اللّه هو الغنى الحميد } فاستثناؤه من الاسوة انما يفيد عدم استدعاء الايمان والمغفرة للكافر المرجو ايمانه وذلك لايرتاب فيه عاقل واما عدم جوازه فلا دلالة للاستنثاء عليه قطعا وحمل الأب على العم يخالف العقل والنقل لان اللّه تعالى يخرج الحى من الميت والعبرة بالحسب لا بالنسب وعن على رضى اللّه عنه شرف المرء بالعلم والأدب لا بالاصل والنسب هنر بنماى اكر دارى نه كوهر ... كل از خارست وابراهيم از آزر { وما املك لك من اللّه من شىء } من تمام القول المستثنى فمحله النصب على انه حال من فاعل لاستغفرن لكم اى استغفر لك وليس فى طاقتى الا الاستغفار دون منع العذاب ان لم تؤمن فمورد الاستثناء نفس الاستغفار لا قيده الذى هو فى نفسه من خصال الخير لكونه اظهارا للعجز وتفويضا للامر الى اللّه تعالى وفى هذه الآية دلالة بينه على تفضيل نبيه محمد عليه السلام وذلك انه حين امر بالاقتدآء به امر على الاطلاق ولم يستثن فقال وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وحين امر بالاقتدآء بابراهمي استثنى وايضا قال تعالى فى سورة الاحزاب { لقد كان لكم فى رسول اللّه اسوة حسنة لمن كان يردو اللّه واليوم الآخر وذكر اللّه كثيرا } فأطلق الاقتدآء ولم يقيده بشىء ( قال الصائب ) هلاك حسن خدا داد او شوم كه سرابا ... جو شعر حافظ شيرازى انتخاب ندارد { ربنا } الخ من تمام مانقل عن ابراهيم ومن معه من الاسوة الحسنة { عليك توكلنا } اعتمدنا يعنى از خلق بريديم واعتماد كلى بر كرم تونموديم { واليك أنبنا } رجعنا بالاعتراف بذنوبنا وبالطاعة { واليك المصير } اى الرجوع فى الآخرة وتقديم الجار والمجرور لقصر التوكل والانابة والمصير على اللّه تعالى سوى توكدريم روى ودل بتو بستيم ... زهمه باز آمديم وباتو نشستيم هرجه نه بيوند يار بود بربديم ... هرجه نه بيمان دوست بود كستيم قالوا بعد لمجاهدة وشق العصا التجاء الى اللّه تعالى فى جميع امورهم لاسيما فى مدافعة الكفرة وكفاية شرورهم كما ينطق به قوله تعالى ٥ { ربنا لاتجعلنا فتنة للذين كفروا } بأن تسلطهم علنا فيفتنونا بعذاب لا نطيقه فالفتنة بمعنى المفعول وربنا بدل من الاول وكذا قوله ربنا فيما بعده وقال بعضهم ربنا لاتجعلنا فتنة للذين كفروا فتقتر علينا الرزق وتبسطه عليهم فيظنوا انهم على الحق ونحن على الباطل { واغفر لنا } مافرط منا من الذنوب والا كان سببا لظهور العيوب وباعثا للابتلاء المهروب { ربنا } تكرير الندآء للمبالغة فى التضرع والجؤار فيكون لاحقا بما قبله ويجوز أن يكن سابقا لما بعده توسلا الى الثناء باثبات العزة والحكمة والاول اظهر وعليه ميل السجاوندى حيث وضع علامة الوقف الجائز على ربنا وهو فى اصطلاحه مايجوز فيه الوصل والفصل باعتبارين وتلك العلامة الجيم بمسماة وهو ، ج ، { انك انت العزيز } الغالب الذى لايذل من التجأ اليه ولا يخيب رجاء من توكل عليه { الحكيم } لايفعل الا مافيه حكمة بالغة وقال بعض أهل الاشارة تعز اولياءك بالفناء فيك وتحميهم ببقائك بلطائف حكمتك فيكون المراد بالفتنة غلبة ظلمة النفس الهوى وبالمغفرة الستر بالهوية الاحدية عن الانيات وبالصفات الواحدية عن التعينات ٦ { لقد كان لكم فيهم } اى فى ابراهيم ومن معه { اسوة حسنة } تكرير للمبالغة فى الحث على الأتساء به عليه السلام وذلك صدر بالقسم وجعله الطيبى من التعميم بعد التخصيص وفى برهان القرءآن كرر لان الاول فى القول والثانى فى الفعل وفى فتح الرحمن الاولى اسوة فى العداوة والثانية فى الخوف والخشية وفى كشف الاسرار الاولى متعلقة بالبرآءة من الكفار من فعلهم والثانية امر بالأتساء بهم لينالوا من ثوابهم مانالوا وينقلبوا الى الآخرة كانقلابهم { لمن كان يرجو اللّه } بالايمان بلقائه { واليوم الآخر } بالتصديق بوقوعه وقيل يخاف اللّه ويخاف عذاب الآخرة لان الرجاء والخوف يتلا زمان والرجاء ظن يقتضى حصول مافيه مسرة وفى المفردات الرجاء والطعم توقع محبوب عن امارة مظنونة او معلومة والخوف توقع مكروه عن امارة مطنونة او معلومة وفى بعض التفاسير الرجاء يجيىء بمعنى توقع الخبر وهو الامل وبمعنى توقع الشر وهو الخوف وبمعنى التوقع مطلقا وهو فى الاول حقيقة وفى الاخيرين مجاز وفى الثانى من قبيل ذكر الشىء وارادة ضده وهو جائز وفى الثالث من قبيل ذكر الخاص وارادة العام وهو كثير قوله { لمن كان } الخ بدل من لكم وفائدته الايذان بان من يؤمن باللّه واليوم الآخر لايترك الاقتدآء بهم وان تركه من مخايل عدم الايمان بهما كما ينبىء عنه قوله تعالى { ومن يتول فان اللّه هو الغنى لحميد } فانه مما يوعد بأمثاله الكفرة اى ومن يعرض عن الاقتداء بهم فى التبرى من الكفار ووالاهم فان اللّه هو الغنى وحده عن خلقه وعن موالاتهم ونصرتهم لاهل دينه لم يتعبدهم لحاجته اليهم بل هو ولى دينه وناصر حزبه وهو الحميد المستحق للحمد فى ذاته ومن صحاح الاحاديث القدسية ( ياعبادى انكم لن تبلغوا ضرى فتضرونى ولن تبلغوا نفعى فتنفعونى ياعبادى لو أن اولكم وآخركم وانسكم وجنكم كانوا على اتقى قلب رجل احد منكم مازاد ذلك فى ملكى شيا ياعبادى لو ان اولكم وآخركم وانسكم وجنكم كانوا على افجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكى شيأ ياعباى لو ان اولكم وآخركم وانسكم وجنكم قاموا فى صعيد واحد فسألونى فأعطيت كل انسان مسألته مانقص ذلك من عندى الا كما ينقص المخيط اذا دخل البحر ياعبادى انما هى اعمالكم احصيها لكم ثم اوفيكم اياها فمن وجد خيرا فليحمد اللّه ومن وجد غير ذلك فلا يلومن الا نفسه ) قوله هى ضمير القصة يعنى ماجزآء اعمالكم الا محفوظ عندى لاجلكم ثم أؤديها اليكم وافية ثم الحميد فعيل بمعنى المفعول وجوز الامام القشيرى رحمه اللّه أن يكون بمعنى الفاعل اى حامد لنفسه وحامد للمؤمنين من عباده قال شارح المشكاة وحظ العبد من اسم الحميد أن يسعى لينخرط فى سلك المقربين الذين يحمدون اللّه لذاته لا لغيره قال الشيخ ابو القاسم رحمه اللّه حمد اللّه الذين هو من شكره يجب أن يكون على شهود المنعم لان حقيقة الشكر الغيبة لشهود المنعم عن شهود النعمة ( روى ) ان داود عليه السلام قال فى مناجاته كيف اشكر لك وشكرى لك نعمة منك على فأوحى اللّه اليه الآن قد شكرتنى وقال بعض اهل الاشارة لقد كان فى ابراهيم الخفى ومن معه من قواه الروحانية المجردة من المواد الحسية والمثالية والعقلية اسوة حسنة وهى البرآءة من قومه اى النفس الامارة والهوى المتبع فمن تأسى واستمر على ذلك بلغ المطلوب المحبوب ومن اعرض عن ذلك التأسى فان اللّه غنى عن تأسه حميد فى ذاته وان لم يكن حمده انتهى كلامه ٧ { عسى اللّه ان يجعل } شايد آنكه خداى تعالى بيدا كند { بينكم وبين الذين عاديتم منهم } اى من اقاربكم المشركين وعسى من اللّه وعد على عادة الملوك حيث يقولون فى بعض الحوآئج عسى ولعل فلا يبقى شبهة للمحتاج فى تمام ذلك وقال الراغب ذكر اللّه فى القرءآن عسى ولعل تذكرة ليكون الانسان منه على رجاء لاعلى أن يكون هو تعالى راجيا اى كونوا راجين فى ذلك والمعاداة والعداء باكسى دشمنى كردن { مودة } اى بأن يوافقوكم فى الدين وعدهم اللّه بذلك لما رأى منهم من التصلب فى الدين والتشدد فى معاداة آبائهم وابنائهم وسائر اقربائهم ومقاطعتهم اياهمم بالكلية تطيبا لقلوبهم ولقد انجز وعده الكريم حين أباح لهم الفتح فأسلم قمهم كأبى سفيان وسهل بن عمرو وحكيم بن حزام والحارث ابن هشام وغيرهم من صناديد العرب وكانوا اعدآء أشد العداوة فتم بينهم من التحاب والتصافى ماتم { واللّه قدير } اى مبالغ فى القدرة فيقدر على تقليب القلوب وتغيير الاحوال وتسهيل اسباب المودة { واللّه غفور رحيم } فيغفر لمن اسلم من المشركين ويرحمهم بقلب معاداة قاربهم موالاة وقيل غفور لما فرط منكم فى موالاتهم من قبل ولما بقى فى قلوبكم من ميل الرحم قال ابن عطاء رحمه اللّه لاتبغضوا عبادى كل البغض فانى قادر على أن أنقلكم من البغض الى المحبة كنقلى من الحياة الى الموت ومن الموت الى النشور كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم اذا انظر الى خالد بن الوليد وعكرمة بن أبى جهل قرأ { يخرج الحى من الميت } لانهما من خيار الصحابة وابواهما اعدى عدو لله ورسوله وكان بعضهم يبغض عكرمة ويسب أباه لما سلف منه من الأذى حتى ورد النهى عنه بقوله عليه السلام ( لاتؤذوا الاحياء بسبب الاموات ) فقلت اللّه ذلك محبة فكانوا اخوانا فى اللّه وفى الحديث ( من نظر الى اخيه نظر مودة لم يكن فى قلبه احنه لم يطرف حتى يغفر اللّه له ماتقدم من ذنبه ) وقال سقراط أثن على ذى المودة خيرا عند من لقيت فان رأس المودة حسن الثناء كما ان رأس العداوة سوء الثناء وعنه لاتكون كاملا حتى يأمنك عدوك فكيف بك اذا لم يأمنك صديقك قال داود عليه السلام اللهم انى اعوذ بك من مال يكون على فتنة ومن ولد يكون على ربا ومن حليلة تقرب المشيب واعوذ بك من جار ترانى عيناه وترعانى اذناه ان رأى خيرا دفنه وان سمع شرا طار به ومن بلاغات الزمخشرى محل المودة والاخاء حال الشدة دون الرخاء ( قال الحافظ ) وفامجوى زكس ورسخن نمى شنوى ... بهرزه طالب سيمرغ وكيميامى باش ٨ { لاينهاكم اللّه عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين } اى على الدين او فى حق الدين واطفاء نور { ولم يخرجوكم من دياركم } اى لاينهاكم اللّه عن مبرة هؤلاء فان قوله تعالى { ان تبروهم } بدل من الموصول بدل الاشتمال لان بينهم وبين البر ملابسة بغير الكلية والجزيئة فكان المنهى عنه برهم بالقول وحسن المعاشرة والصلة بالمال لا انفسهم وبالفارسية از آنكه نيكويى كنيد با ايشان { وتقسطوا اليهم } تفسير لتبروا وضمن تقسطوا معنى الافضاء فعدى تعديته اى تفضوا اليهم بالقسط والعدل ولا تظلموهم وناهيك بتوصية اللّه المؤمنين ان يستعملوا القسط مع المشركين ويتحاموا ظلمهم مرحمة عن حال مسلم يجترىء على ظلم اخيه المسلم كما فى الكشاف وقال الراغب القسط النصيب بالعدل كالنصف والنصفة فالمعنى عدل كنيد وفرستيد قسطى وبهره براى ايشان از طعام وغير او { ان اللّه يحب المقسطين } اى العادلين فى المعاملات كلها ( روى ) ان قتيلة بنت عبد العزى على زنة التصغير قدمت فى المدة التى كانت فيها المصالحة بين رسول اللّه عليه السلام وبين كفار قريش مشركة على بنتها اسماء بنت ابى بكر رضى اللّه عنها بهدايا فلم تقبلها ولم تأذن لها بالدخول فنزلت فأمرها رسول اللّه أن تدخلها وتقبل منها وتكرمها وتحسن اليها وكانت قتيلة زوجة أبى بكر وكان طلقها فى الجاهلية ، وآورده اندكه قوم خزاعة رابا حضرت رسول عليه السلام عهد وبيمان بود وهركز قصد مسلما نان نكردند ودشمنان دين را يارى ندادند حق تعالى در باره ايشان اين آيت فرستاد يامراد زنان وكودكانند كه ايشانرا در قتل واخراج جندان مدخلى نيست ، وفى فتح الرحمن نسختها اقتلوا المشركين والاكثر على انها غير منسوخة وفى بعض التفاسير القسوط الجور والعدول عن الحق والقسط بالكسر العدل فالاقساط اما من الاول بمعنى ازالة القسوط فهمزته للسلب كأشكيته بمعنى ازلت عنه الشكاية وسلبتها فمن ازال الظلم اتصف بالعدل واما من الثانى بمعنى ان يصير ذا قسط فهمزته للصيرورة مثل اورق الشجر اى صار ذا ورق وفى الآية مدح للعدل لان المرء به يصير محبوبا لله تعالى ومن الاحاديث الصحيحة قوله عليه السلام ( ان المقسطين عند اللّه على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين للذين يعدلون فى حكمهم واهليهم وماولوا ) ( قال الحافظ ) شاه را به بود از طاعت صد ساله وزهد ... قد ريكساعته عمرى كه در وداد كند وقال خطابا لبعض الملوك جويبار ملك را آب ازسر شمشيرتست ... خوش درخت عدل بنشان بيخ بدخواهان بكن ... ٩ { انما ينهاكم اللّه عن الذين قاتلوكم فى الدارين } واطفاء نوره { واخرجوكم من دياركم } وهم عتاة اهل مكة وجبابرتهم { وظاهروا على اخراجكم } وهم سائر اهلها ، يعنى معاونت كردند وهم بشت شدند با اعادى { او تولوهم } بدل اشتمال من الموصول اى انما ينهاكم عن أن تتولوهم والتولى دوستى داشتن باكسى { ومن يتولهم } وهركه دوست دارد ايشانرا { فاولئك هم الظالمون } لوضعهم الولاية فى موضع العداوة وهم الظالمون لأنفسهم بتعريضها للعذاب وحساب المتولى اكبر وفساد التولى اكثر ولذلك اورد كلمة الحصر تغليظا وجمع الخبر باعتبار معنى المبتدأ ، بكسل زدوستان دغا باز وحيله ساز ، يارى طلب كه طالب نقش بقابود ، جعلنا اللّه واياكم من الذين يطلبون الباقى لا الفانى. يقول الفقير كان الظاهر من امر المقابلة فى الآيتين أن يقال فى الاولى ان تولوهم كما فى الثانية او يعكس ويقال فى الثانية أن تبروهم كما فى الاولى او يذكر كل منهما فى كل من الآيتين لكن الدلائل العقلية والشواهد النقلية دلت على ان موالاة الكافر غير جائزة مقاتلا كان او غيره بخلاف المبرة فانها جائزة لغير المقاتل غير جائزة للمقاتل كالموالاة فحيت اثبت المبرة بناء على امر ظاهر فى باب الصلة نفى الموالاة ضمنا وحيث نفى الموالاة فنى المبرة ضمنا وانما لم تجز المبرة للمقاتل لغاية عداوته ونهاية بغضه ان قيل ان الاحسان الى من اساء من اخلاق الابرار قلنا ان المبرة تقتضى الالفة فى الجملة والاحسان بقطع اللسان ويثلم السيف فيكون حائلا بين المجاهد والجهاد الحق وقد امر اللّه باعلاء الدين ١٠ { يا أيها الذين آمنوا } بيان لحكم من يظهر الايمان بعد بيان حكم فريقى الكافرين { اذا جاءكم المؤمنات } اى بدلالة ظاهر حالهن واقرارهن بلسانهن او المشارفات للايمان ولا بعد أن تكون التسمية بالمؤمنات لكونهن كذلك فى علم اللّه وذلك لاينافى امتحان غيره تعالى { مهاجرات } من بين الكفار حال من المؤمنات { فامتحنوهن } فاختبروهن بما تغلب به على ظنكم موافقة قلوبهن للسانهن فى الايمان قيل انه من أرادت منهم اضرار زوجها قالت سأهاهجر الى محمد عليه السلام فلذلك مر النبى بامتحانهن وكان عليه السلام يقول للتى يمتحنها ( باللّه الذى لا اله الا هو ماخرجت عن بغض زوج اى غير بغض فى اللّه لحب اللّه باللّه ماخرجت رغبة عن ارض الى ارض باللّه ماخرجت التماس دنيا باللّه ماخرجت عشقا لرجل من المسلمين باللّه ماخرجت لحدث احدثه باللّه ماخرجت الا رغبة فى الاسلام وحب لله ولرسوله ) فاذا حفلت باللّه الذى لا اله الا هو على ذلك اعطى النبى عليه السلام زوجها مهرها وما انفق عليها ولا يردها الى زوجها قال السهيلى نزلت فى ام كلثوم بن عقبة بن ابى معيط وهى امرأة عبدالرحمن بن عوف ولدت له ابراهيم بن عبدالرحمن وكانت ام كلثوم اخت عثمان بن عفان رضى اللّه عنه لامه أروى وافادت الآية ان الامتحان فى محله حسن نافع ولذا تمتحن المنكوحة ليلة الزفاف وتستوصف الاسلام مع سهولة فى السؤال واشارة الى الجواب لانها لو قالت ماأعرف بانت من زوجها خوش بودكر محك تجربة آد بميان ... تاسيه روى شود دروغش باشد { واللّه اعلم بايمانهن } منكم لانه المطلع على مافى قلوبهن فلا حاجة له الى الامتحان وليس ذلك للبشر فيحتاج اليه والجملة اعتراض { فان علمتموهن } بعد الامتحان { مؤمنات } العلم الذى يمكنكم تحصيله وهو الظن الغالب بالحلف وظهور الامارات وانما سماه علما ايذانا بأنه جار مجرى العلم فى وجوب العلم به ففى علمتموهن استعارة تبعية { فلا ترجعوهن الى الكفار } من الرجع بمعنى الرد لا من الرجوع ولذلك عدى الى المفعول اى لاتردوهن الى ازواجهن الكفرة لقوله تعالى { لاهن حل لهن ولا هم يحلون لهن } فان تعليل للنهى عن رجعهن اليم يعنى لاتحل مؤمنة لكافر لشرف الايمان ولا نكاح كافر لمسلمة لخبث الكفر وبالفارسية نه ايشان يعنى زنان حلا لندمر كافر انرا ونه كافران حلال ميشوند مرين زنانرا جه تباين دارند جدايى افكنده ميان ايشان ، والتكرير اما لتأكيد الحرمة والا فيكفى نفى الحال من احد الجانبين اولان الاول لبيان زوال النكاح الاول والثانى لبيان امتحان النكاح الجديد { وآتوهم ما انفقوا } ها هو الحم الثانى اى واعطوا ازواجهن مثل مادفعوا اليهم من المهور وذلك اى بيان المراد بما انفقوا هو المهور أن صلح الحديبية كان على ان من جاءنا منكم رددناه فجائت سبيعة بن الحارث الاسلمية مسلمة والنبى عليه السلام بالحديبية فأقبل زوجها مسافر المخزومى طالبا لها فقال يا محمد اردد على امرأتى فانك قد شرطت أن ترد علينا من اتاك منا فنزلت لبيان ان ا لشرط انما كان فى الرجال دون النساء فاستحلفها رسول اللّه فحلفت فأعطى زوجها ما انفق وهوالمهر بالانفاق وتزوج بها عمر رضى اللّه عنه وانما رد لرجال دون النساء لضعف النساء عن الدفع عن انفهسن وعجزهن عن الصبر على الفتنة وفى اللباب ان المخاطب بهذا هو الامام ليؤتى من بيت المال الذى لايتعين له مصرف وان المقيمة منهن على شركها مردودة عليهم وان المؤمن يحل له أن ينكح كتابية فان الرجال قوامون على النساء فليس تسلطه عليها كتسلط الكافر على المسلمة ولعل المراد بايتاء ما أنفقوا رعاية جانب المؤمن بالحث على اظهار المروئة وايثار السخاء والا فمن المسائل المشهورة ان المرأة تملك تمام المهر بخلوة صحيحة فى قطعة من اليوم او الليلة وان لم يقع استمتاع اصلا وايضا ان فى الانفاق تأليف القلوب وامالتها الى جانب الاسلام وأفادت الآية ان اللائق بالولى كائنا من كان أن يحذر تزويج مؤمنة له ولاية عليها بمبتدع تفضى بدعته الى الكفر وللحاكم أن يفرق بينه وبينها ان ظهرت منه تلك البدعة الا أن يتوب ويجدد ايمانه ونكاحه سئل الرستغفنى عن المناكحة بين اهل السنة وبين اهل الاغتزال فقال لاتجوز كما فى مجمع الفتاوى وقس عليه سائر الفرق الضالة التى لم يكن اعتقادهم كاعتقاد اهل السنة ولزمهم بذلك الاعتقاد اكفارا وتضليل ولهم كثرة فى هذه الاعصار جدا قال فى بعض التفاسير اخاف أن يكون من تلك المبتدعة بعض المتصوفة من أهل زماننا الذى يدعى ان شيخه قطب الزمان يجب الاقتداء به على كل مسلم حتى ان من لم يكن من جملة مريديه كان كفارا وان مات من لم يمت مؤمنا فيستدل بقوله عليه السلام ( من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية ) ويقول المراد بالامام هو القطب وشيخنا هو القطب فمن لم يعرف قطبيته ولم يتبعه مات على سوء الحال وجوابه ان المراد بالامام هو الخليفة والسلطان وقريش اصل فيه لقوله عليه السلام ( الامام من قريش ومن عداهم تبع لهم كشريف الكعبة مع آل عثمان ) فالشريف احدى الذات ولذا لاقوة له وآل عثمان واحدى الذات ولذا صار مطهر سر قوله تعالى { هو الذى ايدك بنصره وبالمؤمنين } فاعرف الاشارة وايضا المراد من لامام نبى ذلك الزمان وهو فى آخر الزمان رسولنا محمد عليه السلام ولاشك ان من لم يعرفه ولم يصدقه مات ميتة جاهلية ولئن سلم ان المراد بالامام هو القطب من طريق الاشارة فلا شك ان للقطبية العظمى شرآئط لايوجد واجد منها فى الكذابين فلا يثبت لهم القطبية اصلا على ان التصديق بالقطب لايستلزم صحبته لان مبنى هذا الامر على الباطن فالاقطاب لم يهتد اليهم الا اقل الافراد فاظهارهم لقطبيتهم خارج عن الحكمة ولما قربت القيامة وقع أن يتغير احوال كل طائفة عاما فعاما شهرا فشهرا اسبواعا فاسبوعا يوما فيوما لايزال هذا التغيير الى انقراض الاخيار لانه لاتقوم الساعة الا على الاشرار وفى المرفوع ( لايأتيكم زمان الا والذى بعده شر منه حتى تلقوا ربكم ) ( قال الحافظ ) روزى اكر غمى رسدت تنك دل مباش ... روشكر كن مبادكه از يد بتر شود وفى الحديث ( ما من بنى بعثه اللّه فى امة قبلى الا كان له من امته حوارين واصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم انها تخلف من بعدهم خلوف يقولون مالا يفعلون ويفعلون مالا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ليس ورآء ذلك من الايمان حبة خردل ) رواه مسلم وقال عليه السلام ( يذهب الصالحون الاول فالاول ويبقى حفالة كحفالة الشعير او التمر لايبالى بهم اللّه واول التغير كان فى الامرآء ثم فى العلماء ثم فى الفقرآء ففىكل طائفة اهل هدى واهل هوى فكن من اهل الهدى او المشبيهن بهم فان من تشبه بقوم فهو منهم ومن كثر سواد قوم فهو منهم ) وفى الحديث ( من احب قوما على عملهم حشر فى زمرتهم وحوسب بحسابهم وان لم يعلم بعملهم ) { ولاجناح عليكم } هذا هو الحكم الثالث يقال جنحت السفينة اى مالت الى احد جانبيها وسمى الاثم المائل بالانسان عن الحق جناحا ثم سمى كل اثم جناحا { أن تنكحوهن } اى تنكحوا المهاجرات وتتزوجوهن وان كان لهن ازواج كفار فى دار الحرب فان اسلامهن حال بينهن وبين ازواجهن الكفار { اذا آتيتموهن اجورهن } اذا ظرفية محضة او شرطية جوابها محذوف دل عليه ماتقدمها شرط ايتاء المهر فى نكاحهن ايذانا بأن ماأعطى ازواجهن لايقوم مقام المهر لأن ظاهر النظم يقتضى ايتاءين ايتاء الى الازواج وايتاء اليهن على سبيل المهر وفى التيسير التزمتم مهورهن ولم يرد حقيقة الادآء كما فى قوله تعالى { حتى يعطوا الجزية عن يد } أى يلتزموها استدل بالآية ابو حنيفة رحمه اللّه على ان احد الزوجين اذا خرج من دار الحرب مسلما او بذمة وبقى الآخر حربيا وقعت الفرقة ولايرى العدة على المهاجرة ولا على الذميمة المطلقة ولا على المتوفى عنها زوجها ويبيح نكاحها الا أن تكون حاملا لانه تعالى نفى الجناح من كل وجه فى نكاحهن بع ايتاء المهور ولم يقيد بمضى العدة وقالا عليها العدة وفى الهداية قول أبى حنيفة فيما اذا كان معتقدهم انه لاعدة واما اذا كانت حاملا فقد قال عليه السلام ( من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يسقين ماءه زرع غيره ) { ولا تمسكوا بعصم الكوافر } هذا هو الحكم الرابع والامساك جنك درزدن ، ويعدى بالباء والعصم جمع عصمة وهى مايعتصم به من عقد وسبب والكوافر جمع كافرة والكوافر طائفتان من النساء طائفة قعدت عن الهجرة وثبتت على الكفر فى دار الحرب وطائفة ارتدت عن الهجرة ولحقت بازواجها الكفار والمعنى لايكن بينكم وبين المشركات عصمة ولا علقة زوجية وقال ابن عباس رضى اللّه عنهما من كانت له امرأة كافرة بمكة فلا يعتدن بها من نسائه كما قال بعض اهل التفسير المراد بالعصمة هنا النكاح بمعنى من كانت له زوجة كافرة بمكة او ارتدت ورجعت اليها فلا يعتد بها وبعدها من نسائه لان اختلاف الدارين قطع عصمتها منه فجاز له أن يتزوج بأربع سواها وبرابعة وباختها من غير تربص وعدة وبالفارسية وما يستيد بنكه داشتن زنان كافره وايشانرا بزنان خود مشمريد ، فيكون اشارة الى حكم اللاتى بقين فى دار الكفر وما اسلمن ولا هاجرن بعد اسلام ازاجهن وهجرتهم وعن النخعى هى المسلمة تلحق بدار الحرب فتكفر فيكون قوله { ولاتمسكوا } بمقابلة قوله { اذا جاءكم المؤمنات } يعنى ان قوله { اذا جاءكم } الخ اشارة الى حكم اللاتى اسلمن وخرجن من دار الكفر وقوله { ولا تمسكوا } الخ اشارى الى حكم المسلمات اللاتى ارتددن وخرجن من دار الاسلام الى دار لكفر وعلى التفسيرين زال عقد النكاح بينهن وبين ازواجهن وانقطعت عصمتهن عنهم باختلاف الدارين فالعصمة هى المنع أريد بها فى الآية عقد النكاح الذى هو سبب لمنع ازواجهن اياهن عن الاطلاق اى لاتعتدوا بما كان بينكم وبينهن من العقد الكائن قبل حصول اختلاف الدارين والفرقة عند الخليفة تقع بنفس الوصول الى دار الاسلام فلا حاجة الى الطلاق بعد وقوع الفرقة وكانت زينب بنت رسول اللّه عليه السلاة والسلام امرأة أبى العاص ابن الربيع فلحقت بالنبى عليه السلام واقام ابو العاص بمكة مشركا ثم اتى المدينة فاسلم فرجها عليه رسول اللّه عليه السلام واذا اسلم الزوجان معا او اسلم زوج الكتابية فما على نكاحهما بالاتفاق واذا اسلمت المرأة فان كان مدخولا بها فأسلم فى عدتها فهى امرأته بالاتفاق وان كانت غير مدخول بها وقعت الفرقة بينهما وكان فسخا عند الثلاثة وقال ابو حنيفة يعرض عليه الاسلام فان أسلم فهى امرأته والا فرق القاضى بينهما بآبائه عن الاسلام وتكون هذه الفرقة طلاقا عند أبى حنيفة ومحمد وفسخا عند أبى يوسف ولها المهر ان كانت مدخولا بها والا فلا بالاتفاق وما اذا ارتد احد الزوجين المسلمين فقال أبو حنيفة ومالك تقع الفرقة حال الردة بلا تأخير قبل الدخول وبعده وقال الشافعى واحمد ان كانت الردة من احدهما قبل الدخول انفسخ النكاح وان كانت بعده وقعت الفرقة على انقضاء العدة فان أسلم المرتد منهما فى العدة ثبت النكاح والا انفسخ بانقضائها ثم ان كان المرتد الزوجة بعد الدخول فلها المهر وقبله لاشىء لها وان كان الزوج فلها الكل بعده والنصف قبله بالاتفاق كذا فى فتح الرحمن وقال سهر رحمه اللّه فى الآية ولا توافقوا اهل البدع فى شىء من آرآئهم { واسألوا ماأنفقتم } هذه هو الحكم الخامس اى واسألوا الكافر ايها المؤمنون ماأنفقتم يعنى آنجه خرج كرده آيد من مهور نسائكم اللاحقات بالكفار اى اذا ارتدت امرأة احدكمم ولحقت بدار الحرب فاسألوا مهرها ممن تزوجها ولعل هذا لتطرية قلوب بعض المؤمنين بالمقابلة والمعادلة والا فظاهر حال الكرام الاستغناء عنه { وليسألوا } اى الكفار منكم { ماأنفقوا } من مهور ازواجهم المهاجرات اى يسأل كل حربى اسلمت امرأته وهاجرت الينا من تزوجها منا مهرها وبالفارسية عصمت زوجيه منقطع شد ميان مؤمن وكافرة وميان كافر ومؤمنة بس هربك بايدكه رد كند مهريرا كه بصاحبه خود داده اند ، وظاهر قوله وليسألوا يدل على ان الكفار مخاطبون بالاحكام وهو أمر للمؤمنين بالاداء مجازا من قبيل اطلاق الملزوم وارادة اللازم كما فى قوله تعالى { وليجدوا فيكم غلظة } افنه بمعنى واغلظوا عليهم { ذلكم } الذى ذكر فى هذه الآية من الاحكام { حكم اللّه } ماحكم اللّه به لان يراعى وقوله تعالى { يحكم بينكم } كلام مستأنف للتأكيد والحث على الرعاية والعمل به قال فى فتح الرحمن ثم نسخ هذا الحكم بعد ذلك الا قوله { لاهن حل لهم ولاهم يحلو لهن } { واللّه عليم } بمصالحكم { حكيم } بشرع ماتقتضيه الحكمة البالغة قال ابن العربى كان حكم اللّه هذا مخصوصا بذلك الزمان فى تلك النازلة خاصة وقال الزهرى ولولا هذه الهدنة والعهد الذى كان بين رسول اللّه وبين قريش يوم الحديبية لامسك النساء ولم يرد الصداق وكذا كان يصنع ممن جاءه من المسلمات قبل العهد روى انه لما نزلت الآية ادى المؤمنون مامروا به من مهور المهاجرات الى ازاجهن المشركين وابى المشركون أن يؤدوا شيا من مهور الكوافر الى ازاجهن المسلمين وقالوا نحن لانعلم لكم عندنا شيأ فن كان لنا عندكم شىء فوجهوا به فنزل قوله تعالى ١١ { وان فاتكم } الفوت بعد الشىء عن الانسان بحيث يتعذر ادراكه وتعديته بالى لتضمنه معنى السبق او الانفلات دل عليه قوله { فآتوا الذين ذهبت ازواجهم } اى الى الكفار والمعنى سبقكم وانقلبت منكم اى خرج وفر منكم فجأة من غير تردد ولا تدبر وبالفارسية واكرفوت شود از شما اى مؤمنان { شىء من ازواجكم الى الكفار } اى احد من ازواجكم الى الكفار ودارهم ومهر او بدست شمانيابد. وقد قرىء به وايقاع شىء موقعه للتحقير والاشباع فى التعميم لان النكرة فى سياق الشرط تفيد العموم والشىء لكونه اعم من الاحد أظهر احاطة لاصناف الزوجات اى اى نوع وصنف من النساء كالعربية او العجمية او الحرة او الامة او نحوها او فاتكم شىء من مهور ازواجكم على حذف المضاف ليتطابق الموصوف وصفته والزوج هنا هى المرأة ( روى ) انها نزلت فى ام الحكم بنت ابى سفيان فرت فتزوجها ثقفى لوم ترتد امرأة من قريش غيرها واسلمت مع قريش حين اسلموا وسيأتى غير ذلك { فعاقبتم } من العقبة وهى النوبة والمعاقبة المناوبة يقال عاقب الرجل صاحبه فى كذا اى جاء فعل كل واحد منهما بعقب فعل الآخر والمعنى وجاءت عقبتكم ونوبتكم من ادآء المهر بأن هاجرت امرأة الكافر مسلمة الى المسلمين ولزمهم المرتدة ممن تزوجها منهم شبه ماحكم به على المسلمين والكافرين من ادآء هؤلاء مهور نساء اولئك تارة وادآء اولئك مهور نساء هؤلاء اخرى بأمر يتعاقبون فيه كما يتعاقب فى الركوب ونحو اى يتناوب والا فأدآء كل واحد من المسلمين والكفار لايلزم أن يعقب ادآء الآخر لجواز أن يتوجه الادآء لاحد الفريقين مرارا متعددة من غير أن يلزم الفريق الآخر شىء وبالعكس فلا يتعاقبون فى الآداء { فآتوا الذين ذهبت ازواجهم مثل ماأنفقوا } اى من المهاجرة التى تزوجتموها ولاتؤتوا زوجها الكافر يعنى ان فاتت امرأة مسلم الى الكفار ولم يعط الكفار مهرها فاذا فاتت امرأة كافر الى المسلمين اى هاجرت اليهم وجب على المسلمين أن يعطوا المسلم الذى فاتت امرأته الى الكفار مثل مهر زوجته الفائتة من مهر هذه المرأة المهاجرة ليكون كالعوض لمهر زوجته الفائتة ولا يجوز لهم أن يعطوا مهر هذه المهاجرة زوجها الكافر قبل جميع من لحق بالمشركين من نساء المؤمنين المهادرين ست نسوة ام الحكم بنت أبى سفيان كانت تحت عياض بن شداد الفهرى وفاطمة بنت امية كانت تحت عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه وهى اخت ام سلمة وبروع بنت عقبة كانت تحت شماس بن عثمان وعبدة بنت عبدالعزى بن نضلة وزوجها عمرو بن عبدور وهند بن أبى جهل كانت تحت هشام بن العاص وكلثوم بنت جرول كانت تحت عمر رضى اللّه عنه واعطاهم رسول اللّه عليه السلام مهر نسائهم من الغنيمة كما فى الكشاف { واتقوا اللّه الذى أنتم به } لابغيره من الجبت والطاغوت { مؤمنون } فان الايمان به تعانى يقتضى التقوى منه تعالى قال بعضهم حكم اين آيات تاباقى عهد باقى بود جون مرتفع كشت اين احكام منسوخ كشت ، وفى الآية اشارة الى المكافأة ان خيرا فخير وان شرا فشر ( حكى ) ان اخوين فى الجاهلية خرجا مسافرين فنزلا فى ظل شجرة تحت صفاة فلماذا الرواح خرجت لهما من تحت الصفاة حية تحمل دينارا فألقته اليهما فقالا ان هذا لمن كنز فأقاما عليه ثلاثة ايام كل يوم تخرج لهما دينارا فقال احدهما للآخر الى متى ننتظر هذه الحية ألا نتقتلها ونحفر عن هذا الكنز فنأخذه فنهاه اخوه وقال ماندرى لعلك تعطب ولا تدرك المال فأبى عليه فأخذ فاسا معه ورصد الحية حتى خرجت فرضبها ضربة جرحت رأسها ولم تقتلها فبادرت الحية فقتلته ورجعت الى جحرها فدفنه اخوه واقام حتى اذا كان الغد خرجت الحية معصوبا رأسها ليس معها شىء فقال ياهذه انى واللّه مارضيت بما أصابك ولقد نهيت أخرى عن ذلك فهل لك أن نجعل اللّه بيننا لاتضرين بى ولا أضر بك وترجعين الى ماكنت عليه فقالت الحية لا فقال ولم قالت لانى لانى اعلم ان نفسك لاتطيب لى ابدا وأنت ترى قبر أخيك ونفسى لاتطيب لك وانا اذكر هذه الشجة فظهر من هذه الحكاية سر المكافأة وشرف التقوى فانه لو اتقى اللّه ولم يضع الشر موضع الخير بل شكر صنيع الحية لازداد مالا وعمرا كرم كن نه برخاش وجنك آورى ... كه علام بزيرنكين آورى جوكارى بزآيد بلطف وخوشى ... جه حاجت بتندى وكردن كشى نمى ترسى اى كرك ناقص خرد ... كه روزى بلنكيت برهم درد ١٢ { يا ايها النبى } ندآء تشريف وتعظيم { اذا جاءك المؤمنات } جون بيايند بتوزنان مؤمنة { يبايعنك } اى مبايعات لك اى قاصدات للمبايعة فهى حال مقدرة نزلت يوم الفتح فانه عليه السلام لما فرغ من بيعة الرجال شرع فى بيعة النساء سميت البيعة لان المبايع يبيع نفسه بالجنة المبايعة مفاعلة من البيع ومن عادة الناس حين المبايعة أن يضع احد المتبايعين يده على يد الآخر لتكون معاملتهم محكمة مثبتة فسميت المعاهدة بين المعاهدين مبايعة تشبيها لها بها فى الاحكام والابرام فمبايعة الامة رسولهم التزام طاعته وبذل الوسع فى امتثال اوامره واحكامه والمعاونة له ومبايعته اياهم الوعد بالثواب وتدبير امورهم و القيام بمصالحهم فى الغلبة على اعدائهم الظاهرة والباطنة والشفاعة لهم يوم الحساب ان كانوا ثابتين على تلك المعاهدة قائمين بما هو مقتضى المواعدة كام يقال بايع الرجل السلطان اذا اوجب على نفسه الاطاعة له وبايع السلطان الرعية اذا قيل القيام بمصالحهم واوجب على نفسه حفظ نفوسهم واموالهم من ايدى الظالمين { على ان لايشركن باللّه شيأ } اى شيأ من الاشياء او شيأ من الاشتراك والظاهر ان المراد الشرك الاكبر ويجوز التعميم وللشرك الاصغر الذى هو الرياء فالمعنى الىأن لايتخذن الها غير اللّه ولا يعملن الا خالصا لوجهه مرايى هركس معبود سازد ... مرايى را زان كفتند مشرك ( قال الحافظ ) كوبيا بارونمى دارند روز داورى ... كين همه قلب ودغل دركار داور ميكنند { ولايسرقن } السرقة اخذ ماليس له اخذه فى خفاء وصار ذلك فى الشرع لتناول الشىء من موضع مخصوص وقدر مخصوص اى لايأخذن مال احد بغير حق ويكفى فى قبح السرقة ان النبى عليه السلام لعن السارق { ولايزنين } الزنى وطىء المرأة من غير عقد شرعى يقصر واذا مد يصح أن يكون مصدر المفاعلة قال مظهر الدين الزنى فى اللغة عبارة عن المجامعة فى الفرج على وجه الحرام ويدخل فيه اللواطة واتيان الهائم تم كلامه قال عليه السلام ( يقتل الفاعل والمفعول به ) وثبت ان عليا رضى اللّه عنه احرقهما وان أبا بكر رضى اللّه عنه هدم عليهما حائطا وذلك بحسب مارأيا من المصلحة وقال عليه السلام ( معلون من أتى امرأته فى دبرها ) واما الاتيان من دبرها فى قبلها فمباح قال فى اللباب انفق المسلمون على حرمة الجماع فى زمن الحيض واخلتفوا فى وجوب الكفارة على من جامع فيه فذهب اكثرهم الى انه لاكفارة عليه فيستغفر وذهب قوم الى وجوب الكفارة عليه ثم كلامه وقال عليه السلام ( من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه ) قيل لابن عباس رضى اللّه عنهما ماشأن البهيمة قال ماسمعت فيها من رسول اللّه شيأ ولكن اكره أن يحل لحمها وينتفع بها كذلك { ولايقتلن اولادهن } أريد به وأد البنات اى دفنهن احياء خوف العار والفقر كما فى الجاهلية قال عليه اسلام ( لاتنزع الرحمة الا من شقى ) ( قال الحافظ ) هيج رحمى نه برادربه برادر ... هيج شوقى نه بدر رابه بسرمى بينم دخترا نراهمه جنكست وجدل بامادر ... بسر انرا همه بدخواه بدرمى بينم حكى ان هرون الرشيد زوج اخته من جعفر بشرط أن لايقرب منها فلم يصبر عنها فظهر حملها فدفنهما هرون حيين غضبا عليهما ويقال ولايشربن دوآء فيسقطن حملهن كما فى تفسير ابى الليث وفى نصاب الاحتساب تمنع القابلة من المعالجة لاسقاط الولد بعدما استبان خلقه وفنخ فيه الروح ومدة استبانة والنفخ بمائة وعشرين يوما واما قبله فقيل لابأس به كالعزل وقيل يكره لان مآل الماء الحياة كما اذا اتلف محرم بيضة صيد الحرم ضمن لان مآلها الحياة فلها حكم الصيد بخلاف العزل لان ماء الرجل لاينفخ فيه الروح الا بعد صنع آخر وهو الالقاء فى الرحم فلا يكون مآله الحياة ولعل اسناد الفعل الى النساء اما باعتبار الرضى به او بمباشرته بأمر زوجها { ولايأتين ببهتان يفترينه بين ايديهن وارجلهن } الباء للتعدية والبهتان الكذب الذى يبهت المذكوب عليه اى يدهشه ويجعله متحيرا فيكون اقبح انواع الكذبوهو فى الاصل مصدر يقال بهت زيد عمرا بهتا وبهتا وبهتانا اى قال عليه ومالم يفعله فزيد باهت وعمر ومبهوت والذى بهت به مبهوت به واذا قالت لزوجها هذا ولدى منك لصبرى التقطتة فقط بهتته به اى قالت عليه مالم يفعله جعله نفس البهتان ثم وصفه بكونه مفترى مبالغة فى وصفهن بالكذب والافترآء الاختلاق يقال فرى فلان كذبا اذا خلقه وافتراه اختلقه قوله يفترينه اما فى موضع جر على انه صفة لبهتان او نصب على انه حال من فاعل يأتين وقوله بين ايديهن متعلق بمحذوف هو حال من الضمير المنصوب فى يفترينه اى يختلقنه مقدرا وجوده بين ايديهن وارجلهن على أن يكون المراد بالبهتان الولد المبهوت به كما ذهب اليه جمهور المفسرين وليس المعنى على نهيهن عن أن يلحقن بأزواجهن ولدا التقطنه من بعض المواضع وكانت المرأة تلتقط المولود فتقول لزوجها هو ولدى منك فى بطنى الذى بين يديى ووضعته من فرجى الذى هو بين رجلى فكنى عنه بالبهتان المفترى بين يديها ورجليها لان بطنها الذى تحمله فيه بين يديها ومخرجه بين رجليها والمعنى ولايجئن بصبى ملتقط من غير ازواجهن فانه افترآء وبهتان لهم والبهتان من الكبائر الى تتصل بالشرك { ولا يصينك فى معروف } اى لا يخالفن امرك فيما تأمرهن به وتنهاهن عنه على ان المراد من المعروف الامور الحسنة التى عرف حسنها فى الدين فيؤمر بها والشؤون السيئة التى عرف قبحها فيه فينهى عنها كمنا قيل كل ماوافق فى طاعة اللّه فعلا او تركا فهو معروف وكما روى عن بضع اكابر المفسرين من انه هو النهى عن النياحة والدعاء بالويل وتمزيق الثوب وحلق الشعر ونتفه ونثره وخمش الوجه وان تحدث المرأة الرجال الا ذا رحم محرم وان تخلو برجل غير محرم وأن تسافر الا مع ذى رحم محرم فيكون هذا للتعميم بعد التخصيص ويحتمل أن يكون المراد من المعروف مايقابل المنكر فيكون ماقبله للنهى عن المنكر وهذا للامر بالمعروف لتكون الآية جامعة لهما والتقييد بالمعروف مع ان الرسول عليه السلام لايأمر الابه للتنبيه على انه لايجوز طاعة مخلوق فى معصية الخالق لانه لما شرط ذلك فى طاعة النبى عليه السلام فيكف فى حق غيره وهو كقوله { الا ليطاع باذن اللّه } كما قال فى عين المعانى فدل على ان طاعة الولاة لاتجب فى المنكر ولم يقل ولا يعصين اللّه لان من اطاع الرسول فقد أطاع اللّه ومن عصاه فقد عصى اللّه وتخصيص الامور المعدودة بالذكر فى حقهن لكثرة وقوعها فيما بينهن مع اختصاص بعضها بهن ووجه الترتيب بين هذه المنهيات انه قدم الا قبح علىماهو أدنى قبحا منه كذلك الى آخرها ولذا قدم ماهو الاظهر والأغلب فيما بينهن وقال صاحب اللباب ذكر اللّه تعالى فى هذه الآية لرسول اللّه عليه السلام فى صفة البيعة خصالا ستا هن اركان مانهى عنه فى الدين ولم يذكر اركان ما أمر به وهى ايضا ست الشهدة والصلاة والزكاة والصيام والحج والاغتسال من الجنابة وذلك لان النهى عنها دآئم فى كل زمان وكل حال فكان التنبيه على اشتراك الدآئم اهم وآكد { فبايعهن } جواب لاذا فهو العامل فيها فان الفاء لاتكون مانعة وهو امر من المبايعة اى فبايعهن على ماذكر وما لم يذكر لوضوح امره وظهور اصالته فى المبايعة من الصلاة والزكاة وسائر اركان الدين وشعائر الاسلام اى بايعهن اذا بايعنك بضمان الثواب على الوفاء بهذه الاشياء فان المبايعة من جهة الرسول هو الوعد والثواب ومن جهة الآخر التزام طاعته كما سبق وتقييد مبايعتهن بما ذكر من جنيئهن لحثهن على المسارعة اليها مع كمال الرغبة فيها من غير دعوة لهن اليها { واستغفر لهن اللّه } زيادة على مافى ضمن المبايعة من مضان الثواب والاستغفار طلب المغفرة للذنوب والستر للعيوب { ان اللّه غفور رحيم } اى مبالغ فى المغفرة والرحمة فيغفر لهن ويرحمهن اذا وفين بما بايعن عليه بزركى فرمود مردمان ميكويند رحمت موقوفست بر ايمان يعنى تابنده ايمان نيارد مستحق رحمت نشود ومن مى كويم كه ايمان موقوفست برحمت يعنى تا برحمت خود توفيق نبخشد كسى بدولت ايمان نرسد ( مصراع ) توفيق عزيزست بهركسى ندهند. يقول الفقير الامر بالاستغفار لهن اشارة الى قبول شفاعة حبيبه عليه السلام فى حقهن فهو من رحمته الواسعة وقد عمم هذا الامر فى سورة الفتح فاستفاد جميع عباده وامائه الى يوم القيامة من بحر هذا الفضل مايغنيهم ويرويهم وهو الفياض قال الامام الطيبى لعل المبالغة فى الغفور باعتبار الكيفية وفى الغفار باعتبار الكمية كما قال بعض الصالحين انه غافر لانه يزيل معصيتك من ديوانك وغفور لانه ينسى الملائكة افعالك السوء وغفار لانه تعالى ينسيك ايضا ذنبك كما تستحيى وحظ العارف منه أن يستر من اخيه مايجب ان يستر منه ولا يفشى منه الا احسن ما كان فيه ويتجاوز عما يندر عنه يكافىء المسيىء اليه بالصفح عنه والانعام عليه نسأل اللّه سبحانه أن يجعلنا متخلقين باخلاقه الكريمة ومتصفين بصفاته العظيمة انه هو الغفور الرحيم واختلف فى كيفية مبايعته عليه السلام فى بيعة النساء ودعا بقدح من ماء فغمس فيه يده ثم غمس ايديهن فجاءت هند بنت عتبة امرأة أبى سفيان متنقبة متنكرة خوفا من رسول اللّه أن يعرفها لما صنعته بحمزة رضى اللّه عنه يوم احد من المثلة فلما قال عليه السلام ( ابايعكن على أن لاتشركن باللّه شيأ ) رفعت هند رأسها فقالت واللّه لقد عبدنا الاصنام وانك لتأخذ علينا امرا مارأيناك اخذته على الرجال تبايع الرجال على الاسلام والجهاد فلما قال عليه السلام ( ولا يسرقن ) قالت ان ابا سفيان رجل شحيح وانى اصبت منه ماله هنات اى شيأ يسيرا فما أدرى ايحل لى فقال ابو سفيان ماصبت فهو لك حلال فضحك عليه السلام وقالت ( أنت هند ) قالت نعم فاعف عما سلف يانبى اللّه عفا اللّه عنك فعفا عنها فقال ( ولايزنين ) فقالت وهل تزنى الحرة فقال عمر رضى اللّه عنه لو كان قلب نساء العرب على قلب هند مازنت امرأة قط فقال ( ولايقتلن اولادهن ) فقالت ربيناهم صغارا وقتلتهم كبارا فانتم وهم اعلم وكان ابنها حنظلة بن أبى سفيان قتل يوم بدر فضحك عمر حتى استلقى وتبسم رسول اللّه فقال ( ولا يأتين ببهتان ) فقالت واللّه ان البهتان لامر قبيح وما تأمرنا الا بالرشد ومكارم الاخلاق فقال ( ولا يعصينك فى معروف ) فقالت واللّه ماجلسنا مجلسنا هذا وفى انفسان أن نعصيك فى شىء ( وروى ) انه عليه السلام بايعهن وبين يديه وايديهن ثوب قطرى والقطر بالكسر ضرب من البرود يأخذ بطرف منه ويأخذن بالطرف الآخر توقيا عن مساس ايدى الاجنبيات ( وروى ) انه جلس على الصفا ومعه عمر رضى اللّه عنه اسفل منه فجعل عليه السلام يشترط عليهن البيعة وعمر تصافحهن ( وروى ) ان عمر رضى اللّه عنه كان يبايع النساء بامره عليه السلام ويبلغهن عنه وهو اسفل منه عند الصفا ( وروى ) انه عليه لسلام كلف امرأة وقفت على الصفا فبايعهن وهى امية اخت خديجة رضى اللّه عنها خالة فاطمة رضى اللّه عنها والاظهر والاشهر ماقالت عائشة رضى اللّه عنها واللّه ماخذ رسول اللّه على النساء قط الا بما امر اللّه ومامست كف رسول اللّه كف امرأة قط وكان يقول ( اذا اخذ عليهن قد بايعتك على كلها ) وكان المؤمنات اذا هاجرن الى رسول اللّه يمتحنهن بقول اللّه { يا أيها النبى اذا جاءك المؤمنات } الخ فاذا اقررن بذلك من قولهن قال لهن ( انطلقن فقد بايعتكن ). يقول الفقير انما بايع عليه السلام الرجال مع مس الأيدى دون النساء لان مقام الشارع يقتضى الاحتياط وتعليم الامة والا فاذا جاز مصافحة عمر رضى اللّه عنه لهن كما فى بعض الروايات جاز مصافحته عليه السلام لهن لانه اعلى حالا من عمر من كل وجه وبالجملة كانت البيعة مع النساء والرجال امرا مشروعا بأمر الل وسنته بفعل رسول اللّه ومن ذلك كانت عادة مستحسنة بين الفقراء الصوفية حين ارادة التوبة تثبيتا للايمان وتجديدا لنور الايقان على ماشبعت الكلام عليه فى المبايعة فى سورة الفتح وذكرنا كل طرف منها فيها فارجع وفى التأويلات النجمية قوله تعالى { يا أيها النبى اذا جاءك } الخ يخاطب نبى الروح ويشير الى النفوس المؤمنة الداخلة تحت شريعة نبى الروح يبايعنك على أن لايشركن باللّه شيئأ من حب الدنيا وشهواتها ولذاتها وزينتها وزخارفها ولايسرقن من اخلاق الهوى المتبع وصفاته الرديئة ولايزنين اى مع الهوى بالاتفاق معه والاتباع له ولا يقتلن اولادهن اى لايمنعن ولا يرددن اولاد الخواطر الروحانية والالهامات الربانية ولا يأتين ببهتان يفترينه بين ايديهن وارجلهن يعنى لايدعين بما لم يحصل لهن من المواهب العلوية من المشاهدات والمعاينات والتجريد والتفريد ولا من العطايا السفلية من الزهد والورع والتوكل والتسليم لانهن مابلغن بعد اليها ولا يعصينك فى معروف اى فى كل ما تأمرهن من الاخلاق والاوصاف فبايعهن اى فاقبل مبايعتهن بين يديك بالصدق والاخلاص واستغفر لهن اللّه مما وقع منهن قبل دخولهن فى ظل انوارك من المخالفات الشرعية والموافقات الطبيعية ان اللّه غفور يسترها بالموافقات الشرعية رحيم بهن يرحمهن بالمخالفات الطبيعية ١٣ { يا أيها الذين آمنوا لاتتلوا قوما } دوستى ميكند باكروهى كه ، فالتولى هنا بمعنى الموالاة والموادة { غضب اللّه عليهم } صفة لقوها وكذا قد يئسوا وهم جنس الكفار لان كلهم مغضوب عليهم لارحمة لهم من الرحمة الاخروية وقيل الهيود لماروى انها نزلت فى بعض فقرآء المسلمين كانوا يواصلون اليهود ليصيبوا من ثمارهم وهو قول الاكثرين وقد قال تعالى فى حق اليهود وغضب اللّه عليهم وجعل منهم القردة والخنازير والقوم الرجال وربما دخل النساء فيه على سبيل التبع لان قوم كل نبى رجال ونساء { قد يئسوا من الآخرة } اليأس انقطاع الطمع يعنى نوميد شدند از آخرت ، لكفرهم بها وعدم ايقانهم على أن يراد بقوما عامة الكفرة ومن لابتدآء الغاية او لعلمهم بأنه لاخلاق لهم فيها لعنادهم الرسول المنعوت فى التوراة المؤيد بالآيات على أن يراد به اليهود والتقدير من ثواب الآخرة يعنى انهم اهل الكتاب يؤمنون بالقيامة لكنهم لما اصروا على الكفر حسدا وعنادا يئسوا من ثوابها قال عليه السلام ( يامعشر اليهود ويلكم اتقوا لله فواللّه الذى لا اله الا هو انكم لتعلمون انى رسول لله حقا انى جئتكم بحق أفلسموا ) { كما يئس الكفار من اصحاب القبور } من بيان للفكار أى كائنين منهم اى كما يئس منها الذين ماتوا منهم لانهم وقفوا على حقيقة الحال وشاهدوا حرمانهم من نعيمها المقيم وابتلاءهم بعذابها الأليم والمراد وصفهم بكمال اليأس منها قال مقاتل ان الكافر اذا وضع فى قبره اتاه ملك شديد الانتهار ثم يسأله من ربك ومادينك ومن نبيك فيقول لاأدرى فيقول الملك أبعدك اللّه انظر الى منزلتك من النار فيدعو بالويل والثبور ويقول هذا لك فيفتح باب الجنة فيقول هذا لمن آمن باللّه فلو كنت آمنت بربك نزلت الجنة فيكون حسرة عليه وينقطع رجاؤه ويعلم انه لاحظ له فيها وييأس من خير الجنة وقيل من متعلقة بيئس فالمعنى كما يئسوا من موتاهم أن يبعثوا ويرجعوا الى الدنيا احياء الاظهار فى موضع الاضمار للاشعار بعلة يأسهم وهو الكفر والقبر مقر الميت والمقبرة موضع القبور وفى الآية اشارة الى الابدان المريضة المعتلة النجسة الخبيثة المظلمة فان الكفار أيسوا من خروج ضيق قبور اخلاقهم السيئة الى سعة فضاء صفاتهم الحسنة وكذا سائرهم من اهل الحجب الكثيفة ومن اصحاب القبور من حالة على عكس هذا كما أشار النبى عليه السلام بقوله ( كن فى الدنيا كأنك غريب او عابر سبيل وعد نفسك من اصحاب القبور ) وهم من ماتوا بالاختيار قبل الموت بالاضطرار وذلك بالنفاء التام فكانت اجسادهم لارواحهم كالقبور للموتى نسأل لله الختم بالسعادة بحرمة من له كمال السيادة والدفن فى احب البقاع اليه والقدوم بكمال البشرى عليه والقيام بمزيد الخفر لديه خدايا بحق بنى فاطمة ... كه بر قول ايمان كنم خاتمه خداوندكار انظركن بجو ... كه جرم آيداز بندكان در وجود جومارا بدنيا تو كردى عزيز ... بعقبى همين جشم داريم نيز |
﴿ ٠ ﴾