سُورَةُ الْمُمْتَحِنَةِ مَدَنِيَّةٌ وَهِيَ ثَلاَثَ عَشَرَةَ آيَةً ١ { يا ايها الذين آمنوا لاتتخذوا عدو وعدوكم اولياء } نزلت فى حاطب ابن أبى بلتعة العبسى وحاطب بالحاء المهملة قال فى كشف الاسرار ولد فى زمن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم واصله من الازد وهو حى باليمن واعتقه عبيد اللّه بن حميد بن زهير الذى قتله على رضى اللّه عنه يوم بدر كافرا وكان حاطب يبيع الطعام ومات بالمدينة وصلى عليه عثمان رضى اللّه عنه وكان من المهاجرين وشهد بدرا وبيعة الرضوان وعمم اللّه الخطاب فى الآية تعميما للنصح والعدو فعلو من عدا كعفو من عفا ولكونه على زنة المصدر اوقع على الجمع ايقاعه على الواحد والمراد هنا كفار قريش وذلك انه لما تتجهز رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لغزوة الفتح فى السنة الثامنة من الهجرة كتب حاطب الى أهل مكة ان رسول اللّه يريدكم فخذوا حذركم فانه قد توجه اليكم فى جيش كالليل وارسل الكتاب مع سارة مولاة بنى عبد الملطب اى معتقهم اعاطاهم عشرة دنانير وبردة وكانت سارة قدمت من مكة وكانت مغنية فقال لها عليه السلام لماذا جئت فقالت جئت لتعطينى شيأ فقال مافعلت بعطيانك من شبان قريش فقالت مذ قتلتهم ببدر لم يصل الى شىء الا القليل فأعاها شيأ فرجعت الى كة ومعها كتاب حاطب فنزل جبرآئيل عليه السلام بالخبر فبعث رسول اللّه عليه السلام عليا وعمارا وطلحة والزبير والمقداد وأبا مرثد وقال ( انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ موضع بين الحرمين وخاخ بالمعجمتين يصرف ويمنع فان بها ظعينة وهى المرأة مادامت فى الهودج واذا لم تكن فيه فهى المرأة معها كتاب حاطب الى اهل مكة فخذوه منها فخلوها فان أبت فاضربوا عنقها ) فادركوها ثمة فجحدت فسل على رضى اللّه عنه سيفه فأخرجته من عقاصها اى من ضفائرها ( روى ) ان رسول اللّه عليه السلام امن جميع الناس يوم فتح مكة الا اربعة هى أحدهم فأمر بقتلها فاستحضر رسول اللّه حاطبا فقال ( ماحملك على هذا ) فقال يارسول اللّه ما كفرت منذ اسملت ولا غششتك منذ نصحتك الغش ترك النصح والنصح عبارة عن التصديق بنبوته ورسالته الانقياد لأوامره ونواهيه ولكننى كنت امرأ ملصقا فى قريش اى حليفا ولم اكن من انفسهم ومن معك من المهاجرين كان له فيهم قرابات يحمون اهاليهم وأموالهم وليس فيهم من يحمى اهلى فأردت أن آخذ عندهم يدا اى اجعل عندهم شيأ فصدقه رسول اللّه وقبل عذره فقال عمر رضى اللّه عنه يارسول اللّه دعنى أضرب عنق هذا المنافق فقال ( ياعمر انه شهد بدرا ومايدريك لعل اللّه اطلع على من شهد بدرا فقال اعلموا ماشئتم فقد غفرت لكم ) ففاضت عينا عمر رضى اللّه عنه وفى القصة اشارة الى جواز هتك ستر الجواسيس وهتك استار المفسدين اذا كان فيه مصلحة او فى ستره مفسدة وان من تعاطى امرا محظورا ثم ادعى له تأويلا محتملا قبل منه وان العذر مقبول عند كرام الناس ( روى ) ان حاطبا رضى اللّه عنه لما سمع { يا أيها الذين آمنوا } غشى عليه من الفرح بخطاب الايمان لما علم ان الكتاب المذكور ماخرجه عنا لايمان لسلامة عقيدته ودل قوله { وعدوكم } على اخلاصه فان الكافر ليس بعدو للمنافق بل للمخلص { تلقون اليهم بالمودة } الود محبة الشىء وتمنى كونه ويستعمل فى كل حال واد من المعنيين اى توصلون محبتكم بالمكاتبة ونحوها من الاسباب التى تدل على المودة على ان الباء زآئدة فى المفعول كا فى قوله تعالى { ولا تقلوا بأديكم الى التهلكة } او تلقون اليهم أخبار النبى عليه السلام بسبب المودة التى بينكم وبينهم فيكون المفعول محذوفا للعلم به والباء للسببية والجملة حال من فاعل لاتتخذوا حال كونكم ملقين المودة فان قلت قد نهوا عن اتخاذهم اولياء مطلقا فى قوله تعالى { ياآيها الذين آمنوا لاتتخذوا اليهود والنصارى اولياء } والتقييد بالحال يوهم جواز اتخاذهم اولياء اذا انتفى الحال قلت عدم جوازه مطلقا لما علم من القواعد الشرعية تبين انه لا مفهوم للحال هنا البتة فان قلت كيف قال لاتتخذوا عدوى وعدوكم اولياء العداوة والمحبة لكونهما متنافيتين لاتجتمعان فى محل واحد والنهى عن الجميع بينهما فرع امكان اجتماعهما قلت انما كان الكفار أعدآء للمؤمنين بالنسبة الى معاداتهم لله ورسوله ومع ذلك يجوز أن يتحقق بينهم الموالاة والصداقة بالنسبة الى الامور الدنيوية والاغراض النفسانية فنهى اللّه عن ذلك يعنى فلم يتحقق وحدة النسبة من الوحدات الثمان وحيث لم يكتف بقوله عدوى بل زاد قوله وعدوكم دل على عدم مروءتهم وفتوتهم فانه يكفى فى عداوتهم لهم وترك موالاتهم كونه اعدآء اللّه سوآء كانوا اعدآء لهم ام لا { وقد كفروا بما جاءكم من الحق } حال من فاعل تلقون وةالحق هو القرءآن او دين الاسلام او الرسول عليه السلام { يخرجون الرسول واياكم } حال من فاعل كفورا اى مخرجين الرسول واياكم من مكة والمضارع لاستحضار الصورة { ان تؤمنوا باللّه ربكم } تعليل للاخراج وفيه تغليب المخاطب على الغائب اى على الرسول والالتفات من التكلم الى الغيبة حيث لم يقل ان تؤمنوا بى للاشعار بما يوجب الايمان من الالوهية والربوبية { ان كنتم خرجتم جهادا فى سبيلى وابتغاء مرضاتى } متعلق بلا تتخذوا كأنه قيل لانتولوا اعدآئى ان كنتم اوليائى وانتصاب جهادا وابتغاء على انهما مفعول لهما لخرجتم اى ان كنتم خرجتم عن اوطانكم لاجل هذين فلا تتخذوهم اولياء لا تلقوا اليهم بالمودة والجهاد بالكسر القتال مع العدو كالمجاهدة وفى التعريفات هو الدعاء الى الدين الحق وفى المفردات الجهاد والمجاهدة استفراغ الوسع فى مدافعة العدو و هو جهاد العدو الظاهر وجهاد الشيطان وجهاد النفس ويكون باليد واللسان والمرضاة مصدر كالرضى وفى عطف وابتغاء مرضاتى على جهادا فى سبيلى تصريح بما علم التزاما فان الجهاد فى سبيل اللّه انما هو لاعلاء دين اللّه لا لغرض آخر واسناد الخروج اليهم معللا بالجهاد والابتغاء يدل على ان المراد من اخراج الكفرة كونهم سببا لخروجهم باذيتهم لهم فلا ينافى تلك السببية كون ارادة الجهاد والابتغاء علة له { تسرون اليهم بالمودة } استئناف وارد على نهج العتاب والتوبيخ كأنهم سألوا ماذا صدر عنا حتى عوتبنا فقيل تلقون اليهم المودة سرا على ان الباء صلة جيىء بها لتأكيد التعدية او الاخبار بسبب المودة ويجوز أن يكون تعدية الاسرار بالباء لحمله على نقيضه الذى هو الجهر { وانا اعلم } حال من فاعل تسرون اى والحال انى اعلم منكم { بما أخفيتم وما أعلنتم } من مودة الاعدآء والاعتذار وغير ذلك فاذا كان بينهما تساو فى العلم فأى فائدة فى الاسرار والاعتذار { ومن } وهركه { يفعله منكم } اى الاتخاذ المنهى عنه اى ومن يفعل مانهيت عنه من مولاتهم والاقرب من يفعل الاسرار { فقد ضل سوآء السبيل } فقد اخطأ طريق الحق والصواب الموصل الى الفوز بالسعادة الابدية وبالفارسية بس بدرستى كه او ازراه راست كم شد ، وهو من اضافة الصفة الى الموصوف وضل متعد وسوآء السبيل مفعوله ويجوز أن يجعل قاصرا وينتصب سوآء السبيل على الظرفية قال القرطبى هذا كله معاتبة لحاطب وهو يدل على فضله ونصيحته لرسول اللّه وصدق ايمانه فان المعاتبة لاتكون الا من حبيب لحبيب كما قيل اذا ذهب العتاب فليس ود ، ويبقى الود مابقى العتاب والعتاب اظهار الغضب على حد لشىء مع بقاء المحبة بالترك وفى الآية اشارة الى عداوة النفس والهوى والشيطان فانا تبغض عبادة اللّه وتعبض عباد اللّه ايضا اذا لم يكونوا مطيعين لها فى انفاذ شهواتها وتحصيل مراداتها واصل عداوة النفس أن تفطمها من مألوفاتها وتحبسها فى محبس المجاهدة وعلامة حب اللّه بغض عدو اللّه قال عليه السلام ( أفضل الايمان الحب فى اللّه والبعض فى اللّه ) قال أبو حفص رحمه اللّه من احب نفسه فقد اتخذ عدو اللّه وعدوه وليا وان النفس تخالف ماأمرت به وتعرض عن سبيل الرشد وتهلك محبها ومتبعها فى اول قدم وجاء فى اخبار داود عليه السلام ياداود عاد نفسك فليس لى فى المملكة منازع غيرها وفى كشف الاسرار بلشكر اندك روم از قيصر بتوان ستد وبجمله اولياى روى زمين نفس را ازيكى نتوان ستد زيرا نفس راحيل بسيارست احمد حضروية بلخى رحمه اللّه كويد نفس خودرا بانواع رياضات ومجاهدات مقهور كرده بودم روزى نشاط غزا كرد عجب داشتم كه ازنفس نشاط طاعت نيايد كفتم درزير اين كويى جه مكر باشد مكردر كرسنكى طاقت نمى داردكه بيوسته اورا روزه همى فرمايم خواهد درسفر روزه بكشايد كفتم اى نفس اكر اين سفر بيش كيرم روزه نكشايم كفت روا دارم كفتم مكر از انست كه طاقت نماز شب نميدارد مخواهدكه درسفر بخسبد كفتم درسفر قيام شب كم نكنم جنانكه در حضر كفت روا دارم تفكر كردم كه مكر ازان نشاط سفر غزا كرده كه درحضر باخلق مى نياميزدكه اورا در خلوت وعزلت ميدارم مرادش آنست كه باخلق صحبت كند كفتم اى نفس هرجاكه روم درين سفرا ترا بخرابه فروآرم كه هيج خلق رانه بينى كفت روا دارم از دست وى عاجز ماندم باللّه تعالى زاريدم وتضرع كردم تا از مكروى مرا آكاهى دادكه در غزاكشن يكباركى باشد وبهمة جهان شودكه احمد حضرويه بغزا شهادت يافت كفتم سبحان اللّه آن خداونديكه نفسى آفريند بدين معيوبى كه بدنيا منافق باشد وبعد ازمرك مرايى باشدنه درين جهان حقيقت اسلام خواهدنه دران جهان آنكه كفتم اى نفس اماره واللّه كه باين غزا نروم تاتودر زير طاعت زنا ربندى بس در حضر آن رياضات ومجاهدات كه دران بودم زيادت كردم قوله بما أخفيتم اى من دعوى الانانية وما أعلنتم من العبودية كما هو شأن النفس وقال ابو الحسين الوراق رحمه اللّه بما أخفيتم فى باطنكم من المعصية وما أعلنتم فى ظاهركم للخلق من الطاعة انتهى |
﴿ ١ ﴾