٢ { يا أيها الذين آمنوا } ايمانا رسميا { لم تقولون مالا تفعلون } روى ان المسلمين قالوا لو علمنا احب الاعمال الى اللّه تعالى لبذلنا فيه أموالنا وانفسنا فلما نزل الجهاد كرهوه فنزلت تعبيرا لهم بترك الوفاء ولم مركبة من اللام الجارة وما الاستفهامية قد حذفت ألفها تخفيفا لكثرة استعمالها معا كما فى عم وفيم ونظائرهما معناها لاى شىء تقولون نفعل مالا تفعلون من الخير والمعروف عل ان مدار التعبير والتوبيخ فى الحقيقة عدم فعلهم وانما وجهه الى قولهم تنبيها على تضاعف معصيتهم ببيان ان المنكر ليس ترك الخير الموعود فقط بل الوعد به ايضا وقد كانوا يحسبونه معروفا ولو قيل لم لا تفعلون ماتقولون لفهم منه ان المنكر هو ترك الموعود فليس المراد من ماحقيقة الاستفهام لان الاستفهام من اللّه محال لانه عالم بجميع الاشياء بل المراد الانكار والتوبيخ علىأن يقول الانسان من نفسه مالا يفعله من الخير لانه ان اخبر أنه فعل فى الماضى والحال ولم يفعله كان كاذبا وان وعد أن يفعله فى المستقبل ولايفعله كان خلفا وكلاهما مذموم كما قال فى الكشاف هذا الكلام يتناول الكذب واخلاف الموعود وهذا بخلاف ماذا وعد فلم يف بميعاده لعذر من الاعذار فانه لا اثم عليه وفى عرآئس البقلى حذر اللّه المريدين أن يظهروا يدعوى المقامات التى لم يبلغوا اليها لئلا يقعوا فى مقت اللّه وينقطعوا عن طريق الحق بالدعوى بالباطل وايضا زجر الاكابر فى ترك بعض الحقوق ومن لم يوف بالعهود ولم يأت بالحقوق لم يصل الى الحق والحقيقة وايضا ليس للعبد فعل ولا تدبير لانه اسير فى قبضة العزة يجرى عليه احكام القدرة وتصاريف المشيئة فمن قال فعلت او أتيت او شهدت فقد نسى مولاه وادعى ماليس له ومن شهد من نفسه طاعة كان الى العصيان اقرب لان النسيان من العمى وفى التأويلات النجمية ياأيها المؤمنون المقلدون لم تذمون الدنيا بلسان الظاهر وتمدحونها بلسان الباطن شهادة ارتكابكم انواع الشهوات الحيواينة واصناف اللذات الجسمانية او تمدحون الجهاد بلسانكم وتذمونه بقلوبكم وذلك يدل على اعراضكم عن الحق واقبالكم على النفس والدنيا وهذا كبر مقتا عند اللّه تعالى كما قال |
﴿ ٢ ﴾