٢ { هو الذى بعث فى الاميين } جمع امى منسوب الى امة العرب وهم قسمان فعرب الحجاز من عدنان وترجع الى اسماعيل عليه السلام وعرب اليمن ترجع الى قحطان وكل منهم قبائل كثيرة والمشهور عند اهل التفسير ان الامى من لايكتب ولا يقرأ من كتاب وعند اهل الفقه من لايعلم شيأ من القرءآن كأنه بقى على ماتعلمه من امه من الكلام الذى يتعلمه الانسان بالضرورة عند المعاشرة والنبى الامى منسوب الى الامة الذين لم يكتبوا لكونه على عادتهم كقولك علمى لكونه على عادة العامة وقيل سمى بذلك لانه لم يكتب ولم يقرأ من كتاب وذلك فضيلة له لاستغنائه بحفظه واعتماده على ضمان اللّه له عنه بقوله { سنقرئك فلا تنسى } وقيل سمى بذلك لنسبته الى ام القرى وفى كشف الاسرار سمى العرب اميين لانهم كانوا على نعت امهاتهم مذ كانت بلا خط ولا كتاب نسبوا الى ماولدوا عليه من امهاتهم لان الخط والقرآءة والتعليم دون ماجبل الخلق عليه ومن يحسن الكتابة من العرب فانه ايضا امى لانه لم يكن لهم فى الاصل خط ولا كتابة قيل بدئت الكتابة بالطائف تعلمها ثقيف واهل الطائف من اهل الحيرة بكسر الحاء وسكون المثناة من تحت بلد قرب الكوفة واهل الحيرة اخذوها من اهل الانبار وهى مدينة قديمة على الفرات بينها وبين بغداد عشرة فراسخ ولم يكن فى أصحاب رسول اللّه عليه السلام كاتب الا حنظلة الذى يقال له غسيل الملائكة ويسمى حنظلة الكاتب لانه ظهر الخط فى الصحابة بعد فى معاوية بن سفيان وزيد بن ثابت وكانا يكتبان لرسول اللّه عليه السلام وكان له كتاب ايضا غيرهما واختلفوا فى رسول اللّه عليه السلام انه هل تعلم الكتابة بآخرة من عمره اولا لعلمائنا فيه وجهان وليس فيه حديث صحيح ولما كان الخط صنعة ذهنية وقوة طبيعية صدرت بالآلة الجسمانية لم يحتج اليه نم كان القلم الاعلى يخدمه واللوح المحفوظ مصحفه ومنظره وعدم كتابته مع علمه بها معجزة باهرة له عليه السلام اذا كان يعلم الكتاب علم الخط واهل الحرف حرفتهم وكان اعلم بكل كمال اخروى او دنيوى من اهله ومعنى الآية هو الذى بعث فى الاميين اى فى العرب لان اكثرهم لايكتبونولا يقرأون من بين الامم فغلب الاكثر وانما قلنا اكثرهم لانه كان فيهم من يكتب ويقرأ وان كانوا على قلة { رسولا } كائنا { منهم } اى من جملتهم ونسبهم عربيا اميا مثلهم. تارسالت اوازتهمت دور باشده فوجه الامتنان مشاكلة حاله لاحوالهم ونفى التعلم من الكتب فهم يعلمون نسبه واحواله ، ودر كتاب شعيا عليه لسلام مذكور است كه انى ابعث اميا فى الاميين واختم به النبيين ( قال الكاشفى ) ودر اميت آن حضرت عليه السلام نكتهاست ايجا بسه بيت اختصار ميرد فيض ام الكتاب بروردش ... لقب امى ازان خدا كردش لوح تعليم ناكرفته بير ... همه زاسرار لوح داده خبر برخط اوست انس وجانراسر ... كه نخواندست خط ازان جه خطر والبعث فى الاميين لاينافى عموم دعوته عليه السلام فالتخصيص بالذكر لا مفهوم له ولو سلم فلا يعارض المنطوق مثل قوله تعالى { وما أرسلناك الا كافة للناس } على انه فرق بين البعث فى الاميين والبعث الى الاميين فبطل احتجاج اهل الكتاب بهذه الآية على انه عليه السلام كان رسول اللّه الى العرب خاصة رد اللّه بذلك ماقال اليهود للعرب طعنا فيه نحن اهل الكتاب وأنتم اميون لاكتاب لكم { يتلو عليهم آياته } اى القرءآن مع كونه اميا مثلهم لم يعهد منه قرآءة ولا تعلم والفرق بين التلاوة والقرآءة ان التلاوة قرآءة القرءآن متتابعة كالدراسة والا وارد المظفة والقرءآة اعم لانها جمع الحروف باللفظ لا اتباعها { ويزكيهم } صفة اخرى لرسولا معطوفة على يتلو أى يحملهم على مايصبرن به ازكياء من خبائث العقائد والاعمال وفيه اشارة الى قاعدة التسليك فان المزكى فى الحقيقة وان كان هو اللّه تعالى كما قال بل اللّه يزكى من يشاء الا ان الانسان الكامل مظهر الصفات الالهية جميعا ويؤديد هذا المعنى اطلاق نحو قوله تعالى { من يطع الرسول فقد أطاع اللّه } { ويعلمهم الكتاب والحكمة } قال فى الارشاد صفة اخرى لرسولا مترتبة فى الوجود على التلاوة وانما وسط بينهما التزكية التى هى عبارة عن تكميل النفس بحسب قوتها العلمية وتهذيبها المتفرغ على تكميلها بحسب القوة النظرية الحاصلة بالعلم المترتب على التلاوة للايذان بأن كلا من الامور المترتبة نعمة جليلة على حيالها مستوجبة للشكر فلو روعى ترتيب الوجود لتبادر الى الفهم كون الكل نعمة واحدة وهو السر فى التعبير عن القرءآن تارة بالآيات وأخرى بالكتاب والحكمة رمزا الى انه باعتبار كل عنوان نعمة على حدة انتهى وقال بعضهم ويعلمهم القرءآن والشريعة وهى ماشرع اللّه لعباده من الاحكام او لفظه ومعناه او القرءآن والسنة كما قاله الحسن او الكتاب الخط كما قاله ابن عباس او الخير والشر كما قاله ابن اسحق والحكمة الفقه كما قاله مالك او العظة كما قاله الاعمش او كتاب احكام الشريعة واسرار آداب الطريقة حال معانيه الحكمية والحكمية ولكن تعليم حقائق القرءآن وحمه مختص باولى الفهم وهم خواص الاصحاب رضى اللّه عنهم وخواص التابعين من بعدهم الى قيام الساعة لكن معلم الصحابة عموما وخصوصا هو النبى عليه السلام بلا واسطة ومعلم التابعين قرنا بعد قرن هو عليه السلام ايضا لكن بواسطة ورثة امته وكمل اهل دنيه وملته لو لم يكن سوى هذا التعليم معجزة لكفاه قال البوصرى فى القصيدة البردية كفاك بالعلم فى الامى معجزة ... فى الجاهلية والتأديب فى اليتم اى كفاك العلم الكائن فى الامى فى وقت الجاهلية وكفاك ايضا تنبيه على الآداب لعلمه بها فى وقت اليتم معجزة { وان كانوا من قبل لفى ضلال مبين } ان ليست شرطية ولا نافية بل هى المخففة واللام هر الفارقة بينها وبين النافية والمعنى وان الشأن كان الاميون من قبل بعثته مجيئه لفى ضلال مبين من الشرك خبث الجاهلية لاترى ضلالا اعظم منه وهو بيان لشدة افتقارهم الى من يرشدهم وازاحة لما عسى يتوهم من تعلمه عليه السلام من الغير فان المبعوث فيهم اذا كانوا فى ضلال قبل البعثة زال توهم انه تعلم ذلك من احد منهم قال سعدى المفتى والظاهر ان نسبة الكون فى الضلال الى الجميع من باب التغليب والا فقد كان فيهم مهتدون مثل ورقة بن نوفل وزيد بن نفيل وقس بن ساعدة وغيرهم ممن قال رسول اللّه عليه السلام فى كل منهم يبعث امة واحدة. يقول الفقير هو اعتراض على معنى الازاحة المذكورة لكنه ليس بشىء فان اهتدآء من ذكره من نحو ورقة انما كان فى باب التوحيد فقط فقد كانوا فى ضلال من الشرآئع والاحكام ألا ترى الى قوله تعالى { ووجدك ضالا فهدى } مع انه عليه السلام لم يصدر منه قبل البعثة شرك ولا غيره من شرب الخمر والزانى واللغو واللهو فكونهم مهتدين من وجه لا ينافى كونهم ضالين من وجه آخر دل على هذا المعنى قوله تعالى { يتلو عليهم } الخ فان بالتلاوة وتعليم الاحكام والشرآئع حصل تزيكة النفس والنجاة من الضلال مطلقا فاعرفه |
﴿ ٢ ﴾