سُورَةُ ”الْمُنَافِقُونَ“ مَدَنِيَّةٌ

وَهِيَ إِحْدَى عَشَرَةَ آيَةً

١

{ اذا } جون

{ جاءك المنافقون } اىحضروا مجلسك وبالفارسية بتوآيند دو رويان ، والنفاق اظهار الايمان باللسان وكتمان الكفر بالقلب فالمنافق هو الذى يضمر الكفر اعتقادا ويظهر الايمان قولا وفى المفردات النفاق الدخول فى الشرع من باب والخروج من ه من باب من النافقاء احدى جحرة اليربوع والثعلب والضب يكتمها ويظهر غيرها فاذا أتى من قبل القاصعاء وهو الذى يدخل منه ضرب النافقاء برأسه فانتفق والنفق هو السرب فى الارض النافذ

{ قالوا } مؤكدين كلامهم بان واللام للايذان بأن شهادتهم هذه صادرة عن صميم قلوبهم وخلوص اعتقادهم وفور رغبتهم ونشاطهم والظاهر انه الجواب لاذا لان الآية نظير قوله تعالى

{ واذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا }

وقيل جوابه مقدر مثل أرادوا أن يخدعوك

وقيل استئناف لبيان طريق خدعتهم

وقيل جوابه قوله

{ فاحذرهم } { نشهد } الآن او على الاستمرار

{ انك لرسول اللّه } والشهادة قول صادر عن علم حصل بشهادة بصر او بصيرة

{ واللّه يعلم انك لرسوله } اعتراض مقرر لمنطوق كلامهم لكونه مطابقا للواقع ولا زالة ايهام ان قولهم هذا كذب لقوله

{ واللّه يشهد } الخ وفيه تعظيم للنبى عليه السلام وقال ابو الليث واللّه يعلم انك لرسوله من غير قولهم وكفى باللّه شهيدا محمد رسول اللّه.

اعلم ان كل ماجاء فى القرءآن بعد العلم من لفظة ان فهى بفتح الهمزة لكونها فى حكم المفرد الا فى موضعين احدهما

{ واللّه يعلم انك لرسوله } فى هذه السورة والثانى

{ قد نعلم انه ليحزنك الذى يقولون } فى سورة الانعام وانما كان كذلك فى هذين الموضعين لانه يأتى بعدهما لام الخبر فانكسرا اى لان اللام لتأكيد معنى الجملة ولا جملة الا فى صورة المكسورة وقال بعضهم اذا دخلت الام الابتدآء على خبرها تكون مكسورة لاقتضاء لام الابتدآء الصدارة كما يقال لزيد قائم وتؤخر اللام لئلا يجتمع حرفا التأكيد واختير تأخيرها الترجيح ان فى التقديم لعالميته فكسرت لاجل اللام

{ واللّه يشهد } شهادة حقة

{ ان المنافقين لكاذبون } اى انهم والاظهار فى موضع الاضمار لذمهم والاشعار بعلية الحكم اى لكاذبون فيما ضمنوا مقالتهم من انها صادرة عن اعتقاد وطمأنينة قلب فان الشهادة وضعت للاخبار الذى طابق فيه اللسان اعتقاد القلب اطلاقها على الزور مجاز كاطلاق البيع على الفاسد نظيره قولك لمن يقول أنا أقرأ الحمد لله رب العالمين كذبت فالتكذيب بالنسبة الى قرآئته لا بالبنسبة الى المقروء الذى هو الحمد لله رب العالمين ومن هنا يقال ان من استهزأ بالمؤذن لايكفر بخلاف من استهزأ بالاذان فانه يكفر

قال بعضهم حجة شرعية تظهر الحق ولا توجبه فهى الاخبار بما علمه بلفظ خاص ولذلك صدق المشهود به وكذبهم فى الشهادة بقوله

{ واللّه يعلم } الخ دلت الآية على ان العبرة بالقلب والاخلاص وبخلوصه يحصل الخلاص وكان عليه السلام يقبل من المنافقين ظاهر الاسلام

واما حكم الزنديق فى الشرع وهو الذى يظهر الاسلام ويسر الكفر فانه يستتاب وتقبل توبته عند ايى ولا تقبل عن ابى حنيفة والشافعى رحمهما اللّه قال سهل رحمه اللّه اقروا بلسانهم ولم يعترفوا بقلوبهم فذلك سماهم اللّه منافقين ومن اعترف بقبله واقر بلسانه ولم يعمل باركانه مافرض اللّه من غير عذر ولا جهل كان كأبليس وسئل حذيفة من المنافق قال الذى يصف الاسلام ولا يعمل به وهم اليوم شر منهم لانهم كانوا يومئذ يكتمونه وهم اليوم يظهرونه وفى الآية اشارة الى ان المنافقين الذامين للدنيا وشهواتها باللسان المقبلين عليها بالقلب وان كانوا يشهدون بصحة الرسالة لظهور انوارها عليهم من المعجزات والكرامات لكنهم كاذبون فى شهاداتهم لاعراضهم عنه عليه السلام ومتابعته واقبالهم على الدنيا وشهواتها فحقيقة الشهادة انما تحصل بالمتابعة وقس عليه شهادة اهل الدنيا عند ورثة الرسول قال الحسن البصرى رحمه لله يا ابن آدم لايغرنك قول من يقول المرء مع من احب فانك لاتلحق الابرار الا بأعمالهم فان اليهود والنصارى يحبون انبياهءهم وليسوا معهم وهذه اشارة الى ان مجرد ذلك من غير موافقة فى بعض الاعمال او كلها لاينفع كما فى احياء العلوم ولذا قال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر المرء مع من احب فى الدنيا بالطاعة والأدب الشرعى وفى الآخرة بالمعاينة والقرب المشهدى انتهى

فاذا كانت المحبة لمجردة بهذه المثابة فما ظنك بالنفاق الذى هو هدم الاس والاصل وبناء الفرع فلا اعتداد بدعوى المنافق ولا بعمله وفى التأويلات القاشانية المنافقون هم المذبذبون الذين يجذبهم الاستعداد الاصلى الى نور الايمان والاستعداد العارضى الذى حدث برسوخ الهيئات الطبيعية والعادات الرديئة الى الكفر وانما هم كاذبون فى شهادة الرسالة لان حقيقة معنى الرسالة لايعلمها الى اللّه والراسخون فى العلم الذين يعرفون اللّه ويعرفون بمعرفته رسول اللّه فان معرفة الرسول لاتمكن الا بعد معرفة اللّه وبقدر العلم باللّه يعرف الرسول فلا يعلمه حقيقة الا من انسلخ عن علمه وصار عالما بعلم اللّه وهم محجوبون عن اللّه بحجب ذوتهم وصفاتهم وقد اطفأوا نور استعدادتهم بالغواشى البدنية والهيئات الظلمانية فانى يعرفون رسول اللّه حتى يشهدوا برسالته انتهى قال الشيخ ابو العباس معرفة الولى اصعب من معرفة اللّه فان اللّه معروف بكماله وجماله وحتى متى يعرف مخلوقا مثله يأكل كما يأكل ويشرب كما يشرب

٢

{ اتخذوا } اى المنافقون

{ ايمانهم } الفاجرة التى من جملتها ماحكى عنهم لان الشهادة تجرى مجرى الحلف فيما يراد به من التوكيد وبه استشهد ابو حنيفة رحمه اللّه على أن اشهد يمين واليمين فى الحلف مستعار من اليمين التى بمعنى اليد اعتبارا بما يفعله المحالف والمعاهد عنده واليمين باللّه المصادقة جائزة وقت الحاجة صدرت من النبى عليه السلام كقوله واللّه والذى نفسى بيده ولكن اذا لم يكن ضرورة قوية يصان اسم اللّه العزيز عن الابتذال

{ جنة } اى وقاية وترسا عما يتوجه اليهم من المؤاخذة بالقتل والسبى او غير ذلك واتخاذها جنة عبارة عن اعدادهم وتهيئتهم لها الى وقت الحاجة ليحلفوا بها ويتخلصوا من المؤاخذة لاعن استعمالها بالفعل فان ذلك متأخر عن المؤاخذة المسبوقة بوقوع الجناية واتخاذ الجنة لابد أن يكون قبل المؤآخذة وعن سببها ايضا كما يفصح عنه الفاء فى قوله

{ فصدوا عن سبيل اللّه } يقال صده عن الامر صدا اى منعه وصرفه وصد عنه صدودا اى اعرض ووالمعنى فمنعوا وصرفوا من أراد الدخول فى الاسلام بأنه عليه السلام ليس برسول ومن أراد الانفاق فى سبيل اللّه بالنهى عنه ما سيحكى عنه ولاريب فى أن هذا الصد منهم متقدم على حلفهم بالفعل واصل الجن ستر الشىء عن الحاسة يقال جنه الليل واجنه والجنان القلب لكونه مستورا عن الحاسة والمجن والجنة الترس الذى يجن صاحبه والجنة كل بستان ذى شجر يستر بأشجاره الارض

{ انهم ساء ما كانوا يعملون } اى ساء الشىء الذى كانوا يعملونه من النفاق والصد والاعراض عن سبيله تعالى فى ساء معنى التعجب وتعظيم امرهم عند السامعين

٣

{ ذلك } القول الشاهد بأنهم اسوأ لناس اعمالا وبالفارسية اين حكم حق ببدى أعمال ايشان

{ بأنهم } اى بسبب انهم

{ آمنوا } اى نطقوا بكلمة الشهادة كسائر من يدخل الاسلام

{ ثم كفروا } اى ظهر كفرهم بما شوهد منهم من شواهد الكفر ودلائله من قولهم ان كان مايقوله محمد حقا فنحن حمير وقولهم فى غزوة تبوك أيطمع هذا الرجل أن يفتح له قصور كسرى وقيصر هيهات فثم للتراخى او كفروا سرا فثم للاستبعاد ويجوز أن يراد بهذه الآية اهل الردة منهم كما فى الكشاف

{ فطبع اللّه على قلوبهم } ختم عليها يعنى مهر نهاده شد ، حتى تمرنوا على الكفر واطمأنوا به وصارت بحيث لايدخلها الايمان جزآء على نفاقهم ومعاقبة على سوء افعالهم فليس لهم ان يقولوا ان اللّه ختم على قلوبنا فكيف نؤمن والطبع أن يصور الشىء بصورة ما كطبع السكة وطبع الدار هم وهو أعم من الختم واخص من النقش كما فى المفردات

{ فهم لايفقهون } حيقة الايمان ولا يعرفون حقيقته اصلا كما يعرفه المؤمنون والفقه لغة الفهم واصطلاحا علم الشريعة لانه الاصل فيما يكتسب بالفهم والدراية وان كان سائر العلوم ايضا لاينال الا بالفهم دل الكلام على ان ذكر بعض مساوى العاصى عند احتمال الفائدة لايعد من الغيبة المنهى عنها بل قد يكون مصلحة مهمة على ماروى عنه عليه السلام اذكروا الفاجر بما فيه كى يحذره الناس وفى المقاصد الحسنة ثلاثة ليست لهم غيبة الامام الجائر والفاسق المعلن بفسقه والمبتدع الذى يدعو الناس الى بدعته وقال القاشانى ذلك بسبب انهم آمنوا باللّه بحسب بقية نور الفطرة والاستعداد ثم كفروا اى ستروا ذلك النور بحجب الرذآئل وصفات نفوسهم فطبع على قلوبهم برسوخ تلك الهيئات وحصول الرين من المسكوبات فحجبوا عن ربهم بالكلية فهم لايفهمون منعى الرسالة ولا علم التوحيد والدين

٤

{ واذا رأيتهم } وجون به بينى منافقا نراجون ابن ابى وامثال او ، الرؤية بصرية

{ تعجبك اجسامهم } بشكفت آرد ترا اجسام ايشان ، لضخامتها ويروقك منظرهم لصباحة وجوههم واصله من العجب والشىء العجيب هو الذى يعظم فى النفس امره لغرابته والتعجب حيرة تعرض للنفس بواسطة ما يتعجب منه

{ وان يقولوا } وجون سخن كويند

{ تسمع لقولهم } لفصاحتهم وذلاقة ألسنتهم وحلاوة كلامهم واللام صلة

وقيل تصغى الى قولهم وكان ابن ابى جسيما صبيحا فصيحا يحضر مجلس رسول اللّه عليه السلام فى نفر من امثاله وهم رؤساء المدينة وكان عليه السلام ومن معه يعجبون بهياكلهم ويسمعون الى كلامهم وان الصباحة حسن المنظر لايكون الا من صفاء الفطرة فى الاصل ولذا قال عليه السلام ( اطلبوا الخير عند حسان الوجوه ) اى غالبا وكم من رجل قبيح الوجه قضاء للحوائج

قال بعضهم

يدل على معروفه حسن وجهه ... ومازال حسن الوجه احد الشواهد

وفى الحديث ( اذا بعثتم الى رجلا فابعثوه حسن الوجه حسن الاسم ) ثم لما رأى عليه السلام غلبة الرين على قلوب المنافقين وانطفاء نور استعدادهم وابطال الهيئات الدنية العارضية خواصهم الاصلية ايس منهم وتركهم على حالهم ( وروى ) عن بعض الحكماء انه رأى غلاما حسنا وجهه فاستنطقه لظنه ذكاء فطنته فما وجد عنده معنى فقال ما احسن هذا البيت لو كان فيه ساكن وقال آخر طشت ذهب فيه خل

{ كأنهم خشب مسندة } فى حيز الرفع على انه خبر مبتدأ محذوف اى هم كأنهم او كلام مستأنف لامحل له والخشب بضمتين جميع خشبة كأ كم واكمة او جمع خشب محركة كأسد واسد وهو ماغلظ من العيدان والاسناد الامالة ومسندة للتكثير فان التسنيد تكثير الاسناد بكثرة المحال اى كأنها أسندت الى مواضع والمعنى بالفارسية كويا ايشان جو بهاى خشك شده ا ند بديوار بازنهاده ، شبهوا فى جلوسهم فى مجالس رسول اللّه مستندين فيها بخشاب منصوبة مسندة الى الحائط فى كونهم اشباحا خالية عن العلم والخير والانتفاع ولذا اعتبر فى الخشب التنسيد لان الخشب اذا انتفع به كان فى سقف او جدار او غيرهما من مظان الانتفاع فكما ان مثل هذا الخشب لانفع فيه فكذا هم لانفع فيهم وكما ان الروح النامية قد زالت عنهم فهم فى زوال استعداد الحياة الحقيقية والروح الانسانى بمثابتها.

يقول الفقير فيه اشارة الى ان الاستناد فى مجالس الاكابر او فى مجالس العلم من ترك الأدب ولذا منع الامام مالك رحمه اللّه هرون من الاستناد حين سمع منه الموطأ ( حكى ) ان ابراهيم بن ادهم قدس سره كان يصلى ليلة فأعيى فجلس ومد رجليه فهتف به هاتف اهكذا تجالس الملوك وكان الحريرى لايمد رجليه فى الخلوة ويقول حفظ الأدب مع اللّه احق وهذا من أدب من عرف معنى الاسم المهيمن فان من عرف معناه يكون مستحييا من اطلاعه تعالى عليه ورؤيته له وهو المراقبة عند اهل الحقيقة ومعناه علم القلب باطلاع الرب ودلت الآية وكذا قوله عليه السلام

( انه ليأتى الرجل العظيم السمين يوم القيامة لايزن عند اللّه جناح بعوضة ) ( مثل المؤمن مثل السنبلة يحركها الريح فتقوم مرة وتقع اخرى ومثل الكافر مثل الارزة لاتزال قائمة حتى تنقر ) قوله الارزة بفتح ألهمزة وبرآء مهملة ساكنة ثم زاى شجرة يشبه الصنوبر يكون بالشأم وبلاد الارمن

وقيل هو شجر الصنوبر والانقعار ، ازبن بركنده شدن يعنى مثل منافق مثل صنوبر براست كه بلند واستوار بر زمين تاكه افتادن وازبيخ بر آمدن ، وفيه اشارة الى ان المؤمن كثير الابتلاء فى بدنه وماله غالبا فيكفر عن سيئاته والكافر ليس كذلك فيأتى بسيئاته كاملة يوم القيامة

{ يحسبون } يظنون

{ كل صيحة } كل صوت ارتفع فان الصيحة رفع الصوت وفى القاموس الصوت بأقصى الطاقة وهو مفعول اول ليحسبون والمعفول الثانى قوله

{ عليهم } اى واقعة علهيم ضارة ، ومراد از صيحة هر فريادى كه برآيد وهرآوازى كه درمدينه بركشند.

وقال بعضهم اذا نادى مناد فى العسكر لمصلحة او انفلتت دابة او انشدت ضالة او وقعت جلبة بين الناس ظنوه ايقاعا بهم لجنبهم واستقرار الرعب فى قلوبهم والخائن خائف وقال القاشانى لان الشجاعة انما تكون من اليقين من نور الفطرة وصفاء القلب وهم منعمسون فى ظلمات صفات النفوس محتجبون باللذات والشهوات كأهل الشكوك والارتياب فلذلك غلب عليهم الجبن والخور انتهى وفى هذا زيادة تحقر لهم وتخفيف لقدرهم كا قيل اذا رأى غير شىء ظنه رجلا

وقيل كانوا على وجل من أن ينزل اللّه فيهم مايهتك استارهم ويبيح دماءهم واموالهم

{ هم العدو } اى هم الكاملون فى العداوة الراسخون فيها فان اعدى الاعادى العدو المكاسر الذى يكاسرك وتحت ضلوعه دآء لايبرح بل يلزم مكانه ولم يقل هم الاعدآء لان العدو لكونه بزنة المصادر يقع على الواحد وما فقوه

{ فاحذرهم } اى فاحذر أن تثق بقولهم وتميل الى كلامهم او فاحذر مما يلتهم لاعدآئك وتخذيلهم اصحابك فانه يفشون سرك للكفار

{ قاتلهم اللّه } دعاء عليهم وطلب من ذاته تعالى أن يلعنهم ويخزيهم ويميتهم على الهوان والخذلان كما قال ابن عباس رضى اللّه عنهما اى لعنهم قال سعدى المفتى ولا طلب هناك حقيقة بل عبارة الطلب للدلالة على ان اللعن عليهم مما لابد منه قال الطيبى يعنى انه من اسلوب التجريد كقرآءة ابن عباس رضى اللّه عنهما فى قوله

{ ومن كفر فامتعه } ياقادر ويجوز أن يكون تعليما للمؤمنين بأن يدعوا عليهم بذلك ففيه دلالة على ان للدعاء على اهل الفساد محلا يحسن فيه فقاتل اللّه المبتدعين الضالين المضلين فانهم شر الخصماء واضر الاعدآء وايراده فى صورة الاخيار مع انه انشاء معنى للدلالة على وقوعه ومعنى الانشاء بالفارسية هلاك كناد خداى ايشانرا يالعنت كنادج برايشانن وقال بعضهم اهلكهم وهو دعاء يتضمن الاقتضاء والمنابذة وتمنى الشر لهم ويقال هى كلمة ذم وتوبيخ بين الناس وقد تقول العرب قاتله اللّه ماشعره فيضعونه موضع التعجب

وقيل احلهم حل من قاتله عدو قاهر لكل معاند

{ انى يؤفكون } تعجيب من حالهم اى كيف يصرفون عن الحق والنور الى ماهم عليه من الكفر والضلال والظلمة بعد قيام البرهان من الافك بفتح الهمزة بمعنى الصرف عن الشىء لان الافك بالكسر بمعنى الكذب

قال فى التأويلات النجمية اذا رأيتهم من حيث صورهم المشكلة تعجبك اجسام اعمالهم المشوبة بالرياء والسمعة الخالية عن ارواح النبات الخالصة الصافية وان يقولوا قولا بالحروف والاصوات مجردا عن المعانى المصفاة تصغ الى قولهم المذكوب المردود كان صورهم المجردة عن المعنى المخيلة صورتها القوة الخالية بصرة الخشب المسندة الى جدار الوهم لا روح فيها ولامعنا يحسبون كل صيحة صاح بها صور القهر واقعة عليهم لضعف قلوبهم بمرض النفاق وعلة الشقاق هم الكاملون فى العداوة الذاتية والبغضاء الصفاتية فاحذرهم بالصورة والمعنى قاتلهم اللّه بالخزى والحرمان والسوء والخذلان أنى يعدلون عن طريق الدين الصدق

٥

{ واذا قيل لهم } عند ظهور جنايتهم بطريق النصيحة ، در معالم آورده كه بعد از نزول اين آيتها قوم ابن أبى ويرا كفتندابن آيتها درباره تونازل شده برو نزديك رسول خداى تابراى توآمر زش طلبد آن منافق كردن تاب داد وكفت مرا كفتند ايمان آور آوردم تكليف كرديد كه زكاة مال بده دادم همين مانده است كه محمد را سجده مى بايد كرد آيت آمدكه ، واذا قيل لهم

{ تعالوا } اصله تعاليوا فأعل بالقلب والحذف الا ان واحد الماضى تعالى باثبات الالف المقلوبة عن الياء المقلوبة عن الياء المقلوبة عن الواو الواقعة رابعة وواحد الامر تعالى بحذفها وقفا وفتح اللام واصل معنى التعالى الارتفاع فاذا امرت منه قلت تعالى وتعالوا فتعالوا جمع امر الحاضر فى صورة الماضى ومعناه ارتفعوا فيقوله من كان فى مكان عال لمن هو اسفل منه ثم كثر واتسع فيه حتى عمم يعنى ثم استعمل فى كل داع يطلب المجيىء فى المفرد وغيره لما فيه من حسن الأدب اى هلموا وائتوا وبالفارسية بياييد باعتذار ، ومن الأدب أن لا يقال تعالى فلان او تعاليت يافلان او أنا او فلان متعال باى معنى أريد لانه مما اشتهر به اللّه فتعالى اللّه الملك الحق

{ يستغفر لكم رسول اللّه } بالجزم جواب الامر اى يدع اللّه لكم ويطلب منه أن يغفر بلطفه ذنوبكم ويستر عيوبكم وهومن اعمل الثانى لان تعالوا يطلب رسول اللّه مجرورا بالى اى تعالوا الى رسول اللّه ويستغفر يطلب فاعلا فاعمل الثانى ولذلك رفعه وحدف من الاول اذ التقدير تعالوا اليه

{ لووا رؤسهم } يقال لوى الرجل راسه اماله والتشديد للتكثير لكثرة المحال وهى الرؤوس قال فى تاج المصادر التلوية نيك بيجانيدن اى عطفوها استكبارا جنانجة كسى ازمكر وهى روى بتابد وقال القاشانى لضراوتهم بالامور الظلمانية فلا يألفون النور ولا يشتاقون اليه ولا الى الكمالات الانسانية لمسخ الصورة الذاتية

{ ورأيتهم يصدون } من الصدوود بمعنى الاعراض اى يعرضون عن القائل او عن الاستغفار ( وقال الكاشفى ) اعراض ميكنند ازرفتن بخدمت حضرت بيغمبر صلّى اللّه عليه وسلّم وذلك لانجذابهم الى الجهة السفلية والزخارف الدنيوية فلا ميل فى طباعهم الى الجهة العلوية والمعانى الاخروية ( وفى المثنوى )

صورت رفعت بود افلاك را ... معنىء رفعت روان باك را

صورت رفعت براى جسمهاست ... جسما دربيش معنى اسمهاست

{ وهم مستكبرون } عن ذلك لغلبة الشيطنة واستيلاء القوة الوهمية واحتجابهم بالانانية وتصور الخيرية وفى الحديث ( اذا رأيت الرجل لجوجا معجبا برأيه فقد تمت خسارته )

٦

{ سوآء عليهم أستغفرت لهم } كما اذا جاؤك معتذرين من جناياتهم وفى كشف الاسرار كان عليه السلام يتسغفر لهم على معنى سؤاله لهم بتوفيق الايمان ومغفرة العصيان

وقيل لما قال اللّه

{ ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر اللّه لهم } قال عليه السلام ( لأزيدن على السبعين ) فأنزل اللّه

{ سوآء } الخ وهو اسم بمعنى مستو خبر مقدم وعليهم متعلق به ومابعده من المعطوف عليه والمعطوف مبتدأ بتأويل المصدر لاخراج الاستفهام عن مقامه فالهمزة فى أستغفرت للاستفهام ولذا فتحت وقطعت والاصل ءاستغفرت فحذفت همزة الوصل التى هى الف الاستفعال للتخفيف ولعدم اللبس

{ ام لم تستغفر لم } كما اذا أصروا على قبائحهم واستكبروا عن الاعتذار والاستغفار

{ لن يغفر اللّه لهم } ابدا لاصرارهم على الفسق ورسوخهم فى الكفر وخروجهم عن دين الفطرة القيم

{ ان اللّه لايهدى القوم الفاسقين } الكاملين فى الفسق الخارجين عن دآئرة الاستصلاح المنهمكين فى الكفر والنفاق او الخارجين عن دآئرة المحقين الداخلين فى دآئرة الباطلين المبطلين وفى الآية اشارة الى عدم استعدادهم لقبول الاستغفار لكثافة طباعهم المظلمة وغلظة جبلتهم الكدرة ولو كان لهم استعداد لقبوله لخرجوا عن محبة الدنيا ومتابعة النفس والهوى الى موافقة الشرع ومتابعة الرسول والهدى ولما بقوا فى ظلمة الشهوات الحيوانية والاخلاق البهيمية والسبعية ( قال الحافظ )

عاشق كه شدكه يار بحالش نظر نكرد ... اى خواجه دردنيست وكرنه طبيب هست

ومنه يعلم ان الجذبة من جانب المرشد وان كان لها تأثير عظيم لكن اذا كان جانب المريد خاليا عن الارادة لم ينفعه ذلك ألا ترى ان استغفار النبى عليه السلام ليس فوقه شىء مع انه لم يؤثر فى الهداية واصل هذا عدم اصابة رشاش النور فى عالم الارواح ومن لم يجعل اللّه نورا فما له من نور ( حكى ) ان شيخا مر مع مريد له خدمه عشرين سنة على قرية فيها شيخ فان يضرب الطبل فأشار اليه الشيخ فطرح الطبل وتبعه حتى اذا كانوا على ساحل البحر ألقى الشيخ سجادته على البحر وقعد عليها مع الطبال وبقى المريد العتيق فى الساحل يصيح كيف ذلك فقال الشيخ هكذا قضاء اللّه تعالى

٧

{ هم الذين يقولون } اى للانصار وهو استئناف جار مجرى التعليل لفسقهم او لعدم مغفرته تعالى لهم وهو حكاية نص كلامهم

{ لاتنفقوا } لاتعطوا النفقة التى يتعيش لها

{ على من عند رسول اللّه } يعنون فقرآء المهاجرين وقولهم رسو اللّه اما للهزء والتهكم او لكونه كالقلب له عليه السلام واشتهاره به فلو كانوا مقرين برسالته لما صدر عنهم ما صدر ويجوز أن ينطقوا بغيره لكن اللّه تعالى عبر به اكراما له واجلالا

{ حتى ينفضوا } اى يتفرقوا عنه ويرجعوا الى قبائلهم وعشائرهم ( وقال الكاشفى ) تا متفرق كردند غلامان بزد خواجكان روند وبسران بدران بيوندند ، والانفضاض شكسته شدن وبراكنده شدن ، وانما قالوه لاحتجابهم بأفعالهم عن رؤية فعل اللّه وبما فى ايديهم عما فى خزآئن اللّه فيتوهمون الانفاق منهم لجهلهم

{ ولله خزآئن السموات والارض } رد وابطال لما زعموا من ان عدم انفاقهم يؤدى الى انفضاض الفقرآء من حوله عليه السلام ببيان ان خزآئن الارزاق بيد اللّه خاصة يعطى من يشاء يمنع من يشاء ومت تلك الخزآئن المطر والنبات قال الراغب قوله تعالى

{ ولله خزآئن السموات والارض } اشارة منه الى قدرته تعالى على مايريد ايجاده او الى الحالة التى اشير اليها بقوله عليه السلام ( فرغ ربكم من الخلق والاجل والرزق ) والمراد من الفراغ اتمام القضاء فهو مذكور بطريق التمثيل بنى اتم قضاء هذه الكليات فىعلمه السابق وتخفظ وكذا المخزن بالفتح وقد سبق فى قوله تعالى

{ وان من شىء الا عندنا خزآئنه } { ولكن المنافقين لايفقهونه } ذلك لجهلهم باللّه وبشؤونه ولذلك يقولون من مقالات الكفر مايقولون

خواجه بنداردكه روزى اودهد ... لاجرم براين وآن منت نهد

زان سببها او يكى شد بس اكر ... كم شود هستند اسباب دكر

حكم روزى بر سببها مى نهد ... بى سببها نيز روزى ميد هد

قال رجل لحاتم الاصم رحمه اللّه من اين تأكل قال من خزانة ربى فقال الرجل أيلقى عليك الخبز من السماء فقال لو لم تكن الارض له فيها خزآئن لكان يلقى على الخبز من السماء خلق اللّه فى الارض الاسباب ومنها فتح الابواب قال بعض الكبار مراعاة حق ام الولد من الرضاع اولى من مراعاة ام الولادة لان ام الولادة حملته على جهة الامانة فكون فيها وتغذى بدم طمثها من غير ارادة لها فى ذلك فما تغذى الا بما لو لم يخرج منها لأهلكها وامرضها فللجنين المنة على امه فى ذلك

واما المرضعة فاتما قصدت برضاعه حياته وابقاءه ولهذا المعنى الذى اشرنا اليه جعل اللّه المرضعة لموسى ام ولادته حتى لايكون لامرأة عليه فضل غير امه فلما كبر وبلغ اقامة الحجة عليه جعله اللّه كلا على بنى اسرآئيل امتحانا له فقلق من تغير الحال عليه وقال يارب اغننى عن بنى اسرآئيل فأوحى اللّه اليه أما ترضى ياموسى أن افرغك لعبادتى واجعل مؤونتك على غيرك فسكت ثم سئأل ثانيا فأوحى اللّه اليه لايليق بنبى أن يرى فى الوجود شيأ لغير سيده فكل من رزق ربك ولا منة لاحد عليك فسكت ثم سأل ثالثا فأوحى اللّه اليه ياموسى اذا كانت هذه شكاسة خلقك على بنى اسرآئيل وأنت محتاج اليهم فكيف لو أغنيتك عنهم فما سأل بعد ذلك شيأ فاللّه تعالى يوصل الرزق على بعده بيد من يشاء من عباده مؤمنا او كافرا وكل ذلك من الحلال الطيب اذا لم يسبق اليه خاطرة او تعرض ما ولا منة لاحد عليه وانما يمن الجاهل وابتلاؤه تعالى لاوليائه بالفقر ليس من عدم قدرته على الاعطاء والاغناء من عدم محبته لهم وكرامتهم عنده بل هو من انعامه عليهم ليكونوا ازهد الناس فى الدنيا وأفر اجرا فى الآخرة ولذا قال عليه السلام فى حق فقرآء المهاجرين

( يسبقون الاغنياء يوم القيامة بأربعين خريفا ) وكان عليه السلام يستفتح بصعاليك المهاجرين اى فقرآئهم لقدرهم وقبولهم وجاههم عند اللّه تعالى على ان الاغنياء ان خصوا بوجود الارزاق فالفقرآء خصوا بشهود الرزاق وهو خير منه وصاحبه انعم فمن سعد بوجود الرزاق لم يضره مافاته من وجود الارزاق قال الجنيد قدس سره خزآئنه فى السموات الغيوب وخزآئنه فى الارض القلوب فما انفصل من الغيوب وقع الى القلوب وما انفصل من القلوب صار الى الغيوب والعبد مرتهن بشيئين تقصيرا الخدمة وارتكاب الزلة وقال الواسطى قدس سره من طالع الاسباب فى الدنيا ولم يعلم ان ذلك يحجبه عن التوفيق فهو جاهل

وفى التأويلات النجمية ولله خزآئن الارزاق السماوية من العلوم والمعارف والحكم والعوارف المخزونة لخواص العباد يرزقهم حيث يشاء ولله خزآئن الارزاق الارضية من المأكولات والمشروبات والملبوسات والخيول والبغال المخزونة لعوام العباد ينفق عليهم من حيث لايحتسبون ولكن المنافقين بسبب افساد استعداداتهم وعدم نورانيتهم وغلبة ظلمانيتهم مايفهمون الاسرار الالهية والاشارات الربانية

٨

{ يقولون لئن رجعنا الى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل } روى ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حين لقى بنى المصطلق وهم بطن من خزاعة على المريسيع مصغر مرسوع وهو ماء لهم فى ناحية قديد على يوم من فرغ بالضم موضع من اضخم اعراض المدينة وهزمهم وقتل منهم واستاق ألفى بعير وخمسة آلاف شاة وسبى مائتى اهل بيت او اكثر وكانت فى السبى جويرية بن الحارث سيد بن المصطلق أعتقها النبى عليه السلام وتزوجها وهى ابنة عشرين سنة ازدحم على الماء جهجاه بن سعيد الغفار رضى اللّه عنه وهو أجير لعمر رضى اللّه عنه يقود فرسه وسنان الجهنى المنافق حليف ابن ابى رئيس المنافقين واقتتلا فصرخ جهجاه بالمهاجرين وسنان بالانصار فاعان جهجاه جعل بالكسر من فقرآء المهاجرين ولطم سنانا فاشتكى الى ابن أبى فقال لجعال وأنت هناك قال ماصحبنا محمدا الا لنلطم واللّه مامثلنا ومثلهم الا كما قيل سمن كلبك يأكلك اما واللّه لئن رجعنا من هذا السفر الى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل عنى بالاعز نفسه وبالاذل جانب المؤمن فاسناد القول المذكور الى المنافقين لرضاهم به ثم قال لقوله ماذا فلعم بأنفسكم احللتموهم لابدكم وقاسمتموهم اموالكم أما واللّه لو امسكتم عن جعال وذويه فضل الطعام لم يركبوا رقباكم ولأوشكوا أن يتحولوا عنكم فلا تنفقوا عليهم حتى ينفضوا من حول محمد فسمع بذلك زيد بن ارقم وهو حدث فقال أنت واللّه الذليل القليل المبغض فى قومك ومحمد مز عز من الرحمن وقوة من المسلمين فقال ابن أبى اسكت فانما كنت ألعب فأخبر زيد رسول اللّه بما قال ابن أبى فتغير وجه الرسول اللّه فقال عمر رضى اللّه عنه دعنى يارسول اللّه أضرب عنق هذا المنافق فقال ( اذا ترغم انوفا كثير بيثرب ) يعنى المدينة ولعل تسميته لها بذلك ان كان بعد النهى لبيان الجواز قال عمر رضى اللّه عنه فان كرهت أن يقتله مهاجرى فائمر به انصاريا فقال ( اذا تحدث الناس أن محمدا يقتل اصحابه ) وقال عليه السلام لابن أبى ( أنت صاحب الكلام الذى بلغنى ) قال واللّه الذى أنزل عليك الكمتاب ماقلت شيأ من ذلك وان زيدا لكاذب فقال الحاضرون شيخنا وكبيرانا لاتصدق عليه كلام غلام وعسى أن يكون قد وهم فروى ان رسول اللّه قال له ( لعلك غضبت عليه ) قال لا قال ( فلعله اخطأك سمعك ) قال لا قال ( لعله شبه عليك ) قال لا فلما نزلت هذه الآية لحق رسول اللّه زيدا من خلفه فعرك اذنه وقال ( وفت اذنك ياغلام ان اللّه صدقك وكذب المنافقين )

ورد اللّه عليم مقالتهم بقوله

{ ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين } اى ولله الغلبة والقوة ولمن اعزه من رسوله والمؤمنين لا لغيرهم كما ان المذلة والهوان للشيطان وذويه من المنافقين الكافرين.

وعن بعض الصالحين وكان فى هيئة رثة ألست على الاسلام وهو العز الذى لاذل معه والغنى الذى لافقر معه وعن الحسن بن على رضى اللّه عنهما ان رجلا قال له الناس يزعمون ان فيك تيها اى كبرا فقال ليس ذلك بتيه ولكنه عزة وتلا هذه الآية وقال بعض الكبارمن كان فى الدنيا يدعى الملك الشىء ولو من جوارحه نقص من ملكه فى الآخرة بقدر ما ادعاه فى الدنيا فلا اعز فى الآخرة ممن بلغ فى الدنيا غاية الذل فى جناب الحق ولا اذل فى الآخرة ممن بلغ فى الدنيا غاية العزة فى نفسه ولو كان مصفوعا فى الاسواق ولا أريد بعز الدنيا أن يكون من جهة الملوك فيها انما أريد أن يكون صفته فى نفسه العزة وكذا القول فى الذلة وقال الواسطى رحمه اللّه عزة اللّه أن لايكون شىء الا بمشيئته وارادته وعزة المرسلين انهم آمنون من زوال الايمان وغزة المؤمنين انهم آمنون من دوام العقوبة وقال عزة اللّه العظمة والقدرة وعزة الرسول النبوة والشفاعة وعزة المؤمنين التواضع والسخاء والعبودية دل عليه قوله عليه السلام ( أنا سيد ولد آدم ولا فخر ) اى لا افتخر بالسيادة بل افتخر بالعبودية وفيها عزتى اذ لاعزة الا فى طاعة اللّه ولا ذل الا فى معصية اللّه وقال بعضهم عزة اللّه قهره من دونه وعزة رسوله بظهور دينه على سائر الأديان كلها وعز المؤمنين باستذلالهم اليهود والنصارى كما قال

{ وأنتم الاعلون ان كنتم مؤمنين } يقول الفقير أشار تعالى بالترتيب الى ان العزة له بالاصالة والدوام وصار الرسول عليه السلام مظهر اله فى تلك الصفة ثم صار المؤمنون مظاهر له عليه السلام فيها فعزة الرسول بواسطة عزة اللّه وعزة المؤمنين بواسطة عز الرسول سوآء أعاصروه عليه السلام ام أتوا بعده الى ساعة القيام وجميع العزة لله لان عزة اللّه له تعالى صفة وعزة الرسول وعزة المؤمنين لله فعلا ومنة وفضلا كما قال القشيرى قدس سره العز لاذى للرسول وللمؤمنين هو لله تعالى حلقا وملكا وعزه سبحانه له وصفا فاذا العزة كلها لله وهو الجمع بين قوله تعالى

{ من كان يريد العزة فلله العزة جميعا } وقوله

{ ولله العزة ولرسول وللمؤمنين } ومن أدب من عرف انه تعالى هو العزيز أن لايعتقد لمخلوق اجلالا ولهذا قال عليه السلام ( من تواضع لغنى لاجل غناه ذهب ثلثا دينه ) قال أبو على الدقاق رحمه اللّه انما قال ثلثا دينه لان التواضع يكون بثلاثة اشياء بلسانه وبدنه وقلبه فاذا تواضع له بلسانه وبدنه ولم يعتقد له العظمة بقلبه ذهب ثلثا دينه فان اعتقدها بقلبه ايضا ذهب كل دينه ولهذا قيل اذا عظم الرب فى القلب صغر الخلق فى العين ومتى عرفت انه معز لم تطلب العز الا منه ولايكون العز الا فى طاعته قال ذو النون قدس سره لو أراد الخلق أن يثبتوا لأحد عزا فوق مايثبته يسير طاعته لم يقدروا ولو ارادوا أن يثبتوا لاحد ذلة اكثر مما يثبته اليسير من ذلته ومخالفته لم يقدروا ( حكى ) عن بعضهم انه قال رأيت رجلا فى الطواف وبين يديه خدم يطردون الناس ثم رأيته بعد ذلك على جسر بغداد يتكفف ويسأل فحدقت النظر اليه لأتعرفه هل هو ذلك الرجل اولا فقال لى مالك تطيل النظر الى فقلت انى اشبهك برجل رأيته فى الطواف من شأنه كذا وكذا فقال انا ذاك انى تكبرت فى موضع يتواضع فيه الناس فوضعنى فى موضع يترفع فيه الناس

{ ولكن المنافقين لايعلمون } من فرط جلهلهم وغرورهم فيهذون مايهذون ولعل ختم الآية الاولى بلا يفقهون والثانية بلا يعلمون للتفنن المعتبر فى البلاغة مع ان فى الاول بيان عدم كياستهم وفهمهم وفى الثانى بيان حماقتهم وجهلهم وفى برهان القرءآن الاول متصل بقوله

{ ولله خزآئن السموات والارض } وفيه غموض يحتاج الى فطنة والمنافق لا فطنة له والثانى متصل بقوله

{ ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لايعلمون } ان اللّه معز أوليائه ومذل اعدآئه ( روى ) ان عبد اللّه ابن أبى لما أراد أن يدخل المدينة اعترضه ابنه عبداللّه بن عبداللّه بن ابى وكان مخلصا وسل سيفه ومنع أباه من الدخول وقال لئن لم تقر لله ولرسوله بالعز لأضربن عنقك فقال ويحك افاعل أنت قال نعم فلما رأى منه الجد قال أشهد ان العزة لله ولرسوله وللمؤمنين فقال عليه السلام لابنه ( جزاك اللّه عن رسوله وعن المؤمنين خيرا ) ولما كان عليه السلام بقرب المدينة هاجت ريح شديدة كادت تدفن الراكب فقال عليه السلام ( مات اليوم منافق عظيم النفاق بالمدينة ) اى لاجل ذلك عصفت الريح فكان كما قال مات فى ذلك اليوم زيد بن رفاعة وكان كهفا للمنافقين وكان من عظماء بنى قينقاع وكان ممن اسلم ظاهرا والى ذلك أشار الامام السيكى فى تائيته بقوله

وقد عصفت ريح فأخبر انها ... لموت عظيم فى اليهود بطيبة

ولما دخلها ابن ابى لم يلبث الا اياما قلائل حتى اشتكى ومات واستغفر له رسول اللّه وألبسه قميصه فنزل لن يغفر اللّه له وروى انه مات بعد القفول من غزوة تبولك قال بعض الكبار ما أمر اللّه عباده بالرفق بالخلق والشفقة الا تأسيا به تعالى فيكونون مع الخلق كما كان الحق معهم فينصحونهم ويدلونهم على كل مايؤدى الى سعادتهم وليس بيد العبد الا التبليغ قال تعالى

{ ماعلى الرسول الا البلاغ } فعلى العارف ايضاح هذا الطريق الموصل الى هذا المقام والافصاح عن دسائسه وليس بيده اعطاء هذا المقام فان ذلك خاص باللّه تعالى قال تعالى

{ انك لاتهدى من احببت } فوظيفة الرسل والورثة من العلماء انما هو التبليغ بالبيان والافصاح لاغير ذلك وجزاؤهم جزاء من أعطى ووهب والدال على الخير كفاعل الخير

وفى التأويلات النجمية ولله العزة اى القوة لله الاسم الاعظم ولرسول القلب المظهر الاتم الاعم ولمؤمنى القوى الروحانية ولكن منافقى النفس والهوى وصفاتهما الظلمانية الكدرة لايعلمون لاستهلاكهم فى الظلمة وانغماسهم فى الغفلة

٩

{ ياأيها الذين آمنوا } ايمانا صادقا

{ لاتهلكم اموالكم ولا اولادكم عن ذكر اللّه } فى الصحاح لهيت عن الشىء بالكسر ألهى لهيا ولهيانا اذا سلوت وتركت ذكره واضربت عنه وفى القاموس لها كدعا سلا وغفل وترك ذكره كتلهى وألهاء اى شغله ولهوت بالشىء بالفتح ألهو لهوا اذا لبعت به والمعنى لاشغلنكم الاهتمام بتدبير امورها والاعتناء بمصالحها والتمتع بها عن الاشتغال بذكره تعالى من الصلاة وسائر العبادات المذكرة للمعبود ففى ذكر اللّه مجاز اطلق المسبب وأريد السبب

قال بعضهم الذكر بالقلب خوف اللّه وباللسان قرآءة القرءآن والتسبيح والتهليل والتمجيد والتكبير وتعلم علم الدين وتعليمه وغيرها وبالابدان الصلاة وسائر الطاعات والمراد نهيهم عن التلهى بها اى عن ترك ذكر اللّه بسبب الاشتغال بها وتوجيه النهى اليها للمبالغة بالتجوز بالسبب عن المسبب كقوله تعالى

{ فلا يكن فى صدرك حرج } وقد ثبت ان المجاز ابلغ وقال بعضهم هو كناية لان الانتقال من لاتلهكم الى معنى قولنا لاتلهوا انتقال من اللازم الى الملزوم وقد كان المنافقون بخلاء باموالهم ولذا قالوا لاتنفقوا على من عند رسول اللّه ومتعززين بأولادهم وعشائرهم مشغولين بهم وباموالهم عن اللّه وطاعته وتعاون رسوله فنهى المؤمنون أن يكونوا مثلهم فى ذلك

{ ومن يفعل ذلك } اى التلهى بالدنيا والاشتغال بما سواه عنه ولو فى اقل حين

{ فاولئك هم الخاسرون } اى الكاملون فى الخسران حيث باعوا العظيم الباقى بالحقير الفانى ( قال الكاشفى ) مقتضاى ايمان آنست كه دوستى خداى تعالى غالب بود بردوستى همه اشيا تاحدى كه اكر تمام نوال دنيا ومجمع نعم آخرت بروى عرض كنند بنظر در هيج كدام ننكرد

جشم دل ازنعيم دو عالم به بسته ايم ... مقصود ماز دنيى وعقبى تويى وبس

وفى الحديث ( ماطعلت الشمس الا بجنبيها ملكان يناديان ويسمعان الخلائق غير الثقلين يايها الناس هلموا الى ربكم ماقل وكفى خير مما كثر والهى ) وفى الآية اشارة الى كمل ارباب الايمان الحقيقى الشهودى يقول اللّه لهم لاتشغلكم رؤية أموال اعمالكم الصالحة من الصلاة والزكاة والحج والصوم ولا اولاد الاحوال التى هى نتيجة الاعمال من المشاهدات والمكاشفات والمواهب الروحانية والعطايا الربانية عن ذكر ذاته وصفاته واسمائه وظهروه فى صورة الاعمال والاحوال ومن يفعل ذلك فانما يشغل بالخلق ويحتجب بالنعمة عن المنعم فاولئك هم الخاسرون وخسروا رأس مال التجارة ما ربحوا الا الخسران وهو حجاب عن المشهود الحقيقى

قال بعضهم فى الآية بيان ان من لم يبلغ درجة التمكين فى المعرفة لايجوز له الدخول فى الدنيا من الاهل والمال الولد فانها شواغل قلوب الذاكرين عن ذكر اللّه ومن كان مستقيما فى المعرفة وقرب المذكور فذكره قائم بذكر اللّه اياه فيكون محفوظا من الخطرات المذمومة والشاغلات الحاجبة

واما الضعفاء فلا يخرجون من بحر هموم الدينا فاذا باشرت قلوبهم الحظوظ والشهوات لايكون ذكرهم صافيا عن كدورات الخطرات وقال سهل قدس سره لايشغلكم اموالكم ولا اولادكم عن ادآء الفرآئض فى اول مواقيتها فان من شغله عن ذكر اللّه وخدمته عرض من عروض الدنيا فهو من الخاسرين

١٠

{ وأنفقوا ممارزقناكم } اى بعض ما أعطيناكم تفضلا من غير أن يكون حصوله من جهتكم ادخال للآخرة يعنى حقوق واجب را اخراج نماييد ، فالمراد هو الانفاق الواجب نظرا الى ظاهر الامر كما فى الكشاف ولعل التعميم اولى وانسب بالمقام

{ من قبل أن يأتى احدكم الموت } بأن يشاهد دلائله ويعاين اماراته ومخايله وتقديم المفعول على الفاعل للاهتمام بما تقدم والتشويق الى ما تاخر ولم يقل من قبل ان يأتيكم الموت فتقولوا اشارة الى ان الموت يأتيهم واحدا بعد واحد حتى يحيط بالكل

{ فيقول } عند تيقنه بحلوله

{ رب } اى آفريد كار من

{ لولا اخرتنى } هلا امهلتنى فلولا للتحضيض

وقيل لا زآئدة للتأكيد ولو للتمنى بمعنى لو أخرتنى

{ الى اجل قريب } اى امد قصير وساعة اخرى قليلة وقال ابو الليث ياسيدى ردنى الى الدنيا وابقنى زمانا غير طويل وفى عين المعانى مثل ما اجلت لى فى الدنيا

{ فأصدق } تاتصدق كنم وزكاة ادا نمايم ، وهو بقطع الهمزة لانها للتكلم وهمزته مقطوعة وبتشديد الصاد لان اصله أتصدق من التصدق فأدغمت التاء فى الصاد وبالنصب لانه مضارع منصوب بأن مضمرة بعد الفاء فى جواب التمنى فى قوله

{ لولا اخرتنى } { واكن من الصالحين } بالجزم عطفا على محل فأصدق كأنه قيل ان أخرتنى اصدق واكن وفيه اشارة ا لى ان التصدق من اسباب الصلاح والطاعة كما ان تركه من اسباب الفساد والفسق والفرق بين التصدق والهداية ان التصدق للمحتاج بطريق الترحم والهداية للحبيب لاجل المودة ولذا كان عليه السلام يقبل الهدية لا الصدقة فرضا كنت او نفلا وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما من كان له مال يجب فيه الزكاة فلم يزكه او مال يبلغه الى بيت اللّه فلم يحج يسأل عند الموت الرجعة فقال رجل اتق اللّه يابن عباس انما سألت الكفار الرجعة قال ابن عباس رضى اللّه عنما انى اقرأ عليك هذا القرءآن فقال

{ ياأيها الذين آمنوا } الى قوله

{ فأصدق واكن من الصالحين } فقال الرجل يابن عباس وما يوجب الزكاة قال مائتا درهم فصاعدا قال فما يوجب الحج قال الزاد والراحلة فالآية فى المؤمنين واهل القبلة لكن لاتخلو عن تعريض بالكفار وان تمنى الرجوع الى الدنيا لايختص بالكافر بل كل قاصر مفرط يتمنى ذلك قال بعض العلماء فى الآية دلالة على وجوب تعجيل الزكاة لان اتيان الموت محتمل فى كل ساعة وكذا غيرها من الطاعات اذا جاء وقتها لعل الاولى استحبابه فى اغلب الاوقات ولذا اختار بعض المجتهدين اول الوقت عملا بقوله عليه السلام ( اول الوقت رضوان اللّه ) اى لان فيه المسارعة الى رضى اللّه الاهتمام بالعمل اذ لايدرى المرء أن يدرك آخر الوقت

١١

{ ولن يؤخر اللّه نفسا } اى ولن يمهلها مطيعة وعاصية صغير او كبيرة

{ اذا جاء اجلها } اى آخر عمرها او انتهى ان أريد بالاجل الزمان الممتد من اول العمر الى آخره يعنى جون عمر بآخر رسيد جيزى بران نيفزايند وازان كم نكنند ( قال الشيخ سعدى )

كه يك لحظه صورت نه بندد امان ... جو بيمانه برشد بدور زمان

واستنبط بعضهم عمر النبى عليه السلام من هذه الآية فالسورة رأس ثلاث وستين سورة وعقبها بالتغابن ليظهر التغابن فى فقده

قال بعضهم الموت على قسمين اضطرارى وهو المشهور فى العموم والعرف وهو الاجل المسمى الذى قيل فيه اذا جاء اجلهم لايستأخرون عنه ساعة ولا يستقدمون والموت الآخر موت اختيارى وهو موت فى الحياة الدنيا وهو الاجل المقضى فى قوله

{ ثم قضى اجلا } ولايصح للانسان هذا الموت فىحياته الا اذا وحد الل تعالى توحيد الموتى الذين انكشفت لهم الأغطية وان كان ذلك الكشف فى ذلك الوقت لايعطى سعادة الا لمن كان فى العامة علاما بذلك فاذا انكشف الغطاء يرى ما علم عينا فهو سعيد فصاحب هذا التوحيد ميت لاميت كالمقتول فى سبيل اللّه نقله اللّه الى البرزخ لاعن موت فالشهيد مقتول لاميت وكذلك هذا المعتنى به لما قتل نفسه فى الجهاد الاكبر الذى هو جهاد النفس رزقه اللّه تعالى حكم الشهادة فولاه النيابة فى البرزخ فى حياته الدنيا فموته معنوى وقتله مخالفة نفسه

{ واللّه خبير بما تعملون } فماجازيكم عليه ان خيرا فخير وان شرا فشر فسارعوا فى الخيرات واستعدوا لما هو آت القاشانى قضية الايمان غلبة حب اللّه على محبة كل شىء فلا تكن محبتهم ومحبة الدنيا من شدة التعلق بهم وبالاموال غالبة فى قلوبكم على محبة اللّه فتحجبون بهم عنه فتصيرون الى النار فتخسرون نور الاستعداد الفطرى باضاعته فيما يفنى سريعا وتجردوا عن الاموال بانفاقها وقت الصحة والاحتياج اليها لتكون فضيلة فى نفسكم وهيئة نورية لها فان الانفاق انما ينفع اذا كان عن ملكة السخاء وهيئة التجرد فى النفس فاما عند حضور الموت فالمال للوارث لا له فلا ينفعه انفاقه وليس له الا التحسر والندم وتمنى التأخير فى الأجل بالجهل فانه لو كان صادقا فى دعوى الايمان وموقنا بالآخرة لتيقن ان الموت ضرورى وانه مقدر فى وقت معين قدره اللّه فيه بحكمته فلا يمكن تأخره ولتدارك امره قبل حلول المنية فانه لايدرى المرء كيف تكن العاقبة ولذا قيل لاتغتر بلباس الناس فان العاقبة مبهمة

مسكين دل من كرجة فراوان داند ... در دانش عاقبت فرومى ماند

وفى الحديث ( لأن يتصدق المرء فى حياته بدرهم خير من أن يتصدق بمائة عند موته ) وقال عليه السلام

( الذى يتصدق عند موته او يعتق كالذى يهدى اذا شبع ) وعن أبى هريرة رضى اللّه عنه قال قال رجل يارسول اللّه اى الصدقة أعظمك أجرا قال ( ان تتصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى ولاتهمل حتى اذا بلعت الحلقوم ) قلت لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان يعنى اهمال نكنى تا آن زمان كه جان بحلقوم رسد كويى فلان را اين وفلانرا اين باشد وخود از ان فلان شود به مرك تو ( روى ) الامام الغزالى رحمه اللّه عن عبداللّه المزنى انه قال جمع رجل من بنى اسرآئيل مالا كثيرا فلما أشرف على الموت قال لبنيه ائتونى بأصناف أموالى فأتى بشىء كثير من الخيل والابل والدقيق وغيره فلما نظر اليها بكى عليها تحسرا فرأه ملك الموت وهو يبكى فقال مايبيك فوالذى خولك ماخولك ما أنا بخارج من منزلك حتى أفرق بين روحك وبدنك قال فالمهلة حتى أفرقها قال هيهات انقطع عنك المهلة فهلا كان ذلك قبل حضور أجلك فقبض روحه قال السلطان ولد قدس سره

بكذار جهان را كه جهان آن تونيست ... وين دم كه همى زنى بفرمان تونيست

كرمال جهان جمع كنى شاد مشو ... ورتيكه بجان كنى جان آن تونيست

وفى الآية اشارة الى انفاق الوجود المجازى الخلقى بالارادة الورحانية لنيل الوجود الحقيقى من غير أن يأتى الموت الطبيعى بلا ارادة فيموت ميتة جاهلية من اغير حياة أبدية لان النفس لم تزل جاهلة غير عارفة بربها ولا شك ان الحياة الطبيعية انما هى فى معرفة اللّه وهى لاتحصل الا بموت النفس والطبيعة وحياة القلب والروح فمن لمن يكن على فائدة من هذا الموت الارادى بتمنى الرجوع الى الدنيا عند الموت الطبيعى لتصدق الوجود المجازى بالارادة والرغبة ولكون من الصالحين لقبول الوجود الحقيقى وكل من كان مستعدا لبذل الوجود الاضافى لقبول الوجود الاطلاقى وجاء زمانه باستيفائه احكام الشريعة الزهرآء واستقصائه آداب الطريقة البيضاء لايمكن له الوقفة على الحجاب والاحتجاب كما اذا جاء زمان نفخ الروح فى الجنين باستكمال المدة يشتعل بنور الروح البتة اللهم الا ان تعرض آفة تمنعه عن ذلك واللّه خبير بما تعملون من بذل الوجود الامكانى ونيل الوجود الواجبى الحقانى كما قال تعالى

{ اذا وقعت الواقعة٠ ليس لوقعتها كاذبة } جعلنا اللّه واياكم من الباذلين وجود والمستفيضين منه تعالى فضله وجوده وأن يختم بالخبر بان يوفقنا للاعراض عن الغير

﴿ ٠