٢ { وهو الذى خلقكم } خلقا بديعا حاويا لجميع مبادى الكمالات العلمية والعملية ومع ذلك { فمنكم كافر } اى فبعضكم او فبعض منكم مختار للكفر كاسب له حسبنا تقتضيه خلقته ويندرج فيه المنافق لانه كافر مضمر وكان الواجب عليكم جميعا ان تكونوا مختارين للايمان شاكرين لنعمة الخلق والايجاد وما يتفرع عليها من سائر النعم فما فعلتم ذلك مع تمام تمكنهم منه بل تشعبتم شعبا وتفرقتم فرقا قال فى فتح الرحمن الكفر فعل الكافر والايمان فعل المؤمن والكفر والايمان اكتساب العبد لقول النبى عليه السلام كل مولود يولد على الفطرة وقوله فطرة اللّه التى فطر الناس عليها فلكل واحد من الفريقين كسب واختيار وكسبه واختياره بتقدير اللّه ومشيئته فالمؤمن بعد خلق اللّه اياه يختار الايمان لان اللّه تعالى أراد ذلك منه وقدره عليه وعلمه منه والكافر بعد خلق اللّه اياه يختار الكفر لان اللّه تعالى قدر عليه ذلك وعلمه منه وهذا طريق اهل السنة انتهى وفى الآية رد للدهرية والطبيعية فانهم ينكرون خالقية اللّه تعالى والخالق هو المخترع للاعيان المبدع لها ( حكى ) ان سنيا ناظر معتزليا فى مسألة القدرة فقطف المعتزلى تفاحة من شجرة وقال للسنى أليس انا الذى قطفت هذه فقال له السنى ان كنت الذى قطفتها فرجها على ما كانت عليه فأفحم المعتزلى وانقطع وانما ألزمه بذلك لان القدرة التى يحصل بها الايجاد لا بد أن تكون صالحة للضدين فلو كان تفريق الاجزآء بقدرته لكان فى قدرته وصلها ومن أدب من عرف انه سبحانه هو المنفرد بالخلق والايجاد أن لا يجحد كسب العبد ولا يطوى بساط الشرع فى الابتلاء بالامر والنهى ولا يعتقد ان للعبد على اللّه حجة بسبب ذلك ( حكى ) ان بعض الاكابر تعجب من تجاسر الملائكة فى قولهم أتجعل فيها من يفسد فيها ثم قال ما عليهم شئ هو أنطفهم فبلغ قوله يحيى بن معاذ الرازى رضى اللّه عنه فقال صدق هو انطقهم ولكن انظر كيف أفحمهم بين بذلك ان مجرد الخلق من جهة الحق لا يكون عذرا للبعيد فى سقوط اللوم عنهم { ومنكم مؤمن } مختار للايمان كاسب له ويندرج فيه مرتكب الكبيرة الغير التائب والمبتدع الذى لا تفضى بدعته الى الكفر وتقديم الكفر عليه لانه الا نسب بمقام التوبيخ والأغلب يما بينهم ولذا يقول اللّه فى يوم الموقف يا آدم أخرج بعث النار يعنى ميز اهلها المبعوث اليها قال وما بعث النار اى عدده قال اللّه من كل الف تسعمائة وتسعة وتسعون وفى التنزيل ولكن اكثر الناي لا يؤمنون وقليل من عبادى الشكور والايمان اعظم شعب الشكر ( روى ) ان عمر رضى اللّه عنه سمع رجلا يقول اللهم اجعلنا من القليل فقال له عمر ما هذا الدعاء فقال الرجل انى سمعت اللّه يقول وقليل من عبادى الشكور فانما ادعو أن يجعلنى من ذلك القليل فقال عمر كل الناس اعلم من عمر. يقول الفقير هذا القول من عمر من قبيل كسر النفس واستقصار العلم والمعرفة واستقلالهما على ما هو عادة الكمل فلا ينافى كماله فى الدين والمعرفة حتى يكون ذلك سببا لجرحه فى باب الخلافة كما استدل به الطوسى الخبيث على ذلك فى كتاب التجريد له وفى الحديث ( الا ان ابن آدم خلقوا على طبقات شتى فمنهم من يولد مؤمنا ويحيى مؤمنا ويموت مؤمنا ومنهم من يولد كافرا ويحيى كافرا ويموت كافرا ومنهم من يولد مؤمنا ويحيى مؤمنا ويموت كافرا ومنهم من يولد كافرا ويحيى كافرا ويموت مؤمنا ) ومن هنا قال بعضهم قوم طلبوه فخذلهم وقوم هربوا منه فأدركهم . ابراهم خواص قدس سره كفت درباديه وقتى بتجريد مى رفتم بيرى راديدم كوشه نشسته وكلاهى برسر نهاده وبزارى وخوارى مى كريست كفتم يا هذا توكيستى كفت من ابو مره ام كفتم جرامى كريى كفت كيست بكريستن سزا وارتراز من جهل هزار سال يدان دركاه خدمت كرده ام ودرافق اعلى ازمن مقدم تركس نبودا كنون تقدير الهى وحكم غيبى نكر كه مرابجه روز آورد آنكه كفت اى خواص نكر تابدين جهد وطاعت خويش غره نباشى كه بعنايت واختيار اوسست نه بجهد وطاعت بنده بمن يك فرمان آمدكه آدم راسجده كن نكردم وآدم را فرمان آمدكه ازان درخت مخور خورد ودركار آدم عنايت بود عذرش بنهادند وزلت اودر حساب نياوردند ودركار من عنايت نيود طاعت ديرينه من زلت شمردند من لم يكن للوصال اهلا ... فكل احسانه ذنوب ومن هنا يعرف سر قول الشيخ سعدى هركه در سايه عنايت اوست ... كنهش طاعتست ودشمن دوست { واللّه بما تعلمون } مطلقا { بصير } فيجازيكم بذلك فاختاروا منه ما يجديكم من الايمان والطاعة واياكم وما يرديكم من الكفر والعصيان قال القاسم رحمه اللّه خاطبهم مخاطبة حال كونهم ذرا فسماهم كافرين ومؤمنين فى ازله واظهرهم حين اظهرهم على ما سماهم وقدر عليهم فأخبر بأنه علم ما يعملونه من خير وشر . واعلم ان اللّه تعالى يعلم لكنه يحلم ويقدر لكنه يغفر الا ان من أقصته السوابق لم تدنه الوسائل ومن اقعده جده لم ينفعه كده قيل ان بعض الاكابر بلغه أن يهوديا أوصى أن يحمل من بدله اذا مات ودفين فى بيت المقدس فقال ايكابر الازل أما علم انه لو دفن فى فراديس العلى لجاءت جهنم بأنكالها وحملته الى نفسها والناس على اربعة اقسام اصحاب السوابق وهم الذين تكون فكرتهم ابدا فيما سبق لهم م اللّه لعلمهم ان الحكم الازلى لا يتغير باكتساب العبيد واصحاب العواقب وهم الذين يكفرون ابدا فيما يختم به امرهم فان الامور بخواتمها والعاقبة مستورة ولهذا قيل لا يغرنكم صفاء الاوقات فان تحتها غوامض الآفات واصحاب الوقت وهم الذين لا يتفكرون فى السوابق ولا فى اللواحق اى العواقب بل يشتغلن بمراعاة الوقت وادآء ما كلفوا من احكام ولهذا قيل الارف ابن وقته وقيل الصوفى من لا ماضى له ولا مستقبل ( وفى المثنوى ) صوفى ابن الوقت باشد اى رفيق ... نيست فردا كفتن از شرط طريق والقسم الرابع هم الذين غلب عليهم ذكر الحق فهم مشغولون بشهود الوقت عن مراعاة الوقت وفى الآية اشارة الى هويته المطلقة عن النسب والاضافات خلقكم اى تجلى لتعيناتكم الجنسة والنوعية والشخصية من غير تقييد وانحصار فمنكم اى فمن بعض هذه التعينات كافر يسر الحق المطلق بالحق المقيد ويقول بالتفرقة دفاعا لطعن الطاعن ومن بعض هذه التعينات مؤمن يؤمن بظهور الحق فى خلل ويستر الخلق بالحق ويقول بالجميعة تأنيسا للمكاشفين بالحقائق واللّه بما تعملون بصير من ستر الحق بالخلق دفعا للطاعن ومن ستر الخلق بالحق تأنيسا للطالب الواجد. |
﴿ ٢ ﴾