سُورَةُ الطَّلَاقِ مَدَنِيَّةٌ

وَهِيَ اثْنَتَا عَشَرَةَ آيَةً

١

{ يا ايها النبى اذا طلقتم النساء } التطليق طلاق دادن يعنى عقده نكاح راحل كردن وكشادن . قال فى المفردات اصل الطلاق التخلية من وثاق ويقال اطلقت البعير من عقاله وطلقته وهو طالق وطلق بلا قيد ومنه استعير طلقت المرأة اذا خليتها فهى طالب اى مخلاة عن حبالة النكاح انتهى والطلاق اسم بمعنى التطليق كالسلام والكلام بمعنى التسليم والتكليم وفى ذلك قالوا المستعمل فى المرأة لفظ التطليق وفى غيرها لفظ الاطلاق حتى لو قال اطلقتك لم يقع الطلاق ما لم بنوا ولو قال طلقتك وقع نوى او لم ينوى والمعنى اذا اردتم تطليق النساء المدخول بهن المعتدات بالاقرآء وعزمتم عليه بقرينة فطلقوهن فان الشئ لا يترتب على فنسه ولا يؤمر أحد بتحصيل الحاصل ففيه تنزيل المشارف للشئ فان الشئ لا يترتب على نفسه ولا يؤمر احد بتحصيل الحاصل ففيه تنزيل المشارف للشئ منزلة الشارع فيه والظهر انه من ذكر السبب وارادة المسبب وتخصيص الندآء به عليه السلام مع عموم الخطاب لأمته ايضا لتحقيق انه المخاطب حقيقة ودخول فى الخطاب بطريق استتباعه عليه السلام اياهم وتغليبه عليهم ففيه تغليب المخاطب على الغائب والمعنى اذا طلقت انت وامتك وفى الكشاف خص النبى بالندآء وعم بالخطاب لان النبى امام امته وقدوتهم كما يقال لرئيس القوم وكبيرهم يا فلان افعلوا كيت وكيت اظهار التقدمه واعتبار لترؤسه وانه لسان قومه فكأنه هو وحده فى حكم كلهم لصدورهم عن رأيه كما قال البقلى اذا خاطب السيد بان شرفه على الجمهور اذ جمع الجميع فى اسمه ففيه اشارة الى سر الاتحاد وفى كشف السرار فيه اربعة اقوال احدها انه خطاب للرسول وذكر بلفظ الجمع تعظيما كما يخاطب الملوك بلفظ الجمع والثانى انه خطاب له والمراد امته والثالث ان التقدير يا أيها النبى والمؤمنون اذا طلقتم فحذف لان الحكم يدل عليه والرابع معناه يا أيها النبى قل للمؤمنين اذا طلقتم انتهى.

يقول الفقير هذا الاخير انسب بالمقام فيكون مثل قوله يا أيها النبى قل لازواجك قل للمؤمنين قل للمؤمنات ولان النبى عليه السلام وان كان اصيلا فى المأمورات كما ان امته اصيل فى المنهيات الا ان الطلاق لما كان ابغض المباحات الى اللّه تعالى كما سيجيئ كان الاولى أن يسند التطليق الى امته دونه عليه السلام مع انه عليه السلام قد صدر منه التطليق فانه طلق حفصة بنت عمر رضى اللّه عنهما واحدة فلما نزلت الآية راجعها وكانت علامة كثرة الحديث قريبا منزلتها من منزلة عائشة رضى اللّه عنهما فقيل له عليه السلام راجعها فانها صوامة قوامة وانها من نسأئك فى الجنة حكاه الطبرى وفى الحديث بيان فضل العلم وحفظ الحديث ومحبة اللّه الصيام والقيام وكرامة اهلهما عنده تعالى.

وآورده اندكه عبد اللّه بن عمر رضى اللّه عنهما زن خودرا درحال حيض طلاق اد حضرت رسالت فرمود تارجوع كندو آنكاه كه از حيض باك شود اكرخواهد طلاق دهدو درين باب آيت آمد . والقول الاول هو الامثل والاصح فيه انه بيان لشرع مبتدأ كما فى حواشى سعدى المفتى

{ فطلقوهن لعدتهن } العدة مصدر عده يعده وسئل رسول اللّه عليه السلام متى تكون القيامة قال ( اذا تكاملت العدتان ) اى عدة اهل الجنة وعدة اهل النار اى عددهم وسمى الزمان الذى تتربص فيه المرأة عقيب الطلاق او الموت عدة لانها تعد الايام المضروبة عليها وتنتظرأ وان الفرج الموعود لها كما فى الاختيار والمعنى فطلقوهن مستقبلات لعدتهن متوجهات اليها وهى الحيض عند الحنفية فاللام متعلقة بمحذوف دل عليه معنى الكلام والمرأة اذا طلقت فى طهر يعقب القرء الاولى من اقرآئها فقد طلقت مستقبلة عدتها والمراد أن يطلقن فى طهر لم يقع فيه جماع ثم يخلين حتى تنقضى عدتهن وهذا احسن الطلاق وأدخله فى السنة وابعده من الندم لانه ربما ندم فى ارسال الثلاث دفعة فالطلاق السنى هو ان يكون فى طهر لم يجامعها فيه وان يرفق الثلاث فى الاطهار الثلاثة وأن يطلقها حاملا فانها اذا على طهر ممتد فتطليقها حلال وعلى وجه السنة والبدعى على وجوه ايضا منها أن يكون فى طهر جامع فيه لما فيه من تطلويل العدة ايضا على قول من يجعل العدة بالاطهار وهو الشافعى حيث ان بقية الطهر لا تحتسب من العدة ومنها ما كان فى الحيض او النفاس لما فيه من تطيل العدة ايضا على قول من يجعل العدة بالحيض وهو ابو حنيفة رحمه اللّه لان بقية الحيض لا تحتسب الا أن مما لا يلزمها العدة بالقرآء فان طلاقها لا يتقيد بزمان دون زمان ومنها ما كان بجمع الثلاث اى ان يطلقها ثلاثا دفعة او فى طهر واحدة متفرقة ويقع الطلاق المخالف للسنة فى قول عامة الفقهاء وهو مسيئ بل آثم ولذا كان عمر رضى اللّه عنه لا يؤتى برجل طلق امرأته ثلاثا الا اوجعه ضربا وطلق رجل امرأته ثلاثا بين يديه عليه السلام فقال ( اتلعبون بكتاب اللّه وانا بين اظهركم ) اى مقيم بينكم وفيه اشارة الى ان ترك الأدب فى حضور الاكابر افحش ينبغى أن يصفع صاحبه اشد الصفع وقال الشافعى اللام فى لعدتهن متعلقة بطلقوهن لانها للتوقيت بمعنى عند أوفى فيكون المعنى فى الوقت الذى يصلح لعدتهن وهو الطهر وقال ابو حنيفة رحمه اللّه الطلاق فى الحيض ممنوع بالاجماع فلا يمكن جعلها للتوقيت فان قلت قوله اذا طلقتم النساء عام يتناول المدخول بهن وغير المدخول بهن من ذوات الاقرآء واليائسات والصغائر والحوامل فكيف صح تخصيصه بذوات الاقرآء المدخول بهن قلت لا عموم ثمة ولا خصوص ولكن النساء اسم جنس للاناث من الانس وهذه الجنسية معنى قائم فى كلهن وفى بعضهن فجاز أل يراد بالنساء هذا وذاك فلما قيل فطلقوهن لعدتهن علم انه اطلق على بعضهن وهن المدخول بهن من المعتدات بالحيض فان قلت الطلاق موقوف على النكاح سابقا او لاحقا والنكاح موقوف على الرضى من المنكوحة او من وليها فيلزم أن يكون الطلاق موقوفا على الرضى بالنكاح وهو واقع غير باطل لا موقوفا على الرضى نفسه الى هو الباطل الغير الواقع فتكفر.

واعلم ان النكاح والطلاق امران شرعيان من الامور الشرعية العادية لهما حسن موقع وقبح موقع بحسب الاحوال والاوقات وقد طلق عليه السلام حفصة رضى اللّه عنه تطليقة واحدة رجعية كما سبق وكذا تزوج سودة بنت زمعة بمكة بعد موت خديجة رضى اللّه عنها وقبل العقد على عائشة رضى اللّه عنها ثم طلقها بالمدينة حين دخل عليها وهى تبكى على من قتل من اقاربها يوم بدر فاستشفعت الى النبى عليه السلام ووهبت يومها لعائشة فراجعها فان قلت كيف فعل رسول اللّه ذلك وقد قال ( ابغض الحلال الى اللّه الطلاق ) وقال عليه السلام ( يا معاذ ما خلق اللّه شيأ على وجه الارض احب اليه من العتاق خلق اللّه شيأ ابغض اليه من الطلاق ) وذلك لان النكاح يؤدى الى الوصال والطلاق يؤدى الى الفراق واللّه يحب الوصال ويبغض الفراض لا شمس ليوم الفراق ولا ا لليلة القطيعة.

رابعه عدويه كفته كه كفر طعم فراق دارد وايمان لذت وصال.

وقس عليه الانكار والاقراره وآن طعم واين لذت فرادى قيامت بديد آيدكه دران صحراى هببت وعرصه سياست قومى را كويند فراق لا وصال وقمى راكويند وصال لا نهاية له

سوختكان فراق همى كويند ... فراق او ززمانى هزار روز آرد

بلاى اوزشبى هم هزار سال كند ... افروختكان وصال همى كويند

سرابرده وصلت كشيد روزنواخت ... بطبل رحلت برزد فراق يار دوال

وفى الحديث ( تزوجوا ولا تطلقوا فان الطلاق يهتز منه العرش ) وعنه عليه السلام ( لا تطلقوا النساء الا من ريبة فان اللّه لا يحب الذواقين والذواقات ) وعنه عليه السلام ( ايما امرأة سألت زوجها طلاقا فى غير ما باس فحرام عليها رآئحة الجنة ) قلت يحتمل أن يكون فى ذلك حكمة لا نطلع عيلها بعد ان علمنا انه عليه السلام نبى حق لا يصدر منه ما هو خلاف الحق وقد دل الحديث الآخر ان النهى انما يكون عما لاوجه فيه وأن يكون لاظهار جواز الطلاق والرجعة منه كما وجهوا بذلك ما وقع من غلبة النوم عليه وعلى اصحابه ليلة التعريس الى أن طلعت الشمس وارتفعت بمقدار فان بذلك علم شرعية القضاء وأن يصلى بالجماعة وأن يصدر منه عليه السلام الاحاديث المذكورة بعد ما وقع قضية حفصة وسودة رضى اللّه عنهما وان يكون من قبيل ترك الاولى وقد جوزوا ذلك للانبياء عليهم السلام فان قلت لعل ما فعله اولى من وجه وان كان ما امر اللّه به اولى من وجه آخر قلت لا شك ان ما امر اللّه به كان ارجح وترك الارجح ترك الاولى هذا ولعل ارجحية المراجعة فى وقت لا تقتضى ارجحية ترك الطلاق على فعله فى وقت آخر لان فى كل وقت احتمال ارجحية امر اللّه اعلم.

يقول الفقير امده اللّه القدير ان النبى عليه السلام كان قد حبب اليه النساء لما يحب فى النكاح من ذوق القربة والوصلة فالنكاح اشارة الى مقام الجمع الذى هو مقام الاولوية كما دل عليه قوله عليه السلام ( أرحمنى يا بلال ) والطلاق اشارة الى مقام الفرق الذى هو مقام النبوة كما دل قوله عليه السلام ( كلمينى يا حميرآء ) فالاول وصل الفصل والثانى فصل الوصل وان كان عليه السلام قد جمع بين الفصل والوصل والفرق والجمع فى مقام واحد وهو جمع الجمع كما دل عليه قوله تعالى ألم نشرح لك صدرك

{ واحصوا العدة } الاحصاء دانستن وشمردن برسبيل استقصاء . اى واضبطوها بحفظ الوقت الذى وقع فيه الطلاق واكملوها ثلاثة اقرآء كوامل لا نقصان فيهن اى ثلاث حيض كما عند الحنفية لان الغرض من العدة استبرآء الرحم وكماله بالحيض الثلاث لا بالاطهار كما يغسل الشئ ثلاث مرات لكمال الطهارة والمخاطب بالاحصاءهم الازواج لا الزوجات ولا المسلمون ولا يلزم تفكيك الضمائر ولكن الزوجات داخلة فيه بالالحاق وقال ابو الليث امرالرجال بحفظ العدة لان فى النساء غفلة فربما لا تحفظ عدتها واليه مال الشفى حيث قال وشمار كنيد اى مردان عدت زنانرا كه ايشان ازضبط عاجزند يا ازا حصاى آن غافل . فالزوج يحصى ليتمكن من تفريق الطلاق على الاقرآء اذا أراد أن يطلق ثلاثا فان ارسال الثلاث فى طهر واحد مكروه عن أبى حنيفة واصحابه وان كان لا بأس به عند الشافعى وأتباعه حيث قال لا اعرف فى عدد الطلاق سنة ولا بدعة وهو مباح وليعلم بقاء زمان الرجعة ليراجع ان حدثت له الرغبه فيها وليعلم زمان وجوب الانفاق عليه وانقضائه وليعلم انها هل تستحق عليه أن يسكنها فى البيت اوله أن يخرجها وليتمكن من الحاق نسب ولدها به وقطعه عنه قالوا وعلى الرجال فى بعض المواضع العدة ( منها انه اذا كان للرجل اربع نسة فطلق احداهن لا يحل له أن يتزووج بامرأة اخرى ما لم تنقض عدتها ومنها انه اذا كان له امرأة ولها اخت فطلق امرأته لا يحل له أن يتزوج باختها ما دامت فى العدة ) ومنها انه اذا اشترى جارية لا يحل له أن يقربها ما لم يستبرئها بحيضة ( ومنها انه ان تزوج حربية لا يحل له أن يقربها ما لم يتبرئها بحيضة ومنها انه اذا بلغ المرأة وفاة زوجها فاعتدت وتزوجت وولدت ثم جاء زوجها الاول فهى امرأته لانها كانت منكوحته ولم يعترض شئ من اسباب الفرقة فبقيت على النكاح السابق ولكن لا يقربها حتى تنقضى عدتها من النكاح الثانى ووجوب العدة لا يتوقف على صحة النكاح اذا وقع الدخول بل تجب العدة فى صورة النكاح الفاسد ايضا على تقدير الدخول ) ومنها انه اذا تزوج حربية مهاجرة الى دارا بأمان وتركت زوجها فى دار الحرب فلا تحل له ما لم يستبرئها بحيضة عند الامامين وقال ابو حنيفة لا يجب عليه العدة ( ومنها انه اذا تزوج امرأة حاملا لا يحل له ان يطأها حتى تضع الحمل ) ومنها انه اذا تزوج بامرأة وهى حائض لا يحل له ان يقربها حتى تتطهر من حيضها ومنها انه اذا تزوج بامرأة نفساء لا يحل له ان يقربها حتى تتطهر من نفساها ومنها انه اذا زنى بامرأة ثم تزوجها لا يحل له ان يقربها ما لم يستبرئها بحيضة

{ واتقوا اللّه ربكم } فى تطويل العدة عليهن والاضرار بهن بايقاع طلاق ثان بعد الرجعة فالامر بالتقوى متعلق بما قبله وفى وصفه تعالى بربوبيته لهم تأكيد للامر ومبالغة فى ايجاب الاتقاء والتقوى فى الاصل اتخاذ الوقاية وهى ما يقى الانسان مما يكرهه ويؤمل ان يحفظه ويحول بينه وبين ذلك المكروه كالترس ونحوه ثم استعير فى الشرع لاتخاذ ما يقى العبد بوعد اللّه ولطفه من قهره ويكون سببا لنجاته من المضار الدآئمة وحياته بالمنافع القائمة وللتقوى فضائل كثيرة ومن اتقى اللّه حق تقواه فى جميع المراتب كوشف بحقائق البيان فلا يقع له فى الاشياء شك ولا ريب

{ لا تخرجوهن } بيرون كنيد زنان مطلقه

{ من بيوتهن } من مساكنهن التى يسكنها قبل العدة اى لا تخرجوهن من مساكنكم عند الفراق الى ان تنقضى عدتهن وانما اضيفت اليهن مع انها لا زواجهن لتأكيد النهى ببيان كمال استحقاقهن لسكناها كأنها املاكهن وفى ذكر البيوت دون الدار اشارة الى ان اللازم على الزوج فى سكناهن ما تحصل المعيشة فيه لان الدار ما يشتمل البيوت

{ ولا يخرجن } ولو باذن منكم فان الاذن بالخروج فى حكم الاخراج ولا اثر عندنا لاتفاقهما على الانتقال لان وجوب ملازمة مسكن الفراق حق الشرع ولا يسقط باسقاط العبد كما قال فى الكشاف فان قلت ما معنى الاخراج وخروجهن قلت معنى الاخراج اى لا يخرجهن البعولة غضبا عليهن وكراهة لمساكنتهن او لحاجة لهم الى المساكن وان لا يأذنوا فهن فى الخروج اذا طلبن ذلك ايذانا بأن اذنهم لا اثر له فى دفع الحظر ولا يخرجن بأنفسهن ان اردن ذلك انتهى فان خرجت المعتدة لغير ضرورة او حاجة اثمت فان وقعت ضرورة بأن خافت هدما او حرقا لها ان تخرج الى منزل آخر وذكل ان كانت لها حاجة من بيع غزل او شرآء قطن فيجوز لها الخروج نهارا لا ليلا كما فى كشف الاسرار

{ الا ان يأتين بفاحشة مبينة } اى الزنى فيخرجن لاقامة الحد عليهن ثم يعدن وبالفارسية مكر بيارند كردار ناخوش كه روشن كننده حالزنان بود دربد كردارى.

وقال بعضهم مبينة هنا بالكسر لازم بمعنى بين متبينة كمين من الابانة بمعنى بين والفاحشة ما عظم قبحه من الافعال والاقوال وهو الزنى فى هذا المقام

وقيل البذآء بالمد وهو القول القبيح واطالة اللسان فانه فى حكم النشور فى اسقاط حقهن فالمعنى الا ان يبذون على الازواج واقاربهم كالأب والأخ فيحل حينئذ اخراجهن وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما هو كل معصية وهو استثناء من الاول اى لا تخرجوهن فى حال من الاحوا لالا حال كونهن آتيان بفاحشة او من الثانى للمبالغة فى النهى عن الخروج ببيان ان خروجها فاحشة اى لا يخرجن الا اذا ارتكبن الفاحشة بالخروج يعنى ان من خرجت اتت بفاحشة كما يقال لا تكذب لا ان تكون فاسقا يعنى ان تكذب تكن فاسقا

{ وتلك } الاحكام

{ حدود اللّه } الى عينها لعباده والحد الحاجز بين الشيئين الذى يمنع اختلاط احدهما بالآخر

{ ومن يتعد } اصله يتعدى فحذفت اللام بمن الشرطية وهو من التعدى المتعدى بمعنى التجاوز أى ومن يتجاوز

{ حدود اللّه } حدوده المذكورة بأن أخل بشئ منها على ان الاظهار فى حيز الاضمار لتهويل امر التعدى والاشعار بعلية الحكم فى قوله تعالى

{ فقد ظلم نفسه } اى اضربها قال البقلى قدس سره ان اللّه حد الحدود بأوامره ونواهيه لنجاة سلاكها فاذا تجاوزوا عن حدوده يسقطون عن طريق الحق ويضلون فى ظلمات البعد وهذا اعظم الظلم على النفوس اذ منعوها من وصولها الى الدرجات والقبى

قال بعضهم التهاون بالامر من قلة المعرفة بالآمر فلا بد من الخوف او الرجاء او الحياء او العصمة فى علم اللّه فهى اسباب اربعة لا خامس لها حافظة من الوقوع فيما لا ينبغى فمن ليس له واحد من هذه الاسباب وقد وقع فى المعصية وظلم النفس فالكامل يعطى نفسه حقها ظاهرا وباطنا ولا يظلمها ( حكى ) ان معروف الكرخى قدس سره رأى جارية من الحور العين فقال لمن انت يا جارية فقالت لمن لا يشرب الماء المبرد فى الكيزان وكان قد برد له كوز ماء لشريه فتناولت الحورآء الكوز فضربت به الارض فكسرته قال السرى السقطى رحمه اللّه ولقد رأيت قطعه فى الارض لم ترفع حتى عفا عليها التراب فكانت الحورآء لمعروف حين امتنع من شرب الماء المبرد وكانت جزآء له فى اعطائه نفسه حقها فان فى جسده من يطلب ضد الجارية ونحوها فلا بد من اعطاء كل ذى حق حقه

لا تدرى تعليل لمضمون الشرطية اى فانك ايها المتعدى لا تدرى عاقبة الامر وقال بعضهم لا تدرى نفس { لعل اللّه } شايد خدى تعالى

{ يحدث } يوجد فى قلبك فان القلوب بين اصبعين من اصابع اللّه يقلبها كيف يشاء والحدوث كون الشئ بعد ان لم يكن عرضا كان ذلك او جوهرا او احداثه ايجاده

{ بعد ذلك } الذى فعلت من التعدى

{ امرا } يقتضى خلاف ما فعلته فيبدل ببغضها محبة وبالاعراض عنها اقبالا اليها ولا يتسنى تلافيه برجعة او استئناف نكاح فالامر الذى يحدث اللّه تعالى ان يقلب قلبه عما فعله بالتعدى الى خلافه فالظلم عبارة عن ضرر دنيوى يلحقه بسبب تعديه ولا يمكن تداركه او عن مطلق الضرر الشامل للدنيوى والاخروى ويخص التعليل بالدنيوى ليكون احتراز الناس منه اشد واهتمامهم بدفعه اقوى وفى الآية دلالة على كراهة التطليق ثلاثة بمرة واحدة لان احداث الرجعة لا يكون بعد الثلاث ففى الثلاث عون للشيطان وفى تركها رغم له فان الطلاق من اهم مقاصده كما روى مسلم من حديث جابر رضى اللّه عنه قال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول

( ان عرش ابليس على البحر فيبعث سراياه ) اى جنوده واعوانه من الشياطين ( فيفتنون الناس فاظمهم عنده الاعظم فتنة يجيئ احدهم فيقول فعلت كذا وكذا فيقول ما صنعت شيأ ثم يجيئ احدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته فيدينه منه ويقول نعم انت اى نعم المضل او الشرير ) انت فيكون نعم بكسر النون فعل مدح حذفا لمخصوص به او نعم انت ذاك الذى يستحق الاكرام فيكون بفتح النون حرف ايجاب.

﴿ ١