٦ { يا ايها الذين آمنوا قوا انفسكم } امر من الوقاية بمعنى الحفظ والحماية والصيانة اصله او قيوا كاضربوا والمراد بالنفس هنا ذات الانسان لا النفس الامارة والمعنى احفظوا وبعدوا أنفسكم وبالفارسية نكاه داريد نفسهاى خودرا ودور كنيد . يعنى بترك المعاصى وفعل الطاعت { وأهليكم } بالنصح والتأديب والتعليم اصله أهلين جمع اهل حذفت النون بالاضافة وقد يجمع على اهالى على غير قياس وهو كل من فى عيال الرجل والنفقته من المرأة والولد والأخ والاخت والعم وابنه والخادم ويفسر بالاصحاب ايضا ودلت الآية على وجوب الأمر بالمعروف للأقرب فالأقرب وفى الحديث ( رحم اللّه رجلا قال يا أهلاه صلاتكم صيامكم زكاتكم مسكينكم يتيمكم جيرانكم لعل اللّه يجمعكم معهم فى الجنة ) وفى الحديث ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) وهو من الرعاية بمعنى الحفظ يعنى كلكم ملتزم بحفظ ما يطالب به من العدل ان كان وليا ومن عدم الخيانة ان كان موليا عليه وكلكم مسئول عما التزم حفظه يوم القيامة فالامام على الناس راع والرجل راع على أهل بيته والمرأة راعية على بيت زوجها وولد وعبد الرجل راع على مال سيده والكل مسئول وقيل أشد الناس عذابا يوم القيامة من جهل اهله وخص الأهلين بالنصيحة مع ان حكم الاجانب كحكمهم فى ذلك لان الاقارب اولى بالنصيحة لقربهم كما قال تعالى قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وقال تعالى وانذر عشيرتك الاقربين ولان شرآئط الامر والنهى قد لا توجد فى حق الاجانب بخلاف الاقارب لا سيما الاهل فان الرجل سلطان اهله وقال بعض اهل الشارة فى الآية طهروا أنفسكم عن دنس محبة الدنيا حتى تكون اهاليكم صالحين بمتابعتكم فاذا رغبتم فى الدنيا فهم يشتغلون بها فان زلة الامام زلة المأمومين وقال القاشانى رحمه اللّه الأهل بالحقيق هو الذى بينه وبين الرجل تعلق روحانى واتصال عشقى سوآء اتصل به اتصالا جسمانيا ام لا وكل ما تعلق به تعلقا عشقيا فبالضرورة يكون معه فى الدنيا والآخرة فوجب عليه وقايته وحفظه من النارى كوقاية نفسه فان زكى نفسه عن الهيئات الظلمانية وفيه ميل ومبحة لبعض النفوس المنغمسة فيها لم يزكها بالحقيقة لانه بتلك المحبة ينجذب اليها فيكون معها فى الهاوية محجوبا بها سوآء كانت قواه الطبيعية الداخلة فى تركيبه ام نفوسا انسانية منتكسة فى عالم الطبيعة خارجة عن ذاته ولهذا يجب على الصادق محبة الاصفياء والاولياء ليحشر معهم فان المرء يحشر مع من احب { نارا } نوعا من النار { وقودها } ما يوقد به تلك النار يعنى حطبها وبالفارسية آتش انكيزوى. فالوقود بالفتح اسم لما توقد به النار من الحطب وغيره والوقود بالضم مصدر بمعنى الانقاد وقرئ به بتقدير اسباب وقودها او بالحمل على المبالغة { الناس } كفار الانس والجن وانما لم يذكر الجن ايضا لان المقصود فى الآية تحذير الانس ولان كفار الجن تابعة لكفار النس لان التكذيب انما صدر اولا من الانس { والحجارة } اى تتقد بها ايضا اتقاد غيرها بالحطب ففيه بيان لغاية احراقها وشدة قوتها فان انقاد النار بالحجارة مكان الحطب من الشجرة يكون من زيادة حرها ولذلك قال عليه السلام باركم جزء من سبعين جزأ من نار جهنم وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما هى حجارة الكبريت وهى اشد الاشياء حرا اذا اوقد عليها ولها سرعة الاتقاد ونتن الرآئحة وكثرة الدخان وشدة الالتصاق بالابدان فيكون العذاب بها اشد وقيل وقودها الناس اذا صاروا اليها ولحجارة قبل أن يصيروا اليها ( قال الكاشفى ) تابتان سنكين كه كفارمى برستند. دليله قوله تعالى انكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنم وقرن الناس بالحجارة لانهم نحتوها واتخذوها اربابا من دون اللّه يا كنجهاى زروسيم كه منشأ آن سنكست زدوسيمند سنك زرد وسفيد ... اندرين سنكها مينداميد دلى ازسنك سختتربايد ... كه زسمكيش راحت افزايد دل ازين سنك اكرتوبرنكنى ... سرز حسرت بسى بسنك زنى وقيل أراد بالحجارة الذين هم فى صلابتهم عن قبول الحق كالحجارة كمن وصفهم بقوله فهى كالحجارة او اشد قسوة كما قال فى التأويلات النجمية يا أيها الذينان آمنوا بالايمان العلمى قوا أنفسكم واهليكم من القوى الروحانية نار حجاب البعد والطرد التى يوقدها حطب وجود الناسين ميثاق ألست بربكم قالوا بلى وحجارة قلوبهم القاسية وهم الصفات البشرية الطبيعية الحيوانية البهيمية السبعة الشيطانية انتهى وامر اللّه المؤمنين باتقاء هذه النار المعدة للكافرين كما نص عليه فى سورة البقرة حيث قال فان لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التى وقودها الناس والحجارة اعدت للكافرين للمبالغة فى التحذير ولان الفساق وان كانت دركاتهم فوق دركات الكفار فانهم تبع للكفار فى دار واحد فقيل للذين آمنوا قوا أنفسكم باجبناب الفسوق مجاورة الذين اعدت لهم هذه النار اصالة ويبعد أن يأمرهم بالتوقى عن الارتداد كما فى التفسير الكبير { عليها } اى على تلك النار العظيمة { ملائكة } تلى امرهم وتعذيب اهلها وهم الزبانية التسعة عشر واعوانهم فليس المراد بعلى الاستعلاء الحسى بل الولاية والقيام والاستيلاء والغلبة على ما فيها من الامور قال القاشانى هى القوى السماوية والملكوتيه الفعالة فى الامور الارضية التى هى روحانيات الكواكب السبعة والبروج الاثنى عشر المشار اليها بالزبانية التسعة عشر وغيرها من المالك الذى هو الطبيعة الجسمانية الموكلة بالعالم السفلى وجميع القوى والملكوت المؤثرة فى الاجسام التى لو تجردت هذه النفوس الانسانية عنها ترقت من مراتبها والصلب بعالم الجبروت وصارت مؤثرة فى هذه القوى الملكونية ولكنها لما انغمست فى الامور البدنية وقرنت أنفسها بالاجرام الهيولانية المعبر عنها بالحجارة صارت متأثرة منها محبوسة فى اسرها معذبة بأيديها { غلاظ } غلاظ القلوب بالفارسية سطبر جكران. جمع غليظ بمعنى خشن خال قلبه عن الشفقة والرحمة { شداد } شداد القوى جمع شديد بمعنى القوى لانهم اقوياء لا يعجزون عن الانتقام من اعدآء اللّه على ما مروا به وقيل غلاظ الاقوال شداد الافعال اقوياء على الافعال الشديده يعملون بأرجلهم كما يعملون بأيديهم اذا استرحموا لم يرحموا لانهم خلقوا من الغضب وجبلوا على القهر لا لذة لهم الا فيه فمقتضى جبلتهم تعذيب الخلق بلا مرحكمة كام ان مقتضى الحيوان الاكل والشرب ما بين منكى احدهم مسيرة سنة او كما بين المشرق والمغرب بضرب احدهم بمقمعته ضربة واحدة سبعين ألفا فيهوون فى النار { لا يعصون اللّه ما امرهم } اى امره فى عقوبة الكفار وغيرها على انه بدل اشتمال من اللّه وما مصدرية او فيما امرهم به على نزع الخافض وما موصولة اى لا يمتنعون من قبول الامر ويلتمزنه ويعزمون على اتيانه فليست هذه الجملة مع التى بعدها فى معنى واحد ( وقال الكاشفى ) برشوت فرفته نشوند تامخالفت امربايد كرد ... كأعوان ملوك الدنيا يمتنعن بالرشوة { ويفعلون ما يؤمرون } اى يؤدون ما يؤمرون به من غير تثاقل وتوان وتأخير وزيادة ونقصان وقال القاضى لا يعصون اللّه ما امرهم فيما مضى ويستمرون على فعل ما يؤمرون به فى المستقبل قال بعضهم لعل التعبير فى الامر اولا بالماضى مع نفى العصيان بالمستقبل لما ان العصيان وعدمه يكونان بعد الامر وثانيا بالمستقبل لما امرهم بعذاب الاشقياء يكون مرة بعد مرة قال بعض الكبار فى هذه الآية دليل على عصمة جميع الملائكة السماوية وذلك لانهم عقول مجردة بلا منازع ولا شهوة فيهم مطيعون بالذات بخلاف البشر والملائكة الى السماء ابدا كما ان منهم من لا ينزل من السماء الى الارض ابدا وفيها دليل ايضا على انه لا نهى عند هؤلاء الملائكة فلا عبادة للنهى عندهم ففاتهم اجر ترك المنهيات بخلاف الثقلين وملائكة الارض فانهم جمعوا بين اجر عبادة الامر واجر اجتناب النهى قال الكرمانى فى شرح البخارى ان قلت التروك ايضا عمل لان الاصح ان الترك كف النفس فيحتاج الى النية قلت نعم اذا كان المقصود امثال امر الشارع وتحصيل الثواب اما فى اسقاط العقاب فلا فالتارك للزنى يحتاج فيه لتحصيل الثواب الى النبة وما اشتهر ان التروك لا تحتاج اليها يريدون به فى الاسقاط يعنى لو أريد بالتروك وتحصيل الثواب وامتثال امر الشارع لا فيه من قصد الترك امتثالا لامر الشارع فتارك الزنى ان قصد تركه امتثال الا مريثات |
﴿ ٦ ﴾