سُورَةُ الْمُلْكِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ ثَلاَثُونَ آيَةً

١

{ تبارك الذى بيده الملك } البركة النماء والزيادة حسبة او عقلية ونسبتها الى اللّه تعالى باعتبار تعاليه عما سواه فى ذاته وصفاته واقعاله يعنى لن البركة تتضمن معنى الزيادة وهى تقتضى التعالى عن الغير كام قال ليس كمثله شئ اى فى ذاته لوجوب وجوده وفى صفاته وافعاله لكماله فيهما

واما قوله تخلقوا باخلاق اللّه فباعتبار اللوازم وبقدر الاستعداد لا باعتبار الحقيقة والكنة فان الاتصاف بها بهذا الاعتبار مخصوص باللّه تعالى فأين احياء عيسى عليه السلام الاموات من احياء اللّه تعالى فانه من اللّه بدعائه فالمعجزة استجابة مثل هذا الدعاء ومظهريته له بقدر استعداده وبهذا التقرير ظهر معنى قول بعض المفسرين تزايد فى ذلة فان التزايد فى ذاته لا يكون الا باعتبار تعاليه بوجوده الواجب وتنزهه عن الفناء والتغير والاستقلال وصيغة تبارك بالدلالة على غاية الكمال وانبائها عن نهاية التعظيم لم يجز استعمالها فى حق غيره سبحانه ولا استعمال غيرها من الصيغ مثل يتبارك فى حقه تبارك وتعالى واسنادها الى الموصول للاستشهاد بما فى حيز الصلة على تحقق مضمونها والموصولات معارف ولا شك ان المؤمنين يعرفونه بكون الملك بيده

واما غيرهم فهم فى حكم العارفين لان الأدلة القطعية لما دلت على ذلك اكن فى قوة المعلوم عند العاقل واليد مجاز عن القدرة التامة والاستيلاء الكامل لما ان اثرها يظهر فى الاكثر من اليد يقال وفلان بيده الامر والنهى والحل والعقد أى له القدرة الغالبة والتصرف العام والحكم النافذ ( قال الحكيم السنائى ) يد اوقدر تست ووجه بقاش

آمدن حكمش ونزول عطاش ... اصبعينش نفاذ حكم قدر

قد مينش جلال وقهر وخطر ... وفى عين المعانى اليد صلة والقدرة والمذهب انها صفة له تعالى بلا تأويل ولا تكييف والملك بمعنى التصرف والسلطنة واللام للاستغراق ولذا قال فى كشف الاسرار ملك هجده خزار عالم بدست اوست.

والمعنى تعالى وتعاظم بالذات عن كل ما سواه ذاتا وصفة وفعلا الذى بقبصة قدرته التصرف الكلى فى كل الامور لا بقبضة غيره فيأمر وينهى ويعطى ويمنع ويحيى ويميت ويعز ويذل ويفقر ويغنى ويمرض ويشفى ويقرب ويبعد ويعمر ويحرب ويفرق ويصل ويكف ويحجب الى غير ذلك من شؤون العظمة وآثار القدرة الالهية والسلطنة الازلية والابدية وقال بعضهم البركة كثرة الخير ودوامه فنسبتها الى اللّه تعالى باعتبار كثرة ما يفيض منه على مخلوقاته من فنون الخيرات اى تكاثر خير الذى بيده الملك وتزايد نعمه واحسانه كما قال تعالى وان تعدوا نعمة اللّه تحصوها قال الراغب البركة ثبوت الخير الالهى فى الشئ والمبارك ما فيه ذلك الخير ولما كان الخير الالهى يصد ر من حيث لا يحس وعلى وجه لا يحصى ولا يحصر قيل لكل ما يشاهد منه زيادة غير محسوسة هو مبارك وفيه بركة والى هذه الريادة أشير بما روى لا ينقص مال من صدقة وقوله تبارك وفيه بركة والى هذه الريادة أشير بما روى لا ينقص مال من صدقة وقوله تبارك الذى جعل فى السماء بروجا تنبيه على ما يفضيه علينا من عمه بوساطة هذه البروج والنيرات المذكورة وكل موضع ذكر فيه لفظة تبارك فهو تنبيه على اختصاصه تعالى بالخيرات المذكورة مع ذكر تبارك ونى الكواشى معنى تبارك تعالى عن صفات المحدثين وجميع المستعمل من ( ب ر ك ) وبعكسه يشتمل على معنى اى ثبت الثبوت الخير فى خرآئن الذى وقال سهل قدس سره تعالى من تعظيم عن الاشباه والاولاد والاضداد واتذاد بيده الملك يقلبه بحوله وقوته يؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء

وقيل يريد به النبوة يعز بها من اتبع ويذل بها من خالف وقال جعفر قدس سره هو المبارك على من انقطع اليه او كان له اى فانه وارث النبىعليه السلام وخليفة وقد قيل فى حقه وبارك عليه وقال القاشانى قدس سيره الملك عالم الاجسام كما ان الملكوت عالم النفوس ولذلك وصف ذاته باعتبار تصريفه فى عالم الملك بحسب مشبئته بالتبارك الذى هو غاية العظمة ونهاية الا زدياد فى العلو والبركة وباعتبار تسخير عالم الملكوت بمقتضى ارادته بالتسبيح الذى هو التنزيه كقوله فسبحان الذى بده ملكوت كل شئ كلا بما يناسب لان العظمة والازدياد البركة تناسب الاجسام والتنزه يناسب المجردات عن المادة وفى الآية اشارة الى ان لملك اذا كان بيده فهو المالك وغيره المملوك فلا للمملوك من خدمة المالك

خدمت اوكن مكروشاهان تراخدمت كنند ... جاكرا وباش تاسلطان ترا كردد غلام

وفى الحدي ... وملك دلها جدا وملك جانها جدا زير انسانيت ملك در دنيا راند انما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة ودل ملك در آخرت راند يحبهم ويحبونه وجان ملك درعالم حقيقت راند وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة آن عزيز راه كويد فردا كه علم كبرياى او بقيامت برايدكه لمن الملك اليوم من ازكوشه دل خويش بدستورى اودرى بر كشايم ودردى ازدردهاى او بيرون دهم تاكرد قيامت برآيد وكويم لمن الملك اكر معترضى براه آيد كويم اوكه جون ما ضعفا ومساكين دارد ميكويد لمن الملك ما جون او ملك جبارى داريم جرانكوييم لمن الملك اكر اوراجون ما بندكانست مارا جون او خمدا ونداست.

ومن هذا البيان يعرف سر قول عين العارفين ابى يزيد البسطامى قدس سره الهى ملكى اعظم من ملكك اى فان ملك العبد القديم وملك الرب هو الحادث فعرف جدا فان هذا المقام من مزالق الاقدام

{ وهو } تعالى وحده

{ على كل شئ } من الاشياء وعلى كل مقدور من الانعام والانتقال وغيرهما

{ قدير } مبالغ فى القدرة عليه ومنتهى الى اقصاصها بتصرف فيها حسبنا تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم البالغة والجملة معطوفة على الصلة مقررة لمضمونها مفيدة لجريان احكام ملكه تعالى فى جلائل الامور ودقائقها

قال بعضهم وهو على كل شئ قدير اى ما يمكن أن تتعلق به المشيئة من المعدومات الممكنة لان الموجود الواجب لا يحتاج فى وجوده الى شئ ويمتنع زواله ازلا وابدا والموجود الممكن لا يراد وجوده اذ هو تحصيل الحاصل والمعدوم الممتنع لا يمكن وجوده فلا تتعلق به المشيئة فتعلق القدرة بالمعدوم باليجاد وبالموجود بالابقاء على ما يشاء فان قرينة القدرة تخص الشئ بالممكن اذ تعلل القدرة به فيقال انه مقدور لانه ممكن ( وفى التأويلات النجمية ) تعالى وتعاظم فى ذاته وصفاته واسمائه وافعاله الذى بيده المطلقة الملأى السحاء سلطنة الوجود المطلق افائق على الوجودات المقيدة وهو أى هويته المطلق ظارة فى كل شئ قادر على كل شئ.

﴿ ١