سُورَةُ الْقَلَمِ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ اثْنَتَانِ وَخَمْسُونَ آيَةً ١ انظر تفسير الآية:٢ ٢ { ن } اى هذه سورة ن او بحق ن وهى هذه السورة اقسم اللّه بها على سبيل التأكيد فى اثبات الحكم على ما عليه عدة الخلق مع ما فيه من بيان عظم شأن المقسم به والا فكما انه تعالى لا يليق القسم بشانه العالى فكذا لا يصح لغيره ان يكون مقسما به والنون حرف واحد فى الكتابة وثلاثة احرف فى التلفظ وقد قال عليه السلام ( من قرأ حرفا من كتاب اللّه تعالى فله به حسنة والحسنة بعشر امثالها لا اقول الم حرف بل الف حرف ولام حرف وميم حرف ) أراد عليه السلام بالحرف ما يتهجى به فيرجى أن يعطى اللّه بلفظ ن ثلاثين حسنة لانه مشتمل على التلفظ على نونين بينهما واو وقال بعضهم هو مفتاح اسم النور والناصرأ وقسم بنصرة اللّه المؤمنين اعتبارا بقوله تعالى وكان حقا علينا نصر المؤمنين وقال سهل قدس سره النون اسم من اسماء اللّه تعالى وذلك انه اذا اجتمعت اوائل هذه السور الثلاث الر وحم ون يكون الرحمن وقيل فيه انه اسم من اسماء النبى عليه السلام كما فى التكملة لعل هذه القائل أشار الى قوله عليه السلام ( اول ما خلق اللّه نورى ) فيكون النور اسمه عليه السلام فان قلت فيلزم التكرار لان القلم ايضا من اسمائه كما قال او لما خلق اللّه القلم قلت التغاير فى العنوان بمنزلة التغاير فى الذات فسمى عليه السلام باعتبار نورانيته نورا وباعتبار انه صاحب القللم قلما كما سمى خالد بن وليد رضى اللّه عنه سيف اللّه المسلول لكونه صاحب سيف وقال بعضهم هو لوح من نور أو اسم نهر فى الجنة ( وفى المفردات ) النون الحوت العظيم ولذا قال عكرمة فى الآية اقسم اللّه بالحوت الذى لطخ سهم نمرود بدمه لان نمرود لما رمى السهم نحو السماء عاد السهم مختصبا بدم سمكة فى بحر معلق فى الهوآء فأكرم اللّه ذلك الحوت بأن اقسم به واحل جنسه من غير ذكاة فانه لا يحل الا ميتتان السك والجراد وفى معناهما ما يستحيل من الاطعمة كدود الفتاح والجبن فان الاحتراز عنهما غير ممكن فاما اذا افردت واكلت فحكمها حكم الذباب والخنفساء والعقرب وكل ما ليس له نفس سائلة ولا سبب فى تحريمه الاستقذار ولو لم يكن لكان لا يكره وان وجد شخص لا يستقذره لا يلتفت الى خصوص طبعه فانه التحق بالخبائت لعموم الاستقذار فبكره اكله كما لو جمع المخاط وشربه كره كما فى الاحياء يقال لو أريد به معنى الحوت كانت المناسبة بين المتعاطفين كما فى ما بين كم الخليفة والف باذنجانه. يقول الفقير المناسبة بينهما خفية لا يدركها الا اهل الحقائق وهى ان كبد الحوت غذآء اهل الجنة قبل كل شئ فيجدون بعد اكله حياة ابدية فى ابدانهم كما ان القلم يكتب به من العلوم ما فيه حساة باقية لارواحهم ولذا سمى جبريل روحا لانه كان يجيئ بالوحى لاذى هو سبب لحياة القلوب والارواح فيكون ن والقلم كالماء والعلم ولا شك فى ثبوت المناسبة التامة بينهما فالقياس الذى ذكره القائل باطل وقائل الباطل جاهل وقال بعضهم هو اسم الحوت الذى احتبس يونس عليه السلام فى بطنه ولذا اسماء اللّه تعالى ذا النون وقال بعضهم هو الحوت الذى على ظهره الارض وهو فى بحر تحت الارض السفلى اسمه ليوثا بالياء المثناة التحتانية وفى عين المعانى لوثيا او برهوت كما قال على رضى اللّه عنه مالى اراكم كلكم سكوتا ... واله ربى خلق البرهوتا ( روى ) ان اللّه تعالى لما خلق الارض كانت نتكفأ كما نتكفأ السفينة اى تضطرب وتميل فبعث اللّه ملكا فهبط حتى دخل تحت الارض فوضعها على كاهله وهو كصاحب ما بين الكتفين ثم اخرج يديه احداهما بالمشرق والاخرى بالمغرب ثم قبض على الالرضين السبع فضبطها فاستقرت فلم يكن لقدمى الملك قرار فأهبط اللّه نورا من الجنة له اربعون ألف قرن واربعون الف قائمة فجعل قرار قدمى الملك على سنامه فلم تستقر قدماه على سنامه فبعث اللّه ياقوتة خضرآء من الجنة غلظها مسيرة كذا الف عام فوضعها على سنام الثور فاستقرت عليها قدما الملك وقرون الثور خارجة من اقطار الارض مشبكة الى تحت العرش ومنخر الثور فى ثقبين من تلك الياقوته الخضرآء تحت البحر فهو يتنفس فى اليوم نفسين فاذا تنفس مد البحر واذا رد النفس جزر البحر وهو ضد مد ولم يكن لقوآئمه قرار فخلق اللّه كمكاما من الرمل كغلظ سبع سموات وسبع ارضين فاستقر عليه قوآئم الثور ثم لم يكن للمكمكام مستقر فخلق اللّه حوتا يقال له برهو فوضع الكمكام على وبر الحوت والوبر الجناح الذى يكون فى وسط ظهره وذلك مزمزم بسلسلة من القدرة كغلظ السموات والارض مرار وانتهى ابليس لعنه اللّه الى ذلك الحوت فقال له ما خلق اللخ خلقا اعظم منك فلم لا تزيل الدنيا عن ظهرك فهم بشئ من ذلك فسلط اللّه عليه بقة فى انفه فشغلته وفى رواية بعث اللّه دابة فدخلت منخره فوصلت الى دماغه فعج الحوت الى اللّه تعالى منها فاذن لها فخرجت قال كعب فواللّه الذى نفسى بيده انه لينظر اليها وانها لتنظر اليه ان هم بشئ من ذلك عادت كما كانت قبل وانبت اللّه من تلك الياقوته جبل قاف وهو من زمرده وله رأس ووجه واسنام وانبت من جبل قاف الجبال الشواهق كما نبت الشجر من عروق الشجر وزعم وهب ان الحوت والثور يبتلعان من مياه الارض فى البحار فلذلك لا يؤثر فى البحار زيادة فاذا امتلأت اجوافهما من المياءه قامت القيامة وزعم قوم ان الارض على الماء والماء على الصخرة على سنام الثور والثور على كمكام من الرمل متلبدا والكمكام على ظهر الحوت والحوت على الريح العقيم الريح على حجاب من ظلمة والظلمة على لاثرى وقد انتهى علم الخلائق الى الثرى ولا يعلم ما ورآء ذلك احد الا اللّه الذى له ما فى السموات وما فى الارض وما بينهما وما تحت الثرى وهذه الاخبار مما تزيد المرء بصيرة فى دينه وتعظيما لقدرة ربه وتحيرا فى عجائب خلقه فان صحت فما خلقها على الصانع القدير بعزيز وان تكن من اختراع اهل الكتاب وتنميق القصاص فكلها تمثيل وتشبيه ليس بمنكر كذا فى خريدة العجائب ( وقال فى كشف الاسرار ) بعض مفسران كفتند ما هيست برآب زير هفت طبقه زمين ما هى از كرانئ بار زمين خم درخم كرديد برمثل نون شدشكم بآب فروبرده وسارز مشرق برآورده وذنب از مغرب وخواست كه ازكران بارى بنالد جبريل بانك بروى زد جنان بترسيدكه كران بارئ زمين فراموش كرد وتا بقيامت نياردكه بجنبد ما هى جون بار برداشت ونناليد رب العالمين او را دو تشريف داديكى آنكه بد وقسم ياد كرد محل قسم خداوند جهان كشت ديكر تشريف آنست كه كارد ازحلق او برداشت همه جانور انرا بكارد ذبح كنند واورا نكنند تا عالميان بدانندكه هركه بار كشد رنج او ضايع نكنند اى جوانمرد اكرماهى بار زمين كشيد بنده مؤمن بار امانت مولى كشيدكه وحملها الانسان ما هى كه بار زمين برداشت از كار درعقوبت ابمن كشت جه عجب كه اكر مؤمن بار امانت برداشت از كارد قطيعت ايمن كردد { والقلم } هو ما يكتب به والواو وللقسم على لاتقدير الاول وللعطف على الثانى والمراد قلم اللوح كمام جاء فى الخبران اول ما خلق اللّه القلم ونظر اليه فانشق بنصفين ثم قال له اجر بما هو كائن الى يوم القيامة فجرى على اللوح المحفوظ بذلك من الآجال والاعمال والارزاق وهو القدر الذى يجب ان يؤمن بخيره وشره ثم ختم على القلم فلم ينطق ولا ينطق الى يوم القيامة وهو قلم من نور طوله كما بين السماء والارض وبعدما خلق القلم خلق النون اى السمكة فدحا الارض عليها فارتفع بخار الماء ففتق منه السموات واضطرب النون فمادت الارض فأثبتت بالجبال وان الجبال لتفخر على الارض الى يوم القيامة وقد عرفت المناسبة بين القلم وبين النون بمعنى السمكة وفى رواية الواحدى فى الوسيط اول جيزى كه خداى تعالى بيا فريد قلم بود بس نون را بيا فريدو آن دو اتست وقلم ازان دوات نوشت آنجه بود وهست وباشدوبرين تقدير خداى تعالى قسم فرمود بدوات بقلم اعلى كه از نورست كما فى تفسير الكاشفى. ٣ { وان لك } بمقابلة مقاساتك ألوان الشدآئد من جهتهم وتحملك لاعباء الرسالة { لأجرا } لثوابا عظيما { غير ممنون } مع عظمه كقوله تعالى عطاء غير مجذوذ اى غير منقوص ولا مقطوع ومنه قيل المنون للمنية لانها تنقص العدد وتقطع المدد وبالفارسية مزدى بردوا مكه هركز انقطاع بدان راه نيابد. ويقال اجر النبى مثل اجر الامة قاطبة غير منقوص ويجو ان يكون معناه غير مكدر عليه بسبب المنة لانه ثواب تستوجبه على عملك وليس بتفضل ابتدآء وانما تمت الفواضل لا الاجور على الاعمال كما فى الكشاف ( وقال الكاشفى ) غير ممنون منب بانهاده يعنى حق تعالى بى واسطه كسى كه ازو منت بايد داشد بتو عطا كرد. وفى اشارة الى ان انوار المكاشفات والمشاهدات غير مقطوعة لكونها سرمدية فلا يزال العارف يترقى فى الشهود فى جميع المواطن لولا ممنونة لان الفتح والفيض انما يجيئ من عند اللّه لا من عند غيره فاللّه يمن على عباده لا العباد بعضهم على بعض وقال بعضهم اجره قبول شفاعته وهى غير منقطعة عن اهل الكبائر من امته لا يخيب اللّه رجاءه عليه السلام فى غفرانهم جميعا بلا عتاب ولا عذاب. يقول الفير الظاهر أن اجره عليه السلام هو اللّه تعالى لانه عوض له عما سواه ولذا جاء اللهم انت الصاحب فى السفر والخليفة فى الاهل واللّه تعالى مان لا ممنون والى هذا المقام يشير قول الصديق رضى اللّه عنه اللّه ورسوله اى ابقيت اللّه ورسوله حين ما قال له عليه السلام ( ما أبقيت لاهلك يا أبا بكر فاللّه تعالى عوض عن نفس الفانى عن نفسه وعن ولده وماله هو الأجر العظيم لانه العظيم ) ٤ { وانك لعلى خلق عظيم } لا يدرك شاوه احد من الخلق ولذلك تحتمل من جهتهم ما لا يكاد يحتمله البشر قال بعضهم لكونك متخلقا باخلاق اللّه واخلاق كلامه القديم ومتأيد بالتأييد القدسى فلا تتأثر بافترآئهم ولا تتأذ بأذاهم اذ باللّه تصبر لا بنفسك كما قال واصبر وما صبرك الا باللّه والاحد أصبر من اللّه وكلمة على للاستعلاء فدلت على انه عليه السلام مشتمل على الاخلاق الحميدة ومستولٍ على الافعال المرضية حتى صارت بمنزلة الامور الطبيعية له ولهذا قال تعالى قل لا أسالكم عليه اجرا وما انا من التكلفين اى لست تكلفا فيما يظهر لكم من اخلاقى لان المتكلف لا يدوم امره طويلا بل يرجع اليه الطبع وللانسان صورة ظاهرة لها هيئة يشاهدها البصر الذى هو فى الرأس وهى عالم الملك وهى لاشكل وصورة باطنة لها سيرة يشاهدها البصيرة التى هى فى القلب وهى من عالم الملكوت وهى الخلق فكما ان لهيئته الظاهرة حسنا او قبحا صوريا باعتبار اشكالها واوضاعها وألوانها فكذلك لسيرته الباطنة حسن او قبح معنوى باعتبار شمائلها وطبائعها ومن ذلك قسموا الخلق الى المحمود والمذموم تارة والى الحسن والقبيح اخرى وكثيرا ما يطلق ويراد به المحمود فقط لانه اللائق بأن يسمى خلقا ومن هذا قوله تعالى خلق عظيم وعليه قول الامام الرازى الخلق ملكة نفسانية يسهل على المتصف بها الاتيان بالافعال الجميلة ونفس الاتيان بالافعال الجميلة شئ وسهلة الاتيان بها شئ آخر فالخالة التى باعتبارها تحصل تلك السهولة الخلق وسمى خلقا لانه لرسوخه وثباته صار بمنزلة الخلقة التى جبل عليها الانسان وان احتاج فى كونه ملكة راسخة الى اعتمال وطول رياضة ومجاهدة ولذا قالوا الخلق بتبدل بالمصاحبة والمعاملة فيكون الحسن قبيحا والقبيح حسنا على حال المصاحبين والمعاملين كما فى الحديث ( المرء على دين خليله فلينظر احدكم من يخالل ) وفى حديث آخر ( لا تجالسوا اهل الاهوآء والبدع فان لهم عرة كعرة الجرب ) ومن ذلك كانت مصاحبة الاخيار مستحسنة مرغبا فيها ومصاحبة الاشرار مستقبحة مرهبا عنها وكذلك بتبدل بالسعى فى اسبابه ولذلك صنف اطباء الارواح ابوابا فى علم الاخلاق لبيان ما هو صحة روحانية وما هو مرض روحانى كما ألف اطباء الاشباح فصولا فى علم الأبدان لبيان سبب كل مرض وعلاجه وانما أفرد الخلق ووصفه بالعظمة كما وصف القرءآن بالعظيم لينبه على ان ذلك الحلق الذى هو عليه السلام جامع المكارم الاخلاق أجتمع فيه شكر نوح وخلة ابراهيم واخلاص موسى وصدق وعد اسمعيل وصبر يعقوب وايوب واعتذار داود وتواضع سليمان وعيسى وغيرهما من اخلاق سائر الانبياء عليهم السلام كما قال تعالى فبهداهم اقتده اذ ليس هذا الهدى معرفة اللّه تعالى لان ذلك تقليد وهو غير لائق بالرسول عليه السلام ولا الشرآئع لان شريعته ناسحة لشرآئعهم ومخالفة لها فى الفروع والمراد منه الاقتدآء بكل منهم فيما اختص به من الخلق الكريم لو كان كل منهم مختصا بخلق حسن غالب على سائر اخلاقه فلمامر بذلك فكأنه امر بجمع جميع ما كان متفرقا فيهم فهذه درجة عالية لم تتيسر لاحد من الانبياء عليهم السلام فلا جرم وصفا اللّه بكونه على خلق عظيم كما قال بعض العارفين. لكل فى الانام فضيلة ... وجملتها مجموعة لمحمد ولم يتصف عليه السلام بمقضى قوته النظرية الا بالعلم والعرفان والايقان والاحسان ولم يفعل بمقتضى قوته العملية الا ما فيه رضى اللّه من فرض او واجب او مستحب ولم يصدر منه حرام او مفسد او مكروه فكان هو الملك بل اعلى منه ويجمع هذا كله قول عائشة رضى اللّه عنها لما سئلت عن خلقه عليه السلام فقالت كان خلقه القرءآن ارادت به انه عليه السلام كان متحليا بما فى القرءآن من مكارم الاخلاق ومحاسن الاوصاف ومتخليا عما يزجر عنه من السيئات وسفساف الخصال وفى رواية قالت للسائل ألست تقرأ اقرءآن قد افلح المؤمنون يعنى اقرأ الآى العشر فى سورة المؤمنين فذلك خلقه وفيه تنبيه للسامعين على عظام اخلاقه من الايمان الذى هو اصل الاخلاق القلبية والصلاة الى هى عماد الاخلاق البدنية والزكاة التى هى رأس الاخلاق المالية الى آخر ما فى الآيات وفى سلسلة الذهب للمولى الجامى رحمه الله بود هم بحر مكرمت هم كان ... كوهرش كان خلقه القرءآن وصف خلق كسى كه قرآنست ... خلق را نعت اوجه امكانست وفى التأويلات النجمية كان حلقه القرءآن بل كان هو القرءآن كما قال العارف بالحقائق انا القرءآن والسبع المثانى ... وروح الروح لا روح الأوانى محمد بن حكيم الترمذى قدس سره فرموده كه هيج خلقى بزر كتراز خلق حضرت محمد عليه السلام نبوده جه زميشت خوددست باز داشت وخودرا كلى باحق كذاشت وامام قشيريى قدس سره كفته كه ازبلا منحرف شد ونه ازعطا منصرف كشت وكفته كه آن حضرت راهيج مقصد ومقصودى جز خدى تعالى نبوده كما قال الجنيد قدس سره كان على خلق عظيم لجوده بالكونين له هممهم لا منتهى لكبارها ... وهمته الصغر اجلى من الدهر وقال الحسين النورى قدس سره كيف لا يكون خلقه عظيما وقد تجلى اللّه لسره بانوار خلاقه. يقول الفقير كان خلقه عظيما لانه مظهر العظيم فكان خلق العظيم عظيما فافهم جدا وفى تلقيح الاذهان لحضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر اوتى عليه السلام جوامع الكلم لانه مبعوث لتتميم مكارم الاخلاق كما قال عليه السلام ولذلك قال اللّه تعالى وانك لعلى خلق عظيم وهو عين كونه صراط المستقيم قال صلى اللّه عليه وسلم ( ان لله ثلاثمائة وستين خلقه من لقيه بخلق منها مع التوحيد دخل الجنة ) قال ابو بكر رضى اللّه عنه هل فى منها يا رسول اللّه قال ( كلها فيك يا ابا بكر وأحبها الى اللّه السخاء ) انتهى ولذلك كان احسن اخلاق المرء فى معاملته مع الحق التسليم والرضى واحسن اخلاقه فى معاملته مع الخلق العفو والسخاء وانما قال مع التوحيد لانه قد توجد مكارم الاخلاق والايمان كما انه قد يوجد الايمان ولا اخلاق اذ لو كان الايمان يعطى بذاته مكارم الاخلاق لم يقل للمؤمن افعل كذا واترك كذا وللمكارم آثار ترجع على صابحها فى اى دار كان كما ورد فى حق ابى طالب قال بعض الكبار من اراده ان يرى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ممن لم يدركه من امته فلينظر الى القرءآن فانه لا فرق بين النظر فيه وبين النظر الى رسول اللّه فكأن القرءآن انتشاء صورة جسديه يقال لها محمد بن عبد اللّه بن عبد المطلب والقرءآن كلام اللّه وهو صفته فكأن محمدا عليه السلام خلعت عليه صفه الحق من يطع الرسول فقد اطاع اللّه وقال بعضهم من أراده ان يرى رسول اللّه فليعمل بسنته لا سيما فى مكان اميتت السنه فيه فان حياة رسول اللّه بعد موته هى حساة سنته ومن احياها فكأنما احيى الناس جميعا لانه المجموع الاتم الاكمل صلّى اللّه عليه وسلّم وقال بعضهم لم يبق بعد بعثة رسول اللّه سفساف اخلاق ابدا لانه صلّى اللّه عليه وسلّم أبان لنا عن مصارفها كلها من حرص وحسد وشره وبخل وخوف وكل صفة مذمومة فمن اجراها على تلك المصارف عادت كلها مكارم اخلاق وزال عنها اسم الذم قال صلّى اللّه عليه وسلّم لمن ركع دون الصف ( زادك اللّه حرصا ولا تعد ) وقال ( الحسد فى اثنتين ) وقال ( اكثروا من ذكر اللّه ) وقال تعالى فلا تخافوهم وخافون وقال تعا فلا تقل لهما اف وقال اف لكم وغير ذلك من الآيات ولاخبار فما امر اللّه باجتناب بعض الاخلاق الا لمن يعتقد انها سفساف اخلاق وجهل معنى قوله عليه السلام بعثت لاتمم مكارمالاخلاق فمن الناس من علم ومنهم من جهل فالكامل لا يرى فى العالم الا اخلاق اللّه تعالى التى به وجدت وفى كشف الاسرار فى تفسير الآيه عرض عليه مفاتيح العرض فلم يقبلاه ورقاه ليلة المعراج وأراه جميع الملائكة والجنة فلم يلتفت اليها قال اللّه تعالى ما زاغ البصر وما طغى ما التفت يمينا وشمالا فقال تعالى انك لعلى خلق عظيم. اى جوانمرد قدر آن مهتركه داند وكدام خاطر ببدايت عزو رسد صد هذار وبيست وجهار هزار نقطه نبوت كه رفتند دبر برابر درجات او كواكب بودند وبا آنكه او غائب بودهمه نور نبوت ازو كفرتند جنانكه آفتاب اكرجه غائب باشد كواكب نور ازوى كيرند ليكن جون آفتاب بيدا شود كواكب درنور او يبدا شوند همجنين همه انبيا نور ازو كرفتند ليكن جون محمد عليه السلام بعالم صورت درآمد ايشان هم كم شدند كأنك شمس والملوك كواكب ... اذا طلعت لم يبد منهن كوكب وفى القصيدة البردية فاق النبيين فى خلق وفى خلق ... ولم يدانوه فى علم ولا كرم فانه شمس فضل هم كواكبها ... يظهر انوارها للناس فى الظلم ومن اخلاقه عليه السلام ما أشار اليه قوله ( صل من قطعك واعف عمن ظلمك واحسن الى من اساء اليك ) فانه عليه السلام ما امر امته بشئ قبل الائتمار به وفى الحديث ( ان المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل صائم النهار ) وروى عن على بن موسى الرضى عن ابيه موسى بن جعفر عن بيه جعفر بن محمد عن ابيه محمد ابن عرى عن ابيه على بن الحسين عن ابيه الحسين عليكم بحسن اخلق فان حسن الخلق فى الجنة لا محالة واياكم وسوء الخلق فان سوء الخلق فى النار لا محالة. ٥ { فستبصر ويبصرون } يقال ابصرته وبصرت به علمة وادركته فان البصر يقال للجارحة الناظرة ولقوة القلب المدركة ولا يكاد يقال للجارحة بصيرة وفى تاج المصادر الابصار ديدن بجشم وبدل. فالمعنى فستعلم ويعلمون يوم القيامة حين يتبين الحق من الباطل وقلل القاشانى فستبر ويبصرون عند كشف الغطاء بالموت وقال مقاتل هذا وعيد بعذاب بدر ( ولذا قال الكاشفى ) بدان وقتكه عذاب نازل شود بر ايشان معلوم كرددكه ديوانه نومى يا ايشان. وهو الاوضح ففيه وعد لرسول اللّه عليه السلام بغلبه الاسلام واهله وبالانتقام من الاعداء. ٦ { بأيكم المفتون } اى ايكم الذى ابتلى بفتنة الجنون فأيكم مبدأ والمفتون بمعنى المجنون خبره والباء مزيدة فى المبتدأ كما فى بحسبك زيد او بأيكم الجنون على ان المفتوى مصدر بمعنى الفتون وهو الجنون كالمجلود بمعنى الجلادة والمعقول بمعنى العقل كما فى قوله ( حتى اذا لم يتركوا العظام لحما ولا لفؤاده معقولا ) والباء للالصاق نحو به دآء او بأى الفريقين منكم المجنون ابفريق المؤمنين ام بفريق الكافرين اى فى ايهما يوجد من يستحق هذا الاسم فالباء بمعنى فى والمفتون مبتدأ مؤخر والامة داخلة فى خطاب فستبصر بالتبعية لا يختص به عليه السلام كالسوابق وهو تعريض بأبى جهل من هشام الوليد ابن المغيرة واضرانهما كقوله تعالى سيعلمون غدا من الكذاب الأشر اى أصالح عليه السلام ام قومه. ٧ { ان ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله } تعالى المؤدى الى سعادة الدارين وهام فى تيه الضلال متوجها الى ما يفضيه الى الشقاوة الأبدية وهذ هو المجنون الذى لا يفرق بين النفع والضر بل يحبس الضر نفعا فيؤثره والنفع ضرا فيهجره { وهو اعلم بالمهتدين } الى سبيله الفائزين بكل مطلوب ناحين من كل محذور وهم العقلاء المراجيح فيجزى كلا من الفريقين حسبما يستحقه من العقاب والثواب واعادة هو اعلم لزيادة التقرير وفى الآية اشعار بأن المجنون فى الحقيقة هو العاصى لا المطيع واشارة الى الضال عن سبيل الوصول الى حضرة المولى بسبب محبة الدنيا والميل الى شهواتها والمهتدى الى طريق التوحيد والوحدة بنور العناية الازلية والهداية الأبدية قال بعض الكبار وهو اعلم بالمهتدين اى القابلين للتوفيق فهذه البيان هم الرسل وهادى التوفيق هو الحق تعالى فاللهادى الذى هو اللّه الابانة والتوفيف وليس للهادى الذى هو المخلوق الا الابانة خاصة ومن لا علم له بالحقائق بظن ان العبد اذا صدق فى الارشاد والوعظ اثر ذلك القبول فى نفوس السامعين واذا لم يصدق فى ذلك لم يؤثر وهذا من الوهم الفاسد فانه لا اقرب الى اللّه ولا اصدق فى التبليغ عنه ولا احب للقبول لما جاء من عند اللّه تعالى من الرسل لغلبة لرحمة على قلوبهم ومع ذلك فاعم القبول فيمن سمعهم بل قال الرسول الصادق فى التبليغ انى دعوت قومى ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائى الا فرارا فلما لم يعم القبول مع تحققنا هذه المهمة العظيمة من اكابر اولى العزم من الرسل علمنا ان الهمة مالها اثر جملة واحدة فى المدعو وان الذى قبل من السامعين ليس هو من اثر همه الداعى الهادى الذى هو المبلغ وانما هو قوة الاستعداد فى محل القبول من حيث ما وهبه اللّه تعالى فى خلقه من مزاج يقتضى له قبولا مثل هذا وامثاله وهو المزاج الخاص الذى لا يعمله الا اللّه الذى خلقهم عليه وهو قوله تعالى وهو اعلم بالمهتدين قال الشيخ سعدى قدس سره كفت عالم بكوش جان بشنو ... ور نماند بكفتنش كردار باطلست آنكه مدعى كويد ... خفته را خفته كى كند ييدار مرد بايدكه كيرد اندر كوش ... ورنوشته است بند برديوار ٨ { فلا تطع المكذبين } اى اذا تبين عندك ما تقدم فدم على ما انت عليه من عدم طاعتهم فيما يدعونك اليه من الكف عنهم ليكفو عنك وتصلب فى ذلك امره عليه السلام بالتشدد مع قومه وقوى قلبه بذلك مع قلة العدد وكثرة الكفار فان هذه السورة من اوآئل ما نزل دلت الآية على ان الاطاعة للعاصى عصيان والاقتدآء بالطاغى طغيان. ٩ { ودوا لو تدهن } لو للتمنى والادهان فى الاصل مثل التدهين واشتقاقهما من الدهن لكن جعل عبارة عن الملاينة وترك الجد قال فى تاج المصادر الادهان مداهنت كردن. والتركيب يدل على لين وسهولة وقلة والمعنى أحبوا لو تلاينهم وتسامحهم فى بعض الامور وترك الدعوة { فيدهنون } اى فهم يداهنونك حينئذ بترك الطعن ( كما قال الكاشفى ) فرمان مبر مشركان مكه راكه ترا بدين آباء دعوت مى نمايند ودوست مى دارندكه تونرمى كنى بايشان وسرزنشى نكنى برشرك نايشان نيرجرب ونرمى كنند وبردين توطعنه نزنند. فالفاء للعطف على تدهن فيكون يدهنون داخلا فى حيز لو ولذا لا ينصب يدهنون بسقوط النون جوابا للتمنى والفعل للاستقبال او الفاء للسببية فهو مسبب عن تدهن ويجوز أن يكون الفعل للحال على معنى ودوا ادهانك فهم الان يدهنون طمعا فى ادهانك فالتسبب عن التمنى وتقدير المبتدأ لانه لولاه لكان الفعل منصوبا لاقتضاء التسبب عما فى حيز التمنىذلك قال بعضهم لا توافقهم فى الظاهر كما لا توافقهم فى الباطن فان موافقة الظاهر اثر وافقة الباطن وكذا المخالفة والا كان نفاقا سريع الزوال ومصانعة وشيكة الانقصاء واما هم فلانهماكهم فى الرذآئل وتعمقهم فى التلون والاختلاف لتشعب اهوآئهم وتفرق امانيهم يصانعون ويضمون تلك الرذيلة الى رذيلتهم طمعا فى مداهنتك معهم ومصانعتك اياهم قال بعضهم المداهنة بيع الدين بالدنيا فهى من السيئات والمداراة بيع الدنيا بالدين فهى من الحسنات ويقال الادهان الملاينة لمن لا ينبغى له ذلك وهو لا ينافى الامر بالمداراة كما قال عليه السلام ( امرت بمداراة الناس كما أمرت بالتبليغ ) قال الامام الغزالى رحمه اللّه فى احياء الرق بين المداراة والمداهنة بالغرض الباعث على الاغضاء فان اغضيت لسلامة دينك ولما ترى فيك من اصلاح اخيم بالاغضاء فأنت مدار وان اغضيت لحظ نفشك واجتلاب شهواتك وسلامة جاهك فأنت مداهن قال ابو الدردآء رضى اللّه عنه اتالنبش فى وجوه اقوام وانا قلوبنا لتلعنهم وهذا معنى المداراة وهو مع من يخاف شره. ١٠ { ولا تطع كل حلاف } كثير الحلف فى الحق والباطل لجهله حرمة اليمين وعدم مبالاته من الحنث لسوء عقيدته وتقديم هذا الوصف على سائر الاوصاف الزاجرة عن الطاعة لكونه أدخل فى الزجر قال فى الكشاف وكفى به مزجرة لمن اعتاد الحلف ومثله قوله تعالى ولا تجعلوا اللّه عرضة لأيمانكم انتهى ودخل فيه الحلف بغير اللّه تعالى فانه من الكبائر واصل الحلف اليمين الذى يأخذ بعضهم من بعض بها الحلف اى العهد ثم عبر به عن كل يمين { مهين } حقير الرأى والتدبير لانه لم يعرف عظمة اللّه ولذا اقدم على كثرته الحلف من المهانة وهى القلة والحقارة ويجوز أن يراد به الكذاب لانه حقير عند الناس. ١١ { هماز } عياب طعان يعنى عيب كننده درعقب مردم ياطعنه زننده در روى بايشان. قال الحسن رحمه اللّه يلوى شدقيه فى اقفيه الناس وفيه اشارة الى من يعيب ويطعن فى اهل الحق فى رياضاتهم ومجاهداتهم وانزوآئهم وعزلهم عن الناس وفى الحديث ( لا يكون المؤمن طعاما ولا لعانا ) وفى حديث آخر ( طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس ) يعنى من ينظر الى عيب نفسه يكون ذلك ما لعاله عن النظر الى عيب غيره وتعيبه به وذلك لا يقتضى أن لا ينهى العاصى عن معصيته اقدآء بأمر اللّه تعالى بالنهى عن المنكر لا اعجابا بنفسه وازدرآه لقدر غيره عند اللّه فاقامه العالم ببواطن الامور والهماز مبالغة هامز والهمز الطعن والضرب والكسر والعيب ومنه المهمز والمهماز بكسر الميم حديده تطعن بها الدابة قيل لاعرابى أتهمز الفارة قال السنور يهمزها واستعير للمغتاب الذى يذكر الناس بالمكروه ويظهر عيوبهم ويكسر اعراضهم كأنه يضربهم بأذاه اياهم { مشأ بنميم } مضربه نقال للحديث من قول الى قوم على وجه السعاية والافساد بينهم فان النميم والنميمة السعاة واظهار الحديث بالوشاية وهو من الكبائر اما نقل الكلام بقصد النصحية فواجب كما قال من قال يا موسى ان الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج انى لك من الناصحين وفى التعريفات النمام هو الذى يتحدث مع القوم فينم عليهم فيكثف ما يكره كشفه سوآء كرهه المنقول عنه او المنقول اليه او الثالث وسآء كان الكثف بالعبارة او بالاشارة او بغيرهما وفى الحديث ( لا يدخل الجنة نمام ) اى ماش بالسعاية وهى بالفراسية غمز كردن. وفى التأويلات النجمية مشاء بنميم يحفظون كلام اهل الحق من هذه الطائفة الكريمة ثم يحكونه عند الجحال من اصحاب الحجب فيضحكون عليهم وينسبون ذلك الكلام الى السفسفه والسفه. ١٢ { مناع } مبالغة مانع { للخير } اى بخيل والخير المال او مناع الناس من الخير الذى هو الايمان والمطاعة والاتقان ولارباب السلوك من ارشاد الطالبين المسترشدين فذكر الممنوع منه دون الممنوع وكان للوليد بن المغيرة عشرة من البنين وكان يقول لهم ولاقاربه من تبع منكم دين محمد لا انفعه شئ ابداء وكان الولد موسرا له تسعة آلاف مثقال فضة وكانت له حديقة فى الطائف { معتد } متجاوز فى الظلم اى يتجاوز الحق والحد بأن يظلم على الناس ويمكن حمله على جميع الاخلاق الذميمة فان جميعها تجاوز عن حد الاعتدار وفى التأويلات النجمية متجاوز فى الظلم على نفسه بانغماسه فى بحر الشهوات وانماكه فى ظلمة المنهيات { اثيم } كثير الاثم وهو اسم للفاعال المبطعة عن الثواب ( وقال الكاشفى ) بسيار كناهكار زيانكار. وفى التأويلات النجمية كثير الآثام بالركون الى الاخلاق الرديئة والرغبة فى الصفات المردودة. ١٣ { عتل } جاف غليظ من عتله اذا قاده بعنف وغلظة قال الراغب العتل الاخذ بمجامع الشئ وجره بقهر كعتل البعير وبالفارسية كشدن بعنف ( وقال الكاشفى ) عتل يعنى سخت روى وزشت خوى انتهى. ومن كان جافيا فى المعاملة غليظ القلب والطبع بحيث لا يقبل الصفات الروحانية ولا يلين للحق اجترأ على كل معصة قال فى القاموس العتل بضمتين مشددة اللام الا كون المنبع الجافى الغليظ { بعد ذلك } اى بعدما عد من مقابحه { زنيم } دعى ملصق بالقوم وملحق بهم فى النسب وليس منهم فالزنيم هو الذى تبناه احد اى اتخذه ابنا وليس بابن له من نسبه فى الحقيقة قال تعالى وما جعل ادعياءكم ابناء ذلكم قولكم بأفواههم قال الراغب الزنيم والمزنم الزآئد فى القوم وليس منهم اى المنتسب الى قوم وهو معلق بهم لا منهم تشبيها بالزنمتين من الشاة وهما المتدليتان من اذنها ومن الحلق وفى الكشاف الزنيم من الزنمة وهى الهنة من جلد الماعز تقطع فتخلى معلقة فى حلقها لانه زيادة معلقة بغير أهله وفى القاموس الزنمة محركة شئ يقطع من اذن البعير فيترك معلقا يعفل بكرامها والظاهر من قول ابن عباس رضى اللّه عنهما الحقيقة حيث قال انه لم يعرف حتى قيل زنيم فعرف انه كان له زنمة اى فى حلقه ويقال كان يعرف بالشر كما تعرف الشاة نزنمتها قال العتبى لا نعلم ان اللّه وصف أحدا ولا ذكر من عيوبه ما ذكر من عيوب الوليد بن المغيرة فألحق به عار الا يفارقه ابدا وفى قوله بعد ذلك دلالة على ان دعوته اشد معايبه واقبح قبائحه وكان الوليد دعيا فى قريش وليس من نسبهم ونسخهم اى اصلهم ادعاء ابوه المغيرة بعد ثمان عشرة سنة من مولده يعنى وليد هزده ساله بودكه مغيره دعوى كرد كه من بدر اويم واورا بخود كرفت. فقوله بعد ذلك ههنا نظير ثم فى قوله تعالى ثم كان من الذين آمنوا من حيث انها للتراخى رتبة وفى الحديث ( لا يدخل الجنة جواظ ولا جعظرى ولا العتل الزنيم ) فالجوظ الجموع المنوع والجعظ رى الفظ الغليظ والعتل كل رحيب الجوف اكلو وشروب غشوم ظلم وفى الحديث ( ألا اخبركم بأهل الجنة كل ضعيف متضعف لو اقسم على اللّه لأبره الى اخبركم بأهل النار كل عتل جواظ مستكبر ) وقيل بغت ام الوليد ولم يعرف حتى نزلت هذه الآية فمعنى زنيم حينئذ ولدالزنى وبالفارسية حرام زاده كه بدر او معلوم نباشد قال الشاعر زنيم ليس يعرف من ابوه ... بغى الام ذو حسب لئيم در تفسير امام زاهد مذكور است كه جون حضرت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم آيت درانجمين قريش بر وليد خواند بهر عيسى كه رسيد درخود بازيافت مكر حرام زادكى باخود كفت من سيد قريش وبدر من مردى معروفست وميدانم كه محمد دروغ نكويد جكونه اين مهم را بر سر آرم شمشير كشيده نزدما درآمد القصه بعد از تهديد بسياز ازو اقرار كشيدكه بدر تو در قصه زنان جرأتى نداشت واورا برادر زاد كان بودند جشم برميراث وى نهاده مرارشك آمد غلام فلا نرا بمزد كرفتم وتوفر زندا ويى ودليل روشن برصدق قول زن شدت خصومت وليدست وستيزه اوبآن حضرت صلّى اللّه عليه وسلّم ودرين باب كفته اند جرم وكناه مدعى از فعل مادرست ... كور اخطاى مادر اوخاكسار كرد والغالب ان النطفة اذا خبثت خبثت الولد الناشئ منها ومن ثمة قال رسول اللّه عليه السلام ( لا يدخل الجنة ولد الزنى ولا ولده ولا ولد ولده ) كما فى الكشاف وفى الحديث ( لا تزال امتى بخير ما لم يفش فيهم ولد الزنى فاذا فشا فيهم ولد الزنى او السكران يعمهم اللّه بعذابه ) وفى حديث آخر ( ولد الزنى شر الثلاثة ) قال الرهاوى فى شرح المنار هذا فى مولود خاص لأنا قد نشاهد ولد الزنى اصلح من ولد الرشدة فى امرين الدين والدنيا ويستحق جميع الكرامات من قبول شهادته وعبادته وصحة قضائه وامامته وغير ذلك فالحديث ليس على عمومه انتهى. يقول الفقير اذا كان الرضاع بغير الطباع فان من ارتضع امرأة فالغالب عليه اخلاقها من خير وشر فما ظنك بالزنى ولا عبرة بالصلاح الظاهر الكرامات الصورية وفى الحديث ( ولدت من نكاح لا من سفاح ) وكذا سائر الانبياء عليهم السلام وجميع الاولياء الكرام قدس اللّه اسرارهم فالزنى اقبح من الكفر من وجه فان اللّه يخرج الحى من الميت اى المؤمن من الكافر بخلاف الرشيد من الزانى فولد الزنى لا يصلح للولاية الحقيقية وان كان صالح للولاية الصورة يوقيل نزلت الآية فى الأخنس ابن شريف واسمه ابى وكان ثقفيا مصطلقيا فى قريش فلذلك قال زنيم لا على جهة الذم لنسبه ولكن على جهة التعريف به ذكره السهيلى قال ابن عطية وظاهر اللفظ عموم من بهذه الصفة والمخاطبة بهذا المعنى مستمرة باقى الزمن لا سيما لولاة الامور قال فى فتح الرحمن ثم هذا الترتيب انما هو فى قول الواصف لا فى حصول تلك الصفات فى الموصوف والافكونة عتلا هو قبل كونه صاحب خير يمنعه وفى برهان القرءآن قوله حلاف الى قوله زنيم اوصاف تسعة ولم يدخل بينها واو العطف ولا بعد السابع فدل على ان ضعف القول بواو الثمانية صحيح. ١٤ { أن كان ذا مال وبنين } متعلق بقوله تعالى لا تطع على حذف الجار اى لا تطع من هذه مثالبه لان كان مثولا ذا مال كثير مستظهرا بالنين. ١٥ { اذا تتلى عليه آياتنا قال اساطير الاولين } استئناف جار مجرى التعليل المنهى اى اذا تقرأ عليه آيات كلامنا القديم قال هى احاديث لانظام لها اكتتبوها كذبا فيما زعموه لقوله اكتتباه فهى تملى عليه وبالفارسية افسا نهاى بيشينيا نست. وقال السدى اساجيع الاولين اى جعل مجازاة النعم التى خولناها من المال والبنين الكفر بآياتنا قال البرد الاساطير جمع اسطورة نحوا حدوثة واحاديث وقد سبق غير هذا وفى التأويلات النجمية لا تطع الحلاف المهين الحقير فى نفسه بسبب ثروة اعماله المنسوبة الىلرياء والسمعة وبنين الاحوال المطعونة بالعجيب والاعجاب اذا تتلى عليه آياتنا من الحقائق والدقائق قال أساطير الاولين ما سطره الصوفية المتقدمون وهى من ترهاتهم وخرافاتهم. ١٦ { سنسمه على الخرطوم } اصله سنوسمه من الوسم وهو احداث السمة بالكسر اى اى العلامة وبالفارسية داغ كردن. والمسميم بالكسر المكواة اى آلة الكى والخرطوم كزنبور الالف او مقدمه او ما ضممت عليه الحنكين كالخرطم كقنفذ كما فى القاموس والمعنى سنجعل له سمة وعلامة يعرف باه بالكى على اكرم مواضعه لغاية اهانته واذلاله اذ لا نف اكرم موضع من الوجه لتقدمه له ولذلك جعلوه مكان العز والحمية واشتقوا منه الانفة وقالوا الانف بالانف وحمى انفه وفلان شامخ العرنين وقالوا فى الذليل جدع انفسه ورغم انفه ولقد وسم العباس رضى اللّه عنه ابا عره فى وجوهها فقال له رسول اللّه عليه السلام ( اكرموا الوجوه فوسمها فى جواعرها ) اى فى ادبارها وفى التعبير عن الانفس بلفظ الخرطوم استهانة بصاحبه واستقباح له لانه لا يستعمل الا فى الفيل وخنزير وكلما كان الحيوان اخبث واقبح كانت الاستهانة والاستقباح اشد واكثر قيل اصاب انف الوليد جراحة يوم بدر فبقيت علامتها قال صاحب الكشف هو ضعيف فان الوليد مات قبله فلم يوسم يوسم بقى اثره مدة حياته وقال الراغب نلزمه هار الا ينمحى عنه كما قال صاحب الكشاف هو عبارة عن ان بذله غاية الاذلال وذلك لان الوجه اكرم موضع والانف ابين عضو منه فالوسم على الانف غاية الاذلال والاهانة لان الوسم على الوجه شين فكيف اذا كان على اظهر موضع منه وكما قال العتبى وصف اللّه الوليد بالحلف والمهانة والهمزة والمشى بالنميمة والبخل والظلم والاثم والجفوة والدعوة فألحق به عار الا يفارقه فى الدنيا والآخرة قال والذى يدل على ذها ما روى عن الشعبى فى قوله عتل حيث قال العتل الشديد والزنيم الذى له زنمة من الشر يعرف بها كما تعرف الشاة وقيل سنعلمه يوم القيامة بعلامة مشوهة يعلم بها من سائر الكفرة بأن نسود وجه غاية التسويد اذ كان بالاء فى عداوة سيد المرسلين عليه وعليهم الصلاة والسلام اقصى مراتب العداوة فيكون الخرطوم مجازا عن الوجه على طريق ذكر الجزء وارادة الكل وفى التأويلات النجمية نكوى خرطوم استعداده بكى نار الحجاب والبعد حتى لا يشم النفحات الالهية والنسمات الربانية. ١٧ { انا بلوناهم } يقال بلى الثوب بلى اى خلق بلوته اختبرته كأنى اخلقته من كثرة اختبارى له والبلايا اختبارات والمعنى انا ابتلينا اهل مكة بالقحط والجوع سبع سنين بدعوة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتى اكلوا الجيف والجلود والعظام والدم لتمردهم وكفرانهم نعم اللّه تعالى { كما بلونا اصحاب الجنة } اى ابتلاء مثل ابتلاء اصحاب الجنة المعروف خبرها عندهم واللام للعهد والكاف فى موضع النصب على انها نعت المصدر محذوف وما مصدرية والجنة البستان وبالفارسية باغ. واصحاب الجنة قوم من اهل صنعاء وفى كشف الاسرار سه برادر بودند. كانت لأبيهم هذه الجنة دون صنعاء بفرسخين وقال السهيلى هى جنة بضروان وضروان على فراسخ من صنعاء وفى فتح الرحمن الجنة بستان يقال له ضروان باليمين وكان اصحاب هذه الجنة بعد رفع عيسى عليه السلامبيسير وكانوا بخلاء وكان ابوهم يأخذ منها قوت سنة ويتصدق بالباقى وكان ينادى الفقراء وقت الصرام ويترك لهم ما اخطأ المنجل وما فى اسفل الا كداس وما اخطأه القطاف من العنب وما بقى على البساط الذى يبسط تحت النخلة اذا صرمت ( قال الكاشفى ) وده ازبك حاصل نيز برايشان قسمت كردى. فكان يجتمع لهم شئ كثير ويتزودون به اياما كثيرة فلما مات ابوهم قال بنوه ان علنا ما كان يفعل أبونا ضاق علينا الامر ونحن اولوا عيال فحلفوا فيما بينهم وذلك قوله تعالى { اذا قسموا } ظرف لبولنا والاقسام سوكند خوردن يعنى سوكند خوردند وارثان باغ كه بنهان ازفقرا { ليصر منها } الصرام والصرم قطع ثمار النخيل وبالفارسية بار خرما بريدن. من صرمه اذا قطعه اى ليقطعن ثمارها من الرطب والعنب ويجمعن محصولها من الحرث وغيره { مصبحين } اى داخلين فى الصباح مبكرين وسواد الليل باق قوله ليصر منها جواب للقسم وجاء على خلاف منطوقهم ولو جاء على منطوقهم لقيل النصر منها بنون المتكلم ومصبحين حال من فاعل ليصر منها. ١٨ { ولا يستثنون } اى لا يقولون ان شاء اللّه وتسميته استثناء مع انه شرط من حيث ان مؤداه مؤدى الاستثناء فان قولك لأخرجن ان شاء اللّه ولا اخرج الى ان شاء اللّه بمعنى واحد والجملة مستأنفة او حال بعد حال لعل ايراد بعد ايراد اقسامهم عفى فعل مضمر لمقصودهم مستنكر عند ارباب المروة واصحاب الفتوة لتقبيح شأنهم بذكر السببين لحرمانهم وان كان احدهما كافيا فيه لكن ذكر الاقسام على ام رمستنكر اولا وجعل ترك الاستثناء حالا منه يفيد اصالته وقوته فى اقتضاء الحرمان والاظهر ان المعنى ولا يستثنون حصة المساكين اى لا يميزونها ولا يخرجونها كما كان يفعله أبوهم وقال أبو حيان ولا ينثنون عما عزموا عليه من منع المساكين قال فى تاج المصادر الاستثناء ان شاء اللّه كفتن واستثناء كردن . والباب يدل على تكرير الشئ مرتين او جعله شيئين متواليين او متباينين والاستثناء من قياس الباب وذلك ان ذكره يثنى مرة فى الجملة ومرة فى التفصيل لانك قلت خرج الناس ففى الناس زيد وعمرو فاذا قلت الا زيدا فقد ذكرت زيدا مرة اخرى ذكرا ظاهرا انتهى قال الراغب الاستثناء ايراد لفظ يقتضى رفع بعض ما يوجبه عموم لفظ متقدم او يقتضى رفع حكم اللفظ كام هو فمن الاول قوله تعالى قل لا اجد فيما اوحى الى محرما على طاعم يطعمه الا ان يكون ميتة ومن الثانى قوله لأفعلن كذا ان شاء اللّه وعبده عتيق وامرأته طالق ان شاء اللّه. ١٩ { فطاف عليها } اى على الجنة اى احاط باه { طائف } بلاء طائف كقوله واحيط بثمره وذلك ليلا اذلا يكون الطائف الا بالليل وايضا دل عليه ما بعده من ذكر النوم وكان ذلك الطائف نارا نزلت من السماء فأحرقتها { من ربك } مبتدئ من جهته تعالى قال الراغب الطوف الدوران حول الشئ ومنه الطائف لمن يدور حول البيت حافظا ومنه استعير الطائف من الجن والخيال والخادم وغيرها قال تعالى فطاف الخ تعريضا بما نالهم من النائبة انتهى { وهم نائمون } غافلون عما جرت به المقادير او غافلون عن طوافه بالنوم الذى هو اخو الموت وبالفارسية وايشان خفتكان بودند. والنوم استرخاء اعصاب الدماغ برطوبات البخار الصاعد اليه او ان يتوفى اللّه النفس من غير موت اى ان يقطع ضوء الروح عن ظاهر الجسد دون باطنه او النوم موت خفيف والموت نوم ثقيل وكل هذه التعريفات صحيحة. ٢٠ { فأصبحت } بس كشت جنت ايشان با آن بلا { كالصريم } فعيل بمعنى مفعول اى كالبستان الذى صرمت ثماره لم بحيث لم يبق فيها شئ لان النار السماوية أحرقتها وقيل كالليل لان الليل يقال له لاصريم اى لصارت سودآء كالليل لاحتراقها. ٢١ { فتنادوا } اى نادى بعضهم بعضا { مصبحين } حال كونهم داخلين فى الصباح. ٢٢ { أن اغدوا } اى اى اغدو على ان ان مفسرة او بان اغدوا على انها مصدرية اى اخرجوا غدوة واول النهار وبالفارسية بامداد بيرون اييد { على حرثكم } بستانكم وضيعتكم وفى كشف الاسرار دران بستان هم زرع بودهم درخت انكور انتهى. يقول الفقير فالحرث يجوز أن يراد به الحاصل مطلقا وان يراد به الزرع خصوصا لانه اعز شئ يعيش به الانسان وتعدية الغدو بعلى لتضمنه معنى الاقبال والاستيلاء وقال بعضهم انه يتعدى بعلى كما فى القاموس غدا عليه غدوا وغدوة بالضم واغتدى بكر قال الراغب الحرث القاء البذر فى الارض وتهيئتها للزرع ويسمى المحروث حرثا قال تعالى ان اغدوا على حرثكم { ان كنتم صارمين } قاصدين للصرم وقطع الثمرة وجمع المحصول اى فاغدوا فجوابه محذوف. ٢٣ { فانطلقوا } فمضوا اليها وبالفارسية بس برفتند بجانب باغ { وهم يتخافتون } التخافت بايكديكر بنهان راز كفتن . اى يتشاورون فيما بينهم بطريق المخافتة والسر كيلا يسمع احد ولا يدخل عليهم. ٢٤ { ان لا يدخلنها } اى الجنة { اليوم عليكم مسكين } من المساكين فضلا عن ان يكثروا وبالفارسية امروزبر شما يعنى درباغ شمادرويشتى تابهره بكيرد واز حصه ماكم نكردد. وان مفسرة فما فى التخافت من معنى القول بمعنى اى لا يدخلنها تفسيرا لما لا يتخافنون والمسكين هو الذى لا يشئ له وهو أبلغ من الفقير والمراد بنهى المسكين عن الدخول المبالغة فى النهى عن تمكينه من الدخول كقولهم لا ارينك ههنا فان دخول المسكين عليهم لازم لتمكينهم اياه من الدخول كما ان رؤية المتكلم المخاطب لازم لحضوره عند فذكر اللام لينتقل منه الى الملزوم. ٢٥ { وغدوا } مشوا بكرة وبالفارسية وبامداد برفتند { على حرد } الحرد المنع عن حدة وغضب يقال نزل فلان حريدا اى ممتنعا من مخالطة القوم وحاردت السنة منعت قطرها والناقة منعت درها وحرد غضب { قادرين } حال مقدرة من فاعل غدوا فان القدرة مع الفعل عند اهل الحق والمعنى وخرجوا اول الصباح على امتناع من ان يتناول المساكين من جنتهم حال كونهم قادرين على نفعهم او على الاجتناء والصرم بزعمهم فلم يحصل الا النكد والحرمان وفى الكشاف وغدوا قادرين على نكد لا غير عاجزين عن النفع يعنى انهم عزموا ان ينكدوا على المساكين ويحرموهم وهم قادرون على نفعهم فغدوا بحال فقر وذهاب مال لا يقدرون فيها الاعلى النكد والحرمان وذلك انهم طلبوا حرمان المساكين فتعجلوا الحرمان والمسكنة. ٢٦ { فلما رأوها } بس آن هنكام كه ديدندباغ رابخلاف آنجه كذاشنه بودند { قالوا } اى قال بعضهم لبعض { انا لضالون } اى طريق جنتناو ماهى بهالما رأوا من هلاكها. ٢٧ { بل نحن محرمون } قالوه بعدما تأملوها ووقفوا على حقيقة الامر وانها هى مضربين عن قولهم الاول اى لسنا ظالمين بل نحن محرومون حرمنا خيرها ومنعنا نفعها بجنايتنا على انفنسنا بسوء نيتنا وهى ارادة حرمان المساكين وقصد منع حق الفقراء. ٢٨ { قال اوسطهم } اى رأيا اوسنا وفى الكشاف أعد لهم وخيرهم من قولهم فلان من وسطة قومه واعطنى من وسطات مالك ومنه قوله تعالى امة وسطان ( وقال الكاشفى ) كفت فاضلتر ايشان ازروى عقل با بكتربسن يا صائب تربراى. قال الراغب الوسط تارة يقال فيما له طرفان مذمومان كالجواد الذى بين البخل والسرف فيستعمل استعمال القصد المصون عن الافراط والتفريط فيمدح به نحو السوآء والعدل ونحو وكذلك جعلناكم امة وسطا وعلى ذلك قال اوسطهم وتارة يقال فيما له طرف محمود وطرف مذموم كالخير والشر ويكنى به عن الرذل نحو قولهم وسط بين الرجال تنبيها على انه قد خرج من حد الخير { ألم اقل لكم لولا تسبحون } لولا تذكرون اللّه بالتسبيح والتهليل وتتوبون اليه من خبث نيتكم وقد كان قال لهم حين عزموا على ذلك اذكروا اللّه وانتقامه من المجرمين وتوبوا اليه من هذه العزيمة الخبيثة من فروكم وسارعوا الى حسم شرها قبل حلول النقمة فعصوه فعيرهم وفى الآية دليل على ان العزم على المعصية مما يؤاخذ به الانسان لانهم عزموا على ان يفعلوا فعوقبوا قبل فعلهم ونظيرها قوله تعالى ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب أليم وعلى هذا قوله تعالى وذروا ظاهر الاثم وباطنه والعزم قوة قصد الفعل والجزم به والمحققون على انه يؤاخذه به وامالهم وهو ترجيح قصد الفعل فمرفوع. ٢٩ { قالوا } معترفين بالذنب والاعتراف به يعد من التوبة { سبحان ربنا } ننزه ربنا عن كل سوء ونقصان سيما عن ان يكون ظالما فيما فعل ابنا { انا كنا ظالمين } بقصد حرمان المساكين اتباعا لشح النفس كأنهم قالوا نستغفر اللّه من سوء صنيعنا ونتوب اليه من خبث نيتنا حيث قصدنا عدم اخراج حق المساكين منغلة بستاننا ولو تكلموا بهذه الكلمة قبل نزول العذاب لنجوا من نزوله لكنهم تكلموا بها بعد خراب البصرة. ٣٠ { فأقبل بعضهم على بعض } بس روى آوردند بعضى ازايشان بربعضى ديكر { يتلاومون } اللوم الملامة وبالفارسية نكوهيدن يعنى خوار داشتن . اى يلوم بعضهم بعضا على ما فعلوا فان منهم من اشار بذلك ومنهم من استصونه ومنهم من سكت راضيا به ومنهم من انكره بالفارسية اين آنرامى كفت توجنين انديشيدى وآن عذرمى آوردكه توهم بدين رضاى بودى. ٣١ { قالوا } يعنى بكناه خود اعتراف نمودند وازروى نياز كفتند { يا ويلنا } اى واى بزمان ودر دزدكى { انا كنا طاغين } متجاوزين حدود اللّه تعالى وبالفارسية أزحد برندكان دركنهكارى كه درويشانرا محروم ساختيم. ٣٢ { عسى ربنا } شايد بروردكار ماكه ازكرم اواميد واريم { ان يبدلنا } ان يعطينا بدلا منها ببركة التوبة والاعتراف بالخطيئة { خيرا منها } بهترى ازان باغ { انا الى ربنا راغبون } راجون العفو طالبون الخير والى لانتهاء الرغبة لان اللّه منتهى رجائهم وطلبهم او التضمنها معنى الرجوع والا فالمشهور ان تتعدى الرغبة بكلمة فى اوعن دون الى روى انهم تعاقدوا وقالوا ان بدلنا اللّه خيا منها لنصنعن كما صنع أبونا فدعوا اللّه وتضرعوا اليه فأبدلهم اللّه من ليلتهم ما هو خير منها قالوا ان اللّه أمر جبريل ان يقتلع تلك الجنة المحترقة فيجعلها بزعر من ارض الشام اى موضع قليل النبات ويأخذ من الشام جنة فيجعلها مكانها وقال ابن مسعود رضى اللّه عنه ان القوم لما اخلصوا وعرف اللّه منهم الصدق ابدلهم جنة يقال لها الحيوان فيها عنب يحمل البغل منه عنقودا قال أبو خالد اليمانى دخلة تلك الجنة فرأيت كل عنقود منها كالرجل الاسود القائم يعنى دران باغ خوشه انكور ديدم برابر مردى سياه برباى ايستاده محققان كفته اندهركه ببلايى مبتلاكردد ومثال او عرضة تلف شودوا وتأمل نمايدوداندكه باستحقاق برونارل شده بس بكناه اعتراف نموده بحضرت عزت بازكشت كندبهترو خوشتر از آنجه ازوباز ستده بدودهد جنانجه بوستان حيوان بعوض باغ ضروانى وبيرومى قدس سره ازين معنى خبر ميدهد آنجا ميفرمايد اولم خم شكست وسركه بريخت ... من نكويم كه اين زيانم كرد صدخم شهد صافى ازبى آن ... عوضم داد وشادمانم كرد وسئل قتادة عن أصحاب الجنة أهم من اهل الجنة ام من اهل النار فقال لقد كلفتنى تعبا وعن الحسن رحمه اللّه قول أصحاب الجنة انا الى ربنا راغبون لا أدرى ايمانا كان ذلك منهم او على حد ما يكون من المشركين اذا أصابتهم الشدة فتوقف فى امرهم والا كثرون على انهم تابوا وأخلصوا حكاه القشيرى قدس سره. يقول الفقير لان كان ذلك القول منهم على حد ما يصدر من المضطر فابدال اللّه اباهم جنة خيرا من جنتهم يكون من قبيل الاستدراج وان كان عن تبوة واخلاص فذلك الابدال من آثار تحقيق التوبة ونتائج الاخلاص فان للاخلاص صمرات عجبة وعن الشيخ أبى الربيع المالقى رحمه اللّه قال سمعت بامرأة من الصالحات فى بعض القرى اشتهر أمرها وكان من دأبنا ان لا نزور امرأة فدعت الحاجة الى زيارتها للاطلاع على كرامة اشتهرت عنها وكانت تدعى بفضة فنزلنا القرية التى هى بها فذكر لنا ان عندها شاة تحلب لبنا وعسلا فاشترينا قدحا جديدا لم يوضع فيه شئ فمضينا اليها وسلمنا عليها ثم قلنا لها نيرد أن نرى هذه البركة التى ذكرت لنا عن هذه الشاة التى عندكم فأعطتنا الشاة فحلبناها فى القدح فشربنا لبنا وعسلا فلما رأينا ذلك سألناها عن قصة الشاة فقالت نعم كانت لنا شويهة ونحن قوم فقرآء ولم يكن لناشئ فحضر العيد فقال لى زوجى وكان رجلا صالحا نذبح هذه الشاة فى هذا اليوم فقلت له لا نفعل فانه قدر خص لنا فى الترك واللّه يعلم حاجتنا اليه فاتفق ان استضاف بنافى ذلك اليوم ضيف ولم يكن عندنا قراه فقلت له يا رجل هذا ضيف وقد أمرنا باكرامه فخذ تلك الشاة فاذبحها قالت فخفنا ان يبكى عليها صغارنا فقلت له اخرجها من البيت الى ورآء الجدار فاذبحها فلما اراق دمها قفزت شاة على الجدار فنزلت الى البيت فخيشت ان تكون قد انفلتت منه فخرجت لانظرها فاذا هو سلخ الشاة فقلت له يا رجل عجبا وذكرت له القصة فقال لعل اللّه قد ابدلنا خيرا منها وكانت تلك الشاة تحلب اللبن تحلب اللبن والعسل ببركة اكرامنا الضيف ثم قالت يا اولادى او شويهتنا هذه ترعى فى قلوب المريدين فاذا طابت قلوبهم طاب لبنها وان تغيرت تغير لبنها فطيبوا قلوبكم قال اليافعى عنت بالمريدين نفسها وزوجها ولكن اطلقت لفظا ظاهره العموم مع ارادة التخصيص تسترا وتحريضا للمريدين على تطييب قلوبهم اذ بطيب القلوب يحصل كل طيب محبوب من الانوار والاسرار ولذة العيش بمنادمه الملك الغار والمعنى لما طابت قلوبنا طاب ما عندنا فطيبوا قلوبكم يطب لكم ما عندكم ولو لم يكن الامر كذلك بل المراد عموم المريدين لكان بطيب اللبن من سائر الغنم ولو خبث قلبهما لما نفعهما طيب قلوب المريدين واذا طاباهما لم يضرهما خبث قلوب المريدين. ٣٣ { كذلك العذاب } جملة من مبتدأ وخبر مقدم لافادة القصر والالف واللام للعهد أى مثل الذى بلونا به اهل مكة واصحاب الجنة عذاب الدنيا وفى كشف الاسرار كذلك افعل بامتك اذا لم تعطف اغنياؤهم على فقرآئهم بأن امنعهم القطر وارسل عليهم الجوآئح وأرفع البركة من زروعهم وتجارتهم ففيه وعيد لمانعى الزكاة والصدقة باهلاك المال وانزال العذاب باى طريق كان مكن بدكه بدبينى اى يارينك ... نيايد زتخم بدى بارنيك كسى نيك بيند بهر دوسراى ... كه نيكى رساند بخلق خداى { ولعذاب الآخرة اكبر } اعظم واشد وبالفارسية بزركتراست جه اين عذاب زوال يابد وآن باقى باشد { لو كانوا يعلمون } انه اكبر لاحترزوا عما يؤديهم اليه ويطرحهم ويرميهم عليه. ٣٤ { ان للمتقين } اى من الكفر والمعاصى { عند ربهم } اى فى الآخرة وذكر عند للتشريف والتكريم وذلك لانه لا ملك فيها حقيقة وصورة الا لله فكأنها حاضرة عنده تعالى يتصرف فيها كيف يشاء والافمحال كون عندية الجنة بالنسبة الى اللّه تعالى مكانية وهى ظرف معمول للاستقرار الذى تعلق به للمتقين ويجوز أن يكون متعلقا بمحذوف منصوب على الحالية من المنوى فى قوله للمتقين ولا يجوز ان يكون حالا من جنات لعدم العامل والاظهر ان معنى عند ربهم فى جوار القدس فالمراد عندية المكانة المنزهة عن الجهة والتحيز لا عندية المكان كما فى قوله تعالى عند مليك مقتدر اذ للمقربين قرب معنوى من اللّه تعالى قال الراغب عند لفظ موضوع للقرب فتارة يستعمل فى المكان وتارة يستعمل فى الاعتقاد نحو عندى كذا وتارة فى الزلقى والمنزلة كقوله تعالى بل احياء عند ربهم وعلى ذلك قيل الملائكة المقربون { جنات النعيم } جنات ليس فيها الا التنعم الخالص عن شائبة ما ينغصه من الكدورات وخوف الزوال كما عليه نعيم الدنيا واستفيد الحصر من الاضافة اللامية الاختصاصية فانها تفيد اختصاص المضاف اليه. ٣٥ { افنجعل المسلمين كالمجرمين } كان صناديد قريش يرون وفور حظهم من الدنيا وقلة حظوظ المسلمين منها فاذا سمعوا بحديث الآخرة وما وعد اللّه المسلمين منها فاذا سمعوا بحديث الآخرة وما وعد اللّه المسلمين قالوا ان صح انا نبعث كما يعم محمد ومن معه لم تكن حالنا وحالهم المثل ما هى فى الدنيا والالم يزيدوا علينا ولم يفضلونا واقصى امرهم أن يساوونا فردهم اللّه تعالى والهمزة للانكار والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام اى انحيف فى الحكم فنجعل المؤمنين كالكافرين فى حصول النجاة والوصول الدرجات فالمراد من المجرمين الكافرون على ما دل عليه سبب النزول وهم المجرمون الكاملون الذين اجرموا بالكفر والشرك والا فالاجرام فى الجملة لا ينافى الاسلام نعم المسلم المطيع ليس كالمسلم الفاسق فيه وعظ للعاقل وزجر للمتبصر ثم قيل لهم بطريق الالتفات لتأكيد الردوتشديده. ٣٦ { ما لكم كيف تحكمون } تعجبا من حكمهم واستبعادا له وايذانا بأنه لا يصدر عن عاقل وما استفهامية فى موضع الرفع بالابتدآء والاستفهام للانكار اى لانكار ان يكون لهم وجه مقبول يتد به فى دعواهم حتى يتمسك به ولكم خبرها والمعنى اى شئ ظهر لكم حتى حكمتهم مقبول يعتد به فى دعواهم حتى يتمسك به ولكم خبرها والمعنى اى شئ ظهر لكم حتى حكمتم هذا الحكم القبيح كأن امر الجزآء مفوض اليكم فتحكمون فيه بما شئتم ومعنى كيف فى حال أفى حال العلم ام فى حال الجهل فيكون ظرفا او أعالمين ام جاهلين فيكون حالا وفى التأويلات النجمية افنجعل المتقين لاحكام الشريعة آداب الطريقة ورموز الحقيقة كالكاسبين للاخلاق الرديئة والاوصاف الرذيلة المخالفة للشريعة والطريقة والحقيقة ما لكم كيف تحكمون بهذا الظلم الصريح والقول القبيح. ٣٧ { ام لكم } اى بل ألكم وبالفارسية آياشماراست { كتاب } نازلت من السماء { فيه } متعق بقوله { تدرسون } اى تقرأون قال فى المفردات درس الشئ معناه بقى اثره ودرست العلم تناولت اثره بالحفظ ولما كان تناول ذلك بمداومة القرءآة عبر عن ادامة القرءآة بالدرس. ٣٨ { ان لكم فيه لما تخيرون } تخير الشئ واختياره اخذ خيره قال الراغب الاختيار طلب ما هو خير فعله وقد يقال ما يراه الانسان خيرا وان لم يكن خيرا وفى تاج المصادر التخير بركزيدن . والمعنى ما تتخيرونه وتشتهونه واصله ان لكم بالفتح لانه مدروس فيكون مفعولا واقعا موضع المفرد فلا يكسر همزة ان ولكم لما جيئ باللام كسرت فان لم الابتدآء لا تدخل على ما هو فى حيز أن المفتوحة وهذه اللام للابتدآء داخلة على اسم ان والمعنى تدرسون فى الكتاب ان لكم ما تختارونه لأنفسكم وأن يكون العاصى كالمطبع بل ارفع حالا منه فأئتوا بكتاب ان كنتم صادقين ويجوز أن يكون حكاية للمدروس كما هو كقوله تعالى وتركنا عليه فى الآخرين سلام على نوح فى العالمين فيكون الموقع من مواقع كسر ان لعدم وقوعها موقع المفرد حكاه اللّه فى القرءآن بصورته والفرق بين الوجهين ان المدروس فى الاول ما انسبك من الجملة وفى الثانى الجملة بلفظها وقوله فيه لا يستغنى عنه بفيه اولا فقد يكتب المؤلف فى كتابه ترغيبا للناس فى مطالعته فى هذا الكتاب كذا وكذا قال سعدى المفتى لك أن تمنع كون الضمير للكتاب بل الظاهر انه ليوم القيام المعلوم بدلالة المقام. ٣٩ { ام لكم أيمان علينا } قوله علينا صفة أيمان وكذا بالغة اى عهود مؤكدة بالايمان { بالغة } اى متناهية فى التوكيد والصحة لان كل شئ يكون فى نهاية الجودة وغاية الصحة يوصف بأنه بالغ يقال لفلان على يمين بكذا اذا ضمنت وكفلت له به وحلفت له على الوفاء به اى بل أضمنا لكم او أقسمنا بايمان مغلظة فثبت لكم علينا عهود مؤكدة بالايمان { الى يوم القيامة } متعلق بالمقدر فى لكم اى ثابتة لكم الى يوم القيامة لا نخرج عن عهدتها حتى نحكمكم يومئذ ونعطيكم ما تحكمون او ببالغة او ايمان تبلغ ذلك اليوم وتنتهى اليه وافرة لم تبطل منها يمين الى ان يحصل المقسم عليه الذى هو التحكيم واتباعنا لحكمهم { ان لكم لما تحكمون } جواب القسم لان معنى ام لكم ايمان علينا ام قسمنا لكم كما سبق. ٤٠ { سلهم } امر من سال يسال بحذف العين وهمزة الوصل وهو تلوين للخطاب وتوجيه له الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم باسقاطهم عن رتبة الخطاب اى سلهم مبكتا لهم يعنى بيرس اى محمد مشركانرا كه { ايهم } كدام ايشان { بذلك } الحكم الخارج عن العقول { زعيم } اى قائم يتصدى لتصحيحه كما يقول زعيم القول باصلاح امورهم فقوله بذلك متعلق بزعيم والزعيم بمعنى القائم بالدعوى واقامة الحجة عليها قال الراغب قوله زعيم اما من الزعامة اى الكفالة او من الزعم بالقول وهو حكاية قول يكون مظنة للكذب وقيل للمتكفل والرئيس زعيم للاعتقاد فى قولهم انه مظنة للكذب. ٤١ { ام لهم } آيايشا نرست { شركاء } يشاركونهم فى هذا القول ويذهبون مذهبهم { فليأتوا بشركائهم } بس بكو بياريد شريكان خود . فالباء للتعدية ويجوز أن تكون للمصاحبة { ان كانوا صادقين } فى دعواهم اذلا اقل من التقليد يعنى انه كما ليس لهم دليل عقلى فى اثبات هذا المذهب وهو التسوية بين المحسن والمسيئ كما قال ما لكم كيف تحكمون ولا دليل نقلى وهى كتاب يدرسونه ولا عهود موثقة بالايمان فليس لهم من يوافقهم من العقلاء على هذا القول حتى يقلدوهم وان كان التقليد لا يفلح من تشبث بذيله فثبت ان ما زعموا باطل من كل الوجوه وفيه اشارة الى ان اللائق بالحاكم تحرى الصواب بقدر الوسع فيما ليس بحاضر عنده وان حكم بلا تحر فلا يخلو عن خطأ وان اصاب مصل صلى فى ارض لم يعلم القبلة فيها فانه ان صلى بتحر فصلاته صحيحة وان اخطأ القبلة وان صلى فيها بغير تحر فغير صحيحة وان اصابها واذا كان الحكم بلا تحر خطأ فكيف الحكم بشئ والأدلة قائمة بخلافه. ٤٢ { يوم يكشف عن ساق } يوم منصوب باذكر المقدر وعن ساق قائم مقام الفاعل ليكشف والمراد يوم القيامة اى اذكر يوم شيتد الامر ويصعب الخطب وكشف الساق مثل فى ذلك ولا كشف ولا ساق ثمة كما تقول للاقطع الشحيح يده مغلولة ولا يدثمة ولا غل وانما هو مثل فى البخل بأن شبهت حال البخيل فى عدم تيسر الانفاق له بحال من غلت يده وكذا شبهت حال من اشتد عليه الامر فى الموقف بالمخدرات اللاتى اشتد عليهن الامر فاحتجن الى تشمير سوقهن فى الهرب بسبب وقوع امر هائل بالغ الى نهاية الشدة مع انهن لا يخرجن من بيوتهن ولا يبدين زينتهن لغير محارمهن لغاية خوفهن وزوال عقلهن من دهشتن وفرارهن لخلاص انفسهن فاستعمل فى حق اهل الموقف من الاشقياء ما يستعمل فى حقهن من غير تصرف فى مفردات التركيب بل التصرف انما هو فى الهيئة التركيبية فكشف الساق استعارة تمثيلية فى اشتداد الامر وصعوبته قال المولى الفنارى فى تفسير الفاتحه فالساق التى كشف لهم عبارة عن امر عظيم من اهوال يوم القيامة تقول العرب كشفت الحرب عن ساقها اذا عظم امرها وتقول لمن وقع فى امر عظيم شديد يحتاج فيه الى جهد ومقاساة شمر عن ساقك وكذلك التفت الساق بالساق اى دخلت الاهوال والامور العظام بعضها فى بعض يوم القيامة وقيل ساق الشئ اصله الذى به قوامه كساق الشجر وساق الانسان فان ساق الشجر مثلا اصله والاغصان تنبت على ذلك الاصل وتقوم به فالمعنى حينئذ يوم يكشف عن اصل الامر فتظهر حقائق الامور واصولها بحيث تصير عيانا وتنكيره على الوجه الاول للتهويل لان يوم القيامة يوم يقع فيه امر فظيع هائل منكر خارج عن المألوف وعلى الثانى للتعظيم { ويدعون } اى الكفار والمنافقون { الى السجود } توبيخا وتعنيفا على تركهم اياه فى الدنيا وتحسيرا لهم على تفريطهم فى ذلك لا على سبيل التكليف والتعبد لان يوم القيامة لا يكون فيه تعيد ولا تكليف وسيأتى غير هذا { فلا يستطيعون } لزوال القدرة الحقيقية عليه وسلامة الاسباب والآلات وفيه دلالة على انهم يقصدون السجود فلا يتأنى منهم ذلك ابن مسعود رضى اللّه عنه تعقم اصلا به اى ترد عظاما بلا مفاصل لا تنثنى عند الرفع والخفض فيبقون قياما على حالهم حتى تزداد حسرتهم وندامتهم على تفريطهم وفى الحديث ( وتبقى اصلابهم طبعا واحدا ) اى فقارة واحدة . ودرخبرست كه بشت كافر ومنافق جوق سرون كاويك مهره شود ( كأن سفافيد الحديد فى ظهورهم ) عن ابى بردة عن ابى موسى رضى اللّه عنه قال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول ( اذا كان يوم القيامة مثل لكل قوم ما كانوا يعبدونه فى الدنيا فذهب كل قوم الى ما كانوا يعبدون فى الدنيا ويبقى اهل التوحيد فيقال لهم كيف بقيتم فيقولون ذهب الناس فيقولون ان لنا ربا كنا نعبده فى الدنيا ولم نره فيقال تعرفونه اذا رأيتموه فيقولون نعم فيقال لهم كيف ولم تروه قالوا الا يشبهه شئ فيكشف لهم الحجاب فينظرون الى اللّه تعالى فيخرون ن له سجدا ويبقى اقوام ظهورهم مثل صياصى البقر فيريدون السجود ولا يستطيعون كقوله تعالى يوم يكشف الخ يقول اللّه يا عبادى ارفعوا رؤوسكم قد جعلت بدل كل رجل منكم رجلا من اليهود والنصارى فى النار ) قال ابو بردة فحدثت بهذا الحديث عمر بن عبد العزيز رحمه اللّه فقال واللّه الذى لا اله الا هو أحدثك ابوك بهذا الحديث فحلفت له بثلاث ايمان فقال عمر ما سمعت من اهل التوحيد حديثا هو أحب الى من هذا الحديث وفى تفسير الفاتحة للفنارى رحمه اللّه يتجلى الحق فى ذلك اليوم فيقول لتتبع كل امة ما كانت تعبد حتى تبقى هذه الامة وفيها منافقوها فيتجلى لهم الحف فى ادنى صورة من الصور التى كان يتجلى لهم فيها قبل ذلك فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ باللّه منك نحن منتظرون حتى يأتينا ربنا فيقول لهم جل وعلا هل بينكم وبينه علامة تعرفونه بها فيقولون نعم فيتحول لهم فى الصورة التى عرفوه فيها بتلك العلامة فيقولون أنت ربنا فيأمرهم بالسجود فلا يبقى من كان يسجد لله الا سجد ومن كان يسجد اتقاء ورياء جعل ظهره طبقة نحاس كلما أراد ان يسجد خر على قفاه وذلك قوله تعالى يوم يكشف الخ وقال ايضا يكون على الاعراف من تساوت كفتا ميزانه فهم ينظرون الى النار وينظرون الى الجنة ومالهم رجحان بما يدخلهم احدى الدارين فاذا دعوا الى السجود وهو الذى يبقى يوم القيامة من التكليف يسجدون فيرجح ميزان حسناتهم فيدخلون الجنة انتهى. وكفته اندكه دران روزنورى عظيم بنمايد وخلق بسجده در افتند. فيكون كشف الساق عبارة عن التجلى الالهى كما ذهب اليه البعض وفى الحديث ( يوم يكشف عن ساق ) قيل عن نور عظيم يخرون له سجدا كما فى كشف الاسرار وفيه ايضا عن أبى هريرة رضى اللّه عنه عن النبى صلّى اللّه عليه وسلّم قال ( يأخذ اللّه عز وجل للمظلوم من الظالم حتى لا يبقى مظلمة عند احد حتى انه ليكلف شائب اللبن بالماء ثم يبيعه أن يخلص اللبن من الماء فاذا فرغ من ذلك نادى مناد ليسمع الخلائق كلهم ألا ليلحق كل قوم بآلهتهم وكانوا يعبدون من دون اللّه فلا يبقى احد عبد شيأ من دون اللّه الا مثلت له آلهته بين يديه ويجعل اللّه ملكا من الملائكة على صور عزير ويجعل ملكا من الملائكة على صورة عيسى بن مريم فيتبع هذا اليهود ويتبع هذا النصارى ثم تلويهم آلهتهم الى النار وهم الذين يقولون اللّه لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيه خالدون واذا لم يبق الا المؤمنون وفيهم المنافقون قال اللّه لهم ذهب الناس فالحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون فيقولون واللّه ما لنا اله الا اللّه وما كنا نعبد غيره فيكشف لهم عن ساق ويتجلى لهم من عظمته ما يعرفون به انه ربهم فيخرون سجدا على وجوههم ويخر كل منافق على قفاه وتجعل اصلابهم كصياصى البقر ثم يضرب الصراط بين ظهرانى جهنم ) انتهى. واعلم ان حديث التحول مجمع عليه وهو من آثار الصفات الالهية كرؤيته فى المنام فى الصورة الانسانية والا فاللّه تعالى بحسب ذاته منزه عن الصورة وما يتبعها ومن مشى على امرتب لم يعثر ثم ان الآية دلت على جواز ورود الامر بتكليف ما لا يطاق والقدرية لا يقولون بذلك ففيها حجة عليهم كما فى اسئلة المقحمة لكن ينبغى أن يعلم ان المراد بما لا يطاق هو المحال العادة كنظر الاعمى الى المصحف ولا نزاع فى تجويز التكليف به وكذا المحال العارضى كايمان أبى جهل فانه صار محالا بسبب عارض وهو اخبار اللّه تعالى بانه لا يؤمن وقد أجاز الاشاعرة التكليف به ومنعه المعتزلة واما المحال العقلى وهو الممتنع لذاته كاعدام القديم فلم يذهب الى جواز التكليف به احد. ٤٣ { خاشعة ابصارهم } حال من مرفوع يدعون على ان ابصارهم مرتفع به على الفاعلية ونسبة الخشوع الى الابصار لظهور اثره فيها والا فالاعضاء ايضا خاشعة ذليلة متواضعه بل الخاشع فى الحقيقه هو القلب لكونه مبدأ الخشوع ( وقال الكاشفى ) يعنى خداوندان ابصار سر دربيش افكنده وشر منده باشد. قال الو الليث وذلك ان المسلمين اذا رفعوا رؤوسهم من السجود صارت بيضاء كالثلج فيما نظر اليهم اليهود والنصارى والمنافقون وهم الذين لم يقدروا على السجود حزنوا واغتموا واسودت وجوههم كما قال تعالى { ترهقهم } تلحقهم وتغشاهم فان الرهق غشيان الشئ الشئ { ذلة } شديدة تخزيهم كأنه تفسير لخشوع ابصارهم يقال ذل يذل ذلا بالضم وذلة بالكسر وهو ذليل يعنى خوار { وقد كانوا } فى الدنيا { يدعون } دعوة التكليف { الى السجود } اى اليه والاظهار فى الموضع الاضمار لزيادة التقرير او لان المراد به الصلاة او ما فيها من السجود وخص السجود بالذكر من حيث انه اعظم الطاعات قال بعضهم يدعون بدعوة اللّه صريحا مثل قوله تعالى فاسجدوا لله واعبدوا او ضمنا مثل قوله تعالى اقيموا الصلاة فان الدعوة الى الصلاة دعة الى السجدة وبدعوة رسول اللّه عليه السلام صريحا كقوله عليه السلام ( اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ) فاكثروا الدعاء قالوا اى السجود او ضمنا كقوله عليه عليه السلام ( صلوا خمسكم وصوموا شهركم وأدوا زكاة اموالكم واطيعوا اذا امركم تدخلوا جنة ربكم ) وبدعوة علماء كل عصر ومن اعظم الدعوة الى السجود اذ ان المؤمذنين واقامتهم فان قولهم حى على الصلاة دعوة بلا مرية فطوبى لمن اجاب دعوتهم بطوع لا باكراه امتثالا لقوله تعالى اجيبو اداعى اللّه والجملة حال من ضمير يدعون { وهم سالمون } حال من مرفوع يدعون الثانى اى اصحاء فى الدنيا سلمت اعضاؤهم ومفاصلهم من الآفات والعلل متمكنون من ادآء السجدة وقبول الدعوة اقوى تمكن اى فلا يجيبون اليه ويابونه وانما ترك ذكره ثقة بظهوره وبالفارسية وايشان تندرست بودند وقادر بران جون فرصت فوت كردند درين روز جز حسرت وندامت بهره ندارند مده فرصت از دست كر بايدت ... كه كوى سعادت زميدان برى كه فرصت عزييزست جون فوت شد ... بسى دست حسرت بدندان برى وفى الآية وعيد لمن ترك الصلاة المفروضة او تخلف عن الجماعة عن الجماعة المشروعة قال رجل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ادع اللّه أن يرزقنى مرافقتك فى الجنة فقال اعنى بكثرة السجود وكان السلف يعزون انفسهم ثلاثة ايام اذا فاتهم التكبير الاول وسبعة اذا فاتهم الجماعة قال ابو سليمان الدارانى قدس سره أقمت عشرين سنة ولم أحتلم فدخلت مكة فأحدثت بها حدثا فما اصبحت الا احتلمت وكان الحديث ان فاتته صلاة العشاء بجماعة وقال الشيخ ابو طالب المكى قدس سره فى قوت القلوب ولا بد مق صلاة الجماعة سيما اذا سمع التأذين او كان فى جوار المسجد وحد الجوار أن يكون بينه وبين المسجد مائة دار واولى المساجد التى يصلى فيها اقربها اليه الا أن يكون له نية فى الا بعد لكثرة الخطى او لفضل امام فيه فالصلاة خلف العالم الفاضل افضل او يريد اى يعمر بيتا من بيوت اللّه بالصلاة فيه وان بعد وقال سعيد ابن المسيب رحمه اللّه من صلى الخمس فى جماعة فقد ملأ البر والبحر عبادة وقال ابو الدردآء رضى اللّه عنه حالفا باللّه تعالى من احب الاعمال الى اللّه ثلاثة امر بصدقة وخطوة الى صلاة جماعة واصلاح بين الناس وفى الآية اشارة الى انه يرفع الحجاب ويبقى المحجوبون فى حجاب انا نيتهم ويشتد عليهم الامر ويدعون الى الفناء فى اللّه فلا يستطيعون لافساد استعدادهم الفطرى بالركون الى الدنيا وشهواتها ذليلة ابصارهم متحيرة لذهاب قوتها النورية تلحقهم ذلة الحجاب وهو ان الاحتجاب وقد كانا افى زمان استعدادهم يدعون الى سجود الفناء بترك اللاذت والشهوات وهم نائمون فى نوم الغفلة لا يرفعون له رأسا الفساد استعداد مزاجهم بالعلل النفسانية والامراض الهيولانيه. ٤٤ { فذرنى ومن يكذب بهذا الحديث } من منصوب للعطف على ضمير المتكلم او على انه مفعول معه وهو مرجوح لا مكان العطف من غير ضعف اى واذا كان حالهم فى الآخرة كذلك فدعنى ومن يكذب القرءآن وخل بينى وبينه ولا تشغل قلبك بشأنه وتوكل على فى الانتقام منه فانى عالم بما يستحقه من العذاب ويطبق له وكافيك امره يقال ذرنى واياه يريدون كله الى فانى اكفيك قال فى فتح الرحمن وعبد ولم يكن ثمة مانع ولكنه كما تقول دعنى مع فلان اى سأعاقبه والحديث القرءآن لان كل كلام يبلغ الانسان من جهة السمع او الوحى فى يقظته او منامه يقال له حديث { سنستدرجهم } يقال استدرجه الى كذا اذا استنزله اليه درجة درجة حتى يورطه فيه وفى تاج المصادر الاستدراج اندك اندك نزديك دانيدن خداى بنده را بخشم وعقوبت خود. والمعنى ستستزلهم الى العذاب درجة فدرجة بالاحسان وادامة الصحة وازدياد النعمة حتى نوقعهم فيه فاستدراج الشخص الى العذاب عبارة عن هذا الاستنزال والاستدناء { من حيث لا يعلمون } اى من الجهة الى لا يشعرون انه استدراج وهو الانعام عليهم لانهم يحسونه ايثارا لهم وتفضيلا على المؤمنين وهو سبب لهلاكهم وفى الحديث ( اذا رأيت اللّه ينعم على عبد وهو مقيم على معصيته فاعلم انه مستدرج ) وتلا هذه الآية وقال امير المؤمنين رضى اللّه عنه من وسع عليه دنياه فلم يعلم انه قد مكر به فهو مخدوع عن عقله ( وروى ) ان رجلا من بنى اسرآئيل قال يا رب كم اعصيك ولم أنت لا تعاقبنى فأوحى اللّه الى نبى زمانه ان قل له كم من عقوبه لى عليك وان لا تشعر كونها عقوبة ان جمود عينك وقساوة قلبك استدراج منى وعقوبة لو عقلت قال بعض المكاشفين من المكر الالهى بالعبد أن يرزق العلم ويحرم العمل به او يرزق العمل ويحرم الاخلاص فيه فمن علم اتصافه بهذا من نفسه فليعلم انه ممكور به واخفى ما يكون المكر الالهى فى المتأولين من اهل الاجتهاد وغيرهم ومن يعتقد أن كل مجتهد مصيب يدعو الناس على بصيرة وعلم قطعى وكذلك مكر اللّه بالخاصة خفى مستور فى ابقاء الحال عليهم وتأييدهم بالكرامات مع سوء الأدب الواقع منهم فتراه يتلذذون باحوالهم ويهجمون على اللّه فى مقام الادلال وما عرفوا ما ادخر لهم من المؤاخذات نسأل اللّه العافية وقال بعض العارفين مكر اللّه فى نعمه اخفى منه فى بلائه فالعقال من لا يأمن مكر اللّه فى شئ وأدنى مكر بصاحب النعمة الظاهرة او الباطنة انه يخطر فى نفسه انه مستحق لتلك النعمة وانها من اجل اكرامه خلقت ويقول ان اللّه ليس بمحتاج اليها فهى لى بحكم الاستحقاق وهذا يقع فيه كثيرا من لا تحقيق عنده من العارفين لان اللّه انما خلق الاشياء بالاصالة لتسبح بحمده واما انتفاع عباده بها فبحكم التبعية لا بالاول وقال بعض المحققين كل علم ضرورى وجده العبد فى نفسه من غير تعمل فكر فيه ولا تدبر فهو عطاء من اللّه لوليه الخاص بلا واسطة ولكن لا يعرف ان ذلك من اللّه الا الكمل من الرجال ويحتاج صاحب مقام الفتوح الى ميزان دقيق لانه قد يكون فى الفتوح مكر خفى واستدراج ولذلك ذكره تعالى فى القرآء على نوعين بركات وعذاب حتى لا يفرح العاقل بالفتح قال تعالى ولو أن اهل الكتاب آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء وقال تعالى فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد وتأمل فول قوم عاد هذا عارض ممطرنا لما حجبتهم العادة فقيل لهم بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم. واعلم ان كل فتح اعطاء أدبا وترقيا فليس هو بمكر بل عناية من اللّه لك وكل فتح اعطى العبد أحوالا وكشفا واقبالا من الحق فليحذر منه فانه نتيجة عجلت فى غيره موطنها فينقلب صاحبها الى الدار الآخرة صفر اليدين نسأل اللّه اللطف قال أبو الحسين رضى لاله عنه المستدرج سكران والسكران لا يصل اليه ألم فجع المعصية الا بعد افاقته فاذا افاقوا من سكرتهم خلص ذلك الى قلوبهم فانزعجوا ولم يطمئنوا والاستدراج هو السكون الى اللذات والتنعم بالنعمة ونسيان ما تحت النعم من المحن والاغترار بحلم اللّه تعالى وقال أبو سعيد الخرازقدس سره الاستدراج فقدان اليقين فالمستدرج من فقد فوآئد باطنه واشتغال بظاهره واستكثر من نفسه حركاته وسعيه لغيبوبته عن المنه وقال بعضهم بالاستدراج تعرف العقوبة ويخاف المقت وبالانتباه تعرف النعمة ويرجى القرب. ٤٥ { وأملى لهم } الاملاء مهلت دادن. اى وامهلهم باطالة العمر وتأخير الاجل ليزدادوا انما وهم يزعمون ان ذلك لارادة الخير بهم { ان كيدى } اى اخذى بالعذاب { متين } قوى شديد لا يطاق ولا يدفع بشئ وبالفارسية وبدرستى كه عقوبت من محكم است بهر جيزى دفع نشود وكرفتن من سخت است كس را طاقت آن نباشد. وفى الكشاف سمى احسانه وتمكينه كيدا كما سماء استدراجا لكونه فى صورة الكيد حيث كان سببا للتورط فى الهلكة ووصفه بالمتانة لقوة ثر احسانه فى التسبب للهلاك قال بعضهم الكيد اظهارا النفع وابطان الضر للمكيد وفى المفردات الكيد ضرب من الاحتيال وقد يكون محمودا ومذموما وان كان يستعمل فى المذموم اكثر وكذلك الاستدراج والمكر ولكون بعض ذلك محمودا قال تعالى كذلك كدنا ليوسف قال بعضهم أراد بالكيد العذاب والصحيح انه الامهال المؤدى الى العذاب انتهى وفى التعريفات الكيد ارادة مضرة الغير خفية وهو مل الخلق الحيلة السيئة ومن اللّه التدبير بالحق لمجازة اعمال الخلق. ٤٦ { ام تسألهم } آيا مبطلى از ايشان برابلاغ وارشاد ودعوت ايمان وطاعت . وهو معطوف على قوله ام لهم شركاء { اجرا } دنيويا { فهم } لاجل ذلك { من مغرم } اى من غرامة مالية وهى ما ينوب الانسان فى ماله من ضرر لغير جناية منه { مثقلون } مكلفون حملا ثقيلا فيعرضون عنك اى لا تسأل منهم ذلك فليس لهم عذر فى اعراضهم وفرارهم. ٤٧ { ام عندهم الغيب } اى اللوح او المغيبات { فهم يكتبون } منه ما يحكمون من التسوية بين المؤمن والكافر ويستغنون به عن علمك. ٤٨ { فاصبر لحكم ربك } وهو امهالهم وتأخير نصرتك عليهم { ولا تكن } فى التضجر والعجلة بعقوبة قومك وبالفارسية مباش در دلتنكى وشتاب زدكى. { كصاحب الحوت } اى يونس عليه السلام يعنى يونس كه صبر نكرد براذيت قوم وبى فرمانى الهى ازميان قوم برفت تابشكم ماهى محبوس كشت { اذ نادى } داعيا الى اللّه فى بطن الحوت بقوله لا اله الا أنت سبحانك انى كنت من الظالمين { وهو مكظوم } مملوء غيظا وغما يقال كظم السقاء اذا ملأ وسد رأسه وبالقيد الثانى قال تعالى والكاظمين الغيظ بمعنى الممسكين عليه وعليه قوله النبى صلّى اللّه عليه وسلّم ( من كظم غيظا وهو يقدر على انفاذه ملأ اللّه قلبه امنا وايمانا ) والجملة حال من ضمير نادى وعليها يدور النهى لانها عبارة عن الضجرة والمغاضبة المذكورة صريحا فى قوله وذا النون اذ ذهب مغاضبا لا على الندآء فانه امر مستحسن ولذلك لم يذكر المنادى واذا منصوب بمضاف محذوف اى لا يكن حالك كحاله وقت ندآئه اى لا يوجد منك ما وجد منه من الضجر والمغاصبة فبتلى ببلائه وهو التقام الحوت او بنحو ذلك قال بعضهم فاصبر لحكم ربك بسعادة من سعد وشقاوة من شقى ونجاة من نجا وهلاك من هلك ولا تكن كصاحب الحوت فى استيلاء صفات النفس عليه وغلبة الطيش والغضب للاحتاب عن حكم الب حتى رردعن جناب القدس الى مقر الطبع فالتقمه حوت الطبيعة السفلية فى مقام النفس وابتلى بالاجتنان فى بطن حوت الرحم. ٤٩ { لولا ان تداركه } ناله وبلغه ووصل اليه وبالفارسية اكرنه آتست كه دريافت اورا { نعمة } رحمة كائنة { من ربه } وهو توفيقه للتوبة وقبولها منه وحسن تذكير الفعل للفصل بالضمير وان مع الفعل فى تأويل المصدر مبتدأ خبره مقدر بمعنى ولولا تدارك نعمة من ربه اياه حاصل { لنبذ } اى طرح من بطن الحوت فان النبذ القاي الشئ وطرحه لقلة الاعتداء به { بالعرآء } اى بالارض الخالية من الاشجار قال الراغب العرآء مكان لا سترة به { وهو مذموم } مليم مطرود من الرحمة والكرامة لكنه رحم فبنبذ غير مذموم بل سقيما من جهة الجسد ومليم من ألام الرجل بمعنى اتى ما يلام عليه ودخل فى اللوم فان قلت فسر المذموم بالمليم وقد اثبته اللّه تعالى بقوله فالتقمه الحوت وهو مليم اجيب على ذلك التفسير بأن الا لامه حين الالتقام لا تستلزم الا لامة حين النبذاذ التدارك نفاها فالتفت على ما هو حكم لولا الامتناعية كما اشير اليه فى تصوير المعنى آنفا وهو حال من مرفوع نبذ عليها يعتمد جواب لولا لانها هى المنفية لا النبذ بالعرآء كما فى الحال الاولى لانه نبذ غير مذموم بل محمود. ٥٠ { فاجتباه ربه } عطف على مقدراى فتداركته نعمة ورحمة من ربه فجمعه اليه وقربه بالتوبة عليه يأن در اليه الوحى وارسله الى مائة ألف او يزيدون يقال جيبت الماء فى الحوض جمعته والحوض الجامع له جابية والاجتباء الجمع على طريق الاصطفاء وقيل اشتنباه ان صح انه لم يكون نبيا قبل هذه الواقعة ومن انكر الكرامات والارهاص لا بد ان يختار القول الاول لان احتباسه فى بطن الحوت وعدم موته هناك لما لم يكون ارهاصا ولا كرامة لا بد أن يكون معجزة وذلك يقتضى ان يكون رسولا قبل هذه الواقعة { فجعله من الصالحين } من الكاملين فى الصلاح بأن عصمه من ان يفعل فعلا يكون تركه اولى روى انها نزلت بأحد حين هم رسول اللّه عليه السلام ان يدعو على المنهزمين فتكون الآية مدينة وقيل حين اراد أن يدعو على ثقيف. حق تعالى فرمودكه صبركن وآن دعا در توقف داركه كارها بصبر نيكوشود كارها ازصبر كردد دلبسند ... خرم آن كزصبرباشد بهره مند جون درافتادى بكر داب حرج ... صبركن ولاصبر مفتاح الفرج دلت الآيات على فضيلة الصبر وعلى ان ترك الاولى يصدر من الانبياء عليهم السلام والا لما كان يونس عليه السلام مليما وعلى ان الندم على ما فرط من العبد والتضرع الى اللّه لذلك من وسائل الاكرام وعلى ان توفيق اللّه نعمة باطنة منه وعلى ان الصلاح درجة عالية لا ينالها الا هل الاجتباء وعلى ان فعل العبد مخلوق لله لدلالة قوله فجعله من الصالحين على ان الصلاح انما يكون بجعل اللّه وخلقه وان كان للعبد مدخل فيه بسبب الكسب بصرف ارادته الجزئية والمعتزلة يأولونه تارة بالاخبار بصلاحه وتارة باللطف له حتى صلح لكنه مجاز والاصل هو الحقيقة. ٥١ { وان } مخففة واللام دليلها { يكاد الذين كفروا ليزلقونك بابصارهم } يقال الزلقه ازل جله يعنى لمغزانيد { لما سمعوا الذكر } لما ظرفية منصوبة بيزلقونك والمعنى انهم من شدة عداوتهم لك ينظرون اليك شزرا اى نظر الغضبان بمؤخر العين بحيث يكادون يزلون قدمك فيرمونك وقت سماعهم القرءآن وذلك لاشتداد بغضهم وحسدهم عند سماعه من قولهم نظر الى نظرا يكاد يصرعنى اى لو أمكنه بنظره الصرع لفعله اوانهم يكادون يصيبونك بالعين قال فى كشف الاسرار الجمهور على هذا القول روى انه كان فى بنى اسد عيانون والعيان والمعيان والعيون شديد الاصابة بالعين وكان الواحد منهم اذا اراد ان يعين شيأ يتجوع له ثلاثة ايام ثم يتعرض له فيقول تاللّه ما رأيت احسن من هذا فيتساقط ذلك الشئ وكان الرجل منهم ينظر الى الناقة السمينة او البقرة السمينة ثم يعينها ثم يقول للجارية خذى المكتل والدرهم فأتينا بلحم من لحم هذه فما تبرح حتى تقع فتنحر والحاصل انه لا يمر به شئ فيقول فيه لم ار كاليوم مثله الاعانه وكان سببا لهلاكه وفساده فسأل الكفار من قريش من بعض من كانت له هذه الصفة ان يقول فى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما رأيت مثله ولا مثل حججه. تابر توجمال آن حضرت بآسيب عين الكمال از ساحت عالم محو سازد. فقال فعصمه اللّه تعالى ( وقال الكاشفى ) حق تعالى براى عصمت وى از جشم بداين آيت را فرستاد. قال الحسن البصرى قدس سره دوآء الاصابة بالعين ان تقرأ هذه الآية ( كما قال الحافظ ) حضور مجلس انس است دوستان جمعند ... وان يكاد بخوانيد ودر فراز كنيد وفى الاسرار المحمدية قل قيل ان فى هذه الآية خاصبة لدفع العين تعليقا وغسلا وشربا انتهى وفى الحديث ( العين حق ) اى اثرها فى المعين واقع قالوا ان الشئ لا يعان الا بعد كماله وكل كامل فانه يعقبه النقض بقضاء ولما كان ظهور القضاء بعد العين اضيف ذلك اليها ولما خاف يعقوب عليه السلام على اولاده من العين لانهم كانوا اعطوا جمالا وقوة وامتداد قامة وكانواولد رجل واحد قال يا بنى لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبوا بمتفرقة فأمرهم ان يتفرقوا فى دخولها لئلا يصابوا بالعين وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يعوذ الحسن والحسين فيقول اعوذ بكلمات اللّه التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة ويقول هكذا كان يعوذ ابراهيم اسمعيل واسحق عليهم السلام وعن عبادة بن الصامت رضى اللّه عنه قال دخلت على رسول اللّه عليه السلام فى اول النهار فرأيته شديد الوجع ثم عدت اليه آخر النهار فوجدته معافى فقال ( ان جبريل اتانى فرقانى فقال بسم اللّه ارقيك من كل شئ يؤذيك ومن كل عين وحاسد اللّه يشفيك ) قال عليه السلام ( فأفقت ) والرقية بالفارسية افسون كردن. يقال رقاه الراقى رقيا ورقية اذا عوذه ونفث فى عوذته قالوا وانما تكره الرقية اذا كانت بغير لسان العرب ولا يدرى ما هو ولعله يدخله سحر او كفر واما ما كان من القرءآن او شئ من الدعوات فلا بأس به كما فى المغرب للمطرزى ولا تختص العين بالانس بل تكون فى الجن ايضا وقيل عيونهم انفذ من اسنة الرماح وعن ام سلمة رضى اللّه عنها ان النبى عليه السلام رأى فى بتيها جارية تشتكى وفى وجهها صفرة فقال اسرتقوا لها فان بها النظرة وأراد بها العين اصابتها من الجن كما فى شرح المصابيح وفى الحديث ( لو كان شئ يسبق القدر لسبقة العين ) اى لو كان شئ مهلكا او مضرا بغير قضاء اللّه وقدره لكان العين اى اصابتها لشدة ضررها وعنه عليه السلام ان العين لتدخل الرجل القبر والجمل القدر ومما يدفع العين ما روى ان عثمان رضى اللّه عنه رأى صبيا مليحا فقال دسموا نونته لئلا تصيبه العين اى سودوا نقرة ذقنه قالوا ومن هذا القبل نصب عظام الرؤوس فى المزارع والكروم ووجهه ان النظر الشؤم يقع عليها اولا فتنكر سورته فلا يظهر اثره ومن الشفاء من العين ان يقال على ماء فى اناء نظيف ويسقيه منه ويغسله عنس عابس بشهاب قابس رددت العين من المعين عليه والى احب الناس اليه فارجع لابصر هل ترى من فطور والفاتحة وآية الكرسى وست آيات الشفاء وهى ويشف صدور قوم مؤمنين شفاء لما فى الصدور فيه شفاء للناس ونتزل من القرءآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين واذا مرضت فهو يشفين قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء. ومن الشفاء ان يؤمر العائن فيغتسل او يتوضأ بماء ثم يغتسل به المعين قيل وجه اصابة العين ان الناظر اذا نظر الى شئ واستحسنه ولم يرجع الى اللّه والى رؤية سنعه قد يحدث اللّه فى المنظور علة بجناية نظره على غفلة ابتلاء لعباده ليقول المحق انه من اللّه وغيره من غيره فيؤاخذ الناظر لكونه سببها ووجهها بعض بأن العائن قد ينبعث من عينه قوة سمية تتصل بالمعين فيهلك او يفسد كما قيل مثل ذلك فى بعض الحيات قال فى الاسرار المحمدية ذوات السموم تؤثر بكيفياتها الخبيثة الكامنة فيها بالقوة فمتى قابلت عدوها انبعثت منها قوة غضبية وتكيفت نفسها بكيفية خبيثة مؤذية ومثلها ما تشتد كيفيتها وتقوى حتى تؤثر فى اسقاط الجنين ومنها ما يؤثر فى طمس البصر ومنها ما يؤثر فى الانسان كيفيتها بمجرد الرؤية من غير اتصال به لشدة خبث تلك النفس وكيفيتها الخبيثة المؤثرة والتأثير غير موقوف على الاتصالات الجسمية بل بعضه بالمقابلة والرؤية كما اشتهر عن نوع من الافاعى انها اذا وقع بصرها على الانسان هلك فهو من هذا الجنس ولا يستبعد ان تنبعث من عين يعض الناس جواهر لطيفة غير مرئية فتتصل بالمعين وتتخلل مسام جسمه اى ثقبه كالفم والمنخر والاذن فيتضرر به واذا كانت النفوس مختلفة فى جواهرها وماهياتها لم يتمتنع ايضا وبه يحصل الجواب عمن انكر اصابة العين وقال انها لا حقيقة لها لان تأثير الجسم فى الجسم لا يعقل الا بواسطة المماسة ولا مماسة ههنا فامتنع حصول التأثير انتهى وعقلاء الامم على اختلاف مللهم ونحلهم لا تدفع امر العين ولا تنكره وبعض النفوس لا تحتاج الى المقابلة بل بتوجه الروح ونحوه يحصل الضرر فربما يوصف الشئ للاعمى فتؤثر نفسه فيه بالوصف من غير مقابلة ورؤية واذا قتلت ذوات لاسموم بعد لسعها خفَّ اثر لسعها لان الجسد تكيف بكفية الاسم وصار قابلا للانحراف فما دامت حية فان نفسها تمده بامتزاج الهوآء بنفسها وانتشاق الملسوع به قال الجاحظ علماء الفرس والهند واطباء اليونانيين ودهاة العرب واهل التجربة من المعتزلة وحذاق المتكلمين كانوا يكرهون الاكل بين يدى السباع يخافون عيونها لما فيها من النهم والشره لما ينحل عند ذلك من اجوافها من البخار الرديئ وينفصل من عيونها ما اذا خالط الانسان نقصه وافسده وكانوا يكرهون قيام الخدم بالمذاب والاشربة على رؤوسهم مخافة العين وكانوا يأمرون ابتاعهم قبل ان يأكلوا ان يطردوا الكلب والسنور او يشغلوه بما يطرح له ومن هذا يعرف بعض اسرار قوله عليه السلام من اكل وذو عينين ينظر اليه ولم يواسه ابتلاء بدآء لا دوآء له وفائدة الرقى ان الروح اذا تكيفت به وقويت واستعانت بالنفث والتفل قابلت ذلك الا تر الذى حصل من النفوس الخبيثة والخواص الفاسدة فأزالته والحاصل ان الرقية بما ليس بشرك مشروعة لكن التحرز من العين لازم وانه واجب على كل مسلم اعجبه شئ ان يبرك ويقول تبارك اللّه احسن الخالقين اللهم بارك فيه فانه اذا دعا بالبركة صرف المحذور لا محالة ومن عرف باصابة العين منع من مداخلة الناس دفعا لضرره قال بعض العلماء يأمره الامام بلزوم بينه وان كان فقيرا رزقه ما يقوم به معاشه ويكف اذاه عن الناس وقيل ينفى والاحتياط الامر بلزوم بيته دون الحبس والنفى وبهذا التقرير يعرف حال المجذومين ولذا اتخذوا لهم فى بعض البلاد مكانا مخصوصا بحيث لا يخالطون الناس ولا بشار كونهم فى محلاتهم وذكر الجاحظ ان اعجب ما فى الدنيا ثلاثة البوم لا تظهر بالنهار خوفا ان تصيبها العين لحسنها قال فى حياة الحيوان ولما تصور فى نفسه انه احسن الحيوان لم يظهر الا بالليل والثانى الكركى لا يطار الارض بقدميه بل باحداهما فاذا وطئها لم يعتمد عليها خوفا ان تخسف الارض والثالث الطائر الذى يقعد على سواقى الماء من الانهار يعرف بمالك الحزين شبيه الكركى لا يشبع من الماء خشية ان يفنى فيموت عطشا ففى الاول اشارة الى ذم العجب وفى الثانى الى مدح الخوف وفى الثالث الى قدح الحرص فليعتبر العاقل من غير العاقل والسعيد من وعظ بغيره واخذ الاشارة من كل شئ نسأل اللّه البصيرة التامة بمنه { ويقولون } لغاية حيرتهم فى امره عليه السلام ونهاية جهلهم بما فى القرءآنه من بدائع العلوم لوتنفير الناس عنه والا فقد علموا انه اعقلهم { انه } عليه السلام { لمجنون } الظاهر أنه مثل قولهم يا أيها الذيى نزل عليه الذكر انك لمجنون ( وقال الكاشفى ) بدرستى كه اين مرد ديو كرفته يعنى باوجنى است كه اورا تعليم ميدهند. كما قال الوليد ابن المغيرة معلم مجنون يعنى يأتيه رئئ من الجن فيعلمه وحيث كان مدار حكمهم الباطل ما سمعوا منه عليه السلام رد ذلك ببيان علو شأنه وسطوع برهانه فقيل ٥٢ { وما هو الا ذكر للعالمين } على انه حال من فاعل يقولون مفيدة لغاية بطلان قولهم وتعجيب للسامعين من جرآءتهم على التفوه بتلك العظيمة اى يقولون ذلك والحال ان القرءآن ذكر للعالمين من الجن والانس اى تذكير وبيان لجميع ما يحتاجون اليه من امور دينهم فأين من انزل عليه ذلك وهو مطلع على اسراره طرا ومحيط بجميع حقائقه خبرا مما قالوا فى حقه من الجنون اى انه من اول الامور على كمال عقله وعلو شأنه فمن نسب اليه القصور فانما هو من جهله وجنته فان الفضل لا يعرفه الا ذووه اذا لم يكن للمرء عين صحيحة ... فلا غرو وان يرتاب والصحيح مسفر وقيل معناه شرف وفضل لقوله تعالى وانه لذكر لك ولقومك وفيه اشارة الى الالهام فانه ذكر لصاحبه ولمن اعتقده واقتدى به اذا الآثار باقية الى يوم القيامة وقيل الضمير لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وكونه ذكرا وشرفا للعالمين لا ريب فيه اى شرف جمله عالم بتو ... روشنى ديده عالم بتو وفيه اشارة الى سادات امته واركان دينه. |
﴿ ٠ ﴾