سُورَةُ الْمَعَارِجِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ أَرْبَعٌ وَأَرْبَعُونَ آيَةً

١

{ سأل سائل بعذاب واقع } من السؤال بمعنى الدعا والطلب يقال دعا بكذا استدعاه وطلبه ومنه قوله تعالى يدعون فيها بكل فاكهة اى يطلبون فى الجنة كل فاكهة والمعنى دعا داع بعذاب واقع نازل لا محالة سوآء طلبه او لم يطلبه اى استدعاه وطلبه ومن التوسعات الشائعة فى لسان العرب حمل النظير على النظير وحمل النقيض على النقيص فتعدية سأل بالباء من قبيل التعدية بحمل النظير على النظير فانه نظير دعا وهو يتعدى بالباء لا من قبيل التعدية بالتضمين بأن ضمن سأل معنى دعا فعدى تعديته كما زعمه صاحب الكشاف لان فائدة التضمين على ما صرح به ذلك الفاضل فى تفسير سورة النحل اعطاء مجموع المعنيين ولا فائدة فى لجمع بين معنى سأل ودعا لان احدهما يغنى عن الاخر والمراد بهذا السائل على ما روى عن ابن عباس رضى اللّه عنهما واختاره الجمهور هو النضر بن الحارث من بنى عبد الدار حيث قال انكارا واستهزآء اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء او ائتنا بعذاب أليم وصيغة الماضى وهو واقع دون سيوقع للدلالة على تحققق وقوعه اما فى الدنيا وهو عذاب يوم بدر فان النضر قتل يومئذ صبرا

واما فى الآخرة وهو عذاب النار وعن معاوية انه قال لرجل من اهل سبأ ما اجهل قومك حين ملكوا عليهم امرأة قال اجهل من قومى قومك قالوا لرسول اللّه عليه السلام حين دعام الى الحق ان كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السماء ولم يقولوا ان كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا له

وقيل السائل هو الرسول عليه السلام استعجل بعذابهم وسأل ان يأخذهم اللّه اخذا شديدا ويجعله سنين كسنى يوسف وان قوله تعالى سأل سائل حكاية لسؤالهم المعهود على طريقة قوله تعالى يسألونك عن الساعة وقوله تعالى متى هذا الوعد ونحوهما اذ هو المعهود باوقوع على الكافرين لا ما دعا بها النضر فالسؤال بمعناه وهو التفتيش والاستفسار لان الكفرة كانوا يسألون النبى عليه السلام واصحابه انكارا واستهزآء عن وقوعه وعلى من ينزل ومتى ينزل والباء بمعنى عن كما فى قوله تعالى فاسأل به خبيرا اى فاسأل عنه لان الحروف العوامل يقوم بعضها مقام بعض باتفاق العلماء وعن الامام الواحدى ان الباء فى بعذاب زائدة للتأكيد كما فى قوله تعالى وهزى اليك بجذع النخلة اى عذابا واقعا كقولك سألته الشئ وسألته عن الشئ.

﴿ ١