سُورَةُ الْمُزَّمِّلِ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ عِشْرُونَ آيَةً ١ { يا ايها المزمل } اى المزمل من تزمل بثايباه اذا تلفف بها وتغطى فأدغم التاء فى الزاى فقيل المزمل بتشديدين كان عليه السلام نائما بالليل متزملا فى قطفية اى دثار مخمل فأمر أن يترك التزمل الى التشمر للعبادة ويختار التهجد على الهجود وقال ابن عباس رضى اللّه عنهما اول ما جاءه جبريل خافه فظن ان به مسا من الجن فرجع من حبل حرآء الى بيت خديجة مرتعدا وقال زملونى فبينما هو كذلك اذ جاء جبريل وناداه وقال يا ايها المزل وعن عكرمة ان المعنى يا أيها الذى زمل امرا عظيما اى حمله والزمل الحمل وازمله احتمله قال السهيلى رحمه اللّه ليس المزمل من اسمائه عليه السلام التى يعرف بها كما ذهب اليه بعض الناس وعده فى اسمائه وانما المزمل مشتق من حالته التى كان عليها حين الخطاب وكذا المدثر وفى خطابه بهذا الاسم فائدتان احداهما الملاطفة فان العرب اذا قصدت ملاطفة المخاطب وترك المعاتبة سموه باسم مشتق من حالته التى هى عليها كقوله النبى عليه السلام لعلى رضى اللّه عنه حين غاضب فاطمة رضى اللّه عنها اى اغضبها واغضبته فأتاه وهو نائم قد ليق بجنبه التراب فقال له ( قم يا أبا تراب اشعارا بأنه غير عاتب عليه وملاطفة له ) وكذلك قوله عليه السلام لحذيفة رضى اللّه عنه ( قم يا نومان ) وكان نائما ملاطفة واشعارا بترك العتب والتأديب فقول اللّه تعالى لمحمد عليه السلام يا ايها المزمل تأنيس وملاطفة ليشعر انه غير عاتب عليه والفائدة الثانية التنبيه لكل متزمل راقد ليله لينتبه الى قيام الليل وذكر اللّه فيه لان الاسم المشتق من الفعل يشترك فيه مع المخاطب كل من عمل بذلك العمل واتصف بتلك الصفة انتهى وفى فتح الرحمن الخطاب الخاص بالنبى عليه السالك كأيها المزمل ونحوه عام للامة الا بدليل يخصه وهذا قول احمد والحنفية والمالكية وقال اكثر الشافعية لا يعمهم الا بدليل وخطابه عليه السلام لواحد من الامة هل يعم غيره قال الشافعى والحنفية والاكثر لا يعم وقال أبو الخطاب من ائمة الحنابلة ان وقع جوابا عم والا فلا. ٢ { قم الليل } بكسر الميم لالتقاء الساكنين اى لا تتزمل وترقد ودع هذه الحال لما هو افضل منها وقم الى الصلاة فى الليل فانتصاب الليل على الظرفية وان استغرق الحدث الواقع فيه فحذف فى واوصل الفعل اليه فنصب لان عمل الجر لا يكون فى الفعل والنصب اقرب اليه من الرفع ومن ذلك قال بعضهم هو مفعول نظرا الى الظاهر فىلاستعمال ومن ذلك فمن شهد منكم الشهر فليصمه وقوله لينذر يوم التلاق فى احد الوجهين كما سبق ومثله الاحياء فى قوله من احيى ليلة القدر ونحوه فان الأحياء وان كان واقعا على الليل فى الظاهر لكن المراد به احياء الصلاة والذكر فى الليل واستعمالها وحد الليل من غروب الشمس الى طلوع الفجر قال بعض العارفين ان اللّه اشتقاق الى مناجاة حبيبه فناداه أن يقوم فى جوف الليل وقد قالوا ان القيام والمناجاة ايسا من الدنيا بل من الجنة لما يجده اهل الذوق من الحلاوة { الا قليلا } استثناء من الليل. ٣ { نصفه } بدل من الليل الباقى بعد الثنيا بدل الكل والنصف احد شقى الشئ اى قم نصفه والتعبير عن التصف المخرج بالقليل لاظهار كمال الاعتداد بشأن الجزء المقارن للقيام والايذان بفضله وكون القيام فيه بمنزلة القيام فى اكثرة فى كثرة الثواب يعنى انه يجوز ان يوسف النصف المستثنى بكونه قليلا بالنسبة الى النصف المشغول بالعبادة مع انهما متساويان فى المقدار من حيث ان النصف الفارغ لا يساويه بحسب الفضيلة والشرف فالاعتبار بالكيفية لا بالكمية وقال بعضهم ان القلة فى النصف بالنسبة الى الكل لا الى العديل الآخرون الا لزم أن يكون احد الصفين المسايين اقل من الآخر وفيه انه من عرآئه عن الفائده خلاف الظاهر كما فى الارشاد { او انقص منه } اى انقص القيام من النصف المقارن له الى الثلث { قليلا } اى نقصان قليلا او مقدار قليلا بحيث لا ينحظ الى نصف الليل. ٤ { او زد عليه } اى زد القيام على النصف المقارن له الى الثلثين فالمعنى تخييره عليه السلام بين أن يقوم نصفه او اقل منه او اكثر اى قم الى الصلاة فى الزمان الحدود المسمى بالليل الا فى الجزء القليل منه وهو نصفه او انقص القيام من نصفه او زد عليه قيل هذا التخيير على حسب طول الليل وقصرها فالنصف اذا استوى لليل والنهار والنقص منه اذا اقصر الليل والزيادة عليه اذا طال الليل { ورتل القرءآن } فى اثناء مذكر من القيام اى اقرأه على تؤدة وتبيين حروف وبالفارسة وقرآرا كشاده حروف خوان بحديكه بمضى آن بربى بمضى باشد { ترتيلا } بليغا بحيث يتمكن السامع من عدها ولذا نهى ابن مسعود رضى اللّه عنه عن التعجل وقال ولا يكن هم احدكم آخر السورة يعنى لا يد للقرئ من الترتيل ليتمكن هو ومن حضرة من التأمل فى حقائق الآيات فعند الوصول الى ذكر اللّه يستشعر عظمته وجلاله وعند الوصول الى الوعد والوعيد يقع فى الرجاء والخوف وليسلم نظم القرءآن من الخلل والرتل اتساق الشئ وانتظامه على استقامة والترتيل هويدا كردن سخن بى تكلفت. قال فى الكشاف ترتيل القرءآن قرآءته على ترسل وتؤدة بتبيين الحروف واشباع الحركات حتى يجيئ المتلو منه شبيها بالثغر المرتل وهو المفلج المشبهة بنور الاقحوان وأن لايهزه هزا ولا يسرده سردا كما قال عمر رضى اللّه عنه شر السير الحقحقة وشر القرآءة الهذمرة حتى يجيئ التلو فى تتابعه كالثغر الالص والامر بترتيل القرآن يشعر بأن الامر بقيام الليل نزل بعدما تعلم عليه السلام مقدارا منه وان قل وقوله انا سنلقى على الاستقبال بالنسبة الى بقية القرآن ثم الظاهر ان الامر به يعم الامة لانه امر مهم للكل والامر للوجوب كما دل عليه التأكيد وللندب وكانت قرآءته عليه السلام مدا يمد ببسم اللّه ويمد بالرحمن ويمد بالرحيم اما الاولان فمدهما طبيعى قدر الالف واما الخير فمده عارضى بالسكون فيجوز فيه ثلاثة اوجه الطول وهو مقدار الفات ثلاث والتوسط قدر الفين والقصر قدر الف وكان عليه السلام مجودا للقرءآن كما انزل وتجويده تحسين الفاظه باخراج الحروف من مخارجها واعطاء حقوقها من صفاتها كالجهر والهمس واللين ونحوها وذلك بغير تكلف وهو ارتكاب المشقة فى قرآءته بالزيادة على ادآء مخرجه والمبالغة فى بيان صفته فينبغى أن يتجفظ فى الترتيل عن التمطيط وهو التجاوز عن الحد وفى الحدر عن الادماع والتخليط بان تكون قرآءته بحال كأنه يلف بعض الحروف والكلمات فى بعض آخر لزيادة الشرعة وذلك ان القرآءة بمنزلة البياض ان قل صار سمرة وان كثر صار برصا وما فوق الجعودة فهو القطط فما كان فوق القرآءة فليس بقرءآة فعلم من هذا ان التجويد على ثلاث مراتب ترتيل وحدر وتدوير. اما الترتيل فهو تؤدة وتأن وتمهل قال فى القاموس ورتل الكلام ترتيلا احسن تأليفه وترتل فيه ترسل انتهى وهو مختار ورش وعاصم وحمزة ويؤديه قوله عليه السلام من قرأ القرءآن اقل من ثلاث لم يفهمه وفى قوت القلوب افضل القآءة الترتيل لان فيه التدبر والتفكر وافضل الترتيل والتدبر للقرءآن ما كان فى صلاة وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما لأن اقرأ البقرة ارتلها وأتدبرها احب الى من أن اقرأ القرءآن كله هذرمة اى سرعة وعن النبى عليه السلام انه قرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم قرأها عشرين مرة وكان له كل مرة فهم وفى كل كلمة علم وقد كان بعضهم يقول كل آية لا أفهما ولا يكون قلبى فيها لم اعد لها ثوابا وكان بعض السلف اذا قرأ سورة لم يكن قلبه اعادها ثانية قال بعض العلماء لكل آية ستون الف فهم وما بقى من فهمها اكثر قال مالك بن دينار رحمه اللّه اذا قام العبد بتهجد الليل ويرتل القرءآن كما أمر قرب الجبار منه قال وكانوا يرون ان ما يجدونه فى قلوبهم من الرقة والحلاوة وتلك الفتوح والانوار من قرب الرب من القلب وفى الحديث ( يوتى بقارئ القرءآن يوم القيامة فيوقف فى اول درج الجنة ويقل اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل فى الدنيا فان منزلتك عن آخر آية تقرآها ) ولكون المقصود من انزل القرءآن فهم الحقائق والعمل بالفحاوى شرع الانصات لقرآء القرءآن وجوبا فى لاصلاة وندبا فى غيرها وللقارئ اجر وللمستمع اجران لانه يسمع وينصت او يسمع بانذيه بقرأ بلسان واحد والمستمع يؤدى الفرض ولذا قالوا استماعه اثوب من تلاوته ( ولى سلسلة الذهب للمولى الجامى ) صرف او كن حواس جسمانى ... وقف او كن قواى روحانى دل بمعنى زبان بلفظ سبار ... جشم برخط ونقط وعجم كذار كوش از ومعدن جواهركن ... هوش از ومخزن سرآئركن دراد ايش مكن زبان كج مج ... حرفهايش اذا كن از مخرج دور باش ازتهتك وتعجيل ... كام كيراز تأمل وترتيل واما الحدر فهو الاسراع فى القرءآن كما روى انه ختم القرءآن فى ركعة واحدة اربعة من الامة عثمان بن عفان وتميم الدارى وسعيد ابن جبير وابو حنيفة رضى اللّه عنهم وكان همسر بن المنهال يختم فى الشهر تسعين ختمة وما لم يفهم رجع فقرأ مرة اخرى وفى القاموس وأبو الحثمنا مع فهام التلاوة النتهى. واما ما روى فى مناقب الشيخ موسى السدرانى من اكابر اصحاب الشيخ ابى مدين رضى اللّه عنه من ان له وردا فى اليوم والليلة سبعين ألف ختمة فمعناه ان اليوم والليلة اربع وعشرون ساعة فيكون فى كل اثنتى عشرة ساعة خمصة وثلاثون ألف ختمة لانها اما أن تنبسط الى ثلاث واربعين سنة وتعسة اشهر واما الى اكثر وعلى التقدير الاول يكون اليوم والليلة منبسطا الى سبع وثمانين سنة وستة اشهر فيكون فى كل يوم وليلة من ايام السنين المنبسطة ايامها وليالها ختمتان ختمة فى اليوم وختمة فى الليلة كما هو العادة ويحتمل التوجيه بأقل من ذلك باعتبار سرعة القارئ وهذا اى الحدر مختار ابن كثير وأبى عمرو وقالون. وام التدوير فهو التوسط بين الترتيل والحدر وهو يختار ابن عامر والكسائى وهذا كله انما يتصور فى مراتب الممدود وفى الحديث ( رب قارئ للقرءآن والقرءآن يلعنه ) وهو متناول لمن يخل بمبانيه او معانيه او بالعمل بما فيه وذلك موقوف على بيان اللحن وهو انه جلى وخفى فالجلى خطا يعرض للفظ ويخل بالمعنى بأن بدل حرفا مكان حرف بأن يقول مثلا الطالحات بدل الصالحات وبالاعراب كرفع المجرور ونصبه سوآء تغير المعنى به ام لا كما اذا قرأ ان اللّه بريئ من المشركين ورسوله يجر رسوله الخفى خط يخل بالعرف والضابطة كترك الاخفاء والادغام والاظهار والقلب وكترقيق المفخم وعكسه ومد المقصور وقصر الممدود وامثال ذلك ولا شك ان هذا النوع مما ليس بقرض عين يترتب عليه العقاب الشديد وانما فيه التهديد وخوف العقاب قال بعضهم اللحن الخفى الى لا يعرفه الا مهرة القرء من تكرير الراآت وتطنين النونات وتغليظ اللامات وترقيق الراآت فى غير محلها لا يتصور ان يكون من فرص العين يترتب عليه العاب على فاعلها لام فيه من حرج ولا يكلف اللّه نفسا الا وسعها وفى بعض شروح الطريقة ومن الفتنة ان يقول لأهل القرى والبوادى ولعجاز والعبيد والاماء لا تجوز الصلاة بدون التجويد وهم لا يقدرون على التجويد فيتركون الصلاة رأسا فالواجب أن يعلم مقدار ما يصح به النظم والمعنى ويتوغل فى الاخلاص وحضور القلب لعنت است اين كه بهر لهجه وصوت ... شود از تو حضور خاطر فوت فكر حسن غنا برد هوشت ... متكلم شود فراموشت لعنت است اين كه سازدت بى سيم ... روز وشب با امير وخواجه نديم لعنت است اين كه همت توتمام ... كنت مصروف لفظ وحرف وكلام نقد عمرت زفكرت معوج ... خرج شد در رعايت مخرج صرف كردى همه حيات سره ... در قراآت سبعه وعشره همجنين هرجه از كلام اخدا ... جزخدا قبله دلست ترا موجب لعن ومايه طرد ست ... حبذا مقبلى كه زان فردست معنئ لعن جيست مردودى ... بمقامات بعد خشنودى هركه ماند ازخدا بيك سرمو ... آمد اندر مقام بعد حرو كرجه ملعون نشد زحق مطلق ... هست ملعون بقدر بعد ازحق روى ان عمر ان بن حصين رضى اللّه عنه مر على وقاص يقرأ ثم يسأل فاسترجع ثم قال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول من قرأ القرءآن فليسأل اللّه به فانه سيجيئ اقوام يقرأون القرءآن يسألون به الناس انتهى فيكون اعطاء شئ اياه من قبيل الاعانة على المعصية كالاعطاء لسائل المسجد وهو يتخطى رقاب الناس ولا يدع السواك فى كل ما استيقظ من نوم الليل والنهار وفى الخبر طيبوا طرق القرءآن من افواهكم باستعمال السواك والصلاة بعد السواك تفضل على بغير سواك سبعين ضعفا وفى قوت القلوب وفى الجهر بالقرءآن سبع نيات منها الترتيل الذى امر به ومنها تحسين البيوت بالقرآن الذى ندب اليه فى قوله عليه السلام زينوا القرءآن بأصواتكم وفى قوله اليس منا من لم يتغن بالقرءآن اى يحسن صوته وهو احب من اخذه بمعنى الغنية والاكتفاء ومنها أن يسمع اذنيه ويوفظ قلبه ليتدبر الكلام ويتفهم المعانى ولا يكون ذلك كله الا فى الجهر ومنها أن يطرد النوم عنه برفع صوته ومنها أن يرجو يجهره يقظة نائم فيذكر اللّه فيكون هو سبب احيائه ومنها أن يره بطال غافل فينشط للقيام ويشتاق الى الخدمة فيكون هو معاونا له على البر والتقوى ومنها ان يكثر يجهره تلاوته ويدوم قيامه على حسب عادته للجهر ففى ذلك كثرة عمله فاذا كان القار على هذه النيات فجهره افضل لان فيه اعمالا وانما يفضل العمل بكثرة النيات وكان اصحاب رسول اللّه عليه السلام اذا اجتمعوا امروا احدهم أن يقرأ سورة من القرءآن وفى شرح الترغيب اختلف فى القرآءة بالالحان فكرهها مالك والجمهور لخروجها عما جاء القرءآن له من الخشوع والتفهم واباحها ابو حنيفة وجماعة من السلف للاحاديث لان ذلك سبب للرقة واثارة الخشيه وفى ابكار الافكار انما استحب تحسين الصوت بالقرآءة وتزيينه ما لم يخرج عن حد القرآءة بالتمطيط فان افرط حتى زاد حرفا او اخفاه فهو حرام وقال بعض اهل المعرفة قوله رتل اى اتل وجاءت التلاوة بمعنى الابلاغ فى مواضع من القرءآن فالمعنى بلغ احكام القرءآن لاهل النفوس المتمردة المنحرفة عن الاقبل على الآخرة وهم العوام وهذا من قبيل الظهر كما قال عليه السلام ما من آية الا ولها ظهر وبطن وحد ومطلع وفصل معانية لاصحاب القلوب المقبلة على المولى كما قال تعالى كتاب فصلت آياته وهم الخواص وهذا من قبيل البطن وفهم حقائقه لسدنة الاسرار المستهلكين فى عين المشاهدة المستغرقين فى بحر المعاينة وهم اخص الخواص وهذا من قبيل الحدو اوجد اسراره لارباب الارواح الطاهرة الفانين عن ناسوتيتهم الباقين بلاهوتيته. ٥ { انا سنلقى عليك } اى سنوحى اليك وايثار الالقاء عليه لقوله تعالى { قولا ثقلا } وهو القرءآن العظيم المنطوى على تكاليف شاقة ثقيلة على المكلفين وايضا ان القرءآن قديم غير مخلوق والحاديث يذوب تحت سطوة القديم الا من كان مؤيدا كالنبى عليه السلام والثقل حقيقة فى الاجسام ثم يقال فى المعانى وقال بعضهم ثقيلا تلقية كما سئل رسول اللّه عليه السلام كيف يأتيك الوحى قال احيانا يأتينى مثل صلصلة الجرس وهو أشد على فيفصم عنى اى يقلع وينحى وقد وعين ما قال واحيانا يتمثل الى الملك رجلا فيكلمنى فأعى ما يقول قالت عائشة رضى اللّه عنها ولقد رأيته ينزل عليه الوحى فى اليوم الشدسد البرد فيفصم عنه وان جبينه ليرفض عرقا اى يترشح ( قال الكاشفى ) در حين نزول وحى برآن حضرت برين وجه كه مذكور شداكر برشتر سوارى بودى دست وباى شترخم كشتى واكرتكيه برران يكى ازياران داشتى خوف شكستن آن بودى ودرين محل روى كلبركش برافر وخته ( مصراع ) بسان كل كه بصحن جمن برافروزد. وفى التأويلات النجمية ثقل المحمول بحسب لطف الحامل ولا شك ان نبينا عليه السلام كان ألطف الانبياء خلقا واعدلهم مزاجا وطبعا واكملهم روحانية ورحمانية وافضلهم نشأة وفطرة واشملهم استعدادا وقابلية فلذلك خص القرءآن بالثقل من بين سائر الكتب السماوية المشتملة على الاوامر والنواهى والاحكام والشرآئع للطف فطرته وشمول رحمته والجملة اعتراض بين الامر وهو قم الليل وبين تعليله وسر ان ناشئة الليل الخ لتسهل ما كلفه عليه السلام من القيام يعنى ان فى توصيف ما سياقى عليه بالثقل ايماء الى ان ثقل هذا التكليف بالنسبة اليه كالعدم فاذا كان ما سيكلف اصعب وأشق فقد سهل هذا التكاليف وفى الكشاف أراد بهذا الاعتراض ان ما كلفه من قيام الليل من جملة التكاليف الصعبة التى ورد بها القرآن لان الليل وقت السبات والراحة والهدوء فلا بد لمن احياه من مضاده لطبعه ومجاهدة لنفسه فمن استأنس بهذا التكليف لا يثقل عليه امثاله. يقول الفقير سورة المزمل مما نزل فى اوائل النبوة فكان قوله انا سنلقى عليك قولا ثقيلا يشير الى مدة الوحى البافيه لان حروفه مع اعتبار النون المدغم فيها ونونى التنوين اثنان وعشرون فالسين ذلك على الاستقبال ومجموع الحروف على المدة الباقية وجعل القرءآن حملا ثقيلا لانه عليه السلام بعث لتتميم مكارم الاخلاق ولا شك ان ما كان اجمع كان اثقل واللّه تعالى اعلم بمراده وايضا ان كون القول ثقيلا انما الى النفس الخفيفة اللطفية فخفيف ولطيف ولذا كان تعب التكاليف مرفوعا عن الكمل فهم يجدون العبادات كالعادات فى ارتفاع الكلفة وفى الذوق والحلاوة. ٦ { ان ناشئة الليل } اى النفس التى تنشأ فى الليل من مضجعها الى العبادة اى تنهض من نشأ من مكانه اذا نهض فالموصوف محذوف والاضافة للملابسة بمعنى النفس الناشئة فى الليل { هى } خاصة { اشد وطئا } اى كلفة وثقلا مصدر قولك وطئى الشئ اى داسه برجله او جعل عليه ثقله فان النفس القائمة بالليل الى العبادة اشد وطئا من التى تقوم بالنهار فلا بد من قيام الليل فان افضل العبادات اشقها فالوطئ مصدر من المبنى للمفعول لان الواطئ الذى يلقى ثقله على العابد هو العبادة فى الليل فيكون العابد بالليل اشد موطو أله من العابد بالنهار ووطئا نصب على التمييز ويجوز ان يكون معنى اشد ووطئا اشد ثبات قدم واستقرارها فيكون المقصود بيان وجه اختيار الليل وتخصيصه بالامر بالقيام فيه من حيث انه تعالى جعل الليل لباسا يستر النار وبمنعهم عن الاضطراب والانقلاب فى اكتساب المعاش اسم من القول بمعناه بقلب الواو ياء اى ازيد من جهة السداد والاستقامة فى المقال ومن جهة الثبات والاستقرار على الصواب يعنى خواندن قرآن دور بصوا بتراست كه دل فارغ باشد واصوات ساكن وزبان بادل موافقت نمايد بزبان مى خواند وبدل تفكر ميكند خاموش شد عالم بشب تاجست باشى در طلب ... زيرا كه بانك عربده تشويش خلوتخانه بود ... ويحتمل ان تكون ناشئة الليل بمعنى قيام الليل على ان الناشئة مصدر من نشأ كالعافية بمعنى العفو وهذا وافق لسان الحبشة حيث يقولون نشأ اذا قام او يكون بمعنى العبادة التى تنشأ بالليل اى تحدث فيكون الوطئ مصدرا من المبنى للفاعل فان كل واحد من قيام الليل من العبادة التى تحدث فيه ثقيلان على العابد من قيام النهار والعبادة فيه بمعنى اشد وطئا اثقل واغلظ على المصلى من صلاة النهار فيكون افضل يعنى آن سخت تراست ازجهت رنج وكلفت جه ترك خواب وراحت برنفس بغايت شاق است. ويحتمل ان يكون المراد بناشئة الليل ساعاته فانها تحدث واحدة بعد واحدة اى ساعات الليل الناشئة اى الحادثة شيأ بعد شئ فتكون الناشئة صفة ساعات الليل فتكون اشد وطئا اى بملاحظة القيام فيها من ساعات النهار لكن ابن عباس رضى اللّه عنهما قيد الناشئة بما كان بعد العشاء فما كان قبلها فليس بناشئة وخصصتها عائشة رضى اللّه عنها بما كان بعد النوم فلو لم يتقدمها نور لم تكن ناشئة وفى قوت القلوب ان يصلى بين العشاءين ما تيسر الى ان يغيب الشفق الثانى وهو البياض الذى يكون بعد ذهاب الحمرة وقيل غسق الليل وظلمته لانه آخر ما يبقى من شعاع الشمس فى القطر الغربى اذا قطعت الارض العليا ودارت من ورآء جبل قاف مصعدة تطلب المشرق فهذا الوقت هو المستحب لصلاة العشاء الآخر وهو آخر الورد الاول من اوراد الليل والصلاة فيه ناشئة الليل اى ساعته لانها اول نشوء ساعاته وقرأ ابن عامر وأبو عمرو وطاء بالكسر والمدمن المواطأة بمعنى الموافقة فان فسرت الناشئة بالنفس الناشئة كان المعنى انها اشد من جهة موافقة القلب الكائن لها لسانها وان فسرت بالقيام او العبادة او الساعات كان المعنى انها اشد من جهة موافقة قلب القائم لسانه فيها او من جهة كونها موافقة لما يراد من الخشوع والاخلاص وعن الحسن رحمه اللّه اشد موافقة بين السر والعلانية لانقطاع رؤية الخلائق. ٧ { ان لك فى النهار سبحا طويلا } اى تقلبا وتصرفا فى مهما تك كتردد السابح فى الماء واشتغالا بشواغلك فلا تستطيع ان تتفرغ للعبادة فعليك بها فى الليل وهذا بيان للداعى الخارجى الى قيام الليل بعد بيان ما فى نفسه من الداعى قال الراغب السبح المر السريع فى الماء او فى الهوآء استعير لمر النجوم فى الفلك كقوله تعالى وكل فى فلك يسبحون ولجرى الفرس كقوله تعالى فالسابحات سبحا ولسرعة الذهاب فى العمل كقوله تعالى ان لك فى النهار سبحا طويلا وفى تاج المصادر السبح تصرف كردن در معيشت. وفى بعض التفاسير قيل السباحة لما فيه من التقلب باليد والرجل فى الماء وقيل معنى الآية ان فانك من الليل شئ فلك فى النهار فراغ تقدر على تداركه فيه حتى لا ينقص شئ من حظك من المناجاة لربك ويناسبه قوله عليه السلام من نام عن حزبه او عن شئ منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل ومن اقوال المشايخ ان المريد الصادق اذا فاته ورد من ا وراده يليق به ان يقضيه ولو بعد شهر حتى لا تتعود النفس بالكسل فالورد من الشؤون الواردة عن الرسول عليه السلام وأخيار امته ومن لا ورد له اى وارد خاص بالخواص وفى قوت القلوب من فاته ورد من الاوراد استحب له فعل مثله متى ذكره لا على وجه القضاء لانه لا تقضى الا الفرآئض ولكن على سبيل التدارك ورياضة النفس بذلك ليأخذ العزآئم كيلا يعتاد الرخص. ٨ { واذكر اسم ربك } ودم على ذكره تعالى ليلا ونهارا على اى وجه كان من تسبيح وتهليل وتحميد وصلاة وقرآءة قرءآن ودراسة علم خصوصا بعد صلاة الغداة وقيل غروب الشمس فانهما من ساعات الفتح والفيض وذكر اللّه على الدوام من وظائف المقربين سوآء كان قلبا او لسانا او اركانا وسآء كان قياما او قعودا او على الجنوب وبالفارسية ويادكن بروردكار خودرا وباسماء حسنى اورا بخوان. قال عليه السلام من احصاها اى حصلها دخل الجنة فالمراد من ذكر اسمه فكره تعالى بواسطة ذكر اسمه ولذا قال تعالى واذكر ربك اذ نسيت فالذكر والنسيان فى الحقيقة كلاهما من صفات القلب وعند تجلى المذكور يفنى الذكر والذاكر كما قال الاسماء المجازية بما يسر اللّه الاشتغال به وداوم عليه فلا ريب انه يحصل بينه وبين سر هذا الاسم المشتغل به وروحه بعناية اللّه وفضله مناسبة ما بقدر الاشتغال ومتى قويت تلك المناسبة بينهما وكملت بحسب قوة الاشتغال وكماله يحصل بينه وبين مدلوله من الاسماء الحقيقية بواسطة هذه المناسبة الحاصلة مناسبة بقدرها قوة وكمالا ومتى بلغت الى حد الكمال ايضا هذه المناسبة الثانية الحاصلة بينه وبين هذا الاسم الحقيقى بجود الحق سبحانه وعطائه يحصل بينه وبين مسماه الحق تعالى مناسبة بمقدار المناسبة الثانية من جهة القوة والكمال لان العبد بسبب هذه المناسبة يغلب قدسه على دنسه ويصير مناسبا لعالم القدس بقدر ارتفاع حكم الدنس فحيئذ يتجلى الحق سبحانه له من مرتبة ذلك الاسم بحسيها وبقدر استعداده ويفيض عليه ما شاء من العلوم والمعارف والاسرار الالهية والكونية اما من الوجه العام وطريق سلسلة ترتيب المراتب والحضرات وغيرها من الوسائط والاسباب والادوات والمواد المعنوية والصورة واما من الوجه الخاص بدون الوسائل والاغار او منهما معا جميعا اذ وجه اما هذا او ذاك لا غيرهما غير نسبة الجمع بينهما وقال بعضهم فى الآية اذا أردت قرآءة القرءآن او الصلاة فقل بسم اللّه الرحمن الرحيم وقال القاشانى واذكر اسم ربك الذى هو انت اى اعرف نفسك واذكرها ولا تنسها فينساك اللّه واجتهد لتحصيل كمالها بعد معرفة حقيقتها { وتبتل اليه تبتيلا } التبتل الانقطاع وتبتيل دل ازدنيا بريدن. والمعنى وانقطع الى ربك انقطاعا تاما بالعبادة واخلاص والية والتوجه الكلى كما قال تعالى قل اللّه ثم ذرهم وبالفارسية يعنى نفس خودرا از انديشه ما سوى اللّه مجرد ساز واز همكى روى بردار دل در وبند واز غيرش بكسل ... هرجه جز اوست برون كن از دل وليس هذا منافيا لقوله عليه السلام لارهبانية ولا تبتل فى الاسلام فان التبتل هنا هو الانقطاع عن النكاح ومنه قيل لمريم العذرآء رضى اللّه عنه البتول اى المنقطة عن الرجال والانقطاع عن النكاح والرغبة لقوله تعالى وأنكحوا الايامى منكم وقوله عليه السلام ( تناكحوا تكثروا فانى اباهى بكم الامم يوم القيامة ) واما اطلاق البتول على فاطمة الزهرآء رضى اللّه عنها فلكونها شبيهة بسيدة نساء بنى اسرآئيل فى الانقطاع عما سوى اللّه لا عن النكاح وقيل تبتلا مكان تتتلا لا معنى تبتل بتل نفسه فجيئ به على معناه مراعاة الحق الفواصل لان حظ القرءآن من حسن النظم والرصف فوق كل حظ وقال بعضهم لما لم يكن الانقطاع الكلى الى بتجريد النبى عليه السلام نفسه عن اعوائق الصادرة علن مراقبة اللّه وقطع العلائق عما سواه قيل تبتلا مكان تبتلا فيكون النظم من قبيل الاحتياك كما فى قوله تعالى واللّه انبتكم من الارض نباتا على وجه وهو ان التقدير انبتكم منها انباتا فنبتم نباتا وكذا التقدير ههنا اى تبتل اليه تبتلا يبتلك عما سواه تبتيلا والانسب يبتلك اسم ربك بفناء صفاتك وافعالك وتبتل اليه تبتيلا بفناء ذاتك وبقاء ذاته ثم ان التبتل يكون من الدنيا ان ظاهرا فقط فهو مذموم كبعض الحفاة العراة الذين اظهروا الفقر فى ظواهرهم وابطنوا الحرص فى ضمائرهم واما باطنا فقط وهو ممدوح كالاغنياء من الانبياء والاولياء عليهم السلام فانهم انقطعوا عن الدنيا باطنا اذ ليس فيهم حب الدنيا اصلا وانما لم ينقطعوا ظاهرا لان ارادتهم تابعة لارادة اللّه واللّه تعالى أراد ملكهم ودولتهم كسليمان ويوسف وداود وأيوب والاسكندر وغيرهم عليهم السلام واما ظاهرا وباطنا كالكثر الانبياء والاولياء وقد يكون التبتل من الخلق اما ظاهرا فقط كتبتل بعض المتعبدة فى قلل الجبال واجواف المغارات لجذب القلوب وجلب الهدايا واما باطنا لاظهارها كأهل الارشاد وهم عامة الانبياء وبعض الاولياء اذ لا بد فى ارشاد الخلق من مخالطتهم واما ظاهرا وباطنا كبعض الاولياء الذين اختار والعزلة وسكنوا فى المواضع الخالية عن الناس قال بعضهم السلوك الى اللّه تعالى يكون بالتبتل ومعناه الاقبال على اللّه بملازمة لاذكر والاعراض عن غيره بمخالفة الهوى هذا هو السفر بالحركة المعنوية من جانب المسافر الى جانب المسافر اليه وان كان اللّه أقرب الى العبد من حبل الوريد فان مثال الطالب والمطلوب مثال صورة حاضرة مع مرآءة لكن لا تتجلى فيها لصدأ فى وجهها فمتى صقلتها تجلب فيها الصور لا بارتحال الصورة اليها ولا بحركتها الى جانب الصورة ولكن بزوال الحجاب فالحجاب فى عين العبد والا فاللّه متجل بنوره غير خفى على اهل البصيرة وان كان فرق بين تجل وتجل بحسب المحل ولذا قال عليه السلام ان اللّه يتجلى للناس عامة ولأبى بكر خاصة كتجلى صورة واحدة فى مرءآة واحدة واليه الاشارة بقوله عليه السلام ( لى مع اللّه وقت ) اذ لا يخفى ان التجلى فى ذلك الوقت مخصوص به عليه السلام لا يزاحمه غيره فيه. يقولالفقير ان فى هذا المقام اشكالا وهو انه عليه السلام اذا كان مستغرق الاوقات فى الذكر دآئم الانقطاع الى اللّه على ما افاده الآيتان فكيف يتأتى له السبح فى النهار على ما افصح عنه قوله تعالى ان لك فى النهار سباح طويلا ولعل جوابه من وجوه الاول ان الامر بالذكر الدآئم والانقطاع الكلى من باب الترقى من الرخصة الى العزيمة كما يقتضيه شأن الا كامل والثانى ان السبح فى النهار ليس من قبيل الواجب فله ان يختار التوكل على التقلب ويكون مستوعب الاوقات بالذكر والثالث ان الشغل الظاهر لا يقطع الكمل عن مراقبته تعالى كما قال تعالى رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر اللّه وقال تعالى الذين هم على صلاتهم دآئمون والرابع ان ذلك بحسب اختلاف الاحوال والا شخاص فمن مستغل ومن ذاكر واللّه اعلم بالمرام. ٩ { رب المشرق والمغرب } مرفوع على المدح اى هو ربهما وخالقهما ومالكهما وما بينهما من كل شئ قال فى كشف الاسرار يريد به جنس المشارق والمغارب فى الشتاء والصيف { لا اله الا هو } استئناف لبيان ربوبيته بنفى الالوهية عما سوه يعنى هيج معبودى نيست سزاوار عبادت مكر او { فاتخذه } لمصالح دينك ودنياك والفاء لترتيب الامر وموجبه على اختصاص الا لوهية والربوبية به تعالى { وكيلا } موكولا ومفوضا اليه لاصلاحها واتمامها واستراح أنت وفى التأويلات النجمية رب مشرق الذات المطلقة عن حجب تعينات الاسماء والصفات ورب مغرب الصفات والاسماء لاستتاره باستتار حجب الصفات وهى حجب الذات وهو المتعين فى جميع الموجودات فلا اله الا هو فاتخذه وكيلا اى جرد نفسك عنك وعن وجودك المجازى واتخذ وجوده الحقيقى مقام وجودك المجازى وامش جانبك هذا مثل ما قال المريد لشيخه اريد ان احد على التجريد فقال له شيخه جرد نفسك ثم سر حيث شئت قال المام القشيرى رحمه اللّه ان اللّه هو المتولى لاحوال عباده يصرفهم على ما يشاء ويختار واذا تولى امرعبد بجميل العناية كفاه كل شغل واغناه عن كل غير فلا يستكثر العبد حوآئجه لعلمه ان مولاه كافيه ولهذا قيل من علامات التوحيد كثيرة العيال على بساط التوكل ( حكى ) عن ممشاد الدينورى رحمه اللّه انه قال كان على دين فاهتممت به فى بعض الليالى وضاق صدرى فرأيت كأن قائلا يقول لى أخذت هذا بعد ذلك قصابا ولا يقال ثم قال القشيرى اعلم ان من جعل المخلوق وكيلا له فانه يسأله الاجر وقد يخونه فى ماله وقد يخطئ فى تصرفه او يخفى عنه الاصوب والارشد لصاحبه ومن رضى بلاللّه وكيلا اعطاه الاجر وحقق آماله واثنى عليه ولطف به فى دقائق احواله بما لا يهدتدى اليه اماله بتفاصيل سؤاله ومن جعل اللّه وكيلا لزمه ايضا ان يكون وكيلا لله على نفسه فى استحقاق حقوقه وفرآئضه وكل ما يلزمه فيخاصم نفسه فى ذلك ليلا ونهارا لا يفتر لحظة ولا يقصر طرفة قال الزروقى رحمه اللّه خاصية الاسم الوكيل نفى الحوآئج والمصائب فمن خاف ريحا او صاعقة او نحوهما فليكثر منه فانه يصرف عنه لسوء ويفتح له أبواب الخير والرزق. ١٠ { واصبر على ما يقولون } يعنى قريشا مما لا خير فيه من الخرافات والهذيانات فى حق اللّه من الشريك والصاحبة والولد وفى حقك من الساحر والشاعر والكاهن والمجنون وفى حق القرءآن من انه اساطير الاولين ونحو ذلك { واهجرهم هجرا جميلا } تأكيد للامر بالصبر اى واتركهم تركا حسنا بأن تجابنهم بقلبك وهو اك وتداريهم ولا تكافئهم وتكل امورهم الى ربهم كما اعرب عنه ما بعد الآية قال الراغب الهجر والهجران مفارقة الانسان غيره اما بالبدن او باللسان او بالقلب وقوله تعالى واهجرهم هجرا جميلا يحتمل للثلاثة ويدعو على تحريها ما امكن مع تحرى المجاملة قال الحكماء تسلح على الاعدآء بحسن المداراة حتى تبصر فرصة آسايش دوكيتى تفسير اين دو حرفست ... بادوستان تلطف بادشمنان مدارا ١١ { وذرنى والمكذبين } اى دعنى واياهم وكل امرهم الى فانى اكفيكهم وقد سبق فى ن والقلم وقال بعضهم يجوز نصب المكذبين على المعية اى دعنى معهم وهو الظاهر ويجوز على العطف اى دعنى على امرى مما تقتضيه الحكمة ودع المكذبين بك وبالقرءآن وهو اوفق للصناعة لان النصب انما يكون نصبا فى الدلالة على المصاحبة اذا كان الفعل لازما وهنا الفعل متعد { اولى النعمة } ارباب التنعم وبالفارسية خداوندان نازوتن آسانى. صفة للمكذبين وهم صناديد قريش وكانوا أهل ترفه وتنعم لا سيما بنى المغيرة والنعمة بفتح النون التنعم وبكسرها الانعام وما انعم به عليك وبالضم السرور والتنعم استعمال ما فيه النعمة واللين من المأكولات والملبوسات وفى تاج المصادر التنعم بنازريستن. وفيه اشارة الى ان متعلق الذم ليس نفس النعمة والرزق بل التنعم بهما كان قال عليه السلام لمعاذ رضى اللّه عنه حين بعثه الى اليمن واليا ( اياك والتنعم فان عباد اللّه ليسوا بالمتنعمين ) وفيه تسلية للفقرآء فانهم يدخلون الجنة قبل الاغنياء بخمسمائة عام { ومهلهم } التمهيل زمان دادن . والمهل والتؤدية والسكون يقال مهل فى فعله وعمل فى مهلة { قليلا } اى زمانا قليلا واجلهم اجلا يسيرا ولا تعجل فان اللّه سيعذبهم فى الآخرة اذ عمر الدنيا قليل وكل آت قريب ويدل على هذا المعنى ما بعد الآية من بيان عذاب الآخرة وقال الطبرى كان بين نزول هذه الآية ووقعه بدر زمان يسير ولذا قيل انها مدنيه. ١٢ { ان الدنيا } فى الآخرة وفيما هيأناه للعصاة من آلات العذاب واسبابه وهو اولى من قول بعضهم فى علمنا وتقديرنا لان المقام مقام تهديد العصاة فوجود آلات العذاب بالفعل اشد تأثيرا على ان تلك الآلات صور الاعمال اقبيحة ولا شك ان معاصرى النبى عليه السلام من الكفار قد قدموا تلك الآلات بما فعلوا من السيئات { انكالا } قيودا ثقالا يقيد بها ارجل المجرمين اهانة لهم وتعذيبا لا خوفا من فرارهم جمع نكل بالكسر وهو القيد الثقيل والجملة تعليل للامر من حيث ن تعداد ما عنده من اسباب التعذيب الشديد فى حكم بيان اقتداره على الانتقام منهم فهم يتنعمون فى الدنيا ولا يبالون وعند اللّه العزيز المنتقم فى الآخرة امور مضادة لتعمهم { وجحيما } وبالفارسية وآتشى عظيم . وهى كل نار عظيمة فى مهواة وفى الكشاف هى النار الشديدة الحر والاتقاد. ١٣ { وطعاما ذا غصة } هو ما ينشب فى الحلق ويعلق من عظم وغيره فلا ينساغ اى طعاما غير سائغ يأخذ بالحلق لا هو نازل ولا هو خارج كالضريع والزقوم وهما فى الدنيا من النباتات والاشجار سمان قاتلان للحيوان الذى يأكلهما مستكرهان عند الناس فما ظنك بضريع جهنم وزقومها وهو فى مقابلة الهنيئ والمريئ لاهل الجنة وانما ابتلوا بهما لانهم اكلوا نعمة اللّه وكفروا بها { وعذابا أليما } ونوعا أخر من العذاب مؤلما لا يقادر قدره ولا يدرك كنهه كما يدل عليه التنكير كل ذلك معد لهم ومرصد فالمراد بالعذاب سائر انواع العذاب جاء فى التفسير نه لما نزلت هذه الاية خر النبى عليه السلام مغشيا عليه وعن الحسن البصرى قدس سره انه امسى صائما فاتى بطعام فعرضت له هذه ، الآية فقال ارفعه ووضع عنده الليلة الثانية فعرضت له فقال ارفعه وكذلك الثالثة فأخبر ثابت البنانى ويزيد الضبى ويحيى البكاء فجاؤا فلما يزالوا حتى شرب شربة من سويق. اعلم ان اصناف العذاب الروحانى فى الآخرة ثلاثة حرقة فرقة المشتبهات وخزى خجلة الفاضحات وحسرة فوت المحبوبات ثم ينتهى الامر الى مقاساة النار الجسمانية الحسية والخزى الذل والحقارة والخجلة التحير من الحياء والفاضح الكاشف عيب المجرم. ١٤ { يوم ترجف الارض والجبال } ظرف للاستقرار الذى تعلق به لدينا والرجفة الزلزلة والزعزعة الشديدة اى تضطرب وتتزلزل بهيبة اللّه وجلاله ليكون علامة لمجيئ القيامة وامارة لجريان حكم اللّه فى مؤاخذة العاصين افرد الجبال بالذكر مع كونها من الارض . لكونها اجسام عظاما اوتادا لها فاذا تزلزلت الاوتاد لم يبق للارض قرار وايضا ان زلزلة العلويات اظهر من زلزلة السفليات ومن زلزلتها تبلغ القلوب الحناجرخوفا من الوقوع { وكانت الجبال } من شدة الرجفة مع صلابتها وارتفاعها { كثيبا } فى القاموس الكثيب التل من الرمل انتهى من كثب الشئ اذا جمعه كأنه فعيل بمعنى مفعول فى اصله ثم صار اسمه بالغلبة للرمل المجتمع { مهيلا } اى كانت مثل رمل مجتمع هيل هيلا اى نثر واسيل بحيث لو حرك من اسفله انهال من اعلاه وسال لترفق اجزآئه كالعهن المنفوش ومثل وهذا الرمل يمر تحت الرجل ولا يتماسك فكونه مترفق الاجزآء منثورا سائلا يا ينافى كونه رملا مجتمعا وبالفارسية كوههاى سخت جون ريك روان شد از هيبت آن روز. فقوله مهيلا اسم مفعول من هال يهيل واصله مهيول كمبيع من باع لا فعيل من مهل بمهل وخص الجبال بالتشبيه بالكثيب المهيل لان ذلك خاصة لها فان الارض تكون مقررة فى مكانها بعد الرجفة دل عليه قوله تعا ويسلونك عن الجبال فقل ينسفها ربى نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا امتا والحاصل ان الارض والجبال يدق بعضها ببعض كما قال تعالى وحملت الارض والجبال فدكتادكة واحدة فترجع الجبال كثيبا مهيلا ثم ينسفها الريح فتصي هباء منبثا وتبقى الارض مكانها ثم تبدل كما مر وفى التأويلات النجمية يوم ترجف ارض البشرية وجبال الانانية وكانت جبال انانية كل واحدة رملا منثورا متفتتا شبه التعينات الاعتبارية الموهومة بالرمل لسرعة زوالها وانتثارها. ١٥ { انا ارسلنا اليكم } يا اهل مكة شروع فى التخويف بأهوال الدنيا بعد تخويفهم بأهوال الآخرة { رسولا } هو محمد عليه السلام وكونه مرسلا اليهم لا ينافى ارسله الى من عداهم فان مكةام القرى فمن أرسل الىهل مكة فقد أرسل الى اهل الدنيا جميعا ولذا نص اللّه تعالى عليه بقوله وما أرسلناك الا كافة للناس ليندفع اوهام اهل الوهم { شاهدا عليكم } يشهد يوم القيامة بما صدر عنكم من الكفر والعه سيان وكذا يشهد على غيركم كما قال تعالى وجئا بك على هؤلاء شهيدا { كما ارسلنا الى فرعون رسولا } هو موسى عليه السلام لان هرون عليه السلام رد له وتابع وعدم تعيينه لعدم دخله فى التشبيه وتخصيص فرعون لانه من رؤساء اولى النعمة المترفهين المتكبرين فبينه وبين قريش جهة جامعة ومشابهة حال ومناسبة سريرة. ١٦ { فعصى فرعون الرسول } اى فعصى فرعون المعلوم حاله كبرا وتنعما الرسول لذى أرسلناه اليه ومحل الكاف النصب على انها صفة لمصدر محذوف اى انا أرسلنا اليكم رسولا فعصيتموه كما يعرب عنه قوله تعالى شاهدا عليكم ارسالا كائنا كما أرسلنا الى فرعون رسولا فعصا بأن جحد رسالته ولم يؤمن به وفى اعادة فرعون والرسول مظهدين تفظيع لشأن عصيانه وان ذلك لكونه عصيان الرسول لا لكونه عصيان موسى وفى ترك ذكر ملأ فرعون اشارة الى ان كل واحد منهم كأنه فرعون فى نفسه لتمرده { فأخذهناه } بسبب عصيانه { اخذا وبيلا } ثقيلا لا يطاق يعنى بآتش غرق كرديم وارراه آب بآتش برديم. والوتيل الثقيل الغليظ ومنه الوابل للمطر العظيم والكلام خارج عن التشبيه جيئ به للتنبيه على انه سيحيق بهؤلاء ما حاق بأولئك لا محالة. ١٧ { فكيف تتقون } قال ابن الشيخ مرتب على الارشال فالعصيان وكان الظاهر أن يقدم على قوله كما أرسلنا الا انه أخر زيادة فى التهويل اذ علم من قوله فأخذناه انهم مأخوذون مثله واشد فاذا قيل بعده فكيف تتقون كان ذلك زيادة كأنه قيل هبوا انكم لا تؤخذون فى الدنيا اخذة فرعون وامثاله فكيف تتقون اى تقون أنفسكم فاتقى ههنا مأخوذ بمعنى وقى المتعدى الى مفعولين دل عليه قول الامام البيهقى رحمه اللّه فى تاج المصادر الاتقاء حذر كردن وخود رانكاه داشتن انتهى . وافتعل يجيئ بمعنى فعل نص عليه الزمخشرى فى المفصل وان كانت الامثلة لا تساعده فانه ليس وقى واتقى مثل جذب واجتذب وخطف واختطف فتأمل { ان كفرتم } اى بقيتم على الكفر { يوما } اى عذاب يوم فهو مفعول به لتتقون ويجوز أن يكون ظرفا اى فكيف لكم بالتقوى والتوحيد فى يوم القيامة ان كفرتم فى الدنيا اى لا سبيل اليه لفوات وقته فاتقى على حاله وكذا اذا انتصب بكفرتم على تأويل جحدتم اى فكيف تتقون اللّه وتخشون عقابه ان جحدتم يوم القيامة والجزآء { يجعل الولدان } من شدة هوله وفظاعة ما فيه من الدواهى وهو صفة ليوما نسب الجعل الى اليوم للمبالغة فى شدته والافنفس اليوم لا تأثير له البتة والولدان بالفارسية نوزادكان ازمادر. جمع وليد يقال لمن قرب عهده بالولادة وان كان فى الاصل يصح اطلاقه على من قرب عهده بها ومن بعد { شيبا } شيوخا يعنى بيركندوموى سر ايشان سفيد سازد . جمع اشيب والشيب بياض الشعر وأصله ان يكون بضم الشين كحمر فجمع احمر لان الضم يقتضى الواو فكسرت لاجل صيانه الياء فرقا بين مثل سود وبين مثل بيض وجعلهم شيوخا فيه وجوه. الاول انه محمول على الحقيقة كما ذهب اليه بعض اهل التفسير ويؤيده ما قال فى الكشاف وقد مر بى فى بعض الكتب ان رجلا امسى فاحم الشعر كحلك الغراب اى سواده واصبح وهو أبيض الرأس واللحية كالنعامة بياضا وهو بفتح الثاء المثلثة وبالغين المعجة نبت ابيض قال أريت القيامة والجنة والنار ورأيت الناس يقادون فى السلاسل الى النار فمن هول ذلك اصبحت كما ترون وقال احمد الدورقى مات رجل من جيراننا شابا فرأيته فى الليل وقد شاب فقلت وما قصتك قال دفن بشر فى مقبرتنا فزفرت جهنم زفرة شاب منها كل من فى المقبرة كما فصل الخطاب وبشر المريسى ومريس قرية بمصر اخذ الفقه عن أبى يوسف القاضى الا انه اشتغل بالكلام وقال بخلق القرءآن واضل خلقا كثيرا ببغداد فان قلت ايصال الألم والضرر الى الصبيان يوم القيامةغير جائز بل هم لكونهم غير مكلفين معصومون محفوظون عن كل خطر قلت قد يكون فى القيامة من هيبة المقام ما يجثو به الانبياءعليهم السلام على الربك فما ظنك بغيرهم من الاولياء والشيوخ والشبان والصبيان وفى الآية مبالغة وهى انه اذا كان ذلك اليوم بجعل الولدان شيبا وهم ابعد الناس من الشيخوخة لقرب عهد ولادتهم فغيرهم اولى بذلك وكذا فى القصة السابقة فان من شاب بمجرد الرؤيا فكيف حاله فى اليقظة وهو معاين من الاهوال ما يذوب تحته الجبال الرواسى. والثانى انه محمول على التمثيل بأن شبه اليوم فى شدة هوله بالزمان الذى يشيب الشبان لكثرة همومه واهواله واصله ان الهموم والاحزان اذا تفاقمت على المرء ضعفت قواه واسرع فيه الشيب لان كثرة الهموم توجب انعصار الروح الى داخل القلب وذلك الانعصار يوجب انطفاء الحرارة الغريزية وضعفها وانطفاؤها يوجب بقاء الاجزآء الغذآئية غير تامة النضج وذلك يوجب بياض الشعر ومسارعة الشيب بتقدير العزيز الحكيم كما يوجب تغير القلب تغير البشرة فتحصل الصفرة من الوجل والحمرة من الخجل والسواد من بعض الآلام وما على البدن من الشعر تابع للبدن فتغيره بوجب تغيره فثبت ان كثرة الهموم توجب مسارعة الشيب كما قيل دهتنا امور تشيب الوليد ... ويخذل فيها الصديق الصديق فلما كان حصول الشيب من لوازم كثرة الهموم جعلوه كناية عن الشدة فجعل اليوم المذكور الولدان شيبا عبارة عن كونه يوما شديدا غاية الشدة وفى الحديث ( يقول اللّه ) اى فى يوم القيامة ( يا آدم ) خص آدم عليه السلام بهذا الخطاب لانه اصل الجميع ( فيقول لبيك وسعديك والخير فى يديك فيقول اخرج ببعث النار ) اى ميز اهلها المبعوث اليها ( قال وما بعث النار ) اى عدده ( قال اللّه تعالى من كل ألف تسعمائة تسعة وتسعون قال ) اى النبى عليه السلام ( فذلك ) التقاول ( حين يشيب الصغير وتضع كل ذات حمل حملها ) قال ابن الملك اعلم ان الشيب والوضع ليسا على ظاهرهما اذ ليس فى ذلك اليوم حبل ولا صغير بل هما كنايتان عن شدة اهوال يوم القيامة معناه لو تصورت الحوامل والصغار هنالك لوضعن احمالهن ولشاب الصغار انتهى. وفى بيانه نظر ستأتى الاشارة اليه فى الوجه الثالث { وترى الناس سكارى } اى من الخوف { ما هم بسكارى } اى من الخمر { ولكن عذاب اللّه شديد } والثلاث انه محمول على الفرض والتقدير بأن يكون معناه ان ذلك اليوم بحال لو كان هناك صبى لشاب رأسه من الهيبة والدهشة وهذا الوجه غير موجه وان ذهب اليه بعض من يعد من اجلة اهل التفسير اذ هو يشعر بأن يوم القيامة لا يكون فيه ولدان حقيقة وقد ثبت انه يبعث يومئذ ولدان كثيرة ماتوا فى الصغر وكذا من المقرر ان الحبلى تبعث حبلى ففى ذلك اليوم حبل وضغير نعم اذا دخلوا الجنة صاروا بناء ثلاث وثلاثين. والرابع انه يجوز ذلك وصفا لليوم بالطول يعنى على الكناية بانه فى طوله بحيث يبلغ الاطفال فيه اوان الشيخوخة والشيب وهو لا ينقضى بعد بل يمتد الى حيث يكن مقداره خمسين ألف سنة فهو كناية عن غاية الطول لا انه تقدير حقيقى يعنى الانقطاع بقوله ما ناحت حمامة وما لاح كوكب وما تعاقبت الايام والشهور وفى الآية اشارة الى النفس والهوى وبعد نفوسهم من اللّه فى يوم قيامة الفناء الذى يجعل ولدان اعمالهم السيئة القبيحة الخبيثة الخسيسة شيبا متهدمة متفانية. ١٨ { السماء } مبتدأ خبره قوله { منفطر به } اى منشق بسبب ذلك اليوم لان اللّه تعالى مسبب الاسباب فيجوز أن يجعل شدة ذلك اليوم سببا للانفطار. ذكر اللّه من هول ذلك اليوم امرين الاول قوله تعالى يجعل الولدان شيبا والثانى قوله السماء منفطر به لان السماء على عظمتها وقوتها اذا انشقت بسبب ذلك اليوم فما ظنك بغيرها من الخلائق فالباء للسببية وهو الظاهر وتذكير الخبر لاجرائه علىموصوف مذكر اى شئ منفطر عبر عنها بذلك للتنبيه على انه تبدلت حقيقتها وزال عنها اسمها ورسمها ولم يبق منها الا ما يعبر عنه بالشئ وفى القاموس السماء معروف ويذكر ويجور أن يكون الباء بمعنى فى واليه ذهب المكى فى قوت القلوب حيث قال حروف العوامل يقوم بعضها مقام بعض وهذا مثال قوله تعالى السماء منفطر به اى فيه يعنى فى ذلك اليوم وقيل الباء للآلة والاستعانة مثلها فى فطرت العود بالقدوم فانفطر به يعنى ان السماء ينفطر بشدة ذلك اليوم وهو له كما ينفطر الشئ بما يفطر به قال بعضهم اتخاذا لآلة والاستعانة لا يليق بجناب اللّه تعالى ولا يناسب ذات السماء ايضا { كان وعده مفعولا } الضمير لله وان لم يجر له ذكر للعلم به والمصدر مضاف الى فاعله اى كان وعده تعالى اى يكون يوم القيامة على ما وصف من الشدآئد كائنا متحققا لانه لا يخلف المعياد فلا يجوز لعاقل أن يرتاب فيه او الضمير لليوم والمصدر مضاف الى مفعوله والفعل وهو اللّه مقدر قال فى لاصحاح الوعد يستعمل فى الخير والشر فاذا اسقطوا الخير والشر قالوا فى الخير الوعد والعدة وفى الشر الايعاد الوعيد. ١٩ { ان هذه } اشارة الى الآيات المنطوية على القوارع المذكورة وهى من قوله ان لدينا انكالا الى هنا { تذكرة } موعظة لمن يريد الخير لنفسه والاستعداد لربه وبالفارسية يندى وعبرتيست . وقيل القرءآن موعظة للمتقين وطريق للسالكين ونجاة للهالكين وبيان للمستبصرين وشفاء للمتحيرين وامان للخائفين وانس للمربدين ونور لقلوب العارفين وهدى لمن أراد الطريق الى رب العالمين { فمن شاء } من المكلفين . يعنى بس هركه خواهد ازمكلفان { اتخذ الى ربه سبيلا } بالتقريب اليه بالايمان والطاعة فانه المنهاج الموصول الى مرضاته ومقام قربه. ٢٠ { ان ربك يعلم انك تقوم ادنى من ثلثى الليل } اى اقل منهما فاطلاق الأدنى على الاقل مجاز مرسل من قبيل اطلاق الملزوم على اللازم لما ان المسافة بين الشيئين اذا دنت قل ما بينهما من الاحياز والحدود واذا بعدت كثر ذلك روى انه تعالى افترض قيام الليل فى اول هذه السورة فقال النبى عليه السلام واصحابه حولا من مشقة عظيمة من حيث انه يعسر عليهم تمييز القدر الواجب حتى قام اكثر الصحابة الليل كله خوفا من الخطأ فى اصابة المقدار المفروض وصاروا بحيث انتفخت اقدامهم واصفرت الوانهم وامسك اللّه خاتمة السورة من قوله ان ربك الخ اثنى عشر شهرا فى السماء حتى انزل اللّه فى آخر السورة التخفيف فنسخ تقدير اقيام بالمقادير المذكورة مع بقاء فرضية اصل التهجد حسبما تيسير ثم نسخ نفس الوجوب ايضا بالصلوات الخمس لما روى ان الزيادة على الصلوات الخمس زيادة { ونصفه وثلثه } بالنصب عطفاعلى ادنى والثلث احد اجزآء الثلاثة والجمع اثلاث اى انك تقوم اقل من ثلثى الليل وتقوم من نصفه وثلثه { وطائفة من الذين معك } مرفوع معطوف على الضمير فى تقوم وجاز ذلك للفصل بينهما اى ويقوم معك طائفة من اصحابك ومن تبينية فلا دلالة فيه على ان قيام الليل لم يكن فرضا على الجميع وحاصل المعنى يتابعك طائفة فى قيام الليل وهم اصحابك وفيه وعد لهم بالاحسان اليهم كما تقول لاحد اذا أردت الوعد له انا اعلم ما فعلت لى وفى قوت القلوب قد قرن اللّه تعالى قوام الليل برسوله المصطفى عليه السلام وجمعهم معه فى شكر المعاملة وحسن الجزآء وفى التأويلات النجمية يشير الى انسلاخ رسول القلب عن ليل طبيعته فى اكثر الاوقات بالتوجه اللّه والاعراض عن النفس الا فى اوقات قلائل وذلك لحكمة مقتضية للحجاب فان الحجاب رحمة كما قيل لولا الحجاب ما عرف الآله وطائفة من الذين مع رسول القلب من القوى الروحانية والاعضاء والجوارح { واللّه يقدر الليل والنهار } وحده لا يقدر على تقديرهما ومعرفة مقادير ساعاتهما واوقاتهما احد اصلا فان تقديم الاسم الجليل مبتدأ وبناء يقدر عليه موجب للاختصاص قطعا والتقدير بالفارسية اندازه كردن يعنى وخدى تعالى اندازه ميكند شب وروز را وميداند مقادير ساعات آن. قال الراغب التقدير تبيين كمية الشئ وقوله تعالى واللّه الخ اشارة الى ما اجرى مت تكوير الليل على النهار وتكوير النهار على الليل اى ادخال هذا فى هذا او ان ليس احد يمكنه معرفة ساعاتهما وتوفية حق العبادة منهما فى وقت معلوم والحاصل ان العالم بمقادير ساعات الليل والنهارعلى حقائقها هو اللّه وانتم تعلمون ذلك بالتحرى والاجتهاد الذى يقع فيه الخطأ فربما يقع منكم الخطأ فى اصابتها فتقومون اقل من المقادير المذكورة ولذا قال { علم } اللّه { ان } اى ان الشأن { لن تحصوه } لن تقدروا على تقدير الاوقات على حقائقها ولن تستطيعوا ضبط الساعات ابدا فالضمير عائد والى المصدر المفهوم من يقدر قال فى تاج المصادر الاحصاء دانستن وشمردن برسبيل استقصا وتوانستن. قال الراغب الاحصاء التحصيل بالعدد وروى استقيموا ولن تحصوا اى لن تحصلوا ذلك لان الحق واحد والباطل كثير بل الحق بالاضافة الى الباطل كالنقطة بالاضافة الى سائر اجزآء الدآئرة وكالمرمى من الهدف واصابة ذلك شديدة واحتج بعضهم بهذه الآية على وقوع تكليف ما لا يطاق فانه تعالى قال لن تحصوه اى لن تطيقوه ثم انه كلفهم بتقدير الساعات والقيام فيها حيث قال قم الليل الخ ويمكن أن يجاب عنه بان المراد صعوبته التأويلات النجمية يعنى السلوك من ليل الطبيعة الى نهار الحقيقة بتقدير اللّه لا بتقدير السالك علم أن لن تقدروا على مدة ذلك السلوك بالوصول الى اللّه اذا الوصول مترتب على فضل اللّه ورحمته لا على سلوككم وسيركم فكم من سالك انقطع فى الطريق ورجع القهقرى ولم يصل كما قيل ليس كل من سلك وصل ولا كل من وصل اتصل ولا كل من اتصل اتفصل { فتاب عليكم } بالترخيص على ترك القيام المقدر ورفع التبعة عن التائب ثم استعمل لفظ المشبه به فى المشبه ثم اشتق منه فتاب اى فرخص والتبعة ما يترتب على الشئ من المضرة { فاقرأوا ما تيسر من القرءآن } اى فصلوا ما تيسر لكم من صلاة الليل غير مقدرة بكونها فى ثلث الليل او نحوه ولو قدر حلب شاة فهذا يكون اربع ركعات وقد يكون ركعتين عبر علن الصلاة بالقرءآة كما عبر عنها بسائر اركانهاعلى طريق اطلاق اسم الجزء على الكل مجاز مرسلا فتبين ان التهجد كان واجبا على التخيير المذكور فعسر عليهم القيام به فنسخ بهذه الآية ثم نسخ نفس الوجوب المفهوم منها بالصلوات الخمس على ما سبق وفيه تفضيل صلاة الليل على سائر التطوعات فان التطوع بام كان فرضا فى وقت ثم نسخ افضل من التطوع بما لم يكن فرضا اصلا كما قالوا صوم يوم عاشورآء افضل لكونه فرض قبل فرلضية رمضان وفى الحديث ليصل احدكم من الليل ما تيسر فاذا غلب عليه النوم فليرقد وقد كان ابن عباس رضى اللّه عنهما يكره النوم قاعدا وعنه عليه السلام عليكم بقيام الليل فانه دأب الصالحين قبلكم وهو قربة لكم الى ربكم ومكفرة للسيئات ومنهاة عن الاثم وهذا الحديث يدل على ان قيام الليل لم يكن فرضا على المتقدمين من الانبياء واممهم بل كان من شعار صلاحهم وعنه عليه السلام ان اللّه ليبغض كل جعظرى جواظ سخاب بالاسواق جيفة بالليل حمار بالنهار عالم بأمر الدنيا جاهل بأمر الآخرة والجعظرى الفظ الغليظ والجواظ كشداد الضخم المختارون الكثير الكلام والجمموع المنوع والمتكبر الجافى والسخاب من السخب وهو محركة شدة الصوت سخب كفرح فهو سخاب واقل الاسحباب من قيام الليل سدسه سوآء كان متواليا او قام جزأ ثم نام نومة اخرى ثم قام قياما ثانيا لانه عليه السلام لم يقم ليلة قط حتى اصبح بل كان ينام فيها ولم ينم ليلة قط بل كان يقوم فيها وبأى ورد احيى الليل فقد دخل فى اهل اليل وله معهم نصيب ومن احيى اكثر ليلة او نصفها كتب له احياء ليلة جميعها ويتصدق عليه بما بقى منها كذا فى قوت القلوب وقيل المراد بالىية قرآءة القرءآن بعينها قنكون على حقيقتها فالمعنى ان شق عليكم القيام فقد رخص فى تركه فاقرأوا ما تيسر من القرءآن من غير توقيت لصلاة فانه لا يشق وتنالون بقرءآته خارج الصلاة ثواب القيام فالامر للندب وفى الحديث من قرأ فى ليلة مائة آية لم يحاجه القرءآن قال الطيبى فى قوله لم يحاجه القرءآن ان قرءآته لازمة لكل انسان واجبة عليه فاذا لم يقرأ يخاصمه اللّه ويغلبه بالحجة فاسناد المحاجة الى القرءآن مجاز ويفهم من كلامه ان قرآءته مقدار مائة آية فى كل ليلة واجبة بها يخلص من المحاجة وعنه عليه السلام من قرأ بالآيتين من سورة البقرة فى ليلة كفتاه والمراد آمن الرسول الخ يعنى اغتناه عن قيام الليل او حفظتاه من كل شر وسوء وعنه عليه السلام ايعجز احدكم أن يقرأ فى ليلة ثلث القرءآن قالوا وكيف يقرأ ثلث القرءآن قال قل هو اللّه احد تعدل ثلث القرءآن ومن ذلك قالوا ان قرآءة الاخلاص ثلاث مرات تقوم مقام ختمة واطول الآى افضلها لكثرة الحروف وان اقتصر على قصار الآى عند فتوره ادرك الفضل ان حصل العدد كذا فى قوت القلوب وفى التأويلات النجمية فى اشارة الآية يعنى اجمعوا واحفظوا فى قلوبكم الصافية عن كدورات النفس والهوى وما يظهر عليه الاستعداداتكم من الحقائق والدقائق والعوارف والمعارف ولا تفشوهالى غير اهلها فينكروا عليهم فيرموكم بالكفر والزندقة والالخاد والاتحاد فان حقائقه ودقائقه من المكنونات الالهية { علم ان } اى ان شأن { سيكون منكم مرضى } استئناف مبين لحكمة اخرى داعية الى الترخيص والتخفيف مرضاة جمع مريض والمرض الحروج عن الاعتدال الخاض بالانسان وفيه اشارة الى مرضى القلوب بحجب الانانية والاشتغال بحب الدنيا وشهواتها فانه لا يظهر عليه من اسرار القرءآن وحقائقه شئ. جنانجه شيخ سنائى كويد عجب نبودكرارز قرآ نصيبت نيست جزحر فى ... كه از خورشيد جز كرمى ميابد جشم نابينا ... عروس حضرت قرآن نقاب آنكه براندازد كه دار الملك ايمانرا مجرد يا بداز غوغا { وآخرون } عطف على مرضى { يضربون فى الارض } صفة آخرون اى يسافرون فيها للتجارة من ضرب فى الارض سافر فيها ابتغاء الرزق قال الراغب الضرب فى الارض الذهاب فيها وهو بالارجل { يبتغون } الابتغاء جستن { من فضل اللّه } وهو الربح وفيه تصريح بما علم التزاما وبيان ان ما حصلوه من الرزق من فضل اللّه ومحل يبتغون حال من ضمير يضربون وقد عم ابتغاء الفضل تحصيل العلم فانه من افضل المكاسب وفيه ان معلم الخير وهو رسول اللّه عليه السلام كان حاضرا عندهم وقت نزول الآية فاين يذهبون الا ان يجعل آخر السورة مدنيا فقد كانوا يهاجرون من مكة الى المدينة لطلب العلم وايضا ان هذا بالنسبة الى خصوص الخطاب واما بالنسبة الى اهل القرن الثانى فبقاء الحكم يوقعهم فى الحرج وفى حديث ابى ذر رضى اللّه عنه انه قال حضور مجلس علم افضل من صلاة الف ركعة وافضل من شهود الف جنازة ومن عيادة الف مريض قيل ومن قرآءة القرءآن قال وهل تنفع قرآءة القرءآن بلا علم { وآخرون يقاتلون } الاعدآء { فى سبيل اللّه } عطف على مرضى ايضا ويقاتلون صفته وسبيل اللّه ما يوصل الى الاجر عند اللّه كالجهاد وفيه تنبي على انه سيؤذن لهم فى القتال مع الاعدآء سوى اللّه فى هذه الآية بين درجة المجاهدين فى سبيل اللّه وكتسبين للمال الحالا للنفقة على نفسه وعياله والاحسان الى ذوى الحاجات حيث جمع نبيهما قول على ان التجارة بمنزلة الجهاد وعن عبد اللّه بن مسعود رضى اللّه عنه ايما رجل جلب شيأ من مدينة من مدائن المسلمين صابرا محتسبا فباعه بسعر يومه كان عند اللّه من الشهدآء { فاقرأوا ما تيسر منه } اى واذا كان الامر كما ذكر وتعاضدت الدواعى الى الترخيص فاقرأوا ما تيسر من القرآن من غير تحمل المشاق فان قيل كيف ثقل قيام الليل على الاصحاب رضى اللّه عنهم وقد خف على كثير من التابعين حتى كانوا يقومون الى طلوع الفجر منهم الامام او خنيفة وسعيد بن المسيب وفضل بن عياض وابو سلمان الدارانى ومالك بن دينار وعلى بن بكار وغيرهم حتى قال على بن بكار الشامى منذ أربعين سنة لم يحزنى شئ الا طلوع الفجر قلت الثقلة لم تكن فى قيامه بل فى محافظة القدر الفروض كما سبق على انه لا بعد فى ان يثقل عليهم قبل التعذر بذلك ثم كان من امر بعضهم انه ختم القرءآن فى ركعة واحدة كثعمان وتميم الدارى رضى اللّه عنهما { واقيموا الصلاة } المفروضة { وآتوا الزكاة } الواجبة وقيل هى زكاة الفطر اذ لم يكن بمكة زكاة غيرها وانما وجبت بعدها ومن فسرها بالزكاة المفروضة جعل آخر السورة مدنيا وذلك ان تجعلها من باب ما تأخر حكمه عن نزوله ففيه دلالة على انه سينجز وعده لرسوله ويقيم دينه ويظهره حتى تفرض الزكاة وتؤدى { واقرضواللّه قرضا حسنا } وقرض دهيد خدايرا قرض نيكو. والقرض ضرب من القطع وسمى ما يدفع الى الانسان من المال بشرط رد بدله قرضا لانه مقروض مقطوع من ماله اريد به الانفاقات فى سبيل الخيرات غير المفروض فانها كالفرض الذى لا خلف فى ادآئه وفيه حث على التطوع كما قال عليه السلام ان فى المال حقا سوى الزكاة على احسن وجه وهو اخرجها من اطيب الاموال واكثرها نفعا للفقرآن بحسن النية وصفاء الباء الى اخوج لصلحاء وجه هذا التفسير هو أن قوله وآتوا الزكاة امر بمجرد اعطائها على اى وجه كان وقوله واقرضوا اللّه قرضا حسنا ليس كذلك بل هو امر بالاعطاء المقيد بكونه حسنا وتسمية الانفاق لوجه اللّه اقراضا استعارة تشبيها له بالاقراض من حيث انما انفقه يعود عليه مع زيادة وقال بعضهم هو قول سبحان اللّه والحمد اللّه ولا اله الا اللّه واللّه اكبر والنفقة فى سبيل اللّه كما قال عمر رضى اللّه عنه او النفقة على الاهل وفى الحديث ما اطعم المسلم نفسه واهل بيته فهو له صدقة اى يؤجر عليه بحسن نيته ثم ههنا امر غامض وهو انه روى الامام الغزالى رحمه اللّه عن القاضى الباقلانى ان ادعاء البرءآة من الغرض بالكليلة كفر لان التنزه خاصة الهية لا يتصور الاشراك فيها فلعل ما يقال ان العبد ليبلغ الى درجة بعمل ما يعمل لا لغرض بل لرضى اللّه اولا متثال امره فقط انما هو من الغفلة عن غرض خفى هل هو غرض جلى لكنه مراد على. يقول الفقير هذا وارد على اهل الارادة واما اهل الفناء عن الارادة وهم اهل النهاية الا كملون فلا غرض لهم اصلا وامرهم عجيب لا يعرفه الا امثالهم او من عرفه اللّه بشأنهم { وما } شرطية { تقدموا لانفسكم من خير } اى خير كان مما ذكر وما لم يذكر { تجدوه } جواب الشرط ولذا جزم { عند اللّه هو خيرا واعظم اجرا } من الذى تؤخرونه الى الوصية عند الموت وفى كشف الاسرار تجدوا ثوابه خيرا لكم من متاع الدينا واعظم اجرا لان اللّه يعطى المؤمن اجره بغير حساب قوله خيرا ثانى مفعولى تجدون وهو تأكيد للمفعول الاول لتجدوه وفصل بينه وبين المفعول الثانى وان لم يقع بين معرفتين فان افعل فى حكم المعرفة ولذلك يمتنع من حرف التعريف وقوله واعظم عطف على خيرا واجرا تمييز عن نسبة الفاعل والاجر ما يعود من ثواب العمل دنيويا كان او اخرويا وقال بعضهم المشهور ان وجد اذا كان بمعنى صادف يتعدى الى مفعول واحد وهو ههنا بمعناه لا بمعنى علم فلا بعد ان يكون خيرا حالا من الضمير وفى الحديث اعلموا ان كل امرئ على ما قدم قادم وعلى ما خلف نادم وعنه عليه السلام ان العبد اذا مات قال الانسان ما خلف وقال الملائكة ما قدم ومر عمر رضى اللّه عنه ببقيع الغرقد اى مقبرة المدينة لانها كانت منبت الغرقد وهو بالغين المعجمة شجر فقال السلام عليكم أهل القبور اخبار ما عندنا ان نساءكم قد تزوجن ودوركم قد سكنت واموالكم قد قسمت فأجابه هاتف يا ابن الخطاب اخبار ما عندنا ان ما قدمناه وجدناه وما انفقناه فقد ربحناه وما خلفنا فقد خسرنا. قدم لنفسك قبل موتك صالحا ... واعمل فليس الى الخلود سبيل ( وروى ) عن عمر رضى اللّه عنه انه اتخذ حيسا يعنى تمرا بلبن فجاءه مسكين فأخذه ودفعه اليه فقال بعضهم ما يدرى هذا المسكين ما هذا فقال عمر لكن رب المسكين يدرى ما هو فكأنه قال وما تقدموا الخ. تونيكى كن بآب اندازاى شاه ... اكر ما هى نداند داند الله { واستغفروا اللّه } اى سلوا اللّه المغفرة لذنوبكم فى جميع اوقاتكم وكافة احوالكم فان الانسان قلما يخلوه عن تفريط وكان السلف الصالح يصلون الى طلوع الفجر ثم يجلسون للاستغفار الى صلاة الصبح واستحب الاستغفار الى الاسماء من القرءآن مثل أن يقول استغفر اللّه انه كان توابا استغفر اللّه ان اللّه غفور رحيم استغفر اللّه انه كان غفار رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين واغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين { ان اللّه غفور } يغفر ما دون أن يشرك به { رحيم } يبدل السيئات حسنات وفى عين المعانى غفور يستر على اهل الجهل والتقصير رحيم يخفف عن اهل الجهل والتوفير ومن عرف انه الغفور الى لا يتعاظمه ذنب يغفره اكثر من الاستغفار وهو طلب المغفرة ثم ان كان مع الانكسار فهو صحيح وان كان مع التوبة فهو كامل وان كان عريا عنهما فهو باطل ومن كتب سيد الاستغفار وجرعه لمن صعب عليه السموت انطلق لسانه وسهل عليه الموت وقد جرب مرارا وسيد الاستغفار قوله اللهم أنت ربى لا اله الا أنت خلقتنى وانا عبدك وانا على عهدك ووعدك ما استطعت اعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك على وأبوء بنبى فاغفر لى انه لا يغفر الذنوب الا أنت. |
﴿ ٠ ﴾