سُورَةُ الْمُرْسَلَاتِ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ خَمْسُونَ آيَةً ١ انظر تفسير الآية:٥ ٢ انظر تفسير الآية:٥ ٣ انظر تفسير الآية:٥ ٤ انظر تفسير الآية:٥ ٥ { والمرسلات عرفا فالعاصفات عصفا والناشرات نشرا فالفارقات فرقا فالملقيات ذكرا } الواو للقسم والمرسلات بمعنى الطوآئف المرسلات جمع مرسلة بمعنى طائفة مرسلة باعتبار ان ملائكة كل يوم او كل عام او كل حادثة طائفة وعرفا بمعنى متتابعة من عرف الفرس وهو الشعرات المتتابعة فوق عنقه فهو من باب التشبيه البليغ بأن شبهت الملائكة المرسول فى تتابعهم بشعر عرف الفرس وانتصابه على الحالية اى جاريات بعضها اثر بعض كعرف الفرص والعرف بمعنى المعروف والاحسان نقيض النكر بمعنى المنكر اى الشئ القبيح فانهم ان ارسلوا للرحمة فظاهر وان ارسلوا لعذاب الكفار فذلك معروف للانبياء والعالمين يعنى ان عذاب الاعدآء احسان للاولياء فانتصابه على العلية وعصفت الريح اشتدت وعصفا مصدر مؤكد وكذا نشرا وفرقا والفاء للدلة على اتصاله سرعة جريهن فى نزولهن وهبوطهن بالارسال من غير مهلة وهى لعطف الصفة على الصفة اذ الموصوف متحد والنشر بمعنى البسط والعدول الى اواو فى الناشرات لانها غير المرسلات فالقسم الاول وصفهم اللّه بوصفين يتعقب احدهما على الآخر والقسم الثانى وصفهم بثلاثة اوصاف كذلك والفرق الفصل والالقاء هنا بمعنى الايصال والانزال لا الطرح وذكرا بمعنى الوحى مفعول الملقيات وترتيب الالقاء على ما قبله بالفاء ينغبى ان يكون لتأويله بارادة النشر والفرق وسيأتى تمامه اقسم اللّه بطوآئف من الملائكة ارسلهن بأوامره بنحو التدبير وايصال الارزاق بالتصرف فى الامطار والرياح وكتابة اعمال العباد بالليل والنهار وقبض الارواح فعصفهن فى مضيهن يعنى سخت رفتند . عصف الرياح مسارعة فى الامتثال بالامر وبطوآئف اخرى نشرن اجنحتهن فى الجو عند انحطاطهن بالوحى او نشر الشرآئع فى الاقطار اى فرقن واشعن او نشرن النفوس الموتى بالكف والجهل اى احيين بما اوحين ففرقن بين الحق والباطل فألقين ذكرا الى الانبياء. ٦ { عذرا } لاهل الحق اى معذرة لهم فى الدنيا والآخرة لاتباعهم الحق { او نذرا } لاهل الباطل لعدم اتباعهم الحق وعذرا مصدر من عذر اذا محا الاساءة ونذرا اسم مصدر من انذر اذا خوف لا مصدر لانه لم يسمع فعل مصدرا من افعل وانتصابهما على البدلية من ذكرا قال ابن الشيخ ان كان الذكر المبدل منه بمعنى جميع الوحى يكون عذرا او نذرا بدل البعض من الكل فان ما يتعلق بمغفرة المطيعين وتخويف المعاندين بعض من جملة الوحى وان اريد بالذكر المبدل منه ما بتعلق بسعادة المؤمن وشقاوة الكافر خاصة يكون بدل الكل من الكل فان القاء ما يتعلق بسعادة المؤمن متحد بالذات مع القاء عذره ومحو اساءته وكذا القاء ما يتعلق بشقاوة الكافر متحد مع القاء انذاره على كفره انتهى او انتصابهما على العيه للصفات المذكورة او للاخيرة وحدها وهو الاولى بمعنى فاللاتى ألقين ذكرا لمحو ذنوب المعتذرين الى اللّه بالتوبة والاستغفار ولتخويف المطبلين المصرين وفى كشف الاسرار لاجل الاعذار من اللّه الى خلقه لئلا يكون لاحد حجة فيقول لما يأتنى رسول ولاجل انذارهم من عذاب اللّه وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما فى قوله عذرا او نذرا قال يقول اللّه يا ابن آدم انما امرضكم لاذكركم وامحص به ذنوبكم واكفر به خطاياكم وربكم اعلم ان ذلك المرض يشتد عليكم وأان فى ذلك معتذر اليكم قال بعضهم المعنى ورب المرسلات الخ وفى الارشاد لعل تقديم نشر الشرآئع ونشر النفوس والفرق على الالقاء اى مع ان الظاهر ان الفرق بين الحق والباطل يكون مع النشر لا بعده وان القاء الذكر الى الانبياء متقدم على نشر الشرآئع فى الارض واحياء النفوس الموتى والفرق ين الحق والباطل فلا يظهر التعقيب بينهما للايذان يكونها غاية للالقاء حقيقة بالاعتناء بها او للاشعار بأن كلا من الاوصاف المذكورة مستقل بالدلالة على استحقاق الطوآئف الموصوفة بها للتفخيم والاجلال بالقسم بهن ولو جيئ بهاه على ترتيب الوقوع لربما فهم ان مجموع الالقاء والنشر والفرق هو الموجب لما ذكر من الاستحقاق هذا وقد قيل فى هذا المقام غير ذلك لكن الحمل على الملائكة اوجه وأسد لما ذكرنا فى المدثر أن المحققين على انه من الملائكة المرسلات والناشرات والملقيات وغير ذلك ( قال فى كشف الاسرار ) در روز كار خلافت عمر رضى اللّه عنه مردى نيمداز اهل عراق نام او صبيع وازعمر ذاربات ومرسلات برسيد صببغ عادت داشت كه بيوسته ازين معضلات آيات برسيدى يعنى تاكه مردمدر وفرومانند عمر اورا دره زد وكفت لو وجدتك مخلوقا لضربت الذى فيه عيناك يعنى اكرمن تراسر سترده يا فتم من ترا كردن زدم عمر رضى اللّه عنه اين سخن را ازبهر آن كفت كه از رسول خدا عليه السلام شنيده بود در صفت خوارج كه سيماهم التحليق كفت در امت من قومى خوارج بيدا آيند نشان ايشان آنست كه ميان سرسترده دارند بس عمر نامه نبشت باموسى الاشعرى وكان أميرا على العراق كه يكسال اين صبيغ را مهجور داريد باوى منشينيد وسخن مكوييد بس از يكسال صبغ توبه كرد وعذر خواست وعمر رضى اللّه عنه توبه وعرذوى قبول كرد شافعى رحمه اللّه كفت حكمى فى اهل الكلام كحكم عمر فى صبيغ قال فى القاموس صبيغ كامير بن عسيل كان يعنت الناس بالغوامض والسؤالات فنفاه عمر الى البصرة انتهى. ٧ { انما توعدون لواقع } جواب للقسم اى ان الذى توعدونه من مجيئ القيامة كأن لا عالة فانما هذه ليست هى الحصرية بل ما فيها موصولة وان كتبت متصلة فى خط لمصحف والموعود هو مجيئ القيامة لان المذكور عقيب هذه الآية علامات يومت القيامة وقال الكلبى المراد ان كل ما توعدون به من الخير والشر لواقع نظرا الى عموم لفظ الموصول فى التأويلات النجمية انما توعدون من يوم قيامة الفناء الكلى فى اللّه لواقع حاصل بالنسبة الى اهل المعرفة والشهود وارباب الذوق والوجود واما بالنسبة الى اهل الحجاب ولاحتجاب فسيقع ان كانوا مستعدين لرفع الحجاب وكشف النقاب والى هذا الوقوع المحقق اشار بقوله كل شئ هالك الا وجه الى فى الحال وبقوله كل من عليها فان اى فان فى عين البقاء اذا لمقيد مستهلك فى اطلاق المطلق استهلاك نور الكواكب فى نور الشمس واستهلاك اعتبارات النصفة والثلثية والربعية فى الاثنين والثلاثة والاربعة ثم اخبر عن ظهور آثار يوم القيامة وحصول دلائلها لاهل الشقاوة بقوله ٨ { فاذا النجوم طمست } محيت ومحقت ذواتها فان الطمس محو الاثر الدال على الشئ وهو الموافق لقوله واذا الكواكب انتثرت او ذهب بنورها والاول اولى لانه لا حاجة فيه الى الاضمار والنجوم مرتفعة بفعل يفسره ما بعده او بالابتدآء وطمست خبره والاول اولى لان اذا فيها معنى الشرط والشرط بالفعل اولى ومحل الجملة على الاعرابين الجر باذا وجواب اذا محذوف والتقدير فاذا طمست النجوم وقع ما توعدون او بعثتم او جوزيتم على اعمالكم وحذف لدلالة قوله انما توعدون لواقع عليه وفيه اشارة الى محق نجوم الحواس العشر الظاهرة والباطنة عن ادراك الحقائق عن طلوع الشمس الحقيقة. ٩ { واذا السماء فرجت } صدعت من خوف الرحمن وشققت ووقعت فيها الفروج التى نفاها بقوله وما لها من فروج وفتحت صفات ابواب بالفرج الشق وكل مشقوق فرج وبالفارسية وآنكاه كه آسمان شكافته كردد. وفيه اشارة الى صدع سماء الارواح وشقها عند سطوات التجليات الجلالية. ١٠ { واذا الجبال نسفت } جعلت كالحب الذى ينسف بالمنسف وهو ما ينقض به الحب ويذرى ونحوه وبست الجبال بسا فالنسف والبس بالفارسية برا كنده كردن وداميدن . وفيه اشارة الى تلاشى جبال الخيالات والاوهام الفاسدة الكاسدة عند بوادى المشاهدات وهو ادى المعاينات. ١١ { واذا الرسل اقتت } اى عين لهم الوقت الذى يحضرون فيه للشهادة على اممهم وذلك عند مجيئه وحضوره اذ لا يتعين لهم قبل حصوله فان علم ذلك الى اللّه تعالى يعنى ان تبيين وقت حضورهم لهم من جملة علامات القيامة من حيث ان ذلك التعيين والتبيين لم يكن حاصلا فى الدنيا لعدم حصول الوقت فيقال لهم عند حصوله اضروا للشهادة فقد جاؤ وقتها او المعنى واذا الرسل بلغوا الميقات الذى كانوا ينتظرونه وهو يوم القيامة فان التوقيت كما يجيئ بمعنى تحديد الشئ وتعيين وقته فكذا يجيئ بمعنى جعل الشئ منتهيا الى وقته المحدود وعلىلمعنى الاول لا يقع على الذوات يدون اضمار فان الموقت هو الاحداث لا الجثث فلا يقال زيد موقت الا ان يراد موقت حضوره وكذا توقيت الرسل انما هو بالنسبة الى حضورهم لا بالنسبة الى ذواتهم لان الذوات قارة لا يعتبر فيها تعيين بخلاف الزمانيات المتجددة هكذا قالوا وقال سعدى المفتى وفى وقوعه على المعنى الثانى على الجثث بدل اضمار بحث ظاهر وان ذهب اليه صاحب الكشف ونحوه وقرأ أبو عمرو وقتت على الاصل لانه من الوقت والباقون ابدلوا الواو همزة لان الضمة من جنس الواو فالجمع بينهما يجرى مجرى الجمع بين المثلين فيكون ثقيلا ولهذا السبب تستثقل الكسرة على الياء ولم تبدل فى نحو ولا تنسوا الفضل بينكم لان ضمة الواو ليست بلازمة فيه وفى كشف الاسرار الالف والواو لغتان والعرب تبدل الالف من الواو تقول وسادة واسادة وكتاب مورخ ومؤرخ وقوس موتر ومؤتر وفى الآية اشارة الى رسل القلب والسر وتعيين وقت شهادتهم على امة الاعضاء والجوارح. ١٢ { لاى يوم اجلت } مقدر بقول هو جواب لاذا فى قوله واذا الرسل اقتت اى يقال لاى يوم اخرت الامور المعلقة بالرسل اى بجمعهم واحضارهم كما قال تعالى يوم يجمع اللّه الرسل والمراد تعظيم ذلك اليوم والتعجيب من هوله قال القاشانى واذا الرسل اى ملائكة الثواب والعقاب عينت وبلغت ميقاتها الذى عين لها اما لايصال البشرى والروح والراحة واما لايصال العذاب والكرب والذلة عين لها اما لايصال البشرى والروح والراحة واما لايصال العذاب والكرب والذلة ليوم عظيم اخرت عن معاجلة الثواب والعقاب فى وقت الاعمال ورسل البشر وهم الانبياء عينت وبلغت ميقاتها الذى عين لهم فيه الفرق بين المطيع والعاصى والسعيد والشقى فان الرسل يعرفون كلا بسيماهم. ١٣ { ليوم الفصل } بيان ليوم التأجيل وهو اليوم الذى يفصل فيه بين الخلائق ويقضى بالحقوق ويحكم بين المحسن والمسيئ ويميز بن ارباب شهود الوحدة الذاتية وبين اصحاب شهود الكثرة الاسمائية والصفاتية وقال بعضهم يفصل فيه بين الحبيب وحبيبه الا من كان معاملته لله فى اللّه وبين الرسل وامه وأبيه وأخيه الا ان يكونوا متفقين على الحق والعدل. ١٤ { وما ادراك ما يوم الفصل } ما مبتدأ ادراك خبره اى اى شئ جعلك داريا وعالما ما هو وما كنهه اذ لم تر مثله وكذا لم يرا احد قبلك شدته حتى تسمع منه ( قال الكاشفى ) وجه جيزدانا كرد تراكه جيست روز فصل جه كنه اورانتوان دانست. فوضع موضع الضمير لبوم الفصل لزيادة تفظيع وتهويل على ان ما خبر ويوم الفصل مبتدأ لا بالعكس كما اختاره سيبويه لان محط الفائدة بيان كون يولم الفصل أمرا بديعا هائلا لا يقادر قدره ولا يكتنه كنهه كما يفيده خبرية مالا بيان كون امر بديع من الامور يوم الفصل كما يفيده عكسه. ١٥ { ويل } واى { يومئذ } اى فى ذلك اليوم الهائل { للمكذبين} بيوم يفصل فيه الرحمن بين الخلائق اى الويل والهلاك ثابت فيه لهم والويل فى الاصل مصدر منصوب ساد مسد فعل لا من لفظه فأصله اهلكه اللّه اهلاكا او هلك هو هلاكا عدل به الىلرفع للدلالة على ثبات الهلاك ودوامه للمدعو عليه ويومئذ ظرفه او صفته ووضع الويل موضع الاهلاك او الهلاك فجاز وقوعه مبتدأ مع كونه نكرة فانه لما كان مصدرا سادا مستد فعله المتخصص بصدوره عن فاعل معين كانت النكرة المذكورة متخصصة بذلك الفاعل فساغ الابتدآء بها لذلك كما قالوا فى سلام عليك وقال بعضهم الويل واد فى جهنم لو أرسلت فيه الجبال لماعت من حره اى ذابت وقال الجنيد قدس سره الويل يومئذ لمن كان يدعى فى الدنيا الدعاوى الباطلة. ١٦ { ألم نهلك الاولين } كقوم نوح وعاد وثمود وغيرهم ممن هلكوا قبل بعثة سيد المرسلين عليه السالم وذلك لتكذيبهم بيوم الفصل وهو استئناف انكار لعدم الاهلاك اثباتا وتقريرا له لان نفى النفى يثبت الاثبات ويحقق الاهلاك فكأنه قيل لم يكن عدم الاهلاك بل قد اهلكناهم. ١٧ { ثم نتبعهم الآخرين } وهم الذين كانوا بعد بعثته عليه السلام وهو بالرفع على ثم نحن نتبعهم الآخرين من نظرآئهم السالكين لمسلكهم فى الكفر والتكذيب اى نجعلهم تابعين للاولين فى الاهلاك فليس الكلام معطوفا على ما قبله لان العطف يوجب ان يكون المعنى اهلكنا الاولين ثم اتبعناهم الآخرين فى الاهلاك وليس كذلك لان اهلاك الآخرين لم يقع بعد فلذلك رفع نتبع على ان يكون مقطوعا عما قبله ويستأنف به الكلام على وجه الاخبار عما سيقع فى المستقبل باضمار المبتدأ وفيه وعيد لكفار مكة. ١٨ { كذلك } اى فعلا مثل ذلك الفعل الذى اخبر به فمحل الكاف النصب على انه نعت لمصدر محذوف { نفعل بالمجرمين } بكل من اجرم اى سنتنا جارية على ذلك وفيه تحذير من عاقبة الجرم وسوء اثره. ١٩ { ويل } مكروهى بزرك { يومئذ } بوم اذا هلكناهم { للمكذبين } بآيات اللّه وانبيائه وليس فيه تكرير لما ان الويل الاول لعذاب الآخرة وهذا لعذاب الدنيا وفى برهان القرءآن كررها فى هذه السورة عشر مرات لان كل واحدة منها ذكرت عقيب آية غير الاولى فلا يكون تكرارا مستهجنا ولو لم يكرر كان متوعدا على بعض جدون بعض وقيل ان من عادة العرب التكرار والاطناب كما ان عادتهم الاقتصار والايجاز ولان بسط الكلام فى الترغيب والترهيب ادعى الى ادراك البغية من الايجاز وقد يجد كل احد فى نفسه من تأثير التكرار مالا خفاء به. ٢٠ { الم نخلقكم } اى ألم نحدثكم واتفق القرآء على ادغام القاف فى الكاف فى هذا الحرف وذكر النقاش انه فى قرآءة ابن كثير ونافع برواية قالون وعاصم فى رواية حفص بالاظهار قاله فى الابضاح { من ماء مهين } بهوان الحدوث والامكان والابتذال اى من نطفة قذرة مكهينة يعنى خوار وبى مقدار . والميم اصلية ومهانته قلته وخسته وكل شئ ابتذلته فلم تنصه فقد امتهنته اى خلقناكم منه ولذا عطف عليه قوله ٢١ { فجلعناه } اى الماء وبالفارسية بس نكاه داشتيم آن آب را { فى قرار مكين } وهو الرحمن بكسر الحاء المهملة اى وعاء الولد فى بطن الام يعنى درقرار كاه استواركه رحم است . فالقرار موضع الاستقرار والمكين الحصين اى جعلنا ذلك الماء فى مقر حصين يتمكن فيه الماء محفوظا سالما من التعرض له فمكين من المكانة بمعنى التمكن لا منها بمعنى المنزلة ومرتبة عنده فيكون فعيلا لا مفيلا. ٢٢ { الى قدر معلوم } اى مقدار معلوم من الوقت الذى قدره اللّه للولادة تسعة اشهر او اقل منها او اكثر وهو فى موضع الحال من الضمير المنصوب فى فجعلناه اى مؤخرا الى مقدار معلوم من الزمان ٢٣ { فقدرنا } اى فقدرناه والمراد تقدير خلقه وجوارحه واعضائه وألوانه ومدة حمله وحياته ويدل على كون قدر المخفف لغة بمعنى قدر المشدد قرآءة نافع والكسائى بالتشديد { فنعم القادرون } اى نحن بمعنى المقدرون والى هذا المعنى ذهب ابن مسعود رضى اللّه عنه ويجوز ان يكون فقدرنا من القدرة بمعنى فقدرنا على ذلك اى على خلقه وتصويره كيف شئنا واردنا من مثل تلك المادة الحقيرة على ان المراد بالقدرة ما يقارن وجود المقدور بالفعل ويعضده قوله فنعم القادرون حيث خلقناه بقدرتنا وجعلنا على احسن الصور والهيئات. ٢٤ { ويل } بزركتربلاى { يومئذ للمكذبين } اى بقدرتنا على ذلك او على الاعادة قال أبو الليث اى الشدة من العذاب لمن يرى الخلق الاول فانكر الخلق الثانى. ٢٥ { ألم نجعل الارض كفاتا } عرفهم او لانعمه الا نفسية لانها كالاصل ثم اتبعها النعم الآفاقية والكفت باهم آوردن . والكفات اسم ما يكفت اى يضم ويجمع من كفت الشئ اذا ضمه وجمعه كالضمام لما يضم والجماع لما يجمع نحو التقوى جماع كل خير والخمر جماع كل اثم وكفتا مفعول ثان لنجعل لانه بمعنى ألم نصيرها كفاتا تكفت وتضم. ٢٦ { احياء } كثيرة على ظهرها فهو منصوب بفعل مضمر يدل عليه كفاتا وهو تكفت والا فالاسماء الجامدة وكذا اسماء الزمان والمكان واصآله وان كانت مشتقة لا تعمل وفى اسم المصدر خلاف واما المصدر وجمع اسمالفاعل فهما من الاسماء العاملة فمن جعل الكفات مصدر او جمع اسم الفاعل وهو كافت كصيام جمع صائم جعله عاملا ومن جعله اسما لمن يكفت او جمعا للكفت بمعنى الوعاء منعه من العمل غير الزمخشرى فانه جعل كفاتا وهو اسم عاملا وقد طعن فيه { وامواتا } غير محصورة فى بطنها ولهذا كانوا يسمون الارض اما تشبيها لها بالام فى ضمها للناس الى نفسها احياء وامواتا كالام التى تضم اولادها اليها وتضبطهم ولما كانوا ينضمون اليها جعلت كأنها تضمهم وايضا كما ان الارض كفات الاحياء بمعنى انهم يسكنون فيها كذلك انها كفات لهم بمعنى انها تكفت ما ينفصل من الاحياء من الامور المستقذرة وتنكيرها فى مضى التعريف الاستغراقى لا لا فراد والنوعية ويجوز أن يقال الارض وان كانت كفاتا لجميع احياء الانس وامواتهم لكمن الاحياء والاموات غير منحصرة فيها لان بعض الحيوان يكفته الهوآء والبعض الآخر يكفته الماء فلا تكون كفاتا للجميع بل للبعض فيصح التنكير ونقل عن القفال انه قال دلت الآية على وجوب قطع يد النباش من حيث انه تعالى جعل الارض كفات الميت فتكون حرزا والسارق من الحرز يجب عليه القطع. ٢٧ { وجعلنا فيها رواسى } اى جبالا ثوابت يعلى وبيافريديم درزمين كوهاى استوار وباى برجاه فمفعول جعلنا مقدر ورواسى صفة له من رسا الشئ يرسو اى ثبت والجبال ثوابت على ظهر الارض لا نزول { شامخات } صفة بعد صفة والشامخ العالى المرتفع اى طوالا شواهق يعنى بلد وسر فرز ومنه شمخ بأنفه عبارة عن الكبر وفى عين المعانى رواسى اى ثوابت الاصول رواسخ العروق شامخات اى مرتفعات الفروع ووصف جمع المذكر يجمع المؤنث فى غير العقلاء مطرد كاشهر معلومات ونحوه والتنكير للتخفيم او للاشعار بان ما يرى ظهر الارض من الجبال بعض منها وان فى عداد الجبال ما لم يعرف ولم ير فان السماء فيها جبال ايضا بدلالة قوله تعالى من جبال فيها من برد . { وأسقيناكم } وبياشامانيديم شمارا { ما فراتا } اى عذابا جدا بأن خلقنا فيها انهارا ومنابع اى جعلناه سقيا لكم ومكناكم من شربه وكذا من سقيه دوابكم ومزارعكم وسمى نهر الكوفة فراتا للذته وقال ابو الليث ماء فراتا ايضا بل هى معدنه ومصبه. ٢٨ { ويل } واد فى جهنم { يومئذ } دران روز خطرناك { للمكذبين } بامثال هذه النعم العظيمة. ٢٩ { انطلقوا } اى يقال يومئذ للمكذبين بطريق التوبيخ والتقريع انطلقوا واذهبوا والقائلون خزنة النار وزبانية جهنم { الى ما كنتم به تكذبون } فى الدنيا من العذاب وبه متعلق بتكذبون قدم رعاية نظم الآية. ٣٠ { انطلقوا } خصوصا { الى ظل } اى الى ظل دخان نار جهنم كقوله تعالى وظل من يحموم اى دخان غليظ اسود { ذى ثلاث شعب } جمع شعبة يعنى خداوندسه شاخ يتشعب لعظمه ثلاث شعب كما هو شأن الدخان العظيم تراه يتفرق ذوآئب فقوله ذى ثلاث شعب كناية عن كون ذلك الدخان عظيما بناء على ان التشعب من لوزامه وقيل يخرج لسان من النار فيحيط بالكفار كسرادق وهو ما يمد فوق سحن البيت ويتشعب من دخانها ثلاث شعب فتظلهم حتى يفرغ من حسابهم والمؤمنون فى ظل العرش قال القاضى اخذا من التفسير الكبير خصوصية الثلاثة اما لان حجاب النفس عن انوار القدس الحس والخيال والوهم او لان المؤدى الى هذا العذاب هو القوة الوهمية الشيطانية الحالة فى الدماغ المشوشة للنفس عن ادراك الحقائق والقوة الغضبية السبعية التى عن يمين القلب الدافعة للنفس عن القيام على حق الاعتدار والقوة الشهوية البهيمية التى عن يساره المانعة للنفس عن الاتصاف بالاوصاف الالهية ولذلك قيل تقف شعبة فوق الكافر وشعبة عن يمينه وشعبة عن يساره فجميع ما يصدر عن الانسان من العقائد الفاسدة والاعمال الباطلة لا ينشأ الا من هذه القوى الثلاث الواهمة والغضبية والشهوية فهذه الثلاث لما كانت منبع جمبع الآفات الصادرة الانسان تشعبت شعب العذات على حسبها. بس هركه خواهدكه فردا زين دخان كه ظل من يحموم اشارت بدانست كردد امروز بنور عقل متمسك شده ازتيركى صفت شيطانى وسبعى ويهيمى ببايد كذشت. زتاريكئ خشم وشهوت حذركن ... كه ازدود آن جشم دل تيره فردد غضب جون در آمد رود عقل بيرون ... هوى جون شود جيره جان خيره كردد ويحتمل أن تكون الخصوصية لتضييعهم القوى الثلاث التى هى السمع والبصر والفؤاد كما قال تعالى وجعل لكم السمع والابصار والافئدة قليلا منشأ الشقاوات. يقول الفقير عندى وجه آخر وهو أن الايمان عبارة عن التصديق والاقرار وللعلم فجعلت كل شعبة من الثلاث بمقابلة واحدة من هذه الاركان دل على هذا قوله تعالى انطلقوا الى ما كنتم به تكذبون فأورد التكذيب الذى هو صفة القلب فان القلب لكونه مدار الاعضاء والقوى اذا فسد فسد اللسان وسائر الاركان فالتكذيب ظلمة باطنة للقلب ضوعفت بظلمة ترك الاقرار والعمل فلما تضاعفت الظلمات الباطنة فىلدنيا تضاعفت الظلمات الظاهرة فى الآخرة لان لكل عمل وصفه صورة شخصية جسدانية يوم القيامة ٣١ { لا ظليل } اخذ من الظل للتأكيد كنوم نائم اى لا يظل من الحر وتوصيف الظل بأنه لا يظل من حر ذلك اليوم وهو حر النار للدلالة على ان تسمية ما يغشاهم من العذاب بالظل استهزآء بهم فان شأن الظل أن يدفع عمن يستظل به مقاساة شدة الحر وانه ينفعه ببرده ونسميه والذى أمروا بالانطلاق اليه يضاعف عليهم ما هم فيه من الحر والعذاب فضلا عن أن يستريحوا ببرده اورد لما أوهمه لفظ الظل من الاسترواح كما مر فى الواقعة { ولا يغنى من اللهب } اى غير مغن لهم من حر اللهب كما يغنى ظل الدنيا من الحر فقوله لا ظليل فى موضع الجر على انه صفة الظل ولفظ غير مانع للصفتية اى ظل غير ظليل وغير مغن ومفعول يغنى يباعده كما ان المحتاج اليه يقربه فصح أن يعبر باغناء شئ عن شئ عن ابعاده عنه فكان المعنى ان هذا الظل لا يظلكم من حر الشمس ولا يدفع عنكم لهب النار واللهب ما يعلو على النار اذا اضطرمت من أحمر وأصفر وأخضر وفى التأويلات النجمية ظل الروح وظل القلب ظل ظليل ممدود نفعه واثره وروحه لا ظل النفس والهوى وقال بعضهم ظل شجرة النفس الخبيثة المنقطعة عن نور الوحدة بظلمة ذاتها ليس بظليل كظل شجرة طوبى فلا يفيد الروح والراحة بخلاف ظل شجرة النفس الطيبة المنورة بنور الوحدة الغير المتشعبة الى الشعب المختلفة المتضادة كالشيطانية والسبعية والبهيمية. ٣٢ { انها } اى الشعب لانها هى المذكورة لا النار { ترمى بشرر } مى افكتددر آنروز شرار هارا كه هر شراره { كالقصر } مانند كوشكى عظيم . اى كل شررة كقصر من القصور فى عظمها كما دل على هذا التفسير قوله كأنه جمالة صفر فالشرر جمع شررة وهى ما تطاير من النار من الجهات متفرقا كالنجوم كما قال فى القاموس الشرار والشرر ككتاب وجبل ما يتطاير من النار واحدتهما بهاء انتهى وكالقصر فى موضع الصفة للشرر والقصر مفرد وهو البناء العالى ووصف به الجمع باعتبار كل واحد من آحاده والقصر ايضا الحطب الجزل ولذا قال ابن عباس رضى اللّه عنههما فى تفسير الآية هى الخشب العظام المقطعة وكنا نعمد الى الخشب فتقطعها ثلاثة اذرع وفوق ذلك ودونه ندخرها للشتاء فكنا نسميها القصر اى لكونها مقصورة مقطوعة من الممدودة الطويلة تأمل فى ان نارا دخانها وشررها هكذا فما بالك بحال أهلها. ٣٣ { كأنه } اى الشرر وفى فتح الرحمن كأنه اى النار ثم رد الضمير الى لفظ النار دون معناها فقال كأنه { جمالة صفر } جمع جمل كحجارة فى جمع حجر والتاء لتأنيث الجمع او اسم جمع كالحجارة والجمل ذكر اصفر والصفرة لون من الالوان التى بين السواد والبياض وهى ان البياض أقرب ولذلك قد يعبر بها عن السواد والمعنى كأن كل شررة جمل أصفر أو كجمل اسود لان سواد ابل يضرب الى الصفرة كما قيل لبعض الظباء آدم لان بياضها تعلوه كدرة ولان صفر الابل يشوب رؤوس اشعارها سواد وفى الحديث ( شرار جهنم اسود كالقير ) فالاول وهو التشبيه بالقصر تشبيه فى العظم والثانى وهو التشبية بالجمل فى اللون والكثرة والتتابع والاختلاط والحركة وفى المفردات قوله تعالى كأنه جمالة صفر قيل جمع أصفر وقيل بل أراد به الصفر المخرج من المعادن ومنه قيل للنحاس صفر وفى التأويلات النجمية كل صفة من الاوصاف البهيمية والسبعية والشياطنية بحسب الغلظة والشدة كالقصور المرتفعة والبروج المشيدة او كأنه جمالة صفر عظيمة ليهكل طويلة الاشر من شدة قوة النار فى ذلك الشرر وهى القوة الغضبية. ٣٤ { ويل } مشقت بسيار { يومئذ للمكذبين } بأهوال يوم القيامة وأحوال العصاة فيه ( وقال الكاشفى ) مردروع زنانراست كه مشقت دوزخ وشاراهاى آنراباور ندارند. ٣٥ { هذا يوم لا ينطقون } اشارة الى وقت دخولهم النار ويوم مرفوع على انه خبر هذا اى هذا يوم لا ينطقون فيه بشئ لما ان السؤال والجواب والحساب قد انقضت قبل ذلك وايضا يوم القيامة يوم طويل له مواطن ومواقيت ينطقون فى وقت دون وقت فعبر عن كل وقت بيوم اولا ينطقون بشئ ينفعهم فان ذلك كالنطق قال القاشانى لا ينطقون لفقدان آلات النطق وعدم الاذن فيه بالختم على الافواه وقال بعضهم لا ينطقون منم شدة تحيرهم وقوة دهشتهم وقال أبو عثمان رحمه اللّه اسكتهم هيبة الربوبية وحياء الذنوب كما قال الشيخ سعدى رحمه الله سر ار جيب غفلت بر آور كنون ... كه فردا نماند بخجلت نكون ٣٦ { ولا يؤذن لهم } ودستورى ندهد مرايشانرا در اعتذار { فيعتذرون } عطف على يؤذن منتظم فى سلك النفى اى لا يكون لهم اذن واعتذار متعقب له من غير أن يجعل الاعتذار مسببا عن الاذن كما لو نصب والنصب يوهم ان لهم عذرا وقد منعوا من ذكره وهو خلاف الواقع اذلو كان لهم عذر لم يمنعوا واى عذر لمن اعرض عن منعمه وكفر بأياديه ونعمه. ٣٧ { ويل } كرب واندوه { يومئذ للمكذبين } بهذه الاخبار وبما جاء من الحق الواقع البتة. ٣٨ { هذا } اليوم الذى شاهدتم اهواله واحواله { يوم الفصل } بين الحق والباطل وقال البقلى هذا يوم مفارقة النفس والشيطان عن جوار قلب العارف وانفصال كل شئ عن كل محب غير محبوبه حيث استغرق فى وشهوده ووجوده { جمعناكم } يا امة محمد { والاولين } من الامم وهذا تقرير وبيان للفصل اذ الفصل بين المحق والمبطل والرسل لا يتحقق الا بجمع الكل فلا بد من احضارهم لا سيما عند من لا يجوز القضاء على الغائب. ٣٩ { فان كان لكم كيد } حيلة تدفعون بها عنكم العذاب والظاهر أن هذا خطاب من اللّه للكفار { فكيدون } اصله فكيدونى حذف ياء المكلم اكتفاء بالكسرة والنون للوقاية وهو أمر من كاد يكيد كيدا وهو المكر والاحتيال والخديعة والمعنى واحتالوا لأنفسكم وتخلصوا من عذابى ان قدرتم فان جميع من كنتم تقلدونهم وتقتدون بهم حاضرون يعنى حيله باخداى بيش نرود وبمكر ودستان عذاب ازخود دفع نتوانيد كرد بمكر وحيله عذاب خداى رد نشود ... نياز بايد واخلاص ونالهء سحرى توان خريد بيك آه ملك هردوجهان ... ازان معامله غافل مشوكه حيف خورى وهذا امر اهانة وخطاب تعجيز وتقريع لهم على كيدهم للمؤمنين فى الدنيا وتخجيل لهم بأنهم كانوا فىلدنيا يدفعون الحقوق عن أنفسهم ويبطلون حقوق الناس بضروب الحيل والمكايد والتلبيسات فخاطبهم اللّه حين علموا ان الحيل منقطعة والتلبيسات غير ممكنة بقوله فان كان لكم كيد فكيدون لما ذكر من التقريع والتخجيل ولاظهار عجزهم عن الكيد فان مثل هذا الكلام لا يتكلم به الا من تيقن بعجز مخاطبه عما هو بصدده وفى بعض التفاسير اى فان وجد كيد نافع لكم على ان لكم متعلق بكان او نافعا لكم على انه حال من كيد. ٤٠ { ويل } غم وغصة { يومئذ } دران روز هولناك { للمكذبين } حيث ظهر أن لا حيلة لهم فى الخلاص من العذاب. ٤١ { ان المتقين } من الكفر والتكذيب لانهم فى مقابلة المكذبين ففيه رد على المعتزلة { فى ظلال } جمع ظل كشعاب وشعب او ظلة كقباب وقبة اى فى ظلال ظليلة على الحقيقة كما يدل عليه الاطلاق يعنى لا كظل عن كونهم تحت اشجار مثمرة لهم فى جنانهم. يقول الفقير الا ظهران كونهم فى ظلال كناية عن راحتهم العظمى لان الظل للراحة وكذا قوله تعالى وندخلهم ظلا ظليلا ونحوه وانما ذكر اللّه الظل تشويقا للقلوب لان من البلاد ما هى حارة قليلة المياه والاشجار والظلال { وعيون } عذبة دافعة عنهم العطش وبالفارسية وبركنار جشمهاى آب. ٤٢ { وفواكه } اى ألوان الفاكهة يعنى ودرميان ميوها { مما يشتهون } ويتمنون يعنى از آنجه آرزو كنند. فيتناولونها لا عن جوع وامتلاء بل عن شهوة وتلذذ والحاصل انهم مستقرون فى فنون الترفه وانواع التنعم خلاف ما عليه مخالفوهم. ٤٣ { كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون } مقدر بقول هو حال من ضمير المتقين فى الخبر أى مقولا لهم كلوا من نعم الجنة وثمراتها واشربوا من مائها وشرابها اكلا وشربا هنيئا شائغا رافها بلدآء ولا تخمة بسبب ما كنتم تعملونه فى الدنيا من الاعمال الصالحة خصوصا الصيام كما مضى فى الحاقة وهذا أمر اكرم اظهار اللرضى عنهم والمحبة لهم تمسك القائلون بايجاب العمل للثواب بالباء السببية والجواب ان السببية انما هى بفضل اللّه ووعده الذى لا يخلف لا بالذات بحيث يمتنع عدمه او يوجب النقص او الظلم. ٤٤ { انا كذلك } الجزآء العظيم { نجزى المحسنين } اى فى عقائدهم واعمالهم لا جزآء آدنى منه. ٤٥ { ويل يومئذ للمكذبين } حيث نال اعدآؤهم هذا الثواب الجزيل وهم بقوا فى العذاب المخلد الوبيل ( وقال الكاشفى ) جهل وقبح وذم مراهل تكذيب راست كه بنعيم بهشت نمى كروند. وفى التأويلات النجمية ان المتقين باللّه عما سواه اى المتقين بنور الوحدة عن ظلمة الكثرة وبنور المعرفة عن ظلمية النكرة فى ظلال الاوصاف الالهية والاخلاق الربانية وعيون من مياه العلوم والحكم وفواكه مما يشتهون من التجليات الروحانية والتنزلات النورانية كلوا من أطعمة المواهب الهنية واشربوا من أشربة المشارب التوحيدية هنيئا بما كنتم تعملون من الاعمال الصالحة والافعال الحسنة انا كذلك نجزى المحسنين المشاهدين لجمالنا المطلق ويل يومئذ للمكذبين باحسان الجزآء وجزآء الاحسان. ٤٦ { كلوا } اى مكذبان ازنعيم فانئ دنيا { وتمتعوا } تمتعا { قليلا } او زمانا قليلا يعنى عيشوا مدة قليلة الى منتهى آجالكم لان زمان الدنيا قليل كمتاعها وبالفارسية وبرخوردار شويد زمانى اندك { انكم مجرمون } كافرون مستحقون للعذاب وبالفارسية بدرستى كه شما مشركانيد وعاقبت شمارا عذاب دائمست. قوله كلوا الخ مقدر بقول هو حال من المكذبين قال فى لاكواشى لا أحب الوقف على المكذبين ان نصبت كلوا حالا منه والمعنى الويل ثابت لهم مقولا لهم ذلك نذكيرا لهم بحالهم فى الدنيا بما جنوا على أنفسهم من ايثار المتاع الفانى عن قريب على النعيم الخالد فلا يرد كيف يقال لهم ذلك ولا تمتع لهم فيها يعنى ان هذا القول لهم فى الآخرة لا يكون لطلب الاكل والتمتع منهم بنعيم الدنيا حقيقة لعدم امكانه بل انما يقال لهم للتذكير المذكور فيكون الامر امر توبيخ وتحسير وتحزين وعلل ذلك باجرامهم دلالة على ان كل مجرم مآله هذا اى ليس له الا الاكل والتمتع اياما قلائل ثم البقاء فى الهلاك الابدى. ٤٧ { ويل } واى { يومئذ } دران روز جزا { للمكذبين } حيث عرضوا انفسهم للعذاب الدآئم بالتمتع القليل وفى التأويلات النجمية انكم مجرمون اى كاسبون الهيئات الردية والملكات الغير المرضية ويل يومئذ للمكذبين بأن الاوصاف الحميدة أفضل من الاخلاق الذميمة. ٤٨ { واذا قيل لهم } اى للمكذبين { اركعوا } اى أطيعوا اللّه واخشعوا وتواضعوا له بقبول وحيه واتباع دينه وارفضوا هذا الاستكبار والنخوة لان الركوع والانحناء لاحد تواضع له وتعظيم والسجود اعظم منه فى التواضع والتعظيم ومن ذلك قالوا ان السجود لغير اللّه كفر ان كان للعبادة وخطر عظيم ان كان للتعظيم وفى حواضى ابن الشيخ لركوع فى اللغة حقيقة فى مطلق الانحناء الحسى وركوع الصلاة من جملة افراده وتفسيره بالاطاعة والخضوع مجاز لغوى تشبيها له بالانحناء الحسى { لا يركعون } لا يخشعون ولا يقبلون ذلك ويصرون على ما هم عليه من الاستكبار وقيل اذا أمروا بالصلاة او بالركوع لا يفعلون اذ روى انه نزل حين امر رسول اللّه عليه السلام ثقيفا بالصلاة فقالوا انا لا نخر ولا نجبى اى لا يقوم قيام الراكع فانها سبة علينا اى ان هيئة التجبية هيئة تظهروا ترفع فيها السبة وفى الاست اى الدبر وهو عار وعيب علينا فقال عليه السلام ( لا خير فى دين ليس فيه ركوع ولا سجود ) وفى بعض التفاسير كانوا فى الجاهلية يسجدون للصنام ولا يركعون لها فصار الركوع من اعلام صلاة المسلمين لله تعالى وفيه دلالة على ان الكفار مخاطبون بالفروع فى حق المؤآخذة فى الآخرة كما سبق مرارا ( قال الكاشفى ) مراد آنست كه مسلمان نشوند جه ركن اعظم اسلام بعد از شهادتين نمازاست. وفيه ذم عظيم لتارك الصلاة حيث لا يجب داعى اللّه اى المؤذن فانه يدعو فى الاوقات الخمسة المؤمنين الى بيت اللّه واقامة الصلاة وقس عليه سائر الداعين وفى التأويلات النجمية واذا قيل لهم اركعوا اى افنوا عن اللذات الحيوانية وابقوا باللذات الروحانية اذ هى مناجاة الروح والسر مع اللّه ولا ألذ منها. ٤٩ { ويل يومئذ للمكذبين } نفرين آن روز بردروغ زنانراست كه ركوع وسجود را تكذيب كنند وبشرف اسلام نمى رسند. ٥٠ { فبأى حديث } اى خبر يخبر بالحق وينطق بما كان وما يكون على الصدق { بعده } اى بعد القرءآن الناطق بأحاديث الدارين واخبار النشأتين على نمط بديع معجز مؤسس على حجج قاطعة وبراهين ساطعة { يؤمنون } اذا لم يؤمنوا به اى القرءآن الجامع لجميع الاحاديث فقوله فبأى الخ جواب شرط محذوف وكلمة بعد بمنزلة ثم فى افادة التراخى الرتبى اى فاذا لم يؤمنوا به وهو موصوف بما ذكر فبأى كتاب يؤمنون ختم السورة بالتعجيب من الكفار لان الاستفهام للتعجيب وبين انهم فى أقصى درجات التمرد والعناد حيث لم ينقادوا لمثل هذا البرهان الباهر والدليل القاطع على حقية الدين القويم من حيث كونه فى ارفع درجات الفصاحة والبلاغة وفى أقصى طبقات الاعجاز . درخبر آمده كه بعد ازخواندن اين آيت بايد كفت آمنا به استدل بعض المعتزلة على ان القرآن ليس بقديم بقوله تعالى حديث اذا لحديث ضد القيم لان الحدوث والقدم لا يجتمعان فى شئ واحد ورد بأن الحديث هنا بمعنى الخبر لا بمعنى الحادث ولو سلم فالعبارة لا تدل على ان القرءآن محدث لاحتمال أن يكون المراد فبأى حديث بعد القديم يؤمنون ولو سلم فانما يدل على حدوث الالفاظ الدالة على المعانى ولا خلاف فيه وانما الخلاف فى قدم المعنى القائم بذاته تعالى روى ان المرسلات نزلت فى غار قرب مسجد الخيف بمنى يسمى غار والمرسلات. يقول الفقير قد زرته وقرأت فيه السورة المذكورة وفى الضخرة العالية من الغار داخله اثر رأس النبى عليه السلام يتبرك به الآن والحمدلله على افضاله وكثرة نواله وزيارة حرمه وحرم مصطفاه مظهر نور جماله وكماله. |
﴿ ٠ ﴾