٣ { وما يدريك } لذلك فان المشافهة أدخل فى تشديد العتاب كمن يشكو الى الناس جانيا جنى عليه ثم يقبل على الجانى اذا حمى فى الشكاية مواجها له بالتوبيخ اى واى شيئ يجعلك داريا وعالما بحاله ويطلعك على باطن امره حتى تعرض عنه اى لا يدريك شئ فتم الكلام عنده فيوقف عليه وليس ما بعده مفعوله بل هو ابتدآء كلام وقال الامام السهيلى رحمهاللّه انظر كيف نزلت الآية بلفظ الاخبار عن الغائب فقال عبس وتولى ولم يقل عبست وتوليت وهذا شبيه حال الغائب المعرض ثم أقبل عليه بمواجهة الخطاب فقال وما يدريك علما منه تعالى انه لم يقصد بالاعراض عنه الا الرغبة فى الخير ودخول ذلك المشرك فى الاسلام وهو الوليد أو أمية وكان مثله يسلم بالسلامه بشر كثير فكلم نبيه عليه السلام حين ابتدار الكلام بما يشبه كلام المعرض عنه العاتب له ثم واجهه بالخطاب تأنيسا له عليه السلام بعد الايحاش فانه قيل ان ابن أم مكتوم كان قد اسلم وتعلم ما كان يحتاج اليه من امور الدين واما اولئك الكفار فما كانوا قد اسلموا وكان اسلامهم سببا لاسلام جمع عظيم فكلامه فى البين سبب لقطع ذلك الخير العظيم لغرض قليل وذلك محرم والا هم مقدم على المهم فثبت بهذا ان فعل ابن أم مكتوم كان ذنبا ومعصية وما فعله النبى عليه السلام كان واجبا فكيف عاتب اللّه على ذلك قيل ان الامر وان كان كما ذكر الا ان ظاهر ما فعله الرسول عليه السلام يوهم تقديم الاغنياء على الفقرآء وقلة المبالاة بانكسار قلوب الفقرآء وهو لا يليق بمنصب النبوة لانه ترك الافضل كما اشير اليه سابقا فلذا عاتبه اللّه تعالى { لعله } اى الاعمى { يزكى } بتشديدين اصله يتزكى اى يتطهر بما يقتبس منك من اوضار الاوزار بالكلية وكلمة لعل مع تحقق التزكى وارد على سنن الكبرياء فان لعل فى كلام العظامء يراد به القطع والتحقيق او على اعتبار معنى الترجى بالنسبة اليه عليه السلام للتنبيه على ان الاعراض عنه عند كونه مرجوا التزكى مما لا يجوز فكيف اذا كان مقطوعا بالتزكى كما فى قولك لعلك ستندم على ما فعلت |
﴿ ٣ ﴾