سُورَةُ الْقَدْرِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ خَمْسُ آياَتٍ

١

{ انا انزلناه فى ليلة القدر } النون للعظمة او للدلالة على الذات مع الصفات والاسماء والضمير للقرءآن لأن شهرته تقوم مقام تصريحه باسمه وارجاع الضمير اليه فكأنه حاضر فى جميع الاذهان وعظمه بأن اسند انزاله الى جنابه مع أن نزوله انما يكون بواسطة الملك وهو جبرآئيل على طريقة القصر بتقديم الفاعل المعنوى الا انه اكتفى بذكر الاصل بمعنى نحن انزلناه فادخل ان للتحقيق فاختير اتصال الضمير للتخفيف ومعنى صيغة الماضى انا حكمنا بانزاله فى ليلة القدر وقضينا به وقدرناه فى الازل ثم ان الانزال يستعمل فى الدفعى والقرءآن لم ينزل جملة واحدة بل انزل منجما مفرقا فى ثلاث وعشرين سنة وهذه السورة من جملة ينزل جملة ما انزل وجوابه أن المراد أن جبرآئيل نزل به جملة واحده فى ليلة القدر من اللوح المحفوظ الى بيت العزة فى السماء الدنيا واملاه على السفرة اى الملائكة الكاتبين فى تلك السماء ثم كان ينزل على النبى عليه السلام منجما على حسب المصالح وكان ابتدآء تنزيله ايضا فى تلك الليلة وفيه اشارة الى أن بيت العزة اشرف المقامات السماوية بعد اللوح المحفوظ لنزول القرءآن منه اليه ولذلك قيل بفضل السماء الاولى على اخواتها لائنها مقر الوحى الربانى

وقيل لشرف المكان بالمكين وكل منهما وجه فان السلطان انما ينزل على انزه مكان ولو فرضنا نزوله على مسبخة لكفى نزوله هناك شرفا لها فالمكان الشريف يزداد شرفا بالمكين الشريف كما سبق فى سورة البلد ففى نزول القرءآن بالتدريج اشارة الى تعظيم الجناب المحمدى كما تدخل الهدايا شيأ بعد شئ على ايدى الخدام تعظيما للمهدى اليه بعد التسوية بيه وبين موسى عليهما السلام بانزاله جملة الى بيت العزة وفى التدريج ايضا تسهيل للحفظ وتثبيت لفؤاده كما قال تعالى وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرءآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك وكلام اللّه المنزل قسمان القرءآن والخبر القدسى لأن جبرآئيل كان ينزل بالسنة كما ينزل بالقرءآن ومن هنا جاز رواية السنة بالمعنى لان جبرآئيل اداها بالمعنى ولم تجز القرءآن بالمعنى لأن جبرآئيل اداها باللفظ والسر فى ذلك التعبد بلفظه والاعجاز به فانه لا يقدر أحد أن يأتى بدله بما يشتمل عليه من الاعجاز لفظا ومن الاسرار معنى فكيف يقوم لفظ الغير ومعناه مقام حرف القرءآن ومعناه ثم ان اللوح المحفوظ قلب هذا التعين ولكن قلب الانسان ألطف منه لأنه زبدته واشرفه لأن القرءآن نزل به الروح الامين على قلب النبى المختار وهنا سؤال وهو أن الملائكة بأسرهم صعقوا ليلة نزول القرءآن من حضرة اللوح المحفوظ الى حضرة بيت العزة فما وجهه والجواب أن محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم عندهم من أشراط القيامة والقرءآن كتاب فنزوله دل على قيام الساعة فصعقوا هيبة منه واجلالا لكلامه وحضرة وعده ووعيده وفى بعض الاخبار ان اللّه تعالى اذا تكلم بالرحمة تكلم بالفارسية والمراد بالفارسية لسان غير العرب سريانيا كان او عبرانيا واذا تكلم بالعذاب تكلم بالعربية فلما سمعوا العربية المحمدية ظنوا أنه عقاب فصعقوا وسيأتى معنى القدر ثم القرءآن كلامه القديم انزله فى شهر رمضان كما قال تعالى شهر رمضان الذى انزل فيه القرءآن وهذا هو البيان الاول ولم ندر نهار انزل فيه ام ليلا فقال تعالى ان انزلناه فى ليلة مباركة وهذا هو البيان الثانى ولم ندراى ليلة هى فقال تعالى انا انزلناه فى ليلة القدر فهذا هو البيان الثالث الذى هو غاية البيان فالصحيح أن ليلة التى يفرق فيها كل امر حكيم وينسخ فيها امر السنة وتدبير الاحكام الى مثلها هى ليلة القدر والتقدير الامور فيها سميت ليلة القدر ويشهد التنزيل لما ذكرنا اذ فى اول الآية انا انزلناه فى ليلة مباركة ثم وصفها فقال فيها يفرق كل امر حكيم والقرءآن انما نزل فى ليلة القدر فكانت هذه الآية بهذا الوصف فى هذه الليلة مواطئة لقوله تعالى انا انزلناه فى ليلة القدر كذا فى قوت القلوب للشيخ ابى طالب المكى قدس سره فان قلت ما الحكمة فى انزال القرآن ليلا قلت لأن اكثر الكرامات ونزول النفحات والاسرآء الى السموات يكون بالليل والليل من الجنة لأنها محل الاستراحة والنهار من النار لأن فيه المعاش والتعب والنهار حظ اللباس والفراق والليل حظ الفراش والوصال وعبادة الليل افضل من عبادة النهار لأن قلب الانسان فيه اجمع والمقصود هو حضور القلب قال بعض العارفين اعمل التوحيد فى النهار والاسم فى الليل حتى تكون جامعا بين الطريقتين الجلوتية بالجيم والخلوتية ويكون التوحيد والاسم جناحين لك.

٢

{ وما ادراك ما ليلة القدر } اى واى شئ اعلمك يا محمد ماهى اى انك لا تعلم كنهها لان علو قدرها خارج عن دآئرة دراية الخلق لا يدريها الاعلام الغيوب وهو تعظيم للوقت الذى انزل فيه ومن بعض فضائل ذلك الوقت انه يرتفع سؤال القبر عمن مات فيه وكذا فى سائر الاوقات الفاضلة ومن ذلك العيد ثم مقضتى الكرم أن لا يسأل بعده ايضا وقد وقع تجلى الافعال لسيد الانبياء عليه السلام فى رجب ليلة الجمعة الاولى بين العشاءين فلذا استحب صلاة الرغائب وقتئد وتجلى الصفات فى نصف شعبان فلذا استحب صلاة البرآءة بعد العشاء قبل الوتر وتجلى الذات فى ليلة القدر ولذلك استحب صلاة القدر فيها كما سيجئ ولما كان هذا معربا عن الوعد بادرآئها قال

٣

{ ليلة القدر } القيامها والعبادة فيها

{ خير من ألف شهر } اى من صيامها وقيامها ليس فيها ليلة القدر حتى لا يلزم تفضيل الشئ على نفسه فخير هنا اى افضل واعظم قدرا واكثر اجرا من تلك المدة وهى ثلاث وثمانون سنة واربعة اشهر وفى الحديث ( من قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذبه وما تأخر ومن صام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ) كما فى كشف الاسرار قال الخطابى قوله ايمانا واحتسابا اى بينية عزيمة وهو أن يصومه على التصديق والرغبة فى ثوابه طيبة به نفسه غير كاره له ولا مستثقل لصيامه ولا مستطيل لأيامه لكن يغتنم طول ايامه لعظم الثواب وقال البغوى قوله احتسابا اى طلبا لوجه اللّه وثوابه يقال فلان يحتسب الاخبار اى يطلبها كذا فى الترغيب والترهيب والمراد بالقيام صلاة التراويح وقال بعضهم المراد مطلق الصلاة الحاصل بها قيام الليل قوله غفر له ما تقدم من ذنبه قيل المراد الصغائر وزاد بعضهم ويخفف من الكبائر اذا لم يصادف صغير وقوله وما تأخير هو كناية عن حفظهم من الكبائر بعد ذلك او معناه أن ذنوبهم تقع مغفورة كذا فى شرح الترغيب المسمى بفتح القريب وقال سعيد بن المسيب من شهد المغرب والعشاء فى جماعة فقد اخذ حظه من ليلة القدر كما فى الكواشى ثم أن نهار ليلة القدر مثل ليلة القدر فى الخير وفيه اشارة الى أن ليلة القدر للعارفين خير من ألف شهر للعابدين لأن خزآئنه تعالى مملوءة من العبادات ولا قد الا للفناء واهله وللشهود واصحابه واختلفوا فى وقتها فاكثرهم على أنها فى شهر رمضان فى العشر الاواخر فى اوتارها لقوله عليه السلام ( التمسوها فى العشر الاواخر من رمضان ) فاطلبوها فى كل وتر وانما جعلت فى العشر الاخير الذى هو مظنة ضعف الصائم وفتوره فى العبادة ليتجدد جده فى العبادة رجاء ادراكها وجعلت فى الوتر لأن اللّه وتر يحب الوتر ويتجلى فى الوتر على ما هى مقتضى الذات الاحدية واكثر الاقوال انها السابعة لامارات واخبار تدل على ذلك احدها حديث ابن عباس رضى اللّه عنهما ان السورة ثلاثون كلمة قوله هى السابعة والعشرون منها ومنها ما قال ابن عباس ايضا ليلة القدر تسعة احرف وهو مذكور فى هذه السورة ثلاث مرات فتكون السابعة والعشرين ومنها انه كان لعثمان بن العاص غلام فقال يا مولاى ان البحر يعذب ماؤه ليلة من الشهر قال اذا كانت تلك الليلة فاعلمنى فاذا هىلسابعة والعشرون من رمضان ومن قال انها هى الليلة الاخيرة من رمضان استدل بقوله عليه السلام

( ان اللّه تعالى فى كل ليلة من شهر رمضان عند الافطار يعتق ألف ألف عتيق من النار كلهم استوجبوا العذاب فاذا كان آخر ليلة من شهر رمضان اعتق اللّه فى تلك الليلة بعدد من اعتق من اول الشهر الى آخره ولأن الليلة الاولى كمن ولد له ذكر فهى ليلة شكر والليلة الاخيرة ليلة الفراق كمن مات له ولد فهى ليلة صبر ) وفرق بين الشكر والصبر فان الشاكر مع المزيد كقوله تعالى لئن شكرتم لازيدنكم والصابر مع اللّه لقوله تعالى ان اللّه مع الصابرين وعن عائشة رضى اللّه عنها أنها قالت سألت النبى عليه السلام لو وافقتها ماذا اقول قال ( قولى اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عنى وعنها ايضا لو ادركتها ما سألت اللّه الا العافية ) وفيه اشارة الى ما قال عليه السلام ( اللهم انى اسألك العفو والعافية والمعافاة فى الدين والدنيا والآخرة ) ولعل السر فى خفائها تحريض من يدريها لثواب الكثير باحياء الليالى الكثيرة رجاء لموافقتها

اى خواجه جه كويى زشب قدرنشانى ... هر شب شب قدرست اكر قدر بدانى

ونظيره اخفاء ساعة الاجابة فى يوم الجمعة والصلاة الوسطى فى الخمس واسمه الاعظم فى الاسماء ورضاه فى الطاعات حتى يرغبوا فى الكل وغضبه فى المعاصى ليحتروزا عن الكل ووليه فيما بين الناس حتى يعظموا الكل

خورش ده بكنجشك وكبك وحمام ... كه يك روزت افتداهماى بدام

والمستجاب من الدعوات فى سائرها ليدعوه بكلها

جه هر كوشه تيرنياز افكنى ... اميدست كه ناكه كه صيدى زنى

ووقت الموت ليكون الملكف على احتياط فى جميع الاوقات وتسميتها بليلة القدر اما لتقدير الامور وقضائها فيها لقوله تعالى فيها يفرق كل امر حكيم اى اظهار تقديرها للملائكة بأن تكتبها فى اللوح المحفوظ والا فالتقدير نفسه ازلى فالقدر بمعنى التقدير وهو جعل الشئ على مقدار مخصوص ووجه مخصوص حسبنا اقتضت الحكمة عن ابن عباس رضى اللّه عنهما ان اللّه قدر فيها كل ما يكون فى تلك السنة من مطر ورزق واحياء واماتة وغيرها الى مثل هذه الليلة من السنة الآيتة فيسلمه الى مدبرات الامور من الملائكة فيدفع نسخة الارزاق والنباتات والامطار الى ميكائيل ونسخة الحروب والرياح والزلازل والصواعق والخسف الى جبرآئيل ونسخة الاعمال الى اسرافيل ونسخة المصائب الى ملك الموت

فكم من فتى يسمى ويصبح آمنا ... وقد نسجت اكفانه وهو لا يدرى

وكم من شيوخ ترتجى طول عمرهم ... وقد رهقت اجسادهم ظلمة القبر

وكم من عروس زينوها لزوجها ... وقد قبضت ارواحهم ليلة القدر

يقال ان ميكائيل هو الامين على الارزاق والاغذية المحسوسة ويقابله منك الكبد فهو الذى يعطى الغذآء لجميع البدن وكذل اسرافيل يغذى الاشباح بالارواح ويقابله منك الدماغ وجبرآئيل يغذى الرواوح بالعلوم والمعارف ويقابله منك العقل وكل محدث لا بدله من غذآئه فغذآه الجسم بالتأليف والعقل بالعلوم الضرورية والروح القدسى ايضا متعطش ولا يرتوى الا بالعلوم الالهية هذا

واما لخطرها وشرفها على سائر الليالى فالقدر بمعنى المنزلة والشرف اما باعتبار العامل على معنى أن من اتى بالطاعة فيها صار ذا قدر وشرف

واما باعتبار نفس العمل على معنى أن الطاعة الواقعة فى تلك الليلة لها قدر وشرف زآئد وعن ابى بكر الوراق رحمه اللّه سميت ليلة القدر لأنه نزل فيها كتاب ذو قدر على لسان ملك ذى القدر لأمة لها قدر ولعله تعالى انما ذكر لفظ القدر فى هذه السورة ثلاث مرات لهذا السبب وقال الخليل رحمه اللّه سميت ليلة القدر اى ليلة الضيق لأن الارض تضيق فيها بالملائكة فالقدر بمعنى الضيق لأن الارض تضيق فيها بالملائكة فالقدر بمعنى الضيق كما فى قوله تعالى ومن قدر عليه رزقه وتخصيص الالف بالذكر اما للتكثير لأن العرب تذكر الالف فى غاية الاشياء كلها ولا تريد حقيقتها او لما روى أنه عليه السلام ذكر رجلا من بنى اسرآئيل اسمه شمسون لبس السلاح فى سبيل اللّه ألف شهر فتجب المؤمنون منه وتقاصرت اليهم عمالهم فاعطوا ليلة هى خير من مدة ذلك الغازى

وقيل ان الرجل فيما مضى كان لا يقال له عابد حتى يعبد اللّه الف شهر فاعطوا ليلة ان احيوها كانوا احق بان يسموا عابدين من اولئك العباد من اولئك العباد

وقيل رأى النبى عليه السلام اعمار الامم كافة فاستقصر اعمار امته فخاف ان لا يبلغوا من العمل مثل ما بلغ غيرهم فى طول العمر فاعطاه اللّه ليلة القدر وجعلنا خيرا من ألف شهر لسائر الامم

وقيل كان ملك سليمان عليه السلام خمسمائة شهر وملك ذلى القرنين خمسمائة شهر فجعل اللّه العمل فى هذه الليلة لمن ادركها خيرا من ملكهما وروىعن الحسن بن على بن ابى طالب انه قال حين عوتب فى تسليمه الامر لمعاوية ان اللّه ارى نبيه عليه السلام فى المنام بنى امية بنزول على منبره القردة اى يثبون قاغتم لذلك فاعطاه اللّه ليلة القدر وهى خير له ولذريته لأهل بيته من ألف شهر وهى مدة ملك بنى امية واعلمه انهم يملكون امر الناس هذا القدر من الزمان ثم كشف الغيب ان كان من سنة الجماعة الى قتل مروان الجعدى خر ملوكهم هذا القدر من الزمان بعينه كما فى فتح الرحمن ودل كلام اللّه تعالى على ثبوت ليلة اقدر فمن قال ان فضلها كان لنزول القرءآن يقول انقطعت فكانت مرة والجمهور على انها باقية آتية فى كل سنة فضلا من اللّه ورحمة على عباده غير مختصة برمضان عند البعض وهو قول الامام ابى حنيفة رحمه اللّه وحضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر حتى لو علق احد طلاق امرأته او عتق عبده بليلة القدر فانه لا يحكم به الا بأن يتم الحول وعند الاكثرين مختصة به وكان عليه السلام اذا دخل العشر شد مئزره واحيى ليله وايقظ اهله وكان الصالحون يصلون فىليلة من العشر ركعتين بنية قيام ليلة القدر وعن بعض الاكابر من قرأ كل ليلة عرش آيات على تلك النية لم يحرم بركتها وثوابها قال الامام أبو الليث رحمه اللّه اقل صلاة ليلة القدر ركعتان واكثرها ألف ركعة واوسطها مائة ركعة واوسط القرآءة فى كل ركعة أن يقرأ بعد الفاتحة انا انزلناه مرة وقل هو اللّه احد ثلاث مرات ويسلم على كل ركعتين ويصلى على النبى عليه السلم بعد التسليم ويقوم حتى يتم ما اراد من مائة او اقل او اكثر ويكفى فى فضل صلاتها ما بين اللّه من جلالة قدرها وما اخبر به الرسول عليه السلام من فضيلة قيامها وصلاة التطوع بالجماعة جائزة من غير كراهة لو صلوا بغير تداع وهو الاذن والاقامة كما فى الفرآئض صرح بذلك كثير من العلماء قال شرح النقاية وغيره وفى المحيط لا يكره الاقتدآء بالمام فى النوافل مطلقا نحو القدر والرغائب وليلة النصف من شعبان ونحو ذلك لأن ما رأه المؤمنون حسنا فهو عند اللّه حسن فلا تلتفت الى قول من لا مذاق لهم من الطاعنين فانهم بمنزلة العنين لا يعرفون ذوق المناجاة وحلاوة الطاعات

هركس ازجلوه كل فهم معانى نكند ... شرح آن دفتر ننوشته زبلبل بشنو

٤

{ تنزل الملائكة والروح فيها } استئناف مبين لما له فضلت على ألف شهر واصل ينزل تتنزل بتاءين والظاهر أن المراد كلهم للاطلاق وقد سبق معنى الروح فى سورة النبأ وقال بعضهم انه ملك لو التقم السموات والارضين كانت له لقمة واحدة او هو ملك رأسه تحت العرش ورجلاه فى تخوم الارض السابعة وله ألف رأس كل رأس اعظم من الدنيا وفى كل رأس ألف وجه وفى كل وجه ألف فم وفى كل فم ألف لسان يسبح اللّه بكل لسان ألف نوع من التسبيح والتحميد والتمجيد لكل لسان لغة لا تشبه الاخرى فاذا فتح افواهه بالتسبيح خر كل ملائكة السموات سجدا مخافة ان يحرقهم نور افواهه وانما يسبح اللّه غدوة وعشية فينزل تلك الليلة فيستغفر للصائمين والصائمات من امة محمد عليه السلام بتلك الافواه كلها الى طلوع الفجر او هو طائفة من الملائكة لا نراهم الا ليلة القدر كالزهاد الذين لا نراهم الا ليوم العيد او هو عيسى عليه السلام لأنه اسمه ينزل فى موافقة الملائكة ليطالع امة محمد عليه السلام.

ودر تفسير جواجه محمد بارسا رحمه اللّه مذكوراست كه روح حضرت محمد صلّى اللّه عليه وسلّم فرودآيد.

وفى الحديث ( لأنا اكرم على اللّه من ان يدعنى فى الارض اكثر من ثلاث ) وكان الثلاث عشر مرات ثلاثين لأن الحسين رضى اللّه عنه قتل فى رأس الثلاثين سنة فغضب على اهل الارض وعرج به الى عليين وقدر رآه بعض الصالحين فى النوم فقال يا رسول اللّه بأبى أنت وامى اما ترى فتن امتك فقال ( زادهم اللّه فتنة قتلوا الحسين ولم يحفظونى ولم يراعوا حقى فيه ) وعلى كل تقدير فالمعنى تنزل الملائكة والروح فى تلك الليلة من كل سماء الى الارض وهو الاظهر لأن الملائكة اذا نزلت فى سائر الايام الى مجلس الذكر فلأن ينزلوا فى تلك الليلة مع علو شأنها اولى او الى السماء الدنيا قالوا ينزلون فوجا فوجا فمن نازل ومن صاعد كأهل الحج فانهم على كثرتهم يدخلون الكعبة ومواضع النسك بأسرهم لكن الناس بين داخل وخارج ولهذا السبب مدت الى غاية طلوع الفجر وذكر لفظ تنزل المفيد للتدريج وبه يندفع ما يرد أن الملائكة لهم كثرة عظيمة لا تحتملها الارض وكذا السماء على أن شأن الارواح غير شأن الاجسام والملائكة وان كان لهم اجسام لطيفة يقال لهم الارواح وقال بعضهم النازلون هم سكان سدرة المنتهى وفيها ملائكة لهم كثرة عظيمة لا تحتملها الارض وكذا السماء على أن شأن الارواح غير شأن الاجسام والملائكة وان كان لهم اجسام لطيفة يقال لهم الارواح وقال بعضهم النازلون هم سكان سدرة المنتهى وفيها ملائكة لا يعلم عددهم الا اللّه ومقام جبرآئيل فى وسطها ولا يدخلون اى الملائكة النازلون الكنائس وبيوت الاصنام والاماكن التى فيها الكلب والتصاوير والخبائث وفى بيوت فيها خمر او مدمن خمر او قاطع رحمن او جنب او آكل لحم خنزير او متضمخ بالزعفرأن وغير ذلك والتضمخ بالفارسية بوى خوش برخويشتن آلودن.

ويعدى بالباء كما فى تاج المصادر وقال فى القاموس التضمخ لطخ الجسد الطيب حتى كأنه يقطر قوله الروح معطوف على الملائكة والضمير لليلة القدر والجار متعلق بتنزل ويجز ان يكون والروح فيها جملة اسمية فى موقع الحال من فاعل تنزل والضمير للملائكة والاول هو الوجه لعدم احتياجه الى ضمير فيها.

٥

{ باذن ربهم } اى بأمره متعلق بتنزل وهو يدل على أنهم كانوا يرغبون الينا ويشتاقون فيستأذفيؤذن فى النزول الينا فيؤذن لهم فان قيل كيف يرغبو الينا مع علمهم بكثرة ذنوبنا قلنا لا يقفون على تفصيل المعاصى روى أنهم يطالعون اللوح فيرون فيه طاعة المكلف مفصلة فاذا وصلوا الى معاصيه ارخى الستر فلا يرونه فحيئنذ يقولون سبحان من اظهر الجميل وستر القبيح ولأنهم يرون فى الارض من انواع الطاعات اشياء ما رأوها فى عالم السموات كأطعام الطعام وانين العصاة وفى الحديث القدسى ( لأنين المذنبين احل الى من زجل المسبحين فيقولون تعالوا نذهب الى الارض فنسمع صوتا هو احب الى ربنا من صوت تسبيحنا وكيف لا يكون احب وزجل المسبحين اظهار الكمال حال المطيعين وانين العصاة اظهار لغفارية رب العالمين )

نصيب ماست بهشت اى خدا شناس برو ... كه مستحق كرامت كناهكارانند

{ من كل امر } متعلق بتنزل ايضا اى من اجل كل امر قدر فى تلك السنة من خير او شر او بكل امر من الخير والبركة كقوله تعالى يحفظونه من امر اللّه اى بامر اللّه قيل يقسم جبرآئيل فى تلك الليلة بقية الرحمة فى دار الحرب على من علم اللّه أنه يموت مسلما فبتلك الرحمة التى قسمت عليهم ليلة القدر يسلمون ويموتون مسلمين فان قيل المقدرات لا تفعل فى تلك الليله بل فى تمام السنة فلما ذا تنزيل الملائكة فيها لأجل تلك الاتمور قيل لعل تنزلهم لتعين انفاذ تلك الامور وتنزلهم لأجل كل امر ليس تنزل كل واحد لاجل كل امر بل ينزل الجميع لأجل جميع الامور حتى يكون فى الكلام تقسيم العلل على المعلولات.

﴿ ٠