سُورَةُ الْبَيِّنَةِ مَدَنِيَّةٌ وَهِيَ ثَمَانِي آياَتٍ ١ { لم يكن الذين كفروا من اهل الكتاب } اى اليهود والنصارى وايراد الصلة فعلا لما أن كفرهم حادث بعد انبيائهم { والمشركين } اى عبدة الاصنام ومن للتبيين لا للتبعيض حتى لا يلزم ان لا يكون بعض المشركين كافرين وذلك أن الكفار كانوا جنسين اهل الكتاب كفرق اليهود والنصارى والمشركين وهم الذين كانوا لا ينسبون الى كتاب فذكر اللّه الجنسين بقوله الذين كفروا على الاجمال ثم اردف ذلك الاجمال بالتفصيل والتبيين وهو قوله من اهل الكتاب والمشركين وهو حال من الواو فى كفروا اى كائنين منهم { منفكين } خبر كان اى عما كانوا عليه من الوعيد باتباع الحق والايمان بالرسول المبعوث فى آخر الزمان والعزم على انجازه وهذا الوعد من اهل الكتاب مما لا ريب فيه حتى أنهم كانوا يستفتحون ويقولون اللهم افتح علينا وانصرنا بالنبى المبعوث فى آخر الزمان ويقولون لاعدآئهم من المشركين قد اظل زمان نبى يخرج بتصديق ما قلان فنتقلكم معه قتل عاد وارم واما من المشركين فلعله قد وقع من متأخريهم بعدما شاع ذلك من اهل الكتاب واعتقد واصحته بما شاهدوا من نصرتهم على اسلافهم كما يشهد به أنهم كانوا يسألونهم عن رسول اللّه هل هو المذكور فى كتبهم وكانوا يغرونهم بتغيير نعوته وانفكاك الشئ من الشئ أن يزايله بعد التحامة كالعظم اذا انفك من مفصله وفيه اشارة الى كمال وكادة وعدهم اى لم يكونوا مفارقين للوعد المذكور بل كانوا مجمعين عليه عازمين على انجازه { حتى تأتيهم البينة } التى كانوا قد جعلوا اتيانها ميقاتا لاجتماع الكلمة والاتفاق على الحق فجعلوه ميقاتا للانفكاك والافتراق واخلاق الوعد والتعبير عن اتيانها بالمضارع باعتبار حال المحكى لا الحكاية والبينة لحجة والواضحة. |
﴿ ١ ﴾