سُورَةُ الزِّلْزَالِ مَدَنِيَّةٌ

وَهِيَ ثَمَانِي آياَتٍ

١

{ اذا } جون

{ زلزلت الارض } اى حركت تحريكا عنيفا متكررا متداركا فان تكرر حروف لفظه ينبئ عن تكرر معنى الزلل

{ زلزالها } اى الزلزال المخصوص بها الذى تستوجبه فى الحكمة ومشيئة اللّه وهو الزلزال الشديد الذى لا غاية ورآءه وهو معنى زلزالها بالاضافة العهدية يقال زلزله زلزلة وزلزالا مثلثة حركه كما فى القاموس وقال اهل التفسير الزلزال بالكسر مصدر وبالفتح اسم بمعنى المصدر وفعلال بالفتح لا يوجد الا فى المضاعف كالصلصال ونحوه.

٢

{ واخرجت الارض اثقالها } اختيار الواو على الفاء مع أن الاحراج متسبب عن الزلزال للتفويض الى ذهن السامع واظهار الارض فى موضع الاضمار لأن اخراج الاثقال حال بعض اجزآئها والانقال كنوز الارض وموتاها جمع ثقل بالكسر

واما ثقل محركة فمتاع المسافر وحشمه على ما فى القاموس والمعنى واخرجت الارض ما فى جوفها من دفائنها وكنوزها كما عند زلزال النفخة الاولى الذى هو من اشراط الساعة وكذا من امواتها عند زلزال النفخة الثانية وفى الخبر تقيئ الارض افلاذ كبدها امثال الاسطوانة من الذهب فيجئ القاتل فيقول فى هذا قتلت ويحئ القاطع رحمه فيقول فى هذا قطعت رحمى ويجيئ السارق فيقول فى هذا قطعت يدى ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيأ قوله افلاذ كبدها اراد انها تخرج الكنوز المدفونة فيها وقيئها اخراجها ويدل فى الاثقال الثقلان وفيه اشارة الى أن الجن تدفن ايضا.

٣

{ وقال الانسان } اى كل فرد من افراده لما يغشاهم من الاهوال ويلحق بهم من فرط الدهشة وكمال الحيرة

{ مالها } اى شئ للارض زلزلت هذه المرة الشديدة من الزلزال واخرجت ما فيها من الاثقال استعظاما لما شاهده من الامر الهائل وتعجبا لما يرونه من العجائب التى لم تسمع بها الآذان ولا ينطق بهما اللسان لكن المؤمن يقول بعد الافاقة هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون والكافر من بعثنا من مرقدنا.

٤

{ يومئذ } يدل من اذا

{ تحدث اخبارها } عامل فيهما وهو جواب الشرط وهذا على القول بأن العامل فى اذا لشرطية جوابها واخبارها مفعول لتحدث والاول محذوف لعدمم تعلق الغرض بذكره اذ الكلام مسوق لبيان تهويل اليوم وان الجمادات تنطق فيها

واما ما ذكر ابن الحاجب من ان حدث وانبا ونبأ لا يتعدى الا الى مفعول واحد فغير مسلم الصحة على ما فصل فى محله والمعنى تحدث الخلق اخبارها اما بلسان الحال حنث تدل دلالة ظاهرة على ما لاجله زلزالها واخراج اثقالها وان هذا ما كانت الانبياء ينذرونه يوخوفون منه

واما بلسان المقال وهو قول الجمهور حيث ينطقها اللّه تعالى فتخبر بما عمل على ظهرها من خير وشر حتى يؤد الكافر أنه سيق الى النار مما يرى من الفضوح ( روى ) أن عبد الرحمن بن صعصعة كان يتيما فى حجر ابى سعيد الخدرى رضى اللّه عنه فقال ابو سعيد يا بنى اذا كنت فى البوادى فارفع صوتك بالأذان فانى سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول ( لا يسمعه جن ولا انس ولا حجر ولا شجر الا شهد له ) وروى أن ابا امية صلى فى المسجد الحرام المكتوبة ثم تقدم فجعل يصلى ههنا وههنا فلما فرع قيل له يا ابا امية ما هذا الذى تصنع قال قرأ هذه الآية يومئذ تحدث اخبارها فأردت أن يشهد لى يوم القيامة فطوبى لمن شهد له المكان بالذكر والتلاوة والصلاة ونحوها وويل لمن شهد عليه بالزنى والشرب والسرقة والسماوى ويقال ان لله عليك سبعة شهود المكان كما قال تعالى يومئذ تحديث اخبارها والزمان كما فى الخبر ينادى كل يوم انا يوم جديد وانا على ما تعمل فى شهيد واللسان كما قال تعالى يوم تشهد عليهم السنتهم والركان كما قال تعالى وتكلمنا ايديهم وتشهد ارجلهم والملكان كما قال تعالى وان عليكم لحافظين والديوان كما قال تعالى هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق والرحمن كما قال انا كنا عليكم شهودا فكيف يكون حالك يا عاصى بعد ما شهد عليك هؤلاء الشهود.

٥

{ بان ربك اوحى لها } اى تحدث اخبارها بسبب ايحاء ربك لها وامره اياها بالتحديث بلسان المقال على ما عليه الجمهور أو بسبب أن احدث فيها احوالا دالة على الاخبار كما اذا كان التحديث بلسان الحال وفيه اشارة الى زلزلة ارض البدن عند نزع الروح الانسانى باضطراب الروح الحيوانى والقوى والى اجراجها متاعها التى هى به ذات قدر من القوى والارواح وهيئات الاعمال والاعتقادات الراسخة فى القلب وقال الانسان مالها زلزلت واضطرب ما طبها وما دآؤها ألانحراف المزاج ام لغلبة الاخلاص يومئذ تحدث اخبارها بلسان حالها بأن ربك اشار اليها وامرها بالاضطراب والخراب واخراج الاثقال عند زهوق الروح وتحقق الموت.

٦

{ يومئذ } اى يوم اذا يقع ما ذكر

{ يصدر الناس } من قبورهم الى موقف الحساب وانتصب يومئذ بيصدر والصدر يكون عن ورود اى هو رجوع وانصراف بعد الورود والمجيئ فقال الجمهور هو كونهم مدفونين فى الارض والصدر قيامهم للبعث والصدر والصدور بالفارسية باز كشتن.

يعنى الصدر بسكون الدال الرجوع والاسم بالتحريك ومنه طواف الصدر وهو طواف الوداع

{ اشتاتا } يقال جاؤا اشتاتا اى متفرقين فى النظام واحدهم شت بالفتح اى متفرق ونصب على الحال اى حال كونهم متفرقين بيض الوجوه والثياب آمنين ينادى المنادى بين يديه هذا ولى اللّه وسود الوجوه حفاة عراة مع السلاسل والاغلال فزعين والمنادى ينادى بين يديه هذا عدو اللّه وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما أن جبرآئيل عليه السلام جاء الى النبى عليه السلام يوما فقال يا محمد ان ربك يقرئك السلام وهو يقول مالى اراك مغموما حيزنا وهو اعلم به فقال عليه السلام ( يا جبرآئيل قد طال تفكرى فى امر امتى يوم القيامة ) قال يا محمد فى امر اهل الكفر ام فى امر اهل الاسلام قال ( يا جبرآئيل بلا بل فى امر اهل لا اله الا اللّه ) قال فأخذ بيده حتى اقامه على مقبرة بنى سلمة فضرب بجناحه الايمن على قبر ميت فقال قم باذن اللّه فقام رجل مبيض الوجه وهو يقول لا اله الا اللّه محمد رسول اللّه الحمد لله رب العالمين فقال له جبرآئيل عد فعاد كما كان ثم ضرب بجناحه الايسر على قبر ميت فقال قم باذن اللّه فخرج رجل مسود الوجه ازرق العين وهو يقول واحسرتاه واندامتاه واسوأتاه فقال له جبريل عد فعاد كما كان ثم قال جبرآئيل هكذا يبعثون يوم القيامة على ما ماتوا عليه

{ ليروا } اللام متعلقة بيصدر

{ اعمالهم } اى جزآء اعمالهم خيرا كان او شرا والا فنفس الاعمال لا يتعلق بها الرؤية البصرية اذا الرؤية هنا ليست علمية لأن قوله فمن يعمل الخ تفصيل ليروا والرؤية فيه بصربية لعديتها الى مفعول واحد اللهم الا ان يجعل لها صور نورانية او ظلمانية اويتعلق الربية بكتبها كما سيجئ.

٧

انظر تفسير الآية:٨

٨

{ فمن } بس هركه

{ يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } تفصيل ليروا والمثقال الوزن والذرة النملة الصغيرة او ما يرى فى شعاع الشمس من الهبال وقال ابن عباس رضى اللّه عنهما اذا وضعت راحتك اى يدك على الارض ثم رفعتها فكل واحد الارض ثم رفعتها فكل واحد مما لزقى بها من التراب ذرة وقال يحيى بن عمار حبة الشعير أربع ارزات والارزة اربع سمسمات والسمسمة اربع خردلات والخردلة اربعة اوراق نخالة وورق النخالة ذرة ومعنى رؤية ما يعادل الذرة من خير وشر اما مشاهدة اجزيته فمن الاولى مختصة بالسعدآء والمخصص قوله اشتاتا اى فمن يعمل من السعدآء مثقال ذرة خيرا يره والثانية بالاشقياء بقرينة اشتاتا ايضا اى ومن يعمل من الاشقياء مثقال ذرة شرا يره وذلك لأن حسنات الكافر محبطة بالكفر وسيئات المؤمن المجتنب عن الكبائر معفوة وما قيل من أن حسنة الكافر تؤثر فى نقص العقاب فقد ورد أن حاتما الطائى يخفف اللّه عنه لكرمه وورد مثله فى ابى طالب وغيره يرده قوله تعالى وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا وقوله عليه السلام فى حق عبد اللّه بن جدعان ( لا ينفعه لأنه لم يقل يوما رب اغفر لى خطيئتى يوم الدين ) وذلك حين قالت عائشة رضى اللّه عنها يا رسول اللّه ابن جدعان كان فى الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذلك نافعه وقوله عليه السلام ( ولولا انا كان فى حق ابى طالب ولولا انا كان فى الدرك الاسفل من النار ) فتلك الشفاعة مختصة به

واما حسنات الكفار فمقبولة بعد اسلامهم

واما مشاهدة نفسه من غير أن يعتبر معه الجزآء ولا عدمه بل يفوض كل منهما الى سائر الدلائل الناطقة بعفو صغائر المؤمن المجتنب عن الكبائر واثباته بجميع حسناته وبحبوط حسنات الكافر ومعاقبته بجميع معاصيه فالمعنى ما روى عن ابن عباس رضى اللّه عنهما ليس من مؤمن ولا كافر عمل خيرا او شرا الا اراه اللّه اياه اما المؤمن فيغفر له سيئاته ويثيبه بحسناته

واما الكافر فيرد حسناته تحسيرا احبط لبنائه على غير اساس الايمان فهو صورة بلا معنى ليشتد ندمه يويقوى حزنه واسفه والمؤمن يراه ليشتد سروره به وفى جانب الشر يراه المؤمن ويعلم أنه قد غفر له فيكمل فرحه والكافر يراه فيشتد حزنه وترحه وفى التأويلات النجمية ليروا اعمالهم المكتسبة بيدى الاستعدادات الفاعلية العلمية والقابلية العملية فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره فى الصورة الجزآئية لتصور الاعمال بصور تناسبها نورانية كانت او ظلمانية ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره متجسدا فى يوم القيامة فى جسد السباع بحسب القوة الغضبية وفى جسد البهائم بحسب القوة البهيمية وكلما ازدادت الصور الحسنة المتنوعة ازدادت البهجة والسرور كما أنه كلما ازدادت الصورة القبيحة المختلفة ازداد العبوس والالم وفيه رمز الى أنه لا يلزم من مجرد الرؤية المجازاة كما فى حق المؤمن وذلك من فضل اللّه تعالى على من يشاء من عباده وفى التفاسير نزلت الآية ترغيبا فى الخير ولو كان قليلا كتمره وعنبة وكسرة وجوزة ونحوها فانه يوشك أن يكثر اذا كان بنية خالصة وتحذيرا من الشر وان كان قليلا كخيانة ذرة فى الميزان وكنظرة وخطوة وكذبة فانه يوشك ان يكون كثيرا عظيما للجرآءة على اللّه العظيم وكان الناس فى بدء الانسان يرون أن لله لا يؤآخذهم بالصغائر من الذنوب وكان بعضهم يستحيى من صدقة الشئ اليسير ويظن أنه ليس له اجرحتى نزلت الآية وفى الحديث اذا زلزلت تعدل ربع القرءآن رواه ابن ابى شيبة مرفوعا فتكون قرآءتها اربع مرات كقرآءة القرءآن كله وذلك لأن الايمان بالبعث ربع الايمان فى قوله عليه السلام

( لا يؤمن عبد حتى يؤمن باربع يشهد ان لا اله الا اللّه وانى رسول اللّه بعثنى اللّه بالحق ويؤمن بالبعث بعد الموت ويؤمن بالقدر ) وفى بعض الآثار أن سورة الزلزله نصف القرءآن وذلك لأن احكام القرءآن تنقسم الى احكام الدنيا واحكام الآخرة وهذه السورة تشتمل على احكام الآخرة كلها اجمالا وروى أن جد الفرزدق بن صعصعة بن ناجية اتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يستقرئه يعنى كفت از آنجه برنو فرودمى آيد برمن بخوان.

وفى كشف الاسرار صعصعه عم فرزدق بيش مصطفى آمد ومسلمان كشت واز رسول خدا در خواست تا از قآن جيزى بروى بخواند فقرأ عليه السلام عليه هذه الآية اى فمن يعمل الخ فقال حسبى حسبى وآشوبى وشورى از نهاد وى برآمد وبخاك افتاد وزار بكريست وهى احكم آية وسميت الجامعة وعن زيد بن اسلم رضى اللّه عنه ان رجلا جاء الى النبى عليه السلام فقال علمنى ما علمك اللّه فدفعه الى رجل يعلمه القرءآن فعلمه اذا زلزلت الارض حتى بلغ فمن يعمل الخ قال الرجل حسبى فاخبر بذلك النبى عليه السلام فقال ( دعه فقد فقه الرجل ) جون كسى داندكه برذره وحبه محاسبه بايد كرد امروز بحساب خود مشغول شود

حساب كارخود امروز كن كه فرصت هست ... زخير وشر بنكر تاجهاست حاصل تو

اكر بنقد نكويى توانكرى خوش باش ... ورت بغير بدى نيست واى بردل تو

﴿ ٠