سُورَةُ الْفِيلِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ خَمْسُ آياَتٍ

١

{ الم تر كيف فعل ربك باصحاب الفيل } الخطاب لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم والهمزة لتقرير رؤيته بانكار عدمها وكيف معلقة لفعل الرؤية منصوبة بما بعدها والرؤية علمية لأن النبى عليه السلام ولد عام الفيل ولم يرهم والمراد باصحاب الفيل ابرهة وقومه وبالفيل هو الفيل الاعظم الذى امسه محمود وكنيته ابو العباس كما سيجئ ونسبوا اليه لأنه كان مقدمهم والمعنى الم تعلم علما رصينا متاخما للمشاهدة والعيان باستماع الاخبار المتواترة ومعاينة الآثار الظاهرة وتعليق الرؤية بكيفية فعله تعالى لا بنفسه بان يقال الم تر ما فعل ربك الخ لتهويل الحادثة والايذان بوقعوها على كيفية هائلة وهيئات عجيبة دالة على عظم قدرة اللّه وكمال علمه وحكمته وعزة بيته وشرف رسوله فان ذلك من الارهاصات والارهاص ان يتقدم على دعوى النبوة ما يشبه المعجزة تأسيسا لها ومقدمة كاظلال الغمام له عليه السلم وتكلم الحجر والمدر معه

قال بعضهم الارهاص الترصد سميت الامور الغريبة التى وقعت للنبى عليه السلام ارهاصات لأن كلا منها مما يترصد بمشاهدته نبوته فالارهاص انما يكون بعد وجود النبى

وقيل مبعثه وفى كلام بعضهم ان الارهاص يكون قبل وجوده ايضا قريبا من عهده كما دل عليه قصة الفيل ورجحوا الاول فان قيل اتحاد السنة بان يكون وقوع القصة عام المولد امر اتفاقى لا يمنع عن كون الواقعة لتعظيم الكعبة قلنا شرفها ايضا بشرف مكانه عليه السلام ألا يرى أنه تعالى كيف قيد الاقسام بالبلد بحلوله عليه السلام فيه حيث قال لا اقسم بهذا البلد وانت حل بهذا البلد قال فى فتح الرحمن كان هذا عام مولد النبى عليه السلام فى نصف المحرم وولد عليه السلام فى شهر ربيع الاول فبين الفيل ومولده الشريف خمس وخمسون ليلة وهى سنة ستة آلاف ومائة وثلاث وستين من هبوط آدم على حكم التواريخ اليونانية المعتمدة عند المؤرخين وبين قصة الفيل والهجرة الشريفة النبوة ثلاث وخمسون سنة والمقصود من تذكير القصة اما تسلية النبى عليه السلام بأنه سيجزى من يظلمه كما جزى من قصد الكعبة

واما تهديد الظلمة وتفصيلها أن ملك حمير وما حولها وهو ذو نواس اليهودى لما احرق المؤمنين بنار الاخدود ذات الوقود على ما سبق فى سورة البروج هرب رجل منهم الى ملك الحبشة وهو اصخمة بن بحر النجاشى تخفيف الياء الذى اسلم فى عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم واخبره بذلك وحرضه على قتال ذى نواس فبعث اصخمة سبعين ألفا من الحبشة الى اليمن وامر عليهم ارباطا ومعه فى جنده فى جنده ابرهة بن الصباح الاشرم ومعنى ابرهة بلسان الحبشة الابيض الوجه وسيجئ معنى الاشرم فركبوا البحر حتى نزلوا ساحالا مما يلى الارض اليمن وهزم ارباط ذا نواس وقتله فى المعركة او القى هو نفسه فى البحر فهلك واستقر امرار باط فى ارض اليمن زمانا واقام فيها سنين فى سلطانه ذلك ثم نازعه ابرهة فى امر الحبشة فكان من امرآء الجند فتفرقت الحبشة فرقتين فرقة مع ارباط وفرقة مع ابرهة فكان الامر على ذلك الى ان سار احدهما الى الآخر فلما تقارب الفرقتان للقتال ارسل ابرهة الى ارباط أنك لا تفعل شيأ بان تغرى الحبشة بعضها ببعض حتى تفينها فابرز لى وابرز لك فأينا اصاب صاحبه انصرف اليه جنده فارسل اليه ارباط ان قد انصفت فاخرج فخرج اليه ابرهة كنيته ابو يكسون وكان رجلا قصير الجثمان لحيما ذا دين فى النصرانية وخرج اليه ارباط وكان رجلا طويلا عظيما وفى يده حربة وخلف ابرهة غلام يقال له عتودة يمنع ظهره فرفع ارباط الحربة فضرب ابرهة يريد يافوخه فوقعت الحربة على جبهة ابرهة فشرمت حاجبه وانفه وعينه وشفتيه اى شقت وقطعت وخدشت فبذلك سمى ابرهة الاشرم وحمل عتودة على ارباط من خلف ابرهة فقتله وانصرف جند ارباط الى ابرهة فاجتمعت عليه الحبشة فى اليمين بلا منازع وكان ما صنع ابرهة من غير علم النجاشى فلما بلغه ذلك غضب غذبا شيديدا فقال عدا على اميرى فقتله بغير امرى ثم حلف لا يدع ابرهة حتى يطأ بلاده ويجز ناصيته فلما بلغ هذا الخبر ابرهة حلق رأسه وملأ جرابا ترابا من تراب اليمن ثم بعث به الى النجاشى مع هدايا جليلة كثيرة وكتب اليه ايها الملك انما كان ارباط عبدك وانا عبدك فاختلفنا فى امرك وكل طاعة لك الا انى كنت اقوى على امر الحبشة واضبط له واسوس منه قود حلقت رأسى حين بلغنى قسم الملك وبعثت اليه بجراب تراب من ارضى ليضعه تحت قدميه فيبر قسمه فى فلما وثل كتاب ابرهة الى النجاشى لان ورضى عنه وكتب اليه ان اثبت بارض اليمن حتى يأتيك امرى فأقام ابرهة باليمن ثم انه رأى الناس يتجهزون ايام الموسم الى مكة لحج بيت اللّه الحرام فتحرك منه عرق الحسد فبنى بصنعاء كنيسة من رخام ملون وفى بعض التفاسير ودرو ديوار آنرا بزر وجواهر مرصع ومزين كردانيد.

وفى انسان العيون واجتهد فى زخرفتها فجعل فيها الرخام المجزع والحجارة المنقوشة بالذهب وكان ينقل ذلك من قصر بلقيس صاحبة سليمان عليه السلام وجعل فيها صلبانا من الذهب والفضة ومنابر من العاج والابنوس وسماها اقليس كجميز لارتفاع بنائها وعلوها ومنها القلانيس لانها فى اعلى الرأس واراد ان يصرف اليها الحاج وفى كشف الاسرار جون رسول ابرهه باآن هديها بيش ملك نجاشى رسيد وآن بيغام بداد ملك ازوخشنود شد وولايت يمن جمله بدو ارزانى داشت وبوى تسليم كرد جون آن رسول نبزديك ابرهه باز آمد ابرهه شادشد وبشكرانكه ملك ازوخحشنود كشت وزراء وعقلاء مملكت خويش جمع كرد وايشانرا كفت مراراهى سازيد بعملى كه ملك راخوش آيدواو را دران عزتى ومالى بودتا آنراشكر نعمت عفو اوسازم ايشان همه متفق شدندكه عرب راخانه ايست معظم ومقدس وشرف جمله عرب بدان خانه است ومردمان شرق وغرب روى بدان خانه دارند وآن خانه ازسنك است تو در صنعاء يمن كنيسه بساز برنام ملك وبردين ترسايى كه دين نجاشى است واساس آن از زروسيم والوان جواهر كن وكسى فرست باطراف زمين وديار عرب وايشانرا بخوان وبزر وسيم وتحفها وهديها ايشانرا رغبتى كن تا عالميان روى بدان كنيسه نهند وآنجا طواف كنند وملك عزى وجمالى باشد ابرهه همجنان كردكه ايشان كفتند وآن كنيسه بدان صفت بساخت وازبهر طمع مال وزروسيم خلقى روى بدان كنيسه نهادند وهركه آنجار فتى باهديه وتحفه بازكشتى.

وكتب ابرهة الىلنجاشى ايها الملك انى بنيت لك كنيسة لم يبن مثلها لملك قبلك ولست ارضى حتى اصرف اليها حاج العرب فلما تحدث العرب بكتاب ابرهة ذلك الى النجاشى غضب رجل من بنى كنانة حتى اتى القليس ( وفى كشف الاسرار ) وخبر در اطراف افتادكه ازحج وزيارت وطواف كه درمكه وخانه عرب بود بايمن افتاد ودران وقت رئيس مكه عبد المطلب بود مردى ازعرب ازسا كنان مكه نام وى زهير بن بدر ازبعد الملطب درخواست وسوكند خوردكه من بروم ودرخانه ايشان حدث كنم برخواست وآنجاشد وجند روزآنجاعبادت كرد رتبه مجاورة يافت شبى كفت من ميخواهم كه اينجا امشب عبادت كنم كه مراسخت نيكو وخوش آمده است اين بقعه اورا آن شب آنجا تنها بكذا شتند ودران خانه مسك وعنبر فراوان بودر بيوسته بوى خوش ازان ميد ميد زهير آنجا حدث كرد وهمه ديوار ومحراب بنجاست بيالود آنكه آهنك بيرون كردوبكر بخت اين خبردرآفاق واقطار منتشرة كشت ومردم ازطواف آن متنفر ابرهه ازين حال آكاه شد ومتأثر كشت دانست كه اين مرد ازمكه بود واز مجاوران كعبه سوكند خوردكه من بالشكر وحشم بروم وآن خانه ايشان خراب كنم وبازمين برابر حتى لا يحجه حاج ابدا.

وفى حواشى ابن الشيخ كان اصل مقصوده من هدم البيت ان يصرف الشرف الحاصل لهم بسبب الكعبة منهم ومن بلدتهم الى نفسه والى بلدته.

ورسولى فرستاد بحبشه وملك راخبر كردازآنجه زهير كرداند ران كنيسه واز رفتن خويش سوى مكة وخراب كردن كعبه.

فخرج بالحبشة وكفته اندنجاشى بيلان بسيار فرستاد ولشكر وحشم.

وقال السجاوندى اغتم النجاشى لذلك وعزاه ابرهة وحجر من قواده وابو يكسوم وزيره وقال لا تحزن ان لهم كعبة هى فخرهم فتنسف ابنيتها وتبيح دماءها وننهب اموالها فخرج ابراهة بجند كثير وجم غفير ومعه فيل ابيض اللون وهو فيل النجاشى بعثه اليه بسؤاله وكان فيلا لم ير مثله عظما وجسما وقوة يعنى بعظمت جثه مشابه كوه بود

بهيكل قوى راست جون كوه قاف ... جوشير غرين جابك اندر مصاف

ومن شأن الفيل المقاتلة ولذلك كان فى مربط ملك الصين ألف فيل ابيض وهو مع عظم صورته ضعيف يخاف من السنور ويفزع منه وكان دليلهم كبير ثقيف وهو ابو رغال رحيم العرب قبره حين مات كما فى كتاب التعريف والاعلام للامام ا لسيهلى رحمه اللّه وفى كشف الاسرار ابو رغال درراه هلاك شد وكوروى معروفست براه يمن حاج بمن جون أنجارسند بآن كوروى سنك اندازند . حتى صار كالجبل العظيم وفى ذلك يقول جرير فى الفرزدق الشاعر

اذا مات الفرزدق فارجموه ... كما ترمون قبر ابى رغال

وفى القاموس ابو رغال ككتاب فى سنن ابى داود ودلائل النبوة وغيرهما عن ابن عمر رضى اللّه عنهما سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حين خرجنا معه الى الطائف فمررنا بقبر فقال ( هذا قبر ابى رغال ) وهو ابو ثقيف وكان من ثمود وكان بهذا الحرم يدفع عنه فلما خرج منه اصابته النقمة التى اصابت قومه بهذا المكان فدفن فيه الحديث وقول الجوهرى كان دليلا للحبشة حين توجهوا الى مكة فمات فى الطريق غير جيد وكذا قول ابن سيدة كان عبد الشعيب وكان عشارا جائرا انتهى كلامه.

ابرهه جون باطراف حرم رسد بيرون حرم نزول كرد . وبعث رجلا من الحبشة يقال له الاسود حتى انتهى الى مكة فساق اليه اموال تهامة يعنى هرجه درحوالئ شهر مكة شتربود وكوسفند غارت كرد ودرجمله دويست سرشترازان عبد المطلب كه بوقف حاج كرده يود بغارت بردند . وقال بعضهم فلما بلغ المغمس وهو كمعظم ومحدث موضع بطريق الطائف فيه قبر ابى رغال دليل ابرهه ويرجم كما فى القاموس اى على ما اشتهر والاناقض كلامه السابق خرج اليه عبد المطلب وعرض عليه ثلث اموال تهامة ليرجع فأبى وفى شرح البردة للمرزوقى لما نزل المغمس بعث حناطة الحميرى الى مكة وقال له سل عن سيد هذا البلد وشريفهم وقل له ان الملك يقول اننى لم آت لحربكم انما جئت لهدم هذا البيت فان لم تتعرضوا دونه لحرب فلا حاجة لى بدمائكم فان هو لم يرد حربى فائتنى به وفى كشف الاسرار ابرهة جون آنجا نزول كرد هيبت خانه كعبه دردل وى اتر كرد وازان قصدكه داشت بشيمان كشت ودردل خود ميخواست كه كسى درحق خانه شفاعت كندتابا زكردد وبفرمودكه رئيس مكه رابياريد ورئيس مكه آنكاه عبد المطلب بودباجمعى بنى هاشم بنزديك ابرهه آمد وآن مردكه فرستاده بودبيش ازرسيدن عبد المطلب دربيش ابرهه شد.

وقال المرزوقى رحمه اللّه استان لعبد المطلب بعض وزرآئه يقال له انيس سائس الفيل وكفث قد جاءك سيد قريش وصاحب عير مكة الذى يطعم الناس فى السهل والوحوش فى رؤوس الجبال حقا مردى مى آيد بحضرت توكه بدرستى وراستى سيد قريش است مردى كريم طبع نيكوروى باسيادت وباسخاوت وباهيبت وانكه ازوى نورهمى تابدكه منظروى بترسانيد يعنى نور مصطفى عليه السم از بيشانى وى همى تافت ابرههخويشتن رابزى نيكوبيا راست وبرتخت نشت وبعدا المطلب را اجازت دار جون در آمد نخواست كه اورا باخود برتحب نشاند يعنى كره ان تراه الحبشة يجلس على سرير ملكه ازتخت بزير آمد وباعبد المطلب به بايان تحت بنشست واورا اجلال كرد ونيكو بنواخت سخنان وى اوراخواش آمد وباخود كفت اكردرحق خانه شفاعت كنداور نوميدنكنم بس ترجمانرا كفت تاحاجتى كه دارد بخواهد عبد المطلب كفت حاجت من اينست كه دويست شترازان من بياورده اند وكانت ترعى بذى المجاز بفرماى تاباز دهند ابرهه را ازان انده آمدترجمانرا كفت بيرس ازوى تاجرا ازبهر خانه كعبه حاجث نخواست خانه كه شرف وعزشما بآنست وسبب عصمت وحرمت شما آنست در قديم دهرومن آمده ام تاآنرا خراب كنم مى نخواهى اين اشترانراجه خطر باشدكه ميخواهى قال عبد المطلب انا رب الابل واللبيت رب يحفظه كما حفظه من تبع وسيف بن ذى يزن وكسرى ابرهه ازين سخن درخشم شد وكفت دروا عليه بعرائه لينظر من يحفظ البيت منى عبد المطلب بازكشت وميكانرا فومود هرجه داشتند ازمال ومتاع بركرفتند وباكوه شدند ومكه خالى كردنداى تخوفا من معرة الجيش فجهز ابرهة جيشة وقدم الفيل الاعظم المذكور فكان كلما وجهوه الى الحرم برك ولم يبرح كما بركت القصوآء فى الحديبية حتى قال عليه السلام

حبسها حابس الفيل ومعنى بروك الفيل سقوطه على الارض لما جاءه من امر اللّه او لزوم موضعه كالذىبرك والافالفيل لا يبرك كما قال عبد اللطيف البغدادى الفيلة تحمل سبع سنين واذا تم حملها وارادت الوضع دخلت النهر حتى تضع ولدها لانها تلد وهى قائمة ولا فواصل لقوآئمها فتلد والذكر عند ذلك يحرسها وولدها من الحيتان انتهى وقال بعضهم الفيل صنفان صنف لا يبرك وصنف يبرك كالجمل انتهى واذا وجوه الى اليمن او الى غيره من الجهات هرول والهرولة كالدحرجة ما بين المشى والعدو وامر ابرهة ان يسقى الفيل الخمر ليذهب تمييزه فسقوه فثبت على امره.

وكفته اند نفيل ابن حبيب الخثعمى كوش آن فيل كرفت وكفت ابرك محمود وارجع راشدا من حيث جئت فانك فى بلد اللّه الحرام جون اين سخن بكوش بيل فرو كفت بازكشت وباى درحرم نهاد ونفيل هذا قاتل ابرهة بأرض خثعم وهو جبل وأهله خثعميون وأبو قبيلة فهزمه ابرهة فاخذ اسيرا فلما اتى به وهم ابرهة بقتله قال اليها الملك لا تقتلنى فانى دليلك بارض العرب فخلى سبيله وخرج به معه يدله على ارض العرب حتى اذا مر بالطائف رأى اهله ان لا طاقة لهم به فانقادوا له وبعثوا معه بأبى رغال فانزلهم بالمغمس وهو على ستة اميال من مكة ومات ابو رغال هناك وقبره المرجوم فيه كما فى بعض التفاسير قال المرزوقى رأى العرب جهاد ابدهة حقا عليهم فكانوا يجتمعون لقتاله فى الطريق قبائل قبائل فهزمهم ابرهة ومن جملة من هزمهم واسرهم نفيل بن حبيب اخذه وما قتله ليكون دليلا له واخذ عبد المطلب بحلقة البيت ودعا وقال ( لا هم ان المرء يحمى رحله فامنع حلالك ) ( لا يغلبن صليبهم ومحالهم غدوا محالك ) وذلك انهم كانوا نصارى أهل صليب ولا هم اصله اللهم فان العرب تحذف الالف واللام وتكتفى بما يبقى والحلال بكسر الحاء المهملة جمع حلة وهى البيوت المجتمعة والمحال بكسر الميم الشدة والقوة والغدو بالغين المعجمة اصل الغد وهو اليوم الذى يأتى بعد يومك الذى انت فيه فالفت وهو يدعو فاذا بطير فقال واللّه انها لطير غريبة لا نجدية ولا تهامية ولا حجازية وان لها لشأنا وفى حواشى ابن الشيخ كان عبد المطلب وابو مسعود الثقفى يشاهدان من فوق الجبل عسكر ابرهة فأرسل اللّه طيرا سودا صفر المناقير خضر الاعناق طوالها او حضرا او بيضا او بلقا او حماما كما سئل من ابى سعيد الخدرى رضى اللّه عنه عن الطير فقال حمام مكة منها وقد يقال ان هذا اشتباه لان الذى قيل فيه انه من نسل الابابيل انما هو شئ يشبه الزرازير يكون بباب ابراهيم من الحرم والافحام الحرم من نسل الحمام الذى عشش على فم الغار والزرازير جمع زرزور بضم الزاى طائر صغير من نوع سمى بذلك لزرزرته اى لصوته وعن عائشة رضى اللّه عنها كانت تلك الطير الابابيل اشباه الخطاطيف والوطاويط وقد نشأت فى شاطئ البحر ولها خراطيم الطير واكف الكلام وانيابها وقال ابن جبير لم ير مثلها لا قبلها ولا بعدها وقال عكرمة هى عنقاء مغرب وفى الخبر انها طير بين السماء والارض تعيش وتفرخ

وقيل من طير السماء قيل جاءت عيشة ثم صبحتهم مع كل طائر حجر فى منقاره وحجران فى رجليه اكبر من العدسة واصغر من الخمصة وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما انه رأى منها عند ام هانى نحو قفيز مخطط بحمرة كالجزع الظفارى وظفار كقطام بلد باليمن قرب صنعاء ينسب اليه الجزع وارسلت ريح فزادتهم شدة فكان الحجر يقع على رأس كل واحد منهم فيخرج من اسفله وينفذ من الفيل ومن بيضهم فيخرق الارض وعلى كل حجر اسم من يقع عليه قال القاشانى والهام الوحوش والطيور أقرب من الهام الانسان لكن نفوسهم ساذجة وتأثير الاحجار بخاصية اودعها اللّه تعالى فيها ليس بمستنكر ومن اطلع على عالم القدرة وكشف له حجاب الحكمة عرف لمية اثمال هذه وقد وقع فى زماننا مثلها فى استيلاء الفأر على مدينة ابى يوزد وافساد زروعهم ورجوعها فى البرية الى شط جيحون واخذ كل واحدة منهاخشبة من الايك التى على شط النهر وركوبها عليها وعبورها من النهر فهى لا تقبل التأويل كأحوال القيامة وامثالها انتهى وعن عكرمة كل من اصابته الحجارة جدرته وفى الخبران اول ما وقعت الحصبة والجدرى بأرض العرب ذلك العام ففروا وهلكوا فى كل طريق ومنهل

قال بعضهم فلم تصب منهم احدا الا هلك وليس كلهم اصيب كما قال فى انسان العيون ثم ركب عبد المطلب لما استبطأ مجيئ القوم الى مكة ينظر ما الخبر فوجدهم قد ملكواى غالبهم وذهب غالب من بقى فاحتمل ما شاء اللّه من صفراء وبيضاء.

ثم اعلم اهل مكة بهلاك القوم فخرجوا فانتهبوا انتهى يعنى والذى سلم منهم ولى هاربا مع ابرهة ال ىليمن يبتدر الطريق وصاروا يستاقطون بكل منهل.

وقال الكاشفى وييك نفس قوم ابرهه مستأصل شدند وآن بيلان نيزهمه هلاك كشتند.

وقال بعضهم ولم يسلم الا كندى فقال

أكندة لو رأيت ولو ترينا ... بجنب ربا المغمس ما القينا

حسبنا اللّه ان قد بث طيرا ... وظل سحابة تهمى علينا

واخذ ابرهة دآء اسقط انامله واعضاءه ووصل الى صنعاء كذلك وهو مثل فرخ الطير وما مات حتى انصدع صدره عن قلبه فملك اليمن ابنه يكسوم بن ابرهة وانفلت وزيره ابو يكسوم وطائر يتحلق فوقه حتى بلغ النجاشى فقص عليه القصة فلما اتمما وقع عليه الحجر فخر ميتا بين يديه فارى اللّه النجاشى كيف كان هلاك اصحابه وقال بعضهم همه هلاك شدندمكر ابرهة كه مرغ بر سروى ايستاد وازمكه بيرون شدروى بحبشة نهاد وآن مرغ برهوا برسورى همى بود واونمى دانست تادربيش نجاشى شد جون ابرهه صورت حال بعرض نجاشى رسانيد نجاشى از روى تعجب برسيد كه جكونه مرغان بودندكه جندين مبارزانرا هلاك كردند ابرهه رادرين حال نظر بران مرغ افتاد كفت اى ملك يكى اذان مرغان اينست همان لحظه آن مرغ سنكى كه داشت بنام وى برسرش افكند وهم درنظر نجاشى هلاك شدوازين سصورت آيت عبرتى بر صحيفة دل نجاشى منقش كشت.

نوشت خامه تقدير برجريده دهر ... خطى كه فاعتبروا يا اولى الابصار

وعن عائشة رضى اللّه عنها رأيت قائد الفيل وسائسه اعميين مقعدين يسطعمان الناس ويعلم من ذلك انهما من جملة من سلم من قوم ابرهة ولم يذهبا بل بقيا بمكة كما فى انسان العيون وفى حواشى ابن الشيخ كان عبد المطلب وابو مسعود الثقفى يشاهدان من فوق الجبل عسكر ابرهة حين رماهم الطير بالحجارة فهلكوا فقال عبد المطلب لصاحبه صار القوم بحيث لا يسمع لهم ركز اى حس فانحاط من الجبل فدخلا المعسكر فاذا هم موتى فجمعا من الذهب والجواهر وحفر كل منهما لنفسه حفرة وملأها من المال وكان ذلك سبب غناهما وفى كلام سبط ابن الجوزى وسبب غنى عثمان بن عفان ان اباه عفان وعبد المطلب وابا مسعود الثقفى لما هلك ابرهة وقومه كاناو اول من نزل مخيم الحبسة فأخذوا من اموال ابرهة واصحابه شيأ كثيرا ودفنوهعن قريش فكانوا غنياء قريش واكثرهم مالا ولما مات عفان ورثه عثمان رضى اللّه عنه ثم انه يرد على ما ذكر ان الحجاج خرب مكة بضرب المنجنيق فلم يصبه شئ ولم يستعجل عذابه ويجاب بأن الحجاج لم يجئ لهدم الكعبة ولا لتخريبها ولم يقصد ذلك وانما قصد التضييق على عبد اللّه بن الزبير رضى اللّه عنه ليسلم نفسه وفيه انه قد يشكل كونه حرما آمنا وجاء فى حق الحجاج ان عليه نصف عذاب العالم ويرد عليه ايضا قصة القامطة وهى ان ابا سعيد كبير القامطة وهم طائفة ملاحدة ظهروا بالكوفة سنة سبعين ومائتين يزعمون ان لا غسل من جنابة وحل الخمر وانه لا صوم فى السنة الا يومى النيروز والمهرجان وبزيدون فى اذانهم وان محمد بن الحنيفة رسول اللّه وان الحدج والعمرة الى بيت المقدس وافتتن بهم جماعة من الجهال واهل البرارى وقويت شوكتهم حتى انقطع الحج من بغداد بسببه وسبب ولده ابى طاهر فان ولده ابا طاهر بنى دارا فى الكوفة وسماها دار الهجرة وكثرة فساده واستيلاؤه على البلاد وقتله المسلمين وتمكنت هبته من القلوب وكثرت اتباعه وذهب اليه جيش الخليفة المقتدر باللّه السادس عشر من خلفاء بنى العباس غير ما مرة وهو يهزمهم ثم ان المقتدر سير ركب الحاج الى مكة فوافاهم ابو طاهر يوم التروية فقتل الحجيج بالمسجد الحرام وفى جوف الكعبة قتلا ذريعا والقى القتلى فى بئر زمزم وضرب الحجر الاسود بدبوس فكسره ثم اقتلعه واخذه معه وقلع بالب الكعبة ونزع كسوتها وسقفها وقسمه بين اصحابه وهدم قبة زمزم وارتحل عن مكة بع د ان اقام بها احد عشر يوما ومعه الحجر الاسود وبقى عند القرامطة اكثر من عشرين سنة وكان الناس يضعون ايديهم محلة للتبرك ودفع لهم فيه خمسون ألف دسنار فأبوا حتى اعيد الى موضعه فى خلافة المطيع لامر اللّه وهو الرابع والعشرون من خلفاء بنى العباس بعد اشترآئه منهم وجعل له طوق فضة شد به رنته ثلاثة آلاف وسبعمائة وتسعون درهما ونصف

قال بعضهم تأملت الحجر وهو مقلوع فاذا السواد فى رأسه فقط وسائره ابيض وطوله قدر عظم الراع وبع د القرامطة فى سنة ثلاث عشر واربعمائة قام رجل من الملاحدة وضرب الحجر الاسود ثلاث ضربات بدبوس فتشقق وجه الحجر من تلك الضربات وتساقطت منه شظيات مثل الاظفار وخرج بكسره فتات اسمر يضرب الى الصفرة محببا مثل حب الخشخاش فجمع بنوا شيبة ذلك الفات وعجنوه بالمسك واللك وحشوه فى تلك الشقوق وطلوه بطلاء من ذلك.

يقول الفقير لعل الجواب عن مثل هذا ان الاستئصال وما يقرب منه مرفعوع عن هذه الامة واكثر ما كان من خوارق العادات كان فى ايام الامم السالفة وليست الكعبة بأفضل من الانسان الكامل وقد جرتعادة اللّه على التسامع عن بعض من يعاديه بل يقتله وان كان اشتد غضبه عليه فهو يمهل ولا يهمل ولعتة اللّه على الظالمين.

﴿ ١