سُورَةُ تَبَّتْ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ خَمْسُ آياَتٍ

١

{ تبت } اى اهلكت فان التباب الهلاك ومنه قولهم أشابة ام تابة اى هالكة من الهرم والعجز او خسرت فان التباب ايضا خسران يؤدى الى الهلاك

{ يدا ابى لهب } تثنية يد واللهب واللهيب اشتعال النار اذا خلص من الدخان او لهبها لسانها ولهيبها حرها ابو لهب وتسكن الهاء كنية عبد العز بن عبد المطلب لجماله او لماله كما فى القاموس يعنى ان التكنى لاشراق وجنتيه وتلهبهما والا فليس له ابن يسمى باللهب وايثار التباب على الهلاك واسناده الى يديه لما روى انه لما نزل وأنذر عشيرتك الاقربين رقى رسول اللّه عليه السلام الصفاء وجمع اقاربه فأنذرهم فقال ( فقال يا بنى عبد المطلب يا بنى فهر ان اخبرتكم ان بسفح هذا الجبل خيلا اكنتم مصدقى ) قالوا نعم يعنى اكرمن شمارا خبر كنم بآنكه در باى اين كوه جمعى آمده اند بداعبه آنكه بر شماشبيخون كرده دست بقتل وغارت بكشايند مرا دران تصديق ميكنيد بانه كفتند جرا نكنيم وتوبيش ما بدروغ عتهم نشده . قال ( فانى نذير لكم بين يديى الساعة ) فقال عمه ابو لهب تبا لك يعنى هلاكت باد . ألهذا دعوتنا واخذ حجرا بيده ليرميه عليه السلام به فمنعه اللّه من ذلك حيث لم يستطع ان يرميه فلا كناية فى ذكر اليدين ووجه وصف يديه بالهلاك ظاهر

واما وصفهما بالخسران فلرد ما اعتقده من نفعه وربحه فى اذية رسول اللّه عليه السلام ورميه بالحجر وذكر فى التأويلات الما تريدية انه كان كثير الاحسان الى رسول اللّه عليه السلام وكان يقول ان كان الامر لمحمد فيكون لى عنده يدو ان كان لقريش فلى عندها يد فاخبر أنها خسرت يده التى كانت عند محمد عليه السلام بعناده له ويده التى عند قريش ايضا لخسران قريش وهلاكهم فى يد محمد

{ وتب } اى وهلك كله فهو اخبار بعد اخبار والتعبير بالماضى لتحقق وقوعه

وقيل المراد بالاولى هلاك جملته كقوله تعالى ولا تلقوا بايديكم الى التهلكة على ان ذكر اليد كناية عن النفس والجملة ومعنى وتب وكان ذلك وحصل ويؤيده قرآءة من قرأ وقد تب فان كلمة قد لا تدخل على الدعاء

وقيل كلاهما دعاء عليه بالهلاك والمراد بيان استحقاقه لان يدعى عليه بالهلاك فان حقيقة الدعاء شأن العاجز وانما كناه والتكنية تكرمه لاشتهاره بكنيته فليست للتكريم او لكراهة ذكر اسمه القبيح اذ فيه اضافة الى الصنم او للتعريض يكونه جهنميا لانه سيصلى نارا ذات لهب يعنى ان ابا لهب باعتبار معناه الاضافى يصلح ان يكون كناية عن حاله وهىكونه جهنميا لان معناه باعتبار اضافته ملابس اللهب كما ان معنى ابو الخير واخو الحرب بذلك الاعتبار ملابس الخير والحرب واللهب الحقيقى لهب جهنم وهذا المعنى يلزمه انه جهنمى ففيه انتقال من الملزوم الى اللازم فهى كنية تفيد الذم فاندفع ما يقال هذا يخالف قولهم ولا يكنى كافر فاسق ومبتدع الا لخوف فتنة او تعريف لان ذلك خاص بالكنية التى تفيد المدح لا الذم ولم يشتهر بها صاحبها فى الاتقان ليس فى القرءآن من الكنى غير ابى لهب ولم يذكر اسمه وهو عبد العزى اى الصنم لانه حرام شرعا انتهى وفيه ان الحرام وضع ذلك لا استعماله وفى كلام بعضهم ما يفيدان الاستعمال حرام ايضا الا ان يشهر بذلك كما فى الاوصاف المنقصة كالاعمش وكان بعد نزول هذه السورة لا يشك المؤمن انه من أهل النار بخلاف غيره ولم يقل فى هذه السورة قل تبت الخ لئلا يكون مشافها لعمه بالشتم والغليظ وان شتمه عمه لان للعم حرمة كحرمة الاب لانه مبعوث رحمة للعالمين وله خلق عظيم فاجاب اللّه عنه وقرئ ابو لهب بالواو كما قيل على بن ابو طالب ومعاوية بن ابو سفيان مع ان القياس الياء لكونه مضافا اليه كيلا يغير منه شئ فيشكل على السامع والحاصل ان الكنية بمنزلة العلم والاعلام لا تتغير فى شئ من الاحوال وكان لبعض امرآء مكة ابنان احدهما عبد اللّه بالجر ولآخر عبد اللّه بالفتح.

٢

{ ما اغنى عنه ماله وما كسب } اى لم يغن عنه حين حل به التبات ولم ينفعه اصلا على ان ما نافية او أى شئ اغنى عنه على انها استفهايمة فى معنى الانكار منصوبة بما بعدها على انها مفعول به او أى اغناء اغنى عنه على انها مفعول مطلق اصل ماله وما كسبه به من الارباح والنتائج والمنافع والوجاهة والاتباع ولا احد اكثر مالا من قارون وما دفع عنه الموت والعذاب ولا اعظم ملكا من سليمان عليه السلام وقد قيل فيه

نه برياد رفتى سحر كاه وشام ... سرير سليمان عليه السلام

بآخر نديديكه برباد رفت ... خنك آنكهبادانش وداد رفت

او ماله الموروث من ابيه والذى كسبه بنفسه او عمله الخبيث الذى هو كيده فى عداوة النبى عليه السلام او عمله الذى ظن انه منه على شئ كقوله تعالى وقمنا الى ما علموا من عمل فجعلناه هباء منثورا وقال بعضهم ما كسب منفعة وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما ما كسب ولده ( وروى ) انه كان يقول ان كان ما يقول ابن اخى حقا فانا افتدى منه نفسى بمالى وولدى فاستخلص منه وقد خاب رجاه وما حصل ما تمناه فافترس ولده عتبة اسد فى طريق الشأم وذلك ان عتبة بن ابى لهب وكان تحته ابنة رسول اللّه عليه السلام اراد الخروج الى الشأم قال لآتين محمدا فلأوذينه فأتاه فقال يا محمد هو كافر بالنجم اذا هوى وبالذى دنا فتدلى ثم نفل فى وجه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ورد عليه ابنته وطلقها فقال عليه السلام ( اللهم سلط عليه كلبا من كلابك ) فرجع عتبة الى أيه فأخبره ثم خرجوا الى الشام فنزلوا منزلا فأشرف عليهم راهب من الدير فقال ان هذه ارض مسبعة فقال ابو لهب اعينونى يا مشر عريش هذه الليلة فانى اخاف على ابنى دعوة محمد فجمعوا جمالهم وأناخوها حولهم وأحدقوا بعتبة فجاه الاسد يتخللهم ويتشمم وجوههم حتى ضرب عتبة فقتله وهلك ابو لهب بالعدسة بعد وقعة بدر لسبع ليال والعدسة بثرة تخرج فى البدن تشبه العدسة وهى من جنس الطاعون تقتل غالبا فاجتنبه أهله مخافة العدوى وكانت قريش تتقيها كالطاعون فبقى ثلاث حتى انتن ثم استأجروا بعض السودان واحتملوه ودفنوه فكان الامر كما اخبر به القرءآن وفى انسان العيون لم يحفروا له حفرة ولكن اسندوه الى حائط وقذفوا عليه الحجارة خلف الحائط حتى واروه وفى رواية حفرة له ثم دفعوه بعود فى حفرته وقذفوه بالحجارة من بعيد حتى واروه وعن عائشة رضى اللّه عنها انها كانت اذا مرت بموضعه ذلك غطت وجهها والقبر الذى يرجم خارج باب الشبيكة الآن ليس بقبر ابى لهب وانما هو قبر رجلين لطخا الكعبة بالعذبة وذلك فى دولة بنى العباس فان الناس اصبحوا يوما فوجدوا الكعبة ملطخة بالعذرة فرصدوا للفاعل فأمسكو هما بعد ايام فصلبا فى ذلك الموضع فصارا يرجمان الى الآن.

٣

{ سيصلى } اى ما ذكر من العذاب مآل امره فى النشأة الاولى وفى النشأة الآخرة سيدخل لا محالة

{ نارا ذات لهب } نارا عظيمة ذات اشتعال وتوقد وهى نار جهنم وليس هذا نصا فى انه لا يؤمن ابدا حتى يلزم من تكليفه الايمان بالقرءآن ان يكون مكلفا بأن يؤمن بأنه لا يؤمن ابدا فيكون مأمورا بالجمع بين النقيضين كما هو المشهور فان صلى النار غير مختص بالكفار فيجوز أن يفهم ابو لهب من هذا ان دخوله النار لفسقه ومعاصيه لا لكفره فلا اضطرار الى الجواب المشهور من ان ما كلفه هو الايمان بجميع ما جاء به النبى عليه السلام اجمالا لا الايمان بتفاصيل ما نطق به القرءآن حتى يلزم ان يكلف الايمان بعدم ايمانه المستمر.

٤

{ وامرأته } عطف على المستكن فى سيصلى لكون الفصل بالمفعول يعنى زن اونيز باودر آيد وداخل نارشود وهى ام جميل بنت حرب بن امية اخت ابى سفيان عمة معاوية رضى اللّه عنه واسمها العورآء وآن درهمسا يكئ حضرت عليه السلام خانه داشت وكانت تحمل حزمة من الشوك والحسك والسعدان فتنشرها بالليل فى طريق النبى عليه السلام تا خارى نعوذ باللّه در دامنش آو يزديا دربايش خلد وكان عليه السلام يطأه كما يطأ الحرير وفى تفسير أبى الليث حتى صار النبى عليه السلام واصحابه فى شدة وعناء وفى تفسير الكاشفى وآن حضرت كه بنماز بيرون آمدى انها برسرراه بركرفتى وبطريق ملايمت كفتى اين جه نوع همسا يكيست كه يامن ميكنيد

ميريختند درره توخار باهمه ... جون كل شكفته بود رخ كلستان تو

{ حمالة الحطب } الحطب ما اعد من الشجر شبوبا كما فى القاموس ونصب حمالة على الشتم والذم اى أذم حمالة الحطب قال الزمخشرى وانا استحب هذه القرآءة وقد توسل الى رسول اللّه عليه السلام بجميل من احب شتم ام جميل انتهى

وقيل على الحالية بناء على ان الاضافة غير حقيقية اذا المراد انها تحمل يوم القيامة حزمة حطب كالزقوم والضريع وفى جيدها سلاسل النار كما يعذب كل مجرم بما يناسب حاله فى جرمه وعن قتادة انها مع كثرة مالها تحمل الحطب على ظهرها لشدة بخلها فعيرت بالبخل فانصب حينئذ على الشتم حتما

وقيل كانت تمشى بالنميمة وتفسد بين الناس تحمل الحطب بينهم اى توقد بينهم النائرة وتورث الشر . بس هيزم كشى عبارتست از سخن جينى كه آتش خصومت ميان دوكس برمى افروزد

ميان دوكس جنك جون آتش است ... سخن جين بدبحت هيزم كش است

كنند اين وآن خوش دكر باره دل ... وى اندرميان كور بخت وخجل

ميان دوكس آتش افروختن ... نه عقلست خود درميان سوختن

٥

{ فى جيدها حبل من مسد } جملة من خبر مقدم ومبتدأ مؤخر والجملة حالية والجيد بالكسر العنق ومقلده او مقدمه كما فى القاموس والمسد ما يفتل من الحبال فتلا شديدا من ليف كان او جلدا وغيرهما يقال دابة ممسودة شيديدة الاسر والمعنى فى عنقها حبل ممامسد من الحبال وانها تحمل تلك الحزمة من الشوك وتربطهافى جيدها كما يفعل الحطابون تخسيسا لحالها وتصويرا لها بصورة بعض الحطابات من المواهن لتغضب من ذلك ويشق عليها ويغض بعلها ايضا وهما فى بيت العز والشرف وفى منصب الثروة والجدة قال مرة الهمدانى كانت ام جميل تأتى كل يوم بابالة من حسك فتطرحها على طريق المسلمين فبينما هى ذات ليلة حاملة حزمة ايت فقعدت على حجر لتستريح فجذبها الملك من خلفها فاختنقت بحبلها حتى هلكت وبدوزخ رفت وفى ينبوع الحياة انها لما بلغها سورة تبت يدا ابى لهب جاءت الى اخيها ابى سفيان فى بيته وهى متحرقة غضبى فقالت له ويحك يا احمس اى يا شجاع اما تغضب ان هجانى محمد فقال ساكفيك اياه ثم اخذ بسيفه وخرج ثم عاد سريعا فقالت له هل قتلته فقال لها يا اختى أيسرك ان رأس اخيك فى فم ثعبان قالت لا واللّه قال فقد كاد ذلك يكون الساعة اى فانه رأى ثعبانا لو قرب منه صلّى اللّه عليه وسلّم لالتقم رأسه ثم كان من امر ابى سفيان الاسلام ومن امر اخته الموت على الكف روالكل من حكم السابق ( قال فى كشف الاسرار ) سك اصحاب الكهف رنك كفرداشت ولباس بلعام باعور طراز دين داشت ليكن شقاوت وسعادت ازلى ازهردو جانب دركمين بود جون دولت روى نمودبوست ان سك ازروى صورت دربلعام بوشانيدند كفتند ( فمثله كمثل الكلب ) ومرقع بلعام دران سك بوشيدند كفتند ثلاثة رابعهم كلبهم قوله من مسد بالوقف يعنى يوقف عليه ثم يجاء بالتكبير لما مر.

﴿ ٠