سُورَةُ النَّاسِ مَدَنِيَّةٌ

وَهِيَ سِتُّ آياَتٍ

١

{ قل اعوذ برب الناس } اى مالك امورهم ومربيهم بافاضة ما يصلحهم ودفع ما يضرهم قال القاشانى رب الناس هو الذات مع جميع الصفات لان الانسان هو الكون الجامع الحاصر لجميع مراتب الوجود فربه الذى اوجده وافاض عليه كماله هو الذات باعتبار جميع الاسماء الجمالية والجلالية تعوذ بوجهه بعد ما تعوذ بصفاته ولهذا تأخرت هذه الصورة عن المعوذة الاولى اذ فيها تعوذ فى مقام الصفات باسمه الهادى فهداه الى ذاته وفى الحديث ( اعوذ برضاك من سخطك ومعافاتك من عقوبتك واعوذ بك منك ) ابتدأ بالتعوذ بالرضى الذى هو من الصفات لقرب الصفات من الذات ثم استعاذ بالمعافاة التى هى من صفات الافعال ثم لما ازداد يقينا ترك الصفات فقال واعوذ بك منك قاصرا نظره على الذات وابتدأ بعض العلماء فى ذكر هذا الحديث بتقديم الاستعاذة بالمعافاة على التعوذ بالرضى للترقى من الادنى الذى هو من صفات الافعال الى الاعلى الذى هو صفات الذات

قال بعضهم من بقى له النفات الى غير اللّه استعاذ بافعال اللّه وصفاته فاما من توغل فى بحر التوحيد بحيث لا يرى فى الوجود الا اللّه لم يستعذ الا باللّه ولم يلتجئ الا الى اللّه والنبى عليه السلام لما ترقى عن هذا المقام وهو المقام الاول قال اعوذ بك منك.

يقول الفقير ففى الالتجاهء الى اللّه فى هذه السورة لدلالة على ختم الامر فان اللّه تعالى هو الاول الآخر واليه يرجع الامر كله وان الى ربك المنتهى وفيه اشارة الى نسيان العهد السابق الواقع يوم الميثاق فان الانسان لو لم ينسه لما احتاج الى العود والرجوع بل كان فى كنف اللّه تعالى دآئما.

﴿ ١