٢

قال الفقيه رحمه اللّه حدثنا أبي قال حدثنا أبو عبد اللّه محمد بن حامد الخزعوني قال حدثنا علي بن إسحاق قال حدثنا محمد بن مروان عن محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح مولى أم هانئ عن ابن عباس في قوله عز وجل { الحمد للّه } قال الشكر للّه ومعنى قول ابن عباس الشكر للّه يعني الشكر للّه على نعمائه كلها

وقد قيل { الحمد للّه } يعني الوحدانية للّه

وقد قيل الألوهية للّه وروي عن قتادة أنه قال معناه الحمد للّه الذي لم يجعلنا من المغضوب عليهم ولا الضالين

ثم معنى قوله { الحمد للّه } قال بعضهم قل فيه مضمر يعني قل الحمد للّه

وقال بعضهم حمد الرب نفسه ليعلم عباده فيحمدونه

وقال أهل اللغة الحمد هو الثناء الجميل وحمد اللّه تعالى هو الثناء عليه بصفاته الحسنى وربما أنعم على عباده ويكون في الحمد معنى الشكر وفيه معنى المدح وهو أعم من الشكر لأن الحمد يوضع موضع الشكر ولا يوضع الشكر موضع الحمد

وقال بعضهم الشكر أعم لأنه باللسان وبالجوارح وبالقلب والحمد يكون باللسان خاصة كما قال { اعملوا آل داود شكرا }

وروي عن ابن عباس أنه قال ( الحمد للّه كلمة كل شاكر ) وذلك أن آدم عليه السلام قال حين عطس الحمد للّه فقال اللّه تعالى يرحمك اللّه فسبقت رحمته غضبه وقال اللّه تعالى لنوح { فقل الحمد للّه الذي نجنا من القوم الظلمين } المؤمنون ٢٨ وقال إبراهيم عليه السلام { الحمد للّه الذي وهب لى على الكبر إسمعيل وإسحق } إبراهيم ٣٩ وقال في قصة داود وسليمان { وقالا الحمد للّه الذى فضلنا على كثير من عباده المؤمنين } النمل ١٥ وقال لمحمد عليه السلام { وقل الحمد للّه الذى لم يتخذ ولدا } الإسراء ١١١ وقال أهل الجنة { الحمد للّه الذى أذهب عنا الحزن } فاطر ٣٤ فهي كلمة كل شاكر

وقوله تعالى { رب العالمين } قال ابن عباس رضي اللّه عنهما سيد العالمين وهو رب كل ذي روح دب على وجه الأرض ويقال معنى قوله { رب العالمين } خالق الخلق ورازقهم ومربيهم ومحولهم من حال إلى حال من نطفة إلى علقة ثم إلى مضغة

والرب في اللغة هو السيد قال اللّه تعالى { ارجع إلى ربك } يوسف ٥٠ يعني إلى سيدك والرب هو المالك يقال رب الدار ورب الدابة والرب هو المربي من قولك ربى يربي تربية

وقوله { العالمين } كل ذي روح ويقال كل من كان له عقل يخاطب مثل بني آدم والملائكة والجن ولا يقع على البهائم ولا على غيرها وروي عن أبي بن كعب عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال ( إن للّه تعالى ثمانية عشر ألف عالم وإن دنياكم منها عالم واحد ) ويقال كل صنف عالم على حدة

﴿ ٢