٤

قوله تعالى { مالك يوم الدين } قرأ نافع وابن كثير وحمزة وأبو عمرو بن العلاء وابن عامر { ملك } بغير الألف وقرأ عاصم والكسائي بالألف { مالك }

فأما من قرأ { مالك } قال لأن المالك أبلغ فى الوصف لأنه يقال مالك الدار ومالك الدابة ولا يقال ملك إلا لملك من الملوك

وأما الذي قرأ ملك قال إن ملك أبلغ في الوصف لأنك إذا قلت فلان ملك ( قال إن ملك أبلغ في الوصف لأنك إذا قلت فلان ملك ) هذه البلدة يكون ذلك كناية عن الولاية دون الملك وإذا قلت فلان مالك هذه البلدة كان ذلك عبارة عن ملك الحقيقة

وروى مالك بن دينار عن أنس بن مالك قال كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي يفتتحون الصلاة ب { الحمد للّه رب العالمين } وكلهم يقرؤون { مالك يوم الدين } بالألف

قال الفقيه رحمه اللّه سمعت أبي يحكي عن أبي عبد اللّه محمد بن شجاع البلخي يقول كنت أقرأ بحرف الكسائي { مالك يوم الدين } بالألف فقال لي بعض أهل اللغة الملك أبلغ في الوصف فأخذت بقراءة حمزة { ملك يوم الدين } فرأيت في المنام كأنه أتاني آت فقال لي لم حذفت الألف من { مالك } أما بلغك الخبر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال ( اقرؤوا القرآن فخما مفخما ) فلم أترك القراءة ب ملك حتى أتاني بعد ذلك آت فقال لي لم حذفت الألف من { مالك } أما بلغك عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال ( من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات ) فلم نقصت من حسناتك عشرا في كل قراءة فلما أصبحت أتيت قطربا وكان إماما في اللغة فقلت له ما الفرق بين ملك ومالك فقال بينهما فرق كثير

فأما ملك فهو ملك الملوك

وأما مالك فهو مالك الملوك فرجعت إلى قراءة الكسائي

ثم معنى قوله { مالك } يعني قاضي وحاكم { يوم الدين } يعني يوم الحساب كما قال اللّه تعالى { ذلك الدين القيم } التوبة ٣٦ وغيرها

وقيل أيضا معنى يوم الدين يعني يوم القضاء كما قال اللّه تعالى { ما كان ليأخذ أخاه فى دين الملك } يوسف ٧٦ يعني في قضائه

وقيل { يوم الدين } يعني يوم الجزاء كما يقال كما تدين تدان يعني كما تجازي تجازى به

فإن قيل ما معنى تخصيص يوم الدين وهو مالك يوم الدين وغيره

قيل له إن في الدنيا كانوا منازعين له في الملك مثل فرعون ونمرود وغيرهما وفي ذلك اليوم لا ينازعه أحد في ملكه وكلهم خضعوا له كما قال اللّه تعالى { لمن الملك اليوم } غافر ١٦ فأجاب جميع الخلق { للّه الواحد القهار } الرعد ١٦ وغيرها فكذلك هاهنا قال { مالك يوم الدين } يعني في ذلك اليوم لا يكون مالك ولا قاض ولا مجاز غيره

﴿ ٤