٢

قوله تعالى { ذلك الكتاب } يعني هذا الكتاب { لا ريب فيه } أي لا شك فيه أنه مني لم يختلقه محمد من تلقاء نفسه وقد يوضع { ذلك } بمعنى هذا كما قال القائل

( أقول له والرمح يأطر متنه تأمل خفافا أنني أنا ذلكا )

يعني هذا وقال بعضهم معناه ذلك الكتاب الذين كنت وعدتك يوم الميثاق أن أوحيه إليك

وقال بعضهم معناه ذلك الكتاب الذي وعدت في التوراة والإنجيل أن أنزل على محمد صلّى اللّه عليه وسلّم

وروي عن زيد بن أسلم أنه قال أراد بالكتاب اللوح المحفوظ يعني الكتاب الذي ثبت في اللوح المحفوظ

وقوله { لا ريب فيه } يعني أنه لا شك فيه أنه من اللّه تعالى ولم يختلقه محمد صلّى اللّه عليه وسلّم من تلقاء نفسه

فإن قيل كيف يجوز أن يقال { لا شك فيه } وقد شك فيه كثير من الناس وهم الكفار والمنافقون

قيل معناه { لا شك فيه } عند المؤمنين وعند العقلاء

وقيل { لا شك فيه } أي لا ينبغي أن يشك فيه لأن القرآن معجز فلا ينبغي أن يشك فيه أنه من اللّه تعالى

وقوله عز وجل { هدى للمتقين } يعني بيانا من الضلالة للمتقين الذين يتقون الشرك والكبائر والفواحش فهذا القرآن بيان لهم من الضلالة وبيان لهم من الشبهات وبيان الحلال من الحرام

فإن قيل فيه بيان لجميع الناس فكيف أضاف إلى المتقين خاصة

قيل له لأن المتقين هم الذين ينتفعون بالبيان ويعملون به فإذا كانوا هم الذين ينتفعون به صار في الحاصل البيان لهم

روي عن أبي روق أنه قال { هدى للمتقين } أي كرامة لهم يعني إنما أضاف إليهم إجلالا لهم وكرامة لهم وبيانا لفضلهم

﴿ ٢