٦

قوله تعالى { إن الذين كفروا } { إن } هاهنا للتأكيد وهو حرف من حروف القسم والكفر في اللغة هو الستر يقال ليلة كافرة إذا كانت شديدة الظلمة وإنما سمي الكافر كافرا لأنه يستر نعمة اللّه تعالى

وقوله عز وجل { سواء عليهم أأنذرتهم } قرأ أهل الكوفة وعاصم وحمزة والكسائي بهمزتين { أأنذرتهم } وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر في رواية هشام بهمزة واحدة مع المد { آنذرتهم } وتفسير القراءتين لا يختلف قال مقاتل نزلت هذه الآية في مشركي قريش منهم عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو جهل وغيرهم وقال الكلبي نزلت في رؤساء اليهود منهم كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب وأبو ياسر بن أخطب قال الكلبي وليس هو بأخي حيي

وقال بعضهم هو أخو حيي دخلوا على النبي صلّى اللّه عليه وسلّم حيث سألوه عن { الم } و { المص } خرجوا من عنده فنزل قوله { إن الذين كفروا } يعني جحدوا القرآن { سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم } يعني خوفتهم أو لم تخوفهم { لا يؤمنون } أي لا يصدقون

فإن قيل إذا علم أنهم لا يؤمنون فما معنى دعوتهم إلى الإسلام

قيل له لان في الدعوة زيادة الحجة عليهم كما أن اللّه تعالى بعث موسى إلى فرعون ليدعوه إلى الإسلام وعلم أنه لا يؤمن وجواب آخر أن الآية خاصة وليست بعامة وإنما أراد به بعض الكفار الذين ثبتوا على كفرهم كما روي عن صفية بنت حيي بن أخطب قالت رجع أبي وعمي من عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال أحدهما لصاحبه ما ترى في هذا الرجل فقال إنه نبي فقال ما رأيك في اتباعه فقال رأيي أن لا أتبعه وأن أظهر له العداوة إلى الموت فأنزلت هذه الآية في شأن مثل هؤلاء الذين قد ظهر لهم الحق وكانوا لا يؤمنون فقال { أأنذرتهم أم لم تنذرهم } وأصل الإنذار هو الإعلام يعني خوفتهم بالنار وأعلمتهم بالعذاب أو لم تعلمهم فهو سواء ولا يصدقونك

﴿ ٦