٢٥

ثم قال { وبشر الذين آمنوا } فقد ذكر في أول الآية إثبات الصانع وذكر حجته ثم ذكر إثبات الكتاب والنبوة ثم ذكر الوعيد للكافرين لمن لا يؤمن باللّه ثم ذكر ثواب للمؤمنين وهكذا في جميع القرآن في كل موضع ذكر عقوبة الكفار ثم ذكر على أثره ثواب المؤمنين لتسكن قلوبهم إلى ذلك وتزول عنهم الوحشة لكي يثبتوا على إيمانهم ويرغبوا في ثوابه فقال { وبشر الذين آمنوا } يعني فرح قلوب الذين آمنوا يعني صدقوا بوحدانية اللّه تعالى وبمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم وبما جاء به جبريل عليه السلام { وعملوا الصالحات } يعني الطاعات فيما بينهم وبين ربهم { أن لهم } يعني بأن لهم { جنات } وهي البساتين { تجري من تحتها الأنهار } أي من تحت شجرها ومساكنها وغرفها الأنهار { وكلما رزقوا منها } يعني أطعموا منها أي من الجنة { من ثمرة رزقا } يعني طعاما { قالوا هذا الذي رزقنا } يعني أطعمنا من الجنة { من قبل } قال بعضهم معناه إذا أتي بطعام وثمار في أول النهار فأكلوا منها ثم إذا أتي بها في آخر النهار { قالوا هذا الذي رزقنا من قبل } يعني الذي أطعمنا في أول النهار لأن لونه يشبه لون ذلك فإذا أكلوا منه وجدوا لها طعما غير طعم الأول

وقال بعضهم معناه { كلما رزقوا من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل } يعني في الدنيا لأن لونها يشبه لون ثمار الدنيا فإذا أكلوا وجدوا طعمها غير ذلك

ثم قال { وأتوا به متشابها } قال بعضهم معناه { متشابها } يعني في المنظر مختلفا في الطعم

وقيل { متشابها } يعني يشبه بعضها بعضا في الجودة ولا يكون فيها رديء

قال الفقيه رحمه اللّه حدثنا محمد بن الفضل قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا إبراهيم بن يوسف قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال ليس في الجنة شيء يشبه ما في الدنيا إلا الأسماء يعني أسماء الثمار

ثم قال تعالى { ولهم فيها أزواج مطهرة } يعني مهذبة في الخلق ويقال مطهرة في الخلق والخلق

فأما الخلق فإنهن لا يحضن ولا يبلن ولا يتمخطن ولا يأتين الخلاء

وأما الخلق فهن لا يحسدن ولا يغرن ولا ينظرن إلى غير أزواجهن

ثم قال تعالى { وهم فيها خالدون } يعني دائمين لا يموتون ولا يخرجون منها أبدا

﴿ ٢٥