٢٨

قوله تعالى { كيف تكفرون باللّه وكنتم } قال ابن عباس هو على وجه التعجب وقال الفراء هو على وجه التوبيخ والتعجب لا على وجه الاستفهام فكأنه قال ويحكم كيف تكفرون وتجحدون بوحدانية اللّه تعالى

فإن قيل كيف يجوز التعجب من اللّه تعالى والتعجب وإنما يكون ممن سمع شيئا لم يكن سمعه أو رأى شيئا لم يكن رآه فيتعجب لذلك واللّه تعالى قد علم الأشياء قبل كونها

قيل له التعجب من اللّه تعالى يكون على وجه التعجيب والتعجب هو أن يدعو إلى التعجب فكأنه يقول ألا تتعجبون أنهم يكفرون باللّه تعالى وهذا كما قال في آية أخرى { وإن تعجب فعجب قولهم } الرعد ٥

ثم قال { وكنتم أمواتا فأحياكم } يعني كنتم نطفا في أصلاب آبائكم فأحياكم في أرحام أمهاتكم { ثم يميتكم } عند انقطاع آجالكم { ثم يحييكم } للبعث يوم القيامة { ثم إليه ترجعون } في الآخرة فتثابون بأعمالكم قال الكلبي فلما ذكر البعث عرف اليهود فسكتوا وأنكر ذلك المشركون قالوا ومن يستطيع أن يحيينا بعد الموت فنزل قوله تعالى { هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا } البقرة ٢٩

فإن قيل كيف يجوز أن يكون هذا الخطاب لليهود وهم لم يكفروا باللّه تعالى

فالجواب ما سبق ذكره أنهم لما أنكروا نبوة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم فقد أنكروا وحدانية اللّه تعالى لأنهم أخبروا أن القرآن قول البشر

﴿ ٢٨