٢٩قوله تعالى { هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا } يعني قدر خلقها لأن الأشياء كلها لم تخلق في ذلك الوقت لأن الدواب والثمار وغيرها التي في الأرض تخلق وقتا فوقتا ولكن معناه قدر خلق الأشياء التي في الأرض وقوله { ثم استوى إلى السماء } هذه الآية من المشكلات والناس في هذه الآية وما شالكها على ثلاثة أوجه قال بعضهم نقرؤها ونؤمن بها ولا نفسرها وهذا كما روي عن مالك بن أنس أن رجلا سأله عن قوله { الرحمن على العرش استوى } طه ٥فقال ( مالك الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وما أراك إلا ضالا فأخرجوه ) فنظروا فإذا هو جهم بن صفوان وقال بعضهم نقرؤها ونفسرها على ما يحتمله ظاهر اللغة وهذا قول المشبهة وقال بعضهم نقرأها ونتأولها وللتأويل في هذه الآية وجهان أحدهما { ثم استوى إلى السماء } يعني صعد أمره إلى السماء وهو قوله { كن فكان } والثاني { ثم استوى إلى السماء } يعني أقبل إلى خلق السماء فإن قيل قد قال في آية أخرى { أم السماء بناها رفع سمكها فسواها } إلى قوله { والأرض بعد ذلك دحاها } النازعات ٢٧ - ٢٨ - ٣٠ فذكر في تلك الآية أن الأرض خلقت بعد السماء وذكر في هذه الآية أن السماء خلقت بعد الأرض الجواب عن هذا أن يقال خلق الأرض قبل السماء وهي ربوة حمراء في موضع الكعبة فلما خلق السماء بسط الأرض بعد خلق السماء فذلك قوله { والأرض بعد ذلك دحاها} يعني بسطها ثم قال تعالى { فسواهن } يعني خلقهن { سبع سماوات } فهن أعظم من خلقكم { وهو بكل شيء عليم } يعني بكل خلق عليم معناه أن الذي خلق لكم الأرض جميعا وخلق السماوات قادر على أن يحييكم بعد الممات قرأ نافع والكسائي وأبو عمرو { وهو } بجزم الهاء وقرأ الباقون بضم الهاء { وهو } في جميع القرآن وهم لغتان ومعناهما واحد |
﴿ ٢٩ ﴾