٣٦وقوله تعالى { فأزلهما الشيطان عنها } قرأ حمزة { فأزالهما } بالألف وقرأ غيره { فأزلهما } بغير ألف وأصله في اللغة من أزل يزل معناه فأغراهما الشيطان واستزلهما وأما من قرأ { فأزالهما } بالألف فأصله من أزال يزيل إذا أزال الشيء عن موضعه وقوله تعالى { فأخرجهما مما كانا فيه } يعني مما كانا فيه من النعمة وروي عن سعيد بن جبير أنه قال مكث آدم في الجنة كما بين الظهر والعصر يعني من أيام الآخرة لأن كل يوم من أيام الآخرة كألف سنة من أيام الدنيا وروي عن ابن عباس أنه قال ( لما رأى إبليس آدم في النعمة حسده واحتال لإخراجه منها فعرض نفسه على كل دابة من دواب الجنة أن يدخل في صورتها فأبت عليه حتى أتى الحية وكانت هي أحسن دابة في الجنة خلقا وكانت لها أربع قوائم فلم يزل يستدرجها حتى أطاعته فدخل ما بين لحييها وأقام في رأسها ثم أتى باب الجنة وناداهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين يعني أن هذه الشجرة شجرة الخلد فمن أكل منها يبقى في الجنة أبدا فأكلا منها ) ويقال إن حواء قالت لآدم تعال حتى نأكل من هذه الشجرة فقال آدم قد نهانا ربنا عن أكل هذه الشجرة فأخذت بيده حتى جاءت به إلى الشجرة وكان آدم يحب حواء فكره أن يخالفها لحبه إياها وكان آدم يقول لها لا تفعلي فإني أخاف العقوبة وكانت حواء تقول إن رحمة اللّه واسعة فأخذت من ثمرها فأكلت ثم قالت لآدم هل أصابني شيء بأكلها وإنما لم يصبها شيء بأكلها لأنها كانت تابعة وآدم متبوعا فما دام المتبوع على الصلاح يتجاوز عن التابع فإذا فسد المتبوع فسد التابع ثم أخذت ثمرة أخرى فدفعت إلى آدم فلما أكل آدم لم تصل إلى جوفه حتى أخذتهما الرعدة وسقط عنهما من الحلي والحلل وغيرهما وعريا عن الثياب حتى بدت عورتهما فاستحييا وهربا قال اللّه تعالى أمني تهرب يا آدم قال لا ولكن حياء من ذنبي فأخذا من أوراق التين وألصقا على عوراتهما ثم أمرهما اللّه تعالى بإن يهبطا منها إلى الأرض فوقع آدم بأرض الهند وحواء بجدة والحية بأصبهان وإبليس في جزائر البحر وروي عن ابن عباس أنه قال إنما سمي الإنسان إنسانا لأن اللّه تعالى عهد إليه فنسي يعني ترك وقوله تعالى { وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو } يعني آدم وحواء والحية وإبليس فبقي بين إبليس وبين آدم عداوة إلى يوم القيامة وكذلك بين الحية وبين أولاد آدم عداوة ظاهرة ثم قال { ولكم في الأرض مستقر } يعني موضع القرار وقوله { ومتاع إلى حين } يعني الحياة والعيش إلى حين يعني الموت |
﴿ ٣٦ ﴾