١٠٧

قوله تعالى { ألم تعلم أن اللّه له ملك السموات والأرض } يحكم فيهما ما يشاء بالأمر ثم يأمر غيره قال الزجاج الملك في اللغة هو تمام القدرة وأصل هذا من قولهم ملكت العجين إذا بالغت في عجنه ومعنى الآية أن اللّه يملك السموات والأرض وما فيهما فهو أعرف بما يصلحهم فيما يتعبدهم به من ناسخ ومنسوخ ومتروك وغير متروك وكان اليهود أعداء اللّه ينكرون النسخ وكانوا يقولون حين تحولت القبلة إلى الكعبة لو كنتم على الحق فلم رجعتم ولو كان هذا الثاني حقا فقد كنتم على الباطل وكانوا لا يرون النسخ في الشرائع لأن ذلك حال البداء ولا يجوز ذلك على اللّه ولكن الجواب أن يقال إن اللّه تعالى يدبر في أمره ما يشاء كما أنه يخلق الخلق ولم يكونوا ثم يميتهم بعد ذلك ثم يحييهم كذلك يجوز أن يأمر ثم بأمر بغير ذلك كما أن شريعة موسى لم تكن من قبل فأمره بذلك والمعنى في ذلك أنه حين أمرهم بالأمر الأول كان الصلاح في ذلك الأمر ثم إذا أمر بأمر آخر كان الصلاح في ذلك الوقت في الأمر الثاني وهذا هو معنى قوله { ألم تعلم أن اللّه له ملك السموات والأرض } يعني هو أعلم بأمر الخلق وما يصلحهم في كل وقت

ثم بين الوعيد لمن لم يؤمن بالناسخ والمنسوخ فقال { وما لكم من دون اللّه من ولي ولا نصير } يعني عذاب اللّه من { ولي } أي من قريب ينفعكم { ولا نصير } أي مانع يمنعكم من عذاب اللّه تعالى

﴿ ١٠٧