١١٤

قوله تعالى { ومن أظلم } قال في رواية الكلبي ومن أكفر

وقال بعضهم هذا التفسير غير سديد لأن الكفر كله سواء ولكن معنى قول الكلبي ومن أكفر يعني من أشد في كفره لأن الكفار وإن كانوا كلهم في الكفر سواء فربما يكون بعضهم في كفره أشد شرا من غيره قال الكلبي نزلت هذه الآية في شأن ططوس بن أسفيانوس الرومي حيث خرب بيت المقدس وألقى فيه الجيفة وكان خرابا إلى زمن عمر رضي اللّه عنه فذلك

قوله تعالى { ومن أظلم ممن منع مساجد اللّه أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها }

ثم قال { أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين } فلم يدخلها بعد عمارتها رومي إلا خائفا ومستخفيا لو علم به قتل قال قتادة هم النصارى وقال مجاهد هم اليهود والنصارى ويقال من أراد أن يكون ملكا عليهم لا يمكنه ذلك ما لم يكن دخل مسجد بيت المقدس فيجيء ويدخله مستخفيا

ثم قال اللّه تعالى { لهم في الدنيا خزي } يعني بفتح مدائنهم الثلاثة قسطنطينة وعمورية وأرمينية

وقال بعضهم لنزول الآية سبب آخر وذلك أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم لما خرج عام الحديبية إلى مكة ومنعه أهل مكة فرجع ولم يدخلها منها تلك السنة فنزلت هذه الآية { ومن أظلم ممن منع مساجد اللّه أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها } يعني سعى في منع المسلمين عن الصلاة وذكر اللّه فيها لأن عمارة المسجد بالصلاة وذكر اللّه فيها وخرابها في ترك ذلك { أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين } يعني بعد فتح مكة فلا يقربون المسجد الحرام بعد عامهم هذا إلا خائفين

قوله تعالى { لهم في الدنيا خزي } وهو فتح مكة { ولهم في الآخرة عذاب عظيم } لمن مات على كفره أو قتل وروى الزجاج عن بعض أهل العلم قال نزلت في شأن جميع الكفار لأن الكفار كانوا يقاتلون المسلمين ويمنعونهم من الصلاة فقد منعوا المسلمين عن جميع المساجد لأن الأرض كلها جعلت مسجدا وطهورا فمعناه ومن أظلم ممن خالف ملة الإسلام قال ومعنى قوله { أولئك ما كان لهم أن يدخلوها } يعني دار الإسلام يعني يظهر الإسلام على سائر الأديان كقوله تعالى { ليظهره على الدين كله } التوبة ٢٣ وغيرها

﴿ ١١٤