١٢٤

قوله تعالى { وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات } قرأ ابن عامر { أبرهام } وروي عنه أنه قرأ { أبراهم } وهي لغة بعض العرب وقرأ غيره { إبراهيم } في جميع القرآن وهو اسم أعجمي ولهذا لا ينصرف وروي عن ابن عباس أنه قال أمر اللّه تعالى إبراهيم بعشر خصال من السنن خمس في الرأس وخمس في الجسد

وروي عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم نحو هذا

حدثنا أبي قال حدثنا محمد بن الفضل البلخي قال حدثنا أبو بشر محمود بن مهدي قال حدثنا يزيد بن هارون عن الحجاج بن أرطأة عن عطاء قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عشر مما علمهن وعمل بهن أبوكم إبراهيم عليه السلام خمس في الرأس وخمس في الجسد فأما التي في الرأس فالسواك والمضمضة والاستنشاق وقص الشارب وإعفاء اللحية وأما التي في الجسد فالختان والاستحداد والاستنجاء ونتف الإبط وقص الأظفار ويقال { وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات } يعني اختبره والاختبار من اللّه تعالى أن يظهر حاله ليستوجب الثواب أو العقاب لأن اللّه تبارك وتعالى لا يعطي الثواب والعقاب ما لم يظهر منه ما يستوجب به الثواب أو العقاب بما يعلم كما علم من إبليس الكفر ولم يلعنه بما لم يختبره وأظهر منه ما يستوجب به اللعنة والعقوبة

وقوله عز وجل { فأتمهن } يعني عمل بهن ويقال كان إبراهيم أفضل الناس في زمانه وأكرم على اللّه تعالى فابتلاه اللّه عز وجل بخصال لم يبتل بذلك غيره فكان من الابتلاء أن أمه ولدته في غار ومن الابتلاء حيث نظر إلى الكوكب فقال هذا ربي

وروي عن الحسن أنه قال الإبتلاء كان ثلاثة أشياء

أوله الابتلاء بالكوكب والقمر والشمس

والثاني بالنار

والثالث بأمر سارة ويقال كل من كان أكرم على اللّه كان ابتلاؤه أشر لكي يتبين فضله ويستوجب الثواب كما روي عن لقمان الحكيم أنه قال لابنه يا بني الذهب والفضة يختبران بالنار والمؤمن يختبر بالبلايا { فأتمهن } يعني عمل بهن ويقال { فأتمهن } فوفى بهن فلما وفى الأمر جعله اللّه تعالى إماما للناس ليقتدى به وفي هذا دليل أن الإنسان لا يبلغ درجة الأخيار إلا بالتعب وجهد النفس فلما جعله اللّه تعالى إماما { قال } له { إني جاعلك للناس إماما } و الإمام الذي يؤتم به فأعجبه ذلك وتمنى أن يكون ذلك لذريته مثل ذلك { قال ومن ذريتي } يعني اجعلهم أئمة يقتدى بهم

قال اللّه تعالى { لا ينال عهدي الظالمين } يعني الكافرين يعني لا يصلح أن يكون الكافر إماما للناس ويقال لا تصيب رحمتي الكافرين فاللّه تعالى أخبره أنه يكون في ذريته كفار وأخبره أنه لا ينال مثل ما عهده إليه من كان كافرا قرأ حمزة وعاصم في رواية حفص { لا ينال عهدي الظالمين } بسكون الياء والباقون بنصب الياء { عهدي الظالمين } وهما لغتان ومعناهما واحد

﴿ ١٢٤