١٤٣قوله تعالى { وكذلك جعلناكم أمة وسطا } والوسط هو العدل كما قال آية أخرى { قال أوسطهم } القلم ٢٨ أي أخيرهم وأعدلهم والعرب تقول فلان من أوسط قومه أي خيارهم وأعدلهم ومنه قيل للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم هو أوسط قريش حسبا أي جعلناكم عدلا للخلائق { لتكونوا شهداء على الناس } للنبيين { ويكون الرسول عليكم شهيدا } بالتصديق لكم وذلك أن اللّه تعالى إذا جمع الخلق يوم القيامة فيسأل الأنبياء عن تبليغ الرسالة لقوله تعالى { ليسئل الصادقين عن صدقهم } الأحزاب ٨ فيقولون قد بلغنا الرسالة فتنكر أممهم تبليغ الرسالة فتشهد لهم أمة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم بتبليغ الرسالة فتطعن الأمم في شهادتهم فيزكيهم النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فذلك معنى قوله تعالى { لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا } ومعنى قوله { وكذلك } أي وكما هديتكم للإسلام ولقبلة الكعبة فكذلك { جعلناكم أمة } عدلا لتكونوا شهداء على الناس وللآية تأويل آخر { وكذلك جعلناكم أمة وسطا } أي عدلا { لتكونوا شهداء على الناس } يقول إنكم حجة على جميع من خلقنا ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حجة عليكم والشهادة في اللغة هي البيان فلهذا يسمى الشاهد بينة لأنه يبين حق المدعي يعني أنكم تبينون لمن بعدكم والنبي صلّى اللّه عليه وسلّم يبين لكم قوله تعالى { وما جعلنا القبلة التي كنت عليها } يعني ما أمرناك بالصلاة إلى القبلة الأولى ويقال ما حولنا القبلة التي كنت عليها { إلا لنعلم } يقول إلا لنميز ونبين { من يتبع الرسول } يعني من يطيع الرسول في تحويل القبلة { ممن ينقلب على عقبيه } أي يرجع إلى دينه بعد تحويل القبلة { وإن كانت لكبيرة } أي وقد كانت لثقيلة وهو صرف القبلة { إلا على الذين هدى اللّه } يعني حفظ اللّه قلوبهم على الإسلام وأكرمهم باتباع محمد صلّى اللّه عليه وسلّم في تحويل القبلة وهم أصحاب محمد صلّى اللّه عليه وسلّم قالوا يا رسول اللّه فإخواننا الذين ماتوا ما صنع اللّه بصلاتهم التي صلوا إلى بيت المقدس فأنزل اللّه تعالى { وما كان اللّه ليضيع إيمانكم } يعني صلاتهم إلى بيت المقدس التي صلوا إليها وماتوا عليها ويقال إن اليهود قالوا قد بطل إيمانكم حيث تركتم القبلة فنزل { وما كان اللّه ليضيع إيمانكم } يعني يبطل إيمانكم وإنما تحولت قبلتكم قال الضحاك يعني لم يبطل تصديقكم بالقبلتين ثم قال تعالى { إن اللّه بالناس لرؤوف رحيم } يعني بالمؤمنين رحيم حين قبلها منهم ولم يضيع إيمانهم قرأ أبو عمرو حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر { لرؤف } بالهمزة على وزن رعف وقرأ الباقون { رؤوف } على وزن رؤف في جميع القرآن وهما لغتان ومعناهما واحد |
﴿ ١٤٣ ﴾