١٨٠

قوله تعالى { كتب عليكم } أي فرض عليكم { إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا } يقول أي ترك مالا والخير في القرآن على وجوه أحدها المال كقوله { إن ترك خيرا } البقرة ٢١٥ { ما أنفقتم من خير } البقرة ٢٧٢ أي المال والثاني الإيمان كقوله تعالى { ولو علم اللّه فيهم خيرا } الأنفال ٢٣ يعني إيمانا وقوله { ولا أقول للذين تزدرى أعينكم لن يؤتيهم اللّه خيرا } هود ٣١ والثالث الفضل كقوله تعالى { وأنت خير الراحمين } { وأنت خير الحاكمين } المؤمنون ١٠٩ و ١١٨ والرابع العافية كقوله تعالى { وإن يمس سك بخير } الأنعام ١٧ { وإن يردك بخير } يونس ١٠٧ والخامس الأجر كقوله تعالى { لكم فيها خير } الحج ٣٦ أي أجر

وقال بعضهم الوصية واجبة على كل مسلم لأن اللّه تعالى قال { كتب عليكم } أي فرض عليكم الوصية وروي عن ابن عمر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال ما حق امرئ مسلم يبيت ليلة وعنده مال يوصي به إلا ووصيته مكتوبة عنده

وقال بعضهم هي مباحة وليست بواجبة وقد روي عن الشعبي أنه قال الوصية ليست بواجبة فمن شاء أوصى ومن شاء لم يوص وقال إبراهيم النخعي مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ولم يوص وقد أوصى أبو بكر رضي اللّه عنه فإن أوصى فحسن وإن لم يوص فليس عليه شيء

وقال بعضهم إن كان عليه حج أو كفارة أو شيء من الكفارات فالوصية واجبة وإن ل يكن عليه شيء من الواجبات فهو بالخيار إن شاء أوصى وإن شاء لم يوص وبهذا القول نأخذ

ثم بين موضع الوصية فقال تعالى { الوصية للوالدين والأقربين } وقال مجاهد كان الميراث للولد والوصية للوالدين والأقربين فصارت الوصية للوالدين منسوخة

وروى جويب ر عن الضحاك أنه قال نسخت الوصية للوالدين والأقربين ممن يرث وبقيت الوصية لمن لا يرث من القرابة ويقال في الآية تقديم وتأخير ومعناه كتب عليكم الوصية للوالدين والأقربين إذا حضر أحدكم الموت وكانوا يوصون للأجنبيين ولم يوصوا للقرابة شيئا فأمرهم اللّه تعالى بالوصية للوالدين والأقربين ثم نسخت الوصية للوالدين بآية الميراث في قوله { حقا على المتقين } يعني واجبا على المتقين

﴿ ١٨٠