١٨٥

قوله تعالى { شهر رمضان } قرأ بعضهم { شهر رمضان } قرأ عاصم في رواية حفص { شهر } بفتح الراء وقرأ الباقون { شهر } بالضم وإنما صار رفعا لمعنيين أحدهما أنه مفعول ما لم يسم فاعله يقول كتب عليكم شهر رمضان ومعنى آخر أنه خبر الابتداء يعني هذا شهر رمضان ويقال إنه لنزع الخافض أي في شهر رمضان ومن قرأ بالنصب احتمل أنه صار نصبا لوقوع الفعل عليه أي صوموا شهر رمضان ويقال إنه لنزع الخافض أي في شهر رمضان ويحتمل عليكم شهر رمضان كقوله { صبغة اللّه } البقرة ١٣٨

وقوله تعالى { الذي أنزل فيه القرآن } قرأ ابن كثير { القران } بالتخفيف وقرأ الباقون بالهمزة وقال ابن عباس في معنى قوله { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن } يعني أنزل فيه القرآن من اللوح المحفوظ جملة واحدة إلى الكتبة في سماء الدنيا ثم أنزل به جبريل عليه السلام على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نجوما نجوما أي الآية والآيتين في أوقات مختلفة أنزل عليه في إحدى وعشرين سنة وقال مقاتل أنزل فيه القرآن من اللوح المحفوظ كل عام في ليلة القدر إلى سماء الدنيا نزل إلى السفرة من اللوح المحفوظ في عشرين شهرا ونزل فيه جبريل في عشرين سنة

حدثنا محمد بن الفضل قال حدثنا فارس بن مردويه قال حدثنا الفضل بن دكين عن سفيان الثوري عن خالد الحذاء عن أبي قلابة قال ( أنزلت التوراة في ثنتي عشرة ليلة مضت من رمضان والإنجيل في ثمانية عشرة والقرآن في أربعة وعشرين)

قال الفقيه حدثنا إسحاق بن إبراهيم القطان قال حدثنا محمد بن صالح الترمذي قال حدثنا سويد بن نصر قال حدثنا عبد اللّه بن المبارك عن ابن جريج قال قال ابن عباس في

قوله عز وجل { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن } قال أنزل القرآن جملة واحدة على جبريل في ليلة القدر قال ابن جريج كان ينزل من القرآن في ليلة القدر كل شيء ينزل في تلك السنة فينزل ذلك من السماء السابعة على جبريل في سماء الدنيا ولا ينزل جبريل من ذلك على محمد صلّى اللّه عليه وسلّم إلا كلما أمر به ربه عز وجل

قوله تعالى { هدى للناس } يعني القرآن هدى للناس من الضلالة وبيانا لهم { وبينات من الهدى } يعني بيان الحلال والحرام { والفرقان } يعني المخرج من الشبهات { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } يعني من كان منكم شاهدا ولم يكن مريضا ولا مسافرا فليصم الشهر { ومن كان مريضا أو على سفر } فأفطر { فعدة من أيام أخر } يقضيه بعد ذلك روي عن عبد اللّه بن عمر أنه كان يكره قضاء رمضان متفرقا وعن علي بن أبي طالب مثله وقال معاذ بن جبل وأبو عبيدة بن الجراح وجماعة من الصحابة أحص العدد وصم كيف شئت واختلفوا في حد المريض الذي يجوز له الإفطار قال بعضهم إذا كان بحال يخاف على نفسه التلف

وقال بعضهم إذا استحق اسم المريض جاز له الإفطار

وقال بعضهم إذا كان بحال يخاف أن يزيد الصوم في مرضه جاز له أن يفطر وهذا قول أصحابنا

ثم قال تعالى { يريد اللّه بكم اليسر } يعني في الإفطار في حال المرض والسفر { ولا يريد بكم العسر } يعني بالصوم في المرض والسفر { ولتكملوا العدة } قال الكلبي يعني لتتموا عدة ما أفطرتم من الصوم في السفر أو في المرض وقال الضحاك { ولتكملوا العدة } يعني إذا غم عليكم هلال شوال فأكملوا الشهر ثلاثين يوما قرأ عاصم في رواية أبي بكر وأبو عمرو في رواية هارون { ولتكملوا } بنصب الكاف وتشديد الميم وقرأ الباقون بالتخفيف وسكون الكاف وهما لغتان يقال كملت الشيء وأكملته مثل وصيت وأوصيت

ثم قال { ولتكبروا اللّه على ما هداكم } يعني لتعظموا اللّه على ما هداكم الشريعة وسننه وأمر دينه

وقيل تعظيم اللّه والثناء عليه

وقيل هو تكبير يوم الفطر

وقيل هذا التكبير للإهلال { ولعلكم تشكرون } أي لتشكروا اللّه تعالى على هذه النعمة حيث رخص لكم الفطر في المرض والسفر وقال مقاتل { ولعلكم تشكرون } هذه النعم أن هداكم لأمر دينه

﴿ ١٨٥