١٩٧ثم قال عز وجل { الحج أشهر معلومات } أي وقت الحج أشهر معلومات وهو شوال وذو القعدة وعشرة من ذي الحجة { فمن فرض فيهن الحج } قال القتبي الفرض هو إيجاب وجوب الشيء يقال فرضت عليك كذا أي أوجبته قال اللّه تعالى { فنصف ما فرضتم } أي ما ألزمتم أنفسكم وقال { وقد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم } الأحزاب ٥٠ وقال { فمن فرض فيهن الحج } يعني فمن أحرم في هذه الأشهر بالحج { فلا رفث ولا فسوق ولا جدال } قرأ ابن كثير وأبو عمرو { فلا رفث ولا فسوق } بالرفع مع التنوين وقرأ الباقون بالنصب بغير تنوين واتفقوا في قوله { ولا جدال } بالنصب غير أبي جعفر المدني فإنه قرأ بالرفع وهذا يقال له لا التبرية فكل موضع يدخل فيه لا التبرية فصاحبه بالخيار إن شاء نصبه بغير تنوين وإن شاء ضمه بالتنوين مثل قوله { ولا خلة ولا شفاعة } البقرة ٢٥٤ وتفسير الرفث هو الجماع كقوله عز وجل { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } البقرة ١٨٧ وقال بعضهم الرفث التعرض بذكر النساء والفسوق هو السباب والجدال أن يماري صاحبه حتى يغيظه يعني من كان محرما لا يجامع في إحرامه ولا يسب ولا يماري ويقال الفسوق الذبح للأصنام كقوله { أو فسقا أهل لغير اللّه به } الأنعام ١٤٥ والجدال هو أن قريشا كانت تقف بالمزدلفة وكانوا يجادلون كل فريق يقولون نحن أصوب سبيلا وروي عن مجاهد أنه قال قد استقر الحج في ذي الحجة فلا جدال فيه وذلك أن المشركين كانوا يحجون عامين في ذي القعدة وعامين في ذي الحجة فلما فتح رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مكة بعث أبا بكر ليحج بالناس فوافق ذلك آخر عام ذي القعدة فلما حج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حجة الوداع وافق ذلك أول عامي ذي الحجة فقال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ألا إن الزمان قد استدار كهيئتة يوم خلق اللّه السموات والأرض يعني رجع أمر الحج إلى ذي الحجة كما كان فنزل قوله {ولا جدال في الحج } ثم قال تعالى { وما تفعلوا من خير } يعني من ترك الفسوق والمرأة والجدال { يعلمه اللّه } يعني يقبله اللّه فيجازيكم به ثم قال عز وجل { وتزودوا } في سفركم للحج والعمرة ما تكفون به وجوهكم عن المسألة { فإن خير الزاد التقوى } وقال مقاتل وذلك أن أناسا من أهل اليمن كانوا يخرجون بغير زاد ويصيبون من أهل الطريق ظلما فنزلت في شأنهم { وتزودوا فإن خير الزاد التقوى } وقال بعضهم معناه تزودوا لسفر الدنيا بالطعام وتزودوا لسفر الآخرة بالتقوى { فإن خير الزاد التقوى } ويقال { خير الزاد } هو التوكل على اللّه وأن لا يؤذي أحد لأجل الزاد والطعام ثم قال تعالى { واتقون يا أولي الألباب } يعني اطيعوني يا ذوي العقول فيما أمرتكم به |
﴿ ١٩٧ ﴾