٢٧٢

قوله تعالى { ليس عليك هداهم } وذلك أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم لما قدم مكة لعمرة القضاء وخرجت معه أسماء بنت أبي بكر فجاءتها أمها قتيلة وجدها أبو قحافة فسألا منها حاجة فقالت لا أعطيكما شيئا حتى أستأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فإنكما لستما على ديني فاستأمرت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فنزلت هذه الآية { ليس عليك هداهم ولكن اللّه يهدي من يشاء } يعني يوفق من يشاء لدينه

فإن قيل قد قال في آية أخرى { وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم } الشورى ٥٢ وقال هاهنا { ليس عليك هداهم }

قيل له إنما أراد به هناك الدعوة وهاهنا أراد به الهدى خاصة وهو التوفيق إلى الهدى

ثم قال تعالى { وما تنفقوا من خير فلأنفسكم } يعني ما تنفقوا من مال فثوابه لأنفسكم إذا تصدقتم على الكفار أو على المسلمين

وروي عن عمر بن الخطاب أنه رأى رجلا من أهل الذمة يسأل على أبواب المسلمين فقال ما أنصفناك أخذنا منك الجزية ما دمت شابا ثم ضيعناك بعدما كبرت وضعفت فأمر بأن يجري عليه قوته من بيت المال

ثم قال تعالى { وما تنفقون إلا ابتغاء وجه اللّه } يعني لا تنفقوا إلا ابتغاء ثواب اللّه ثم قال تعالى { وما تنفقوا من خير يوف إليكم } يعني يوف ثوابكم { وأنتم لا تظلمون } يعني لا تنقصون من ثواب أعمالكم وصدقاتكم فتكون { ما } الأولى بمعنى الشرط و { ما } الثانية للجحود و { ما } الثالثة للخبر

﴿ ٢٧٢