٧قوله تعالى { هو الذي أنزل عليك الكتاب } يعني جبريل أنزل بالقرآن { منه آيات محكمات } يعني من القرآن آيات واضحات ويقال مبينات بالحلال والحرام ويقال ناسخات لم تنسخ قط { هن أم الكتاب } يعني أصل كل كتاب وهي ثلاث آيات من سورة الأنعام وهو قوله تعالى { قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم } الأنعام ١٥١ إلى آخر الآيات وروي عن ابن عباس أنه سمع رجلا يقول فاتحة الكتاب أم الكتاب فقال له ابن عباس بل أم الكتاب قوله تعالى { قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم } الأنعام ١٥١ إلى آخر ثلاث آيات ثم قال تعالى { وأخر متشابهات } قال الضحاك يعني منسوخات وقال الكلبي يعني ما اشتبه على اليهود كعب بن الأشرف وأصحابه { الألم } و { المر } ويقال المحكم ما كان واضحا لا يحتمل التأويل والمتشابه الذي يكون اللفظ يشبه اللفظ والمعنى مختلف ويقال المحكم الذي هو حقيقة اللغة والمتشابه ما كان مجازا ويقال المحكمات التي فيها دلالة نبوة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم والمتشابه الذي اشتبهت الدلالة فيه فإن قيل إذا أنزل القرآن للبيان فكيف لم يجعل كله واضحا قيل له الحكمة في ذلك واللّه أعلم أن يظهر فضل العلماء لأنه لو كان الكل واضحا لم يظهر فضل العلماء بعضهم على بعض وهكذا يفعل كل من يصنف تصنيفا يجعل بعضه واضحا وبعضه مشكلا ويترك للحيرة موضعا لأن ما هان وجوده قل بهاؤه ثم قال تعالى { فأما الذين في قلوبهم زيغ } يعني ميل عن الحق وهم اليهود { فيتبعون ما تشابه منه } قال الضحاك يعني ما نسخ منه { ابتغاء الفتنة } يعني طلب الشرك واستبقاؤه ما هم عليه { وابتغاء تأويله } يعني طلب بقاء هذه الأمة إلى أدنى زمن ويقال طلب وقت قيام الساعة قال اللّه تعالى { وما يعلم تأويله إلا اللّه } يعني منتهى ملك هذه الأمة وذلك أن جماعة من اليهود دخلوا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وفيهم حيي بن أخطب وغيره فقالوا بلغنا أنه نزل عليك { ألم } فإن كنت صادقا في مقالتك فإن ملك أمتك يكون إحدى وسبعين سنة لأن الألف في حساب الجمل واحد واللام ثلاثون والميم أربعون فنزل { وما يعلم تأويله إلا اللّه } يعني منتهى ملك هذه الأمة ثم قال تعالى { والراسخون في العلم } قال الكلبي ومقاتل استأنف الكلام يعني لما قال { وما يعلم تأويله إلا اللّه } فقد تم الكلام واستأنف فقال { والراسخون في العلم } يعني المبالغون في علم الكتاب كتابهم التوراة والإنجيل { يقولون آمنا به } يعني بالقرآن { كل من عند ربنا } ناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه وهو عبد اللّه بن سلام وأصحابه وقال بعضهم هو معطوف على قوله { وما يعلم تأويله إلا اللّه والراسخون في العلم } يعني يعلمون تأويله ويقولون { آمنا به كل من عند ربنا } وروى ابن طاوس عن ابيه عن ابن عباس أنه كان يقرأ { وما يعلم تأويله إلا اللّه } ويقول الراسخون في العلم آمنا به وهذا يوافق قول الكلبي ومقاتل وقال عامر الشعبي لو كان ابن عباس بين أظهرنا ما سألته عن آية من التفسير لأني أحل حلاله وأحرم حرامه وأومن بمتشابهه وأكل ما لم أعلم منه إلى عالمه ثم قال تعالى { وما يذكر إلا أولو الألباب } يعني ما يتعظ بما أنزل من القرآن إلا ذوو العقول من الناس |
﴿ ٧ ﴾